03-08-23, 06:43 PM | #1082 | ||||
| فصل بجننننن ❤❤❤ واخيرااااا رجع رداد و نور بيته ???????????? ما احلى لقائه مع فنار بين حبهم و اشتياقهم لبعض و لهفتهم على بعض و بين فرحته حملها و انه بخير ❤❤❤ فنار شو انك بنت اصل رغم أذية لطيفة الدائمة الك الا انك كنتي اصيلة و اهتميتي فيها من معزة رداد اللي قلبك ???????????? مواجهة فنار مع ابوها حبيت قوتها و ثقتها بنفسها و انها ما رح تسمح نفسها ترجع سجن ابوها و قسوته اللي مو مصدق كيف يكسر بنته و يعذبها على ذنب هي بريئة منه حبيت عيسي اللي يدعم اخته و واقف معها امها يا سبحان الله تعاملتي مع بنتك كعدوة لانه أطلقتي بسببها بي شو ذنبها انها بنت بدل ما تحتويها و تكون ام حقيقة الها سبحان الله لمى مرضتي عرفتي قيمة بنتك حتى محاولتك تتقربي منها فيها خجل و ندم وحسرة بس فنار بنت قلبها طيب المفروض امها و ابوها يفتخروا فيها انها بنتهم و يشوفوا حالهم فيها بكفي أخلاقها و طيبة قلبها و انها حافظة القرآن الكريم ???????????? حبيت حرص فنار تخبر رداد عن اصابة أمه قبل ما ينصدم و يخاف السؤال الأهم كيف رح تكون ردة فعله بس يشوف ريناد بيته و انه فنار و الكل يعرف بزواجه منها و المواجهة كيف رح تكون و شو رح تكشف من خلالها ???????????? حبيت سحاب و افنان و علاقتهم سوا خوف سحاب على اختها وحرصها انه تفتح قلبها الها شكوتها عن بعد طراد و معاملته معها و اسلوبه كيف يكون كل مرة شكل حبيت نصيحتها انها تحاول تحكي معه و الاهم يكون بالوقت المناسب بنفس الوقت كلام سحاب بنفسها عن اختها روان اللي واضح انها ما خلت حدا من شرها و قسوتها و اسلوبها الجارح سواء اختها او زوجها واضح انه سحاب حست انه طراد مجروح من روان لهيك مو قادر يتقبل افنان ???????????? احلى سفرة كانت حببت تعارف افنان و طراد علي بعض حديثهم سوا عفوية افنان معه و لمعة الفخر و الفرح بعيونها ناحية طراد فرحته فيها و كلامها و اهتمامها لمسة ايديه الها و مسكته يديها ???????????? فرحة افنان بايس كريم ????????????مثل طفلة و احلى لمى نام على شعرها و خجلها منه و حرصها انها ما كانت قاصدة توصل اله رسالة يدور علي مكان ثاني ينام فيه ، حبيت نظرة إعجاب بعيون طراد لافنان وقت جهزت نفسها للعزيمة اللي ما كملت فرحتها و الا انجرحت اكثر من مرة من جهة كلام المرأة عن زواج افنان من زوج اختها اللي ما لقت غيره تاخده و كأنها سرقته من اختها و الله مسكينة افنان و من جهة صدمتها بكلام بنت خاله انه رنا خطيبة طراد اي خطوبة هاي مستحيل اعتقد انه ممكن تكون خطوبة قديمة قبل زواجه من روان او محاولة تزويجه بعد وفاة روان لانه لو في خطوبة حقيقة كانت أمه مستحيل تجيب افنان عندهم و هي أكثر وحدة عم تحرص علي حياة ابنها و سعادته و راحته اعتقد في كذبة بالنص ???????????? متحمسة ردة فعل طراد على دموع افنان شو رح يعمل ???????????? سحاب مجروحة من الغامد رغم تعاطفها معه انه احترق و كيف كان حريص يطلعها بخير و سلامة و بنفس الوقت تشارك معها بشكل غير مباشر بالاثار علي جسمه و ملامحه و رح يحس بكلامه لمى كان يجرحها عن البهاق المفروض يعنذرمنها يا ترى متى رح تاخد خطوة البعد او الطلاق وردة فعل الغامد كيف رح تكون ???????????? يسلمووو كثير على فصل حلو حبيبتي ???????????? | ||||
04-08-23, 12:49 AM | #1084 | ||||
| لبى قلبك والله انتي كريمة واحنا نستاهل من دحين تسلم يدك وحماسك حمسني فوق الحماس الي فيا الله يسعدك يارب مبسوطة جدا اني طحت على روايتك بالصدفة ليا فترة فاقدة الروايات الي زي حبكة روايتك ..الله يسلم يدك من النار يارب بانتظارك???????? | ||||
04-08-23, 02:34 AM | #1086 | ||||||||||||||
كاتبة ومصممة في قسم قصص من وحي الأعضاء وعضو في فريق مصممي روايتي وساحرة واحة الأسمر بقلوب أحلام
| الفصل الثاني والعشرون . . لا علاقة لي بنواياك الحسنة .. حين تكون أفعالك سيئة .. ولا شأن لي بجميل روحك .. مادام لسانك مؤذيًا .. . . سحاب ==================== :- أفنان … وصلها صوته الخافت يهمس لها بإسمها .. فترفع رأسها ببطء تنظر له من بين غلالة الدموع الرقيقة التي لم تذرف منها غير دمعتين يتيمتين .. فيعود ويهمس :- أنا آسف .. قطبت حاجبيها ولم تفهم لماذا يعتذر ؟! بينما قلبها بدأ يتوجس هل عن موضوع خطبته ؟! لهذا سألت بحيرة وقلبها يتمزق :- على وش تعتذر ؟! فيقول ببساطة :- على الي بسويه الحين .. فيتلقف دمعتيّها بشفتيه يُقبل وجهها بشجن وأصابعه التي احتضنت وجنتها بحنان جعل القشعريرة تسري على عروقهما معًا ... فلم تتوقع أبدًا أن يفعل ذلك .. ثم دون كلمة أخرى مد ذراعيّه خلف ظهرها وهو يشدها إليه بقوة و يحتضنها بين أضلاعه بهدوء شديد … تشنجت أفنان بوقفتها وارتعشت بذهول خجول ولكنها حاولت أن تصمد .. فظلال أختها تحاصرها تكاد تراها أمام عينيها صورة حيّة ليست ميتة ..!! أغمضت عينيها بقوه وازداد ارتجافها و ازداد هو بضمّها حتى كادت اضلاعها تندكّ .. لا تخافي أنتِ بأمان .. فهذا الواقف أمامها هو زوجها وحلالها .. زوجها .. زوجها .. زوجها ..!! كررت الكلمة مرارًا و تكرارًا في عقلها حتى تستوعبها فلا تُطلق ساقيها للريح وتهرُب .. فهو لا يستحق منها هذا الهروب بينما يُطالب بحقوقه ويتجاهل كل شروطه التي وضعها .. و جسدها الخائن يستكين ويهدأ بين أضلاعه ويعجبه ذلك وكأنه وجد ملجأه ..!! طافت بها الذاكرة سريعًا .. حينما كانت مسمّاه لإبن عمها .. ثم خطبها الكثير فلم تكن توافق لأسباب كثيرة من طرفها أو من طرفهم … و آخرهم خطبة معن لها التي رفضتها فورًا … رغم أنه لم يكن هناك أسباب للرفض من الطرفين وكانت على وشك الموافقة والتفكير جديًا بالأمر … حتى هو الطرّاد سبق و أن خطبها مرتين ورفضت دون تردد أو تفكير .. فهو المستحيل والخيال بعينه …. وقد أصبح المُحال حقيقة محتمّه يجب أن تتعامل معها بشكلٍ سليم لتصبح سعيدة .. أو تموت وهي تعيشها … أو ترحل وتموت بعيدًا … كل ذلك حتى لا تخسر الأطفال … وقد عرفت أن والدهم سيتزوج ويأخذهم فتنهار ألمًا و لن تستطيع أن تُطالب بهم دائمًا .. تدور الدائرة وتعود إلى نفس النقطة دومًا .. " الأطفال " و كأن الله سبحانه يقودها بلطفه إلى الطرّاد بكل الطرق .. ليس من نصيبها إلا هو .. زوج أختها …!!! رفعت رأسها تنظر له بينما هو يبادلها النظر وقد بدت لها نظراته غامضة جدًا ..!! ثم ابتعدت عن ملجأه ولم يُمانع ويُصرّ على جذبها مجددًا رغم توقه لذلك بل تركها على راحتها … أما أفنان لم تتمالك أن تسأله سؤالًا هي تعرف جوابه قطعًا و لكن حتى تصل للمضمون عليها أن تسأل :- طرّاد ليش تزوجتني ؟! ثم تابعت بحيرة تخللّها خجل لم يتضحّ على ملامحها الهادئة :- أدري عشان الصغار بس في سبب ثاني ؟! غامت عينيه بضيق فهو قطعيًا منذ البداية تزوجها لأجل أطفاله .. و إصرارها على تربيتهم فلم تترك له مجالًا أن يختار زوجة غيرها و هي تتشبث بهم وترفض الزواج من أجلهم كما كان يسمع .. ولكن مع مرور الوقت لم يعد متأكدًا من أن هذا هو السبب الوحيد ..!!!! وكأن شيئًا تغير في حياتهم بكل وضوح شيئًا لامس روحه في كل لفتة منها وكل نظرة .. قلبه ينبض باحساس لم يشعر به من قبل فلا يعرف ماذا يكون ؟! احساس غريب يشده إليها ويزداد وطأته في كل يومٍ يمضي .. وكأن وجودها هي بالذات في بيته بثّ إنعاشًا لحياتهم الراكدة وتُفتح له الأبواب من خلف السحاب فيغوص في عالم آخر … فيرى الفرق واضحًا بين الأختين و قد أحدث وجودها فارقًا في عالمه و حتى في عائلته .. لكن الحذر لا زال موجود أن يُخذل مجددًا … حتى و إن تممّ زواجه منها فهي مجرد رغبة فقط لا أكثر ولا أقل .. هو لا ينكر أن زواجه الأول قد غيّر شيئًا ما في نفسه ثم بدأ يألف هذا التغير واعتبره حفاظًا على نفسه وصحته … لقد كان تغيّر للأفضل حتى يطور من نفسه و هو ممتن كثيرًا لهذه التجربة التي صقلته .. فأصبح يعرف كيف يضع النقاط على الحروف ومتى يضعها .. زمّ شفتيه قليلًا ينظر لها بحدة ثاقبة كرصاصةٍ تعرف طريقها لعينيّها … وقف بتصميم صادق متجاهلًا بشكلٍ كامل الشقّ الثاني من أفكاره فهو لا يشعر بأنه مستعد الآن للبوح به ولا يظن أنه سيكون مستعد .. لذلك رد ببرود :- لا ما كو سبب ثاني هو السبب الي خلاك توافقين بعد كل ذا الوقت و أنتِ متمسكة بالعيال ورافضة تتزوجين .. هزّت رأسها بهدوء وتوقعت الإجابة المنطقية " الأطفال " .. ليس من أجلها بالطبع .. إنه حتى لم يستطع أن يكذب ليُجاملها وحسب فهي أنثى تريد أن تسمع ما يُريحها .. ثم استوعبت كلامه و كأنها تلقّت صفعة غير مرئية .. و شعرت بحائط يطبق على صدرها ويخنقها .. فمن كلامه قد فهمت أن تشبثها بالأطفال أجبره أن لا يختار زوجة غيرها .. نعم أخبرها بذلك من قبل ولكنه كان غاضبًا جدًا .. والانسان عندما يكون غاضب لا يعرف ماذا يقول ؟! فلم تدقق كثيرًا .. ولكن هذه المرة يكررها بكل هدوء .. و لا شك أنه خطب إبنه خالته لأجل نفسه الدنيئة فهو رجل و ستبقى هي لأجل الأطفال فقط .. فأخته الكبيرة والعاقلة لن تكذب ؟! لا تملك حقّ منعه من الزواج إن أراد لكنها تملك حقّ رفض حياة مثل هذه .. ستبتعد وتموت بعيدًا وببطء و ستظل تتمنى له الخير .. أليس هو بطلها الخارج من أرض الأساطير ؟! مما جعلها تبتلع ريقها بصعوبه فتهمس بغصّه تبلل شفتيها بلسانها :- و عشان كذه هاذي حياة غير صحية لا لنا ولا حتى للأطفال الي تزوجنا عشانهم كان المفروض نفكر وش بصير قبل لا نخطو هالخطوة ونتهور أنا برأي ننفصل بهدوء .. إمساكٌ بمعروف أو تسريحٌ بإحسان حاولنا وما ضبطت معنا .. وأطرقت برأسها تمنع دموعها من الإنهمار بقوة جبارة فهذا ليس وقت الدموع .. هذه المره هو من شعر بتلك الصفعة الغير مرئية تصفعه على حين غرّه و كأنه سقط في بئر سحيق لا قرار له و لا يُخيّل إليه إلا رغبتها في الطلاق منه والتحررّ من سطوته … حاولنا …!!! هل تسخر منه ؟؟؟!!! وقد …!!! كتم زمجرة خشنة كادت تهتزّ و تخرج من جوفه صارخة كجلجلة الرعد العاصف بين السحب … وقد ترغب بالزواج مجددًا .. بالطبع ..!! هي لم يسبق لها الزواج ..!! ما الذي سيمنعها من ذلك حين يطلقها ويأخذ الأطفال ؟! تريد أن تجد المواساة عند رجل آخر ..!! وقد تسخر منه ومن رجولته هي و من ستختاره زوجًا بعده .. لابد أنها تطلب الطلاق الآن وتسخر منه في داخلها !! أظلمت عيناه بشده وحلّ محلّهما ظلامٌ قاتم ومُخيف و هو يتخيل رجلًا آخر ينظر إليها وحده ويُلامسها ويُلامس نعومة أمواج الليل الهادر … تصلّبت شفتيه بقسوة مجنونة وشعر كأنه على وشك أن يشطرها لنصفين … لأفكاره ..!! أفكاره المجنونة التي لن تعرف عنها قطعًا ..!! ولا حتى عن أسبابه .. لقد كان على وشك أن يفقد حذره …!! لقد كان على وشك أن ينزلق في فخّها الناعم .. معميّ البصر والبصيرة عاجزًا الطرّاد عن رؤية اختلاجاتها وتوترها والحزن الغائر على صفحة وجهها لما وصل إليه حالهم .. وكأن الغضب أعمى عينيه عن كل شيء من طلبها الذي طلبته بكل سذاجة … بينما هو من يضع قوانين اللعبة ويتحكم بها … حمقاء إن ظنّت أنه سيسمح لها أن تتحررّ منه و أن يراها رجلًا غيره كان عليها التفكير ألف مرة قبل أن توافق عليه للمرة الثالثة .. ما كان عليها أن تجعله يعتاد عليها وعلى وجودها وعلى حياتهم وهي تنشر أزهار الفُلّ في منزله .. بل منزلهم .. أزهار الفُلّ التي طلب من المزارع أن يزرعها في حديقتهم .. فيتخيل طرّاد أن يزرع الفُلّ بين فتحات جديلتها السميكة فتصبح أكثر جمالًا من جمالها تشابه رائحة شعرها .. وهو يتذكر تدليل والده لوالدته في صغرهم وهو يجلب لها الزهور .. فلابد أن الإناث يحبون الزهور ؟! وقد كان يرى سعادة والدته آنذاك وحتى اليوم بعد مرور كل هذه السنوات .. أزاح أفكاره جانبًا … لهذا لم يبدو شيئًا على ملامحه المتبلدة .. فقال يهتف بصوت غليظ قاسٍ دافنًا غضبه تحت السطح :- إذا ودك تتطلقين لهاذي الدرجة وتتركين العيال في شروط إذا كنتِ مستعدة تنفذينها ؟! تزوجنا بشروط ونتطلق بشروط .. شحبت ملامحها تُحدّق به .. كانت ملامحه جافة و صلبة ونبرة صوته أغرب … و تمزّق قلبها عندما ذكر أنها ستترك الأطفال ولكن حياه مثل هذه غير مفيدة لهما بالمقام الأول إن كانت ستُضحّي بهما فهو من أجلهما .. وجهه صلب ملامحه غير مقروءة … ولكنه تابع بصوته الهادئ الشرس يقذف كلامه ولا يُبالي :- كل الحقوق السبق وتنازلت عنها ترجع وتستقر بمكانها الطبيعي وقتها لكِ الي تبين ..!!! كتمت شهقتها الصاخبة … فقط عينيّها اتسعت بصدمة بينما ارتجفت شفتيها بذهول .. بهذه البساطة فقط ؟! لم يرفض .. لم يعترض .. لم يتمسّك بها .. لا يُريدها و وضع شروطه حتى تتنازل لمتعته الخاصة و يرميها بعد ذلك مثل الخرقة البالية دون أن يهتم لمشاعرها أو رأيها .. أظلمت عينا طرّاد بقهر و لم يستطع أن يبقى أكثر من ذلك وقد أثارت جنونه وغضبه …. غادر الغرفة وكأنه قذيفة مدفعية انطلقت بعنف بينما يصفع الباب خلفه بشدّه … فتجلس أفنان على طرف السرير و عينيها شاخصتان للأمام وقلبها ينزف دمًا .. وكل ما تفكر به ماذا ستفعل حيال ذلك ؟! لم تدرك أنها بدأت تذرف دموعها وجسدها يرتعش كالورقة على مهبّ الريح .. لا تعرف متى نهضت ؟! متى توضأت ؟! ولكنها بدأت تستعيد تركيزها قليلًا حتى تستطيع أن تُصلي قيامها .. فبدأت بالصلاة بكل خشوع وتأني ثم جلست على سجادتها تسأل الله العفو والعافية وراحه البال … استلقت على السرير وقد شعرت بألم حقيقي غمر جسدها المرتعش .. لتغمض عينيها ودموعها تعود لتُبلل وجهها .. لقد نجح الطرّاد بكسرها كما لم يفعل أحد قطّ ..!! في الليل القاتم … عاد طرّاد متأخرًا جدًا وتمنى أن تكون قد نامت فلا رغبه له بمواجهتها الآن … لقد استطاعت أن تُخرجه عن طوره وأثارت جنونه بجدارة كما لم يفعل أحد قطّ ..!! لا يعرف ماذا حدث لها فجأة ؟! كل شيء كان يسير بخطى متزنة وجيدة .. ما سبب سؤالها الغريب بهذا الوقت وكأنها لا تعرف الجواب ؟! حُزنها الأغرب مزّق قلبه عندما نطق بالجواب الذي يعرفه كلاهما .. إن تألمت من جوابه فعليه هو أيضًا أن يتألم ألم توافق عليه لأجل الأطفال ؟! وليس من أجله ..!! فور خروجه من الغرفة قام بمحادثه والدته إن كان قد حدث لها شيء هناك في العزيمة ؟! ولكنها أخبرته بحيرة غمرت صوتها أن الأمور بخير ولم يحدث شيء .. فزمّ شفتيه الصلبتين ينظر لها و قد إنزوت إلى آخر السرير .. بينما تجمع شعرها الكثيف بجديلتها المهلكة تاركه له الجزء الأكبر فارغًا …!!! وتساءل مجددًا لهذا اليوم ماذا تقصد ؟! هل بسبب حجمه ربما ؟! خرج من دورة المياه بهدوء و كانت أعصابه قد هدأت ثورتها لقد أفرغها في أمواج البحر العاتية .. وهو يفكر بكلامه المسموم لها .. و تنهد بكبت و زفرّ نفسًا مرتجفًا .. فهو لن يفرض نفسه عليها مُطلقًا بأي شكل من الأشكال .. لقد شعر أنه ظلمها معه وهي لا ذنب لها .. لهذا لم يكن يريد الزواج منها .. فلقد كان يعرف أنه سيظلمها ويبطشها دون أن يشعر .. لقد حاول حمايتها منه و لكنها تتغلغل لأعماقه في كل مرة .. تذكّر للتو أنها ضحّت بنفسها لأجل أطفاله فلم يسبق لها الزواج وتزوجها سريعًا ولم تكن حياته مثاليّة حتى توافق عليها .. فهو أرمل ولديه طفلين و كان زوج أختها .. وهي قبلت بكلّ ذلك .. فليس من حقه أن يمنعها من الانفصال ان أردات .. حاول ان يستلقي بهدوء شديد على الفراش .. فهو يعرف جيدًا ماذا يمكن أن يحدث إن ترك العنان لقوته فلا يريد أن يزعجها وهي نائمة .. ولكن منذ استلقائه وتحديقه بالسقف تاركًا ذراعيه أسفل رأسه … علم أنها تتظاهر بالنوم .. فقال بصوت أجوف دون أن ينظر إليها :- ممكن لا ترجفين ؟! اهتزازك واصلني بوضوح .. فياتبع بصوت بدا لها ساخرًا :- لا تخافين ما رح أهجم عليك .. وانسي الكلام الي قلته أول كنت معصب إذا تبغين تتطلقين بطلقك بدون شروط ؟! ابتلعت ريقها بغصّة مسننة .. فهي لم تتوقع أن يأتي هذا اليوم فلقد كان غاضبًا جدًا … ولا تعرف ما الذي جعله يغضب لهذا الحد لأمرٍ سخيف ؟! نعم .. هي أرادت أن يُلغي شروطه المقيته ولكن ليس بهذه الطريقة البشعة .. وها هو يعود يذكر الأمر بنفس البشاعة ومستعد أن يتخلى عنها فهي لا تعني له شيء .. فقالت تهتف بينما توليه ظهرها :- ما نيب خايفه منك .. صمتت قليلًا ثم تابعت كالأطفال :- و أصلًا ما تقدر تسوي لي شي .. سمعت صوتًا ساخرًا مستهزئًا أطلقه كزئير رجّ أرجاء الغرفة الصامتة مما جعلها تزمّ شفتيها بضيق وخجل .. فتستدير إليه وتسند وجنتها على راحه كفّها فتراه يُحدّق بالسقف … فتقطب وجهها بألم تنظر لجانب وجهه وعوارضه بنظراتٍ فارغه … و تقول بصوت قد زحف عليه الغضب الهادئ :- للأمانة ما رح أتطلق الحين بس إذا أنت قررّت تعيش حياتك وتتزوج .. ليتك تتشجع و تعلمني من قبل لأني وقتها ما رح ارضى بهاذي المهزلة .. ارتفع حاجبيه مدهوشًا مع آخر كلمه نطقتها .. و تحرك من مكانه ليستدير على جنبه يواجهها وقد اهتزّ الفراش مع حركته البسيطة .. فلم تتضح تعابير وجهه تمامًا في الظلام و لكنها ترى بوضوح بريق عينيه الخطيرتين العميقتين كالليل الهادر من ضوء القمر القادم من النافذة .. فيقول بصوتٍ خشن :- إيه كملي ؟! وش فيكِ سكتِ ؟! من وين سمعتِ مهزله إني بتزوج ؟! ولكنها قررّت أن تقول ولن تصمت عن حقها :- رنا قالت لي بكل وضوح إنك خاطب نورة بنت خالتك .. أكيد أختك ما رح تكذب بموضوع كبير مثل كذه .. ضحك قليلًا بلا مرح ضحكة دون تصديق فخرجت ضحكته كحلقاتٍ من اللهيب الساخن هدرت بداخل تجويف أذنها فارتعشت أفنان برهبه .. و التوى حلقه قليلًا و كأنه يقاوم تحشرج معين بتنفسه .. ليرد بنبره خاويه وابتسامه جافه :- كان الأدهى تسألين هالسؤال من البداية بدون لفّ ودوران وبجاوبك عليه بدون تردد .. أحسن من سؤالك السخيف والدراما اللي سويتيها .. كتمت شهقتها المجفلة من صوته القاسي و عضت باطن شفتيها بهدوء فهو حتى الآن لم يقُلّ شيئًا .. ساد صمتٌ طويل بينهما جعل الظلام أثقل خانقا أكثر … و عاد و جهه لجموده المعتاد دون أن يفقد ابتسامته الساخرة تمامًا … الا أنها كانت ابتسامة جافة لا روح لها .. فيقول :- كنت خاطب بنت خالتي قبل لا اتزوج أختك وما كنت أدري إنها غير منقبه وطلبت منها تتنقب بس هي ترددت لا هي الي وافقت ولا هي الي رفضت و عرفت إنها بتعبّني بهذا الموضوع … وفسخت الخطبة من بدايتها لأني ما أحب اللف والدوران هاذي السالفة كلها .. وأنتِ تلفين وتدورين كثير يا أفنان .. قال جملته الأخيرة بنظرات غامضة وخطيرة و صوتٍ خافت .. فترت شفتيها بصدمة وحرج .. خطبها قبل زواجه بأختها ورنا البومة لم تفكر حتى أن توضحّ لها الأمر بل تركتها معلّقة لتُسيء الظنّ به بل بغبائها هي من أفسدت الأمور رغم أن سؤالها لم يكن سخيفًا .. فهذا أمر آخر لم تفكر به من قبل أن يستمر زواجه منها من أجل الأطفال وحسب .. دون أن يسأم فيريد زواجًا حقيقي مع امراة أخرى أكثر عاطفه منها أكثر حرارة وجرأة حتى تجاريه فهي عاشت في بيئة شديدة الجفاف عكسه هو وعائلته .. هذه الفكرة لوحدها جعلتها ترتجف بوجع نخر عظامها .. رائع ..!!! بسبب جنونها وغيرتها .. قد أفسدت أول ليله لهما معًا في نفس الغرفة بجدارة تستحق عليها جائزة الأوسكار .. نظر لها بهدوء يناقض غضبه تجاهها لطلبها الإنفصال عند اتفه موقف فلم يتمالك نفسه أن يسألها سؤال عابر يرغب بشده أن يعرف جوابه وربما ليطمئن :- أفنان .. حدقت به من خلال الظلام ونبرته هذه وهو ينطق اسمها في كل مره تُصيبها بالشلل .. فردت بخجل :- هلا .. ابتسم بداخله وقال يسألها سؤال قاطع :- ندمتي إنك تزوجتيني ؟! كتمت شهقتها فلم تتوقع أبدًا أن يهتم لرأيها ويسألها سؤال خاص بهذا الشكل .. فردت بتوتر تبلل شفتيها بلسانها :- ممكن تسمع للأخير و أقول لك كل شيء ؟! هز رأسه :- طيب بس انتظري شوي عشان نعرف نتكلم .. استدار ليفتح الضوء بجانبه فيعود ويُقابلها ولكن هذه المرة بتغير بسيط .. فقد استند بمرفقه على الوسادة وقبضته تستند إلى وجنته الصلبة يتأمل محياها الحسن .. فأصبح ينظر لها من علوّ بينما هي عادت تستلقي على ظهرها .. تنظر له والاحمرار يغّزوا وجهها كالحرب الطاحنة فلم تستطع منع ابتسامة صغيرة و خجولة من التسلل لشفتيها .. بينما تشعر أن بينهما مسافه بعيده كالمسافة بين الشرق والغرب الى أنها مسافة آمنه بالنسبة لها .. فهمست بخفوت واثق يصل إليه وتشتت نظرها عنه تعبث بأطراف الفراش الناعم :- في البداية لا ما كان ندم كان شعور بالخوف أكثر …. فترت شفتيه واتسعت عينيه بصدمه من ردها البسيط .. هل كانت خائفه ؟! فرد بهدوء :- من وش خفتِ ؟! فتتنهد قائلة :- لأنه زواجنا كان سريع وفجأة ما حسيت احساس عروس .. وفجأة صرت أم وزوجة ومسؤولة عن بيت وأطفال وكان وضع جديد وغريب و مانيب متعوده عليه .. فيرد بتبرير :- بس جبت لك خدامة وسواق .. عشان لا تحسين إنك شايله مسؤولية البيت .. فقالت بعد أن فكّرت كثيرًا :- أعرف وهذا ضمن شروطك مالي دخل بالبيت وهذا الشي جرحني شوي بالبداية وخلى شعور الخوف يختفي ويجي مكانه شعور بالغربة أكثر .. أغمضت عينيها بألم فلم تُرد أن تنظر له فيرى ألمها جليًا على عينيّها .. ولكنها قالت تتنهد :- يعني حسيت إني غريبة ودخيلة في بيتك ما خليتني أسوي شيء وقلت لك مانيب مرتاحه للخدامة بس ما اهتميت .. حتى أنت ما كنت تتكلم معي وتتباعد كثير … يعني ..!! تلعثمت قليلًا لتغير دفّة الحوار بعجلة :- يعني كنت أطفش كثير ولا تخليني أروح عند صديقاتي كثير مُتعنت بهذا الموضوع .. أما العيال ومسؤوليتي تجاههم عادي متعودة من بيت أهلي وما أحس إني مجبرة مثل العسل على قلبي .. لم يقاوم أن يمد ذراعه الحرّه فيلامس ورد وجنتها بأطراف أصابعه الصلبة وبعض من خصل شعرها المنفلتة من تلك الجديلة .. مما جعلها ترتجف خجلًا ظهر على ملامحها بوضوح .. ولكنها هدأت فلم تُبعده أو تنفر بما أنه عاد يتقرّب أما هو فقد زمّ شفتيه … و استاء أنها تشعر بكل هذه المشاعر في بيته وهو لم يقصد ذلك .. فهمس بخفوت :- آسف خليتك تحسين كذه ما كان قصدي .. والخدامة من يوم علمتيني عنها وأنا مركب كاميرات بره البيت وأشيك عليها .. غير إني استقدمت وحده جديدة يبيلها وقت لين تجي بس بيت مثل بيتنا لازم خدامه ما ينفع بدون .. فيُتابع بهدوء :- وموضوع صديقاتك ما أحب الطلعات اللي من غير سنع أقدّس جوّ العائلة أكثر .. مطت شفتيها بدلال لم تقصده وكأنها اعتادت على هذه الوضعية المُقرّبة .. وقالت بعتاب دون وعي :- لازم نكون عائلة أول عشان تمنعني عن صديقاتي .. ثم خرست فجأة واستوعبت ماذا قالت ؟! وصرخت بداخلها صرخةً هادره لم تخرج للأفق وعينيها ترمشان بهلع وجسدها يرتجف خجلًا … المقص ..!!! أين المقص ؟! فالتقص لسانها وترتاح .. بينما هو قد اتسعت عينيه بحيرة ..!! هل يُخيّل إليه أنها تطلب قربه ؟! أم يتوهم ؟! ألم تنفر منه من قبل ؟! أم لأنه فاجأها فقط وباغتها على حين غرة ؟! رد بلهفة لم تظهر بصوته وعيناه تبرقان :- ما عليكِ بنصير عائلة قريب … فهو يريد أن يحلّ كل شيء بينهما ويضع النقط على الحروف أولًا … فيبدآن بداية صحيحة دون أي استفهامات .. تنهد بعمق مكبوت ليقول بخشونة :- نجي الحين لموضوع إحساسك إنك دخيلة وغريبة ما عاد أبغى اسمع هاذي الكلمة أنتِ اللي تدخلين البيت وحنّا اللي نطلع ما في غيرك سيدة البيت … رباااااه ..!!! من أين له هذا اللسان ؟! إنها تذوب وتنصهر خجلًا ولا تعرف أين تهرب ؟! وهو يحاصرها بهذه الطريقة .. كيف حُلّت مشكلتهما بسلاسة وكل هذه البساطة و كأنه لم يحدث شيء اليوم ؟! احمر وجهها بشدّة وكاد ينفجر كخلاط عصير طماطم … أمّا طرّاد فهو مستمتع برؤية تعابيرها وخجلها اللذيذ .. فيقول بخفوت يُلامس جديلتها :- وراه مجدّلة شعرك ؟! فردت بصوت متقطع من خجلها :- عشان لا يضايقك .. فيرد بنفاذ صبر و لهجة أمر :- عادي خلّيه يضايقني وش تبين انتِ ؟! فكّيه يلا .. رمشت بعينيها تنظر له بصدمة غير مصدقة فتبدأ بفتحه ويُشاركها هو المهمة بكل استمتاع .. ==================== لحقته بخطوات متسارعة ومتعثرة قائله بتوتر :- رداد انتظر .. بتروح تصلّي أول ولا بتطلّ على خالتي ؟! فيرد بهدوء قاطبًا حاجبيه بحيرة :- طبعًا بروح أصلّي أول .. ليش تسألين ؟! هزت رأسها نفيًا بخجل ما زال يغمرها من هيبته كلما نظر لها بهذه الطريقة وكأنه يلتهمها …. وقد اطمئنت نوعًا ما و خشيت أن ينظر لها نظرة قبل خروجه فيُصعق لرؤيتها محطّمه الأذرع و ما زال هناك وقت على شفائها .. خرج رداد من شقتهم لتُسرع فنار فتُقيظها كالعادة وتسندها قليلًا بالرغم من ثقلها على جسدها الغضّ فتساعدها فنار على الوضوء تحتسب الأجر قبل أي شيء .. أنهت لطيفه صلاتها وعادت تجلس نصف مستلقيه على السرير تتنهد بتعب وارهاق وتلهث بجهد مضني .. بينما همست فنار بخفوت :- خالتي لو جا رداد الحين ودخل عليك وش بتسوين ؟! ابتسمت لطيفه لمجرد ذكر اسمه فتعود و تتذكر طفولته فينتابها الألم :- آخ بس وليدي حبيبي الله يرده سالم ومعافى وش بسوي ؟! بنهار من الفرحه بس صرت أهوجس فيه انقطعت أخباره ولا هي عوايده .. فهمست فنار تربت على كفها :- باذن الله ما فيه إلا العافية .. فتهمس لطيفة بخفوت ونظراتٍ غريبة :- الله يعطيكِ العافية ما قصرتِ .. شلون حفيدي ؟! عرفتِ بنت ولا ولد ؟! ابتسمت فنار بحب لجنينها فتربت على بطنها وترد برقتها المعتادة بينما تعضّ على شفتيها :- الحمد الله تعبني شوي بس كله يهون بس أشوفه بحضني و باقي ما عرفت قريب إن شاء الله بنعرف .. يلا بروح أجهز لك شي خفيف تاكلينه عشان أدويتك لا تهملينها … نهضت فنار حتى تخرج من غرفه خالتها فتجد رداد يصعد الدرج … نظر لها بابتسامهٍ صغيرة على محياه .. فهمست بخفوت واخفضت رأسها قليلًا فبدت كطفلة ارتكبت ذنبًا :- تراني قومّت خالتي ومهدّت لها شوي إنك احتمال بتدخل عليها .. فيهمس بهدوء وما زال مبتسمًا لهيئتها التي تاق إليها فلا يملّ من النظر إليها :- ترى عادي ما هي أول مره أرجع من مهمه وأروح لها الفجر متعودة أدخل عليها أول وحده .. تابع ببعض الأسى :- بس هالمره غير لأني مصاب و ما أبيها تشوفني بالحال الي جيت فيه .. زمت فنار شفتيها بضيق فهي أيضًا آلمها قلبها عليه وشعرت بالقلق حين رأته ينظف جراحه .. فتتابع بإصرار :- فعلًا هالمره غير هي حست إن فيك شي وخافت عليك كثير لأنك كنت تكلمها وتكلم فرح دايمًا و انقطعت عنهم فجأة ..!! ثم تابعت بنبرة عتاب خاصة فهي لم تنسى وشفتيها ترتجفان :- بس أنا اللي ما كنت تكلمني .. مررّ ابهامه على شفتها المرتجفة وأصابعه تعانق ذقنها فيهمس بصوتٍ أجش و ببساطة :- لا تزعلين لأني ما كنت أكلمك صوتك يوترني ويشتتني وما أقدر أركز بشغلي و شغلي مهم مهم مره .. وكأنه يضغط على قلبه فلا يريد سماع صوتها المدلل لأنه يعرف و يعي مدى تأثيره عليه .. إنه حتى لا يُجيد البوح بمشاعره لها .. لكم يود أن يفعل ولكنه يتشبث بهذه القوة التي يمتلكها فلا تنصهر فليس من طبعه البوح … و الصمت القاتم كان رفيقه دومًا منذ طفولته وهو طفلٌ صامت وغاضب جدًا عبوس المحيا لم يعرف الإبتسام يومًا … “ المتوحش “ كما يسميه الأطفال في طفولته رغم رشاقته وجسده النحيل في صغره إلى أنه كان قويّ البنية و يضرب كل من يتعرضّ له … حتى فرح نالها من ضربه الكثير في طفولتهم ..!! آه كم يتمنى أنها فقدت الذاكرة بهذا الخصوص فلا تتذكر .. إنه ذلك الغضب الدفين الذي تعب هو ووالدته في تهذيبه و وأده حتى لا يظهر للسطح فيُفضح ماضيهم المُخزي ..!! كان غضبه يشبه الحمم الحارقه التي تشبه اللهب في اتقادها و التي تنبع من طفولته القاسية قام بتهذيبها ودفنها في بركان خامد لسنوات يخشى أن ينبشها أحد فتنصهر الحمم و تبتلع كل ما في طريقها يخشى أن يثور البركان الخامد للسطح فتحرق أنهار الحمم الأرض وما عليها هذّبها ودفنها إلا من بعض شرارات اللهب التي تحولت لطاقته السلبيه وتظهر في بعض المواقف رغمًا عنه إلى ان جاءت هي " منارته " من حيث لم يدرك بهشاشتها و ارتجافها الذي يسري على جسدها الغضّ تندسّ بأحضان خالها قريبًا من قلبه و كأنها دمية ألبسوها لباس العروس الأبيض … كانت صغيرة … صغيرة جدًا وقد خاف عليها من غضبه المدفون بعد ما عرفه عنها وتُخالف شروطه فذُعر وخرج ليركض فقد كانت خائفة منه ولكنّه عاد فهو انسان تعلّم كيف يسيطر على هذا الغضب الجامح .. لهذا أراد واحدة تقاربه عمرًا علّها تتحمله وتتحمّل طباعه .. لكنها ببريقها اقتحمت حياته ووحدته و أصبحت تشاركه كل شيء و سلطّت ضوء منارتها نحوه حين كان ضائعًا وغارقًا في قسوته وغضبه المكبوت و هو يكتشفها يومًا بعد يوم ضعفها المختلط برقتها ويا للغرابه اكتشف بها قوّة صبر تشبه صبره العارم ثم اكتشف تعامل أهلها معها وأمر قضيتها مما جعله يسخط على هذه العائلة .. فتتحفز مشاعر الحمائية لديه لكي يحميها فهي تُذكّره بطفولته التي تشبه طفولتها … ولكنه عندما رأى والدها و فطن لشخصيته أجّزم أن طفولته كانت اقسى وأشد بأس .. فما مر به ليس سهلًا و يظن أن شخصيته قد تكونت تحت وطأة طفولته و انتهى الأمر .. بعدها أصبح يشعر بأنها تُغيرّه دون أن تشعر هي بذلك .. وهو يكره هذا التغيير و يُقاومه ولهذا لم يتحدث إليها طوال فترة غيابه .. ولكنه لا يحب أن يلّمح الحزن في عينيها فذابت بعضًا من حممه أمامها .. أما فنار فتهدلت شفتيها بصدمة ..!! هل غازلها للتو ؟! أم أنها تتخيل ؟! وقال شيئًا لطيفًا وحسب … لقد تجاهلت بكل إصرار وجود ريناد فهي لابد أن تظهر فتُفسد كل اللحظات الجميلة رغمًا عن أنف الجميع .. ولا تعرف كيف ستكون رده فعلها إن ظهرت و تخشى أنها لن تتحمل فتموت كمدًا وقهرًا .. نظرت له بهدوء خالطه التوتر ولم تلبث أن همست برقةٍ متوتره :- طيب قبل تدخل عند خالتي ضروري تعرف شيء .. توترت أعصابه من نبرة صوتها و أيقن أن ما سيسمعه لن يسره أبدا …. فتوتر الجو أكثر مما سبب له الاضطراب العصبي فهدر بصوته الحاد ونفاذ صبر :- وش الي صاير تكلمي ؟! ارتعشت وأغمضت عينيها الخائفتين وقالت بسرعه حتى تنتهي من هذا الأمر :- خالتي تعبانه شوي انكسرت يدينها بس هي الحين زينه وفتره قصيرة و بتتعافى ان شاء الله .. اتسعت عينيّه بذهول يلاحق بنظراته شفتيها التي تتحركان بسرعه و كأنها تلقي قذائفها بتوتر وخوف انتفض جسده بقوة أثارت رعبها .. ثم رأته يندفع نحو غرفه والدته دافعًا الباب بشدّة تأففت فنار بضيق تحدث نفسها … " هفف يعني أنا أقول لك عشان تصير هادي تروح تدخل عليها كذه ؟! يعني أكيد بتفجعها بدخلتك " ***************** تنهدت فنار بخفوت لقد انتظرت طويلًا والنهار نسج خيوطه منذ وقت نظرت لساعة الحائط بعد ثلاث ساعات عليها أن تكون في المستشفى أما رداد فلم يخرج حتى الآن من غرفه والدته .. ليأخذ كلٌ منهما راحته فيُبددا شوقهما قدر ما يُريدان فلا تريد الذهاب والتطفل عليهما .. قاطع شرودها صوت فرح تقول بابتسامه :- وش فيها الكتكوته جالسه وتتأفف ؟! رفعت فنار نظراتها لفرح وابتسمت … وأدركت فرح فورًا أن أمرًا ما قد طرأ فوجه فنار بدا مُشرقًا أكثر من أي يوم آخر و عينيها تبرقان وتلمعان كالشهب واحمرار لذيذ يطفو على ملامحها .. فردت فنار ببهجة :- رداد رجع الحمد لله .. صرخت فرح بسعادة :- ترى لو تمزحين يا ويلك .. ضحكت فنار لتقول بشجن :- ليش هذا موضوع ينمزح فيه ؟! هو بغرفه خالتي الحين .. اندفعت فرح لغرفه لطيفه وتتبعت فنار ظهر فرح بشرود و رغمًا عنها تطوف ذكرى ريناد .. متى سيخبرها عنها ؟! هل سيفعل ؟! أم سيصمت ؟! فلابد أن تعود ريناد وسيراها .. سمعت فنار صرخه فرح السعيدة تهتف باسم رداد وابتسمت بخفوت متنهد .. ثم قالت فرح تعانق رداد :- يا حبيبي أنت الحمد الله على سلامتك اشتقنا لك .. تأوه رداد بخفوت من ضغطها على جراحه ولاحظت فرح ذلك لتتسع عينيها بصدمه وقد عرفت أنه مصاب و يتألم ..!!! فأشار لها رداد بعينيّه أن تصمت .. فأدركت فرح أن لطيفه لم تعرف بإصابته ولا يُريدها أن تعلم و كم يتحامل على نفسه الألم الجسدي فقوته لتحمُل الألم لم ترى لها مثيل .. بينما لطيفه ترمقه بحب غمر قلبها له منذ ولادته وتدعو الله في كل مره أن يعود لها سالمًا و أن يُطيل بعمره … فلقد كان هو “ بطلها “ الوحيد وحاميها بجسده الصغير كان يتلقى الضرب عنها يدافع عنها بشراسة أمام بطش والده .. غير الضرب الذي كان يخُصّه به والده بعيدًا عنها فكان ينام و يستيقظ على الضرّب المبرح .. فقد كان والده دنيء و سيء السلوك و ألفاظه نابيه يُصاب أصحاب السوء من افسدوا عقله .. فلم يكن يستطع السيطرة على غضبه ويفرغ بها و بإبنها كبته وغلّه .. لطالما حاولت الفرار منه ولكنها لم تستطع ففي كلّ مره يجد طريقه ما يردعها بها .. فيهددها أن يأخذ ابنها إن أخبرت أحدًا أو اشتكته فكانت تموت رعبًا .. إلّا رداد لن تقبل أن يأخذه منها ليعذبه وحده .. والديها كانا بعيدين عنها في اقصى المدينة وليس بوسعهما شيء حتى وإن علما .. أما هي فحمدت الله أن لديها مشاكل بالانجاب و رداد إبنها الوحيد و لم يرتاحا منه حتى توفاه الله عندما كان رداد بالصف السادس .. حينها بدأت مأساتهما الحقيقية وبدأت تظهر آثار تلك الحياة القاسية .. وسعتّ كثيرًا أن تزرع به الحنان والكرم وكُلّ ما حُرم منه فكانت هي وهو كالبئر السحيق وغطائه .. قاطع شرودها صوته الحبيب … قائلًا بهدوء جاف :- وش ذا المصيبة الي صارت بغيابي يا فرح ؟! ليت مرّه أرجع من مهمه ما ألقى مصيبة بوجهي و شلون انكسرت يدين أمي ؟! ضحكت فرح بآسى فآخر مصيبة كانت عند عودته من عمله صادفت طلاقها الكارثي .. نظرت لطيفه لرداد فقالت بصوتٍ فاتر مدجج بالحزن والأسى من الماضي الذي تذكرته فجأة ومن الحاضر :- إيه صح تذكرت المفروض إني زعلانه منك ومتضايقه .. بس شوفتك قدامي بعد كل ذا الغياب عمت عيني .. فترت شفتيه بصدمه من حديثها عنه بهذه الطريقة فقال بينما يميل برأسه ويلثم كتفها :- أفا يا ذا العلم وش الي مزعلّها أم رداد ؟! بينما أصابعه تداعب أطراف أصابعها الخارجة من الجبيرة .. نظرت لطيفه لفرح التي ترمقها بخيلاء وترفع ذقنها دون أن تتكلم وهي تعرف ماذا ستقول هذه الفتّانه .. وتابعت لطيفه بنفس الصوت الفاتر :- أنت قايل لهاذي البزر توديني لدكتور نفسي ؟! وصرت أكل علاجات تخليني هاجدة و نايمه طول الوقت ولا أحس على نفسي .. عادت بنظراتها المتألمة والغير مصدقه لرداد :- عاجز تجيني بنفسك وتقول لي بوديكِ يا أمي ؟! اختل توازنه فهو لا يعرف أي شيء عن المهزلة التي تدور من حوله … عن أي طبيب يتحدثون ؟! عصف ذهنه للماضي على حين غرة فلقد انتهى أمر الطبيب النفسي منذ زمن طويل .. نظر لفرح و هدر رداد فجأة بقوة جعلت الجدران و كأنها على وشك الإهتزاز :- وش الي صاير يا فرح ؟! أي دكتور نفسي ؟! و أي خرابيط الي أسمعها ؟! يعني كل ذا أمداه يصير بغيابي ؟! اتتفضت لطيفه لصرخته العنيفة رغم أنها لم توجّه لها فذكرها ذلك بوالده نفس الصوت ونفس النظرات المرعبة و كأنه يصبح مسخًا من والده .. وانتفضت فرح وتلك القابعة بالخارج وقد وصلها صوت صرخته .. فبررت فرح بسرعه دون تلكؤ أو يتحرك لها جفن تنظر للطيفه :- ارتاحي يا وخيتي ترى ولدك ما يدري عن شيء أنا اللي لاحظت ووديتك قبل لا يتدهور وضعك أكثر … عادت تنظر لرداد فتشرح له كل شيء وما قاله الطبيب عن وضعها الصحي . مما جعله يتفاجأ من هذه المعلومات الجديدة فيعود ويصرخ بها " يهزئها " .. دون أن تهتزّ فرح للحظه فهي تعرف أنه متعب ومصاب و أتى والمصائب تتحاذف على رأسه .. وحين انتهى من صراخه وأفرغ ما بجوفه من غضب .. خرجت فرح بكبرياء ورأت فنار التي كانت ترتعش خوفًا من صوته الواضح الآتي من بعيد و المزمجر بغضب .. فهمست لها حتى تطمئنها :- لا تخافين ما رح يسوي لك شيء أصلًا باقي انتظر رده فعله بس يدري عن ريناد على باله المصايب خلّصت … وتساءلت فرح :- وشلون رح يبرر عن الموضوع ؟! رغم أن فرح لم تكن واثقه كثيرًا بأن هذا الكتوم سيبرر فليس من طبعه التبرير الى أنها تتأمل أن يحلّ الأمر دون أن يجرح أحد رغم أن ذلك المستحيل بعينه فكلتاهما ستجرحان .. في غرفة لطيفة .. اعتنى رداد بوالدته قليلًا ودلّك لها قدميها المُجهدتين ولا تعرف لطيفه كيف يمتلك تلك الميزة فينقلب للنقيض تمامًا خلال لحظات ويهدأ غضبه .. فقال بهدوء يبتسم لها :- يلا يا الغالية لزوم تتعافين بسرعه عشان بسفّرك .. قطبت لطيفه حاجبيها وهمست :- أي سفّره ؟! فيرد :- سفّره تركيا انتِ اللي طلبتيها و ترى ما نسيت وعدي لك … شهقت لطيفه بخفوت وقد تذكرت الآن وعده لها الذي نسيته هي تمامًا و لم تتوقع أبدًا أنه قد يتذكر وقد أخذت زوجته عقله .. ولكنها همست بقنوط :- وش بروح أسوي لحالي ؟! وانت أكيد بتاخذ زوجتك و بتتمشون وتخلوني و فرح بتتزوج و ما هي جايّه معنا .. فابتسم لها بهدوء :- ما عليه بنشوف لك أحد تستانسين معاه .. مطت شفتيها وهزّت كتفيها وهمست مثل الطفل اللحوح :- ما ادري بس نشوف لوقتها .. نهض رداد من جانبها يهمس بحنانه الذي يخصّه لها :- يلا لازم تنامين وترتاحين الحين وأنا بروح أشوف مواعيد أدويتك و علاجاتك وموضوع الدكتور .. فهمست بضعف :- خليك جمبي لا تروح لين أنام … أومأ بهدوء و بقي بجانبها حتى خلدت للنوم فالوقت ما زال مبكرًا .. ثم خرج لغرفة المعيشة يحرّك حبّات سبحته التي لا يتركها إلّا لمامًا فيجد فرح وفنار تتهامسان … فانطلق صوته كقذيفة مدفعية وقد تعكّر مزاجه لكُلّ ما حدث لوالدته الغالية في غيابه دون أن يكون بقربها :- وش مجلّسكم هنا للحين ؟! ليش ما ترجعون تنامون ؟! فتقول فرح بهدوء شديد تنظر له عن كثب :- عشان بنتفاهم أدري إنك ما رح توقف اسئلة وتسأل عن كل صغيرة وكبيرة .. زفر نفسًا خشنًا و استمر في تحريك حبات سبحته بغضب … ثم قال أخيرًا بصوت غريب لم يبدو كصوته جاء هامسًا و مشدودًا :- أسكتِ الحين يا فرح لأني أحاول بالقوة أشغل يدي عنك لا أضربك ..!!! زمت فرح شفتيها بضيق فهي لم ترى أنها أخطأت بينما تنقذ حياه أختها من الإنهيار .. وقالت بقوة :- ما قصرّت بضربي و حنّا صغار بس تهجد تعال كلمني انت تدري ما أحب أتكلم معك وأنت شابّ نار … نظرت له بعتاب شديد وتابعت من بين شفتيها بقسوة لم تعتدها فهي الأنسب لصدّ غضبه :- أو الأحسن لا تكلمني حتّى لأنه هذا اسلوبك الي دايم تتلذذ فيه .. واندفعت تسير بقربه تدفع كتفه بكتفها دون قصد بينما يتعقّب ظهرها بنظراته متسع العينين بذهول ..!! فتهمس فنار بتنهيده عميقة فتنهض وتربت على كتفه بحنان :- لا تزعل هاذي فرح بعد ساعه بتشوفها ترجع تضحك .. مثلك انت لمّا تنسى إنك هاوشتني الصباح وتكلمني بالليل ما كأنه صار شيء .. ضحكت بخفه و أردفت :- صرت أفهمكم .. ابتسم لها بينما يجلسان متجاوران في " صالة " شقة والدته … ويقول متنهدًا بتعب :- أدري أصلًا طبعي هذا أخذته منها بدون لا أحس لأن ما يسوى نتهاوش وتطول الهوشة لأيام على سبب تافه .. نظر إليها يقول بصوته العميق :- وراه ما نمتِ للحين ؟! توّ بدري و بتتعبين .. نظرت له فنار وقالت بهدوء :- كنت انتظرك تطلع من عند خالتي عشان بستأذنك بروح المستشفى أ … قبل أن تكمل كلامها اقترب منها أكثر والقلق ينهشه عليها فيقول بخفوت واتضح صوته المضطرب :- ليش ؟! تعبانه فيكِ شيء أنتِ بعد و خاشّينه عني ؟! هزت رأسها نفيًا فردت بسرعه تنظر له بتوجس من ردة فعله على ما ستقول :- لا بس أمي بتسوي عملية ولازم أكون معها و بما إنك جيت ودي استأذنك أنام عندهم بس تطلع من المستشفى كم يوم لين تتعافى و لو سمحت ما ترفض لأنها أمي ومن حقّي أبرّها مثل ما أنت تبرّ أمك ..!! بهتت ملامحه بصدمه …!! مُنذ عانقها في أول لحظه أدرك أن شيئًا اختلف بنظرتها له و كأنها تُشيّد حاجز شاهق بينهما .. عرف ذلك من فتورها و هدوءها الشديد الذي لم يعتده منها بحيويتها و دلالها معه .. وتأكد من ذلك الآن مع طلبها الغريب رغم الحال الذي عاد به والمفترض أن تبقى وتهتم به .. ولكنه سرعان ما قال :- هممم شكله صارت علوم بغيابي .. و سألها مباشرة :- تصالحتِ مع هلك و واجهتيهم ؟! عبثت بأصابعها النحيلة مثل طفلة مشاغبة وهمست :- إذا قصدك بنات خالي وخالاتي فلا ما واجهتهم بس قريب ان شاء الله وأكيد بروح لهلي صلّة رحم .. هزّ رأسه وكالعاده أعجبه حنانها ورقتها و تمسكها بعائلتها .. لو كان هو ما كان أبدًا ليكون بهذا الحنان مع والده .. فهمس :- زين .. عساهم بس لا يأذونك والباقي أمره هيّن .. رطّبت شفتيها بلسانها وهمست :- لا الحمد لله ماحد أذاني .. ثم غامت عينيه واستحالت نظراته للغموض الشديد ورد بهدوء :- طيب بوديك المستشفى اليوم ولين تطلع أمك للبيت بالسلامة .. بس لا تنامين عندهم لو تبغين بوديك لها كل يوم ؟! هزت رأسها نفيًا بقوه وقلبها يؤلمها بشده ويتمزق لأنها من المفترض أن تبقى بجانبه فهي تريد الابتعاد لن تتحمّل لقائهم .. بينما فنار تفكر بريناد و لا تعرف إن كان بينهما مشكلة وجاءت تبحث عنه لتحل الأمر معه ولكنهما سرعان ما سيتصالحان .. إنها دخيلة عليهما منذ البداية وهي لا تستطيع تحمّل هذه الفكرة .. لا تستطيع ..!!! السحر الجميل الذي عاشت به الأشهر الماضية يبطُل مفعوله إلى حدّ ما و هي ستبتعد حتى يُفكرّ كما يريد بعيدًا عنها و عن أي ضغط … بعيدًا عن كونه أصبح هناك جنين ينمو داخل أحشائها يربط بينهما للأبد فيكون هو السبب الذي يجبره أن يبقى معها .. ولكنها متأكده أنّ جنينها هو القصة الجميلة بينهما للأبد .. تريد أن تبتعد فيعتاد رداد الانفصال عنها فهي قطعًا لن تقبل بحياه مزدوجه .. تنازلت كثيرًا عن حقوقها وعن أحلامها و لكن هذه المره لن ترضى أبدًا .. فقدرتها على الصبر انحسرت كثيرًا الآونه الأخيرة .. فقالت بوضوح صارم ولم تنظر له حتى الآن :- لا ما أقدر صعب لازم أنام عندهم لأن تعب عليّ المشوار كل يوم .. زفر نفسًا حارًا وهذه المره جذب ذقنها لتنظر له قسرًا فيقول بابتسامه :- يهون عليكِ تروحين وتخليني تعبان ؟! احمرّت وجنتيها قليلًا ولكنها قالت بهدوء شديد ومتأني :- ما كان فيك إلّا العافية قبل الفجر .. الحين صرت تعبان ؟! اتسعت عينيه بذهول وأطلق ضحكة خشنة و قصيرة و قال بتفاجؤ مبتسم :- وطلع لك لسان وصايره قليله أدب بعد !!! احمرّت وجنتيها أكثر فهو لن يستطيع أن يلعب على وتر قلبها حتى تبقى .. ولكنها عادت وأطرقت رأسها بحزن التقطه رداد بدهاء مما يؤكد له في كل مره أن هناك أمرًا تخفيه عنه .. قال بحده أعلى من تلك المعتاده بها لهجة تهديد تنبئ بالشرّ :- فنار فيه شي بتقولينه ؟! ترى ما أحب اللف والدوران … ارتجفت شفتاها رغم عنها و لسعتها دموع مفاجئة تريد الإنهمار من عينيها فتوجعها بصمت قاتل … ولكنها قاومت وهمست بصوت مختنق :- أنا المفروض أسألك هذا السؤال فيه شي ودك تقوله لي ؟! تفاجأت عندما رد بصدق عميق :- إيه في شي قلت لك من قبلك ضروري تعرفينه لما أكون موجود .. بس أحل الموضوع من جذوره .. فهو قد قرر من قبل غيابه أن يُطلّق ريناد فحياتهما منتهية منذ زمن طويل و هي تدرك ذلك جيدًا .. و لن يخاطر بأن تعرف فنار بالأمر وتتألم فهي باتت تعني له الكثير .. ولتعلم يا الله … ولتعلم بأني لن أطلقها لذلك السبب ..!!! ذلك السبب الذي جعله مقيدًا بها و قرر لأجله فقط البقاء معها حتى لا يشعر بالدناءة والخساسة إن تركها بسببه .. تنهد بعمق ليهمس بهدوء :- قومي الحين تجهزي أوديكِ المستشفى وبعدين نشوف موضوع النومه نزلا بالدرج نحو الأسفل فقابلتهما ريناد تصعد بهدوء متعب وقد كانت في عملها في الجامعة وقررت العودة لترتاح قليلًا ثم تعود لأعمالها . فتسري رعشه هلع على جسدها لرؤية رداد أمامها ينظر لها بنظراته المُخيفة المتوحشة و لم تتوقع أبدًا رؤيته و بهذا الوقت ..!!! بينما فنار تقف خلفه على الدرج بنظراتها المُتبلّدة الجافة .. وقد بدأت الكلام بصوتٍ فاتر :- السلام عليكم يا ريناد .. كيف حالك ؟! فترد ريناد بصوتٍ أجوف تنظر بتوجس لرداد الذي يرمقها بشراسة :- وعليكم السلام يا فنار و عليكم السلام .. عندها أدرك رداد متفاجأً أنهما يعرفان بعضهما جيدًا وليس بشكلٍ عابر حتى …!!! استدار ينظر لفنار التي رمقته ببرود ارتسم على ملامحها .. فانقبض قلبه …!! وأدرك مجددًا سبب تغيرها الواضح معه منذ البداية فهي عرفت عن أمر زواجه الأول .. أما فنار فكرت قليلًا أن تبقى من أجله لأنه مصاب وتهتم به فلا تريد أن تبدو لئيمة حين تغادر و تتركه بعد كل ما فعله معها .. ولكن هذا المشهد أمامها نسف كل أفكارها ورماها عرض الحائط .. نظر لها رداد بينما أظلمت عيناه بشدة و قد تحول الإنقباض بصدره الى وحشٍ يفترسه وقال بحده بلهجة أمرٍ واضحة وصريحة :- فنار اطلعي الغرفة الحين بجي … وجه نظراته المتوحشة لريناد التي تبادله النظرات بضجر .. فيقول بلهجة تهديد :- وأنتِ تعالي معي .. كتمت فنار شهقتها المذعورة هل خرج من فراشها الآن وسيذهب للأخرى ..!!!! سقطت في بئر عميق لا قرار له بينما تشعر بالاختناق .. الاختناق لمجرّد التخيل فكيف ان فعل ؟! ثم لم تلبث أن تصاعد بها القهر و قالت بحده ونبرةٍ شرسة لم تتحدث بها إطلاقًا مع أي أحد من قبل :- أنا مستعجلة لازم أروح لأمي أنت ارتاح وخذ راحتك مع زوجتك .. موب أنت كنت تبغاني أجلس عشانك تعبان ؟! خلاص جت زوجتك الأولى تقوم بالواجب ..!!! ثم لم يلبث أن رفع وجهه إليها و قد توحشت عيناه من نبرتها وحديثها و انبثقت الحمم المدفونة في جسده وهو ينتفض من مكانه كمارد … وقد شهقت ريناد بذعر وخافت على فنار من بطشه فلو كانت هي قد تحدّثت إليه بهذه الطريقة لصفعها بالتوّ و اللحظة …!! كما فعل بتلك المرة الوحيدة وكانت تستحق فلا يوجد امرأه عاقله تقول ما قالته له ذلك الوقت قبل أشهر .. صفعها ثم تزوج عليها .. و ها هو يرفع ذراعه الآن و اغلقت عينيّها برعب .. ودوّى صوت الصفعة .. تبعها صوت زمجرته المقهورة …!!!! ===================== قامت سحاب بتنظيف وتبّخير المنفى الذي يوجد به نفس ذائقة الموت … آه نعم .. إنها تقصد " الغزالة " المحنطة بالطبع ..!! فقد قررّت اليوم أن تدفن الغامد به لقد حان الوقت الحاسم .. وقعت نظراتها على الغزالة فتجفل سحاب منتفضة ككل مرّه تقع عينيّها على عينيّ الغزالة وكأنها تشتعل غضبًا قادرًا على إحراق الجميع و لا يعجبها وجودها وكأنها تفهم نواياها حول الغامد أنيسها الوحيد هنا .. فهو المجنون فاقد العقل والمنطق الذي يتحدث إليها و " يفضفض " ..!! ترمقها الغزالة بنظراتٍ غريبة أثارت قشعريرة بنفسها قد اختلطت بالحيرة و كأنها تقول لها .. " لا تكوني الدبور الذي يُصرّ على خراب عشة " ..!! تنهدت بعمق تبعد عينيّها عن الغزالة و استدارت نحو الغامد الذي كان يتراسل مع ابن خالته ليتقابلا اليوم في المُلحق .. وشعرت أنه ضرّتها فهو كثير الخروج واللقاء معه منذ مجيئه من أمريكا .. و بعد قليل ستأتي الخالة فاتن حتى تطمئن عليهما .. نعم لقد أتت إلى المشفى و أرادت المجيء للبيت عده مرات و لكن الخالة أميرة كالعاده تقوم بـ " تصريفها " و لا أحد يعرف السبب فقد باتت حركاتها مزعجة جدًا فقررّت الخالة فاتن أن تستأذن منها للزيارة بالمنفى بما أن شقتهما ما زالت محروقة .. ثم قامت سحاب بتحضير الإفطار الصباحي الأنيق و استقبلت الخالة فاتن بترحيب وحفاوة … قبلتها من وجنتيها وهمست الخالة فاتن بحرج :- ما عليه يا بنتي ازعجتكم من صباح الله خير بس باقي اليوم مرّه مشغولة و ولهت عليكم .. ابتسمت لها سحاب ومدت ذراعها لها حتى تدخل للمنفى ولم تلبث أن تقول :- حياكِ الله بأي وقت يا خالتي أكيد بتجين تزورينا البيت بيتك و غامد ناشب بالبيت رافض يطلع للشارع و لا كان جاكِ .. تنهدت فاتن بعذاب من حاله عندما رأته يجلس على الأريكة فينتفض واقفًا على عقبيه يعانقها بحب كبير فتبادله العناق بحب أكبر ويُرحب بها :- هلا والله بخالتي أسفرت و أنورت .. ربتت على عارضه بمودة :- النور نورك يا قلبي .. ثم جلسوا يتناولون الإفطار ويشربون العصير و بعد مدّه من الوقت .. قال الغامد مبتسمًا ينظر لخالته :- إلّا خالتي ما علمتيني وش رايك بسحابه ؟! ترى ما راح تلّقين وحده للمثنى مثلها ولا بسناعتها ولا بجمالها ولا بأخلاقها خلاص راحت عليه .. سعلت سحاب بحرج تنظر له بعينين متسعتين .. حارقتين كأتون مشتعل … فهو لم يعد يتوقف عن إحراجها منذ وقت .. لقد انتهى من أمر بثّ سمومه كالأفعى عليها وحديثه الساخر عنها .. وبدأ الآن مرحله بثّ عطرّه ومدحها عند كل أحد .. ما عدا الرجال بالطبع ..!! و لكن زلّ لسانه مره عند بعض من زملائه وقد جاؤوا ليتحمّدوا له بالسلامة و عرفوا أنها تطبخ الذبائح ولديها مطعم … وبعد أن مدحوها لم تعد تسمع أنهم قد جاؤوا مجددًا أو تحدّث إليهم و كأنه قطع علاقته معهم ..!! فهي أصبحت تعرف عنه أصغر التفاصيل .. ما عدا عمّها بالطبع الرجل المُستثنى و الذي يضحك ببشاشة في كل مره يمدحها الغامد فيقول لها " وش سويتِ بولدي يا بنت أخوي ؟! زاغ عقله من تزوجك وأنا الي كنت خايف من أولها لا يعورك بلسانه المتبري منه " حسنًا … ليت عمّها استمر بخوفه عليها .. عندها لربما لم تكن لتصل إلى هذا الحد من الكبت الذي تشعر به فتكاد تنفجر كبركانٍ خامد لسنوات .. فتسير حممه سريعًا قادره على إحراق الجميع بما فيهم نفسها الأمارة بالسوء .. أمّا الغامد لم يعد يناديها إلا سحابه أو سحّوبه ..!!! سحّوبه !! وكأنها طفلة عمرها عامين منّك لله يا الغامد .. قاطع أفكارها ضحكة الخالة فاتن بسعادة :- صادق يا حبيبي ما رح ألاقي مثلها هالسحابه الحلوة و عشان كذه هي الي بتختار عروس المثنى أكيد بتختار أحد يشبها .. شهقت سحاب بخجل فظيع وقالت بإحراج وابتسامة صغيرة :- تسلمين يا خالتي ما تقصرين والله يخليكِ للمثنى وتشوفين له العروس الي يبغاها .. ثم نزل الغامد حتى يُسلّم على المثنى .. وطلبت الخالة فاتن بعض الماء من سحاب لتبلّ ريقها .. وجلست فاتن تحدق أمامها بشرود ..!!! وبعد مدّه من الوقت عاد الغامد لتودعهما وقد انتهت زيارتها القصيرة .. ******************** حدّقت سحاب بثُقبٍ غريب بالحائط و كأنه عالق بداخله شيءٌ ما شكّت بأمره .. وتعجّبت فهي تلاحظه للمرة الأولى في “ المنفى “ !! ولكنها هتفت بحيرة :- الغامد وش هاذي الفتحة الي في الجدار ؟! على ترتيبك وأناقتك استغربت ما فكرت تشيله أو تقفله .. فهو يُحب الإهتمام بالتفاصيل ويهتم للذكريات كثيرًا … حتى هذا المنفى مزدحم بالذكريات والتحف التي جمعها من المدن التي زارها و كأنها انجاز .. استدار برأسه وقد كان يوليها ظهره على الأريكه خاصته أمام التلفاز و قال مُبتسمًا :- هاذي خلّيتها ذكرى من نوبات الجنون ..!!! كنت مره معصب على موضوع كبير عاد تعرفيني نادر أعصب بجنون لأني متفائل ما يأثر فيني الأشياء البسيطة الي أمشيها بمزاجي … تنهد ليُتابع بصوتٍ مرح :- عاد وقتها كنت أنظف سلاحي ما انتبهت إن الأمان مفتوح و اطلقت رصاصة بالخطأ جت بالجدار اللي وراكِ .. شهقت سحاب بقوه و ارتفع حاجبيها بدهشة عميقه حتى كادا يصلان لمنابت شعرها و همست دون وعي :- والله إنك بزر ما ينحط بيدك سلاح .. يعني من لطف الله إن المسدس موجه على الجدار ضحك الغامد بمرح :- الصدق أبوي بعد السالفة انهبل أخذ المسدس وماعاد أشوفه إلا كل صبح قبل أروح الدوام و أسلّمه له بس أرجع من الدوام .. و بعدين خلاص طفشنا و وعدته ما أعيدها .. لتسأله سحاب بفضول :- يعني هو معك الحين ؟! هزّ رأسه موافقًا .. ثم يقول بابتسامه :- سوّي لي من هالقهوة حقتكم هاذي الي فيها رغوة مدري وش تسمونها ؟!بجربها .. ذهبت إلى مكينتها التي أحضرها لها وبدأت تستخدمها بسعادة فلقد سعدت بها كثيرًا وممتنه له أنه فكّر أن يجلب لها شيءٌ تُحبه .. فترد بابتسامه مستفزّة :- اسمه " كابتشينو " من أي عصر جاي أنت ؟! الحجري و تقول عني قروية ؟ فيضحك الغامد ويُجيب :- ترى واضح كنت أمزح ولا أنا جاي من قصر السلطان ؟! عادت تَحدّق في الماكينة وهي تصب السائل البني المحروق كالعسل الذائب داخل الكوب … في الحقيقة لقد تكلّف كثيرًا وهي تعرف وضعه المادّي المتدني و لقد كانت من النوع باهظ الثمن .. فصنعت له كوبًا وتوجهت نحوه فتجلس بقربه بينهما بعض المسافة ثم تنهدت سحاب بعمق تتأمل جزء من وجهه المحروق ويديّه لقد بدا يشبه إلا حدٍّ ما تلك الشخصية الشريرة في " باتمان " " ذو الوجهين " يتشابهان بالشرّ و الحروق و الشخصية ..!! فنظرتها للغامد جزءٌ منه شرير .. والجزء الآخر هو الطيب الذي يعاملها به بالوقت الحالي نظرت له بعينان ثاقبتان كفيلتان بأن تُجمدّا قارة كاملة فجأة لم تتمالك لسانها أن تقول بصوت متجمد كالصقيع وصل لمسامعه :- مشوّه …!! تابعت بتشفّي أكثر و نبرة صوتها ترتفع تدريجيًا مع كل كلمة حتى صرخت عند آخر كلمه دون أن تشعر :- وش حسيت يوم قلتها لك ؟! حسيت بالي حسيت فيه وانت تقولي مشوهه ؟! أنت حتى ما تتجرأ تطلع للشارع عشان الناس لا تشوفك لين تتعالج حروقك و تختفي ..!! وكأنّ كلام الناس عني ما كفّى وزدتها عليّ بكلامك المسموم و أنا عروس ما خلّيت كلمه إلّا وقصدت تجرحني فيها … صرخت بالكلمة الأخيرة بصوت مرتفع جعل الجدران من حولهما تهتزّ من هول الصخب لتضرب بساقها الأرض قهرًا فهي لم تشعر بالارتياح ..!! ثم شعرت بشيء يُطبق على صدرها عندما نطقتها وهو بهذا الحال حتى ينقذها من احتراق محتّم و كانت لتتشوه أكثر من تشوهها لكنه ضحّى بنفسه من أجلها .. ظنت أنها ستتشفّى به وهي ترى نظراته المصدومة والمقهوره من كلمتها و لكنه حتى لم يتفاجأ ..!! كانت نظراته عميقه و ثاقبه كالرصاصة وجامدة بلا حياة .. فكّرت أنه عديم الإحساس يأخذ الحياة بعبث وحسب .. نظر لها من مكانه بهدوء كنظرات فهدٍ أسود عديم القلب .. هو فقط ….!! لم يكن يعرف أنها تحمل كل ذلك في قلبها الصغير و شعر بداخله قبضة اعتصرت قلبه و غامت عيّنا الغامد بألم لم يظهر على ملامحه المُتبلدّة .. لا ليس من أجله … بل من أجلها هي أنها قد وصلت لهذا الحال كي تتشّفى به دون أن تجد الراحة حتى … أما هو فلم يتأثر من الحريق ولا حتى بكلمتها فلقد مرّ عليه الكثير في عمله ورأى الأشكال والألوان من الناس وتعامل مع الكثير … فأصبح لديه قدر كافي من اللامبالاه و درّب نفسه جيدًا عليها .. ليته يستطيع التظاهر بتأثره و لكنه يعرف أن ذلك لن يريحها حتى بل قد يزيد من ألمها .. و هو يعرف بقسوة الفرق بين الحقيقة والهزل .. وهي لم تكن تمزح أبدًا .. بل بدأت ترتجف بقوة والغضب يزحف على جسدها .. وقد صمّم على إخراجها من حالتها هذه مهما كان الثمن يريدها أن تعود تلك السحابه الوديعة و الصغيرة التي تأخذ جهازه المحمول في طفولتهم و تُفتّشه بلا احترام لخصوصيته الطفولية ..!! أن تعود وتسرق صابونه الذي يضعه لها عمدًا .. ليس من أجل الحب بل كانت له أقرب كصديقة .. ولكنه الآن يشعر أن ما في قلبها أكبر من مجرد سمومه التي كان ينفثها عليها .. لذلك عليه أن يعرف ما الذي تخفيه ؟! و قال ببرود اتضح على ملامح وجهه الجليدية التي تشبه جليد عينّيها :- طيب ممكن لا تصرخين ؟! ونتفاهم بهدوء لأنه الصراخ ما يدلّ على حاله عقلية سليمة على فكرة …!! ثم قبض على ذراعيّها يهزها بخفه لتنطلق من بين شفتيه نبرة حنونه اعتادتها كثيرًا الفترة الأخيرة :- أدري إني أذيتك بكلامي و أنتِ عروس بقصد وبدون قصد بس تذكرين اليوم اللي كُنّا بنسوي فيه حادث يوم انهبلتِ عليّ ؟! وقتها تأكدت إن حتى المزح يضايقك ولا عاد مزحت معك بذي المواضيع .. زفرت سحاب نفسًا خشنًا قاتمًا ودفعته بقوة بكفيّها حتى تبعده عنها ثم انفجرت بشدة فهي لم تعد تطيق التحمل أو حتى التمثيل أنها تتقبله رغم كل المشاعر التي تُكنها له منذ الصِغر .. فهدرت بشراسة :- الحين الي تذكرّت إنك أذّيتني وأنا عروس ؟! وكسرت فرحتي وأحلامي و كنت أتوقع إنك خطبتني لأنك بغيتني عشان تصدمني من أول ليله … فيهمس وقد شطر الألم قلبه :- حاولت كثير أعوضك عن أول أسابيع ونبني مع بعض ذكريات جديدة أفضل من الي طافت وننسى الماضي .. ثم اشتدت نبرته بصرامة حادة فبدا كحرباء متلونة يجيد التحول فيتلبسّ الغضب والحزن والمرح في نفس اللحظات المتقاربه :- و ما هو معقول عشان بس كلام لا يودي ولا يجيب تزعلين كل ذا الزعل وتعصبين ؟! خبله انتِ ؟! ضحكت بعدم تصديق ضحكات خافته و متفاوته ضحكاتها بدت له متهكمة …!! فقذفت هي هذه المرة رصاصة لو تقتل لقتلته في التوّ و اللحظه ..!! حينما قالت بقسوة نبعت من أعماق صوتها :- حتى لو تغاضيت بيوم من الأيام عن كلامك المسموم فيني بس ما رح اتغاضى عن محاولتك استغلالي وطعنكّ لي بظهري يوم إنك تكلم أختك واحنا حتى ما كملنا اسبوع من زواجنا عشان تخطب بنت خالتك ..!! ثم تابعت تسأله بتجهّم وسخرية ارتسمت على وجهها :- يا ترى خالتك تدري إنك ناوي تخطب بنتها ؟! و هل بتوافق عليك الآن بما إنك صرت مشوه ؟! ولا خطبتها وسحبت عليك ؟! بدا الغامد و كأنه لم يسمعها فلم تتحرك به عضلة فقط عيناه أصبحتا مخيفتان بوهجٍ لحظي خاطف و ساد صمت طويل ... طويل ...!! و كُلًا منهما ينظر للآخر دون تعبير معين إلى أن قال الغامد أخيرًا بخفوت :- آه كل هذا خبيتيه بقلبك ولا جاك مره خاطر تقولين لي أو تسأليني عنه عشان نتفاهم ؟! رفع ذراعيه يتنهد بعمق ثم يتابع بهدوء يسبل أهدابه :- ما رح أعتبر نفسي منزّه عن الخطأ لأني غلطت في البداية يوم كلّمت أختي و ما أعطيت نفسي فرصة أتعرف عليكِ بعيد عن شكلك و الألوان الي بجسمك .. فتح عينيه فجأة فأصبحتا نافذتين مرعبتين بنظراتهما تناقضا هدوء صوته :- يكون بعلمك أنا مكنسل هذا الموضوع من مبطي لأني وقتها بديت أتعرف عليكِ و أتقبلك بكل تفاصيلك و تعجبيني .. جلجلت ضحكتها الساخرة في الأرجاء ولم ترد عليه بل استدارت وأعطته ظهرها و أطرقت برأسها حتى لا تتضح له ملامحها الموجوعة ودموع عصيّة حرقت مآقيها ولسعت عيّنيها .. وساد صمت مخيف … إلى أن زفّر الغامد بغضب وهو يقترب منها ليجذبها من ذراعها ويديرها إليه بالقوة فواجهت ملامحه التي بدت مخيفة في تلك اللحظة يصرخ بها :- ليش ما تردين ؟! توّ لسانك وش طوله وانتِ تتكلمين ؟! لكنها رفعت ذقنها ونظرت إليه دون أن يرمش لها جفن بينما تبخرّت دموعها في مآقيها .. و قالت بصوتٍ مشدود كالوتر تحت سطحه غضب ظهر جليًا في عينيها :- وأنت على بالك بصدّق هاذي السخافة الي تقولها عشان أرد ؟! وتابعت ببلادة :- كل الحكي الحين ما عاد ينفع انتهى وقت الحكي .. مابي منك الحين إلّا الطلاق .. رد بشراسة يتخللّه البرود :- بزرّة انتِ تطلبين الطلاق عند أول مشكلة بينا ؟! صرخت به بجنون :- كل الي مرينا فيه وتقول أول مشكلة ؟! أفقدته عقله بجنونها ليهدر بها صارخًا :- إيه لأنه كل الوقت الي راح و حنّا مبسوطين وعايشين حياتنا ونكتشف بعض بالتدريج وأنتِ ساكته وكاتمه الغلّ والحقد في قلبك يا الحقودة … ليردف بنفس نبرة صوته المرعبة الساخرة :- ما دريت إن قلبك أسود ودافنه كل حقدك فيه كان حكيتِ من البداية عشان نتفاهم ونحطّ النقط على الحروف .. بس على بالي إنك نسيتي الموضوع .. فتدفعه بقوه على جذعه دون إن تستطيع زحزحته من مكانه وتصرخ بجنون أكبر :- أنا قلبي أسود يا الحقير يا المنافق .. سكّت لأني من اللحظة الي عرفت انك ناوي تتزوج اتركك و أتطلق منك بس ما كنت أقدر .. اتسعت عينيّه المرعبتين فبدت كبحرٍ أسود قاتم في ظلمة الليل .. وقال بلهجةٍ خافتة منذرة بالشر ولكنه يفهم كل شيء ويريدها أن تبوح علّها ترتاح :- وليش توك اللي تطلبين الطلاق دام من أول سامعة الحكي ؟! نظرت له باستخفاف ماكر وقد برقتّ عيناها :- لأنك غبي لمّا وثقت فيني و أنت ما تعرفني زين ..!!! و قررّت أستغلّك نفس الاستغلال وبنيت مستقبلي عن طريقك وفي حال وقفت تدفع القرض ماحد غيرك رح بيتضرر .. هزت رأسها بتأني :- أكيد بس تتحسن ظروفي برجع لك فلوسك يعني نقول انت بس أول خطوة في السلّم .. كانت عيناه غريبتان .. عميقتان .. و مشتعلتان .. و كأنهما محيط أسود قاتم بأعماقه جذوه تتوهج .. لكنه قال أخيرًا ببلادة :- وأنتِ غبيّة يوم فكرتِ إني غشيم وقررّتِ تلعبين عليّ و أنا اللي بنفسي سمحت لك بهذا الشي .. فرد ذراعيه جانبًا يُتابع بهدوء :- يعني كنوع من التعويض عن الأذى الي سببّته لك في النهاية أنتِ زوجتي وهذا حقك .. جسدها ساكن سكون ظاهري بينما يخبئ السكون خلفه عاصفة مرعبة … عاصفة لا تظهر على ملامحها الهادئة أو على أي عضله من عضلات جسدها المتصلب عاصفه لم تظهر إلا من خلال هاتين العينين العنيفتين بغضب مكتوم قادر على أن يحرق الجميع … فردت بسخف :- نوع من التعويض ؟! و إيش بعد عندك نوع من التعويض ؟! نظر الغامد لمكينة القهوة وأشار إليها :- هاذي مثلًا ما فكرت بيوم أشتريها وشريتها عشانك .. ارتفع حاجبيها بجنون لتركض نحو المكينة فتنزعها من مكانها بعنف فتلقيها أرضًا بكل قوتها .. آه ليس على البساط حتى …!!! شاهد الغامد بعينيّه الثابتتين إحدى القطع التي تطير بعيدًا بكل برود …!! وأجفله صرختها المقهورة ليستدير إليها :- وأنا قلبي طافح و وصلت معي للأخير لا تعويض سخيف مثل هالمكينة ينفع ولا تعويض يشفي غليلي منك . صرخت الكلمة الأخيرة بوجع و بقوةٍ أكبر تشدّ على قبضتيها بينما جسدها كله يرجف غضبًا :- أنت حتى ما تتجرأ تطلع للشارع لأنك تعرف كيف بناظرونك الناس و تعرف وش بقولون عنك وهم يِلّمحون تشوهّك .. تخاف تطلع وتواجههم .. وأنا سنين من عمري واجهتهم مضّطره وبلعت كلامهم لي مثل السمّ عن تشوهي وعن إني خدامه في بيوتهم …!!!! اتسعت عينيّه بصدمه فهتف بها :- وش خدامته الي تقولين عنها ؟!!! ومين يتجرأ يقول لك ذا الكلام ؟! هزت كتفيها بلا اهتمام و طفحت عيناها بالوجع :- أنا اللي خليتهم يتجرأون بسبب الحاجة .. كنت أروح أساعدهم بمقابل مادّي لجهدي و هم اعتبروني خدامه ما لك شغل بالتفاصيل لأنها ما عادت مهمة و ما عاد يفرق بعد ما بنيت استقلالي . سرت رجفه عميقة على جسده و أغمض عينيه وهو يشعر بالجدارن تطبق على صدره فجأة ..!! لم يعلم الى متى ظل واقفا مكانه مسمرًا ... مغمض العينين يجد صعوبة في التنفس حتى بصورةٍ طبيعية .. فيقترب منها ويضمها الى صدره قسرًا و بقوةٍ شديدة وهو يتنهد قائلًا بخفوت :- اسمحي لي أكون جنبك وأعوضك عن الماضي والحاضر … ثم شدّ نبرته بتصميم وعينيّه حادتين على عينيّها الباردتين :- ووعد كل شيء بيتغير .. كم هي عبارة سهلة موجزة لمن لا يعيش عذابه الداخلي حاليا ... لم يشعر يوما بنفسه عاجزا مقيدا بتلك الصورة من قبل .. فهمست بصوتٍ ميّت :- إذا أعطيتك الفرصة بمشاعري هاذي وحقدي بكون أهنت نفسي أول .. عشان كذه طلّقني يا الغامد طلّقني خلّي كل واحد يشوف طريقه أحسن لي و لك .. جاء صَوْتُه عَمِيقاً مَلِيئاً بالمرارة :- الطلاق ما رح يحلّ مشاكلك يا سحابه أنا الداء والدواء صدقيني .. بدأت تعود لها شرارات الغضب وكانت قد استكانت بهدوء ظاهري عندما جذبها قسرًا لأحضانه .. فانتفضت تدفعه عنها بقوةٍ وشراسه وصرخت :- خلاص طلقني .. طلقني وريحني وريّح نفسك من الداء .. ليرد عليها صارخًا :- ما رح ترتاحين و طلاق ما رح أطلّق بنجلس هنا لين تنحلّ هاذي المشكلة .. و بنلاقي حلّ ونكمل حياتنا .. جنّ جنونها فاندفعت نحو المطبخ التحضيري وبدأت بحمل الأكواب وقذّفها على الرخام الصلب و لم تكتفي بينما تخرج بعض الأطباق .!!!!! وتصرخ بجنون :- رح تطلقني وغصبٍ عنك ولّا من الجوال وبضغطه زر و بفسخ عقد النكاح و ما رح تقدر تجبرني أجلس معك ..!! ركضت بخطواتٍ متسارعة تريد الفرار والهرب خارج هذا المنفى الذي اطبق على انفاسها فهو لن يجبرها على البقاء لن يجبرها ..!! ففهم الغامد ما تنتويه ليتبعها بخطواتٍ طويلة فيقبض على ذراعها يجذبها بقوة نحوه فيرفعها على كتفٍ واحد .. بينما ساقيها تتراقصان بجنون أمام وجهه …!!! وذراعيها تحاولان دفعه وضربه على ظهره حتى تهبط للأرض .. ولكن هيهات وهو يتشبث بها كقيد حديدي من نارّ مستعرّه فيضعها برفق على السرير .. ويهتف بنبرة جليدية اتشحت بها ملامحه قبل صوته :- بخليك هنا وبطلع الحين لين تهجدين و يرجع لك عقلك وبعدها برجع و نتفاهم .. التقط هاتفها وخرج سريعًا ليُغلق الباب بالمفتاح فلا تفرّ أو تحاول الهرب .. بينما هي قد جنّ جنونها أكثر لتنتفض و تركض نحو الباب تضربه بقبضتيها وتصرخ بجنون :- افتح الباب ما رح أسامحك … ما رح أسامحك … افتح … لكن ظلّه اختفى عبر الزجاح فانزلقت أرضًا تذرف دمًا بدل الدموع ..!! لقد حطمها أكثر من حطامها و انهارت حصونها … لقد خرجت جذورها المسمومة إلى السطح … خرجت و قتلتهما معًا .. ************************ ضمّ الغامد ذراعيه لجيب بنطاله يسير بلا هدى أو هدف بالشارع حتى وصل لإحدى الحدائق الصغيرة بقرب المنزل .. حديث سحاب عن خوفه من الناس استفزّه وجعله يتشجع ليخرج ويواجه العالم الخارجي .. وكما قالت بالضبط نظرات الناس قاتله و مهينة جدًا .. ها هو عينه تسقط على أحدهم ينظر له بإزدراء ..!! وأخرى لامس الذعر ملامحها ..!! لقد كان فعلًا يشبه إلا حدٍ ما شخصية ذو الوجهين في " باتمان " ..!! مما يُثير الرعب في نفوسهم … أزاح وجهه جانبًا بضيق عندما انطلق بكاء طفلٍ ما هلعًا لرؤيته فيرمقه والده بغضب مزدري … للأسف لسنا مجتمع يدرك ظروف الآخرين حتى يصيبنا ذلك .. ولقد اصابه ذلك بأسوء طريقة .. بضعة دقائق فقط جعلته يشعر وكأنه قد سُكب الأسيد على رأسه فيحترق كما لم يحترق من قبل و يصهر قلّبه … شعر بطنين يطنّ في أُذنيه .. صوت مزعج آتٍ من بعيد وأصوات الناس تقذفه بأبشع الألفاظ كما قذفوها هي من قبل … طنين مزعج قد يسبب له عاهه مستديمه .. أغلق أذنيه بالتزامن مع عينيه عاجزًا عن التنفس .. بينما كانت سحاب تعيش سنوات عمرها على كلام الناس ونظراتهم لها .. أما هو بضعه دقائق فقط أصابته بالصممّ .. لقد كانت أقوى منه وهي تحمل سمومهم في قلبها فقررّ العودة إليها حالًا و قد أصبح يعرف جزء مما تشعر به … فالأدهى أن ما تشعر به أعمق بكثير وأسوأ مما يعرفه .. عاد للمنفى ففتح الباب فهفّت على وجهه المحمرّ بروده المكيف من حرارة الجو و لكنه لم ينتعش كما العادة .. و لاحظ المكان المحطمّ من حوله لقد ازداد الحُطام وكأنها جنت أكثر فور خروجه من هنا ولم تهدأ .. داس على البساط بحذائيه القذرين دون أن يهتم لخلعهما كالعادة و مال رأسه للأسفل ينظر إلى جانب حذائه فوجد إحدى اللاعبين من لعبه الفُرفيرة ..!!! ألقى للعبة نظرة عابرة وكانت قد قلبتها رأسًا على عقب وحطمتها .. بينما بجانبها عصاه البلياردو المكسورة ..!! التي لا يعرف كيف كسرتها و كيف استطاعت تمزيق قماشها ذو اللون العشبي ؟! وجّه نظراته نحو الأرائك وقد حطّمت كل التحف والذكريات التي جمعها من المدن .. فنظر حوله ببرود كالصقيع الذي ارتسم على وجهه ولسان حاله يقول " فداها كل شي " ..!!! ثم انقبض قلبه حين لمحها هي مُعذبتّه دومًا .. تجلس أرضًا ظهرها إلى الحائط المختوم برصاصة طائشة شعر بها تحُطّ على قلبه .. ركبتيّها إلى صدرها و قد أُغرق وجهها بالدموع بينما انتفخت عيناها المتسعتان المحمرّتان وهي تنظر اليه بهلع مما سببته في مكانه الخاص وتحطيمها أغراضه .. كان البؤس يحيط بها بكل أشكاله و هي جالسة أرضا متجمعة حول نفسها حتى بدا حجمها كحجم مراهقة صغيرة .. هاله رؤيتها بهذا الحال الذي وصلت إليه بسببه .. هو السبب ..!!! ويستحق كلّ ما يصيبه .. جلس بجوارها بهدوء يرفع ركبته لصدره يسند ساعده إلى ركبته بينما يمدّ أمامه ساقه الأخرى .. وعيناه قاتمتان وشاخصتان أمامه كالمقتول فيسألها بفتور :- لو طلّقتك وين بتروحين بعد الطلاق ؟! بيت زوجة أبوك ولا عند زوج امك المؤذي ؟! بللّت شفتيها فترد بشراسة :- ما لك شغل أنا أعرف شلون أدبر عمري .. هز رأسه متفهمًا .. فيعود ويهمس بذات الصوت الذي يتجرّع مرارة الزقوم دون أن ينظر إليها :- سحاب مدري إذا بيجي يوم وتسامحيني فيه ؟! الأيام الجاية كفيله تداوي الجروح بس لازم تسعين عشان تقدرين تداوينها .. و صِدقًا من كل قلبي أتمنى تعيشين حياتك و تنبسطين فيها وتنسين الماضي والحاضر و تحققين حلمك وتحافظين على المطعم .. أما القرض فهو دين في رقبتي أقلّ شي ممكن أسويه عشانك .. زفر نفسًا متعبًا :- صدقيني ما في شي يسوى تزعلين عشانه وتُكّبتين حقدك و حكي الناس لا يودي ولا يجيب … أنتِ اللي تعطين لنفسك قيمة ما هو حكيهم اللي يعطيك القيمة و تفائلي التفاؤل جميل .. قال جملته الأخيرة بابتسامه جذابة وحزينة .. و شعرت سحاب بقنوطٍ قاتل يثقل قلبها عند هذه النقطة .. فهي أرادت أن تعيش وأن تُسعد بحياتها و لكنها لم تستطع أن تفعل ولم تنجح بمحاولاتها .. و هو زاد من ألمها ومن عذابها وقد اعترف لها .. هل يندم بعد كل هذا الوقت ؟! ما الذي تغير ليندم ؟! لم ترد عليه ..!! وهذه المرّه نظر لها بعينيه المتألمتين فتبادله النظر بأسى … فيهمس بخفوت صادق :- أنا آسف على كلّ كلمه وكلّ موقف صدر مني و أذاكِ بقصد ومن غير قصد .. فترت شفتيها وصمتٌ كئيب حلّ عليهما للحظات لا تعرف قصيرة أم طويلة كانت و لكنها لم تتكلم ولم تفسد هيبه الموقف .. فانتفض واقفًا على ساقيّه يمدّ ذراعه لها فتلتقط كفّه بهدوء شديد حتى تنهض مسمرّة بوقفتها وشيءٌ ما يعتصر قلبها من نظراته الغريبة فنظراته هذه المره لم تلّمحها من قبل .. نظراته عميقة جدًا كبحرٍ أسود هادئ في ظلّمه الليل الداكن .. فمال برأسه يُقبل جبينها بقوة قبلة أودعها كل يأسه وعينيه مغمضتين بتغضن ظهر على زاويتهما بينها كفّه تداعب وجنتها وكأنه يودّعها ..!!! فهمس الغامد بغصّة احتكمت حنجرته :- أنتِ طالق يا سحاب .. طالق .. وأتمنى إنك هالمرة ترتاحين في بُعّدي وتكونين مبسوطة أكثر من حياتك الي كانت معي .. ابتسم لها يربت على وجنتها و يعود ويهمس بصرامة وقد بللّ شفتيه الجافتين :- ولا تطلعين من هنا لا الحين ولا حتى بعد ما تخلّص العدّه .. بيت عمّك أولى فيك .. ابتعد عنها بهدوء فشعرت بروحها تنتزع من جوفها .. شقهت بخفوت بينما رأته يتوجه لخزنته السرية فيُخرج منها سلاحه ويغادر المنفى بكل هدوء … وبالطبع بعد أن قذف عليها رصاصة غير مرئية .. و قد استدار برأسه فيظهر جزء من وجهه و يوليها ظهره ليقول بجمود :- ما عاد لك حاجه تاخذين حبوب منع الحمل وتأذين نفسك أكثر .. شهقت بقوه .. لقد كان يعرف ..!! غادر بهدوء وكأنه لم يُسبب زوبعة للتو بطلاقهما الكارثي ..!! هدوء كهدوء شخصيته دومًا .. هل دفنها بالمنفى و القى عليها التُراب ورحل ؟! ألم يكن من المفترض أن تدفنه هو ؟! أما هو فقد غادر حاملًا قلبه الجريح بيده … لا يعرف هل تسامحه بعد كل ما حدث ؟! أو لا ؟! لكنّ الأغلب هو الجواب الثاني … لقد صبرت كثيرًا وخططت لتدميره وقد نجحت نامت بجواره وعاشرته وهي تُكنّ في قلبها حقدٌ سحيق تجاهه .. فلا يظن أن من مثلها في قسوتها قد تغّفر …!! لقد بذل جهده منذ البداية تغيّر معها قولًا وفعلًا وحاول تعويضها بتحقيق أحلامها بقدر ما استطاع لقد كانا أشبه بزوجيّن سعيدين .. آه ولكن يبدو أنها سعادة ظاهرية وحسب ..!! علاقتهما جذورها مسمومة كزهرة الغاب السامّة .. حتى زهوره ذبُلت قبل أن تنمو بالشكل المناسب لأن السمّ انتشر بالجذور … والجذور المدفونة خرجت للسطح فقتلتهما معاً .. علاقتهما لم تبدأ ولم تنتهي بالشكل الصحيح .. بدأت بخطط واستغلال منهما .. وانتهت بالتحّطيم والكسر وجروح غائره لكليهما .. ظنّ أنه قد يكون الداء والدواء و لكن يبدو أنه غير صحيح .. ربما عليه أن يبتعد حتى تستطيع أن تُشفى من ماضيها وحاضرها الذي تسبب به .. و ربما الفراق هو أفضل حلّ للجميع .. . . انتهى الفصل التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 29-01-24 الساعة 08:27 AM | ||||||||||||||
04-08-23, 02:35 AM | #1087 | ||||||||||||||
كاتبة ومصممة في قسم قصص من وحي الأعضاء وعضو في فريق مصممي روايتي وساحرة واحة الأسمر بقلوب أحلام
| السلام عليكم التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 29-01-24 الساعة 08:28 AM | ||||||||||||||
04-08-23, 02:35 AM | #1088 | ||||||||||||||
كاتبة ومصممة في قسم قصص من وحي الأعضاء وعضو في فريق مصممي روايتي وساحرة واحة الأسمر بقلوب أحلام
| السلام عليكم التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 29-01-24 الساعة 08:28 AM | ||||||||||||||
04-08-23, 02:36 AM | #1089 | ||||||||||||||
كاتبة ومصممة في قسم قصص من وحي الأعضاء وعضو في فريق مصممي روايتي وساحرة واحة الأسمر بقلوب أحلام
| السلام عليكم التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 29-01-24 الساعة 08:29 AM | ||||||||||||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|