|
مشاهدة نتائج الإستطلاع: هل تجد أن احداث الرواية غامضة بشكل غير مفهوم ام بشكل متوازن ؟ | |||
الاحداث غير مفهومة | 5 | 41.67% | |
غموض متوازن | 7 | 58.33% | |
المصوتون: 12. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
21-09-24, 07:05 AM | #321 | ||||
| 9 تُمسك الأوراق الثلاث في كفها حاولت تخفيف قبضتها عليها وصب جام تركيزها على إطعام آسر ذكرت نفسها بالشوق المرير والأيام التي مزقت قلبها بحثًا عن عدي. ولامت بتلك الذكرى نفسها الآن كيف تتردد ؟ أيطالبها بالرحيل وهو أرضها وديارها وموطن قلبها. بالتأكيد ستتبعه. ظن سكوتها رفضا فأردف عدي:آرام، أدري أن هذا القرار مو سهل، لكن أبغاك تفكري في المستقبل الي يمكن نبنيه سوى . نحنا بحاجة لبداية جديدة، في مكان نقدر نعيش فيه بحرية وسلام. الوطن ماعد يسعني بكل ما أحمله من أوجاع وخيبات، انا أحس هذي الأرض لفظتني لمرة ومنها للان مو قادر انتمي لها . آرام تلعثمت بالذي يجول في صدرها: لكن عدي، كيف نقدر نترك كل شيء خلفنا؟ عائلتنا، ذكرياتنا، كل الي بنيناه هنا؟ عدي بصدق وضيق: أفهم تماماً مشاعرك، لكن أحياناً يكون ضروري نبتعد عشان نحفظ ذكرياتنا و عائلتنا دائماً في قلوبنا مثل ماهي بدون ما تشوها الظنون. تناول كفها التي تعتصرها بتوتر وواصل :آرام انا ما عدت احس هالمكان مكاني ولا الأرض أرضي واحسني ضايع حقيقتي الوحيدة انتي . 'اكد وهو يشدد من قبضته على أناملها ' انتي وآسر السبب الوحيد الي يردني من على حافة الانهيار لكني ما أقدر أضمن نفسي ما أضمن قد ايش اقدر اتحمل اكثر . قضمت شفتيها برعشة: فاهمتك وربي انا كنت محلك قبل أشهر قليلة بس لكن وقتها كنت متاكدة اني برجع كان آسر هنا وكنت عارفة اني ماراح اقدر ابتعد عنه الحين لو رحنا ما أضمن أنّا بنرجع أبدا القرار صعباً جداً." 10 عدي:مافيه شيء سهل في هذه الحياة صدقيني أنا عرفت هذي الحقيقة بأبشع طريقة ، لكني أوعدك بأني راح أكون جنبك في كل خطوة هذي المرة وبنبني حياة جديدة تستحق كل هذا العناء. أبغاك تثقي فيني، وتفكري في المستقبل الي نبغاه لأنفسنا ولاطفالنا. تشبثت بدفء أنامله كمن يتعلق بخيط أمل وسط العاصفة، أطرقت برأسها، صوت عقلها يتصارع مع مشاعرها.بينما اتخذ قلبها قراره منذ اللحظة الأولى، لكن عقلها الذي تقمعه العواطف لم يتوقف عن الانتفاض." 11____ أعلن المذيع الداخلي عن اقتراب موعد إقلاع الرحلة. وقف حمد بتردد، وأخذ حقيبته الصغيرة التي تحوي كل ما تبقى له في هذا العالم. توجه نحو بوابة الصعود، وعيناه تلمعان بالدموع التي حاول جاهداً إخفاءها. كان يعلم أن هذه الرحلة ليست فقط هروبًا من الماضي، بل هي أيضًا بداية جديدة، وإن كانت محملة بالآلام والندم. صعد إلى الطائرة وجلس بجانب النافذة، ينظر إلى الأضواء المتلألئة التي تبتعد شيئًا فشيئًا مرت عليه لحظات ظن فيها أنه سيد هذه المدينة وأن عالمها السفلي في قبضته ربما لهذا السبب هي تلوح له شامتة بينما كانت الطائرة ترتفع في السماء، طرق بسبابته على يد الكرسي وكل طرقة تُدق في عقله تعيده خطوة إلى الوراء الى لقاء الثواني الاخيرة الذي حط من عزِيمته :بتروح بدون ما تودعني ؟ هزّه قدوم راجح من الأعماق راجح هو بداية كُل شيء الأب الأول المعلم الأول وحتى أول رغبة لتكوين عائلة راودته من عائلة راجح . لم يتوقع قدومه لذا أردف مصدوما:خالي كرر راجح جملته :بتروح بدون ما تودعني يا حمد ؟ استعاد ثبات صوته ليسأل فورا :من وين دريت ؟ : مو مهم ، ..واصل يجز على أسنانه .. قلت لك لا تخبر أهلك وأنت هذا الي فهمته من كلامي !! تغضنت ملامحه:مو بسببك 12 سكت يستجمع شتات أفكاره يشُق على رجلٍ مثله أن يبوح بهشاشة روحه:يعز علي أوجع ابوي مرتين بأحب الناس له مرة بخبر موته ومرة بأني ورى كل شيء . دفع راجح كتف حمد بغيض كمن يوقظ شخصا غافيا:افهم يا حمد انت مو السبب ولا لك ذنب في حقد بانثر عليك. :مالي ذنب ؟ ..ابعد ظهره عن الكرسي ليصبح اقرب الى راجح . :أنا اخترت كل الخيرات الغلط وأنا الي بكامل وعي ومعرفتي دخلت هذي الحياة. اراح راجح كفه على فخذ حمد:انت خايف تشهد خسارتك لأهلك لكن صدقني روحتك ذي بتكون اكبر من اي خسارة ممكن تخسرها واكبر من اي وجع انت خايف تعيشه. ظل صامتا دون أي تعقيب يحذره من الوجع ! اي وجع أشد من أن يترك جنته مكرهاً وان يفارق أرضه بلا موعد لقاء آخر اعتدل أخيرا ليجد نفسه وحيدا والمكان خال كما كان ولولا ذاكرة جسده التي تحتفظ بلمسة راجح لظن أنه كان يهلوس شعر حمد بشيء خاطئ ، أين الحكم ؟ تلفت عن يمينه وشماله لماذا لا يرى أحد في الطائرة نادى بحنجرة جافة شق عليها ثقل الأيام هذه:في أحد هنا؟ فوهةٌ باردة كلسان الموت الذي لا ينطق شعر بها خلف عنقه سرت قشعريرة في جسده وثم سكن مستسلما فهو ما بين الأرض والسماء في المنتصف لا مفر له من الموت --- 13 حرر أزرار رقبته بضيق "عندك أي اعتراض على هذا الكلام ؟" زفر: لا ماعندي . ازاح الاوراق التي أمامه ثم زفر هو الاخر بضيق: سليمان أنت اخ عزيز علي ولا يرضيني اكيد الي يصير لكن الانظمة والقوانين وضِعت لِتُتبع لو كلنا تجاوزناها بناءا على نظرتنا للأمور ايش تتوقع بيصير غير الفوضى والخطر للأسف انا مضطر أطبق عليك اللوائح وأوقفك من عملك لحين اكتمال التحقق من صحة الادعاءات ضدك. اقترب سليمان من مكتب قائده وأردف في رجاء: أنا ما اقترفت أي شيء أخجل من قوله ولا خنت امانتي أن كنت اخطئت فأنا مستعد اتحمل العقوبة لكن طلبتك يابو عبدالإله عطني كم يوم بس هذي القضية فيها ارواح ناس كثير معلقة على المحك يصدق سليمان ولا تنوبه شائبة:لو علي أنا يا سليمان هينة لكن الشكوى جات من أحد مرؤوسينك وادعاءاته خطيرة انت اكثر من يعرف أن المهمات موضوع شائك ولها سلسلة موافقات وتعليمات فكيف تقوم بها بالحالك بدون أذن اعلى والادهى انك ماخذ معاك مدني أعزل. هز قدميه في توتر:مجد ما يُعتبر مدني تماما احتدت نبرة قائده:لو ما يملك سلاح فهو مدني وأعزل سواء متقاعد أو مُبعد. عاد الرجاء يملأ صوته وهو يتحدث فيما قدِم لأجله:عندي معلومات على حركة بانثر اليوم اسمحلي اطلع بهذي المهمة وبقدر اقبض عليه متلبس وقتها بقدم استقالتي بنفسي وراضي بأي حكم من المجلس العسكري . 14 هدر بغضب : وهذا بنفسه تجاوز آخر انت ماتملك إذن لمراقبة فهد ال*** وهو يعتبر مواطن بسجل خالي طول ما أن شكوكك تجاهه مالها اي دليل يدعمها فكيف تتوقع اني بسمح بمهمة قائمة على اجهزة تنصت وتتبع غير مصرح بها . مرر كفه على ملامحه ويشعر بأن الوقت يداهمه علم قبل دقائق فقط بنية حمد على الهرب مع الحكم مما يعقد الأمور اكثر، يجب أن يصل إليه قبل أن يورط نفسه بأمور اكبر وما يخشاه أكثر أن يصل إليه بانثر قبله: لو انتظرت إذن وقتها انا اخاطر بسرية التحقيقات وحتى اني ما املك الوقت الكافي لانتظار. عاد للوقوف بعد جلوس دام لثواني قصيرة: لحد الأمس كنت أظن أن بين حمد وبانثر تعاون لكن اليوم اكتشفنا أنه أساس كل الي صار هو أن فهد أو بانثر يحاول يتخلص من حمد العبدالله ولو تحرياتنا طلعت صحيحة فالحين أثناء كلامنا هو ينفذ الي يسعى له من سنين،قول لي يابو عبدالاله لو نفذ مساعيه واخيرا وقتها نقدر نتحمل دم حمد الي بيكون برقابنا ؟! جالت بعينيها في سقف الغرفة ، سماعات الرأس التي تضغط على اذنيها تحجب قليلا من الضوضاء القادمة من الخارج استيقظ والدها بمزاج سيئ اليوم ويصب جام غضبه على والدتها وعلى بنان ،نظرت الى ساعة معصمها مرت ٤٥ وأربعون دقيقة منذ عادت من المشفى عليها أن تنتظر ساعة او اثنتين حسب قول الممرضة قبل أن تصلها نتيجة التحليل ، يضيق عليها المكان وتختنق انفاسها وكان شخصا يسد انفها بأصابعه..ترعبها فكرة الأمومة أن تكون مسؤولا عن إنسان وتكون مؤثرا عليه تأثيرا مباشرا بصدماتك ومخاوفك وشتاتك يستحق شخصا مثل حمد أن يكون أبا شخص عظيم مثله له كل التأثير الإيجابي على من يجاوره اما هي تراه حملا ثقيلا عليها هي التي تعلمت الوقوف لتو وهي ذاتها التي مع أول عقبة اختارت الخضوع ككل مرة . 15 عادت تنظر الى الساعة ٥٠ دقيقة ،تأففت وهي تقفز من مرقدها مرت ببنان في المطبخ تغسل الأطباق بضيق ، ثم بأبيها في صالة الجلوس الباهتة يتابع التلفاز مقطبا حاجبيه دلفت الى غرفة والدتها لتراها تمسح دموعها خفية قبل أن ترحب بها :تعالي أمي تعالي جنبي . جلست على الجلسة الارضية يمين سرير والدتها ،مرت ساعة الان تشعر بضربات قلبها متسارعة سألت والدتها :ها بشري ؟ اطرقت تتأمل يديها في حجرها :لسا ما طلعت النتيجة . ربتت على ظهرها بلطف: بتجي بالي يفرحنا أن شاء الله ، لكن قولي لي وش مضايقك ؟ نفت بإيماءة بسيطة: مو متضايقه بس خايفة . قبل أن تواصل القت نظرة سريعة باتجاه الباب ثم أردفت: لو جات النتيجة إيجابية اخاف اذنب بحق هالطفل اجيبه لهذه الدنيا لأم مثلي وبيت مثل بيتنا. عقدت والدتها حاجبيها بضيق:استغفري ربك، هو احنا الي نجيبهم هذول عطية من رب العالمين ووين يولد ولمين يولد هذا كله مقدر ومكتوب من قبل نخلق كلنا. أومأت تستغفر بصمت واصلت ولاتزال تحرك يدها على ظهر جنان صعودا وهبوطا:صحيح أن كل شيء مقدر ومكتوب لكن برضه الإنسان مخير وليس مسير وانت يابنتي مو مجبرة على هذا البيت ولا مجبرة تتركين بيتك وزوجك. رفعت رأسها معترضة: بس يا أمي قاطعتها: لا بس ولا هم يحزنون، أنا ظلمت عيالي بسكوتي وضعفي بما فيه الكفاية ،لا تظلمين انتي نفسك وذريتك ، برضاي عليك ما تغلطين نفس غلطتي. وتأكيد على كلام والدتها اهتز الهاتف وأشعت شاشته برسالة "نتيجة فحص إيجابية" 16 ______ ولأن النقيض والنقيض هما أقرب للالتقاء تنتهي حياة حيث تبدأ حياةٌ أخرى. في الليل المظلم كان حمد يركض عبر الغابة الكثيفة لا علم له بمكانه يحاولً الهروب فقط من ملاحقيه. كانت أنفاسه تتسارع وقلبه ينبض بقوة، لكنه لم يتوقف. كان يعلم أن هبوط الطائرة في هذه الغابة ليس صدفة بانثر لن يتركه يهرب بسهولة. فجأة، قفز بانثر من بين الأشجار، قاطعًا طريق حمد. كان وجهه مليئًا بالغضب وعيناه تتوهجان بشراسة. وقف حمد متجمدًا في مكانه، علم أن المواجهة لا مفر منها. قال بانثر بصوت خشن:لن تهرب مني هذه المرة، حمد. انتهى وقت الهروب. أخذ حمد نفسًا عميقًا وحاول تهدئة نفسه. كان يعلم أن هذه اللحظة ستكون حاسمة. رد بصوت ثابت رغم التعب الذي يعصف به وانفاسه المتقطعة: ماراح أستسلم لك، ولو كانت نهايتي راح أقاوم حتى النهاية. شمر بانثر عن ساعديه والقى بمسدسه بعيد وهو يبتسم بعبث أشار لحمد براحة يده أن تقدم:جميل اذا فلقد قررت الموت بشرف لم تعش به. اندلعت معركة شرسة بين الاثنين. كان كل منهما يقاتل بكل قوة و يعلم أن الخسارة ليست خيارًا. كانت الغابة تشهد على هذه المواجهة الملحمية بين عدوين لدودين، بينما كان حمد يسعى للبقاء على قيد الحياة كان بانثر يرغب بموت حمد وإن عنى ذلك موتهما معا تقلبا طويلا على الأرض القاسية تارة يغلب حمد وفي لحظة تنقلب الكفة لبانثر ،كانت قوتهما متساوية ولكن لا أحد منهما ينوي رفع راية الاستسلام ،كان حمد في هذه اللحظات يجلس فوق صدر بانثر يخنقه بِكلتا يديه ويركز النظر في عينيه وقد تملكه غضب أسود حتى شعر بانثر بأن الروح تفارقه ،غرس أنامله في الارض الترابية وهو ينازع محاولا إسقاط حمد من فوقه بلا جدوى ،لامست يده 17 حَجَرةً متوسطة الحجم فضرب بها رأس حمد بقوة افقدته توازنه فوقع على جنبه ، أسرع بانثر وثبته على الأرض ساندنا ركبته على معدة حمد حانت منه بسمة شامتة حينما شعر بقرب انتصاره فعدوه أصبح تحت رحمته . كانت رؤية حمد ضعيفة فقد ضربت الصخرة زاوية عينه اليسرى ،وتفجر ينبوع من الدم لا يعلم مصدره بدأ شيء فشيء يفقد وعيه وآخر ما رآه يد بانثر التي إرتفعت لتهوي باتجاه رأسه ثم لم يشعر بشيء صرخ بانثر بألم وافلتت يده الحجر ليسقط أرضا بينما وجع لا يطاق عصف به ، نظر الى يده تحديدا الى الرصاصة التي سكنت في كفه ،تلفت برعب في السكون من حوله وصرخ مع وقوفه وابتعاده عن جسد حمد :مَن هنا ..أظهر نفسك. تحركت الأشجار الكثيفة ليخرج من بينها جنود القوات الخاصة ببذله المهمات السوداء ،أسلحتهم تصوب على رأسه مباشرة. هتف قائدهم:ضع يديك خلف رأسك . على بعد كيلوات بسيطة كان سليمان ينفض بزته هو الآخر ليقف ،جمع معداته وسلاح القناص الذي لم يستخدمه منذ سنين خدمته الأولى وابتسامة فخورة تزين محياه ثم ركض الى الأسفل حيث يرقد حمد بلا حراك. --- 18 سارت بالقرب منها دون أن تلاحظها أو ترد على سلامها واصلت المسير حتى دلفت الى غرفتها وضعت كوب قهوتها على الطاولة وصعدت لتجلس على السرير بالقرب من مجد ثم أردفت بضيق:خالتي ضايقة من سفر آرام وآسر مريت من عندها ساهية ولا حست بي. اعتدل جالسا وأسند ظهره للخلف:أنا بنفسي مضايقني الموضوع ولا شايف له داعي ،الناس ماصدقت برجعته ولا لحقنا نفرح به وبهم لكن عدي نفسيته سيئة ولا أحد يقدر يثنيه عن رأيه. راقبت الضيق على ملامحه بشفقة:مالنا الا ندعي يروحوا بالسلامة ولا يطولوا هناك. هز رأسه بيأس:ماظنتي فيها رجعة لكن أملنا بالله ثم بآرام محد يقدر يغير رأي عدي غيرها . أومأت بالنفي لا تريد أن ترفع آماله:آرام بعد الي شافته مستحيل تخالف زوجها بتروح معاه وين مايروح. رفع احدى حاجبيه مستغربا:ارتباطها فيه شيء غريب بالنسبة لي ،ماتوقعت ولا مرة أن ممكن يكون لعدي كل هالتأثير عليها أو بشكل عام أي زوج يكون له كل هالتأثير على زوجته. حز قوله في خاطرها تعلم أن نظرته تلك تكونت من خلالها وأن لا تجربه له سوى عبر قسوتها هي قالت بصوت ثابت :نظرتك غير صحيحة لكن ما أقدر ألومك لاني انا سبب استنتاجك هذا. وقع في فخ تقليب المواجع دون قصد فأردف نافيا:ما أقصد الي فهمتيه يا سدن والمواضيع ذي خلاص تعبنا منها لو ننتهي منها ولا عاد نطريها أفضل. أومات بالنفي وقد تصاعد ضيقها لسبب ما: لكن الفترة الي مرت من قبل ما كنت سهلة انا وانت من بدايتنا من اول حياتنا لين اليوم وفيه كلام كثير مطمور بينا لا هو اللي انقال والا هو اللي تركنا نعيش . 19 تصلب جسده مع ذكر ماضي علاقتهما حين كانت لحظات صفاء كهذه معها مجرد حلم..ظهر الضيق في نبرته أثناء ابتعاده بعدم راحة:كان وانتهى . ادار وجهه ليزفر بعيدا ..سدن تلك كان يهواها و ينهمر لها حبا وكانت تنهمر قسوة حتى الذكرى تصيبه بيأس قديم يرفض العودة له. بادرت سريعا دون أن تسمح له بالغرق اكثر في تلك الأيام أحاطت ملامحه بكفيها أجبرته على النظر إليها مرة أخرى:أنا كنت صغيرة ومترفة كان الخيال يحكمني حلمت بقصة حب اسطورية تتكلل بالزواج . هزت رأسها تدفع توترها وواصلت بصدق:لكن انت ما كنت تستحق الرفض مني انا كنت أرفض الواقع "أكدت" ارفضه وانعمت عيوني بأحلام اليقظة لدرجة اني ماعدت اشوف النعمة اللي كانت تحيطني. حدق في عينيها المتلألئة بحثا عن الحقيقة. عن قول كان يؤرقه سرا لأيام ولم يجرؤ على التفكير به ناهيك عن البوح عادت تصرخ في نفسه التساؤلات هل ما يراه في عينيها هو حب ام اعتياد:والحين وش اللي تغير ؟ زواجنا لا يزال تقليدي وانا نفسي مجد الي تحطمت احلامك معاه. وقع كلمته كان موجعا انخفضت زاوية شفتيها وهي تومئ رفضا:ما تغير شيء بس انا صحيت على نفسي انا اللي تغيرت مو واقعي. ابتسمت اكثر وهي تحرك يدها لتجذب قميصه بين إصبعيها تجذبه نحوها برفق بينما يدها الاخرى لا تزال على خده: مجد، الآن ما أقدر أصف لك مدى فخري بك وحبي لك. في عيوني أنت نعم الجندي الشجاع دافعت عن وطنك بكل قوة، وبعد حاربتَ الحزن والاكتئاب بكل شجاعة. على الرغم من فقدانك لصديق عمرك ، كنتَ دائمًا مثال للصمود والقوة. أنت مو بس بطلي، أنت من غير شك مصدر فخر لأهلك وكل شخص عرفك في هذه الحياة. وعني أنا ممتنة لوجودك في حياتي وأفتخر بك كل يوم. 20 في غرفة مستشفى،يتسلل الصباح بعناد عبر النافذة المغلقة بدأ حمد يستفيق ببطء، يشعر بألم شديد في جسده، فتح عينيه بصعوبة وادارها حوله لاحظ راجح جالسًا بجواره، وجهه مليء بالقلق والحزن. راجح انتبه لحركة حمد أنحنى قليلاً فوق حمد:أخيرًا صحيت كيف حاس؟ حمد بصوت خافت، مغمض العينين: :خالي... ايش صار ؟ أخذ نفسًا عميقًا، وتحدث بصوت مملوء بالقلق:الحمدلله اللي لحقهم عليك بالوقت المناسب . حمد فتح عينيه، يحاول الجلوس ونطق بأكثر أمر يؤرقه: عدي. عرف؟ راجح أخفض نظره، تتجلى في عينيه مشاعر غامضة:عدي قرر الرحيل.ترك كل شيء وراه وسافر. حمد أغمض عينيه، وتحدث بصوت متقطع:آه واصل بألم وحسرة في قلبه أشد من الذي يعصف بجسده:أنا دمرت حياة أخوي بيدي يا خالي كنت لحياته نقمة بدل ما أكون له سند وأخ. راجح وضع يده على كتف حمد، محاولاً تهدئته :لا تلوم نفسك، حمد. عدي يعاني من صراعات داخلية عميقة، قراراته نتيجة لمشاعره الخاصة.مو من عدل أنك تحمل نفسك كل تفاصيل معاناته. 21 تختنق الكلمات في سبيلها للخروج دفعة واحدة : ما تقدر تنكر أن جزء كبير من معاناته أنا مسببها أنا دفعته لرحيل، وهذا بيفضل عذابي لأخر يوم من عمري. راجح أبتسم بحزن، يحاول أن يواسي حمد رغم كل شيء:أن كنت تلوم نفسك في عدي مرة فأنا ألوم نفسي فيك ألف مرة أنا فرطت في أمانة اختي وأنا الي جريت رجلك لطريق أعرف نهايته ماهي الا الهلاك. كل واحد منا يتحمل مسؤولية أفعاله، لكننا مانقدر نغيير الماضي. الأهم الآن هو الي جاي كيف نصحح اخطاءنا وكيف نختار خيارات مانندم عليها مستقبلا وهذا الكلام اعني به نفسي قبل اعنيك. حمد أجلى حنجرته و تحدث بصوت هادئ بعد أن تمالك نفسه:قال شيء ثاني لك قبل يروح؟ علمك وين رايح طيب؟ بحث عن الكرسي الذي دفعه ووقف قبل دقائق ،جلس في مكانه ثم أردف بنبرة جادة: عدي أخذك من حبل المشنقة لولا الله ثم هو ما دريت عن سفرك والاهم بفضله لقيت وقت كافي أتلف كل شيء يدينك أو يربطك بالحكم الي هج وتركك لبانثر. لم يبدوا حمد مهتما لما سمع فكرر:دريت وين رايح عدي ؟ أومأ كاذبا بلا: ما علمني وين رايح ،ولا علم أبوك بشيء من الي صار وانتهى. نظر الى هاتفه ووقف: وصلوا، يلا انا استأذن. سأل مستغربا:مين اللي وصل لا يكون ابوي عرف أني هنا؟ ظهرت على ملامح خاله ابتسامة عابثة:لا اللي كنت تناديهم وأنت نايم هم الي وصلوا. 22 شعر بالدماء تندفع الى وجهه وغرق في الحرج أكان حقا يهذي بها خلال نومه. طرقات مترددة على الباب أجفلته ثبت عينيه ناحية الباب بانتظار أن تطل عليه كان لا يزال راجح واقفا يراقب تحولات ملامح حمد براحة واطمئنان دخل علي الذي حضر ومعه جنان :الحمدلله على سلامتك. اعتدل جالسا وعينيه تبحث عنها:الله يسلمك ياعلي. غادرا علي و راجح خلال دقائق سامحين لجنان التي كانت تقف في الخارج بالدخول. غادرا فأتت جنته ، كاملة لا نقصان فيها أطلت وجعلته يتساءل ما الذي يُعيدها الى رجل هو حفنة من الخطايا السوداء. الى شخص بائس لم يراهن على طيبته أحد طيلة حياته ما الذي يبقيها معه وهو لا يُجيد سوى كسر الاشياء وهي أرق من أن يحملها قلبه . كلما أقتربت شعر بالضجيج من حوله يخفُت..خطوة. وأخرى.. حتى وصلت إليه ثم خشعت الأصوات من حوله أستقر وسكن كل شيء ..نبضُ قلبه ..رفرفة عينيه..رعشة يديه..طمئنت كل شيء بقدومها.. يغزو القلق ملامحها المجهدة توقفت عن يمينه ثبتت يديها التي تفضح خوفها على حافة السرير و شملته بنظرة سريعة من رأسه الذي يلف أغلبه مع عينه اليسرى شاشٌ أبيض مرورا بالكدمات الموزعة في نواح متفرقة من جسده وصولا الى قدميه. ظلت ترثيه بعينيها حتى بادر:أنا بخير. أبتلعت الكثير من الحديث لتقول أخيرا بنبرة مهتزة:هذي ثاني مره يا حمد ثاني مرة تفجعني فيك. 23 حرك يده بصعوبة ليضعها فوق كفها والضماد الذي يغطي عينه يحول دون رؤيته لها يريد أن يطمئنها إلا أنه يجهل مقدار ما تعرفه لذا سأل:كيف جيتي؟ تلعثمت وخفضت بصرها بحياء يجهل سببه وتذكره جنان كأول مرة تنتفض فيها لنفسها وتغادر بملئ قوتها بيت ابيها وسجنه وابتزازه لمشاعرها بمباركة من والدتها. أردفت بعد صمت قصير:خالك كلمني وقالي صار لك حادث وأنه بيرسل سكرتيرك يجيبني هنا. اخفى بسمة ممتنة لراجح خلف ملامحه المرهقة ورغما عنه يواصل محاصرتها بالأسئلة أشار إلى الكرسي بقربه:أرتاحي. جلست بصمت ولازالت تتشبث أناملها بالسياج الحديدي للسرير بينما تتأمله بقلق حقيقي. اخفض جفنيه بإرهاق ليبدأ بالغرق في السكون وآخر مارأته عينيه كانت ملامحها النقية بينما في عقله تستقر فكرة واحدة برا بقلبها الطاهر.. ورأفة بروحها النقية سيدفن هذا الحمد الذي لا تعرف بوجوده في أعمق اعماق الجحيم. 24 عصرا أصوات الرياح تمر بين الأشجار، بينما تتجه الشمس نحو المغيب ببطء، تاركة وراءها سماءً ملونة بالألوان الدافئة. تشعر بأناملها تكاد تنزلق عن المقود وتسقط تقود منذ سنوات لكنها لم تشعر بهكذا توتر منذ اختبار القيادة ربما صمت عبدالعزيز المطبق ما يوترها على وجه التحديد فهو رافض تماما لفكرة خروجها من المنزل فتصر هي على ذلك وتصر أكثر على أن تسير بنفسها بالعربة لأخذ الصغار ومنذ ذلك النقاش الصغير وهو يكظم غيظه منها ويضرب عن الكلام . عبدالعزيز كان يحاول أن يخفي توتره وهو يجلس بجانب ماريا في السيارة. نظراته كانت تتنقل بين الطريق ووجهها، يشعر بالقلق على سلامتها وسلامة الطفل الذي تحمله. كان يعلم أن حملها ليس في وضع مستقر، وقد حاول إقناعها بالبقاء في المنزل وترك الأمر له، لكنها كانت مصرة على الذهاب بنفسها ولان وعوده لاتزال حديثة فها هو يحاول جاهدا الحفاظ عليها رغم أن زوجته تُفقد المرء صوابه. ماريا تحاول أن تواصل قيادتها بعزم، عيناها مركزتان على الطريق، لكن كان هناك شيء آخر في نظرتها -خوف لا مفر منه فهي لا تثق بأن عبدالعزيز سيستطيع التحكم بأعصابه لأجلها لذا ربما أصرت على رأيها لتمتحنه عبدالعزيز أخذ نفسًا عميقًا محاولاً تهدئة نفسه. كان قد وعدها بأنه سيدعمها مهما كانت الظروف، وها هو الآن يحاول الالتزام بوعده. لكن في داخله، لم يستطع التخلص من الشعور بالخوف من أن هذه الرحلة قد تكون خطيرة. ماريا بصوت ناعم تحاول كسر هذا التوتر:عزيز ادري انك مو مطمن لكني بخير والله. 25 نظر إليها بجدية:مو بس لأني مو مطمئن حالتك من الأساس ماتسمح لو تركتي لي السواقة وخليتي العناد. ابتسمت بلين لتطمئنه: ابغى احس أن اموري تحت سيطرتي لو بشي بسيط لا تشيل هم. زفر بعدم رضى ولم يعقب ماريا تنظر إليه لوهلة، تعبيرها يلين، وتضع يدها على يده لثوانٍ قبل أن تعيدها إلى عجلة القيادة. ماريا بهدوء :أنت دائمًا معاي، عبدالعزيز. وهذا يكفيني عشان أحس بالأمان. لكن عيالي بحاجة لي أنا وهم مسؤوليتي . عبدالعزيز يبتسم بشكل طفيف، لكن قلقه لا يزول تمامًا. يحاول أن يبقى هادئًا من أجلها. أردف بنبرة خافتة :تمام، لكن لا تترددي تقولين إذا حسيتي بأي تعب. 26 كانت قد ابتعدت قليلا عند قدوم الطبيب لمعاينة جراح حمد جلست جنان بهدوء إلى جانب سرير حمد بعد أن غادر الطاقم الطبي الغرفة ، يديها ترتعشان وهي تمسك بيده الباردة. كانت تراقب ملامحه المتعبة، ذلك الوجه الذي كانت تهابه يومًا ما، والذي أصبح الآن جزءًا من كل شيء تشعر به. لم تكن تعرف متى بالضبط، لكن قلبها بدأ يدرك أن هذا الرجل الذي اختطفها من حياتها السابقة أصبح هو الحياة نفسها. :حمد... همست بصوت خافت، أقرب إلى نفسها منه. لم تكن الكلمات تكفي، لكنها شعرت أنها تحتاج إلى البدء. فتح عينيه ببطء، وحين رأى وجهها، ارتسمت على شفتيه المتعبة ابتسامة ضعيفة. فيها من الهذيان الكثير:ماظنيتك بترجعين. قالها وكأنه يتحدث عن أكثر من غيابها الجسدي، وكأنه يسأل عن تلك المسافة التي بقيت بينهما لفترة طويلة. تمسكت جنان بيده بلطف، تشعر بدفء مشاعرها يتسرب عبر أصابعها إلى جسده المتعب.: أنت تعرفني زين يا حمد، تعرف أني ما أقدر أضل بعيدًة عنك. مهما حاولت، أنت جزء مني والي يربطني فيك أعمق وأعمق بكثير الآن. بدا في عينيه اعترافًا واضحا لتأثير كلماتها عليه لم يكن يحتاج إلى أن يقول أكثر من ذلك. لقد فهمت. لوقت طويل، لم يكن حمد يجيد التعبير عن مشاعره بالكلمات، لكن نظراته الآن كانت تحمل كل ما لم يستطع قوله. صمت لحظة قبل أن يهمس: ما كنت أقصد أخليك تخافين مني... كنت دائمًا أبغى أحميك حتى لو كان بالطريقة الخطأ. 27 نظرت إليه جنان بحنان جديد، حنان لم تكن تعتقد يومًا أنها ستشعر به تجاه هذا الرجل. :أدري الحين .بس في البداية مافهمت، كنت أشوفك بس من خلال الخوف. لكن الآن... أدركت أنك كنت السند الي عمري ما ظنيت اني أحتاجه. شعر حمد بثقل كلماتها، لكنه استطاع أن يبتسم مجددًا، تلك الابتسامة التي كانت تحمل شيئًا من القوة التي كان يظهرها دائمًا.والتي تزرع سنينا من الرخاء في قلبها أردف بصدق:وأنتِ كنتِ النور الي ما كنت أدري أني أحتاجه... علّمتيني كيف أشوف نفسي بشكل مختلف وكنتي أطهر ذنب اقترفته . اضطربت ضربات قلبها مع كلماته. كان هذا الاعتراف الصريح الذي لم تتوقعه، لكنه كان واضحًا في كل لحظة عاشاها معًا. :أشهد أني حبيتك يا حمد... رغم كل شيء، و رغم كل الي صار. قالتها بصوت هادئ، لكنها كانت تشعر بثقلها في قلبها، وكأنها تكشف شيئًا دفينًا. نظر إليها حمد بعينيه المتعبتين، ثم رد بهمس: وأنا كنت أحبك من اللحظة الي أدركت فيها أنك أقوى مما تصورت. ما كانت مشاعري واضحة لي في البداية، لكنك كنتِ دائمًا هنا... في قلبي. كانت الكلمات قليلة، لكنها حملت كل ما لم يُقال بينهما. اعتدلت جنان بجوار حمد، ووضعت رأسها على حافة السرير، تشعر أخيرًا بأن الحب الذي نبت بينهما رغم كل الألم أصبح واضحًا وصريحًا وأن تلك الثمرة التي هي نتاج هذه العواطف ستكون بمأمن طفلها سيأتي لعالم فيه أم مطمئنة فيه أمه التي سُميت جنة وحصلت أخيرا على نعيمها الذي تبحث عنه. لم يعد هناك حاجة للكلمات الآن، فقد كان كل شيء قد قيل. 28 شارفت الشمس على الاختفاء خلف الأفق. أمام منزل زوج ماريا السابق، سيارتها متوقفة بجوار الرصيف. تجلس في السيارة، نوافذها مفتوحة قليلاً، سامحة لنسمات الهواء الباردة بالدخول. عيناها تتابعان عبدالعزيز بحب وهو يخرج من السيارة، متجهاً نحو باب المنزل. يتحرك بخطوات هادئة وواثقة، يبدو مصممًا على أداء المهمة دون إثارة أي قلق. ماريا تراقبه بابتسامة صغيرة ترتسم على شفتيها، تشعر بمزيج من الامتنان والاطمئنان لرؤيته يتولى هذا الدور. فكرت بداخلها كم هي محظوظة بوجوده..يسكون دائماً هنا من أجلها. راقبت كل حركة يقوم بها، تشعر بدفء الحب يغمرها. ترى في عينيه حنيته ولطفه، وتعلم أنه يفعل هذا من أجلها . الباب يُفتح ببطء، ويظهر من خلفه الأطفال. وجوههم تضيء عندما يرون عبدالعزيز، الذي يبتسم لهم بحرارة ويجلس إلى مستواهم ليحتضنهم. شعرت بالدموع تملأ عينيها، لكنها تمسحها سريعًا. لم تكن تتوقع أن تجد شخصًا كهذا بجانبها بعد كل ما مرت به، لكنه الآن هنا، يساعدها في أهم لحظات حياتها. أمسك بأيدي الأطفال بلطف، وبدأ في السير معهم نحو السيارة ماريا تراقبهم وهم يقتربون، قلبها مليء بالحب والعرفان لهذا الرجل الذي اختار أن يكون جزءًا لا يتحزأ من حياتها 29 تسمع أصوات طفليها وهم يتحدثون بسعادة، وهدوء المساء يلف المكان. والشمس تودع السماء بآخر أشعتها، تاركة الأفق بلون ذهبي دافئ. بدأت السماء تتزين بالنجوم. حيث الأشجار الشامخة والأزهار المتناثرة هنا وهناك تضيف لمسة من الجمال الساحر. الهواء يحمل معه رائحة عطرة تتناغم مع صوت هدير الأمواج البعيدة. تتوقف سيارتهم عند حديقة الغروب، فيندفعان سدن وسامي بسرعة نحو المساحات الخضراء، يركضون ويلعبون بحرية تحت الأشجار العالية التي تمتد أغصانها كالأذرع، تحضن زوار الحديقة بلطف. سار عزيز وبجانبه ماريا ببطء خلفهم يحملان أكواب الآيس كريم. الحديقة هادئة والظلال الطويلة للأشجار تتراقص مع ضوء القمر الباهت. تتأملت الحديقة، وهي تستذكر أبيات قصيدة غازي القصيبي "حديقة الغروب". تفكر في الكلمات التي تصف الحياة كرحلة، مليئة باللحظات الحلوة والمرة، وكيف أن هذه اللحظة بالذات تذكرها ببيت القصيدة: "هذي حديقة عمري في الغروب.. كما رأيتِ... مرعى خريفٍ جائعٍ ضارِ" يسير عزيز بجانبها، يراقبها بصمت. يشعر بتلك اللحظة الخاصة التي تجمعهما معًا، تحت السماء المزينة بالنجوم. عبدالعزيز نظر إليها بابتسامة :ماريا، هذه الحديقة كأنها أنخلقت لهذا المساء بالذات، مافي شيء يشبها. تبتسمت واستدارت نحوه، تستعد لأخذ قضمة من آيس كريم الفراولة الذي تحمله في تلك اللحظة مال عبدالعزيز نحوها فجأة أخذ قضمة من الآيس كريم الخاص بها. 30 تفاجأت من تصرفه وسرعان ما أردفت بصوت خفيف تمازحه:عزيز هذا حقي. لكنها لم تستطع إخفاء ابتسامتها، أقتربت منه ومسحت بأطراف أناملها على شفتيه برفق، تزيل بقايا كريمة الفراولة التي بقيت هناك. ينظر إليها عينيه تخلدان اللحظة، تتأمل شفتيها وهي تتحدث، شعر بالهواء يقل من حوله. عبدالعزيز همس ببطء، وعينيه لا تفارق شفتيها :طعمك..ألذ. كلماته تركت أثرها عليها و طغت على صوت الأطفال البعيد وهم يلعبون. شعرت بقلبها ينبض بسرعة، وتنخفض يديها ببطء من على شفتيه. شعرا كلاهما بهذا القرب غير عادي، بشيء أكبر من الكلمات التي قيلت. محاطان بحضن حنون، وتحمي الأشجار سريتهما، نجوم السماء تضيء كشاهد صامت على لحظة حميمة تنمو بينهما. تنحني الأزهار قليلاً مع نسيم الليل، كما لو أنها تبارك هذا الشعور المتنامي بدفء. يغمر دفء طمئنينتهما حتى طفليها فيضحكون و يركضون حول الأرجوحة، بينما يلتقي صوت الموجات البعيدة مع همسات الرياح مضيفة لمسة من الحلاوة لتلك اللحظة التي تجمع بين العشق والسكينة. 31 قاعة مكتظة ومجموعة من الرجال بذلات مختلفة الألوان والمراتب مجد يقف بشموخ على قدميه مرتديا بذلته العسكرية. في لحظة تتويج مشبعة بالإنجاز والتقدير، وقف بفخر في قاعة التكريم، يتلقى ترقيةً لجهوده الاستثنائية كضابط في الجيش. الأضواء تملأ القاعة، يلتف حوله زملاء مهنته وأصدقاء طريقه الصعب الذي يجني ثماره اليوم. الكل سعيد به والكل يهنئه. ترتسم على وجهه ابتسامة عريضة، كلها ثقة وفخر، قلبه ينبض بشدة، محملاً بكل المشاعر التي لا يمكنه وصفها. بعد حفل التكريم وبعد أن علق قائد المجلس العسكري وسامه الجديد على كتفه خرج من القاعة، وتوجه بلهفة قدميه لا تحملانه ويكاد يحلق من فرط خفة روحه وتوهجها إلى حيث تنتظره سدن، إلى رفيقة الدرب الطويل لو لديه سوى عمره لأهداه لها وليس يكفيها ..تستحق هي هذا الوسام وقد أحبته عندما فقد نفسه وما ملت ولا تغيرت حتى والليل والأوجاع سماره ..لذا توهج قلبه وسرور ملامحه ليست الأوسمة أو التشريف من تصنعها يكفيه أن تراه في عينيها بطلا . وصل إليها في ظرف ثواني كانت تحمل بين ذراعيها صغيرهما سعود، الذي لم يتجاوز عمره الخمسة أشهر. بنظرتها المليئة بالفخر والحب غمرته، اقتربت منه خطوة فملأ الفراغ بينهما بخطوة واحد متلهفة ليميل ويطبع على جبينها قبلة طويلة شعرت بدفئها سدن وشعرت بعمق الامتنان الذي يكنه مجد نحوها عانقته بحرارة، بينما عيون سعود كانت تتلألأ بينهما ببراءة. همست بصوت متأثر :مبروك، مجد. أنت تستحق كل التقدير والاحتفاء. أنا فخورة جدًا فيك، ولكن فيه مفاجأة لك ما تقدر تنتظر أكثر. 32 ابتعدت سدن قليلاً، ودعت مجد إلى الانتباه إلى جهة أخرى. وفجأة، ظهر آسر، يركض نحو مجد، يهتف بفرح:خالي . تلقفه مجد في احضانه واسرع في الوقوف ،تسارع نبض قلبه وعيناه تبحثان بجنون في الوجوه من حوله حتى وقع نظره على عدي، الذي كان يقترب منه ببتسامة شاسعة توقف عدي على بُعد خطوات، وتبادلا نظرات صامتة، تعكس كل ما عاشوه معًا من تحديات وصعوبات وذكريات. كان هناك فهم عميق بينهما، وحوار صامت ينقل مشاعر الصداقة التي لم تمت على يد العقبات بل زادت روحيهما تعلقا ببعضها. تقدّم مجد نحو عدي، واحتضنه بقوة، وانفاسه التي ارتفعت تظهر مدى تقديره لعودة عدي من أجله وفي هذا اليوم بذات فهو من كان ينقصه حقا ليكتمل ابتسمت لأرام التي تشاركها مراقبة المشهد ، وفرحها يفيض، بينما كان سعود يضحك براءة، متوجا تلك اللحظة بالكمال . فكما يشع نور الشمس الخافت عند اقتراب القمر، كان اللقاء بينهما مشهدًا مهيبًا، يفيض بالحب والاخوة الصادقة. تصافحت أيديهما بصدق، وتحولت الأحزان إلى لحظات من الفرح الحقيقي، وكأن الكون بأسره قد تآزر ليشهد هذه اللحظة الساحرة التي اقتطفت من منتصف حكايتهما فالبدايات ما كانت الا… خدعة. | ||||
21-09-24, 07:07 AM | #322 | ||||
| إلى أعزائي الذين صاحبوا بوحي وثرثرتي ، ها نحن نصل إلى نهاية هذه الرحلة الطويلة، أترك هذه الكلمات لتصبح مثل التذكار الأبدي بيننا. قد نكون غرباء لم نلتقِ يومًا، لكن هذه القصة جمعتنا في لحظات من التأمل، الخيال، والشعور. كل صفحة كأنها أثر تركناه في درب بعضنا، وكل شخصية كصديق مشترك عرفناه سويًا، ولو للحظات عابرة. القصص، مهما كانت نهاياتها، تظل تعيش بين السطور، تختبئ في زوايا الذاكرة. لقد شاركت معكم ما أؤمن به، ما أحلم به، وربما حتى بعض ما أخشاه. وربما وجدت بين هذه السطور جزءًا منك، أو رأيت انعكاسًا لمشاعرك وأفكارك. الحياة تمضي بنا، نلتقي ونفترق، لكن القصص تبقى خالدة، تربط بين الغرباء بأواصر غير مرئية، تذكّرنا أننا لسنا وحدنا في هذه الدروب المتشابكة. أعبر عن شكرًي خاصة لشيزو لأنك كنتِ رفيقًا لي في هذه الرحلة، وشكرًا لكل من حمل معي هذا التذكار المشترك. قد نكون أنهينا هذه القصة، لكننا لم ننهِ حكاياتنا. ربما سنلتقي مجددًا في صفحات أخرى، أو ربما ستأخذك هذه القصة لترويها لأشخاص آخرين، لتصبح ذكرى جديدة بين غرباء جدد. مع خالص الشكر والامتنان، [إلهام ]… | ||||
21-09-24, 11:20 AM | #323 | |||||
نجم روايتي
| [QUOTE=saanmarteen;16457819] اقتباس:
الحمد لله حبيبتي أنك بخير وانت بالفعل موهوبة وإنسانة جدا وانت من تستحقين الثناء على الرواية الرائعة وعلى مشاعرك الرقيقة وإن كان على الإخفاق في بعض المسئوليات فكلنا كذلك حبيبتي ننجح حينا ونخفق آخر ويظل الامل بالله وتوفيقه موصولا وكما يقولون كل المر سيمر ولا تبقي سوى الفرحة والسعادة دمت أختى الغالية بكل التوفيق حضن كبييييير | |||||
21-09-24, 11:22 AM | #324 | |||||
نجم روايتي
| اقتباس:
يا هلا وغلا فيكي وبالفصل الجميل ساقرأه على مهل حتى ارتشف معانيه ولى عودة بالتعليق صباحك سكر | |||||
25-09-24, 08:30 AM | #325 | ||||
نجم روايتي
| مرحبا.صباح الخيرات حبيبة قلبي *الفصل الخامس والثلاثون* ☆ غريب في وطني☆ قدرة الإنسان على الإحتمال والتكيف بعد الكثير من الخيبات والإنكسارات تكون ضعيفة خاصة إذا إتضح له انه كان مخطئا وأساء لنفسه قبل الآخرين وقتها يشعر بأن الارض تلفظه وأن بؤسه لن ينتهي فعليه الرحيل ريثما يرمم جروح روحه ويرتق ثقوب نفسه ويعود سالم الجسد والروح إلى وطنه ثانية عدى وقد إتخذ قراره بالسفر لانه لايجد نفسه ابدا ويحاول إقناع آرام بقراره فبرغم كل عذاباته وعدم إحساسه بالإنتماء لأحد إلا انها هي وآسر الوحيدين الذين يمثلون هويته وهناك آخر ..حمدتغرب عن نفسه بإرادته حين سار بطريق الظلام وحالف انصار الشر الذين يرتكبون الجرائم بدن بارد هو الآخر يفر من ذنبه وخزيه أمام والديه فهل ينجح هو الآخر بذلك ☆ مزيدا من الوقت☆ احيانا تقف القوانين واللوائح والعرف حتى أمام بعض المهام التى لا تحتاج سوى قليل من الوقت ولو توقف المرء عن إتمامها ستكون العواقب وخيمة فهل تسمح روح القانون بذلك وبعدها لكل حادث حديث الجميل سليمان والذى سيتم إيقافه يسعى بكل جهده لإتمام مهمته في القبض على بانثر وإنقاذ حياة حمد فهل يسمح له قائده بذلك ويخلي عنه قواعد جامدة لا معني لها وبالفعل يتمكن سليمان من إتمام المهمة بل وإنقاذ حمد من يد بانثر باللحظات الأخيرة وكأن ما كان يحتاجه حمد هو الآخر بعضا من حياة ..لمزيد من الوقت... وفرصة أخرى يبدا بها حياة جديدة وعلى جانب نجاته تكون جنان هي جائزته الكبرى وقد جائته راغبة لا راغمة تحمل بين حناياها حلما وليدا سيجمع بينهما إلى الأبد والوقت ايضا هو ماكان يحتاجه عبد العزيز لتقويم نفسه وتصحيح مفاهيمه والثقة بان ماريا له وتحبه وحده وأن هذا الطفل القادم هو الرابط الوثيق بينه وبينها وبين إخوته فتستقيم الامور أخيرا دون نكوص للخلف ثانية ☆رد إعتبار☆ عند الخطأ بين أشخاص عاديين يكون الإعتذار واجبا وعندما يكون الامر ظلم بين وإهدار كرامة ومكانة إنسان ونفيه من محيط العزة والكرامة فالواجب هنا هو رد الإعتبار بالتكريم ورد مكانته إليه مجد وقد إستعاد حياته أخيرا بحياة مبنية على قواعد وأسس سليمة دون تشويش للصورة من قبل سدن ثم تكريمه بزيه العسكرى وحضور عدى من أجله لهو منتهي الروعة ورد الدين وخير خاتمة لروايتنا الاكثر من رائعة سلمت حبيبتى كل الحب والود والسعادة لقلبك | ||||
25-09-24, 08:35 AM | #326 | ||||
نجم روايتي
| مرحبا حبيبة قلبي هومة *المشهد الاول على قدر حزنه إلا انك ابدعتي وبكل إيجاز في توضيح حال عدي *وتلك آرام لا تحتاج لكل هذا الإقناع فهي ستتبعه إلى آخر الارض *بينما تبرعين بنفس الشكل وإن كان لاسباب اخرى في وصف حال حمد والمشهد كله رائع إختلط فيه الواقع بالخيال حداني للتساؤل هل حمد بالفعل على تلك الطائرة أم هو يحلم؟ *رائعة أنت في كل المشاهد حبيبتي فها هو سليمان المخلص المتفاني في عمله ترسمين له صورة مميزة وهو يسعي لإقناع قائده بإتمام مهمته *بصراحة يا قمر كل المشاهد تحفة فكم صورت نجاة حمد بمعجزة بشكل مبهر و أيضا خروج جنان بكل ضعفها من منزل أبيها الفاسد الظالم معجزة أخرى *والحوار الرائع الذى أدرتيه بينها وحمد بالمشفي كأن كل ما كان.. ما كان وتلك هي البداية الحقيقية دون النظر للحظة واحدة من الماضي *بينما مشهد حديقة الغروب فرائع فعلا ختمت به زمنا من سوء تصرف عزيز تجاه ماريا رغم حبه لها *وكم جاء لطيفا جدا تصويرك صبره على ماريا وفرحة أولادها برؤيته وإطمئنانهم بجانبه *لكم كنت اتعاطف مع مجد طوال روايتنا الجميلة وقد أثلجت صدرى بعودة سدن قلبا وقالبا إليه *وكم برعت يا جميلة في نقل مشاعرها الصادقة و المحبة له *وايضا تلك اللفتة الرائعة بحضور عدي لحفلة تكريمه وإحتضانه له كخير خاتمة لاجمل رواية وما بعد وماقبل كله خدعة كما قلت فالمشاعر الصادقة والاخوة الحقيقية هي الأبقي وربما ذلك المعنى هو المغزى لروايتنا الجميلة دمت ودام إبداعك الراقي | ||||
25-09-24, 08:46 AM | #327 | ||||
نجم روايتي
| حبيبة قلبيsaan marteen الجميلة إلهام الفصل رائع يا قمراية وهو ختام ملائم جدا واقعي جدا وليس خيالي يلائم أحداث الرواية ويتفق مع مضمونها والمغزى الذى اردتى توصيله للقارئ بفصول مترابطة لم ينفك عقد حبكتها منك وجاء الوصف والسرد والحوار متميزا باسلوبك الهادئ الراقي وصولا لحل كل العقدة بشمل منطقي سلس جميل لم يخل من الجانب الخيالى والنظرة العميقة وقناعة كاتبة مبدعة مثلك لقد إستمتعت اختي بكل لحظة تابعت فيها نزف قلمك الصادق ونبض قلبك فيما تخطينه فلك جزيل الشكر على هذا الإبداع الراقي وأنتظر منك يا جميلة الدعوة لرواية جديدة من إبداعك في أقرب وقت مهما كانت الظروف يا نور عيوني حافظى على موهبتك الرائعة وعاودى الكتابة مرات ومرات فأنت بحق كاتبة محترمة ومميزة مع تمنياتي بالتوفيق في كل حياتك أختي إلهام لك كل الحب والود والتقدير حضن كبييييييير | ||||
29-09-24, 05:01 PM | #330 | |||||
| اقتباس:
عزيزتي شيزو، أود أن أعبر لكِ عن امتناني العميق لكل الدعم والمساندة التي قدمتها لي طوال فترة كتابة الرواية. كنتِ نعم القارئة والشريكة في هذا الرحلة الإبداعية، وكلماتك المشجعة وآرائك القيمة كانت دائمًا تدفعني إلى الاستمرار وتحسين عملي. وجودك بجانبي في هذه التجربة كان له أثر كبير، ولن أنسى أبدًا مدى تأثيرك الإيجابي على هذه الرواية. شكرًا من القلب، وآمل أن أواصل الكتابة وأنا أعلم أن لديكِ كل هذا الإيمان بي. مع خالص الود، [الهام] | |||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|