27-09-23, 12:49 PM | #111 | |||||
| اقتباس:
حبيبتي نورهان الحلوة سلم لي قلبك و عقلك يا رب ههه طبعا أنت لن تعترضي على التواقيع أصلا كنت أعرف جوابك يا قمر ربنا ييسر أمورك حبيبتي و يريح بالك و تنهي هذا العمل اللي أنا نفسي كرهته والله ههههههه دمت بخير يا روحي | |||||
27-09-23, 12:50 PM | #112 | |||||
| اقتباس:
شيزو الحبيبة نعم الجلسة جذبتني الصراحة و أنا ابحث عن صور فتمنيت مشاركتكم تلك الجلسة الحلوة التي تبدو مغرية للغاية هههه يا روح قلبي حسنا لاجلك سأحاول أن أطيل الفصل بعض الشيء ابتداءً من الأسبوع القادم شكرا لرأيك يا عزيزتي بالنسبة للتواقيع حاضر عيوني بما أن الجميع يحبها سأنهي بعض التصاميم المكلفة بها و أبدء بتصميم تواقيع روايتي سلمت لي يا روحي دمت بخير و سعادة | |||||
27-09-23, 12:51 PM | #113 | |||||
| اقتباس:
يا أحلي جوجو يا حسنائي الغالية أنت شكرا لك حبيبة قلبي أعرف ان الأحداث متأزمة ههههه و أتمنى تصبرون قليلا حتى يأتي ميعاد المفاجآت حاضر حبيبتي قريبا سأجهز التواقيع باذن الله ❤ سلمت لي حبيبة قلبي ❤ | |||||
27-09-23, 12:52 PM | #114 | |||||
| اقتباس:
حبيبتي الغالية كيف حالك يا عمري العقل حين يريد شيئا بشدة يصنع من المبررات أقواها و يوهم نفسه بأشياء غالبًا تكون خاطئة ليان لتبرر لنفسها ما فعلت بحيلة بسيطة من العقل قلب الطاولة على عائلتها فصاروا محط سجن لها الحب يعني الاخلاص و الوفاء و الاهتمام و الطمأنينة و ما دون هذا ليس حبًا أبدا سلمت لي يا روحي دمت بخير | |||||
28-09-23, 05:25 PM | #115 | |||||
| مساء الخيرات للغاليات ❤❤ ❤الفصل الثاني❤ بغض النظر عن فعل ليان الخاطئ والمنافي لديننا ومجتمعنا وهو عصيان أهلها وهروبها للحبيب الا أنني استمتعت جدا بجمال سردك وتعبيراتك يا مبدعة ...ما شاء الله عنك فتون حبيبتي الرائعة ❤❤ .............. هههههه شكيت انه مش رح يعجبه قرار ليان لأنه طمعان بأبوها اكيد وهون بهذا القسم اكدتيلي شكوكي فها هو يشعر انه وقع بورطة ذلك النذل هههه.. ما انذله عنجد ....بس سبحان الله هذه اخرة اللي بتمشي بطريق غلط مخالف للدين والمجتمع.....لن تجد السعادة كما تمنت بل على العكس ستفتح لنفسها أبواب الجحيم إن لم ترتجع.....فأمثال طلال لو غايتهم كانت طيبة ويحبها بالفعل لما فكر مجرد تفكير بتشجيعها على الهروب ولأصر على الدخول من باب بيتها امام اهلها ويا ليت الفتيات يدركن هذا ويفرقن بين من يحبهن ومن يستغلهن لغايات شيطانية في انفسهم..... ............. يبدو ان طلال ناقم على والدها بسبب رفضه له بالاضافة لطمعه بأمواله......إن كان والدها قد قيّم طلال وفقا لمستواه المادي فهو مخطئ بالتأكيد ولا حق له باهانته ولكن لو فعل ذلك وكان طلال شهما عزيز نفس لوقفنا بصفه إنما بعد ما اظهر لنا نواياه فهو يستحق الرفض القاطع بالفعل.......طلال يشرد في وادي وليان بكل سذاجة الفتيات الحالمات تشرد بوادي آخر....يعني كلّ يغني على ليلاه ههههه ويا ليتها تدرك ليلى طلال هههههه طبعا بعودتها لذكريات الماضي علمنا انه كان طلال يخطط لكل شيء اتجاهها ولم يكن محض صدفة اهتمامه بها.... .................... ها هو ابراهيم راجع نفسه وقرر الافصاح عن سبب رفضه لحبيبها ولكن ليان خربت علينا معرفة السبب هههه....اين اذهب بفضولي يا فتون ههههه؟!.... " هلاك.... و خراب يتبعه آخر و في لحظة استيعاب... هُدمت مدن أحلامه كاملات..." يا لروعة تعبيرك يا مبدعة ...فتنت هنا بكلماتك ❤ ابدعتِ حبيبتي بوصف المشهد جداا❤ مسكين ابراهيم فمهما كان الرجل قوياً عندما يواجه خذلان من أقرب الناس لديه ينهار وكيف إن كان خذلانا من ابنة لأبيها ؟!!. .................. وجاء المنقذ حسان ليتدارك الموقف حاليا امام جدهم .....لكن الى متى سيجيد ذلك وكيف ستنكشف ليان؟!...ام يوجد أمل بعودتها قبل تهور اعظم سوءاً؟! انتهى الفصل بسرعة يا فتووون ❤ سلمت يداك كاتبتنا الرائعة فأنا غصت في بحر كلماتك ولم أدرِ كيف وصلت الشط رغم أمواج ليان المخطئة وما خلفته من دمار لأهلها.... ننتظر القادم معك لنرى الى اين ستصل الست ليان بأفعالها❤❤ دمتِ بخير.... | |||||
28-09-23, 05:40 PM | #116 | |||||
| اقتباس: مرحبا فتوون❤❤ هههههه سبحان الله كتبتلك بتعليقي السابق انتهى الفصل بسرعة ..... مممم انا شخصيا احب الفصول المتوسطة والطويلة وخاصة عندما يكون السرد ممتع ....وطبعا الطول يتوازن مع الفحوى ولا يكون بكلمات عبثية فقط للحشو......ولكن في النهاية الشيء راجع لك....حسب قدرتك وافكارك وتخطيطاتك للقفلة مثلما تريدين لتكوني مقتنعة بما تقدمين ونحن سنستمتع بجمال روايتك مهما كان الطول❤❤ اما سؤالك الثاني....انا احب أن أرى التواقيع ولكن في طبعي لو لم يعجبني الاختيار فأترك الشيء لخيالي واتغاضى عن الموجود بالصور ههههه .....مثلا اختياري لهادي لم يعجب الجميع لذلك قلت تخيلن كما شئتن لكني انا عن نفسي مقتنعة به ولن اغيره ابدا هههههههه....وأنت كذلك اختاري كما تحبي واتركي لنا اما الموافقة على اختيارك او الهروب لخيالنا ههههه...... سلامات يا جميلة❤❤❤ | |||||
28-09-23, 06:43 PM | #117 | ||||
| مساء الفل والعنبر والجوري الابيض والأحمر كل يوم يحبكم قلبي اكثر وأكثر... إنتباه يا أهل المكان... اليوم كان لي الشرف الكبير لأنزل أن فصل فاتنة قلبي الآثيرة.... فكن بالقرب...... انهالو ما شئت من منابع فتنتها وتألقها... ولا تبخلوا عليهل بكلمة جميلة تستحقها..... فوجودكم يعني الكثير.... مع خالص ودي وحبي ❤❤❤ ..... | ||||
28-09-23, 07:05 PM | #118 | ||||||
| اقتباس:
في انتظار أميرة المشاعر وكرمها مع فاتنة القلوب وابداعها❤❤❤❤ | ||||||
28-09-23, 07:29 PM | #119 | ||||
| :elk:الفصل الثالث:elk: كبستان من زهور أنيقة تعبق بأريجها فحل عليه حاصبًا جرف جمالها و طمس رائحتها الحلوة فصارت الأجواء معبقةً برائحة المرارة و ذرات الرمال المتطايرة كأنها الهموم تحلق أمام الأعين فتقول لا مناص من الألم...!! للآن لا تعرف كيف مرت تلك اللحظات الثقيلة على القلب ثقل الجبل.. بل أنها لا تكاد تصدق دقات قلبها و أنها لم تمت بحسرتها في تلك الدقائق العسيرة... قد طمئتها الطبيب على حالة إبراهيم و قال أنه أصيب بذبحة صدرية نتيجة صدمة مفاجئة مع مرض القلب خاصته.. و كان فقدانه الوعي كرد فعل عسكي لعدم قدرة عقله على التصديق و تحمل الواقع.. فآثر الإنسحاب للظلام...وصف له الطبيب بعض الأدوية التي تضمن استقرار حالته بإذن الله و أوصاها بالإهتمام بدوائه جيدًا و ألا يتعرض للحظات إنفعالية أو مواقف عصيبة قدر الإمكان... و كأن الشخص يزج نفسه بتلك المواقف بمحض إرادته...!! بل كل ما حدث في الفترة الأخيرة بدا لها كشتاء إستعجل القدوم فجاء بكوارثة و جرف بفضيانه كل سبل سعادتهم... و رغم أن الطبيب طمأن قلبها إلا أنها لم ترتاح إلا عندما رأت حبيبها بعدما نقلوه لغرفة أخرى بعد اطمئنانهم أن وظائف أجهزته الحيوية على ما يرام... قد استقيظ منذ دقائق و أهداها بسمته الدافئة و إن كانت متعبة للغاية لكنها جعلت قلبها يبتهج باطمئنان فكانت بسمته كالغيث بعد طول جفاف نبت بعدها عدد من الزهور في أرض قلبها الذابلة... لكنه بعدها عاد بيقع أسير ظلامه الخاص.. غائبًا عن الوعي و قد قال الطبيب أن هذا بفعل المسكنات... فجلست هي جواره لا تجرء على الذهاب و عينيها تقبلان كل خلية من وجهه الحبيب... رُدّت روحها إليها بعد أن سلبتها الفجيعة و قد ذاقوا جميعا مرارة الفقد و ما عاد لديها قدرة لتتجرع ويلاتها مجددًا ما إن خمدت حرائق فزعها قليلا حتى نشبت أخرى بذكرى ابنتها..و تتابعت الأسئلة على رأسها كطاحونة أفكار سوداء.. ألم تقل لها ليان أنها ستذهب لوالدها و تعطيه ذلك الملف؟ إذا لماذا ذهبت لـ ليليان و لم تذهب للشركة؟ للآن لم تعرف سبب سقوط إبراهيم بهذا الشكل... لكن قلبها يخبرها بانقباضه أن الأمور ليست بخير... و أن هناك الكثير تجهله جاءها صوت حسان يخترق تفكيرها المضني فأضاء قلبها حبًا له و أذنت له بالدخول.. و دقائق حتى طل عليها بوجهه الجامد و حاجباه المعقوصان... يا الله الآن فقط أدركت أنها لا تعاني وحدها إنما أيضا هذا الولد الذي فقد والديه في سن صغير و قد كان له إبراهيم كأب ثاني و ليس مجرد عم... حسان يخشى الفقد و يخشى الحزن و الألم... لذا تجده يخط البسمة على وجهوه من حوله وكم يمقت هو الدموع و القهر... و اليوم قد عاش كابوسًا شنيعًا للغاية...فقد سُحب إلى معركة حامية الوطيس دون سلاح بل و شعوره بالعجز يكبله و هو يرى عمه يكاد يرحل عنهم و لا يستطيع هو فعل شيء... تقدم حسان منها بخطوات مرهقه فاستقامت و استقبلته بأحضانها الدافئة التي يعُدها مدينة لا ترحل عنها الشمس و يغشاها الظلال أسفل أشجارها الوارفة فيجد فيها السكينة و الدفيء أينما حل... سمعت صوت تنهيداته المتتابعة و كأنه لازال بطور الاوعي.. فلا هو يصدق ما حدث لعمه كي يصدق أنه نجى و صار بخير... شيء كالخيال هذا الألم الرهيب الذي يجتث الجوانح و يطعن الوجدان بخناجر الحنين ربتت على ظهره بكفها الرقيق ثم قالت بصوتها الفياح بالحنان: «لا تقلق يا حبيبي قد قال الأطباء أن حالته مستقرة...إن شاء الله لا يحرمنا من وجوده أبدًا» أومأ برأسه مؤمنا على دعائها ثم قال بصوت متحشرج أثر صمته الطويل: «أين ليان يا أمي؟» نظرت له طويلا تحلل سؤاله و قد جف حلقها و بهت وجهها.. أفزعها السؤال و ما أفزعها أكثر قوله «يا أمي» في سابقة لا تكرر كثيرا مما يعني أنه بأكثر حالاته جدية و تخبط... قالت بصوت هارب: «ألم تقل أنها ذهبت لصديقتها ليليان؟» نظر للباب يتأكد أنه موصد جيدًا ثم عاد إليها قائلا: «قُلت هذا كي لا يصل ما فعلته لجدي لنرى في أي مصيبة جديدة ستقحمنا تلك المتهورة » قد تحملت اليوم بما فيه الكفاية و ما عاد لقدميها القدرة على حملها.. أمسكها حسان فور أن لاحظ اختلال توازنها و ساعدها في الجلوس على المقعد المجاور للفراش الذي يحتضن إبراهيم أمسكت رأسها بيدها و قد شعرت أن الدنيا تدور من حولها و المصائب تتراقص أمامها تخرج لها لسانها شامته.. «ماذا تقصد يا حسان؟» قالتها بصوت بالكاد يُسمع فتنهد و قال: «لا أعلم لكني لست مطمئن أتصل عليها لا ترد..اتصلي على صديقتها لربما تكون معها فعلا» دارت عيونها في أرجاء الغرفة و هي لا تبصر شيئا بالتحديد.. تبحث عن حقيبتها وهي تهمس بوجع: «يا رب سلم...يا رب احفظها » كانت رباب تظن أن ليان أصابها مكروه و قد فطن حسّان للأسوء لكنه لم يرد استباق التوقعات و الظن بالسوء... ناولها حقيبتها و بلهفه انتشلتها منه تخرج هاتفها... وضعته على أذنها بعدما اتصلت بليليان تتنظر الرد بأعصاب محروقة و الرنين الرتيب يُغرس في روحها بأشواك حادة بعد لحظات كأنها سنوات أتاها صوت ليليان تقول بمرحها المحبب: «أهلا بك خالتي الحلوة...كيف حالك و كيف حال الأستاذة ليان؟» سقط الهاتف من يد رباب و قد جائها جواب السؤال الذي لم تسأله.. فالتقط حسان الهاتف و قال: «مرحبًا بك ليليان..اتصلنا بك لنعلم إن كانت ليان معك..!» «معي..؟» قالتها ليليان بدهشه و عقبت بعدما انتقل الحيها التوتر من أصواتهم: «لا لم أرها و منذ الصباح أتصل بها لا ترد أبدًا» أغمض حسان عينيه و قد بات شكُّه مؤكدًا... فقال بلهجه مهزومة: «خرجَت من البيت صباحا...و لم يرها أحد من بعدها..استمري بالإتصال بها و إذا ردت عليك هاتفيني فورًا » قالت بقلق و قد اضطرب صوتها: «حاضر يا حسان...يا رب احفظها و استرها معنا» لم يُرِد حسان أن يخوض في التفاصيل خشية أن يسمعه أحد أو يعرف الجد بما فعلت ليان فتكون بذلك قد دقت مسامير نعشها كاملة... بينما رباب وهقت قدرتها على التحمل فأجهشت بالبكاء.. اقترب منها حسان و انحنى يقبل رأسها يهمس لها أنهم سيعلمون أين هي.. و يقول لها ألا تحزن فلعله خير... لكن فتيل صبرها قد احترق.. أمسكت طرف حجابها تخبئ به عينيها و ظلت تبكي بخوف و تتضرع لله بالدعاء... سمعوا صوت طرقات على الباب فقال لها حسان: «سأخبرهم أنك نمت على السرير الإضافي بالغرفة و أننا سنمكث هنا حتى نطمئن على عمي..و هم سيرجعون للقصر» شيعته برأسها دون رد فخرج ليقابلهم بوجه مكفهر.. و قال لهم كما اتفق.. أصر وجيه على البقاء ليدعم أخاه، لكن حسّان قاله له أنه ما من داعي.. و أن التجمع الكبير ستعترض عليه إدارة المشفى... في النهاية حدث ما أراد حسّان حيث بقي هو و رباب مع إبراهيم و غادر البقية للقصر... فجلس هو يحاول للمرة التي لم يعد يعرف عددها أن يتصل بليان لكن المسجل الآلي يجيبه في كل مرة بأن الرقم مغلق... ♡ ♡ ♡ قد عاشت في بيت والدها معززة.. الهناء يحاوطها كأنه الهواء.. لم تجرب يومًا أن تكون مسؤولة و قد عاشت في كنف أب يأتيها بمطلبها قبل أن تنطق به فقد كان يهتم بكل أمورها... أما الآن باتت مسؤولة.. عن حبيبها طلال.. ما أن دخلت الشقة الصغيرة التي يسكنها في أحد الأحياء الشعبية القديمة حيث البساطة و الهدوء و الطيب دون زيف و تملقٌ لأجل صفقات طويلة و عقود كثيرة قد شاهت في التلفاز الكثير من الأفلام عن الحياة البسيطة تلك.. و كم كانت مشتاقة لتراهم رؤيا العين.. تتلمس جدران المباني و الطوب الأحمر.. تستنشق عبق الأشجار النقي... الآن تشعر أن لها كيانها المستقل عن فروض الآخرين... تدور في الشقة البسيطة و تفكر أنها ستصبح قريبا شقتها حين تتزوج طلال.. قد ذهب سريعًا ما إن أوصلها هنا متعللًا بعمله الذي تأخر عليه.. فظلت هي تدور و تتأمل المكان.. يحيطها البرد.. رغم أن الأجواء صيفية لكن الشقة تملأها الرطوبة كأن الشمس لم تزرها منذ ألف عام.. اتجهت نحو النوافذ تفتحها جميعا لتترك الفرصة لأشعة الشمس بتطهير ذلك المكان.. و يا ليتها فتحت نافذة قلبها أولا عل شعاع الشمس يتسلل إليه فيضيء لها بالحقيقة و ترى ما هي غافلة عنه... الشقة من غرفتين و الصالة و المطبخ و الحمام.. صغيرة و أثاثها بسيط من عدة أرائك موزعة بشكل عشوائي.. و منضدة عالية للطعام تقبع قريبا من المطبخ... بالإضافة لبعض الأسِرّة و الأثاث في غرف النوم.... الآن على عاتقها ترتيب شقتها المستقبلية و إعداد الطعام حتى يأتي حبيبها... إحساسها بالمسؤولية دغدغ قلبها فانطلقت من فمها ضحكات سعيدة لكنها مشوبة... مشوبة بشعور لا تريد الغوص فيه و تفكير عقيم تنحيه جانبًا.. فلا تريد أن تعكر مزاجها في التفكير الغير مجدي.. تنهدت بثقل و عقلها دون رغبة منها ينجرف إلى إتجاه واحد و صورة والدها تحاصر خيالها... قد مرت أحداث الصباح بما بها من جنون و مغامرة خاضتها دون أن تحسب عوائقها.. و الآن هي وحيدة و الهدوء يحيط بها... لا صخب لا فوضى.. هذا إذنٌ للعقل ليبدأ هو بصنع فوضته الخاصة على الطريقة المعروفة... ترى هل علم والدها؟ هل علم بهروبها من سجنه الذي أقامه لها؟ هل علم أنها ركضت حيث الحضن الذي أحبت؟ و هو الذي منعها عن حبيبها... بداخلها صراخ و بعض من تعقل يطفو بعد حرب طاحنة مع حبها لا تعلم كيف اتخذت قرارها بالهرب.. بدا كل ما حدث كأنها خيال لم تعشه أو ربما حلم.. لا تعلم من أين واتتها الجرأة الآن فقط بدأ عقلها يحلل و يستعب ما فعلته... ترى كيف سيكون رد فعل جدها.. و أبيها و والدتها الذي خدعتها و ضحكت عليها كأنها طفلة صغيرة وعدتها والدتها بقطعة حلوي كي تكف عن البكاء.. دفنت رأسها بين يديها و عقلها الذي أقصته بعيدًا في الصباح يعود ليفرض أمامها ما فعلت بعائلتها...؟ أين ليان؟ صارت لا تعرف نفسها حقا أين ليان الذي كانت تحسب حساب كل خطواتها بل أين ليان المراعية لمشاعر والديها و المحبة لعائلتها رغم طيف الحزن الذي يتخلل دواخلهم بصمت مقيت أين ليان التي كانت تفكر جديًا بارتداء الحجاب قبل أن يدخل طلال حياتها و يغرقها بكلمات الغزل فجعلها تحب شخصيتها و انفتاحها.. و كرهت بعدها الستر كانت تحب أن تسمع منه كلماته التي تغدغ مشاعرها حين يصب عليها من حنانه فيجعلها كأميرة متوجة لقد غيّر بها طلال الكثير من الصفات الذي تآلفت معها و الآن صارت تعهد في نفسها أشياء جديدة.. مريبة..!! مهلًا مهلًا...؟ لما تحاصرها الأفكار الآن ألم تتخذ القرار بالتملص من قيد والدها و أن تعيش حياتها كما تخطط ليس كما يحب ألم يكن والدها هذا الذي ضربها و قبلها رفض طلال لأنه فقير لا يرقى لمستوى عائلة راشد ألم يكن والدها الذي رفض الاستماع إليها و لم يسمح لها حتى بالتبرير.. قد ألقى كل ما يدعيه من تحضر جانبًا.. و أخرج وحشا لا تعرفه و لم تألفه أبدًا فإن كانت بخطئها قد خسرت والدها فلما تخسر حبيبها بسبب مستوايات إجتماعية مقيته و فوارق طبقية ليس لها أي قيمة هكذا وضعت معادلتها و هكذا رأت ألا تخسر كل شيء دفعة واحدة.. كانت تعلم أن ماضي العائلة سيقف لها بالمرصاد و والدها سيظل ما بقي يذكر حديثها مع طلال.. و يضع هو الأفكار و الأوهام تخل عقله فيفرض حولها الحصار... و يزيد من محاضرات الإتعاظ و التوعية.. لذا كان أمثل قرار أن تنفد بجلدها من سوط اتهاماتهم و تعيش هانئة مع حبيبها في كنف الدفيء و الحب بعد قليل قد يأتي طلال.. لذا أوصدت أبواب عقلها كي لا يرهقها بتفكير لن يغير من الحقيقة شيء.. و لن يعيدها للماضي البعيد لتغيره هي بيدها القاصرة.. وثبت من مجلسها تنفض عنها التفكير الطويل و اتجهت كالسهم ناحية المطبخ تفكر ماذا تعد من الأكلات البسيطة التي علمتها لها والدتها.. صوت رنين هاتفها الذي وضعته على الشاحن منذ قليل اخترق الصمت المطبق على روحها.. فتوجهت نحوه بارتياب.. هل هي مستعدة لمقابلة خطئها وجها لوجه في نظرات أحبائها و أصواتهم.. ما إن رأت اسم حسان يضيء الشاشة حتى انتفضت كالملسوعة و ألقت بالهاتف على الأريكة القريبة منها.... حسّان..؟ يا لهول ما تشعر به.. أمسكت بخصلات شعرها بكلتا يديها و هي تناظر الهاتف و قد أدركت فداحة فعلتها.. رأته الآن أمامها يناظرها بكره و كلماته السامة تخترق عقلها و قلبها كأسهم من نار تكوي فؤادها... كيف لم تفكر في حسّان و وقع هروبها على روحه... و هل فكرت بأحد من الأساس؟ هطلت دموعها بالعجز.. لن ترد لا تجرأ على الرد ماذا ستقول... و بما ستبرر.. لن يفهمها أحد.. و جميعًا سيضعوها في حكم المرأة العاهرة التي ركضت لحضن الحبيب... لن يفهموها.. ببساطة لأنها لا تملك ما تبرر به أصلا.. أدركت شناعة ما فعلت بعد فوات الأوان... و قد ولى وقت التراجع.. و لما تريد التراجع... أليست مع حبيبها الآن؟ إذن فليذهب الجميع إلى الجحيم لم تدرك أن دموعها شقت الخنادق على وجنتيها اللتين صبغتهما حمرة الذنب... و وطأة الشعور بالخوف انقض الرنين الذي كان كنغمة سامة يرشق جسدها باتهمامات و أقوال لن تصدقها... انتهى الرنين فسقطت أرضًا تبكي فعلتها... هي لا تستعب و قد تعبت من التفكير.. قد تعبت.. هي ما أرادت شيئا غير الحب الصادق.. ما أرادت غير حبيب لا ينظر لعداد أموالها في البنك.. و لا للصفقات الذي سيعقدها مع والدها... قد أرادت أن تعيش بعيدًا عن بزغ التملق و التصنع المقزز.. لكن كل أحلامها كانت وهم.. و كانت تدرك جيدًا و حتى قبل أن يتقدم لها طلال.. أن الرفض سيلاقيه.. إن لم يكن من والدها فمن جدّها..!! لكنها كانت تمن نفسها أن والدها سيقف بجوارها و يمنع تكرار الألم.. لكنه لم يفعل.. بل فكر كما يفكر الجد.. و الأموال هي الإستثمار الوحيد الذي يفكرون به..... صدح رنين الهاتف مجددا لكن هذه المرة باسم ليليان فانتشلت ليان الهاتف كما الغريق و فتحت الإتصال بسرعة البرق يسبقها بكائها.. فقالت بحسرة: «خسرت كل شيء» أتاها صوت ليليان الجزع.. تسألها عما حدث معها و من خوفها الشديد علمت ليان أن صديقتها تجهل الحقيقة و تظنها تعرضت لخطر بالطريق.. رجعت بجسدها حتى أحست بالجوار خلفها فاستندت عليه.. و ضمت ركبتها لصدرها في وضع الجنين.. و صارت تحكي كل شيء لصديقة عمرها بعيون زائغة و صدر ينهج كانت تحكي بشرود.. تبكي تارة و تعصب تارة.. حتى أنهت ما تعتمل به حكايتها... و ليليان تنصت بدهشة.. حين طال الصمت قالت ليان بسخرية بائسة و هي تنزيل دموعها: «ما بك لا يوجد أي تعليق لديك؟» لكن ليليان لم تخيب توقعها حين قالت بعدم تصديق: «مع من أتحدث؟...ليان؟؟» حين لم تلاقي ليليان إلا الفراغ صرخت بها: «هل جننتي..أم أن كل ما فعلتيه مزحه سخيفة يا ليان...أنا لا أصدق يا الله... كيف تفعلين هذا؟ بالتأكيد أفقدك ذلك المعتوه طلال عقلك...يا بنت كيف تفكرين...ردي عليّ أنا لا أكلم نفسي » لم تستقبل غير البكاء المخلوط بضحكات مجنونة أشبة بالعويل كأن ليان فعلا فقدت عقلها.. فأكلمت وصلة التوبيخ: «فعلا جن عقلك يا ليان..و أنا التي كنت أحسبك عاقلة و ذكية...كيف تفعلين هذا بعمي إبراهيم...الآن علمت لما كان صوت حسان متجهم..كان يتوقع خيانتك..ليان..يالله لا أصدق ما فعلت يا بنت..كيف تبيعين عائلتك بتلك السهولة..عودي يا ليان و حكمي عقلك قبل فوات الأوان..و تقولين لي خسرت كل شيء..خسرتيه بسبب حماقتك يا غبية » صرخت ليان بوجع و قالت ما تتصارع به أفكارها: « بل خسرت كل شيء بسبب تعنتهم و حبهم للسلطة...انا أحب طلال من كل قلبي..و هم كانوا سيمنعون هذا الحب بكل قوتهم...هل نسيتي ما فعله جدي بالماضي..و لازال للآن يوسم على صدورنا بالألم و الهم..حتى صرت أكره هذا القصر المقيت الذي يخيم على روحي كوحش كاسر..تعبت يا ليليان من أفكارهم السوداء... و من الآن سأعيش مع من أحب دون إعتبار لكل تلك الأموال الطائلة» صمتت ليليان طويلا.. لازالت تحت وقع الصدمة.. لكن ما انبأها أنها ليست في حلم.. هو صوت أنفاس ليان القوي الذي أتاها عبر الهاتف كأنها ركضت لألف ميل.. ربما هيا فعلا تسابق أفكارها الآن.... فقالت ليليان بخيبة أمل: «ربما كنت محقة يا ليان بشأن الجد..لكن والدك..هل يستحق منك تلك المعاملة بعدما حاوطتك بحبه و تفهمه و أنشأك أميرة على قلبه..ألم تفكري قبل هذا الجنون ولو للحظة ماذا سيفعل جدك عندما يعلم أن حفيدته هربت لحضن حبيبها..ألم تفكري كيف سيكون نصيب والدك من القهر و الخذلان و صغر الوضع...قد أكبرك والدك في عيون الناس فأصغرتيه يا ليان...أسفي عليكي يا صديقتي..أسفي عليك» هكذا و فقط.. و قطعت ليليان الإتصال قبل أن تنتظر كلام جاهل من ليان مجددا... و هكذا اكتملت.. فقدت صديقتها أيضا و باتت في المركب وحيدة مع حبيبها.. بعد وقت طويل لم تحسبه وقفت تنفض عنها كآبتها و دموع قهرها.. لقد ودعت هذا القصر بجميع ذكرياته السيئة.. و الآن انتقلت لتلك الشقة الجميلة كي تصنع ذكريات سعيدة و لكي تعانق الفرحة دون ذكرياتهم السوداء.... دخلت المطبخ تكمل ما بدأته قبل قليل.. لكن هذه المرة لم تمنع عقلها عن الأسترسال في الماضي.. ربما بعد هذا الحديث المجهد.. شعرت أنها اشتاقت لوالدها.. و ليس لها غير الذكرى سراب من تأقلم يخمد وجع الاشتياق... فانتلقت بخيالاتها تتذكر ذلك اليوم.. ♡ ارتدت ثيابها و هندمت نفسها ثم خرجت من الغرفة لتجد والدها يقابلها بابتسامته الدافئة التي تغنيها عن مناخ العالم.. فقط دفيء ابتسامته قادر على أن يجعل برد روحها يتلاشى و صقيع حياتها ينضب.. تقدمت منه و قبلت يده ثم إلتحفوا حول الطاولة مع آخر طبق وضعته والدتها.. شرعوا بتناول وجبه الفطور بين بسمات و جو دافيء لا يتواجد إلا على الطاولة فبغير هذا الوقت يكون كل شخص في وادٍ بعيد عم الاخر.. أباها يخرج للعمل و أحيانًا للجلوس مع أصادقائه أو يجلس على مواقع التواصل و والدتها تعمل بالبيت حتى تنفذ طاقتها فهي ليست من محبين الجلوس و التكاسل.. و لا تطلب الخادمة إلا في أضيق الحدود عندما تهرب طاقتها و ينفذ زرعها تنحنح والدها يلفت نظرها و قال بحزم يرافق ملامحه: _ ليان ما آن الوقت لارتداء الحجاب حبيبتي غصت بالطعام فناولتها والدتها كوب ماء..ها قد أتت السيرة التي تربكها.. والدها ما فرض عليها شيئا قط و يتركها على راحتها أغلب الوقت لكن في هذا الأمر لا يكف عن الإلحاح و هي لا تشعر أنها جاهزة لتلك الخطوة بعد قامت من مكانها و التفت حول الطاولة مقصدها أباها قبلته على وجنته ثم قالت بمهادنه: _ أرجوك أبي ثق بي سأرتديه صدقني.. لكني أريد أن أرتديه عن اقتناع لذا اصبر علي قليلا حتى أكون مستعدة نظر لها بإحباط فكل مرة يسمع منها هذا الكلام.. و لا يراها تقدم على أي خطوة تجاه الحجاب... لكنه في نفس الوقت لا يريد أن يفرض عليها شيئا فيدعها على راحتها كي يكون هُداها طوعا لا كرها.. خرجت من البيت نحو وجهتها.. إلى الشركة و كلمات والدها ترن بأذنها حين قال لها يومًا: _ العمل هو الشيء الوحيد القادر على منحي الشعور بذاتي و إن تركت العمل فقدت ذاتي أما هي فقد ورثت منه حب العمل و الإخلاص فيه .. دخلت سيارتها و ألقت هاتفها و حقيبتها على المقعد المجاورة لمقعد السائق ثم انطلقت و الهواء يصفح وجنتها و يطاير خصلاتها و هي تفكر في غزل طلال الذي أعلن عشقه لخصلاتها.. لذا لن تقدر على حرمه من رؤيتها.. لأنها بهذا تحرم روحها من الدلال ♡ ♡ ♡ للمرة التي يئس من ذكر عددها.. صدر الرنين من هاتفه كدقات قلب لمريض غائب عن الوعي.. فقط تعلمك دقاته أنه حي و لم يعبر للحياة البرزخية بعد.. بعدما كان يجيبه المسجل الآلي أن الرقم مغلق صار يعطيه صوت رنين بلا إجابة.. و هذا ما أكد حدثه و زاد من انقباض قلبه.... ففي تلك الحرب الشعواء التي خاضها اليوم مع مشاعره و خطر التعرض للفقد مجددًا يلوح أمامه.. قد استهلك زرعه من الطاقة و ما عاد يملك ذرة واحدة من الصبر.. و لا ذرة من طاقة لإحتمال المزيد من الفواجع.. و كسابقه انتهي الرنين دون أن يأتيه رد.. لكن سريعًا ما ارتفع صوت هاتفه بنغمة حماسية.. ألقي نظرة خاطفة ليجد المتصلة هي ليليان فأسرع بالرد نظر للباب الذي يضم خلفه عمه و رباب في ريبة ثم ابتعد قليلا ليهمس بوجل: «ما الأخبار ليليان هل ردت عليك؟» قد طال الصمت و ذلك الوحش البشع عاد ليجثم على صدره و يتاخم فوق نابضة فأضاف بعصيبة: «ليليان..!!» و قد كان... و تجسدت مخاوفة على الواقع حية حين سمعها تقول بصوت مهموم يعبق بالعجب: «لا أدري ماذا أقول يا حسان..صدقا لا أصدق ما سمعت أذني حتى أكرره» لم يحتاج للسؤال عن المزيد و قد وصله الجواب واضحًا يتألق بالهزيمة النكراء لقلوبهم..لكن ربما عقله الذي فرض عليه ببواقي من أمل يحارب للنهوض.. فسأل رغم تيقنه من الجواب: «هل ذهبت لذلك الأحمق طلال..؟» «نعم.!!» يا الله.. أحس بدوار خفيف فوضع يده على رأسه.. يتخلل خصلاته كأنه يرجو من عقله الاستيعاب السريع.. و عقله في هذه اللحظة كان مشغولا بحصر الخسائر و توقع النتائج... و للأسف كان نتيجة ما فعلت ليان دون تفكير و بمنتهي التهور.. كانت النتيجة سيئة للغاية.. بل بشعه..!! أنهي المكالمة مع ليليان ببضع كلمات لم يعرف كهنها و لا كيف خرجت منه و جلس على المقاعد المتراصة أمام الغرفة.. دفن وجهه بين كفيه في وضع دائما ما يتخذه حين يشعر أنه فقد السيطرة.. و أن العالم بقوته و جبروته قد طرح سيفه الهزيل أرضًا.. فصار في مواجهة الموت لا يحول بينهما حائل... فتح الباب ببطيء فانتبه حسان على رباب التي خرجت و أغلقت الباب خلفها بنفس الهدوء.. لم يستطع مواراة مشاعره المهتزة التي انعكست على صفحة وجهه بسهولة.. أما رباب سألت بما تبقى لديها من عزم: «أين ليان يا حسان؟» لم يعرف بما يرد فسكت هنيا ثم أسرع يقول بإرتباك «حبيبتي، ليان سيارتها تعطلت و نفذ شحن هاتفها لذا لم تستطع التواصل معنا.. و هي الآن ذهبت لصديقتها و....» لم تستمع لبقية القول... و لم تشغل عقلها بسماع الأكاذيب قد سمعته حين سأل ليليان عن احتمال وجود ليان عند ذلك المدعو طلال.. لكنها لم تتبين الرد لكنها الآن بعدما رأت ملامحه و كذبة الواضح للعيان.. و الهم الذي يعبق بين عينيه.. و مثل القول«الجواب يظهر من عنوانه» قد أتاها الجواب الكامل.. لم تعي إلا و هي بين يدي حسّان حين حال بينها و بين السقوط ثم ساعدها لتجلس.. و لم تعي للدموع التي هطلت مدرارًا على وجنتيها لما؟ لما فعلت ليان هذا؟ و بماذا قصروا معها لتهرب بتلك الطريقة الشنيعة و تدفن رأسهم بالتراب للأبد؟ نظرت للباب في ضعف و عادت لحسان تقول بصوت متهدج: «ماذا سيفعل إبراهيم..؟» و خلف هذا السؤال كمن الكثير من الأسئلة غيره... كيف سيخبرونه؟ و هل ستتحمل صحته؟ ماذا سيفعل الجد؟ و هنا كان الخوف الأكبر و على ذكره تدب الرهبة في الأوصال قد وضعتهم ليان في موقف لا يحسدون عليه.. و قد قطعت قلوبهم بسيف من جليد قاس.. و بدماء باردة دون أن يرف لها جفن دخلت غرفة إبراهيم بخطوات غير متزنة.. قدم تقدم و أخرى تؤخر.. و مع مرور الدقائق و تركيز الإستيعاب صارت الدموع سخافة.. و لم يكتف قلبها بغير نشيج طويل يقطع نياط القلب... جلست جوار إبراهيم تنعي تربية مرهقه و متعبة.. تنعي قلوبهم التي اكتوت لينشؤا طفلة نقية لا تحمل همًا للحياة.. تنعي حبهم الذي يملأ الكون و يفيض على جوانبه.. و لم تقدر ليان كل هذا.. لتلقي بنفسها و بهم للتهلكة ماذا ستفعل؟ و كيف تعيد ليان دون أن تسوء الأمور و يعلم الجد؟ تعب قلبها و تخلل الشيب روحها.. ما عادت تعرف نفسها و بالأمس فقط كانت تشعر نفسها شابة رشيقة تتمتع بكامل الحيوية.. لكنه الحزن الشديد و الوجع الشديد يجعل القلب يضخ السنوات بدل الدماء... فلا تجد نفسك إلا و أنت تائه بين مدن الحب العتيق.. ترتجي الحنان لكنك لا تجد غير الثلج المتساقط رفيق ألمك.. و لا يسكن الوجع إلا بتوقف النابض.... حركة إبراهيم بالفراش جعلتها تنتبه للواقع فنهضت بثقل رغم قلبها الذي هب بخوف.. نظرت له تقول بوجل: «هل أنت بخير..هل تحتاج شيئا يا إبراهيم؟» لم تنتبه للدموع التي أغرقت وجهها بينما هو ناظرها طويلا.. ظنته يتأمل ملامحها كما أحب دومًا.. لكنه كان يتأمل خيباته.. و بعد صمت ليس بطويل همس بصوت مبحوح: «ليان...؟ » كأنها نست.. فذكرها هو ليعود الألم بتركيز أقوى و وجع أشد.. أشاحت بوجهها لا تعرف كيف تفسر..و ما لم تعرفه هي أنه كان يعلم كل شيء.. لكنه كالغريق الذي تشبث بقشة.. حاول أن يتمسك بفتات من الصبر... لكن ليان أبت ألا تتركهم دون أن تقضي على قلوبهم و تمزقها تمامًا تجاهل الوخزات التي اخترقت روحه و همس بما صعب عليه القول: «ليان ابنتنا ماتت..!! » ♡ ♡ ♡ لا تبالغ إذا قالت أن هذا أصعب يوم مر على حياتها كلها.. قد عاشت من الانفعالات ما لم تتوقع يومًا أن تعيش أو يخطر على بالها في حلم أو غفوة تشعر أنها ذرة نسيم افترقت عن عاصفة شعواء و باتت تبحث لها عن ملاذ أكثر هدوءًا.. و أكثر شاعرية و أمنًا و بكل جهدها كانت تصم صوت عقلها عن جميع الفرضيات و الاحتمالات التي يلقيها أمام ناظريها فلا تفكر غير باللحظة الواقعية القادمة... أن طلال اتصل عليها و قال أنه قادم بالطريق فأسرعت تُعد الطاولة و الفرح يطرق قلبها على استحياء.. هفهفات من الراحة التي غادرتها اليوم قد حلت عليها ببعض من السكينة.. و هي تقصى عقلها لتنعم بروعة اللحظة... طرقات على الباب جعلتها تنفصل عن تفكيرها الغير منتهي و تركض مخرجة ذاتها من دوامة طويلة لم تحسب لها حساب فتحت الباب بلهفه فقابلها بوجهه المجهد لتشفق عليه بشدة و تفسح له الطريق للدخول.. رأي الطعام فسال لعابه.. نظر لها بانشداه يقول: «أنت صنعت كل هذا؟» هزت رأسها بخفر ثم قالت بمزاح صادق: «نعم أرجو أن يماثل روعة المذاق.. روعة المنظر!» ضحك و اتجه نحو المنضدة و لم ينتظر حتى يغسل يديه.. ليشرع بتناول الطعام بنهم.. ضحكت ثم جلست أمامه تلتقط ما يسد رمقها.. فلاتزال معدتها متوترة من أحداث اليوم سألت بأول ما خطر على بالها: «غدًا سنذهب لعقد القران» غص بالطعام فناولته الماء.. و بعدما تغلب على السعال الخفيف الذي داهمه قال بصرامة مشيرًا لباب الشقة: «قبل أن تدخلي هذا الباب قلت لكي أن حالتي المادية صعبة للغاية..لذا عليكي الانتظار قليلا عزيزتي حتى أجمع المال الكافي للزواج..فلا أرضى أن تتزوج ابنه ليان راشد ببيت رث كهذا » جزعت لقوله فهتفت بسرعة: «أنت تعلم أني سحبت أموالي من البنك ستكفي الإجراءات و البحث عن عمل ثم....» أوقفها عن الحديث قائلا بتجهم: «أموالك؟...أم أموال إبراهيم راشد رجل الأعمال المخضرم الذي لم يرقى له مستواي فقرر إقصاء حبنا..لأنه يخطط لمستقبل عملي لك..حيث تتورم أمواله بزواج ابنته لثري...لكن عندما تقدم لك معدم مثلي.. رفضني و أهانني أمامك..قولي ألم تريه وهو يهمّ بصفعي؟..فقط لأني قلت له أن السعادة لا ترتبط بالمال» همت بقول شيء.. لكنه أوقفها مجددا ليقول بحرقة يستحق عليها جائزة أوسكار للتمثيل: «اعذريني ليان...كرامتي لا تتحمل أن أصرف قرشًا واحدا من تلك الأموال..ابحثي عن عمل لك إن أردت بأموال والدك..لكن كل ما يخصني سيكون من مالي الخاص..و لا تقلقي قريبا جدا سنتزوج...و بالنسبة للشقة فلن أمكث بها بالنهار على أية حال..فقط سأبيت هنا بالليل ثم أذهب لعملي طول اليوم...» ذهب للغرفة و تركها جالسة وحدها لم تعرف ماذا تفعل غير البكاء.. فانحدرت دمعاتها تعانق وجنتيها و تتآلف مع وجعها الخاص.. قد دمر والدها بسطحيته حبها و استقرار قلبها...و باتت تخوض صراعات لا قِبل لها بها؟ في الداخل.. دار طلال حول نفسه و على ثغرة مكثت ابتسامة متلاعبة.. ينهئ نفسه على التمثيل الإحترافي الذي نجح به و الذي تدرب عليه طوال اليوم.. ليفوز بذلك الحوار الذي لابد منه.. متبعًا أسلوب قلب الطاولة أو «إغلبهم بالصوت» مدركًا أن أحسن وسيلة للدفاع هي الهجوم فصب جام غضبه في كلمات انتقاها طول النهار ليبدو لها مقنعًا و مؤثرًا ضحك كثيرا دون أن يخرج صوت... سيماطل فهو ليس بالغباء الذي يجعله ينفق من ماله ليتزوج تلك الغافلة.. هو لو قرر الزواج يومًا لن يتزوج إمرأة سهلة المنال قد تمنح نفسها لرجل غيرة.. فمن خانت ثقة أهلها ماذا يمنعها من خيانته فيما بعد.. كذلك لا يريد خسارتها فلا يعلم كيف سيكون رد فعل أهلها.. و هذا الطعام اللذيذ الذي كان في انتظاره اليوم دعم قراره بتركها على الهامش.. و حفظها في هذا البيت كزهرة جميلة فواحة الرائحة.. لكنها لا تساوى شيء و لم تكلفة غير عناء اقتطافها من بستان حاميها... و لربما استطاع أن يجني الكثير من الأموال بالاضافة للأموال التي سحبتها من البنك.. أيضا سيفكر في طريقة للحصول على تلك الأموال بطريقة لا تثير حنقها.. يجب أن تعطيه النقود بكامل إرادتها.. كي لا يخسرها مبكرًا.. فان لم يعطيه أهلها المال.. فلتعمل هي و تأتيه بما يكفي لينفقه على متعته و ليرتاح قليلا من صلف المدير المتعالي... وهو ليس غبي كي يتركها تنام حزينة لذا رسم البؤس على وجهه و خرج لها ليجدها تجلس مكانتها على الطاولة.. ما ان انتبهت له حتى همت بمسح دموعها فاقترب يقول بحزن و شفقة زائفة: «حبيبتي...لا عاش من يجعل دموعك تنهمر..أنا آسف..صديقني لم أشعر بنفسي و أنا أتحدث بقهر..فقد غلبني والدك بقوة نفوذه و أشعرني أني حشرة مقيتة لا يشرفه التطلع إليها...» أوجعها قلبها لما يقول فقالت بأسف على حالهما: «لا تقل هذا أرجوك يا طلال..أعلم أن والدي أخطأ بحقك و بحق حبنا..لكني لم أسمح له و أتيتك بحبي..قلت لك أني لا أريد شيء غير قلبك الكبير..و سأرضى معك بأي حياة » ابتسم و رد: «لا أعلم ما الشيء الجميل الذي فعلته ليرزقني الله بك..حفظك الله لي...الآن سأخرج لإكمال عملي » ♡ ♡ ♡ لا يمكنها أن تصف سعادتها بالسعادة الكامنة التي كانت تطمح إليها.. فكلما جاءت لتعانق الراحة تجد منغصها يكبت روحها و يضيق عليها الخناق فيوشح عنقها بسلاسل و أصفاد لكنها تحاول تارة تصَنُّع السعادة و تارة تَصْنع هي سعادتها بنفسها كما تفعل الآن.. حيث فتحت دفترها الذي يعانق بغلافه الوردي أعتاب الربيع و بقصاصات الحب الذي سعت إليه قبل أن يسعى هو إليها.. فما كان لها الجلوس و انتظار حب فارغ من المشاعر يلهث خلف أطنان من الأموال.. لذا سعت هي خلف حبٍ حقيقي يغدق عليها من المشاعر الثمينة دون مقابل أخذت تتجول بين صفحات الدفتر.. تقرأ كثيرا و تضحك مليء فيها.. للذكريات أحيانا وقع مدغدغ للروح و الحواس و بسعادة لحظاتها تكون جنة في خيال المرء.. تذكرت كيف أرسل لها طلال طلب صداقة على تطبيق الفيس البوك.. قد علمت من يكون من اسم صفحته و الصورة التي وضعها.. فلم تقبل صداقته و تركتها معلقة.. لتجده في كل المنشورات يعلق و يتفاعل معها... كانت تدون على صفحتها بعض الموضوعات فتارة تجده يرد متعصبًا.. و تارة يضع تعليقات حالمة بعد أيام وصلها إشعار بطلب صداقة منه مجددا.. فعلمت أنه ألغي الطلب القديم و جدده.. فلم تجد بدًا من الموافقة و في داخلها أرادت التعرف عليه أكثر لتجده مع كل منشور لها يكتب انطباعه في الرسائل الخاصة.. محاصرًا فكرها و عقلها.. كان يحاورها و يدور حول أفكارها يغزل شرنقة حبه بداخلها.. و قد أحبت الحديث معه و وجدت فيه الألفة و صدى أفكارها ينعكس في شخص آخر.. أيام قليلة و تواطأ بينهما الحديث.. طول النهار و بعضًا من الليل و الرسائل المنهمرة بينهما لا تتوقف.. كأن الكلام كان محجوز في حناجهم.. و مع انهيار السد.. أطلقوا ما بقلوبهم من أحاديث طويلة و نقاشات غائمة.. و في يومٍ كانت تجلس في النادي فوجدته أمامها يبحث عن أحد.. دون شعور نادت عليه ليقبل عليها بفرحة و بجهة كبيرتين وقتها دق قلبها بشيء عجيب و كانت سعادتها لا توصف يومها و هي تراه بعيدا عن الشاشة.. بعد طول تخيل له فكان رؤيته كالمفرقعات التي تضرب كبد السماء فلن تزيدها إلا لمعًا و ألقًا بعدها توالت اللقاءات و قد أعطاها دروسًا في البحث عن السعادة.. أخذها للملاهي و تسابقت معه بالدراجات النارية في جو يسوده الفرح و الضحك الذي يخرج بلا حساب.. كان الوقت معه كلحظات مقطفة من الزمن أو كوردة حمراء نبتت وسط بستان من الورود السوداء.. ليس لبشاعة حاضرها إنما لرتابته... فكان هو الشيء المميز في يومها كله حتى أتاها ذات يوم ليعترف لها بكل الشجن الكامن بين عينيه.. و بكل الحب الذي حمل قلبه و روحه التي بين جوانحه و قال لها أنه شُغف بها و بات قلبه لا يصرخ إلا بحبها.. كان وقع اللحظة لذيذًا.. فبعدما كانت تصاحبه كأخٍ يملأ فراغ يومها في غياب حسان الذي انتقل بعمله حيث شركة والده التي كان يديرها قبل وفاته لمدينة مجاورة.. و لم يكن لديها أخوة فاتخذته رفيقًا لها... لكن بعد اعترافه تغير مسار قلبها على نحو سريع.. فباتت تبادله نفس الشعور.. كما ظنت..!! استعجلته بالقدوم لطلب يدها فأظهر خوفه من رفض والدها لأنه فقير.. بل معدم بالنسبة لعائلتها الثرية.. مظهرا ندمه على ترك قلبه يتعلق بنجمة عالية لا يستحقها مكررًا قوله بالبائس: « ما كان عليّ النظر لنجمة تسكن السماء بينما أنا أعانق الثرى..قد كانت أمنية بعيدة و قلبي كان أحمقًا أن وضع نفسه بمكانة لا يستحقها..» كانت كلماتك تشق قلبها فوعدته أنها ستحارب الدنيا لأجله.. فلما تقدم لها و رفض والدها بل و عامله كأنه خيال لا يستحق الإحترام.. اشتعل قلبها و قرر أنها وحدها ستنهض بهذا الحب مع طلال.. قد ظنت أن والدها سيؤيد قرارها و يواجه الجد الذي سيكون رده الرفض بالتأكيد.. لكن والدها خيب ظنها.. و اندرج أسفل الطامحين للمال بأي وسيلة... لكنها الآن تدرك و تعترف أنها بالرغم من هربها و لاتجائها لحبيبها لم تجد السعادة الكامنة... و في أقصى قلبها اعتراف بالاشتياق لأهلها و لأمها و أبيها و حتى... لحسّان بشغبه المحبب لقلبها مرت أيام عانقت الأسبوع و هي في بيت طلال.. يذهب في الصباح و يعود عند العصر يتناول غداءه ثم يذهب مجددا و لا يأتي إلا مع اتشاح السماء بالسواد.. متعللا أنه لا يريد التواجد معها كثيرا ببيت واحد و هما لم يتزوجا بعد.. واعدها أنه يجمع المال و قريبا جدا سيظفرا بروعة حبهما طرقات الباب أخرجتها من سكونها فركضت لتفتح الباب و قد تنبأت بالطارق.. فمن غيره طلال الذي سيأتي الآن فتحت الباب بابتسامه واسعة تقول ببشاشة: «صنعت لك طاجن أرز معمر ستأكل....» لكن الكلمات تراكمت بحلقهما و جحظت عينيها بشدة.. ثم انطلقت صرخاتها الفزعه... ♡ ♡ ♡ انتهى الفصل حبيباتي أتمنى لكم قراءة ممتعة الآن قولي لي ما رأيكم؟ لماذا صرخت ليان؟ و من بالباب! | ||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|