اليوم, 12:26 AM | #181 | ||||||
كاتبة في منتدى القصص والروايات المنقولة
| الرياض قرأت شيئا مشابها لوضعها في السابق، تشعر انه يصفها تماما.. بعد أن كانت تراه شيئا مرعبا وقتذاك، الآن تقر.. أنه مرعب بالفعل بينما تمرّ به! ( في الليلة الأولى بعد الانفصال سوف تشعر بثقب أسود في صدرك، سيسكن البرد معدتك وسيكون التنفس مؤذي جسديا بالنسبة لك، ستدخل في حالة نوم رهيبة ). هذا ما مرّت به بالضبط.. إلا وأنها وأخيرا تمكنت من الاستيقاظ من سباتها العميق، وانتهت أيام حالة النوم الرهيب بالنسبة إليها. تمكنت من استعادة رشدها. بفضل الله ثم عائلتها. تيقنت هي، كما تيقنّ اخوتها ووالديها، ان الفراق هذه المرة واقع لا محالة، وأنها ليست كباقي المرات السابقة ( مجرد نزوة ) أو مرحلة غضب عابرة. لذا لم يدعها احد بمفردها، لم يتركوها لتغرق في الأحزان وتتعمق بها. علموا جيدا بعد معرفة أنها بدأت تتذكر كل ما حصل في الماضي وأنها كانت تتحمل وحسب، إنهم لا يجدر بهم تركها تعيش هذه الحالة بمفردها، عليهم إجبارها على التخطي والتعافي في أقرب فرصة ممكنة. وذلك كان ممكنا فقط باقتحام عزلتها في كل لحظة، واستيقاظها في الصباح الباكر لتصلي فرضها أولا ثم تقرأ وردها من القرآن وأذكارها، ثم تناول فطورها وأدويتها عقب ذلك. إن أرادت أن تختلي بعدها! فلها ذلك! ربما تصلي وتدعوا أو تقرأ المزيد من صفحات القرآن، أو ربما تعود للنوم. يعودون للاقتحام مجددا مع آذان الفجر، تصلي وتتناول غداءها ثم تعود للقيلولة. اقتحام ثالث مع آذان العصر، لا ينتهي أبدا حتى قبل ساعات قليلة من منتصف الليل. حتى وان تجاهلت وجودهم وتظاهرت بالنوم فإنهم لا يتركوها بمفردها أبدا إلا إن أرادت النوم حقا. لا تدري كيف ستتمكن من شكرهم وإظهار امتنانها لهم.. لكن الأكيد أنهم لا ينتظروا منها شيئا، فقط رغبوا باعطائها كل شي من قلوبهم، كما فعلوا دائما منذ أن كانت طفلة. أنّى لها أن تشعر بالحزن إذن؟ ليس هناك للتفكير على الإطلاق. تشعر أنها في انشغال دائم بينما هي على فراشها طوال اليوم. تسمع صوت آذان الفجر وهي مستلقية، استيقظت تلقائيا قبل الأذان بدقائق، تتوقع مجيء أحدهم. نهضت سريعا، اتجهت إلى خزانة الملابس، وقفت أمامها لحظات.. تختار شيئا لائقا. وخلال لحظات كانت تقف تحت الماء البارد، تشعر بالانتعاش وبالحياة لنهوضها بمفردها وبرغبتها الخاصة دون أن يجبرها أحد. فزعت ووضعت يدها على صدرها وهي تسمع صراخ أحد إخوتها الأصغر منها: يمه سيلين ما في، اختفت. تنهدت وهي تضحك وتهزّ رأسها، سمعت صوت أمها المفزوع بعد ذلك: يمه وينها وين راحت؟ تنفست براحة وهي تسمع صوت خرير الماء، لتقترب من الباب تطرقه بلطف وتسأل: سيلين انتِ… تحتاجين شيء؟ ابتسمت بحزن، بالتأكيد كانت ستسأل ان كانت بخير، أرادت التأكد من أنها لا تغرق نفسها في حوض الاستحمام مثلا! قبل ان تغير سؤالها: - لا يمه ما احتاج شيء. أنهت استحمامها سريعا لتبعد عن والدتها تلك الشكوك والمخاوف، وهي تقاوم الدموع بقوة مدهشة. تقنع نفسها وترغمها على تقبل أنها بخير وأنها لا يجب أن تتعمق في الحزن أكثر. حين انتهت خرجت تجفف شعرها وتبتسم لوالدتها التي كانت تجلس على الأريكة تسبح الله وتستغفر، اتضح القلق جليا على وجهها، كما توقعت سيلين بالضبط. قبل أن تنهض الأم أسرعت سيلين نحوها، جلست عند قدميها ووضعت رأسها على فخذيها دون أن تنتظر شعرها ليجف، قائلة بصوت خفيض: - يمكن لأني من زمان ما وقفت كثير دخت شوي وأنا اتروش، عادي تقرئي عليّ؟ ما فيني قوة أوقف للصلاة حتى. أخذت الأم تمسح على رأسها بلطف، تنفث عليها بين الحين والآخر، تشعر سيلين بها وهي تبكي، ثم تسقط دموعها الحارة على جبين سيلين التي تتظاهر بأنها لا تشعر. تسمع أصوات خطوات كل دقيقة والثانية، تعرف أنهم إخوتها، يأتون للاطمئنان قبل ذهابهم إلى المسجد. انقبض قلبها بشدة وهي تستوعب تلك الحقيقة للمرة الألف، إنها أشغلت عائلة بأكملها، أقلقتهم عليها حدّ الموت. استنشقت هواء عميقا وحبسته مع دموعها، ثم اعتدلت بجلستها تمسك بيدي أمها تقبلها بحب: - ما انحرم منك ماما. تأملتها لبعض الوقت، بتقاسيم وجهها الحنونة ونظراتها المليئة بالحب والشفقة! لا تدري كيف ظنّت يوما أن هذه المرأة تكرهها! مسحت الأم على رأسها مجددا ووقفت تنوي العودة إلى حجرتها، لتوقفها سيلين بقولها: - ماما، خلاص بسوي العملية. التفتت اليها والدتها مصدومة، تبتسم سيلين وعيناها على الأرض: - خلاص اكتفيت، السبب اللي خلاني أأجلها انتهى. تظن أنها بذلك تؤكد لها اكثر أنها انتهت من ثائر للأبد، وتوكّد لها أنها بخير، أو قررت أن تكون بخير! لكن الأم كانت أفكارها مختلفة، دقّ ناقوس الخطر! ____ اللهم ارحم مارية وأعمامي وأجدادي وجميع أموات المسلمين، اغفر لهم وعافهم واعفُ عنهم، برد قبورهم وأرِهم مقاعدهم في الجنة يارب العالمين، اللهم آمين. اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. | ||||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|