آخر 10 مشاركات
محيرة لولد عمج -شرقية-للكاتبة المبدعة:منى الليلي( ام حمدة )[زائرة]*كاملة & الروابط* (الكاتـب : أم حمدة - )           »          كدمات الروح .. لـ رشا (الكاتـب : رشا الخياليه - )           »          رافاييل (50) للكاتبة: ساندرا مارتون (الجزء الأول من سلسلة الأخوة أورسيني) .. كاملة.. (الكاتـب : Gege86 - )           »          ساحرتي (1) *مميزة , مكتملة* .. سلسلة عندما تعشق القلوب (الكاتـب : lossil - )           »          محاصرة مع المليونير الجزء الأول من سلسلة عائلة المافيا للكاتبة Jules Bennett..كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          بين أزهار الكرز (167) للكاتبة Jennie Lucas .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          أزهار قلبكِ وردية (5)*مميزة و مكتملة* .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          ضلع قاصر *مميزة و مكتملة * (الكاتـب : أنشودة الندى - )           »          دوامة الماضي (14) للكاتبة المميزة: فـــرح *كاملة & مميزة* (الكاتـب : فرح - )           »          غيث أيلول -ج5 سلسلة عائلة ريتشي(121)غربية - للكاتبة:أميرة الحب - الفصل الــ 44*مميزة* (الكاتـب : أميرة الحب - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

Like Tree1460Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28-06-24, 05:47 AM   #541

sona81

? العضوٌ??? » 141025
?  التسِجيلٌ » Sep 2010
? مشَارَ?اتْي » 1,250
?  نُقآطِيْ » sona81 is on a distinguished road
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عيوش نعيم مشاهدة المشاركة
حبيبتي شكرا على اقتباس بإنتظار الفصل
عوده حميده الف شكر بانتظار الفصل

روز علي likes this.

sona81 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-06-24, 02:05 AM   #542

رحوبه

? العضوٌ??? » 317422
?  التسِجيلٌ » Apr 2014
? مشَارَ?اتْي » 340
?  نُقآطِيْ » رحوبه is on a distinguished road
افتراضي

افتقدناك ياكتبتنا المبدعه جدا
روز علي likes this.

رحوبه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-06-24, 02:59 AM   #543

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 843
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

قدرُ الأخوةِ فيكِ لا يعلى عليه وإن بعدتِ
فمكانكِ بين الحنايا والشغافِ فأنتِ أختي
إن قدَّرَ اللهُ الّلقاءَ فأنا سعدتُ وأنت طبتِ
أو لمْ يكنْ فرضىً بما قسمَ المليكُ وقدْ عرفتِ
قسماً أحبُّ ترابَ قدمك أيما أرضٍ وطأتِ
وأذوقَ طعمَ الطيبَ في أبياتكِ مهما كتبتِ
فيكِ عرفتُ القلبَ يطربُ إنْ نطقتِ أو سكتِ
فنقاوةُ الصحراءِ في أنفاسكِ عذباً رشفتِ
أدعو الإلهَ يصونكِ أنى رحلتِ أو أقمت
ويقيمُ فيكِ مراكبي إنْ هاجَ بحركِ أو سكنتِ

الفصل الثالث والثلاثون....
فتحت جفنيها بصعوبة ثم غفت مجددا ثواني قبل ان تفتحهما وتتضح صورة عينان خضراوان مثل القطط تحدقان بها بقرب ، لترمش بعينيها تتأكد مما تراه وهي تغضن جبينها بتركيز عالي وكأنها تحل معضلة ما ، وعندما لم تنمحي صورة العينان وقد انضم لهما شعر اسود حريري يحتضن وجه مدور صغير فتحت شفتيها الصغيرتين وهمست بشرود
"ما هذا الجمال ؟ هل انتِ حورية من الجنة ؟ هل انتِ ملاك ؟"
تأملت انعقاد حاجباها السوداوان الرقيقان بشكل رقم ثمانية وحركة الشفاه الزهرية وهي تهمس بقلق وكأن الحلم دخل بالواقع
"هل انتِ بخير ؟"
شحبت ملامحها وهي تهمس بارتباك
"هل تتكلمين معي ؟"
تحركت طرف شفتيها بابتسامة وهي تهمس برقة
"نعم اكلمكِ"
اتسعت حدقتاها البنيتان بصدمة وهي تشهق بذعر وتنهض بقوة حتى اضطرت لورين للتراجع بخوف هامسة بتوجس
"آسفة ، هل افزعتكِ ؟"
اعتدلت بجلوسها وهي تضع كفها على قلبها النابض هامسة بوجوم
لم تفزعيني فقط ، لقد كدتِ تصيبيني بنوبة قلبية !""
عضت على طرف شفتيها وهي تهمس بخجل
"آسفة ، لم اقصد"
انتظمت انفاسها قبل ان تدور بنظرها حولها وهي تتعرف على مكانها لأول مرة ، لتقول بعدها بغباء شديد
"اين انا ؟ ما هذا المكان ؟"
نظرت لها لورين بسرعة وهي تهمس بعفوية
"انتِ بمنزلي ، اقصد منزل زوجي"
لم تركز بكلامها وهي تضع كفها على رأسها وتهمس بخفوت مشوش
"كيف وصلت لهنا ؟ ماذا حدث لي ؟ اين كنت قبل...."
تجمدت بمكانها وهي تتذكر كل ما جرى قبل حدوث الاغماء وكل الصور تتكرر امامها من لحظة دخولها للشركة وشجارها مع تلك الخائنة وتلك الإهانات التي وجهتها لوالدتها قبل نفسها حتى لحظة صفعتها لها ، لترتجف بقوة ما ان اخترق صوت لورين افكارها وهي تقول بجدية وكأنها تطمئنها
"لا تقلقي ، انتِ بأمان هنا ، لذا لا تخافي من شيء"
حدقت بها بارتياب وهي تتعرف عليها لأول مرة وجه مدور صغير ذات بشرة بيضاء ثلجية وشعر اسود طويل تحتضن خصلاته خديها الزهريين ، تملك عينان خضراوان واسعتان ومائلتان بطرفيهما مثل هلالين حزينين ، وترتدي بيجامة قرمزية حريرية مطرزة بزخرفة ذهبية على ذراعيها واكمامها ناسبت جسدها النحيل الضئيل وكأنها اقرب لدمية من بشرية !
همست كاميليا بعدها بخفوت حذر
"من تكونين انتِ ؟ وماذا تفعلين هنا ؟"
استقامت بسرعة وهي تضم يديها وتهمس بأدب
"انا لورين...زوجة الرجل الذي احضركِ معه لمنزله"
عقدت حاجبيها بتفكير وهي تهمس بعدم استيعاب
"اي رجل ! هل احضرني رجل ؟...."
قطعت كلامها وهي تضع كفها على فمها ما ان تذكرت الرجل الغريب الذي اوقف الشجار بينهما وامسكها كي لا تهجم عليها بدون ان ترى شيء من ملامحه عدا هيئته الرجولية الضخمة وطوله الفارع...ولم تعرف بأنها غابت عن الوعي بين ذراعيه حتى وصلت لهذا المكان ! ولكن لماذا احضرها لمنزله ؟ هل هي بمنزله ؟ وهذه الفتاة تكون...
نظرت لها بصدمة تفوقت على صدمة وجودها وهي تخفض كفها قائلة بقوة
"هل انتِ متزوجة ؟"
اومأت لورين برأسها وهي تهمس ببساطة
"نعم متزوجة ، وذاك الرجل الذي احضركِ يكون زوجي"
رفعت حاجبيها ببطء وهي تتقدم بجلوسها هامسة بجدية
"كم هو عمركِ ؟"
ردت عليها ببساطة وهي تتابع ردود افعالها باهتمام
"ثلاثة وعشرون سنة"
سقط فكها الصغير بذهول اكبر قبل ان تضرب على صدرها هامسة باستنكار
"انتِ اكبر مني حتى ! كيف يعقل هذا ؟"
حركت كتفيها بصمت وهي تهمس بابتسامة رقيقة
"هذا لأنني قصيرة القامة واملك بنية جسدية ضعيفة"
رمقتها بطرف حدقتيها وهي تكتف ذراعيها هامسة بشك
"نعم انتِ محقة لا يظهر عليكِ العمر مطلقا"
رسمت ابتسامة جميلة على محياها بدون ان ترد عليها ، لتقول بدلا عن ذلك بخفوت رقيق
"وانتِ كم عمركِ ؟"
اتكأت بذقنها على قبضتها وهي تنصب ركبتها تحت مرفقها هامسة بتبرم
"انا بالثامنة عشر من عمري"
اتسعت ابتسامتها وهي تهمس بلطف
"وانتِ ايضا لا يظهر عليكِ العمر"
اشارت بأصبعها السبابة نحوها وهي تقول بقوة
"إياكِ ان تجاملي كذبا ، فأنا اعرف الحقيقة"
عقدت حاجبيها السوداوين بعدم فهم وهي تهمس بخفوت
"اي حقيقة ؟"
اخفضت اصبعها تشير لنفسها وهي تقول بتذمر
"انا ابدو اكبر من عمري ، ودائما كل من يراني كان يضعني بخانة الكبار والسيدات المتزوجات والعازبات ، لقد حصلت على كثير من التعليقات المشابهة منذ دخولي لمرحلة الثانوية ، ولم يصدق احد بأنني ما زلت طالبة بالمدرسة واعيش بمرحلة المراهقة ، حتى هل تصدقي بأن هناك سيدة غريبة سألتني لماذا لم تتزوجي بعد ! ألم تكبري على حركات المراهقين ! ماذا تظنني عجوز مثلها ؟"
ظهر صف اسنانها الصغيرة قبل ان ترفع اصابعها لشفتيها تضحك بدون صوت ، لتقول كاميليا بابتسامة تغلبت عليها
"هل بدوت مضحكة ؟"
حركت لورين رأسها وهي تخفض اصابعها هامسة بمرح
"تقريبا"
اخفضت كفها على جانبها وهي تقول بابتسامة مسرحية
"لم تجربي ان يسموكِ الفتاة الكبيرة بفصلك ، او ان ينادي عليكِ البائعين المتجولين بالسيدة ، كدت ذات يوم ان اخنق احدهم ، هل تعلمين لماذا ؟"
حركت رأسها بجهل وهي تقول بفضول
"لماذا ؟"
تقدمت بوجهها نحوها وهي تلوح بكفها بعيدا تنفعل بالموقف
"لقد ناداني خالتي وهو تقريبا بعمر الثامنة ، لقد امسكت نفسي بصعوبة حينها ، لا اعلم كيف لم اوبخه بنفس اللحظة ؟"
خرجت ضحكتها عن السيطرة وهي تمسح عينيها بأطراف اصابعها هامسة بسعادة
"انتِ فتاة مسلية جدا"
كورت شفتيها وهي تهمس بتملق
"مسلية ام غريبة اطوار !"
ضمت شفتيها تصمت عن الضحك قبل ان تقول بشرود حزين
"بل انتِ رائعة ، اتمنى ان اكون صريحة بكلامي ومشاعري مثلكِ"
حدقت بها لحظات وكأنها ادركت شيء للتو قبل ان تضع اصبعها على صدغها وهي تقول بتركيز
"انا متأكدة بأنني رأيتكِ بمكان ، ولكن لا استطيع تذكر اين !"
انتشلت نفسها من شرودها وهي تنظر لها باستغراب تبادلها الشك نفسه ، لتصرخ كاميليا بسرعة وهي تفرقع اصبعيها معا
"نعم تذكرت ، انتِ الفتاة نفسها من ذاك اليوم ، عندما كنتِ مصابة بالتوعك او التعب وساعدتكِ بالوصول لمحطة الحافلة ، هل تذكرتني ؟"
انخطف لونها وشحت انفاسها وهي تعيدها لذاك اليوم المخيف الذي كان عبارة عن كابوس بحياتها ! ليوقظها صوتها المرح وهي تقول بابتسامة
"ألست على حق ؟ لقد كنتِ انتِ"
اخفضت رأسها بارتجاف وهي تتذكر وجود تلك الفتاة الغريبة بطريقها كان مثل طوق النجاة للغريق بالنسبة لها وخاصة بحالتها حينها التي لم تكن تتعرف على احد امامها ، وها هو العالم دار بها واعاد لقاءها بنفس الشخص وكأنها رسالة لها كي تشكرها ! لتهمس بعدها بخفوت ممتن
"نعم صحيح ، تذكرتكِ الآن ، لقد ساعدتني كثيرا بذلك الوقت العصيب ، اشكركِ كثيرا"
ردت عليها كاميليا من فورها وهي تنهض عن السرير
"لا تشكريني فقد استطعتِ رد المعروف لي بالنهاية ، بأول لقاء انا ساعدتك وبثاني لقاء انتِ ساعدتني ، لذا انا من يجب ان اشكركِ انتِ وزوجك على استقبالكما لي بمنزلكما ، شكرا لكما"
افترت شفتاها عن ابتسامة فاتنة وهي تهمس بلطف
"على الرحب والسعة"
وقفت امامها وهي تقول بابتسامة جانبية
"لم تتسنى لنا الفرصة للتعارف بيننا بشكل لائق ، صحيح !"
مدت كفها نحوها وهي تضع كفها الاخرى فوق صدرها قائلة بترحاب
"مرحبا بكِ ، انا اسمي كاميليا ، ابنة الثامنة عشر وبنهاية مرحلتي الثانوية"
بادلتها بابتسامة اجمل وهي تمد كفها وتصافحها هامسة بلباقة
"وانا اسمي لورين ، بالثالثة والعشرون من عمري ، ومتزوجة منذ قرابة الشهر"
شدت على كفها وهي تقول بابتسامة لطيفة
"تشرفت بكِ يا جميلة"
ردت عليها لورين بنفس طريقتها
"وانا تشرفت بكِ اكثر"
مضت لحظات قبل ان تسحب كل منهما كفها بهدوء ثم قالت كاميليا بابتسامة محرجة
"فقط لدي طلب واحد ، اريد كأس من الماء فقد عطشت جدا"
تحركت بسرعة جهة المنضدة وهي تسكب لها ماء من الابريق تملئ الكأس الزجاجية هامسة بخفوت
"لقد نسيتكِ تماما ، بالتأكيد ستكونين عطشتِ"
ابتسمت لها بهدوء تراقبها بصمت قبل ان تمد الكأس نحوها قائلة برقة
"تفضلي"
اخذت الكأس منها وهي تقول بامتنان
"شكرا لكِ يا لورين"
قربت الكأس من فمها وشربت الماء بصمت قبل ان تسلمها لها ، لتقول لورين بعدها وهي تعيد الكأس مكانها
"كيف اصبحت صحتكِ الآن ؟ هل ما تزالين متعبة ؟"
اتسعت ابتسامتها وهي تهمس بمرح
"بخير جدا ، لقد اصبحت من افضل ما يكون ، شكرا لكِ على اهتمامك"
عبست ملامحها وهي تمسك مرفقها وتجلسها على طرف السرير قائلة بحزم
"اجلسي ، لا تتعبي نفسكِ كثيرا ، فقد استيقظتِ للتو ولم يزل التعب عنكِ تماما"
ردت عليها كاميليا بسرعة وهي تمسك يدها بقوة
"انا بخير ، حقا بخير"
زمت شفتيها بتبرم وهي تقول بهدوء جاد
"لو كنتِ كذلك لما اخذتِ كل هذا الوقت بالاستيقاظ ، حتى كنا على وشك استدعاء الطبيب عندما تأخرتِ بأغمائك"
عضت على طرف شفتيها وهي تفلت كفها هامسة بحرج
"هذا لأنني...لأنني كنت اعاني من قلة بالنوم بجانب الضغط النفسي...ولم استطع النوم ليلة امس ، لذلك غبت عن الوعي ونمت معي بدون ان اشعر بنفسي"
ضيقت حدقتيها بدون ان تصدقها لتقول كاميليا من فورها بصدق
"هذا يحدث مع الجميع ، عندما تكونين متوترة قبل بيوم لا تستطيعين النوم مطلقا وتبقين مستيقظة ومتأهبة طول الليل تفكرين بالغد ، وهذا شيء طبيعي عند كل الناس"
ضمت شفتيها وهي تهمس من بينهما بخفوت
"وانا احيانا يحدث معي هذا"
اومأت برأسها وهي تقول بقوة
"أرأيتِ ! هذا يحدث مع الجميع كما قلتِ لكِ"
حررت ابتسامتها بهدوء قبل ان يقاطعهما صوت باب الغرفة ما ان فتح ودخلت منه صاحبة الوجه البشوش وهي تقول بمرح
"حمد لله على سلامتكِ يا ابنتي ، واخيرا استيقظتِ"
توجهت الانظار نحوها تراقبها وهي تتقدم منهما حاملة صينية بين يديها تحوي فوقها طبق حساء تتصاعد منه الأبخرة ، لتقول كاميليا وهي تتلون بالحرج منها
"سلمكِ الله ، لقد اتعبتكم معي"
ما ان وصلت امامها حتى وضعت الصينية فوق المنضدة وهي تقول بجدية
"سامحك الله اي تعب ! انتِ اليوم ضيفتنا لذا من المهم تغذيتك جيدا والاهتمام بكِ قبل ذهابك ، وهذا الحساء هو افضل طعام لكِ كي يقويكِ ويعيدك لنشاطك وصحتك"
رفعت نظراتها بسرعة وهي تقول بابتسامة مرتبكة
"ليس هناك داعي لكل هذا ، فأنا كنت على وشك الذهاب ، واساسا لقد بقيت عندكم طويلا...."
قاطعتها وداد وهي تقف امامها بصرامة
"ليس هناك اعتراض بعد الآن ، فأنا لن اسمح لكِ بالخروج قبل انهاء هذا الحساء ولن نقصر بواجب ضيافتك"
ردت عليها كاميليا بسرعة بتوتر
"انتم اناس كرماء وسعدت حقا بالتعرف عليكم ، ومحظوظة بالصدفة التي جمعتني بكم ، ولكني حقا لا استطيع...."
تدخلت لورين وهي تقف بجانب عمتها تناصرها بكلامها
"عمتي وداد على حق ، يجب عليكِ شرب الحساء اولاً بعدها نسمح لكِ بالمغادرة ، وغير هذا فلن ندعكِ تغادرين من المنزل ابدا"
ابتلعت ريقها بارتعاش وهي تومئ برأسها باستسلام ، لتقول وداد بعدها وهي تغادر من امامهما
"إذاً استأذن منكما ، فلدي عمل اقوم به ، بالهناء والشفاء لكِ"
غادرت وداد خارج الغرفة بسرعة بينما نقلت كاميليا نظراتها للأخرى التي كانت تسحب طاولة خشبية وتضعها بينهما ثم وضعت الصينية فوقها ، لتتراجع بعدها للخلف وتجلس على الكرسي قائلة ببراءة
"تفضلي ، تناولي حساءكِ بنية الشفاء"
ارتجفت طرف ابتسامتها وهي تخفض نظرها للحساء الذي يحوي على الخضار وقطع من اللحم ، لتقول بعدها بخفوت مستاء
"هل يوجد به لحم ؟ لأنني بصراحة لا احب اللحوم ولا استطيع تقبلها"
اخفضت لورين نظراتها حيث تنظر وهي تهمس ببساطة
"بالتأكيد يوجد فهو اهم عنصر بالعناصر الغذائية المفيدة وايضا بمكونات حساء وداد"
رفعت نظراتها بشحوب وهي تهمس بعدم حماس
"حقا !"
حدقت بها بسرعة وهي تقول بابتسامة جادة
"لا تقلقي فهي تضع كمية قليلة منه من اجل اضافة النكهة والفائدة عليه ، وحتى زوجي لا يتناول اللحم وممنوع عنه ومع ذلك يتناوله فقط بحساء وداد ، فإذا اراد الشفاء بسرعة عليه بتناوله"
عقدت حاجبيها بعدم اقتناع لتتابع من فورها بابتسامة بريئة
"حسنا تناولي لقمة واحدة ، وإذا لم يعجبكِ لا تكملي ، انا لن اجبركِ عليه"
تبرمت شفتيها بعبوس وهي تتأمل ابتسامتها اللطيفة ورجاءها الصامت الذي اذاب قلبها ، لتقول بعدها بقلة حيلة
"حسنا سأحاول من اجلكِ"
اتسعت ابتسامتها بحب وهي تراقبها ترفع الملعقة بأصابعها تغرف من الحساء ثم ترفعها لشفتيها وكم كان الطريق بينهما طويلا ، وما ان وصلت لفمها حتى سحبت انفاسها بشجاعة قبل ان تشربها كلها دفعة واحدة ، وبلحظات كانت الابتسامة تشق محياها وهي تلعق اطراف شفتيها بلسانها هامسة بدهشة
"طعمه شهي جدا ، مخالف لتوقعاتي ! وكأنني اتذوق حساء لذيذ لأول مرة !"
صفقت بيديها وهي تقول بسعادة مماثلة
"ألم اخبركِ بذلك ! لا احد يستطيع مقاومة حساء وداد فهي طباخة ماهرة بجانب انها امرأة رائعة تضع قلبها بكل شيء تطبخه لذلك يكون طعمه مختلف !"
اومأت برأسها توافقها بالرأي وهي تتابع شرب الحساء هامسة بحماس
"نعم انتِ محقة ، ومحظوظة جدا بطاهية مثلها يجب على جميع الامهات التعلم منها ! فهذا ليس مجرد حساء بل شراب سحري من الجنة !"
غامت ملامحها بضباب وشردت بنظراتها قبل ان تمحي ذلك الشعور عن قلبها وتتابع مراقبتها بسعادة لم تشعر بها منذ زمن تنسيها بعض مآسي يومها...
____________________________
كانت تركض معهم بممر المشفى وهم يسحبون السرير المتحرك باتجاه مدخل الطوارئ ، وهي تمسح دموعها بكل دقيقة ونظرها لا يفارقه تتماسك بصعوبة كي لا تنهار بهذه اللحظة الحرجة ، وما ان وصلوا للباب الذي فتح بآلية حتى اضطرت لتركهم يكملون دخولهم وحدهم وهي تتابع رحيله بألم شديد .
امسكت بسرعة بالممرضة التي كانت تجري وهي تقول لها بصوت مرتعش
"كيف صحته ؟ هل سيكون بخير ؟ هل اصابته بليغة...."
ربتت الممرضة على يدها وهي تقول بجدية
"نحن لم نفحصه بعد ، عندما تنتهي العملية نطمئنكِ حينها ، والآن رجاءً ابقي هادئة وانتظري خبر منا"
تركتها واكملت جريها بعيدا عنها وهي متجمدة بمكانها بدون اي روح ، لتمسك رأسها بسرعة وهي تشعر بدوار مفاجئ قبل ان تستقر جالسة على احدى الكراسي الموزعة بالطريق ، ضمت يديها امام شفتيها وهي تهمس بحزن دفين
"يارب ساعده واشفيه ، لا تحمله اكثر من طاقته ، لا تحملني ذنبه طول العمر"
تنفست بصدر اهتز بعنف من ألم الغصة السجينة هناك وهي تخفض كفيها هامسة بعذاب
"يا الله ! ما كل هذه الابتلاءات ؟"
مسحت وجهها بكفيها وهي تضغط على عينيها بأصابعها وتهمس بخفوت مشجع
"سيكون بخير بإذن الله ، لن يحصل له شيء ، لن يحصل"
اخذت انفاسها للحظات تملئ رئتيها بالأكسجين قبل ان تخفض يديها بسرعة بسبب صوت انفتاح الباب الآلي وهي ترى الممرضة التي خرجت ركضا من هناك ، ولم تشعر بنفسها وهي تنهض عن الكرسي ببطء ألا عندما استقرت الممرضة امامها وكأنها مرسلة إليها كي تفجعها اكثر ! حاولت بعدها النطق بصعوبة بدون ان تخرج منها الكلمات حتى همست بخفوت منتحب
"ماذا ؟ كيف هو...."
سرق نظرها المغلف الشفاف الذي مدته نحوها وهي تقول بخفوت عملي
"هذه اغراض المريض الشخصية ، قلت ان تبقيها معكِ كي تبقى بمأمن"
حركت رأسها بشرود لبرهة قبل ان تنظر لها قائلة بتوجس
"وماذا عنه ؟ كيف حالته الآن ؟"
ردت عليها الممرضة بخفوت مهني
"وضعه مستقر للآن ، ولكننا لن نجزم بشيء قبل انتهاء العملية"
شقت ابتسامة شحوب ملامحها وهي لا تعلم هل تسعد بهذا الخبر ام تخاف اكثر من القادم ووضعه ما يزال تحت الخطر !
اومأت برأسها وهي تأخذ المغلف الشفاف منها هامسة بخفوت باهت
"شكرا لكِ"
غادرت الممرضة بصمت تعود من حيث جاءت ، لتغمض سراب عينيها ثواني قبل ان تفتحهما وتعود جالسة فوق الكرسي وهي تحمد الله بأنه لم يكن خبر سيء ، اخفضت نظرها للمغلف البلاستيكي الشفاف بين يديها وهي تتأمل محتوياته هاتف محمول قديم به خدوش على اطرافه وكسر بشاشته يبدو حديث من الحادث ، وايضا علاقة مفاتيح تحمل مفتاح المنزل وكذلك...
ارتجفت انفاسها ببكاء وهي تكتشف بأنه ما يزال محتفظ بالميدالية التي اهدتها له بعيد ميلاده تحمل شعار سيارة ألمانية كتب عليها حرفي "w" و "v" داخل دائرة واحدة زرقاء ، وهو نوع السيارة التي كان يحلم بشرائها ويحاول جمع ثمنها بكل الوسائل الممكنة ولكن بكل مرة تخرج امامه عقبة تمنعه من الوصول لثمنها اما بسبب مصاريف المنزل او مشاكل بالعمل حتى يعود بالنهاية مستسلم ومنهزم وكأن كل العالم يقف ضده...
تنفست سراب بهدوء وهي تدخل يدها بالمغلف وتخرج الميدالية المعلقة مع المفتاح تمسكها بأناملها ، ثم وضعتها براحة كفها تتأملها بنظرات حزينة مليئة بالأسى والبؤس وهي تذكر لحظة اهدائها له وكلامها حينها تشجعه بأعمق لحظات يأسه
(كنت اتساءل ما هي الهدية التي ممكن ان تفرحك وتسعدك ! وتوصلت بأن ميدالية السيارة الأحب على قلبك ستكون الهدية الأنسب ، صحيح بأنها مجرد ميدالية فقط ولكنها ستعطيك التحفيز كي تصل لثمن السيارة الحقيقية ، ومتأكدة بأنك ستفعل فأنت عندما تسعى لشيء لا تستسلم ابدا حتى تحققه ، وعندما تحصل على مفتاح السيارة ضعه بعلاقة الميدالية الخاصة به سيكون منظرهما رائعا معا !)
ضمت شفتيها تحبس غصتها وهي تذكر رده لها حينها بابتسامته التي تغدقها حبا
(هذه اجمل واثمن هدية احصل عليها بسنوات عمري ! اين سيجد الانسان شريكة مثالية تفكر به لهذه الدرجة ! اعدكِ ان احقق الحلم واشتري سيارة احلامنا ليس من اجلي بل من اجل وضعها مع ميداليتك)
حررت انفاسها ببطء وهي تضم الميدالية بأناملها بقوة قبل ان تهمس بخفوت ميت
"هل ما زلت على العهد ؟"
نفضت كل الافكار من رأسها وهي تعيد الميدالية بحرص بداخل المغلف الشفاف قبل ان تغلقه بإحكام ، ليبدد الصمت بالممر الفارغ صوت اقدام تسير باتجاهها ، لتلتفت بسرعة وهي تشاهد امرأة كبيرة بالسن تدور بنظراتها بضياع وزوجها المسن يمسك بذراعها يقودها بالطريق .
وضعت المغلف بجانبها وهي تنهض عن الكرسي بحذر وما ان لمحتها المرأة حتى اتجهت نحوها بسرعة تترك زوجها خلفها ، لتهجم سراب بسرعة وهي تتمسك بذراعيها بتشبث كي لا تسقط هامسة بخوف
"عمتي صفية ، انتبهي على نفسكِ ، هل انتِ بخير ؟"
رفعت وجهها الحزين المليء بالمنحنيات وتجاعيد العمر وهي تمسك بذراعيها هامسة بوهن مرتجف
"ابنتي سراب الحمد لله بأنني رأيتكِ ، كيف هو الآن ؟ كيف صحة ولدي ؟"
تنفست بارتجاف تحشر دموعها بقلبها وهي تهمس بتحشرج
"عمتي صفية ارجوكِ اجلسي اولاً ، ارتاحي على المقاعد كي لا تسوء صحتكِ"
ردت عليها بانكسار وهي تشد على ذراعيها
"ليس صحتي ما يهمني ، اريد ان اعرف اخبار عن ابني ! اين هو ؟ وكيف وضعه ؟ قلبي يحترق عليه ، قلبي يؤلمني يا ابنتي ، فقط اريد ان اعرف عن حاله"
اشاحت بوجهها تغمض عينيها وهي تجبر نفسها على التماسك ومقاومة رغبة البكاء التي تلح عليها بشدة ، لتسمع صوت زوجها وهو يقف بجانبها قائلا بخفوت مرهق
"اخبرينا يا ابنتي فنحن خائفين جدا عليه ، طمئني قلب والديه المسنين ، كيف وضعه الآن ؟"
فتحت عينيها الدامعتين وهي توجه نظرها لهما هامسة بخفوت مرير
"لا اعرف يا عمي ، كل ما اخبروني به بأن وضعه مستقر ولن نعرف قبل انتهاء العملية ، يعني نحن ليس بيدنا شيء سوى الدعاء"
شهقت الوالدة بارتجاف وهي تترك ذراعيها قبل ان تضرب على صدرها بكفها قائلة بحرقة
"هذا وحيدي ، وحيدي ، ماذا سأفعل إذا اصابه مكروه او اذى ؟ كيف سأتحمل فقدانه او خسارته ؟"
امسك زوجها بكتفيها يحتضنها لصدره وهو يقول بتماسك رغم الخوف البادي على ملامحه
"اهدئي يا صفية ، هدئي من نفسكِ ، لا يجوز ما تفعلينه بنفسكِ ، يجب ان تكوني اكثر قوة وتماسكا على الأقل من اجل ابننا حتى يخرج بالسلامة...وانا متأكد بأن الله سيسمع اصواتنا ولن يحرمنا من فلذة كبدنا"
استندت عليه وهي تقف باستقامة وتومئ برأسها ، لينقل نظراته للساكنة امامهما بدون اي ردة فعل تشاهد بصمت وشعور الذنب يتفاقم بقلبها ، ليقول الزوج بعدها بهدوء عميق النبرة
"اخبرينا بما تعرفينه يا ابنتي ، كيف حدث هذا ؟ وكيف اصيب هكذا ؟"
مسحت خديها بقوة وهي تهمس بخفوت متصلب تحافظ على شموخها
"عندما كان يعبر الشارع صدمته سيارة مسرعة قبل ان يفر صاحبها هاربا ، بعدها اتصلنا بالإسعاف ونقلوه للمشفى ، وللآن ما زلت انتظر حتى تنتهي العملية"
تنفست الوالدة بألم اكبر وهي تمسح على صدرها بكفها وتبكي بصمت ، ليقول زوجها على عكسها باتزان جاد
"وماذا كنتِ تفعلين هناك يا ابنتي ؟ هل كل شيء على ما يرام ؟"
شحبت ملامحها وتوقف النبض بقلبها عند كلامه الاخير وكأنها بموضع المتهم ! لتقول من فورها بابتسامة طبيعية
"كل شيء بخير يا عمي ، فقط كنت مارة من هناك بوقت الحادث ، وهذا كل ما حدث"
اومأ برأسه وهو يقول بابتسامة ممتنة
"شكرا لكِ يا ابنتي على اسعافه بالوقت المناسب ، سلمكِ الله"
اخفضت رأسها بأدب وهي تضم يديها امامها بقوة ، ليتحرك الرجل وهو يسحب زوجته معه قائلا بجدية
"هيا يا عزيزتي لنرتاح قليلا على المقاعد حتى تنتهي عملية ابننا ، يجب ألا تتعبي نفسكِ من اجل صحتكِ"
زفرت سراب انفاسها بقوة وهي تلتفت للكرسي بجانبها قبل ان تنحني تمسك المغلف فوقه ثم تستقيم بصمت ، لتنقل نظراتها للزوجين الجالسين على المقاعد المقابلة لها وايديهما متشابكة حتى بهذا العمر ما يزالان يحافظان على العهد بينهما وكأنه لم يمضي شيء عليه...
تنهدت بابتسامة وهي تتقدم نحوهما بثبات قبل ان تمد المغلف لهما قائلة بهدوء
"هذه اغراض عزت الشخصية لقد اخرجتها الممرضة كي نحافظ عليها من اجله"
ما ان كان الزوج سيأخذها حتى سبقته زوجته وهي تمد كفيها وتأخذ المغلف بسرعة ، لتضم سراب يديها بقوة وهي تشاهد طريقتها بملامسة محتويات المغلف بأصابعها قبل ان تضمه لصدرها وتبكي بحرقة ، استدارت بعدها بعيدا عنها تضبط مشاعرها بصعوبة وتقبض بيديها على جانبيها .
قالت بعدها بهدوء جاد وهي تغادر من عندهما
"عن إذنكما ، سأذهب لشراء زجاجة ماء"
غادرت باتجاه الممر قبل ان تتسارع خطواتها تهرب من الجميع وأولها نفسها التي قبلت بكل هذا الظلم....

يتبع.....


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-06-24, 03:08 AM   #544

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 843
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

سارت بالممر منحنية الكتفين وبقلب مثقل وهي تحمل زجاجتي ماء بكلتا يديها ونظرها ارضا عند خطواتها ، وما ان سمعت حركة امامها حتى رفعت رأسها واحتدت عيناها بلا شعور ما ان رأته واقف قرب جدار الرواق بصمت ونظراته عليها ، تجمدت قدميها ارضا وكأن جاذبية ارضية تمسك خطواتها بقوة بالرغم من انه لم يتحرك به ساكن ولكنها تعرف جيدا نواياه وسبب وجوده وغايته حتى باتت تبصم كل شيء يخصه .
سحبت انفاسها لرئتيها بقوة تصلب نفسها تقاوم كل الأوجاع بقلبها وجسدها وتحاربه بنفس الطريقة ، لتستمر بعدها بخطواتها بثقة اكبر تسير بثبات وهي تتحاشى النظر له وكأنه ليس له وجود ، وما ان اجتازته بخطوتين حتى نادى بصوته الجهوري الصلب بدون ان يلقي نظرة خلفه
"سراب حكمت"
قشعر بدنها بدون ان تظهر ردة فعل وهو يناديها باسمها الأول الذي تشعر به إهانة اكثر منه نداء وقوف وخاصة بأنه لم يستخدم اي من ادوات النداء المعروفة وفضل مناداتها باسمها بطريقته الآمرة المستفزة ، لتقبض بأصابعها على زجاجتي الماء بقوة وهي تقرر تجاهله وإكمال طريقها وكأنها لم تسمعه ، ولكن ما ان تحركت خطوة اخرى حتى جمدها عن الحركة مجددا قائلا بأمر اعلى
"إياكِ ان تهربي"
ابتلعت ريقها بارتعاش وهي تشعر بالغضب يفور بدمائها ويلون محياها الاحمر بعد ان اتهمها بالهروب ، لتستدير نحوه بسرعة وهي تتصلب بوقفتها تتخذ وضعية المدافع هامسة بلا اي خوف
"ما لذي تريده ؟"
رفع رأسه وهو يستدير نحوها كذلك حتى تقابلت نظراتهما مثل اتحاد نارين بنفس القدر ، ليقول بعدها بخفوت محتد
"ماذا تفعلين هنا ؟"
ارتسمت ابتسامة ساخرة على محياها وهي تقول بتهكم
"بالطبع لست اتسلى مثلك ، بل موجودة من اجل الاطمئنان على مريض دخل لغرفة العمليات ولم يخرج منها"
صلب فكه بقسوة وهو يقول بدون ان يمنع نفسه
"كيف وضعه الآن ؟"
عقدت حاجبيها البنيين بقوة وهي تقول بعنف
"وهل يهمك ذلك ؟"
نطق بكلماته بحدة من بين اسنانه
"سراب !"
اشاحت بنظراتها بعيدا وهي تهمس بجمود ميت
"ينازع روحه بالداخل ، ماذا سيكون ؟"
تنهد سفيان بقوة وهو يقول من فوره بنبرة صلبة
"وما لذي تفعلينه ببقائكِ بالمشفى ؟ هل تظنين بأن وجودكِ سيعجل من شفائه او يغير وضعه ؟"
رفعت نظراتها بسرعة وهي تلوح بذراعها جانبا قائلة بضراوة
"لن يفعل ولكني مع ذلك سأقوم بواجبي اتجاهه ، هكذا استطيع تبرئة ضميري والتخلص من الذنب بسبب ما فعله زوجي به !"
قطع الخطوتين بينهما بثواني قبل ان يكبل ذراعيها يرفعهما بقوة وهو يقول بغضب هادر
"سراب احترمي نفسكِ ، كم مرة سأنبهكِ ان تضبطي جماح لسانكِ ! لا تدعيني اندم على تهاوني معكِ"
حدقت به بعينين واسعتين قدحت الشرارة بهما ثم خمدت وتركت اثر الدموع واضحا بهما ، ليقول بعدها بخفوت مستهجن
"هل كنتِ تبكين ؟"
شحبت ملامحها وهو يكشفها بأكثر لحظاتها ضعفا وبكائها خفية بحمام المشفى بعيدا عن كل الانظار ، لتتلوى بعنف وهي تحاول سحب ذراعيها هامسة بانفعال
"اتركني ، اتركني الآن"
دفع ذراعيها بقوة حتى اسقطت زجاجتي الماء ارضا وتدحرجت كل منهما بطريق الممر ، ليأخذ انفاسه بقوة وهو يمسك ذراعها ويسحبها قائلا بجفاء
"هيا ، سنغادر من هنا...."
تجمدت سراب بمكانها وهي تقول بجموح
"لن اتحرك شبر واحد معك"
اتسعت حدقتاه بصدمة وهو يلتفت نحوها بحدة صارخا بغضب
"سراب...."
قاطعته مجددا وهي تنفض ذراعها بعيدا عن قبضته بقوة
"لن اتراجع ولن اتحرك من مكاني حتى اطمئن عليه ، لن اخرج من باب المشفى حتى اتأكد من سلامته وصحته ، حتى لو عنفتني وضربتني فلن اتحرك من مكاني"
عصفت ملامحه وهو يهجم عليها ويرفع اصبعه السبابة صارخا بشراسة
"اقتلكِ يا سراب ! هل تسمعين ؟"
رفعت ذقنها وهي تقول بتمرد
"اقتلني إذا استطعت ، فلن اخرج من هنا ألا على جثتي"
تسمرت ملامحه لبرهة وهو يخفض اصبعه ببطء ويدير رأسه بعيدا عنها ، ليتنفس بعدها بضيق يشعر بالهواء قد فرغ من المكان ولم يعد يكفيه ، ثم رفع نظره عاليا وهو يقول بخفوت هازئ
هل كل هذا اهتمام وحب به ؟ هل لهذه الدرجة امره يعنيكِ ؟""
تلبدت ملامحها بصفحة جليدية وهي تقول بخفوت واثق
"لا تحتاج ان تكون تحبه او تهتم بأمره كي يكون لديك ضمير حي ! من يملك ذرة انسانية بقلبه يدرك ذلك ، فلو كان رجل غريب من الشارع سأهتم بأمره وابذل قصارى جهدي كي اقدم له العلاج وانقذه من الموت ! فلست انسانة عديمة رحمة وقاتلة حتى افعل ذلك بشخص بريء وصالح ، وستكون البشرية مكان افضل لو فكرنا بإنسانية ورحمة اكثر مع بنو البشر مثلنا"
اخفض رأسه وسلط نظراته نحوها ثواني قبل ان يقول باستنكار حاد
"هل هذا مبرر جديد على خيانتكِ لي ؟"
رفعت حاجبيها البنيين بهدوء قبل ان تنحسب من امامه تحرك كفها ببرود
"لست ابرر لك بل هذا الواقع ، وانت افهمها كما تريد ، لن اشرح لك اكثر"
راقبها بعينين حادتين وهي تنحني وتلتقط زجاجة الماء بينما الاخرى كانت قريبة من الكرسي بجانبه ، ليتحرك بسرعة وينحني وهو يلتقط زجاجة الماء الاخرى ويستقيم بصمت ، وما ان كان سيفتحها حتى انتزعتها من قبضته بلمح البصر وهي تقول بجمود
"هذه الزجاجة ليست لك ، بل هي لأهل المريض اشتريتها من اجلهم ، إذا كنت تريد اذهب واشتري لنفسك"
حدجها بنظرة غاضبة وهو يخفض قبضته على جانبه ، قبل ان تستدير توليه ظهرها وتغادر من امامه بلمح البصر تجري على طول الممر ، ليطبق على اسنانه بحدة وهو يضرب بقبضته على الجدار بجانبه يكاد يحطمه من قوة الغضب المحمول بقلبه .
رفع يديه وهو يمسح جانبي شعره وصدغيه يستعيد سيطرته على مشاعره وغضبه ، ليخترق جدار عقله صوت رجولي من خلفه
"سيدي"
اغمض عينيه يتنفس بعمق ثواني قبل ان يفتحهما ويخفض يديه وهو يستدير نحوه بقوة ، ليسير باتجاهه بخطوات واسعة وما ان مر بمحاذاته حتى ربت على كتفه قائلا بأمر نافذ
"ابقى مرابط للمكان ، ولا تبعد ناظريك عنها ، ستخبرني بكل شيء يحدث بالمشفى ، سمعتني جيدا !"
اومأ برأسه وهو يقول باحترام
"حاضر سيدي ، عُلم"
نزلت يده عن كتفه وهو يغادر من جانبه بصمت والغضب الاسود يكاد يطبق على انفاسه....
__________________________
كتبت على شريط البحث العريض حتى خرجت لها نتائج عشوائية وروابط مختلفة ، لتدخل لكل الروابط واحدة تلو الاخرى وهي تهمس بوجوم
"لم ينتشر شيء عن ما حدث بالشركة ، كان من الممكن ان تتحول لفضيحة كبيرة وبلبلة ، ولكن يبدو بأنهم قد تستروا عنها من اجل سمعة الشركة"
تنفست بضيق وهي تخرج من قائمة البحث هامسة بخيبة امل
"لم احصد نتائج مهمة مما فعلت ، فقط كسبت التعب النفسي والإنهاك الجسدي وتلقيتها بصحتي ، ونمت بمنزل غريب وفضحت امام الناس"
ايقظها من افكارها صوت وصول رسالة لهاتفها وهي ترمقها بطرف حدقتيها وتلمح اسم المرسل ، لترفعه بعدها امام نظرها وهي تضغط على محتوى الرسالة
(كيف سارت الأمور ؟ هل نجحتِ بمهمتك ؟)
زمت شفتيها بعبوس وهي ترد عليها برسالة مختصرة
(تقريبا)
ردت عليها برسالة بنفس اللحظة
(ماذا يعني ؟)
تنفست بوجوم وهي تكتب ببساطة
(لقد سارت المهمة كما نريد وقابلت تلك الخائنة ، حتى انني تشابكت معها وصفعتها على الملأ امام كل عمال وعاملات الشركة ، ولكن من سوء حظي بأن تدخل مدير الشركة ووقف بيننا وفض الجمع بالمكان ، وألا كنت انوي سحبها من شعرها ومسحه بكل ارض الشركة !)
سكن الهاتف لحظات قبل ان ترسل لها مجددا
(إذا كانت على هذا فقط فلا بأس بذلك تعوضينها فيما بعد ، المهم بأنه لم يحدث ما هو اسوأ ولم تصيب مخاوفك)
كورت شفتيها وهي تكتب على لوحة المفاتيح
(بل حدث)
ردت عليها برسالة سريعة
(ماذا حدث ؟ لا تخيفيني هكذا !)
تنهدت كاميليا ببؤس وهي تكتب لها بغضب
(لن تصدقي ما حدث معي ! غبت عن الوعي بسبب قلة النوم والتوتر ، وحملني مدير الشركة واحضرني لمنزله)
ما ان ارسلت الرسالة حتى ردت عليها بسرعة تستطيع سماع صوت صراخها
(ماذا ؟)
غرست اسنانها بطرف شفتيها تصمت صوت ضحكتها وهي تتخيل شكلها الآن ، ليأتيها الرد الآخر الذي كانت تتوقعه
(هل جننتِ ؟ هل هذا وقت سماجتك ؟)
ردت عليها برسالة اخرى بكل برود
(اقسم لكِ بأنها الحقيقة ، ولم اكذب بأي كلمة قلتها)
انتظرت لحظات قبل ان تصلها رسالتها برد فعل متأخر
(واين انتِ الآن ؟ وماذا فعلتي ؟ هل انتِ بخير ؟)
تنفست بهدوء وهي تكتب بثبات
(انا بخير يا غبية ، لا داعي للقلق عليّ ، وألا كيف كنت استطعت التواصل معكِ !)
صمت هاتفها لحظات قبل ان ترد عليها برسالة حانقة
(يا إلهي ! يا لبرود اعصابكِ ! انا هنا متوترة وانتِ ما تزالين تنكتين معي)
مالت طرف ابتسامتها بصمت قبل ان تكتب بتملق
(وايضا نسيت ان اخبركِ بأنني ما زلت بمنزل مدير الشركة ولم اغادر بعد)
ردت عليها بسرعة بصدمة فاقت الصدمة الأولى
(هل فقدتي عقلكِ يا مجنونة ؟ ماذا تفعلين عندكِ ؟ غادري بسرعة قبل ان يقوموا بالتجارة بأعضائكِ او اسوأ)
ضحكت من اعماق قلبها من تفكيرها الساذج بسبب إدمانها على مشاهدة الافلام الاجنبية التي اثرت على عقلها كما يبدو ، لتحرك اصابعها على لوحة المفاتيح وهي تكتب بثقة
(لا تقلقي يا عزيزتي ، فقد استقبلتني زوجة المدير برحابة صدر واعتنت بي جيدا ، وايضا قدموا لي طعام ولم يقصروا بضيافتي وكانوا لطفاء جدا معي)
وصلت رسالتها بعدها بلحظات بجدية
(يجب ان تخشي اكثر شيء من الناس اللطفاء واصحاب الوجوه الجميلة ، فلا تستطيعين ان تعرفي خفايا قلوبهم وما يخبؤونه خلف كرمهم ولطفهم)
زمت شفتيها وهي تهمس من بينهما بشبه ضحكة
"تلك المجنونة ! إلى ماذا تلمح ؟"
حركت رأسها وهي تكتب لها بقوة
(ليس هناك شيء من هذا ، وايضا اكتشفت بأنني اعرف زوجة المدير وقابلتها من قبل ، ولدي احساس قوي بأنها شخص استطيع الوثوق به ويستحيل ان يغدر بي)
ارتسمت ابتسامة ناعمة على محياها وهي تومئ برأسها تؤكد على كلامها ، ليسرق نظرها رسالتها التي وصلت بلحظات
(لا اعرف بشأنكِ ، ولكن الأفضل ان تعودي للمنزل فإذا عرفت والدتك بأمركِ ستقتلكِ)
اتسعت حدقتاها بإدراك وهي تخرج من حالة الاسترخاء وتهمس بوجل
"كيف نسيت موضوع والدتي ؟ ستقتلني حتما !"
ارسلت بسرعة لصديقتها رسالة مذعورة
(لقد نسيت امرها تماما ، يجب ان اصل للمنزل قبل ان تلاحظ تأخري وألا سيكون اليوم آخر يوم بحياتي)
خرجت من المحادثة بسرعة وهي على وشك فصل الهاتف قبل ان يفاجئها الاتصال الذي ملئ الشاشة امامها ، ولسوء حظها فقد كانت والدتها التي خشيت منها وكأنها سمعت افكارها وقررت تحقيق مخاوفها !
عضت على طرف اظافرها وهي تهمس بتوتر
"يا مصيبتي ! ماذا افعل ؟ ماذا اخبرها ؟ إذا رديت عليها لن تجدي كل اكاذيبي معها وستكشفني ، وإذا لم ارد ستواصل الاتصال حتى تفجر هاتفي"
تنفست كاميليا بهدوء وهي تقول بحسم
"سأقوم بفصل هاتفي افضل حل لدي ، وسأتحجج بأن شحن البطارية قد نفد"
اومأت برأسها توافق الفكرة وهي تضغط بسرعة على اللوحة فوق وتشغل وضع الطيران الذي تستخدمه بالطوارئ ، انتفضت بسرعة وهي تنزل عن السرير وتدس هاتفها بجيب بنطالها ثم امسكت بحقيبتها وسارت باتجاه باب الغرفة ، لتتجمد ما ان فتح الباب قبل وصولها له وظهور الزوجة الجميلة امامها وقد تبدلت نظراتها للاستغراب وهي تراقب حالتها ، لتقول بعدها بخفوت قلق
"هل كل شيء بخير ؟ هل ينقصكِ شيء...."
قاطعتها كاميليا بسرعة وهي تمسك كتفيها هامسة برقة
"كل شيء بخير يا عزيزتي ، وقد سعدت جدا بضيافتكم ورفقتكم ولا يكون لديكِ شك بذلك"
عبست ملامحها وهي تهمس بوجوم
"إذاً لماذا نهضتِ عن السرير ؟ ولماذا تحملين حقيبتكِ ؟ هل انتِ...."
سارعت بالكلام وهي تسحب يديها عن كتفيها
"انا...انا يجب ان اغادر الآن ، فقد اطلت كثيرا بوجودي بمنزلكم ويجب ان اعود لمنزلي ، وشكرا كثيرا كثيرا على كرمكم معي ، لن انسى فضلكم عليّ"
زمت شفتيها بعبوس وهي تمد الصينية بين يديها قائلة بطريقة طفولية
"ألن تبقي هنا ؟ ولو من اجل تناول الحلوى التي صنعتها خصيصا من اجلكِ"
ابتلعت كاميليا ريقها بارتجاف وهي تخفض نظرها لطبقين الكعك الموجودين فوق الصينية ، لتهمس بعدها بخفوت محرج
"انتِ لطيفة جدا ، ولكني حقا ، حقا مستعجلة ، والدتي لن تسامحني إذا تأخرت و...."
قاطعتها لورين برجاء اكبر
"ارجوكِ ابقي قليلا وتناولي الحلوى معي ، لا ترفضي دعوتي الخاصة ، وبعد ان تتناولي كعكتي سأطلق سراحكِ"
ضمت شفتيها بتردد وهي تنقل نظرها بينها وبين الباب قبل ان تتنفس باستسلام هامسة بابتسامة
"حسنا قبلت ، سأخرج بعد تناول الكعك معكِ فلا يجوز رفض دعوى حلوة مثلكِ وخاصة بأنها من صنع يديكِ ، لن تتسنى لي مثل هذه الفرصة مجددا"
اتسعت ابتسامتها بسعادة وهي تهمس بنشوة
"لن تندمي ابدا على قبولك"
سارت لورين امامها وهي تتجه للطاولة الخشبية بقرب السرير قبل ان تضع الصينية فوقها ، لتشير لها بكفها تدعوها للمجيئ وتجلس قائلة بحماس
"هيا بسرعة ، الحلوى لا تنتظركِ"
حركت كتفيها بعجز وهي تتمتم مع نفسها وتسير نحوها
(اساسا فات الاوان لن يفرق لو اضعت كم دقيقة اخرى)
وصلت امامها وهي تضع حقيبتها على طرف السرير وتجلس بجانبها ، لترفع نظرها ما ان مدت الطبق نحوها والشوكة فوقها هامسة برقة
"تذوقيها واخبريني برأيكِ"
تغلبت عليها ابتسامتها وهي تأخذ الطبق وتضعه فوق حجرها لتمسك بعدها بالشوكة وتغرسها بالكعكة الهشة الكريمية ، ثم دستها بفمها وهي تغمض عينيها تستمتع بالمذاق الأكثر من شهي والطعم الحلو المميز وكأنها تدخل للقلب مباشرة ! لتفتح عينيها بسرعة وهي تقول بسعادة غامرة
"ما هذه الكعكة ؟ هذه اول مرة اتذوق شيء بهذه الحلاوة"
ردت عليها لورين بابتسامة بريئة
"اسمها كعكة الجبن الاسبانية ، وقليل جدا من يصنعون هذا الصنف ويعرفونه"
اتسعت ابتسامتها حتى بانت اسنانها البيضاء الصغيرة وهي تشير لها بالشوكة قائلة بحرارة
"انتِ فتاة عبقرية جدا ، عرفتي كيف تكسبين قلوب الناس بهذه الكعكة ، فهذه الكعكة هي ألذ كعكة اتذوق مثلها بحياتي ! ولن اندم بحياتي على تذوقها !"
تغضنت طرف ابتسامتها وهي تهمس بحياء
"سعيدة جدا بأنها اعجبتكِ ، بالهناء والشفاء"
حركت كاميليا رأسها وهي تتابع تناولها بشراهة هامسة بحماس
"لم تعجبني فقط بل ادمنت عليها ، يجب ان تخبريني بطريقتها ، يجب ان اعرفها"
قطعت لورين من كعكتها وهي ترفعها لشفتيها وتتناولها قبل ان تقول بعفوية
"طريقتها صعبة قليلا ، ولكني اعدكِ إذا داومتِ على زيارتي كل يوم سأصنعها لكِ بكل مرة"
رفعت حاجبيها بدهشة وهي تخرج الشوكة من فمها وتقول بمرح
"انتِ تعامليني بلطف وكرم كبيرين وهكذا سأكون طماعة معكِ ، وربما تفسديني بطيبة قلبكِ ولطفك لأني فتاة متطلبة ، ألا إذا كنتِ تسعين لزيادة وزني وتلقي توبيخ من امي والتي تتحسس من اي موضوع يخص الوزن"
شردت نظراتها وهي تخفض الشوكة جانبا ثم همست بابتسامة حزينة
"قلتي قبل قليل بأن والدتك ستقلق إذا تأخرتِ ، هل لهذا السبب كنتِ مستعجلة بالخروج ؟"
نظرت لها بسرعة وهي تخفض الشوكة قائلة بامتعاض
"انتِ لا تعرفين والدتي ، انها امرأة متعصبة قليلا ، احيانا تكون منفتحة وتتصرف مثل الامهات الغربيات ، واحيانا متشددة جدا وتتصرف مثل الامهات التقليديات ، ومع ذلك تملك مشاعر مرهفة جدا تتأثر بسرعة من اي كلمة وتغير نفسيتها بالكامل ، وإذا لم تصغي لكلامها او تنفذي اوامرها تحيل حياتكِ جحيما !"
مالت طرف ابتسامتها وهي تهمس بخفوت رقيق
"ولكنها بالتأكيد تحبكِ ، والدليل هو مدى اهتمامها وسؤالها عنكِ فالأم تقلق وتخاف على اولادها"
لم تنتبه لتغير حالتها وهي تركز بتناول الكعكة قبل ان تقول ببساطة
"نعم انتِ محقة ولكن حبها احيانا يقيدني ويكون خانقا لي ، فهي بعد كل هذه السنوات ما زالت لا تثق بابنتها وتعاملها كطفلة جاهلة لا تعرف كيفية الاعتناء بنفسها ، وانا قد كبرت كثيرا ولم اعد استطيع تحمل ان يتحكم احد بي ويدير شؤوني الخاصة ، هل فهمتني ؟"
ابتلعت لورين ريقها بغصة مريرة وهي تهمس بأسى
"انا اغبطكِ الآن ، فأنا لم اجرب هذه المشاعر بحياتي"
غصت باللقمة بحلقها وهي تضع كفها امام فمها وتقول بخفوت خجل
"اعتذر منكِ جدا ، لم اكن اعلم ، رحمة الله عليها"
حدقت بها بصدمة قبل ان تحرك كفها قائلة بتصحيح
"كلا ليس هذا ما قصدته ، وامي على قيد الحياة ، لم تمت بعد"
تنفست براحة وهي تخفض كفها هامسة بابتسامة طفيفة
"لقد ارحتني من حِمل ثقيل ، ظننت نفسي قد جرحتكِ بدون قصد"
بهتت ملامحها وهي تخفض نظرها هامسة بمرارة
"ولكنها غير موجودة بحياتي فقد تركتني منذ كنت بالرابعة من عمري ، ولم ارها سوى مرة واحدة قبل زواجي بعدها اختفت من حياتي مجددا ، حتى انها لم تحضر حفلة زفافي"
استاءت ملامحها سريعا وهي تهمس بخفوت حزين
"آه يا لقساوة قلبها ! هل لهذه الدرجة مشاعر الأمومة مجردة منها ؟"
تقوست شفتاها بعبوس وهي تتلاعب بالشوكة فوق الطبق هامسة بلا روح
"بعض الاطفال لم يخلق بقدرهم عيش حب الأم"
ابتلعت ريقها بمرارة وهي تضم الشوكة بأصابعها والغريب بأن حزنها يؤلم قلبها بقسوة وكأنها السبب به ! لتتنفس بعدها بقوة تستجمع نفسها وهي تقول باتزان
"وهل جربتي زيارتها او الذهاب إليها ؟"
حركت رأسها بالنفي وهي تغرس الشوكة بالكعكة هامسة بخفوت
"كلا فأنا لا اعلم عنوان منزلها او شيء عن حياتها ، كل ما اعرفه بأنها تزوجت وبنت عائلة وعاشت حياتها"
مالت بنظراتها بأسى وهي تهمس بحزن عميق
"اعتذر ، ذكرتكِ بأشياء مؤلمة لم تودي تذكرها"
اعتلت الابتسامة محياها وهي تهمس برقة
"لم يؤلمني ابدا ، فقد سررت حقا بالحديث معكِ والبوح لكِ بمشاعري"
اتسعت ابتسامتها حتى ملأت وجهها ناعم التقاسيم وهي تلوح بالشوكة بالهواء قائلة بطرافة
"إذا كنتِ ترغبين بالحصول على أم خذي امي فأنا مستغني عنها ، ومتأكدة بأنكِ بعد يومين ستقولين : يا ليتني لم اتمنى ولم اطلب منكِ ، فلا يوجد احد يستطيع تحمل مزاجها ونفسيتها سوى ابنتها الوحيدة ، اسألي مجرب ولا تسألي خبير"
ضحكت من اعماق قلبها وهي ترفع الشوكة وتتناول اللقمة ثم همست ببراءة
"يسرني ان اتعرف عليها ، فإذا كانت الابنة هكذا كيف ستكون أمها !"
فتحت فمها واكلت لقمة كبيرة قبل ان تقول بمرح تشاركها مزاحها
"ستندمين كثيرا ، اقول لكِ من الآن"
ضحكت بملء ثغرها وهما تتابعان التسلية بالكلام وتناول الكعكة التي اضافت حلاوة بجلستهما .
وقفت عند الباب وهي تعدل حزام حقيبتها فوق كتفها قبل ان تلوح بكفها هامسة بابتسامة رقيقة
"سررت حقا بالتعرف عليكِ يا لورين ، اتمنى ان تجمعنا ظروف افضل من هذه نتقابل بها سويا ولا نكون محرجين من بعضنا"
ارتسمت ابتسامة صادقة على محياها وهي تضم يديها امامها هامسة بلطف
"اتمنى ذلك ايضا"
اخرجت هاتفها من جيب بنطالها الجينز وهي تقول بقوة
"لقد كدت انسى ذلك ، هناك ما عليّ فعله قبل ذهابي"
عقدت حاجبيها باستغراب قبل ان تمد الهاتف نحوها قائلة بمرح
"اعطيني رقم هاتفكِ كي نبقى على تواصل مع بعضنا"
اومأت لورين برأسها وهي تأخذ الهاتف منها ثم سجلت رقمها عليه ، لتعيده لها وهي تستلمه منها وتدسه بجيب بنطالها هامسة بامتنان
"شكرا لكِ"
استقامت بسرعة وهي تدس خصلاتها الطويلة خلف اذنيها لتلوح بعدها بكفها وتستدير بعيدا عنها قبل ان تتراجع وتدير جسدها مجددا نحوها ، وقبل ان تستوعب لورين ما تفعل كانت تحتضنها بقوة وهي تطوق كتفيها بذراعيها هامسة بامتنان حار
"شكرا لكِ على كل شيء ، لقد جعلتي يومي رائعا ، وسررت حقا بالتعرف عليكِ"
ابتسمت لورين بحب وهي ترفع يديها وتعانقها بصمت احتاجت لها بحالتها وخففت الوجع بقلبها ، لتبتعد عنها بسرعة وهي تلوح بكفها قائلة بعجلة
"تأخرت كثيرا ، إلى اللقاء يا حلوتي ، اراكِ بالقريب العاجل"
راقبت الباب وهو يرتد خلفها بدون ان يغلق وقد عادت السحابة الحزينة لمحياها والألم بقلبها وكأن مفعول المخدر قد انتهى وعاد شعور الألم يلاحقها....
___________________________
دخلت للغرفة العادية التي تم نقل المريض لها بعد نجاح العملية وهي تدخل بخوف وتردد ، اول ما وقعت نظراتها عليه هو الجسد الطويل الممدد فوق السرير الابيض ومغطى بالكامل لا يظهر منه سوى رأسه وقدميه ، لتقف بعدها بجانبه وهي تراقب ملامحه الشاحبة والمتغضنة بألم واضح وضمادة كبيرة ملفوفة حول رأسه وجبينه يكاد شعره لا يظهر منها ، رفعت رأسها بانتفاض ما ان قالت الممرضة الموجودة بالغرفة
"لا تطيلي كثيرا بالبقاء من اجل راحة المريض ، سأمهلكِ عشر دقائق فقط"
اومأت برأسها قبل ان تسارع بالكلام بخفوت متوتر
"كيف صحته الآن ؟ هل تجاوز مرحلة الخطر ؟"
اومأت برأسها وهي تقول بابتسامة عملية
"نعم تجاوزها واصبح وضعه افضل ، ولكنه سيبقى تحت المراقبة بعض الوقت حتى نطمئن اكثر على صحته وسلامته بعد العملية"
وضعت كفها على قلبها وهي تتنفس هامسة براحة
"الحمد لله يارب ، شكرا جزيلا لكِ"
ردت عليها الممرضة وهي تغادر خارج الغرفة
"حمد لله على سلامته"
ابتلعت ريقها بارتجاف وهي تنقل نظراتها لوجهه الهادئ تستطيع سماع صوت انفاسه تخرج بانتظام بعد ان حل الصمت بالغرفة ، لتجلس بعدها على الكرسي الوحيد بجانبه بتعب استبد بها وهي تغمض عينيها الدامعتين وتضم كفيها امام صدرها هامسة بسعادة
"الحمد لله ، الحمد لله بأنه لم يصل للموت"
بقيت لحظات على حالتها حتى ايقظها من شرودها صوت رجولي ثقيل
"سراااب"
فتحت عينيها بسرعة وهي تتأمل حركة شفتيه يتمتم بكلمات غير مفهومة وتغير بتعبير ملامحه ! وما ان نهضت تتجه للباب تنوي استدعاء الممرضين حتى اوقفها صوته الذي بات مسموعا واكثر قوة
"سراااب توقفي !"
توقفت بقوة وكل جزء بجسدها ينتفض وكأن تيار قوي ضرب بعقلها ، لتتنفس بعدها بحذر شديد وهي تستعيد رباطة جأشها قبل ان تمسح الدموع بعينيها وتستدير نحوه بصمت ، وما ان وقعت نظراتها على عينيه الشاخصتين باتساع حتى انتفض جسده يحاول النهوض وهو يقول بقوة
"سراااب !"
جاء دورها بشعور الصدمة وهي تتجه له بسرعة وتمسك كتفيه العريضتين صارخة بخوف
"انتظر لا تنهض ، يجب ان ترتاح...."
صمتت بارتجاف ما ان امسك بيدها فوق كتفه وهو ينظر لها بقوة ويهمس بإرهاق
"هل انتِ هنا ؟ هل انتِ حقيقة ؟"
ضمت شفتيها بعبوس وهي تسحب يدها من تحت كفه وتستقيم بعيدا عنه ، لتدس اصابعها بجانبي حجابها تعدله حول وجهها تلهي نفسها بعيدا عنه ، ليبدد الصمت مجددا وهو يعتدل بجلوسه قائلا بابتسامة ظهرت بصوته
انتِ حقا هنا ! اتيتِ من اجلي""
نظرت له بارتجاف وهي تهمس بخفوت مضطرب
نعم ، اتيت للاطمئنان عليك ، حمد لله على سلامتك""
اراح ظهره على الوسادة وهو يقول بخفوت سعيد غير مهتم للألم برأسه واضطرابها
منذ متى وانتِ هنا ؟""
ابتلعت سراب ريقها بصعوبة وهي تنظر بعيدا عنه هامسة ببهوت
"منذ وقت طويل فأنا من قام بنقلك للمشفى بسيارة الاسعاف وشهدت لحظة دخولك لغرفة العمليات"
تغضنت طرف ابتسامته وهو يقول بامتنان
"شكرا لكِ على اسعافي ، ولأنكِ بقيتِ بجانبي كل هذا الوقت ولم تتركيني للحظة واحدة"
ارتسمت ابتسامة هادئة على محياها وهي تنظر له قائلة بجدية
وايضا والداك ينتظرانك بالخارج ولم يتركانك للحظة""
عقد حاجبيه بوهن وهو يقول بوجوم
لابد بأنهما قد قلقا كثيرا عليّ واثارا ضجة بالممر صحيح !""
اومأت برأسها وهي تهمس بابتسامة حزينة
"نعم كثيرا ، ولكني اعطيهما العذر فهما والدين بالنهاية وانت ابنهما الوحيد"
تأوه بألم وهو يمسد جبينه بأصابعه لتسارع بالقول بقلق
"هل انت بخير ؟ هل استدعي الممرضة ؟"
حرك عزت رأسه بالنفي وهو يخفض اصابعه قائلا بابتسامة عميقة
"انا بخير جدا ، وافضل من كل مرة ، اشعر بنفسي من بعد هذه الحادثة وكأنني ولدت من جديد"
امتعضت ملامحها وهي تشيح بوجهها جانبا هامسة بقنوط
"وحتى ونحن بهذه الظروف لك مزاج للمزاح !"
تبدلت ملامحه للجدية وهو يقول بنبرة متزنة
"سرابي"
ادارت نظرها نحوه وهي تقول بعفوية
"نعم يا سيد عزت"
افاقت على نفسها ما ان استوعبت بأنها تصرفت معه بطبيعية كما كانت تفعل بالماضي وكأنه يعيدها لتلك الحقبة من حياتها ! ليجذبها صوته القديم الذي يذكرها بأيام مواعدتهما وهو يقول بخفوت هائم
"لقد سعدت جدا بمجيئك ، كسرتِ كل الحواجز والعقبات واتيتِ إلي ركضا ، لم تفكري بشيء آخر وفعلتي ما تريدين كعادتك ، وانا اليوم فخور بكِ جدا من اجل تضحيتك"
تجمدت تقاسيمها وهي تشد يديها على جانبيها قائلة بهدوء
"ليس لذلك السبب فقط ، بل لأنني شعرت بالذنب نحوك وكنت انوي التكفير عنه"
رفع حاجبيه ببطء وهو يقول بتجهم
"عن اي ذنب تتكلمين !"
ردت عليه سراب من فورها ببساطة
"عرفت بكل شيء حصل قبل الحادث ، زوجي ورجاله حاولوا مهاجمتك وانت هربت منهم ، واثناء ملاحقتهم لك صدمتك سيارة مسرعة وسببت لك هذه الاصابة ، يعني كل ما حدث لك ذنبنا نحن"
استند بيديه على جانبيه وهو يتقدم بجلوسه قائلا بقوة
"لم اكن اهرب بل كنت استعد واجهز التدابير اللازمة لمواجهتهم ، ولم انتبه لتلك السيارة التي جاءت على غفلة مني وضربتني ، وألا ما كنت قبلت على نفسي بالهروب وكنت حاربت بكل قوتي"
ردت عليه سراب وهي تضرب ذراعها على جانبها بانفعال
"نفس السبب ، ولولاهم ما كانت تلك السيارة ضربتك ودخلت للمشفى !"
اعاد ظهره للخلف وهو يدير نظراته قائلا ببرود
"ومع ذلك فأنتِ ليس لكِ اي ذنب ، ولستِ مجبرة على تحمل اخطاء الآخرين"
غامت عيناها العسليتان وهي تهمس بخواء
"بل انا مذنبة بقدره تماما ، فهو يكون زوجي وانا التي دفعته للهجوم عليك...."
قاطعها عزت وهو ينظر لها بضيق
"كفى يا سراب ، توقفي عن نطق هذه الكلمة ، ألا تعلمين كم يؤلمني سماع كلمة زوجي على لسانك !"
زفرت سراب انفاسها بقوة وهي تقول بنبرة جادة
"ربما هذا الألم يكون مفيد لك لاحقا ويجعلك تتخطى الأصعب ، وسيكون بمقدورك حينها على فتح صفحة جديدة بحياتك"
حدق بها بصمت مظلم شعرت بالحزن عليه حتى كادت تتوسل له ان يسامحها ويغفر لها ، ولكن لم يكن بيدها حل آخر وهذا ما عليه ان يحدث كي تتخلص من هذا العبء بحياتها وتنتزع هذا الخوف من قلبها ! فإذا كانت تكره الظلم بحياتها فهي تكره الخيانة ايضا ! ويستحيل ان تحقق نظرة زوجها ذاك نحوها وتكون تلك الخائنة !
قالت سراب بعدها تغير طريقة الحوار
"واردت ايضا سؤالك هل تفكر بالإبلاغ عن سفيان ورجاله بسبب هجومهم عليك ؟"
رمقها بطرف حدقتيه وهو يقول بوجوم
"وإذا اجبتكِ بنعم فماذا ستفعلين ؟"
عقدت حاجبيها بشدة وهي تقول بصرامة
"إياك ان تفعل ذلك"
رفع حاجبيه بصدمة وهو يقول من فوره باستهجان
"هل لهذه الدرجة تخافين عليه ؟ هل تخافين ان اسجنه ؟...."
قاطعته سراب بغضب تمكن منها وهي تلوح بأصبعها السبابة بالهواء
"بالطبع ليس هذا ما يخيفني ولا اناصره او اشجع ما فعله ، ولكنني بت اعرفه لدرجة اصبحت اتوقع ما سيفعله وما سيصدر عنه ، إذا ابلغت عنه لن يضر احد غيرك وسيردها لك بأسوأ طريقة ولن تحصد شيء سوى الخسارة والهزيمة ! يكفي ما اصابك للآن لا تزيد على نفسك !"
حرك عزت رأسه بقوة وهو يقول بعزم
"لا يهم ما سيصبني بعد الآن ، انا مستعد لكل شيء سيفعله بي"
نفضت اصبعها للأسفل وهي تقول بحدة
"لا تكن مجنونا ! عد لوعيك ، حتى كاسر تعقل وصمت لماذا لا تكون مثله !"
ادار نظره نحوها وهو يقول باستنكار مستاء
"انتِ مخطئة يا سراب ، كل ما تفعلينه عبارة عن خطأ ، لا اعلم كيف ستكملين حياتك مع قاطع الطريق ذاك ! هل ستتحملين الحياة معه ؟"
تجمدت بمكانها لبرهة قبل ان تشير بأصبعها لنفسها قائلة بشموخ تخفي الانكسار بقلبها
"هذه حياتي انا والقرار بيدي انا ، ليس لدى احد الحق بالتدخل بقرارات حياتي ومصيري ، وانا المسؤولة عن اي خطأ يصدر مني وعواقب تصرفاتي ، والاضرار التي ستنجم بعدها انا كفيلة بإصلاحها وتحملها مهما بلغ مدى سوئها"
راقبها بعبوس غير راضي حتى تابعت كلامها وهي تضم يديها عند صدرها
"رجائي الاخير ان تفعل ما طلبته منك من اجل سلامتك يا عزت ، فكل ما اسعى له بالحياة هو سلامتكم"
ضيق حدقتيه بجمود وهو يقول بضيق
"ترتكبين خطأ كبير يا سراب ، وهذا الخطأ انتِ من سيدفع ثمنه عاجلا ام آجلا"
سكنت ملامحها مثل الرخام وهي تخفض كفيها ثم استدارت وغادرت خارج الغرفة ، لتمسك بعدها بمقبض الباب على صوت عزت وهو يقول برجاء
"لا ترحلي يا سراب ، ارجوكِ لا ترحلي ، فكري جيدا قبل ان تخطي هذه الخطوة"
اغمضت عينيها بقوة تسجن العبرة بهما وهي تقول بخفوت متحشرج
"انا آسفة"
سمعت صوته وهو يقول بقوة
"سراااب..."
ولكنه لم يتابع بسبب خروجها من الباب وظهور والديه امامها بالوجه ، لتبادر والدته بالكلام وهي تقول بقلق
"كيف صحة ابني ؟ هل هو بخير ؟ هل استيقظ ؟"
اختلقت ابتسامة لبقة على محياها وهي تفسح المجال لهما هامسة بلطف
"نعم بخير جدا ، وهو الآن مستيقظ وقد كان يسأل عنكِ ، ادخلي لرؤيته ولكن لا تطيل كثيرا بالبقاء معه من اجل صحته ، هذه اوامر الطبيب"
اومأت برأسها بسرعة وهي تقول بصوت ملهوف
"بالطبع يا ابنتي ، بالطبع ، صحته هي اهم اولوياتنا ، لم نصدق ان يستيقظ اخيرا !"
احتضرت ابتسامتها ما ان تجاوزتها بسرعة يلحقها زوجها ويتركوها خارج الباب ، لتستعيد تركيزها بسرعة وهي تبتعد عن الغرفة والممر بأكمله تسير بشرود بدون النظر بوجه احد ، ليقطع طريقها رجل غريب وهي تنظر له باستغراب تستعد للهجوم عليه قبل ان تدرك بأنه احد رجال زوجها والذين كانوا معه بوقت الحادثة !...
اخفض الرجل رأسه وهو يقول باحترام
"السيد سفيان ينتظركِ بالمنزل ، وطلب مني ان اعيدكِ إليه وألا...."
قطعت كلامه بانفعال بالغ
"وألا ماذا ؟"
صمت الرجل لحظات قبل ان يقول بجدية
"وألا سيطلب من المشفى ان يرموا المريض واهله وانتِ للخارج"
غرست اسنانها بطرف شفتيها تضبط نفسها كي لا تغضب منه اكثر وتنفس عن غضبها بهذا الرجل ، لتتنفس بعدها ببطء وهي تقول بثقة عالية
"واخبره انت بأن يحاول فقط فعل ذلك"
رفع رأسه بصدمة بدون ان يرد عليها وهذه اول مرة يرى بها احدهم يتحدى رئيسه بهذه الجرأة ! وما ان كان سينسحب حتى اوقفته قائلة بحسم
"انتظر لحظة ، لقد غيرت رأيي ، سأذهب للمنزل"
عاد بالنظر لها بصمت قبل ان تمد كفها قائلة بأمر
"اعطني مفتاح السيارة"
نظر لها بارتياب لبرهة قبل ان يقول بعملية
"اعتذر منكِ يا سيدتي ، ولكن امرني ايضا ألا اسمح لكِ بقيادة السيارة من اجل لوازم الامان ، لذا انا سأقودها للمنزل"
تنفست بغيظ وهي تخفض كفها وتتجاوزه بسرعة هامسة بحنق
"تبا له !"
بينما لحق بها الرجل بسرعة لخارج المشفى....

يتبع.....


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-06-24, 03:15 AM   #545

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 843
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

ضرب بقبضته على جرس المنزل حتى كاد يكسره وهو لا يرى احد امامه تقريبا ، وما ان فتح الباب من قبل الخادمة حتى ازاح قبضته عن الجرس وهو يقول بغموض
"هل حمزة الكايد موجود بالمنزل ؟"
توترت ملامحها وهي تنظر له بارتياب قبل ان يقول ببساطة
"لا تقلقي لن اخبر احد بأنكِ من اخبرني"
حركت رأسها بالنفي وهي تقول بخوف
"غير موجود...غير..."
اختنقت الكلمات بحلقها ما ان صوب المسدس على رأسها وهو يقول بجمود
"الآن ستتكلمين"
سقطت كفها عن مقبض الباب وهي تحدق بفوهة المسدس بذعر قبل ان تهمس بتلعثم
"مو...موجود...موجود"
تنفس بقوة ثواني قبل ان يحرك المسدس جانبا قائلا بأمر
"تنحي جانبا كي لا تكوني اول الضحايا"
ابتعدت بسرعة وكأنه ضغط على زر التشغيل وهي ترمي نفسها على الجدار ، ليخفض المسدس على جانبه وهو يتخطى الباب بسرعة ويسير بخطوات عسكري بساحة الحرب ، وما ان وصل للسلالم وقبل ان يصعدها اوقفه الصوت الصارم مثل ناقوس الخطر
"توقف مكانك"
تصلبت ملامحه كما اصابعه على المسدس وما ان سمع صوت كعبي حذائيها حتى استدار من فوره وهو يصوب المسدس بوجهها ، لتتوقف بقوة وهي تحدق بفوهة المسدس بدون ان تتحرك عضلة واحدة من ملامحها القاسية وليست اول مرة تتعرض بها لموقف مشابه لهذا ، كتفت ذراعيها فوق صدرها تناظره بتحدي وهي تقول بترفع
"هل ستطلق على عمتك يا ابن عارف ؟"
غامت عيناه الرماديتان واختفت الحياة بهما قبل ان يقول بكل قسوة
"لو كنتِ رجل كنت اطلقت عليكِ منذ زمن يا عمة"
رفعت حاجبيها الرفيعين بدون ان تهابه او تخافه والشر يزداد بعينيها مثل بؤرتين سوداويتين ، ليخفض السلاح على جانبه وهو يقول بقوة
"لن اطيل بالكلام معكِ ، وحديثي اساسا ليس معكِ ، بل مع ابنكِ عديم الشرف"
ابتلعت شهيرة ريقها وقد بدأت تظهر علامات الخوف عليها لتهمس بعدها بخفوت جاد
"ماذا تريد من ابني ؟ هل اتيت لقتله ؟"
تلبدت ملامحه وهو يقول بلا حياة
"بالضبط"
هذه المرة رفعت كفها ومسحت على صدرها بخوف ثم امسكت خصرها بيدها وهي تقول بأسلوب جاد وقد علمت بأنه لا حل لديها سوى الكلام معه بالحسنى
"لابد بأنك قد جننت ، ماذا يعني الدخول لمنزل عمتك وخالك بوضعية المداهم والسلاح بيدك ؟ وايضا تهددنا بالقتل ! نحن لسنا اعدائك بل عائلتك ، فكر قليلا وراجع نفسك كي لا تندم بعدها"
حدق بها بصمت بدون ان يبدي ردة فعل على ملامحه وهو يشد بأصابعه على المسدس الاسود واصبعه تتلاعب بالزناد ، لتستغل فرصة هدوئه وهي تتقدم منه وتلامس ذراعه بأصابعها وتمد ذراعها الاخرى باتجاه الاريكة قائلة بنبرة متملقة
"اسمعني على الأقل تفضل بالجلوس على الاريكة ولنتكلم بين بعضنا مثل البشر الطبيعيين ، لا يجوز هكذا على الواقف وبعداء وكأننا بوسط حرب ، تصرف وكأنك بمنزلك فهذا بالنهاية منزل عائلتك"
حاد بنظراته جانبا وهو ينفض ذراعه بعيدا عن اصابعها إجابة على رفضه لعرضها ، لتسحب كفها بصمت وهي تستجمع نفسها لوهلة ثم قالت ببأس
"حسنا إذا اردت لا تجلس ، ولكن لا تصمت ايضا وتدع الافكار الشيطانية تتحكم بك ، اخبرني افضي لي بكل ما تشعر به ويضايقك هكذا فليس من الصحة اخراجه بالغضب علينا ، وافضل علاج لأي مشكلة هو بالكلام ولن يصعب علينا حل مشكلتك ، ماذا فعل لك ابني ؟ وما هو عدائك معه ؟"
سلط نظراته نحوها وكأنها تذكره بكل ما فعله ابنها سابقا وهو ما جعله يثور ليلوح بالمسدس جانبا ويصرخ بحدة
"لقد تعدى على شرفي"
تجمدت تقاسيمها وازدادت الخطوط بمنحنيات وجهها حتى تابع وهو يشير بالمسدس نحوها ويقول باستهزاء
"هل يمكنكِ حلها ؟"
ابتلعت ريقها تستعيد رباطة جأشها وهي ترفع ذقنها قائلة باتزان
"انت بالتأكيد فهمت الموضوع بشكل خاطئ ، وتتكلم بمصطلحات كبيرة جدا من قهرتك وكبريائك ! ولكني واثقة بأن الموضوع ليس كما تظن وابني لا يفعل...."
قاطعها إلياس وهو يضرب ذراعه على جانبه بعنف
"تعقب زوجتي خارج المنزل ، لاحقها للمقهى وبالشارع وامام كل العامة امسك بها ! بالرغم من انها قد تصدت له ولكنه كان مصر ورغم معرفته بأنها متزوجة لم يستسلم ! وفوق ذلك كان يتواصل معها وبعد زواجنا بفترة قصيرة ، يرسل لها باستمرار ويتصل عليها من ارقام اخرى ، وتجاهلت كل ذلك وايضا يرسل لها هدايا عديمة الحياء لا ترسل لفتاة عازبة فكيف لامرأة متزوجة ! افهميني إياها كي اتقبلها !"
سحبت انفاسها بارتجاف وهي ما تزال تواجهه بصمود رغم كل الاتهامات الملقاة على ابنها وتأكدها من صحتها ، ولكنها مع ذلك لن تستسلم او تريه ضعفها كي لا تكون نهاية ابنها امامها اليوم ، فهذا الرجل لا يبدو عليه اي علامات الهزل او الصبر او حتى العقلانية !
عقدت حاجبيها وهي تقول بخفوت عميق
"هل اعتمدت على كلام طرف واحد ؟ ألم تسأل الطرف الآخر !..."
يا عمة !""
قاطعها فقط بهذه الكلمة واكتفى بالنظر لها بجموح كي لا تتمادى بقول الكلام الفارغ ، ولكن تلك لم تستسلم وهي تقول بدفاع اكبر
"ربما بالغ بتصرفاته وتمرده وتجاوز حدود مجتمعه واعراف العائلة ، ولكنك اكثر من يعرف همه ، كانت حبه الأول وهوسه بالسابق وعندما لم يحصل عليها جنّ جنونه ! لم يعد يفرق بين الصواب والخطأ ويفعل فقط ما يمليه عليه قلبه ! كل ما يحتاجه فقط هو الصبر عليه ومعاملته بوعي ومساعدته بالعلاج...."
قاطعها إلياس وهو يصرخ باستهجان
"وهل علاجه يكون على حساب كبريائي وشرفي ؟ ليتعالج بمصحة نفسية وليس باستخدام زوجتي علاج له"
ردت عليه بسرعة وهي تلوح بكفها بالهواء
"ليس هذا مقصدي بالطبع ، انا اردت منك ان تعذره وتتجاوز عنه ، ومتأكدة بأنه سيتغير بعد ان يعرف خطأه وبأنه لن يستطيع النيل منها...."
"اعذره !"
صمتت بخوف من تعبير ملامحه والقسوة بعيناه وهو يشير بالمسدس بعيدا قائلا بضراوة
"لقد اعطيته فرصا كثيرة بالحياة ، عفوت عن روحه اكثر من مرة ، كظمت الغيظ واخفيت ما يوجعني ويغضبني بقلبي ، تغاضيت وتجاهلت وتناسيت ، ولكن كل هذا كان قبل زواجي وعندما اقدم على فعلها وهي على ذمتي وتحت سقف منزلي كتب موته بيداه ولم يعد هناك مزيد من التسامح ! فهو انسان لا يستحق حتى ان يشفق المرء عليه ، وبما انكم فقدتم السيطرة عليه واصبح من الصعب اعادة تربيته موته هو جزاؤه الاخير !"
رمشت بعينيها بارتجاف والخوف يستولي على قلبها وقد خرج الموضوع من يدها وهي ترى التصميم والتأكيد بعيناه وكأنه لا يبالي بقتل روح حتى لو كانت روح ابن عمته ، فهل الجنون لديه وصل لهذه الدرجة ؟
قست نظراتها وهي تشير بأصبعها السبابة نحوه بشكل دائري قائلة بقوة
"لن تستفيد شيئاً ، ستدخل للسجن ، وستترك زوجتك تتعذب بدونك ، وانا سأضيق هذه الدنيا على كليكما"
كسر جمود ملامحه بابتسامة ساخرة وهو يحك صدغه بفوهة المسدس قائلا بجمود
"توقعت شيء كهذا ، ولكن لم اصدق ذلك او استنكرت ، إذاً هو صحيح بأنكِ من هددها بعدم اخبار احد !"
ضمت قبضتها وهي تخفضها على جانبها وتقول بخفوت متهكم
"عرفت بذلك ، تلك الغجرية هي التي حرضتك علينا وحشوت الكلام برأسك"
انقلبت ملامحه بلمح البصر وهو يتقدم خطوة منها ويخفض المسدس جانبا قائلا بحدة
"إياكِ ونعتها بالغجرية ، إياكِ واستنقاص قيمتها ، فهي لديها اسم واحد لورين ، زوجتي لورين"
ابتلعت ريقها برهبة لأول مرة قبل ان يقاطعهما صوت جهوري قوي
"من يوجد هنا ؟"
تغيرت ملامحها بسرعة وهي تبتعد من امامه ليظهر الرجل الذي وقف على مبعدة منهما بكل هيبة ووقار ، تنقل بنظره بينهما لحظات يدرس الوضع قبل ان يقول بابتسامة طفيفة وهو يكمل طريقه نحوهما
"اهلا وسهلا بك يا ابن شقيقتي ، نورت المنزل بزيارتك الغير متوقعة"
قال من فوره بصلابة بدون ان يظهر انطباع على ملامحه
"لم آتي للزيارة"
توقف صهيب على بعد خطوات منه وهو يشد بيده على رأس العصا قائلا بعتاب
"انت تحزنني حقا يا بني ، لم تأتي لزيارتي لمرة واحدة منذ قدومك من السفر عدا تلك المرة التي اتيت بها مثل عابر السبيل ألقيت السلام وغادرت بسرعة ، حتى زواجك لم نعلم عنه شيء ولم نسمعه سوى بالأخبار وعلى ألسنة الناس ، وتزوجت هكذا بدون علمنا ! ألم تعتبرنا عائلتك ! ألم نستطع ان نقوم بواجب عائلتك ؟ فلا تنسى بأن عائلتنا اقرب إليك من عائلة مفلح وروابط الدم بيننا اكثر !"
رفع نظره بهدوء وهو يقول ببرود قاتل
"من هو الذي سيرغب بزيارتك ؟"
اتسعت حدقتاه بقوة وهو يضرب بالعصا ارضا قائلا بصرامة
"احترم نفسك يا ولد"
صمت بعبوس وهو يشيح بنظراته جانبا ويشد بأصابعه على المسدس بيده ، ليتابع صهيب من فوره بهدوء واثق
"انا خالك ولست رجل من الشارع تتكلم معه بهذا التكبر ! والخال بمقام الوالد بالنسبة له ، وبعد وفاة عائلتك انا من اعتبر كبيرك والوحيد الذي لديه سلطة عليك وليس اولاد عمك ، لذا احترامه سيكون عالي ، احفظ هذا برأسك قبل ان تفكر بالتمرد عليه"
بقيت نظراته باردة وهو يحرك رأسه قائلا بنبرة غريبة تحمل قهر سنوات
"الخال هو شقيق الأم هذا ما اعرفه ، ولكنه لو كان حقيقا ما كان ترك ذلك الشقيق تلك الأم تتجرع الموت سنوات ! تستنجد بالغريب والقريب ولا احد يسمع صوتها ! وبالنهاية تركوها للموت وحيدة ببلاد اخرى مكسورة"
ارتجفت كفه فوق العصا وهو يجمده عن الحركة وكأنه تلقى طعنة غير متوقعة ! ليقف بشموخ مجددا وهو يقول بدفاع شرس
"لو كنت اعلم بوضعها ما كنت ترددت بالذهاب إليها....."
"كذب !"
حدق به بصدمة تماثل صدمة الواقفة بقربه وهو يرمي كفه بالمسدس بالهواء قائلا بحرقة كتمها طويلا
"لقد كانت ترسل لك الرسائل يوميا تكتب لك عن معاناتها وظلمها وقهرها وألمها بأمل ان تنقذها ، استخدمت كل الوسائل بفعل ذلك ، ارسلت لك الرسائل الهاتفية والبريدية والورقية ولكن لم يكن هناك من مجيب على ندائها ، ولا رد واحد او إجابة تنهي عذابها ، لذلك بالنهاية استسلمت لقدرها وكفت عن الاستنجاد بكم ، صمتت للأبد ولم تسمع صوتها لأحد قبلت الذل والهوان وكانت نهايتها قاسية جدا ! فالشكوى لغير الله مذلة !"
ازدادت التجاعيد والخطوط حول عيناه وكأنه يعيده سنوات للوراء يذكره باللحظة التي دفن بها شقيقته الوحيدة بيداه ، ليقول بعدها باستنكار وهو يدرك شيء واحد
"عن اي رسائل تتكلم ! انا لم يصلني اي شيء من هذا !"
لم يلاحظ اي منهما حالة شهيرة وهي تدير بنظراتها بعيدا وتضم قبضتيها بتوتر ، ليبدد إلياس الصمت وهو يعود لصلب الموضوع
"لا يهم كل هذا فقد اصبح من الماضي ، وهو ليس السبب الأساسي لمجيئي إليكم"
قال صهيب من فوره بغضب مكتوم
"لما جئت إذاً ؟ ماذا تريد منا ؟"
شدت قبضته على المسدس وهو يقول بحقد اسود
"كل ما اريده هو الوصول لابنك فهناك حساب بيننا يجب تصفيته"
عقد حاجبيه بقوة وهو ينقل نظراته لزوجته الصامتة والتي ما ان نظر لها حتى مثلت عدم رؤيته ، ليقول بعدها بنبرة خفيضة خطيرة
"ماذا فعل هذه المرة حتى اضطرك ان تأتي لمنزلي بسلاح ؟ اخبرني كي يكون لدي علم"
رفع حاجبيه ببرود وهو يقول ببساطة
"فعل امور كثيرة لدرجة لم اعد استطيع الغفران له ، وزوجتك اعلم مني بهذه الحوادث ، فهي لا يخفى عنها شيء"
سلط نظره بقوة نحوها وهو يقول من بين اسنانه بنبرة تهديد
شهيرة !....""
"انا لا اعرف شيء ، اسأله هو"
ردت عليه باضطراب ثم اشاحت بوجهها بعيدا ، ليقول بسرعة للخادمة الموجودة بالقرب منهم لم تتحرك من مكانها خوفا من تهديده لها بالسلاح
"اذهبي واستدعي حمزة إلي ، هيا بسرعة"
ركضت الخادمة بسرعة وصعدت درجات السلم امامهم حتى اختفت بثواني ، ليسود الصمت بينهم دقائق قبل ان تعود الخادمة بنفس السرعة وهي تقف امامهم وتقول بخوف
"هو...هو..."
قاطعها صهيب بصراخ شرس يطرق بالعصا ارضا
"اين هو حمزة ؟ تكلمي"
ردت عليه بصوت مرتعد
"غير موجود ، لم اجده بأي مكان بغرفته ، ولا بأي مكان بالممر"
تنفست بلهاث وهي تخفض نظرها بخوف ولم ترى الصدمة البادية على وجوههم ، ليقول إلياس بالبداية وهو ينظر للقريبة منه بسخرية
"انتِ من هربته صحيح ! لذلك كنتِ تلهيني بالحديث وتحاولين سحبي للجلوس والتكلم !"
ما ان فتحت شفتيها حتى سارع بالكلام وهو يوجه المسدس بالهواء قائلا بوعيد تكاد القسوة تجرد عينيه من الرحمة
"ولكنه لن يهرب من يدي ، فما ان امسك به لن ادعه يعيش اكثر ، انقلي له هذا الكلام كي يكون على اتم الاستعداد لموته !"
شحبت ملامحها بصمت قبل ان يستدير بعيدا عنها ويندفع بسرعة باتجاه باب المنزل ، وما ان اختفى عن انظارهما حتى بدد صهيب الصمت وهو يقول بقوة
"اين هو يا شهيرة ؟"
قبضت بيديها على جانبيها وهي تقول بحدة
"قلت لكم بأني لا اعرف ، كم مرة ستسألونني بعد !"
تنهد صهيب بقوة وهو يومئ برأسه قائلا بجدية
"لا بأس بذلك ، كل شيء مخبئ سيظهر على شكله الحقيقي ، عندما يذوب الثلج سيبان المرج"
ادار نظراته نحوها وهو يتقدم منها عدة خطوات متزنة وما ان وقف امامها حتى قال بخفوت قاتم
"ترقبي انتِ وابنكِ ، فلن يكون اسمي صهيب الكايد إذا لم احاسب كليكما على افعالكما"
تحاشت النظر له بكبرياء حتى تجاوزها وغادر من عندها بصمت تسمع صوت طرق عصاه بالأرض ، لتتحرر انفاسها براحة وهي تمسح العرق عن جبينها هامسة بخفوت حانق
"اين هربت يا حمزة ؟ اين سأجدك الآن ؟ هل سأقضي عمري وانا ألاحقك ؟"
___________________________
دخلت للمنزل وهي تتلفت بأنظارها حولها تدعو ألا يتم كشفها الآن فليست على استعداد لجلسة التحقيق والتحري معها ، لتخلع حذائيها عند عتبة الباب ثم حضنت حقيبتها بين ذراعيها واكملت دخولها على اطراف اصابعها ، وما كادت تصل لطريق النجاة حتى امسكتها والدتها كالعادة تتقمص دور الناظرة بحياتها وهي تقول بأسلوبها الصارم
"واخيرا شرفت السيدة بوس !"
تنفست بإنهاك وهي تمسد جبينها بإصبعيها هامسة بقهر
"لا مهرب إذاً"
اخفضت ذراعيها وقد تدلت الحقيبة من احدى يديها وهي تستدير نحوها بصمت ، لتشاهد تقاسيمها الفاتنة الغاضبة والنيران التي تتأجج بعيناها الواسعتان وتقوس شفتاها الزهريتان وهو وجه من وجوه الغضب عندها ، وما ان انفرجت شفتاها قليلا حتى سبقتها قائلة بهجوم
"اين كنتِ ؟"
زفرت انفاسها بإرهاق وهي تقول من فورها بجفاء
"اذكر بأنني قد اخبرتكِ بالصباح ، كنت بالمركز....."
قاطعتها بسرعة ببأس شديد
"المركز اغلقت ابوابه منذ الساعة الثانية ، ماذا تفعلين خارج المنزل لهذه الساعة ؟"
عضت على طرف شفتيها وقد كانت تتوقع ان تكشفها بهذه السرعة عند اول استجواب لها ، لتمسك خصرها بكفها الحرة وهي تقول تسترجع زمام السيطرة على الحوار
"بما انني كنت بالخارج قررت الذهاب مع صديقتي بجولة تسوق بالمتاجر ، لذلك تأخرنا قليلا بالعودة"
تأملتها لحظات قبل ان تقول بخفوت جاد
"لا اراكِ تحملين اي اكياس من رحلة تسوقك ! ام انكِ اخفيتِ الاكياس بالحقيبة !"
زمت شفتيها بامتعاض وهي تلوح بكفها بقوة قائلة بغيظ
"لم يعجبني شيء وما كنت اريد شراءه لم اجده بكل المتاجر ، لذلك عدت خالية الوفاض ، ام هذا خطأ ايضا !"
ردت عليها بسؤال آخر تستمر بالتحقيق
"ولماذا لم تردي على اتصالاتي ؟"
ابتلعت كاميليا ريقها بتلجلج وهي تخفض كفها قائلة بوجوم
"لقد نفذت بطارية الهاتف"
"وتكذبين عليّ !"
نظرت لها بسرعة وهي تقول بتذمر
"امي !"
قالت مُرجان بسرعة وهي تشير بأصبعها نحوها
"لقد كان الخط مفتوح عندما اتصلت بالبداية وبعدها بثاني اتصال وجدته اصبح خارج نطاق التغطية ، وليس بعيد بأنكِ شغلتي وضعية الطيران كما تفعلين دائما"
لوت شفتيها جانبا وها هي تكشفها بسهولة لثاني مرة وكأنها كانت معها هناك ، لتتنفس بعدها بقلة حيلة وهي تهمس بقنوط
"كنت مشغولة جدا ، وكان هناك ازدحام كبير بالطريق ، وكنت اعلم بأنني إذا لم اجيب عليكِ لن تتركيني وشأني وستصرعين رأسي باتصالاتك ، وايضا إذا اجبت عليكِ ستقضين كل المكالمة تصرخين عليّ ولن استطيع التبرير لكِ على الهاتف"
احتدت ملامحها الجميلة وهي تقول بغضب منفعل
"ولكنه ليس مبرر كي تقفلي الهاتف وتتركيني اتخبط خوفا عليكِ !"
ضمت شفتيها بعبوس وهي تخفض نظرها هامسة باستياء
"انا آسفة"
عقدت حاجبيها السوداوين بقوة وهي تقول تعود للحوار الأول
"وما هو الذي كنتِ تريدين شراؤه من السوق ؟"
رفعت نظرها وهي تقول ببرود تمثل بذكاء
"كنت اخطط لشراء حقيبة لمصمم شهير نزلت بالسوق ، ولكن للأسف لم اجدها بكل المتاجر"
ضيقت حدقتيها العسليتين تراقبها بشك بدون ان تنطق بكلمة ، لتقول كاميليا من فورها وهي تقول بوجوم
"يمكنكِ التكلم مع صديقتي سيناريت إذا اردتِ التأكد"
استمرت بنظراتها الصامتة نحوها التي ترديها قتيلا بدون سلاح ، لتقول بعدها وهي تمد كفها نحوها ببساطة
"اعطيني ارقام المتاجر التي زرتها"
اتسعت حدقتاها البنيتان بصدمة وهي تخالف توقعاتها كالعادة وكأنها تتعامل مع مفتش بمرتبة عالية ! وهو ما جعلها تهتاج بسرعة وتضرب ذراعها على وركها قائلة باستهجان
"ما هذا يا امي ؟ ليس لهذه الدرجة ! ألا تضعين ولو القليل من الثقة بابنتكِ !"
سحبت كفها وهي تكتفها مع كفها الاخرى فوق صدرها قائلة بثقة
"ما كان عليكِ منذ البداية مخالفة اوامري والخروج عن كلامي !"
تنفست من بين اسنانها بضيق وهي تقول من فورها تلوح بكفها بانفعال
"ماذا تنتظرين مني يا امي ؟ ان اقع بالخطأ او الزلة كي تستطيعي توبيخي براحة وتجدين سبب كي تحققي هدفك من التحقيق ! وإذا حدث واخطأت سأتعلم من خطأي بنفسي انا لا انتظر منكِ ان تصوبي لي اخطائي او تعلميني الصح من الخطأ فقد تجاوزت هذه المرحلة منذ وقت طويل"
كانت تقاسيمها جامدة وهي تقول بهدوء
"وحتى تتعلمي من خطأكِ سيكون الاوان قد فات على ذلك"
قبضت بيديها على جانبيها وهي ترفع ذقنها قائلة بجمود
"إذا كنتِ قد اخطئتِ بحياتك ليس من الضرورة ان تعيد ابنتك نفس اخطائكِ بحياتها"
لمحت النيران بأحجار حدقتيها وهي تشير بكفها نحوها قائلة بصرامة
"هذا الكلام لا اريد سماعه مجددا وألا غضبي لن تستطيعي تحمله ، تكلمي معي باحترام !"
نقلت مقلتيها جانبا وهي تقول بملل
"هل انتهى التحقيق ؟ فأنا اشعر بالتعب واريد الذهاب للراحة بغرفتي"
تنفست بهدوء تستعيد اتزانها وهي تقول بجدية
"بقي شيء واحد عليكِ فعله"
نظرت لها باستغراب قبل ان تمد كفها قائلة بأمر
"اعطيني هاتفكِ اريد التفتيش به"
تسمرت بمكانها لوهلة تستوعب طلبها قبل ان تنفض حقيبتها التي تمسك حزامها بقوة وهي تصرخ بلا وعي
"توقفي عن ذلك يا امي ، ليس لديكِ الحق بالتدخل بحياتي وشؤوني الخاصة ، وبدل ملاحقة حياتي باستمرار اذهبي ولاحقي حياة زوجك....."
صمتت تلهث بقوة وهي تراقب التغير الذي طرأ على ملامح والدتها وكأنها صدمتها بقوة ! لتعود بسرعة لقناع الجمود وهي تقبض على كفها قائلة بقسوة
"ماذا تعنين بكلامكِ ؟"
تجمدت بمكانها لحظات بلا روح قبل ان تنسحب من امامها وتركض باتجاه السلالم القريبة ، لتراقبها بصمت حتى اختفت عن نظرها وهي تقول بخفوت واجم
"هل عرفت بشيء وتخفيه عني ؟"
استدارت مُرجان بسرعة وهي تغير مسار خطواتها قائلة بعزم
"يجب ان اتكلم معه وافهم ما يجري بينهما ، وإذا كان هناك احد بحياة ابنتي ام لا !"
_________________________
خرجت من السيارة وهي تسير باتجاه مدخل المنزل ليوقفها احساس قوي جعل خطواتها تتجمد بقوة ، تسمرت بمكانها لحظات قبل ان ترفع رأسها بشكل مفاجئ وتصوب نظراتها مثل الطلقة جهة الشرفة الواضحة لها تخص جناحها ، وكما توقعت كان ينظر لها من فوق ونظراته عليها مثل النسر الذي يستعد للانقضاض على فريسته ، ولكنه لا يعلم بأنها ليست بالفريسة السهلة التي يغدر بها وهي تعي جيدا كل ما يدور حولها وترى امامها وما خلفها ! لذا سيعاني قليلا بمهمة السيطرة عليها وخضوعها لسلطته داخل حكمه !
شقت ابتسامة ساخرة ملامحها تهديه إياها وهي واثقة بأنه يراها جيدا ووصل معناها إليه وعرفت ذلك من اشاحة وجهه وغياب شكله عنها ، لتخفض رأسها بصمت وهي تكمل طريقها بخطوات واسعة تتجه لباب المنزل الذي اصبح قريب منها ، لتجتاز الباب بثواني وبهو المنزل ودرجات السلم وهي تصعدها بسرعة بدون ان تتراجع عن هدفها .
وما ان وصلت لجناحها حتى دخلت له بدون تردد وهي تكمل طريقها بثقة ، وما جعلها تقف بوسط الرواق الواسع هو وجوده امامها ينتظرها بتأهب وكأنهما خصمين متبارزين بأرض المعركة ، تحفزت اطرافها ما ان تقدم منها اولاً وقطع المسافة بينهما بثواني ، ليقف امامها بصمت يأخذ انفاسه بقوة حتى قال بخفوت عميق
"لقد تأخرتِ كثيرا ، ولكن المهم بأنكِ وصلتي ، يبدو بأنكِ قد اخذتي تهديدي على محمل الجد"
حدقت به بصمت وكأنها تشن عليه حرب باردة بدون اي اسلحة او كلمات ، وما ان مد كفه لرأسها حتى قطعت طريقها وهي تبعدها بيدها بعدائية ، ليستعيد كفه وهو يقبضها على جانبه قائلا بقوة
"هناك على حجابك آثار من البخور كنت انوي مسحه لكِ"
تجمدت ملامحها وهي ترفع كفها وتمسح وشاحها الابيض ، ليقول بعدها بابتسامة ذات مغزى
"فكرة ذكية استخدام البخور بتشغيل إنذار الحرائق كي تستطيعي خداع الخدم والهروب من الغرفة ! فكرة لا تخطر حتى لجني !"
اخفضت كفها بقوة وهي تشيح بوجهها هامسة بضيق
"انت من اضطرني لذلك ، وقد حذرتك من قبل ولكن لم تسمعني"
قطب جبينه بجمود وهو يقول بجفاء
"وكيف صحة مريضك ؟ هل نجحت العملية ؟"
رفعت حدقتيها الواسعتين وهي تهمس بابتسامة مستفزة
"نعم اصبح بخير ، وقد استيقظ ايضا وتكلم معي"
تحجرت تقاسيمه وهو يشد قبضته حتى ابيضت مفاصلها ثم قال بخفوت غريب
"هل كنتِ بجانبه ؟"
ردت عليه سراب ببساطة
"بلى بقيت بجانبه حتى لحظة استيقاظه ، واطمأننت على صحته جيدا"
تضخم صدره لحظات قبل ان يكبل ذراعها ويشدها نحوه وهو يقول بانفعال مكتوم
"لا تختبري اعصابي اكثر يا سراب ، فقد صمت طويلا عن تصرفاتك لا تدفعيني اكثر !"
زمت شفتيها بعبوس وهي تسحب ذراعها بقوة قائلة بجموح
"انت من اجبرني على ذلك ، حملتني ذنب اصابته بدون ان تسأل او تهتم ، جعلتني اعاني من تأنيب الضمير ومواساة عائلة المريض واخفاء حقيقة بأنك انت السبب ، انت من آذيته...."
قاطعها بغضب وهو يضرب ذراعه بالهواء
"ليس انا من قام بأذيته ، ليس من حقكِ اتهامي دوما وألقاء باللوم عليّ بكل شيء يحدث معكِ ، فلست المسؤول عن كل ألم واذى يصيب الناس من حولك !"
اشار بكفه بجانب صدغه وهو يقول بضيق
"افهمي هذا ، وضعيه بعقلك السميك هذا"
عقدت حاجبيها البنيين بقوة وهي تمسك خصرها بيدها قائلة بتهكم
"من سألوم إذاً ! هل ألوم نفسي ؟ هل انا السبب بكل هذه المصائب ؟ هل انا من امرهم بضرب شقيقي كاسر ؟ هل انا من لاحقت عزت للشارع حتى صدمته السيارة ؟"
ادار رأسه بعيدا وهو يقول بتجهم
"لا إله ألا الله"
عاد بنظره لها بسرعة وهو يشير بأصبعه قائلا بتهديد
"هذا آخر تحذير لكِ ، توقفي عن اللعب بالنار"
نقلت نظراتها لأصبعه لبرهة قبل ان تعود بالنظر له قائلة ببرود جليدي
"لقد رميت نفسي بالنار منذ لحظة زواجنا ، هل هناك ما هو اسوأ ؟"
اكتسح الضباب ملامحه وهو يخفض قبضته بصمت ، لتتنفس سراب بقوة وهي تدير نظراتها قائلة بحسم
"لقد اتخذت قراري"
رمقها بنظرة جامدة بدون ردة فعل قبل ان تتابع بثبات
"قررت بأنني بعد هذه اللحظة لن اعيش معك ، انا سأنفصل عنك"
رفع حاجبيه بصدمة انما باستهجان وهو يقول بسخرية
"وكيف سيحدث هذا ؟"
نظرت له بقوة وهي تشير بأصبعها خلفها قائلة بعزم
"سأخرج من جناحك ومنزلك وحياتك ، وسأعود للعيش بمنزل خالتي ، فقد تأكدت الآن بأن الحياة بيننا وتحت سقف واحد مستحيلة والقرار الأسلم للجميع هو افتراقنا"
اظلمت عيناه السوداوان بقسوة وهو يراقبها تفرد يديها امامه قائلة ببساطة
"ليس لدي حل آخر ، فأنا بالنهاية لا استطيع ان اكون دلال خاصتك"
بهذه اللحظة وكأنها سكبت الزيت على النار وهو يقبض على كفها وينحني نحوها ليقول بجانب اذنها بشراسة
"هل كل هذا كي تكون لكِ فرصة بالعودة لحبيبك السابق ؟ هل ما زلتِ تتأملين بالعودة له ؟"
ابتلعت ريقها بارتعاش رغما عنها وهي تشد كفها بداخل قبضته قبل ان يلفح اذنها تحت وشاحها بفحيح انفاسه وهو يقول بتسلط
"لا تحلمي ان احقق لكِ غايتك فأنتِ زوجتي يعني انا احق بكِ من الجميع ، منذ توقيعك باسمكِ بجانب اسمي وهبتي حياتك لي لذا ليس من حقكِ سلب هذه الحياة مني ! ولن احرركِ منها او افك قيدها سوى بإرادتي الكاملة ، لذا انتِ مضطرة على الخضوع لهذا الزواج والحياة معي مهما كانت صعبة ومستحيلة عليكِ فكل ما اريده انا يحصل وبدون نقاش !"
تسارعت انفاسها بحدة وهي تشيح بنظراتها بعيدا بصمت ، ليستقيم بعدها امامها بهدوء وهو يترك كفها قائلا بتكبر
"افعلي ما تشائين ، حاربيني بقدر ما تريدين ، ولكنك مع ذلك لن تربحي شيء وستنهكين نفسكِ عبثا"
رفعت حدقتيها الواسعتين بلونهما العسلي الصافي وهي تهمس بتمرد
"لن تستطيع ربطي بهذه العلاقة طول العمر"
عادت القسوة لملامحه وهو يرفع نظراته قائلا بجمود كاسر
"انا لم اخبر احد عن قصة المراهق العاشق ، يا ترى ماذا ستكون ردة فعل والدك عليها ! هل تستطيعين تخيل ما سيحدث لو علم بأمر ذاك الرجل الذي يحاول سرقة زوجتي مني ؟"
انخطف لونها وتصبب صدغيها بحبيبات العرق الباردة وهي تشد كفها على جانبها تتخيل موقف والدها لو علم بذلك ، هو حبسها وحرمها من الطعام فقط بسبب رفضها للزواج وصفعها بسبب افتراء حبس زوجها ! فماذا ستكون ردة فعله هذه المرة على وجود عزت بحياتها ؟ بالتأكيد لن تكون العواقب حميدة واول ما سيخطر بباله هو قتلها بهدف غسل العار....
انفرجت شفتاها تحرر انفاسها المحترقة وكأنها تخرج من صميم قلبها المتألم ، لتنقلب ملامحه للاستغراب عندما صمتت ولم تجيب عليه على غير عادتها وكأنها تحولت لتمثال رخامي !
وما هي ألا لحظات حتى تحرك جسدها ببطء امام عينيه قبل ان تجتازه وتغادر بصمت غريب ، فهل هذه علامة على السلام ام هي حرب جديدة !
ولم يسمع سوى صوت اغلاق باب الغرفة خلفها بصمت تخلف الوجوم والحيرة وراءها ، ليدير رأسه نحو الباب وهو يقول بتفكير قاتم
"هل كل هذه رهبة من والدها ؟ هل تخافه لهذه الدرجة ؟ هل هناك شيء من الممكن ان يخيف تلك اللبؤة ؟"
حرك رأسه بعيدا وهو يسير بسرعة يخرج من الجناح بأكمله كي يشتت تفكيره ولا يفقد عقله....

يتبع.....


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-06-24, 03:24 AM   #546

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 843
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

(لقد كانت ترسل لك الرسائل يوميا تكتب لك عن معاناتها وظلمها وقهرها وألمها بأمل ان تنقذها ، استخدمت كل الوسائل بفعل ذلك ، ارسلت لك الرسائل الهاتفية والبريدية والورقية ، ولكن لم يكن هناك من مجيب على ندائها ، ولا رد واحد او إجابة تنهي عذابها ، لذلك بالنهاية استسلمت لقدرها وكفت عن الاستنجاد بكم ، صمتت للأبد ولم تسمع صوتها لأحد قبلت الذل والهوان وكانت نهايتها قاسية جدا ! فالشكوى لغير الله مذلة)
شد اصابعه على خصلات شعره الكث وكلامه لا يبارح ذهنه ويطرق مثل مطرقة الإعدام بعقله ، وهو الذي كان طول تلك السنوات محكوم بالندم وشعور الذنب على شقيقته وإجبارها على الزواج ، هل سيحمل فوقها تجاهلها وتركها للموت وقد كانت هناك فرصة لإنقاذها ؟!
وصل بأصابعه لمؤخرة عنقه وهو يرفع نظراته قائلا بوجوم
"لا اذكر بأني تلقيت اي رسائل ! هل ما يقوله الحقيقة ام وسيلة كي ينتقم مني ويسحقني تحت شعور الذنب ؟"
زفر انفاس طويلة وهو يخفض يديه ويضم ركبتيه بأصابعه ونظره يحدق بالفراغ بصمت ، ليرفع كفه ويمسح لحيته السوداء الكثيفة بأصابعه وهو يقول بشدة
"يجب ان اعرف حقيقة هذا الأمر وألا لن ارتاح بحياتي مطلقا ، لن اتحمل ان اوضع بموقف الأحمق مجددا"
تلونت حدقتاه باحمرار طفيف وهو يحبس الدموع بهما بقسوة بعد ان تم فتح جراحه القديمة ، ليسرق انتباهه صوت ضجة غريبة بالخارج جعلت كل اطرافه تتأهب لا إراديا ، وما ان دخلت الخادمة بسرعة حتى وقف بالكامل وهو يعطي انتباهه للتي قالت بتوتر واضح
"سيدي الكبير اعتذر...لقد اقتحموا المكان...هم من كبار العشيرة..."
قاطع كلامها صوت خشن ظهر خلفها وهو يدفعها قائلا بفظاظة
"ابتعدي عن طريقنا ، ألا تسمعين !"
استعادة توازنها بسرعة وهي تقف بعيدا عنهم بحرج ، ليشير برأسه لها كي تغادر بصمت وهي تنصاع لأمره ، حرك نظراته نحوهم بدون اي شعور او تعبير على ملامحه وهو يراقب ثلاث رجال بوجوه خشنة سمراء وازياء تقليدية وعمامة فوق رؤوسهم تظهر لأي قبيلة ينتمون وهو يراهم للمرة الثانية بعد جلسة المحكمة التي اقيمت بينهم وانتهت بعدم رضا احد من الطرفين ، وهذه المرة رؤيته لهم لن تكون مبشرة بالخير خاصة مع دخولهم الغجري وسطوهم على المكان وكأنهم اسياد الارض يظهر حقيقة اصلهم ! ولكن الصدمة الاكبر هي وجود فتاة وحيدة بينهم من مظهرها الهزيل وملامحها السمراء عرف بأنها نفسها صاحبة القضية والتي تورط معها ابنه !
تلبست ملامحه قناع القوة وهو يضم قبضتيه خلف ظهره قائلا بصوت جهوري حازم
"هل هكذا تدخلون للمنازل يا نور ؟ أليس هناك احترام لحرمة المنزل !"
تقدم منه الرجل الاكبر بينهم يبدو عليه الزعيم من ملابسه وحنة لحيته ومظهره الذي يعطيه سن كبير ، ليفرد بعدها ذراعيه على جانبيه وهو يقول بنبرة ساخرة
"معذرةً منك يا رئيس ، ولكنني قررت اقتحام المكان عندما لم تعطونا قيمة او اهتمام ، هل ازعجن سيادتك بهذا الدخول وانت مرتاح بقصرك تأكل وتشرب برفاه ونحن نهان ونذل بين اوساط الناس بعد فعلة ابنك ؟ هل هذا ما تريده حقا ؟"
وقف امامه تماما وهو يخفض ذراعيه ويقول بنبرة تغيرت فجأة
"اخبرني ماذا افعل بهذه الحالة ؟ هل اجلس مثل العاجز وانتظر الحكم ؟ ام اهرب من مسؤولياتي اتجاه نساء قبيلتي !"
تصلبت تقاسيمه بقوة وهو يشد قبضتيه قائلا بتسلط
"انا لست رجل يهرب من مسؤولياته ، تعرف ذلك جيدا...."
قاطعه بسرعة وهو يلوح بذراعه عاليا قائلا بتجهم
"لقد سمعنا الكثير من فصاحتك هذه بالمحكمة ، لذا ارجوك لا نريد سماع المزيد من محاضراتك التي بلا معنى ، ما نريده هو تطبيق احكامك وليس كلام يخرج ويعود"
تنفس صهيب بقوة وهو يقول بصوت خفيض
"إياك ان تربطنا بكم يا داوود ، فنحن مختلفين عنكم تماما"
حرك رأسه وهو يقول باستخفاف
"نعم مختلفين جدا ! صحيح بأننا لا نقول كلاما كبيرا ولا نملك مراتب عالية بالدولة ، ومع ذلك دائما نكون خلف كلامنا ننفذ ما نقوله بالحرف ، وانتم لم نسمع شيء تحقق من كلامكم وعند اول فرصة اختفيتم تماما !"
حرك فكه بضيق وهو يقول من فوره بجمود
"إلى اين تريد الوصول ؟"
ردّ عليه بسرعة وهو يقبض على يده بالهواء
"نريد اخذ حقنا ، حق ابنتنا التي انتهكها ابنك بدون ذرة رحمة"
ادار نظراته بعيدا يتمالك نفسه قبل ان يقول بجدية
"والمحاكم موجودة لهذا السبب كي تأخذ حق ابنتكم ، وبالجلسة القادمة يمكنك قول هذا الكلام امام القاضي ، لما تقوله امامي انا ؟...."
قاطعه (داوود) باستهجان غاضب وهو ينفض قبضته على جانبه
"وهذه هي المشكلة ، فكل شيء بهذا العالم يسير على كلامكم ومقدار اموالكم الطائلة ، وبسببكم تأجلت هذه الجلسة اكثر من مرة ! وبكل مرة تجدون عذر جديد لكم كي لا يحضر السيد الامير ابنكم الجلسة ! مرة ترسلون تقرير عن اختفائه ، ومرة عن مرضه ، ومرة عن اصاباته ، والمحكمة بكل مرة تمتثل لأمركم واعذاركم كي لا تقام الجلسة ويأخذ ابنك عقوبته !"
تغضنت اطراف حدقتيه بضيق وهو يستجمع قوته ويصلب وقفته بدون ان ينحني او يدعهم يكسرونه ، ليسلط نظره عليه وهو يرفع ذقنه قائلا بثقة
"غير صحيح ، هذه الجلسة ستقام عندما يتعافى ابني بالكامل ويستعيد صحته...."
"دعك من هذا الهراء ! ما يزال يقول صحته !"
صمت داوود لحظات قبل ان يتابع كلامه بعزم
"هذه المرة ستسمع قرارنا نحن ، سنترك امر المحاكم وسنغلق هذه القضية بشرط واحد وهي ان تجبر ابنك على القبول بعقد قرانه بابنتنا ، وهكذا ستنتهي العداوة بيننا"
رفع حاجبيه ببطء وهو يقول باستنكار حاد
"كيف تريدني ان اجبر ابني على شيء لا يريده ؟....."
قال بسرعة وهو يشير بذراعه خلفه باتجاه الفتاة الساكنة
"ولم يجبره احد على اقامة علاقة مع ابنتنا ، ولكن نحن مجبرون على القبول به زوجا لابنتنا ، بالرغم من ان عاداتنا واعرافنا تحرم على المرأة الزواج من خارج قبيلتها"
تنهد بقوة وهو يشيح بنظراته جانبا قبل ان يتابع كلامه بجموح يضرب ذراعه على جانبه
"صحيح بأننا لا نملك قوانين وثوابت بحياتنا ونعيش بحرية ، ولكن لدينا مبدأ مهم جدا وهو بأنه من يلمس من نساءنا ويقيم علاقة معها وجب عليه الزواج منها أياً كان اصله ، وهذا الكلام يطبق على جميع السلالات بقبيلتنا كي نحفظ حق المرأة عندنا"
مالت طرف ابتسامته باستهزاء وهو يقول بخفوت متهكم
"وهل النساء عندكم لديهن كبرياء او احترام ؟ لو كان لديهن ذرة كبرياء ما كانوا انتشروا بالشوارع على شكل بائعين متجولين ورقاصات ومتسولين !"
تجهمت ملامحه وهو يحرك رأسه قائلا بنبرة مهددة
"إياك يا سيد صهيب ، إياك ورمي الكلام الجارح علينا ، وألا لن يبقى بيننا اتفاق او اي تفاهم"
عاد بنظره له وهو يخرج يديه من خلفه ويدسهما بجيبي بنطاله قائلا ببرود اعصاب
"ولماذا يجب ان اصدق كلامك ؟ ماذا يثبت لنا بأن ابني هو من اغتصبها ؟ ربما يكون احد من قبيلتكم اغتصبها وتريدون تحميل ابني ذنبها لأنكم لم تجدوا الجاني الحقيقي"
نظر له بسرعة بحدة وهو يقول بشراسة
"ولماذا ابنك هرب من الجلسة إذا لم يكن الفاعل ؟"
ردّ عليه صهيب بثقة بدون ان يهتز
"ربما خاف من ان تحكموا عليه ظلما ، او تقع المسؤولية فوق رأسه وتحرقون مستقبله مع ابنتكم"
حدق به بصدمة لبرهة قبل ان يرسم ابتسامة ساخرة فوق لحيته الحمراء وهو يقول باستهزاء
"يا للهول ! كيف اصبحت تدافع عنه الآن ؟ تريد فقط رمي العبء عن ابنك وجعل ابنتنا تتحمله وحده ، تريد ان تقول بأن كل الشهود لدينا ومن كان حول خيمته بوقتها كاذبون ! وابنتنا اخرجت حملة وذهبت للمحكمة كي تضع الاتهام على رجل بريء ، وكل رجال ونساء قبيلتنا لفقوا هذه التهمة عليه !"
ارتسمت ابتسامة باردة على محياه وهو يقول باحتقار
"ليس مستبعد عليكم فعلها ، فأنتم قوم كاذبون"
تحجرت ملامحه ثواني قبل ان يقبض على ياقة قميصه ويصرخ بغضب انفجر دفعة واحدة
"لقد طفح الكيل عندي ، إذا كنت مصر على إهانتنا واستنقاص قيمتنا ومسح كرامتنا فلن ارحمك لا انت ولا ابنك المغتصب ذاك ! لقد اتيت معك بالحسنى كي نحلها بيننا وننهي القضية ، ولكن يبدو بأنك تبحث عن المشاكل وهدفك هو ان نركع ونخضع عند قدميك ونخرج من عندك مذلولين لأنكم اناس عنصريين ! أليس كذلك ؟"
ضيق حدقتيه بقسوة وهو يقول بجمود آمر
"اخفض يديك عن ياقة قميصي وألا حاسبتك عليها"
تنفس من بين اسنانه وهو يقول بجنون
"وألا ماذا تفعل...."
"توقف"
تسلطت كل الانظار على باب الغرفة والمنضم الجديد وهو يتجاوز الجميع بخطوات واسعة حتى وقف بقربهما ، ليمسك بقبضتيه على ياقة قميصه وهو يشد عليهما بقوة ثم دفعهما بقسوة ، وقف بعدها امامه وهو يشير بأصبعه على وجهه قائلا بقوة تخرج منه لأول مرة
"إذا رفعت اصبع واحد عليه وليس يدك حينها ادفعك ثمنها غاليا ! ضع هذا برأسك جيدا كي لا تقول بأني لم احذرك"
تشنجت ملامحه بصمت بدون ان يرد عليه ليربت صهيب على كتفه وهو يقول بجدية
"كرم اتركه ، تعال لجانبي"
اخفض اصبعه بقوة وهو يتراجع خطوتين ويقف بجانيه ، ليشتعل فتيل الآخر وهو يلوح بذراعه بالهواء قائلا بثورة
"ماذا ؟ ماذا يا امة رسول الله ؟ أليس موجود بدينكم ان تعاملوا الناس سواسية فلا فرق بين عربي ولا اعجمي ولا ابيض ولا اسود ألا بالتقوى ! اين هو عدلكم ؟ وانسانيتكم ! ورحمتكم ! عندما جاء الظلم على ابنتنا تجاهلتموها وسلبتم حقها وكذبتموها ! هل يسري دينكم فقط على بعضكم ؟"
صرخ كرم بغضب وكل الاتهامات والتجريح على الرجل الصامت اخرجته عن صوابه
"وهل انتم تعرفون شيء عن الدين حتى تتكلموا بهذه الثقة ؟"
نقل نظراته له وهو يفرد كفه قائلا بتكبر
"نعم نعرف القليل ربما ليس بالكثير ، ولا نحاول ادعاء المثالية والألوهية ، ولكن انتم بدل ان تقتدي الناس بكم تلبسون قناع الاسلام وتخدعون الناس ولا تطبقون احكام دينكم !"
ردّ عليه كرم بنفاذ صبر وهو يشير بذراعه بعيدا
"اما ان تقولوا ما تريدون بوضوح او غادروا من المنزل بكرامتكم"
ضرب كفيه على جانبيه وهو يقول بدفاع
"اريد ان يعود الحق لأصحابه"
اخفض ذراعه وهو يومئ برأسه قائلا بدون ادنى تردد
"سيعود"
نظر له صهيب باستيعاب وهو يقطب جبينه بقوة ، وقبل ان ينطق شيء من المحيطين حوله كان يقول بعزم
"انا موافق على الزواج من ابنتكم ، خذوني انا بدلا عن حمزة"
ساد صمت ثقيل على الجميع حتى بددها صوت صهيب الغاضب ممزوج بالاستنكار
"كرم !"
خرج داوود من صدمته وهو يصرخ من فوره بضيق
"هل هذه لعبة اطفال...."
قاطعه صوت واحد من الرجلين الواقفين خلفه وهو يقترب منه بسرعة ويحدثه بكلام لم يفهمه احد منهم لأنه خاص بلغتهم الأم (لغة العصفورة) .
اومأ برأسه ويبدو قد اقنعه كلامه ووافق عليه ، لينقل نظراته بين وجوههما العابسة وهو يفرد ذراعيه قائلا بترحاب
"حسنا موافق على طلبك ، اهلا وسهلا بك بيننا يا صهر"
اخفض رأسه بصمت وهو يتجاهل نظرات صهيب وصوت عقله قائلا بأدب
"شكرا لك على قبولك ، اتمنى ان استطيع تأدية واجبي على اكمل وجه"
اقترب منه ومسح على رأسه وكأنه يمنحه بركاته قائلا بنشوة
"متأكد بأنك ستكون بقدر هذه المسؤولية ، احساسي يقول ذلك وهو لا يخطئ ابدا"
صمت كرم بدون ان يضيف كلمة اخرى ، ليسحب كفه وهو يتراجع للخلف ويقول بابتسامة جانبية
"حسنا نراكم قريبا ، عندما نحدد موعد عقد القران نخبركم بذلك ، وليس على العريس فعل شيء اهل العروس هم من سيتكفلون بكل شيء فقط وجب عليه الحضور بوقت التوقيع والمهر سنتقبل السعر الذي يحدده ولو كان خمسون ليرة"
ادار بعدها رأسه يحدث الفتاة لأول مرة بنبرة واثقة
"أليس كذلك يا عروس !"
اومأت برأسها للأسفل بخنوع بدون النطق بكلمة وهي تسير كما يقولون ، ليغادر داوود بعدها من المكان وباقي الرجال يلاحقونه والفتاة معهم يخرجون بصمت ، وما ان تحرك كرم كذلك ينوي الخروج حتى اوقفه صوت صهيب يقول بصرامة
"قف مكانك"
تجمد بقوة وهو يبدو مثل التمثال الشمعي قبل ان يسبقه بالكلام قائلا بحسم
"لا تعترض يا سيدي الوالد ، لقد قمت بدور الوالد معي سنوات واعطيتني مكانة وقيمة بالمجتمع لذا ليس لدي مانع لو ضحيت بحياتي من اجلك فهذا جزء من رد معروفك معي"
غامت ملامحه بضباب حزين وما ان كان سيتكلم حتى خرج كرم بسرعة ينهي النقاش من طرفه ، ليتنفس بعمق وهو يشد على قبضتيه بقهر ولأول مرة يشعر بكل هذا العجز يكبل حياته من جهة ابنه من لحمه ودمه ومن جهة اخرى الابن الذي رباه بنفسه وشعر معه بكل مشاعر الأبوة !....
__________________________
دخل للغرفة بهدوء وهو يخرج المفتاح من جيب بنطاله قبل ان يوقفه مشهد المرأة التي كانت توليه ظهرها لا يظهر منها سوى شعرها النحاسي المائل للون الشمس ينسدل على سماء حالكة السواد مثل اختلاف النهار عن الليل ! ولم يعي عندما اسقط المفتاح من اصابعه واصدر رنين عالي على الارض الرخامية وهو ما جعل الجسد امامه يرتعش بلحظة خاطفة وتستدير بسرعة نحوه...
اخفض نظره بصمت وهو يحدق بالمفتاح بشرود قبل ان يسمع صوت خطواتها الحافية على السجاد الاحمر العاجي حتى وصلت للأرض الرخامية التي يقبع عندها ، وما هي ألا لحظات حتى تسمر بقوة ما ان لمح هبوط جسدها امامه وهي تمسك المفتاح بأناملها البيضاء الصغيرة ، ليرفع رأسه بنفس لحظة وقوفها امامه وهو يتأمل بيجامتها السوداء الحريرية التي جاءت على مقاسها تماما ، اطراف اكمامها وياقتها المثلثة بيضاء وكذلك لون ازرارها ، مرسوم على جانب القميص صورة ارنب ناصع البياض بعينين سوداوين صغيرتين...وكأنه لا ينقصها طفولية حتى زادها ذاك الرسم طفولية ورقة اكثر !...
ايقظه من شروده صورة كفها التي امتدت نحوه بالمفتاح تمسك به بأناملها الرقيقة التي تظهر من كمها الطويل ، ليمد بعدها يده ويأخذ المفتاح منها وهو يقول برسمية
"مساء الخير"
اخفضت كفها على جانبها وهي تقول بابتسامة بريئة
"مساء النور ، هل انت قادم من العمل ؟"
رمى المفتاح حتى وصل لطاولة الزينة وهو يقول بجفاء
"أليس واضح ذلك ؟"
تبرمت شفتيها الصغيرتين وهي تخفض نظرها بصمت ، ليعود بنظره لها وهو يتنحنح قائلا بجدية يحسن اسلوب كلامه
"كيف حالكِ انتِ ؟ هل نمتِ جيدا ؟"
اومأت إيليف برأسها وهي تهمس بخفوت
"نعم جيد"
تنفس حذيفة بقوة وهو يدور بنظره عليها مجددا قائلا باتزان
"كيف جاءت البيجامة عليكِ ؟ هل ناسبتكِ ؟"
اخفضت نظرها للبيجامة وهي تشد اطراف قميصها هامسة بحياء
"نعم ناسبتني كثيرا ، انا....."
حبست الكلمات بحلقها ما ان امسكت اصابعه ياقة قميصها وهو يطويها حول عنقها بشكل هندسي ، ليقول بعدها بهدوء جاد
"توقعت بأنها ستكون على مقاسك"
رفعت حدقتيها الفضيتين الواسعتين وهي تهمس بحيرة
"بالمناسبة لمن تكون هذه البيجامة ؟"
ابعد اصابعه عن ياقتها وهو يقول بنبرة عميقة
"احضرتها من خزانة ملابس لورين ، من حظكِ بأن مقاسكما بالثياب واحد"
رمشت بعينيها بارتجاف وهي تهمس باستياء
"ولكنني ارتديت ملابسها بدون إذنها ، هل هذا يصح ؟..."
تراجع خطوة للخلف وهو يقول ببساطة
"انا من اعطاكِ إياها ، وايضا زوجة شقيقها من ترتديها ليس احد غريب !"
حدقت به بسرعة وهي تهمس بوجوم
"ولكن...."
قاطعها حذيفة وهو يضع اصبعه على شفتيه قائلا بحزم
"كفى ، انتهى الجدال بهذا الموضوع ، لا تجادلي بمواضيع لا طائل منها"
زمت شفتيها بعبوس وهي تشيح بنظراتها تلهي نفسها بعيدا عنه ، ليجذبها نبرة صوته الباردة وهو يقول
"لقد وصيت على حمولة ثياب اخرى ، اقصد اعدت طلب نفس النسخ من الثياب ، وستصل غدا بحلول الصباح"
اتسعت ابتسامتها بسعادة وهي تقول برقة
"شكرا لك"
رمقها بطرف حدقتيه بجمود قبل ان يتجه للخزانة ويخرج ملابسه وهو يقول بجدية
"لا داعي لتشكريني ، فأنا لم افعل شيء يستحق"
راقبته بحيرة وهو يغادر بسرعة ويدخل للحمام الملحق بدون ان يضيف شيء آخر على كلامه ، لترفع اصبعها لذقنها الصغير وهي تهمس بتفكير
"ماذا قصد بكلامه ؟ هل هذا يعني بأنه سامحني ؟"
اخفضت نظرها لياقة قميصها التي قام بتعديلها وهي تهمس برقة
"لو لم يسامحني ما كان عاملني هكذا"
بعدها بدقائق كان يخرج من الحمام وهو يجفف شعره بالمنشفة ليلمحها بعدها جالسة على طرف السرير مشغولة بشيء ما ، وما ان اقترب منها اكثر حتى استطاع رؤية علبة الاسعافات الأولية مفتوحة فوق المنضدة وهي تلف الشاش الطويل حول كفها المصابة وتبدو تعاني بصعوبة بطريقة تضميدها ، ليترك المنشفة تتدلى حول عنقه وهو يتجه نحوها بخطوات واسعة حتى جلس بجانبها تماما .
نظرت له بارتجاف ما ان امسك بكفها بيده وطرف الشاش بيده الاخرى وهو يتابع لفها بعناية ومهارة ، لتهمس بعدها بخفوت حرج
"كنت...كنت على وشك لفها..."
قاطعها حذيفة يركز بنظره على عمله
"ألم اقل لكِ لا تجادلي بمواضيع لا طائل منها !"
صمتت إيليف بأدب وهي تراقب ما يفعل بتركيز ، لتقول بعدها بدون ان تمنع نفسها اكثر
"متى عدت ليلة البارحة ؟ فلم اشعر بك عندما عدت"
صمت حذيفة لحظات قبل ان يقول بهدوء
"لم اعد للمنزل"
غطت الظلال عيناها بحزن وهي تفكر بشيء واحد وهو بأنه من شدة غضبه واستياءه منها لم يتحمل العودة للمنزل ، هل لهذه الدرجة ازعجته ؟ هل ما يزال يحمل بقلبه نحوها ؟
بدد الصمت صوت حذيفة وهو يقول بغموض
"ألن تسأليني السؤال الذي يجب سؤاله ؟"
حدقت به باستغراب لحظات قبل ان يتابع كلامه بجمود
"مَن هو الذي مزق الملابس ؟"
فغرت فاها الصغير بارتعاش وهي تسحب كفها قبل ان يشد عليها اكثر والشاش الرقيق يكاد يتمزق بين اصابعه ، لتدير نظراتها بعيدا وهي تهمس بتعثر مرتجف
"هل تناولت العشاء ؟ هل اكلت جيدا ؟...."
"إياكِ ان تغيري الموضوع"
تلاحقت انفاسها بخوف وهي تطرق برأسها للأسفل قبل ان تهمس بخفوت متحشرج
"لست انا من فعل"
قال حذيفة بغضب ألجمها
"اعرف ذلك جيدا ، ما اريد معرفته لماذا كذبتِ عليّ ؟"
رفعت حدقتيها وقد انعكس بهما بريق الدموع وهي تهمس بارتباك
"انا ! لم اكذب"
ضيق حدقتيه بجمود واصابعه الطويلة تسجن كفها وهو يقول بجدية
"لماذا إذاً اخفيتِ عني موضوع الملابس ! إذا كنتِ بريئة لماذا لم تصدقي بكلامك ؟ لماذا تحملتِ اللوم وصمتِ عن حقك ؟"
ابتلعت إيليف غصة حارقة بريقها وهي تخفض نظرها هامسة بمرارة
"لأنني كنت اعرف بأنك ستتهمني فليس هناك احد سواي بالغرفة ، وكل شيء كان يحدث معي دائما ما اكون انا الملامة عليه...وكأن المصيبة تبحث عني ولا تجد غيري تلتصق به !"
تأملها بإمعان لحظات قبل ان يخفض نظره قائلا بثقة
"نظرتكِ لنفسكِ خاطئة"
رفعت نظراتها بحزن تراقبه وهو يتابع تضميد كفها ويكمل كلامه قائلا بهدوء جاد
"إذا بقيتِ تنظرين لنفسك بسلبية لن تظلمي نفسكِ فقط بل من حولك ايضا"
اتسعت حدقتاها بغيوم ضبابية وهي تمسحهما بسرعة بيدها الحرة وتهمس بخفوت
"آسفة"
شد على ضمادة كفها وهو يقول بحزم
"ستدافعين عن نفسكِ ، عندما تكونين بصف الحق لن تهزمي والحقيقة مهما طالت ستكشف بالنهاية ، لن تدعي احد يكذبك او يتهمك بالباطل ، لن تترددي عن قول كلمة الحق واعلاء صوتك ، ستقفين باعتداد بنفسكِ ولن تسمحي لمن يقف امامك ان يكسركِ او يضعفكِ"
اومأت برأسها بصمت حتى صدمها وهو ينظر لها قائلا بأمر
"حتى لو كنت انا من امامكِ"
حدقت به بسرعة وهي تهمس بخفوت لطيف
"ما رأيك ان نستثنيك من هذا القانون ؟"
رفع نظراته بقوة وهو يقول بحدة
"أليف"
ضمت شفتيها بعبوس وهي تراقبه ينهي ربط الشاش حول كفها بإحكام ، قبل ان ينهض من جانبها ويقف امام علبة الاسعافات الأولية وهو يقول بجمود
"إذا لم تتخذي هذا القانون قاعدة مهمة بحياتك ، ستتعبين كثيرا بالأيام القادمة"
ضمت يدها المضمدة بيدها الاخرى وهي تهمس بصدق
"ما دمت موجود بجانبي لن اضعف ابدا او انكسر"
رمقها بطرف حدقتيه ثواني وهو يحمل علبة الاسعافات الأولية قبل ان يقول بوجوم
"لا اعدكِ بذلك ، فحتى الطبيب المتمرس بالمهنة تصدر منه بعض الاخطاء التي تؤدي لموت المريض"
ردت عليه إيليف بسرعة وهي تنظر له برقة
"ولكنني مع ذلك سأدعمه مهما كثرت اخطائه وعيوبه ، فكما امسكت بيدي سابقا انا ايضا سأمسك بيدك"
تغضنت طرف ابتسامته بصمت وهو يتقدم منها ثم قرص خدها المدور بأصبعيه السبابة والوسطى بقوة ، وما ان اظهرت علامات الألم حتى ترك خدها وهو يغادر من امامها قائلا بهدوء
"كفاكِ كلاما ، وهيا إلى النوم ، ولا اريد ان اراكِ نائمة بمكان غير السرير"
غطت خدها الاحمر بكفها وهي تفكر بآخر قسم من كلامه ، ليدب الإدراك بعقلها فجأة وهي تكتشف بأنها لم تكن تتوهم عندما غفت على الارض بجانب السرير ! وقد اثبت لها الآن بأنه من قام بحملها ووضعها على السرير وهي نائمة ومن شدة نعاسها لم تشعر به ! ألم يكن من الأسهل عليه لو ايقظها بدل حملها ؟
انتفضت بفزع ما ان وصل لها صوته الحازم وهو يقول
"ألم تنامي بعد ؟"
استلقت بسرعة على طرف السرير وهي تسحب الغطاء على جسدها وتخلد للنوم ، ليقول مجددا بأمر اعلى
"ضعي الوسادة"
رفعت رأسها وهي تضع الوسادة تحتها ثم نامت على جانبها وكورت جسدها ، لتضم كفها المضمدة بكفها الاخرى امامها وهي تهمس بدعاء سري
"يارب وفقه بحياته ولا تريه ضررا ، فهو الأمل الذي اعيش عليه"
________________________
كان يسير برواق المنزل المظلم يشق طريقه نحو السلالم وما ان وضع قدمه على العتبة الأولى حتى تسمر بمكانه يتأمل الكائن الغريب الذي سرق نظره وتفكيره ، وكأنه تجسيد من عقله خرج امامه بعد ان كان يمحيه ويحاربه طول الساعات الماضية بكل جهده ، وما ان ظن نفسه نجح حتى اوقعته بالنهاية بفخها الذي كان من قبل الأحب على قلبه والآن بات عذاب وجحيم لا بداية او نهاية له !
كانت عيناها الخضراوان لونهما مشع مثل القطط يستطيع رؤيتهما رغم العتمة السائدة بالمكان وكأنهما تنظران بقلبه مباشرة ، ليراقبها وهي تنهض عن الدرجة التي كانت جالسة عليها وكأنها قطة تستعد للهجوم على اول فريسة تظهر امامها تستدرج عواطفها وشفقتها كي تقدم لها الطعام ، ليسدل جفنيه على عينيه وهو يلوي عنقه جانبا يحاول ان يجمع الطاقة التي بقيت لديه رغم انه اهدر نصفها بالعمل كي يستطيع مواجهة هذه القزمة الصغيرة التي رغم قصر قامتها تستطيع فعل الاهوال فيه !
تراجع بقدمه للخلف وهو ما يزال مغمض العينين ليسمع بأذنين مرهفتين خطواتها الرقيقة على درجات السلم تقترب منه ، وما ان كان سينسحب باللحظة الحاسمة حتى غدرت به حينما سمع صوت تعرقل قدمها على درجة من الدرجات التي تفصله عنها وصوت شهقتها التي بددت صمت المكان...وبلحظة كان يفتح عينيه على اتساعهما ويعتقل خصرها بلمح البصر بذراع واحدة يكاد يرفع جسدها عن الدرج وعن كل اذى قد يصيبها .
سحب انفاسه بعنف كاد القميص يغوص بمنحنيات صدره وهو يشعر بقربها من خصلاتها السوداء التي لامست جانب وجهه واناملها الرقيقة التي تمسكت بكتف سترته ، ليتصلب جسده بلحظة واحدة وهو ينزلها ارضا ويسحب ذراعه ونفسه بعيدا عنها يحمي قلبه كي لا تصيبه بحروق اكبر...
شد بقبضته على جانبه وهو يقول بجمود
"ماذا تفعلين وحدك هنا ؟ هل هذه مناوبة ليلية ؟"
تجاهلت لمحة السخرية التي يكلمها بها وهي تقول بخفوت حزين
"كنت بانتظارك"
تصلبت ملامحه اكثر بدون ان تراها بوضوح من الظلام السائد حولهما وهو يقول بجفاء
"وهل تنتظرين على درج السلم ؟"
زمت شفتيها بعبوس وهي تقول بأسى
"لو لم افعل ما كنت استطعت رؤيتك اليوم"
رفع رأسه يتنفس بعمق ومن حسن حظه بأن الظلام قد غطى على ملامحه والتعبير الذي ظهر عليها وألا كان كشف نفسه بقوة امامها بعد عبارتها الحزينة وكأنها ظبي مكسور ، ليقول بعدها بصوت جاد حاول جعله طبيعي
"ومع ذلك كان عليكِ ان تأخذي حذركِ ، انتِ بالكاد ترين امامك بوضح النهار فكيف بالظلام الآن ؟"
عقدت حاجبيها الصغيرين بحزن وهي تهمس بخفوت
"انا آسفة ، سأنتبه اكثر"
ادار رأسه بعيدا وهو يرفع كفه ويمسك حاجز السلم يستمد قوته منه بدون ان تراه ، لتبادر هي بالكلام هذه المرة هامسة بخفوت
"هل تناولت عشاءك ؟ هل اضع لك طبق من طبخ وداد ؟"
حرك إلياس رأسه بسرعة وهو يقول برفض
"كلا لا احتاج ، لقد تناولت الطعام بالمكتب"
استاءت ملامحها اكثر وهي تضم يديها امامها بتوتر تفكر بما عليها فعله ، لتقول من فورها بابتسامة رقيقة
"بخصوص الفتاة التي احضرتها معك فقد افاقت بعد مغادرتك بنصف ساعة ، وقدمنا لها الضيافة واطعمناها من حساء وداد ، كنت مرتابة منها بالبداية ولكنه تبين بأنها فتاة حبابة ولطيفة جدا ، حتى انني صنعت لها الكعكة الاسبانية تحلية قبل ذهابها ، لقد قضينا وقتا ممتعا بالتعارف على بعضنا...."
قاطعها إلياس ببرود وهو يكاد يفقد عزيمته
"هل انا سألتكِ عنها ؟"
نظرت له بوجل قبل ان تحرك رأسها هامسة بخفوت
"كلا لم تسألني"
ردّ عليها مجددا بنفس النبرة الباردة التي بات يتعامل معها بها
"هذا يعني بأنني غير مهتم بكل ما حدث معها ، وما حدث بينكما وما بعدها ، ولا اكترث لأي شيء يخصكما"
ترقرقت الدموع بعيناها الندية بدون ان يراها ومع ذلك يشعر بها جيدا مما جعله يبتلع ريقه بتعب وهي تستنزف طاقته بالكامل ، ولكن ما حدث لم يهبط معنوياتها وهي تهمس بخفوت رقيق يكاد يودي بقلبه
"ولكن المفاجئ بالموضوع بأنه لم يكن اول لقاء بيننا فقد صدف وتقابلنا من قبل ! يعني انا لم اتذكرها هي من تذكرني اولاً ، وحدث قبل زواجنا بأيام...."
"لورين كفى !"
صمتت بخوف وطبقة الدموع بعينيها تزداد ثقلا حتى تدلت دمعة يتيمة على رموشها الطويلة ، لتهمس بعدها بصوتها الحزين المنكسر
"ألن تنظر لوجهي ولو لمرة واحدة !"
اغمض عينيه بصبر يريد كتم نبرة الحزن بصوتها كي لا تخرج عقله من رأسه فقد بات على حافة من الانفجار ! ليشد بأصابعه على حاجز السلم حتى تابعت بقهر اكبر
"هل بت تنفر مني ؟"
انفرجت شفتاه بأنفاس صامتة وهو يوشك على الانهيار امامها وتدمير صموده ، ليتمالك نفسه باللحظة الاخيرة وهو يفتح عينيه الخاويتين ويقول بقسوة
"انتِ من جلبتِ كل هذا لنفسكِ ، لذا يجب ان تتحلمي النتائج"
فارقت الدمعة رموشها وسالت على خدها وهي تهمس بخفوت متألم
"أليس يكفي كل هذا القدر من العقاب ؟ إلى متى ستستمر بتجاهلي وعدم النظر لي ؟"
ردّ عليها إلياس بحزم بدون ان يسمح لمشاعره وتعاطفه بالسيطرة عليه
"ما تسمينه عقاب اقول عنه درس ، هذا درس قيم لكِ يعلمكِ مضرة العبث بمشاعري والاخفاء عن زوجك ، فإذا عاد ما حدث اليوم مجددا لن استطيع ان اضمن لكِ سلامة احد منهم !"
توقفت انفاسها لحظات قبل ان تهمس بتوجس
"هل من الممكن ان تؤذي اشقائي ؟"
تجمدت عيناه بقسوة ألواح الجليد وهو يقول بجمود ميت
"هل هذا كل ما يهمكِ ؟"
عضت على طرف شفتيها بتأنيب وقد قالت العبارة الخاطئة بالوقت الغير مناسب ، لتخفض رأسها بسرعة وهي تهمس بتصحيح
"لم اقصد ذلك ، لا تهتم لكلامي"
زفر إلياس انفاسه بصمت بدون ان يتكلم اكثر ، لترفع رأسها وهي تقول بخفوت عابس
"لقد فهمت درسي...ولن اعيدها مجددا بحياتي ، ألن تسامحني !"
قست نظراته ومال برأسه جانبا وهو يقول بقوة
"لن اسامحكِ حتى اتأكد بأنكِ تعلمتي درسكِ ، ولن تتعلمي إذا لم تغيري تفكيرك يا لورين"
عبست ملامحها وهي تخنق بكائها قبل ان يتابع كلامه قائلا بجدية
"بدل ان تبكي وتسأليني عن السبب اعرفي اولاً اين اخطأتِ وماذا فعلتي ، بعدها تعالي وحاسبيني على تصرفاتي"
مالت زاويتا حدقتاها بحزن وهي تمسح خديها بظاهر كفها هامسة بخفوت
"حسنا فهمت"
ما ان كان سيتحرك ويتركها حتى قالت بسرعة بأغبى سؤال
"كم الساعة ؟"
رفع حاجبيه بدهشة قبل ان يخفي حالته بسرعة وهو يرفع قبضته بجانبها قائلا ببساطة
"انا لا احمل ساعة"
تقوست شفتاها باستياء قبل ان تقول باستغراب
"اين ساعتك الرقيمة ؟"
سارع بالكلام وهو يخفض قبضته بقوة
"ليست معي ، هل انتهت قائمة اسئلتكِ ؟ هل يمكنني التحرك ؟"
تلونت بالحياء وهي تخفض رأسها بصمت تعطيه الجواب بدون كلام ، ليتنفس الصعداء وهو يصعد السلالم بسرعة يتحرر من دائرتها اخيرا ، بينما رفعت لورين رأسها وهي تراقبه بحزن عميق تكتم ما بقلبها وتتركه يغادر عالمها بصمت بعد ان فقدت الحق به .
اقتحم جدار حزنها صوت طنين هاتفها بجيب قميص بيجامتها وهو يهتز بقوة ، لتخرجه بعدها بسرعة وهي تفتحه وتتأمل الرسالة التي وصلت لها من رقم مجهول
(مساء الخير
معكِ الملكة كاميليا
هذا رقمي سجليه عندكِ)
شقت ابتسامة حزينة ملامحها وهي تمتص طاقة الحزن برسالة واحدة منها ، لتقوم بعدها بتسجيل رقمها بخانة الارقام المفضلة عندها وبين افراد عائلتها ، ثم دسته بجيب قميصها وهي تمسك حاجز السلم وتصعد الدرجات بحذر كي لا تتعثر مرة اخرى وتجد نفسها بالطوارئ....

يتبع....


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-06-24, 03:29 AM   #547

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 843
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

امسك بمقبض الباب وهو يستغفر ربه قبل ان يفتحه ويسير بدون النظر حوله ، وما ان اخذ الملابس من الخزانة واستدار حتى تعجب للوهلة الأولى بسبب عدم رؤيتها على الفراش وما صدمه هو مشاهدتها جالسة على الارض تتكور حول نفسها فوق بساط الغرفة ! ملامحها باردة بلا تعبير تحدق امامها بجمود وكأنها تخلق عالم جديد لها !
افترس الغضب ملامحه بلحظة وشدت قبضته على ملابسه وهو يقول يبدد الصمت بتسلط
"ماذا تفعلين على الأرض ؟"
بدأت الحياة تتسرب بالتمثال الجالس امامه تفصله خطوات عنها بتغضن طفيف بجبينها ، وما ان طال الصمت اكثر حتى قال بجموح اكبر
"انا اكلمكِ ! ماذا يعني هذا ؟ هل تحاربيني بطريقة جديدة ؟"
هذه المرة رفعت حدقتيها الواسعتين نحوه بدون اي حياة بهما وهي تحدثه بنظراتها فقط ، ليطبق على اسنانه بشدة وهو يقول بنفاذ صبر
"تكلمي ! لا تنظري لي فقط !"
تغضنت اطراف حدقتيها بوضوح وهي تقول لأول مرة بقوة
"لن انام على السرير بعد الآن"
رفع حاجب واحد بمغزى وهو يقول بسخرية
"لماذا ؟ ألم تكوني تنامي عليه سابقا !"
اشاحت بوجهها جانبا وهي تقول ببرود
"ليس بعد الآن"
رفع حاجبه الآخر يتقابل مع حاجبه الأول بتعجب حتى تابعت كلامها بتصميم
"لن انام على شيء يخصك ، ولن اكون قطعة من الممتلكات التي تملكها"
قطب جبينه وقد بدأت الدماء الساخنة تتدفق بأوردته وهو يقول بضيق
"يعني لن تستسلمي ، ما تزالين تعاندين بي !"
تجاهلته بتعنت وهي تتحاشى النظر له وهو ما استفز مشاعره واثار غضبه كي يرمي الملابس ارضا ، ليسير نحوها بسرعة وقبل ان تدرك كان يقيد ذراعيها بقبضتيه ويرفعها عن الارض بلحظة ، ولم تستطع المقاومة بسبب سحبه القوي لها وهي لا توازي نصف قوته العضلية حتى رماها على السرير بقسوة !
وما ان جلست عليه حتى اشار بأصبعه قائلا بجنون احمرت معها عيناه مثل الجمرتان
"ستنامين على السرير يا سراب ، لا تتلاعبي بأعصابي اكثر كي لا افقد ذرة الصبر الوحيدة لدي !"
قالت سراب من فورها وهي تنفض ذراعها بعنف
"لا اريد النوم على سريرك ، هل هو إجبار ؟"
قبض يده على جانبه وهو يحرك رأسه قائلا بجفاء
"هو بات سريرك وليس سريري ، هل هذا كافي كي لا تعارضيني ؟"
ردت عليه بسرعة بانفعال حانق
"كلا لا يكفي ، ولا اريد النوم بأي مكان ينتمي لك"
شدد على اسنانه وهو ينحني نحوها امام وجهها ويشير بكفه قائلا بجمود
"ستنفذين ما اقول يا سراب ، ولا اعتراض على كلامي"
حدقت به بعينين متحديتين وهي تبعد كفه قائلة بقوة
"لن انفذ ما تقول لأنني لست عبدة ، كلامك يسري فقط على خدمك وليس عليّ"
ارتفعت طرف ابتسامته بغرابة وهو يمسك كتفيها بيديه قائلا بنبرة شبه ساخرة
"وماذا انتِ ؟ ماذا تكونين ؟"
ابتلعت سراب ريقها بخوف غريزي وهي تناظره بدون ان ترمش بعينيها ، ليتابع كلامه وهو يقول بقسوة لم تعرفها عنه سابقا
"انتِ مجرد بشرية اشتريتها من مالي الخاص وبموافقة من مالكها ووقعت على عقد ملكيتها امام الشهود ، مثل عمل التجارة تماما التاجر يجلب لك اثمن وافضل البضائع وبالمقابل تعطيه الثمن الذي يستحق ، فأنتِ عائلتك قد ربتك وكبرتك لهذا العمر كي تقوم بالنهاية ببيعك للرجل الذي يريدك ، ولا ذكائك وخبراتك وإنجازاتك تفيدك بهذه الحالة ، على هذا الاساس فقط انتم تعيشون من اجل سعادة وراحة ومنزل الرجل ، ولا قيمة لأي شيء آخر تفعلينه بحياتك وبحياة الآخرين ، فلهذا السبب انتِ وجدتِ وخلقتِ من اجل زوجك والذي سيكون هو كُل دنيتك وآخرتك !"
غزت الدموع عيناها لا شعوريا وهي تهمس بخفوت ثابت حاولت جعله قويا
"هل تظن بأنك تهينني هكذا ؟ هل تظن نفسك آلهة فقط لأنك خلقت رجل ؟"
قست نظراته وهو يدقق النظر بعيناها الجميلتان حتى بغضبهما وحزنهما مشتعلتان لا يطفئهما شيء ، ليبعد كفه ويمسك ذقنها الصغير بإصبعيه وهو يهمس بجمود اقسى
"لا تضغطي على نفسكِ احذركِ كي لا تعرضي نفسكِ لإهانة اكبر ، فأنا للآن ما زلت جيد معكِ لدرجة لم احصل بها على ثمن المهر الذي دفعته بزواجي منكِ ، تركتكِ تعيشين بمنزلي وغرفتي وتؤكلين من طعامي وتملكين كنينة عائلتي بدون طلب شيء مقابلها ! لذا لا تستطيعين الاعتراض فقط على السرير فأنتِ حصلتي على كل شيء تريدين ، وما تفعلينه من تمرد وعناد بلا معنى وفقط ينقص من قيمتك ويجعلك مجرد جاحدة انانية ناكرة للجميل !"
تجمدت الدموع بمحجريهما بصمت وملامحها بهتت مثل الرخام الشاحب ، ليتركها بعدها وهو يستقيم على طوله وعند اول خطوة سمع صوتها وهي تهمس بنبرة غريبة
"انتظر لحظة"
زفر انفاسه بعمق وهو يلتفت بسرعة قبل ان يتجمد الهواء بحلقه وتسمره ما ان بدأت بفك ازرار قميص بيجامتها الزيتية بعنف ! ولم تسمح له بالنطق بعدها وهي تنفض يدها جانبا صارخة بجنون
"هيا خذ ثمن مالك...المال الذي دفعته لوالدي"
دبت الحياة بجسده فجأة وهو يهجم عليها ويسقطها على السرير خلفها ويقيد جسدها بقبضتيه الساحقتين ، لتشعر بحرارة انفاسه على وجهها وكأنه ينفث لهب وهو يقول بشراسة
"هل جننتِ يا سراب ؟"
رفعت حدقتيها السابحتين بالدموع بالرغم من صعوبتها وهي تهمس بخفوت
"أليس هذا ما تريده مني !"
اظلمت ملامحه حتى باتت اقرب للون الليل وهو يقول بجموح
"بالطبع ليس هذا ما اريده يا حمقاء !"
زمت شفتيها بصمت تخنق ارتجافهما ثم قال يحمل نفسه طاقة جبارة كي لا تخونه عواطفه
"لو هذا هو هدفي الاساسي كنت فعلتها منذ اول ليلة ، ما كنت انتظرت كل هذه الفترة الطويلة"
تسارعت انفاسه بقوة وهي تحرك خصلات غرتها مثل الرياح قبل ان يرفع كفه ويمسك ازرار قميصها ، ليرتعش صدرها لا إراديا ما ان شعرت بأصابعه تعيد دس الازرار بقوة قائلا بخفوت عميق
"ما اريده شيء اكبر من جسدك ، فأنا اريد امتلاك هذا القلب وسيكون بعدها من السهل الحصول على الجسد ، ولكن قلبك هو ما اريده ملكي"
بقيت نظراتها صامتة بدون اي انفعال او تعبير واضح على ملامحها فقط الدموع هي سلاحها الوحيد الفتاك الذي يحرك مشاعره ، ليصل بأصابعه لياقة قميصها ثم يتركها وينتقل لذقنها قائلا بخفوت حازم
"هل فهمتي الآن ؟"
ما ان دنى قريب منها حتى ادارت وجهها بقوة تنهي الجدال بصمت تداري كبريائها المجروح ، لتغرس اسنانها بطرف شفتيها ما ان سقطت قبلته على عنقها يختبر نعومة بشرتها لأول مرة وكأنه يحرقها حية ، وما ان ابتعد عنها حتى تنفست بعنف وسمحت للهواء بالوصول لسائر جسدها قبل ان ينهض عن السرير قائلا بصرامة لم يتخلى عن غضبه منها
"لا اريد ما فعلته قبل قليل ان يتكرر مجددا ، وألا اقسم بالله سأعاقبك عقاب لم تجربيه بعمرك ، وحتى سأنقض عهدي بعدم الاقتراب منكِ !"
شخصت عيناها وهي تميل برأسها بسرعة وتراقبه وهو يأخذ ثيابه عن الارض ثم استقام على طوله وغادر خارج الغرفة ، لتوجه نظراتها للسقف وهي ترفع مرفقها وتخفي عيناها خلفها هامسة بنبرة يائسة
"ماذا فعلت بنفسي حتى استحق كل هذا ؟"
___________________________
سارت باتجاه البهو الواسع وهي تلف وشاح حول رأسها بعشوائية وترمي طرفيه على كتفيها ، وما ان وصلت لمدخل المنزل حتر ظهر امامها احدى حراس البوابة وهو يخفض رأسه فور قدومها نحوه ، لتقف بعدها بقوة وهي تمسك خصرها بيدها قائلة بجمود
"ماذا تريد ؟"
قدم ظرف ابيض لها وهو يقول باحترام
"احضر ساعي البريد هذا المغلف باسم سلسبيل صهيب ، وقررت ان اعطيك إياه كي توصليه لها"
عقدت حاجبيها باستغراب وهي تقول بعدم ارتياح
"وصل لسلسبيل ! ماذا قد يصل لها ؟"
حركت رأسها بسرعة وهي تأخذ المغلف منه وتقول بأمر
"هيا عُد لعملك ، وإياك ان تخبر احد عن وصول هذا المغلف"
اومأ برأسه وهو يقول بامتثال
"حاضر يا سيدتي"
رمت كفها بعيدا وهي تقول بحزم
"يمكنك الانصراف"
غادر من امامها بصمت وتركها حائرة وحدها مع المغلف المجهول ، لترفعه بعدها امام نظراتها وهي تفتح طرف المغلف بأصبعها هامسة بوجوم
"ماذا يمكن ان يكون يحمل ؟ ما لذي تخفيه تلك البلوة ؟"
فتحت الورقة التي خرجت من المغلف وهي تقرأها بإمعان شديد لحظات قبل ان تتجعد بين اصابعها ذات الشرايين الزرقاء البارزة ، لتمسك الورقة والمغلف بنفس قبضتها وهي تنزلها على جانبها وتنطلق بسرعة تشق طريقها بالبهو الواسع مثل الرادار الذي التقط إشارته وقد بات هدفها واضحا وهو جالس حول مائدة طعام طويلة لا يوجد امامها سوى طبق تحركه بالشوكة تفصل الارز عن الفول الاخضر بصمت ، وما ان وقفت بجانبها مثل التمثال حتى قالت الجالسة بضيق وهي تستمر بتحريك حبات الفول
"امي كم مرة اخبرتكِ عن كرهي للفول بالأرز ! ألم تستطيعي الطلب من الخدم ألا يطبخوها ويضعوها بطبقي ! يجب عليكِ طرد الخدم وجلب خدم جديدين للمنزل"
كانت تحدق بها بجمود بدون ان تعير كلامها اهتماما وهي تقول بجفاء
"دعي الفول جانبا فهناك ما هو اهم يجب الكلام عنه"
تجاهلتها تماما وهي ترفع الملعقة لفمها قبل ان تتجمد ما ان ضربت والدتها الطاولة امامها بالورقة بيدها ، لتقول بعدها وهي تبعد كفها عن صفحة الورقة
"ماذا يعني هذا ؟"
نقلت نظراتها للورقة بجانبها وكأنها تنظر لخبر على صحيفة وما ان قرأت المكتوب بعنوان الصفحة حتى رمت الملعقة ونهضت عن الكرسي ، لتمسك الورقة وتعيد قراءة اسطرها بإمعان تتأكد من المكتوب وهي تقول بنبرة انتصار
"لقد فعلها حقا ! واخيرا فعلها !"
احتدت ملامحها اكثر وهي تستشيط غضبا قبل ان تسحب الورقة من يدها بعنف قائلة بجموح
"هذه ورقة من المحكمة تحدد موعد طلاقك وليست ورقة تخرجك !"
حركت كتفيها باستخفاف وهي تحرك كفها هامسة بدون ادنى احساس
"انها كذلك يا امي"
عقدت حاجبيها وهي تنفض كفها بالورقة جانبا قائلة بجمود
"كيف تستطيعين ان تكوني عديمة الاحساس والشعور لهذه الدرجة ؟ نحن نتكلم بشيء جاد وليس هناك مزاح به"
دست خصلاتها الطويلة خلف اذنها وهي تقول بغرور
"ادرك ذلك جيدا"
تنهدت بصبر تستجمع اعصابها كي لا تفقد زمام السيطرة على الامور وقد بدأت تخرج من يدها ، وسرعان ما لوحت بكفها جانبا وهي تقول باستنكار
"بذلك اليوم احضرته لكِ كي تتكلمان بين بعضكما وتتفاهمان وتستطيعا الوصول لحل وسط يحل كل المشاكل بينكما ، ولكن ما حدث الآن خالف كل توقعاتي ، كيف وصل الأمر بينكما للطلاق ؟"
ادارت مقلتاها الزرقاوان جانبا وهي تهمس ببرود
"لقد اخطأتِ بتركنا لوحدنا بذلك اليوم !"
سلسبيل !""
صرخت بقوة بعد ان اتلفت اعصابها وهي تنظر لها بتهديد ، لتتأفف سلسبيل بنفاذ صبر وهي تحرك كفها قائلة بغيظ
"اخبرته بأن الامر بيننا لن ينجح مهما حاول ، ولن يفلح كل شيء يفعله بعد ان وصلت العلاقة بيننا لهذا الحد وخسرت ثقته ، لذلك افضل طريق لكلينا هو الطلاق والأنسب لي"
ضربت ذراعها على خصرها وهي تقول باستهجان
"يعني انتِ من حرضه على ذلك ، انتِ من دفعه ليتخذ هذه الخطوة الكبيرة ويرفع دعوى بالمحكمة ، انتِ من يريد الطلاق !"
ردت عليها بقوة بدون ان يرف لها جفن
"بلى انا من اريد ، وهذا الامر كان يجب ان ينتهي إذا ليس اليوم بيوم آخر ، فأنا كل ما اريده هو الانفصال عنه وكسبي حريتي من جديد"
تجمدت تقاسيمها بنحت رخامي وهي تقول بخفوت حاد
"ولكن ثمن هذه الحرية غالي جدا ، هل تعلمين هذا ؟"
مالت ابتسامتها بسخرية وهي ترفع ذقنها قائلة برضا
"سأدفع الثمن مهما كان مقداره يا امي"
تنفست شهيرة بإحباط وهي تحرك رأسها قبل ان تقول بتفكير
"ومن سيأخذ حضانة الولد ؟"
ردت عليها بسرعة وهي تلوح بكفها بالهواء
"بالطبع هو سيأخذها ، فلن اقضي طيلة حياتي مجبرة على الاعتناء وتربية ابنه وانا ما زلت شابة صغيرة على تحمل مثل هذه المسؤوليات وإيقاف حياتي من اجلها ! ليأخذه هو ويتحمله ويفعل به ما يحلو له ، لا اكترث لمصيرهما البتة"
رفعت حاجبيها بدهشة وهي تقول بعدم تصديق
"هل تقولين هذا عن ابنك ؟ الذي من لحمك ودمك !"
اشاحت بوجهها بعيدا وهي تنفض شعرها بكفها هامسة بقسوة
"نعم هذه هي الحقيقة فأنا من الاساس لم اكن اريده ، هو من اجبرني على إنجاب ابن له ، وألا انا لا احلم ابدا بالأولاد وتحمل مسؤولية تربيتهم والاهتمام بهم !"
مسدت جبينها بإصبعيها ما ان اصابها حديثها بالصداع لبرهة ، لتقول بعدها وهي تخفض كفها بقوة
"هو بالتأكيد لن يستطيع تربيته وحده ، كيف سوف يوازن بين تربيته وعمله ؟"
كتفت ذراعيها فوق صدرها وهي تقول بتهكم
"بالحالة الطبيعية يلجئ الرجل للزواج من امرأة تقوم بتربية اولاده ، ولكن بحالته هو فنحن نتكلم عن رجل زير نساء لن يستطيع الثبات على امرأة واحدة ! فما ان يحصل على طلاقه سيقوم بنزواته بحرية اكبر بدون رقابة او سلطة ، وبالنسبة لابنه سيرمي مسؤوليته للمربيات او يقوم بوضعه بمدرسة داخلية ولا يعنيني اساسا ما سيفعل به"
حركت شهيرة رأسها وهي تقول باستياء
"واثقة جدا من نفسك"
لم تعقب على كلامها حتى ظهر خطين متوازيين على جبينها وهي تقول بغموض
"ما لذي تسعين إليه بالضبط ؟ ما هو سبب كل هذه العجلة بالطلاق وكأنك بسباق ؟"
تعمدت عدم النظر لها وهي تزم شفتيها بصمت ، لتقترب منها اكثر وهي تميل برأسها قائلة بمغزى
"اتمنى ألا يكون ما اتوقعه"
غامت عيناها الزرقاوان بلون باهت وهي تقول ببرود
"وماذا لو كان ما تتوقعينه ؟"
رفعت رأسها بسرعة وهي تقول بصدمة
"هل جننتِ ؟"
استمرت بتجاهلها وتجنب النظر لها بينما تابعت شهيرة كلامها بغضب منفعل
"هو الآن اصبح رجل متزوج دخل لقفص الزواج ، ويبدو بأنه بسببك انتِ اختار الزواج منها بطريقة مباشرة بدون اي تعارف او فترة خطوبة !"
ادارت نظرها نحوها وهي تشير بكفها بينهما قائلة بثقة
"كما قلتِ هي مجرد سبب ، وما ان اتخلص من كل الاسباب التي ارغمتنا على الوصول لهذا الوضع سنجتمع مع بعضنا من جديد ، ولن يبقى سبب يمنعنا من ذلك"
اعتلت ابتسامة ساخرة ملامحها وهي تربت على صدرها بكفها هامسة ببؤس
"آه يا ابنتي المسكينة انتِ فقط تبعثرين نفسكِ عبثا ! تزرعين الصبار وتأكلين اشواكه !"
ضيقت حدقتيها الزرقاوين بقسوة وهي تقبض على كفها هامسة بجمود
"لن تستطيعي إحباط عزيمتي ولن يأثر بي كل كلامك فقد اتخذت قراري بالفعل !"
تغير التعبير بملامحها وهي تمسك خصرها بيدها الحرة قائلة بجفاء
"سنرى ذلك"
اومأت سلسبيل برأسها وهي تقول بنفس طريقتها
"سنرى"
غادرت بعدها من امامها وهي ترمي شعرها خلفها بينما رفعت شهيرة كفها بالورقة المجعدة تعيد قراءتها مجددا ، لتشتعل من الغضب للمرة الثانية وهي ترميها على الطاولة بجانب طبقها الذي تركته كما هو بعد ان نجحت بفصل الارز عن الفول الاخضر...
___________________________
كان الجسد الصغير منحني على ركبتيه وهو يراقب حشرة الأم اربعة واربعين وهي تسير فوق الحشائش ببطء ، وبلحظة واحدة سحقت سعادته بسبب قدم كبيرة داست عليها بقوة وكأنها تدوس على قلبه ! وما ان رفع رأسه حتى ظهر امامه المتنمر وهو طفل يفوقه طولا وحجما بسبب فرق السن بينهما ، وقبل ان يفتح شفتيه كان يركله بقدمه جعله يسقط للخلف ويستند بالأرض بمرفقيه ، ليخترق كلامه قلبه وهو يصرخ باحتقار دائما ما يكون موجه نحوه وكأنه حشرة كريهة امامه
"ابتعد عن طريقي يا لقيط ! لا اريد رؤيتك هنا ! ارحل من حديقتي ومنزلي وحياتي"
تجمعت الدموع بمقلتيه الخضراوين بينما تابع هو صراخه وقدمه تركله بالتراب تحته
"ارحل ، ارحل من هنا ، ارحل يا كريه الرائحة"
وضع مرفقه امام وجهه يحمي نفسه من التراب الذي بدأ ينهمر عليه يكاد يدخل بأنفاسه ورئتيه ، ليتحرك جسده ببطء يحاول النهوض بصعوبة وما ان استوى واقفا حتى ركض بسرعة بأنحاء الحديقة ، وبدون ان يرى جيدا كان يتعثر بحصوة ويسقط ارضا بقوة ليغطي بسرعة وجهه بذراعيه تحته وهو يجهش ببكاء عالي لم يعد يستطيع كبحه اكثر !
لقد حاول تقبل حياته الجديدة التي فرضت عليه بعد ان انقلب عالمه رأساً على عقب ولكن بدون فائدة فهو بكل مرة يعود ويستسلم لشعور الوحدة والألم ، وكل ما يتمناه ان يعود للحي الذي كان يسكن به ولمنزله الصغير ورفاقه هناك...واهم شخص بحياته والدته التي ربته واهتمت به منذ ولادته واحبها من كل اعماق قلبه وهو ما يزال يتحرق ويتوق لرؤيتها وشم رائحتها واحتضان عباءتها القديمة...لا يريد العيش بهذا المكان الغريب والنوم بغرفته الكبيرة الموحشة والتعامل مع اناس لا ينظرون له وكأنه كائن غير مرئي شفاف...وهو للآن لم يفهم سبب وجوده هنا ولماذا اخذوه عن والدته ! ولماذا يعيش بمكان هو منبوذ منه ؟ كل ما سمعه عندما تكلمت المرأة التي ابعدته عن والدته وادخلته منزلها وهي تقول بأنه ابن احد صديقاتها المقربات قررت تبني ابنها بسبب عدم وجود احد يتكفل به !
بكى الطفل بحرقة وهذه حالته اليومية منذ مجيئه لهذا المنزل الاشبه بالسجن لا يجد مكان يلتجئ له غيره ، وحتى لو هرب منه لن يجد مكان يؤويه سوى الشارع والأزقة ، ليهمس بعدها من بين بكائه يناجي الشخص الوحيد الذي يعرفه
"اريد امي ، انا اريد امي ، خذوني لأمي ، خذوني...."
خفت صوت بكائه ما ان سمع صوت رجولي يقول بجدية
ما لذي تفعله على الارض يا فتى ؟""
امسك فمه بكفه وهو يرفع رأسه عن ذراعيه ويحدق بالرجل الكبير الذي كان يشع بنور ساطع من ضوء الشمس المسلط عليه ، ليضيق حدقتيه الخضراوين يحاول النظر له بوضوح والتعرف على هويته وكأنه ينظر لارتفاع عالي ، ليساعده هبوطه له حتى بات بمستوى طوله وملامحه اصبحت اكثر وضوحا ، جذبه صوته مجددا وهو يقول بخفوت عميق تسلل لأذنيه بطمأنينة
"ماذا تفعل يا بني ؟ كيف سقطت على الارض هكذا ؟"
كان يتأمل رجل بملامح بيضاء رخامية ينعكس ضوء الشمس عليه يملك لحية سوداء كثيفة تغطي وجهه وتعطيه مظهر مخيف وهو ما جعله يخافه بالبداية ويبقي على مسافة بينهما بأول دخول له للمنزل ، عيناه مزيج بين الاخضر والرمادي بدون ان يحدد ايهما طاغي ولسبب ما شعر بهما دافئتين مثل ضوء الشمس بعز الشتاء ! والأكثر غرابة بأنهما يذكرانه بعيون والدته التي كانت تتميز بالحسن والجمال !
افاق من شروده ما ان قال وهو يجول بنظره على جسده بقلق
"هل انت بخير ؟ هل تأذيت ؟"
نهض عن الارض وهو يجلس على ركبتيه ويضم ذراعيه هامسا بخجل
"انا...انا بخير"
امسكه من تحت ذراعيه وهو يقول بجدية
"هيا انهض ، دعني اراك جيدا"
وقف على قدميه بتلقائية وهو ينزل بيديه على ملابسه ويمسح التراب عنه قائلا برفق
"لماذا انت ممتلئ بالتراب ؟ هل تعلم إذا دخلت للمنزل هكذا ربما تعاقب بشدة ؟ وربما لا تدعك تخطو للمنزل بحياتك !"
كان يراقبه بانبهار صامت وشعور لطيف دغدغ قلبه ما ان ذكرته تصرفاته بتصرفات والدته وهو يعامله مثلها تماما ، ليتنهد بعدها بهدوء وهو يربت على شعره هذه المرة ولم يعرف كم افرحته تلك الحركة قائلا بابتسامة جانبية
"انتبه جيدا لخطواتك كي لا تسقط مجددا فقد تجرح او تخدش نفسك إذا لم تأخذ حذرك"
اومأ كرم برأسه بطاعة وهو يبعد كفه ويقف على طوله بصمت ، وما ان كان سيتحرك حتى تراجع وهو يدس يده بجيب بنطاله قائلا بتذكر
"من حسن الحظ بأنني تذكرتها"
حدق به وهو يخرج من جيبه حبة سكاكر مغلفة ثم رماها نحوه ليلتقطها بكفه بسرعة ، حرك بعدها اصابعه وهو يقول بابتسامة
"انها لك خذها"
اتسعت ابتسامته بسعادة غامرة لأول مرة منذ مجيئه للمنزل وما ان تحرك مجددا حتى قال من فوره بلهفة
"سيدي..."
توقف بهدوء وهو يقول بجدية
"يمكنك مناداتي كما يناديني اولادي فأنا بمقام والدك"
برقت الدموع بعيناه الخضراوان وكأن قلبه يغرد فرحا وهو يقول ببراءة
"شكرا لك"
اومأ صهيب برأسه بصمت قبل ان يغادر من المكان بينما بقيت نظراته تلاحقه وهو يضم قبضته بحبة السكاكر وكأنه حصل على كنز ثمين ، ولم تكن الاخيرة فقد كان كلما سنحت له الفرصة يحضر له السكاكر من جيوبه وكأنه رجل العيد الذي جعله يتمسك بالحياة ويحبها بشكل ما...
رفع رأسه يفيق من ذكرياته القديمة التي حوصر بها بعد ما حدث بالأمس قلب موازين حياته ، فهو لم يقدم على مثل هذه التضحية الكبيرة من قبل بالرغم من انه قدم الكثير بسبيل سعادة هذه العائلة وتحمل الذل والهوان والقسوة والتعنيف منذ طفولته لشبابه ! ولكن لم يتعلق الامر برهن مستقبله وتدمير حياته من اجلهم...
تغضن جبينه بضيق ما ان لامست قطرات الماء شعره وهو يرفع كفه ويتخلل خصلاته بأصابعه ، ثم رفع نظره وراقب السماء الرمادية الشاحبة التي كانت قبل دقائق فقط زرقاء صافية وها هي الآن تحولت للوحة حزينة ماطرة وكأن الطقس يتغير مع مزاجه ، ليتأفف بعدها بضيق وهو ينهض عن كراسي الطريق ويتقدم بخطواته لحافة الرصيف .
وقف بتكاسل وهو ينتظر سيارة الاجرة قبل ان يشتم ما ان ازدادت زخات المطر فوق شعره وهو اكره ما عليه التبلل الذي يذكره بأيام لا يريد تذكرها...الجوع والبرد والخوف وكل ما ينتابه بذلك الوقت...اغمض عينيه لحظات وهو يسمع اصوات تراكض الناس بالشارع بهلع وعجلات العربات هربا من المطر وكل هذا لا يقارن بالهتاف العالي الذي اخترق كل ضجيج عالمه وكأنه من العالم الآخر
"كرم ، كرم ، يا رجل الفزاعة"
فتح عينيه بصدمة وهو يلتفت بسرعة حيث مصدر الصوت لتظهر له فتاة المظلة وهي تركض نحوه مباشرة وشعرها الكستنائي الطويل يطير حولها ، ولم يفق على نفسه ألا عندما وقفت بجانبه تماما ترفع المظلة الصفراء لفوق رأسه تحميه من زخات المطر التي اوقفتها بحضورها ، ليتأمل ملامحها الباسمة الجميلة تكاد تشرق الشمس بعينيها البنيتين المستديرتين برموش طويلة تحدهما ، وشعرها الكستنائي الناعم ما يزال يتحرك حول وجهها مثل ستائر انزلقت قطرات الندى عليها وكأنها لآلئ صغيرة !
توقف بنظره على شفتيها الزهريتين الصغيرتين ما ان خرجت الكلمات منهما بمرح
"الحمد لله ، لقد وصلت بالوقت المناسب ، لولاي كنت تبللت الآن من المطر"
ارتبكت ملامحه وهو يخفض نظره بسرعة هامسا بحرج
"نعم صحيح ، شكرا"
عقدت حاجبيها باستغراب وهي تهمس بحيرة
"ماذا قلت للتو ؟"
رفع رأسه بلحظة وسرعان ما ادار وجهه بعيدا يتحاشى النظر لها قائلا باتزان
"كنت اشكركِ ، فقد انقذتني من التبلل"
اتسعت ابتسامتها بسعادة وهي تقول برقة
"على الرحب والسعة"
صمت كليهما معا لحظات قبل ان تبدده كاميليا هامسة بخفوت
"يبدو بأنك لا تعرف بوضع الطقس ، لذلك لا تحمل مظلة معك"
حرك كتفيه وهو يقول ببساطة
"لم اكن اعرف"
ردت عليه بسرعة بابتسامة لطيفة
"ألم تشاهد نشرة الطقس اليوم !"
امال رأسه جانبا وهو يقول ببرود
"كلا لم افعل ، ولم اهتم بها من قبل"
زمت شفتيها وهي تشاهد رجل بدائي لا يهتم بكل ما يسير من حوله من تطور وكأنه يعيش بعصر مختلف عن عصرنا ، وهو اول اثبات على كلام ذلك المختل الذي انتحل شخصيته وخدعها....
احمرت وجنتاها بحياء ما ان اختلس النظر نحوها حتى اشاحت بوجهها بسرعة وهي تهمس بعفوية
"انا دائما ما اشاهد نشرة الطقس قبل الخروج من المنزل ، كي اعرف ماذا ارتدي وماذا اضع بحقيبتي ، يعني تأمين على حياتي من اجل الظروف الطارئة فأول ما يغدر بك وقت خروجك هو تقلبات الطقس !"
اخفض نظره لملابسها وهي ترتدي بنطال جيشي وبلوزة بيضاء يعلوها سترة خريفية وكأنها جمعت الفصول كلها معها ، ليرفع حاجبيه ببطء وهو يقول باهتمام
"نعم امنتِ على حياتك جيدا"
زمت شفتيها بدون ان تعلق على كلامه ، ليفاجئها قائلا بخفوت مفكر
"سمعتكِ تنادين قبل قليل برجل الفزاعة ، صحيح !"
رفعت رأسها بسرعة وهي تحرك كفها الحرة هامسة بتوتر
"كنت امزح معك ، اتمنى ألا تأخذها على محمل الجد"
حرك رأسه وهو يقول بابتسامة طفيفة بدون ان تراها
"لا بأس بذلك"
رمقته بطرف حدقتيها بارتياب وهي تشك بردة فعله الباردة وما تخفيه خلفها ، لتتنفس بعدها وهي تقول بابتسامة رقيقة
"اعتذر على تركك وحدك بذلك اليوم ، فقد كنت على عجلة من امري ولم اودعك حتى"
ارتسمت الحيرة على محياه وهو ينظر لها قائلا بوجوم
"هل تركتني ؟"
كورت شفتيها بامتعاض وهي تقول من فورها بقنوط
"اليوم الذي كنت تلعب به مع الأولاد بعدها اخذتنا لمطعم المشاوي ، هل تذكرت الآن ؟"
رفع كرم رأسه بقوة وهو يقول بإدراك
"نعم تذكرت ، ذلك اليوم إذاً ، لا تكترثِ فلم يخطر ببالي اساسا"
استاءت ملامحها وهي تدير نظرها امامها قبل ان تنقلب حالتها هامسة بغموض
"هل يمكنني بطرح سؤال عليك ؟"
اومأ كرم برأسه وهو يقول بعدم اهتمام
"تفضلي"
ضمت شفتيها بتردد قبل ان تخرج انفاسها منهما وتهمس بصوت خفيض
"عندما كنت تلعب بالمعلب قلت لي بأنك سبق وسكنت بتلك الحارة وتعرفها ، ومرة رأيتك بحفلة زفاف لعائلة ثرية ومعروفة وكنت تبدو مضيف بها ، وتساءلت انت لأي عالم تنتمي منهما ؟"
غابت الابتسامة عن محياه وتلبدت تقاطيعه حتى اجبرت نفسها على النظر له وهي تهمس بحياء
"يبدو بأن سؤالي شخصي قليلا"
حاد بنظراته نحوها لبرهة قبل ان يحرك رأسه قائلا بسخرية
"كلا بل هو سؤال منطقي ، بالتأكيد سيخطر ببالك الكثير من التخيلات والاسئلة بعد رؤيتك لحياتي المتناقضة ! وهذا الامر يحدث كثيرا لذا لا تزعجي نفسكِ"
صمت لحظات قبل ان يشرد بنظراته بعيدا قائلا بلمحة حزن لامست اعماقها
"انا اكون طائر حر ، لا ينتمي لأي عالم ، وليس له مكان ينتمي له ، لقد نسيت حتى معنى الانتماء"
مالت طرف شفتاها بحزن وهي تهمس بنبرة باهتة
"ومتى سيستقر هذا الطائر ؟"
اخرج من صدره انفاس طويلة وهو يقول بعدم حياة
"من يعلم !"
قبضت بأصابعها على مقبض المظلة التي ما تزال تحميهما من زخات الامطار وقسوة الحياة ، لتهمس بعدها بابتسامة عازمة وكأنها تحضر مكيدة
"اتمنى ان تستقر عندي حينها سأجعلك اسيري"
ادار نظراته لها وهو يقول بتساؤل
"هل قلتِ شيئاً ؟"
حركت كاميليا رأسها بسرعة وهي تهمس بابتسامة بريئة
"كلا لم اقل"
ارتسمت ابتسامة على محياه خرجت هذه المرة من صميم قلبه وكم سعدت بأنه ابتسم لها اخيرا واعطاها انتباهه ، ليوقظها صوت بوق السيارة التي وقفت قريبا منهما ، نقلت نظراتها بسرعة نحوه وهي تمد المظلة له قائلة بقوة
"امسك بها"
امسك بمقبضها ولم يعي بأن يده لامست يدها الصغيرة ألا عندما سحبتها بسرعة وهي تفتح حقيبتها كي تخرج هاتفها منها ، ليراقبها بحيرة وهي تفتح هاتفها ثم مدته نحوه قائلة بأمر
"اكتب لي رقمك ، فقد اضعت رقمك القديم"
رفع حاجبيه بدهشة وهو يقول بغباء
"ماذا ؟"
شدت على الهاتف وهي تقول بإصرار
"هيا بسرعة"
امسك بالهاتف بصمت وهو يديره نحوه ثم ضغط على الازرار وكتب الرقم ، لتسحبه بعدها بلمح البصر قبل ان يتكلم وهي تلوح بكفها الاخرى قائلة ببساطة
"شكرا لك ، رافقتك السلامة"
نظر لها بصدمة وهي تغادر من امامه ركضا وما سرق نظره وانساه الهاتف هو منظرها وهي ترفع حقيبتها لفوق شعرها تحميها من زخات المطر التي بدأت تهاجمها بشراسة حتى وصلت لباب السيارة ، لتلتفت نحوه مجددا وهي تلوح بيدها عاليا وتضحك بمرح وكأنها طفلة تلهو تحت المطر وخاصة مع شعرها الذي تبلل بعضه والتصقت خصلاته حول وجهها !
افاق من شروده ما ان انطلقت السيارة بعيدا عنه تشق طريقها بالأمطار ، ليرفع نظره يحدق بالمظلة وهو يكتشف وجودها معه الآن ثم قال بخفوت بائس
"وماذا عن المظلة ؟"
حدق بمكان رحيل السيارة وهو يقول بعدم تصديق
"اخذت الرقم وتركت المظلة ، هل هذه مقايضة ؟"
رفع كفه لشعره وهو يتخلل خصلاته بأصابعه قائلا ببرود
"هي تملك رقمي ، إذا ارادت استعادتها تخبرني بذلك"
تنهد بخواء وهو يخفض كفه على جانبه ثم عاد ليتأمل المظلة بيده وابتسامتها لا تفارق ذهنه تمحي كل اثر للحزن بقلبه ، ليقول بعدها بخفوت ممتن
"شكرا لكِ يا فتاة المظلة ، لقد انقذتني"

يتبع....


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-06-24, 03:43 AM   #548

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 843
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

حركت السكين فوق حبة البطاطا وهي تستعد قبل ان تبدأ بقطعها بحذر تفصل بين كل قطعة واخرى ثم تضعها بداخل القدر المغلي ، راقبتها الواقفة بجانبها بالمطبخ وهي تقول بابتسامة حنونة
"لقد اصبحتِ تجيدين فنون الطبخ ، احسنتِ يا ابنتي المثابرة ، بارك الله بكِ"
ابتسمت بحياء وهي تحرك القدر بالملعقة هامسة بابتسامة رقيقة
"الفضل يعود لكِ يا عمتي وداد ، فأنتِ معلمة ماهرة بالطبخ"
ضحكت بمرح وهي تتابع عملها بعجن فطيرة الزعتر كي تخبزها بالفرن هامسة بعطف
"لقد اعتدت جدا على عملي لدرجة اصبح من السهل جدا صنع الطعام بدون النظر للمكونات فقط على الاحساس"
مالت طرف ابتسامتها وهي تقطع هذه المرة الجزر وتسكبه بالقدر هامسة بهدوء
"اتمنى ان اصل لمرحلتك عندها لن يصعب عليّ تطبيق اي وصفة طعام ، وسأطهو الكثير من المأكولات لكل من احبهم واعبر عن مشاعري لهم"
تغضنت طرف ابتسامتها وهي تلتفت نحوها قائلة بمكر
"اتمنى ان تصل مشاعرك التي وضعتها بالطعام لقلب إلياس ويلين قليلا عليكِ"
توردت وجنتيها بحياء وهو ما جعل اصابعها ترتجف بإمساكها للسكين وكأنها كشفت اعمق اسرارها ، لتفيق على صوت فوران الحساء بالقدر وهي ترمي السكين وتمسك بالملعقة لتحركه بثبات وتحافظ على تركيزها الذي كاد يتشتت قبل قليل ، وهي تدرك نباهة عمتها ومعرفتها بكل ما يدور بعلاقتهما بدون ان يخفى عنها شيء واكثر ما يخيفها ان تدرك خطأها وفعلتها اتجاه إلياس !
تابعت عملها وهي تضيف الملح للحساء وتتذوقه بأطراف اصابعها تتأكد من نكهته ، وما ان مرت لحظات حتى اطفئت الموقد تحت الحساء وهي تهمس بنشوة
"لقد اصبح جاهزا يا عمتي"
مدت رأسها وهي تشتم رائحته ثم مدت الملعقة وهي تأخذ رشفة صغيرة ، لتنتظرها لورين بترقب حتى رفعت اصبعيها السبابة والوسطى هامسة بسرور
"لذيذ جدا ، حتى اصبح ألذ من حسائي"
تهللت اساريرها بسعادة حتى لمعت الزمردتين بعينيها الكبيرتين بتوهج ، لينخطف لونهما بسرعة ما ان سمعت صوت عند باب المطبخ يسرق فرحتهما
"انا مغادر للعمل يا عمتي ، إذا احتجتِ لأي شيء كلميني على الهاتف"
قالت وداد بسرعة بجدية
"لماذا كل هذه العجلة يا سيد إلياس ؟"
ردّ عليها ببساطة وهو يتأمل ساعته حول معصمه بدون النظر لأي منهما
"لدي اليوم صفقة مهمة مع شركائي ، وهناك اجتماع عمل سيعقدونه بالشركة لذا يجب ان اسرع بالخروج"
كسى الضباب محياها وماتت اللهفة بقلبها وهي تخفض نظرها بحزن عميق كسر الأمل الذي ما كاد يخرج للحياة ، لتقول وداد من فورها بأسلوب صارم
"على الأقل تناول الفطور قبل مغادرتك ، فليس من الصحة خروجك للعمل بمعدة فارغة"
ادار وجهه وهو يقول ببرود قبل مغادرته
"فيما بعد يا عمتي"
شدت قبضتيها على مئزر المطبخ وهي تشعر بقلبها يتقطع لأشلاء بعد بروده الذي قتل كل عمل الصباح ، ليجذبها صوت وداد وهي تقول بحسرة
"آه يا لخيبة الأمل ! لقد ذهب كل عملنا هباءً ! لماذا هو عنيد لهذه الدرجة ؟"
رفعت لورين نظرها نحوها وهي تتأمل تغضن جانب خدها هامسة بعتاب
"انه يفوت وجبة الفطور منذ ايام ، إذا استمر هكذا سيؤذي نفسيته قبل جسده فهو لا يعلم مضرة كل هذا عليه ، عديم الاحساس والمسؤولية ذاك الولد !"
عبست ملامحها لحظات قبل ان تركض باتجاه باب المطبخ وهي تخلع المئزر بثواني وترميه على الكرسي ، لتستمر بالركض بالبهو الواسع للمنزل وهي تلمحه بنهاية طريقها عند المدخل ، لتصرخ بقوة وهي تركض بأقصى سرعة
"انتظر يا إلياس"
اجبر نفسه على التوقف بسبب نداء سارع بنبضات قلبه نبهه بالتوقف وليس بسبب سماع اسمه ، لتقف بعدها خلفه على بعد متر واحد وما ان تقدمت خطوتين حتى ابتعد خطوتين واسعتين وكأنه يحذرها من مضرة الاقتراب ، لتتسمر بمكانها بلحظة وهي تأخذ انفاسها بلهاث والشيء الوحيد الذي يقطع الصمت بينهما بالمكان الخالي والمظلم...
ابتلعت لورين ريقها وهي تدس خصلاتها خلف اذنها هامسة بحزن
"لا تغادر ارجوك"
تجمدت تعابير ملامحه بدون ان تستطيع رؤيتها بسبب ادارة جسده لها ، ليقول بعدها بجمود صخري
"اخبرتكم لدي عمل مهم ، لذلك مضطر للذهاب إليه...."
قاطعته لورين بسرعة بدون ان تستمع لأعذاره والتي حتى لم يستطع توجيهها لها مباشرة
"لا تستطيع الذهاب بدون تناول وجبة الفطور ، انها مهمة جدا كي تستطيع ان تعمل بنشاط ، ارجوك لا تغادر بدونها"
ساد الصمت بينهما لحظات لم تعد اصواتهما تسمع حتى بددها إلياس قائلا بنفس نبرته الباردة
"لقد قلت بأني سأتناول فيما بعد"
عبست ملامحها وهي تقول بشجاعة بدون ان تستسلم
"انا سأتركك تتناول فطورك وحدك وسأصعد لغرفتي ، لن ازعجك مطلقا"
لم ترى الخطين المتساويين بجبينه وشده لقبضته على جانبه يستجمع نفسه بصعوبة ويقمع رغباته ، ليرفع رأسه بقوة وهو يقول بجموح ألجمها
"لوريين"
نظرت له بتأهب وهي تحبس انفاسها بصمت وكأنها تنتظر حكمها الذي سيحدد مصيرها ، ليفاجئها بعدها ما ان قال بصوت خفت بلحظة
"اعتني بنفسكِ"
اتسعت حدقتاها الخضراوان بدموع برزت بهما وهي تشاهده يسير بسرعة باتجاه الباب ويخرج منه بلحظة يصفقه بقوة ، لتتنفس بعدها بارتعاش ما ان شعرت بشح بالهواء وهي تخفض نظرها ببؤس وخصلاتها تنسدل على جانبيها ، ثم همست بخفوت محبط
"لقد فشلت !"
_________________________
دخلت للغرفة بغضب وهي تدوس بقدميها بقوة وتقول بسخط
"هي لن تفهمني ، ولا احد سيفهمني منهم ، لا احد سيفهم"
توقفت ما ان شعرت بقدمها تدوس على شيء لتخفض نظرها وتلمح طرف بطاقة بيضاء ، وما ان ابعدت قدمها حتى ظهرت البطاقة كاملة وهي تبدو على شكل معين مثل عصفور او شيء مشابه !
رفعت رأسها وهي تقول بغضب منفعل
"لابد بأنها من افعال ذلك الطفل ، كم مرة اخبرته ألا يترك اغراضه بغرفتي ! ولكني وكأني اكلم نفسي"
تنفست بضيق وهي تخفض نظرها لحظات قبل ان تجثو على ركبتيها وتمسكها بيدها ، لترفعها بعدها امام نظراتها الحائرة وهي تقول بوجوم
"ولكن ما هذا الشيء الغريب ؟"
تأملته لبرهة بتركيز قبل ان تفك اطرافه المطوية بأصابعها البيضاء ذات الاظافر المطلية بلون قرمزي لامع ، لتعود لحجمها الاصلي وهي تحدق ببطاقة رسمية مزخرفة تبدو لحفلة زفاف او خطبة !....
اتسعت حدقتاها الزرقاوان وهي تنهض عن الارض ما ان تعرفت على البطاقة بين يديها من اسم العروسين المكتوبين برأس الصفحة بخط مزخرف وكأن هذه الحقيقة لا تريد تركها وشأنها !
ارتمت يدها على جانبها بالبطاقة وهي تشرد بالفراغ ثواني ، قبل لن تتحرك مثل السهم خارج الغرفة وهدفها مكان واحد وهي تتجه للغرفة الاقرب إليها هامسة من بين اسنانها بفحيح
"انس !"
اقتحمت الغرفة بقوة وهي تصرخ باسم واحد
"انس"
انتفض الطفل الجالس بوسط ألعابه وهو يحدق بوالدته بعينين زرقاوين كبيرتين ، لتتجه نحوه بهجوم وهو ما جعله يتراجع للخلف بذعر فطري ولكن ليس كثيرا فقد كانت تمسك بذراعه بلمح البصر تسحبه بقوة حتى نهض وانتشلته من بين ألعابه ، لتنحني امامه بلحظة وهي تلوح بالبطاقة بيدها الاخرى قائلة بحدة
"ماذا تفعل هذه بغرفتي ؟"
ابتلع ريقه بخوف وهو ينقل نظره للبطاقة بيدها قبل ان يهمس بخفوت طفولي
"انا آسف"
كررت السؤال مجددا بدون ان تسمع اعتذاره وهي لا ترى امامها من الغضب
"سألتك ماذا تفعل بغرفتي ؟ تكلم ! اجب على السؤال !"
ارتجفت شفتاه الصغيرتان وهو يهمس بكلمات متقطعة
"نسيت...نسيتها...سقطت مني...بالخطأ"
شدت على ذراعه النحيلة بأصابعها القاسية وهي تقرب البطاقة المجعدة امامه قائلة بانفعال
"ومن الذي صنعها بهذا الشكل ؟ من الذي صنعها ؟"
اخفض نظره بسرعة بدون النطق بكلمة وكأنه يخاف من عاقبة الكلام ، لتهز ذراعه اكثر وهي تقول بتهديد
"انس !"
ردّ عليها بسرعة بخفوت باكي
"أليف"
صرخت بصوت اعلى عندما لم تفهم كلمته
"ماذا قلت ؟"
ارتعش جسده دفعة واحدة وهو يقول ببكاء اعلى
"زوجة عمو حذيف"
نحتت ملامحها من الصدمة وهي تترك ذراعه وتسقط كفها الاخرى بالبطاقة قبل ان تقول بخفوت مريب
"هل تكلمت معها ؟"
رفع رأسه وهو يمسح خديه بكفه هامسا ببراءة
"نعم تكلمت معها وجلست بجانبها ، وهي من صنعت لي هذا الطائر من البطاقة وقالت بأنها خدعة سحرية"
رفعت حاجبيها ببطء وهي تقول بهدوء غريب
"حقا ! يبدو بأنك قد احببت زوجة عمك كثيرا !"
اومأ برأسه وهو يفرد كفه بالهواء قائلا بعفوية
"نعم كثيرا فهي تشبه الملائكة بالسماء ، ولطيفة جدا معي ، وجميلة...."
وكأنه ضغط على الزناد بالمسدس فقد كانت بلحظة تقبض على شعره الكثيف بأصابعها وتصرخ باستنكار
"لطيفة ! تقول بأنها لطيفة ! هل تعلم ماذا سأفعل بك الآن بعد كلامك الجريء ؟"
تأوه بألم وهو يمسك بقبضتها ويصرخ ببكاء
"امي ارجوكِ ، امي اتركي...اتركيني !"
هزت جسده من شعره الذي تكاد تقتلع خصلاته وهي تصرخ بغضب لم تعد تستطيع كبحه وجاء كي تنفسه عليه
"إذا سمعتك تمدحها مجددا سأقتلك بيداي ! لا اريد سماع اسمها ولا شيء يخصها ، لا اريد ان تذكر اسم تلك القروية امامي !"
خرج صوت انين بكائه وهو يذرف الدموع ويرتجف مثل الورقة بمهب الريح ، لتصرخ مجددا بغضب تتابع نفث نيرانها التي احرقتها حية
"إياك ان تقترب منها ، لن تقترب من تلك الفلاحة مجددا ، لن تقترب منها وألا عاقبتك بشدة وحرمتك من العيش !"
كان يشهق ببكاء وهو يتلوى ويصرخ بقوة
"امي ، امي اتركيني ، جدتي ، جدتييي"
دخلت شهيرة بسرعة وهي تشاهد بهما بصدمة قبل ان تجتاز جمودها وتتجه نحوهما ، وما ان وصلت لهما حتى ابعدت ابنتها عن حفيدها واخذته نحوها بينما انس اختبئ خلفها وهو يحتضن ثوبها يخفي بكائه بها ، لتلوح بعدها بذراعها جانبا وهي تقول بعنف
"هل جننتِ يا معقدة نفسية ؟ ما هذا الاسلوب بالمعاملة ؟ هل هكذا الأم تعامل ابنها ؟"
استقامت على قدميها امامها وهي تشد قبضتها على البطاقة قائلة بقسوة
"ليس من حقكِ التدخل بأسلوب معاملتي لابني ، انا افعل ما يحلو لي بابني ، حتى لو قتلته امامك الآن !"
رفعت حاجبيها بصدمة وهي ترى كل هذا الغضب منها اتجاه ابنها لأول مرة ! لتتمالك نفسها بسرعة وهي تنفض ذراعها قائلة باستهزاء
"هل الآن اصبح ابنك ؟ ألم تتخلي عنه قبل قليل ! ألم تقرري نقل حضانته لوالده كي تتحرري منه ! ماذا حدث الآن ؟"
عضت على طرف شفتيها بغضب وهي تشير بكفها نحوه قائلة بعصبية
"هو قد اخطئ كثيرا ، لذا يستحق العقاب"
ردت عليها شهيرة وهي تضع كفها خلفها تحميه بشراسة
"بماذا اخطأ ؟ قولي !"
حدقت بها لحظات قبل ان يخمد الغضب بعينيها وهي ترمي كفها بالهواء قائلة ببساطة
"انسي ذلك ، فلن تفهميني مجددا"
راقبتها بصدمة اكبر وهي تمزق البطاقة بيديها تقطعها مئة قطعة وتتركها تتساقط ارضا ! لتستدير بعيدا عنهما بلحظة وهي تنطلق باتجاه الباب باندفاع تضرب جانبه بالجدار !
تنفست بيأس وهي تقول بأسى
"يارب صبرني على تصرفاتها"
اخفضت نظرها للطفل الذي خرج من خلفها وهو يحدق ببقايا البطاقة الممزقة ، ليجثو بعدها على ركبتيه وهو يجمع القصاصات بيديه ويذرف الدموع بألم ، لتبدد شهيرة الصمت وهي تقول بجدية
"انس ماذا فعلت حتى غضبت والدتك ؟ بماذا اخطأت ؟"
التفت نحوها وهو يهمس ببحة بكاء
"لا اعرف"
صرخت من فورها بغضب
"انس لا تكذب ، وقل لي الحقيقة"
شهق بارتجاف وهو يخفض نظره ثم همس بخفوت متبرم
"هي غضبت لأني قلت عن أليف ، أليف ملاك ، أليف لطيفة ، أليف جميلة"
عقدت حاجبيها بتفكير وهي تقول بهدوء
"هل تقصد زوجة حذيفة ؟"
ردّ عليها بخفوت يكاد لا يسمع
"نعم"
تجمدت تقاسيمها لبرهة وقد عرفت سر كل هذا الغضب الذي خرج على ابنها ، قبل ان تشير بكفها للقصاصات بين يديه الصغيرتين قائلة بجدية
"وما هذه البطاقة ؟"
رفع رأسه وهو يقول بخفوت مستاء
"هذه بطاقة صنعتها لي أليف على شكل طائر ، ولكن امي لم تعجبها ودمرتها لي"
تنهدت ببؤس وهي تمسك خصرها بيدها قائلة باتزان
"لا تكترث لكل ما فعلته امك فهي تمر بنفسية سيئة جدا وتغضب على اتفه الأمور ، لذا اتركها لوحدها وستهدئ من تلقاء نفسها"
حدق بها لحظات قبل ان ينهض عن الارض ويقف امامها وهو يضم قصاصات البطاقة بين كفيه ثم قال بخفوت غامض
"اريد منكِ طلب يا جدتي"
انحنت نحوه وهي تقول بابتسامة جادة
"اطلب مني ما تريد يا حفيدي"
قال انس بخفوت متردد
"اريد ان تأخذيني لمنزل عمو حذيف وأليف"
غامت ملامحها وهي تستقيم بلحظة قائلة بجمود
"هذا طلب مستحيل"
ردّ عليها بسرعة برجاء شديد
"ارجوكِ يا جدتي ، ارجوكِ خديني لهناك ، خديني لهما ، اريد الذهاب ، اريد الذهاب"
رفعت اصبعها بوجهه وهي تقول بصرامة
"قلت لك مستحيل ، ألم ترى غضب والدتك ! هل ستعاند اكثر ؟"
تبرمت شفتيه بعبوس قبل ان يرمي القصاصات ارضا ويقول بتذمر طفولي
"انتم اناس سيئون ، لا اريد رؤيتكم ، ولا الكلام معكم ، سأذهب واطلب من جدي ان يأخذني"
عند آخر جملة من كلامه كانت تجثو امامه بسرعة وهي تمسك بكتفيه قائلة بجدية
"إياك ان تفعل ، لا تذهب لجدك بهذا الوقت ، فهو ليس بمزاج جيد لمقابلتك"
استاءت ملامحه الطفولية وهو يخفض نظراته ارضا ، لتتنهد بعدها بتعب وهي تقول على مضض
"حسنا سآخذك لهما قريبا جدا ، ما رأيك ؟"
رفع رأسه بأمل وهو يهمس بلهفة
"حقا !"
اومأت برأسها وهي تمسح على جانب وجهه هامسة بحنان نادرا ما يظهر عليها
"بالتأكيد سأفعل ، فأنا كم حفيد املك بالعائلة ! لذا لا يهون عليّ احزان صغيري"
اتسعت ابتسامته بسعادة غامرة قبل ان يحتضنها بقوة يلف ذراعيه حول عنقها ويهتف بفرح
"شكرا لكِ يا جدتي ، انتِ الأفضل"
ربتت على ظهره بكفها وهي تغصب نفسها على الابتسام بوسط كل الظروف الصعبة كي تنسي حفيدها افعال والدته المجنونة...
_________________________
فتحت صنبور الماء وهي تضع يدها وترشقه على وجهها بدون ان يغسل الحزن الموجود بقلبها تجدد اليوم وكأنه لم يغادر قط ، وبدون ان يعيد لها نشاطها وحيويتها بالصباح قضى عليهما ببضعة كلمات وغادر ، وكأنها باتت دمية بلا روح بعثرها الحزن بطريقة لم يفعلها بها قبلا !
تنفست بقوة تستعيد اتزانها وهي تغلق صنبور الماء ما ان هدرت الكثير على وجهها بلا فائدة ، تمسكت اصابعها بطرفي الحوض وهي تناظر صورتها بالمرآة هامسة لها بقوة
"تماسكي يا لورين فهي ليست نهاية العالم ، يمكنكِ المحاولة غدا وبعد غد ، بالتأكيد سيرضى بالنهاية فهو لا يتحمل رؤيتي اتعذب"
نزعت المنشفة من العلاقة وبدأت بمسح وجهها بها بصمت ، وما ان اخفضتها حتى تأملت صورتها بالمرآة لبرهة قبل ان تهمس بخفوت
"من الجيد بأنني تحكمت بنفسي ولم ابكي خلفه ، كي لا تشك عمتي بأمري اكثر ، وايضا...."
زمت شفتيها بعبوس وهي تراقب تغضن حدقتيها الخضراوين رغم انهما بلونهما الطبيعي بدون احمرار ولكنها تستطيع رؤية التعاسة بهما ، لتهمس بعدها بخفوت خاوي
"وايضا كي لا تحمر عيناي مجددا ويظهر التغيير بهما"
حركت لورين رأسها بقوة تصفي ذهنها بعيدا عن كل هذه الضغوطات ، لتعيد بعدها المنشفة لمكانها وهي تأخذ انفاسها بصبر ما تزال تتحلى به رغم كل المحبطات ، تحاملت على نفسها وهي تقود قدميها خارج الحمام بسرعة .
رفعت كفها بلحظة ما ان اعماها الضوء القوي القادم من الشرفة المفتوحة والستائر تطير باتجاه الداخل ، لتنظر من بين اصابعها الصغيرة وهي تهمس بحيرة
"لا اذكر بأنها كانت مفتوحة !...."
تخشب جسدها مثل الجليد ما ان جاءها شعور بوجود دخيل بالمكان تستطيع سماع انفاسه على بعد امتار ، لتخفض كفها بسرعة وهي ترفع نظراتها لا شعوريا باتجاه الجسد الذي ظهر قريب من الشرفة يقف امامها تماما ، تنفست براحة تخللت بأجزاء جسدها وقد ظنته كائن غريب اقتحم غرفتها وتسلل لها خلسة ، وإذ به شخص تعرفه جيدا ومصدر امانها والذي سكن قلبها بدون دعوة !...
همست بعدها بخفوت رقيق تبدد الصمت بينهما
"متى عدت ؟ لقد ظننتك لن تعود حتى وقت متأخر ! كيف عدت بسرعة ؟"
زمت شفتيها بارتجاف وهي تضم يديها هامسة بهدوء
"ماذا حدث لصفقتك ؟ كيف سارت الامور ؟"
عندما لم تسمع رد منه قررت الاقتراب خطوة قبل ان تشل حركتها ما ان لفت انتباهها لون شعره على الشمس ، فقد كان شعره اسود حالك وما تعرفه بأن شعر إلياس لونه كستنائي غامق يعكس اشعة الشمس عليه بينما الشعر الذي تحدق به الآن لونه اسود لا يعكس سوى الظلمة فقط !...
تسارعت انفاسها بخوف وقد انقبض قلبها بداخل صدرها وهي تهمس بخفوت متوجس
"من تكون ؟"
رفع رأسه بأول إشارة على تحركه قبل ان يستدير نصف دورة نحوها سرقت كل انتباهها واوقفت الحياة امامها ، وما ان استقر بوقوفه وهو يفرد ذراعيه حتى قال بكل ثقة
"ألن ترحبي بالضيف يا لورين !"
انخطف لونها وتوقفت عن الحراك وهو يتابع بنظره بالأرجاء قبل ان يتوقف عليها ويقول بثقة
"هل هذه غرفتك ؟"
لم تتحرك ايضا وهي تعيش صدمة منعتها من التعبير او النطق وعقلها يحاول بكل جهده نفي وجوده والخروج من كابوسها والأسوأ من بين كل كوابيسها ! بينما هو يراقبها بحرية من شعرها حتى اخمص قدميها يشبع نفسه برؤيتها بدون حجاب يخفيها عنه وكأنه دخل الجنة للتو...وما جعلها تتأهب بقوة خارج اسوار صدمتها مرأى يده وهي تمسك بكأس الماء والتي تحوي على زهرة جورية حمراء تخص إلياس...ليرفعها عاليا بالهواء وهو يحدق بها بتعابير غريبة جامدة ونية الشر تلمع بعيناه وبابتسامته الشرسة !
وما ان وصلها الاستيعاب وما ينوي فعله حتى صرخت من فورها بلا وعي
"كلاااا..."
افلت الكأس وهي تسقط امام نظرها بالهواء حتى وصلت للأرض وتحطمت لشظايا جرحت قلبها بنزيف ، لتتأمل الزهرة الحمراء التي باتت بلا مأوى مبللة وذابلة وتنعكس اشعة الشمس على بتلاتها ببريق وكأنها دموعها مثلها تماما ، كسرت حاجز الجمود وهي تتحرك ببطء حتى ركضت ورمت نفسها امام الزهرة تحيطها شظايا الزجاج .
اغرورقت عيناها بالدموع بحرارة وكأن آخر ذكرى تملكها منه انكسرت واخلفت بوعدها بالحفاظ عليها ، لتمسك بكفها قطعة زجاج قريبة منها وهي تعصرها بقبضتها حتى سال منها خط من الدماء ، وما اعاد ذهنها للحاضر هو صوته الذي باتت تشمئز منه بعد ان كان يخيفها وهو يقول بقوة
"لوريين ، لوريين ، يا لوري..."
لم يكمل عبارته بسبب التي التفتت نحوه بلمح البصر وهي تغرز قطعة الزجاج بركبته بقوة ، ليصرخ بوحشية وهو يتراجع بسرعة يمسك بطرف طاولة الزينة وساقه بيده الاخرى بينما استغلت لورين الفرصة وهي تلوذ بالفرار خارج الغرفة بدون ان تأبه بألمه كما بالمرة السابقة وقد بات سماعه طرب لقلبها....
ركضت على طول الممر باتجاه السلالم وكفها تخرج هاتفها من جيب كنزتها ، لتقف امام السلالم وهي ترفع هاتفها بارتجاف وتضغط بأصابع مرتجفة تتصل بأول رقم خطر ببالها وتذكره عقلها ، نزلت السلالم بسرعة وهي تضع هاتفها على اذنها وتستمع لطنين المكالمة مثل ناقوس الخطر ! وما ان سمعت صوت باب غرفتها حتى لفت رأسها وتعرقلت بنهاية الدرج وهي تكمله تدحرجا بجسدها حتى آخر درجة !
تأوهت بألم وهي تنهض بصعوبة تشعر بالكدمات بكل جسدها وبوجود ندبة بجبينها وما ان تحسست مكانها حتى رأت بقع الدم على اصابعها ، لم تنتظر حتى تستعيد تركيزها وهي تلتقط هاتفها الذي سقط عند وقوعها وتهب واقفة رغم كل الألم الذي اصابها ، لتجري بسرعة باتجاه البهو الواسع وهي تصرخ بهلع
"عمتي ، عمتي انقذيني...."
توقفت بقوة وهي تتذكر فقط بأنها غادرت منذ الصباح من اجل التسوق للمنزل واخبرتها بذلك قبل خروجها ! لتتلاحق انفاسها بوجل وهي تتراجع خطوات للوراء تسير بضياع حتى ايقظها صوته بالأعلى وهو يقول بثقة تردد صداه بأنحاء المنزل
"هل هذه اصول الضيافة عندكِ ؟ انتِ جاحدة جدا !"
تجمدت بمكانها وكل جزء بجسدها يرتعش بخوف وتقلص وكأنها لحظات قبل الموت ! ليصدمها كلامه بعدها وهو يقول بمكر
"لا تبحثي عن احد ، فلا يوجد احد غيرنا بالمنزل"
شخصت عيناها بصدمة وهي تركز بكلامه والذي يعني بأنه يعرف الموجود بالمنزل وخارجه وبأنها وحدها الآن ! لتلتفت نحوه ببطء وتراقبه وهو يقف عند حاجز الطابق الأعلى يتأملها بصمت مستريح وكأنه مالك المنزل ، ثم همست بخفوت غير مصدق
"كيف فعلت ؟!"
صمت لبرهة وهو يعيش اللحظة بكل نشوة قبل ان يشير بكفه نحوها قائلا بتملك
"لا شيء يقف امام الحب يا لورين ، ألم تقتنعي بذلك بعد ؟"
سحب كفه وهو يحك لحيته الغير حليقة بإصبعيه قائلا بتوعد
"عندما امسككِ سأقلم اظافركِ الصغيرة التي طالت كثيرا ، واكسر تمردك الجديد كي لا تقللي احترام امامي"
حدقت به بعينين واسعتين مكسوتين بطبقة دموع رقيقة حتى مال بجسده وهو يقول بتملق
"انا افدي هاتين العينين الغجريتين"
اشاحت بوجهها بسرعة قبل ان يصلها صوت خطواته تتحرك والأكيد بأنها تقترب من السلالم ! وبلا شعور كانت قدميها تسبقان جسدها وتهربان بأقصى سرعة باتجاه غرفة المعيشة وصوت خطواته تركض على درجات السلم يكاد يقفز إليها ! وما ان وصلت حتى اختبأت بجانب الاريكة تأخذ انفاسها بلهاث وهي ترفع الهاتف لأذنها وتعيد الاتصال للمرة المئة ، لتبكي بعدها بعذاب وهي تهمس برجاء شديد
"ارجوك رد عليّ ، ارجوك يا إلياس ، ارجوك تعال إلي !"
صدمت ملامحها عندما فصل الخط بوجهها قبل ان تتصل مجددا بعدم استسلام وهي تقول بتخبط باكي
"لا تفصل ! لا تفصل ! انا بحاجتك ، بحاجتك إلياس ، إلياس انقذني...."
انتفض جسدها بذعر ما ان سمعت خطواته تتجه لمكانها وما ان اصبح قريب جدا حتى نهضت عن الارض بقوة واستمرت بالركض ، وكان اسهل شيء ان يدركها وهو يكبل خصرها ويديرها نحوه بلمح البصر ، لتظهر ملامحه الشرسة امام عينيها اللتين تغطيهما غمامة الدموع وهو يهمس بخفوت لاهث وكأنه محموم
"واخيرا انتِ بمتناول يدي ! من سيأخذكِ من يدي الآن ؟"
احمرت ملامحها بانفعال وكفها ترتجف وما هي ألا لحظة حتى كانت تصفعه على وجهه بقوة ، لتظهر علامات الصدمة على وجهها ما ان فقدت السيطرة على نفسها لأول مرة وتجرأت على صفعه ! وما ان استعاد تركيزه وهو يحرك عضلة خده بضيق حتى كان يصفعها على خدها بقوة اكبر اسقطتها على الطاولة الصغيرة التي لم تستطع اسنادها وسقطت معها...لتتحطم القطعة الخزفية فوقها وتتحول لأجزاء صغيرة بالأرجاء .
استندت بيديها على الارض وهي تجلس بصعوبة تشعر بسخونة تلسع خدها الأيمن ، لتسمع صوته وهو يقول باضطراب منفعل
"آسف ، آسف يا حبيبتي ، انتِ حقا تفقدين الرجل صوابه ! لقد عجزت معكِ كثيرا !"
لوت عنقها بألم وهي تضغط عليها بأصابعها قبل ان تتجمد بتحنط ما ان سمعت خطواته تقترب وهو يقول بقلق
"هل انتِ بخير ؟"
سارعت بالنهوض باندفاع وهي تلوذ بالفرار مجددا تدفعها غريزة البقاء ، ليركض بسرعة خلفها ويدوران حول الارائك بالصالون مثل لعبة الصياد والفريسة ، حتى صعدت بلا تفكير اريكة رباعية وقفزت فوق ظهرها وانتهت بالسقوط ارضا ! بينما لم تنجح مع حمزة فما ان قفز حتى صدم رأسه بحافة الاريكة وهو يرتمي جالسا فوقها يتحسس رأسه بألم ويشتم بقوة
"تبا ! سحقا لها !"
استجمع قوته بثواني وهو يرفع جسده ويطل برأسه فوق الاريكة قبل ان يصدم باختفائها ! ليجول بنظره بسرعة يبحث عنها حتى ابصرها وهي تزحف بجسدها العاجز تكافح لآخر نفس ! ليقفز بعدها من فوق الاريكة بسهولة ويتجه نحوها بخطوات واسعة بدون اي تسرع يستمتع بمشاهدة مقاومتها الاخيرة ومحاربتها...
وما ان وقف قريب منها حتى قال ببساطة ساخرة
"هل اساعدكِ ؟"
تسارعت انفاسها وهي تزيد من حركة جسدها بدون ان تستطيع ان تسرع اكثر وقد استنزفت كل قوتها بهذه الحرب ، لينحني بعدها على جذعه ويمسك بقدمها الصغيرة بيده يقيدها بأصابعه قائلا بخبث
"هل تستطيعين الهروب الآن ؟"
غرست اسنانها بطرف شفتيها وهي تكتم انين بكائها قبل ان تباغته بركلة بقدمها على ساقه اوجعته بقوة ، لينقض عليها وهو يجثو بقربها ويمسك كتفيها ليديرها بقسوة حتى اصبح وجهها مقابل وجهه وانفاسها تخرج بقوة تطير خصلاتها الطويلة للأعلى...
قرب نفسه منها وهو يرفع حاجبيه السوداوين قائلا بسطوة
"يكفيكِ مقاومة ، يكفي ، لقد انتهى"
ابتلعت دموعها المتحجرة بحلقها وهي تحدق به بقلة حيلة حتى قال بابتسامة شبه ثعبانية
"هذه المرة امسكت بكِ"

نهاية الفصل يا حبايبي واعذروني عن اي تقصير بحقكم بانتظار آرائكم
♥️


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-06-24, 12:35 PM   #549

al gameel rasha

? العضوٌ??? » 424155
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 282
?  نُقآطِيْ » al gameel rasha is on a distinguished road
افتراضي

يا لهههههههههههههههههههههههه هههههههههههوى
المنيل الياس فييييييييييييييييييييين

روز علي likes this.

al gameel rasha غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-06-24, 12:49 PM   #550

مريم احمدو

? العضوٌ??? » 470557
?  التسِجيلٌ » Apr 2020
? مشَارَ?اتْي » 224
?  نُقآطِيْ » مريم احمدو is on a distinguished road
افتراضي

وااااااو القفلة دماااار ....متحمسة الف للفصل الجاي ابدعتي❤
روز علي likes this.

مريم احمدو غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:04 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.