24-09-24, 12:14 PM | #31 | ||||
| الفصل الرابع عشر . . . "طبعاً طبعاً احنا في خدمة الصحافه !" على مقعدٍ خَشبي بجوار طاوله مُطابقه يجلس بأريحيه بينما تتهادى انامله على حبات المسبحه التي في يده، يوزع نظراته على الاثنين امامه .. سيف الذي يمسك في يده دفتراً صغيراً وقَلم وجواره بتراء التي تجلس بجسد مشدود وهاله متوتره كُل ماحولها يدعو الى التوتر من هيئة الرجل الذي ولوهله شعرت وكأنه يعلم حتى بما يدور في اذهانهم، الى الرجل ذو الجسد الضخم الذي يقف في زاويه محل الاقمشه ذاك ! تصطف طيات الاقمشه والسجاد بشكل متزاحم حولهم ممايعطي للمحل هاله من القتامه والكئابه تقاطعت افكارها بتساؤل سيف الذي تعلقت عينيه بواحده من السجاد المعلق في الحائط وقد كانت ملفته بحق :هذا السجاد ايراني؟ نظر جرير الى حيث تركزت انظار سيف واشار بيده ذات المسبحه بينما يجيب :لا هذا انتاج معملنا .. انتاج محلي اتسعت عيني سيف واندفع بقوله المتفاجئ من ذلك :بالله عليك؟ والله تطور انتاجنا حتى السجاد الايراني مو بهذي الدقه ! تبّسم جرير لقوله بينما بتراء فقد داست بقدمها على قدم سيف لعلها تنبهه بالسبب الذي جاء بهم هنا حينما بدا وكأنه نسي الامر وانشغل بالسجاد فتحمحم الاخير وقال بينما يعيد انظاره الى دفتره :سيد جرير مثل ماقلت لك بالشهر الماضي اضيفت تعديلات على القانون التجاري مما اثار سخط بعض التجار اللي ضرتهم التعديلات بشكل او بآخر .. انت وش رأيك في هذا الخصوص ؟ فر جرير المسبحه في يده واجاب بإبتسامه :انا ما اقرأ القانون عقد كلا من بتراء وسيف حاجبيهما واستنكرت بتراء بقولها :بس انت تاجر والقانون التجاري هو المنظم لكافة معاملاتك وعلاقاتك التجاريه كيف ما تقراه او مطلع عليه على الاقل ! وبينما هو مازال في ذات جلسته متكئاً بظهره على المقعد محافظاً على ابتسامته اجاب :ليش القاتل يطلع على القانون الجنائي مثلا؟ قهقه سيف بخفه حينما مرت على مسامعه تلك المقارنه الساذجه بحق والغريبه في آنٍ واحد معلقاً بقوله :هو لو اطلع عليه ماكان قتل ! مد الرجل يده يلتقط كوب الشاي الاحمر من جواره بينما ينبس قائلاً :افاا ، ماسمعت عن جرائم العود ياشيخ سيف ؟ هزت بتراء رأسها الى الجانبين بإستنكار قبل ان تعلق :انت شكلك حافظ القانون الجنائي بدل التجاري ! رفع حاجبيه كدلاله على النفي واجاب بعد ان وضع كوبه جانباً :انا ماشي بشغلي على البركه وربك يعطي من يشاء بغير حساب اغلق سيف دفتره بعد ذلك القول ونبس بإستنتاج قائلاً :يعني تقول ماراح نستفيد منك شي ! امال جرير برأسه وقال معلقاً :افا عليك ، عندكم سياره ؟ اومئ سيف فألتفت الاخر الى رجله الذي يقف في الزاويه قائلاً بينما يشير الى السجاد الذي ابهر سيف منذ دقائق :لف ثنتين وحطهم بسيارة الصحافه .. عربون محبتنا نظر كلاً من بتراء وسيف لبعضهما بتفاجئ من شخصية هذا الرجل الغريبه وبعد ان خرجا وعاد الضخم الى المحل نبس جرير بينما يرفع كوبه للارتشاف منه ماتبقى :عينك عليهم ذيلهم يلعب على المكشوف في ساعه من المَساء عادت الى المنزل بعد يوم مُرهق ومُتعب، مازالت قيد التفكير فيما حدَث صباحاً متسائله بداخلها عن كيف يبدو هذا الرجل ذو هيئه مشبوهه وغير مريحه بينما يحظى بأسلوب حواري وسياسي جيد ! صعدت الدرجات واحده واحده واخرجت مفاتيحها بشرود حتى توقفت عند الباب وشرعت في ادخال المُفتاح تزامناً مع فتح باب الشقه المقابله فأغمضت عينيها بضجر مسبق للحوار الذي قد تأخذه مع جارتهم ذات الاسئله الكثيره الا انها جمدت بتلك النبره المألوفه الذي قال فور خروجه :شيّك على العدد الموجود .. ازدردت ريق فمها والتفتت الى الخلف حيث وجدته يقف عند الباب ببنطال زيتي وقميص اسود واضعاً شاله على كتفه بينما شعره يقطر ماءاً وقد كان هو ايضاً متفاجئاً برؤيتها الا ان صدمته لم تدوم طويلاً فقد اشار اليها بالبقاء بينما يختتم المكالمه بقوله :ارسلي رساله بالنقص وانا راح اتصرف .. تمام يلا متواصلين اغلق هاتفه وتقدم نحوها بضع خطوات بينما ينبس قائلاً :مافي مرحبا للجار الجديد؟ اتسعت عينيها وفتحت فاهها بذهول بينما تشير نحو الباب الخاص بشقته متسائله :وخاله خديجه ! نظر اديان نحو الباب ثم اعاد ناظريه اليها رافعاً كتفيه بجهل معلقاً :راحت عليكم تقدمت بتراء نحوه بعجله وتوقفت امامه تسخط فيه بقولها المتوجس :قتلتها ! عقد اديان حاجبيه وتبّسم بينما تراقب عينيه ملامح بتراء بتدقيق من ذلك القرب الذي اثار فيها الارتباك فتراجعت تزامناً مع اجابته :انتي ماخذه عني نظره سيئه، انا شريف ما اقتل الابرياء اظهرت بتراء ملامح ساخره قبل ان تعلق بينما تعود ادراجها الى باب الشقه :ع اساس شاهر انا قتلته ادخل اديان يده في جيبه ونبس معلقاً بخصوص شاهر الذي كان معروفاً بكثرة علاقاته المحرمه بإستغلال تام لوجوده في القريمزاء وحيداً بينما عائلته تقطن في مدينه اخرى :علاقاته الكثيره تشفعلي تركت بتراء المفتاح المستقر في الباب للمره الثانيه والتفتت نحو الاخر لتهتف بسخط واستنكار :وانت مين عشان تحاسبه على علاقاته بالقتل ؟ تقدم اديان منها تاركاً بينهما خطوتان بينما هي التصقت بالباب بكره لذلك القرب المقيت ماراً على مسامعها قوله الهادئ والمستفز :وانت مين عشان تدافعين عليه ؟ وحده منهم ؟ احتاجت برهه بسيطه حتى استطاعت ادراك مايقصد بقوله "وحده منهم" فأتسعت عينيها بصدمه ورفعت كفها بإندفاع ليحط على وجنته بقوه قالت عقبها بسخط بينما تشد على الحروف :حَدك الا .. لم تقدر بتراء على اتمام كلماتها فقد استقرت يد اديان على عنقها بقوه ارعبتها وآلمتها في ذات الاثناء التي دنى فيها اليها هامساً بحده :شايفه يدك اذا تنمد مره ثاني تلحقين الـ .... حقك احمرت عيني بتراء وكذا ملامحها من ضغط ذلك المعتوه عليها بقوه مفجعه قبل ان يمر عبر مسامع الاثنين حمحمه آتيه من الدرج فأبتعد اديان ونظر كلاهما نحو الذي يقف على بعد بسيط منهم بهيئه مهندمه وفي يده باقه من الورد الأحمر مغلفه بورق اسود جالت نظرات اديان وبتراء عليه من اعلاه لأسفله بإستنكار بينما هو قد وجه تساؤله لبتراء متجاهلاً الآخر الذي اتكى على سياج الدرج ومازال ينظر اليه كما وكأنه يقيمه بعينيه :امكِ موجوده؟ اومئت بتراء تزامناً مع صعود عبدالعزيز الدرج فتحولت الانظار عليه ذاته الذي اقترب من ذو الفقار وقال بينما ينظر بإستنكار للاثنين امامهما :السلام عليكم همست بتراء ترد السلام بينما تفتح الباب للدخول وتبليغ والدتها بينما اديان فقد تلى السلام كله و واعقبه بقوله :جايين خطاب ؟ اشار ذو الفقار نحو حيث كانت تقف بتراء وقد استطاع تخمين مايربط الاثنين لذلك القرب الذي رآهما به لذا فهو اجاب مطمئناً الآخر :لاختها .. هذي محد يبيها اصلاً تقرب منه اديان وبينما يهم بالنزول في الدرج اجاب بخفوت سمعه الاثنين :انا ابيها اومئ ذو الفقار وصعد الدرجه المتبقيه قبل ان يتكئ على الحائط بجوار باب شقة المعنيه اما اديان فقد ترجل الدرج وكاد ليتجاوز عبدالعزيز قبل ان يمسكه من يده هامساً له بتساؤل :اديان .. وين وصلت بثارك ؟ نظر اليه اديان لوهله دون اجابه وبسكون اشبه بالشرود قبل ان يوجه انظاره نحو ذو الفقار الذي يراقبهما بصمت ثم قال مجيباً بخفوت :هانت ! راح اريح ضميرك لاتخاف فك يده من الآخر وابتعد عنهم مترجلاً باقي الدرجات حتى اختفى قبل ان يزفر عبدالعزيز ويتجه الى ذو الفقار الذي علق حالما اقترب منه :ما اتوقع راح يطلع منها حي خليك جاهز لخبر مقتله نظر اليه عبدالعزيز وهز رأسه بشيء من الحسره والندم الذي اكل راحة لياليه وايامه واجاب بأسى بينما ينظر نحو الدرج التي خرج منها اديان وابتعد :ماراح اسامح نفسي ..! رفعت بتراء كفها الي فمها تزامناً مع كلمات عبدالعزيز الاخيره بينما تقف متكئه على الحائط من جهه اخرى متسعة العينين .. عن اي عُتهٍ يتحدثون ! واي صلة تلك التي تربط الثلاثه ! ولم هم مرجحين امر مقتله الى هذه الدرجه دون ان يقفوا في وجه ذلك متى يفهم البشر بأن لا احد يستحق القتل مهما كان سوءه ؟ . . . اغلقت باب المقهى عند تمام الثامنه مساءاً واطفئت معظم انواره بعد او وضعت الورقه المعلقه في الباب على الجهه المكتوب عليها "مُغلق" عادت ادراجها الى طاوله بعيده قليلاً عن انوار الشارع وجلست على مقعدٍ بينما تتكئ بوجنتها على كفها وتراقب الشارع بسكون وشرود وللمره الاولى لم ترغب في المغادره الى المنزل تتكرر عبر مسامعها كلمات والدة طاهر واعترافها السري بأن طاهر قد شكى اليها حُبه لساره ! ثم كلماته التي دحضت تلك الحقيقه التي بدا وكأنه قد استطاع تخمينها بحق شيء اشبه بالصعود الى السماء ثم الوقوع من هناك في ذات اللحظه ! لاتقدر على نكران الشعور اللطيف الذي انتابها في لحظات بسيطه كانت بين قولين .. الاول قول والدته الذي فسر لها كل افعاله الغريبه مؤخراً والتي حركت شيئاً حلواً بداخلها ففي كل الاحوال الاهتمام شيء عظيم فما بالك لو اتى نابعاً من حب مختبأ خلفه بحياء ؟ الا انه استطاع هد كل تلك الحصون في ثوانٍ قليله وبكلمات يسيره وعلى اي حال كان تصرفه جيد بشكل او بآخر فما كانت لتقبل بالزواج برجل يصغرها بثلاثه اعوام .. وذلك من سوء حظها ! رفعت يديها تمسح على وجهها بضجر من كل تلك الافكار التي تتسابق في عقلها قبل ان تتنبه لباب المقهى الذي فُتح ودلف منه رجل بهيئه مطابقه لخاصة طاهر الا ان ملامحه لاتظهر بسبب كون انارة الشارع خلفه بالفعل فنبست دون اهتمام لهويته :لو سمحت .. قفلنا المقهى لم يردعه قولها فقد تقدم بخطى بطيئه وكتفين منسدله لتتسع عينيها وتنهض من مكانها فوراً نابسه :طاهر ! شفيك؟؟ اتضحت ملامحه فور اقترابه من خلال الضوء البسيط المنبعث من جهة ركن التحضير وكان البكاء قد عاث بملامحه فساداً فجلس ارضاً واتكئ بظهره على الحائط بينما يجيب بنبره ساكنه :دفنتها زمت ساره على شفتيها وانساب دمعها فوراً تزامناً مع تكور الغصه في حنجرتها حتى اصبحت مؤلمه بحق، اتجهت اليه وجلست على بعد خطوتين منه متكئه على ذات الحائط، لم تجرب ان تواسيه فهي تعلم جيداً بأنه لايحتاح لسماع اي كلمات تقلل من حزنه في هذه اللحظات لذا فهي استسلمت لبكائها وهمساتها الخافته التي تترحم على المعنيه بينما هو فقد احتضن اقدامه اليه ووضع رأسه على ركبتيه شاعراً بأن حتى دموعه قد نفذت ولم يعد هناك ماقد يريحه في هذه اللحظات لاشيء سوى العجز والرغبه في النوم الطويل الذي لا استيقاظ في آخره ! دقائق طويله مرت على هذا الحال حتى اقتطع الصمت هو ذاته حينما اتكئ برأسه على الحائط وقال :لما توفى ابوي مسكت على يدي وقالت "ماخلصت الدنيا طول ما امك معك لاتخاف" .. ماخفت بوقتها بس الحين .. انا خايف .. خايف من حياه مافيها امي كيف راح تكون ! رفعت ساره يدها الى فمها تكتم الشهقات التي تكاد ان تهرب من هناك قبل ان ترفع اناملها الى عينيها تمسح الدمع الهاطل كحبات المطر وعلقت بخفوت :الله موجود آمن يونس في بطن الحوت وابراهيم وسط النار ويوسف بداخل البئر والسجن، ربك يقدر يآمنك ويسلمك في اي حاله كنت عليها لاتخاف ! راح يجبر بقلبك وينزل عليك سكينته بس اتكل عليه واطلب الصبر منه اتمت كلماتها تلك وبقيت تنظر اليه بينما هو يراقب الفراغ ويظهر الفراغ في عينيه التي توقفت عن البكاء والبوح منذ ان دلف الى هنا .. ابتلعت ريق فمها واعتدلت بجلوسها بينما تردف :وانا جنبك وحولك طاهر .. اي شي تحتاجه لاتتردد اعتبرني زميله صديقه اخت اي شي بس خليك متأكد بأنك تهمني واذا احتجتني راح تلاقيني وجه ناظريه اليها لبرهه مرت بالصمت والسكون قبل ان ينبس قائلاً :اقدر انام هنا ؟ مابي ارجع لوحشة البيت اومئت بسرعه رغم تلون وجهها بالحسره والاسى وقالت :تقدر طبعاً تقدر .. لحظه نظر اليها بينما تنهض من مكانها وتتجه بعجاله نحو غرفة المؤونه التي عادت منها بعد دقائق قليله وفي يديها لِحاف ووساده ووضعتهم على الارض وشرعت تفرش اللحاف جواره بينما تقول :احتجت لفتره انام هنا، الحمدلله ماتخلصت بعدها من الفرش عقد حاجبيه مستنكراً حاجتها للبقاء هنا في حين انها تملك منزلاً وعائله ! الا انه لايملك طاقة للسؤال فأومى وهمس شاكراً لها بينما هي فقد استقامت واشارت نحو ركن التحضير قائله :اجيبلك شي ! ماي قهوه او شي تاكله ؟ هز رأسه نافياً فأومئت هي وزفرت نفساً قبل ان تتراجع وتلتقط حقيبتها من على الطاوله قائله :حاول تنام وبكره راح اجي بدري .. انتبه لنفسك . . . بالعوده الى بتراء ! فقد جلست في طرف الاريكه بالقرب من والدتها التي تجلس بجوارها بحجابها الكامل بينما ذو الفقار وعبدالعزيز يجلسون على مقاعد مجاوره وقد فهمت كون سهاد هي صاحبة تلك الفكره بعد ان شددت على ضرورة معرفتها لذو الفقار .. ربما تلك اولى مظاهر فقدانها للثقه بهواري بعد ان كشفت زينه حقيقة ماجمعهما من ماضي تقاطعت افكار بتراء بقول سهاد الذي توجه مباشره لذو الفقار ذاته الجالس مطرقاً برأسه وفي هاله من توتر خفي :انت كيف عرفت بنتي؟ ذلك السؤال وغيره الكثير كان قد توقعه ذو الفقار وقد قرر ان ينطلق بالصدق لعل ذلك يكون اساساً متيناً لما هم مقبلين عليه من علاقه رسميه وحقيقيه قائلاً :بيتي قريب من هنا .. تقريباً في طريقها للمدرسه رفعت بتراء حاجبيها مما سمعت فطريق المدرسه المختصر كان بمرورها في الشارع العام وليس من جانب منزله الواقع في حي جانبي الا انها مسبقاً كانت تعلم بأن زينه تفضل المرور من هناك بحجة الهدوء والمناظر المريحه التي انكشف زيفها الان، تجاهلت الامر وتدخلت هي بسؤال آخر حينما تشاركت مع والدتها الرغبه في التحقيق مع المعني :هذا مو سبب يخليك تعرفها وتفكر تتزوجها ؟ زفر ذو الفقار ورفع ناظريه لبتراء التي ترمقه بشيء من عدم الراحه وبثقه اجاب :كان اعجاب متبادل، زينه بنت متربيه صح مافكرت تبادر او تعترف بمشاعرها وهذا السبب الرئيسي اللي خلاني افكر بالزواج كأول خطوه معها .. ووقتها صار اللي يمنع والباقي تعرفونه اومئت سهاد بينما بتراء رفعت احد حاجبيها وعلقت حول اخر جمله له :لا مانعرفه ! انت رحت تزوجت بس ايش اللي خلاك تطلق زوجتك وترجع تفكر بأختي .. برضه التربيه الصح؟ طافت السخريه في عيني ذو الفقار اتجاه الاخرى التي تحاول جاهدةً اظهاره كرجل عبثي والتركيز في كل كلماته الا انه اجاب بهدوء وثبات :مجرد سبب اللي انتهى به نصيبي مع فاطمه وهذا المكتوب من البدايه .. " اللي خلاني ارجع افكر بزينه " صدق مشاعري ناحيتها مثلا؟ لم تتيح سهاد لبتراء الخوض في الجدال اكثر الذي رأت بأن لافائدة منه طالما وان زينه مُصره على الرجل كحاضر وليس كماضي قد طاف وانتهى فتسائلت :ايش تشتغل انت ومع من عايش ؟ تبّسم عبدالعزيز للوضع الذي فيه الآخر بينما هو يلتزم الصمت ويراقب سقوط ذو الفقار في حفرة التحقيق الذي اعتاد على وضع المتهمين بها ماراً عبر مسامعه جوابه :انتقلت لهنا قبل ١٥ سنه بسبب شغلي في الجهاز الامني .. عائلتي في الديره في الورقاء اومئت سهاد بإقتناع بينما بتراء كادت لتتسائل عن وظيفته بشكل دقيق لولا ان عبدالعزيز تدارك ذلك حينما خمن اندفاع بتراء ناحيته .. هو يعلم جيداً بأن ذو الفقار مازال متحفظاً على عمله في جهاز المخابرات وذلك لدواعي واسباب هو ادرى بها واعظمها هو خوضه في ثأر اديان كإسناد امني واستخباراتي للمصلحه المشتركه وهي "القضاء على الصعتري" :بما ان بنتنا موافقه نقدر نحدد موعد الخطبه ! وصحح له ذو الفقار كلمته الاخيره حينما قال :الملكه نظر اليه الثلاثه حينما اتضح من قوله بأنه لايريد مجرد خطبه تقتصر على ارتداء الخواتم وانما عقد قران شرعي، زفرت سهاد واجابت بقولها :حطها في مقام سلطانه ربي يرحمها وقرر لها اللي تشوفه مناسب . . . إن صوت الموت يتردد في الارجاءِ فهل تسمع ؟ الحياة وراء احدى الصخور خائفه ونشيجها عالٍ فهل تسمع ؟ هل تسمع معزوفةً من هُنا او تهويده من هُناك ! يستحق الإنسان ان يُودع بطريقةً تليق به لكن القدر لايسمع عند نهايات الجبل تشكلت الصخور كجسرٍ وعِر يكفي ليخفي خلفه نِصف قامه وقد كان جيداً كفايه ليوظف كساتر عِند الحَرب ! يجلس هو على ركبتيه تنشغل يديه في تعبئه مخزن الرصاص بينما وجهه مُلطخاً بالدِماء التي تناثرت من رأس الشخص الذي يجاوره منبطحاً على بطنه بينما رأسه مثقوب بمقذوفٍ ناري رفع سِلاحه يخرجه من خلف الصخور وشرع يطلق النار بطريقه عشوائيه على الجهه الاخرى التي يتبادلون معها لُعبة الموت .. لدقائق دقائق عصيبه مَرت بين اشارات تبادلها اديان مع سلطان الذي يمتطي صخره على علو في الجبل ويقتنص جماعة الطرف الاخر بدقه عاليه حتى همدت البقعه بعد ان ارتوت بالدِماء وشهدت على واحده من المجازر المُعتاد ارتكابها في القُريمزاء جلس اديان متكئاً على الصخره بينما يزفر انفاسه بإنهاك، اما سلطان فقد استقام واخذ يراقب بقناصته الارجاء الخاليه من عدا الجثث حتى ثُبتت قناصته على الشخص الذي يسير في المنتصف محملاً برشاش متقدم نحوهم بينما يتعدى الجثث القليله المرميه في المنتصف والتي سقطت في بداية المواجهه قبل لجوء كل شخص الى ساتر ذاته الذي رفع عينيه الى صاحب القناصه في الاعلى وصرخ بقوله ضاحكاً :انته بتعمل ايييييه! وبينما هو ثابت في مكانه ومازال موجهاً قناصته الى قيس مثبتاً عينه على المنظار اجاب :باخدلي نظره بنبره اقل علواً اجاب قيس حينما عاد لإكمال طريقه متفقداً وجوه القتلى كي يحدد عدد المنتمين لجماعتهم :صلي ع النبي همس سلطان بالصلاه على سيد الخلق وترجل عن وعورة الجبل بإتجاه اديان في ذات الاثناء التي تقدم بها قيس معلقاً :سعد مات ! اومئ اديان ومد يده لسلطان الذي ساعده في النهوض وبينما ينفض ملابسه اشار جهة القتيل :احصيهم وخليهم في مكانهم، الشرطه راح تسلمهم لاهلهم اومئ قيس ممتثلاً قبل ان يدنو ناحية سعد ساحباً من يده الرشاشه بينما سلطان فقد قال :كنت متوقع يسوون كمين، من الغباء اننا تعاملنا معهم مره ثانيه نظر اديان ناحية قيس الذي وفي الغالب هو المسؤول الاكبر عن تنظيم صفقات البيع ذاته الذي نهض من مكانه وفي يده رشاش سعد بينما خاصته معلقاً على كتفه قائلاً :قدموا ضمانات قويه ومبلغ مالي كبير للان موجود بحساب اديان ! زفر اديان وعلق بينما يخطو للابتعاد عن وقفتهم :من البدايه هدفهم يصفونا من خلف اديان نظر سلطان لقيس بنظره حاده كما وكأنه يؤنبه على ترتيب لقاء تسليم بضاعه مع جماعة كانوا قد اختلفوا معها منذُ مده وحدث ماهو اسوأ من هذا واكثر شراً بينما قيس فقد احتدت عينيه وعلق بنبره خافته قليلاً :لاتسوي نفسك زعلان عليهم .. انت من الاساس همك تستلم والمبلغ المدفوع كافي مع سلاحنا اللي للحين معنا نظر اليه سلطان لبرهه بسكون ثم علق قبل ان يبتعد عنه :وانت لاتسوي نفسك بلا ضمير .. مو لايق عليك زفر قيس بضجر بينما يرى سلطان قد تبع اديان بالفعل بينما هو فقد نظر ناحية سعد بأسى فهو واحد من خمسه قد قتلوا من جماعتهم توسط اديان الساحه الكبيره الخاليه في منتصف الجِبال والتي عادتاً ما يستخدمونها في تسليم البضائع واتمام الصفقات، يراقب بعينيه ثلاثه من جماعته وهم المتبقيين يقومون بإعادة الصناديق الى العربه وقد اتجه اليهم سلطان لمساعدتهم التقطت مسامعه انيناً خافتاً من جِهةٍ ما مجاوره أتجه الى حيث هو الصوت فوجد واحداً من الجماعه الاخرى يأن بألم من عدة اصابات توزعت في اماكن غير مميته من جسده .. اسقط عن وجهه اللثام ودنى مقرفصاً بجوار الشخص الذي نبس بخفوت :راح تدفع الثمن .. غالي صمت اديان للحظات ينظر اليه بجمود وصمت قبل ان يخرج من جانب فخذه مسدساً وضعه على جبين المعني وثوانٍ قليله فقط حتى تفجر رأسه وانتثرت دماءه مقتطعاً بصوت الطلقه سكون الاجواء الذي اثار انتباه الجميع قبل ان يعودوا الى عملهم بإعتياديه بينما اديان فقد نهض واضعاً مسدسه في مكانه بينما رشاشه مازال معلقاً على كتفه وارتكزت انظاره ناحية الشجر الصحراوي على بعد مسافه منه والذي بدا وكأنه التمح بينه حراك فتقدم بضع خطوات أُقتطِعت بصوت الطلقه التي سرعان ما استقرت في جسده واردته على الأرض في ذات الاثناء التي مُسحت بها الشجره بوابل من الرصاص خرج من فوهة سلاح قيس الذي تقرب عقبها بعجاله من صاحبه بينما يصرخ :اديـااان . . . هُناك الكثير مما يتراكم طوال اليوم حتى يغزو البال ليلاً ويُرهقه ويؤرقه كالتِمثال كانت تقف عند نافذة الغُرفه تُراقب الشارع بسكونٍ وصمت بينما الضجيج يكمُن هناك في اعمق نقطه في رأسها كل شيء ثابت هناك في جدار الذاكره ويصرخ بكل كلمه مرت عبر مسامعها من حديث المكتب الذي دار بينها وبين سيف الى المحادثه القصيره التي خاضتها مع اديان في المساء والتي انتهت بشِجار وحُقد جديد واخيراً بضع كلمات سمعتها صدفه من افواه ذو الفقار وعبدالعزيز انزلت ناظريها للمسدس المستقر في كفها، ذكراه التي اختار ان يضعها معها كالحارِس ! ذلك الرجل العجيب الا تجول في رأسه فكره اخرى غير الموت ! يسعى الى الموت ويعطيه للناس كالهدايا ويحمي آخرين منه وكأنه لا يحيا سوى للموت واليه ومعه ! التقطت هاتفها من جيب البيجاما قبل ان تجري اتصالاً ورغم الوقت المتأخر الا انها احتاجته كحاجة الضمآن للماء وبضع رنات فقط حتى جائها صوت الطرف الآخر بقوله :هلا ؟ ركزت ناظريها في الشارع الفارغ في هذه الساعه من الليل وتسائلت بشيء من الحرج :صحيتك؟ وفوراً نفى الآخر الذي يجلس على سريره وامامه جهاز اللابتوب مفتوحاً على صفحه خاصه بالعمل قائلاً :لا تو مانمت .. صار شي ؟ زفرت بتراء وبينما تنظر للمسدس نبست متسائله :سيف احتاج اعرف جواب سؤالي ! انت ايش اللي شايفه مني ؟ محتاجه افتح عيوني واصحى سكن سيف لثوانٍ قبل ان يغلق الجهاز وينهض من مكانه الى جهة النافذه ومن هناك اجاب بقوله :سهرانه للساعه ١٢ تفكري فيه مايكفي ؟ خيبة املك في بيت آسيا عمران واصرارك على امها حتى تعرفين هويته ! استوقفتك كلمته بيومها لما قالك انك نقطة ضعفه ومافكرتي تستغليها .. زيارتك له بالمستشفى والهديه اللي ماندري وش داخلها .. بتراء انا قاعد اشوف لمعة عينك لما تنجاب سيرته والاهم من هذا كله وين نفورك ناحيته كصعتري اللي تعودناه منك ؟ اغمضت بتراء عينيها تزامناً مع الدمع الذي تساقط من هناك تتسائل بداخلها عن كونها مفضوحه الى هذا الحد للجميع عداها ؟ الم ترى او تشعر حينما وقَعت ؟ .. شدت من امساك المسدس بينما تعلق قائله :انا اكرهه سيف .. اديان مجرد شخص همجي وبربري وارهابي مرهون بالقتل في اي لحظه صمت سيف حينما ادرك كونها تتحدث وتبكي في ذات الاثناء وربما كانت تلك الشكوى التي تحتاجها فترك لها المساحه بينما هي اردفت :سمعتهم يتكلمون سمعتهم يقولون متوقعين ينقتل قبل ياخذ بثار امه .. محد يفكر بأنه انسان هو بعد انسان ليه محد يجرب يطلعه من هذا الوحل ليه منتظرينه يموت وكأنه شي زايد على الدنيا ومجبور يدفع روحه ثمن حياتهم ! ادخل سيف يده في جيب بنطاله القطني بينما يراقب الأرض اسفله مستمعاً لكل كلماتها التي تتحدث عن حقيقه واحده لاجِدال فيها "لقد وقعت بتراء في شِراك الحب الممنوع لامحاله" .. رفع ناظريه لزجاج النافذه ولاضواء المدينه الهادئه قائلاً :انت تحبينه بتراء هزت بتراء رأسها الى الجانبين تنفي ذلك بينما شفتيها ترتجف ووجنتيها ممتلئه بالدمع وكذا عينيها التي ابت عن التوقف ورددت :لا لا سيف .. انا بس .. انا متعاطفه معه مابيه يموت مابي احد يموت بهذي الطريقه صمت سيف لثوانٍ ثم علق عقبها قائلاً :هذا كان اختياره ! ووكأن قوله قد فجر بركاناً من غضبٍ كان يتأجج بداخلها فَرمت المسدس ارضاً واخذت تصرخ ووكأنها بذلك ترغب في تأكيد تلك الحقيقه ليس لسيف فقط بل للقريمزاء بأكملها :مو اخـتياره ! هـذا ماكـان اختيـاره انهـم يعذبـون امـه ويقتلـونها ! ان ابـوه مُجـرم وقـاتل وارهـابي ! محـد يختـار اهلـه محـد يختـار لنفسـه الشقـىٰ سيـف أفهمـني بين كِلماتها كان سيف يشعر بالخوف من انهيارها ذاك، خوف من ان تؤذي نفسها او تتأذي من فرط حزنها فكان يحاول ان يهدئها ويناديها لعله تهدأ وتستجيب اليه الا انها لم تفعل بل رمت هاتفها جانباً واخذت تبكي بينما تجلس على الارض تزامناً مع الطرقات على باب غرفتها من قبل عائلتها الذين بالتأكيد استيقظوا من علو صوتها اقفل سيف هاتفه والتقط مفاتيحه بعجاله هاماً بالتوجه اليها بينما هي فقد استغرقت برهه قبل ان تحبو ناحية المسدس اخذته ووضعته في كيس صغير قبل ان ترتدي عبائتها وحجابها غير آبهه بأصوات النداء القادمه من خلف باب الغرفه قبل ان تفتحه وتظهر لهم بهاله مفجعه فهمست امها بخوف :بتراء يمه شفيك ليه تبكين ! هزت بتراء رأسها تنفي وجود اي سبب اسفل انظار زينه المتعجبه لذلك الحال والتي ارتكزت ناظريها على الكيس الصغير الذي يتضح جلياً ما في داخله بينما بتراء تتجه الى الباب الخارجي قائله :راح ارمي الزباله وارجع تقدمت سهاد بضع خطوات كي توقفها عن ذلك الجنون فما معنى الانشغال بالقمامه في هذه الساعه من الليل بينما زينه فقد امسكت بيدها وقالت :راح الحقها انا اتجهت زينه بعجاله نحو غرفتها كي ترتدي عبائتها بينما بتراء فقد ترجلت الدرجات بعجاله قبل ان تتجه الى صندوق القمامه المجاور للمبنى، نظرت ملياً لتلك القطعه التي في يدها وقبل ان تتغلب على نفسها لتضعها في القمامه ثبتت في مكانها حينما توقفت السياره الخاصه به بجوارها تماماً التفتت من مكانها تنظر للسائق الغريب قبل ان يترجل المعنى من جواره ويشير اليه بالذهاب ففعل وتقدم هو نحوها بخطى بطيئه بوجهٍ شاحب بينما يمسك بيده على كتفه .. نظر لما في يدها وقال :زعلك شين اشارت برأسها نحو كتفه الذي يظهر ضماده من فتحة القميص قائله :تصاوبت ؟ اومئ واتجه للاتكاء على الحائط بينما يعلق :نزفت كثير قاعد اشوفك اثنين تقدمت لتقف امامه وتسائلت في ذات الاثناء التي توقفت بها زينه خلف باب العماره لتستمع الى ذلك الحوار الغريب طرفه الآخر بالنسبه اليها :انت ليه قاعد تسوي في نفسك كذا ! الثار يستاهل كل هذا؟ مد يده الى جيب بنطاله يخرج علبة السيجاره وبينما يورثها اجاب :ما اعرفها بس مؤمن بأنها لو عاشت كانت راح تكون امرأه عظيمه .. كانت راح تكافح مثلك وتغير قدري انا على الاقل اومئت بتراء واخذت تتسائل بقولها :ليه ماتكافح انت عشان تغير قدرك ؟ انت تعرف ان الثار ماراح يرجعها ولا انت مسؤول تموت لاجل احد .. القريمزاء كبيره والدوله اكبر وفي ناس مسؤولين عن امن المنطقه .. احنا نسوي اللي علينا صح بس بدون ما نتحدى الموت بصدور عاريه مثل ماقاعد تسوي انت ! نفث اديان دخان سيجارته واقترب منها بينما يجيب بنبره خافته :آسيا امي .. وليالي الميتم مرت صعبه علي انا .. انا اللي انتركت في المستشفى بهويه مجهوله وانا اللي تخلوا عنه اهله من الطرفين .. انا الضحيه والثار ثاري ماهو ثار القريمزاء ولا الدوله صمتت بتراء عن الرد وتعلقت عينيها بالمسدس الذي مازال في كَفها وبينما هو فقد شرع في تدخين سيجارته بينما يراقب الشارع الذي توقفت في جانبه الاخر سياره يعرفها جيداً ويعرف صاحبها الذي ترجل وتوقف عند بابها يراقب وقفتهما بإستنكار، وبنبره هادئه نبست بتراء بقولها :خمنت في بالي اسوأ السيناريوهات اللي ممكن تمر فيها بدون اهل وبميتم، ماضي يمكن صعوبته كانت السبب اللي اجبرتك تنضم للتنظيم في سن صغير .. مع ذلك كنت دائماً اوصل لنتيجه انك تستحق تعيش الباقي من عمرك بسلام وآمان اومئ اديان قبل ان يعلق حيال ماسمع بقوله الذي خرج حاداً :خمنتي بس ماعشتي ! طفوله الميتم وضياع الوحده شيء ما ينحكى بتراء وماتقدرين تحطين نفسك بمكاني وتخمنين شعوري وانتِ ماجربتيه ! اعتدل بإستقامته وهم بالتوغل الى داخل المبنى لو لم توقفه بتراء بتساؤل بدا لها مُلحاً بحق تزامناً مع رحيل سياره سيف من المنطقه :ايش علاقتك بعبدالعزيز وذو الفقار ؟ انت تعرفهم وهم يعرفونك ويعرفون عن ثارك ! التفت نحوها وتبّسم بينما يجيب ساخراً :شايفه شلون الدوله قاعده تحافظ على امن المنطقه ؟ مهلاً لحظه ! هل يضع اديان يده بيد الدوله فيما يفعل ؟ ذو الفقار يعمل في الامن بالفعل لكن عبدالعزيز مجرد طبيب متقاعد .. ماعلاقته؟ . . . وأنا الغريبُ تعبتُ من صفتي . | ||||
24-09-24, 12:14 PM | #32 | ||||
| الفصل الخامس عشر . . . سألوني الناس عنك ياحبيبي كتبوا المكاتيب واخدها الهوى بيعز عليي غني ياحبيبي ولاول مره مابنكون سوى من خَلف سماعة السياره كان يصدح صوت فيروز رناناً في هذه الساعه المُبكره من الصباح كطقسٍ مُحبب يَصنع يومه .. يركن سيارته في زاويه معزوله من السوق بينما يجلس هو بداخلها يتناول الكعك والشاي وتراقب عينيه باب المحل الذي مازال الى الآن مغلقاً بعد البارحه وكُل ماتتابع من إتصال بتراء الى رؤيتها تقف مع اديان ويتبادلا اطراف الحديث قرر هو ان يستمر في هذا الطريق بمفرده .. لقد سقط شاهر من ساحة المعركه بالموت وسقطت بتراء بالحُب .. وفقط بقي هو مُستقيماً يأبى السقوط وان كلفه الأمر محياه وضع الكوب مع طبق الكعك الصغير جانباً بعد ان انهى تناوله ثم التقط اوراقه التي كانت على المقعد المجاور مُستغلاً وقت الفراغ بالعمل لدقائق طويله قضاها يداول عينيه بين الاوارق وباب المحل الذي لم يفتح بعد كبعض المحال التي مازالت مغلقه بسبب الوقت المبكر مرت دقائق قبل ان يتنبّه من انسجامه بغعل الطرقات التي حطت على زجاج نافذته فالتفت وسرعان ما ازدرد ريق فمه واعتدل بجلوسه في محاوله لاخفاء رمة توتره، انزل الزجاج وفوراً نبس الرجل قائلاً :نخدمك سيدنا الصحفي؟ وضع سيف يده على المقود في حاله من الارباك واجاب بإبتسامه يحاول بها اخفاء توتره :تسلم الله يحفظك، انتظر شخص هنا اومئ جرير بينما يتكئ بيديه على الحافه السفليه للنافذه والتفت حوله حيث كان السوق في هذا الحين قليل الزحام يدعو الى الراحه ثم اعاد ناظريه ناحية سيف مره اخرى متسائلاً بعينين بدت لوهله وكأنها تدرك كل مافي نفس سيف من حاجةٍ يخفيها :مين الشخص؟ رفع سيف يده حاكاً بها جانب رأسه بينما يجيب بأقرب ما مر بفكره :صاحبي استغرق جرير مايقارب الدقيقه، ينظر في عيني سيف الذي قرأ التهديد في عينيه جيداً وشعر بالخطر يحفه الا انه وبطبيعه الحال فلن يتراجع ! وان كان مكشوفاً فليكن متجلياً اكثر، وضع كلتا يديه على المقود وعلق بينما ينظر امامه :تدري ! احب العلاقات اللي انعدام الثقه فيها متبادل نظر سيف ناحية جرير في نهاية قوله ذاته الذي ابتسم واجاب معلقاً :وانا احب العلاقات اللي القوى فيها غير متكافئه اومئ سيف وقد استطاع التقاط التهديد بشكل جيد، رفع اوراقه امامه حينما قصدها في بداية قوله الذي استطرد به :يجوز انا ماعندي غير هذي الورق والحبر بس ايماني دائماً يعطيني شعور بأني الطرف الاقوى صمت جرير لبرهه ثم اعتدل بوقوفه ونظر نحو السوق امامه بينما يترك تعليقاً بقوله الخافت :مجرد شعور لم يجيب سيف ولم يعلق وضع اوراقه جانباً وشغل سيارته هاماً بالمغادره حينما باتت مراقبته غير مجديه بعد ان فُضح امر وجوده وقبل ان تتحرك العجلات قال :الى لقاء قريب اومئ جرير بخفه وثبت في مكانه يراقب سيارة سيف بينما تبتعد واضعاً يديه في جيبيه قبل ان يهمس بخفوت :قريب جداً . . . كيف لليل ان يصبح كابوساً ؟ كما وكأن الموت ينتظرك على سريرك في كل ليله ويتربص بك منذُ بدايات حلول الظَلام حتى شُروق شمس الفجر ! كأي ليله معتاده ظل اديان يصارع المنام حتى حَل النهار ومازال قطيع الافكار ينخر رأسه ويؤلمه عبثت الحمى بطاقته وقواه فأرهقته بالفعل، خرج من سريره بعد ان شعر بأن النوم مع هذا الحال مُحال ! اعد لنفسه كوب قهوه لكون الشاي مازال غير متوفر في المنزل وفور ان تذوقها جعد ملامحه ووضعها على المنضده .. لم يحبها ! لايفضل القهوه في احواله العاديه فكيف مع مرضه ومرارة فمه جلس على الاريكه واخذ يراقب الارجاء بشرود ولوهله .. افتقد سلطانه ! بل الأصح بأنه افتقد وجود احد حوله .. ضجيجٍ يصدر من جهةٍ ما من منزله او رائحة فانيليا تفوح من المطبخ ! افتقد شعور العائله ذاك الوهم الذي كان يؤنسه ويبهج قلبه .. رن هاتفه ينبّهه من شروده وتوهانه فالتقطه بوهنٍ، وضعه على اذنه ليمر عبر مسامعه صوت سلطان :ها اديان كيف حالك؟ اتكئ اديان على ظهر الاريكه شاعراً بشيء من الوخز في كتفه بعد الاصابه التي تعرض لها البارحه وقد كانت بسيطه استطاع رجاله خياطة الجرح وتعقيمه الا انها جرت خلفها مرض مزعج من حمى والم جسدي لايطاق .. زفر واجاب :لله الحمد بعافيه بطبيعة الحال مرت تلك الاجابه على سلطان الذي دخل في صلب الموضوع الذي استدعى اتصاله من فوره :ذو الفقار كلمني البارحه .. يبي يقابل محمد في باحة الجبل رفع اديان يده الى جبينه وفور ان حطت انامله على جلدته شعر بفوران من نار هناك وعرق خفيف يتوزع في جسده، ابتلع ريق فمه ثم تسائل :ليه ؟ شمعنى محمد ؟ وصل الى مسامعه صوت اغلاق سلطان لباب سيارته وكأنه للتو حتى صعد عليها ثم اجاب :يقول عشان قبر زوجته لان محمد اللي دفنها اغمض اديان عينيه واتكى برأسه على الاريكه معلقاً بسخريه :وايش يبي بقبرها .. راح يسويلها قبه خضراء ؟ قهقه سلطان بخفه وسخر هو الآخر بقوله بينما يشغل محرك سيارته وينطلق خارجاً من الحي الذي يسكن فيه :يمكن يبي يعزمها على زواجه زفر اديان وصمت لبرهه في هاله من التفكير قبل ان يوجه امره بقوله :سايره وحدد معه موعد اومئ سلطان ثم استفهم بينما تتعلق عينيه في الطريق قليل الازدحام كونه بعيداً نوعاً ما عن المناطق الحيويه في المدينه :في بالك شي؟ اعتدل اديان بجلوسه واخذ يورث سيجاره بينما يضع الهاتف بين كتفه واذنه قائلاً :ذو الفقار يدري عن سلطانه تكلم عنها طلحه في اعترافاته .. محتاج اعرف اذا كان يلعب بذيله مع هواري وضع سلطان هاتفه على وضع مكبر الصوت واخذ هو الاخر يورث سيجارته بينما يتكى على ظهر المقعد ويتسائل :ليش مستبعد عبدالعزيز؟ نفث اديان الدخان حوله واجاب بينما يعود للاتكاء بعد ان شعر بدوار خفيف في رأسه :عبدالعزيز مايعرف للف والدوران، اذا تأكد من ان بنته معي راح يجيني وياخذني للسجن بنفسه .. غير هذا هواري هالفتره غاطس ماطلع له صوت ولو ماعنده طريقه ثانيه يجيب اخته فيها كان جابلي كل المعلومات اللي طلبتها منه همهم سلطان بإقتناع لقول اديان قبل ان ينبس متسائلاً عن امره في هذا الخصوص :وايش خطتك؟ مر عبر مسامع اديان صوت جرس الباب وهتف بقولٍ مرتفع مبلغاً من بالخارج بأنه قادم قبل ان يجيب على سلطان بينما ينهض :بقابله انا صمت سلطان لبرهه ثم عاد ليتسائل بقوله :وسلطانه ؟ وبينما يتجه اديان ناحية الباب كي يفتحه للطارق اجاب قائلاً :صار وقت ترجع لاهلها . . . بعُجاله ادخلت مفتاحها في الباب وفتحته لتدلف بخطوات لطيفه بينما تحمل في يدها عُلبة طعام تحوي فطوراً كانت قد اعدته في المنزل لطاهر، وضعته على احدى الطاولات وعقدت حاجبيها بينما ترى فراغ المكان منه ومن فِراشه حتى تنبّهت للصوت القادم من مكان التحضير فأتجهت الى هناك لتنبُس بملامه :ولد شتسوي؟ وضع كيس البُن من يده والتفت نحوها بوجهٍ يؤلم الحُزن الذي فيه والذي خط عليه بطريقه واضحه بحق بينما عينيه محمره توضح كونه قد قضى ليله كله في البكاء، ابتلع ريق فمه واجاب :ماقدرت افتح المقهى نفسيتي شينه قلت اساعدك بالقهوه تقدمت نحوه وبينما تضع حقيبتها على الكاونتر انبته بقولها :منجدك انت ؟ طبعاً ماتقدر تفتح المقهى ولا تساعدني حتى .. وظيفتك اليوم ترتاح وتنام اذا تسويها تسوي فيني خير اطرق برأسه ينظر الى الكاونتر بينما يضع يديه في طرفه واجاب قائلاً :لا اقدر انام ولا ارتاح، محتاج اشغل نفسي بأي شي زفرت ساره وصمتت لوهله قبل ان تفتح حقيبتها وتخرج منها كِتاب لمحمود درويش مدته اليه وقالت :اعرف انك تحب درويش وتحتاج تشتت انتباهك بشي فأشتريته لك على طريقي .. ما اعرف اذا قرأته من قبل ؟ مد يده يلتقط الكتاب وكان قد قرأه من قبل لكنه وعلى اي حال سيسعد بقرائته مره اخرى ثانيه وثالثه ورابعه طالما وانه قد وقع عليه اختيارها، نظر اليها بعد برهه فوجدها تترقب رده لذا فهو همس :مواساتك لطيفه .. وحنونه شيء من التوتر غزى ساره من قوله وعمق نظراته فرفعت يدها تعدل من حجابها بأرتباك واشاحت بناظريها قبل ان تقع على علبة الطعام على المنضده فعلقت بينما تتجه اليها :جبتلك فطور ماتقدر ترفضه لانك اذا ذقت البان كيك حقي راح تدمن عليه تنفَس نفساً طويلاً ورغم حزنه الا انه يشعر بخفقات قلبه تتعالى بينما يخرج من مكانه ويقترب من المنضده التي تقف هي بجوارها يراقبها بينما تفتح العلبه وتعود لتردف :طبعاً حاول ماتتعود لاني ما اطبخه الا بعد رشاوى ومغريات ماديه تبّسم بخفه قبل ان تقع عينيه بعينيها حينما نظرت اليه بينما تسحب الكرسي لتتيح له الجلوس، مرت ثوانٍ صامته كان كلاً منهما يدفن في قلبه الف شعور فيظهر في عينيه ويَفضح سِره الصغير المكنون الذي قرر طاهر في لحظة ضعف افشائه بقوله :ساره .. انا احبك ضغطت ساره على ظهر المقعد بيديها وازدردت ريق فمها بينما تشعر وكأن شيئاً ما فيها يتهاوى وحرارة جسدها تتصاعد، تراجعت وبهمس قالت :صحة وعافيه بالكاد استطاعت استجماع قواها لتتجه الى ركن التحضير وفقط حينما مرت من جواره اعترض طريقها ونبس قائلاً :لاتفكري بأي شي .. صدقيني مايهمني .... وقاطعته هي حينما نبست بحده قائله :انا يهمني ! زفر وانسدلت كتفاه في ذات الاثناء التي عبرته بها فالتفت نحوها واوقفها عند الكاونتر بقوله :ساره ! كلها ثلاث سنوات .. انا احبك واراهن انك تبادليني نفس الشعور فلاتخلي شي تافه يوقف بيننا ضغطت ساره بيدها على طرف الكاونتر قبل ان تعود اليه بخطى سريعه وتستطرد بقولها الذي بدا لها منطقياً رغم حقيقة كونها تستطلف مشاعرها المائله الى طاهر ميلان الروح للروح وليس حباً كما هو يظن :ما ابادلك! استلطفك تهمني تعنيني اعزك ايه بس ما احبك! لايمكن احب شخص يصغرني راح استحقر نفسي قبل اي شي وحتى لو احبك راح ادوس على قلبي .. طاهر انت تمر بفتره حزن وتحتاج احد جنبك يمكن عشان كذا فكرت بأنك تحبني .. اقترب طاهر خطوه ونبس بحده غير راضٍ على تقليلها من مشاعره او نفي حقيقتها، هو يصارع ذلك الحب منذُ فتره ليست بهينه :لا مو انتي اللي راح تكيفي حبي لك وش اصله .. انا متأكد من مشاعري واعرفها صح سواءاً رضيتي بها او لا صرت ساره على اسنانها تكبت حنقاً فيها تأجج ليس على طاهر بل على ذلك القدر المشؤوم ! طاهر اول رجل يعترف لها بمشاعر حقيقيه نحوها وهو كذلك اول رجل يميل اليه قلبها فلمَ ذلك الحاجز المتين الذي وضع بينهما لم ؟ بذات الحِده والحنق قالت :بس ماتقدر تجبرني عليها .. ماتقدر تفرض علي حب انا ما ارغب فيه احتدت عيني طاهر واقترب خطوه اخرى حتى اصبح مابينهما خطوتان فقط ومن ذلك القرب همس بحده :راح ترغبين فيه، شئتي ام ابيتي انتي لي انا وبتحدٍ علقت ساره تحاول فرض رفضها الذي ترفضه حتى هي لكنه الخيار الاصح بالفعل ولاترى صواباً سواه :مـاتقـدر .. واطلع برا سكن طاهر لبرهه ينظر اليها بتحدٍ واصرار، هو يحبها يعشقها ويهواها ولن يهدأ او يرتاح حتى يحصل عليها .. حتى تعترف بأنها تحبه وتبادله ذات مشاعره التي تنكرها للتو رغم ان عينيها تفضحها، وقد فضحتها في المستشفى مسبقاً .. اومئ وتراجع دون ان يتنازل عن كتابها الذي في يده ثم خرج من المقهى بالفعل خرج قبل ثوانٍ قليله من دوي صوت الرصاص الذي ارتفع في الشارع المقابل للمقهى وتعالى الصراخ من كُل بقعه وقَرنه في الانحاء حينما شرع الناس بالهرب والتزاحم عداها هي فقد بقيت في بقعتها في منتصف مقهاها شاخصة الأبصار ساكنه بِلا حراك تراقب عينيها جسده الذي تهاوى خلف الزجاج ووقع هامداً على الرصيف الذي تخضب بدمائه ... طاهر ، الحزين طاهر . . . :انت صعتري مهما كانت دوافعك وجودك قرب اختي خطر عليها نبست زينه بينما تقف عند نهايات الدرج التي تقود الى اعلى، بالقرب من باب شقة اديان الذي يجلس على واحده من الدرجات متكئاً على الحائط محمر الوجنتين وكذا عينيه من اثر الحمى التي تشتعل في جسده، تبّسم وعلق :لحق ذو الفقار يعلمك ؟ عقدت زينه حاجبيها وبينما تمسك بالسياج الحديدي المجاوره لها وتتكى عليه بشكل جانبي تسائلت :صدق مافهمت انت وش علاقتك بذو الفقار ؟ اتكى اديان برأسه على الحائط واجاب :معرفه قديمه اومئت وصمتت لبرهه قبل ان تعود قائله :ماراحت اليوم للدوام، قافله على نفسها بالغرفه ومو راضيه تتكلم مع احد .. نادراً هالحاله تصيب بتراء صمت اديان لثوانٍ قليله بينما يراقب السياج والحائط امامه ثم تسائل :مكتئبه ؟ اومئت زينه تؤكد ذلك قبل ان تعلق :مافي شي يقدر عليها، اعرف اختي اقوى من انها تكتئب لاسباب واهيه وموضوع انها ماتبيك تكمل مع الصعتري مو سبب يستحق .. وش اللي بينك وبينها؟ اعاد اديان ناظريه الى زينه واجاب بصدق حينما كان رجلاً لايستحي من مشاعر ولا يجد ضروره لاخفائها .. بل يتباهى بها ويود لو يصرخ في اعلى قمه بالقريمزاء ليصل صوته الى الجميع كي تعلم كل الدنيا بأنه قد احب ولاول مره منذ ان خلق قد وقع في الحب والحياه .. :احبها .. بتراء اول حب في حياتي واصدق شعور واعظم امنيه .. هذا اللي عندي انا سكنت زينه لبرهه بينما تنظر اليه وتقرأ صدقه في عينيه قبل ان تطرق برأسها في الارض متسائله في داخلها عن ذلك القدر الذي كتب لها ولأختها ! لم أُجبرن على مواجهة حب تتخلله السياجات الشائكه بالموت والهلاك ! زفرت وقالت :اتوقع انها تبادلك هالمشاعر .. بس خلي بالك ! بتراء صلبه تقدر تقوى على مشاعرها وتتجاهلك كأن الله ماخلقك ويمكن تحاربك بعد ! لاتنتظرها تطيح لك من مجرد مشاعر تبّسم بخفه وعلق على قولها بما هو متأكد وموقن ومدرك له جيداً وربما ينتظر ذلك بفارغ الصبر :ماراح تتقبل حياتي مثل ماهي ولا راح تتجاهلني كأن الله ماخلقني .. بتراء راح تغيرني وتشكل حياتي بالطريقه اللي هي تبيها .. وانا منتظرها ومسلم لها امري لان ماحد يقدر يطلع اديان من وحل الموت غيرها بادلته زينه ابتسامه هادئه قبل ان تعلق قائله :راح تقدر اومئ بخفه ورآها بينما تتراجع عائده الى المنزل، اما هو فقد بقي في مكانه شاعراً بعظيم من التعب والإنهاك وربما اكثر ماشد عليه مرضه الجوع فقد قضى يوم امس منشغلاً عن شراء الطعام واليوم اصبح لايملك طاقه للخروج من المنزل .. نهض متكئاً على السياج ثم اتجه الى شقته قبل ان يرمى جسده على الاريكه ويستغرق في النوم الثقيل . . . حينما يصبح عصياً على الإنسان ان يعرف نفسه ويقرأها يصبح العيش لايطاق ! شيء اشبه بالثقب الاسود الذي يبتلع كل عشوائيه الدنيا وتخابط وتضارب الافكار هكذا يبدو عقل بتراء منذُ البارحه الا انها توصلت لنتيجه واحده دون سِواها .. لايصدْق سيف فيما قال فهي لاتكن لاديان سوى شعور الشفقه .. كما وكأنها ترى شخصاً يغرق فإنقاذه لايتطلب حُباً او شعوراً خاص وانما حفنه من الانسانيه والايثار كانت مقتنعه بتلك الفكره التي توصلت اليها اشدُ اقتناع، حتى طُرق باب غرفتها فزفرت ونبست تسمح للطارق بالدخول بينما تقف عند نافذة غرفتها تراقب المدينه كعادةً لديها للهرب من نفسها الضيقه الى سعة الدنيا .. مر عبر مسامعها صوت زينه التي قالت :صباح الخير على اختي العاشقه الولهانه نظرت بتراء الى زينه بصدمه، بذهول .. مابهم هؤلاء مابهم يدفعونها نحو هاوية نحو مستنقع ومتاهه لاخلاص منها بينما هي تحاول الخروج من كل ذلك ولو بالوهم .. فقط بالوهم ! ازدردت ريق فمها وقالت :ايش قصدك؟ تقربت زينه من الاخرى بعد ان قفلت الباب ونبست توضح قولها بينما تشابك اناملها خلف ظهرها :سمعتكم البارحه .. نزلت وراك وسمعت كل اللي دار بينكم وما اخفيك حسيت بالخطر حولك وخفت عليك مو بس انتي اللي تحميني وانا كمان مفطوره على حب اختي والخوف عليها عند كلماتها الاخيره أدمعت عيني بتراء ذات المشاعر المتهيجه بطبيعتها لهذا اليوم، رفعت يدها تمسح على عينها اليسرى وقالت :وكأنك سمعتي كلام رومانسي مو ارهاب وموت تقدمت زينه اكثر واستطردت بإبتسامه خفيفه :سمعت خوفك عليه وجنونك حتى تبعدينه عن درب الخطر نفس الدرب اللي شجعتي عليه طاهر وسيف ومشيتي فيه خايفه على اديان منه ! ابتلعت بتراء ريق فمها لمره اخرى حينما تلقت اللطمه الثانيه ومن اختها هذه المره بعد ان فعلها سيف البارحه ! ، هزت رأسها للجانبين بنفي تام حين قالت :انتي فاهمه غلط زينه، اديان مو بنفس طريقنا .. اديان فرد من افراد الصعتري يبي ينتقم لامه منهم مايدري ان هذا انتحار .. زينه حتى اللي واقفين بظهره منتظرينه يموت ! سكنت زينه وسكنت ملامحها، لبرهه يسيره نبست عقبها بقولها :قبل اجيك كنت اتكلم معه هنا بالدرج .. تدرين ايش قال ؟ عقدت بتراء حاجبيها بإستغراب مما تسمع ! ما الذي تفعله زينه برفقة اديان وما الحديث الذي قد يكون دار بينهما ! هزت رأسها بإستفهام بينما زينه اردفت قائله :قال احبها .. قال محد يقدر يطلعني من وحل الموت غيرها وانا مسلم لها امري وانتظرها تشكل حياتي بكيفها .. بالحرف الواحد هذا اللي قاله وعيونه وحدها تحلف على صدقه لانت كل ملامح بتراء، لانت بطريقه وكأنها ستبكي من فرط شعورٍ تأجج في جوفها وحتى توهانها ازداد للتو .. ما الذي يفتعله بها هذا الرجل وكيف استطاع تجنيد الجميع ليذكرونها بمشاعره ناحيتها في كل مره تقسم بها بأنها قد نجت من متاهاته ! رن هاتفها من على السرير فاتجهت اليه غير راغبه بالرد على زينه التي زفرت وخرجت من الغرفه بعد ان قالت كل مالديها بالفعل، بينما بتراء فقد تأففت حينما رأت كون الاتصال آتٍ من زميله في الصحفيه بالتأكيد ستسألها عن سبب غيابها .. وضعت الهاتف على اذنها واجابت بخفوت بينما تعود الى نافذتها :هلا فوراً جائها الصوت المفزوع من الاخرى التي نبست تصف الكلمات بتعجل غريب :بتراء قبل شوي حاولوا يغتالوا سيف امسكت بتراء بحافة النافذه وشخصت ابصارها بهلع، شرعت تتسائل بينما هي لاترغب في سماع الاجابه .. لاتقدر على خساره اخرى يالله :مات! نفت الاخرى ذلك مما بث في بتراء شعوراً بالراحه سرعان ماتلاشى بينما تمر على مسامعها الجمله ذاتها :لا ماتعور بس الولد اللي يشتغل بمقهى ساره دمه غرق الرصيف اخذوه للمستشفى ما اعرف اذا حي او ميت عضت بتراء على شفتها السفليه بقوه حتى انسابت الدماء منها، اغلقت الهاتف واتجهت الى السرير فجلست عليه ورفعت يديها الى وجهها مستسلمه للبكاء .. لايمكن ان يموت طاهر .. لايمكن ان يدفع ثمن مالم يفعله ! ليس بعد مازال لم يحظى بساره ولا بحبها !! ليس بعد يالله نهضت من مكانها بعد دقائق باحت فيها عن كل وجعها وشكواها دموعاً لم تتوقف ويبدو بأنها لن تفعل .. ارتدت عبائتها واستعدت للخروج قبل ان تقع عينيها على درج المكتب الذي يحوي السلاح بعد ان تراجعت عن رميه البارحه ابتعدت عن المكتب دون ان تأخذه واتجهت الى الخارج بإيمان بأنها هي من تستحق الموت وليس طاهر ! خرجت من المنزل دون ان تضطر لملاقاة زينه او امها وحالما اغلقت باب الشقه وقعت عينيها على باب شقة اديان .. تجاهلتها رغم ذلك الغضب الذي تود ان تفرغه به واتجهت الى الدرج قبل ان تعود اليه وتطرق الباب بقوه وعزم لدقائق لم تتوقف بها عن طرق الباب حتى شعرت بتخدر كفيها، يجب ان يخرج .. يجب ان يُحاسب على ارواح الابرياء .. انه يشاركهم افعالهم دون ان يهتم بأرواح الناس ويستخدم تلك الجرائم كدرج يصعد عليه في اعين الصعاتره ولاتستبعد كونه هو من فعلها .. حاول اغتيال سيف بعد ان قتل شاهر بيديه الملوثتان بدماء زملائها فتح الباب بعد كل ذلك الوابل من الطرقات التي لم تتوقف بطريقه استطاعت انتشاله من غيبوبته تلك، عينيه محمره ووجهه وجسده متعرق بشده بينما قواه بالكاد تكفيه ليقف متكئا على الباب فقط استطاع تمييز هيئتها ثم التقطت اذنيه بضع كلمات خرجت بنبره مندفعه وهجوميه كما وكأنها تصرخ عليه قبل ان تعتم عينيه وتنطبق اذانه ويفقد كل مابقي لديه من طاقه واقعاً على الأرض كالجثه الهامده مكتفياً بذلك القدر من الصمود والاستقواء . . . ثم وفي ساعه من الظُهر كانت ساره تجلس ارضاً في الممر البارد، تحتضن قدميها وتتكئ برأسها على ركبتيها ومنذُ ساعة الصُبح تلك لم تتوقف عينيها عن ذرف الدموع بخوف وحزن وقلق، بندم وحُب وود .. ذلك الالم الذي ينتابها الان شيء يصعب وصفه وشرحه شيء مرعب بحق يجلس سيف على مقعد مقابل لحيث تجلس ساره بينما هواري يقف عند نهايه المقاعد متكئاً على الحائط ذاته الذي هرع الى المستشفى حالما سمع عن الحادثه جائت بتراء من بداية الممر بخطوات بطيئه بعد ان غابت عنهم لدقائق من الزمان ولايعلمون اين كانت، هزت رأسها تستفهم عن اي تطورات فنفى سيف ذلك هازاً رأسه دون نطق بأي كلمه بينما هي فقد اتجهت الى ساره وجلست على الارض بجوارها اتكئت برأسها على الحائط وشردت فيما يجري كما وكأنهم على متن فُلك في خِضم العاصفه ولا امل في الأفق بأن الحال سيغدو أفضل ! تنبّه جميعهم لكلمات ساره تلك التي مازالت تجلس في ذات وضعيتها وترتكز ناظريها في نقطه فارغه من الأرض البيضاء امامها :طردته .. ماطلع بنفسه من المقهى انا اللي طردته ازدردت هي ريق فمها في ظل سكون الثلاثه الذين ينظرون اليها متعجبين مما تقول عاجزين عن المواساه بينما هي فقد عادت واردفت بنبره باكيه بينما توجه ناظريها الى بتراء :تو البارحه دافن امه واليوم .. بتراء انا حقيره هزت بتراء رأسها الى الجانبين وامسكت بكفي ساره بينما تهمس قائله :لا ساره لاتفكري بهذي الطريقه .. انا متأكده ان لك اسبابك واياً كانت راح يصحى وتتكلمون وتعتذرين منه وتوقفين جنبه .. انتي عندك اطيب قلب في الدنيا دخلت ساره في نوبه من البكاء للمره التي لاتحصى منذُ ان اتوا وأُدخِل طاهر الى غُرفه العمليات ولم يخرج ! زفر سيف ونظر نحو هواري الذي بادله النظر بشيء من الاسى والقلق، قلق سيطر عليهم بالفعل بعد ان طال وقت العمليه مرت ساعه كذلك ! في ذات الوضع والحال بين الخوف والقلق والحسره حتى خرجت الطبيبة زافرةً انفاسها وكأنها للتو حتى انتهت من معركه عسيره، نظرت في وجوههم القلِقه وابتلعت ريق فمها وقالت :مازال في مرحلة الخطر حل الخذلان على ملامح الاربعه كما انسابت الدموع من عيني ساره قبل ان تعود الطبيبه لتردف :طلعنا الطلقات ووقفنا النزيف بس محتاجين نخليه تحت المراقبه في حال انتكس او جاه نزيف داخلي اومئوا بسكون والم بينما ساره فقد تسائلت :ماراح يصحى؟ نظرت اليها الطبيبه ولحالها المأساوي ثم قالت :راح ننتظر ونشوف .. يحتاج منكم الدعاء همس هواري بالشكر وغادرت الطبيبه بالفعل بينما ساره فقد اتجهت الى مقعد وضعت يديها على وجهها واتمت نوبة بكائها، بجانبها بتراء تحتضنها وبالجوار يقف كلاً من سيف وهواري قبل ان تتوجه انظارهم جميعاً الى الحذاء الذي يقرع على ارض الممر الخالِ من عداهم حتى توقف امامهم واضعاً يديه في جيبي بنطاله متسائلاً بجمود :جرير المطلق؟ ازدرد سيف ريق فمه بينما هواري فقد نظر اليه عاقداً لحاجبيه حينما كان الاسم غير مألوفاً له على الاطلاق ! نبست بتراء من مكانها توجه كلماتها للمعني قائله :طلب منك الدكتور ترتاح نظر الجميع نحو بتراء وللتو حتى ادركوا اين كانت تختفي منذ الصباح لدقائق ثم تعود ! اما اديان فقد تجاهل قولها الحاد ونظر نحو سيف قائلاً :كان المفروض انت مكانه! لاتفكر بأنك نجيت جرير ماراح يخليك الا اذا دخلك القبر .. وهذا مصير لائق باللي يركب راسه ويسوي مشتهاه وللامانه لم يتخيل سيف حدوث ذلك ! نعم كان يوقن بأن اللعب مع المطلق لن يأتي له بالخير ابداً الا انه لم يتوقع ان جرير سيحاول القضاء عليه بهذا السرعه وبمجرد انه شعر بالخطر من ناحيته ! فكيف ان علم بأنه يريد فضحه وايقاعه والوصول الى ردمان عن طريقه ؟ كان جبينه متعرقاً فرفع انامله يمسح حبات العرق بينما يجيب بخفوت :ماراح اكون احسن من شاهر اومئ اديان ورفع سبابته ووسطاه امام المعني كدلاله على تلازمهما الاثنان معلقاً :صحيح انتم بنفس الغباء وجه ناظريه الى هواري من اعلاه الى اخمص قدميه ثم صدم في كتفه عمداً قبل ان يعبرهم بالفعل، اغمض هواري عينيه بقل صبر وتجاهله بينما يضع يده على كتف سيف هامساً :كل شي راح يكون بخير نهضت بتراء من مكانها بعجاله وتبعت اديان قبل ان تناديه، توقف استجابةً لها في ذات الممر وعلى بعد خطوات من البقيه .. تواجهت معه بعد ان التفت ناحيتها ورأى الخوف في عينيها كما خرجت نبرتها مرتجفه حين قالت برجاء :انت تقدر تحميه سكن لبرهه ينظر اليها قبل ان يهز رأسه بخفه ويجيب بنبره خافته لم تعلو على مستوى خاصتها منذ برهه وكأنهم يتعمدون حتى لاتصل حروفهم الى مسامع الآخرين قائلاً :مو مُجبر تقدمت بتراء خطوه واجابت تؤكد على ذلك وكأنه امراً مفروغ منه غير قابل للنقاش والجدال :طالما تقدر فأنت مجبر لم يجيب بل مرت ثوانٍ وهو ساكن في مكانه تائهاً وشارد الذهن في عينيها في ذلك الحال الذي هم فيه وتلك المواقف العسيره، في كل شيء سيء حوته القريمزاء هذه المدينه المشؤومه التي تستحق الهلاك قصاصاً على ماعاثت به من فساد في قلوب الاحبه، اكثر رجاءاً خرجت كلمات بتراء التي اردفت بها وكأنها تلوذ بحماه من بطش الطغاه ووكأنها تراه طوق النجاة والحياة :اديان ما اقدر ! ماعاد فيني حيل اتحمل خساره، تكفى ! ولوهله شعر اديان وكأنه يرغب بتهشيم كل مايراه امامه من عظيم غضب تأجج به؛ كل شيء حوله يدفعه الى الجنون الى الرغبه في التحطيم والتكسير وصنع الطوفان في الأرض، صر على اسنانه ورفع كفه يضرب بها الباب المجاور له بينما يصرخ مثيراً فزع بتراء والثلاثه خلفها :لـو سامعيـن كَـلامـي من الأول ! جـريـر مو صعتـري .. جـريـر مو مجـرم عـادي ! انـا شخصيـاً مـا أقـدر عليـه مـا اقـدر أحمـي نفسـي منـه ! ابتلعت بتراء ريق فمها زمت شفيها وذرفت الدمع من عينيها بينما تنظر اليه بحالٍ يرثى له، بعينين ووكأنها اطلت من اللقاء الاول ! اطلت من ذلك الكهف قبل ثلاثة عشر عاماً تذكره بأول جريمة ارتكبها واول نفسٍ أزهقها قُرباناً لبهجة تلك العينين وحُرية تلك الكفين الرقيقتين .. وآهٍ من بتراء كيف تدفعه الى افتعال الجنون هكذا ! رفع يده في الهواء راغباً في اخفاء تلك الدموع وعِناق تلك الهيئه التي هام بها عِشقاً ثم انزل يده وتراجع مبتعداً ليختفي من امامها رفعت كفها الى فمها علها تحبس شهقاتها الباكيه بينما تلتفت نحو سيف بحسره وقلق عظيم، وكان سيف يقف في مكانه يراقب المشهد بسكون وجمود قبل ان يقفل اجفانه ويفتحها كأبسط رساله يستطيع توجيهها لبتراء .. رساله تخبرها بأنه لا بأس عليه سيكون على مايرام ! . . . وعند الفجر، أَيقظني نداءُ الحارس الليليِّ من حُلْمي ومن لغتي: ستحيا ميتةً أخرى، فعدِّلْ في وصيّتك الأخيرة .. | ||||
24-09-24, 12:15 PM | #33 | ||||
| الفصل السادس عشر . . . للايام قانون واكثر من يحترم القانون هي الأيام .. فمهما بلغ حُزنك ستمضي ومهما اكتمل فرحك ايضاً ستمضي وتنطوي لتبدل حالك من حالٍ الى حال او تبقيك في مكانك وتُحصىٰ هي من عمرك الفائت جاهلاً انت عم بقي لك منه ! من كان يظن ؟ بأنها ستقف عِند المرآه في خِتام احد ايامها تتمعن في ملامحها المِحمره بحياء لترى كيف بدت في لقائهما الاول بعد عقد القِران، مررت اناملها على وجنتها واطراف شعرها بينما تستذكر كِلماته التي كانت فردوسية اللحن على مسامعها "يا أعظم انتصاراتي والعوض الجاي من ربي" تُبدل ناظريها الى يدها اليُسرى التي تزينت بخاتمه، لا تعلم ما السبب لكنها تشعُر بالرِضا عن ما آل اليه الحَال نعم ان الطريق خلفها مليئاً بما يؤلم القلب ويؤرقه لكنها الان تقف عند محطةٍ مُستقره وان كانت غير آمنه .. واكثر ماتحتاج التزود به هو النسيان لسلوك دربٍ مجهولٌ طَرفه فهل ستحظى بحياةٍ تليق بزينه ام انها ستُشابه نهايتها قَدر فاطمه ! تحتاج الى ان تغامر كي لا تحيا بحُبٍ ناقص وجُرح لن يُشفى خرجت من الغرفه بعد ان بدلت ملابسها وارتدت بيجامه نوم، فوجدت بتراء في الصاله مازالت بفُستانها تقف عند النافذه بشرود، تقدمت نحوها وتسائلت :بتراء ! فيك شي؟ نظرت بتراء ناحيتها وتنهدت قبل ان تجيب بينما تعود الى الاريكه قائله :مدري احس قلبي ناغزني ! كأن راح يصير شي عقدت زينه حاجبيها وجلست بجوارها بينما تتسائل :شي مثل ايش بالضبط ؟ قلبك ناغزك على مين ؟ هزت بتراء رأسها بعدم معرفه قبل ان تجيب بقولها بينما تجول بناظريها في الارجاء بحيره وخوف :ما ادري . . . ذات الباحه التي حَدث بها النِزال منذُ اياماً مضت، مازالت الدِماء بها متيبسه جافه على الأرض، لاحياة بها سوى نعيق الغِربان التي تحوم بين الجِبال في ساعه من المساء وبعد ان اظلمت الأرض كل ماحوله يدعو الى التوتر، ماذا لو لم تنجح خُطته؟ لو جاء محمد المشهدي رفقة رِجال آخرون ! لو انتهى امره هنا بين هذه الجبال دون ان يحظى بميته مسالمه ولا الوصول الى اخته ! ابتلع ريق فمه حينما رأى ضوء السياره الذي يلوح من الأُفُق، مد يده يتفقد مسدسه المُخبأ اسفل قميصه الفضفاض وثبت في بُقعته يراقب اقتراب السياره التي توقفت بالفعل قُرب سيارته .. أُطفِئت انوارها وترجل عنها رجُلٌ صلب مُلثم التقط نفساً عميقاً ثم ترجل عن سيارته وتقدم بخطاه ناحية الآخر الذي يقف في مكانه في هاله لاتقرأ .. حينما تبقى بينهما خمس خطوات توقف هواري وقال :محمد المشهدي؟ قهقه المعني بخِفه وتقدم يقطع خطوتان من اصل خمس لتتضح له عينيه بسبب الضوء القادم من السياره وبينما هو يقبض على يديه خلف ظهره قال :نعم ؟ سكن هواري لبرهه، طالت فأصبحت دقيقه كامله كانت كافيه ليدرك هوية الآخر لذا فهو تراجع بينما يضع يده على جانبه حيث يقبع مسدسه وتقاطع بخطوات الآخر الذي اقترب منه سريعاً وأشهر في وجهه مسدساً ليبث في جسده شللاً عن اي حراك قد يؤدي به الى مُلاقاة حتفه رفع الآخر يده يسقط بها اللثام عن وجهه فتراءت له ملامحه، تبّسم وعلق :من صِفات المنافق .. اذا وعَد أخلف زفر هواري ورفع انامله الى طرف حاجبه قبل ان ينطق معلقاً على قول اديان الاخير :انا ما وعدتك بشي .. انت هددتني واجبرتني اوافق على اوامرك سكن اديان لبرهه كما وكأنه مازال يستمع الى كلمات هواري التي انتهت بالفعل ثم اجاب عقبها بقوله :انت الربحان .. في طرف الطريق كنت راح تلاقي اختك وهذا مقابل يستحق تقدم روحك في سبيله ولا ياهواري؟ وفوراً علق هواري مستطرداً بقوله عن اقتناع تام به :ومن صِفات المنافق اذا حدَث كذب .. اختي ماهي معك اللي خطفها اسمه محمد المشهدي .. قاطعه اديان بينما مايزال موجهاً سِلاحهُ نحوه وبإبتسامه مُستفزه :اختك زوجتي ابتلع هواري ريق فمه بذهول مما مر عبر مسامعه ! انه لشيء اشبه بالجنون ان يجد اخته بعد هذه السنين زوجه لاحد شيوخ الصعتري الذين قاموا بإختطافها ! شك لوهله عن مدى قابليتها للعودة اليهم ان أُتيحت لها فرصة الاختيار اصلاً .. انزل اديان سِلاحه وتراجع نحو سيارته ليفتح بابها المجاور للسائق وفي ذلك الحين فقط علم هواري بمن سيواجه .. شعر وكأن قدماه لاتحملانه وقلبه يتمرد في صدره وكأنه راغباً في الخروج من سِجنه، اُدمعت عينيه حينما رأى هيئتها التي يحفظها جيداً رغم انها مغطاه تماماً بِحجابها الشرعي أغرورقت عينيه بالدموع وكاد ليتقدم هو نحوها ويقطع المسافات التي حالت بينه وبين روحه وراحته ومِرواح همه الا ان اديان وقف بينهما وعاد شاهراً سلاحه في وجهه فوجه ناظريه اليه هازاً رأسه برجاء خائف من ان يُقتل في هذه اللحظه وهو على عتبة الحياه تأكد اديان من ان سلطانه ورائه تماماً شاعراً بقبضتها التي احكمت على سترته بشيء من التوتر والخوف من كل مايحدث حولها، هذه المرأه الرقيقه اللطيفه لاتقوى على بشاعة ماترى وهو يوقن بذلك جيداً، ركز ناظريه على هواري وقال :لو فيك عقل واعي ومُدرك كان بديتها على حس توغوموري اللي عندك سكت قليلاً ينظر اليه بينما هو لم يقدر على النطق او التعليق، لايود بأن يخسر ماتبقى له من املٍ بأن تعود سلطانه الى احضانه سالمه، ماراً عبر مسامعه قول اديان الذي اردف :ولا خدعك الصهر الجديد؟ رفع هواري يده يمسح بها وجهه ليخفي دمعاً تمرد عن عينيه رغماً عنه وقال :ذو الفقار مايدري عن الاتفاق اللي بيني وبينك، وصلته معلومات بأن سلطانه مع محمد المشهدي وشاركها مع ابوي اومئ اديان واتم عنه باقي حديثه بقوله :وطبعاً ابوك مو مصدق بأن سلطانه عايشه ومايبي يخاطر مع الصعاتره بس انت بايعها .. مستعد تموت وانت تجرب كل الطرق اللي تنفتح ابوابها قدامك تقدم هواري خطوه ونبس بإندفاع قائلاً :لاتأذيها ردها لابوي سالمه، وانا اذا تبي تقتلني اقتلني ماراح اقاومك صمت اديان لبرهه قبل ان يضع يده على كتف سلطانه ويقدمها كي تقف بجواره اسفل انظار اخيها المتلهف على ضمها بين اضلاعه، وعلق بقوله :طيب اذا هي ماتبي ترجع لابوها ؟ وقعت عيني هواري على قبضة سلطانه لسترة اديان بتمسك شديد وتملك فأنهمرت دموعه رغماً عنه واشاح بوجهه بعيداً شاعراً وكأن شيئاً من اللهب يشتعل في جوف صدره كاتماً على انفاسه حاله ذلك كان ممتعاً لاديان الذي مقت بالفعل تصرف هواري من ورائه بينما سلطانه فبالرغم من انها لاتتذكر هيئته التي بدت مألوفه نوعاً ما الا انها تتذكر جيداً تمتماتها في يوم الحادثه وإصرارها على مُناداته في احلك ظروفها وأصعبها .. ربما ذلك كان دليلاً كافياً لكونه كان آمانها وائتمانها، اندفعت بهمسه من قاع حقيقتها :هواري ! نظر اليها هواري مميلاً برأسه مُستسلماً لفرط حُزنه وقهره في ذات الاثناء التي ربت بها اديان على ظهر سلطانه حاثاً اياها على التقدم ففعلت خطوتان فقط وقطع هواري باقي المسافه ليضمها الى صدره بقوةٍ وكأن يرغب بإدخالها في فؤاده وحِفظها هُناك من كل سوءٍ بالدنيا او مراره ادخل اديان مسدسه خلف ظهره مشيحاً بناظريه عنهما، اخرج من الجيب الداخلي لسترته ظرف ونظر اليه لبرهه قبل ان يمده الى هواري الذي كان يقابله بينما يحتضن شقيقته، تبادلا ايماءه خفيفه كانت ختاماً حقيقياً لتلك القصه التي انتهت بعودة سلطانه الى عائلتها وخسارة اديان لعائلته التي انتمى اليها يوماً ما صعد سيارته وشغل محركها ثم تحرك سريعاً مبتعداً عن وقفتهما كما وكأنه هارب من ذلك الموقف ومن مشاعره وغصته التي لازمته فرفع يده يمسح دمعه تمردت عن عينه اليمنى قبل ان يتوقف بسيارته على جانب الطريق ويضع رأسه على المقود منهاراً هُناك بوهنه وحُزنه .. خائفاً من دنيا سيعود اليها وحيداً في منزل كئيب وبارد . . . في ساعه من بِدايات صُبح يومٍ جديد رتيبٍ كأشباهه إلا انه لايخلو من الأمل، ذلك البريق الطفيف الذي يقطن في قاع الفؤاد ومنذُ اسبوعٍ كامل هي على ذاتِ الحال، تفيق من نومٍ متقطع عند بداية شروق الشمس وتتلهف على المجيء لعل الله احدث بعد ذلك امرا في ممر المستشفى تخطو بينما تراقب بعينيها فراغ المقاعد المصطفه امام باب غُرفة طاهر، لا احد هنا من اقاربه الذين اعتادوا التردد عليه .. عمه واحد ابناء اخواله، الممر فارغ وذلك السكون بدا مُفزعاً، ابتلعت ريق فمها واتجهت الى الزجاج المطل على داخل الغرفه وقد اتسعت عينيها برؤية السرير يشارك الخارج فراغاً ووِحشه تراجعت خطوه وقبضت على حقيبتها بينما يدها الاخرى تستقر على فمها، تعالت انفاسها واخذت تسرع قاطعةً باقي الممر الى طرفه حيث يقع ركن الاستعلامات وهناك نبست للموظفه بعجاله وبالكاد تستطيع صف كلماتها :المريض اللي بغرفه ٩٢ وينه ؟ عقدت الموظفه حاجبيها وتسائلت :اللي من اسبوع بغيبوبه؟ اومئت ساره سريعاً بينما الموظفه سكنت لبرهه بينما تنظر في جهازها الكمبيوتر مثيرة بتلك الثواني القليله رعب ساره وخوفها وارتباكها مما قد يمر عبر مسامعها قبل ان تلتمح ابتسامتها بينما تعيد انظارها اليها قائله :صحى الفجر ونقلوه للدور الثالث غرفه ١١١ زفرت ساره نفساً مرتاحاً ورفعت يديها الى وجهها بينما تهمس بالحمد لمرات عِده، انزلت يديها وشكرت الموظفه قبل ان تتجه الى الدرج المجاور سريعاً وحالما توقفت اقدامها امام باب الغرفه المنشوده التقطت انفاسها بشيء من التوتر وابتلعت ريق فمها، طرقت باب الغرفه لمرتين ولم تسمع اجابه ففتحته بهدوء واطلت برأسها الى الداخل قبل ان ترتسم على شفتيها ابتسامه برؤيته مستيقظ وينظر اليها بهدوء دلفت وللتو حتى انتبهت للرجل النائم على الاريكه والذي يبدو بأنه استيقظ على صوت باب الغرفه فهمست :آسفه صحيتك نفى الرجل والذي يكون عم طاهر قبل ان ينهض من مكانه ملتقطاً شاله بينما ينبس قائلاً :لا ولايهمك، خذوا راحتكم انا برا فتحت ساره فاهها بذهول ولم تقدر على النطق قبل ان تنظر ناحية طاهر الذي هربت من بين شفتيه قهقه خفيفه تزامناً مع باب الغرفه الذي أُغلق معلقاً بخفوت :مو بس انا اللي كاشفك زفرت وهزت رأسها بيأس قبل ان تسحب كرسياً وتجلس عليه قائله :كيفك ؟ اومئ بخفه ثم قال مجيباً بينما ينظر اليها بإمتنان وقد اعلمه عمه بملازمتها له عند باب غرفته طوال الاسبوع الفائت دون انقطاع :بعافيه .. شكراً ساره صار ديني لكِ كبير عقدت حاجبيها وتسائلت بينما تحتضن حقيبتها :مافهمت على ايش تشكرني ؟ تبّسم طاهر واجاب :لانك ماخليتيني بالرغم من اللي صار فوراً هزت ساره رأسها وعلقت قائله :ماصار شي، انا اللي غلطت وانا اللي لازم اعتذر منك .. وعلى اي حال مو وقته هالكلام توك صحيت ومحتاج ترتاح صمت هو وراقبها بينما تفتح حقيبتها وتخرج منها علبه سوداء بحجم الكف، وضعتها على المنضده المجاوره للسرير تزامناً مع نهوضها من مكانها وقولها :صار اسبوع اجيبها معي كل يوم على امل انك تصحى، الحمدلله على سلامتك طاهر ماتشوف شر وربي يجعل اللي صار طهور واجر لك سكن طاهر لبرهه بينما يراقب عينيها التي أُشيحت عنه عقب مده بسيطه وكادت لتبتعد لولم يوقفها هو بقوله :ساره .. انا للحين مصر على انك تعطينا فرصه .. فكري في الموضوع اكثر المشاعر مو شي يتخبى صدقيني تقدرين تشوفين اللي انا والكل قاعد نشوفه ! .. تكفين ! زفرت انفاسها قبل ان تومئ بخفه لترتسم على شفتي طاهر ابتسامه مبتهجه اجبرتها على ان تبادله بخفه وتلوح بكفها قبل ان تبتعد بالفعل وتغادر الغرفه تحت انظاره تنهد ومد يده بصعوبه يلتقط العلبه التي وضعتها بجوار رأسه، تبّسم حينما فتحها ووجد بها صوره فوتوغرافيه للمقهى الخاص بها مكتوباً اسفلها عباره كانت اشبه بماء الحياه الذي بُث في عروقه واحيا روحه بعد يباسٍ عتيق .. "الاماكن كلها مشتاقه لك" . . . فَرقت بين رمشيها بشيء من الرتابه والبطء، لاتستيطع ان تدرك ماحولها خاصه في لحظات صحيانها الاولى، تراءت لها بتراء تقف فوق رأسها بهاله غير مُفضله .. تبدو مرتبكه او خائفه من شيء ما وللحظه تذكرت قولها البارحه " قلبي ناغزني ! كأن راح يصير شي "، نهضت سريعاً لتجلس في مكانها متسائله برعب :شفيك شصاير ؟ لطمت بتراء على خدها بينما تُفصح عن ذلك الأمر الذي اثار جزعها منذُ الصباح الباكر :زينه الحقي علي .. الكحل مو راضي يروح جمدت زينه في محلها لبرهه قبل ان تشير الى عينيها هامسه بلا استيعاب :الكحل ! .. صحيتيني من نومي عشان كحلك مو راضي يروح ؟ اتسعت عيني بتراء بذهول مما مر عبر مسامعها فتلك المعتوهه حتماً لم تستطع ادراك اهمية الامر فقالت معلقه :اييه تبيني اطلع متبرجه كأني من نساء الجاهليه ! شفيك سوي حل لازم يروح تأففت زينه بضجر قبل ان تنتر فيها بسخط وملامه :شسويلك يعني انا قايلتلك لاتسوين كحل بس انتي ماتسمعين، تموتين على المعاند ابتلعت بتراء ريق فمها وبركود تسائلت :والحل ؟ اشارت زينه نحو تسريحتها المصطفه عليها مستحضرات التجميل وعلقت بينما تعود لتمتد على السرير :لاتبالغي سوي مزيل مكياج زفرت بتراء بينما ترى زينه تتمدد على الجهه الاخرى لتقابلها بظهرها وتسائلت بينما تتجه الى المستحضرات لتبحث بينهم عم ذكرته الاخرى، هي لم تعتاد على استخدام اي شيء من هذا ولطالما كانت تمقت المكياج وزينة الوجه بأنواعها لو لم تضطر الى ذلك بالامس في حفلة عقد القران :مايضر داخل العين ؟ وفوراً جائتها اجابة زينه بسخريه :راح ياخذك حتى لو عمياء لاتخافين اطلقت بتراء "تشه" للسخريه بينما تمسح عينيها بالقطنه التي مع الاستمرار ازالت مابعينيها بالرغم من بقاء طرف اجفانها بلونٍ داكن قليلاً الا انه وعلى اي حال لايلفت النظر خرجت بعد دقائق من المنزل بعد ان تناولت فطورها متجهه الى الصحيفه سيراً على الاقدام كما احبت واعتادت، لقد وصلتها رساله من ساره قبل نصف ساعه تخبرها بأن طاهر استيقظ وقد كان ذلك خبراً شعرت وكأنه قد اعاد الحياة الى نصابها، وربما الايام الخاليات عائده بالفعل .. تتلفت حولها بحيويه بينما تراقب المحال المفتوحه والماره حولها كلاً له مرامه .. بدت لها في هذا الصبح الحياه بلونٍ جميل كانت قد افتقدته في الفتره الماضيه دلفت الى مقهى ساره واتجهت اليها بينما تنبس بإبتسامه :مين الحلو اللي الفرحه اليوم مش سايعاه ؟ تبّسمت ساره وعلقت بينما تتجه الى ركن التحضير :خليك راح اجيبلك حلا بهالمناسبه الحلوه اومئت بتراء واتجهت للجلوس على مقعدها المفضل الذي تستطيع من خلاله رؤية الشارع بوضوح وكذا بوابة مبنى الصحيفه المجاور للمقهى، تقدمت ساره نحوها ووضعت طبق حلا امامها وكوب قهوه قبل ان تجلس مقابلها قائله :لما لقيت الغرفه فارغه فكرت للحظه بأنه مات بعيد الشر مادري كيف وصلت للاستعلامات وسألتهم .. خفت بشكل مو طبيعي للحين احس جسمي يرجف ابتسمت بتراء واتكئت بوجنتها على يدها بحالميه مما اثار ساره للتساؤل بسخط :شفيك انتي بعد ! قهقت بتراء بخفه قبل ان تشرع في تذوق الحلا معلقه :حتى الحلا اليوم سويتيه بطيب نفس، ماعرفناك ياطاهر وانت كذا تأثر على بنتنا احتدت عيني ساره ومدت يديها تجر طبق الحلا نحوها بينما تنتر بها :اقول هاتي حلاي ماتستاهلينه امسكت بتراء بكف ساره بينما تنبس بين قهقهاتها :آسفه والله توبه خلاص زفرت ساره وتركت الطبق قبل ان تستطرد بقولها البعيد عن المزاح وبجديه تامه :بتراء انا خايفه، مابي انجر لمشاعري وارتكب الغلط بحق نفسي ! بنفس الوقت مو قادره اتجاهل واحنا نقضي كل يومنا سوا وضعت بتراء الملعقه من يدها وعلقت بقولها :تدرين لو انا بمكانك ايش كنت راح اسوي ؟ هزت ساره رأسها بإستفهام بينما هي اردفت :كنت راح اروح الحين واطلبه من اهله بنفسي .. اللي مثل طاهر عمله نادره ساره .. طاهر ماحبك لانه شافك صدفه واعجبتيه ولا لان منطق المجتمع يشوفكم مناسبين لبعض .. الولد عرفك صح قراك وقرأ شخصيتك، عرف اطباعك وروحك وحنيتك .. شاف جوهرك ساره وحبك لهذا السبب .. قاعد يستميت عشانك وحطك سر في قلب امه .. انتي متخيله كم الصدق اللي في قلب هذا الولد ناحيتك؟ ادمعت عيني ساره وتقوست شفتيها قبل ان تنبس بنبره متهدجه :شايفه حتى انتي تقولين ولد ! قهقهت بتراء بعلو قبل ان تعلق بينما تعود لتناول الحلا :يابنتي انا حتى ابوي الله يرحمه كنت اقوله ياولد وقفت على المجنون حقك تبّسمت ساره واشاحت بناظريها ناحية الشارع بينما بتراء انشغلت عنها بما بين يديها، لبرهه يسيره واتسعت عيني ساره بينما تراقب المشهد الذي في الشارع .. سيف وشخصين يحاولا جره فور ان ترجل عن سيارته دون ان يتقدم احد لمساعدته بجبن وخوف من مظهر الرجال الذي يظهر انتمائهم للصعتري، نظرت ناحية بتراء ولوهله ودت لو لاتخبرها كي لاتخاطر بروحها لو لم تهتف واحده من مرتادي المقهى التي تجلس في طاوله خلفهم :يمه قاعدين يخطفون الرجال ! التفتت بتراء سريعاً ناحية الشارع قبل ان ترمي الملعقه من يدها وتنهض بعُجاله وخوف هامسةً بـ "سيف"، لحقت بها ساره ركضاً تزامناً مع اغلاق ابواب السياره وابتعادها امام ناظريهم تلتفتت بتراء حولها فوجدت الرجال يقفون بعجز بينما ينفضون ايديهم ويهمسون بالحوقله ! فقط تلك كانت ردة فعلهم ناحية اختطاف رجلاً اعزلاً امام ناظريهم، وقعت عينيها على مفتاح سيارة سيف وهاتفه الذين وقعا منه بينما يحاول مقاومتهم فدنت تلتقطهما وتتجه الى السياره بتجاهل تام لمحاولات ساره لايقافها وصراخها على الناس كي يمنعونها من اللحاق بهم حركت السياره سريعاً واتجهت الى ذات الطريق الذي اقتيد سيف اليه .. طرقاً كانت في طرفها تؤدي الى حدود القريمزاء وجبالها .. . . . الثأر كالمنون وحينما يبيت المنون هو الدافع لعيش الحياه فالايام هنا تصبح علقماً يتجرعه الميت بينما يحاول اقناع نفسهُ بأنه مِلح الحياه وماهو الا خُطى مهروله نحو الهلاك .. والوحده اسوأ .. انها اسوأ ماقد يعيشه الانسان ان يستيقظ صباحاً في ذات المنزل وتتوقف اقدامه في منتصف المطبخ الخالي، لا ابريق شاي يتصاعد دخانه على الموقد ولا رائحة خُبز تداعب انفه .. لادفئ ولا ضجيج ولا حراك .. كل شيء حوله جامد وباهت وراكد تقدم نحو الموقد ووضع عليه الابريق بعد ان اضاف اليه الماء، اتجه نحو العلب التي كان يراها تعبئها بالمساحيق باحثاً بينها عن خاصة السكر والشاي قبل ان يوقع واحده فأنتثر مسحوقها البني في الارض مختلطاً بالزجاج، اطلق زفيراً ضجراً ودنى يلتقط الزجاج في ذات الاثناء التي رن بها هاتفه فقام من مكانه رامياً الزجاج من يده على الارض التقط هاتفه من منضده الصاله عاقداً حاجبيه لكون الإتصال قادماً من هواري ! ولوهله خمن كونها سلطانه فأجاب بقوله :اهلاً وفوراً جائه صوت هواري من خلف السماعه عالياً ومندفعاً حين قال :اختي وينها يا اديان ؟ رفع اديان احد حاجبيه وسخر منه قائلاً :تو البارح رجعتلك اياها لحقت تضيعها ؟ نفى هواري مافهمه اديان بينما يترجل درجات العماره بعجاله وارتباك لم ينفك عنه منذ ان تلقى اتصال ساره قبل دقائق التي اعلمته عم حدث عند مبنى الصحيفه :بتراء، جماعتكم خطفوا سيف وبتراء لحقتهم بسيارته اتسعت عيني اديان بذهول مما مر عبر مسامعه ودنى يلتقط مفتاح سيارته بينما يتسائل بخوف حقيقي :متى صار هذا ووين راحوا بأي اتجاه تكلم ؟ وبينما هو يصعد سيارته اجابه هواري وهو بالفعل غير عالم الى اي وجهةٍ يتجه واين قد يجد اخته :مادري اديان حرفياً مادري، جماعتك انت تقدر توصلهم وتعرف وين ماخذين الرجال فتح اديان باب منزله بعد ان ارتدى احذيته وخرج بغية اللحاق بهم قبل ان يفوت آوان ذلك وربما اكثر مايثير خشيته في هذه اللحظات كونه يعلم جيداً في اي يدٍ قد وقع سيف وماهو مصيره الذي قد تشاركه به بتراء بغباءٍ وسذاجه مستفزه، علق بينما يصعد سيارته قائلاً :طيب انا راح ادور عليهم انت خليك مكانك لاتحاول تسوي اي تصرف غبي لم يجيب هواري بينما اديان فقد اغلق المكالمه واخذ يقود سيارته في الطريق الجبلي الوعر بعد ان وجه اتصالاً لسلطان وشبكه بسماعة السياره ليصدح صوت سلطان بعد برهه :ها اديان كان اديان يتمعن في المساحات حوله بينما يقود لعله يرى شيئاً يقوده الى ضالته في ذات الاثناء التي قال فيها موجهاً تساؤله الحاد لسلطان :الجماعه خطفوا سيف وبتراء لحقتهم انت وين كنت ؟ انا موصيك تراقب الحيوان هذا ولا لا ؟ كان يظهر جلياً من صوت الرياح القادم من خلف السماعه بأن سلطان يقود في طريقاً ما حينما اجاب :الولد اللي حطيته على سيف لحقهم، متجهين للجبال الغربيه بس ماراح يظهر نفسه .. اعذرني اديان ماراح اجازف فيه، واساساً انا الحين متوجه لهناك ضرب اديان على المقود بقوه واغلق المكالمه، هو يعلم جيداً بكون سلطان له كل الحق في ذلك لكن الآن لايجب ان يتوقع منه احد التفكير بالمنطق فهو على حافة الخساره العظمى والتي قد تفتح عليه حرباً مهلكه بحق في جهه اخرى كان قد توقف هواري عند مركز الشرطه وربما تلك هي الوجهه الوحيده المتاحه اليه في هذا الوقت، ترجل بعجاله وتقدم ناحية احد الضباط الماره، امسك بساعده مما اثار ريبة الرجال واستغرابه الا انه وفوراً افصح عم لديه قائلاً :خطفوا صحفيين من صحيفة حق لازم تتحركون قبل يقتلوهم ! صمت الضابط لوهله بينما ينظر اليه بتمعن قبل يومئ ويوجه اوامره سريعاً بقوله :حركوا دوريه للصحيفه، لازم نتأكد من صحة البلاغ اولاً زفر هواري بينما يراقبهم وهو عالم في سره بأن ذلك لن ينجح، لايمكن ان يلحقوا بهم لابد بأن سيف وبتراء في عداد الاموات الان .. الامر يدعو الى الجنون فما الذي بيده ان يفعله يا الله ! . . . وهُناك كان الأمر اشبه بالخرافات او الجنون المطلق، اوقفت السياره بعيداً متخفيه بين الجبال بينما تراهم يترجلون عن ثلاث سيارات مدججين بالسِلاح متخفيين خلف اللثامات والملابس الثقيله كما وكأنها تشاهد فيلماً وثائقياً عن الإرهاب .. لايمكن ان يكون ذلك واقعاً صحيحاً امامها ودونما فبركه او تلاعب ! اتسعت عينيها واخذت تشهق ببكاء بينما تراهم يخضعون سيف للجلوس على ركبتيه في منتصفهم، فكوا عن عينيه تلك العصابه واخذ ينظر اليهم بشيء من محاولة الادراك او الاستيعاب متسائلاً بداخله عن كيف تبدو نهايته قريبه الى هذا الحد؟ انه يرى الموت في افواه اسلحتهم وفي حدة اعينهم وشرارات الحقد المنبعثه من هناك، يراه في لثاماتهم الملفوفه بقسوه واجسادهم الضخمه وفي تلك اللحظه فقط تمنى لو انه حظى على نهايه رتيبه كالموت على فراشه بينما يحتضن كف والدته، او بحادث سياره بينما هو في طريقه الى عمله صباحاً .. او ربما بسقوطه فجأه في احد الاسواق بينما يبتاع الكاتشب الذي يفضله دائماً على العشاء بدت كل تلك الافكار رفاهيه مقارنةً بالوضع الذي هو به الآن، لايعلم عن كيف ستكون نهايته هل بطلقه في منتصف جبينه ترديه قتيلاً فوراً ثم يترك عقبها طعاماً للحيوانات المفترسه، ام سيتم تعذيبه الى ان يلفظ انفاسه الاخيره ! تلاشت كل تلك الافكار حينما ركز ناظريه على المساحه الجبليه امامه لقد كان مع تلك الجماعه بين جبلين بينما امامه يرى طرف سيارته التي تختبأ خلف احدى الصخور ولا يمكن ان يهلوس الان ليس قبل ان يتلقى اي لكمه او تعذيب جسدي، ابتلع ريق فمه حينما شعر بكفٍ غليظه تقبض على شعره بقسوه ومسدس بارد يوضع على جانب رأسه في ذات الاثناء التي صدح بها صوت الرجل من خلفه بعلوٍ قائلاً :انزلي عن السياره قبل مانفجرك فيها ارتجفت كفوف بتراء واهتزت عينيها حينما وصل صوته جلياً الى مسامعها وارتد صداه بفعل الجبال، ثوانٍ قليله لم تبدي فيها اي حراك تعالى عقبه ذات الصوت بقوله :راح اعد لك للثلاثه اذا ماسمعت صوت باب السياره طلقة ار بي جي وحده وتسلمين على اخواننا في القبور هزت رأسها بفي بينما تسمعه يبدأ العد من الثلاثه فترجلت عن السياره سريعاً واغلقت بابها تزامناً مع لفظه للرقم واحد، زفرت نفساً ثقيلاً حينما عاد ليردف :يلا ياحلوه تعالي عضت على شفتيها بقوه ومدت يدها تتأكد من ان المسدس ثابتاً نصفه اسفل حزام بنطالها ولوهله تذكرت اديان وتمنت للحظه لو انه هُنا ربما ماكان سينال منها خوفاً او فزعاً في حضوره ! ظهرت امامهم واخذت تلتقط مسامعها تعليقات قذره مستهزئه منهم تزامناً مع قهقهاتهم المستفزه بينما ينظرون ناحيتها بشيء من الاستخفاف والاستغصار .. وربما هم محقين في ذلك فما الذي تستطيع هي فعله الان سوى الموت مع سيف في ذات اللحظه ؟ رأت نظرات العتب والملامه تتجه اليها من عينيه فأنهالت دموعها بلا توقف، نعم تشعر بالندم حيال لحاقها بهم وهي تتذكر والدتها، زينه، هواري، ساره، عبدالعزيز .... واديان ! كيف سيستقبلون خبر مقتلها وهل سيلومونها كما يفعل الان سيف ؟ الا انها تدرك جيداً بأنها لو عاد بها الزمان ستفعل الامر ذاته .. لايمكن ان تستقبل جنازه اخرى وهي في مثبتها كالجبانه ! رفعت ناظريها للرجل الذي نطق امامها بينما تتكى هي على الصخره ورائها :ها ياعصافير الحب مين فيكم يبي يودع الثاني اول ؟ اغمض سيف عينيه وانهالت دموعه بينما ينبس بنبره متحشرجه :لاتقتلها، مشكلتكم معي انا .. خلوها ماراح تضركم شد الرجل على قبضتة التي تكاد ان تقتلع شعر سيف من منبته بينما يجيب بنبره يكفي مستواها ليصل الى بتراء بوضوح شديد ويتردد صداها في الارجاء بشكل مقيت :المطلق وجه اوامره بتصفيتكم الاثنين، ماعندكم رفاهية التضحيه بس من زود طيبة قلوبنا قاعدين نسألكم .. مين الأول ؟ لم يقدر اياً من الاثنين على النطق، كما وكأن شللاً قد اصابهما، لاشيء يُحكى سوى الدموع التي جرت كالفيضان لاقوه تكفي امام هول المشهد وان بلغت الشجاعه منتهاها فالموت له هيبه .. هيبه مرعبه بحق افتز كلاهما بصراخ ذات الرجل بينما يشد من قبضتة على رأس سيف، صرخه صمت اذان الجميع بقوله :انطقـوا يـا ..... وبموازاة صرخته خرجت صرخة سيف الذي نطق بعلوٍ ونبره باكيه وهو يوقن جيداً بأن تلك انانيه منه بأن يختار الخلاص قبل الاخرى لكنه وفي هذه اللحظه يتمسك بأملٍ ضئيل، علها تنجو ! :انـا .. اقتلنـي انـا الأول اومئ الرجل وقبل ان تستيطع بتراء ادراك ماسمعت صدحت في الارجاء صوت الطلقات التي عبرت جميعها من خلال رأس سيف، ثوانٍ فقط وسقط جسده على الأرض القاسيه قتيلاً لاقى مصرعه في سبيل الحق .. والحق غالٍ تُدفع له الارواح ثمناً صرخت بتراء في ذات الاثناء التي قتل بها سيف امام ناظريها، صرخت ببكاء وجزع وخوف، صرخةٌ دوت في الارجاء وارتد صداها ليصم الاذان، جلست على الارض حينما لم تسعفها قواها على الوقوف واخذت تكرر اسمه عله يجيب وينكر حقيقة تلك الفاجعه التي المت بهما سويه ترى ذات الوغد يتقدم ناحيتها ومسدسه موجهاً اليها معلناً عن انه حان دورها في الموت .. بينما يهتف :صار دوركِ هزت رأسها بنفيٍ، لاترغب بذلك .. لاترغب بالموت لقد كانت تكذب ستقسم بالله الف يمين بأنها كانت تكذب هي غير مستعده لتموت ليس بهذه البساطه وخلفها تقف كل الحياة التي مازالت تنتظر عودتها اليها بحركة سريعه استطاعت اخراج مسدسها الذي يبدو بأنه حقاً قد حان دوره، ربما لن تستفيد منه شيئاً لكنها وعلى الاقل ستقضي نحبها وهي تحاول النجاة ! تعالى في الارجاء صوت طلقات الرصاص بينما هي جالسه توجه سلاحها نحو الجماعه وتطلق الرصاص الحي دون ان تكف عن البكاء والصراخ وكأنها تحاول تشتيت انتباهها عم تفعل .. تراهم يتساقطون امامها كأوراق الخريف حتى انتهى اخرهم .. توقن بأنها ليست من قتلهم لكنها لاتقوى على التفاف الى الخلف رمت سلاحها ونهضت بخطى متعثره قبل ان تسقط وتنهض لمرات حالت دون وصولها الى سيف بسرعه لكن حينما وصلت .. تمنت لو انها لم تفعل ! جلست على ركبتيها عند جسده الهامد واخذت تبكي بإنهيار وصراخ لم ينفك تزامناً مع صوت سيارات الشرطه الذي صدح في الارجاء وسماعها لخطواتٍ تتقدم ناحيتها لوهله فكرت بأن القادم اديان ! كادت لتلتفت اليه وتستنجد به عله يستطيع انقاذ سيف، فهي ابعد من ان تصدق امر موته بهذه البساطه ! ذلك قبل ان تشعر بألمٍ عظيم قد برق اسفل رأسها ثم ظلامٌ وتلاشي فأُردي جسدها هامداً بجوار سيف بِلا حراك . . . ذهبَ الذينَ تُحبهم ذهبوا، وكأنَ شيئًا لم يكُنْ وها أنا وحدي ملء هذا الكون . | ||||
24-09-24, 12:18 PM | #34 | ||||
| بهذا نكون انتهينا من الفصول اللي تمت كتابتها مُسبقاً وصرنا على مشارف الخِتام .. باقي الفصول نشرها راح يكون بمواعيد عشوائيه يعني مجرد ما اتم كتابة الفصل راح انشره وغالباً كل يومين او ثلاث ايام فصل على حسب انشغالاتي انتظر ارائكم وتوقعاتكم للاحداث القادمه ✨✨. | ||||
24-09-24, 08:20 PM | #36 | ||||
| للاسف سيف مات بس اكيد بتراء ماراح تموت لان هيا بطلة الرواية اتوقع أديان بيكون يشتغل مع الشرطة مو من العصابة على حسب مافهمت ان الدكتور عبد العزيز هو يلي ولد اسيا والطفل أديان ياترى هذولا جميع الشخصيات ولاباقي شخصيات لسى ماضهرو لان حاسة عنصر النسائي قليل مقارنة مع الرجال يعني مثلا مافي شخصية كوبل تناسب هواري يعني اكيد ماراح يبقى اعزب اتمنى لك التوفيق | ||||
25-09-24, 09:15 AM | #38 | ||||
| مراحب بيكي آيات شكلنا موعودين بحاجه مميزه قرأت البدايه وشدتني مره والأحلى والأحلى انو فيه اجزاء كتير نازله يعني على ما اوصل لآخر حاجه كتبتيها هنكون على مشارف النهايه وما راح نبقى معلقين بروايه غير مكتمله موفقه بطرحك اللي متأكده انو هيكون مميز من اللمحات اللي قرأتها | ||||
25-09-24, 09:50 AM | #40 | |||||
| اقتباس:
يامرحبا بك بين صفحات المنفى والضباب طبعاً ماراح ارد على توقعاتك عشان لا احرق عليك والاحداث نفسها راح تجاوبك بشكل وافي .. الروايه بشكل عام راح تتناول ثلاث كوبلات اما الباقي فهم شخصيات كومبارس يساعدوا في الحبكه يمكن راح تقولي ليش مش كل شخصيه لها قصه ؟ راح اجاوبك بأني انا اهرب الاف الكيلو مترات من القصص الكثيره اللي راح تطول الروايه وكل ما طالت الروايه كل ما توترت من ناحية اني راح اكملها بشغف ولا راح امِل وتصير مجرد تأدية واجب ؟ لهذا روايتي تتناول قضيه معينه وكل ماحولها يدور في نفس دائرتها واكيد الجانب العاطفي موجود وينتظرك | |||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|