آخر 10 مشاركات
كدمات الروح .. لـ رشا (الكاتـب : رشا الخياليه - )           »          مصاصو الدماء فى الإسلام (الكاتـب : الحكم لله - )           »          شيءٌ من الرحيل و بعضٌ من الحنين (الكاتـب : ظِل السحاب - )           »          لماذا الجفاء - آن ميثر ** (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          حَــربْ معَ الــرّاء ! (1) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة حـــ"ر"ــــب (الكاتـب : moshtaqa - )           »          167 - دون أن تدري - روزميري كارتر - ع.ق (الكاتـب : pink moon - )           »          أرملة أخيه-قلوب زائرة(ج1 سلسلة حكايات سريه) للكاتبة : عبير محمد قائد*كاملة&الروابط* (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          ورد -قلوب زائرة - للكاتبة المبدعة *عبير قائد*بيرو* مميزة &مكتملة* (الكاتـب : Just Faith - )           »          إبتسامة خلف القضبان - آزو كاوود*كاملة* (الكاتـب : عنووود - )           »          البحث عن الجذور ـ ريبيكا ستراتون ** (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

Like Tree1460Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-05-24, 02:21 AM   #471

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 843
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي


كانت جالسة على طرف السرير وهي تحدق بالهاتف بصمت قبل ان تسمع طرق على باب غرفتها ، تجاهلته بالبداية بقصد حتى ازداد الطرق اكثر بشكل لا يحتمل لتصرخ من فورها بجموح
"ماذا ؟!"
دخلت الخادمة بتوتر وهي تقول بخفوت مهذب
"اعتذر على إزعاجك يا سيدتي ، ولكنني....."
قاطعتها بصوت نافذ الصبر
"اختصري"
قالت الخادمة بسرعة بامتثال
"السيد هارون جاء إليكِ ، وهو ينتظرك الآن بغرفة الجلوس ، واخبرني ان ابلغكِ بقدومه"
عقدت حاجبيها بجمود وهي تنهض عن الفراش وتلتفت نحوها هامسة باستغراب
"واين هي امي ؟ ألم تذهب لاستقباله !"
حركت رأسها بالنفي وهي تقول باحترام
"السيدة الكبيرة غير موجودة فقد خرجت من المنزل منذ ساعتين ، ولم تعد للآن"
رفعت حاجبيها بصدمة وهي تقول باستهجان
"اين ذهبت ؟ هل هذا وقت خروجها من المنزل ؟"
ارتبكت ملامحها وهي تهمس بخفوت
"لا اعرف ، لم تخبر احد عن وجهتها"
اطبقت على اسنانها بضيق وهي تشيح بنظرها بعيدا هامسة بغيظ
"هل فعلت هذا بتعمد ؟ احضرته لي للمنزل بعدها غادرت وذهبت ! ما هو هدفها من هذه الحركة ؟"
قالت الخادمة بخفوت متوتر
"ماذا افعل يا سيدتي ؟ هل اترك زوجك لوحده ؟"
نظرت لها بسرعة خاطفة وهي تصرخ بصوت حاد
"لا تفعلي شيء ، غادري من امامي ، اغربي عن وجهي"
غادرت بسرعة من امامها وهي تراقبها بصمت ، لتنفض شعرها خلف كتفها وهي تهمس بغضب
"ماذا افعل الآن ؟ كيف اتخلص منه ؟"
تخللت شعرها بأصابعها بعنف وهي تدور حول نفسها قبل ان تتوقف قائلة بتفكير
"او ربما تكون فرصتي الوحيدة بالتخلص منه ، نعم لن افوت تلك الفرصة ، سأستغلها جيدا واحلها من جذورها"
اخفضت كفها بقوة وهي تتجه لباب الغرفة قبل ان تنزع سترتها الجينز من الشماعة وترتديها على عجل ، نزلت السلالم بثواني وهي تجتاز البهو الواسع وتصل لغرفة الجلوس ، ما ان دخلت لها حتى توقفت بتجمد وهي تشاهد الرجل المتأنق وهو يحمل ابنها ويرفعه عاليا والأخير يطلق ضحكات طفولية صاخبة ، ولأول مرة تستطيع رؤية الشبه الكبير بينهما بتقاطيع الملامح والابتسامة العريضة والشعر الاسود الناعم الغزير ! فقط الاختلاف لون العينان المميز التي ورثهما منها والسبب بجعل الجميع يشبه الطفل لأمه وليس لأبيه !
نفضت رأسها بسرعة وهي تكتف ذراعيها وتتجه نحوهما عدة خطوات ، وما ان لمحها الرجل حتى اخفض الطفل من فوره وهو يحمله بين ذراعيه يحتضن جسده الصغير الذي يهتز من شدة الضحك ، ليقول بعدها بابتسامة جادة ارتسمت فوق لحيته المحددة
"كيف حالكِ يا سلسبيل ؟ تبدين بصحة جيدة !"
تنفست بقوة وهي تناظر الطفل الضاحك بحضنه وكأنه يستفزها حتى قالت بصرامة
"اوقف الضحك يا انس"
خفت صوت ضحكه وهو يتعلق بسرعة بعنق والده يتشبث به ، لينزله بعدها ارضا بهدوء وهو يمسك كتفيه الصغيرتين ويقول بهدوء متزن
"اذهب والعب بعيدا حتى انهي الحديث مع والدتك ، بعدها انادي عليك ، حسنا !"
نقل نظره بينه وبين والدته الساكنة قبل ان يومئ برأسه قائلا بطاعة
"حاضر"
غادر بعدها من امامه يجري خارج الغرفة ، ليستقيم بعدها على طوله وهو يدس يديه بجيبي بنطاله قائلا بنبرة واثقة
"لم تجيبِ على سؤالي ، كيف حالك يا زوجتي ؟"
رفعت نظراتها تتأمله عن كثب ربما للمرة الأولى بعد افتراقها عنه ، كان رجل واضح الثراء والغنى عليه من ملابسه الباهظة وتسريحة شعره وهو يرتدي بذلة سوداء حالكة مع ربطة عنق ذهبية ، وسلسال ساعته الذهبية يتدلى من جيب سترته ومنديل قطن ابيض بالجيب الآخر ، ويشد خصلاته للخلف بجل لامع يبقيها منتظمة مدة طويلة ، بينما ملامحه هادئة جدا بها تقاطيع بسيطة لا تتسم بأي انفعال وليست شديدة الوسامة ، وعيناه سوداوان صغيرتان لا تحملان اي مشاعر محددة بل باردتان مثل الجليد ، وليس هناك اي ميزات مهمة تجذب الفتيات إليه بل سبب وقوعهن بحبه هو ماله الكثير ورتبته العالية بالمجتمع وامام مدراء الاعمال الأكبر منه بعد ان حقق إنجازات كبيرة بهذا العمر الصغير ! ولا تستطيع إنكار بأنه السبب الأول الذي جعلها توافق عليه وتطمع بثورته ، فكل ما كان يهمها بتلك الحياة هو الثراء والعيش مرفهة ونهب كل شيء تحلم به بدون اي تعب او مشقة ، ولم تعلم بأن يكون ثمنه بالمقابل التخلي عن قلبها ومشاعرها وكرامتها ! فقد اصبح هذا الرجل المثالي متاح لكل الفتيات بالعالم ! وليس لها وحدها ! وما اصبحت تطمع به وتتمناه ان يكون رجلها مرخص لها وحدها بدون ان يشاركها احد عليه...وفي لها لدرجة ألا ينظر لفتاة غيرها ولا تغريه اجمل نساء الأرض ، وللأسف بأنها قد اكتشفت ذلك متأخرا جدا....
رسمت ابتسامة لبقة على محياها وهي تهمس بخفوت
"الحمد لله بخير ، وانت !"
مد كفه نحوها وهو ينحني قليلا ويقول بجاذبية اتقنها من حكم عمله بين الطبقات الغنية
"بأفضل صحة يا حبيبتي ، سعيد برؤيتكِ مجددا"
نظرت لكفه ثواني قبل ان تمدها مجبرة وتصافحه ، ليرفعها بعدها ويقبل ظاهرها بهدوء قائلا برقي
"جميلة كالعادة ، جمال لا ينقص من قدرك شيء !"
سحبت كفها بصمت وهي تشير بكفها الاخرى على الاريكة قائلة برسمية
"تفضل بالجلوس ، فقد تعبت حتما من الوقوف"
اومأ برأسه وهو يقول بنبرة عميقة
"شكرا لكِ يا حبيبتي ، كلك ذوق"
نقلت عيناها الزرقاوان بعيدا وهو يجلس على الاريكة القريبة منه ، ليجول بنظره حوله بتفكير وهو يقول بجدية
"اين هي حماتي الغالية ؟"
ابتسمت بسخرية وهي تقول بخفوت جامد
"خرجت من المنزل قبل مجيئك"
عقد حاجبيه باستغراب وهو يقول بتساؤل
"واين ذهبت ؟"
ردت عليه سلسبيل بانفعال حانق
"لا اعلم"
بقيت ابتسامته كما هي وهو يتنحنح ويقول بثقة
"حسنا تعالي واجلسي يا حبيبتي ، كي لا تتعب قدميكِ من الوقوف"
اغمضت عينيها بضيق قبل ان تفتحهما وتلتفت نحوه قائلة بقسوة
"توقف عن مناداتي حبيبتي ، هذه تناديها لبائعات الهوى وليس لي"
غامت ملامحه بجمود واسودت عيناه اكثر وهو يناظرها بصمت ، ليستند بمرفقيه على ركبتيه وهو يقول بهدوء جاد
"هل يمكنني الكلام معكِ ؟"
اومأت برأسها بصمت وهي تتقدم امامه وتجلس على الاريكة المقابلة له ، لتضع ساق فوق الارض باستعلاء وهي تقول بتكبر
"تكلم ، عن ماذا تريد الكلام معي ؟"
تنفس بهدوء وهو يسلط نظراته نحوها قائلا بغموض
لماذا لم تجيبِ على اتصالاتي ؟""
ابتلعت سلسبيل ريقها بثبات وهي تهمس ببرود
"كنت مشغولة"
قطب جبينه بحيرة وهو يقول بجدية
"بماذا كنتِ مشغولة ؟ ومع من كنتِ تتحدثين طول تلك الساعات التي كان يظهر بها مشغول !"
حدقت به بجمود وهي تقول بضيق
"هل انتهيت من التحقيق ؟"
رد عليها (هارون) بصوت صارم
"سلسبيل !"
اشاحت بوجهها بعيدا وهي تقول بقوة
"هذا لا يعنيك"
قست ملامحه بلحظة وهو يقول بتصلب
"سلسبيل نحن نتكلم بجدية ، توقفي عن استخدام هذا التعنت والاسلوب المتمرد معي"
تنفست بجموح وهي تحرك كفها قائلة بجفاء
"إذا كنت مهتم جدا لماذا لم تسأل حماتك العزيزة ! فهي تخبرك بكل شيء يخصني ولا يوجد اسرار بينكما تخفيها عنك"
تنهد بغضب وهو يقول بخفوت يائس
"حقا لن تتغيري مطلقا !"
اعادت نظراتها نحوه وهي تقول ببأس شديد
"هل ستتكلم معي بموضوعك ؟ ام انهض من مكاني واغادر"
استقام بجلوسه وهو يضم قبضتيه فوق ركبتيه قبل ان يقول بهدوء خفيض
"تعلمين جيدا بأنني كنت برحلة عمل امضيت بها فترة طويلة خارج البلد ، كانت من اجل صفقة مهمة ونجحت بها ، واليوم حتى استطعت العودة للبلد وإيجاد وقت فارغ لكما ببرنامج العمل الطويل"
ارتفعت طرف ابتسامتها وهي تهمس بسخرية
"نعم رحلة عملك ، كيف كانت رحلتك مع النساء ؟ كم فتاة اوقعت بحبك ! اقصد بحب اموالك !"
نظر لها بجمود وهو يقول بغضب مكتوم
"انا لم انهي كلامي بعد ، لو تتركيني اكمل كلامي اولاً سأكون مسروراً"
رفعت حاجبيها السوداوين بخفة وهي تمد كفها قائلة ببساطة
"عذرا منك ، هيا تفضل ، اكمل حديثك الشيق عن إنجازاتك واعمالك ، انا استمع إليك"
تنحنح هارون بقوة وكأنه يستعد للحديث بمؤتمر وهو يقول بصوت جاد
"لقد فكرت طويلا بتلك الفترة التي انعزلت بها ، فكرت بحياتي المستقبلية واهدافي ، مستقبلنا ، ومستقبل طفلنا الوحيد ، خططت وقررت وحسمت امري ، ورأيت بأن افضل حل هو عودتنا عائلة واحدة متماسكة ، فكرت بأنني لا استطيع العيش بدونكما ، وكلنا نحتاج لبعضنا ، ابننا بحاجة لنا ، وانا بحاجة لكما ، لذا من اجل بناء حياة سعيدة ومستقرة لابننا علينا بالتخلي عن مبادئنا والتنازل قليلا والقبول بالعيش معا ، إذا لم يكن من اجل انفسنا على الأقل من اجله هو ! فهذا هو قدرنا بالنهاية ، وانتِ هي قدري المكتوب عليّ !"
بقيت تراقبه بملامح باردة لحظات حتى قالت بابتسامة قاسية
"كم استغرقت من الوقت بالتفكير بهذا الخطاب ؟ يبدو بأنك قد تعبت كثيرا بالتجهيز له حتى حفظت كلماته عن ظهر قلب ! فأنت لا تحفظ خطاباتك جيدا وتحفظ فقط ما يهمك ويفيد مصالحك الخاصة !"
قلب عينيه بضيق وهو يقول بنفاذ صبر
"سلسبيل رجاءً ، لا تجعلي غضبك مني يدمر كل شيء"
ردت عليه بسرعة بانفعال اكبر
"بل انت رجاءً ، توقف عن كلامك المبتذل تمثيلياتك الرخيصة ! ليس هناك مستقبل يجمعنا معا ، وانا ارفض ان اكون بذلك المستقبل ! لذا مهما حاولت وقلت سيكون جوابي واحد وهو بأنني ارفض العودة إليك وبناء سعادتي معك !"
سحب انفاسه بصبر لبرهة قبل ان يقول بخفوت متزن
"اعلم جيدا سبب غضبكِ مني ، وافهم مشاعرك...."
"تفهمني ! لو كنت تفهمني كما تقول ما كنت اتيت إلي وحاولت اقناعي بأفكارك الفارغة !"
حدق بها بجمود حتى صمتت قبل ان يتابع كلامه قائلا بجدية
"حسنا اعترف بأنني اخطئت كثيرا بحقكِ ، ربما اكثر من مرة اخطأت ولم اتراجع ودمرت الثقة بيننا ، ولكنني ندمت ، ندمت بشدة على كل لحظة قضيتها بعيدا عنكم ! على كل لحظة قضيتها بالانغماس بالإثم والمجون ! انا اريد تعويضكما عن كل شيء ، وبالأخص اريد تعويضك انتِ عن كل تلك السنوات ، اعدك بالتغيير من اجلكِ ، اقسم لكِ بروحي بأنني سأحسن من نفسي وحياتي من اجلكِ ، اقسم لكِ بكل ما املك بأن حالنا سيصبح افضل عن السابق ، فقط عندما تعودين لي وتمنحين علاقتنا فرصة اخرى سترين التغيير الحقيقي الذي سيحدث بحياتنا ! وهذا وعد مني لكِ لن اخلفه مهما حدث وتحت اي ظرف كان !"
اومأت سلسبيل برأسها بطريقة ساخرة وهي تهمس بخفوت متهكم
"كم صلاحية هذا الكلام ؟ يوم او يومين او ثلاث ! اقول هذا الكلام من معرفتي عنكِ ، فمن المستحيل ان يتغير الانسان ببضعة ايام ويصبح شخص آخر ! وخاصة بأنني اعرفك جيدا ، اصبحت اعرفك وافهم تفكيرك القذر ، عندما تضمن بقائي معك وتستغلني تعود لممارسة خياناتك ونزواتك واخفاء حقارتك عني بدون ان اعرف بشيء ، وعندما اكشفك تكرر ما فعلته اليوم وتذهب وعودك ادراج الرياح ! واعتباري وكرامتي آخر ما تفكر بهما ! لقد انكسر كبريائي مرة ، ولن اسمح بانكساره مرة اخرى"
عقد حاجبيه بجمود وهو يتقدم بجلوسه قائلا باقتضاب
"انا لن اتخلى عن ابني"
مالت طرف ابتسامتها بسخرية وهي تتقدم بجلوسها مثله هامسة ببساطة
"ومن قال بأنك ستتخلى عن ابنك ؟ انت ستجتمع معه طول الحياة ، فأنا لا اريده بحياتي بالقدر الذي لا اريدك به ، لذا ابنك لك اشبع منه"
رفع هارون رأسه بصدمة وهو يقول بصوت قاتم
"هل انتِ جادة ؟ هل ستتخلين عن ابنكِ حقا ؟ ألا تشعرين بأي ذرة امومة نحوه حتى تستغنين عنه !"
رفعت ذقنها بثقة وهي تقول بكل قسوة
"بلى انا جادة ، ولا اريد ان يكون بحياتي نسخ عنك او اشياء تملك جيناتك ، اخاف إذا كبر عندي يصبح مثلك تماما ! ولن اتحمل وجود اشخاص منك بحياتي ! لذا انا استغني عنه واسلمه لك"
ضيق حدقتيه بقسوة حتى تجمعت الخطوط حولهما وهو يقول بغموض
"هل هناك شخص آخر بحياتك ؟"
رفعت حاجبيها بارتباك من استنتاجه السريع قبل ان تتمالك نفسها هامسة بترفع
"ما سبب سؤالك ؟"
ردّ عليها هارون من فوره بجزم
"لأنكِ لم تتركي تفكير للإنسان غير هذا ، فكرت كثيرا ولم اعرف ، سبب تصرفاتك العدائية ! تحججك بخيانتي بكل دقيقة وكبريائك ! تخلصك مني ومن ابني ! واضح بأنكِ تخططين لإدخال شخص جديد بحياتك لذلك تحاولين افراغ الساحة له ، تخرجينا جميعا من حياتك بإقصائنا كي يحلو الجو بينكما ، ليس هناك احتمال آخر سوى ما افكر به ، ام لديكِ كلام آخر تقولينه لي !"
عضت على طرف شفتيها بتفكير قبل ان تلوح بذراعها بالهواء قائلة بفجور
"من انت حتى تحاسبني او توجه هذا السؤال لي ؟ لا تنسى بأن كل فتيات الأرض ضيوف شرف بحياتك فلم تترك فتاة لم تدخلها لهذه الحياة الفاجرة ! لذا بأي حق تسألني الآن ؟ ولو كان هناك شخص بحياتي فبالتأكيد لن اعامله مثلما تفعل بدافع الشهوة ونزوة عابرة ! لن اكون مثلك بهذا السياق"
اتسعت حدقتاه بصدمة وهو يستوعب كلامها وسرعان ما نهض بقوة وصرخ باستنكار
"ماذا تقصدين بكلامك ؟ هل هناك احد بحياتك ؟ هل وصلت بكِ الحقارة لهذا الحد....."
قاطعته بثورة وهي تنهض عن الاريكة وتشير بأصبعها عليه
"انتبه جيدا لكلامك ، فأنا لم اصل لحقارتك بعد !"
تنفس هارون بجموح وهو يمسح وجهه بكفيه يحاول تمالك اعصابه وثورته ، لينفض ذراعيه على جانبيه وهو يقول بحدة منفعلة
"إلى اين تريدين الوصول يا سلسبيل ؟"
كتفت ذراعيها فوق صدرها وهي تقول بكبرياء
"اريد الطلاق منك"
زفر انفاسه بهدوء وهو يدس يديه بجيبي بنطاله قائلا بهدوء بارد
"يعني مصرة على الانفصال صحيح ! تريدين التخلص مني بأسرع وقت !"
اعتلت ابتسامتها الحاقدة ملامحها وهي تهمس بتشمت
"نعم صحيح ، متحمسة جدا للانفصال عنك واكثر مما تتصور !"
نحتت ملامحه من جليد وهو يحدق بها بصمت حتى قال بالنهاية بحسم
"حسنا كما تشائين ، غدا سأبدأ بإجراءات الطلاق ، وستصل لكِ ورقة لمنزلك تحدد موعد جلستنا"
ردت عليه سلسبيل بسرعة بابتسامة واثقة
"لا تتأخر بالإجراءات ، اريد الطلاق منك بجلسة واحدة ، لا داعي للإطالة اكثر"
نظر لها بسكون وهو يحرك رأسه قائلا بجفاء
"سأفعل ذلك ، لا تقلقي بهذا الشأن"
التفتت برأسها للخلف وهي تصرخ بأعلى صوتها
"آمنة ، آمنة ، يا آمنة"
دخلت الخادمة بسرعة وهي تقول باحترام
"نعم يا سيدتي"
قالت سلسبيل من فورها بأمر
"احضري انس إلى هنا ، والده يريد اخذه معه"
امتثلت لها وهي تغادر بسرعة وبغضون ثواني كانت تدخل انس للغرفة معها ، وما ان اصبحت امامهما حتى تقدمت بسرعة وسحبت ذراع الطفل منها وهي تسلمها للوالد ثم قالت بقوة
"خذ ابنك ، ها هو اصبح معك"
بادلها النظر بجمود قبل ان يمسك بذراعه ويسحبه قريب منه ، بينما كان الطفل يعانق لعبته بذراع ويمسك والده بذراعه الاخرى ونظره ضائع بينهما ، ليحرك الوالد رأسه بتلبد وهو يقول برسمية
"عن إذنكم الآن ، اوصلي سلامي لعمتي شهيرة"
لوحت بكفها ببرود وهي تقول بتملق
"لا تقلق سأوصل لها ، وداعا"
تنفس بهدوء وهو يخفض نظره ويوجه كلامه للطفل الشارد بالفراغ
"هيا يا صغيري ، لنغادر ، سنذهب لمنزلي"
لم يجيب عليه وهو يحدق بوالدته الساكنة امامه بدون اي تعابير او مشاعر مثل الصرح ، ليشد بعدها على ذراعه الصغيرة يسحبه معه بدون ان يقبل بالتحرك وهو جامد بمكانه ، ليمسح بعدها على شعره الناعم وهو يقول برفق
"هيا يا انس ، لماذا توقفت ؟ علينا ان نغادر ، هيا تحرك"
تبرمت شفتيه الصغيرتين وعينيه لا تفارقين والدته وهو يهمس بحزن
"امي"
اشاحت بنظرها بعيدا وهي تتجاهل سماعه وكأنه غير موجود ، ليقول هارون بخفوت قاسي واصابعه على شعره
"امك ليست معنا ، ولن تكون معنا"
بقيت عيناه الزرقاوان تحدقان بوالدته التي تتعمد تجاهله بقسوة وإجحاف ، ليتنفس بعدها بضيق وهو ينحني على جذعه ويحمل الطفل من تحت ذراعيه عاليا ، ثم غادر باتجاه الباب والطفل ما يزال يراقبها من فوق كتف والده وهو يشد بأصابعه الصغيرة على قماش سترته حتى اختفت صورتهما خلف الباب....
ادارت رأسها باتجاه الباب وهي تتنفس الصعداء وتبتسم بسعادة وليدة وكأنها حرة من جديد بعد خمس سنوات من الحرمان والعذاب وكأنها عصفور اطلق سراحه....
_____________________________
ملامحه حجرية صلبة ونظراته قاسية مجردة من الرحمة وهو جالس فوق كرسي مكتبه ويطرق بالقلم على سطح المكتب ، ليتذكر الكلام الذي جرى قبل بضعة ايام قلب كيانه بأكمله الذي نقلته له مخبرته
(لقد تزوج السيد إلياس الكايد ، واغلب الظن بأنه قد تزوج من ابنة عمه الوحيدة ، فقد جاء ذات مرة مع ابنة عمه للمكتب ومن الممكن ان تكون هي نفسها ، فتاة جميلة ومحجبة ومتحفظة جدا وتلين القلب عند النظر لها ، وقد مر تقريبا اسبوعين واكثر على زواجهما ولكنه لم يأخذ إجازة من العمل سوى يومين وبعدها عاد كما بالسابق ، لم يذهب اي رحلات شهر عسل او سفرات خارج المدينة ، ولكن موضوع زواجهما كان شديد السرية فلم يحضر زفافهما ألا عائلات معينة ومن يثقون بهم ولم ينتشر خبر زفافهما على الإعلام او التلفاز ، وإذا كان قد انتشر فقد وضعوها بأخبار مموهة بدون ذكر الاسامي والتفاصيل ، وانا وباقي العمال بالشركة اكتشفنا ذلك بعد وقت قصير ولم نعرف ذلك ألا من المقربين منهم ! يعني كانوا يخفون علينا نحن ايضا !)
شدد بأصابعه على القلم وهو يطرق بقوة اكبر على سطح المكتب متذكرا كلامها الاخير قبل افتراقهما
(يبدو بأنه قد اصبح يشك بأمري فقد استبدلني اليوم صباحا بسكرتيرة اخرى ، اما يكون بسبب شك انتابه نحوي ، او انه اجراء روتيني يقوم به كل فترة لحماية نفسه وعمله ، المهم بأنني سأتوقف عن عمل المخبرة فقد اصبح الخطر كبير عليّ ، ولكن إذا احتجت لأي مساعدة خارج الشركة فأنا بالخدمة ، يكفي ان تطلب مني وانا جاهزة)
تنفس بغضب مكبوت وقلبه يستعر بنيران وهو يهمس بسخرية
"هل تزوجت بمن تشبه والدتك ؟ محظوظ مثل والدك ، لا يقع بأيديكم سوى ذوات الإيمان والكبرياء العالي والعظمة !"
عبست شفتيه بخطين مستقيمين وهو يشد على القلم اكثر حتى انزلق وطار من يده ، ليسلط نظره على البطاقة الموجودة فوق سطح المكتب وهو يمد يده الاخرى ويرفعها ، ليقلبها بعدها وتظهر الاسماء واضحة عليها والتي تخص كرت زفاف عائلة الكايد ، وهو ما وجده بغرفة ابنته بدرج طاولة الزينة وقد قرر تفتيشها خوفا من ان تكون عرفت سر من اسراره وهو ما سبب عدائيتها نحوه ! فلم يرتح لنظراتها تلك ولا لتصرفاتها الغريبة معه ! وعندما يدخل الشك لقلبه لا يطمئن ولا يرتاح حتى يقطعه باليقين ويدحض شكوكه !
قبض بأصابعه على طرف الكرت وهو يتمتم بجموح
"ما هي اللعبة التي تلعبينها على والدك يا كاميليا ؟ وماذا تعرفين عن هذه العائلة ؟ ماذا تخفين عني يا جزء من ضلعي ؟"
جعد الكرت بقبضته وهو يرميه من فوره بسلة القمامة بجانبه ، ليريح مرفقيه على ذراعي الكرسي وهو يرجع رأسه للمسند ويستغرق بأفكاره السوداء ثم قال بخفوت مستاء
"كنت بالسيدة مُرجان والآن اصبحت بكاميليا !"
ما ان سمع صوت طرقات على بابه حتى انتفض جالسا وهو يقول بأمر
"ادخل"
دخل الرجل بنصف جسده وهو يستأذن منه ليشير له بكفه قائلا بخشونة
"تعال ، لقد اتيت بوقتك"
اكمل دخوله بصمت حتى وقف بجانبه وهو يحني رأسه باحترام ، ليلتفت نحوه بنظراته وهو يشير بأصبعه قائلا بحزم
"هل احضرت لي المعلومات التي طلبتها منك ؟"
اومأ برأسه وهو يرفع نظراته قائلا بعملية
"نعم إلياس عارف الكايد متزوج منذ اسبوعين ونصف ، وهو الآن يعيش بمنزل ورثه عن والديه بوسط العاصمة ، متزوج من لورين الكايد ، منهم يقولون بأنها من اقربائه ، ومنهم يقولون بأنها بلا نسب او هوية وقد اخذت اسم والدها بسبب زواج والدتها منه ، ولا احد لديه الدليل القاطع على كلامه ، فهي قصتها غريبة وغامضة جدا ، وتدور حولها الكثير من القضايا والقصص مثل انها من قبيلة النور...."
قاطعه ظافر وهو يرفع كفه قائلا باستدراك
"انتظر لحظة ، هل قلت من قبيلة النور ؟ هل انت متأكد ؟"
حرك رأسه وهو يقول بوجوم
"كلا لست متأكد"
ضرب بقبضته على سطح المكتب وهو يقول بشراسة
"احمق ! ألا تستطيع جلب المعلومة الصحيحة لي ! هل عليها دائما ان تكون ناقصة او غير مؤكدة ؟"
اخفض رأسه بحرج وهو يقول
"اعتذر منك"
حرك رأسه بقوة وهو يقول بضيق
"هيا تابع ، وماذا هناك ايضا ؟"
تابع الرجل كلامه بصوت متزن
"وايضا زوجته تخون به"
عقد حاجبيه بجمود وهو ينظر له قائلا بصدمة
"ماذا تقول انت ؟"
ردّ عليه بسرعة بتبرير
"لقد شوهدت مع رجل غريب تقابلت معه بالمقهى ، حتى انه تعارك مع رجل آخر بسبب احتكاكه بها والتطاول عليها بالكلام ، واجبره على الركوع ارضا والاعتذار منها وطلب الصفح ، بعدها ذهبت برفقته وسارت معه طول الطريق وجلسا بجانب بعضهما على المقاعد امام العامة ، وتبادلا الحديث بين بعضهما ، وبعد ان انتهيا من الحديث اخذها معه بسيارته ، واضح بأنه اما يكون حبيبها السابق او عشيقها ، ليس هناك احتمال آخر"
شرد بنظراته بتفكير لبرهة قبل ان يقول بابتسامة جادة
"بالتأكيد هناك جوانب اخرى للقصة ، ولكن على كل حال هذه المعلومات تكفينا ، نستطيع استغلال هذه النقطة لصالحنا"
قال الرجل بهدوء خفيض
"وماذا افعل انا ؟"
اتكأ بمرفقه على سطح المكتب وهو يسند ذقنه فوق اصبعيه قائلا بجمود
"تواصل مع ذلك العاشق المجنون واوصله بي ، ولكن بدون ان تخبر احد عن هويتي ، هل كلامي مفهوم ؟"
اومأ برأسه بطاعة قبل ان يقول ظافر بهدوء جاد
"وماذا عن الموضوع الآخر ؟ ماذا عرفت عنه ؟"
استقام بوقوفه وهو يقول بأدب
"لقد كنت محقا ، السيدة كاميليا كانت بحفلة الزفاف بذلك اليوم ، وخرجت من عند بيت صديقتها واوصلها سائقها الخاص بدون علم احد"
سحب انفاسه بقوة وهو يرجع ظهره للخلف هامسا بوجوم
"ماذا تخططين من وراءنا ؟"
رفع كفه نحوه وهو يقول بخفوت صلب
"وماذا ايضا ؟"
ردّ عليه من فوره بامتثال
"لم تلتقي بأحد بعدها ، تخرج من المنزل كي تذهب لمدرستها ، وتعود بالوقت المحدد للمنزل ، فقط تلك المرة...."
قطب جبينه بجمود وهو يلتفت نحوه قائلا بجموح
"ماذا ؟"
تنحنح بارتباك وهو يقول بهدوء متزن
"لا اريد ان اشتبه او اتهمها بشيء ، ولكن بمرة من المرات وهي تنتظر بموقف الحافلات صادفت واحد من ابناء الكايد بنفس المكان ، لم يتحدثا مع بعضهما ولم ينظرا حتى فقط سألها عن موعد وصول الحافلة ، وحين وصلت الحافلة دخلا لها سويا بشكل طبيعي ، هذا كل ما شاهده المخبر الخاص بنا ، واعتقد بأنها مجرد محظ مصادفة لا اكثر"
اعاد نظراته للأمام وهو يحك ذقنه بأصابعه ويقول بتفكير عميق
"هل تعرف شيء يا عمار ؟ انا لا اؤمن بالمصادفة ، ولا بالكلام الذي يحدث على العلن ، اؤمن بشيء واحد وهو بأنه لا يوجد دخان بدون نار"
حدق به بصمت لبرهة قبل ان يقول بطاعة
"وبماذا تؤمرني يا سيد ظافر ؟"
حرك كفه جانبا وهو يقول ببرود
"فقط افعل ما طلبته منك ، وانتظر مني خبر"
اومأ برأسه باحترام وما ان كان سينسحب حتى اوقفه قائلا بنبرة عازمة
"وايضا اريدك ان تجهز فريق من الخبراء من اجل الدخول بمناقصة مع شركة إلياس الكايد ، بما ان ضربه من الخارج لم يجدي نفعا سنضربه من الداخل ، فقد حان الوقت لنعلن إفلاس شركته العظيمة"
اومأ برأسه مجددا وهو يقول بطاعة
"حاضر يا سيد ظافر ، كما تأمر وتقول"
ضم قبضتيه فوق سطح المكتب وهو يقول بهدوء
"إذا رأيت آرثر بطريقك ارسله لي"
احنى رأسه باحترام قبل ان يغادر من امامه باتجاه باب المكتب ، وبعدها بلحظات كان آرثر يدخل للغرفة وهو يسير نحوه بخطوات واثقة حد التكبر وابتسامة غامضة تعتلي محياه ، ليقف بجانبه تماما وهو يحني ساق خلف الاخرى قائلا بلغة انجليزية متملقة
"لقد طلبتني يا سيد ظافر"
التفت بجلوسه نحوه وهو يقول بنبرة صارمة
"اين انت عن كل هذه الاحداث ؟"
رفع حاجب واحد وهو يقول ببساطة
"ماذا فاتني ؟"
اطبق على اسنانه وهو يقول من بينهما بضيق
"لا تتكلم بسخافة ! اتحدث عن حياة كاميليا ، ألا تقوم بمراقبتها ! اين انت عنها ؟"
رفع حاجبه الآخر يتلاقى مع الأول وهو يقول بخفوت متهكم
"هكذا إذاً ، البرنسيسة كاميليا قد افتعلت المشاكل مجددا وانا الذي يلام على ذلك !"
ردّ عليه ظافر بانفعال
"انا اتكلم بجدية"
اخفض نظره وهو يحرك كتفيه باستخفاف قائلا بهدوء
"اراقبها عندما اريد ذلك ، فأنا لست مجبر على نقل تحركاتي لك"
قبض على يده فوق سطح المكتب وهو يقول بجمود
"وهل اكتشفت شيء بمراقبتك لها ؟"
رفع آرثر رأسه وهو يقول ببرود
"انت تشغل مخبر خاص لهذه المهمة ، لماذا لا تسأله ؟"
تنفس ظافر بهدوء وهو يشيح بنظره جانبا ويحك جبينه بإصبعيه ، ليقول بعدها بهدوء جاد
"اريد منك خدمة ، هل تستطيع مساعدتي بها ؟"
ردّ عليه آرثر ببساطة
حسب نوع الخدمة""
ضيق حدقتيه بقوة وتصلب فكه وهو يخفض كفه قائلا بأمر
"اريد منك التكلم معها فأنت الوحيد الذي تثق به ، ويستحيل ان تشك بأمرك ، لذلك اطلب منك ان تستدرجها بالحديث وتدعها تخبرك بكل اسرارها ، احتاج إلى سماع الحقيقة منها"
حدق به بإمعان وهو يقول بوجوم
"ألا تكون هذه خيانة مني لها !"
نظر له بسرعة وهو يقول بتسلط
"ليست خيانة ، فوالدها من يطلب منك ذلك ، وانا اعطيك التصريح بفعل ذلك ، ماذا تريد اكثر ؟"
تلبدت ملامحه وهو يرفع ذقنه قائلا بجمود
"الخيانة تبقى خيانة مهما تبدلت اسبابها ، انت فقط تحاول اقناع نفسك بهذا الكلام"
اغمض عينيه بصبر وهو يقول بغضب
"آرثر !"
دس يديه بجيبي بنطاله وهو يميل على جانبه قائلا بتكبر
"حسنا سأحاول فعل ذلك من اجلك ، ولكن لن اعدك بشيء"
فتح عينيه بقسوة وهو يقول بنقمة
"لا تدعني اندم على قرار جلبك معي من الخارج ، فقد كان بإمكاني التخلي عنك وتركك تحت رحمة الجنرال ، ولكنني جلبتك معي كي تكون بصفي ، هل هذا جزاء إحساني معك ؟"
مالت طرف ابتسامته بسخرية وهو يقول بثقة عالية
"لقد فعلت ذلك كي تكسب ثقة الجنرال ، وايضا انا لا اعمل لصالحك بل اعمل لصالح التحالف البرونزي ، عن إذنك يا سيادة الرئيس"
غامت ملامحه وتجمدت خطوط عيناه وهو يراقبه يدير ظهره له ويغادر بعيدا ، لتلاحقه نظراته حتى اختفى خلف الباب بكل بساطة كما جاء ، ليضرب بقبضته على حافة المكتب وهو يتمتم بحقد مطمور
"تبا لك ولذلك التحالف الحقير ! جميعكم عبدة الشياطين !"

يتبع......


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-05-24, 02:25 AM   #472

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 843
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

دخل للغرفة بصمت وهو يجول بنظره بالمكان الفارغ وقد تركت الاضاءة مشتعلة ، ليعقد حاجبيه باستغراب وهو يغلق الباب خلفه ويبحث عنها بالأرجاء حتى سقطت نظراته على باب الشرفة المفتوحة والستائر الخفيفة تطير للداخل باتجاهه !
اتجه للشرفة بسرعة بلا تفكير قبل ان يمسك بالستائر ويبعدها عن نظره ، لتتضح صورة القزمة الصغيرة الواقفة امام حاجز الشرفة وهي توليه ظهرها ، تميل بجسدها النحيل على الحاجز وهي ترتفع على اطراف اصابع قدميها فتبدو بانحناء الهلال الذي يعتلي السماء الليلية وهو يضيء الظلام من حولها ، كانت ترتدي تنورة بيضاء طويلة تصل اعلى كاحليها وهي ترفرف حولها مثل الستائر مع نسمات الهواء ، وفوقها قميص زهري خريفي مخطط باللونين الاحمر والوردي ، وينسدل شعرها الاسود الليلي على طول ظهرها وهي تجمع بعض خصلاته بمشبك فضي بشكل فراشة رقيقة ، بالرغم من انها ارق من الفراشة ذاتها ! وكأنها نسمة صيفية ببرودة الشتاء !
ترك الستائر وهو يتقدم نحوها بخطوات حذرة ويراقب مسار نظراتها واتجاهها ، ليستقر بجانبها تماما وهو ينظر باتجاه الهلال الصغير بالسماء وحوله تتلألأ النجوم ثم قال بصوت خفيض
ماذا تفعلين هنا ؟""
مرت رجفة على كامل جسدها المنحني وهي تلتفت نحوه بدهشة ، ليقول بعدها بابتسامة طفيفة
ماذا ؟ هل قاطعت خلوتك مع نفسكِ ؟""
زمت شفتيها بارتجاف وهي تدير نظرها امامها هامسة بخفوت
كلا ، كنت شاردة فقط""
تغضنت طرف ابتسامته وهو يقول بجدية
لم تجيبِ على السؤال ، ماذا تفعلين هنا ؟""
تنفست بهدوء وهي تهمس ببساطة
استنشق بعض الهواء""
رفع حاجبيه بخفة وهو يقول بخفوت مستغرب
تستنشقين الهواء بالليل ، وبهذا الجو البارد !""
رفعت رأسها وهي تحدق بالسماء المتلألئة بالنجوم هامسة بقوة
"لا تقلق ، انا لا اشعر بالبرد"
استند بمرفقيه على حاجز الشرفة كما تفعل وهو يقول بجمود
"لن تشعري بالبرد الآن لأن الأعراض ستظهر عليكِ بعدها بدقائق حينها ستؤلمكِ اعضائك ومعدتك ، وستشعرين بالغثيان مجددا"
كورت شفتيها بامتعاض بدون ان تعيره انتباه وهي تعانق الحاجز بمرفقيها ونظرها بالسماء ، ليحيد بنظره نحوها وهو يقول بخفوت اجش
كيف صحتكِ اليوم ؟""
اومأت لورين برأسها وهي تهمس ببرود
بخير""
ضيق حدقتيه الرماديتين وهو يقول بتركيز
وهل تناولتِ الحساء ؟""
ردت مجددا بخفوت مشتد
نعم""
عقد حاجبيه بقوة وهو يقول بتفكير
"وماذا عن الغداء والعشاء ؟...."
قاطعته لورين بخفوت محتد
"نعم ، نعم ، تناولتها كلها ، وحافظت على نفسي ووفيت بوعدي لك"
حدق بها إلياس للحظات قبل ان يقول بهدوء حازم
"قفي باعتدال ، فهذا الانحناء ليس جيد على ظهرك ، ولن يستطيع جسدك التوازن على الحاجز إذا ارتفعتِ عن الارض اكثر"
عبست ملامحها وهي تسحب مرفقيها عن الحاجز وتستوي بوقوفها بصمت ، لتهمس بعدها بخفوت شارد
"ماذا عنيت بكلمة شيري بالرسالة ؟ لقد انتابني الفضول"
اطال النظر عليها حتى التفتت بنظراتها نحوه وتلاقت اعينهما بصمت ، ليدير نظراته بعيدا باتجاه السماء قائلا بابتسامة ذات مغزى
"انها تعني حبيبتي باللغة الفرنسية"
توردت وجنتيها بحمرة طفيفة وهي توجه نظراتها عاليا بدون تعليق ، ليقول بعدها بخفوت عميق
إلى ماذا تنظرين ؟""
اختلست بنظراتها نحوه حتى ضبط عيناها وهو ما جعلها ترفع نظراتها بسرعة هامسة بارتباك
اشاهد النجوم بالسماء ، فهي تكون جميلة جدا بهذا الوقت""
حدق بالسماء مثلها وهو يقول بابتسامة جانبية
هل هي نجمة الشمال ؟""
التفتت لورين نحوه بسرعة وهي تهمس بدهشة
هل ما زلت تذكرها ؟""
ردّ عليها إلياس بخفوت واثق
انا لا انسى""
ابتلعت ريقها بارتباك وهي تعيد عيناها للسماء وتقبض بكفيها على الحاجز ، لتهمس بعدها بخفوت حالم
"داخلي يرتاح ويطمئن عندما اراها ، عندما اكون مستاءة وانظر إليها يدخل بريقها لقلبي ويفرحني ، وكأنها وجهتي الوحيدة بالحياة ، وكأنها إيماني الوحيد بأن كل شيء سيكون بخير !"
غامت ملامحه وحاد بنظراته نحوها وهو يقول بخفوت غامض
من ماذا انتِ مستاءة ؟ من ضايقكِ ؟""
اتسعت حدقتاها الخضراوان بوجل ما ان كشف امرها وهي تخفض رأسها ثم همست بهدوء ظاهري
لا احد ، فقط قلتها تعبير عن الحزن""
دقق النظر عليها بعدم اقتناع وهو يقول بصرامة
هل انتِ متأكدة ؟""
التفتت نحوه بلحظة وهي تهمس بتأكيد
"بلى"
عقد حاجبيه بهدوء وهو يراقب شفتيها المزمومتين بطرف مائل قليلا وخطوط دقيقة حول حدقتيها الهلاليتين الزمرديتين ، ليرفع رأسه بلحظة وهو يقول بجدية
وماذا عن زيارة شهيرة ؟ هل ستخفين عني هذا ايضا ؟""
انفرجت شفتاها بارتجاف وهي تهمس بخفوت
هل اخبرتك وداد ؟""
اطال التحديق بها حتى قال بتسلط
ألن تتكلمي !""
تنهدت بصمت وهي تدير نظراتها امامها وتتلاعب بأصابعها قبل ان تهمس باتزان
"لم تتكلم بشيء مهم ، فقط حديثها المعتاد ، نظراتها المعتادة ، نفس المحاكمة والاتهامات ، لقد سألت عن حالك ، وعاتبتني لأننا لا نقوم بزيارتها ، وبالنهاية اخبرتني ان اوصل سلامها لك ، ليس هناك من جديد"
ادار نظراته جانبا وهو يقول بجفاء
"ولكن لماذا فكرت بزيارتنا الآن بعد مضي كل هذا الوقت على زواجنا ؟"
زمت شفتيها بعبوس وهي تهمس بخواء
"تكلمت عن ميراث المنزل ، وبأنه ليس ملكنا بل هو ملك الجد الذي كان هدية لوالديك ، وقد اصبح الآن للأغراب"
قطب جبينه بجمود وهو يقول بقوة
"هذا المنزل ملك لي ، وهو إرث من والداي"
ابتلعت لورين ريقها بارتعاش وهي تهمس بلا حياة
قصدتني انا بالغريبة""
مالت طرف ابتسامته بعطف وهو يعانقها من كتفيها ويدنو بقربها ثم همس بأذنها بخفوت عميق
كل شيء ملكي هو ملككِ ، اعرفي ذلك جيدا""
ارتجفت انفاسها وهي تومئ برأسها بصمت مهذب ، ليزيح بعدها خصلاتها عن جانبها يدسها خلف اذنها ثم يقبلها على خدها المدور ، ليلامس بشفتيه اذنها الصغيرة وهو يهمس بها بخشونة
مهما قالوا لكِ لا تستمعي سوى بما يخبركِ به زوجك""
احتقن وجهها بالدماء الساخنة وهي تومئ برأسها مجددا ، ليرفع رأسه سنتمترات وهو يراقب السماء فوقهما ويهمس بخفوت مرح
"كيف ترين السماء بطولك هذا ؟ بالكاد استطيع الرؤية جيدا من مكانك !"
رمقته بطرف حدقتيها بضيق قبل ان تنفض ذراعه بعيدا عنها هامسة بقنوط
ما تزال تسخر من طولي ! حقا !""
ضحك بمرح صاخب وهو يضع كفه على صدره ويسند ساعده على الحاجز ، لتعبس ملامحها وهي تكتف ذراعيها فوق صدرها وتراقبه حتى كف عن الضحك ، لتهمس بعدها بخفوت متملق
"بعلمك فقط بأن هناك من كان اقصر مني بمدرستي الثانوية ! يعني لست اقصر فتيات سني"
عض على طرف ابتسامته وهو يحرك كتفيه قائلا بخفوت خبيث
"هؤلاء ليسوا من بنو البشر بل اقزام"
عقدت حاجبيها السوداوين بحدة وعبست ملامحها حتى اصبحت اشبه للقطط الغاضبة ، لتدير نظرها للأمام وهي تهمس بخفوت مستاء
توقف عن التنمر على خلق الله""
استند بمرفقه الآخر على الحاجز وهو يقول بابتسامة جذابة
"انتِ هي اجمل خلق الله ، من انا حتى اتنمر ؟"
اخفت ابتسامتها بأسنانها وهي تحرك رأسها بعدم اهتمام ، لتلمح سقوط شهاب على طول نظرها مر بسرعة خاطفة حتى قفزت من فورها بحماس وهي تشير عاليا هامسة بسعادة
شهاب ! سقط شهاب ! هل رأيت ؟""
رفع نظره عاليا وهو يحدق بالسماء حتى سقطت نجمة اخرى وهي تشكل خط افقي بالسماء ، ليرسم ابتسامة مائلة على محياه وهو يقول بجدية
ألن تتمني امنية !""
اخفضت كفها وهي تهمس بخفوت مرير
وهل تصدق هذه الخرافات ؟""
مال برأسه نحوها وهو يقول بهدوء غريب
"هل تعرفين كيف تنزلق النجوم ؟"
نظرت له باستفهام وهي تهمس ببلاهة
ما هذا ؟""
تغضنت طرف ابتسامته وهو يقول بصوت مرتخي ساحر
"يوجد كتاب عند الله ، كتاب مكتوب فيه مصير كل المخلوقات يعني قدرهم ، يعني اللوح المحفوظ ، تعرفين القدر مربوط بالسعي لهذا السبب لا تنتهي كتابة هذا الكتاب ابدا ، يعني يكتب قدرنا باستمرار ، هناك مخلوقات سيئة تريد ان تعرف المكتوب في هذا الكتاب وتريد جلب خبر من المستقبل ، تحاول سرقة المعلومات التي في اللوح المحفوظ ، ولكن توجد ملائكة تحمي ذلك الكتاب ، ترجم تلك المخلوقات السيئة وتبعدها"
كانت تنصت له بإذعان شديد وكأنها بوسط محاضرة دينية حتى توقف للحظات ، ليتابع بعدها كلامه وهو يرفع كفه يشير للنجوم بالفضاء
"الشيء الذي نراه كونه انزلاق نجمة على حياة عيننا ، في الواقع هو هذه الحادثة التي تعاش في العالم المعنوي ، لهذا السبب عندما يشهد المرء هذه اللحظة من المهم ان يتمنى امنية ، في الواقع هو الرغبة بأن يكتب الله قدراً جميلاً في كتابه ، يعني نوع من الدعاء"
فغرت فاها الصغير بدهشة وهي مستمرة بمراقبته بتركيز منبهر ، حتى التفت نحوها بنظراته وهو يراقب حالتها الساكنة بارتياب ليقول بخفوت مستاء
"يبدو بأنني قد جعلتك تسأمين ، هل كلامي ممل لهذه الدرجة ؟"
حركت لورين رأسها بالنفي بسرعة وهي تهمس بابتسامة رقيقة
كلا ، لقد كنت مستمتعة جدا بسماع كلامك""
اومأ إلياس برأسه بهدوء وهو يقول بامتنان
يسعدني ذلك""
زمت شفتيها وهي تهمس من بينهما بلطف
"لديك حصيلة معلومات واسعة وزاخرة ، لقد انبهرت كثيرا ، من اين عرفت كل هذا ؟"
نقل نظره امامه وهو يقول بابتسامة باردة
"يمكنكِ القول بأنني احب القراءة ، فقد ثقفت نفسي بكل انواع العلم ، فأنا لم اسافر لكل هذه البلدان عبثا فقد سافرت بالكتب ايضا ! ولم اتخلى يوما عن ثقافة اجدادي وديانتي الحقيقية التي كانت دائما مغروسة بقلبي ووجداني ، لم انسى يوما سبب وجودي بهذه الحياة"
ارتسمت ابتسامة رقيقة على محياها وهي تهمس بتعجب
لقد فاجأتني ! لم اتوقع ذلك منك !""
تغضن جبينه وهو يحيد بنظراته نحوها ويقول بخفوت مستاء
"سامحكِ الله ، هل هذه نظرتكِ نحوي ؟ هل تظنين بأن كل شخص عاش حياته بالخارج اصبح ملحد وماجن ؟ انا لم اكن من هذا النوع ، حتى كنت بالغربة عندما اشعر بالفراغ والملل الشديد ألجئ لقراءة الكتب وازيد معلوماتي بالحياة حتى ختمت كل الكتب بمكاتب اغلب المدن التي زرتها ، انا لست كاهن ولا استاذ بالدين بل مثقف يحب القراءة !"
ادارت نظراتها وهي تضم ذراعيها امام الحاجز هامسة بحرج
"اعتذر منك فقد ظننتك حقا ذاك الشخص"
زفر إلياس انفاسه بوجوم وهو يشيح بنظراته جانبا قائلا بتهكم
"لقد خاب ظني بكِ ، خاب كثيرا !"
وضعت قبضتيها على خديها بصمت وهي تتنهد بحزن ، ليقول إلياس بعدها بهدوء جاد
"إذاً ألن تتمني امنية بعد كل هذا الكلام ؟ لقد تعبت كثيرا وانا اقنعكِ ، ألم يجلب اي نتيجة ؟"
شردت بنظراتها بحزن وهي تهمس بلا حياة
حتى لو تمنيت لن تتحقق""
راقبها بإمعان شديد وهو يهمس بخفوت عميق
"ماذا لو تحققت ؟ لن تعرفي ذلك حتى تجربي ! وايضا إذا تمنيتِ شيء من اعماق قلبك وبصدق متأكد بأنه سيتحقق"
اخفضت قبضتيها وهي تنظر له بأمل ثم همست ببراءة
هل فعلا تتحقق ؟""
مالت زاويتا حدقتاه بعطف وقد لامست قلبه حد الصميم ، ليقول بعدها بخفوت مؤكد
"اعدكِ بأنها ستتحقق"
رفعت نظرها للسماء وهي ترفع يديها امام صدرها وتغمض عينيها بصمت ، ليتأملها بهذه الاثناء وهي تتمنى بكل هذه القوة والرغبة وكأنها تتوسل وليست تتمنى ! وما ان انتهت حتى فتحت عينيها وابتسمت للسماء بسعادة خالصة بعد ان عبرت عن ما بداخلها ومكنون قلبها !
تنحنح إلياس بعدها بتحشرج وهو يقول بجدية
ماذا تمنيتِ ؟""
نظرت له بسرعة وهي تخفض يديها هامسة بوجوم
هذه امنية سرية بيني وبين الله ، إذا اخبرتك ربما لن تتحقق""
عبست ملامحه بلحظة وهو يقول بتسلط
"انا الذي اقنعتكِ بفكرة التمني ، لذا استحق ان اعرف ما هي الامنية ، وايضا لن تخبريها للعالم اجمع بل لي فقط !"
تنهدت بهدوء وهي تخفض نظرها هامسة بحذر
سأخبرك ، ولكنك ستعدني اولاً بأنك لن تغضب""
عقد حاجبيه بجمود وهو يبتعد عن الحاجز قائلا باقتضاب
قولي يا لورين""
رفعت حدقتيها الواسعتين وهي تهمس بخفوت حزين
"لقد تمنيت ان اقابل اشقائي مجددا ، وزوجة شقيقي ، فقد اشتقت إليهم كثيرا"
غامت ملامحه بلون ضبابي وهو يقبض على يديه بقوة حتى ابيضت مفاصلهما ، ليشيح بنظره بعيدا وهو يهمس بصوت اجوف
هذه كانت امنيتكِ إذاً !""
اومأت لورين برأسها بصمت لبرهة قبل ان تبتعد عن الحاجز وهي تبدد الصمت هامسة بخفوت
"لقد شعرت بالنعاس فجأة ، سأذهب للنوم الآن ، تصبح على خير"
اومأ إلياس برأسه بهدوء متلبد وهي تناظره بصمت حتى اجاب بالنهاية ببرود
وانتِ من اهله""
ابتسمت برقة وهي تنسحب من امامه وتدخل من باب الشرفة ، بينما بقي الآخر ساكن بمكانه وهو يدخل كفه بسترته حيث مكان قلبه النابض ويهمس للسماء بأمنية صادقة
"اما انا فأتمنى ان تحبيني بقدر حبكِ لأشقائك ، يارب حقق لي امنيني فهي مناي الوحيد !"
_____________________________
طرق على باب غرفة المكتب ثلاث مرات قبل ان يفتحه بهدوء ويراقب الجالس خلف المكتب مشغول بالكتابة ، ليطرق على الباب مجددا بقوة اكبر حتى ارتفع نظره نحوه ليقول برسمية
"هل تأذن لي ؟"
اومأ برأسه وهو يخفض نظره ويتابع الكتابة قائلا بقوة
"ادخل"
دخل بالفعل وهو يتجه لمكتبه مباشرة قبل ان يقف مقابله ويحدق به ، ليقول بعدها بخفوت جاد
"هل اقاطع عملك إذا اخذت القليل من وقتك ؟"
حرك رأسه وهو يشير على الكرسي بالقلم بيده قائلا بجدية
"تفضل اجلس"
اومأ برأسه وهو يجلس على الاريكة ويضم قبضتيه امامه ثم قال بخفوت مرتبك
"اريد التكلم معك بموضوع خاص ، بالأصح يخص حياتي الشخصية"
وجه نظره نحوه وهو يضع القلم جانبا ليقول بعدها بتعجب
"خير إن شاء الله !"
ردّ عليه حذيفة من فوره باندفاع
"خير ، موضوع به خير"
حدق به للحظات قبل ان يقول بابتسامة عميقة
"لقد بدأت تتكلم مثل شقيقتك ! نفس التلبك والحديث الغير مفهوم !"
ادار نظراته نحوه وهو يقول بضيق
"انا اتكلم معك بموضوع جاد ، وانت انظر اين تفكر !"
خلع نظارته من فوق عينيه وهو يتركها فوق الورقة بجانب القلم ، لينهض بعدها عن الكرسي ويدور حول المكتب بلحظات حتى وصل امامه وجلس على الاريكة ، ثم اسند مرفقيه على ذراعي الاريكة وهو يقول بصوت هادئ
"تفضل يا سيد حذيفة ، ما هو موضوعك ؟"
تنقل بنظره بينه وبين المكتب وهو يقول بجدية
يبدو بأنك كنت مشغول""
تغضنت طرف ابتسامته وهو يقول ببساطة
"وهل كنت بحياتي غير مشغول ؟"
حرك كتفيه وهو يقول بابتسامة باردة
"انت دائما مشغول منذ كنتُ بالرابعة عشر من عمري وانا اراك على ذلك المكتب والكرسي"
اخفض رأسه وهو يتنهد بعمق قبل ان يقول بوجوم
"هذا ما يحدث عندما يموت والدك مبكرا ، تجبر نفسك على النضوج وتحمل كل شيء بسن مبكرة"
بهتت ابتسامته وهو يقول بخفوت
"نعم افهم ذلك"
رفع سفيان رأسه وهو يشير له بيده قائلا بتذمر
"ماذا تعرف انت ؟ لقد قضيت نصف عمرك خارج البلد تعيش بكنف خالتك ، لم تعش معنا سوى بعد وفاة والدنا حينها قررت العودة للسكن بيننا من جديد ! كنت عنيد جدا ، لم تقبل بالسكن بنفس المنزل والمكان الذي توفيت به والدتنا ، اتهمتنا بالإهمال والقسوة والظلم بسبب عدم اعتنائنا بوالدتنا بفترة مرضها ، وبعد زواج والدك قاطعتنا نهائيا وكأننا اصبحنا اعدائك ! وكأننا من سانده وشجعه على زواجه ! كنت قاسي جدا بأحكامك علينا !"
غامت ملامحه بسكون وهو يحرك كتفيه قائلا بخواء
"نعم هذا ما حدث ، وبكل الأحوال فقد اصبح ماضي ورحل ، وكل شخص يأخذ نصيبه من الدنيا"
تقدم بجلوسه وهو يضم قبضتيه قائلا بنبرة فولاذية
"ولكنك ابهرتني بالنهاية ، فعلت ما قلت بأنك لن تفعله ، تقبلت الحياة بمنزلنا ، ووجود شقيقتك الجديدة ، وعودتك فرد من عائلتنا يعمل وينتج مثلنا ، وعفوت عن روحك من ظلمك لها ، فهذه الحياة لن تتوقف على احد وعليها ان تستمر"
عبست ملامحه وهو يقول بنفاذ صبر
"هلا توقفت عن الحديث عن ماضيي وتكلمنا عن مستقبلي !"
استقام بظهره وهو يرجعه للخلف ليفرد كفه قائلا بوقار
"تفضل ، ما هو موضوعك الشخصي ؟"
تصلب فكه وهو يشد على قبضتيه قائلا بهدوء متزن
"تعرف جيدا بأنني بكل قرار اتخذه اعود إليك ، لم اتخذ قرار بحياتي لم استعن بك اولاً ، بكل تفصيل صغير وكبير يخص حياتي العملية والشخصية هذا لأنك اكثر خبرة مني ، وايضا اكبر سنا ومرتبة ، وانا احترم كثيرا المراتب وسنوات العمر لأنه مهما كانت حالة ومرتبة الشخص لا نستطيع الاستغناء عن حكمة وموعظة وبركة كبار السن ! فهمّ الذين يرشدونا للطريق الصحيح والمسلك الآمن عندما نخطئ او نضيع ، وهمّ الذين يحرصون على حمايتنا من جميع اخطار واذى العالم ، ولكني هذه المرة فقد اتخذت قرار بدون الرجوع إليك لأول مرة بحياتي ، ولا اعرف إذا كنت قد تسرعت او تهورت باتخاذه !"
اومأ برأسه بإنصات وهو يرفع اصبعيه ويسند ذقنه عليهما قائلا بجدية
"وما هو هذا القرار الذي اضطررت لاتخاذه بهذه السرعة بدون مشورة احد ؟ هل هو امر خاص بالعمل ؟"
رفع نظراته نحوه وهو يقول بنبرة غامضة
"كلا ليس خاص بالعمل ، بل هو يخص حياتي بشكل خاص"
عقد حاجبيه بجمود وهو يقول باستغراب
"ما بها حياتك ؟ هل هناك من جديد ؟"
ارتبكت ملامحه وهو يتنفس عدة مرات قبل ان يقول بخفوت حاسم
"لقد قررت ان اتقدم بحياتي"
اخفض اصبعيه عن ذقنه وهو يقول بصدمة
"هل ستهجرنا ؟"
ردّ عليه حذيفة بسرعة باستنكار
"كلا لن افعل ، لماذا خطرت هذه الافكار المجنونة برأسك ؟ وهل حياتي كلها ستتقدم بهجرانكم ؟ هل انتم السبب بتعطل حياتي ؟"
قطب جبينه بوجوم وهو يقول ببرود
"كلا ليس هذا مقصدي ، ولكن طريقتك بالكلام كانت توحي لي هكذا !"
زفر حذيفة انفاسه بقوة وهو يقول بجدية اكبر
"لقد قررت نسيان الماضي ، وقصدت بالتقدم بحياتي بأنني سأتخطى الماضي واحذو حذوك"
حدق به للحظات يستوعب كلامه قبل ان يتقدم بجلوسه قائلا بهدوء خفيض
"هل هو كما اتوقع ؟"
اومأ برأسه ببطء وهو يقول بتأكيد
"نعم يا شقيقي ، هذا هو الموضوع"
ارجع ظهره للخلف بسرعة وهو يقول بابتسامة شقت ملامحه الصلبة
"هذا خبر مفاجئ ! إذا كان هذا هو خبرك فلماذا لم تقل منذ البداية ؟ لقد اخفتني بلا داعي"
بادله النظر لبرهة وهو يحرك كتفيه ثم قال ببساطة
"الموضوع ليس كما تتصور ، لقد كان مفاجئ لي ايضا ، فقد اتخذته على عجلة"
مالت طرف ابتسامته وهو يقول بثقة
"خير البر عاجله"
اختفت ابتسامته وهو يقول مجددا بهدوء متسلط
"هل انت متأكد من قرارك ؟ لا اريد ان اتأمل بعدها يخيب ظني مجددا ! لن اتحمل خيبات امل"
ردّ عليه حذيفة بثقة
"لا تقلق هذه المرة متأكد تماما ، فقد وعدت الفتاة بالفعل ، ولن استطيع ان اخلف بوعدي"
رفع حاجبيه بدهشة وهو يقول بابتسامة جانبية
"تقول وعدت الفتاة ! يعني الامر حقيقي بالفعل ، كيف استطاعت اختراق اسوارك الجليدية يا ترى ؟"
حدق به ببرود بدون اي تعبير على ملامحه ، ليقول سفيان بسرعة بنبرة جادة
"ومتى سنطلب الفتاة من اهلها ؟"
تنفس بقوة وهو يخفض نظره قائلا بخفوت حازم
"لن نطلبها فهي ظروفها قاسية قليلا ، انا سآخذها بنفسي واحضرها إليك بالغد"
اتسعت حدقتاه بصدمة وهو يقول من فوره باستهجان
"تحضرها غدا ! بهذه السرعة ! ماذا حدث حتى تعجلت هكذا ؟"
تلبدت ملامحه بصفحة جليدية وهو يقول بخفوت واثق
"هذا افضل فكما اخبرتك انها تمر بظروف صعبة وتحتاج إلي ، لذلك رأيت بأن هذا الخيار سيكون هو القرار الصائب لكلينا"
ساد صمت طويل بينهما قبل ان يبدده سفيان وهو يقول باتزان
"وهل عائلتها موافقة ؟"
اومأ حذيفة برأسه وهو يقول بقوة
"نعم"
راقبه بملامح صخرية للحظات قبل ان يقول ببساطة
"حسنا كما تريد ، افعل ما تراه مناسبا لحياتك"
نظر له بسرعة وهو يقول بخفوت متردد
"وما هو رأيك ؟ هل ستدعمني ؟"
اتكأ بمرفقيه على ركبتيه وهو يقول بابتسامة واثقة
"ولماذا لا ادعمك ؟ انت شقيقي الصغير ومن واجب الكبار دعم الاصغر منهم سنا ، انا دائما داعم لك"
قبض على يديه بقوة وهو يقول بجدية
"وهل انت راضي عن هذا الزواج ؟"
تنهد سفيان بهدوء وهو يقول بخفوت عميق
"انا راضي عن زواجك ، ولكن بشرط ألا تورطني بمشاكل العائلات والنساء ولا تدخلني بهذه العراكات ، فإذا كان زواجك منها به مخاطرة ومجازفة انسى امري تماما"
التوت ابتسامته جانبا وهو يقول بمرح
"لن تتورط لا تقلق فأنا لا ادخل بالعراك مع احد ، ولست شخص محب للمشاكل"
اومأ سفيان برأسه وهو يهمس بتهكم
"نعم واضح !"
ادار نظراته جانبا بدون ان يجاري كلامه الأخير ، ليرفع سفيان كفه يلوح بها وهو يقول بخفوت اجش
"إذاً ألن تخبرني شيء عن العروس ؟ من اي اصول هي ؟ واين تقابلتما ؟"
ارجع ظهره للخلف وهو يقول بابتسامة هادئة
"هي من عائلة قروية وتعمل بالحقول ، واما الباقي تعرفه عندما تأتي للمنزل"
حرك رأسه باهتمام وهو يقول بابتسامة ذات مغزى
"هل رأيت ما حدث عندما استمعت إلي ؟ كنت رافض تماما للعمل بتلك القرى وانظر ماذا حدث ، لقد حصلت على إشارتك ووجهتك بالحياة ، ايها الماكر الصغير !"
اشاح بوجهه جانبا وهو يهمس بضيق
"سفيان حقا !"
تنفس بابتسامة طفيفة وهو يقول بنشوة
"لقد اسعدتني كثيرا بهذا الخبر"
اعاد نظراته له وهو يقول بجدية
"لقد قلت بأنك ستدعمني ، ولكنك لم تعطني رأيك ولم تتكلم عن صحة قراري !"
تلبدت ملامحه وهو ينهض عن الاريكة ويستقيم على طوله ، ليدس يديه بجيبي بنطاله قائلا بنبرة جادة
"هذه حياتك الخاصة ليس لدي الحق بالتدخل بها ، من يدخل بها ومن يخرج ، المهم عندي هو اتمام واجباتي نحوك بدور شقيقك وكبيرك ورئيسك بالعمل ، انت ادرى جيدا بمصلحتك"
تعمقت ابتسامته وهو ينهض كذلك امامه ليقول بعدها بخفوت ممتن
"ونحن محظوظون جدا بوجودك بحياتنا يا كبير الكايد"
فرد ذراعيه له وهو يحتضنه بقوة ويضرب على ظهره بقبضته ثم قال باعتزاز
"مبروك زواجك سلفا يا شقيق الدم"
بادله العناق بقوة وهو يقول بابتسامة اكثر عمقا
"شكرا على وقوفك بجانبي"
ابعده عنه بلحظة وهو يمسك كتفيه بقبضتيه قائلا بحماس
"انت فقط احضرها ألي وانا اعدك ان نجهز لك افضل حفلة زفاف للموسم ، حتى ستكون حفلتك كلها دبكة ورقص طول الليل ، ستتحدث عنها الناس من كل طبقات المجتمع لسنوات"
ربت على كتفه بيده وهو يقول بابتسامة بسيطة
"يكفي حفلة عائلية ، لا نريد ضجيج ومفرقعات"
حرك سفيان حاجبيه وهو يسحب يديه عن كتفيه قائلا ببساطة
"انت ادرى فهذه حفلتك وسعادتك انت ، لذا القرار وكل شيء بيدك انت"
لوح بأصبعيه بجانب صدغه وهو يقول بتملق
"لقد فضلت عليّ ، والآن عن إذنك"
غادر بعدها من امامه باتجاه الباب ليقول سفيان من خلفه بقوة
"ولكنني لن اتنازل عن حقي بفقرة رقص بالحفلة ، فليس كل يوم يتجوز حذيفة الكايد !"
حرك رأسه بابتسامة وهو يعض عليها بأسنانه حتى خرج من الباب ، ليتنفس سفيان بهدوء وهو يقول بخفوت عميق
"يارب يسر امر شقيقي ووفقه بحياته القادمة ، واحفظ كل افراد عائلتي من كل سوء ومكروه"
____________________________
كان يتبادل الرسائل على الهاتف بانسجام وهو يرسم ابتسامة متسلية على محياه وكأنه يمارس هواية ممتعة ، وما ان سمع طرق على باب الغرفة حتى خبئ الهاتف بسرعة تحت الغطاء بحجره ، ليسمح للطارق بالدخول وهو يراقب الصينية التي سبقت دخوله ثم ظهور حاملها .
التوت ابتسامته بسخرية وهو يراقبه يتجه نحوه بصينية الطعام قائلا برسمية
"جاء فطورك"
حرك رأسه باتجاهه وهو يقول بخفوت بارد
"سلمت يداك ، اتعبت نفسك بالقدوم"
وصل بجانبه وهو يضع الصينية على المنضدة قائلا بجمود
"حان موعد دوائك"
رفع كفه وهو يربت على صدره قائلا بنفس نبرته المستفزة
"انا بخير ، كيف حالك انت ؟"
كان يبحث بين الاكياس وعلب الادوية وهو يقول بجفاء
"بخير"
رمقه بطرف حدقتيه وهو يقول بابتسامة ذات مغزى
"نعم واضح بأنك بخير اكثر مني فيبدو بأن هذا الدور الجديد قد اعجبك كثيرا ، نادل يحضر وجبات طعامي ، ويهتم بمواعيد ادويتي ، ويضع لمساته بغرفتي وحياتي ، ولكن عليّ ان اعترف بأن لديك إرادة قوية فقد صمدت كل هذه الفترة برعايتي ، يا لك من خادم وفي لأسيادك ! اين سنجد مثل هذه الخدم المخلصة بهذا الوقت ؟"
بقيت ملامحه باردة وهو يخرج شريحة دواء قائلا بخفوت
"انا وفي لوالدك ، ولست وفي لك"
رفع حاجبيه بخفة وهو يشير له بأصبعه قائلا بتملق
"نعم صحيح ، ولكنك الآن اصبحت ملكي انا ، ماذا كانت تسمى ؟ ماذا ؟ نعم الوصيفة الخاصة بالملكات ، انت وصيفتي"
رمقه بطرف حدقتيه بجمود وهو يقبض على علبة الدواء بيده الاخرى ، ليلمح الآخر العلبة بيده وهو يتخلل شعره بأصابعه قائلا بمكر
"كنت امزح معك ، لا تأخذها بجدية هكذا ! حقا لا يليق بك المرح !"
اشاح بنظراته جانبا وهو يرمي العلبة بسلة القمامة بجانبه قائلا بجمود
"لا يوجد مزاح بيننا يا سيد حمزة"
اسند رأسه على خشب السرير وهو يقول ببساطة
"اساسا لن يليق بك صفة وصيفة لأنها خاصة بالنساء فقط ، لو ان والدتي وضعت خادمة جميلة تهتم بأموري لكانت صحتي تحسنت بشكل اسرع وبنتيجة افضل ، ولكن والدتي تعرف جيدا كيف تغيظني وتفسد اجوائي ! مثلا بوضعها خادم رجل فوق رأسي يحرسني ويهتم بأموري الشخصية !"
تنفس كرم بجمود وهو يقول بتلبد
"نعم لسوء الحظ"
ادار نظراته نحوه يتأمل جانب وجهه وهو مشغول بترتيب ادويته ورمي العلب الفارغة ، ليستقيم بجلوسه وهو يقول بهدوء غامض
"اخبرني قليلا عن حياتك الخاصة ، هل هناك احد بحياتك ؟"
نظر له باستغراب وهو يقول بوجوم
"ماذا تقصد ؟"
حرك حمزة كتفيه باستخفاف وهو يقول بجدية
"اقصد شيء جديد طرأ بحياتك ، شخص جديد دخل لحياتك ، او شخص سابق ، او شخص حالي ، صديق ، او قريب ، او حبيب ، ألا يوجد !"
غامت ملامحه بضبابية وهو يشيح بنظره قائلا بتصلب
"لا يوجد"
عقد حاجبيه بتفكير وهو يمسك بالهاتف تحت الغطاء قائلا بوجوم
"كيف لا يوجد ؟...."
"قلت لا يوجد"
قاطعه بجواب حاسم وهو ينشغل هذه المرة بمسح عبوات الادوية بالمنديل المعقم ، ليتنفس حمزة بإحباط وهو يعيد ظهره للخلف هامسا باستياء
"هل تعرف ماذا اكتشفت ؟ نمط حياتك ممل جدا ، وبارد مثل الجليد ، لا يوجد حب او مشاعر ، او حياة ، انت حي ولكنك لست حي ! صدقني هذا الاسلوب لن يجذب الفتيات لك مطلقا بل سيجعلهن ينفرن منك عندما تقابلهن بهذا البرود والقسوة ! الفتيات تريد حضن دافئ ، مشاعر حب سخية ، اهتمام بالغ ، كلمات عاطفية ، وعندما لا تعطيهن اي شيء من هذا يبتعدن عنك ويهجرنك ، نصيحتي لك غير اسلوب حياتك كي لا تفني عمرك وحيدا طول حياتك ، ولكن إذا كنت تريد ان تلعب دور اليتيم المظلوم والضحية فلن استطيع مساعدتك بشيء"
وضع العبوة على المنضدة بقوة وهو يقول بتسلط
"لم اطلب مساعدتك ولا اريد ان تسديني نصائح ، فأنا لا احتاج لمصلح اجتماعي يفتقد للمنطق بحياته الفوضوية ، ولا اتمنى ان تكون حياتي مشابهة لحياتك !"
تغضنت طرف ابتسامته بدون اي انفعال وهو يقول ببرود
"قلت هذا لمصلحتك ، فأنا نادرا ما اراك تبتسم بحياتك ، ودائما تعيس ومحبط وكأننا قتلنا اباك...."
قاطعه كرم بغضب وهو يلتفت نحوه بقوة
"انا سعيد جدا بحياتي ، وسأكون اكثر سعادة إذا توقفت عن مضايقاتك لي ، فأنت هو السبب بهذه التعاسة !"
اعاد نظراته امامه وهو يسكب الماء بالكأس بصمت ، ليقول حمزة بعدها بابتسامة قاسية
"الآن عرفت سبب تخلي والدتك عنك بسبب مزاجك واسلوبك الفظ بالتعامل حتى نفرت الجميع منك ، ولا عجب بأنها لم تسأل عنك طول تلك السنوات...."
التفت نحوه مجددا وهو يستشيط غضبا هامسا بتهديد
"إياك وجلب سيرة والدتي على لسانك !"
حرك كتفيه ببرود وكأنه لم يفعل شيء ، ليمد كرم الدواء بيد وكأس الماء بيده الاخرى قائلا بكبت
"خذ الدواء"
اخذ حبة الدواء منه وابتلعها بلحظة قبل ان يتبعها بكأس الماء ، ليخرج كرم شريحة دواء اخرى وهو يقول بغموض
"يبدو بأن صحتك قد تحسنت كثيرا عن السابق"
حاد بنظراته نحوه وهو يهمس بخفوت باهت
"وهل كنت تنتظر ان اموت واتحلل ؟"
مالت ابتسامته ببرود وهو يمد حبة دواء اخرى قائلا بخفوت عميق
"كلا ، فأنت يستحيل ان تستسلم لليأس او الموت"
عقد حاجبيه بغرابة وهو يأخذ الدواء منه قائلا بارتياب
"ماذا تعني بكلامك ؟"
راقبه وهو يبتلع حبة الدواء قبل ان يشرب الماء الباقي بالكأس ، ليقول بعدها بهدوء جامد
"اين خرجت البارحة ؟"
سعل فجأة بقوة وهو يمسح طرف فمه بظاهر كفه ، ليخفض الكأس بلحظة وهو يقول بصوت قاتم
"يبدو بأنني مُراقب"
ردّ عليه كرم بهدوء خفيض
"بل رأيتك مصادفة وانت تخرج من الفناء الخلفي للمنزل مثل اللصوص"
التفت نحوه بقوة وهو يقول بجمود
"واين رأيتني ؟"
حرك مقلتيه الخضراوين جانبا وهو يقول بعدم اهتمام
"من نافذة المستودع بالطابق الثاني"
اشاح بنظره بلحظة حتى قال مجددا بتفكير
"اين ذهبت بهذه السرية وقبل تعافيك بالكامل ؟"
ردّ عليه حمزة بنزق
"ليس من شأنك ، ولا تتدخل بعملي"
اخذ الكأس بهدوء وهو يعيدها لمكانها قائلا ببرود
"وهل حققت مرادك ؟"
قطب جبينه بجمود وهو يقول بخفوت متوعد
"لم احققه بعد ، ولكنني سأحققه بيوم آخر"
التفت حمزة نحوه بسرعة وهو يقول بجدية
"هل عرف احد بخروجي ؟"
حرك رأسه بهدوء وهو يقول بلا مبالاة
"لا اعتقد ذلك"
تنفس الصعداء قبل ان يلوح بأصبعه نحوه قائلا بتهديد
إياك وان تخبر احد ، سمعتني !""
رمقه بطرف حدقتيه بتصلب وهو يحمل صينية الطعام بين يديه ثم وضعها فوق ساقيه بحرص وقال بأدب
"بالهناء والشفاء"
اخفض اصبعه بصمت بينما التفت كرم نحوه بلحظة وهو يقول بتذكر
"هناك شيء اود سؤالك عنه"
رفع حاجبيه بخفة وهو يقول ببساطة
"نعم ، ما هو ؟"
تجمدت ملامحه وهو يقول بجدية
"هل رأيت هاتفي بمكان ؟ فقد اضعته منذ ايام ولم اجده !"
رفع يديه يلوح بهما وهو يقول بسخرية
"وهل تراني احمل هاتفك ؟ انظر جيدا ، هل تراه موجود معي ؟"
حرك رأسه بيأس وهو يتجه لباب الغرفة مباشرة ، قبل ان يتوقف على بعد خطوات وهو يشرد بأفكاره حتى جذب انتباه الجالس على السرير ، ليتأهب بجلسته ما ان استدار نحوه وهو يقول برسمية
"السيد الوالد سيعود من السفر اليوم ، واخبرتني السيدة شهيرة ان انبهك بعدم خروجك من الغرفة تحت اي ظرف كان وعدم ظهورك امامه ، وألا استخدمت معك اساليب تأديب اخرى"
اظلمت ملامحه بدون النطق بكلمة وهو يراقب الباب الذي انغلق خلفه ، ليحرر انفاسه بجحيم وهو يقول بنقمة
"ماذا يظنونني ؟ حيوان هارب حتى يعاملوني هكذا ! ممنوع الخروج ، ممنوع الهاتف ، ممنوع التنفس ، هل هذا قفص ؟"
اخرج الهاتف من تحت الغطاء وهو يناظر الرسالة الاخيرة التي وصلت له
(اتمنى لك يوما سعيدا)
تبسمت شفتيه بسخرية وهو يتلاعب بالهاتف بأصابعه ويسلط نظره نحو الباب ، ليقول بعدها بخفوت خبيث
"هاتفك يا عزيزي بات ملكي ، كما حياتك كذلك اصبحت رهينة بين يدي"
رفع يده وقد تدلى الهاتف من اصابعه ثم قال بازدراء
"هاتف قديم ومزري مثل صاحبه ، ولكنه يفي بالغرض المطلوب"
قست ملامحه وخطوط عيناه وهو يقبض عليه ويخفضه بقوة حتى قال بوعيد
"سأريكم جميعا من يكون حمزة الكايد الذي استخفيتم به ، فقط انتظروا ! لن ارحم احد منكم !"

يتبع.....


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-05-24, 02:37 AM   #473

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 843
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

دخلت للغرفة خلسة وهي تسير بخطوات حذرة بحدود المساحة الضيقة وتحمل وسادة ثقيلة بين يديها حتى وقفت بجانب النائمة على فراش ارضي مهترئ وجهها مقابل لها ، لتجثو بعدها على ركبتيها حتى باتت قريبة منها وهي تتأمل ملامحها الساكنة بصمت ، رفعت كفها بهدوء وهي تلمس تقاطيعها الرقيقة بأصبعها هامسة بسخرية قاتلة
"ورثتِ ملامحها الملعونة ، نظراتها المنكسرة ، وضعفها الذي كان يجعل الجميع يتعاطف معها ، حتى خدعت ذلك الرجل المتواضع المحترم وخالف الجميع كي يتزوج منها ويربط اسمه بتلك اللقيطة !"
ابعدت اصبعها وهي تنحدر لشعرها النحاسي الطويل تلفه حوله هامسة بخفوت قاتم
"وهذا الشعر البراق نفسه الذي كان يفتن كل اهل القرية ، كم تمنيت قصه لها او حرقه من جذوره وهي تتباهى به امام عيني ، وكأن هذا لا يكفي وايضا اصبحت ابنتها تملك شعرها ايضا ! ومهما حاولت تقصيره او اقتلاع خصلاته من جذوره كان يطول بسرعة وكأن نموه لا ينتهي حتى سئمت من المحاولة !"
قبضت على يدها وهي تبعدها وتشد على اسنانها قبل ان تهمس بنقمة
"وفوق ذلك ورثتِ ايضا تلك الروح الدنيئة التي تلتجئ للأغراب ، ونفس الحيلة الرخيصة التي فعلتها والدتك انتِ فعلتي مثلها ! التجأتِ بالغريب وطلبتي حمايته ، جعلته ورقتك الرابحة بهذه اللعبة !"
تنفست بقسوة وهي تحول نظرها للوسادة وتمسكها بيديها ثم همست بحدة
"لم يجدي شيء مما فعلته ، كل العناء الذي تكبدته بمحي قيمتك ذهب هباءً ، تعذيبك بالمهام والاعمال الصعبة ، اخفاء مفاتنك عن العالم ، اظهاركِ بأسوء صورة ، لم اترك طريقة لم اجربها عليكِ فكيف تحول الامر هكذا ؟ كيف فشلت بالسيطرة عليكِ ؟"
قدحت عيناها بالشرار وهي تهمس بكراهية
"ظننت بأن تلك اللعنة قد ماتت مع تلك المرأة ولكن اللعنة التي حلت على حياتي اسوء من السابقة ! اللعنة التي سرقت قلب زوجي مني ، سرقت حياتي مني ، والآن تسرق قلب ذلك الثري وتكسب تعاطفه !"
تحجرت ملامحها وتجردت من الرحمة وهي ترفع الوسادة فوق وجهها وتهمس بلا مشاعر
"موتكِ هي الطريقة الوحيدة التي لم اجربها ، واساسا جعلتكِ تعيشين كثيرا وهذا اكبر خطأ ارتكبته"
حطت بالوسادة على وجهها بسرعة وهي تضغط بكلتا يديها بنية خنقها حتى الموت ، لينتفض جسدها الصغير بذعر وهي تتمرد عليها وتدفع بأقصى قوتها حتى تلوت على جانبا ورفستها بساقها لترتمي الاخرى على ظهرها وتتحرر منها .
جلست بسرعة وهي تسحب انفاسها وتسعل بآن واحد وجسدها ينتفض بخوف ، لتتجمد نظراتها الدامعة على المرأة التي اعتدلت بجلوسها وهي تحمل الوسادة التي استخدمتها سلاح بقتلها ، لتبدد بعدها الصمت بلحظة هامسة بقسوة
"هل كنتِ مستيقظة ؟"
حركت رأسها بخوف وهي تهمس بتحشرج
"انا ، انا لم انم اساسا"
بقيت تراقبها بعدم رحمة وملامح مبهمة قبل ان تخفض إيليف نظرها وهي تهمس بانكسار
"كنت خائفة جدا...لذلك لم استطع النوم ، فكري كان مشوش ، وشككت...شككت بأنكِ ستفعلين شيء سيء بي...سيء جدا لدرجة يمنع هذا الزواج ! ولكن لم اتوقع ان يكون بهذا السوء..."
بترت احرفها الاخيرة ما ان انقطع نفسها وهي ترفع نظرها ثم همست بلا حياة
"هل كنتِ تنوين قتلي حقا ؟"
عقدت حاجبيها بقسوة وهي تشيح بنظرها هامسة بجمود
"نعم ، ولكنك نجوتِ مني كالعادة ، لديكِ حقا إرادة قوية على الحياة !"
قبضت بيديها بقوة وهي تهمس بارتجاف باكي
"لماذا ؟"
اعادت نظراتها نحوها وهي تدفع الوسادة جانبا قائلة بشراسة
"هل ظننتِ نفسكِ ستتحررين بهذه البساطة ؟ عليكِ ان تدفعي ثمن حياتك اولاً ، ثمن كل لقمة اطعمتكِ إياها ، ثمن كل قرش دفعته عليكِ ، لن تتخلصي مني حتى تسددي كل هذه الديون لي"
غامت ملامحها بضبابية وهي تهمس بوجوم
"انا اساسا ادفع ثمن حياتي معكم منذ وفاة جدتي ، اعمل واطبخ وارعى واحصد ، اتكفل بكل المهام بهذا المنزل ، حتى عملي الصغير بالمخبز تأخذين انتِ اجره ! ماذا افعل اكثر ؟ ماذا ادفع لكِ ؟"
نحتت ملامحها بقالب جليدي وهي تلوح بذراعها قائلة بصرامة
"هذا لا يكفي ، لا يكفي حتى توفي هذه العائلة حقها ، حقها بتربيتي لكِ ، عنايتي بكِ ، مصاريف تعليمك ، سكنكِ بمنزلي كل هذه المدة ، هل ظننتِ بأن كل هذا بالمجان ؟ الأجر الذي كنتِ تتقاضينه من المخبز لم يكن شيء يذكر ! بينما الاشياء التي قدمتها لكِ غير موجودة بكل دور الايتام والرعاية لذلك انا اريد حسابي ، ولن اترككِ حتى تدفعي حسابكِ كاملا"
ابتلعت إيليف ريقها بغصة مريرة وهي تهمس بألم
لذلك كنتِ تريدين قتلي !""
قطبت جبينها بجمود لحظات قبل ان تنفض ذراعها قائلة بحدة اقل
"انتِ من جنيتِ على نفسكِ ، لقد تماديتِ كثيرا واختبرتِ صبري لآخر حد ، اخبرتكِ ألا تتجاوزي بأحلامك حدود هذه الغرفة ولكنكِ كي تهربي مني استنجدتِ برجل غريب ! نفس افعال والدتك الرخيصة ! تتملقون على الاغراب كي يعطوكم مكانة بحياتهم ! حيلة سهلة جدا !"
غزت الدموع عيناها الفضيتان بلمعان القمر وهي تهمس بحزن عميق
"لقد استنجدت بالغريب عندما لم اجد عون من القريب ، فبينما كنتم على وشك بيعي انقذني الغريب الذي كان افضل منكم ! ولم يتخلى عني كما فعلتم بي !"
رفعت حاجبيها باستخفاف وهي تكتف ذراعيها هامسة بسخرية قاتلة
"يا له من صيد ثمين ! عرفتي جيدا كيف تختاري الشخص الذي تلتجئين له ، مكانة عريقة ، ونسب معروف ، وشخصية راقية ، وفاحش الثراء ، وعينه ممتلئة وشبعانة ، لقد ألقيتِ بالصنارة عليه وانتظرتِ ان يلتقط الطعم ، ولكن كيف اغويته ؟ كيف اقنعته بالزواج ؟ ما لذي قدمته له حتى وافق على الزواج من فلاحة متدنية مثلكِ ؟"
حدقت بها بتعابير صامتة حتى همست بخفوت واثق
"لقد استجاب الله لدعائي ، وارسل لي شخص ينقذني منكم ويخلصني من شروركم وظلمكم لي ، فهذه رحمة وإنصاف الله"
بانت التجاعيد حول حدقتيها لبرهة قبل ان ترفع كفها وتصفعها بلمح البصر بقوة ، لتغطي خدها بكفها وهي تسمع صوتها الرنان يصرخ بتهديد
"كم مرة اخبرتكِ ألا تردي الكلام بوجهي ! وقاحتكِ هذه لن اصمت عنها مجددا ، فأنتِ مدينة لي بروحك لأنني لم ادعك تموتين الآن"
رفعت عيناها الحزينتان بلون ضبابي وهي تهمس بخفوت باهت
"افعلي ما شئتِ ، ولكنكِ لن تستطيعي إيقاف هذا الزواج فأنا لن اتزوج بغير حذيفة"
رفعت كفها مجددا حتى انكمشت الاخرى على نفسها بخوف ، لتخفض كفها بقوة وهي تهمس بسخط
"ايتها اللعينة ! وتتجرأين على عصياني !"
تنفست سلطانة بقوة وهي تنهض عن الارض بلحظة وتعدل ثوبها الربيعي على جسدها ، لتقول بعدها وهي تحرك رأسها بعزم
"سنرى الآن نتيجة جرأتكِ ، وكيف ستتزوجين من ذلك المدني المتحضر ، فما دمت حية لن تجدي السعادة بحياتك ولن تعيشي مصير والدتك ، فكما كتبت عليّ هذه اللعنة ستكتب عليكِ انتِ ايضا !"
اتسعت حدقتاها بدموع حبيسة وتسارعت انفاسها وهي تشاهد التي غادرت من امامها ، لتصل للباب وهي تمسك مقبضه وتفتحه لتلتفت بعدها نحوها وتهمس بخفوت غامض
"نوما هنيئا ، اكملي نومكِ فلم يعد هناك داعي للخروج من الغرفة"
حركت إيليف رأسها بالنفي وهي تراقب الباب وهو يصفق امامها بقوة ، وما ان وصل الإدراك لعقلها حتى هجمت بسرعة على الباب بنفس اللحظة التي اغلقته به بالمفتاح ، لتحرك بعدها المقبض بعنف وهي تضرب بيدها الاخرى وتصرخ ببكاء
"افتحي الباب يا عمتي ، افتحيه ، لا تفعلي هذا بي ! لا تفعلي...."
قاطعتها سلطانة من خلف الباب وهي تصرخ ببأس
"اخرسي يا فاجرة فلن ينجدك احد هذه المرة ، لن ينجدك احد مني ، ادعي من الله ان يمر هذا اليوم بلا مشاكل لأنني لن ارحمكِ إذا عصيتِ امري هذه المرة !"
شهقت ببكاء مرتجف وهي تستمر بضرب الباب وتهمس بنحيب
"لا تفعلي ، ارجوكِ لا تفعلي ، اتركيني ، اتركيني اخرج !"
سمعت صوت خطواتها وهي تغادر بعيدا عن مجال سمعها بثواني ، اتكأت برأسها على خشب الباب وهي تكمل نحيبها الصامت الذي مزق طيات صدرها بقسوة ، لتهمس بعدها بقلة حيلة
"كيف اخرج إليك الآن ؟ كيف سيكون الوصول إليك ؟"
رفعت عيناها الممتلئتان بالدموع وهي تهمس برجاء متضرع
"ساعدني يا الله ، ساعدني وانجدني من هذا الظلم ! فلم يعد لي مقدرة على التحمل !"
___________________________
تنفست بهدوء وهي تشرد بنظراتها اثناء تقطيع الخضار بالسكين ، لتفيق على صوت الواقفة امام الموقد خلفها وهي تقول بحزم
"انتبهي على اصابعك وانتِ تقومين بتقطيع الخضار ، فنحن علينا ان نبقى يقظين ولا نشرد اثناء العمل"
رفعت حاجبيها بارتجاف وهي تلتفت بنصف وجهها هامسة بوجوم
"حاضر"
زمت شفتيها وهي تعود بنظرها امامها وتفكر بأن نظرها ثاقب وتشعر بما يدور حولها ، حتى بدون النظر لها عرفت بأمر شرودها وكأن هناك عيون بظهرها ، وهذا يعني بأنه من الصعب اغتيال السيد ما دامت هذه المرأة بجواره مثل الحارسة بالعصور الوسطى !
نفضت الافكار من رأسها وهي تتابع عملها بتقطيع الخضار كروتين يومي للتسلية فقد مللت كثيرا من قضاء طول النهار بغرفتها بدون فعل شيء ، وهذا يلهيها قليلا عن الافكار والمخاوف التي بدأت تراودها بالآونة الاخيرة .
لقد بدأت تعتاد تقريبا على الاجواء بالمنزل وتتأقلم بمحيطها بداية بالاستيقاظ صباحا بساعة مبكرة ، بعدها ايقاظ السيد بالغرفة المجاورة ، ثم التوجه للمطبخ والمساعدة بالأشياء المتبقية على مائدة الفطور ، ولكن لماذا ما تزال تشعر بذلك الفراغ بداخلها ؟....
افاقت مجددا على صوت الخادمة وهي تقول بصوت متزن
بماذا انتِ شاردة ؟""
ابتلعت ريقها بارتعاش وهي تهمس بارتباك
"لا شيء ، لا شيء مهم"
صمتت للحظات قبل ان تقول بهدوء غامض
"يبدو بأن علاقتكِ قد تحسنت كثيرا مع إلياس"
عقدت حاجبيها الصغيرين بوجوم وهي تهمس بتوجس
"لماذا ؟ لماذا خطر هذا على بالك ؟"
رمقتها بطرف حدقتيها وهي تراقبها بارتياب حتى اجابت هامسة ببساطة
"لقد اصبح يقضي وقتا طويلا بغرفتك ، وخاصة بوقت المساء لا يفارقكِ"
شحبت ملامحها من التخيلات التي تصورتها بعقلها لتهمس بعدها بإنكار
"كلا ليس كما تظنين ، هو فقط...هو يطمئن على صحتي ، لذلك يقضي وقتا طويلا بغرفتي ، وانا من كنت اطلب منه البقاء"
حادت بنظراتها نحوها وهي تهمس بعطف
"ومع ذلك يبقى تقدم ملحوظ بالنسبة لعلاقتكما"
تنفست بضيق وهي تعود بنظرها للخضار وتقطعها بقوة هامسة بانفعال
"لا يوجد شيء كهذا"
ابتسمت بحنان وهي تهمس بجدية
"وهل هذا رأي إلياس كذلك ؟"
توقفت عن التقطيع لبرهة وهي تشرد بأفكارها قبل ان تهمس بوجوم
"إلياس لا اعرف امره...."
تجمدت لورين بمكانها بقوة وانقطع صوتها ما ان سمعت الصوت القوي الذي تردد بالأرجاء
"ما به إلياس الذي تتكلمون عنه ؟ ارغب بالمعرفة انا ايضا !"
صمتت وهي تخفض نظرها بخوف بينما ردت عليه وداد وهي تلتفت نحوه بابتسامة
"صباح الخير يا سيد إلياس ، نهارك سعيد"
ظلت لورين صامتة بصمود حتى وهي تسمعه يقول بخفوت اجش
"صباح النور يا عمتي ، صباح النور يا زوجتي"
قالت وداد بعدها بأدب
"هل اضع الفطور ؟"
ردّ عليها إلياس بإجابة قاطعة
"كلا لا تضعي ، ليس هناك داعي"
رفعت لورين رأسها بسرعة وهي توجه نظرها نحوه هامسة بلا وعي
"ماذا ؟"
سلط نظره عليها حتى تلاقت اعينهما قبل ان يهمس بخفوت واثق
"انا ولورين سنخرج بعد قليل"
اتسعت حدقتاها الخضراوان بصدمة بدون ان تنبس ببنت شفة ، لتقول وداد بعدها بخفوت متزن
"فكرة جيدة للترفيه عن انفسكما ، اتمنى لكما يوما ممتعا بالخارج"
تدخلت بالحوار بسرعة وهي تنهض هاتفة بقوة
"إلى اين ؟"
مالت طرف شفتاه بشبه ابتسامة وهو يوجه نظره نحوها قائلا بجدية
"هذه مفاجأة"
تلبكت ملامحها وهي تهمس بخفوت مستاء
"ألا نستطيع تناول الفطور بالمنزل !"
تقدم نحوها عدة خطوات قبل ان يلتقط قطعة خيار من الطبق وهو يقول بأمر
"لن نأكل بالمنزل بل سنؤكل خارجا ، ألستِ متحمسة للخروج معي !"
راقبته وهو يلقي قطعة الخيار بفمه ويمضغها ببساطة ، وما ان استدار بعيدا عنها حتى همست من فورها بجمود
"لا اريد الذهاب"
بهتت ابتسامته وهو يلتفت بنصف وجهه قائلا بحزم
"بل ستذهبين"
قبضت بيديها على جانبيها ما ان تذكرت مجريات ما حدث بخروجها الأخير من المنزل اوصلها لحالة سيئة لم تتجاوزها بعد ، لتقول بعدها بإصرار
"لن اذهب لأي مكان ، ولن اخرج من المنزل"
تلبدت ملامحه وهو يلتفت نحوها قائلا بنبرة جادة
"لماذا لا تريدين ؟"
ضمت شفتيها بعبوس وهي تشيح بوجهها ثم همست باضطراب
"لأنني متعبة قليلا ، وصحتي ليست بخير"
تأملها للحظات بدون اي تعبير قبل ان يحرك رأسه بعيدا ويسير عدة خطوات ، ليقف بعدها بمواجهة وداد وهو يقول لها بأسلوب ماكر
"هل تعرفين يا وداد ماذا حصل قبل ليلتين ؟"
ردت عليه وداد بتساؤل
"ماذا حصل ؟"
رفع ذقنه وهو يقول بخفوت عميق
"لقد اصبت بالأرق"
نظرت له لورين بدهشة تحاول استيعاب الحيلة التي يقوم بها ، لتقول وداد بخفوت قلق
"وما هو السبب ؟"
سحب إلياس انفاسه بهدوء وهو يقول بتمثيل
لأنني غنيت طول الليل""
انفرجت شفتاها بأنفاس مشدوهة وهي لا تصدق نوع الغدر الذي ينوي تنفيذه عليها ! ليسرق سمعها صوت وداد وهي تهمس بفضول بالرغم من انها قد فهمت الحيلة
"ولماذا كنت تغني ؟"
ردّ عليها بابتسامة تحكم بها بمهارة
"غنيت كي اجعل احدهم ينام قرير العينين"
احتقنت الدماء بمحياها ما ان سمعت وداد وهي تهمس بتفكير
"ومن يكون هذا الشخص الذي لا ينام بدون سماع غنائك ؟"
انتفضت بقوة وهي تغادر الكرسي بسرعة وتتجاوزه هامسة باندفاع
"سأجهز...سأجهز نفسي بسرعة ، لن اتأخر"
لمحها وهي تختفي بلمح البصر وابتسامة جانبية تعتلي محياه ، لينقل نظراته للواقفة امامه وهي تقول بنبرة ذات مغزى
"ما لذي يجري معك ؟ ألن تقول لي ! ومنذ متى كنت تحب الغناء ؟"
حرك إلياس رأسه بارتباك قبل ان يلوح بكفه وهو يتكلم بسرعة
"نستأنف الحديث لوقت آخر ، فأنا على عجلة من امري ، عن إذنكِ"
سارع بالخروج من المطبخ يهرب من تحقيقها لتقول بعدها بابتسامة امومية
"يارب ارجو ان يكون كما افكر"
تنهدت بابتسامة عذبة وهي تتجه للطاولة وتجلس على الكرسي لتتابع تقطيع الخضار نيابة عنها....
___________________________
بعدها بدقائق كانت السيارة تسير بهما وهو يقود بصمت تام ساد بينهما ، ليختلس النظر عليها وهي شاردة بالنافذة مكتفة ذراعيها بدون اصدار حركة واحدة ، ليتنفس بعدها بهدوء وهو يقول بخشونة
"ما هي النميمة التي كنتما تقومان بها بالمطبخ عني ؟"
رفعت رأسها بارتجاف وهي تعود لتجاهله وتهمس بخفوت
"كنت تتوهم"
رفع حاجب واحد وهو يعود بنظره للطريق قائلا بمغزى
"كنت اتوهم إذاً ، وهل اسمي الذي سمعته وهم كذلك ؟"
زمت شفتيها بعبوس وهي تنقل نظرها امامها وتستوي بجلوسها هامسة بقنوط
"لم نقم بأي نميمة ، لقد ذكرنا اسمك بسياق الحديث لا اكثر ، هذا كل شيء"
ارتسمت ابتسامة ساخرة على محياه وهو يقول بتهكم
"نعم صحيح ، وعلى ذكر سياق الحديث قلتِ إلياس لا اعرف امره ، ماذا يعني هذا ؟"
امتعضت ملامحها وهي تشد من تكتيف ذراعيها ثم همست بوجوم
"لا اعلم ، لذا توقف عن السؤال بإلحاح"
عض على طرف ابتسامته وهو يهمس بغيظ
"لن تتكلمي إذاً"
ردت عليه لورين من فورها بجمود
"اذهب واسأل العمة وداد ، فأنتما لا تخفيان شيء عن بعضكما وتبوح بكل اسرارك لها"
حرك إلياس رأسه بهدوء لبرهة قبل ان يقول بابتسامة طفيفة
"هكذا إذاً ، هل ما زلتِ غاضبة مني بسبب بوحي لها عن قصة تلك الليلة ؟"
اخفضت ذراعيها وهي تضم يديها بحجرها ثم همست بخفوت مستاء
"لست غاضبة ، بل مستاءة منك"
عقد حاجبيه بهدوء وهو يقول باهتمام
"وكيف جعلتكِ مستاءة ؟"
تنفست بجمود وهي تهمس بخفوت باهت
"لم اتوقع منك...لم اتوقع هذا التصرف منك ، لقد اظهرتني بموقف مخزي ومخجل امام السيدة وداد ! ماذا ستظنني بعد هذه اللحظة ؟"
حرك كتفيه باستخفاف وهو يقول ببساطة
"انتِ من اجبرني على ذلك ، وألا ما كنت افكر بأخبار احد عن اسرارنا"
عضت على طرف شفتيها بغضب وهي تهمس من بينهما باستنكار
"ومع ذلك فقد اخطأت ، اخطأت بحقي ، ما كان عليك التصرف بعناد هكذا !"
رمقها بطرف حدقتيه وهو يهمس بخفوت اجش
"لا تنسي بأنني لم اذكر اسمك بالحديث ، لذلك لا اعتقد بأنها فهمت كلامي"
ردت عليه لورين بسرعة بضيق
"وهل هذا شيء صعب الفهم ؟ مع تلميحاتك لن يصعب عليها معرفة الشخص المقصود"
ادار نظراته بعيدا وهو يقول بجفاء
"انتِ تضخمين الموضوع بلا داعي ، هذه وداد من نتكلم عنها وليس احد غريب ، لماذا اصبحتِ تتحسسين بسرعة ؟"
شدت على يديها بحجرها وهي تهمس بخفوت
"لأنني لا اريد ان اوضع بموقف محرج امامها ، لا اريد ان يساء فهمي ، ولا احب تصرفك باستهانة وبرودك بهذه المواضيع"
حدق بالطريق امامه بجمود وهو يلوح بكفه قائلا بسخرية
"هل انتِ من يقول ذلك ؟ الشخص الذي وشى بسر علاقتنا للسيدة وداد التي تحرجين منها !"
شحبت ملامحها وسقط رأسها بعد ان ردها برصاصة اصابتها بمقتل ، وما ان لاحظ استكانتها حتى تنهد قائلا بخفوت جاد
"حسنا ، حسنا لن افعلها مجددا ، ولكنكِ بالمقابل انتِ ايضا ستحافظين على اسرار علاقتنا ، لن يعرف احد بما يحدث خلف باب غرفتنا ، هل تصافينا ؟"
ابتلعت لورين ريقها بصعوبة وهي تشيح بوجهها باتجاه النافذة بدون ان تعلق على كلامه ، لتفكر بأنه لم يبدو متضايق من قبل بسبب بوحها لوداد عن موضوع علاقتهما الزوجية ! ولكن يبدو بأنه قد تضايق وبشدة ولكنه لم يظهر ذلك وتصرف بشكل طبيعي ! فهل بالغت بما فعلت ؟
همست بعدها بلحظات بخفوت واجم
"إلى اين نحن ذاهبون ؟"
ردّ عليها إلياس بهدوء جاد
"انها مفاجأة ، لا تفسدي المفاجأة قبل وصولنا"
زفرت انفاسها بإرهاق وهي تهمس بحنق
"لديك مزاج جيد للمزاح والمفاجآت"
حاد بنظراته نحوها وهو يقول بنبرة غريبة
"لما ترفضين الخروج من المنزل ؟"
شردت بنظراتها وهي تهمس بخواء
"لأنني فقدت رغبتي بالخروج بعد آخر مرة"
غامت ملامحه بضباب وهو يقول بهدوء خفيض
"تقصدين بسبب ما حدث عند خروجك للقاء صديقتك"
تجمدت ملامحها وهي تومئ برأسها هامسة بحذر
"نعم"
حدق بجانب وجهها الشاحب للحظات قبل ان يهمس بخفوت واثق
لا تقلقي يا لورين ، فما سيحدث الآن سوف يسعدكِ كثيرا""
نظرت له باستغراب وهي لا تفهم كلامه وسبب ثقته بنفسه ، ولكنها فهمت بعدها بدقائق ما ان لمحت بداية الطريق والمنزل الذي وصلوا له ، لتنفتح ابوابه الخارجية على اشرعها وتدخل سيارته بسرعة حتى وقفت بالنهاية عند مدخل المنزل .
التفتت لورين نحوه بدهشة وهي تهمس بخفوت مصدوم
"منزل عائلتي ! ماذا...ماذا نفعل ؟"
ردّ عليها وهو يطفئ المحرك بابتسامة جانبية
"لقد وصلنا للمنزل ، هذه هي مفاجأتك"
اتسعت حدقتاها بقوة وقد راودتها افكار كثيرة بنفس اللحظة لتهمس بعدها بذعر
"هل هو شيء سيء ؟"
التفت نحوها وهو يلمح الخوف الساكن بعينيها الكبيرتين تظهر كل الانفعالات من خلالهما بوضوح ، ليربت بعدها على خدها وهو يهمس برفق
"لو كانت مفاجأة سيئة لما احضرتكِ إليها"
سحب كفه عن وجهها وهو يفك حزام الامان قائلا ببساطة
"ألا تودين رؤية اشقائك ؟"
انفرجت شفتاها الزهريتان ثواني قبل ان تنتفض باللحظة التالية وتفك حزام الامان وتخرج من باب السيارة ، لتسرع بخطواتها باتجاه مدخل المنزل وهي تصعد الدرجات بثواني وقلبها ينبض بعنف يكاد يقفز من صدرها ، لتدخل للمنزل وتجتاز الباب والبهو الواسع وهي تنطلق بأقصى سرعة تاركة كل شيء خلفها ، وما ان لمحت الواقف بوسط المنزل يبدو يجري اتصال او عمل ما بتركيز حتى انطلقت نحوه بلا تفكير تحرر الطفلة بداخلها التي توقف نموها عند تلك السن جسديا ولكن عقلها قفز كل تلك السنوات وتخطاها عنوة...
ما ان شعر بها تقترب حتى استدار نحوها بذات اللحظة التي ارتمت بها بأحضانه بدون دعوة ، لتلف ذراعيها الصغيرتين حول خصره ورأسها امام معدته بسبب قصر قامتها وكأنها دمية تعلقت به ، ليتجاوز صدمته وهو يخفض الهاتف ويمسح بيده الاخرى على حجابها هامسا بقلق
"لورين !"
ضمت يديها خلف ظهره وهي تهمس بنشيج خافت
"اشتقت إليكم"
تنهد بنفس طويل وهو ينحني قليلا ويعانقها بذراعيه بمشاعر يخصها لها وحدها ، وكأنها نفس الحادثة تتكرر بكل مرة تعانقه بها توقظ ذلك الماضي عندما توفيت زوجته وكانت هي المرهم الوحيد والترميم لتلك الجراح ، لم يكن هناك احد يواسيه سواها وقد كانا العلاج لبعضهما بسبب درجة تقربهما من المرحومة وحزنهما على فقدانها ! وشكر ربه كثيرا بسبب تركها تحيى ولم يخسرها بتلك الحادثة معها !
امسك كتفيها وهو يبعدها عنه برفق ثم قال بخفوت جاد
"ما سبب مجيئكِ الآن ؟"
رفعت رأسها وهي تهمس بابتسامة بريئة
"ألم يعد مسموح لي بالمجيئ لمنزلكم !"
تجمدت طرف ابتسامته وهو يرفع اصابعه ويمسح الدموع تحت عينيها هامسا بقوة
"بالطبع يمكنكِ ، فهذا ما يزال منزلكِ"
شقت ابتسامة باكية ملامحها قبل ان يتابع كلامه بجدية وهو يمسك الدموع بأصابعه
"وما سبب هذه الدموع الآن ؟ ألستِ سعيدة !"
حركت لورين رأسها بالنفي وهي تعانقه مجددا وتهمس بسرور
"بل انا سعيدة جدا ، سعيدة اكثر مما تتصور"
مسح بكفه على رأسها وهو يهمس بنبرة تغيرت كليا
"هل يعاملكِ ألياس جيدا ؟ هل فعل ما يضايقكِ ؟"
حركت رأسها بالنفي ليهمس بعدها بجمود
"إذا كان يفعل ما يسيء لكِ فإياكِ ان تتستري عنه ! إياكِ...."
هل بدأت تشكي لكِ عني ؟""
رفع نظره باتجاه الذي تقدم منهما بخطوات متزنة حتى وقف امامهما وهو يحول نظره للطفلة المتعلقة بشقيقها الكبير ، ليقول سفيان بهدوء غامض
"يا لها من زيارة مفاجأة !"
رفع نظره لوجهه وهو يقول بابتسامة اتقن رسمها
"كيف حالك يا سفيان ؟"
اومأ برأسه وهو يقول بنبرة هادئة
"بخير ، وكيف حالك انت ؟"
بادله بابتسامة مماثلة وهو يقول برسمية
"بخير ، شكرا لك يا نسيب"
ابتعدت لورين عن احضانه وهي تهمس باستغراب
"اين هو حذيفة ؟ أليس موجود بالمنزل !"
اخفض نظره لها وهو يقول بهدوء متزن
"كلا غير موجود ، ويبدو بأنه سيتأخر بالعودة"
ابتأست ملامحها بحزن قبل ان تقول بلهفة
"واين هي سراب ؟ هل هي بغرفتها ؟"
مالت طرف ابتسامته وهو يقول برفق
"بلى بغرفتها ، يمكنكِ الذهاب ورؤيتها"
تهللت اساريرها بسعادة وهي تستدير بسرعة قبل ان تتوقف بنظرها على الرجل الجامد امامها ، ليومئ برأسه لها وهو يهمس بصوت مرتخي
"اذهبي وقابليها ، فما يزال هناك وقت طويل على المغادرة"
غادرت بسرعة وهي تتجاوزه وتتجه للسلالم ونظراته تلاحقها بصمت ، ليجذب انتباهه صوت سفيان وهو يقول بنبرة صلبة
"هل كل شيء بخير ؟"
اخفض نظره وهو يتمتم بابتسامة طفيفة
"نعم بخير ، لا تقلق من شيء ، فقط احببت ان اسعدها قليلا"
وجه نظره للسلالم عاليا وهو يقول بخفوت اجش
"احسنتم بالقدوم ، لقد اتيتم بالوقت المناسب"
حاد بنظراته نحوه بدون النطق بكلمة فإذا قال سفيان شيء يعني هو بغاية الأهمية ولن يكون حديثه من باب التسلية قطعا....

يتبع.....


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-05-24, 02:45 AM   #474

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 843
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

جلست متكورة حول نفسها بزاوية الجدار وهي تبكي بأنين موجع وكأنها حيوان ينتظر لحظة ذبحه ، وهي تحدق امامها بعينين محمرتين بشدة من كثر البكاء والدموع تسبح بهما مثل بركة الدماء ، توقفت عن المقاومة والمحاولة بعد ان خارت قواها وذبلت تماما حد الاحتضار ، حتى جسدها توقف عن المحاربة والتمرد ضد الظلم وماتت رغبة الحياة بداخلها ، فقد تقبلت مصيرها المظلم وسلمت نفسها لمشيئة القدر فأما ان تعلن موتها مع من ماتوا او تولد من جديد خارج هذه المقبرة ، اما يكون نفسها الأخير او نفسها الأول ، كل شيء اصبح خارج إرادتها وقدرتها على التحكم به !
ارتعشت اطرافها بقوة ما ان سمعت صوت القفل يدور بالمقبض وبصيص الأمل يشع بقلبها ، ليموت سريعا وبقسوة ما ان ظهر خلف الباب آخر من كانت تتمنى وجوده واسوء من مصير الموت الذي كانت تنتظره ! دخل للغرفة وهو يحمل كأس ماء بكفه ويمسك المقبض بكفه الاخرى ليقول بعدها بابتسامة مائلة لا تحمل معنى
"كيف حال عروستنا الصغيرة ؟"
انكمش جسدها حول نفسه وهي تقبع بالزاوية ما ان اغلق الباب خلفه بقوة ، ليتقدم منها عدة خطوات واسعة دبت الرعب بأوصالها وسرعان ما همست بتوسل باكي
"ارجوك ، ارجوك اتركني اخرج ، اتركني"
وقف امامها بطوله الفارع يشرف عليها من علو وهو يقابلها بابتسامة اكثر غموضا وشرا ، لتضم يديها لصدرها ما ان دنى نحوها على ركبتيه وهو يمد كأس الماء قائلا بجمود
"تفضلي الماء ، اروي عطشك ، لابد بأنكِ قد عطشتِ بعد كل هذا البكاء"
نظرت لكأس الماء ثم لوجهه وهي تهمس برجاء اكثر ألماً
"لا اريد ماء ، اريد الخروج ، دعني اخرج ، ارجوك ، ارجوك"
"اخرسي"
صمتت بوجل ما ان صرخ بطريقة ألجمتها تماما ، ليمد كأس الماء مجددا وهو يقول بأمر
"اشربي الماء ، استغلي هذه الفرصة بما انها بيدك فبعد هذه اللحظة ستتمنين فقط قطرة ماء تروي عطشكِ"
حدقت بالكأس بلا حياة لبرهة قبل ان تدفع كفه بالكأس صارخة بقوة
"لا اريد"
سقطت الكأس فوق الفراش بدون ان تنكسر وقد بللت القماش وترك بقعة كبيرة حوله ، ليتنفس بعدها لحظات قبل ان يصفعها على خدها بقوة ، ارتمت على جانب جسدها وهي تبكي بحرقة بعد ان كانت قد نضبت دموعها ونشفت ، ليشب اصابعه بذراعها وهو يسحبها امامه قائلا بقسوة
"انا اقدم لكِ فرصة ، وانظري انتِ كيف ترديها ، هل هذا جزاء طيبتي معكِ ؟ لقد كانت عمتك على حق انتِ كائن ناكر للجميل !"
نظرت له من بين خصلات شعرها المبعثرة وهي تهمس بازدراء
"لا اريد جميلا منك ، فأنت لا تعطي شيء بدون مقابل ، كل شيء عندكم لديه مقابل وثمن"
شد على ذراعها بأصابعه وهو يحدق بها بصمت مكتوم ، لتبعد خصلاتها عن عينيها بكفها الاخرى وهي تهمس بآخر ذرة امل
"ارجوك قدم لي معروف اخير يا عمي ، اتركني اخرج من هنا ، لقد تأخرت كثيرا ، ارجوك دعني اذهب"
عقد حاجبيه بتصلب وهو يقول بخفوت مستهجن
"من اجل ان تهربي مع حبيبك ، من اجل ان تذهبي إليه ، بماذا قصرنا معكِ حتى تفعلي هذا بنا ؟ لماذا انتِ متلهفة للذهاب معه ؟ هل لهذه الدرجة تسعين للغنى والرفاه حتى تبيعين نفسكِ له ؟"
اخفضت نظراتها بانكسار وهي تهمس بمرارة
"لقد كدتم تبيعوني لرجال قذرين مقابل سداد الدين ، أليس هذا دافع كي اهرب منكم لمن ينقذني !"
اطبق على اسنانه بغضب وهو يلوح بذراعه الاخرى قائلا بدفاع
"انا لم ابيعك ، ولم اكن موافق على طريقة بيعك هكذا ، لا تستطيعين ألقاء اللوم عليّ"
تنفست إيليف بدهشة وهي تهمس بخفوت ساخر
"ولكنك لم تعترض ، ولم تبدي اي ردة فعل ، ولو كان حصل البيع لما كنت اوقفته"
ردّ عليها من فوره بجموح
"كنت مجبر ، اجبرتني الظروف على ذلك ، وايضا كان هذا مجرد حل اقترحته سلطانة من خوفها ، وألا كنا وجدنا حل آخر قبل زواجك منه ، ولكن ذاك لم يمنحنا وقتا تدخل بسرعة وتصرف بشهامة كي يجذب الانظار !"
صمتت انفاسها لبرهة قبل ان تهمس بخفوت مستاء
"ولكن هذا لا ينفي بأنه لو تكرر مثل هذا الحدث مجددا كنت بعتني بدون تفكير ، ولن انسى بأنك قد هددتني سابقا ان ابقى ألهيهم واضحي بنفسي حتى تستطيع الاختباء والهروب...وهذا لا يختلف عن فكرة بيعي"
حدق بها بجمود وهو يقول بخفوت قاسي
"كنت وجدت حلا حتى ذلك الحين ، ولكنكِ تسرعتِ واخبرتها بكل شيء بغباء شديد بالرغم من تحذيراتي لكِ وتهديدك ، وماذا استفدتِ ؟ هل حللتِ المشكلة ؟ كلا بل زدتِ الوضع سوءً على الجميع وجعلتها تتفق مع الرجل وتقرر فكرة زواجك ! يعني كل ما جاء بعدها كان بسببك لذا لا تلومي احد سوى نفسكِ على ما اصابك"
مسحت خديها بكفها وهي ترفع رأسها وتهمس بلا حياة
"لقد ظننت بأنني سأجد ذرة رحمة او إنسانية بقلبها ، ولكنها خالفت توقعاتي مجددا فهي لن تتغير مطلقا حتى انها كادت تقتلني من شدة كرهها لي !"
اتسعت حدقتاه وهو يقول بخفوت مصدوم
"هل فعلت ذلك حقا ؟"
ابتلعت إيليف ريقها بغصة مريرة ما ان تذكرت ما حدث قبل ساعة واكثر ، لتهمس بعدها بخفوت مجوف
"من الجيد بأنه قد حدث ، فبهذه الطريقة سأستطيع التخلص منكم والزواج من حذيفة ، والتحرر من منزلكم واستعبادكم"
رفع حاجبيه بخفة وهو يرفع كفه الحرة يتحسس جانب خدها هامسا باستهزاء
"يبدو بأنكِ تثقين جدا بذلك الثري المدلل"
نفضت كفه بعيدا وهي تهمس بقوة
"نعم اثق به جدا"
سحب كفه وهو يرسم ابتسامة ساخرة على محياه قائلا بتشمت
"لا تثقي جدا ايتها الفتاة الحالمة ، فهو كما اشتراكِ يستطيع شراء مئة غيركِ وما ان يسئم منكِ ويشعر بالملل حتى يرميكِ مثل البضاعة المستهلكة ، فمثل هؤلاء الرجال امتلاك الألعاب عندهم هواية واستبدالها بألعاب جديدة سهل جدا عندهم !"
نظرت له من خلف سحابة دموعها حتى تابع كلامه قائلا باستهزاء
"بكم بعتِ نفسكِ ؟ كم دفع لكِ مقابل شرائكِ ؟ هل قللتِ من قيمة نفسكِ ؟ هل قايضتِ بسعر عالي ؟ اراهن بأنه قد دفع الكثير عليكِ حتى وافقتِ عليه بسرعة واستعجلتِ بزواجك ، هل اشترى لكِ ايضا ذهب وألماس بجانب مهرك ؟"
زمت شفتيها تكتم شهقات بكائها لتهمس بعدها بخفوت قاتم
"انت فقط تنظر له من طبع نفسك ، فهو ارجل منك ومن كل اشباه الرجال الموجودين بمحيطك"
اظلمت ملامحه وهو يرفع كفه ويصفعها بقوة اكبر حتى سقطت على جانبها مجددا ، ليهجم عليها بلحظة وهو يقول بخفوت شرس
"ايتها الحقيرة ، عديمة الحياء والاخلاق !"
تأوهت بألم ما ان شعرت بجسده كله يسطو فوق جسدها الصغير ويضمها تحته ، ليمسك وجهها بيديه وهو يدنو امامها قائلا بخفوت دنيء لم تعد تميز نبرة صوته من خوفها
"تقولين بأنني لا اشبهه ، انتِ على حق فهو قد اشتراكِ بأمواله حتى يحصل عليكِ ، ولكني انا سأحصل عليكِ بلا مقابل لأنكِ بالأساس ملك لي ، ولن استغني عن حقي بكِ"
تلاحقت انفاسها بذعر وهي تحاول المقاومة بلا فائدة فقد احكم على جسدها بقوة ولم يترك لها مجال للفرار ، لتنتحب بعدها ببكاء مترجي
"ارجوك لا تفعل ، ارجوك اتركني ، ارجوك !"
اخفض كفه وهو يفتح ازرار قميصها قائلا بخفوت شهواني
"لقد صبرت عليكِ كثيرا ، ولكن لم يعد لهذا نفع ، فقد رديتِ على كل هذه الافضال بالنكران ! لذا إذا لم اؤخذكِ بالحسنة سآخذكِ بالقوة !"
ضربت بقبضتيها على كتفيه وذراعيه بكل قوة حتى جمعهما بقبضة واحدة ورفعهما فوق رأسها ، ليقترب من عنقها الابيض المكشوف وهو يقول بكل تبجح
"انتِ من اردتِ هذا يا جميلة الجبال ، إذا كنتِ ستهربين لغيري فلن تذهبي قبل ان احصل عليكِ ، لن اسمح لأحد بأخذ هذا النعيم مني فأنا الأحق بذلك من الجميع !"
شعرت بشح بأنفاسها وهي تصارع وتقاوم الموت وتصرخ باستنجاد
"عمتي ، عمتي ، ساعدوووني ! ساعدوووني !"
انقض عليها بلا رحمة وهو يقبل جانب وجهها وعنقها بوحشية وكأنه ينفس عن كل رغباته بها ، لتستل كفها من قبضته وهي تحرك رأسها جانبا تحاول التملص منه ، وما ان شعرت بوعيها يغيب تدريجيا حتى لمحت الكأس الموجودة فوق الفراش بجانبها لتستجمع كل ذرة قوة بجسدها وهي تمد كفها وتسحب الكأس بأصابعها ببطء ، وما هي ألا لحظات حتى كانت تمسك بالكأس وهي ترفعها بلمح البصر وتضربها برأسه بأقصى قوة لديها جعلتها تتكسر لشظايا متناثرة حولهما !
خمدت قواه وارتخى جسده وهي ترفعه بيديها وتزيحه من فوقها حتى سقط على جانبه ارضا ، لتنهض بسرعة جالسة وهي تسحب انفاسها بصعوبة تستنشق اكبر كمية من الهواء الموجود بعد ان كادت تصاب بالاختناق ، لتزرر قميصها بسرعة بأصابع مرتجفة متعثرة حتى احكمت غلقه ، اتجهت بسرعة للخزانة وهي تخرج سترة قطنية وترتديها على عجل ، ثم التقطت حقيبتها القماشية التي تحتوي الضروريات من محفظتها وهويتها وبعض النقود التي قامت بادخارها للحاجة .
خرجت من الغرفة بسرعة واغلقتها بالمفتاح الموجود بالقفل ، وبدل الخروج من باب المنزل غيرت وجهتها ودخلت لغرفة اخرى اكبر حجما ، لتفتح الخزانة الكبيرة على مصرعيها وهي تجثو على ركبتيها وتفتش بين اغراضها هامسة بخفوت
"اذكر بأنها قد خبأته هنا ، ولكن اين ذهب ؟...."
صمتت ما ان وجدت قطعة قماشية حريرية مغزول عليها ورود ووريقات جميلة ، وما ان فتحتها حتى ظهرت القطع الثقيلة من خاتمين احدهما ذهبي والآخر فضي وسوار ذهبي رقيق ، لتتلمس القطع بأصابعها الصغيرة وهي تهمس بتحسر
"ذهب امي الذي حصلت عليه بيوم زواجها ، اثمن اشياء تملكها"
مسحت عينيها بقوة تتمالك نفسها قبل ان تغلق القطعة القماشية وتربطها بإحكام ، لتضعها بداخل حقيبتها تضمها مع اشيائها الثمينة التي لا تستطيع الاستغناء عنها ، لتنهض بلحظات وهي تغلق الخزانة بقوة ثم اتجهت خارج الغرفة .
تنفست بغصة وهي تودع المكان الذي تربت به منذ طفولتها بين والديها ثم مع جدتها ، والآن لم يعد يتسع لها بعد الاستيلاء عليه وتشويه ذكرياتها التي تخصها به ، لتدير رأسها وجسدها بعيدا عنه وهي تسارع بالخروج من المنزل وتغلق الباب خلفها...
_________________________
نهضت عن الاريكة بقوة وهي تستدير نحوها قائلة بانفعال مهتاج
"هل فعل هذا حقا ؟ كيف ؟ كيف يتجرأ على ذلك ؟"
حركت كتفيها بصمت وهي تخفض نظرها وتهمس بخواء
"لا اعرف ذلك ، ولكن بالنسبة لي فلم يفعل شيء جديد او مخالف له فقد فعل بي اشياء اسوء من هذه بكثير"
ردت عليها من فورها بعنف
"وانتِ ما تزالين تصمتين عنه !"
زمت شفتيها بعبوس وهي تخفض نظرها تحدق بيديها المضمومتين بقوة نفس وضعها الذي كانت عليه بالأمس امام عمتها رغم اختلاف الأساليب ، لتفيق مجددا على صوت سراب التي باحت لها بكل شيء تعرفه واصابها بالأرق منذ البارحة علها تخفف عنها وتزيح الهم بقلبها
"ذاك الرجل مختل عقلي رسميا ! ألم يكتفي بعد كل ما فعل ؟ ما زال يسعى خلفك مثل الكلاب الضالة ! وانتِ ما تزالين ضائعة وخائفة من النتائج ! ألم يحن الوقت الذي تضعين فيه حدا له ؟ فهو لن يتوقف عن التمادي وتخطي الحدود حتى تفعلي ذلك ويعرف موقفك وشعورك"
شدت على يديها اكثر وهي تهمس بخفوت مستاء
"لقد رفضته اكثر من مرة ، ولكنه اكثر عنادا وعنجهية مما تظنين فلم تنجح اي من اساليبي وطرقي بالتخلص منه وردعه ، انه صعب المراس جدا"
التفتت نحوها بقوة وهي تشير بكفها نحوها قائلة بصرامة
"هذا لأنكِ تصمتين يا لورين ، عليكِ ان تكوني اكثر صرامة وثباتا على موقفك ، توقفي عن التنازل له بكل مرة ، توقفي عن الخوف من الحاضر او المستقبل ، كوني اكثر صلابة وقوة بما تريدين وترغبين به"
رفعت عيناها بحزن آسر وهي تهمس بمرارة
"ألا استطيع بدون مواجهته مباشرة !"
نقلت كفها جانبا وهي تقول بقوة
"إذاً تكلمي مع الجميع ، ضعي شخص آخر ينوب عنكِ ويوقفه عند حده ، مثلا اشقائك يستطيعون إيقافه عند حده وتلقينه درس بالأخلاق...."
"مطلقا !"
نطقت بتلك الكلمة باندفاع وصمتت بخوف بينما تنفست سراب بيأس وهي تحرك رأسها بعدم تصديق ، لتقول بعدها بخفوت مستغرب
"لماذا ترفضين ؟"
ابتلعت ريقها بوجل وهي تذكر كلمات شهيرة التي جعلتها تحتاط من كل شيء ومن تصرفاتها ، لتجلس الاخرى بجانبها وهي تنظر لجانب وجهها بحزن لم يفارقها منذ اول لقاء جمع بينهما ثم همست بجدية
"لماذا تصمتين هكذا ؟ ما هو السبب ؟ انتِ قد ارتكبتِ اخطاء كبيرة عندما صمتِ عنه سابقا وما تزالين تكررين نفس الخطأ !"
عقدت حاجبيها بحزن وهي تتمتم ببؤس
"هكذا افضل"
قطبت جبينها بجمود وهي تمسك ذراعها هامسة بحزم
"ما هو الأفضل ؟ مضايقاته لكِ ، تعقبك بكل مكان ، العيش بالخوف منه ، وقاحته وتعدي حدوده بينكما ، فرض نفسه عليكِ بكل مرة ، لم يرحمك بالرغم من انكِ امرأة متزوجة ! ويبدو بأنه لا يفكر بذلك ولا يكترث فالشخص الطبيعي يعرف اين يتوقف وينسحب ، ولكن من نتكلم عنه رجل غير طبيعي وغير سوي إذا تركته على هواه لن تكون العواقب حميدة وستكونين اول المتضررين !"
بقيت صامتة مثل التمثال المنحوت من رخام حزين شاحب ، لتسحب كفها عن ذراعها وهي تقول بهدوء متزن
"ثم هل نسيتِ افعاله بهذه السرعة ؟ ذلك الرجل قد صوب المسدس على شقيقك وهدده بقتله ، كدت اموت بسبب رصاصته الطائشة وبالنهاية لم يعاقب على جريمته ! لقنه شقيقك درسا وابرحه ضربا ومع ذلك لم يردعه ذلك ولم يتأثر ، انه بمثابة قاتل خطير ! وباء يهدد بقتلنا جميعا ! لا يحسب حساب لأفعاله وتصرفاته فإذا لم تقتلعي هذه الشوكة من حياتك سيتأذى كل من حولكِ ولن يسلم احد منه !"
مالت زاويتا عيناها وهي تهمس بخفوت باهت
"اعتذر منكِ ، اعتذر على كل اذى حدث لكم بسببي"
تأففت بنفاذ صبر وهي تشيح بوجهها قائلة باستنكار
"يا إلهي ! هل هذا كل ما خطر ببالك ؟"
سحبت انفاسها بعناء وهي تهمس بصوت اجوف
"لا اريد ان يتأذى احد منكم اكثر من ذلك ، لا اريد ان تتعرضوا للمشاكل بسببي"
نظرت لها بسرعة وهي تقول بحدة
"من ماذا انتِ خائفة لست افهم ! ما لذي يخيفك ؟ هل قام احد منهم بتهديدك ؟ هل هو من قام بتهديدك ؟ ما هو السلاح الذي استخدمه ضدكِ حتى جعلك خائفة من البوح لأحد ؟"
اغرورقت عيناها بالدموع بحرارة وهي تحدق امامها بصمود ، لتمسك بكفها بقوة وهي تتابع كلامها قائلة بإلحاح
"انتِ لا تخافين هكذا ألا لسببين ، اما السبب خوفكِ عليه من غضب اشقائك ، او خوفكِ على اشقائك من تصرفاته"
رمشت بعينيها الواسعتين حتى سقطت دمعة على خدها وهي تهمس بأسى
"اخاف على حياة اشقائي منهم"
عقدت حاجبيها بتفكير لبرهة قبل ان تقول بخفوت جاد
"بما انكِ تقولين منهم ، هذا يعني...شهيرة هي من قامت بتهديدك"
التفتت نحوها بسرعة وهي تهمس بتوجس
"كيف عرفتي بذلك ؟"
رفعت كفها الحرة وهي تمسك خدها وتمسح دمعتها هامسة بعطف
"هذا لأنني افهمكِ جيدا بدون كلام ، اسمعكِ بالبداية بعدها استنتج الاجابة"
رفعت حاجبيها بارتجاف وهي تهمس بابتسامة حزينة
"انتِ الوحيدة التي تستطيع فهمي بسرعة من بين جميع من حولي ، بينما اشقائي يسألوني مرة وعندما لا اجيب يتركوني وشأني بدون فهم علتي ومشكلتي"
ابعدت كفها عن خدها وهي تمسك يدها عند كفها الاخرى وتهمس بلطف
"هذه فائدة وجود الشقيقات بحياتنا ، فقط الشقيقات من يفهمون ألمنا وانكسارنا ، واعرف شعورك جيدا لأنني عشت مع شقيق ذكر ، خالتي هي الوحيدة التي كانت تفهمني"
بهتت ابتسامتها وهي تخفض نظرها حتى قالت سراب تبدد الصمت بنبرة جادة
وبماذا هددتك شهيرة خانم ؟""
عضت على طرف شفتيها تخنق انفعالها الواضح حتى همست بخفوت
"ماذا قالت ؟ هددتني بأشقائي وبكل شخص عزيز عليّ إذا اصاب حمزة سوء منهم"
عبست ملامحها وهي تقول بغضب
"وانتِ صدقتي كلامها"
التفتت لورين نحوها وهي تقول باندفاع
"قالت بالحرف الواحد بأن الرصاصة التي لم تصيبك ستجعلها تصيب كل فرد من عائلتي ، وإذا لم تقتله سيقتله الحزن والقهر"
حدقت بها بتعابير جامدة قبل ان تبعد نظرها وكفيها وهي تزفر انفاسها بصفير غاضب ، لتقول بعدها بخفوت منفعل
"هذه المرأة مجنونة مثل ابنها ولن استغرب إذا اكتشفت مرض وراثي بهذه العائلة ، فليس هناك احد راشد او عاقل بهذه العائلة لا تحكمه شهوة السلطة واستباح القتل ! كل شخص هنا يعيش من اجل نفسه فقط ! ألا من رحم ربي"
رمقتها بعدها بطرف حدقتيها وهي تهمس بخفوت جاد
"انتِ غير مشمولة بهذا الكلام"
حدقت امامها بخواء وهي تهمس بخفوت
"لقد تأقلمت بهذا المحيط ، لذا لا تبالي بي"
تنهدت سراب بوجوم وهي تكتف ذراعيها قائلة بتصلب
"لقد ظلمتك امكِ كثيرا بالارتباط بهذه العائلة وإنجابك بهذه البيئة السامة والمريضة"
ضمت يديها بقوة وهي تخفض نظرها لهما هامسة ببؤس
"نعم ولادتي كانت لعنة على الجميع"
التفتت نحوها وهي تقول بخفوت مغتاظ
"بل هم من كانوا لعنة بحياتك"
غامت ملامحها بضباب غطى عيناها وهي تهمس بخفوت مستاء
"لم يستطيعوا تقبلوا بينهم بسبب نسب والدتي ، كنت كثيرا ما اشعر بالوحدة بصغري فقد كان كل اقراني من معارف واصدقاء العائلة ينفرون مني ويبتعدون عني ، منهم من كان يشمئز مني ومنهم من كان يتجنبني بتحفظ ، ولم ألوم احد منهم لأن هذه افكار الآباء والامهات زرعوها بعقول اطفالهم وهم بسبب صغرهم وجهلهم صدقوها ! حتى اصبحت بالنهاية ابتعد بنفسي واضع مسافة بينهم وافضل الانفراد بنفسي على الاختلاط بهم ، لم اكن احضر او اشارك بأي حفلات ومناسبات عائلية واجتماعية لذلك كان وجودي شبه معدوم تقريبا بالوسط الاجتماعي ، فقط منذ ظهور دلال بحياتي اصبحت اظهر واخرج نفسي اكثر واعطتني قيمة ومكانة وشجاعة كنت افتقر لهم ، لذلك انا مدينة لها بالكثير من الافضال منذ ذلك الوقت !"
تغضنت اطراف حدقتيها العسليتين بأسى وهي تهمس بابتسامة رقيقة
"ومع ذلك فقد ثابرتِ واكملتِ دراستك وفعلتي الكثير من الإنجازات بعد وفاتها ، لقد بنيتِ لنفسكِ شخصية واهداف وطموحات حتى بعد رحيلها ولم تتوقف حياتك عليها ، وهنا استطعتِ الاعتماد على نفسكِ وتغلبتِ على المعيقات العائلية بحياتك"
ارتسمت ابتسامة ساخرة على محياها وهي تهمس بمرارة
"غير صحيح ما تقولينه فبعد وفاتها توقفت حياتي بأكملها ، دراستي واحلامي وطموحاتي ، لم يعد هناك ما اعيش من اجله وابني طريقي إليه ، لقد فقدت شغف الدراسة وفقدت الرغبة بالاستمرار بالحياة والسعي قدما خلفها ، واضعت ثلاث سنوات من عمري هباءً ، لم استطع استغلالها بأي طريقة"
تأملتها بحزن للحظات قبل ان تتابع ببحة حزينة
"وما جعلني اكمل مسيرتي بالجامعة كان بفضلها...."
بترت كلامها الاخير وهي تزم شفتيها تمنع نفسها من البوح باسمها بعد كل ما جرى بينهما ، لتهمس سراب باستغراب ما ان توقفت عن الكلام
"بفضل من ؟ هل هي شخص مقرب منكِ ؟"
ردت عليها لورين بسرعة بخفوت مشتد
"كانت مقربة مني ، والآن هي اصبحت غريبة عني تماما لا اعرفها مطلقا"
عقدت حاجبيها بوجوم بدون ان تسهب بالحديث اكثر بما انها لا ترغب بالجدال عنها كما هو واضح ، بينما شردت لورين بذكرياتها وهي تدرك الآن فقط بأنه مهما كانت نواياها نحوها ومهما بلغ مدى سوئها لن تنسى بأنها تحمل جميل كبير لها بسبب الوقت الذي قضته معها جعلها شخص مختلف تماما عن السابق تجاوزت معها صعاب حياتها وبنت لها شخصية تخالط الناس بها وثقة تقدمها لمن حولها واهداف تحققها بطريقها ، فبفضلها فقط استطاعت الوصول للقمة ونسي كل ما مضى وكأنه لم يحدث...تلك الطريقة التي لم يستطع كل اطباء النفس إيصالها لها فعلتها تلك الغريبة عنها التي ظنتها دوما صديقة حقيقية لها !
افاقت بسرعة على نفسها وهي تقول تغير مجرى الحديث
"كيف حالكِ انتِ ؟ وكيف صحتك ؟"
حركت كتفيها بلا مبالاة وهي تهمس ببساطة
"بخير الحمد لله ، ما زلت على حالي السابق"
اخفضت نظراتها لجسدها وهي تهمس بحزن
"وماذا عن الجرح ؟"
اخفضت نظرها حيث تنظر وهي تمسح على خصرها هامسة بلطف
"بخير ايضا ، لقد بدأ يندمل ويتعافى لوحده"
اطالت النظر عليها قبل ان تهمس بجدية
"سراب عديني بأن كل ما قيل بيننا سيبقى سر بيننا"
رفعت نظراتها لها وهي تهمس بتزمت
"لورين !"
رفعت رأسها بسرعة وهي تقول بقوة
"ارجوكِ يا سراب ، ارجوكِ عديني ، إذا كنتِ تحبيني حقا وتعتبريني شقيقتك ستفعلين ذلك من اجلي"
تنفست سراب بيأس وهي تبعد نظرها عنها هامسة بقلة حيلة
"حسنا فليكن ، لن اخبر احد ، ولن افتح فمي بحرف"
شقت ابتسامتها ملامحها الشاحبة وهي تحتضنها من كتفيها تطوقها بقوة وتهمس بسعادة
"شكرا لكِ"
لانت ملامحها وهي تمسح على ذراعها بكفها هامسة بقوة
"ولكن بعلمكِ بأني لست راضية عن هذا ، ولست راضية عن كل تصرفاتك ولكني سأصمت نزولا على رغبتك وكي تعرفي كم احبكِ"
اتكأت برأسها على كتفها وهي تهمس ببراءة
"اعرف ذلك"
ساد صمت لحظات بينهما حتى افاقت على صوت سراب هامسة باتزان
"انا اهنئكِ حقا"
نظرت لها باستغراب قبل ان تقول بخفوت واثق
"اهنئكِ لأنكِ استطعتِ تجاوز وهزيمة كل هذه المطبات بحياتك الصعبة منذ ولادتك ، تحملتِ ما لم يستطع احد تحمله بهذه العائلة المريضة وما تزالين تتحملين وتضحين بسببهم ! انا حقا اهنئكِ على هذه الإرادة والعزيمة التي تملكينها !"
توردت وجنتيها بحياء وهي تبعد رأسها عنها هامسة بمرح
"انا لم اتحمل شيء كبير ، فلست من تلقى تلك الرصاصة بالنهاية"
تلبدت ملامحها وهي تنفض ذراعيها من حولها هامسة باستهجان
"تلك المسألة مختلفة تماما !"
اعتدلت بجلوسها بسرعة وهي تهمس بابتسامة جانبية
"بل هي نفسها ، صحيح نسيت ان اسألكِ ، لماذا ضحيتِ بحياتك من اجل شقيقي ؟ هل لهذه الدرجة تحبينه ؟"
نهضت بسرعة عن الاريكة وهي تضع كفها على جبينها هامسة بضيق
"يا إلهي ! رأسي بدأ يدور من الألم ، يكفي كلام وحديث عن هذه المواضيع فقد تعبت منها جدا"
نهضت كذلك عن الاريكة وهي تهمس بتوجس
"هل انتِ بخير...."
قاطعتها بلمح البصر وهي تمسك كتفيها قائلة بجدية
"ألم تلاحظي بأننا قضينا وقتا طويلا بالجلوس بالغرفة ! لماذا لا نخرج ونتناول الاطعمة الخفيفة ؟ فقد بدأت اتضور جوعا حقا"
اومأت لورين برأسها وهي تهمس ببساطة
"لا امانع"
سحبتها بسرعة خارج الغرفة وهي تهمس بعجلة
"إذاً هيا بنا لنخرج ونغير اجواءنا قليلا"
اوقفتها عند الباب وهي تشير لشعرها هامسة بجدية
"وشاحك"
رفعت رأسها بإدراك وهي تغادر من امامها بسرعة هامسة بارتباك
"لقد بدأت افقد عقلي حقا ، سأنهار من شدة الضغط !"
عادت بسرعة لها وهي تلف الوشاح بعشوائية حول شعرها وتخرج معها ، بينما قالت لورين بخفوت لطيف
"لا تقلقي فلن تفقديه وانا معكِ"
______________________________
جالسة على حافة الرصيف الترابي الذي يطوق الشارع الفارغ وهو يظهر بمناطق قليلة بالقرية ، بسبب عدم حاجة السكان بهذه المنطقة للسيارات والاعتماد على الحيوانات بأغلب اعمالها وتنقلها وصعوبة سير السيارات على اراضيها الغير مستوية ، لذلك لا ترى السيارات هنا سوى نادرا جدا وغالبا ما تكون من خارج القرية جاء فقط اما بهدف السياحة او بهدف العمل ، والوسيلة التي يستخدمها اغلب قانطين القرية شاحنات النقل الكبيرة المخصصة للحيوانات والخضار ومواد البناء .
كانت تبكي بصمت وهي تمسح خدها بكفها بكل ثانية تستجمع نفسها بها وقد خذلتها ساقاها بمنتصف الطريق لتجلس على الرصيف وتتأمل الفراغ بحياتها ، لم تتذمر يوما من اساليب معيشتها القاسية ، العمل طول النهار ، إرهاق نفسها وجسدها لآخر حد ، تحمل كل المشقات والاعمال الصعبة ، حرمانها من كل سبل الراحة والرفاهية الموجودة بحياة الأنثى بعمرها ، فقد اخذت مهام تعادل مهام الرجال صعوبة واكثرها قسوة ، فقد قضت على براءتها منذ بلغت العاشرة وقضت على صباها منذ بلغت الخامسة عشرة ، وماتت بكل مراحل حياتها مع موت المحبين من حولها وكأنهم يأخذون شيء غالي منها لا تستطيع العيش بدونه !
والآن هي لأول مرة تتمرد على قوانين حياتها ومعيشتها وتعلن الحرب عليهم ، ترفض تلك الطرق البدائية بتعذيبها حية وسلب حقها بالحرية وتقرير مصيرها ، عندما وصل الامر لتلك النقطة بدفعها لذلك الرجل ثمن الدين عندها انتهى كل شيء بحياتها ، صبرها ، وتحملها ، وصمتها ، وثباتها ، وخنوعها ، لقد كانت القشة الاخيرة التي قصمت ظهر البعير....
رفعت كفها امام نظرها وهي تحدق بها بخواء وكأنها ترى آثار جريمة عليها ، لتهمس بعدها بخفوت مستاء مرتجف
"هل يعقل ؟ هل يعقل بأن يكون قد مات ؟"
شحبت ملامحها اكثر عندما راودتها تلك الافكار التي منعتها من الاستمرار بالهروب ، فهي رغم كل شيء سيء حدث بحياتها لم تأذي احد قط ولم تتجرأ على مسّ احد بسوء إذا كان حيوان او انسان ، فكيف استطاعت فعل هذا بذلك الرجل الذي اذاقها الويل طول تلك السنوات التي مضت ؟ رغم كل مضايقاته لها وتحرشاته اللفظية والجسدية نحوها لم تصل لدرجة قتله او إيذاءه ! لذا تجربة ايذاء انسان وإيصاله للموت لأول مرة تخيفها جدا وترعبها وكأنها تحولت لشخص غير بشري تشبههم تماما ! فماذا إذا مات ؟ ماذا سيحدث لها ؟
ضمت قبضتها لصدرها وانكمشت حول نفسها وهي تحتضن الحقيبة القماشية بقوة ، لتهمس بعدها بهذيان واضح
"لا يارب لا يموت ، لا يموت ، لن اتحمل ، لن اتحمل ذنب قتله !"
فاضت عيناها بالدموع مجددا وهي التي لم تكف عن البكاء منذ بداية يومها بل منذ شبت عن الطوق ، لتخفض نظرها ارضا وهي تهمس بضياع كمن فقد وجهة حياته
"اين اذهب الآن ؟ اين اذهب ؟"
تجمدت بمكانها بخوف وتوقفت انفاسها بحنجرتها ما ان سمعت صوت خطوات قوية تتجه نحوها ، وما هي ألا لحظات حتى استقرت الخطوات امامها وهي تشعر بنبضات قلبها تكاد تقفز من صدرها من شدة خوفها ، لتسمع الصوت المألوف الذي تسرب لقلبها بسكينة
"أليف"
شخصت عيناها الدامعة وهي ترفع رأسها بسرعة وتبصر الشخص الذي غاب عن ذهنها تماما باللحظات الاخيرة المنصرمة ، كان يراقبها بملامح جادة وهو يدس يديه بجيبي بنطاله ينتظر تبرير منها على ما تفعل ، لتنهض بعدها عن الرصيف ببطء وهي ما تزال تحدق به بصمت حزين حتى وقفت امامه بانكسار مثل غصن كسرته الرياح العاتية وألقت به بالعراء !
قطب جبينه بقوة واشتدت خطوط شفتيه وهو يعلق بمشهد الدموع الحبيسة بمقلتيها واحمرار جانب خدها بوضوح يظهر علامات اصابع طبعت بقوة ، ليحرر انفاسه بثواني وهو يقول بجمود
"ما هذا ؟....."
لم يتم كلامه بسبب اختراقها حصونه بحضن غير متوقع وهي تطوق ذراعيها حوله وتبكي بحرارة على صدره ، ولا يعلم لماذا تذكر ضعف وهشاشة لورين وطريقتها بالبكاء على صدره ! ولماذا يشعر بكل هذه الحمائية والدفاع نحوها وكأنها تخصه وجزء منه مثل لورين واكثر ؟
تمالك نفسه بثواني وهو يمسك كتفيها ويبعدها عنه قائلا بجدية
"ماذا بكِ ؟ ما لذي اصابكِ هذه المرة ؟"
رفعت عيناها بلونهما القمري الحزين وهي تحرك رأسها هامسة بتحشرج
"لا ، لا شيء ، انا فقط احتجت للبكاء"
تجول بنظره حولها حتى لمح حقيبتها القماشية الملقاة ارضا على الرصيف قبل ان يعود بنظره لها قائلا بقوة
"ما لذي تفعلينه هنا ؟ ولماذا لم تذهبي للمحكمة ؟"
قبضت بيديها على جانبيها وهي تتذكر كل الاحداث التي مضت انستها طريقها وهدفها ، لتهمس بعدها بخفوت متردد
"هل ما تزال راغب بالزواج بي ؟"
نظر لها باستغراب لبرهة قبل ان يقول بتأكيد
"لو كنت عكس ذلك لما رأيتني امامكِ الآن"
اومأت إيليف برأسها بشرود قبل ان تهمس بخفوت حزين
"ولذلك سألتك لأنني قد اتخذت قرارا"
رفع حاجبيه بخفة وهو ينتظر قرارها قبل ان تتنفس بتعب منهك وترفع نظرها هامسة بعزم
"نحن سنعقد قراننا اليوم ولكن بمحكمة المدينة وبدون وجود احد من عائلتي ، هذا قراري"
تغضن جبينه بوجوم وهو يتأملها عن كثب قبل ان يسحب يديه عن كتفيها ويتمتم بكبت
"ماذا فعلت لكِ تلك العجوز الشمطاء ؟ هل حاولت منعكِ من الزواج ؟"
تبرمت شفتيها بعبوس وهي تشيح بوجهها جانبا وتهمس بصوت مرير
"نعم حاولت منعي ، وحبستني ايضا كي لا اخرج واذهب إليك"
تلبدت ملامحه بقسوة وهو يرفع كفه ويمرر اصابعه على عنقه قائلا بجمود
"كان هذا متوقع من موقفها الأخير اتجاهنا"
نقل نظره نحوها وهو يخفض اصابعه قائلا بقوة
"وماذا فعلت ؟"
ابتلعت إيليف ريقها بارتعاش وهي تهمس ببهوت
"وايضا استطعت الهروب والنفاذ منها بدون ان تعرف"
نظر لها مطولا حتى قال بخفوت جاد
"وهل تخافين من ان تمسك بكِ مجددا وتعذبكِ اكثر ؟"
ادارت نظرها نحوه بسرعة وهي ترتجف بوضوح ، ليتابع كلامه قائلا بخفوت جازم
"لذلك لا تريدين الذهاب لمحكمة القرية ، تخافين ان نصادفها هناك"
اتسعت حدقتاها بذعر وهي تفكر بأن خوفها ليس منها وحدها بل منه بالتحديد إذا حدث وافاق من ذلك الاغماء وقرر الانتقام منها على محاولة قتله ، لتشد بقبضتيها بقوة وهي تخفض نظرها وتهمس بصوت اجوف
"انا ، انا كل ما اريده هو الخروج من هذه القرية والابتعاد عنهم"
غامت ملامحه بظلمة وهو يرفع نظره قائلا بتصلب
"هل ستتركينهم بدون حساب ؟"
رفعت نظراتها الدامعة نحوه وهي تفكر بأن ما فعلته بذلك الرجل هو اكثر من كافي ، واساسا بعد ان يكتشفوا هروبها والاعتداء عليهم بالضرب لن يسامحوها ولن يرأفوا بها لاحقا ! إذا كانت الرحمة معدومة بقلوبهم من الاساس فكيف بها الآن ؟ لن يتركوها تبقى على قيد الحياة لحظة واحدة !
همست إيليف بسرعة بلا حياة
"سأترك حسابهم مع الله ، انا لن افعل شيء بعد الآن"
اخفض نظره لها بصمت غامض قبل ان تنتفض وهي تهبط على جذعها وتلتقط حقيبتها ، لتستقيم امامه بسرعة وهي تقول بابتسامة مرتجفة
"لقد احضرت الاغراض الضرورية ، محفظتي وهويتي معي ، هل هناك ايضا ما يلزم مني...."
صمتت ما ان احتضن وجهها الصغير بيديه وهو يحدق بعينيها بقوة غريبة زادت خفقات صدرها ، ليهمس بعدها بصوت تغيرت نبرته الباردة
"لا تخافي بعد الآن ، اقسم بأنني سأحميكِ ولن اخلف بوعدي لكِ كما اخبرتكِ"
مالت طرف ابتسامتها بحزن وهي تهمس بخفوت
"وانا اثق بك ، اثق بك يا حذيفة"
ترك وجهها بهدوء وهو يزفر انفاسه بقوة ثم اشار برأسه قائلا باتزان
"إذاً هل نذهب يا امرأتي ؟"
نظرت له بسرعة من الكلمة الاخيرة التي نطق بها جمدتها عن الحركة ، لتضع حزام حقيبتها فوق كتفها بسرعة وهي تومئ برأسها هامسة بارتباك
"نعم ، لنذهب"
مد كفه نحوها وهو ينتظر بها وما ان طال سكونها حتى بادر بإمساك كفها وسحبها بقوة ، لتسير بجانبه بسرعة وهي تشد على يده وتدعو بأعماق قلبها ألا يخرج احد منهما بطريقها على الأقل حتى تصل لمدينته وتتأكد من نجاتها وانقاذ روحها من عقابهما !

يتبع.....


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-05-24, 02:49 AM   #475

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 843
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

نزلت السلالم برفقتها قبل ان تتجمد كليهما ما ان سمعا صوت صراخ المرأة الواقفة امام السيد الكايد بقوة
"ماذا يعني لا تعلم ؟ كيف لا تعلم ؟ هل تسخر مني ؟ هل تسخرون مني بعد ان وصلت لهذا العمر ؟ عار عليكم ! عار عليكم ما تفعلونه بي !"
ابتلعت لورين ريقها بخوف وهي تتمسك بحاجز السلم بيدها وتضع يدها الاخرى فوق قلبها وكأنها تشهد على بداية مأساة قادمة وخاصة بعد اللقاء الذي جمعها بتلك المرأة وتهديدها ما يزال ينبش بعقلها ويوصلها لحال اسوء ، ليوقظها صوت الواقفة بجانبها وهي تقول بثبات
"الله يعلم ما هي المصيبة الجديدة التي جلبتها معها ! فهذه المرأة لا يؤتمن لها بالخير ابدا !"
ارتجفت انفاسها بخوف اكبر وفكرة واحدة تراودها وتعبث الهواجس بداخلها ، ليبدد سفيان الصمت بالبهو الواسع الذي اجتمعت بقلبه كل افراد العائلة قائلا ببرود
"انا لا اعلم يا عمتي ، ليس لدي اي علم"
وكأنه يستفزها بكلامه فقد انفجرت حينها بقوة وهي تصرخ بجموح
"من يعلم إذاً ؟ من سيعلم إذا لم تكن انت تعلم ؟ من المستحيل ان تكون جاهل لهذه الدرجة ولا تعلم بالأحداث التي تجري بعائلتك فما هو واضح بأنكم اتحدتم جميعا على محاربتي ، اتحدتم على قطع صلتكم بي نهائيا واقصائي من العائلة ، وكأنه لا وجود لي او اعتبار او شأن بحياة احد منكم بعد ان لململت شتات هذه العائلة بغياب والدكم ، هل هذا جزائي ؟ هل هكذا تردون معروفكم معي ؟"
حركت رأسها بينهما وهي توشك على نزول الدرجات قبل ان توقفها التي امسكت بذراعها قائلة بجدية
"الافضل ألا تعلقي معها يا لورين فلن ترحمكِ هذه المرة ، وربما تفضح امركِ ايضا !"
تنفست بارتجاف وهي تتراجع بسرعة وتقف بجانبها وكفها تتشبث بحاجز السلم كداعم لها ، ليتكلم سفيان مجددا بصوت جهوري نافذ
"حسنا انا اعترف بأنه لدي علم بما كان سيفعل وقراره فهو قد اخبرني بأنه قد وجد الفتاة التي يريدها زوجة له ، قال بأنه سيحضرها معه للمنزل ويجري زواجهما امامنا ، واما موضوع عقد قرانه اليوم لم يخبرني بشيء عنه ، والآن عرفت منكِ فقط لذا رجاءً انتظري حتى يأتي وسأليه بنفسكِ !"
نفضت ذراعها على جانبها بقوة وهي تقول باستنكار منفعل
"تقول بأنه لديك علم وتعرف بما كان يخطط له شقيقك الأهوج ، وتتكلم بكل راحة بال واطمئنان وكأنه ترفيه عن النفس ! كان عليك الاعتراض ! كان عليك ان توبخه وتردعه ! تصويبه عن الخطأ ! لماذا دعمته بطريقه الخاطئ ؟ انت تشجعه على الخطأ ! هل هكذا يكون دعم الاشقاء برأيك ؟...."
قاطعها سفيان بغضب هادر
"انا لم اشجع احد على الخطأ ! ولم امسك بيده واسحبه بتلك الطريق ! وانتِ تعرفين طبيعة شخصيتي جيدا ومبادئي ، هو الذي اختار كيف يريد ان يعيش ، وبمن يريد ان يتزوج ، وبأي طريقة سيتزوجها ، كل ما اخبرته به بأنني معه دائما واقف خلفه بأي قرار يتخذه"
تبسمت شفتيها بسخرية وهي تلوح بذراعها بالهواء قائلة بقسوة
"ألا تكون هكذا تدعمه ؟ ماذا يسمى ما فعلته غير الدعم ؟ كان من المفترض ان توقفه عند حده لا ان تتركه يتصرف على هواه ! لم اتوقع هذا الموقف منك يا سيد الكايد ، انت تتركه يسقط بنفس الحفرة التي سقطت انت بها بطريقة اختيار زوجاتكم ، تسقطون بسحر واغواء النساء وتنخدعون سريعا ! هل تريد ان ينتهي مصير شقيقك مثلك ؟ متزوج من امرأة لا تناسب مقام عائلتنا وتقوم بتشويه سمعتنا...."
قاطعها مجددا بنفاذ صبر وهو يفرد ذراعيه على جانبيه
"هذه حياته الخاصة يا عمتي ، يفعل بها ما يشاء ، يتخذ قراراته ويتصرف بها بنفسه ، هو ليس طفل غير واعي او مجنون حتى امنعه واوقفه واوبخه ! هو الذي يختار الطريق التي يريد العيش بها بنفسه وإذا اخطأ يكون درس له يعلمه ألا يكرر الخطأ مجددا ، وانا بدوري كشقيقه الكبير يمكنني دعمه ونصحه بالخير وتمني التوفيق له ، ولن اتجاوز حدودي وافرض رأيي ونفسي بحياته الخاصة فكما هو لا يتدخل بحياتي الخاصة من واجبي ايضا ألا اتدخل بحياته هذا اقل واجب يمكنني فعله اتجاهه !"
تجمدت ملامحها وهي تحرك رأسها بمعنى خاب ظني ثم قالت بخفوت ناقم
"احسنت يا ابن شقيقي لقد اثبت الآن فشلك الذريع بدورك شقيق كبير لهم ، اثبت بأنك لا تستحق مكانك الحالي ! لا تستحق ان تكون كبير وسيد عائلة الكايد !"
رفع رأسه عاليا وهو يمسد جبينه بإصبعيه قائلا بجمود
"يا الله ، يا صبر ايوب !"
قال الفرد الصامت وهو يراقب ما يحدث بعينين جليديتين
"اريحي نفسكِ يا عمة فلم يمت احد بعد ، عندما يأتي حذيفة نعرف إذا كان زواجه خير او شر ، لا يمكن الحكم بدون النظر فنحن لسنا منجمين !"
نقلت نظراتها له سريعا وهي تضرب كفها بالهواء قائلة بهجوم
"لا تتدخل يا ابن مريام ، لقد كنت صامت طوال حياتك ولا تعترف بفرد من عائلتك وتعادي الجميع ، وعندما تعلق الأمر بهم وقفت بصفهم سريعا فقط كي تنتقم منا !"
اظلمت ملامحه بدون اي تعبير يعلوها وصمت ليس بسبب عدم وجود جواب على كلامها بل بسبب حضور الفردين الذين جذبوا كل الانظار نحوهما بثواني ، ليسود صمت ثقيل على الجميع وهم يقفون بمواجهة الذين دخلوا وانضموا لهم ببهو المنزل الواسع ، كانت كل الانظار مسلطة على الفرد الجديد الغير مألوف لهم ولم يفكروا طويلا بهويتها فقد كان واضح بأنها الشخص الذي يدور النقاش عنه وهي زوجة حذيفة التي عقد قرانه عليها اليوم والدليل هي طريقة امساكه بيدها واختبائها خلفه بخوف وحيطة مثل القطة الصغيرة التي تتشبث بمالكها...
تقدمت شهيرة نحوه بخطوات قوية وهي تحدق به بسكون مريب وما ان استوت امامه وهو ينظر لها ببرود حتى رفعت كفها وصفعته بلمح البصر بمشهد خطف انفاس الجميع ، بينما الواقفة بقربه تشبثت بذراعه بيدها الاخرى وهي تخفي بكائها ودموعها بظهره ، لتبدد الصمت بلحظات وهي تقول بانفعال مكتوم
"هل جننت ؟ هل فقدت آخر ذرة عقل موجودة برأسك ؟ ما لذي دهاك وانت تتصرف هكذا ؟"
لم تستطع لورين الاحتمال وهي تستل ذراعها من قبضتها وتكمل نزول السلالم بسرعة ، وما ان وصلت لبهو المنزل حتى تابعت شهيرة كلامها بعنف اكبر
"خبر عقد قرانك بالمحكمة انتشر بكل اطراف البلد ، مشاهدك وانت تتنقل وبيدك فتاة غريبة اصبح الجميع يتكلم عنه ، لقد دمرت سمعتك وصورتك الاجتماعية امام الناس ! بماذا كنت تفكر وانت ترتكب هذه الفاحشة ؟ ماذا سنبرر للناس والاقارب بعد الآن ؟ هل نقول بأنه ولد طائش احب ان يخرج عن تقاليد عائلته وتحدى كلمة واوامر كباره ؟ الآن كل من يسوى ولا يسوى سيتكلم عنا بالباطل بسبب فعلتك الشائنة وسيطعنون بشرف والدك وتربية والدتك !"
تلبدت ملامحه بصورة غريبة بدون ان يظهر اي انفعال عليها وهو يقول بهدوء واثق
"فليتكلموا كما يحلوا لهم ، لا احد لديه الحق او الجرأة على التدخل بحياتي الشخصية ، لا الناس ولا المجتمع ، ولا انتِ حتى !"
قال سفيان من فوره بصوت صارم
"حذيفة !"
عصفت ملامحها وهي ترفع كفها مجددا قبل ان تسمع صوت صراخ لورين وهي ترجوها ببكاء
"ارجوكِ يا عمتي ، ارجوكِ توقفي ، لا تضربيه"
صرخت عليها من فورها وهي ترمي كفها نحوها
"اخرسييي"
ابتلعت بكائها بخوف وهي تضم قبضتيها اسفل ذقنها ، ليقول حذيفة بعدها بهدوء بارد
"إذا كنتِ قد انتهيتِ ، فأنا استأذن منكِ"
نظرت له بسرعة وهو يغادر امام عينيها ويسحب الفتاة معه باتجاه السلالم ، لتقول شهيرة من فورها ببأس
"عيب عليك ما تفعله يا حذيفة ، انت اصبحت عار على العائلة ، وصمة عار علينا لن نسامحك عليها مطلقا !"
تجاهلها وهو يسير بخطوات واسعة حتى اوقفته التي اعاقت طريقه بلحظة وهي تهمس بصوت يشوبه الأسى
"هل حقا ؟ هل تزوجت ؟"
امسك بكتفها وهو يزيحها عن طريقه برفق ثم مسح على شعرها وغادر بنفس المسار ، لتلاحقه النظرات وهو يصعد السلالم برفقتها حتى تجاوز الساكنة بطريقهما والتي لم تتحرك من مكانها تراقبهما بحسد...فقد اختار كل منهما الآخر بملء إرادته بينما هي اجبرت على اختياره بدون ان يسألها احد عن رأيها !....
____________________________
فتح باب الغرفة ودخل برفقتها وهو ما يزال يسحبها من يدها بصمت وما ان وقف بوسط الغرفة حتى خرجت من خلفه وهي ترفع عيناها الدامعة تحدق بجانب وجهه الجامد الحجري ، لتبتلع شهقة بكاء ما تزال عالقة بحنجرتها بغصة لم تتحرر بالكامل وخاصة عندما شاهدت منظر إهانته من العائلة وكله بسببها ، ولن تتحمل ان تكون السبب بإهانته واذيته بعد ان عرض نفسه للخطر واحضرها إلى عالمه بدون تفكير بأحد وتبعات قراره عليهم...وهو الذي وافق على شرطها بعقد قرانهم بمحكمة المدينة بدون اخبار احد ولم تكن تتوقع ان ينتشر خبرهم بهذه السرعة ويصل لكل الاطراف ! فهل اخطئت بهذه المجازفة ؟ وهل سيتحمل الخسائر التي نجمت بسببها ؟ هل ستشعره بالندم لاحقا على هذا القرار ؟
رفعت كفها الحرة وهي تمسح خديها الحمراوين من اثر الدموع ثم حاولت التكلم اكثر من مرة بدون ان تجد الكلمات المناسبة التي ستنطق بها ، وما ان استجمعت شجاعتها حتى اوقفها الذي استدار نحوها يفلت كفها ويمسك بكتفيها ، ليجلسها بعدها على طرف السرير وهو ينحني نحوها قائلا بهدوء جاد
"ابقي هنا بمكانك وإياكِ ان تخرجي من الغرفة ، سأعود بعد دقائق ، لا تخرجي قبل عودتي"
زمت شفتيها بحزن وهي تراقبه يستقيم على طوله وينظر بكل الاتجاهات ألا اتجاهها يتحاشى النظر لها منذ وصوله ، ليشير بذراعه حوله وهو يقول بنبرة صلبة
"إذا اردتِ الذهاب للحمام فهو هناك ، ويوجد ماء ايضا ، والطعام سأحضره لكِ عندما انزل للأسفل وباقي احتياجاتك سأوفرها لكِ بأقرب وقت"
صمت بعدها وهو يخفض ذراعه ويفكر بما يجب قوله ايضا ، ليحرك رأسه بالنهاية وهو يقول بخفوت عميق
"يمكنكِ الراحة الآن فأنتِ تحتاجين إليها بعد كل العناء الذي تكبدنا بالوصول ، ارتاحي قليلا وبعدها نتكلم بكل شيء"
اتسعت حدقتاها بوميض الدموع ما ان ادار ظهره لها وهي تهمس بسرعة بتحشرج
"ولكني...."
صمتت بسبب العبرة بحلقها وقد فقدت النطق الصحيح وتلخبطت الكلمات برأسها ، ليبدد الصمت وهو يقول بقوة فاجأتها
"لا داعي لقول شيء الآن فقد مررتِ بالكثير ، ومن حقكِ اخذ قسط من الراحة"
ما ان كان سيتحرك حتى تمسكت بذراعه وهي تقول بخفوت حزين
"انا آسفة"
تنهد بخفوت عميق وهي تتأمل جانب وجهه بصمت يشوبه الأسى ، ليستل ذراعه من بين يديها وهو يقول بهدوء متزن
"ليس عليكِ اي ذنب او لوم حتى تعتذري وكل ما حدث من كلام بالأسفل انسي امره وامسحيه من عقلك ، فلن يغير شيء من الحقيقة ، هل كلامي مفهوم ؟"
اومأت برأسها وهي تضم شفتيها بأسنانها تمنع نفسها من البكاء اكثر ، ليمسح بعدها على شعرها الناعم برفق كما فعل معها عندما تعرض للحساسية من الطعام بسببها وشعرت بالذنب حينها ، ليهمس بعدها بخفوت واثق
"لقد وعدتكِ يا أليف وانا لا اخلف بوعد قطعته مع احد ، ولن اخرج عن وعودي ومبادئي من اجل احد أياً كان ، لذا لا تخافي من شيء ، حسنا !"
ارتسمت ابتسامة حزينة على محياها حتى تفتحت الزهور بخديها مثل لون البلسم ، ليسحب كفه عن رأسها وهو يدسها بجيب بنطاله قائلا بحزم
"ارتاحي الآن ونتكلم فيما بعد ، هل كلامي مفهوم ؟"
اومأت إيليف برأسها مجددا وهي تراقب رحيله بلحظات حتى اقفل الباب خلفه برفق لتتنفس الصعداء قبل ان تخفض نظرها بسرعة لحقيبتها القماشية تتأكد من وجود كل شيء بداخلها ، ضمتها بعدها لصدرها وهي تتجرأ على اخذ جولة سريعة خاطفة بالغرفة الواسعة الانيقة التي دخلت لها ، ديكور فخم بلون الفضي الفاتح رسم شكل وردة على السقف المزخرف والجدران...واريكة بيضاء جلدية مزخرفة بنقوش فضية يماثلها السرير بنفس لون الخشب الابيض الأملس...وستائر بلون الرمادي معلقة على النافذة مشابه للون الفراش والقماش الحريري الراقي...وكأنها غرفة خيالية موجودة فقط بعالمها الوهمي عندما يغفو عقلها ويغلبه التعب وتلتجئ له للهروب من واقعها القاسي ! وما تزال لا تصدق بأنها اصبحت جزء حقيقي منه وتحقق الوهم ودخل بالواقع حتى لم تعد تحتاج للنوم او ارهاق جسدها للوصول إليه ! وكانت اقصى امنياتها حينها ان تنام نوم ابدي تتنعم بتلك الراحة الخيالية ولا تفيق منه !
لعقت طرف شفتيها بجفاف وهي تحيد بنظراتها وتسقط على ابريق الماء والكأس بجانبه ، لتقترب منه بحذر تتمسك بحقيبتها بحضنها حتى وصلت إليه ثم امسكت الكأس وسكبت الماء بداخلها بحرص ، رفعت الكأس امام نظرها وهي تتأمل الماء العذبة بالكأس بلون شفاف لا يشوبه اي شائبة صافية درجة النقاء ، لتشد بأصابعها على الكأس وهي تهمس بخفوت باهت
"حتى الماء هنا نظيف اكثر ! لما لا تكون قلوب الناس مثل هذا الماء ؟"
تمالكت نفسها بسرعة وهي ترفعها لطرف شفتيها وتشرب الماء بداخلها ببطء ، ولأول مرة بحياتها لا تشعر بنكهة او طعم للماء دليل بأنه صحي اكثر ومفلتر جيدا ، وما ان انتهت حتى اعادتها لمكانها فوق المنضدة وهي تسحب نفسها لداخل الفراش قبل ان تتوقف وهي تخفض رأسها وترفع قدميها بالهواء كي تخلع حذائيها المتسخين من التراب والاعشاب افسد لونه الابيض مع مرور السنوات والظروف....
استلقت بعدها على جانبها فوق الملاءة الناعمة التي تشعر بها مثل الغيمة القطنية رفعتها عنان السماء وهي تطوق الحقيبة بذراعيها وتنكمش حول نفسها ، تقاوم رغبتها بالغرق بالنوم رغم كل الاغراءات حولها كي لا تكتشف بأن كل ما حدث مجرد حلم وتستيقظ على كابوس اسوء من سابقه ! عندها ستتمنى ان تموت ولا تحيى بواقع غير واقعها الحالي !
____________________________
اجتمعت افراد العائلة حول مائدة العشاء حيث اصطفت الكثير من اصناف الاطعمة فوق الطاولة وكأنها مأدبة ، وكل واحد منهم اخذ مكانه حول الطاولة فبينما جلس كبير العائلة على رأس المائدة جلس بالشق الأيمن إلياس وهيثم ولورين ، وبالشق الأيسر جلست سراب وحدها ، واما شهيرة فقد غادرت بعد وصولها بدقائق بدون الانتظار وحضور مائدة العشاء بعد ان نفثت نيران غضبها بالجميع وخلفت عواصف بالمكان وبالنهاية غادرت بكل بساطة متوعدة للجميع !
كان يسود جو من الهدوء والضباب المسيطر على الجميع بدون ان يتكلم احد منهم عن الذي حدث قبل ساعة من الآن ، وهم ملتزمون بأماكنهم ويتناولون من الطعام الموجود بصمت وادب احتراما لآداب الطعام ، لتتسلط الانظار جميعها باتجاه الكائن الذي دخل للجلسة العائلية واساس كل تلك الجلبة سابقا وهو يجول بنظره عليهم ببرود اقرب للامبالاة ، ليبدد إلياس الصمت اولاً وهو يقول بابتسامة رسمية
"مساء الخير يا عريس مبروك زواجك ، لقد دخلت انت ايضا لقفص الزواج الذهبي ، اهنئك على شجاعتك"
اومأ برأسه بابتسامة جانبية وهو يضع كفه على صدره قائلا بلباقة
"سلمك الله ، يبدو بأن قفص الزواج قد نفعك كثيرا"
تغضنت طرف ابتسامته وهو يرفع إصبعيه ويشير بهما على جبينه كتحية او شكر ، وقبل ان يتكلم احد آخر كانت الانظار تنجذب للتي نهضت عن كرسيها بقوة وركضت حول الطاولة بسرعة لترتمي بأحضان شقيقها الذي تسمر بمفاجأة وهي تطوق خصره بذراعيها وتهمس بسعادة غامرة
"مبروك زواجك يا حذيفة ، مبروك ، مبروك"
تنحنح بارتباك وهو يرفع كفه ويربت على رأسها قائلا بشبه ابتسامة
"لم تكن هذه ردة فعلك عندما رأيتني !"
رفعت رأسها وهي تبتعد عنه هامسة بتذمر
"هذا لأنك فاجأتني ، لم اتوقع ان تتزوج بهذه الطريقة ولم يخطر ببالك ان تخبرني بشيء او تبوح لي برغبتك بالزواج ! لقد تجاهلتني وتزوجت بدون علمي !"
تنهد بصمت وهو يرسم ابتسامة طفيفة على محياه ثم مسح على خدها قائلا بنبرة عميقة
"لقد كان قرار مفاجئ لي ايضا ، هكذا شاءت الظروف"
اتسعت ابتسامتها ببراءة وهي تهمس بسعادة
"اتمنى ان يكون القرار الصائب ولا تشعر بالندم بحياتك"
قرص خدها بأصابعه وهو يقول بصرامة
"وماذا تفعلين انتِ بمنزلنا ؟"
عبست ملامحها بينما اجاب إلياس نيابة عنها
"جئنا للزيارة ، هل لديك مانع ؟"
رفع حذيفة رأسه وهو يقول بصوت متهكم
"كلا ليس لدي مانع ، ولكنني قلقت على شقيقتي يا سيدي الصهر"
حرك عينيه جانبا بدون ان يجيب بينما همست لورين بلطف
"انا بخير يا حذيفة ، لا تقلق عليّ"
عاد بنظره لها وهو يترك خدها ويربت على كتفها قائلا بجدية
"كيف حالكِ ؟ هل انتِ سعيدة ؟"
اومأت لورين برأسها وهي تهمس بتأكيد
"نعم بخير وسعيدة جدا بعد رؤيتكم بخير ، واصبحت سعيدة اكثر بعد خبر زواجك"
تنهد بقوة وهو يقول بخفوت حازم
"إذا كان هذا كلامك...."
تأفف إلياس بصوت مرتفع وهو يقول باستنكار
"هذا كثير جدا ! هل قررتم ان تصبحوا محققين على دوري ؟ ام تفعلون هذا كي تقللوا من احترامي وكبريائي !"
ما ان كان حذيفة سيتكلم حتى سبقه سفيان وهو يقول بصوت نافذ الصبر
"يكفي كلام انتما الاثنان ، لورين اجلسي بمكانك وحذيفة اجلس على المائدة اريد الكلام معك"
ابتعدت لورين عنه وهي تعود للجلوس بمكانها السابق بامتثال ، لينهض إلياس عن الكرسي وهو يمسك بظهره بأصابعه قائلا بنبرة باردة
"لقد تركت لك الكرسي ، تعال واجلس عليه يا عريس وانا سأجلس بجانب زوجتي"
تلبدت ملامحه وهو يسير باتجاهه قبل ان يجلس على الكرسي الخاص به ، بينما جلس إلياس على الكرسي الفارغ بجانب لورين وهو يربت على شعرها بمداعبة ، ليقول سفيان بعدها بجدية
"اين هي زوجتك ؟"
ردّ عليه بابتسامة باردة
"ترتاح بغرفتي والتي هي غرفتها"
سحب انفاسه بقوة وهو يضم قبضتيه فوق الطاولة قائلا بتصلب
"هل عقدت قرانك بمحكمة العاصمة ؟"
نظر له بطرف عينيه وهو يقول بهدوء خفيض
"ألم تصل لك الاخبار...."
ضرب على الطاولة بقوة وهو يقول بنبرة فولاذية
"انا اسألك انت ، اجب على السؤال"
تنفس حذيفة بهدوء وهو يقول ببساطة
"نعم عقدت قراني بمحكمة العاصمة"
تجمدت الخطوط حول حدقتيه وهو يقول بهدوء متزن
"ولماذا عقدتها بمحكمة المدينة وعلى مرأى كبير من الناس ! هل نسيت بأن اغلب معارفنا يعملون هناك ؟ بماذا كنت تفكر ؟"
حرك كتفيه باستخفاف وهو يقول ببرود
"هكذا شاءت الظروف"
اشاح بنظره بعيدا وهو يتمتم بسخط
"سحقا لك ولظروفك !"
نقل نظره له وهو يسند مرفقيه على طرف الطاولة قائلا بتسلط
"ألم تكن فقط بالأمس موافق على قراري ! ما بك بدلت رأيك هكذا ؟"
حدق به بسرعة وهو يضرب على الطاولة بقبضته قائلا ببأس
"نعم صحيح ، كنت موافق حتى فاجأتني بعقد قرانك بدون تخطيط ، كان من المفترض ان تحضرها لي واتكفل بعقد قرانكما بنفسي لا ان تتصرف على هواك وتفعل ما ينزل هامتنا امام الناس وقد حذرتك كثيرا ألا تفعل شيء بتسرع !"
كان يبادله النظر ببرود حتى قال بهدوء جاد
"لا يفرق معي فأنا كنت سأعقد قراني بها بكل الأحوال ، وايضا وجودها معي سيكون اكثر منطقية إذا قمت بعقد قراني بها !"
اطبق على اسنانه وهو يقول بضيق
"متسرع !"
قال سفيان بعدها وهو يعيد ظهره للخلف ويكتف ذراعيه بقوة
وهل ستقيم معك بنفس الغرفة ؟""
اومأ حذيفة برأسه وهو يقول بثقة
"نعم هذا ما سيحدث"
تنفس بهدوء وهو يقول بخفوت عميق
"ومتى ستشهر هذا الزواج ؟ بالتأكيد لن تتركهم يحيكون القصص عنك وعن امرأتك !"
تقدم بجلوسه وهو يضم قبضتيه قائلا بأمر حاسم
"سنعلن عن الزواج لا تقلق يا شقيقي ، سنقيم حفلة زفاف بسيطة بداخل المنزل وتدعو بها كل معارفك واقاربك ، هل هذا يرضيك ؟"
امسك ذقنه بأصابعه وهو يقول بجدية
"ومتى سيحدث هذا الكلام ؟"
اخفض نظره لبرهة قبل ان يعيد نظره له قائلا بجدية
"بعد ثلاث ايام"
رفع حاجبيه بدهشة وهو يقول من فوره باستنكار
"وكيف ستستطيع ان تلحق كل هذه التجهيزات بغضون ثلاث ايام ؟"
مالت ابتسامته بهدوء وهو يقول بثقة
"سنلحق يا سفيان ، لا تقلق من شيء"
ما ان كان سيرد عليه حتى سبقته الجالسة على يساره وهي تخرج عن صمتها لأول مرة قائلة بجدية
"اعتذر على مقاطعة حديثكما ولكن يمكنني مد يد العون لكما ، انا التي جهزت مراسم الزفاف الخاصة بلورين ويمكنني تكفل تجهيزات حفلة زفافك والعروس إذا كنت موافق بالطبع"
اخفض رأسه امامها وهو يقول بامتنان
"سيكون فضلكِ كبير جدا عليّ إذا فعلتي ذلك"
ارتسمت ابتسامة باهتة على محياها وهي تهمس بخفوت لبق
"لا تقلق بهذا الشأن سأفعل ذلك بكل سرور ، وايضا مبروك زواجك يا حذيفة"
اومأ برأسه بابتسامة مجاملة بدون النظر لها مباشرة ، بينما كان هناك من ينوب عنه بنظراته المباشرة نحوها والتي نفذت اعماقها وكأنها اذنبت بما فعلت وقالت ، ولم تكن تعلم بأن نطقها باسمه مجردا بينما تحرمه من سماع اسمه على لسانها ضايقه بشدة ! تجاهلت نظراته وهي توجه تركيزها للتي قالت بحماس مفرط
"وانا ايضا اريد المساعدة ، إذا سمحت...."
قاطعها الجالس بجانبها والذي امسك بكفها سريعا قائلا بغموض
"لن نفعل شيء بالطبع فنحن سنكون ضيوف الشرف بالحفلة ، أليس كذلك يا حذيفة ؟"
نظر له حذيفة ببرود وهو يقول بشبح ابتسامة
"بلا شك ، انتم اول الاسماء بالقائمة"
تبرمت شفتيها بعبوس وهي تخفض نظرها بصمت ، لينهض حذيفة من مكانه وهو يقول بهدوء متزن
"عن إذنكم سأصعد لغرفتي الآن ، امسية سعيدة"
التفت سفيان نحوه وهو يقول بجدية
"اجلس وتناول طعامك اولاً فأنت لم تتناول شيء منذ الصباح"
ردّ عليه بلحظة بابتسامة جانبية
"سآخذ الطعام للأعلى واتناوله مع زوجتي ، فهي ايضا لم تتناول شيء منذ الصباح"
حرك عينيه بعيدا وهو يتابع تناول طعامه قائلا ببرود
"افعل ما تشاء"
التفت بعيدا وهو يلوح بيده للخادمة الصغيرة الواقفة جانبا ، لتهرع بسرعة على إشارته وما ان وقفت امامه حتى قال بحزم
"اذهبي وحضري بعض الاطعمة كي آخذها معي للأعلى"
اومأت برأسها بسرعة قائلة بطاعة
"حاضر يا سيدي"
غادرت بسرعة من امامه تتجه للمطبخ وما ان عادت إليه مجددا حتى اخذ الصينية منها وغادر بها للأعلى ، بعدها بلحظات نهض إلياس بهدوء وهو يقول بجدية
"عن إذنكم يا سادة فقد تأخرنا كثيرا وعلينا العودة للمنزل ، وشكرا لكم على حسن ضيافتنا"
استاءت ملامحها وهي تهمس بخفوت
ألا نستطيع البقاء اكثر !""
حاد بنظراته نحوها بجفاء حتى قال سفيان بهدوء جاد
"لقد اظلم الطريق الآن ، يمكنكما المبيت هذه الليلة بمنزلنا والخروج بصباح الغد"
نظرت له بسرعة وكلها امل ان يوافق ليخيب املها سريعا ما ان لمحت جمود ملامحه ونظراته الخاوية ، ليقول بعدها بابتسامة طفيفة
"اقدر عرضك كثيرا ولكنني اُفضل العودة للمنزل فلدي اعمال وعقود عمل مهمة بصباح الغد ، ويتوجب منا الخروج للطريق من الآن كي نستطيع اللحاق"
اومأ برأسه بتفهم قبل ان يشير بكفه قائلا ببساطة
"لما لا تترك لورين عندنا هذه الليلة ؟...."
ردّ عليه إلياس بصوت قاطع
"مستحيل !"
ارتجفت لورين بمكانها وهي ترفع رأسها بتوجس وما ان حاد بنظراته نحوها حتى اشاحت بوجهها سريعا بخوف ، ليتنفس سفيان بهدوء وهو يقول باستسلام
"حسنا إذاً رافقتكما السلامة ، ولن اوصيك على شقيقتي هذه المرة"
غزت ابتسامته محياه بدون تعبير وهو يقول بثقة
"لا توصي حريص"
سحبها بعدها من كفها وهو يقول بجدية
"هيا بنا ، جهزي نفسكِ بسرعة كي نذهب"
اومأت برأسها بامتثال وهي تنهض عن الكرسي ثم سحبها من كفها ودار معها حول الطاولة ، وما ان اصبحت بقرب سفيان وزوجته حتى لوحت بكفها لهم وهي تقول بخفوت حزين
"وداعا ، اراكم على خير"
لوحا لها كل من سفيان وهيثم مودعين بينما امسكت سراب بكفها تشد عليها وهي تبتسم لها بمحبة ، ليجذبها إلياس من كفها الاخرى وهو يقول بصبر نافذ
"هيا بنا تأخرنا"
بهتت ابتسامتها وهي تترك كفها ثم استدارت بسرعة وغادرت معه باتجاه السلالم ، بينما عادت سراب بنظراتها لطبقها وتابعت تناول طعامها بصمت مع من تبقى على المائدة....

يتبع......


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-05-24, 03:01 AM   #476

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 843
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

دخل للغرفة وهو يحمل صينية العشاء بين يديه قبل ان يتجمد بمكانه ما ان جذبه مشهد مخالف للطبيعة...كانت التي تركها بغرفته نائمة على جانبها الأيسر بدون وسادة وجسدها الصغير متكور حول نفسه وتحتضن حقيبتها بين ذراعيها وكأنها الشيء الوحيد الذي يشعرها بالأمان ، ليشعر بغصة مريرة بحلقه وكأنها كائن صغير ضعيف تشبه القطط الضالة المشردة بالطريق وليست بشرية لديها روح مثلهم ! نسيت كيف تعيش مثل البشر بسبب ما عاشته بحياتها التي كانت اسوء من حياة القطط والحيوانات بالشوارع ! فكيف سيستطيع ان يشعرها بالأمان بهذه البيئة الجديدة ؟ بل كيف سيستطيع ان يدمجها بعالمه المخالف تماما لعالمها مثل حلول الشمس مكان القمر او دخول الشمس بوقت المساء ؟ هل سينجح بهذه المهمة ؟
اخفض نظره حتى وصل لقدميها وجواربها القديمة المثقوبة بلونهما الباهت ويبدو لا تمتلك غيرهما ، لينزل بنظره اكثر لحذائيها الملقى بهما جانبا وهو يلاحظ آثار الحياة البرية واضحة على حوافهما والطين ملتصق بكعبهما ، انحنى بعدها وامسك بنهاية كل منهما بأصابعه ثم نقلهما خارج الغرفة ليعود بعدها للغرفة ويستقر مجددا بجانب السرير وهو يستغرق بتأملها...
حرك رأسه بهدوء وهو ينحي هذه الافكار جانبا حاليا فما هو اهم الآن هو جعلها تعيش ليوم الزفاف ، ليضع الصينية على المنضدة الجانبية وهو يقول بهدوء جاد
"أليف استيقظي ، لقد احضرت الطعام"
وقف عند جانبها بدون ان تصدر عنها حركة وكأنها بسبات شتوي ، لينحني على جذعه وهو يرفع كفه ويزيح خصلات شعرها بأصابعه ثم تلمس جبينها الابيض وانفها هامسا بخفوت
"لا يوجد حرارة او اي مؤشرات غير طبيعية ، وتنفسها طبيعي تماما"
ابعد كفه وهو يقول بصوت اعلى
"أليف استيقظي ، عليكِ بالاستيقاظ ، يجب ان تتناولي طعامك اولاً قبل خلودك للنوم ، هل تسمعيني ؟"
بقيت نائمة بسكون وبعض الخصلات تتحرك مع انفاسها المنتظمة القصيرة ، ليمسك بعدها برسغ يدها بإصبعيه وهو يقيس نبضها بمعاينة سريعة حتى قال بهدوء
"والنبض طبيعي ايضا ، مجرد تسارع بالنبض لن يؤثر بحياتها"
عقد حاجبيه باستهجان وهو يفلت رسغها بسرعة ويقف قائلا بوجوم
"ما بي اصبحت اتصرف مثل الاطباء المهووسين ؟"
عاد يتأملها بصمت حزين وهو يهمس باستياء
"منذ متى لم تنم بها ؟"
سحب انفاسه بهدوء حتى تضخم صدره ثم مد كفه لكتفها وهو يهزه برفق قائلا
"إيليف...."
استقام بسرعة ما ان انتفض جسدها بذعر وهي تنظر حولها بضياع وخوف ، لتهمس بعدها بخفوت متخبط
"اين انا ؟...."
توقفت انفاسها ما ان سمعت صوته يخترق غمامتها قائلا بخفوت متزن
"انتِ بمنزلي"
رفعت حدقتيها الواسعتين باحمرار طفى على سطحهما وهي تتمعن بالنظر له وكأنها تتعرف عليه...او بالأصح تتأكد بأنه حقيقة ومتجسد بالواقع وليس وهم من خيالها ، لتخفض رأسها بحرج وهي تهمس بخفوت متحشرج
لم ، لم اقصد ، لقد خفت للحظة ! اعتذر منك""
تأملها بإمعان للحظات من قمة رأسها ذات الشعر النحاسي الفوضوي لسترتها الرمادية القطنية وقد نزلت اكتافها وظهر تحتها قميصها الابيض ، وترتدي بنطالها الازرق الفاتح المهترئ الذي يراه كثيرا عليها وكأنها لا تملك غيره منذ اول لقاء جمع بينهما عندما اصطدمت بسيارته !
قال حذيفة بعدها بهدوء خفيض
"ليس مهم لقد اتيت من اجل طعامك ، احضرت عشاءك معي"
اختلست النظر جانبا لتلمح صينية الطعام فوق المنضدة وهي تستطيع سماع صوت معدتها الخاوية منذ ايام ، لتشيح بنظرها بسرعة ما ان تحرك من مكانه وامسك صينية الطعام وهو يضع طاولة صغيرة حركها بساقه ثم حط بالصينية فوقها ، ليقول بعدها بخفوت حازم
"عليكِ بتغذية نفسكِ جيدا ، ارجح بأنكِ لم تتناولي طعاما صحيا بحياتك وهذه المائدة ستشمل كل المكونات المهمة التي يحتاجها جسدك ، ولن تنامي قبل ان تشبعي بطنك"
رفعت رأسها بسرعة وهي تحدق به بصدمة وكأنه يعرف طبيعة المأكولات التي كانت تعيش عليها ، فهل عرف بسبب مرة واحدة تناول بها الطعام على مائدتهم !
رفع حذيفة رأسه نحوها وهو يقول بجدية
"ماذا هناك ؟"
زمت شفتيها بتبرم وهي تضم ساقيها بارتجاف وتنظر حولها بتوتر ، ليعقد حاجبيه باستغراب وهو يهمس بقوة
"ماذا تحتاجين ؟"
زفرت انفاسها بقوة وهي تسلط نظرها نحوه هامسة بخجل
"احتاج...احتاج للحمام"
تجمد بمكانه لوهلة قبل ان ينقل نظره لباب الحمام قائلا بوجوم
"ألم تذهبي للحمام منذ قدومنا ؟"
حركت رأسها بالنفي بشدة وهي تحدق به بارتجاف صامت وكأنها طفلة تقاوم رغبات جسدها ، ليتراجع للخلف بسرعة وهو يشير بذراعه باتجاه الحمام قائلا بقوة
"اذهبي إذاً...ماذا تنتظرين ؟"
نهضت بسرعة عن السرير وكأنه قرار بالإفراج عنها قبل ان يوقفها قائلا بجفاء
"اتركي الحقيبة عنكِ"
توقفت بقوة وهي ترجع ادراجها وتضع الحقيبة على طرف السرير ، ثم ركضت بسرعة باتجاه الحمام تطلق سراح نفسها حتى اغلقت الباب خلفها برفق .
تنهد حذيفة بقوة وهو يمسح على شعره بأصابعه الطويلة ليشرد بنظراته بالخواء متذكرا لحظة استيقاظها وردة فعل جسدها السريعة والخوف الذي انتابها حينها ، وهذا يعني بأنها تعرضت للتعذيب ايضا اثناء نومها منعها من النوم بشكل طبيعي بدون خوف وحيطة وكأن حياتها مهددة بالخطر !
بينما كانت إيليف تقف امام المغسلة بعد ان ارتاحت تماما وهي تهمس براحة
"لقد كدت اموت من حبس نفسي"
رفعت نظرها وصدمها ما رأته على المرآة فقد كانت تبدو مخيفة بدرجة كبيرة وخاصة بأن هذه المرآة تختلف عن المرآة بمنزلها فهي تظهر كل شيء بوضوح عالي لم تعتد عليه ! كانت تبدو مثل الارواح الشريرة الموجودة بالأفلام القديمة...شعرها فوضوي جدا وخصلاته مجعدة ، وملامحها شاحبة بائسة خاصة مع خدها البنفسجي المتورم وكدمة حمراء بطرف شفتيها...وعيناها حمراوان بشدة بالكاد يظهر لونهما الفضي خلف احمرارهما وانتفاخهما وهذا كله يصيب بشيء واحد وهو بأنها غير مؤهلة بتاتا ان تكون زوجة لائقة لفلاح فكيف ان تكون زوجة للسيد حذيفة !
عبست ملامحها بحزن وهي تهمس باستياء
"الآن عرفت لماذا لم يتقدم احد للزواج مني ، فيبدو بأن عمتي كانت على حق بفكرة ان لا احد ينظر لوجهي ! ومن ينظر لوجهي يصاب بالفقر والسقم !"
حركت رأسها بقوة وهي تركز تفكيرها بالحاضر هامسة بتشجيع
"استجمعي قواكِ فأنتِ الآن زوجة حذيفة ، ولن يغير احد هذه الحقيقة"
رفعت يدها لصنبور الماء قبل ان تتوقف وهي تعاني من مشكلة بفهم طريقة عمله ، لتحرك ممسكة الصنبور بكل الاتجاهات وما ان رفعتها عاليا حتى انطلق الماء عليها بقوة بلل وجهها وملابسها ، لتطفئه بسرعة وهي تمسح وجهها بذراع سترتها وتنفض ملابسها بقوة هامسة بقهر
"ماذا فعلت ؟ يا لي من غبية ! لا احسن فعل شيء"
عضت على طرف شفتيها وهي تمسك الصنبور مجددا وترفعه ببطء شديد حتى تدفق الماء بشكل طبيعي ، لتتنفس الصعداء وهي تغسل يديها ووجهها بوضوء كامل ثم اغلقتها ببساطة ، لتأخذ المنشفة البيضاء المعلقة وهي تمسح وجهها بها هامسة بقنوط
"يا لها من حياة معقدة يعيشونها الاغنياء !"
عقدت حاجبيها الصغيرين وهي تلاحظ بأن المنشفة البيضاء كبيرة جدا تكاد توازي طولها وما ان فردتها حتى ظهر لها رداء كبير له حزام لا يشبه المنشفة ، لتعيده بسرعة لمكانه وهي تهمس بوجل
"ماذا يكون هذا يا ترى ؟"
تجولت بنظرها بأنحاء الحمام الواسع من سراميك ازرق ناعم مموج بلون ابيض وكأنها امواج البحر صعدت على جدرانه ، واما الارض ملساء ناعمة بيضاء كادت تسقط عنها اكثر من مرة بسبب عدم اتزانها واعتيادها على كل هذه النعومة والرقة ، وكل شيء موجود حولها يكاد يرسلها للجنون بسبب دخولها لعالم جديد عجيب لا تنتمي له مطلقا وكأنها حقبة زمنية دخلت لها عن طريق الخطأ ويجب عودتها لحقبتها الحقيقية !
ابتلعت ريقها بصمود وهي تربت على صدرها بكفها هامسة بجدية
"تستطيعين التأقلم بالمكان ، فقط امنحي نفسكِ بعض الوقت ، تستطيعين فعلها"
عزمت امرها وهي تتجه خارج الحمام تشحن نفسها بالطاقة اللازمة ، وما ان خرجت منه حتى تضاءلت قوتها بذات اللحظة التي رفع بها رأسه نحوها ينظر لها بإمعان ، لتلاحظ تغضن جبينه باستغراب وهو ينظر لملابسها طويلا قبل ان تسارع بضم سترتها حول جسدها ما ان فهمت بأن منظر الماء الذي يقطر منها قد جعله يتعجب ، وها هي قد وضعت نفسها بمواقف محرجة بأول يوم لها بمنزله ! ماذا سيحدث اكثر بعد ؟
افاقت على اصبعه وهو يشير لها قائلا بجدية
"تعالي اجلسي"
تحركت بسرعة بانصياع حتى جلست على طرف السرير امامه والطاولة الصغيرة تفصل بينهما ، ليقول بعدها بهدوء جاد
"لماذا ملابسك مبتلة بالماء ؟ هل كنتِ تسبحين ؟"
زمت شفتيها بارتجاف وقد حدث ما كانت تتوقعه ، لتتنحنح بسرعة هامسة بارتباك
"كلا انا فقط لم اعرف كيفية استخدام الصنبور"
رفع حاجبيه بخفة وقد تأكد الآن من الاختلاف بين عالميهما وبأنه يتعامل مع طفلة حقيقية من واجبه تعليمها اسلوب الحياة الصحيح كي تستطيع تأدية دور زوجته ، ليجلس بعدها على الاريكة المقابلة لها وهو يفرد ذراعه قائلا بقوة
"هيا باشري بتناول طعامك ، ألستِ جائعة !"
اومأت برأسها بأدب وهي تمد كفها وتقطع من الخبز وتأكله بصمت ، ليسند مرفقيه على ركبتيه وهو يقول بنبرة جادة
"أليف لا تأكلي الخبز هكذا لن تشبعي من الخبز فقط"
كانت تمضغ اللقمة ببطء وهي تهمس بخفوت
"لا بأس ، يكفيني الخبز اليوم"
قال حذيفة بأسلوب صارم
"الخبز فقط لن يغني جسدك ولن يجعلكِ تعيشين فترة طويلة ، فإذا لم تأكلي وتتغذي جيدا ما فائدة كل هذه الحياة"
نظرت له بحزن وهي تشعر به تهديد اكثر منه نصيحة اخافتها بشدة بل هذه طريقة الاطباء النفسيين بإقناع المريض بعدم قتل نفسه ، لتقول بعدها بابتسامة رقيقة
"امرك ، سأفعل كل ما يلزم عليّ كي اعيش طويلا"
ارتسمت ابتسامته بعطف جذبت نظرها وكأنها تبدد القليل من الشحنات والمسافات بينهما ، لتخفض نظرها بسرعة وهي تتابع تناول طعامها بانفتاح اكبر بدون تردد او خوف ، ليسحب انفاسه بقوة وهو يضم قبضتيه امامه قائلا بجدية
"هناك خبر هام يجب عليكِ معرفته ويخص حياتنا بشكل خاص"
رفعت نظراتها نحوه وهي تبتلع لقمة الخبز حتى شعرت بها تغص بحلقها ، ليتابع كلامه قائلا بخفوت عميق وهو ينظر لها مباشرة
"لقد حددنا موعد حفلة زفافنا بعد ثلاث ايام ، هي بالواقع اجراء شكلي من اجل التشهير عن زواجنا رسميا امام العائلة والعالم"
فغرت فاها الصغير بدهشة ولم تعلم بأنه يخطط لحفلة زفاف من اجلها فقد ظنت نفسها ستصبح زوجته شكليا بدون اي حفلات او زينة ! وخاصة بأنه حصل عليها مثل سلعة شراء كي تسدد دينهم ومعروفه معها ! لتتمالك نفسها بسرعة وهي تهمس بابتسامة مرتجفة
"افعل ما تراه مناسبا لنا ، فأنا اثق بقراراتك"
اومأ برأسه وهو يقول بابتسامة جانبية
"كنت اعرف بأن هذا سيكون جوابك ولكنه من واجبي اخبارك كي يكون لكِ علم مسبقا بالأحداث ولأن هذه القرارات لا تخصني وحدي بل مشتركة بيننا ، فلا استطيع المضي بحياتي بدون الاخذ برأيكِ وموافقتك اولاً"
اتسعت ابتسامتها بسعادة وهو يعطيها الأولوية بحياته ويأخذ رأيها بقراره وكأنها صاحبة القرار ، لتضم شفتيها وهي تهمس من بينهما بخفوت خجول
"نعم موافقة ، ولكني لا افهم بأمور الحفلات وكيف اتجهز واتأنق لها ، وكيف يجب ان اظهر ؟ وماذا ارتدي بالحفلة...."
قاطعها حذيفة وهو يقول بحسم
"ليس عليكِ فعل شيء لأنكِ ستتلقين المساعدة من سراب وهي من ستتكفل بكل شيء يخص الحفلة وبزينتك ، ولن تواجهي اي صعوبة بالتجهز لها"
عقدت حاجبيها باستغراب حتى التقط سؤالها بدون كلام ، ليقول بعدها بهدوء عميق
"سراب تكون زوجة شقيقي الكبير وهي خبيرة جدا بهذه الامور"
اومأت إيليف برأسها بصمت وهي تتابع تناول طعامها وتشرب العصير معها ، ليسلط نظره عليها بتركيز قبل ان يشيح بنظره جانبا وهو يقول بقوة
"وبخصوص الثياب فأنا سأوصي لكِ على مجموعة ثياب تضعينها بخزانتك ومعها الثوب الذي سترتديه بحفلة الزفاف ، وسأتأكد من وصول الثياب قبل يوم الحفلة"
دست لقمة الخبز بالزيتون واللبن وهي تهمس اثناء مضغها
"وكيف سيعرفون مقاسي ؟"
ردّ عليها حذيفة بكل بساطة
"سهل جدا ، فقد خمنت مقاسك بالفعل"
نظرت له بسرعة وهي تسعل باللقمة بقوة حتى شربت العصير واستطاعت ادخالها ، لتخفض الكأس عن فمها ما ان قال بخفوت اجش
"صحة"
زمت شفتيها بعبوس وهي تهمس بتردد
"كيف تعرف مقاسي ؟"
حرك كتفيه باستخفاف وهو يقول بنبرة غامضة
"لقد استنتجت فقط"
شعرت بالدماء تصعد لخديها وتلونهما مثل الجمرتين وتتدفق بأنحاء جسدها حتى كادت تسقط الكأس من اصابعها ، ليستغرق بتأملها لحظات قبل ان يسارع بالقول بتصحيح
"قصدت بأن مقاسك يطابق مقاس لورين...لذلك خمنته وحدي ، لا يذهب تفكيرك بعيدا"
حررت انفاسها براحة وقد خمدت العاصفة بجسدها بسبب سوء فهمها وكل ما يحدث راجع للبيئة السيئة التي كانت تعيش بها مع زوج عمتها المتحرش ، لتخفض الكأس وهي تضعها فوق الصينية هامسة بابتسامة بريئة
"وهل لورين نفس الشخص الذي وقف بطريقك امام السلالم ؟"
حدق بها بهدوء وهو يومئ برأسه قائلا بتأكيد
"نعم هي نفس الشخص"
ردت عليه إيليف بسرعة هامسة برقة
"وهل هي شقيقتك ؟"
نظر لها مطولا قبل ان يقول باستغراب
"وكيف عرفتي بأنها شقيقتي ؟"
رفعت كفها لرأسها وهي تهمس بخفوت عفوي
"لأنك مسحت بيدك على رأسها كما تفعل معي"
تأمل كفها لبرهة قبل ان يرسم ابتسامة طفيفة على محياه وهو يقول بخفوت
"نعم انتِ على حق ، انها شقيقتي الوحيدة"
اخفضت كفها وهي تهمس بابتسامة لطيفة
"وهي تحبك كثيرا وتهتم لأمرك"
رفع رأسه وهو مندهش من شدة نباهتها بالرغم من انها لم ترها سوى مرة واحدة ولم تكلمها بها ولكنها استطاعت ان تعرف كل شيء يخصها من لمحة واحدة وكلامها معه ، يبدو بأنه قد استخف بهذه الطفلة التي تظهر من شكلها بأنها جاهلة ولا تعي شيء ولكنها ترى جيدا وتفهم بسرعة كل ما يدور من حولها ! وهي للآن لم تسأله عن قرابة تلك المرأة التي صرخت عليه وصعفته لأنها تعلم كم الامر سيضايقه ويجرح كبريائه !
ارجع ظهره للخلف وهو يقول بهدوء جاد
"انتِ نبيهة جدا ، هل تعرفين ذلك ؟"
رفعت حاجبيها الرقيقين وهي تهمس ببراءة
"كل هذا لأنني عرفت كم تحبك ! ام لأنني عرفت كم تهتم لأمرك !"
عض على طرف ابتسامته وهو يحرك اصبعيه قائلا ببساطة
"الاثنان معا"
تغضنت طرف ابتسامتها برقة وهي تهمس بخفوت
"هي محظوظة جدا بك"
اسند اصبعيه تحت ذقنه وهو يقول بهدوء
"وانا ايضا محظوظ بها"
تابع كلامه بعدها بلحظات وهو يخفض اصبعيه
"وايضا لدي شقيق صغير بعمر السادسة والعشرون ، ما يزال يتابع دراساته العليا ولا يتواجد كثيرا بالمنزل"
ردت عليه إيليف من فورها بعفوية
"هو فطحل إذاً"
رفع حاجبيه ورأسه بآن واحد وهو يفكر باللقب الذي اطلقته عليه ، لتقول من فورها بخفوت مصحح
"لقد كنا نطلق هذا اللقب على الشخص الذي يكمل دراسته ، ونطلق على الشخص الذي لا يدرس اميّ"
اومأ برأسه بصمت وهو يحاول التعرف على نظرياتها وجوانب عالمها المختلف عنه ، لتخفض نظرها للصينية وهي تهمس بخفوت
"والفتاة التي كانت على السلم تكون زوجة شقيقك الكبير"
تنهد بهدوء وهو يقول بخفوت جاد
"نعم هي نفسها سراب التي ستهتم بتجهيزات الحفلة وزينتك"
اومأت برأسها بشرود وهي تهمس بحزن
لماذا كانت تبدو حزينة ؟""
حدق بها بقوة وهو ينهض عن الاريكة قائلا باستنكار
"حتى هذا لاحظته ايضا ! يبدو بأنكِ قد اجريتِ دراسة على كل الموجودين بالمنزل !"
رفعت إيليف رأسها وهي تهمس بارتباك
"هل اخطئت بذلك ؟"
حرك رأسه بالنفي وهو ينحني نحوها ويرفع الصينية قائلا بصرامة
"كلا لم تخطئي ولكن الافضل لسلامتك ألا تتعمقي كثيرا بتفاصيل الآخرين وحياتهم ، ابقي على مسافة بين كل واحد منهم ، حسنا !"
اومأت برأسها بامتثال وهو يستقيم على طوله ويقول بجدية
"والآن يمكنكِ الخلود للنوم والراحة ، وانا سأنزل للأسفل واضع الصينية مكانها ، هيا اكملي نومك فلن ازعجك هذه المرة"
ما ان استدار بعيدا عنها وسار عدة خطوات حتى همست من فورها بتذكر
"وماذا عنك ؟ هل تناولت عشاءك ؟"
وقف بمكانه وهو يدير رأسه جانبا قائلا بقوة
"سأتناول العشاء لاحقا ، لا تنشغلي بأمري واخلدي للنوم"
لم تستطع الكلام اكثر فقد كان قد خرج من الغرفة واغلق الباب خلفه برفق ، لتنقل نظرها لحقيبتها بجانبها وهي تمد نفسها وتلتقطها وتسحبها نحوها ، فتحتها بلحظة وهي تفتش بقلبها حتى اخرجت منها اسدال الصلاة المخاط يدويا والذي لا يفارقها وحافظت عليه من بعد جدتها ، لتحتضنه بعدها بين ذراعيها وهي تهمس بخفوت حزين
"لقد اضعت الكثير من فروض الصلاة ، يجب ان اقيمها قبل نومي واشكر ربي كثيرا على هذه النعمة فقد انقذني بالنهاية من براثن تلك الوحوش"
_________________________
دخلت لغرفة المكتب وهي تطرق على الباب بكوب القهوة بيدها وما ان لاحظت خلو المكان حتى تنفست الصعداء وتابعت دخولها ، لتنزل الدرجتين القصيرتين وهي تتجه للمكتب العريض الذي يستحوذ على قلب الغرفة ، حطت بكوب القهوة فوق سطحه الاسود اللامع وهي تتأمل انعكاسها عليها من شدة لمعانها تكاد تكون مرآة ، لتحتضن الكتاب بين يديها وهي ترفع رأسها وتجول بنظرها بأنحاء المكان المهيب المصمم بأرقى واعلى طراز ، همست بعدها بلحظات بغبطة
"هذه الغرفة تشبه الغرفة بأحلامي ، يا ليتني املك نصف ما يملكه لكنت اسعد وانجح انسانة بالكون !"
تنهدت بهدوء وهي تخفض نظرها هامسة بقنوط
"لقد بدأت اهذي ! إذا سمعني احد سيظنني اضع عيني على ثروته !"
تحاملت على نفسها وهي تنوي الخروج قبل ان تتوقف ما ان لمحت الباب الداخلي المفتوح...وهي التي لم تجرب من قبل دخوله او معرفة ما يحتويه وكأنه مخبئ سري او عرين لأسد ، لتزم شفتيها بعبوس وجسدها يحكها من الفضول ويضغط عليها كي تعرف اصل ذلك المكان وتكتشف داخله...فإذا لم تفعل ذلك ستراودها الافكار من كل صوب ولن تحل عن رأسها للحظة وربما تمنعها عن النوم !
زفرت انفاسها باستسلام وهي تغير وجهة طريقها وتسير نحو الباب هامسة بحذر
"لن يضر لو ألقيت نظرة ولن يحاسبني احد عليها"
ما ان وصلت للباب وهي تطل برأسها للداخل حتى تسمرت عنقها ما ان شاهدت اكبر مكتبة كتب بحياتها والكتب تصطف على رفوفها الخشبية العريضة ، ويوجد بالزاوية اريكة حمراء مخملية مخصصة للجلوس والقراءة عليها ويبدو مخصصة للنوم كذلك بسبب بعض اجزاءها الممتدة ووجود الوسادة واللحاف عليها ، وعمود انارة طويل بجانبها مخصص للقراءة الليلية واعطاء اضاءة واجواء مناسبة لمحبين القراءة الهادئة والمريحة...
تحركت قدميها لا شعوريا وهي تنجذب لمنظر المكتبة العريضة والكتب التي تخزنها بداخلها مثل الكنوز الاثرية ، لتشتم رائحة عطرة تعبق من الاوراق والكتب مثل رائحة التبغ ، تجرأت على لمسها بأصابعها الرقيقة وهي تتنقل بينها واحدة تلو الاخرى هامسة بانبهار
"هذه هي مكتبة احلامي ! كل شيء اريده موجود هنا !"
اتسعت حدقتاها بتوهج ذهبي وهي تضع كتابها بالرف وتتناول مجموعة كتب موجودة امامها ، لتتنقل بين الكتب بحوزتها وهي تتعرف على كل واحدة منها من عنوانها هامسة بحماس مفرط
"لقد قرأتها كلها...هذه قرأتها بمرحلتي الإعدادية ، وهذه بالثانوية ، وهذه قبل سنة ، وايضا كلها اصدار احدث طبعة"
تنفست براحة وهي تتلمس الغلاف الناعم وحواف الاوراق المستوية برعشة محببة وكأنها مهووسة ، وما ان رفعت رأسها حتى شد انتباهها شيء اقوى وهي كتب مصطفة لسلسلة واحدة ولكاتبة واحدة تختص بالروايات البوليسية ، لتضع الكتب مكانها بسرعة بدون ان ترتبها وهي ترفع اصبعها وتشير للعناوين تتنقل بينها بصدمة حتى وصلت لنهاية الصف والصف الذي يليه ، رفعت حاجبيها البنيين وفغرت فاها بآن واحد وهي تهمس باستنكار منفعل
"انه يملك السلسلة بأكملها...كل روايات الكاتبة اجاثا كريستي ! كيف استطاع اقتناءها كلها ؟"
توقف اصبعها على كتاب واحد بعنوان لغز المنبهات السبعة وهي تهمس بلهفة
"هذه الرواية ، الرواية الوحيدة التي لم اقرأها لها ، ولم اجدها بكل المكاتب !"
رفعت نفسها على اطراف اصابعها وهي تمد كفها عاليا هامسة برجاء
"اريدها ، اريد قراءة ذلك الكتاب ، لن ادعه يضيع مني مجددا"
تنفست بصعوبة وهي تضع كفها على خصرها وتمد كفها الاخرى التي تحاول الوصول للكتاب ، لتفاجئ بيد رجولية تلمس يدها وجسد طويل يحاصرها من الخلف ويخفي الضوء عنها حتى كادت تفقد انفاسها ، اخفضت كفها بسرعة وهي تتمسك بالرفوف امامها وتضبط نفسها لبرهة حتى امسك بالكتاب وابتعد عنها يفك اسرها .
تنفست الصعداء وهي تستعيد سيطرتها على نفسها وتستدير نحوه بشموخ ، ليمد الكتاب نحوها وهو يقول بهدوء خفيض
"هل هذا الكتاب الذي اجهدته نفسكِ من اجله ؟"
تأملت الكتاب بيده وهي تعض على طرف شفتيها تقاوم رغبتها القوية بأخذه ، ليحرك رأسه قائلا بهدوء صارم
"خذيه وتوقفي عن عزة النفس فلن احاسبك عليه ، ولن اؤخذ منكِ اجرة على مطالعته وقراءته !"
عقدت حاجبيها بوجوم وهي تمد كفها وتأخذه منه بصمت ، لتضمه لصدرها وهي تقول بابتسامة مجاملة
"شكرا لك"
ما ان كانت ستتحرك حتى قاطعها قائلا ما ان مرت من محاذاته
"هل تحبين الروايات البوليسية ؟"
اختلست النظر عليه لحظات تراقب جانب وجهه البارد علها تفهم ما يدور برأسه وما مغزى سؤاله ، لترفع ذقنها هامسة بخفوت واثق
"انا مولعة جدا بالروايات البوليسية ، خاصة روايات القتل والجرائم ، انها شغفي وحبي الأبدي"
حاد بنظراته نحوها وهو يقول بابتسامة جانبية
"وهو النوع الذي يناسبكِ تماما"
رفعت حدقتيها ببرود وكأنهما قالبين من الجليد وهي تهمس ببساطة
"سأعتبر كلامك مدح لي ، لن اؤخذها بإهانة"
حرك سفيان كتفيه وهو يقول ببرود مستفز
"وهذا ما كنت اقصده"
تنفست بغيظ وهي تشد على الكتاب بحضنها ثم التفتت نحوه ما ان قال بجدية
"هل اعجبتكِ مكتبتي ؟"
ادارت نظرها للكتب المتكدسة بالمكتبة وهي تهمس بدون ان تمنع نفسها
"اعجبتني كثيرا فقد استطعت جمع كل هذا الكم من الكتب بمكان واحد ، وهي اغلى ثروة من الممكن ان يملكها الانسان !"
ردّ عليها سفيان بهدوء غامض
"ألا تكفي سعة المعلومات التي يملكها الانسان بدل ملئها بكل هذا الحشو بالكتب !"
نظرت له بسرعة وهي تهمس بخفوت جاد
"كلا لا يكفي بالطبع ، يمكنك ان تحتفظ بالمعلومات التي تملكها إذا كنت ستعيش بحدود عالمك الذي بنيته لنفسك ، ولكن كي توسع نطاق حياتك عليك بالقراءة وملء مخزونك المعرفي عندها ستصبح ثروة معرفية بالنسبة لك ، حينها ستتغير امور كثيرة بحياتك نظرياتك واساليبك ومبادئك وعاداتك ، ولا تنسى بأن اول كلمة قالها الملك جبريل للرسول بأول لقاء بينهما وهي اقرأ !"
رفع حاجبيه ببطء وهو يرسم ابتسامة عميقة على محياه اثارت الريبة بقلبها فهي لأول مرة تراه يبتسم لها بهذه الطريقة الغامضة وكأنه يثني على كلامها وهذا بعيد جدا عن شخصيته المتغطرسة ! لتشيح بنظرها بعيدا وهي تتمالك نفسها هامسة بداخلها بحنق
(ما باله يبتسم لي هكذا ؟ هل تلبسه جني ؟)
افاقت على نفسها بسرعة ما ان ادار نظره للمكتبة قائلا بهدوء
"يعني انتِ تحبين الروايات البوليسية اكثر شيء !"
اومأت سراب برأسها بقوة وهي تهمس ببساطة
"نعم احبها"
ردّ عليها بنفس اللحظة بهدوء
"لماذا ؟"
رفعت نظراتها نحوه قبل ان تنقلها للمكتبة وهي تهمس بنشوة واضحة
"لأنها تحوي على لغز واحجية يحتاج للحل وانا احب كثيرا هذه الرحلة الغامضة بالبحث والكشف عن وجه المجرم الحقيقي ، عدد الضحايا التي يتركها خلفه ، وميوله الإجرامية بالقتل والتعذيب ، والسبب بعقده النفسية وجانبه المظلم ، والناجي الوحيد بالقصة ، فعندما يتم كشف القاتل والشخصية السيئة بالقصة اشعر بلذة كبيرة ومتعة لأنني استطعت حلها بالنهاية وانتصرت على الجهل وبان نور الحق بظلمة عالمنا !"
شعرت بنفسها قد بالغت بحماسها ما ان رفعت صوتها بنهاية حديثها وكأنها مجنونة ، لتدير نظراتها نحوه وتراقب هدوء ملامحه ونظراته نحوها وهو يستمع لها بإنصات وكأنه يتسلى بهوسها بهذا النوع من القصص الذي اظهرها مجنونة تعشق القتل والجرائم ، فليس هناك فتاة طبيعية تملك ميول مثل ميولها !
جذبها صوته ما ان قال بابتسامة غريبة
"انتِ استثنائية !"
رمقته بطرف حدقتيها بدون اي تعبير قبل ان تهمس بسرعة تغير مجرى الحديث
"بالمناسبة هل قرأت كل هذه الكتب بالمكتبة ؟ وكيف استطعت انهاءها ؟"
ادار نظراته بعيدا عنها وهو يقول بجمود
"كلا لم افعل ، حتى انني لم استطع قراءة ربع هذه الكتب"
عقدت حاجبيها باستغراب وهي تهمس باستنكار
"حقا ألم تفعل ! ولماذا تحتفظ بكل هذه الكتب إذاً ؟ لو كانت عندي لما اضعت يوم واحد بدون قراءتها وانهاءها جميعها"
غامت ملامحه بضبابية وهو يقول بجفاء
"لم اجد وقت فراغ بحياتي كي انهي قراءتها فأنا دائما منشغل بالأعمال وضائع بازدحام الحياة ، لذلك كنت كل تلك السنوات اجمع بها واخزنها لليوم الذي استطيع قراءتها به"
زمت شفتيها وهي تدس خصلاتها خلف اذنها هامسة باتزان
"هذه حجة اغلب الناس فلو استطعت صنع توافق بين العمل والقراءة لنجحت بإيجاد وقت كافي للقراءة ، ولكنك لم تفعل واستسلمت لسباق الحياة بدون ان تحاول او تسعى"
ساد الصمت لبرهة قبل ان يوجه نظراته نحوها قائلا بخفوت اجش
"ما هي اكثر رواية اعجبتك من كل سلسلة روايات اجاثا كريستي ؟"
رفعت حاجبيها بتفكير وهي تضع اصبعها على ذقنها هامسة بخفوت
"انتظر لحظة ، اعتقد بأنها...."
"اغنية الموت"
التفتت نحوه بسرعة وهي تراقب ابتسامته الماكرة ما ان عرف بروايتها المفضلة بدون ان تخبره ، لتهمس بعدها بخفوت مستاء
"نعم صحيح ، هي اكثر ما اعجبني"
تنفس سفيان بعمق وهو يقول بخفوت واثق
"توقعت ذلك فقد قرأت اغلب رواياتها ، واصبحت اعرف ميولكِ جيدا وما يستهويك اكثر شيء"
ابتلعت ريقها بارتباك قبل ان ينحني نحوها وهو ينظر للكتاب بين يديها قائلا بابتسامة جانبية
"هل اخبركِ اسم القاتل الحقيقي بنهاية رواية لغز المنبهات السبعة ؟"
حركت سراب رأسها بالنفي وهي تبتعد عنه بسرعة قائلة بعنف
"إياك ان تفعل ! إياك ! هذه ستكون اكبر خيانة بحقي فلن استمتع بالقصة إذا افسدت عامل الغموض بها"
استقام على طوله وهو يقول ببساطة
كما تشائين ، انتِ ادرى""
تلبدت ملامحها وهي ترفع ذقنها هامسة بصلابة
"عن إذنك إذاً ، سأذهب لغرفتي"
راقبها وهي تغادر من امامه وتتجه خارج الغرفة بسرعة ، وما ان تجول بنظراته حتى لمح كتابها موجود على رف من الرفوف يبدو بأنها نسيته ، ليتقدم منه بسرعة ويلتقطه وهو يقرأ العنوان المكتوب على غلافه
(كبرياء انثى)
تحرك بسرعة بلا تفكير خارج الغرفة وهو يقول بقوة قبل وصولها للباب
"توقفي"
توقفت بارتجاف وهي تلتفت نحوه باستغراب ليلوح بكتابها عاليا قائلا بجمود
"نسيتِ كتابك"
تنهدت بقوة وهي تسير نحوه بسرعة حتى وصلت له واخذت كتابها منه وبدون ان تشعر سقط كتابها الآخر من ذراعها واستقر ارضا امامها ، لتتأفف بعدها بوجوم وهي تنحني بسرعة شديدة انستها اصابتها وجعلتها تشهق بألم جمدت اطرافها عن الحراك ، وما ان كانت ستنهض مجددا حتى اوقفها الذي جثى امامها بلمح البصر صارخا بقوة
"إياكِ ان تنهضي !"
تجمدت بصمت وهي تقابل عينيه العاصفتين بغضب ويديه على ذراعيها يشب اصابعه بلحمها ، ليقول بعدها بنبرة آمرة
"امسكي بذراعيّ ثم انهضي بهدوء ، لا تنهضي بسرعة كي لا ينفتح الجرح من جديد"
اومأت برأسها وهي تشعر بالألم يخدر اطرافها لتمد كفيها وتمسك ذراعيّ سترته ثم نهض معها يساندها حتى استقامت امامه ، لتفلت بعدها ذراعيّ سترته ويخفض يديه عن ذراعيها وهي تهمس بوهن
"انا بخير ، لا داعي للقلق"
تنفس بجمود وهو ينحني على جذعه مجددا ويلتقط الكتاب عن الارض ثم سلمه لها قائلا بحزم
"كوني اكثر حذرا بالمرة القادمة"
ضمت الكتابين لصدرها وهي تحرك رأسها وتستدير تنوي المغادرة ، قبل ان يوقفها صوته الذي تغيرت نبرته تماما وكأنه يجبر نفسه على الحديث
"جميع البشر خطائين ، وانا لست ملاك منزه من الاخطاء حتى لا تصدر مني بعضها ، لذلك اعذريني إذا كنت قد اخطئت معكِ سابقا"
تجمدت بمكانها للحظات توليه ظهرها بدون ان يعرف تعابيرها او ردة فعلها ، لتومئ برأسها بصمت وهي تتابع سيرها وتضع كفها على خصرها وكفها الاخرى على كتبها وتصعد الدرجتين بلحظات قبل ان تغلق الباب خلفها .
تنفس بضيق وهو يتخلل شعره بأصابعه بشدة ويشيح بنظره قائلا بانفعال
"اما كان عليّ ان اعتذر فقط بدل هذا الموشح الكلامي !"
نزع اصابعه بعيدا عن شعره وهو يتكأ على طرف سطح المكتب ويشرد بالفراغ بدون ان يذهب عن باله طريقة خروجها وكفها على خصرها تحبس الوجع بقلبها وكأن العناد محقون بدمائها...
__________________________
جالس على الاريكة وهو يسند مرفقيه على ركبتيه وشارد بالفراغ امامه مثل التمثال الرخامي بينما عقله يتصارع مع افكاره ومشاعره منذ ايام بدون ان يجد الراحة او الطمأنينة بقلبه ، وخاصة بعد ان جرح كبرياؤه امام عائلته واحبائه وعجزه عن حمايتهم وكأنها قيود تلتف حوله وتهدد بقتله ، وكل تلك المشاهد لا تنفك تتجسد بعقله وبخياله حتى جافاه النوم بسببها ، وهو يتمنى لو مات فقط بذلك اليوم كان على الأقل مات بشرف افضل له من الموت حيا كل يوم وبدون فعل شيء ! وتأنيب الضمير وشعور العجز لا يفارقانه للحظة واحدة ويكبلانه بأصفاد حديدية !
قبض على يديه بقوة وهو يتنفس بهواء مشحون بالغضب والكراهية والحقد حتى ملء السواد قلبه ، الكراهية على الجميع وبالأكثر على نفسه الجبانة....
توقفت افكاره ما ان وضع شخص فنجان القهوة امامه فوق الطاولة ، ليتراجع بعدها وهو يقول بهدوء متزن
"بالعافية"
تحركت عضلة بفكه تدل على سمات الحياة بهذا التمثال الحجري وهو يهمس بوجوم
"لماذا اتعبت نفسك ؟"
جلس على الاريكة بجانبه وهو يشرب من فنجان قهوته قائلا بهدوء
"ليس هناك اي تعب فأنت من اهل المنزل ، ومن واجبنا خدمتك وضيافتك"
ارتفعت طرف ابتسامته وهو يقول بخفوت عميق
"شكرا لك ، فضلك عليّ لن انساه بحياتي"
بادله بابتسامة مماثلة وهو يقول بهدوء جاد
"لا تقل هكذا وألا طردتك من منزلي"
بقيت ابتسامته على حالها وهو يومئ برأسه بصمت ، ليشير بالفنجان بيده لفنجان قهوته قائلا بجدية
"هيا اشربه قبل ان يبرد"
تلبدت ملامحه وهو يخفض نظره لسطح فنجان القهوة قائلا بجمود
"ليس لدي رغبة بشيء ، لقد فقدت رغبتي بالحياة"
اخفض نظره لسطح فنجان قهوته وهو يقول بنبرة هادئة
"هل لهذه الدرجة تردى حالك ؟ لم اعهدك شخص ضعيف هكذا !"
شد على قبضتيه بقوة وهو يقول بخفوت ناقم
"كان هكذا حتى جاء ذلك اليوم ، كل شيء حدث من بعد تلك اللحظة التي سلمت بها شقيقتي ، خروجها من منزلنا ، ثم زواجها السريع ، ثم اصابتها بطلقة رصاص ، وبعدها ، وبعدها....."
تسارعت انفاسه بتحشرج وهو يصمت بينما الآخر ما يزال شارد بفنجان القهوة والظلام يلون نظراته ، ليحيد كاسر بنظراته نحوه وهو يتمتم بجمود
"لقد كنت محقا"
رفع نظراته بارتباك وهو يقول بهدوء
"بماذا ؟"
اعاد نظراته امامه وهو يسحب انفاسه قائلا بانفعال
"بموضوع زواج شقيقتي ، لم تكن هي المذنبة بل نحن المذنبون فنحن لم نسأل عنها طول فترة غيابها عنا ، لم نجرب زيارتها لمرة واحدة وسؤالها عن حالها ، لقد تخلينا عنها حرفيا بدون ان نعرف ! وعندما تزوجت ألقينا بالتهمة عليها بسبب عدم اخبارنا ودعوتنا لزفافها وعدنا مجددا لإهمالها وعدم السؤال عنها وكأنها لم تكن جزء من عائلتنا !"
عقد حاجبيه بغضب وهو يتابع بخفوت مستاء
"لقد قسونا عليها بدون ان نعرف بظروفها ، بدون ان نعرف بماذا تمر بذلك المنزل ، اصدرنا احكامنا عليها كي لا نلوم انفسنا ، لو اني سألت عنها بتلك الفترة وخصصت وقتي لها لربما باحت لي بهمومها وبما يكدرها...ربما ما كانت تزوجت وارتبطت بتلك العائلة المجرمة ! ما كانت تعرضت للخطر ! او وصلنا لهذا اليوم...."
سحب كاسر انفاسه بقوة اكبر وهو يهمس بقهر
"كله بسببنا ، نعم كله بسببنا نحن ، نحن من ارسلناها للموت بأيدينا بدون ان نسأل عنها ، لم اكن اعرف بكل ذلك ، لم اكن اعرف بأنني سأخسرها بهذا الشكل ، كان من المفترض ان اكون سند وحامي لها ولكني اصبحت مصدر خيبة بالنسبة لها ! سحقا لرجل مثلي يفتقر للرجولة !"
كان عزت يراقب فنجان قهوته بلا روح حتى تابع بغضب اكبر
"هل تعرف ما يضايقني اكثر ؟ عندما قالت بأنها اجبرت على الزواج ، لقد سمعتها قالت بأنها ليست سعيدة بزواجها ، لقد اجبروها على الزواج ! اجبروها على رجل لا تريده ! ما كل هذه القسوة بقلوبهم ؟ كيف يفعلون شيء كهذا بها ؟"
حدق به بسرعة وهو يقول بخفوت يحكمه اليأس
"أليست سعيدة بحياتها ؟"
التوت ابتسامته بسخرية وهو يهمس بوجوم
"كيف تكون سعيدة بعد ان اجبروها على رجل لا تريده ؟ لو كان لدي علم كنت منعت هذا الزواج ، كنت فعلت المستحيل كي احميها من هذا الزواج ولا ادعها تمر بهذا العذاب ! فذلك الرجل الذي يسمى والدها باعها بسهولة من اجل مصالحه الشخصية !"
اظلمت ملامحه وهو يشد على الفنجان بأصابعه متذكرا لحظة استنجادها به كي يهربها من ذلك الزواج...رغم معرفته بعدم رغبتها بالزواج لم يفعل شيء لها تجاهل ألمها واغلق اذنيه عن سماعها كي لا يضر نفسه ، حينها لم تستنجد بأحد آخر غيره ولم تجد منه سوى الخذلان والخيبة والألم فوق خيانة عائلتها لها هو ايضا خانها ولم يكن الرجل الحقيقي الذي تصورت بأنه سينقذها من وضعها الصعب !
شدت اصابعه على الفنجان وهو يهمس بقهر
"انا اعتذر"
نقل نظره له باستغراب وهو يقول بوجوم
"لماذا تعتذر ؟ ما علاقتك انت ؟ هل انت من اذنب بحقها ! الحق علينا نحن لأننا تجاهلناها ولم نساعدها بأشد لحظاتها صعوبة"
ابتلع ريقه بصعوبة وكأن حجر موجود بحلقه وهو يهمس بخفوت قاتم
"بل انا مذنب مثلك ، واكثر من ذلك"
عقد حاجبيه باستغراب غزى محياه وهو يهمس بتساؤل
"عزت !...."
قاطعه بسرعة وهو ينظر له مباشرة
"اسمع ما سأقول اولاً ، ولا تقاطعني"
حدق به بصمت غير معبر قبل ان يقول الآخر بخفوت مندفع
"انا كنت احب شقيقتك"
رفع حاجبيه ببطء شديد وهو يحرك رأسه يستفهم منه ، قبل ان يتابع عزت كلامه بصوت خفيض
"وكانت لدي نية بالزواج منها"
ساد صمت طويل بينهما قبل ان يبدده صوت كاسر وهو يقول بصدمة
"هل هذه مزحة ؟"
زفر انفاسه بارتباك وهو يضع فنجان القهوة فوق الطاولة ويقول بصوت جاد
"كلا انا لا امزح ، وكنت انوي مفاتحتك بالأمر منذ وقت طويل فأنا احببتها طول تلك السنوات التي مضت ، ولكنني ترددت وانتظرت للوقت المناسب...."
نهض كاسر عن الاريكة بقوة حتى اصطدم بالطاولة واسقط كوب القهوة الذي انسكب على سطحها ، وقبل ان يتكلم كان يهجم عليه وهو يمسك بياقته ويرفعه امامه صارخا بوجهه بجنون
"تحب شقيقتي يا حقير ؟ تضع عينك على عرضي وتتكلم عنها بكل وقاحة ! كيف تتجرأ على ذلك ؟"
امسك بقبضتيه بسرعة وهو يقول بروية
"اهدأ يا كاسر ، اهدأ فقد فهمتني بشكل خاطئ ، وايضا هي كانت تحبني...."
قاطعه كاسر باستنكار اكبر
"تحبك ! وتحبك ايضا ! هل كنت تقيم علاقة مع شقيقة صديقتك ؟ انا الذي امنتك على اهل منزلي ، اعتبرتك فرد من عائلتي ، كيف تغدر بي هكذا ؟"
رفع يديه بسرعة وهو يقول بتبرير
"لم اغدر بك...ومن المستحيل ان افعل ، لقد كانت لدي نية بالزواج منها ، كنا ستتزوج من بعضنا...."
لكمه بقبضته على وجهه حتى ارتمى على الاريكة ذاتها يعود إليها ، ليستدير بعدها وهو يتخلل خصلات شعره بأصابعه قائلا بانفعال حاد
"كيف يحدث هذا تحت سقف منزلي ؟ كيف لم ألحظ ذلك ؟ كيف سمحت بذلك ؟"
مسح عزت شفتيه بظاهر كفه وهو يستند على ذراع الاريكة وينهض قائلا بقوة
"اسمعني يا كاسر قبل ان تصدر حكمك علينا ، فأنا...."
استدار نحوه بجنون وهو يشير له بأصبعه قائلا بجموح
"اخرس يا عزت ، هل تظنني سأتغاضى عن استغفالك لي فقط لأنها تحبك ؟ لقد تعديت الخطوط الحمراء بحياتي ! ومن يتخطاها سيدفع الثمن غاليا جدا أياً كان !"
ما ان كان سيغادر حتى سارعه بالوقوف امامه وهو يرفع يديه قائلا برجاء
"ارجوك يا كاسر لا تفعل ، اسمعني اولاً قبل ان تقطع صلتك بي ، هل تظنني حقا بهذه الحقارة ؟ كيف تشكك بي هكذا ؟"
اشاح كاسر بوجهه وهو يتنفس بجموح يحاول تمالك نفسه ، ليستغل عزت الفرصة وهو يقول بجدية
"لقد كنا قد خططنا عن زواجنا واخترنا موعد قريب...وكنت على وشك التقدم لها وطلب يدها منكم بزيارة رسمية ، ولكن الحظ لم يحالفني فقد جاء والدها واخذها من منزلكم ، ولم يكد يمر بضعة ايام حتى سارعوا بتزويجها من رجل آخر ، لقد دمرني الامر بشدة انهزمت امامهم وسمحت لهم بتفريقنا بدون فعل شيء ! وماذا سيستطيع ان يفعل رجل بسيط مثلي ميسور الحال ؟ انا بالتأكيد لا ارقى ان اكون صهر لتلك العائلة !"
ادار رأسه وهو يعود بالنظر له قائلا بخفوت شرس
"وما دمت تحبها لماذا لم تأتي لطلبها بكل تلك السنوات ؟ لماذا ابقيت علاقتكما سرية وفعلت كل شيء بدون علمنا ؟ لماذا لم تتصرف كالرجل الحقيقي وطلبتها من دار اهلها ! حينها كنا سنقرر نحن مصير علاقتكما وليس انتم"
ردّ عليه من فوره وهو يلوح بذراعه باضطراب
"لأنني كنت انتظرها ، كنت انتظرها حتى تنهي دراستها ، ثم تجد عمل وتحقق طموحها ، كانت تريد فعل كل شيء ترغب به قبل الزواج ، وانا من حبي لها تركتها على هواها وبقيت انتظرها على عهدي ، كنت انوي التقدم لها ما ان تسمح لي بذلك وعندما كدت احقق حلمي اخيرا وقبل ان تكتمل فرحتي اخذوها مني وسرقوا بهجة حياتي ! لم اعلم بأن ذلك الانتظار سيكلفني هذا الثمن الغالي ، حتى انها عندما...."
صمت بخوف ما ان وصل لتلك النقطة بحديثه ، ليجذب نظره بقوة وهو يقول بجفاء
"وماذا كنت ستقول ايضا ؟"
اخفض ذراعه على جانبه وهو يأخذ انفاسه قائلا باستياء
"وايضا...وايضا كانت قد استنجدت بي من قبل ، عندما ارغموها على الزواج كان لدي علم بذلك لأنها اتصلت بي حينها...اتصلت بي كي تشكي لي عنهم ، طلبت مني ان اهربها من الزواج ، ان افعل المستحيل كي نهرب معا ونتزوج من بعضنا ، طلبت مني ذلك برجاء شديد وعجز ولكني من خوفي لم استطع الموافقة ، لم استطع المخاطرة ، كان لدي امل بأنها ستتصرف وحدها وتلغي الزواج ولكن لم يحدث شيء من هذا ! وبالنهاية تزوجت منه وانا دفعت ثمن ذلك بتحمل تأنيب الضمير الباقي من حياتي لأنني رفضت مساعدتها وتركتها تتزوج منه !"
اتسعت حدقتاه بصدمة وتسمر عن الحركة وهو يرفع كفه ويشد بأصابعه على عنقه يكاد يختنق من الكبت ، لينفض ذراعه بقوة وهو يقول باستهجان
"ولماذا لم تخبرني بشيء ؟ لماذا اخفيت عني هذه الحقائق ؟ لماذا لم تنطق بشيء كل ذلك الوقت الذي رأيتني به اتعذب ؟ نحن كنا نأمن الاسرار على بعضنا ولا نخفي شيء عن كلينا ، ولكنك انت اخفيت اكبر اسرار عني ! لماذا خبأت عني ؟ لماذا ؟"
غامت ملامحه بضبابية وهو يبعد نظراته جانبا قائلا بإحباط
"كنت...كنت اريد ان اخبرك ولكني بكل مرة كنت اتراجع فيها خوفا من ان تسيء فهمي وتظن بي السوء ، وايضا كيف كنت سأخبرك بالأمر ؟ هل اخبرك بأنني جبان لدرجة لم اقبل بها طلب شقيقتك بالهروب معها والزواج منها ! ام اخبرك بأنني اناني لدرجة لم اضحي بها بحياتي من اجل مَن احب ! وفوق ذلك خفت من خسارة صديقي الوحيد...."
قاطعه كاسر بكل برود واحتقار
"انت خسرتني بالفعل يا عزت ، خسرتني منذ وضعت عينك على شرفي وتلاعبت به ! لم تضع شان او احترام او قيمة لي وفعلت اسوء مما يفعله الغرباء بالخارج ! لذلك من الآن لم يعد هناك ما يربط بيننا ، لا صداقة ولا عائلة ولا حب ، انت انتهيت من حياتي"
تحرك بعدها بسرعة وهو يدفعه من كتفه بقسوة ويغادر خارج الغرفة ، ليدير رأسه باتجاه مكانه الفارغ يتأمله بخواء ساد حوله ، ارتمى بعدها جالسا على الاريكة وهو يضع كفيه على ركبتيه ويخفض رأسه هامسا بندم شديد
"يا ليتني فقط استمعت لكلامكِ ، يا ليتني خاطرت من اجلكِ ، كانت امور كثيرة ستتغير بحياتنا وما كنت خسرت احد منكما !"

نهاية الفصل يا احبائي لا تحرموني من تعليقاتكم وانطباعاتكم بالفصل لأنه تفاعلكم صار كثير قليل ♥️


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-05-24, 10:03 AM   #477

al gameel rasha

? العضوٌ??? » 424155
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 282
?  نُقآطِيْ » al gameel rasha is on a distinguished road
افتراضي

رووووووووووووووووووعة
روز علي likes this.

al gameel rasha غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-05-24, 12:25 PM   #478

رحوبه

? العضوٌ??? » 317422
?  التسِجيلٌ » Apr 2014
? مشَارَ?اتْي » 340
?  نُقآطِيْ » رحوبه is on a distinguished road
افتراضي

جممممممميل الفصل
وش ناوي عليه حمزه
واذا درت سلسبيل وش بتسوي

روز علي likes this.

رحوبه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-05-24, 04:41 PM   #479

صل على النبي محمد
 
الصورة الرمزية صل على النبي محمد

? العضوٌ??? » 404607
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,940
?  نُقآطِيْ » صل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد .

لا تنسوا الباقيات الصالحات :

سبحان الله

الحمد لله

لا إله إلا الله

الله أكبر

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

روز علي likes this.

صل على النبي محمد غير متواجد حالياً  
التوقيع
لا إله إلا الله وحده لا شريك له
له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير
رد مع اقتباس
قديم 09-05-24, 05:44 PM   #480

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 843
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رحوبه مشاهدة المشاركة
جممممممميل الفصل
وش ناوي عليه حمزه
واذا درت سلسبيل وش بتسوي

هلا فيكِ يا قلبي ، اسعدني جدا سماع رأيك وانطباعك بالفصل ، وكل الاسرار بتنكشف مع الوقت وبتتضح نوايا كل من الشخصيات ، إن شاء الله تعجبكم الاحداث القادمة ♥️

لام likes this.

روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:32 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.