آخر 10 مشاركات
سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          ✍ ✍ اوراق وكلمات ممزقه ✍ ✍ (الكاتـب : اشرف سامر - )           »          " بين الصمت والهمس ...حكايا تروى " * مميزة * (الكاتـب : همس القوافي - )           »          مدونتي (◠‿◠) تفتقر الى حضوركم ✍ ☂ ✍ (الكاتـب : اشرف سامر - )           »          442 ـ وضاعت الكلمات ـ آن ميثر ـ أحلام جديدة ( كتابة / كاملة ) (الكاتـب : * شتاء باريس * - )           »          شيءٌ من الرحيل و بعضٌ من الحنين (الكاتـب : ظِل السحاب - )           »          كوابيس قلـب وإرهاب حـب *مميزة و ومكتملة* (الكاتـب : دنيازادة - )           »          شيوخ لا تعترف بالغزل -ج3 من سلسلة أسياد الغرام- لفاتنة الرومانسية: عبير قائد *مكتملة* (الكاتـب : noor1984 - )           »          181 - من يريد القمر - جيسيكا ستيل (الكاتـب : monaaa - )           »          182 - قصر في العاصفة - سو بيترز (الكاتـب : فرح - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

Like Tree725Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-01-25, 11:38 AM   #1

رشا الخياليه

? العضوٌ??? » 509266
?  التسِجيلٌ » Dec 2022
? مشَارَ?اتْي » 94
?  نُقآطِيْ » رشا الخياليه is on a distinguished road
افتراضي كدمات الروح .. لـ رشا


؛
؛
بسم الله الرحمن الرحيم


مقدمة..

لكل منا عواصفه الداخليه الخاصّه و ان كان خارجه صحواً هادئاً، لا يمكنك معرفة ما يهب داخل انسان مهما فعلت..و لكنك تعلم جيداً ما يعصف بك ، و تدرك انك حتى و ان مرت السنين لا تنسى الوجوه التي شوهة طفولتك و لا المشاعر و المواقف التي عصفت بك و آذتك …!
و تدرك أخيراً أيضاً أن هذا الكم المرعب من الإدراك مؤذي و أنك لم تستحق كل ذلك الألم..!..
.


،
هذه الروايه إهداء..،
لمن تُركوا في منتصف الطريق.
للذين يعيشون غربتهم الداخليه ،
للمبعثرين الذين يشعرون أنهم ليسوا على ما يرام.

.

كتبتها : رشا ..
..
ملاحظه: من لديه فكرة عن كيفية تنسيق و تكبير الخط لا يبخل
و شكراً ????


رشا الخياليه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-01-25, 11:46 AM   #2

سارا لونا

? العضوٌ??? » 488566
?  التسِجيلٌ » May 2021
? مشَارَ?اتْي » 188
?  نُقآطِيْ » سارا لونا is on a distinguished road
افتراضي

هلا وغلا ومرحبا ومسهلا ..حي الله رشا الخياليه ..
انا اول وحده تعلق ..


سارا لونا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-01-25, 01:08 PM   #3

roudha

? العضوٌ??? » 142470
?  التسِجيلٌ » Oct 2010
? مشَارَ?اتْي » 63
?  نُقآطِيْ » roudha is on a distinguished road
افتراضي

هلاا وغلاا ، رواياتج مميزة
اتريا على احر من الجمر ????


roudha غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-01-25, 01:18 PM   #4

الزمن القديم
 
الصورة الرمزية الزمن القديم

? العضوٌ??? » 444275
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 315
?  نُقآطِيْ » الزمن القديم has a reputation beyond reputeالزمن القديم has a reputation beyond reputeالزمن القديم has a reputation beyond reputeالزمن القديم has a reputation beyond reputeالزمن القديم has a reputation beyond reputeالزمن القديم has a reputation beyond reputeالزمن القديم has a reputation beyond reputeالزمن القديم has a reputation beyond reputeالزمن القديم has a reputation beyond reputeالزمن القديم has a reputation beyond reputeالزمن القديم has a reputation beyond repute
افتراضي

اهلين رشووو
الحمدلله هنانا العقلان برجعتك وبتنزيل الروايه هنا
..
ننتظرك هنا ..بإذن الله
.


الزمن القديم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-01-25, 03:12 PM   #5

بوح الخاطر

? العضوٌ??? » 477633
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 66
?  نُقآطِيْ » بوح الخاطر is on a distinguished road
افتراضي

أسفرت وأنورت حيا الله رشا

بوح الخاطر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-01-25, 03:16 PM   #6

نورة502

? العضوٌ??? » 441759
?  التسِجيلٌ » Mar 2019
? مشَارَ?اتْي » 402
?  نُقآطِيْ » نورة502 has a reputation beyond reputeنورة502 has a reputation beyond reputeنورة502 has a reputation beyond reputeنورة502 has a reputation beyond reputeنورة502 has a reputation beyond reputeنورة502 has a reputation beyond reputeنورة502 has a reputation beyond reputeنورة502 has a reputation beyond reputeنورة502 has a reputation beyond reputeنورة502 has a reputation beyond reputeنورة502 has a reputation beyond repute
افتراضي

‏الله الله! وش هاالمفاجأة..
اشتقنا لاطلالتك، ووحشنا إبداعك…
حيا الله رشا، في محلها، ومطرحها..
عنوان جميل، ومقدمة أجمل؛ وهذا مو مستغرب عليك يا مبدعة..
منتظرين آلية تنزيل الأجزاء، والتكملة.. واحنا معك للنهاية بإذن الله.


نورة502 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-01-25, 03:43 PM   #7

رشا الخياليه

? العضوٌ??? » 509266
?  التسِجيلٌ » Dec 2022
? مشَارَ?اتْي » 94
?  نُقآطِيْ » رشا الخياليه is on a distinguished road
افتراضي



،
كدمات الروح…. 1

مدخل….؛

نافذة صغيره ينفذ منها الهواء الهادىء يحرك ستائرها البيضاء الشفافة و خزانة و سجادة حمراء منقوشه ، مصباح صغير معلّق في السقف و سرير خشبي قديم الطراز بطرف الغرفه تنام عليه ابنة خالتها بوداعه و سرير آخر في طرف الغرفه الآخر شبه مستلقية عليه هي و تفرد يدها بجانبها و الأخرى على بطنها بشيء من الإرهاق و كأن كل ألم تشعر به يعبر من خلال جهازها الهضمي و يستقر في معدتها..!
.. تنظر بعينين دامعتين للسقف بلا هدف!
حولها كومة مناديل مستعمله و كمادة دافئة و بجانب سريرها طاولة صغيرة عليها مصباح صغير و هاتفها المتنقل و علبة مُسكن و زجاجة ماء فارغة!

انتهى عزاء جدتها منذ شهر و سافر جدها هرباً من حزنه و عادت أمها و خالتها الوحيده "هدى" كل منهما إلى منزلها و مدينتها ، ثم بقيت هي و "عذوب" وحيدتين في منزل صغير رحل معظم أصحابه و بقيت ذكرياتهم عالقةً فيه..!

…..تذكرت حديث جدتها اللذي اثقل قلبها قبل وفاتها وهي على فراش الموت و تلك الحقيقة التي احرقت آخر ذرة أمل للسعادة داخلها…!!

تود لو تُحرق هذه الغرفه و تُشعل المنزل بأكمله حتى لا يتبقى خلفها الا رماد ملعون و تلاحق روحها الشريره والدها و أمه العجوز و أفراد عائلته للأبد حتى تفنى سلالتهم عن بكرة أبيها..،

برق البرق و اضاء الغرفه ..و ماهي الا لحظات و انهمر المطر بغزارة..،
حاولت ان تصفي ذهنها المُتعب و تُفرغه من افكارها المسمومه لعل جفنها يعانق النوم في لحظة نعاس هاربة
عليها أن تعود تدريجياً للحياة و ان تنخرط في العمل كما كانت تفعل و لكنها حقاً تعجز عن الخروج من المنزل منذ فقدها جدتها الذي كسر جناحها.. كيف ستحلّق بعد الآن بجناح مكسور؟! كيف ستستمر بهذه الحياة؟! ولماذا؟!
قد فقد كل شيء لونه و رائحته، بات الكون رمادياً شاحباً و غير صالحاً للعيش..!
و اصبحت فكرة الترك تراودها كثيراً ، تريد ان تترك الحي و ترك المدينة بأكملها ، تريد أن تترك عملها كطبيبة فعلى أية حال كان حلم جدتها و قد ارتحلت و لم يعد لأي شيء معنى..
تسائلت كثيراً كيف يستمر في هذه الحياة من فقد؟!
كيف ستقف على قدميها مجدداً و تسير بينما داخلها كائن حزين يجثو على ركبتيه !

.. انقطع حبل حديثها الروحي بعدما افزعها صوت تكسر شيء ما خارج الغرفة …!

تركت سريرها و غرفتها و هرعت لغرفة جدتها المجاورة لغرفتها فالبيت ليس كبير و لكنه كان يسعهم معاً بسعادة.


توقفت للحظة عند باب تلك الغرفة التي صارت موحشة بعد الفقيدة ، هنا تذكرت الأيام الماطره التي كانت تشاركها جدتها …
كانت المرة الأولى التي تدخل بها غرفتها بعد رحيلها منذ أكثر من شهر…
كم كانت في السابق تفزع لصوت ندائها في منتصف الليل و كانت تراها تشير لفتحة التكييف و تطلب المساعده، و تخبرها أن ماء المطر قد نفذ منه كالعادة في بيتٍ عتيق كهذا..

استيقظت من ذاكرتها و فعلت كما كانت تفعل في الأيام الخوالي تجمع بعض الأكياس من المطبخ كحل بدائي عاجل لسد الفتحة التي عبر منها ماء المطر..!

….. لم تنم كعادة الليالي الماطره .. لم تفرح يوماً بالمطر كما يفرح به الجميع.
أخذت شالها الشتوي و فتحت الباب المطل على ساحة المنزل الصغيره و وقفت متكئة على الحائط بكتفها الأيسر تراقب نزول المطر بغزاره مع هزيم الرعد الذي يهز أركان الحي الهادئ ليلاً و يأتي محملاً بمشاعر الخوف من المجهول الذي ينتظرها و الضعف في الوحده و كأنه يذكرها بتلك الليلة التي عادت فيها إلى هنا هاربةً بعدما أمضت أسبوعاً واحداً في منزل عائلتها ، كيف لإنسان منبوذ من عائلته أن يعرف معنى الحب أو حتى يؤمن به؟!!
عمراً كاملاً … بلا أحد..لولا رحمة الله ثم جدها و جدتها..!
كانت تلك الزيارة إقتراحاً من جدها و عرفت لاحقاً أنه كان يريد منها أن تخمد بنفسها نار فضولها عن عائلتها و أن تتخذ بنفسها قرار استمرار قطع علاقتها بهم و قد نجح في ذلك..!
مازالت تتذكر إنتظاره لها ها هنا في هذا المكان و كأنه متأكداً بأنها ستعود إليه و لن تفضّل البقاء بعيدة عنه، كان رجلاً يثق بنفسه كثيراً و يثق بما زرعه بها..،

تقدمت قليلاً و توسطت فناء منزلها الصغير لتسمح لماء المطر البارد أن يبللها ثم رفعت رأسها للسماء الماطره في محاولةٍ يائسه لغسل حزنها اللزج الملتصق بذاكرتها منذ لحظة إدراكها الأولى…

ستعود لعملها بعد الإجازه الإضطراريه التي حصلت عليها و مددتها كثيراً ، لا تعرف كيف سيتم الأمر و إلى متى سيستمر بدون جدتها و سفر جدها الذي طال كثيراً و كأنه يهرب من حزن فقد زوجته .. لكنها تعرف أنه حتماً سيعود للمنزل يوماً ما، لا مفر من المحاولة في الإستمرارية رغم بؤس العيش.. هي مجبرة على التأقلم و لا تملك رفاهية التراجع .
،

،
.

.

…..
الفصل الأول..،


الثامنه صباحاً، في قسم الطوارىء نزعت قفازاتها المخضبه بالدماء و هي تتحدث للطاقم المناوب معها: المريضه انكسر عندها الحوض و مات الجنين انقلوها فوراً لقسم الولاده و اتصلو بالدكتور هاجر أنا انتهيت..

خرجت للتو من قسم الطوارىء بعدما امضت داخله عشر ساعات في غرفة تنازعت فيها مع نفسها و حاربت الدقائق و الثواني في سبيل إنقاذ أشخاص لا تعرفهم…!
كان يوماً مرهقاً كبقية أيامها العاديه كطبيبة عظام تزور كثيراً غرفة الطوارىء.. و لكن رغم ذلك هي ممتنه لهذا التخصص! ليس حباً و ليس لأنه كان حلماً فتحقق و لكن لم تجد شيءً يناسب قلبها الميت أفضل منه، أن ترى الدماء يوميا و العظام المتكسرة و الولادات المبكرة و نقيضها الوفيات!.. هي ترى بأن هنالك بعض الدواء الذي ينفعها في رؤية هذه المأساة اليومية التي تهوّن عليها مصائبها !، فهي غالباً ما تشعر بأنها مريضة و أن المرض الذي تعانيه هو إستمرارية بقاءها على قيد الحياة..!

في طريقها لغرفتها صادفت تلك الصديقة الثرثاره "عايشة" لتخبرها على عجالة بأن المدير الطبي الجديد سيصل غداً و أن زميلهم الدكتور أحمد سيرزق بطفل قريباً و أن جدول المناوبات الليليه قد تم تغييره و لكنها لم تسألها عن التفاصيل، فقط تجاوزتها و هي تدخل غرفتها مرهقة تكاد تسقط على وجهها من الإجهاد ثم جلست و أسندت رأسها للخلف قليلاً و هي مغمضة العينين.

تحاول جاهدة أن تتجاوز ما تمر به نفسياً و يتبادر في ذهنها ما قالته لها خالتها "هدى" في الهاتف ..!
" لازم تحضرين ملكة عيال عمك ،طلبتك يا ليلى جدتك اتصلت تتوسط بي عندك…… هالمره لازم و الا تراني بزعل عليك و ما اكلمك!!!"
تسائلت داخلها بغضب (هل ستجازيني حقاً ان رفضت طلبها بالذهاب لمن هجروني سنيناً، لأهل ذلك الأب الصوري الذي لا اعرف منه إلا إسمه الذي أُنادى به.. !
اتذكر أن آخر مره رأيته فيها حينما تم تعيينه دبلوماسياً .. كنت حينها قد انهيت المرحلة الثانوية و دعتني أمه لحضور مناسبة له لأتفاجىء بأنها خاصه بعائلته التي أسسها لنفسه حتى أنه كان متفاجئاً بوجودي تلك الليلة و من ثم صافحتني تلك النظرات الشامته و المشفقه من العمات و بناتهن و بقية العائلة! ما دعاني لعدم تكرار زيارتي له.. على أية حال لم يرغب بوجودي أحد،.. و التناسي يجلب النسيان و النسيان يعيد الإنسان لأصله الذي ولد عليه كائن غير معروف أتى إلى هذه الدنيا بغير إرادته و عليه أن يستمر في السعي إلى ما شاء الله له ان يعيش..

ثم انهيت الجامعه و الامتياز و لم أرى منه الا رسائل الأعياد المعلّبة …!
كبرت و تجاوزت تفكيري به و بعلاقتنا المنقطعه و فهمت أننا اجتمعنا كصدفة سيئة لا أكثر، أي أنني بعد كل تلك السنوات لم أعد أكرهه و بنفس الوقت لست أحبه، و بالأدق لا مشاعر من أي نوع بيننا فهو لا يعني لي شيئاً ابداً..)
،

اطلقت تنهيدة تنفسها و هي تحاول تجاوز ما يدور في داخلها من أحاديث مختنقة و جمع شتاتها للعودة إلى المنزل، خالية من كل شيء إلا رغبة النوم المُلحّه..
و ما أن همّت بنزع "السكراب" حتى أفزعها دخول "عايشه" المعتاد، بالكاد تماسكت و يدها على صدرها:الله يقطعها عاده يا عايشه!


لا تدري "عايشه" هل تعتذر ام تخبرها:معليه ليلى بس في حالة فالطوارىء و..


قاطعتها بلامبالاة و هي تُكمل نزع المعطف : دوامي خلص .. د سلطان و د حازم توه بدأ شفتهم


بعد تردد:المريضه جدتك .." علياء السليمان"


تأففت و هي تمسح على جبينها بإنزعاج واضح ، لا تعرف متى ستبتعد تلك العجوز و عائلتها البغيضه من حياتها، ..!
؛
.
.

في غرفة الكشف..،
بعد فحص علاماتها الحيويه و اجراء التحاليل الروتينيه، توقفت أمام سريرها و هي تكتب ملاحظاتها بصمت و بجانبها الممرضه..
بعد كل تلك السنين لم تقتنع هذه العجوز بأنها ليست منهم و من المستحيل بمكان أن تكون هنالك صلة بينها و بينهم"


تحدثت العجوز بعدما طال الصمت:خير يا بنتي الدكتوره وش فيني؟


تجاهلتها و التفتت للشاب المرافق بجانبها وهي تتحدث بجدية: فواز أخذ جدتك للبيت و خلها تنام زين و تترك عنها التفكير بالأمور اللي ما تعنيها و لا تحاول بعد هالعمر تتدخل بحياة أحد..


فواز باستغراب: بس يا ليلى!


قاطعته بجديتها المعهوده و هي تزيح نظارتها الطبيه عن عينيها المرهقة: دكتووره ليلى لوو سمحت!


اكمل فواز على مضض: يا دكتوره ليلى، كانت نايمه و فجأه قامت تشتكي و قالت ودوني لليلى!


اغلقت الملف الذي بيدها بهدوء و ناولته للممرضه و ارسلتها من الغرفه لترد ببرود صار من سماتها منذ خاضت غمار هذا العمل: و الله ما أذكر ان بيننا عشم يا "علياء" علشان تطلبين أسمي بالتحديد!! بعدين تخصصي عظام و اشوف عظامك قوية مافيهم الا العافيه، و حتى لو فرضاً تكسرت عظامك مالك عندي علاج ، نصيحتي لك دوري دكاتره غيري، الرياض مليانه.


تحدثت العجوز المتعجرفه بثقه و هي تراها تتركها و تهم بالخروج: ليه أروح طبيب ثاني و حفيدتي دكتوره؟! دمك من دمي انتي أولى بي من الغريب و ملزومه بي بعد



توقفت عند الباب قبل أن تفتحه لم تعد تحتمل حديثها البائس الذي تعشق تكراره على مسامعها في كل مرة تأتي لتمثل عليها الدور،
الآن اجتمع في رأسها الإرهاق و الغضب معاً و لكنها آثرت ان تتنفس بعمق قليلاً و تستعيذ من شيطان هذه اللحظه ثم إستدارت لها من جديد بإبتسامة في طياتها وعيد وهي ما زالت ترد بنفس البرود المزعوم: أنا حفيدة نوره الطامي و ماتت الله يرحمها ،اما من ناحيتك لا تثقين واجد بدمك السام يا "علياء" و أدعي أنكم ما تحتاجوني بيوم من الأيام بقسم الطوارىء، صدقيني لو أشوف واحد منكم يحتضر قدام عيني و مافيه دكتور غيري موجود ماني محركه ساكن ، أدعي بس


خاف فواز من نبرة الوعيد في صوتها رغم عدم ارتفاعه ابداً: تعوذي من ابليس يا دكتوره!


قاطعته العجوز بتساؤل يشوبه الشك: اسكت يا فواز، أفهم من كلامك يا ليلى انك ماتبين تحضرين لملكة عيال عمك؟!


تجاهلت إجابتها بعدما قالت ما لديها و خرجت بهدوءها الذي جاءت به لتترك غرفة الكشف و تخرج غاضبه إلى عيادتها..
جلست على كرسيها و رفعت رأسها و وضعت يدها على رأسها كمحاولة يائسة لتهدئة صداعها الذي ازداد ،
لم تعد تبكي كثيراً كالسابق مضت الكثير من السنوات على آخر مرة بكت فيها بسبب عائلتها حتى أنها بدأت تشك أنها فقدت الإحساس و الشعور من ناحيتهم.. و لم يتبقى سوى الغضب يزدهر داخلها..

رن هاتفها بأسم "علي" و لكنها تجاهلت الرد و من ثم رن هاتفها برسالة من "عذوب" لتراها على الشاشه"بترجعين البيت الليله و الا لا؟!"
تركت كرسيها و هي تلتقط حقيبتها و تهم بالخروج…،
ركبت سيارتها و ما زالت الرؤية ضبابية قليلاً بالنسبة لها تنفست بعمق و هي تُخرج من حقيبتها قطرات ترطيب تضعها في عينيها بسبب جفاف العينين و انتظرت قليلاً حتى شعرت أنها هدأت ثم أدارت محرك سيارتها و خرجت من المواقف بشكل عادي و لكنها تفاجئت بأنها كادت تدهس أحدهم كان يمر من أمامها ، هي متأكده أنها صدمته نزلت مستعجله وهي تتجه ناحيته كان رجلاً طويلاً يقف كالجبل يدير لها ظهره، بدا و كأنه ينحني قليلاً و يده على ركبته و لم يتحدث بكلمه ترددت بقلق: سلامات أسفه و الله ما نتبهت ، دوبي طالعه من شفت عشر ساعات ماني مركزه اعتذر

لم تسمع صوته لتسترسل بحديثها: تكلم لو سمحت فيك شيء؟!


استقام وهو يعيد ترتيب شماغه و كأن شيئاً لم يكن، ليلتفت ناحيتها بوجه خالٍ من أي تعايير و كأنه لم يحدث شيء: مافي مشكلة، لا تخافين ..



في هذه اللحظة عادت بها الذاكره للوراء كثيراً، لربما ثمان أو تسع سنوات ليست متأكده و لكن يستحيل أن تنسى هذا الوجه و ذلك الموقف و دموعها و تلك الليلة الممطره ! ..
هل هذه مصادفه أم ماذا؟!..أم أنه يشبهه؟!! لا ليس يشبهه بل هو بنفسه غير أن النضج و لمسات السنين و ذقنه الأسود الذي تتخلله بعض البياض ترك مسحةً من الهيبة تعلو وجهه! ،
تراجعت خطوتين بصمت ثم استدارت و عادت لسيارتها، أعادت تشغيلها و تراجعت للوراء قليلاً و ابتعدت مسرعةً عنه لتشتت هذه المصادفة الغير مرحب بها ابداً… بدت لها رؤيته و كأنها نذير شؤم أو كرياح قديمة هبت من الماضي لتهز ذاكرتها .!


راقب ذهابها الذي يشبه الهروب وهو يطلق زفرة الألم بعد إختفاءها ثم استند على أقرب شيء له و هو يُخرج هاتفه من جيبه و يتصل بأحدهم : جاسر تعال حالاً لمواقف المستشفى..
.
،
.
،
داخل المستشفى..
وقف فواز امام الشرفه المطله على حديقة المستشفى وهو يكبت غضبه أمام جدته تلك العجوز المتحكمه و العنيده، قضت على مستقبل نصف ابناءها و أحفادها لن تستريح حتى تقضي عليه هو الآخر.. كره كل شيء مرتبط بها و لكنها تمسك برقبته بشيء عجز عن تجاوزه، لم يستمع لنصائح ابن عمه فيصل و لا ابناء عمته وضحى فسقط في فخها و صار قدمها و يدها في كل شيء، ما دعاه ان ينسى فكرة الزواج ما دامت هذه العجوز على قيد الحياة و الا سيكون مصيره كمصير زواج والده المرحوم ..!


لاحظته غير متزن أمامها كعادته، تعرف كثيراً كيف تتحكم بهم و تضربهم في ضمائرهم: شفيك يا فواز؟! لا يكون متضايق مني؟!


اغمض عينيه ثم فتحها بتنهيدة غضب مكبوت وهو يعد نفسه ككل مره أن لا يرفع صوته عليها أو يُغضبها فهي جدته: لا ابداً يا ام عادل ..شدعوه تقولين ودني المستشفى تعبانه و تطلعين تدللين علينا


ارتسمت على شفتيها المجعدة إبتسامة سخريه لأدبه معها و هذا ما يعجبها فيه" خضوعه لها:يحق لي اتدلل، و الا زعلت لأني ما طلعت تعبانه؟!


بإرهاق وهو يقترب منها و يمد يد المساعده لها: تدللي علي و على اللي تبين من عيالك،، بس الدكتوره ليلى مالها علاقه و لا بينكم حتى ميانه، دكتوره كبيره متملكة على رجل كفو و قريب زواجها، ترى احتكاكك فيها عقب هالعمر معاد له فايده و لا معنى


لم يعجبها حديثه الذي يخالف توجهاتها الجديده:.تعال ساعدني بس

ساعدها وهو يمسك بيدها و يخرجان: عنيده يام عادل ، محدن يدري وش يدور بهالراس


ضغطت على يده وهي تمشي بصحبته و تهمس له: تظن أني ما فكرت ازوجك يا فواز؟!.. انتظر بس تزين الامور و افرح بك

تسلل الذعر إلى قلبه بعدما صرحت بنواياها له، قد ترك فكرة الزواج منذ لحظة إدراكه الأولى بسببها و الآن هي تضعه هدف لها لتزويجه، ما دامت أنها فكرت بهذا الأمر فإن كارثة قادمه ستحل عليه، و لعله خيراً يارب..!
.
،
.

….

عادت للمنزل متجاهله لكل ما حدث لها كما تفعل كل يوم تدس كل ما يزعجها في جيب النسيان و تمضي، هي من تعلم جيداً ان لا شيء يهم سوا سلامها النفسي بعد سنين من التوتر و عدم الإستقرار و الإنتماء لأي شيء…
أوقفت سيارتها تحت نظرات ابن الجيران المدعو "ساير" الذي يقف كعادته مستنداً هكذا على سيارته يومياً بإنتظارها بدون كلل و لا ملل ما يجعلها تتساءل كيف لشاب بهذا السن بلا عمل يشغله عن مراقبة الناس و الوقوف ببلاهة في الشارع ، و كيف له ان يركب سيارات باهضه وهو لا يعمل و ليس ابناً لعائلة ميسورة الحال!!
تجاهلت ما تراه كما تفعل كل يوم ونزلت من سيارتها بهدوءها و دخلت منزلها على صوت إذاعة القرآن القادم من المطبخ، عادة ورثتها عن جدتها منذ كانت رضيعة حتى ألفت أذنها صوت القرآن و ارتاحت روحها بآياته ..
توجهت للمطبخ بعدما نزعت عبائها و ألقتها على أريكة الصالة، وجدت ورقةً معلقة على الثلاجة من خالتها تخبرها أنها أخذت "عذوب" معها ليزورو بيت جدها ليومين ثم ستعود، تعرف جيداً انها لن تعود للبقاء معها بعدما علمت بمعارضة والدها البقاء معها فمزاجه يعارض واقعها و يخاف ان تتأثر ابنته بها، هنا تذكرت رسائل "عذوب" المُلحه لها بالعودة للمنزل بالتأكيد حصل شد و جذب ..،
ابنة الخاله التي سمحت لها بالبقاء معها مؤنسة لها بعد وفاة جدتها.. البيت يفتقدها حقاً ، من ستثرثر عليها بقصص الصديقات التافهة و يوميات الجامعة قبل أن تنام الليلة.. !
ابتسمت وهي ترى ما تركته لها خالتها في الثلاجه قبل ذهابها..، قد جعلها الطب تنسى أنها إنسانة لها متطلبات حياة حتى أنها بالكاد استقرت في وظيفتها، مضى الكثير من السنوات على ذلك و لم تشعر!!

قررت أن تفعل ما تفعله كل مرة تعود فيها للمنزل تنعش نفسها بحمامٍ بارد و تنام ..
دخلت الحمام وهي تنزع السكراب الطبي الأخضر و ترمية في سلة الغسيل القريبه و تفتح شعرها لتقف تحت الماء المنهمر بعدما جادت على نفسها بالشامبو .. كان يوماً طويلاً كباقي أيامها الرتيبه..و لكن هذا الماء يزيل كل شيء، بإمكان الإستحمام فقط ان يساعدها على التعامل مع كل شيء..حتى عملها الذي اختارها صار يناسبها، لديها يومياً معركة على حافة الحياة في محاولاتها لإنقاذ الأرواح..و لا يخلو بطبيعة الحال من الكثير من الدماء و الحزن و لكن توقفت عن الإحساس منذ زمن بعيد ، لم يعد هنالك ما يمكنه ان يستدعي دموعها أو يهز مشاعرها … بات كل شيء متساوياً بعد رحيل جدتها ..

انتهت من حمامها و ارتدت روبها الكحلي و وقفت أمام مرآتها تلتقط علبة المرطب من على الطاولة لتقع عينيها على بطاقة المستشفى الخاصة بها و على أسمها الذي تعلقه يومياً على صدرها ، أغمضت عينيها كردة فعل تحاول فيها تجاهل شعور الغضب الذي اعتراها هذه اللحظة وهي تجفف شعرها بالمنشفة و تفكر ككل مرة يتلبسها الغضب أن تجد الجرأه لتتخلص منه بقصة شعر قصيرة و لكنها بكل مرةٍ تتذكر غناء جدتها عليه و هي تمشطه و تشمّه وتخبرها كم تحبه وهو ينسدل متهادياً على طول ظهرها!
و لكن مالفائده الآن..!!

أخرجت المقص من الدرج و قصته من عند كتفها بدون ان يرف لها جفن..هكذا..
ثم تنفست و كأن روحها خفّت.. اخفته في سلة القمامه و ربطة الكيس جيداً.. لقد انتهت منه و من ذكرياته الموجعه.

خرجت من حمامها ملتفه بروبها الذي يغطي نصف ساقيها و اكملت تجفف شعرها بمنشفتها..
سمعت صوت رسائل هاتفها المحمول لتجلس على طرف سريرها بعدما إلتقطته لتقرأ تلك الرسائل التي كانت إحداها من الخطيب العتيد و لكنها كانت "رسالة معلّبة أخرى تم نسخها و لصقها" ابتسمت بخذلان على ذلك الرجل الذي من المفترض ان يكون أقرب شخص لها في هكذا أوقات و لكنه غبي أحمق لا يعرف من العلاقه سوى قشورها..
تجاهلت رسائله المملة و هي تميل بجسدها على جانبها الأيمن في سريرها و تضم يديها إلى صدرها بنعاس شديد حد الثمالة وهي تشعر أنها حازت الدنيا بهذه اللحظة، لو أنها كانت تعلم بأن عودتها للعمل ستجهدها حد أنها ستنسيها نفسها لما ترددت كل ذلك الوقت…المجد للعمل و للنوم و لكل ما يجعل الإنسان ينشغل عن همه ولو قليلاً .
.
،
.
،


صباحاً ..؛

كان الهاتف يرن كثيراً ..ثم تسابقت الرسائل النصية للظهور على شاشة الهاتف المُلقى على طاولتها منذ البارحه…،
لم تستيقظ إلا على آخر رنة لتعتدل جالسة و هي تُبعد خصلات شعرها القصير المبعثر عن وجهها و تثبت روب الحمام الذي نامت به و قرأت الرسالة الأخيره التي كانت من "علي" ثم استوعبتها (بمرك آخذك نتغدا برا ، تجهزي)
ابتسمت بتهكم من ثقته المفرطه بنفسه و هو يتحدث بهذه الصيغه!
تركت سريرها رغم خمولها و هي تذهب لتجديد نفسها و انعاشها بعد فترة صعبة كانت عبارة عن استنزاف نفسي..
وقفت أمام مرآة الحمام وهي ترفع شعرها القصير بمشبك و تبدأ بغسل أسنانها وهي تتأمل ملامحها و كأنها تتعرف عليها..!

..سقطت عينيها على بيجامتها المنزلية التي لبستها للتو كانت باهته جداً و تبدو باليه لم تنتبه لأي درجة أهملت نفسها، لا تتذكر متى كانت آخر مره خرجت للتسوق لنفسها، هذه المرحلة المرعبه التي تمر بها قد طالت كثيراً و لم تستطيع تجاوزها بأي حال من الأحوال، حاولت مراراً أن تفعل أشياء كانت تحبها و ظنت أنها ستسعدها و لكن لا شيء يتغير و كأن لا شيء يستطيع إسعادها بعد الآن !
الوحده التي ولدت بها بدأت تكبر و تتغلغل داخلها بعد رحيل جدتها، و جدها الذي تبعثر بشكل مفجع و هام على وجهه إلى مدينة الحبيب لعله يجد السلوى في فقيدة العمر البالي..
هي هنا منذ شهر و اكثر لوحدها في المنزل حتى بدأت تألف الوحشه و أصوات الصمت..!

و الآن الخطيب قادم و يجب ان تظهر له بشكل طبيعي يخالف داخلها المهترىء و هذا بالنسبة لها في هذه الفترة أصعب من صعود الجبال…!

خرجت لعلها تجد شيئاً يمكنها إرتداؤه .. أي شيء ذلك لا يهم كثيراً..
بالكاد انتهت من لباسها لترى أنها مازالت تحوم حول اللون الأسود بنطلون فضفاض و قميص ربع كم و رشة عطر! ،
خرجت لمطبخها وضعت إبريق قهوتها ذات البن الأشقر لتتركها تأخذ وقتها من الغليان على النار و تذهب في جولة لترتب المنزل و تفتح الشبابيك لتهويته قبل ان تعد لها شيئا تأكله و تفكر بغياب جدها الذي طال كثيراً و قلقت عليه، و تقكير آخر بموعد عودة الخادمه من إجازتها، نظرت للتقويم المعلق على الحائط خلفها، حمدت الله بقي القليل على عودتها، العمل في المنزل و المستشفى معاً سيقضيان عليها.،
صدح صوت المؤذن منادياً لصلاة الظهر بعدما أنتهت من ترتيب فوضى المنزل في وقت قياسي و أدارت جهاز تعطير المنزل و من ثم تركت قهوتها جاهزه في الصالة بإنتظار ضيفها المنتظر و ذهبت لتأدية صلاتها، كانت الصلاة هي الشيء الوحيد الذي يُشعرها بروحها ، كلما نالت منها الوحشة لاذت بها ..

،
.
خارج المنزل..
هنالك رذاذ مطر خفيف بالأجواء ، أوقف سيارته بعدما وصل لباب بيته الذي تركه بعد إنتهاء عزاء رفيقة العمر.. ترجل من سيارته و وقف يتأمل باب المنزل و شجرة الليمون التي تطل من فوق السور و أوراق الجهنميه التي تتسلق المنزل بشكل جميل، و تساءل في نفسه تُرى هل بهت لونها؟! أم أن عينيه لم تعد ترى لوناً للحياة بعد تلك العزيزة الراحلة؟!
استنشق نفساً عميقاً و زفره في محاولةٍ لتجاوز تلك الغصّة اللعينة التي تكاد تسد مجرى تنفسه منذ فقد زوجته..فتح باب المنزل و دخل بقدمين مثقلتين ليقف في منتصف ساحة المنزل منادياً بصوته الجهوري كعادته القديمة : يا ليلى.. اسقيني يا بنتي!


ماهي إلا لحظات فقط ليراها تخرج من الباب تستقبلة بلهفة في باحة المنزل….
خرجت غير مصدقة أنه عاد..مر شهر كامل، شهر من التعب!، راحت مسرعة تعانقه بشده و تقبل يده المجعده و تنهار بين يديه باكية، لم تعد هناك طاقة للعتاب و لا للحديث، هي مذعورة من فكرة فقدانه هو الآخر و تريد الأمان فقط..و ها قد عاد أمانها مجدداً فلا خوف بعد ذلك أبداً..

يعرف جيداً أنه جار عليها بالغياب و أرتكب خطأ جسيماً بتركها وحدها، عاتب نفسه وهو يرى دموعها"يالله هل كُتب على هذه البنت أن تعيش الترك منذ ولدت؟! لم أقصد إذائها كان وقتاً عصيباً علي فقط و مضى" ..
اعتذر بنبرة حانيه: سامحيني يا بنتي


هزت رأسها بالنفي و هي تبتسم و عينيها تغرق بدموع الفرح:ما اسامحك يابوي الا بشرط


ابتسم لنبرة الدلال التي يعشقها منها: موافق على الشرط من قبل أسمعه، بس خلينا ندخل يا بنتي عن البرد ، قهويني ياليلى و لك اللي تبينه

احتضنت كفه بكفها و تعلقت بذراعه باليد الأخرى و هي تدخل بصحبته المنزل و قد تحولت في لحظة لطفلة ذات ثمان أعوام بمجرد اجتماعها مع جدها..،
.
،
.
،

الساعه الواحده بعد الظهر..،
وصل أخيراً و فتحت له الباب و وقف مستغرباً عدم جاهزيتها للخروج و لم تدعوه للدخول كعادتها قبل وفاة جدتها، ابتسم لرؤيتها: كيف حالك ليلى؟!


بوجه خالٍ من اي تعابير: بخير..


مازال يبتسم: شفت سيارة عمي بو طلال برا الحمدلله على السلامه


..:الله يسلمك


لم يستغرب برودها لطالما كانت هكذا و عزا ذلك ربما لحياء العروس لا اكثر:مافيه تفضل؟!

ابتعدت عن الباب و هي تسمح له بالدخول و هو يتساءل مالذي تخبئه له هذه المره لم ينتهي دلالها بعد ما زالت تماطله منذ ان تعرف إليها مضت السنين و لم يحظى بشيء منها.. مازالت متمنعة من إقترابه منها و ترفض الحديث عن موعد الزواج!! ،


قدمت إليه القهوه بإنتظار خروج جدها من غرفته و التهى بهاتفه الذي رن و كان المتصل عمله، رأته ينشغل بمكالمته كعادته و سمحت لعينيها بالنظر إليه تبحث عن شيء قد يجعلها تتعلق به أو يجذبها إليه و لكن عبثاً، هو رجل عادي جداً ليس وسيماً لدرجة أن يجذبها رغم عيوبه ،يعتبر ملتزم بعمله ، لم يسافر مرة للسياحة كانت كل سفراته إما للعمل أو لزيارات عائليه.. كما قال ذات مره لا يرى أهمية لمتعة السفر و السياحة و هذا بحد ذاته أمرٌ مريع جداً،
ليس لديه اصدقاء غير اصحاب العمل رجل ممل جداً، لو لم ترى رغبة جدتها في رؤيتها عروس قبل وفاتها لن توافق على "الإرتباط به" و لكنها أرادت أن ترى الفرحة على محيا جدتها و لو مره في مرضها الذي أودى بحياتها.. و الآن لم يعد هنالك شيء يجبرها على البقاء في هذه العلاقة.. و لكنها مع ذلك تُشفق عليه بنفس الوقت..!

اغلق هاتفه و التفت ناحيتها مبتسماً وهو يراها تحدق به بعينيها العسليتان تلك: ليه ما جهزتي ما قلت نبي نتغدا برا


سكبت لنفسها فنجان قهوة و هي تجيبه: من قالك اني بطلع اتغدا معك؟


خفتت إبتسامته قليلاً: ارسلت لك !


ارتشفت من فنجانها :صحيح شفت رسالتك


زاد استغرابه، لم يستطيع فهمها سنتان منذ عقد القران الذي لم يستطيع معه إتمام الزواج بها: طيب! ليه ما جهزتي؟!



عادت بنظراتها البارده إليه:أنت تدري اني ما احب الأمر الواقع و خذني جيتك.. بعدين لك شهر و اكثر غايب ما ادري عنك الا بالرسايل القليله و فجأه تتذكر و تجي تبي اطلع معك اتغدا؟!!



ترك فنجانه على الطاولة أمامه و هو يستغرب حديثها: مو انتي بنفسك قلتي لي فالعزاء اطلع و لا تجي الا عقب شهور ، مابي اشوف احد!!



ابتسمت بسخريه و بخيبة أمل: صح .. قلت


ثم سكتت و هي تسمح للصمت أن يتسيد الموقف بينهما مجدداً ، و كأن ما قاله قد أغلق الحوار بينهما بأقفال حديدية، في كل مرة تتحدث معه يتأكد لها يأسها من أن يلتقيان في نقطةٍ مشتركة واحده، و مع ذلك لا تدري ماذا تنتظر لتنهي هذه العلاقة عديمة الحياة ، هل ليأسها أم لخيباتها في الوالدين أم ماذا بالضبط لا تدري حقاً ، أم هو شعورها الخفي بالدونية فهي و إن لم يظهر ذلك عليها خارجياً إلا أنها من الداخل ترى بأنها لا تستحق شيئاً من البداية فلقد ولدت بدون سبب.. لم يريدها الأب و لم تريدها الأم!

.
،


..
يتبع


رشا الخياليه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-01-25, 07:30 PM   #8

رشا الخياليه

? العضوٌ??? » 509266
?  التسِجيلٌ » Dec 2022
? مشَارَ?اتْي » 94
?  نُقآطِيْ » رشا الخياليه is on a distinguished road
افتراضي

كدمات الروح …2



ترك فنجانه على الطاولة أمامه و هو يستغرب حديثها: مو انتي بنفسك قلتي لي فالعزاء اطلع و لا تجي الا عقب شهور ، مابي اشوف احد!!



ابتسمت بسخريه و بخيبة أمل: صح .. قلت

ثم سكتت و هي تسمح للصمت أن يتسيد الموقف بينهما مجدداً ، و كأن ما قاله قد أغلق الحوار بينهما بأقفال حديدية، في كل مرة تتحدث معه يتأكد لها يأسها من أن يلتقيان في نقطةٍ مشتركة واحده، و مع ذلك لا تدري ماذا تنتظر لتنهي هذه العلاقة عديمة الحياة ، هل ليأسها أم لخيباتها في الوالدين أم ماذا بالضبط لا تدري حقاً ، أم هو شعورها الخفي بالدونية فهي و إن لم يظهر ذلك عليها خارجياً إلا أنها من الداخل ترى بأنها لا تستحق شيئاً من البداية فلقد ولدت بدون سبب.. لم يريدها الأب و لم تريدها الأم!


رأها تلوذ بصمتها كما عرفها أول مره :هاه نطلع؟!



قررت أن تقول ما كان يجب أن تقوله منذ عرفته و أجلته كثيراً حتى اتفقت مع جدها عليه: علي لازم نتكلم بموضوع علاقتنا هذي..


استغرب طلبها بعد سنتين من عقد القران الذي لم يتوج بحفل الزواج: شفيها علاقتنا!!


تنهدت تنفسها المضطرب و هي تدير خاتمها في إصبعها في محاولة لتهدئة نفسها: ما تلاحظ أنه فيه غلط،. يعني هالعلاقه مستحيل تستمر أكثر .. على الأقل أنا أشوف كذا


حاول الإقتراب منها ليؤثر عليها و لكنها جفلت منه و ابتعدت:ليلى هذا وقت و بيعدي


قاطعته بفقدان أمل و هي تحرك يديها بشيء من اليأس: ماراح يعدّي يا علي .. ما راح يعدّي


اقترب منها و امسك بيديها الباردتين: بس أنا وعدت جدتك يا ليلى!


سحبت يديها من بين يديه وهي تهز رأسها بيأس أمتزج بالحزن بعدما ذكر فقيدتها: جدتي ماتت يا علي..اللي تنازلت و قبلت فكرة الزواج علشانها ماتت، اتمنى منك تفهم موقفي، أنا ما اقدر اكمل طريق ما اخترته بنفسي يا علي.


لم يستطيع أن يعلّق بشيء بعدما رأى رجفة يديها و هي تحاول كتم بكاءها ، وقف بهدوءه الذي دخل به و هو يلقي كلماته الأخيره قبل أن يخرج: حصل خير يا ليلى.. حصل خير


لا تدري ماذا ينوي عليه من رده و لكن عموماً ارتاحت نوعاً ما بعد خروجه هذه المره ، شرحت موقفها بصراحة و انتهت من لعبة مماطلته في موضوع الزواج و ارتاحت من هم الخروج معه من فترة لفتره وكان يسمي ذلك تعويضاً لتأخيرها الزواج…أخيراً أخبرته بقرارها الذي تأخرت كثيراً في إتخاذه..!
لم يعد عليها مجاملته أو تحمل النظر لوجهه بعد الآن.. كان اثقل ما على نفسها في العامين السابقين هو مجاملة رجل لا تحمل له أي ذرة مشاعر..و لم يجتهد ابداً في هذه العلاقه لإبهارها و جعلها تتقبل زواجها به مع الوقت، بل زاد في تنفيرها منه بلا مجهود يذكر منه..
.
،
.
،


مساءاً..
اضافت قطع الشوكلاته الداكنه التي قطعتها في المشروب الذي يغلي على النار وهي تتحدث لعايشه التي تجلس على كرسي في طرف الطاوله:تبين احط لك كريمه على الوجه و لا اخليه ساده ؟


عايشه وهي تفكر بالذي عرفته منها :لا خلي ساده ..
أردفت:انتي من صدقك تبين الانفصال؟!

ردت بلا مبالاة:اي


شعرت بأنها ملزمه بأن تخبرها:ليلى ترى ماعدتي صغيره، و اشوف علي ممتاز

انتهت من سكبه في الأكواب و قدمته و جلست في الكرسي المقابل لها و ترد بإنهاك:أنا مشكلتي اني ما اشوفه أصلاً.. سواء جيد و الا سيء..أنا ماني صالحه لأي شيء، و تكفين قفلي هالسيره ، كيف عبود ؟!


لاحظت زياده في عدم اكتراثها ازدياد برودها الذي يغلف قشرة قلبها يزاد لتجيبها برد بسيط:بخير، تركته مع أمي

حل صمت لم تعد تُسمع فيه الا صوت الريح الخفيفه القادم من النافذه، لم تكن هكذا قبل وفاة جدتها، لتبادرها بالسؤال الذي يخيفها: ليلى فيك شيء؟!

رفعت ناظريها من الطاوله لها و هي تبتسم: لا ..


نظرت إلى سكونها و نزول وزنها الواضح: متأكده؟! ما فيك شيء!


حركت رأسها بالنفي بصمت و اتكئت على الطاوله بيدها على خدها وهي لا تشعر بشيء و أيضاً لم تعد تنتظر شيء..


حاولت استنطاقها لتفضفض، لم تعد للحديث سوا في العمل فقط، ابتسمت لها: رجع جدك البيت ، الحمدلله فرحت


ابتسمت بعين تجحد الدمعه : اي الحمدلله ، اليوم البيت رجع بيت عرب.


فرحت وهي ترى ابتسامتها و ان كانت حزينه، ليلى صديقة الثانويه و الجامعه، صديقة الأيام الصعبه و رفيقة الأوقات الحزينه و شريكة الضحكه و الفرحه، كانت طاقتها الحماسية كافيه لتدفعها لدراسة الطب و هي التي لم تكن تفكر به، تتذكر تواجد جدتها معها في أي مناسبه و في أي مشوار و أي جلسة مذاكره، كانت كوقود لها، تتذكر جسداً تعلق بها، بالطبع لن تعود مثل السابق ..تذكرت أمراً لعله يحرك المياه الراكده في هذه الجلسه: ما علمتك شصار على فطوم بنت اختي وش سوت في مركز تدريب السواقه!

ببرود: شصار اذكر تبي تطلع الرخصه بس


ضحكت عايشه: الحبيبه دعست المدربه و تفلست الرخصه للمره الثانيه بعد الحمدلله المدربه ماجاها الا خدوش


ضحكت بدورها فهي تعرف حماس فاطمه و رغبتها الملحه في تلك الرخصه:يا حليلها تلقينها اللحين جاها احباط،

عايشه: اووه الرايح و الجاي فالعايله يطقطق عليها.

تذكرت ليلى الذي صدمته ذلك اليوم لتخبرها: انا بعد صدمت واحد و انا طالعه من دوامي.


استغربت: ما قلتي لي؟! كيف ؟


ترددت ليلى في اخبارها و لكن ترغب في الحديث عن ذلك جداً بعد الذي مرت به: ماكنت منتبهه و لا مسرعه بس صدمته اول ما طلعت من الباركنغ هي صدمه مو قويه بس مادري عندي احساس انها اوجعته


استغربت عايشه:اشتكى عليك؟ سوا سالفه؟!


تذكرت شموخه بالوقوف رغم انه كان منحني قليلاً ثم استقام وهو يرد عليها و اناقته الملفته من وضع الشماغ و اللحيه التي تتخللها شعيرات بيضاء اضفت عليه هالة من الهيبه:لا ما راح يشتكيني.


لاحظت اريحيتها في الحديث عن الحادثه: شدراك انه ما راح يشتكيك؟!


ما زالت ترى تلك مصادفه غريبه جداً و لكن لابد من اخماد فضول عايشه: تذكرين اللي ساعدني قبل تسع سنوات و رجعت بيت جدي؟!


اتسعت عينيها وهي تشك أنها فهمت ما تقصده: و كلمني بجوالك اذكره طبعا ، لا تقولين انه هو؟!

حركت رأسها بالإيجاب وهي ما زالت متوتره كلما تذكرت ذلك اللقاء: بس ما اخفيك اني خفت لحظة شفته، تذكرت ذيك الليله بتفاصيلها من اولها لين صار اللي صار ، مدري هي رهبة الموقف و المصادفه الغير متوقعه و الا خوف قديم داخلي و ما راح للحين، أول ما استوعبت انه هو هربت



لاحظتها تسترسل بفضفضه:هربتي!


نظرت إليها بإحباط:أنا عارفه كله من توتر شوفت علياء ماستوعبت و شوفي المصادفه العجيبة حتى امس طلع لي بعدما شفت علياء !


تذكرت ماضيها مع عائلتها، كان تخطي تلك الأيام صعباً عليها ، ليس سهلاً ان تتلقى الخذلان من عائلتك مرتين، مرة حين ولدت و مرة حين تعود للبحث عنهم..، تتذكر جيداً حماسها الذي ذهبت به إليهم و الخيبه الكبرى التي عادت بها ..

.
.
،
.

في مكان آخر من هذه المدينة…،

تجلس الجدة "علياء" بوجه خالٍ من التعابير في مجلسها و هي ترتشف قهوتها تحت نظرات صامته من ابنتها "وضحى" و زوجة ابنها الصغير عبير و عهود زوجة حفيدها ناصر و حفيداتها منيره و سما و العنود الذين يجلسن في أريكةٍ طويله و يتهامسن معاً و ألتزمت كلٍ منهن الصمت فور ملاحظتهن نظراتها الغاضبة،

بالتأكيد أحدهم أغضب "علياء"، هنالك عاصفة قادمه لا محالة .. في هذه العائلة يجب أن يتم كل شيء كما تريد و إلا الويل و الثبور لمن سيخالف..
لا أحد يجروء!
ورثت القوة من صلابة الرأس من والدها كما ورثت المال الذي تراه يرفعها درجة حتى عن زوجها حتى وافته المنيه..

تحدثت عهود لتكسر هذا الصمت الممل: شلونك اليوم يا جده؟! بشرينا عنك


وضعت فنجانها من يدها و التفتت بنظراتها إلى صاحبة السؤال: انتظر البشاره بالولد منك يا عهود!! اظن اننا انتظرنا واجد.


انعقد لسانها لم تتوقع هذا السؤال اليوم، قد سألتها نفس السؤال آخر مره قبل شهر أيضا.. مر الكثير من الوقت، و لكن هذه السيدة العجوز تعشق نبش الجروح ، تتغذى على حزن الآخرين..!


هنا تحدثت وضحى بعدما لاحظت نظرة الإنكسار قد بدت على عهود:شدعوه يمه، خمس بنات و كلهم صغار اخرهم رضيعه ، يبي من يرعاهم، لا تضغطين عليها

وقفت عهود تريد ترك المجلس و لكن نهرتها العجوز بصوتها: وين رايحة أقعدي، كلما قلنا شيء صحتي!! كل الحريم تحمل و تولد، وشو له مزوجينك ولدنا هاه؟! و تلومين اذا قلت بزوج ناصر وحده ثانيه!

توتر الوضع و التفت سما إلى منيره التي بدا الجلوس لها في هذه الجلسة كمن يجلس على صفيح ساخن حتى وقفت تريد الذهاب و لكن نهرتها الجده:انثبري انتي الأخرى وين رايحه بعد!

حاولت وضحى مقاطعتها و لكن دون جدوى: أمي؟!!


أتمت العجوز حديثها ببرود و كأنها لم تطعن و تجرح أحداً: بسك يا وضحى انتي تزوريني علشان تغثيني؟! شفنا تربية عيالك وش جابت لك! الولد الكبير يلعب بزارين كوره و البنت الصغيره في لندن مادري وش تدرس


تنهدت وضحى وهي تلجأ لصمتها، ستتطرق أيضاً لإبنها سيف الذي هجر زيارتها رداً على سوء معاملتها و سبها والده ، لقد وضعت والدتها المتسلطة الختم على أبنائها و سجلتهم في قائمتها السوداء للأبد و هو النتيجة الحتميه لأي شخص يخالف رأيها..


نظرت لساعتها بتملل ثم سألت التي بجانبها: عبير وين سلفتك ام فيصل؟ للحين ما عوّدت من حايل؟!


عبير: لا والله يا عمتي تعبت أمها عليهم و عزّمت تقعد عندهم لين تطيب ان شاء الله ماتطول


هزت رأسها وهي غير راضيه: كلما بغت تهج من البيت تعذرت بأمها ، و بكرا فيصل بيسافر ديرة ثانيه بحجة مشاريعه الجديده و بنبلش به معاد نشوفه بالمره ما ندري انت مهندس و الا مقاول.


ابتسمت وضحى لتحاول تغيير مزاج الجلسه: مهندس ما شاء الله عسى الله يوسع رزقه وين ما كان فيصل مجتهد ماقصر مع متعب استوصى فيه و مؤسسته هي اللي نفذت فندقه في جده و من احسن ما يكون


الجده بعدم رضا: كلّه واحد مهندس و الا مقاول ، ودي يستقر عندي هنا، إذا هو في الرياض و مانشوفه الا بالمناسبات ،اجل إذا استقر برا الرياض معاد بنشوفه ابد


بإبتسامه تحاول تبسيط الأمر: وش نسوي يمه بعض الرجال ما يحبون الارتباط

العجوز : هذا هو سوا حادث و ما درينا عنه الا جاينا بعكازه ، لا لا هالولد ان ما زوجته العنود عز الله معاد شفناه يلفي علينا


التفتو البنات للعنود التي احمر وجهها و همست لها عبير : الظاهر ان الحلم يقترب هاه؟!


خجلت و هي تترك المكان و تذهب لتلحق بها سما و منيره الغاضبه مما قالته الجده التي لا تجيد شيء أفضل من تمزيق أفراد هذه العائله بقراراتها التعسفيه التي طالتها هي أيضاً، و لكن ربما هذه المره ستكون إحداهن سعيده ، جميعهن يعرفن مدى حب العنود لـ فيصل و ان كان فيصل في وادٍ آخر بعيد كل البعد عن العائله …،


استاءت وضحى من تصريحها الذي كان في غير محله ابداً: يمه ما تلاحظين انك تحاولين تكررين نفس خطاك قبل تسع سنين؟!، لا تنسين هالمره فيصل حالف معاد يتزوج بعدما طلق وقتها، لا تورطين احد بعنادك


ارتشفت فنجان قهوتها و ردت بثقه تامه بقرارها: لا تخافين هالمره البنت اللي اخترتها ثقه و ماعندها مانع، ..


سكتت وهي غاضبه ما باليد حيله تجاه هذه الأم التي لم تعرف الليّن أبداً..
.
.

في سيارته عائداً من المطار !
يمارس عمله المعتاد على اللابتوب في السياره و على الطرف الآخر فواز يقود السياره مستعجباً: اللحين جيت قبل ثلاث ايام و انكسرت قبل نشوفك و سافرت البارح و رجعت اليوم!، وش ذالعمل عالأقل احترم ركبتك المصابه!!

رد وهو ينتهي من عمل عاجل في اللابتوب و يغلقه:كانت سفره مهمه و انتهينا ، بشرني عنك و عن الأوضاع!

فواز وهو يشير لركبته:الأوضاع مثل خبرك، انت اللي علمني وش سبب ركبتك؟! عمي جاسر يقول حادث !

بابتسامه: لا يرجال يبالغ ،مجرد كدمه فالركبه.. الحمدلله اربع اسابيع و اترك العصى .

فواز: و الله ماهي بسيطه يا ولد شهر كامل بعصاتك!! من صادمك بس وش صار عليه

اختفت ابتسامته تدريجياً وهو يتذكر هروبها بعد رؤيته: بنت .. سامحتها طبعاً وش ابي من وراها

فواز بانتقاد : دام صادمتك فالمواقف وش بتسوي فالشوارع!!

تنفس بضيق في هذه اللحظه وهو يتذكر الماضي: لا تشدها يبن الحلال، الله اعلم وش كانت تعيش لحظتها


استغرب دفاعه عنها ليبتسم مازحاً: لا يا شيخ! لو صادمك رجال ما قلت هالكلام. لهم الله الرجال.. و الا لا يكون حلوه بنت الناس؟!

ضحك وهو يشير للطريق: فواز انتبه قدامك لا تجيك العصاة على جبهتك

ضحك:ايه الله يعين سواق عند جدتي في اوقات فراغي، و اللحين سواق لحضرة المهندس بعد..وش عليه

تبسم حتى اختفت إبتسامته تدريجياً وهو يتذكر تلك الليله البعيده..
..

،
.


،
.

يوم آخر ..
عائدة من عملها المرهق، وهي تحدث نفسها "ماذا لو كان عملها هيناً و مرناً، لكانت الحياة اسهل منها الآن ، و لكنك بالغتي كثيراً حينما وافقتي طموح جدتك "يوم و لكنها وجدت نفسها بعدما كبرت تنغمس فيه ، كانت تطمح لحياة عمليه تشعر فيها بحريتها اكثر و ليس هنالك اجمل من حرية العمل متى شئت…
و لكن لم يسير الأمر كما حلمت به، كان لله تدابير و خطط أفضل لها و هذا ما كانت جدتها تُقنعها به دائماً،

توقفت سيارتها في رأس الحي الذي تسكنه بعدما نفذ البنزين مجدداً و لم تنتبه له هي مهمله جداً و تعترف بذلك بداخلها و لكن عجزت عن التغلب على مشكلتها مع نفسها اخذت حقيبتها و اغلقت سيارتها و هي تنزل قطعت الشارع مشياً بعدما توقفت.. كان وقتاً يعج باهل الحي اولاءك يلعبون كرة قدم و هناك رجلين يقفان يتفقدان سيارتهما و كلٌ يلتهي في عيش يومه..
مع ذلك لا يخلو الأمر من نظرات بعض العابرين المثيرين للشفقة،

دخلت الدكان الصغير الذي بقرب منزلها و أخذت ما ينقص المنزل ثم غادرته لتصادف جارهم و صديق جدها "أبو مصلح" رجل في السبعين من عمره من سكان الحي كان يعمل سائقاً لرجل غني لم يتوانى يوماً عن طلبها ان تترك "علي" و عرض تزويجها بذلك الكهل الغني مازحاً ، فتجدد رفضها بكل لقاء يجمعهم صدفه ، كان رجل مزوح يهوى ممازحتها و يرتاد مجلس جدها منذ كانت طفله و يلاعبها و يمازحها يعرفها كإبنته تماماً ..!
تركته مبتسمه كعادتها لتخرج في طريقها على مرأى من "ساير" ابن الجيران الذي ما زال يتحين وقت وصولها و ذهابها يومياً ليراها لمحة و هو يدخن سيجارته متكأً على سيارته …!!
إلى متى سيظل يراقبها هكذا؟! بدأ يصبح الأمر مزعجاً بالنسبة لها فهو لا يكف عن النظر ابداً..!

تجاهلته كعادتها و دخلت منزلها أخيراً وهي تنوي دخول الحمام لأخذ "دشاً بارداً" بعد تعب اليوم..و لكنها سمعت صوت طرقات قويه و متتاليه على الباب !!
ثم نداءات استغاثه نظرت لساعتها "الثالثه عصراً" !!
خرجت مسرعه كان أول من فكرت به هو "عذوب"..
خرجت مهرولةً للباب لتفتحه و تتفاجىء بإحداهن تدخل على عجله وتغلق الباب خلفها ثم تعانقها بشده و هي ترجوها بصوت يرتعد من البكاء:تكفين ليلى افزعي لي..تكفين


استغربت وهي تطمئنها عندها و تشد عناقها بعدما عرفتها: ساره!! اذكري الله

تشبثت بها بشده وهي تنهار باكيه…!!
اخذتها ليلى للداخل و تركتها لترتاح و لكنها بنظرات قلقه و عيون دامعه تحدثت بفوضوية/ليلى حطه على راسي ، جبروني جبرووني


جلست قبالتها بفضول:سمي بالله و علّميني باللي حصل بهدوء


ابتلعت ريق الذعر وهي تنظر ليديها المرتعشه:اخوي راشد كذب على الشيخ و قال موافقه و انا قلت للشيخ رافضه ثم حط السلاح على راسي


استنكرت ما سمعته يبدو ذلك غريباً جداً على الأقل لم تشهد بنفسها على قصص في طرفها سلاح كتلك الا في الافلام :تمزحين!سلاح حقيقي يعني؟!


تنهدت و هي تمسح دموعها و تتحدث ببكاء:كذب علي عند الشيخ و يقول لي غصب .. رفضت و طلع سلاح ابوي الله يرحمه و حطه براسي يوم عندت على رأيي


ابتسمت محاولةً تهدأتها:اذكري الله يا ساره، كل شيء له حل..دام الشيخ سمع الرفض منك ارتاحي امورك في السليم، الأمور تغيرت الحمدلله معاد فيه جبريه بعد البصمه.

لم ترتاح بعد:لكن اخوي من يقنعه؟!


حاولت تهدأتها مجدداً:غصب عليه يقتنع مو بكيفه، ولا يهمك جدي بيفزع لك..بس لازم تكونين قويه فاهمه؟! القانون و الشرع اللحين بصفك دافعي عن حقوقك و تذكري زين محد بيسرّك غير نفسك ، ترى بالنهايه جدي ماله ولاية عليك


لم تستطيع إبداء أي ردة فعل أخرى..هي مرتعبه رغم جرأتها في الرفض و الهرب..،و لكن سكينة "ليلى" و برودها يجعلها تشعر و كأن الأمر عادياً جداً و يمكن التغلب عليه..!


بعدما هدأ الوضع قليلاً نظرت ليلى لهيئتها و طريقة لبسها للعباءه: ليه طالعه للشارع بهالشكل؟! و كأنك منحاشه؟!

هزت رأسها بالموافقة:لأني فعلاً منحاشه ، قلت بنفسي مافي احد بينقذني الا اختي ليلى و جدها ، يا حظك ماعندك أهل و اخوان و لا عايله تغث


ابتسمت وهي تُخبئ وجعها خلف تلك الإبتسامة، لا تعرف ساره بأنها عبثت بجرح قديم حتى جعلته ينزف: وصلتي خير ، اللحين اخذي نفس و اجلسي براحتك و فكري باللي سويتيه قبل اشور عليك بأي شيء ، بروح اجيب لنا شيء نشربه و نروق.

ارتاحت ساره نوعاً ما وهي تشعر أنها ألقت كل ما في داخلها من مخاوف ، هذا النوع من الفضفضه هو مثل التخلص من الطاقه السلبية التي تجبر الرئتين على الإنقباض مع كل عملية شهيق و زفير ما يجعلها تقيّد السلام الداخلي ..

،
.

في مطبخها..،
واقفه تنتظر عند آلة القهوه و هي تتذكر تلك الحادثه التي بعثرتها "ساره" أمامها بعد تسع سنوات و أثارت الغبار من على رف الذكريات وهي تتذكر جملتها "حط السلاح على راسي"
سحبت كرسي من الطاوله و جلست وهي مثقلةٌ بالذكريات التي ظنت بأنها لن تعود لتطرق بابها مجدداً..!
كانت تلك المرة الوحيدة التي زارت فيها عائلتها كنوع من الفضول..
جمعت أصابعها بقبضة يدها غضباً من نفسها في هذه اللحظه و هي تحاول تجاوز صدمتها و ضعفها في ذلك الوقت، الضعف الذي تبدل لطاقة غضب كامنة..تنتظر لحظة الإنفجار.
.اغمضت عينيها و لكنها مازالت تسمع همسات قديمة في أذنها لم تستطيع تجاوزها حتى الآن رغم مرور السنوات" شكلها ماتدري انها غلطة !" ، "وش تبي هالضعيفه جايه عقب هالسنين"، "لا أبو يبيها و لا أم تبيها و تبينا نبلش فيها؟!!"..

تنهدت بداخلها "آه يا ساره مالذي بعثرتيه الليله !"
سمعت طرقات للباب وهي ما زالت فالمطبخ لتخرج و تطمئن ساره و اخذت جلال الصلاة الضافي لترتديه و تذهب بنفسها لتسأل الطارق الذي سيهدم الباب: من؟!


من خلف الباب:أنا راشد يا ليلى ، اختي ساره عندكم ناديها


تحدثت بهدوء:هلا راشد.. اختك ساره ما جتني الله يحفظك


سكت مستغرباً وهو ينظر للطفل بجانبه: البزارين قالوا انها جتك


بنفس برودها:الله يهداك لخبطو اكيد أنا توني راجعه من دوامي.. بس ابشر إذا جتني علمتكم اكيد ، ساره ما تروح مكان بعيد تلقاها عند خالاتك و الا بيت عمك تشوف البنات و راجعه اكيد


ما زال غاضباً:مشكوره يا ليلى .سلام


سمعت خطواته ذاهب لتلتفت تريد الدخول و تتفاجىء بعناق مفاجىء من ساره :مشكووره الله يفرجها عليك يادكتوره


ضحكت:امشي قدامي المطبخ ..أنا لازم اكلم جدي فالموضوع..

تنهدت ساره:فكيتني من شر يالطييف اخوي جن وقعد


ما زالت ليلى مستغربه:ما توقعت راشد يسوي كذا..راشد رزين و مثقف ، اعدل رجال في الحي بشهادة جدي!


ساره بضيق:لين تزوج السعلوه .. عز الله انها فرقتنا الله يكفينا شرها


صغرّت عينيها:بس هذي بنت خالتك!


نطقت بضيق:هذا بلاء ابوك ياعقاب..بنت خالتي ،عكس خالتي سبحان الله


ليلى بإبتسامه تحاول تغيير الجو:تدرين شلون؟! زين سوت بنت خالتك.. شكلها عرفت ان خدامتي للحين ما رجعت..

ساره باستغراب و ابتسامه: خدامتك!


ليلى وهي تشير لباب الدخول:تفضلي عندي لك مفاجئات اتجنن، غرفة الغسيل يبي لها تنظيم ابي اشوف ابداعك فيها

فهمتها ساره و هي تضحك:يااه ما توقعتك استغلاليه يا دكتوره!!

ليلى بتهويل مضحك:لا و اسوأ استغلال بعد تعالي قدامي بس ورانا شغل و دوام بكرا بدري الله يعين

دخلا مبتسمات و كل منهن تأمل ان يتم حل المشكله بأقل الخسائر،
.
،
.
،


رشا الخياليه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-01-25, 07:36 PM   #9

رشا الخياليه

? العضوٌ??? » 509266
?  التسِجيلٌ » Dec 2022
? مشَارَ?اتْي » 94
?  نُقآطِيْ » رشا الخياليه is on a distinguished road
افتراضي


.
،
.
في منزل العائلة ..،
يجلس بالمجلس بيده فنجان قهوته و يتبادل الأحاديث مع أعمامه ضاري و جاسر واخيه ناصر و ابناء عمومته المتواجدين
الاجتماع الذي يحضره حتى يسلّم على الجميع و يذهب..

دخلت العجوز في هذه اللحظات و هب للسلام عليها و هي تتفقده بالنظرات كبر كثيراً و صار كما خافت تماماً رجلاً مستقلاً بشكل كامل و منفصل عن العائله:حي الله فيصل..اخيراً شفتك، يعني من عيد الأضحى ما شفناك تلفي علينا حتى؟!


رد بإبتسامه: اشغال يا جده..انتي بشريني عنك؟! كيف الصحه؟!


تصنعت الحزن و هي تجلس بجانبه: والله الصحه ماش يا وليدي معادها مثل قبل و النشاط يدوبك


يعرف اساليبها الاستعطافيه جيداً : لا ما شاء الله غزال ، و جايه بدون عكاز بعد!


صغرت عينيها:ايهه احاول امشي بدونها، يالله وصلت.. وصدري ينكتم


ضاري الذي يرى دلالها على فيصل:امي اذا شافت فيصل تغيرت وش مسوي لها يا ولد

ناصر وهو يبتسم: يا عمي بو احمد حتى انا يا اخوه ما تسوي بي كذا و لا ندري وش عندها فيه


فواز كتم ضحكته وهو يعرف السبب: الله اعلم..


ابتسم فيصل وهو يرى فواز يكتم ضحكته: لا بخير يا بنت الحلال، احمدي الله على الصحه..


صدت وهي تتصنع الغضب:الحمدلله ، هاه بشر عسى بتقعد عندنا هالمره؟!

امسك بيدها ليقبّلها: بس أنا عندك في الرياض ما هاجرت.. وش تبين


نظرت إليه وهي تضم كفيه بكفيها: ابيك عندي و حولي، غرفتك هنا ..بيتك هنا، صحتي معادهي مثل قبل و انت غايب دايم


يعرف جيداً اساليبها هي افضل من يجيد لوي الذراع بالعواطف واستدرار الاهتمام.. فعلتها كثيراً سابقاً حتى استطاع ان ينفصل عنها ، و منذ ذلك اللحين وهي تحاول استعادته..
.


.
،


.
،
يوم عمل آخر…،

كانت تقف بجوار "عايشه" في غرفة الموظفات و تراجعان أوراق فحوصات حالة كانت تشرف عليها عايشه و يتناقشان حول تشابه الأعراض و رأي كل منهما في النتائج التي بين أياديهن…

بقرار غير نهائي منها تركت الأوراق لعايشه: برأيي أنك اتخذتي الإجراء المناسب ،دام ان المريضه تستجيب للعلاج


بعد تردد رفعت رأسها لصاحبتها:قولتك كذا يا ليلى؟!

هزت رأسها بالرفض فهي مشوشه: لا طبعاً الأفضل تسألين الإستشاري

تأففت عايشه و هي تتذكر الهم الجاثم على صدرها:افف شوشتيني معك و للان ماوصل جدول المناوبات الليليه مايصير اربع مناوبات اسبوعيه لين متى!! عندي ولد ابي اجلس معه شوي ، الوالده مب ملحقه



راحت ليلى تجلس في كرسي مجاور و هي تسترخي في جلوسها:احمدي ربك ،انا كنت اكثر من كذا و احيان اقعد بدال الدكتور احمد في بعض مناوباته.. إلا صحيح زوجته للان بالتنويم و الا راحت؟


عايشه وهي تلقي الملف من يدها على المكتب و تجلس على كرسي آخر: طلعت اليوم الصباح.. دكتور احمد طاير من الفرحه محد قده اليوم، تدرين زوجته سمت بنتهم ليلى على أسمك


ابتسمت بسعاده فذلك الرجل نبيل جداً، تحترم جداً إهتمامه بشريكة عمره ، متزوج منذ عشرون عاماً و ينتظر ان يكون أباً من وقتها .. وقف بجانب زوجته في أيام حملها الصعبه بسبب كبر سنها و قد ساعدته هي في ذلك بكل سرور بأخذ مناوباته الليليه عنه حتى يبقى بجوارها .. لم ترى الكثير من العلاقات الصحيه في حياتها لذلك فهي تقدرهما كثيراً..


عايشه بضيق آخر: كان نفسي اقول عقبالك أنتي و علي، صحيح طلق و الا باقي؟!


تذكرت الراحة التي تشعر بها منذ لقاءها الأخير بـ علي و وقفت و هي تنوي الخروج:للآن بس مسألة وقت، قضينا من الزواج خلاص



لم تستغرب عايشه كثيراً تخطيها الموضوع و كأنها علاقه لم تأخذ عامين ! كانت دائماً بارده تجاه موضوع "علي" و لا تحبذ الثرثره معها عنه كباقي الصديقات حينما يكون محور الحديث العائله و العلاقات الشخصية: وش اسوي بعدما خربتي احلامي بشوفت عيالك

بإبتسامتها الساخره:ياحليلك انتي و احلامك حتى لو فرضاً طاح نيزك و تزوجت يوم من الأيام ماراح افكر حتى تفكير بالخلفه صاحيه انتي؟! اجيب نسخ مني و ارميها في الحياة ، يكفي على الدنيا ليلى وحده



تأففت عايشه مستنكرة سخريتها اللاذعه من حالها: ليلى أنتي مو أمك .. انتي كيان ثاني مستقل ..افهمي ماراح تكونين نسخة منها



ليلى بنفس الإبتسامة الساخرة: شدراك يمكن اكون اردى من امي و ابوي بعد! هذا احتمال وارد بالنظر للجينات الوراثيه من الطرفين

عايشه باعتراض:ليلى !!!


بنفس ابتسامتها الساخره:اوكي فرضنا إذا سلمت أنا من جينات أمي، كيف اضمن أني ما ارتبط بواحد مثل أبوي..؟! بعدين لا نروح بعيد أنتي اللحين وين زوجك؟! نسيتي انكم انفصلتو بعد ولادة عبود؟!


عرفت عايشه أنها لن تفلح معها في نقاش موضوع كهذا، كلاهما معقدتان تسيران بجانب بعضهما و إن كانت عايشه أقل تعقيداً إلا أنها تعطي ليلى بعض الحق و ربما كلّه، كانت ستسألها عن تفاصيل اخرى و لكن دخلت الممرضه بورقة كعادتها: دكتوره ليلى، الدكتور حازم يطلبك في الطوارىء فيه حادث جاء فيه كسور متعدده و لازم مساعده

اكتفت بالإبتسامة لعايشه التي تبتسم لها و كأنها تخبرها بنظراتها أنها مهما ابتعدت عن المناوبة بقسم الطوارىء ستدخله يومياً لهذه الحالات كونها طبيبة عظام ، لحقت بها الممرضه لتخبرها ببعض تفاصيل الحالة التي تنتظرها!

دخلت ليلى قسم الطوارىء و هي ترتدي قفازاتها بسرعة و تسأل الطبيب المشرف و تفاجأت به يقف غاضباً في الحقيقيه لم تتفاجىء بحالته المزاجيه :خير دكتور حازم؟! وين الحالات اللي طلبتني لها، ملاحظه المكان هادي و ما فيه موضوع معقد صار فالقسم اليوم!

رأته يتأفف كعادته وهو ينزع قفازته و يأمر الممرضه بالخروج و لكنها تحدثت بدورها مقطبةً حاجبيها بإنفعالٍ وشيك لا أحد يجاريها في الغضب: وقفي نيرس بشاير لا تطلعين..دكتور حازم لو سمحت بتقول ليه طالبني هنا و الا أمشي الآن مع بشاير؟!


تراجع غضبه بعد رؤيته حالتها الغاضبه، سيدة مثل هذه كيف تعيش بكل هذا التوتر؟، حتى أن الجميع هنا صار يعرف حدودها الواضحه و يقف عندها بإنصياع تام : وصلت حالات لحادث قبل شوي و كان السايق شاب و فيه بعض الرضوض والجروح سوينا له اشعه و طلع سليم من الكسور الحمدلله و طلع لحاله


استغربت: دام نتايجه سليمه ليه ناديتني؟! بعدين يا دكتور حازم انت الاستشاري هنا ترى شكلك نسيت!


يكره الحديث الذي سيقوله و لكنهم اطباء و يتعرضون لهكذا مواقف:الشاب عشريني تقريباً و كان معه صديقته ما سأل عنها ابداً وهرب ما كمل تضميد جراحه حتى !


استغربت ديباجته الغريبه على غير العاده: دكتور حازم اذا هرب و ترك صديقته انا وش دخلني؟!..

اجابها وهو خائف من ردة فعلها: البنت المسكينه مراهقه ، وااضح انضحك عليها من الشاب…تعرضت لكسور في الساق و مشط القدم، و بعد الكشف و تحديد الاصابات اعترضت و قالت ابي الدكتوره ليلى و..


قاطعت حديثه الذي طال بنظرها و التفتت للممرضه: بشاير وديني للبنت بسرعه..

ردت الممرضة بإحراج من موقف الطبيب حازم الذي اصبح يقف مثل المهرج في هذه اللحظه:من هناك يا دكتوره

وقف مذهولاً من عدم غضبه بسبب تجاهلها المستمر له بل ابتسم وهو يرى بأن تصرفها معه مناسب و إن كان لا يُظهر لها هذا الرضا، لم تتغير منذ اليوم الأول الذي إلتقيا فيه في قسم الطوارىء، منضبطه جداً و غاضبه جداً، من الجيد انها ذهبت و أراحته من عناء شرح وضع الفتاه و أسمها..!

،.
،
،
في غرفة داخل قسم الطوارىء تجلس احداهن مرتبكه تبكي بهلع وهي تراقب الباب ينفجر بأي لحظة بأي شخص من طرف عائلتها،
لو شاع صيتها الآن ستكون كارثه من إخوتها و عائلتها..
لا تأمن المستشفى و لا الإسعاف الذي باشر الحادث أن يخبروا الشرطة و أهلها بتفاصيل الحادثه ..
لحظات و فُتح الباب لتدخل منه طبيبه تلف حجابها بشكل ضافي و انيق و ترتدي كمامه .، و لكنها نزعت كمامتها بعدما إقتربت منها بإستفسار.. كان وجهها يوحي بالجديه و الصرامه و لكنها ارتاحت بعدما نزلت عينيها لترى الإسم و التخصص الذي يزين بطاقتها:دكتوره ليلى محمد السليمان؟! اخيراً شفتك!


استغربت لهفتها رغم الهلع البادي على محياها و الدموع التي تبلل عينيها: اي نعم أنا .. سلامات ان شاء الله، ليه طالبتني؟! الكوادر هنا ممتازه و الدكتور حازم اللي باشر حالتك استشارينا

التفتت للممرضه بخوف ثم عادت بنظراتها لليلى: أبيك لحالك تكفين..الموضوع حساس بالنسبة لي


تركتها الممرضه و خرجت لتلتفت إليها ليلى بإستغراب و هي تقترب و تلتقط ملفها من الطاوله لتتصفحه و تترك لها الفضفضه فهي تبدو مراهقه خائفه لا أكثر: يلا صرنا لحالنا.. وش موضوعك الحساس هذا؟! و ليه مناديتني أنا بالذات؟!


رفعت ناظريها رغم خجلها من نفسها و من ليلى ذاتها فالموقف مخجل: لأنك بنت عمي أنا منار بنت عمك عادل السليمان


نظرت إليها ليلى متفاجئه و ساد الصمت لنصف دقيقه ، و كأن تلك الكلمات ملحاً سقط على جرحٍ مفتوح،
لم تستطيع إستيعاب هذا اللقاء و السبب في حدوثه، فعلاً نفس الإسم مكتوب على الملف "منار عادل عبدالعزيز السليمان"يلتقيان في نفس الجد !، فهمت الآن لماذا أراد الدكتور حازم ان يحدثها على انفراد و اطال حديثه على غير العاده…!

تراجعت خطوتين بصمت ثم عادت لتترك الملف الذي بقي في يدها على الطاوله و تعود للباب الذي دخلت منه متدثرةً صمتها حتى قاطعها صوت تلك التي تدّعي بأنها ابنة عمها بنبرة مرتجفه: تكفين يا دكتوره ليلى خليك معي و ربي خايفه من جدتي و عمامي و اخواني بيذبحوني لو عرفو ..احميني عالاقل لين ترجع أمي


تجاهلت ما قالته ثم خرجت و الغضب يشعل نيرانه في صدرها،معضلة الروح الأزلية أن كدماتها ليست لديها شكل و لون واضح للعين و لعلها رحمة للإنسان ليستطيع التجاوز، و لكن كيف لها أن تتجاوز فهي حتى و إن إنفصلت عن عائلتها تلك السنين الماضيه،إلا أن هذه العائله لا تتركها ابداً و كأنها لعنة أزلية تلاحقها..!
توقفت في الممر خارج الغرفه في محاولة يائسة لأن تستجمع شتات نفسها و تلملم جراحها التي تبعثرت أمامها في ثواني، كانت هذه هي اللحظة التي أدركت فيها أنها ما زالت عالقه في أوجاع الماضي بل "مريضةٌ به"..

تحركت بقدمين مثقلتين بالكاد تستطيع المشي ، حاولت أن تتجاهل ما يضرب قلبها الآن و هي تترك الممر و القسم بأكمله و تردد بصوت هامس مسموع حتى تُصغي جوارحها لرفضها "مالك علاقة يا ليلى، اتركيها مالك علاقة"

دخلت المصعد و هي تشعر بحرارة الدمع تحرق عينيها!!! لم تصدق ذلك ابداً حتى أنها رفعت أناملها لتتأكد من ذلك.. وهي تحدث نفسها "يالله هل يكون للإنسان قرابة دم و لكن لا تربطه بهم علاقة ابداً؟! إذا كان بُعد الأجساد و قطع العلاقات يقطع حنين الدم "لماذا يتهادى قلبي من صدري الآن و أنا اتركها لمصيرها بعد ان استجارت بي؟!!"

توقف المصعد أخيراً في الطابق الذي يضم عيادتها و لكنها مازالت عالقه فيه، عاجزه أن تخطو خطوة واحده خارجه!!
حتى رأتها عايشه التي تقف مع احدى الممرضات من بعيد، لاحظتها تنظر بنظرات ذهول على الأرض!.. تركت ما بيدها للممرضه و راحت مهرولة تسألها بعدما اخرجتها من المصعد: ليلى فيك شيء؟! اشوفك رجعتي بسرعه!


رفعت عينيها لعايشه في محاولة لإيجاد حل لما يضرب ضميرها الآن: ابي ارجع البيت..


امسكتها بإهتمام فهي صاحبة مواقف لا تُنسى منذ أيام الدراسة و لن تفلتها لتكون ضحية اكتئابها الواضح: وش ضايقك يا ليلى؟! قولي أسمعك..


حركت رأسها بالنفي و كأنها تُبعد عنها أي مشاعر قد تتعاطف مع أي احد من طرف عائلتها: ثلاثين سنه محد يعترف فيك، بس يحتاجك احد منهم يطلعون لك فجأه!!

حاولت عايشة فهم ما ترمي إليه و اللحاق بها و ثنيها عن قرارها أو معرفة السبب و لكن عبث، كانت مُصره و غاضبة..!!

.
.
.
،
،.
في عيادتها كانت تحاول اخذ حقيبتها و تهم بخلع السكراب الأبيض و هي تتجاهل صوت الباب الذي يتم طرقه في هذه اللحظات..،
ثم توقفت وهي تسمع صوتاً تحبه:انتي هنا ؟!


انفردت ملامحها بعد رؤية طوق نجاتها الوحيد في هذه الدنيا الفانيه و اقتربت من ذلك الشيخ الكبير لترتمي في حضنه: ابوي!

فهم ذلك لحظة اقترابها منه، يالهذه الحزينة: طلعتي لدوامك بدري اليوم قبل اصحي من نومي قلت لنفسي أمرها في دوامها اتطمن


اتسعت إبتسامتها وهي ترى ابتسامتة الحانيه: زين سويت ارتاح يبه

جلس وهو يراها تعيد حقيبتها مكانها و تحاول ترتيب نفسها و لكنها تبدو متوتره، يعرف ذلك حينما تبدأ في محاولة فرقعة أصابع يديها المرتعشتين بلا هدف و نظرات عينيها التي تتهرب منه : وش مضيق صدر ليلى؟!


حاولت ان تبتسم لسؤاله الذي ينبش وجعاً تحاول تجاهله و لكنه يعرفها جيداً هو الوحيد الذي يملك ثقتها المطلقه: يعني ما يمديني أخبي عنك شيء؟!


بإبتسامة تحمل لها الطمأنينة : ان ماعرفت اللحين بعرف بعدين.. قولي لي ، علي ازعجك بشيء؟!


تنهدت وهي تقرر إخباره:موضوع علي صعب كلما طول من ناحيته و أنا يبه ما اخاف الا اني اكون ظلمته..


استدركها بسؤال اربكها: تراجعتي عن الطلاق؟!


بعد تردد دافعه الضمير و الخوف من ان تجرحه بتركها له: رأيي بعلي قلته له و انتهى بالنسبة لي.



بنفس هدوءه الوقور الذي يميزه: الله يكتب اللي فيه خير لك يا بنتي.. طيب وش اللي موجعك غير موضوع علي؟!


تنهدت و هي تخبره فذلك يمسّها بشكل مباشر لأن منار ليست ابنة عم فقط بل اختاً لفيصل الخطيب السابق و هذا بحد ذاته قادر على بعث هلعها من جديد: صادفت بنت عمي عادل هنا لحالها .. كانت فالطوارىء بسبب حادث.. و طلبتني بس.. مادري وش صار فيني ..


الآن عرف سبب الحال التي وصلت إليها، كان شاهداً على وحدة هذه الطبيبة "الطفله" طوال سنوات عمرها و علاقتها المنقطعه بعائلتها، هذه العلاقة التي يستحيل ان يتدخل بها، لن يجرحها بقول أنهم أهلك و عليك ان تتواصلين معهم حتى و ان لم يتذكرك أحدهم طوال السنين الماضيه..!


لم تستغرب صمته فجدها الذي تعتبره والدها، قليل الثرثره و لا يحبذ ان يتحدث عن عائلتها ابداً، لم يسلم هو الآخر منهم بل حارب حتى اخذ توكيلاً شرعياً من والدها ليكون ولياً لها: جدي وش رايك أنت؟!


بنفس هدوءه: لا يكون حادثها قوي!


تنهدت و هي تتحدث بتأثر:للأسف أثّر عليها كسورها فالرجل و مثلما لمحت في تقرير زميلي انها مضاعفه ،أنا بصراحه ما امداني اكشف عليها، طلعت اول ما عرفت أنها بنت عمي عادل ..

اردفت وهي خائفه من عودة نوبات هلعها مجدداً:جدي أنا مشتته اللحين ابيك تقولي شي.. اي شيء،و الله كنت شوي و اترك المستشفى بسببها لو ما دخلت انت علي اللحين


ابتسم لها مجدداً وهو يرى التردد واضحاً يلمع في عينيها: ان كانت بنت عمك محتاجه سند ، فأنا بنتي دكتوره ما قد تخلت عن أحد جاها محتاج فزعتها.. توك امس فزعتي لـ ساره بنت الجيران و خليتيني اكلم اخوها راشد و افزع لها معك، و حلينا المشكله بلا زعل أحد و الولد قدّر لحيتي و تراجع.


ابتسمت بدورها وهي تراه يقول كلاماً يذيب قلبها و يواسيها ، كيف له ان ينتقي حديثه؟!:و انت ما قصرت يا أطيب رجل فالحياة ،كله بفضلك بعد الله.. ساره جات تدور فزعتك أصلاً و ماقدرت أردها علشانك، ماقصرت رجعت اخوها لعقله و ما خليت امها تبات و هي مرعوبه على مصير بنتها.

وقف وهو يختبر قرارها قبل ذهابه: صار اللي صار و الأهل تصالحو و الله يتم عليهم الاستقرار ، المهم هاه بتخاويني للسوق و الا كيف؟!


استجمعت شجاعتها و وقفت معه و قررت بشكل حاسم أن تفعل مالم يفعله أحد من عائلتها تجاهها، و هي تردد بينها و بين نفسها "هذه المره فقط يا ليلى… هذه المره فقط".

،
.
،
.




ثار داخلها الفضول من بئر الغموض الذي أوقعتها به صديقتها دخلت الغرفه على عجلة من أمرها و تفاجأت ببكاء "منار" و لكنها تجاهلت دموعها وهي تأمرها:تجهزي باخذك اللحين على كرسي متحرك ..

خافت فهي لا تعرفها و ابنة عمها تخلت عنها: من انتي؟!



تحدثت عايشه بدراميه تتقنها: إذا تبين فزعة لا تعترضين على أي شيء اقوله لك فاهمه؟! و الا بكيفك



اقتربت منها لتساعدها في النهوض و رأت الخوف يزعزع تلك المراهقه لتطمئنها بإبتسامتها: لا تخافين مرسلتني لك الدكتوره ليلى السليمان، اول ما يخلصون الجبس على ساقك و تاخذين ادويتك و ترتاحين بتطلعك بنفسها.


شعرت بنشوة فرح غريق بالنجاة في هذه اللحظة، ابتسمت وسط دموعها: الحمدلله..


استغربت عايشه ما تفعله و من طلب ليلى.. و لكن ما دامت هذه رغبتها فلابد أن تطمئن لأن ليلى لا تؤذي أحداً مهما عصفت و هددت و توعدت، تعرفها كراحة كفيها قطنة تغلقها قشرة قاسية و لسان كحد السكين يقطع إن أراد أحدهم لمس دوائرها.


.
،.
،
.


في احد المقاهي المفتوحه تجلس قبالته مبتسمه بعدما انتهت من تسوقها الخاص بالمنزل معه..تراه يراعيها و يجاريها و يفعل ما تطلبه ،
مشى معها في كثير من المحلات و تجاهل صحته و عمره الذي نال من وسامته و حيويته الكثير..، لولا هذا الرجل لكانت مسخاً بشرياً أو ربما قاتله!! هي ممتنه لوجوده..انه لشعورٌ عظيم أن يكون في حياتك شخص واحد على الأقل يقف سنداً لك و يدعمك بكل فوضاك و حروبك الداخليه، شخص متأكد بأنك حتى لو أدرت له ظهرك و تركته لن يتخلى عنك! هذا هو جدها ركيزة حياتها و محورها..


لمح ابتسامتها له وهي ترتشف من قهوتها:الحمدلله توسع خاطرك اخيراً.. لو اني داري طلعتك السوق من زمان..


ضحكت ملء قلبها سعاده وهي ترى ردة فعله الجميله و ارتاحت اخيراً بتنهيدة مابعد الضحك و هي ترى بريق عينيه المسنّه التي تخاف ان تفقدها يوماً: دامك معي ماعلي خلاف

يفهم تنهيدة الألم تلك ، تمنى لو انه يستطيع نزع هذا القلق الذي ينقض على سعادتها اللحظية تلك و يقتضب ضحكتها: تقهوي يا بنت الحلال نبي نروح بيتنا


ابتسمت وهي ترفع فنجان قهوتها لترتشف منه و لكنها توقفت بعدما رأت أحدهم تعرفه جيداً يمشي برفقة سيدة من الواضح انها حامل ثم جلسا حول طاولة هناك..!
حاولت ان تحسن الظن و لكن تلك ليست من اخواته فأخواته كبار سن و لا حتى بناتهن! لتنطق بصدمه: علي!!!


نظر جدها للمكان الذي تنظر إليه و إذا به "علي" فعلاً ، إنهار من نظرة الخيبه التي اطلت على عينها لا يعرف مالذي ستفعله ابنته الآن..، و لكنه تفاجأ بأنها تترك الطاولة و تذهب إليه، حاول إيقافها و لكنها سبقته: ليلى!



مشت خطواتها تجاه تلك الطاوله القصيه و امامها مشاعر الغضب من نفسها التي كانت تأكل ذاتها قلقاً من ان تكون ظلمته! لتقف أمامه متكتفه بإبتسامة ساخره:صدفه سعيده علي !


ابتلع صدمته بتواجدها فهي قليلة الخروج بل حتى أنها تكاد لا تخرج الا معه ليقف!:ليلى وش جابك!!


تحدثت تلك السيده بغضب فتلك الواقفه تتبسم لعلي بخبث: علي!، من هالليلى هذي؟!.


قاطعتها ليلى بهدوءها و هي تنظر إليه:يلا جاوب علّاوي من هي ليلى؟!


تكلمت تلك السيده مجدداً: علي!!



ما زالت مبتسمه و الدهشه تعلو وجهها بسعاده لأنها اخيراً تحررت من ألم الضمير تجاهه و انطلقت روحها في هذه اللحظه: و على اساس زعلان و تعبت من العزوبيه و تبي تقدم الزواج!!


وقف وهو يحاول ان ينقذ نفسه: ليلى خليني افهمك..


قاطعته بحزم فذلك يمسّها حتى لو لم تحبه يوماً و لكن كان بينهما ميثاقاً غليظاً احترمته و كان علية أيضاً إحترامه: تكلم متى تزوجت؟!


شعر انها النهايه بينهما: قبل سنه تقريباً ارتحتي؟!


هزت رأسها بإبتسامه حقيقية و تنفست الراحه:جداً جداً يا علي ما تتخيل كمية الهم اللي انزاح عن ضميري بهاللحظه، شكراً لأنك اثبت لي ان ما فيكم طاهر .


كانت ستترك المكان و لكن عادت لطاولتهم مجدداً و هي تحاول كبت غضبها لتخاطب تلك السيده التي دخلت في صدمة لحظيه: انتِ ما عندك أهل يسألون عن اللي خطب بنتهم؟!
اردفت بتساؤل:نفسي اعرف شلون تتزوجين واحد ماتعرفين عنه شيء؟! هذا النكره الواقف قدامك هنا خطيبي من سنتين و اكثر يمكن.. انا طلبت الانفصال و لين امس كان رافض و انا كنت احس اني ظلمته و شوفت عينك ههه ينتظر طفله الأول و أنا خبر خير..!



ما زالت تلك الأخرى في طور الصدمه!!


أردفت ليلى : لا تظنينها غيره.. أنا بس رجعت اقولك الحقيقه لأني عارفه انه جبان و ما راح يقولك شيء


اقترب منها جدها و هو ينظر لـ علي بنظرات تفسر ما يجب ان يحدث بعد الآن: ان ما طلقت بعد هاللحظه يا علي و الله ما تلوم الا نفسك… يلا يا بنتي مشينا..


مشت معه و هو ممسكاً بيدها كما يفعل دائماً كلما رآها توشك على السقوط ، و هذه كدمة أخرى على روحها تزاحم كدمات روحها المليئه حد الإختناق..
ماذا لو انها اتبعت ضميرها الذي كان يضربها تجاهه دائماً و تزوجت به، لكان الوجع الآن لا يحتمل و ربما قاتل… هذه الروح المتعبه لم تعد تحتمل كدمات أخرى..

وصلت للمنزل و دخلت بخطى متثاقله من كل ما قد مرت به، و كأن الهم حين يأتي يسحب في طريقه كل الهموم القديمة معه و يرمي بثقلها على كتفيها حتى تعجز عن اسناد طولها و دعم استقامة ظهرها..!
تجاوزت جدها حتى وصلت الى غرفتها أخيراً لتغلق الباب بإنطفاء المخدول..
كم سيجعلها ضميرها الحي تتجرع الهم؟.. كلما احسنت نيتها اتضح انها ساذجه يتم استغلالها فقط… هنا تذكرت والديها و نفسها و شعرت بالغثيان و رغبة عارمة في الإستفراغ لتسرع بخطواتها للحمام..
بكت بحرقة و هي تنهار بعد استفراغها.. بكت حتى نامت تلك الليله. ليس في بعض الليال أي مواساة أفضل من البكاء… البكاء سيصلح كل شيء حتى يظهر الصباح..
،
.
،
.


.
صباحٌ جديد..،
رن المنبه أمام ناظريها وهي تفكر على وسادتها هل تترك العمل و تغلق على نفسها و تعيش اكتئابها في هذه الغرفه حتى تتعفن؟!!
البقاء في المنزل وحيده مع جدها افضل بكثير من رؤية المزيد من البشر..لم تعد طاقتها الإجتماعية قادره على التعامل مع هذا الكم الهائل من الهم البشري..!

سمعت طرقات باب غرفتها و من ثم صوت جدها يخبرها أنه سيخرج للمزرعة و ينهي بعض أشغاله اليوميه و يخبرها ان تتصل به إذا احتاجت شيئاً ..
ابتسمت وهي ترفع رأسها من مخدتها و تمدد ذراعيها و تدير رقبتها و من ثم تترك سريرها الى الحمام..
لا مفر من القتال اليومي.. لعلها تستجمع نفسها حتى يحين موعد ذهابها للعمل..
خرجت من غرفتها بعدما انعشت نفسها ..!
في هذه الأثناء سمعت صوت طرقات فوضويه على الباب و ذهبت لترى من لعلها جارتهم الثرثاره " أم مصلح" ، ابتسمت و هي تذهب لتفتح و هي على علم بأنها ستعاني من الصداع بعد ذهابها…

بمجرد ان فتحت الباب لها حتى اقتحمت المكان و هي تنفض اسفل عبائتها من غبار الشارع غاضبه:لازم تخليني ناقعه عند الباب عشر دقايق قبل تفتحين!!!


اتسعت ابتسامتها وهي ترى ان تخمينها صحيح: حقك علي خالتي هياء حيّاك

دخلت تلك معها الى المطبخ وهي تثرثر كعادتها:اسبووع ياليلى علشان تهجدين في بيتك و اقدر اشوفك!!! ما تعلميني متى الله بيتوب عليك من الدوام لأنصاص الليول؟!!


ضحكت وهي تسكب الماء المغلي في ابريق و تتركه على النار يغلي بقليل من السكر و ترد عليها/الين تنتهي الامراض و تنتهي الحوادث يام مصلح


تأففت وهي تسحب كرسي و تجلس متكئه على الطاولة/طول الليل دمان و جروح و صياح و نياح وش الله حادتس يابنت الحلال!



ضحكت و هي تترك الشاي يختمر في إبريقه لتجيبها بسخريه لاذعه/الله الله يام مصلح ذابحني الترف و النعيم بحياتي، قلت اروح اكرف بكلية الطب سنين ثم اكرف بالمستشفيات علشان احس بالتوازن و القيمه الذاتيه هههه الله يهديك بس

ام مصلح و هي تصغّر عينيها من سخريتها على حالها/ماعرف هالبربره اللي تقولينها هذي ،اللي أعرفه ان الترف يبيك بس انتي مهوّله تستلذين التعب


ابتسمت ليلى وهي تلتقط ماتقصده بالتأكيد عرفت بإنفصالها من العم بو مصلح، ام مصلح كانت صديقة الجده المقربه و تعرف خباياها/فهمت عليك ،بتفتحين موضوع الزواج ..معناته فيه عريس جديد!



تحمست و غيرت جلستها لترد بإصرار و هي تراها تسكب لها الشاي و تجلس ببرود ابتسامتها المستفزه/ ماتبين علي آمنا بالله، لكن انا وراك وراك لين ارقص بزواجك، انتي مافكرتي وش بتسوين بعدين،و لين متى بتداومين بهالليول؟!



ارتشفت من كاستها وهي تتبسم لجديتها المفرطه: الله يهداك يام مصلح، اشربي شاهيك بس.



ارتشفت شايها ثم صعقت وهي تنتبه لشعرها الذي ذهب: يا دافع البلاء وين شعرتس يا بنتي؟!


ضحكت من ردة فعلها:شوفت عينك قصيته


ضربت صدرها بتوجد و حسره: يا حسرتي راح الزين يا ليلى راح الزين

ضحكت من مبالغتها: يا عمري يا خاله محد انتبه له الا انتي، علي نفسه مانتبه، لا تخافين تراه شعر بيطول من جديد ان شاء الله ،بعدين وش الفايده من طوله الا تأخير في اشغالي، لا تهولين الموضوع!



عادت لتشرب شاهيها و ساد الصمت لدقيقه فقط لتعاود الكره من جديد:طيعيني دام علي انطوت صفحته وش رايك تزوجين ابوسعد؟!

اردفت وهي تشرح بحماس:الرجل بخير و على ربع الدنيا..صح كبير سن لكن ماله يجمّله و مايبي يتزوج الا وحده تكون سند له بعدما توفيت مرته الله يرحمها


ضحكت ليلى لتجيبها بسخريه/سند و الا ممرضه؟ . علشان افكر



نفضت يديها و هي تكمل حديثها/اللي هو رجال تجيبين منه ذريه يسندونك ، إلى متى تبين تقعدين بدون سند بذالدنيا و عايفه الرجال! تذكرين يوم طاحت جدتك و تعبت و حتى توفت ما فزع لكم الا الجيران؟!! جدك طاح عليك و معاد فيه حيل بحكم العمر الله يحفظه لك.. بس عاد



لم تعلّق ليلى و هي تبتلع ذكرياتها الحزينة جمراً يحرق كل ذرات الحياة داخلها، كانت تحاول إنعاش قلب جدتها حتى آخر لحظه رغم أنها تعرف تماماً أنها قد فارقت الحياة، و لكن تلك الجدة كانت ركن اساس عائلتها الصغيره بجانب جدها…



شعرت أم مصلح أنها اثقلت عليها بالحديث هذه المره، و الدليل صمتها و لمعة عينيها و لكن كان على أحدهم ان يُسمعها هذه الحقيقه، هدأت نبرتها و هي تمد يدها لذراع ليلى و تشد عليه: لساني طويل عليك يا بنتي لكن و الله من حبي لك..انتي تجهلين قيمتك و اخاف عليك من غدر الزمن


ما زالت ملتزمه صمتها، على الرغم من هذه السنوات التي قضتها في عملها كطبيبة لم يراها اقرب الناس لها بأنها تستطيع ان تسند نفسها بنفسها بدون مساعدة أحدهم!
ربما احاديثهم حب و خوف خانهم التعبير في صياغته ولكن لن تستطيع الوثوق بأحد بعد الآن حتى انها لا تلوم "علي" لأن قبله لم يحبها أحد والديّها و لم ينتظرها احد منهم حتى تكبر لينفصلا بل انفصلا قبل ولادتها و كلاهما تركاها لمصيرها وهي مولوده و أسس كل منهما عائلته الخاصه بعيداً عنها..
حتى أنها تؤمن بداخلها أنها مجرد ماضِ قبيح لأحدهم و تم تناسيه أو نسيانه بالأحرى"

……


.

،

مرت يومين…
و أخذتها الى منزلها..كما وعدتها
بكل راحة وصلت الى المنزل ثم أوصلتها إلى غرفة تبدو صغيره في بيت قديم و لكنه يمتلك روحاً دافئه يشعر من يدخله أنه ينتمي إليه..
راقبت ليلى تتأكد من وضعية ساقها ثم تلتهي بأشياء على مكتبها الصغير و كأنها تأخذ بعض اشيائها لتخرج لغرفه أخرى ، ارتاحت بدون تفكير في عواقب ما فعلت فهي بعقلها المراهق تظن أن الأمور الآن افضل: شكراً ليلى من جد
رأت ليلى تدير وجهها ناحيتها بنظرة لم تستطيع تفسيرها سوى الغضب و لعلها أعطتها بعض الحق في ذلك:انقذتيني فعلاً


ابتسمت ليلى بسخرية و بنظرة يشوبها الغرور و كلمات تعرف جيداً كيف تغلفها بالسم: انقذتك؟! تستهبلين انتي؟! أنا قاعده أحاول انقذ سمعتي عقب اللي سويتيه.. لو لاحظ أحد من زملائي اسمك و عرف انك بنت عمي..عمري ما راح اقدر ارفع راسي بينهم ابداً…

تنهدت و هي تكمل فضفضتها الغاضبه و تتجاهل دموع منار المنهمره : يعني بالمره الوحيده اللي ناديتيني فيها "يا بنت عمي" كانت لفضيحة!!! فعلاً عايلة تجيب الهم ، عمركم ما ذكرتوني بحاجه تفرّح القلب، كلما تذكرتوني ادري بتكون وراها مصيبه..


لاحظت اختفاء إبتسامة منار تدريجياً و انهمار دموعها وهي تستمع لتوبيخها و لكن لا يهم: بروح اجيب لك ماء علشان تاخذين المسكن و تنامين..


لم تصدق منار أنها ستواجه منها هذا الكم الهائل من الحديث الموجع، كانت فقط تعرفها من حديث دار بين جدتها و والدتها حينما ذكروا أنها صارت طبيبه بعدما هربت من الزواج بأخيها "فيصل" عندما كانت في الثانويه في ليلة من الليالي خرجت و هربت بدون علم الجميع و لم يعد احد ليسأل عنها منذ ذلك الحين!!
و لكنها عرفت لاحقاً من جدتها أسم المستشفى تبدو من الخارج لئيمة جداً و لا تدري هل ستساعدها أم لا و لكن هي مضطرة على مغامرة الثقة بها.
،
.
،
.

صباحاً ،
خرجت من غرفة الضيوف و هي منزعجة فهي لم تنم منذ البارحة بسبب شعورٍ قديم يتجدد داخلها في كل مرة تلتقي بطرف أحدٍ من عائلتها ، و لكن هذه المرة "إبنة عمها" هنا و هي أخت الرجل الذي هربت منه ليلة عقد قرانها عليه!.
. داخلها شعورٌ يسحقها و لم تستطيع تفسيره و لكنها أوعزت ذلك لشدة التعب!!

دخلت المطبخ و أدارت جهاز تحضير القهوه و راحت تفتح الستائر و النوافذ لترى جدها ذاك الرجل المسن النبيل كعادته بكل حب يسقي النباتات التي زرعتها زوجته قبل وفاتها، يقف يتأمل شجرة الليمون و يداعب وريقاتها المتدلية و في لحظة ضعف يُخرج منديلاً من جيبة و يمسح دمعةً داهمته و لكن هذا الرجل المكتمل رجولة لم يقف حاجزاً أمام نظريتها التي ترى كل الرجال حمقى يلهثون خلف رغباتهم لا أكثر ،
و ما جدها إلا إستثناء و ليس من هذا العالم ،و الدليل أن "عايشه" صديقتها المقربه لم تستطيع ان تكمل زواجها و فضّلت ان تخلع زوجها رغم قصة الحب الأفلاطونية التي رافقتها منذ سنوات الجامعه!
تذكرت "علي" و سكت عقلها الباطن للحظه و هي تتذكر وضعها المعقّد مالذي جعلها تفكر مجدداً بـه.. ؟!

رن هاتفها برسالة لتخرجه من جيب بيجامتها و ترى من سيرسل لها في هذا الصباح الباكر!!
ابتسمت بالطبع لم يكن "علي" فهو لا يجروء على فعل شيء خطير كالتواصل معها مثلاً..!
قرأت رسالة "عايشه" التي تسأل عن حال "منار"… تركتها البارحه تنام براحة بعدما ناولتها مسكناً جعلها تستغرق في نومٍ عميق..

نعم لم تستطيع تركها خلفها في المستشفى… لديها ضعفٌ تجاه الترك.. أن يُترك أحدهم بلا أحد ، أن تترك شخص يحتاجها هذا أمرٌ لا تستطيع فعله و لربما هي معضلة يقضة الضمير التي جعلتها تستمر في علاقة ميته لمدة عامين مع إيمانها التام أن ذلك الرجل لم يُشعل داخلها ولو شمعةً واحده لتذيب الجليد المتراكم على قلبها..!
،
استغرقت وقتاً في تجهيز القهوه و الفطور وهي سعيدة بأن جدها سيشاركها صباحها هذا اليوم إنها لنعمة عظيمة تستحق الشكر، هو موجود إذن مازال لقلبها متسع للأمل بالسعادة..،
تأففت بعدما انتهت من عملها و رأت حوض الغسيل قد فاض بالصحون المتسخة، تعترف انها فوضويه، لأول مرة تظل بدون خادمه لشهرين متتالين، لحسن الحظ أن خادمتها التي إعتادت على طباعها ستعود قريباً من إجازتها..عليها الآن ان تذهب لترى "منار"..
،

ساعدتها بالخروج من دورة المياة حتى استقرت في سريرها و هي تمد ساقيها ، لم تستطيع فرد وجهها أمامها هنالك الكثير من الترسبات و السنين ما يجعل بينهما مسافة عمر كامل و إن كانا من نفس الدم و السلالة و في مدينة واحده بل وحتى لو كانا في غرفة واحدة : اسمعي لازم تاكلين فطورك كامل ، مادري وش اللي تحبين و ما تحبين..لكن لازم تاكلين اللي جبت لك قبل تاخذين أدويتك..أنا طالعه لأبوي فالصالة إذا احتجتي شيء ناديني قبل لا اطلع دوامي.

استغربت وهي تراها تغادر الغرفه لتسألها: جاء عمي محمد؟!

توقفت وهي تستدير مجدداً لها: محمد مين الله يرحم حالك..اتكلم عن جدي أنا ، ما أعرف عمك محمد هذا
اردفت لترتاح منار في نومها: و لا أعرف أهلك فتطمني ما قلت لأحد عنك و هالمكان منسي بالنسبه لهم فلا تخافين، تقدرين تقعدين هنا لين تطيبين أو حتى تزهقين او تهربين بعد ماتفرق معي


راقبتها "منار" و هي تخرج و تغلق باب الغرفه خلفها بهدوء ظاهري مزيف ، حاجبها الأيسر مرفوع و نظرات عينيها لامعة و نبرة صوتها غاضبه مهما جاهدت أن تخفي ذلك و كأنها خُلقت من جمرة لاهبة تُحرق كل من يلمسها!!

ثم نظرت للفطور الذي جهزته لها! ، يوجد فيه من كل صنف كيف ستخبرها أنه لا يوجد في قاموسها وجبة فطور أصلاً منذ تخرجها من الإبتدائية!
تذكرت أن عليها أخذ المسكنات و المضاد فبدأت بفطورها على أية حال..
لا تعلم ماذا يحدث في منزلها الآن و هل إفتقدها أحدهم أم لا .. ليست متأكده !
.
،
.
،
.

في هدوء غريب منها وضع فنجان قهوته على السفرة وهو ينظر لطفلته الكبيرة التي تشاركة فطوره بهدوء على غير عادتها المشاكسة معه، أخبرته بطرف معلومة بقدوم ابنة عمها فقط و لم تعطيه المبررات اللازمه و لا التفاصيل: ايه، كيف أصبحتي اليوم؟!

تنهدت وهي تجيبه بطيف إبتسامة:أصبحت بحمدالله و شكره ، كيف بتصبح من تعيش تحت جناحك يابوي؟ عساك ذخر


بإبتسامة تشوبها الكثير من التساؤلات: وش علوم البنت؟! عسى كسرها ما هو عسير!

بلامبالاة: شرخ فالساق و كسر مضاعف بمشط القدم ، و اعتقد تحتاح فتره طويله لين تبرى

لاحظها تمرر شعرها القصير خلف أذنها بأنامل مرتعشه نوعاً ما: كلمت أهلها و الا كلمتيهم انتي؟ مايصير تقعد كذا محد ينشد عنها!

ابتسمت بسخرية:أبداً لا هي فكرت تتصل و لا هم تعبوا انفسهم يسألون،أنا كلمت رفيقتي موظفة المستشفى و قالت لي محد اتصل يسأل عن أسمها..الظاهر يابوي اللامبالاة صفة وراثية عند هالعايله.

يعرف عمق الوجع الذي تعيشه هذه اللحظه و إن لم تبوح به و أي جرح ينزف داخلها الآن: جزاك الله خير يا بنتي، سويتي اللي يليق فيك و فتحتي لها بيتك.


تنهدت و أكملت إرتشاف قهوتها بدون تعليق، لا تريد أن تكون ممتنة لأحد و لا أن يكون أحداً ممتناً لها و لا سيما من جهة عائلتها، لطالما شعرت بالغضب من كل شيء في حياتها و لكنها منذ البارحة و صمت نفسها عن الثرثرة الغاضبة داخلها يقلقها، تخشى أن تموت يوماً مختنقةً بغضبها و حقدها الذي بدأ يُحدث صدعاً في جدران قلبها..!
.
،
.
،
،
.
،

،
. في المستشفى..
انتهت من حالة آخر مريض كانت تشرف على علاجه ثم خرجت ، لديها الكثير من الأعمال اليوم ستضطر للتواصل مع عائلتها ، أخرجت هاتفها من جيبها و هي تضغط زر المصعد و تنتظره، حتى رن هاتفها لتخرجه من جيبها كانت موظفة الإستقبال لترد عليها:نعم يا حور؟!


موظفة الإستقبال على الطرف الآخر بإهتمام:دكتوره جاء شخص يسأل عن منار عادل السليمان،و يقول انه اخوها بس رفض يعطيني الهويه!!

اهتمت لما اخبرتها به و تركت مكانها هي أصلاً لا ترى من ابناء عمومتها سوا فواز مرافق جدتها اما البقيه لم تراهم حتى فيصل الذي هربت من الزواج به، شعرت بفضول و لكن ما دام انه لم يعطي هويته فهنالك شك بأنه اخ لمنار: لحظة أنا جايتك
،

.
امام مكان الإستقبال كان يقف شاباً يرتدي تيشرتاً ابيض و بنطلون جينز، يبدو متوتراً و مترقباً ينتظر خبراً من الموظفة، اخبرته بأنها ستأتي فوراً و لكنها تأخرت!
توتر و قرر ان يترك المكان الذي دعته إليه و لكن أوقفه صوت احداهن ليلتفت إليها كانت طبيبة متحجبه حادة النظرات ترتدي السكراب الأخضر!: نعم

اقتربت منه و في عينيها لمعة كالنيران المشتعله لاحظت جروح وجهه و مشوخاً في ذراعه تبدو بشكل واضح بأنها إصابات حادث تعرف ذلك جيداً،، ثم أشارت بعينيها بسرعة للباب: شايف السكيورتي اللي عند الباب؟!

بدت له جريئة و مخيفه ارتعب للحظه كان متوتراً: انا بطلع

أوقفته بتهديدها و صوتها الذي يسمعه هو فقط: كلمة مني لهم و تدخل في مصيبة تحقيقات مالها نهايه إذا ما عطيتني هويتك أتأكد انك اخو البنت، يلا بسرعة اسمك و هويتك

ابتلع ريق الذعر وهو يرى أسمها على بطاقتها هنالك توافق و ربما قريبتها:اسمي طارق بس ماني أخوها كنت معها فالحادث و خفت و تركتها تكفين دكتوره أ..

أخرسته بصفعة كانت كافيه لتلفت إنتباه كل من كان في المكان : توك تذكرت البنت القاصر اللي تركتها فالطوارىء و رحت !! صدقني هالكف ماهو الكافي يا طارق

اقترب بسرعة رجلي أمن و امسكو به فوراً
هزت رأسها و هي ترمقه بنظراتها الناريه و رجال الأمن يقبضون عليه متسائلين عن الذي حدث!!

تحدثت بثقه: قليل مروءه جاي المستشفى يتحرش تصرفوا معه

ذُهلت حور من الذي فعلته ليلى للتو و لكنها وقفت معها كثيراً في العمل و خارجه و تعرف نواياها جيداً لتتحدث و هي تؤكد إدعاءها: فعلاً مثلما قالت الدكتوره ليلى .. حتى انا حاولت اصرفه بس انه كان واقف ما راح لين جات الدكتوره ليلى و عرفت تصرف معه


اخذوه و خرجو تحت ذهول الشاب و نظرات ليلى التي فرحت بداخلها من مساندة "حور " لها.. ليست هيّنة أبداً هذه الحور ..
كانت ستترك المكان و لكن رأت أحدهم قادم ، لم يكن مرحب به كالعادة و لكن الآن هي قد طلبت الإنفصال و هو لم يحرك ساكناً بعد!!

توقف أمامها وهو يتضايق من رؤيتها في مكان عملها: زين اللي لقيتك هنا، السلام عليكم

ببرود: خير يا علي !


بطيف إبتسامة: شدعوه يا دكتوره ترى رد السلام واجب!


بنفس تمللها: مو وقتك عندي مريض ينتظرني.


مرت عامين على علاقتهما و هي ما زالت تعامله بنفس الغطرسه و الآن زاد نفورها منه بعدما عرفت بزواجه: ما راح يضرك شوية إهتمام بزوجك.. حتى لو بننفصل


ضحكت بسخريه ليرن هاتفها في هذه اللحظه و تخرجه من جيبها لترى المتصل:اي زواج يا علي انا كل يوم افتح جوالي انتظر اشوف تبليغ الطلاق من المحكمه و ما اشوفه، لو سمحت استعجل


استغرب استعجالها الذي اثار شكوكه:ليه العجله؟! عندك مخططات ثانيه؟!


تأففت وهي تتجاهله و ترد على هاتفها: هلا بشاير.. اي حولي لي الحاله مو مشكله انا جايه حالاً..

ضل واقفاً بذهول وهي تتجاهلة خلفها تحت نظرات موظفين الإستقبال...
،
.
،
.
مشت خطواتها في الممر المؤدي لعيادتها بتوتر غاضبه حتى دخلت عيادتها، لا تصدق بأنها ارتبطت برجل بهذه السطحيه و انعدام الشخصيه، دخلت الممرضه و هي تستأذنها بعدما رأت غضبها البادي على ملامحها و سحبت ملف الحالة أمامها: دكتوره أدخل البيشنت؟!


فتحت الملف الذي أمامها وهي ترى الأشعات و تقرير الحاله:بشاير هذا مو للدكتور حازم؟!


الممرضه: صحيح بس انه طلع لظروف عائليه و قال احطها لك !

هزت رأسها بسخرية: طبعاً لأن الدكتوره ليلى ماعندها ظروف عائليه زي الناس واثقين انها بتسد اللزوم و بترتب وراهم بدون يطلبون هالشيء شخصياً .. طيب يا بشاير شوي و دخلي البيشنت

أكملت تصفح الملف وهي ترتدي نظارتها و سمعت صوت الباب لترد قبل ان ترفع نظرها:قلت شوي يا بشاير!

تحدث بنبره يشوبها الغضب: هذا أنا يا ليلى.


رفعت راسها له و هي تنزل نظارتها:سبحان الله يا علي كأنك لصقت بعدما قلت ابي الانفصال؟! وش جابك لعيادتي؟


هز راسه وهو يبتسم لها و يرد الباب بطرف قدمه: ليلى تشوفينها زينه بحقك بعد سنتين ملكه اطلقك قبل الزواج؟!

بنفاذ صبر وهي تراه يرد الباب بقدمه: أي اشوفها زينه و حتى أنه مافي اجمل منها.. علي انت متزوج و قريب زوجتك بتولد و بتصير أب يعني انتهى وقتنا مع بعض خلاص ركز على الولد اللي بالطريق

اقترب خطوتين ثم توقف قبالة مكتبها: بس أنا ما اوافقك الراي مانتهى وقتنا، وش فيها اذا كنتي الزوجه الثانيه ؟انا راضي


كبتت غضبها بإبتسامة لم يراها علي من قبل، هو بذلك يقرر بشكل آخر عداوتها، تركت كرسيها وهي تتقدم إليه بخطوات موزونه: راضي؟! الحمدلله، تصدق كنت خايفه ما ترضى!


إلتقط السخريه من نبرتها وهو يلاحظ خطواتها المرتاحه تتقدم إليه حتى وقفت أمامه بشكل قريب جداً، ليبتسم بخبث وهو يرى عينيها بكل جرأه تنظر داخل عينيه و يديها في جيوبها لينطق بعناد: انسي الطلاق


ردت بإصرار و هي تقف أمامه بكل ثقه و ابتسامة تحدي: ماعتقد أنك بتغامر و تكسب عداوتي يا علي! ما انصحك تجرّب شرّي.
.

استثار غضباً و هو يحاول الإقتراب و لمسها رغماً عنها و لكنها صدمته بإخراج مشرط طبي من جيبها و مدته أمامه لتدافع عن نفسها فقط:إياك يا علي ! إياك تنزل من عيني أكثر ..تكفى !


توقف وهو مصدوم بجديتها و يرى وجهاً آخر لها لم يراه من قبل ليتراجع عن تهوره الغريب و يخرج متدثراً صمته!..


خرج اخيراً و رمت مشرطها على الطاوله ثم جلست و تنفست بعد اختناقها و هدأت كأنما أصابها شلل مؤقت أو حالة هلع عجزت خلالها عن التنفس لثواني و رعشة يديها التي كانت تحمل "المشرط"، اختناق تام في هذه اللحظه، تتذكر أن آخر مرة شعرت بهذه الحاله منذ سنوات طويله، لا تدري لماذا عاودها شعور الهلع مجدداً..
للحظة شعرت و كأنها على حافة جرف شديد الانحدار للحظة كادت ان تسقط و تحطم نفسها..!
هي متأكدة بأن طاقة غضبها التدميريه ستنفجر ذات يوم لسبب غير كافِ و تدمر كل شيء!
..

..
.
،


رشا الخياليه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-01-25, 07:37 PM   #10

رشا الخياليه

? العضوٌ??? » 509266
?  التسِجيلٌ » Dec 2022
? مشَارَ?اتْي » 94
?  نُقآطِيْ » رشا الخياليه is on a distinguished road
افتراضي

.
،
.
،
صباح اليوم التالي…
تقف منذ عشر دقائق صافنةً أمام مرآتها تسرح شعرها المبلل وهي تفكر بالذي فعلته بالأمس بذلك الشاب هل كان فعلاً بسبب "منار" أم بسبب تراكمات داخلها تبحث عن التنفيس؟!!
هل حقاً انفجرت البارحه من أجل "منار" أم بسبب شيء آخر ؟!
فعلاً إن أصعب الأسئلة التي يواجهها الإنسان في حياته هي التي تكون عن نفسه..!

مالذي دفعها لذلك الهجوم؟ أي وجع أي كدمة في الروح؟ أي خيبة أمل؟
لا تتذكر من حاضرها و حتى ماضيها سوى الغياب و التهميش..


أيقظها من الغرق في بئر تفكيرها صوت رسالةٍ نصية وصلت لهاتفها لتترك المشط من يدها و تلتقطه بعدما رأت أسم "عايشه" لتقرأ رسالتها بطيف إبتسامة [صباح الخير، و سنه حلوه صديقتي العصبية ، أهلاً بك في نادي الثلاثين..تبين أحط رقم 30 أو صورتك حقت الثانويه على الكيكه؟!..ختمتها بوجة ضاحك]
اختفت إبتسامتها تدريجياً و جلست على السرير و هي تزفر تنفسها بتنهيدة طويله ، قد بعثرت "عايشه" تساؤلاتها التي كانت تتجاهلها كثيراً في الماضي..ماذا بعد الثلاثين ياليلى؟!
الرؤية ضبابية،
مع كل ما حققته من إنجاز إلا أنها ترى نفسها كمن تسير بلا هدف!!، كل شيء أجوف و يفتقر إلى المعنى!!
ثلاثون عاماً من غربة الروح التي توقفت عن البحث عن ذاتها في سنوات إدراكها الأولى، كانت في السابعة من العمر حينما أدركت أنها وحيدة ، أو بالأحرى شيءٌ لم يكن مرغوباً به و كأنها قمامة أحدهم ألقاها في الطريق و هو عابر لا أكثر!
هذا الشعور بالدونية لم يتركها يوماً تتنفس براحة. ثمة وجع مازال يستند على جدار أحزانها التي تزيدها السنوات ألماً. ثمة جرح مازال ينزف و يزيده عبىء السنوات ألماً..!

تنهدت و رقعة الألم تتسع داخلها وهي تخاطب ذاتها الحزينه..
"ثلاثون عاماً من الإقصاء..لم تترك داخلي سوى كدمات على روحي…
أي طفل مكاني كان سينكسر و لكن لم أحظى حتى برفاهية الإنكسار.. بفضل جدي ذو العصا و جدتي الصبوره..
أُجبروا على إقتحامي حياتهما بعدما ارتاحو من تزويج بناتهم أي أنني و بمعنى أدق دمرت سنوات راحتهم بمجيئي.. منذ اللحظة الأولى لقدومي للحياة و أنا أدمر حياة كل من ادخل حياته"..
!
.
،


…….
.
في منزل العائله…،
في المطبخ يكتض بسما و الخادمات لبعض الاعمال الخاصه بالطبخ و وضع مشتريات السوبرماركت في الثلاجه بعد ترتيبها و غسل الورقيات و الفواكه و بعض الاعمال البسيطه لتشطيب المطبخ قبل النوم..

تجلس منيره على طرف المائده الصغيره في عالم آخر قاتم و غريب تنهدت و كأن على أكتافها حمل جبال .. كان طموحها بعد الثانويه هو الجامعه ليس زوجاً و أطفال!!

انتبهت سما لتنهيدتها و تركت ما بيدها للخادمه و راحت تربت على كتفها: منيره فيك؟! بسم الله عليك


رفعت رأسها لها بضيق: ياليتني ألحق ابوي..

خافت سما و هي تغلق فمها و تضمها: اعوذ بالله منك يا ابليس.. استغفري

انهارت باكيه وهي تشد على حضن اختها: تعبت يا سما رفضت لين تعبت .. قمت أخاف من افكاري والله، اخاف من بكرا ، اخاف من اشياء ما كنت افكر فيها..


نظرت لوجهها المخضّب بالدموع وهي تمسحه بإبتسامه: انتي ما يطلع من افكارك الا كل شيء طيب.. فاهمه؟! انتي نفسك طيبه و اكثر وحده متفائله بيننا.. تقولين هالكلام اليائس!!


مسحت دمعتها و بطرف يدها و هي تقف: كنت غبيه و الا احد صاحي يتفائل في هالبيت؟!

تركتها و خرجت و سما عاجزه عن ابداء اي ردة فعل بإمكانها إنقاذ اختها..

.



.
.


في منزل الجد ابو طلال..

ذهبت للإطمئان عليها..
دخلت غرفتها بهدوء بعدما سمعت تنهيدات بكائها الهادىء، استغربت! بنت بدلالها لم تعلّق على أي شيء و تقبلت كل ما فعلته بها !

جلست ليلى في السرير المقابل لها بهدوء الأموات بعد فشلها مجدداً في التعاطف معها : ليه تبكين؟!


نظرت إلى وجه ليلى الخالِ من أي تعابير و كأنها روبوت يمشي بلا قلب!:سؤالك صادق و الا مجامله؟!


نظرت إليها بجمود يعكس داخلها البارد: مجرد سؤال عادي.. ليه تدورين المعنى تحت أي جمله أقولها؟!


نزلت دمعة منار بشعور غريب و لكن مؤلم كلما تعمقت به:لأنك بنت عمي يا ليلى


بأسلوب جليدي تتميز به:آمنا بس ما أعرفك.. منار أنتي بتجاوبين و الا عن أذنك أساساً وراي شغل بدري بكرا


رأتها تقف وهي تهم بالذهاب لتتحدث: بكرا ملكة ناصر اخوي .. و الكل عارف اني بكون موجوده.. يجوز وقتها يفقدوني و يدورون علي!



استوعبت ما قالته للحظه و انفجرت ضاحكة بسخرية حتى عادت لتجلس من جديد مكانها، و بالكاد هدأت تحت أنظار منار التي استغربت:آه يا منار إذا أنتي بنتهم اللي تربيتي بينهم و نسوك!..
أردفت بتعجب: هالعايله مريضه مدري كيف استمرت وهي بهالغباء!


فهمت منار ما تقصده و استوعبت ذلك جيداً: ما راح اسامحهم اللي حرموني من وجودك بحياتي.. و ربي لأنتقم لك و احرمهم مني للأبد

توقفت عن الإبتسام و الضحك بعد الذي استشفته من حديثها لتنتقل بسرعه لجديتها المعهوده: اسمعيني زين يا منار و حطيني على بالك ان سويتي حركات المراهقين و هربتي ثاني مره من بيت اهلك لا تظنين اني بحرك علشانك شعره وحده ، اتركي عنك الاستهبال و اعقلي و اخذي عضه من هالكسور اللي برجلك


تحركت شفتيها بشبح إبتسامة من الذي استشفته من تهديدها:لا تخافين ما راح ابعد عنهم بعيد، بهرب عندك أنتي


رفعت حاجبها مستنكره: لا الله يسلمك بيت اهلك أولى فيك، لا اشوفك عندي ماحب الزحمه.


التمعت عينيها فرحاً وهي تتذكر الإتصال الذي سمعته اليوم:امس خذيتي حقي من هذاك الخاين سمعتك و انتي تكلمين صديقتك، لو ما داخلك احساس اني بنت عمك و تعزّيني فعلاً ما سجنتيه دفاع عني



ابتسمت بسخريه على أمالها العاليه: لا تطيرين فوراً، أنا ما ضربته و سجنته لعيونك، عندي اسبابي الخاصه و كافيه لفرم كل الرجال مو بس قليل المروءه حقك هذا. يلا بس ارتاحي و اتركي عنك الأحلام ، و تذكري دايم لا أنتي بنت عمي و لا أنا أعرفك..




استغربت منار و هي تراها تقف و تخرج كما دخلت بكامل برودها المستفز!!
تُرى مالأسباب التي تجعلها ترغب بقتل كل الرجال غير هجر ابيها.. لا يمكن لهجر أبيها ان يكون هو السبب الوحيد لذلك!!
.
،
.

يتبع


رشا الخياليه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:21 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.