آخر 10 مشاركات
مصاصو الدماء فى الإسلام (الكاتـب : الحكم لله - )           »          شيءٌ من الرحيل و بعضٌ من الحنين (الكاتـب : ظِل السحاب - )           »          لماذا الجفاء - آن ميثر ** (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          حَــربْ معَ الــرّاء ! (1) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة حـــ"ر"ــــب (الكاتـب : moshtaqa - )           »          167 - دون أن تدري - روزميري كارتر - ع.ق (الكاتـب : pink moon - )           »          أرملة أخيه-قلوب زائرة(ج1 سلسلة حكايات سريه) للكاتبة : عبير محمد قائد*كاملة&الروابط* (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          ورد -قلوب زائرة - للكاتبة المبدعة *عبير قائد*بيرو* مميزة &مكتملة* (الكاتـب : Just Faith - )           »          إبتسامة خلف القضبان - آزو كاوود*كاملة* (الكاتـب : عنووود - )           »          البحث عن الجذور ـ ريبيكا ستراتون ** (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          87 - خارج الزمن - بيني جوردان -روايات احلام (الكاتـب : Just Faith - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

Like Tree1460Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-02-24, 01:27 AM   #381

رحوبه

? العضوٌ??? » 317422
?  التسِجيلٌ » Apr 2014
? مشَارَ?اتْي » 340
?  نُقآطِيْ » رحوبه is on a distinguished road
افتراضي


اشتقنا للبارت
وللابطال
متحسه هل سراب بتوافق على كلام سفيان ولاراح تتكلم
يارب يكون اليوم

روز علي likes this.

رحوبه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-02-24, 02:03 AM   #382

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 843
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

الفصل السابع والعشرون الجزء 2
دخلت السيارة اسوار المنزل وهي تتخطى نافورة الحديقة حتى وقفت عند المدخل ، لينقل نظره للجالسة بجانبه التي كانت تسند رأسها للخلف وتغمض عينيها بسكون وكأنها ما تزال بعالم اللاوعي ، ليغضن جبينه بتصلب وهو يقول بخفوت اجش
هل انتِ بخير ؟""
اومأت برأسها بهدوء ثم سكنت بدون ان تصدر ردة فعل اخرى ، ليشدد من قبضتيه على المقود وهو يقول بجدية
"لقد كان علينا ألا نتعجل بالخروج من المشفى ، فما تزال اصابتك حديثة ، كان علينا ان نفكر اكثر بأبعاد الأمر !"
فتحت عينيها وهي تعتدل بجلوسها هامسة بجمود
"انت قلت بنفسك بأن وجودنا اكثر سوف يسبب خطر علينا عندما تعلم الإعلام بما جرى ، بالرغم من ان الخطر الذي سأتعرض له قليل ، فكل ما يهمك هي سمعتك وخلفيتك الاجتماعية امام العالم ، لدرجة لم تفكر بأحد غيرك وفضلت مصلحتك على الآخرين !"
رمقها بطرف حدقتيه بتصلب وهو يقول بهدوء خفيض
"لم ارغمكِ على الموافقة ، انتِ وافقتي على الخروج من تلقاء نفسكِ"
ابتلعت ريقها بوهن وهي تدير رأسها عنه هامسة بصوت باهت
"ليس من مصلحتي انتشار خبر إصابتي ، فلا اريد ان يعلم العالم اجمع بما حدث لي"
عقد حاجبيه باستغراب وهو يقول بقوة
لماذا ؟""
تنفست بجمود وهي تخلع حزام الامان ثم امسكت مقبض الباب تفتحه وتخرج منه بلحظة ، وما ان استقرت واقفة ارضا حتى وضعت كفها على خصرها بألم طفيف لم يزول بعد ، لتغلق الباب خلفها وتستند عليه بكفها ثواني وهي تحاول تجميع طاقتها المهدورة !
تحركت بخطوات بطيئة وهي تعرج تقريبا ولم تنتبه للذي وصل لها بلحظات يقف بجانبها بتأهب ، ليمد ذراعه نحوها قائلا بخفوت خشن
استندي بي""
تجاهلت وجوده وهي تتجاوزه وتتابع طريقها هامسة بجفاء
لا داعي ، استطيع السير وحدي""
اخفض ذراعه وهو يراقبها تسير بصعوبة بالغة حتى توقفت بتعب مفاجئ وهي تضغط بكفها على خصرها ، لتنتفض ما ان سمعت صوته مجددا يقف بجانبها وهو يقول بهدوء صلب
"دعيني اساعدكِ ، فلن تستطيعي سير كل هذه المسافة وحدكِ ، وليس من اجلي بل افعل هذا من اجل مصلحتكِ كي لا تعودي للمشفى من جديد !"
زفرت انفاسها بإرهاق وهي ترفع كفها ببطء وتتمسك بذراع سترته بأصابعها بصمت ، ليشد على ذراعه بقوة وهو يسير معها باتجاه باب المنزل يحاول موازنة خطواته مع خطواتها ، ولأول مرة يشعر بهذه الاحاسيس وهي بقربه وكأنهما باتا شخصا واحدا !
قطع افكاره صوت الهاتف الذي جعله يقف بقوة ليخرجه بعدها من جيبه وينظر للمتصل ، عقد حاجبيه بتركيز وهو يرد من فوره على الاتصال وبعد مرور لحظات كان يصرخ عليه بعنف
كيف سمحت بحدوث هذا ؟ هل انت احمق ؟""
شحبت ملامحها وهي تحيد بنظراتها نحوه بتوجس واصابعها تشد على ذراعه ، ليقول بعدها ينهي المكالمة بغضب مستعر
لا تفعل شيء وانتظروا مجيئي ، انا قادم إليكم على الفور""
فصل الخط وهو يخفض الهاتف عن اذنه هامسا بقهر
سحقا لهم ، لا يعتمدوا عليهم !""
تجمدت الخطوط حول عيناها وهي تترك ذراعه ثم قالت بخفوت خاوي
"يمكنك الذهاب لهم ، استطيع الاستمرار وحدي ، اساسا لم يبقى شيء على الوصول"
فتح شفتيه ينوي الكلام قبل ان تسبقه وهي تتقدم بخطواتها العرجاء بدون ان تنتظر جوابه تتمسك بعناد لم يرى مثيل له بحياته ، وما ان كان سيتحرك نحوها حتى عاد هاتفه للرنين بيده وكأنه مصر على تفريقه عنها ، ليمسد جبينه بإصبعيه قبل ان يتحرك باتجاه السيارة وهو يرد على الاتصال قائلا بأمر
انا قادم ، مشوار الطريق واكون عندكم""
توقفت خطواتها وهي تحيد بنظراتها نحوه تراقبه وهو يلف حول السيارة ويفتح بابها ، ليتسمر بمكانه ما ان تقابلت اعينهما بصمت وعجز عن تفسير الخوف بهما ! لتشيح بنظراتها بسرعة تفصل نفسها عنه قبل ان تسمع صوت باب السيارة ثم المحرك حتى انطلقت بعيدا عن مجالها بسرعة البرق وكأنها محرك تيربو !
تنهدت سراب بوجوم وهي توبخ نفسها هامسة بحنق
"لماذا خفت عليه لوهلة ؟ فليذهب للجحيم هو وابن عمته ! ما شأني بهما ؟"
حركت رأسها بهدوء وهي تتحامل على نفسها وتكمل طريقها العصيب الذي يزداد صعوبة مع كل خطوة ، لتتأوه بألم وهي تضع بسرعة يديها عند خصرها تضغط على مكان الاصابة وتتابع سيرها بجهاد ، وبعد عناء طويل كانت تدخل من باب المنزل وتسكن لوهلة تأخذ قسط من الراحة...
تغضن جبينها بدهشة ما ان سمعت صوت مألوف على اذنيها ، لترتمي ذراعيها على جانبيها ما ان رأت الفتى المقبل عليها وبدون ان تحذر كان يهجم عليها بعناق ضغط على مكان الجرح واصابها بالتجمد وكأنه ضرب بالسوط ! لتسيل دمعتها من شدة الألم تنزلق على خدها بعناء وكأنه تنفيس عن الوجع !
امسكت بذراعيه بسرعة تبعده ببطء كي لا يزيد نزيف جرحها وهي تشد بأصابعها على عظامه النحيلة ، وما ان سمعت صوت الخطوات القادمة نحوها حتى رفعت يدها بسرعة تمسح الدمعة قبل ان يلمحها احد ، اختلقت ابتسامة مزيفة ما ان وصلتا زوجات والدها بابتسامات يشوبها التوتر والغموض وغير متشابهتين بالمعنى ! وسرعان ما انقلبت ابتسامتها لصدمة ما ان قالت رقية بلباقة
"حمد لله على سلامتك"
رفعت حاجبيها بدهشة من كلامها الذي جمدها عن الحركة لبرهة ! لتكتمل صدمتها ما ان قالت مديحة بابتسامة حزينة امومية
"كيف حالكِ يا بُنيتي ؟ كيف اصبحتِ ؟"
ابتلعت ريقها بألم اكبر من ألم اصابتها وهي لا تصدق سرعة انتشار الخبر الذي وصل لعائلة والدها ! وهي التي اجبرت نفسها على الخروج مبكرا من المشفى كي لا ينتشر الخبر بأطراف عائلتها ! ولكن هل وصل لعائلة خالتها يا ترى ؟ لن تحتمل ان تؤذي خالتها اكثر وتقلقها عليها وخاصة بأن صحتها متدهورة ! كيف ستطمئن عليها الآن ؟
افاقت على صوت رقية وهي تقول بخفوت جاحد
"ماذا بكِ صمتِ ولم تعودي تجيبِ على اسئلتنا ؟ هل اصبحتِ تتكبرين على زوجات والدك ؟"
غامت ملامحها بوجوم بينما اجابت مديحة بصرامة
"مهلك عليها يا رقية"
لوت شفتيها جانبا بصمت لتنقل نظرها لسراب ما ان قالت بخفوت متزن
"اعتذر منكما لقد شردت قليلا ، كيف حالكما ؟"
تقدمت منها مديحة وهي تمسح على كتفها هامسة بعطف
"نحن بخير ، كيف حالكِ انتِ ؟ كيف اصبحت صحتك ؟ هل هناك اي ألم ؟"
اجابت رقية نيابة عنها وهي تقول بسخرية
"عن أي ألم تتكلمين ؟ ألا ترينها واقفة امامكِ بصحة جيدة وافضل منا !"
حدجتها مديحة بنظرة جعلتها تصمت تماما ، لتبتلع سراب ريقها بثبات وهي تقول بهدوء
"كنت اتساءل كيف عرفتم بأمر اصابتي ؟"
نظرت لها مديحة بهدوء قبل ان تسبقها رقية قائلة ببساطة
"نحن نعرف بكل شيء يا عزيزتي ، وألا ماذا ظننتِ بأنكِ تستطيعين اخفاء هذا الأمر عنا !"
ابتسمت مديحة بهدوء وهي تهمس لها برقة
"لقد تكلم والدك مع زوجك على الهاتف واخبره بكل شيء ، ونحن اول ما عرفنا بالأمر جئنا بسرعة كي نطمئن عليكِ ، فأنتِ ما تزالين للآن ابنة عائلتنا !"
احنت حاجبيها ببهوت وهي تبتعد عن عنان وتقول بخفوت جاد
"عن إذنكما ، فأنا متعبة جدا الآن ، سأذهب لغرفتي لأخذ قسط من الراحة"
اومأت مديحة برأسها وهي تهمس بمحبة
"هذا من حقكِ يا ابنتي ، ارتاحي جيدا فقد تجاوزتِ محنة صعبة من حياتك وما تبقى هين !"
تجاوزتها بصمت بدون ان ترد عليها وهي تضع يدها على خصرها وتمسك حاجز السلم ثم صعدت تنازع روحها كي تحافظ على ثباتها ، بينما النظرات خلفها تلاحقها بصمت وبتعابير مختلفة ، لتقول رقية بعدها باستنكار حاد
"هل رأيتِ كيف استقبلتنا ؟ حتى لم تقدم لنا ضيافة تليق بعائلتها ! هذه اول زيارة لعائلتها وانظري كيف ادارت ظهرها لنا وغادرت !"
تنفست مديحة بضيق وهي توجه نظرها لها قائلة بعتاب
"ما هذا الكلام يا رقية ؟ الفتاة نجت من الموت بأعجوبة ! والحمد لله بأنها عادت بصحة جيدة ! وسبب زيارتنا فقط كي نطمئن عليها لا ان نثقل بالزيارة عليهم"
ادارت عيناها بلا مبالاة وهي تمسح على رأس ابنها هامسة باستهزاء
"قطة بتسع أرواح ، لا تموت بسهولة !"
نظرت لها بقوة وهي تحرك رأسها قائلة بصرامة
"هيا بنا ، لنعود للمنزل ، فقد انتهى وقت الزيارة واطمئننا على صحتها"
غادرت مديحة تسبقها بالخروج قبل ان تمسك رقية بكف ابنها وتسحبه معها وهو يهمس لها بحزن
"دلال"
ردت عليه بغضب وهي تغادر به خارج المنزل
"شقيقتك الحبيبة مشغولة عنا ، ليس لديها وقت لنا ، وايضا لقد رأيتها جيدا ، يكفيك هذا القدر"
غادر الطفل حزين وهو ينظر خلفه بعد ان تلقى تلك المعاملة الجافة منها والتي لا تشبه المرات السابقة !
______________________________
ركضت الخادمة على صوت طرق الباب مثل المطرقة كاد يخلعه من مكانه ، وما ان فتحت الباب حتى قابلتها الشعلة المتقدة التي زمجرت بها بغضب
"ابتعدي عن طريقي"
تسمرت بمكانها بخوف حتى فاض كيله وهو يدفعها بعيدا ويقوم بمداهمة المنزل ، لتنتصب واقفة بارتجاف وهي تقول بخفوت جاد
"سيدي ، سيدي ماذا تفعل !...."
ابتلعت باقي كلامها ما ان حدجها بنظرة نارية ألجمتها وعقدت لسانها ، ليقول بعدها بخفوت خشن
اذهبي واستدعي سيدتك ، بسرعة""
دب الرعب بأوصالها حتى ركضت بسرعة تنفذ امره بلا تفكير ! وبلحظات كانت تظهر سيدة المنزل وهي تسير نحوه بخطوات متعالية وبترفع يشبهها ، وما ان ابصرته حتى اعتلت ابتسامتها محياها وهي تفرد ذراعيها وتتقدم نحوه قائلة باستبشار
"اهلا ، اهلا وسهلا بابن شقيقي الغالي ، نورت منزلي بعد غياب طويل ، اين كنت غائب بكل هذه الفترة ؟"
ما ان وصلت له حتى استقبلها بجمود صخري وهو يقول بهجوم
"اين هو ابنكِ ؟"
بهتت ابتسامتها وهي تخفض ذراعيها ثم قالت بعتاب جاد
"هل هكذا ترد السلام يا ابن مفلح ؟ بالوجه العابس والناشف ! اين اصولك واخلاقك مع الغريب قبل القريب ؟ لم اتوقع هذا منك يا ابن والدك"
عقد حاجبيه بجمود وهو يشعر بلقب ابن والدك إهانة عندما يتصرف بقلة ذوق او فظاظة كما كان يفعل والده معها ، ليرفع ذقنه بصلابة يحافظ على اتزانه وهو يقول بجمود
"لقد سألت سؤال واحد يا شهيرة ، اين هو ابنك ؟ اين مختبئ ؟"
وضعت كفها على قلبها وهي تقول بخيبة امل
"شهيرة يا ابن شقيقي ! لقد تجاوزت كل ادبك واسميتني شهيرة ! كنت اتوقع هذا من اشقائك ولكن لم اتوقع هذا منك ! ما كل هذه الكراهية الموجودة بقلبك ؟"
تنفس بطوفان وهو يتقدم منها ويشير بذراعه بالهواء قائلا بشراسة
"اسألي هذا السؤال لأبنكِ الوحيد ، فهو السبب بكل مشاكل عائلتنا ! كل الآلام والاصابات تحدث بسببه ! ولم يكتفي بل جاء لدارنا وهددنا بالسلاح على العلن ، هل هذا تصرف طبيعي برأيكِ ؟ ألا يستحق العقاب على أفعاله ! ام من المفترض ان اغفر له واصمت عنه ؟"
تنفست شهيرة بهدوء وهي تقول بخفوت متزن
"انا افهمك ، افهم سبب ثورتك ، فمن اصيبت هي زوجتك ، ولكنه حدث بدون قصد ، وهناك فرق بين الحادث المتقصد والحادث الغير مقصود !...."
صرخ فجأة بجموح اكبر كادت ترتعد الجدران له
"لا انتِ لن تفهميني ، لن تفهمي وجعي مطلقا ، فليس واحد من افراد عائلتك من تأذى ، بل عائلتي انا من تأذت مجددا ! بسبب تصرفات ابنكِ الطائشة كدت اخسر زوجتي ، ومن قبل كدت اخسر شقيقتي ، هل تفهمين معنى هذه الخسارة ؟ لن تفهمي معاناتي ، ولن تكترثِ ، فكل ما يهمك هي حماية حياة ابنك وتوفير كل سبل الراحة له !"
تجمدت الخطوط حول عيناها وشفتيها وهي تقول من فورها ببأس
"لا تكلمني بهذا الأسلوب ، فأنا لست بكل هذه القسوة والاستبداد ، هل نسيت بأنني من رباكم جميعا واهتم بكم بعد وفاة والدكم ؟ لذلك انا اكترث بأمركم واكثر مما تتصورون ، وألا لماذا كنت اهتم بمصلحتك وانصحك دائما بالزواج وبناء عائلة ! هل هكذا ترد معروفي معك ؟ هل هذه نهاية العلاقة بيننا ؟ لقد جافيتني وهجرتني بعد حادثة شقيقتك ! والآن تقلل ادب معي وتتواقح بأرض منزلي بسبب خطأ غير مقصود !"
التوت ابتسامته بسخرية وهو يقول باستهزاء
"لو انكِ ربيتي ابنكِ جيدا منذ البداية لما وصلنا لهذا المكان !"
"سفيان !"
صرخت شهيرة دفعة واحدة ثم رفعت اصبعها نحوه وهي تقول بضراوة
"لا اسمح لك بالتمادي والتطاول بالكلام ! احترم نفسك يا ولد ! من تظن نفسك تُكلم بهذا الاستعلاء ! انا ما زلت اصمت عنك تقديرا لمشاعرك وكرامتك الثائرة على زوجتك ، ولكن إذا تماديت اكثر فلن اصمت عنك ، فهذا ليس خطأ صغير يفغر عنه بل هذه قلة اخلاق واحترام لشخص يكبرك بعمر والدتك !"
نقل نظره بعيدا عنها وهو يقول بقسوة
"كان ابي محقا ، محقا بخصوص محاربتك ومجافاتك"
صرخت بقوة اكبر وهي تنفض ذراعها بعصبية
"سفيان اعرف حدك ! وألا لن اسامحك على الإهانة التالية"
عاد بنظره لها وهو يلوح بذراعه قائلا بانفعال غاضب
"انتِ من بدأ بهذه الحرب وليس انا ، عندما هربتِ ابنكِ من سجنه ! استخدمتِ كل قواكِ كي يفلت من قبضتي ، من سمح لكِ بهذا ؟ عقابه معي لم ينتهي ، حسابه لم ينتهي ، كيف تأخذينه قبل ان ينتهي تصفية حسابي معه !"
قالت شهيرة من فورها باستهجان
"هو ابني ايضا ، هل اتركه للموت معك ؟ هو اخطأ صحيح ولكنه يبقى ابني مهما بدر منه ، وايضا انا اصدق براءة ابني وبأنه لم يقصد قتلها ، ليس مثلك عندما اخطئ ابني نسيت بسرعة القرابة بيننا وبدأت تتواقح بالكلام معي ! صحيح بأننا عيناك سيد الكايد ولكن لم نعينك محامي بحياتنا تحاسبنا على اخطائنا وتحاكمنا بدون دليل او اثبات !"
تلبدت ملامحه برسم رخامي وهو يقول بقسوة اكبر
"لن اعيد ما قلت ، اين هو ابنك القاتل ؟ إذا كان رجل فليخرج امامي ، حتى لو دخل بكل طبقات الأرض سأجده ! لن يفلت مني..."
"كفى"
تجمد بمكانه ليس بسبب كلمتها بل بسبب اصطدام نظراته بالفرد الجديد الذي جاء على الساحة ، وما ان انتبهت شهيرة على نظراته الغريبة حتى التفتت بسرعة للخلف وهي ترى الشخص الذي جذب تركيزه ، وبدون انتظار اكثر كان سفيان يهجم بانقضاض عليه ويمسك بياقة قميصه وهو يهزه منه صارخا بسطوة
"كيف تقوم بمثل هذه الخيانة معي ؟ كيف تتجرأ على اقتحام ارضي ومنزلي واختطافه من قبوي ! بأي جرأة تفعل هذا ؟ بأي جرأة ! هل اعطيناك قيمة لهذه الدرجة حتى استغليتها وغدرت بنا ؟"
اسودت ملامحه وهو يخفض نظره بصمت خاضع ، ليشد عليه اكثر وهو يصرخ بضراوة
"كنت قد وثقت بك ، ولكن ماذا فعلت بتلك الثقة ؟ رميتها ودست عليها عندما وجدت ما ينفعك ! رميت بعلاقتنا ارضا كي تحقق مصالحك الخاصة ! خنتني وطعنت بظهري كي ترضي اسيادك !"
تدخلت شهيرة بسرعة وهي تمسك بذراعيه تحاول تحريره منه صارخة بغضب
"اتركه يا سفيان ! اتركه فهو يعمل معي ، انا التي امرته ان يفعل هذا ، انا التي دفعته لفعل هذا ، اتركه ، اترك كرم حالا"
اطبق على اسنانه بقسوة وهو يقول من بينهما بهدير منفعل
"يا للأسف ! يبدو بأنك قد اصبحت مثلهم ، لقد تشبهت بهم بالنهاية ، فمن عاشر قوم أربعين يوما صار منهم !"
بقي رأسه منخفضا بذل بدون ان ينبس ببنت شفة ، ليدفعه بعدها بقسوة وهو يعدل سترته ويغادر من امامهما ، ليقف بعدها عند مدخل المنزل وهو يقول بوعيد
"لن ينفع اخفائكم له ، لأنني إذا لم اجده ولم يأخذ حسابه سأبلغ عنه للشرطة واجعلهم يبحثون عنه ، واسلمه لهم"
تسمر بمكانه ما ان صرخت شهيرة بنبرة مهددة
"سلم نفسك اولاً"
تحجرت ملامحه وسكنت عيناه بصمت ساد بالمكان للحظات ، قبل ان يحرك قدميه ويغادر من باب المنزل المفتوح بهدوء عكس مجيئه...

يتبع......


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-02-24, 02:11 AM   #383

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 843
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

خرجت من الدكان والوحيدة الموجودة على اطراف القرية المهجورة يوجد بها كل المواد التموينية والمستلزمات وما تحتاجه كل ربة منزل ، والوحيد الذي يلبي كل احتياجات ساكني هذه الأراضي الزراعية التي تأخذ اغلب المساحة وتغطي على المشاريع المعمارية ، كل منزل ومزرعة تبعد عن الأخرى مسافة كيلومترات وكأنها تعيش بالصحراء وحولها ارض جرداء قاحلة ، ويوجد فقر بالموارد الصحية والتعليمية والصناعية والأمنية ، حتى اصبح غالبية الناس يرحلون لحياة المدن ولعالم التحضر وانتشر طابع الهجرة كما ينتشر النمل على الطعام المكشوف ! والحق يقال بأن حياة الريف صعبة جدا ولا يتوفر بها اي من سبل الراحة الموجودة بالمدن ، فمن تتأزم حالته الصحية ينقلونه للمدينة ، ومن يريد فتح مشروع يذهب للمدينة ، ومن يريد اكمال الدراسة بجامعات النخبة يذهب للمدينة ، وكل شيء بحياتنا يعود للمدينة التي تملك كل شيء ناقص بعالمنا الصغير !
تنهدت بتعب وهي تحمل اكياس كثيرة بيديها قبل ان تقف هامسة بوجوم
"يا إلهي ! نسيت تفقد قائمة المشتريات ، إذا نسيت شراء شيء لن ترحمني عمتي !"
رفعت يديها تحاول دس اصابعها بجيب سترتها كي تخرج الورقة الصغيرة ، وما ان نجحت بانتشالها حتى فردتها امامها وهي تقرأ المكتوب عليها بتركيز
"اصبعين زبدة ، قرفة ، هيل ، يانسون ، فستق ، زيت نباتي ، زنجبيل ، كيلو طحين ، كيس رز ، معجون بندورة ، فول معلب ، كيس سكر ، وكيس ملح ، وزعتر اخضر ، وشاي الغزالين ، وحمص حب ، فاصولياء بيضاء ، باميا مجمدة ، المنظفات الصابون الخمس بليرة ، مسحوق غسيل الملابس ، سائل جلي الأطباق الثلاث بليرة ، وفقط"
تنفست الصعداء ما ان انتهت من مراجعة القائمة وهي تهمس براحة
"جيد ، كلها تم شراؤها ، ليس هناك شيء ناقص"
اخفضت الورقة من امامها وهي تهمس باستياء
"لنرى الآن بأي حجة سوف توبخني !"
استدارت بعدها وهي تسير بطريق العودة قبل ان تتعثر بحصوة وتسقط الورقة منها ، لتنخفض بعدها على جذعها وهي تمد كفها قبل ان تطير بعيدا عنها ، لتستقيم بسرعة وهي تراقب مسار الورقة الصغيرة التي استقرت بالنهاية امام اقدام كبيرة ! وما هي ألا لحظات حتى داست عليها الاقدام بقوة واخفت اثرها بقصد !
وما ان رفعت نظرها حتى شحبت ملامحها وهي تقابل الرجلين الذين كانا بصحبة زعيم المافيا صاحب الدين ، لتتحفز اطرافها ما ان تقدما نحوها بخطوات كسولة حتى وقفا امامها ، ليمد احدهما كفه لرأسه ويمسح على شعرها قائلا بابتسامة غريبة
"كيف حالكِ يا ابنة الجبال ؟"
نفضت رأسها بحركة لا إرادية حتى رفع كفه بسرعة وهو يقول ببساطة
"مرحبا بكِ"
قال صديقه الآخر وهو يقف بجانبه
"كيف حالكِ يا جميلة ؟"
تنقلت بنظرها بينهما بحذر وهي تهمس بتحفظ
"بخير"
قال بسرعة الأول وهو يبتسم لها بسماجة
"هل تحتاجين للمساعدة ؟ يبدو بأنكِ تواجهين مشكلة مع هذه الاغراض الثقيلة جدا على فتاة رقيقة مثلكِ !"
حركت رأسها بالنفي وهي تهمس بخفوت جاد
"كلا شكرا ، لا اريد اتعابك معي"
عبست ملامحه باستياء قبل ان يقول الثاني بثقة
"انتِ تتعبين السيد مطرقة ، ألا ترين عضلاته البارزة وقوته البدنية ! هذا يستطيع حمل الاكياس وحملكِ معها ! يعني تستطيعين وضع كل اعتمادك عليه"
ابتلعت ريقها بخوف وهي تتوقف بنظرها على الأول الذي رفع ذراعه يستعرض عضلاته السمراء قائلا بتكبر
"اسمي الأول فهد ، واسمي الثاني مطرقة ، يعني انا كل القوة والجبروت ، إذا كنتِ تبحثين عن رجل خارق بموقف بطولي فقط تعالي إلي ، وانا سأحل مشكلتك مهما كان مدى صعوبتها ، فقد كنت بضيعتي القديمة البطل الذي لا يقهر وحامي النساء الصغيرات !"
تأملته للحظات بعينين ساكنتين وهي تأخذ انفاسها ببطء ثم همست ببهوت
"تشرفت ، تشرفت بمعرفتك ، سأفكر بالأمر ، والآن عن إذنكما"
ما ان سارت خطوتين حتى اوقفها الرجل الأول بقوة جعلتها تتراجع للخلف بذعر ، ليمسك الرجل الثاني بذراعه وهو يقول بابتسامة جانبية
"لماذا تتعجلين ؟ ما زلنا نتكلم معكِ ! وصديقي السيد مطرقة لم ينهي حديثه معكِ بعد ! وليس من اللطيف تجاهل السيد مطرقة والمشي"
نقلت نظرها للسيد الصامت الذي كان يناظرها بصورة مبهمة وغير مريحة ، لتهمس بعدها بخفوت مرتجف وهي تتمسك بالأكياس بيديها
"كلا لا اريد الكلام ، اريد الذهاب ، لو سمحتما لي"
قال الرجل الثاني بابتسامة اكثر غرابة
"غير مسموح ، اولاً عليكِ الاستماع لكل طلباتنا بعدها نترككِ وشأنكِ"
تسارعت انفاسها وهي تنظر لهما بخوف هامسة بتوجس
"ماذا تريدان مني ؟ هل كل هذا بسبب الدين ؟"
نفض فهد ذراعه عن صديقه وهو يتقدم منها خطوتين قبل ان يقول بخفوت جاد
"نحن مبعوثين بأمر من السيد صقر ، فقد تأخر زوج عمتك بتسديد ماله وقد بدأ صبر رئيسنا ينفذ ، وعندما يحدث هذا لن يكون هناك شيء جيد وطبيعي بحياتك ، وقد اخبرنا ان نقوم بتهديدك وترهيبك ، ولكن قلبي رهيف جدا لم يسمح لي بفعل هذا ! فأنا اشفق جدا على هذه الكائنات الرقيقة والجميلة امام خشونتنا !"
اتسعت حدقتاها الفضيتان بدموع حبيسة وهي تهمس بخفوت مبحوح
"اخبرتكم ليس لي علاقة ، ليس لي علاقة بأفعاله ! لماذا لا تفهمون ؟"
نظر لها بسرعة بقسوة اخافتها قبل ان يتحسس ذراعها بأصابعه قائلا بخفوت خبيث
"المسألة بسيطة فقط تعالي معي ، ولن اؤذيكِ مطلقا ، بل سأكون غاية بالرقة والحنية معكِ ، فأنا لدي خبرة واسعة مع الصغيرات امثالك وسأعاملك مثل قطعة حرير غالية !"
شحبت ملامحها بلمح البصر وتسمرت بمكانها وهو يرفع اصابعه لكتفها هامسا بقذارة
"ولا تقلقي من اجل الثمن ، فأنا مستعد ان ادفع لكِ الأجرة التي تحددينها حسب درجة المتعة التي سأحصل عليها منكِ !"
غشت الدموع عيناها مثل لون الزجاج وهي تقبض بيديها على الاكياس بقوة وبدون تفكير اكثر كانت ترفع الاكياس بالمعلبات وتضرب وجهه بكل عنف ، ليتأوه بقوة وهو يتراجع للخلف وصديقه يلتقطه بلحظة...قبل ان تنتهز الفرصة وتنطلق هاربة من امامهما بلمح البصر وكأنه نداء الحرية !
ركضت بأقصى سرعة على الطريق العشبي بدون ان تشعر بثقل الوزن الذي تحمله والدموع تتقاطر على محياها ، لتسمع اصواتهما خلفها وصوت صاحب العرض الحقير ينادي بجنون
"اصبري قليلا عليّ يا عاهرة ، سأمسكِ بكِ مهما كلفني الثمن ! لن تهربي مني بسهولة !"
اسرعت بالركض وهي تتخذ طريق فرعي حتى اوصلها لسياج مزرعة قريبة ، لتنتصب بسرعة وهي تلوح بالأكياس ثم ترمي بها عاليا كي تسقطها بداخل السياج ، وما ان انتهت حتى امسكت بالسياج بيديها وصعدت بقدميها وهي تتسلق للأعلى بثواني ، ولم تشعر عندما انزلقت قدمها واسقطت فردة حذائها حتى استقرت ارضا ، لتتجاهلها بعدها وهي تركز فقط على الفرار منهم قطعة واحدة والوصول للطرف الآمن فليس هناك اهم من حياتها الآن !
وما ان انتقلت للطرف الآخر حتى قفزت بلا تفكير بدون ان تحسب طول الارتفاع لتسقط على ركبتيها وهي تتأوه بألم وتقطع صوتها بكفها تخنق وجعها ، لتحيد بنظرها وتلمح حذائها المشرد والساقط خارج حدودها ، وما ان مدت كفها من بين اسلاك الحديد حتى سمعت اصواتهم تقترب من مكانها بسرعة ! لتستعيد كفها سريعا وهي تجمع الاكياس بيديها وتهرب بتعثر وبفردة حذاء واحدة !
بعد مشوار طويل مجهد لجسدها واعصابها كانت تقف امام مدخل منزلها الذي وصلت له حية ، لتتقدم بعدها بخطوات منهكة قبل ان تتسمر بمكانها ما ان وقعت نظراتها على العبارة المكتوبة على عتبة الباب ، وقد كتب عليها بلون طبشور ابيض
(هذه البداية فقط ، إذا لم تسلمي لنا ابن الجبل ذاك ولم يسدد دينه فلن نفارقك بحياتك وستدفعين ثمن كل تأخير يحدث !)
شهقت بارتجاف وهي توقع الاكياس ارضا قبل ان تتبعها مرتمية ارضا امام عتبة الدار ، لتغمض عينيها ببكاء لم تعد تستطيع كبته وهي تضع ذراعها امامها صارخة بتحشرج
"ما ذنبي انا ؟ ما ذنبي ؟ اتركوني وشأني ، ارجوكم اتركوني !"
انتفضت بخوف ما ان فتح باب المنزل بقوة ثم سبقها الصوت الأقسى يهتف بصرامة
"واخيرا عدتِ ! لماذا تأخرتِ كل هذا الوقت ؟ لو طلبتِ منكِ السفر للمريخ لما اخذتِ كل هذا الوقت بالخارج ! وايضا ماذا تفعلين ارضا ! هل تسجدين لربك كي يهبكِ المال والثراء ؟ ولكن لا تقلقي لن تستجاب الدعوات من شخص منحوس مثلكِ ، فأنتِ كائن منحوس !"
اخفضت رأسها بصمت وذراعها امام وجهها بدون ان تجيبها بشيء ، لتتقدم نحوها بسرعة وهي تقول باستنكار
"لماذا تتركين الاغراض ارضا ؟ هل انتِ معتوهة ؟ سوف تتسخ او تنكسر هكذا ! إذا وجدت بها اي شيء مكسور او ناقص فلن ارحمكِ"
حملت الاكياس عن الارض وهي تستدير وتدخل للمنزل صارخة ببأس
"هيا انهضي يا بليدة وألحقيني ، لدينا عمل كثير وراءنا ، لن انشغل بكِ الآن"
ما ان اختفى صوتها حتى انزلت ذراعها بصمت وهي تأخذ انفاسها بصعوبة بالغة وكأن روحها تستغيث ! لتحدق بعدها بالكتابة التي انمحت نصفها ما ان مرت عمتها فوقها بدون ان تراها ، لتسيل دمعة يتيمة على خدها قهرتها سنوات وهي تدفع ثمن كل شيء بالحياة وأولها شعورها باليتم !
______________________________
مضت ساعة على خروجها من المشفى وهي تسير بطريق العودة للمنزل بين ازدحام المارة وازمات المرور ، وقد تاهت اكثر من مرة وسألت اكثر من شخص حتى استدلت للطريق الصحيح ، وبين الحين والآخر تأخذ استراحة قصيرة من السير بالجلوس على مقاعد انتظار الحافلات بعد ان تكون قد هلكت قدميها ، وخاصة بأنها قد ضغطت كثيرا على قدمها المصابة حتى بات ألمها مضاعفا وينتشر بسائر جسدها يعيق عليها رحلة العودة ، وإذا استمرت اكثر ربما تسقط من التعب وما تعود قادرة على النهوض مجددا !
استقرت بالنهاية جالسة على المقاعد وهي تمسد ساقها وتحرك قدمها تمددها امامها ، لتتنفس بعدها بإرهاق وهي تلوي عنقها على الجانب الآخر تحررها من تصلبها ، لتسقط نظراتها على الحافلات وسيارات الاجرة المنتشرة بالشارع حتى همست بخفوت يائس
"كان عليّ حساب اجرة العودة ، فقد صرفت كل المال الذي احمله على رحلة المجيئ"
ضربت رأسها بقبضتها وهي تقول بحنق
"سحقا لي ، كيف لم افكر بذلك ؟ كيف لم اجلب مال اكثر معي ؟ هل انا غبية ؟"
تنهدت بإحباط وهي تخفض نظرها هامسة بخفوت واجم
"ليس هناك حل آخر امامي ، عليّ الجهاد بهذه الرحلة بسبيل الوصول للمنزل ، فليس هناك من استطيع الاستعانة به !"
تحاملت على نفسها وهي تضغط بكفها على ركبتها وتستند بكفها على جانبها محاولة النهوض ، لتعود جالسة بتأوه وكأنها كهرباء مرت بساقها وهي تهمس بتألم اكبر
"ياربي ، ياربي ما كل هذا الوجع ؟ ما كل هذا العذاب ؟"
اخذت انفاسها ببطء وهي تمسح خديها بظاهر كفها تستجمع نفسها بصعوبة ، لتخفض نظرها لقدمها وهي تهمس بنشيج حزين
"ارجوكِ امشي معي فقط هذه الطريق ، تحملي اكثر ، لقد تحملتِ كل هذه السنوات ! ما هو الضير لو تحملتِ مسافة دقائق فقط ؟"
زفرت انفاسها بقوة وهي تستعد مجددا قبل ان تنهض بعزيمة تضع الثقل على قدم واحدة ، لتقف بعدها بتوازن مرتجف وهي تغمض عينيها تتحمل الألم بروح قوية ، لتتمسك بعدها بحزام حقيبتها وهي تسير بطريقها التي عادت لها هامسة بعون
"يارب كون معي ، فأنا بأمس الحاجة لك"
كانت تستند بالجدار بجانبها وهي تعرج تقريبا وكلما غاب الجدار تضطر ان تكملها بصعوبة ، حتى مرت من جانب بائع متجول رائحة المخبوزات لديه تفوح بالأرجاء مثل المسك ، لتحيد بنظراتها جانبا وهي تراقب الاطفال المجتمعين حوله يبيع لهم الخبز والكعك والفرحة واضحة على وجوههم ! ومن ازيائهم عرفت بأنهم طلاب مدارس وهذا وقت مغادرتهم وقرروا قصد البائع كي يشبعوا جوعهم بعد يوم دراسة طويل...
ابتلعت ريقها بحرقة وهي تضع يدها على بطنها الخاوية بسبب صيامها عن الطعام منذ ليلة امس ، لتشعر بالدوار والغثيان معا وهي تقبض بيدها على الجدار تكاد تفقد وعيها من التعب والجوع ، لتسقط نظراتها بحزن وهي تهمس بمرارة
"يا ليتني استمعت لها وتناولت حسائها ! ربما كان شحني بقليل من الطاقة اكمل بها طريقي !"
تماسكت بثواني وهي ترفع رأسها بقوة قبل ان تمسح على بطنها الصغيرة وتهمس بجمود
"تحملي قليلا ، تحملي حتى نعود للمنزل ، واعدك ان اطعمك واشبعكِ جيدا ، هذا وعد"
رمقت بائع المخبوزات بطرف حدقتيها بعبوس وكأنها متسولة تشتهي الطعام ومحرومة منه...لتنفض رأسها بقوة وهي تتابع طريقها وتركز على الوصول لهدفها قبل ان تخور قواها اكثر .
وصلت للمنزل اخيرا وقد اجتازت البوابة الخارجية ووقفت عند المدخل تأخذ انفاسها لثواني ، لتصعد بعدها درجات السلم القليلة التي اصبحت جهاد بالنسبة لها بعد كل ذلك السير ، وما ان وصلت للباب حتى تمسكت بمقبضه تضع كل ثقلها عليه وهي تفتحه من فورها ببطء ، وما ان تركت المقبض حتى دخلت خطوة وبالخطوة التالية كانت تسقط مغشيا عليها صدمت جانب رأسها بقوة !
ظلت دقائق على حالها فاقدة الشعور والاحساس حتى جاء صوت من الداخل يهرع لها ، لتسمع صوت الخطوات تقف بجانبها وصراخها يصم اذنيها بهلع
"يا إلهي ! لورين صغيرتي ! بسم الله الرحمن الرحيم ! ماذا حل بكِ ؟ ما هذه الحالة ؟"
امسكت بذراعها وهي ترفعها قائلة بصوت اعلى
"تماسكي ، تماسكي يا حبيبتي ، هيا انهضي ! انهضي معي !"
حاولت استيعاب محيطها واليد التي تتمسك بها تسندها بالوقوف ، وما ان اجبرت نفسها على النهوض بقدم واحدة حتى وضعت كل ثقلها على المرأة التي تمسكت بها وهي تقول بصدمة
"يا إلهي ! انتِ هزيلة جدا ! ماذا تأكلين بالله عليكِ ؟ وكأنني احمل جسد بلا لحم !"
تنهدت بحزن وهي تسحبها معها هامسة بعطف
"هيا يا ابنتي استندي بي كي اوصلكِ لغرفتك ، استجمعي قواكِ ، ياربي ساعدنا بما نحن فيه !"
بقيت متمسكة بها بتشبث حتى اوصلتها لداخل الغرفة لتسقط مرتمية على ملاءة السرير الناعمة التي احتضنتها بدفء ، لتزفر وداد انفاسها بأسى وهي تهمس بجدية
"يجب علينا اخبار السيد إلياس بما جرى معكِ ، فهو من المهم ان يعرف ما يحدث مع زوجته !"
ما ان كانت ستغادر حتى تمسكت لورين بثوبها وهي تلتفت نحوها بحيرة قبل ان تسارع بالهمس بنشيج مضطرب
"ارجوكِ ، ارجوكِ لا تخبريه بشيء ، فهو غاضب مني بالأساس ، إذا ازعجته الآن سيغضب مني اكثر !"
عقدت حاجبيها وهي تقول من فورها بتصلب
"ولكن يا ابنتي...."
قاطعتها لورين بسرعة بخفوت مندفع
"اقسم بالله إذا اخبرته لن اسامحكِ بحياتي ، واعدك بأنني سأتناول كل الطعام الذي توصيني به وتحضرينه لي ، واهتم بصحتي اكثر عن السابق ، ولن اخرج عن كلامك بحياتي"
بادلتها النظر للحظات قبل ان تتنفس هامسة بقلة حيلة
"حسنا صغيرتي ، سأفعل ما تريدينه ، ولكن لن تهملي صحتك بعد الآن ! حسنا !"
اومأت لورين برأسها بطاعة قبل ان تستدير بلحظة وهي تقول بهدوء متزن
"ابقي مرتاحة على الفراش ، وانا سأحضر لكِ طعام فطور شهي واسخن لكِ الحساء من جديد ، وإياكِ وان تتحركي من مكانكِ حتى اعود لكِ بالفطور ، هذه كل اوامري"
سارت بعدها حتى سقطت كفها على جانبها وهي تراقبها تخرج من الغرفة امامها ، لتنقلب بعدها على جانبها قبل ان تؤلمها رأسها وهي تعود سريعا للنوم على ظهرها ، لترفع كفها لرأسها تمسد جبينها بإصبعيها وهي تهمس باستياء
"هذا ما كان ينقصني وجع رأسي فوق وجع قدمي !"
ابعدت كفها وهي تستقر بجانبها وتتأمل السقف فوقها بخواء وقد جافاها النوم بعد اغمائها الأخير...

يتبع......


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-02-24, 02:15 AM   #384

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 843
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

مساء اليوم....
كان يصعد درجات السلم حتى وصل لممر غرفته بنهاية الرواق ، ليتسمر بمكانه بقوة ما ان سمع اصوات من باب غرفته المفتوحة ، وما ان اقترب اكثر حتى تردد صوتها بأعماق روحه وهي تهمس بنبرة الحزن ذاتها
"انا بخير ، بخير لا تقلقي عليّ"
تنفس بهدوء وهو يغمض عينيه قائلا بكبت
"ماذا الآن ؟ ألن ننتهي من تمثيليتها ؟"
ترصدت اذنيه صوت وداد وهي تقول بهدوء جاد
"هذا لن يجدي يا ابنتي ، لقد غبتِ عن الوعي مرتين اليوم ! يجب علينا رؤية الطبيب ، اقبلي مني فقط هذه النصيحة ، فلن ارتاح ألا عندما اطمئن عليكِ !"
فتح عينيه يستوعب كلامها وهو يفكر بقصدها عن الاغماء الثاني ، فهل حدث قبل ذهابها للمشفى ام بعد عودتها ؟ وحتى انه لا يعلم متى عادت للمنزل ؟
لتأتي الصدمة الثانية ما ان قالت وداد بخفوت صارم
"انظري لجانب جبهتك ، لقد طبعت علامة حمراء بعد ذلك السقوط ! إذا لم نفحصها ونداويها ربما تتورم اكثر !"
عصفت ملامحه واهتاجت انفاسه وهو يقتحم الغرفة بسرعة بدون تفكير ، لتتصوب النظرات نحوه بخوف منتفض من دخوله العاصف ، بينما ازاحت لورين نظراتها بسرعة وهي تنزل ستار شعرها على جانبي وجهها تخفي الندبة على جبينها .
ركز نظره نحوها وهي تتحاشى النظر له لا يظهر شيء من وجهها فقط شعر حالك السواد منسدل على جانبها ، لينقل نظره للأخرى الواقفة وهي تعطيه كل انتباهها هامسة بأدب
"مساء الخير يا سيد إلياس ، اعطاك الله الصحة"
اومأ برأسه ببطء وهو يقول بخفوت اجش
"اهلا بكِ يا عمتي"
عاد بنظره للتي ما تزال تتجاهله تعزل نفسها بستار شعرها الليلي تستخدمه بالابتعاد عنه ، لتقول وداد بسرعة تقاطع افكاره
"هل انت جائع ؟ هل اضع لك طعام العشاء ؟"
حرك رأسه بحركة مبهمة وهو يقول بصوت عميق
"انتظري"
عقدت حاجبيها باستغراب وهو يقترب منهما وبدون شعور وقفت امامه تمنعه من التقدم ، وما ان طالت النظرات بينهما حتى تنحت بعيدا عن طريقه وتركته يمر من جانبها ، ليقف بعدها امام الأخرى وهو يتأملها بإمعان صامت ، من رأسها المنكس بشعر اسود حريري يغطي جانبيها ويصل لحدود خصرها ، وترتدي بيجامة خضراء قطنية بلون العشب تلتف حول قوامها الصغير بنعومة ، وتضم اصابعها البيضاء الصغيرة اكمام بلوزتها ، وخف منزلي كبير لا يتناسب حجمه مع قدميها الصغيرتين ! كانت عبارة عن دمية صغيرة ! كل شيء بها صغير وطفولي وكأنها تجمع الأنوثة والطفولة معا بمزيج لا يقاوم !
تلبدت ملامحه وهو يرفع يديه ويمسك وجهها وقد قشعر بدنها ما ان لامسها بأصابعه الباردة ، ليضغط على نفسه ويرفع وجهها صوبه حتى هربت بعيناها بعيدا بدون ان تواجهه مباشرة ، قال بعدها بصوت مرتخي آمر
"لورين انظري بعيني"
نظرت له بعينين واسعتين علقت مداراتها بعينيه وكأنهما دورة حياة ، ليتغضن جبينها بألم مفاجئ ما ان ضغط بأصبعه على الجانب المتورم بندبة حمراء ، لتتوحش عيناه وهو يبعد خصلات غرتها عن جبينها حتى اتضح شكل الندبة متكورة بانتفاخ وكأنها كرية دم حمراء !
قطب جبينه بجمود وهو يقول بانفعال هادر
"كيف حدث هذا معكِ ؟ هل غبتِ عن الوعي مجددا ؟ تكلمي ماذا حدث ؟"
زمت شفتيها بعبوس وقد تجمعت الدموع بعينيها بحزن حرك مشاعره بعنف ، اللعنة على ضعف قلبه ! كيف يضعف هكذا بسرعة امام دموعها ؟ هل هي ترياق سحري ؟ ام سم قاتل !
تجمد بمكانه وهو يرفع رأسه قائلا بغضب اكبر
"ماذا حدث معها يا عمتي وداد ؟ كيف اصيبت ؟ واين غابت عن الوعي ؟ ولن تستطيعي الكذب عليّ فقد سمعت حديثكما"
ابتلعت ريقها بثبات وهي تخفض نظرها قائلة بخفوت جاد
"اعتقد بأن الافضل ان تعرف من زوجتك ، فقد وعدتها بألا اخبرك بما حدث معها ، واساسا انا لا اعرف الكثير ، لذا الأفضل لك سؤالها هي فهي التي تعرف بكل شيء"
عقد حاجبيه باستنكار وهو يقول من فوره بجموح
"عمتي !...."
قاطعته لورين بسرعة بخفوت مرتجف
"لقد غبت عن الوعي امام باب المنزل وصدمت رأسي بقوة"
نظر لها بسرعة مثل الطلق وهو يقول باستهجان
"غبتِ عن الوعي امام المنزل ! ما هو السبب ؟ ألم يكن سفيان من اوصلك للمنزل ؟ هل كنتِ مريضة ؟"
ابتلعت ريقها بارتعاش وهي تهمس بخفوت باهت
"كلا سفيان لم يوصلني"
تجهمت ملامحه وهو يقول من فوره بحدة
"إذاً كيف عدتِ للمنزل ؟ لا تقولي بأنكِ عدتِ بسيارة اجرة !"
عضت على طرف شفتيها بتوتر وهي تهمس بخفوت يكاد لا يسمع بعد ان حشرت بالزاوية
"بل عدت للمنزل سيرا على الاقدام"
تسمر بمكانه لوهلة يحاول استيعاب كلامها الأخير قبل ان يبتسم بضحكة صامتة ردا على نكتتها ، وسرعان ما اختفت الابتسامة قائلا بشك
"حقا !"
اومأت برأسها للأسفل بخوف قبل ان يشدد بأصابعه على وجهها تشعر بها تغرز بلحمها ، ليقول بعدها بأول خروجه من الصدمة باستنكار حاد
"ايتها المجنونة ! كيف تعودين للمنزل وحدكِ وتمشين كل هذا الطريق ؟ لماذا خاطرتي وذهبتي وحدكِ ؟ هل تتعطشين على روحك ! لماذا لم تطلبي من اشقائك إيصالك ؟ ألم نتفق هكذا ؟ لماذا ؟"
ردت عليه لورين بسرعة بخفوت متحشرج
"لم اذهب إليهم فقد خفت ، خفت من انكشاف امرنا ومعرفتهم بالذي يجري بيننا ! كيف سوف ابرر لهم موقفي ؟ لقد حاصرتني ولم اعرف كيف اتصرف آنذاك !"
ابتلع إلياس ريقه ببطء وهو يقول بجمود متسلط
"مع ذلك فقد اخطئتِ بما فعلتي ، كان عليكِ على الأقل الاتصال بي واخباري بما جرى معكِ ! لماذا تجاهلتِ وجودي ولم تلجئي لي ؟ هل لهذه الدرجة انا غير موجود بحياتك حتى استصعبتِ طلب مساعدتي ؟"
عبست ملامحها بارتجاف وهي تهمس ببحة مريرة
"بأي حق سوف اتصل بك وانت ذهبت وتركتني وحدي ! لم تسألني عما اريد وارغب به ، تركتني وجزمت بنفسك بأنني سأعود مع اشقائي ! لم ترغب بإيصالي معك للمنزل ، فكيف سأتصل بك بعد ما حدث ؟"
ارتجفت اصابعه وهو يسحب يديه بهدوء قبل ان يشيح بوجهه ويمسد جبينه بإصبعيه ، وبعدها بلحظات كان يرفع رأسه قائلا بحسم
"سأتصل بالطبيب كي يحضر للمنزل ، يجب ان يتم فحصها وكشفها من اجل التأكد من سلامتها الجسدية افضل"
اومأت وداد برأسها وهي تقول بابتسامة هادئة
"هذا هو الكلام الصائب ، احسنت التفكير"
حركت لورين رأسها هامسة بتبرم
"لا اريد ، انا بخير"
قال إلياس بسرعة بخفوت قاسي
"ستفعلين ما اقول فقط ، يكفي ما حل بكِ بسبب غبائك الغير محدود !"
زمت شفتيها بحزن وهي تهمس بقنوط
"هل انا تعمدت فعل هذا بنفسي ؟"
رمقها بطرف حدقتيه بجمود قبل ان ينقل نظره للخادمة وهو يقول لها بحزم
"انتبهي عليها حتى اعود"
اومأت برأسها بامتثال وهو يتحرك من امامها ويغادر خارج الغرفة ، لتشرد لورين بنظراتها بعيدا حتى اقتربت منها وداد وحطت بكفها فوق رأسها وهي تهمس بحنان
"اخبرتكِ بذلك ، قلب إلياس طيب جدا ، ولن يسمح لمكروه ان يصيبك ، ولكن اسلوبه هكذا ، مندفع بمشاعره حد الهوس ، ومحب حد التملك ، مثل طفل متشرد محروم من كل شيء بحياته ! فإذا استطعتِ احتوائه جيدا استطعتِ امتلاكه !"
حركت رأسها بغمامة بدون ان تجيبها وهي تهمس بقرارة نفسها بيأس شديد
(لا اعتقد بأنني استطيع فعلها ، فإذا لم استطع احتواء نفسي ، فكيف سأحتويه !)
بعد مرور نصف ساعة خرج الطبيب من الغرفة وهو يوظب حقيبة يده ، ليخرج إلياس امامه بسرعة وهو يقول بخفوت مضطرب
"كيف حالها ؟ كيف اصبحت ؟ اعني ما هو مدى اصابتها ؟ هل هي خطيرة ؟"
ما ان كان سيتكلم الطبيب حتى سبقه بسرعة قائلا بقلق
"هل نجري لها فحوصات بالمستشفى ؟ ام ترتاح بالمنزل ! بالتأكيد كما تأمر انت"
تنفس الطبيب بهدوء وهو يقول بجدية
"هل تسمح لي بالكلام ؟"
ردّ عليه إلياس بحرج
"نعم طبعا ، تفضل"
قال الطبيب بعدها بنبرة مهنية
"صحتها جيدة ، ولا تعاني من اي اضرار جسدية ، ولكن اصابة رأسها كانت قوية جدا ، لذا قد تعاني الألم والصداع برأسها بين الحين والآخر ولن يكون متواصل ، لذلك كتبت دواء مسكن قوي من اجلها ، عليها ان تستخدمه مرة بالنهار ومرة بالليل"
اخرج الورقة من حقيبته وهو يمدها له قائلا بقوة
"يوجد اسم المسكن عليها ، اشتريه من الصيدلية بأسرع ما يمكن ، فهي يتوجب عليها البدء بالعلاج من الآن"
اخذ الورقة منه وهو يومئ برأسه بصمت قبل ان يتابع كلامه قائلا بحزم
"ومعلومة مهمة عليها ألا تنام هذه الليلة ، من اجل سلامتها ، فالاحتياط واجب علينا ، اخبرتها بهذا الكلام ، واخبرك انت ايضا كي تتم مراقبتها جيدا"
ابتلع ريقه بصعوبة وهو يستمر بالإيماء برأسه بصمت ، وما ان كان سيتحرك حتى تذكر شيئا مهما وهو يقول بعملية
"نسيت امرا مهما ، لقد كتبت لك ايضا على مرهم خاص ، فقد اكتشفت بأن قدمها اليمنى متورمة جدا من السير الطويل عليها ، لذا الافضل بهذه الفترة اراحتها وعدم السير عليها ، فقد يصبح الامر خطرا إذا اثقلت عليها اكثر من اللازم ! فهي قد اجرت قديما جراحة خطيرة عليها ! لذا علينا توخي الحذر"
كسى الوجوم محياه وهو يقبض على يديه بقوة حشر الورقة بإحداها متخيل المعاناة التي مرت بها تلك الصغيرة قليلة الحيلة برحلة العودة للمنزل ، وهو بعيد تماما عن كل هذه الاحداث رغم علمه بكل اعتلالاتها النفسية والبدنية ! حتى كان السبب بأذيتها بدون ان يعلم بذلك او يشعر !
اغمض عينيه بقهر وهو يومئ برأسه قائلا باتزان
"شكرا لك يا طبيب ، اتعبناك معنا"
ردّ عليه الطبيب بأدب
"لا بأس ، فهذا واجبي"
فتح عينيه بجمود وهو يمد ذراعه امامه قائلا بهدوء
"تفضل اسبقني بالنزول ، وانا سألحق بكِ بعد قليل"
تحرك الطبيب بصمت وهو يجتازه ويغادر باتجاه السلالم ، لترتمي ذراعه على جانبه وهو يشرد بالفراغ لحظات يؤنب نفسه بشدة ، ليحيد بعدها بنظراته باتجاه باب غرفتها وهو يعبس بشدة مثل طفل شعر بالذنب فجأة !
زفر انفاسه بهياج وهو يدس الورقة بقوة بجيب سترته ويغادر بسرعة باتجاه السلالم يسرع كي يحضر لها دوائها ويعوضها عن الألم ولو بالقليل...
__________________________
تنهدت بحزن كسير وهي تشرد بالنافذة القريبة من سريرها والليل المطل خلفها مثل لوحة سوداء شديدة الكآبة ، ولم يبدد صمت عالمها سوى صوت انفتاح الباب بقوة وهو يسطو بوجوده ويقول بصوت خفيض خشن
"لقد احضرت الدواء من الصيدلية ، يمكنكِ انتِ ان تذهبي للراحة يا عمة ، وانا سأبقى مرافق لها طول الليل"
ابتسمت وداد بهدوء وهي تنهض عن الاريكة قائلة بجدية
"كما تريد يا سيد إلياس ، ولكن انتبه عليها جيدا ، فهي الآن باتت بأمانتك"
اومأ برأسه بتأكيد وهو ينقل نظره لها قائلا بقوة
"لا تقلقي يا عمتي ، فأنا اكثر من سيخاف عليها ويهتم بها ، لا تبقي بالكِ مشغول بها"
ودعته وداد وغادرت خارج الغرفة بصمت حتى اغلق الباب خلفها ، ليعيد تركيزه نحوها وهو يتقدم منها حتى بات يقف بجانب طرفها من السرير ، كانت تدير رأسها وهي شاردة بعيدا عنه بالفراغ بدون ان تبدي اي تعبير او شعور بوجوده ، ليتنحنح بعدها بقوة وهو يقول بهدوء خفيض
"كيف تشعرين ؟ هل افضل ؟"
اومأت برأسها بصمت قبل ان تخفض نظرها هامسة ببهوت
"ليس هناك داعي من بقائك معي طول الليل ، فأنا استطيع الاهتمام بنفسي ومراقبة صحتي"
راقبها للحظات قبل ان يضع كيس الدواء فوق المنضدة وهو يقول بجمود
"بالتأكيد هناك داعي ، فأنتِ اكثر شخص بالعالم مهمل وغير مسؤول عن صحته ! وايضا انتِ لستِ اي شخص بحياتي ! انتِ زوجتي وبالطبع لن اترككِ وحدك بهذه المحنة !"
ردت عليه لورين بخفوت ميت
"ولكنك تركتني"
تجمدت اصابعه على الكيس وهو يخفض يديه قبل ان يوجه نظره بعيدا قائلا بتوتر
"لم ، لم اقصد ما حدث ، كنت قد فقدت اعصابي لوهلة وتصرفت بجنون ، ولكن انتِ ماذا فعلتي اكملتِ ذلك الجنون ولم تصغي للمنطق بعقلك ؟ هل انتِ سعيدة بالنتيجة ؟"
بقيت صامتة بدون ان تنطق بكلمة ليدير نظره نحوها وهو يقول بحدة مضطربة
"انتِ السبب بما حدث ، لقد ضايقتني بشدة بحديثك ، عندما ذكرتي امر اشقائك واحتمائك بهم ثار الدم برأسي ! وخاصة عندما هددتني بهم وكأنني عدوك ولست زوجك ! انتِ البادئ بهذه الحرب وليس انا !"
تنهد باستياء عندما قابل صمتها وكأنها بعالم منفصل تماما لا يصل له اي من صدى صوته ، ليصرخ بعدها بثورة مفاجئة جعلت قلبها ينتفض بهلع
"حسنا ، حسنا ، انا اعتذر ، اعتذر منكِ"
حدقت به بصدمة وكأنها تنظر لمختل عقلي وهي تزم شفتيها بعبوس ! لتشيح بوجهها بعيدا بصمت وهي تضم يديها بحجرها وتتجاهله مجددا .
ضاقت حدقتاه بجمود وهو يدير رأسه ويخرج الادوية من الكيس قائلا بهدوء واثق
"انتِ تعلمين بأنه من عاداتي الاعتذار غير موجود بقاموسي ، ولكنني مع ذلك اعتذرت منكِ مرتين بحياتي منذ قابلتك ! وانا لم اعتذر لأحد بحياتي بكل هذا القدر ! هذا يعني بأنكِ شخص مميز جدا حتى تحصلي على كل هذا الدلال والاهتمام !"
رمقته بطرف حدقتيها بصمت قبل ان تهمس بخفوت مستاء
"لم اطلب منك الاعتذار"
زفر انفاسه بنيران اشتعلت بخلده وهو يتمتم بغضب
هل تختبرين صبري ؟""
نظرت له باستغراب وهي تهمس بوجوم
"ماذا ؟"
تسمر بمكانه لحظات قبل ان يضع علبة الدواء على المنضدة بقوة قائلا بجفاء
"لا شيء ، سلامتك"
عقدت حاجبيها بحزن وهي تراقبه يسكب الماء بالكأس ويخرج كبسولة دواء من العلبة ، ليمدها نحوها بكف والكأس بكفه الاخرى وهو يقول بحزم
"هيا اشربي الدواء كي يعطي مفعوله قبل ان يبدأ الألم بفتك رأسك ، وايضا عليكِ تناوله بسرعة قبل دخولنا باليوم التالي"
اخذت منه الحبة وهي تبتلعها بصمت ثم اتبعتها بكأس الماء تشرب منها بمهل ، ليعيد الكأس لمكانها ويخرج من الكيس دواء آخر قبل ان تتجمد اصابعه وهو يتأمل المرهم بصمت ، تنفس بعدها ببطء شديد وهو يلوح بالمرهم امامها ثم قال بخفوت صارم
"وايضا ضعي من هذا المرهم على قدمك المصابة ، مرتين باليوم على الأقل كي لا يزيد تورمها اكثر ، فأنتِ قد عرضتها لجهد كبير بيوم واحد"
رفعت حدقتيها الواسعتين وهي تهمس بخفوت
"فهمت"
اومأ برأسه وهو يضع المرهم بجانب علبة الدواء قائلا بجدية
"لا تنسي كلامي ، عليكِ بالالتزام بكل تعليمات الطبيب بحذافيرها ، وألا لن تتوقعي ما سيحدث حينها...."
قاطعته لورين بخفوت باهت
"وكأنني املك خيار آخر"
تغضن جبينه بضيق وهو ينفض رأسه ويغادر من جانبها قبل ان يمسك كرسي الأريكة ويجره ناحيتها ، وما ان وصل بجانبها حتى استقر جالسا فوقه يضم قبضتيه فوق ركبتيه ويراقبها بإمعان وكأنها بجلسة تصوير ، لتبتلع ريقها بارتجاف وهي تهمس بخفوت واجم
"هل انت حقا ؟ هل انت تريد البقاء هكذا طول الليل ؟"
اومأ إلياس برأسه بثقة وهو يقول بتسلط
"هل ابدو لكِ وكأني امزح معكِ ؟"
حركت رأسها بالنفي وهي تهمس بخفوت متبرم
"كلا ، ولكن ربما تشعر بالنعاس....."
قاطعها بسرعة بهدوء حاسم
"مع ذلك لن اتحرك من مكاني حتى اطمئن بأنكِ لن تنامي او تسهي وتغرقي بالنوم ، ولن استطيع المخاطرة بهذه البساطة عندما تكونين انتِ الموضوع !"
اخفضت نظرها بصمت حتى سمعته يهمس بشرود
"وايضا لن استطيع النوم بكل الأحوال"
حادت بنظرها نحوه بصمت حتى ضبط اختلاسها بسرعة لتبعد نظرها بارتجاف وتحدق حولها بتخبط ، لتستند بعدها بظهرها على الوسادة براحة وهي تتأمل السقف بصمت ، ولم تشعر بنفسها وهي تغفو ألا عندما قطع احلامها صوته وهو يقول بتزمت
"انتِ ، انتِ ! هل بدأنا من الآن ؟"
نظرت له بإجفال وهي تمسح خديها هامسة بتوتر
"كلا لم اكن نائمة ، كنت ارتاح قليلا ، فقط ارتاح"
تقدم بجلوسه بعينين حاذقتين وهو يقول بقوة
"انا اراقبكِ ، انتبهي على نفسكِ"
زمت شفتيها بعبوس وهي تدير نظرها بعيدا وتعتدل بجلوسها باستقامة كي لا تغفو بالخطأ ، ليبدد الصمت مجددا قائلا بهدوء غريب
"تكلمي معي"
نظرت له باستغراب وهي تهمس بعدم فهم
"ماذا افعل ؟"
رفع رأسه بهدوء وهو يحرك كتفيه قائلا ببساطة
"هذه افضل طريقة كي تبقي يقظة ولا تشعري بالملل ، لهذا اريد منكِ ان تتكلمي معي ، تحدثي بأي شيء المهم ان تبقي على تواصل معي"
انفرجت شفتيها بدهشة قبل ان تنقلب لعبوس وهي تهمس بارتباك
"عن ماذا اتحدث ؟"
لوح بيده بهدوء وهو يقول بخفوت اجش
"تحدثي عن اي شيء يخص حياتك ، حكاية قديمة ، موقف اثار اهتمامك ، عبرة ثمينة بحياتك ، موقف مضحك ، احلى ذكرياتك ، نكتة ، قصة ، اي شيء يخطر ببالك قوليه"
دارت بنظراتها بتفكير لبرهة ثم همست بخفوت متردد
"لدي حكاية قديمة ، ولكنني لا اعرف إذا كانت مثيرة للاهتمام وتناسبك"
ركز بنظره عليها بسرعة وهو يقول من فوره بابتسامة عميقة
"قوليها ، المهم لديكِ شيء تقولينه ، غير مهم المحتوى ، قولي كل شيء موجود بقلبك"
عضت على طرف شفتيها وهي تهمس بامتثال
"حسنا ، بما انك تريد هذا"
اعاد ظهره لمسند الاريكة براحة وهو يفرد كفه قائلا بقوة
"تفضلي"
اخذت انفاسها بهدوء وهي تضم كفيها بحجرها هامسة بخفوت عميق
"ليست القصة المدهشة او الرائعة بحياتي ، ولكنني اريد ان ارويها لأنها علقت بقلبي منذ سنوات ولم تفارقني كانت درس قيم لي ، حينها كنت بالأول إعدادي ، وحيدة بدون اصدقاء بمدرستي الجديدة التي انتقلت لها ، فقد ترفعت عن المرحلة الابتدائية ودخلت مدرسة إعدادية ، كانوا اغلب طلاب صفي إذا لم يكن كلهم لا يحبونني ويرونني غريبة عنهم ومنفرة بسبب نسب والدتي الذي انتشر بسرعة بينهم . وهذه حقيقتي وتقبلتها منذ مولدي وعندما اختلطت بعالم البشر ، ولكن الأمر كان يؤلمني ببعض الاحيان عندما يلفظوني من كل مكان ولا اكون مرغوبة به وكأنني منبوذة ! ومن بين طلاب صفي كانت هناك طالبة ذات شخصية قوية وعنيفة ، تصرفاتها وكلامها كانا يسببان لي الرعبة والخوف منها ! متمردة وشرسة وتفرض كلامها بكل مكان ، لم يكن احد يطيقها واحيانا يرضخون لها خوفا منها ! وانا كذلك كنت احاول الابتعاد عنها بقدر ما استطيع ، حتى انها اكثر من مرة ضربتني على كتفي ودفعتني بعيدا عن طريقها ! كانت كابوس مرعب بالنسبة لي جعلتني اخاف الحضور للمدرسة منها . ولكن ما حدث لاحقا شيء مثل الخيال ! وذات يوم...."
قطعت كلامها تشرد قليلا قبل ان يجرها إلياس للحديث وهو يقول بإصغاء شديد
"وذات يوم ماذا حدث ؟"
ابتلعت ريقها بهدوء وهي تتابع هامسة بتركيز
"وذات يوم اتفقت اربع فتيات عليّ ، كنا بوقتها بحصة تنظيف بفصلنا وكان الدور علينا ، اخبروني ان احضر ممسحة من غرفة التنظيف ، وعندما دخلت إليها قاموا بغدري دفعوني للداخل واقفلوا باب الغرفة عليّ . وكانت الوقعة قوية جدا لدرجة لويت كاحلي ! ومع ذلك كافحت ونهضت وحاولت فتح الباب ، ضربت ، وصرخت ، وبكيت ، ولم يستمع لي احد ! لقد خدعوني وكسروني وآلموني ولم يسألوا وهربوا بعيدا !...."
تنفست بجهد عندما وصلت للذكرى الأسوء والأقسى بحياتها المدرسية بأكملها ، ليرفع إلياس رأسه بانتباه وهو يقول بهدوء مظلم يغوص بذكرى اخرى
"امر مؤسف ان تكون منبوذ بمكان ما ! عندها ستدفع ثمن حياتك غاليا ! حتى لو قدمت روحك فداء لهم لن ينفعك وسيبيعونك بسرعة"
مسحت خديها بارتجاف وهي تهمس بخفوت
"صحيح"
تنهد بقوة وهو يقول بصوت عطوف يراعي نفسيتها
"إذاً وماذا حدث بعدها ؟ كيف خرجتي من ذلك المكان ؟"
شحبت ملامحها وهي تهمس بخفوت حزين
"عندها ، بتلك اللحظة ظننت نفسي لن اخرج بحياتي ، وخاصة بأن دوام المدرسة قد انتهى والجميع قد عاد لمنزله ! وبعدها جاء احدهم وفتح الباب من اجلي ، ولم يكن سوى الطالبة العنيفة التي كنت اهاب منها دائما . لقد بكيت حينها بشدة وكأنه تم انقاذي من الظلمة للنور ! ولم تقل لي شيئا فقط مدت يدها لي وساندتني بالخروج بدون ان تتركني للحظة ! اخذتني للخارج ، بعدها احضرت حقيبتي ، ضمدت جرح قدمي ، وخرجنا من المدرسة سويا . حتى مررنا على صيدلية وفحصني الدكتور وعالج التواء قدمي ، لقد فعلت كل هذا من اجلي بدون مقابل ، لقد عرفت حينها بأنني ظلمتها بالحكم على شخصيتها بسرعة ، فهي ليست كما تبدو ! وتصرفاتها وكلامها لا يعكسان حقيقتها ! فلولا وجودها لما استطعت الخروج من تلك الظلمة ولا اعرف ماذا كان حل بي بذلك اليوم !"
كان يحدق بها بصمت للحظات قبل ان يقول بابتسامة طفيفة
"يا لها من عبرة اخذتها معكِ كشفت جواهر الناس الحقيقيين ! فالأصدقاء فقط بالمواقف ، وهل استطعتِ شكرها ؟"
ابتأست ملامحها بلحظة وهي تهمس بخفوت مستاء
"للأسف لم استطع الوصول لها ، فقد اختفت بعد يوم من ذاك الحادث ! واكتشفت بعدها بأنها تركت المدرسة ! وعندما سألت اكثر عرفت بأن عائلتها تعاني من تفكك اسري ، وبعد طلاق والديها قررت الذهاب مع والدتها وانتقلتا معا لمدينة اخرى بعيدة لذلك خرجت من المدرسة . لقد حدث كل شيء بنفس اليوم وضاعت مني الفرصة ، لم استطع شكرها ولا حتى التأسف منها ! فكل شيء مرهون بالوقت ، وانا تأخرت كثيرا عليها !"
بهتت ابتسامته بصمت وهو يقول بخفوت متزن
"لا تحزني نفسكِ ، فهذا قضاء وقدر ، لا تستطيعين تغيير الزمن والظروف كي تسير كما تريدين"
اومأت لورين برأسها لحظات قبل ان توجه نظرها نحوه وهي تقول بابتسامة صغيرة
"لقد جاء دورك ، أليس لديك قصة ترويها ؟"
رفع حاجبيه بدهشة من سؤالها المباشر وهو يقول بارتباك
"انا ! لا اعتقد بأن هناك شيء بحياتي قد يثير اهتمامك ويكون قصة !"
ردت عليه لورين بسرعة باندفاع غير مفكر
"بلى هناك ، مثلا قصة اصابتك بالرصاصة !"
نظر لها بصدمة دامت لحظات جعلتها موضع شبهة ثم قال باستنكار
"كيف ؟"
اخفضت نظرها بارتجاف وهي تشدد على كفيها ثم همست بخفوت
"الطبيب ، الطبيب اخبرني بكل شيء ، لم اقصد ان اتجسس على حياتك"
نظر لها مطولا بدون اي تعبير يعلو محياه قبل ان يقول بشبح ابتسامة
"هل تريدين حقا سماع قصتي ؟"
حدقت به بسرعة وهي تهمس بلهفة
"نعم ارغب بذلك"
زفر إلياس انفاسه بتهدج وهو يشرد بنظراته قائلا بخفوت اجش
"انا كنت بفرقة حفظ السلام ، اخبرتكِ بهذا من قبل ، وكنت مثلكِ تماما وحيد غير مرغوب به بالفرقة ، بسبب العنصرية الطاغية بأمريكا ! ولكن كان هناك رفيق وحيد من جذور إيطالية ، دائما معي ويدعمني بكل المواقف ويشاركني كل لحظات حياتي ، احيانا يضحكني ، احيانا يغضبني ، احيانا يحزنني ، ودائما معي مثل زوج ثنائي لا يفترقان ، وبيوم من الأيام ذهبنا معا بمهمة صعبة بالغابات للإمساك بشرذمة تدمر نظام البلاد وتخرب كل شيء ، وتلك المهمة كانت آخر مهمة اقوم بها بحياتي...."
صمت قليلا وقد تحولت ملامحه لرخام حجري حتى قالت لورين بخفوت متوجس
"لماذا ؟ ماذا حدث ؟"
قطب جبينه بقسوة وهو يقول بجمود صلب
"لقد قام بخيانتي ، عندما كنت اعقد رباط حذائي ولم اكد انهض حتى وضع رصاصتين بجسدي رصاصة بجانب قلبي ورصاصة بمعدتي ، ولولا رحمة الله كنت مت بذلك اليوم ! عندها لم يقل الكثير ، فقط قال لي كلام ما يزال يغرس الخنجر بقلبي مرارا ! قال كلام لم اتوقعه من صديق اعتبرته اقرب شيء بحياتي ! لقد قال البقاء فقط للأقوى وامثالك لا يستحقون البقاء هنا فلن تكون ندا لي يا عربي . واكتشفت حينها امور كثيرة غيرت مجرى حياتي وعلمتني اقسى الدروس ، انتبه من عدوك مرة ومن صديقك ألف مرة...وهكذا انتهت مسيرتي بالجيش الأمريكي والعسكري"
تنفست بارتجاف وقد تجمعت الدموع بمقلتيها لا شعوريا وهي ترفع كفها وتغطي فمها هامسة بانكسار
"يا لها من قصة مأساوية ! كيف يطعن بك هكذا ؟ لقد كسر ثقتك وإيمانك بنفسك ، هل هناك حقا رجال مثله بهذه الحقارة والنوايا ! ألست صديقه !"
تنفس بقوة وهو يرسم ابتسامة جذابة على محياه قائلا بثقة
"لا تقلقي يا زوجتي الحساسة ، فقد مضى اكثر من عشر سنوات على هذه الحادثة ، وقد دفنتها بأرضها منذ ذلك الوقت ، وكما يقولون الوقت هو افضل علاج للإنسان ، فليس هناك اي دواء بالعالم يستطيع علاج كسورك الداخلية ! صحيح !"
نظرت له بعينين دامعتين وهي تهمس بخفوت مرير
"انت حقا اقوى مما توقعت !"
وضع يده على صدره وهو يومئ برأسه باحترام قائلا بجدية
"هذه هبة افتخر بها ، وبالمناسبة انتِ ايضا قوية ، فقد حاربتِ مثلي واكثر"
حركت كتفيها بهدوء وهي تهمس بحزن
"ربما"
اخفض كفه بسرعة وهو يقول بابتسامة باهتة
"نحن الاثنين متشابهين بالقدر ، فلم تخلق علاقات الصداقة من اجلنا ، وفاشلين اجتماعيا وعاطفيا !"
غامت ملامحها بضبابية وهي تهمس بخفوت حزين
"لقد ذكرتني بكلام كانت تخبرني به دلال بالماضي ، ماذا كانت تقول ؟"
اغمضت عينيها لوهلة وهي تحرك رأسها جانبا ليوقظها صوته قائلا بقوة
"لورين افيقي ! هل عدتِ للنعاس ؟"
نظرت له بسرعة وهي تهمس بتذمر
"لم انم كنت افكر فقط"
عقد حاجبيه بجمود وقبل ان يتكلم سبقته قائلة بتذكر
"نعم تذكرتها ، كانت تقول لي البركة ليست بكثرة الاشخاص حولك فأحيانا شخص واحد قد يغنيك عن العالم بأسره ، وانا كنت اؤمن دائما بكل شيء تقوله"
كان إلياس يتأملها بصمت وقد تغضنت طرف ابتسامته وهو يقول بخفوت اجش
"وقد كانت محقة بقولها"
نظرت له بدون ان تفهم مغزى كلامه وما ان وصل لها الاستيعاب حتى ادارت رأسها بارتعاش هامسة بتلبك
"نعم...هذا ما كنت اقوله"
اتسعت ابتسامته اكثر وهو يلمح بعض الاحمرار يطفو على خديها الناعمين وهي تتهرب بعينيها منه ، ليتنفس بعدها بهدوء وهو ينهض قائلا بجدية
"لقد تجاوزت الساعة الواحدة صباحا ، وحان موعد دوائك ، يجب ألا نتأخر عليه"
حادت بنظرها جانبا وهي تراقبه يخرج كبسولة دواء اخرى ويسكب لها الماء بالكأس ، ليمدها نحوها قائلا بأمر
"هيا تناولي دوائك"
التفتت نحوه وهي تمد كفها وتأخذ الدواء منه لتضعها بداخل فمها وتتبعها بشرب الماء ، وما ان انتهت حتى اعاد الكأس لمكانها ثم امسك ابريق الماء الفارغ وهو يقول بجمود
"سأذهب للمطبخ واعيد ملء ابريق الماء ، هل تريدين ان احضر شيء آخر معي من اجلك !"
حركت رأسها بالنفي وهي تهمس برفض
"لا اريد"
اومأ برأسه وهو يستدير قائلا ببساطة
"سأحضر شطائر جبن لكلينا ، لن اتأخر عنكِ"
ردت عليه لورين من فورها بحنق
"قلت لك لا اريد"
خرج من الغرفة بدون ان يستمع لها وهو يغلق الباب خلفه بهدوء ، لتمتعض ملامحها وهي تهمس باستنكار
"يتصرف فقط على هواه !"
اسندت ظهرها على الوسادة بتعب وهي تعود لتأمل النافذة بجانبها وتجبر عقلها على البقاء يقظا كي لا يتهمها مجددا بالإهمال وانعدام المسؤولية وكأنها طفلة بنظره لا تعرف مصلحة نفسها !...

يتبع......


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-02-24, 02:21 AM   #385

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 843
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

دخل لجناحه وهو يخلع حذائيه بطريقه ويلقي بهما بعيدا بعدم اهتمام ، ليتوقف على بعد خطوتين وهو يلتفت للخلف ويتأمل فردتي الحذاء المقلوبتين بإهمال ، ليعود عن خطواته بهدوء وينحني ارضا وهو يلتقطهما ويعدل وضعهما جانبا كي لا يثير غضب المدام زوجته وخاصة بأنها بحالة صحية ومزاجية سيئة !
استقام بوقوفه بهدوء وهو يدير رأسه ويكمل طريقه باتجاه غرفة عمله ، ليبدل رأيه وهو يغير مساره ويفتح باب غرفتها ببطء شديد ، ليتسلل النور بالخارج لداخل الغرفة المظلمة التي يسودها الهدوء والوحشة وكأنه لا احد يعيش بها !
عقد حاجبيه بقوة وهو يكمل دخوله بمداهمة يوشك على قلب المكان حتى لمحها بالنهاية نائمة فوق السرير وتغط بسبات عميق ، ليزفر انفاسه براحة غمرت قلبه وهو يتقدم نحوها بخطوات واسعة ويقف بجوار طرفها من السرير ، اختلف التعبير بملامحه وبهتت عيناه ما ان لاحظ سكونها بالنوم على ظهرها...ليمسك طرف الغطاء ويرفعه قليلا حتى سقطت نظراته على الوسادة الطويلة التي اسندتها بجانب خصرها كي لا تميل على جانبها الأيمن...لتتجمد انفاسه ثواني ويعيد الغطاء بسرعة لحدود صدرها بحرص .
استقام بهدوء وهو ما يزال يغوص برحلة تأملها المرهقة نفسيا وروحيا وكأنه تعنيف للذات ، ملامحها رغم سكونها يوجد بها تغضن طفيف وخطوط عميقة ، انفاسها رغم انتظامها يستطيع سماع تسارعها بين الحين والآخر ، حتى انه لمح حركة اسنانها وهي تصطك ببعضها بحركة لا إرادية تعبير عن الألم ! وكأن النوم بات رحلة صعبة ومجهدة بالنسبة لها تحتاج مقاومة كبيرة وإرادة كي تتجاوزها !
اشاح برأسه يأخذ انفاسه بصعوبة حتى ابصر الضمادات والمطهرات فوق المنضدة الجانبية ، اظلمت ملامحه واعتصرت قبضتاه ما ان لمح بقع الدماء القانية على الشاش الابيض والمناديل التي اسرفت باستخدامها ، ليتضخم صدره بتهدج وهو يقول بخفوت اجوف
"ما يزال النزيف مستمر !"
عاد بنظره لها بعينين خاويتين مجهدتين حتى جلس باستسلام على طرف السرير بدون ان يفارقها بنظراته ، ليمسك بعدها بكفها الرقيقة وهو يتحسس ظاهرها بأصبعه يرسم عليها بشرود ، تنفس بعدها نفس حامي خارج من صميم قلبه وهو يقول بتأسف شديد
"سامحيني يا زوجتي ، لم استطع حمايتك ، ولم استطع اخذ حقكِ من الذي تسبب لكِ بالألم !"
شقت ابتسامته صلابة ملامحه وهو يقول بجمود
"اعلم ، اعلم بأنكِ تستطيعين اخذ حقكِ بنفسك بدون مساعدة احد ، فأنتِ الفتاة المحاربة التي لا تهاب احد ! ومع ذلك لن ادعكِ تصبحين جزء من هذه المؤامرة ، لن تواجهي احد ، ولن تضطري ان تدافعي عن نفسكِ ، فأنا موجود كي احميكِ ، لأحمي امانتي بكل ما استطيع من قوة ويقدرني الله عليه !"
رفع يده وهو يريد ملامسة رأسها قبل ان يتوقف بلحظة متذكرا كلامها بآخر محادثة بينهما
(انت ايضا ستصبح مذنب مثله لأنك تخفي جريمته ، والصمت عن الذنب جريمة اكبر ، هل تعلم ماذا انت ؟ مجرد مرآة وخلفية عن المثالية والأخلاق والقيم ولكن خلف هذا الجدار عالم متصدع ومتهالك ، لا يوجد تطبيق او امثلة لهذه الاخلاق والقيم ، لا يوجد ادلة او ثوابت على كلامك ، فقط تستخدم سلطاتك وتستغلها بإخفاء القذارة والانحلال الموجود بعائلتك ! تتكلم وتصرع رأسي بالقوانين والاخلاق ولا يوجد شيء منها بحياة عائلتك ! لماذا لا تنظف افعال عائلتك اولاً قبل ان تحاول معايرتي وتنظيف افعالي !)
قبض على يده بالهواء وهو يسترجعها بسرعة قبل ان يتنفس بقوة وينهض عن جانبها ، ليلاحظ بأنه ما يزال ممسك بكفها بقبضته قبل ان يعيدها لمكانها برفق ويتركها ، وما ان انتهى حتى تماسك سريعا وهو يوليها ظهره ويغادر من الغرفة بثواني .
دخل لغرفة مكتبه وهو يسحب انفاسه بقوة يشعر بأن الهواء بالمكان لا يكفيه ، ليخلع سترته بسرعة وهو يتجه لمكتبه مباشرة قبل ان يلقي بها فوق سطحه بإهمال ويجلس فوق كرسيه بقوة ، مسد جبينه بإصبعيه بإرهاق وهو يحدق بالفراغ بحزن والمشاهد تتكرر امامه باستمرار حتى تنتهي بتلك العبارة التي قلبت كيانه بفترة من الفترات
(انقذني من الموت يا سفيان)
تقدم بجلوسه بقوة وهو يمسك ساعته الرملية ويقلبها للجهة الاخرى كي تبدأ حبات الرمال بالنزول تدريجيا ، ليدير رأسه امامه وهو يفتح حاسوبه ويقوم بتشغيله ، وما ان ضغط على الازرار حتى امتلأت الشاشة بتصوير واضح لموقع مدخل منزله ، ليتحكم بالشريط الخاص بمقطع الفيديو حتى وصل للوقت الذي ظهرت به زوجته وحيدة بعد ان تركها وغادر بالسيارة .
ترك لوحة المفاتيح وهو يتأملها بإمعان تسير بصعوبة على الطريق المتبقي امامها وكفها على خصرها ، ليطبق على اسنانه بقوة ما ان تجمدت بمكانها وجسدها ينتفض بوضوح بألم فاق احتمالها ! مضى على وقوفها دقائق اشعلت قلبه بسعير حارق حتى تحركت بالنهاية ببطء شبه ثابت ! تحافظ على اتزانها بصعوبة بالغة وقد تلاقت يدها الاخرى بنفس مكان يدها الأولى تتعاونان بإمساك وجعها ، وهي تكاد تسقط بإحدى خطواتها الغير منتظمة تكافح بطريق الوصول للمدخل الذي بات يبعد عنها اميال ! وبكل دقيقة تمر يشعر بها دهرا وكأنه ينتظر هدف بعيد المنال او انتهاء اشد عقوبة بحياته !
ضرب بقبضته على سطح المكتب بكبت وهو يفك ربطة عنقه بيده الاخرى يكاد يختنق بناره ، ليأخذ انفاسه بصبر وهو يراقب التي اصبحت عند درجات السلم وهي تصعدها بصعوبة اكبر وكأن ألمها يقتص من قلبه وعذابها يعذبه ويرسله للجنون !
ضرب بأصابعه بتوتر على حافة المكتب وعينيه شاخصتين تراقبين ما يحدث بتركيز عالي ، وما ان وصلت للنهاية حتى اخذت انفاسها بقوة قبل ان تستمر بطريقها بشبه طبيعية واختفى اثرها بداخل المنزل ، ليغمض عينيه الحجريتين بصمت وهو يضرب بقبضته على جبينه هامسا بقهر
"احمق ! ما كان عليك تركها وحدها ! لقد ارتكبت خطأً فادحا آخر فوق خطأك الأول ، يا لي من حثالة !"
اخفض قبضته بجمود وهو يضرب على سطح المكتب مجددا حتى اهتزت كل المحتويات فوقه ، ليفتح عينيه بغمامة داكنة السواد وهو يتمتم بوجوم
"لقد قهرتها وآلمتها حقا ! بالوقت الذي كنت احاول به اصلاح اخطائي وتصفية حساباتي كانت هي تكافح وحدها !"
ضرب بقبضته بقوة اكبر وهو يتمتم باستياء حاد
"وماذا استفدت ؟ لم تستطع تصفية حساباتك ولم تأخذ حقها ! وبالنهاية تألمت بشدة ونزفت اكثر من قبل !"
تنفس سفيان بثورة عارمة وهو يعيد انظاره امامه قائلا بكآبة سوداء
"لقد نزفت اول مرة امام عينيك ! ونزفت مجددا عندما ادرت ظهرك لها وذهبت !"
تحجرت ملامحه وهو يمسك غطاء الحاسب ويغلقه بصمت ، ليرتمي برأسه للخلف وترتخي عضلاته وهو يتأمل العالم بخواء ولم ينتبه لانتهاء حبات الرمال بالساعة التي انهت الوقت المحدد له وما عاد هناك رجعة عنه !
_____________________________
جالسة امام طاولة الزينة وهي تضع قناع التجميل على وجهها من اجل النضارة وتنقية للبشرة ، لتبتسم بعدها لصورتها بالمرآة ما ان انهت من مهمة دهن وجهها بالماسك الخاص به حتى بات باللون الابيض الناصع ، ثم رفعت اصبعها الإبهام امام المرآة وهي تهمس بثقة عالية
"افضل عملية تجميل من اجل النضارة وانعاش الانوثة !"
اخفضت كفها وهي تقرب بوجهها من المرآة ثم غمزت لنفسها هامسة بنعومة
"يا إلهي ! ما كل هذا الجمال يا كوكي ؟ تبدين مثل ممثلات هوليوود ! بل اجمل منهن !"
ضحكت بمرح صاخب وهي توجه اصبعها السبابة على انعكاسها بالمرآة ، لتقول بعدها بطريقة كوميدية
"لقد اصبتِ قلبي بجنون الحب ! ماذا انتِ فاعلة ؟ كيف جعلتني صريع هواكِ !"
استمرت بالضحك بجنون حتى هدأت تدريجيا وبقيت الغصة واضحة بقلبها ، لتلمس بسرعة بأصابعها قناع وجهها وهي تقول بحزم
"تماسكي يا عزيزتي ، واضبطي مشاعركِ ، وألا افسدتِ كل العملية بتجميل وجهكِ ! حافظي على رونقك وهدوئك فهذا هو سر جمالك"
تنهدت بقوة وهي ترجع رأسها للخلف وتمدد ذراعيها على جانبيها هامسة بسرور
"يا لها من راحة ! اشعر بالانتعاش !"
شردت بنظراتها بعيدا للحظات قبل ان يقاطعها صوت رنين هاتفها بصوت رسالة قصيرة ، لتتنفس بهدوء وهي تميل برأسها جانبا وتمد كفها باتجاه هاتفها ، وما ان رفعته نحوها ولمحت اسم المرسل حتى انتفضت جالسة وهي تصرخ بحماس
"لقد راسلني ! راسلني اخيرا ! اخيرا !"
ابتلعت ريقها بارتباك وهي تحاول تمالك نفسها وما ان كانت ستضغط على الرسالة حتى تراجعت بسرعة هامسة بوجوم
"ما لذي افعله ؟ هل انا ابدو حمقاء لهذه الدرجة ؟ لقد راسلني بعد ان جعلني انتظره يومين ! هل يتوجب مني ان ارد عليه بسرعة بعد إهانته لي وكأن شيء لم يكن !"
عضت على طرف شفتيها وهي تخفض الهاتف هامسة بعزم
"نعم لن ادعه ينال مني بسهولة ! عليه ان يعاني قليلا كما جعلني اعاني منه ! هذا هو العدل"
اومأت برأسها بعد ان حسمت قرارها وهي تضع الهاتف جانبا وتكتف ذراعيها بصمت ، لتحيد بنظراتها نحو الهاتف وهي تهمس بخفوت رقيق
"ما لمانع لو ألقيت نظرة على مضمون الرسالة ؟ ليس هناك اي ضير ، أليس كذلك ؟"
عبست ملامحها بقوة وهي تأنب نفسها هامسة بغضب
"ما لذي اصابكِ ؟ اثقلي قليلا يا فتاة ، اثقلي ! ليس اول رجل تحادثينه بحياتك ! عليه ان يعرف بأنكِ لستِ اي امرأة من جنس حواء !"
استاءت ملامحها وهي تخفض ذقنها وتتكأ بها على حافة الطاولة تتأمل نفسها بالمرآة ، لتهمس بعدها بخفوت متبرم
"يا إلهي ! اشعر بنفسي سوف اشيخ وانا انتظر بالوقت ان يمضي"
بعد مرور خمس دقائق رفعت رأسها بتأهب وهي تنظر للساعة على الجدار هامسة بقوة
"لقد مرت خمس دقائق ، واعتقد بأن هذا اكثر من كافي بالنسبة لي ! فقد انجزت تقدما ملحوظا !"
خطفت الهاتف بسرعة وهي تفتحه وتدخل للرسالة بقلب ينبض بحماس وتوق ، ليظهر لها مضمون الرسالة القصيرة
(مساء الخير ، كيف حالكِ ؟)
زمت شفتيها بوجوم وهي تهمس بضيق
"من ماذا مصنوع هذا الرجل ؟ هل كل هذه اخلاق وعروبة ؟"
تنفست كاميليا بقوة وهي تجيب على رسالته بهدوء
(بخير الحمد لله ، سعيدة بأنك تذكرتني من بين مشاغلك)
انتظرت دقائق بدون رد قبل ان تهمس بارتياب
"هل بالغت بعتابه ؟ ماذا سيظن بي الآن ؟"
تحفزت اطرافها ما ان وصلها الرد برسالة مختصرة
(يسرني بأنكِ بخير ، واعتذر حقا على تأخري بالرد ، فقد كنت مشغولا للغاية بهذه الفترة ، ولم يكن الأمر بإرادتي)
ضمت شفتيها بعبوس وبدلا من شعور الانتشاء انتابها شعور بالحزن عليه من رسالته المهذبة واللبقة ، وكأنه يحمل كل اعباء العالم فوق كتفيه ! وهذا ما ظهر لها عندما قابلته اول مرة بالبنك وثاني مرة بالحفلة ! يبدو دائما مشغول البال وشارد الذهن !
عضت على طرف شفتيها وهي تقرر كتابة رسالة ردا على رسالته
(لا بأس عندي ، فأنت لم تخطئ معي بشيء حتى تعتذر ، كل ما في الأمر بأنني تحسست قليلا ، ولكنني الآن افضل بعد ان عرفت بالسبب ، وانا اعذرك فبالنهاية لست مجبر على التبرير والكلام معي)
ارتجفت اصابعها على الشاشة وهي تنتظر رسالته التالية بصبر تكاد تحرق اعصابها ، لتهمس بعدها بخفوت مغتاظ
"لماذا يأخذ كل هذا الوقت بكتابة رسالته ؟"
اسندت خدها على قبضتها تتأمل بشاشة الهاتف حتى اضاءت بالرسالة اخيرا
(بل انا حقا بحاجة للتبرير ، وما كنت قلت هذا الكلام لو كنتِ فتاة غريبة ، ولكن هناك معرفة بيننا ، لذلك قصدت كل كلمة قلتها !)
لمعت عيناها بالنجوم وهي تسمع كلام لطيف من رجل اكثر من الحد الطبيعي ، لتعض على طرف ابتسامتها تكبح مشاعرها وهي تكتب من فورها
(تقصد بالمعرفة بأنني شخص مهم بحياتك ! هذا ما قصدته صحيح !)
ضغطت على زر ارسال بلا تفكير وهي تنتظر الرد بفارغ الصبر ، حتى جاءت الرسالة التالية بسرعة لم تتوقعها
(بالطبع انتِ كذلك)
وضعت كفها امام فمها تكتم صيحة الفرح قبل ان تخفضها بهدوء ، لتفكر بعدها وتكتب اول كلمات خطرت ببالها
(وانت كذلك مهم بالنسبة لي)
زمت شفتيها بحزم وهي تمسح الرسالة وتكتب بدلا عنها رسالة مهذبة
(وانا يشرفني التعرف على شخص محترم مثلك ، وسعيدة بالصدفة التي جمعت بيننا ، فالأشخاص امثالك قليلون جدا !)
زفرت كاميليا انفاسها بهدوء وهي تهمس بخفوت متزمت
"لا يجب عليّ ان افضح لهفتي عليه ، يجب عليّ التحلي بالوقار والرزانة اكثر !"
اومأت برأسها بموافقة وهي ترسل رسالتها بتأكيد ، وبعدها بلحظات كان يرسل لها بثواني
(وانا كذلك)
عقدت حاجبيها بوجوم وهي تهمس ببؤس
"هذا فقط ! يا لك من بخيل !"
فكرت ثواني قبل ان تكتب له رسالة ودودة تجذبه للحديث
(فقط سؤال خطر على بالي ونسيت سؤالك عنه بالحفلة ، لأي طرف تقرب من العروس ام العريس !)
تأملت الشاشة بإمعان شديد حتى جاء الرد بعدها بلحظات باستغراب
عن اي حفلة ؟))
رفعت حاجبيها بدهشة وهي تكتب من فورها بهدوء
(حفلة زفاف لورين وإلياس الكايد)
انتظرت لحظات طويلة حتى جاءها الرد بإيجاز
(اقرب للطرفين)
اتسعت حدقتاها بوميض وهي تقول باستيعاب
"هذا يعني بأنه ينتمي لعائلة ملوكية إذا كانت قرابته بكل هذه القوة بأصحاب الحفلة ! ما هذا الملياردير الذي علقت معه ؟"
صُدمت ملامحها ما ان ظهرت لها إشارة الكتابة وهي تهمس بذهول
"انه يكتب ، انه يكتب ! ماذا يكتب ؟"
جاءت الرسالة امام نصب عينها
(ماذا تفعلين الآن ؟)
فغرت فاها الصغير بصدمة قبل ان تهمس بضياع
"ماذا افعل الآن ؟ ماذا افعل ؟ ماذا...."
قطعت كلامها ما ان وقعت نظراتها على صورتها بالمرآة وهي تتحسس قناع الوجه بأصابع يدها الاخرى ، لتعود بنظرها للهاتف وهي تكتب بهدوء
(انتظر ان يجف قناع وجهي)
بعثت الرسالة قبل ان تأتيها الرسالة التالية بسرعة
(هل تضعين قناع على وجهك ؟)
اجابت بسرعة برسالة مؤكدة
(بلى وهو مفيد جدا للبشرة ، ومريح جدا قبل النوم)
انتظرت فترة اطول هذه المرة حتى جاءت الرسالة بعد دقيقتين
(كيف مفيد ؟ هل يجعلها القناع فتاة خارقة ؟)
ضحكت بملء ثغرها وهي تغطيه بكفها غير مصدقة الافكار التي توصل لها ! لتأخذ انفاسها بتمهل وهي تمسح تحت عينيها بأصابعها بعد ان ذرفت دموع الضحك ، ولو كان امامها الآن كان قطع كل صلاته بها بعد سخريتها من سذاجته !
تفاجأت حين بعث لها رسالة اخرى
هل ما تزالين معي ؟))
تمالكت نفسها بسرعة وهي تكتب له بهدوء
(نعم موجودة ، لقد قصدت بقناع الوجه بقناع التجميل الذي يستخدم لتفتيح ونضارة البشرة)
ضمت شفتيها بأسنانها ثواني قبل ان يأتيها رده برسالة مبعثرة
(اجل فهمت عليكِ ، لقد اسئت فهمكِ ، اعتذر)
خنقت ضحكتها خلف اسنانها وهي تكتب له بلطف
(لا بأس ، حصل خير)
صمت بعدها لحظات حتى ظنته لن يرسل قبل ان يفاجئها بالرسالة التالية
(ما حاجة كل هذا الاهتمام إذا كانت بشرتك بأفضل حال ، وانتِ ما تزالين ببداية شبابك ! اتركي هذه الامور حتى تكبري بالعمر ، العمر امامكِ طويل لا تتعجلي على نفسك !)
تأملت رسالته لحظات وهي تعيد قراءتها اكثر من مرة خالية من الغزل فقط نصيحة يسديها لشخص مقرب منه يهتم لمصلحته ، والغريب بأنها اثرت بها كثيرا وجعلتها تعيد تفكيرها بنفسها بطريقة لم تفعلها قبلا !
رفعت نظرها للمرآة وهي تراقب قناع وجهها هامسة لنفسها ببهوت
"يا لها من وجهة نظر !"
عادت بنظرها للهاتف وهي تكتب له بهدوء
(شكرا على النصيحة ، ولكنني لا استخدمه بغرض التجميل بل من اجل نظافة وتنقية لبشرة وجهي ، وايضا لأنه بات روتين يومي بالنسبة لي)
رفعت حاجبيها بدهشة ما ان وصلتها رسالته بثواني
(انتِ ادرى بمصلحتك ، ولكنني قلت هذا لأنني احب الشخص على طبيعته ، وانتِ جميلة على طبيعتك يا كاميليا !)
تورد محياها وهي تضع كفها على خدها هامسة بهيام
"جميلة وكاميليا مرة واحدة ! هذا كثير جدا عليّ !"
امسكت الهاتف بيديها وهي تفكر بما عليها كتابته ، لتكتب بعدها رسالة ممتنة
(هذا من ذوقك ولباقتك ، يا سيد الشهامة)
قضمت اظافرها بتوتر وهي تنتظر حتى جاء الرد الذي اصاب قلبها بمقتل
(العفو يا آنستي)
شقت الابتسامة محياها حتى بانت اسنانها البيضاء الصغيرة بوضوح وكأنه اشرق شمسها من جديد ، لتحتضر ابتسامتها بثواني ما ان ارسل لها
(والآن عن إذنكِ حان وقت ذهابي للنوم ، فلدي غدا صحوة مبكرة من اجل العمل ، لذا تصبحين على خير)
تبرمت شفتيها بحزن قبل ان ترسل له بسرعة باندفاع
(هل لديك عمل بالصباح ؟ ماذا تعمل ؟)
انتكست ما ان شعرت بوقاحة رسالتها المفاجئة ، وما ان كانت ستعدلها حتى ارسل لها من فوره
(اعمل بشركة)
ضيقت حدقتيها السوداوين وهي تهمس بوجوم
"فقط شركة ! اين التكملة ؟"
ما ان كانت ستكتب له حتى سبقها برسالة اخرى
(تصبحين على خير ، اعتني بنفسكِ جيدا)
رفعت حاجبيها بصدمة اكبر ما ان اختفى نشاطه وذهب دون ان ينتظر ردها ، لتكتب بعدها بهدوء جاف
(وانت من اهله)
فصلت الهاتف بعدها وهي تضعه جانبا بقوة ، لتكلم صورتها بالمرآة وهي تقول بقهر
"ماذا يعني ذهابك قبل ان انهي مراسلتي معك ؟ هل تراني شيء قليل امامك ؟ هل انا بلا قيمة امام مرتبتك ؟"
زفرت انفاسها بجمود وهي تخلع القناع بأصابعها هامسة بحنق
"كان عليّ تجاهل رسالتك ببساطة ، ولكن نصيبي هكذا اكثر فتاة سيئة الحظ باختيار الرجال ، والآن وقعت مع اكثر الرجال جمودا وبرودا بالعالم !"
ما ان انتهت حتى صُدمت حين نظرت لصورتها بالمرآة وقد احمر وجهها بالكامل وباتت مثل حبة البندورة ! لتصرخ بعدها باستنكار
"يا إلهي ! ماذا فعلت لنفسي ؟ كيف سأخرج امام الناس الآن ؟"
نهضت عن الكرسي وهي تتعثر وتصطدم بكل شيء صارخة بغضب
"سحقا ! سحقا لي ! سحقا !...."
استمرت بالصراخ وهي تتجه للحمام الملحق حتى صفقت الباب خلفها بقوة واختفى صوتها معها ولم تنتبه لرسالتها الاخيرة التي تمت قراءتها....

يتبع......

duaa.jabar and Moon roro like this.

روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-02-24, 02:24 AM   #386

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 843
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

صباح اليوم التالي....
طرق على باب الغرفة بصوت خفيض قبل ان يدخل بثواني ليتسمر بمكانه ويتجمد عن الحركة وهو يتأمل الغارقة بسبات عميق رغم تجاوز الساعة الثانية عشرة ظهرا بسبب سهرها طول الليل معه بدون ان يدعها تغفو لثانية ، تنهد بقوة وهو يتمسك بالصينية بين يديه التي تحوي اطباق طعام فوقها وكأس عصير طبيعي ، ليتحامل على نفسه وهو يقترب صوب سريرها بخطوات حذرة حتى بات بجانبها تماما .
وضع الصينية فوق المنضدة الجانبية وهو يجلس مجاور لها بصمت ، لتعتلي غمامة ملامحه وهو يحدق بها نائمة على جانبها وخدها مرتاح على الوسادة وشعرها الاسود الطويل منثور خلف رأسها ، تبدو وكأنها لم تنام منذ سنوات من طريقتها بالغرق بالنوم بدون ان تصدر اي حركة او تعابير ! وملامح الراحة والسكينة واضحة عليها ! فهل لهذه الدرجة هي متعبة وتشعر بالأرق ؟ ام انه حرمها من شعور النوم منذ مجيئه لحياتها !
تغضن جبينه بألم وهي توقظ ذكريات قديمة بقلبه وقد رأى هذه الملامح والهالة من قبل ، ليتنفس بعدها بتحشرج وهو يرى والدته تعيش امامه مجددا عندما تغرق بنوم عميق بعد جهاد طويل بحياتها المرهقة نفسيا ومعنويا ، حينها يجاورها على السرير ويراقبها فقط حتى تستيقظ وهو يحمل صينية طعامها التي اعدها بيديه الصغيرتين ، وهو يعلم بأنها لم تتناول طعامها منذ ايام وهربت من وحشة لياليها الكئيبة بالنوم بعيدا عن الجميع ! حتى انه احيانا يقيس نبضاتها من تحسس رسغها النحيل ويتأكد من سماع انفاسها الخارجة من فمها وانفها ! وما ان تصحو اخيرا من سباتها حتى ترفع رأسها تتأمل العالم حولها ثم تحدق به بعينين قاسيتين وهي تقول بسخرية قميئة
"هل ما تزال هنا ؟ ألم تغادر بعد ؟ ألن تموت مثلهم !"
افاق من تلك الهوة وهو يعود لتأمل ملاكه مجددا بحزن اكبر وكأنه يتعذب فقط من رؤيتها بكل هذا السكون والسلام الذين افتقدت لهما بسببه ! ليحرك رأسه بقوة وهو يتمالك نفسه بثواني قبل ان يقول بصوت جهوري قوي
"لورين استيقظي ، لقد نمتِ كثيرا ، هيا افيقي ، حان وقت الفطور ، هيا استيقظي"
بقيت نائمة بسكون بدون ان يصلها صوته وهي تستغرق بنومة الكهف ، ليمد كفه بسرعة قبل ان يتردد لوهلة وهو على بعد شعرات من ملامستها ، ليحسم امره وهو يمسح على شعرها الحريري قائلا بقوة اكبر
"استيقظي يا لورين ، استيقظي ايتها الاميرة النائمة ! هل كل هذا نوم ؟"
ابتلع ريقه بجهد وهو يقترب منها اكثر ويدنو بوجهه منها حتى باتت انفاسه تلفح خدها الناعم وعبير شعرها يزكم انفه ، ليسيطر على مشاعره يكبح نفسه بصعوبة وهو يهمس بأذنها بصوت اجش
"حان وقت الاستيقاظ ، هيا افيقي ، افيقي يا حبيبتي"
راقب تغضن جبينها الابيض الصغير ثم رفرفة جفنيها الناعسين حتى استقرتا عيناها الجميلتان عليه ، لينتفض بسرعة بعيدا عنها قبل ان يفقد انضباطه وهو يستقيم بجلوسه بثواني ، اختلس النظر عليها وهي تتحرك ببطء تحاول رفع جسدها المنهك والجلوس باعتدال .
ركز إلياس نظره امامه وهو يتنحنح قائلا بهدوء جاد
"صباح الخير"
لم تجيب عليه وهي ما تزال بمرحلة استيعاب المحيط حولها ، وما ان عاد بنظره لها حتى تفاجأ بها تغفو مجددا وهي جالسة ليقول بسرعة بصوت غاضب
"انتِ...."
نظرت له بتوجس وهي تهمس بوجوم
"ماذا ؟"
تنفس بهدوء وهو يبادلها النظر بصمت ثم مد يديه كي يتناول صينية الطعام ويضعها فوق ساقيه قائلا بجدية
"حان وقت الطعام ، فلابد بأنكِ تتضورين جوعا الآن"
عقدت حاجبيها بتركيز وهي تحدق بالصينية التي تحوي طبق به اقراص مدورة تبدو مثل الكفتة او الكباب وبجانبها كأس عصير برتقال طبيعي ، لتزم شفتيها بعبوس وهي تهمس بوهن
"لست...لست جائعة"
تجمدت ملامحه وهو يلتقط الشوكة بجانب الطبق قائلا بحزم لا يقبل الجدل
"بل ستتناولين حتى لو لم تكوني جائعة ، فأنتِ لم تتناولي وجبة حقيقية منذ الأمس باستثناء شطيرة جبن ! ولن يعطي الدواء مفعوله إذا تناولته على معدة فارغة ، وهذه المسكنات تكون مضرة إذا اكلناها هكذا بدون تغذية انفسنا بالفيتامينات ! وكأن كل ما نفعله من اجلكِ عبثا !"
مالت عيناها بحزن وهي تراقبه يقطع الكفتة بالشوكة حتى اصبحت اللقمة اصغر ثم غرسها بها ومدها نحوها ، لتهمس بعدها بخفوت مرتجف
"يمكنني الأكل وحدي"
ظل يحدق بها لحظات قبل ان يعطيها الشوكة ينقلها ليدها وهي تمسك بها ، ليضع بعدها الصينية بحجرها وهو يقول بجفاء
"هيا تناولي"
رفعت الشوكة لفمها وهي تدسها بداخله وتمضغها بصمت تام ، وما ان حاولت قطع الكفتة بالشوكة حتى واجهت صعوبة بفعلها قبل ان تميل برأسها وتغفو مجددا ، ليقول بعدها بنفاذ صبر وهو يأخذ الصينية منها بقوة
"لن ينفع هذا ، انا من سأطعمكِ"
انتفضت بوجل وهي تقابل ملامحه الحجرية وعيناه الباردتان قبل ان يمد كفه ويستل الشوكة منها ، لتعتدل بجلوسها وهي تضم يديها بحجرها قبل ان ترفع نظرها بسرعة ما ان مد لقمة اخرى لها ، لتأكلها بعدها باستسلام وهي تمضغها بأسنانها ببطء وكأنها قطة وديعة يرعاها وتأكل ما يطعمها إياه فقط !...
غامت عيناه بشرود وهو يكمل شريط ذكرياته القديمة عندما كان يطعم والدته المتعبة على السرير ، حينها كانت تشرد ثانية ثم تعود للنظر له بثانية اخرى ولكنها لا تحمل اي مودة او حب تخصه الأم لابنها ! بل كانت نظرات شفقة وحزن مطمور وهي تقول بكل مرة نفس الكلام السوداوي الكئيب
"انت تطهو وتطعمني ، اصبحت تتشبه بوالدتك ، وهذا اكثر ما يخيفني ! ان تصبح بالنهاية مثل والدتك بلا حماية او قوة ، مجرد خادم حقير للعائلة !"
رفع رأسه ما ان خرج من شروده على صورتها وهي تبعد الملعقة عن فمها وتحرك رأسها بالنفي ، ليلاحظ بأنها ما تزال تأكل باللقمة التي ملأت فمها المحشور وخديها مشيرة بأصبعها حول فمها ، ليخفض الملعقة بسرعة وهو يقول بخفوت مرتبك
"عذرا ، لقد شردت قليلا"
اختلس النظر عليها وهي تمضغ بالطعام الممتلئ بفمها وخديها الحمراوين منتفخين وقد احيت الذكرى القديمة لها عندما نعتها بالسمكة نفيخة ! لترتسم ابتسامته لا شعوريا وهو يشعر براحة غريبة تسللت لقلبه بلطف من تأملها فقط ! وسرعان ما نفضها بعيدا ما ان سلطت نظرها عليه باستغراب ، ليعود لرفع الملعقة مجددا وهو يوجه اللقمة لفمها بدون النظر لها قبل ان تأكلها بامتثال صامت .
قالت لورين بعدها وهي تمضغ بلقمة الطعام
"هذه الكفتة شهية جدا ، هل العمة وداد من اعدها ؟"
صمت للحظات قبل ان يقول بهدوء مرتخي
"انا من اعدها"
رفعت حاجبيها الرقيقين بصدمة وهي تهمس بعدم تصديق
"هل انت من اعدها ! هل تجيد الطهو ؟"
نظر لها بهدوء وهو يرفع الشوكة لفمها قائلا ببساطة
"عندما تعيش سنوات بالغربة تضطر ان تتعلم كل اساليب الحياة كي تعيش وتستمر بالإنتاج"
نظرت للقمة فوق الشوكة وهي تهمس بمرارة
"ولكن أليس هذا صعب عليك ؟"
حرك كتفيه باستخفاف وهو يقول بثقة
"ليس هناك شيء صعب بالحياة ألا ولديه حل ، عليكِ فقط ان تؤمني بنفسك وبالنجاح"
زمت شفتيها بوجوم وهي تشرد بنظراتها حتى لوح بالملعقة امام وجهها وهو يقول بغضب
"هيا تناولي"
اومأت برأسها وهي تؤكلها بصمت ثم قالت بتفكير جاد
"ولكن ألم تكن وداد معك بتلك الفترة !"
رفع إلياس رأسه يحدق بالفراغ وهو يقول بهدوء
"وداد ليست دائما معي ، بالسكن الجامعي والمعسكر كنت اغيب بهم فترات طويلة ، لذلك كنت لا اراها سوى بنهاية كل اسبوع او بالعطل الرسمية"
عبست ملامحها بهدوء وهي تتأمل جانب وجهه بصمت ، وما ان كانت ستتكلم حتى سبقها وهو يدس اللقمة بفمها بلحظة قائلا بجمود
"هلا اعرتني صمتكِ وتناولتِ طعامكِ بهدوء ! فلم اعد اتحمل هذه الثرثرة الفضولية"
امتعضت ملامحها بصمت وهي تدير نظرها بعيدا قبل ان يفاجئها قائلا بجدية
"هل نمتِ جيدا ؟"
اومأت لورين برأسها وهي تقول ببرود
"نعم جيدا ، لم انم هكذا منذ فترة طويلة"
ردّ عليها إلياس بهدوء غريب
"صحيح ، كان هذا واضح"
حدقت به بسرعة وهي تقول بتفكير متأخر
"وانت ! هل استطعت النوم ؟"
تصلبت اصابعه على الشوكة وهو يرفعها نحوها قائلا ببساطة
"سأنام لاحقا ، لا تقلقي بشأني"
حركت رأسها بعدم تصديق وهي تهمس بتوجس
"ولكن هذا مضر لصحتك ، كيف سوف تستطيع التركيز بالعمل إذا لم تنام ابدا ؟"
تنفس بهدوء وهو يقول بعدم اهتمام
"قلت لكِ لا تقلقي ، فقد اعتدت على هذا الروتين ، ولن يشكل فارق إذا نمت ام لا"
عبست ملامحها وهي تهمس باستنكار
"كلا هذا ليس جيد ، ليس جيد ان تهمل النوم ، ربما تخور قواك وتغيب عن الوعي...."
قاطعها إلياس قائلا بنفاذ صبر
"اخرسي وتناولي لقمتك"
حركت رأسها بتمنع وهي تهمس بخفوت محتج
"كلا لن اتناولها ، لن اتناولها قبل ان تذهب للنوم ، اذهب للنوم وتوقف عن خدمتي ، صحتك الآن اهم مني"
صرخ فجأة بجموح ألجمها
"منذ متى تهتمين بصحتي ؟"
صمتت بخوف وهي تخفض نظرها قبل ان تهمس بحزن
"لأنني ، لأنني جعلتك تسهر بسببي ، ولا اريد ان يتأذى احد بسبب تحمل مسؤوليتي !"
حدق بها بإمعان لبرهة قبل ان يزفر انفاسه وهو يقول بتصلب واثق
"انتِ لستِ مسؤولية حتى اتحملك ، انتِ زوجتي والعلاقة بيننا تفرض عليّ ان اؤدي واجباتي نحوكِ بكل اخلاص وتفاني وايثار ، وإذا لم اخدم زوجتي فمن سأخدم إذاً !"
بادلته النظر بصمت اخذ لحظات قبل ان تشيح بوجهها بعيدا هامسة بارتجاف
"انا ، انا قصدت بأنني لا اريد ان اكون سببا ، سببا بحياتك...."
قاطعها إلياس بقوة وهو يمد الشوكة نحوها بإصرار
"كُلي طعامك واصمتي"
هزت رأسها بحزن وهي تأكل الطعام منه بصمت يائس ، ليحيد بنظره نحوها وهو يراقب حزنها الذي سكن عيناها بدموع حبيسة بان لونهما الفيروزي الصافي ، ليغمض عينيه بصبر وهو يشتم بكبت قبل ان يفتح جفنيه ويسلط نظره عليها قائلا بقوة
ماذا بكِ ؟ لماذا حزنتِ ؟""
اخفضت نظرها بإحباط وهي تهمس بنشيج
"لا شيء"
تنهد بقوة وهو يقول بخفوت عميق
"حسنا ، حسنا سأنام جيدا ، وسأهتم بنفسي بقدر اهتمامي بكِ ، هل نحن متصافين ؟"
رفعت لورين رأسها بابتسامة حزينة وهي تومئ بقوة هامسة برقة
"نعم ، شكرا لك"
حرك رأسه بدهشة وهو يعود بنظره لطبق الكفتة قبل ان يرفع الشوكة ويتأمل اللقمة ، ليدسها بعدها بفمه وهو يمضغها قائلا بانبهار
"طعمها لذيذ جدا ، لقد تفوقت على نفسي حقا !"
اتسعت حدقتاها وهي تصرخ باستهجان
"ماذا فعلت ؟"
نظر لها بغباء شديد وهو يقول بعدم فهم
ماذا ؟ ماذا فعلت ؟""
اشارت بأصبعها على طبق الكفتة وهي تقول باتهام
"كيف تأكل ؟ كيف تأكل من هذا الطعام ؟ انت ممنوع عن الاطعمة الدهنية !"
قلب بعينيه بملل وهو يتابع قطع الكفتة بالشوكة قائلا بلا مبالاة
"هل هذا ما يخيفك ؟ ليست بالمشكلة الكبيرة ! قطعة واحدة لن تأثر بي !"
ردت عليه لورين بسرعة بعنف
"كلا ، لقد وعدتني ، وعدتني ان تعتني بنفسك ، كيف تفعلها مجددا ؟ كيف تكون بكل هذا الإهمال بصحتك ؟"
عاد بالنظر لها ببرود وهو يقول بتشدق
"لورين لا تبالغي رجاءً ، فلن اموت من قطعة واحدة...."
هجمت عليه بلحظة وهي تأخذ الصينية منه بقوة حتى اضطر ليفلتها كي لا تسقط عليه ، لتعود بجلوسها بقوة وهي تقول بأسلوب حازم
"لن تتناول من هذه الاطعمة بعد الآن ، وستتبع الحمية الغذائية التي نصحك بها الطبيب ، وهذا آخر كلام"
تنفس إلياس بضيق وهو يقول بابتسامة ساخرة
"هل انتهيتِ يا حضرة الطبيبة ؟"
اشارت بالشوكة للطعام وهي تقول بخفوت غاضب
"وايضا شيء آخر ، إذا اهملت بصحتك ، فأنا بالمقابل سأهمل بصحتي ، يعني إذا ضريت نفسك فأنا ايضا سأضر ، وإذا كنت بخير فأنا سأكون بخير"
عقد حاجبيه بصدمة من طريقة تفكيرها وهو يقول بارتياب
"هل هذا تهديد ؟"
حركت لورين رأسها بعيدا بدون ان تجيبه بشيء ، لينهض بعدها عن جانبها وهو يقول بهدوء حاسم ينهي النقاش
"ليست مشكلة فأنا ذاهب بكل الاحوال كي اخرج للعمل ، لذا انهي باقي طعامك واهتمي بنفسكِ ، وإذا حدث اي طارئ اخبري وداد اول شيء فهي ستكون معكِ دائما ، وتحذير اخير إياكِ ثم إياكِ الخروج من المنزل بدون إذني ! هل كلامي مفهوم ؟"
اومأت برأسها بصمت وهي تشرد بعيدا عنه ، ليتحرك بعدها صوب الباب قبل ان يعود بسرعة ويخرج المرهم من الدرج ، ليضعه بعدها فوق المنضدة امام نظرها وهو يقول بأمر
"وايضا لا تنسي اهم شيء ضعي من المرهم على قدمكِ ، لن اذكركِ بكل مرة"
اومأت برأسها بصمت مستفز حتى قال بنبرة جادة
"لورين !"
"حاضر"
ردت عليه بسرعة بدون النظر له قبل ان يتنفس باستسلام وهو يتحامل على نفسه ويغادر خارج الغرفة ، ما ان اغلق الباب خلفه حتى رفعت الشوكة بيدها وهي تدس الكفتة بفمها وتتابع تناول طعامها ، لتهمس بعدها بانبهار بالغ وهي تحشر فمها بالطعام
"كيف صنعها هكذا ؟ هذا اشهى طعام اتذوقه بحياتي !"
استمرت بتناولها حتى غصت باللقمة وهي تمسك كأس العصير بيدها الاخرى وترتشف منه باستمتاع وكأنها وجبة طعام فاخرة من افضل طهاة الشيف...

نهاية الفصل يا حلوين لا تنسوا تشاركوني رأيكم وانطباعكم بالفصل بانتظاركم بفارغ الصبر ♥️♥️


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-02-24, 03:06 AM   #387

رحوبه

? العضوٌ??? » 317422
?  التسِجيلٌ » Apr 2014
? مشَارَ?اتْي » 340
?  نُقآطِيْ » رحوبه is on a distinguished road
افتراضي

البارت جميل
ايليف وش بيصير عليها احس ولد الكايد بيساعدها وبيكون زواج
اكرم متى بيعرفم منهو ولده

روز علي likes this.

رحوبه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-02-24, 12:40 PM   #388

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 843
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رحوبه مشاهدة المشاركة
البارت جميل
ايليف وش بيصير عليها احس ولد الكايد بيساعدها وبيكون زواج
اكرم متى بيعرفم منهو ولده

هلا نورتي يا غاليتي ، يسرني بأن الفصل اعجبك وحاز على رضاكِ ، إيليف احداثها وقصتها بتبدأ بالفصول القادمة ، وكرم ما يزال هناك غموض بحكايته غير معروف بعد قصته ، شكرا على مشاركتك يا جميلة ، دمتي بكل خير وحب ♥️


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-03-24, 11:38 PM   #389

رحوبه

? العضوٌ??? » 317422
?  التسِجيلٌ » Apr 2014
? مشَارَ?اتْي » 340
?  نُقآطِيْ » رحوبه is on a distinguished road
افتراضي

هل فيه فصل اليوم ننتظرك
روز علي likes this.

رحوبه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-03-24, 11:49 PM   #390

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 843
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

نعم اليوم يوجد فصل وبإذن الله ينزل بحدود الساعة الواحدة مساءً إذا لم تحدث ظروف تأخرتي ، كونوا بالقرب يا اعزائي ♥️♥️

روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:18 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.