|
مشاهدة نتائج الإستطلاع: أفضل شخصيه ظهرت حتى الأن | |||
أوس | 33 | 37.50% | |
دانيه | 25 | 28.41% | |
ارين | 14 | 15.91% | |
طلال | 14 | 15.91% | |
جُنيد | 33 | 37.50% | |
شيخه | 5 | 5.68% | |
فيض | 2 | 2.27% | |
وجد | 8 | 9.09% | |
ميلاد | 1 | 1.14% | |
المُثنى | 7 | 7.95% | |
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 88. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
21-05-23, 03:47 PM | #465 | |||||||
| اقتباس:
أسم محبب سقط سهواً :'( مسـك الدجـى أقدع شخص بالتحليلات ()()() | |||||||
21-05-23, 04:11 PM | #467 | ||||||||
| اقتباس:
ياحبيبتي يا قسيس ♥️♥️ اقتباس:
| ||||||||
22-05-23, 12:22 AM | #469 | ||||||
| الفـصل السـابع عشر .. الفصل السابع عشر (17) ' ' لا تلهيكم الرواية عن الصلاة والعبادات لا إله إلا الله وحده لا شريك له لهُ الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير - ' ' [ كيفَ للقلبِ الضعيف أن يستقر على الكُتمان وكيف لعقلٍ سليم أن يصمد قبل وصولهِ حافة الجنون وكيف لروحٍ حية أن تستقر على الحياة قبلَ غُفرانِها لطعنه الكذب] ~أوس ' ' رفعت راحة كفها الفارغة إلى مُنتصف صدرها وانفّاسها أصبحت تضطربُ عليها وصوتها يتهدج : كيف يعني ماهو من دمي لكنه من لحمي؟ ظهرت ابتسامة هادئة على مُحياة وذكرى يوم معرفتهِ بأنه ابن من أصبح لهُ اشدّ من الصديق والرفيق : أخذ من لحم امه لكن دم ابوه كِنان الله يرحمه يمشي في عروقه يا أم سيّار وهو عايش عند عمة غيث وجدته عهود يتربى تحت رعايتهم. انفاسها أصبحت تترنح و قلبها رُبما توقف عن النبض لثوان معدودة وعاد مرة أُخرى ، حدقتها مصوبة في منتصف صورة لكِنان تتزين ببرواز تستقرُ على الطاولة أمامها ، كفها الاخرى تقبضُ بشدة على راحتها حتى جرحتها بأظافرها طويلة ، تحاول تهدئه نفسها و أن تأخذ الموضوع بشكلٍ هادئ اسبلت أهدابها ونبرة قاحلة تتمركزُ على نبرتها برسميه محاولة إخفاء إجهاده المفضوح : أنا مضطرة اسكر الحين وعلى موعدنا بعد صلاة العشاء ان شاءالله نتقابل. اغلقت الهاتف ورمتهُ بقوة على الأرض وقفت تسيرُ في أرجاء القبو وصدرها أصبح يزداد في درجات الانكتام إلى أعلى المستويات التي تجعل من عملية الشهيق والزفير صعبة عليها ، أحلامها عنهُ كانت حقيقية و خيالتها التي تُصحابها قبل نومها انهُ أمامها ستكون واقع عمّا قريب ، داخلها يتحشرج بضيق و أنبهاج و بداخلها غبطة من نّفسها الحزينه انّ أيامها المُبهجه أقتربت إليها. أنينُ غير مدرك يخرجُ منها و خطواتها تتجه صاعدة الى الأعلى لتخرج الى الفناء ، المنزل رُغم بوسعهِ ورُغم علو أسقفهِ إلا أنهُ كان يكتُمها فتحت الباب بقوة حتى ارتطم ظهرهُ بالجدار وأصدر صوتاً قوياً. خرجت توسطت الفناء الواسع الذي يأخذ حيزاً كبيراً من منزلهم فقط لأجل أن يدخل الهواء إلى رئتيها التي أصبحت عملية بضخ الدماء بها يواجه صُعوبه .. كانَ دخول غادي العائد من عملهِ لتوه على نفس توقيت خروجها ينظر لخطواتها التي تأخذ شكلاً دائري بسيّرها في الفناء وصوت انينها يصلهُ ، تغضنَ حاجبيهِ مما افعلهُ اتجه اليها بخوف من ملامحها المُحتقنه بلون الدماء سحبها من عِضدها بعد وقوفه الطويل ولم تُلاحظه هَجس لها بقلق اعتراه : أرين ! بسم الله عليك شفيك ؟ نظرت اليه ومحاجرها تغرق بأملٍ عاد لها بعد طوال الثمانية سنوات تلك بعد أيامها العِجاف ستُزهر ايامها مجدداً بعد حبس الفرح طويلاً داخلها أخيراً ستطلق سراحه بعد مدة لا حصر لها. هي بداخلها سعادة لو قامت بتوزيعها على كامل الكرة الأرضية لزداد الضعفُ لكن لا تعلم كيفَ لها أن تُعبر وكيف لها أن تتمالك نفسها أكثر. نظرَ إلى محاجرها الغارقة و شفتيها المُرتعشه تحاول إخراج كلمة واحدة فقط تسدُ مجرى ما سمعتهُ من ذلك الغريب لكن لم تستطع كُل ما يخرج منها انينٌ مُؤلم انينُ يدُلها على حياة جديدة ، حياة بأن الأمل عادَ لها مجدداً. اتسعت محاجرهُ من خوفهِ عليها وارتعاش جسدهِا بين كفيه حتى أصبح يحملُ ثُقلها لتغيب بتلاحم أجفانها ببعضها. إلتبسهُ الخوف وبصرخه ما إن تراخت من بين كفيه : اريــن !! ترك ما كانَ يحملهُ من بينِ كفيهِ وسقط أرضاً ، حمل جسدها الضعيف وكأنهُ يحمل أغصان يابسة من خفتها ، لحُسن حظه أن الباب كان مفتوح بسببها فورَ خروجِها دخل الى الداخل المنزل يصرخ مُنادياً والدتهُ بصوتٍ هزَ اركان المنزل و يعيد النداء مراتٍ عديدة لم يجد إجابة. والدتهُ الجالسه برفقة طلال في صالة المعيشه أرعبها صوت صراخه وتصلبت قدميها من صوته العالي خشية حدوث مصيبة ما نظرت إليه تغضن جبينها تحاول استدراك ما يحملهُ بين ذراعيه الغليظة بشهقه وقفت مسرعه قدميها لم تستطع الحركه وقد تصلبت في وقفتها قبل أقلِ من رُبع ساعه كانت بخيرٍ أمامها ما الذي حدثَ لها ! ضربت راحة كفها بصدرها ونبرة فازعه تخرج من ثغرها : يمه بنتي وش فيها؟ ليش شايلها ؟ نظر إلى طلال لحُسن حظه انهُ لا يزال يتواجد هُنا : تكفى يا خالي وصلنا المستشفى الظاهر انه منهاره من شي بس ما ادري من ايش. كانَ بإمكانه أن يكشف عليها في المنزل دون الذهاب الى المستشفى ، لكن ما حدث لها أمامهُ و لشقيقته نزع منهُ كل شيء يخص مجالهُ الطبي حالتها تلك كانت أول مرة يراها بها. عاد ينظر إلى والدته مردفاً بعجله : يمه جيبي شي يسترها بسرعه. لا تزال لم توطّد من مكانها ومحاجرها تُرمق ابنتها التي اصبحت كجُثه بين ذراعي شقيقها وذراعها اليسرى تتدحرجُ بالهواء ، هرِع طلال لثوب الصلاة الأقرب لهُ في سترها. خرج الاثنان وهي التي جلست على العتبة المرتفعة لغرفة المعيشة وصوتها النابس يتحشرج وتنظر إلى السقف : يالله استودعتك الله ياروح امك يارب احفظها يارب لا تورّني فيها مكروه يارب لا تزيد حالها يارب. نزلت فيض الهارعه من صوت صراخ عالٍ ملأ أرجاء المنزل وقفت في منتصف السلالم تبحث عن مصدره لكن لا وجود له حتى سقطت أنظارها على لوالدتها وملامحها التي شَحُبت اقتربت بتردد اليها بخوف منذُ حديثها معها في غرفتها ذلك الفجر فكانت تحبسُ نفسها في حجرتها طوال تلك المدة خشية من مواجهتها مرة أخرى انحنت إليها بتردد وكفيها تحتضنُ بعضها : يمه وش فيك ، صاير شي؟ وقفت بصعوبه وهي تُشير إلى الاعلى بأمر لا نقاش به وصوتها مبحوح : روحي جيبي عبايتي وشنطتي و دقي على جرس السواق بسرعه عجلي علي يا فيض. لم تتحرك من مكانها واستقامت بظهرها تنتظرُ الجواب منها بحيرة: ليش صاير شي ؟ سمعت صراخ من شوي ! الجمتها نظرة محاجرها لتتجرع ريقها بصعوبة : اخلصي يا فيض جيبي عبايتي اختك طاحت على غادي واخذها مع خالك المستشفى ما ادري وش اللي فيها. شهقت بصوت مصدوم وكفها تستقرُ على ثغرها : يمه أختي ، ليش وش فيها. اسبلت والدتها أهدابها وقد نفذ صبرها و انفجرت عليها لتقف وصوتها يرتفع : اقولك ما ادري وش فيها عجلي علي يا فيض. جرتّ لتُنفذ ما اخبرتها والدتها بهِ لم تستغرق سوى ثلاث دقائق حتى أصبحت أمامها مجدداً ، نظرت لها ترتدي عبائتها على عُجل لتهمس إليها بتردد واناملها تتخلخل ببعضها : عادي أروح معك ؟ الجمتها نظرة والدتها للمرة الثانية وأنصب الرُعب عليها : لا ماله داعي مالك طلعه من البيت الا للجامعه. تنهدت بضيق وهي تحتضن شفتيها تعصرها بين اسنانها بضيق ، تريد تبرير موقفها تريد الدفاع عن نفسها لكن ليس بالوقت المناسب ، نظرت لوالدتها تخرج خارج المنزل وقلبها وعقلها قدّ انشغلا في شقيقتها حتى أنهُ ليس هناك أي طريقة تتواصل بها قد مللت من حالها و انفرادها بنفسها عادت للصعود لمذاكرة ذلك المقرر الذي قد حفظتهُ عن ظهرِ غيب من كثرة مذاكرتها له ، بعد مرور ثلاث ساعات نزلت تحمل أوراقها لتجلس في الاسفل رُبما يأتون قريباً. نظرت الى إحدى العاملات تسيرُ وبين اناملها صينية القهوة التي كانت تحتسي منها والدتها وطلال قبل ماحدث طلبت منها استعاره هاتفها ولحسن حظها انّها تحمل رقم طلال في هاتفها اتصلت عليه وطمأنت بحالها لينسكب الارتياح إلى جوفِها قليلاً. جلست في صاله المعيشه احتضنت ساقيها الى صدرها واتكأت بذقنها على رُكبتها تقلب محطات التلفاز بملل قدّ طال. سمعت صوت سلام أوس الذي عاد لتوه من الخارج لتُجيبه بردٍ هامس و تنُزل قدميها بستحياء منهُ ، لاتزال تشعر بخجلها منهُ وتذبذب علاقتهما كأخوان فربما هي الأقل قرباً منهُ والحديث معه منذُ عودتهِ حتى بعد ما حدث بينهما سابقاً كانت تختبئ عنهُ كثيراً من خجلها وما إن يجلس في جلسة ما تهرب خشية من انهُ قد يفضحها امام والدتها. انزل شماغهُ الاحمر و وضعه الى جانبهِ رفع رأسه ينظر إليها ليسألها : امي وينها ؟ بالعاده هالوقت جالسه هنا ! احتضنت كفيها وبترددٍ لتُخبره بفرقعه أناملها وتوجس يحيطها: ارين اغمى عليها و راحت مع طلال وغادي وامي لحقتهم. نظرت الى ملامح الصدمه ترتسم عليهِ بقلق وخوف وانحنائهُ تجاهها : نـــعم ، كيف ! دون أن تشعر بنفسها أبتسمت و رفعت كفيها اليهِ لتُريحه بحديثها وهتفت بهدوء : لا تخاف صحت الحمدلله توني اتصلت على خالي طلال وقال صحت بس راح يحطونها تحت الملاحظة إلى بكرا أو إلى ما تطلع تحاليلها وتكون سليمة. لاحظت أرتخاء ملامحهُ وعاد الى وضعه متكئ بظهرهِ على الأريكة : زين الحمدلله ، الله يطمنك. سمعتهُ يُجري اتصالاً على والدتهِ يطمئن على حال شقيقته ولم يدوم طويلاً حتى اغلقهُ و تمددَ على الاريكه بطولهِ وهاتفهُ بين كفيه ، وهي الأخرى تشعر بتردد بِما يحوم في لسانها منذُ ذلك اليوم لسؤاله زفرت نفس عميق وجمعت أنفاسها تستجمع قواها لتهتف إليه : اوس. التفت ينظر اليها وتجمدت حواسها من نظراتهِ بعينيه الواسعة لتُردف بتوتر : عادي اسألك سؤال ؟ عاد للجلوس منحني بظهره قليلاً ويرتشف من الكوب العازل للحرارة الذي دلف وهو بين أنامله رفع نظرة إليها مُبتسم : ليش تسألين ؟ اللي بخاطرك طلعيه بدون استئذان. مسحت كفيها ببعضهما والتوتر يشيخُ في خلاياها من نظرته الطبيعية لكن بالنسبة إليها كانت مُخيفه ومخيفة جداً : هو صدق نديم خطبني أو كنت تبغى تختبرني ؟ تغضن جبينهُ من تلك الجراءة التي تتحصنُ بها ، تذكر دخول ذاك ورجائه منهُ بالخطبة وحضورة إلى مكتبه حدثهُ عن عاداتهم وتقاليدهم والكثير من الحديث والتمجيد بهِ وبعائلته فقط لأجل أن لا تذهب لغيره تنهد بعُمق من هذا الحديث وعاد ليتكئ بظهره على الأريكة : لا صادق جاء وطلبني طلب ما ارده باللي بيطلبه ، توقعت يبغى يتوظف أو يبي شي من المؤسسه لكنه صدمني لما قالي انا طالب قربكم من اختك الصغيرة ، قال عطني وقتي أكلم أهلي وأرد لك خبر ، وأمس أرسل لي يقول انه كلم أهله لكن يحتاج له وقته يقنعهم. اومأت برأسها وابتسامه تشُق ثغرها لمّ تلاحظها على نفسها لكنهُ لم يفوتها ، شعرت بشعورٍ مذهل يحوم في معدتها فراشات تُزقزق في بطنها صُراخ يرتفع في حنجرتها لكنها كتمته ونبضاتُ قلبها تعلو علواً يوترها. سمعتهُ بنبرة حانيه يُخبرها : أنا أسف على اللي صار لك من أمي الغلط غلطي المفروض ما قلت لأرين لأنك وعدتيني أنك ما تتواصلين معه صح ! نظرت لهُ بشيء من الاستغراب وجهلت لِما يتأسف لها ليُردف : يمكن لو تكلمت أنا بالموضوع بس وقتها كنت متنرفز من شغله و رميت الموضوع كله على أرين ولا كان ودي أني أقول إلا لأمي وبطريقه زينه بدون ما يصير اللي صار لك ، واللي صار لك من امي غلطتي انا. أعادت خصلات شعرها الناعمة و المستقرة على كتفيها خلف أذنيها لتبتسم لهُ بشيء قد ذهب ولا يمكن لهُ العودة: عادي أصلاً كان حِمل وراح الحمدالله وعرفت غلطتي بس عادي أطلب منك طلب ؟ تارة ينظر الى هاتفه وتارة أُخرى ينظر اليها ابتسم لطلبها : عطيتك طلبك يالغالية امريني. توردت وجنتيها خجلاً من حنانه عليها ، كانت كلماتهُ شبيهه بكلماتِ والدها في حنانهِ الخاص فقط عليها هي فقط ، بللت شفتيها بتوتر وملئت الهواء في رئتيها : عشان اللي صار امي سحبت اجهزتي منّي عادي تكلمها ترجعهم لي؟ وكأنك ما عرفت يعني عرفت بالصدفه من أرين مثلاً ! يعني لو وعدتها ما أسوي شي غلط ووثقت فيني ماراح اسوي اكيد كذا تحسسني أنها ماهي واثقه فيني ابد ، مو تاخذها مني كأني مراهقه ! اتضحت صفة اسنانهُ من ابتسامتهِ الواسعة ورفع سبابتهُ يشير بها على عينيه : ابشري لعيون عنقوده نسوي كل شي. اجابتهُ بأبتسامه لا شيء على طرف لسانها يمكن أن تخبرهُ سوى كلماتٍ قليلة : تسّلم لي و الله يسّلم عيونك من كل شر. عادت تنظُر الى أوراقها و صوت هاتفهِ يصدح بفيديوهات تتحدث عن الأسهم و عالمها رفعت رأسها تنظر إليه منذُ عودته وأحوال المنزلهم الهادئ قد تغيرت كثيراً لتهتف إليه دون إدراك : أوس انت مرتاح؟ التف ينظر اليها قاطباً حاجبيه لتُردف مبتسمه واناملها تدعك رقبتها بشكلٍ لا ارادي : اقصد صرت تحس انك من البيت ولا لسى ؟ خصوصاً أن البيت ما صار مثل أول بعد وفاة أبوي الله يرحمه وأمي صارت صارمة معنا بكل تفاصيل البيت وحتى بحياتنا. اومأ برأسهُ متفهماً ما تريد الوصول إليه ورفع كتفيه يجيبها بعشوائية : يعني ، لا زلت احس اني متشتت ماني عارف اذا هذا البيت بيت ابوي اللي اعرفه قبل عشر سنوات أو بيت ابوي اللي طردني وتبرى منّي أو ابوي اللي راضي علي بعد ما طردني ، بس يمكن لما اتزوج واستقر بشقتي بكون مرتاح أكثر ، وطبعاً هذا احتمال ماهو شي أكيد. شهقت بطريقه مُبالغه ودراميه أعتادتها ، واناملها تستقرُ على ثغرها : صــح ! فشله. أوس قطبَ حاجبيه فُجع من شهقتها الصبيانية العالية والغريبة بنظرة ! وقفت تسيرُ بأتجاهه لتُقبل وجنتها بوجنتهِ وتقبل رأسهُ قالت مبتسمه : الف مبروك يا أخوي الله يوفقكم ويجمع بينكم على خير نسيت ابارك لك منك المال ومنها العيال ودانيه صددق تستاهلك وتستاهلها. ضحك من شهقتها وتفاجأ من وقوفها وتقبيلها لهُ : الله يبارك في عمرك والعُقبى لك يارب ، فجعتيني حسيت شي صار. عادت للجلوس في مكانها و وقف هو الأخر مُتجه الى الاعلى ودون أن يلتف بالنظر اليها : لا تنادوني على العشاء مو مشتهي شي ابغى انام. نظرت لهُ يصعد وحدقتيها تتبعهُ وأذنيها مصغية حتى سمعت صدى إغلاق باب حُجرته جاء الى اذنيها ، وقفت ترقص بمكانها وقدميها تضرب الأرض لتدور حولَ نفسها وذراعيها تحتضنُ جسدها بفرحه استحوذتها بأنهُ بالفعل نديم قدّ قام بخطبتها بالفعل ولم يكن فخ منهُ : يا الله يا فيض انبسطي استانسي طيري من الفرح يا فيض حبيبك بيصير من نصيبك. ' ' تعقدُ ساعديها و تهزُ قدمها بمبالغه من رفض والدتها ونهرها بسبب ما اخبرتها بهِ لتوها وفجعتها بحديثها عالمه رُبما النهايه ستكون من نصيبها إذ أدخلت عمها في موضوعها أو وضعت خطة ما تنكسر أمامهم لأجل قبولهم. حتى سمعت والدتها بصوت يمتلئ وعيد وتهديد : دانيوه اسمعيني زين انا ملكه رجال وكان ودي فيها كبيرة وسنعه لكن رفضتي و سكت لكن ياخذك سكيتي وعقبها نسوي العرس مدري العزيمه اعقبي أبي أفرح فيك انتِ بكري ابي ازفك و ارقص بعرسك وش الخراط الفاضي هذا ! التفت اليها ولوزيتها الغاضبة كادت أن تُخرج الشرارات منها من تكرار الحديث منذُ جلستها : يمه أنا ما يهمني العرس و خساير على قلة سنع وناس تخلص من العرس تحش وناس مو عاجبها شي واعزم ناس ما أعرفهم ولا يعرفوني بحجة أيش ! أنهم من قرايبي اللي ماعمري بحياتي شفتهم ، وتعرفيني وتعرفين طبعي ما أحب الاوفر والمبالغة والاشياء الكمالية هذي .. لذلك هذا احسن قرار ممكن يناسبني قلت لك افرحي فيني بس بعد السفر. ضربت والدتها راحة كفيها بفخذيها بغضب اعتراها من عناد أبنتها : انا ما ادري وش هو مسوي لك فارّ لك مخك على هالسوايا ! .. وشفيها لا انزفيتي له هاه ! وفرحت فيك وفرحت فيه أمه هو بعد اللي بعرسه من الأوليه ماعرفت الا بيومها ! ظهر صوتَ تنهيدتها بأسى وهي تنظر اليها برجاء واتضح بصوتها الملل من تكرار الحديث نفسه منذُ رُبع ساعة : يمه قلت لك لأنه لي اسبابي. سمعت عمّها الذي كان صامتاً طوال الوقت يقلب عدة أوراق بين كفيه بعد أن رفع نظره اليها وأنزل نظارتهُ الطبية إلى أرنبة انفهِ : والسبب ؟ صمتٌ طال .. وحديقتها ترتكزُ على حدقتيه بنظرة عميقة فهم المغزى منها زفرت نفساً عميق وبعد صمت طال نطقت : بيني وبينكم ولا ودّي الكلام يطلع لأحد. ترددٌ بالغ التبس حديثها عضت على شفتيها من الداخل و أردفت : ابغى ابدأ معه علاج سلوكي واحتاج أني أكون قريبه منه بأسرع وقت و مراقبته واكون حوله. نقلت حدقتها اليهما ونظرت لعلامة التعجب التي ترتسم على ملامحهم ليهتف سعود اليها بهدوء : والعلاج ما يتأجل شهر شهرين ! لازم بعد اقل اسبوع. انزلت عُقدة ساعديها لحضنها لتتأمل اناملها وأفكار لا تَفُك ولا تتراخى في عقلها : كل ما كان العلاج بشكل مبكر كان احسن له وبعد لي. الجوهره وحدّة غضبها تعتلي بشكلٍ مُفرط ارتفع صوتها عليها بحنق : هالحين انتِ يوم انك تزوجتيه عشان تعيشين حياة شريك وشريكة تكملون حياتكم مع بعض ولاعشان تعالجينه ؟ وقفت تُعدل هندامها وكأنها رسمت خطتها لتجعلهم يرضخون إلى قرارِها والأمر الواقع : الاثنين ، المُهم انا عطيتكم قراري مو استأذن منكم ، عن اذنكم. نظرت اليها الجوهره حتى صعدت واختفت من امامهم لتضرب كفيها الحانقه ببعض وشدة اعصاب تكبتُ غضبها عن طريق صفعات متتالية لراحه كفيها : ولله العظيم أن بنتك انهبلت ياسعود ! من اعرست وعقلها صاير يلاحق وراه ! سعود بهدوء يلتبسهُ منذُ جلوسه : دام هالقرار قررته هي تتحمله وقالت لك زواجها سويه مختصر بعد ما ترجع من السفر ما تفرق عاد. لم تُعحب بحديثِ زوجها وبرودة فيما يخصها : اشوفك يا سعود من تملكت على ولد أخوك وأنت مخليها على هوى دارها و المزاج اللي تبيه ؟؟ ترك ما بين كفيه ونظر إليها ليفهم مُراد حديثها تنهد من تفكيرها و بلهجه حازمه لا يقبلُ بها النقاش : البنت بنتي وبكري ومكانها بأول القلب الى هالحين ، لكن الحين صارت على ذمة رجل وانا ما صرت ولي أمرها زوجها هو ولي أمرها تسوي اللي ودها فيه مالنا اي شور او رأي عليها . كبحتّ البراكين التي تغلي من غضبها ولم ولنّ ترضى بما اخبرتها وفرض رأيها امامها بتلك الطريقة الفضة ، وضعت قهرها في تناول القهوة والتمر التي أمامها. لم تمر ربع ساعة حتى نزل المُثنى القاطن في حُجرته بسبب رسالة لوالدهِ يخبره بالذهاب معهِ الى مكانٍ ما : امرني يبه محتاج شي؟ وقف سعود بعد ان رتبَ الأوراق وادخلها داخل الملف ووضعها على مكتبة التلفاز .. ودون أن ينظر إليه : بروح لي مشوار وابيك توصلني له هالحين. نظرت اليهْ الجوهره بحاجبين معقودين .. هتفت بضجر : وين ؟ ما قلت لي أنكم طالعين ؟ وقت عشاء هالحزة ! نظر لها وكفيه تتلمسُ جيبي ثوبهِ يحاول استدراك انهُ لم ينسى شيء خلفهِ : مشوار قريب وراجعين ماراح نطول. المُثنى سار خلف والدهِ مبهوت لِما يريدهُ أن يذهب معهُ حتى صعد الاثنان الى السيارة وحركها المُثنى خارجاً من الحي. أرفق والدهُ هاتفهُ إليه القى نظرة قبل أن يلتقطه كانَ على خرائط الاتجاهات : امسك روح للمكان اللي ثبت عليه الطريق. نظر لهُ وتناول هاتفهُ ليثبت الهاتف على المغناطيس : وش هو المشوار اللي ضروري أروح له معك ؟ لم ينظر إليه ونبرة حُنو تُسيطر على مشاعرهِ لابنه المريض المُهمل : لأنك أساس هالمشوار يا ولدّي. لم يفهم مغزى حديثهُ ليذهب برفقتهِ إلى ما دلتهُ الخرائط حتى توقفت سيارته أمام مستشفى ما ، التف بكامل جسدهِ ينظر الى والدهِ وخوفٌ اعتراهُ من انه رُبما مصاباً بشيء ما ناسياً ما بنفسه .. اتضحت نبرة صوتهِ الخائفه : يبه بسم الله عليك فيك شي ؟ ارخى والدهُ حزام الأمان ونظر اليه مُشيراً برأسهِ : مافيني الا العافيه في أستشاري أورام هنا رفيق لي من زمان كلمته بستفسر عن حالتك و قال أجيبك له يشوف حالك. نزل واغلق الباب تاركاً إياه في دوامه تشتت ليس بحاجة إلى أن يتم تشخصيهُ من جديد فهو يعلم ما حالتهُ وعلاجها لا يزال متوفر ( تليف الكبد ) ليس بذلك المرض القاتل. تنهد بضيق ، اوقف سيارتهُ ونزل ليُحاذي خطوات والدهِ مُسرعاً حتى اصبحَ خلفه : فيه عيادات تشتغل هالوقت يبه ماله داعي انا عارف بحالي وحالتي الحمدلله ما هي خطرة. وقف والدهُ من امامهِ ليقف هو الآخر مُتفاجئ منهُ كاد ان يرتطم به التف سعود ينظر إليه من خلفه واحتدت نبرة صوته : لكن عند ابوك خطر أنا بنفسي ابي اشوف تحاليلك وامورك اللي انت تراجع مرضك عنده خله لك لكن اللي رايحين له الحين لي أنا ولا تخاف الرجال قايل لي اجيبك بعد ما ينتهي الدوام كرم منه جالس ينتظرنا خارج وقت الدوام. احتضن شفتهُ السُفلى فوق العُليا و اومأ لهُ برأسهِ ويخبرهُ باستسلام : ابشر اللي تبيه يصير يا يبه. أصبح يتعايشُ مع مرضهِ الذي يخشى من والدتهِ أن تكتشفه صدفه ملتزماً بمواعيد ادويتهِ وملتزماً بتعليمات الطبيب لهُ بالإضافة الى جلسة أول علاج كيماوي قد اقتربت ، شعر بندم طفيف بأنهُ أخبر والده عن أمره خاشياً من انشغالهِ وتفكيرهِ بهِ. مرت ساعة ونصف راضخٌ إلى كُل ما يُطلب منهُ وربما قد حفظها لأنهُ قد فعلها أكثر من مرة إنتهى من كشفه وعاد الى المكتب الذي يستريحُ به والده نظر له منحنياً يتأمل اناملهُ التي يسبح بها "الباقيات الصالحات" القى السلام وجلس مقابلاً لهُ ، لاحظ على والدهِ الإجهاد في ملامحهِ وقلة النوم والمكوث في عملهِ طويلاً مؤخراً ، وقلة جلوسهِ معهم في وجبات الطعام. زفرَ انفاسهُ و ادخل من السكينة القليل في جوفه ، أبتسم لأبيه بحنّيه : ميلاد قال لي إنهم بيطلعون المزرعة هو أوس نهاية الأسبوع .. وش رايك تريح نفسك هاليومين ونروح معهم ؟ واضح انك تعبان ومهلوك من الشغل ! انتصب ظهرهُ ونظر إليه متغضن الجبين : وانت شايف علي تعب؟ ولا شكيت من تعب شغلي ! الحمدلله لا ضغط ولا شي غيرة. ابتسم من جفاف والدهِ فيما يخص تعبهِ واجهادهِ الذي لا يُفضل أن يُسألَ عنه ودائماً ما يخفيه لنفسه وبالأخص المتعلق في عمله : يبه انا ولدك رّباك واذا ما أنا لاحظت تعبك وضيقك قلي مين بيلاحظ ، الراحة لك ملزومه بس الشغل ما يخلص .. ما يضرك إذا الغيت شغلك بالويكند وريحت راسك يومين بس ، بس يومين ماهو أكثر. استرخى سعود بظهرهِ ونظر لهُ وبداخلهِ غير مرحب بتلك الفكرة : لا جاء وقته يصير خير ، ما قلت لي وش سوو لك. تنهدَ بملل وانحنى بظهرهِ اتكأ بمرفقيه على بفخذيه : اشاعه و رنين و طلبوا خزعة لكن رفضت ماله داعي يبه أنا عارف اللي فيني و قلت لك عشان يصير عندك خبر ولا ودّي امي تدري بالمره ماني متحمل اشوفها ضايق صدرها علي. مضى من الوقت ليس بالطويل حتى دخل الطبيب ليجلس بمكتبه نظر لهُ سعود برجاءٍ خالص : بشر يا ابو عبدالله ان شاءالله خير؟ ابتسم لهُ الطبيب ليجيبه برحابة صدره : خير ان شاء الله يا أبو المُثنى خير لكن ما تطلع هالامور بسرعه يبغى لها اربع ايام الى اسبوع ويمكن أكثر بعد وارسلك النتيجه بأذن الله لكن لأنك عزيز بحاول اخليهم يطلعونها لك بدري، والمُثنى قدّها ان شاء الله ويقدر يتغلب على اللي فيه. ابتسمَ المُثنى من نظرتهِ مجاملة لحديثهِ ليخبرهُ ببعض التعليمات قد تزيدُ من الوقاية قد تملل من سماعِها في كُل مره يضعُ قديمه على أعتاب المستشفيات. خرجا بعد مدة من الزمن أخذت الأحاديث الجانبية منهم الوقت ، طوال الطريق لا يصدح بهِ إلا صوت اذاعه القرآن الكريم .. تلاوة هادئه بصوت القارئ "بدر التركي" يتلو تلاوة تمتلئ خشوع لسورة القصص (وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون﴾ ابتسم أنهُ في كل مرة يجزع بداخلهِ بينهُ وبينَ نفسه تأتي إليه أشياء رُبما مرسلة من الله تصبح كطبطبة على قلبه مثل معنى هذه الآية ، أخترق عقلهُ همهُ الأزلي و راودتهُ تلك الأحاديث في عقلهِ في كُل مرة يفكر بنفسهِ والمرضُ رفيقاً لهُ .. التفت ينظر الى والده ونظر لهُ يرسل رسائل صوتيه إلى احد ممن يعمل اسفلهِ حتى انتهى وهمس إليه: يبه. والدهُ دون أن ينظر إليه يصبُ تركيزه على هاتفه : سمّ. سحبَ شهيق عميق يدفعه للحديث واناملهُ تقبض على مقود السيارة حتى برزت عروقه : يبه إذا الله كتب وحالتي صارت أسوء وصرت محتاج احد يتبرع لي حلفت بالله أنه لا انت ولا خواتي يلمس المشرط اجسامكم. نظر اليه والدهُ لتقتحم الشكوك عقلهُ بما أخبره : اللي فيك شديد يا ولد ولا تخبي عن ابوك! نظر لهُ وابتسم معيداً انظاره الى الطريق يطبطب على روحه المرهقه : انا اعطيك وصيه قبل يتغلب المرض علي ، وأن شاءالله اني أنا اتغلب عليه وما يتغلب علي ثلاثين بالميه من معدتي فيها تليف قادر ان شاءالله أني أعيش باقي عمري على سبعين بالمية منها .. أنا واثق أني راح أتعداها ورحمة ربي واسعة. يلتهمهُ شعور الأسى ، وشعو الأهمال إن كان مرض الابن بتلك الطريقة سيُحاسب عليه يوماً ما ، دائماً ما كان يظنه قوي وذو همة ولا يمرض لكن كل أنسان في هذه الدنيا ضعيف ليس فقط بمرض إنما امورٌ أُخرى تجعل منه ضعيف ، تنهد بضيق وأومأ برأسهِ : ان شاءالله واترك ايمانك بربك قوي ، و الله يشفيك يابوي ويجعل مرضك هذا تكفير لذنوبك. ' ' | قبلَ ثلاث ساعات | دخلت الى قسم طوارئ المستشفى تخطي خطواتها بشكلٍ مُربك غير متزن تبحث عن طيف تعرفهُ حتى نظرت إلى طلال يقوم بتوقيع اوراقٍ على إحدى المكاتب اقتربت اليه هامسه : وينها بنتي وش فيها ؟ طلال ينظر إلى مُقلتيها الواسعه تتلالأ قلقًا على إبنتها .. تنهدَ و تغضن جبينه بالرغم من اتصاله لها قبل دقائق يخبرها بالجلوس وعدم المجيئ : الله يهديك وش اللي جابك مافيها الا كل خير على قول غادي الاكيد انه إنهيار عصبي بس ما ادري وشي اللي مخليها هالقد تنهار. شددت على عضدك وصوتها يتهدج وقلبها ينّفطر على ابنتها : والله من جت امس من هالمطعم وهي ماهي طبيعيه ماهي أرين اللي أخبرها ودي أعرف بس وش شايفه ولا سامعه مخليها كذا. انحنى اليها قليلاً وذراعه تحاصر كتفيها تشير بسبابته يسبر بها بقسم قريب من غرفة الطوارئ : أدخلي عندها هذي غرفتها وراح يكتبون لها ترقيد الليله وعطوها مهدئ مع المغذي و شكلها نايمه. دلفت إليها مسرعاً أغلقت الباب وخلعت غطائها عن ملامحها المضطربة .. جلست على طرف السرير بقربها وانحنت تنظر إليها بشعرها القصير المُبعثر يخبئ ملامحها تنهدتّ بأسى من حالها وأناملها ترتب خصلاتها على عينيها ، في كُل مره تقول بأنها طابت في حياتها يأتي عليها شيء يدكُ هذه الراحة ولا يجعلها تكمل طريقها، تتمتم بأسمٍ ما تنهدت والدتها بحالها الميؤوس. تذكرت ذلك اليوم الذي توفي بهِ كِنان ، تشعر انهُ ينعاد أمامها في وضعها هذا ، وبالفعل هو ينعادُ امامها دون علمها فذلك حدث نتيجة فاجعة ما سمعتهُ من رجلاً ادعى انَ ابنها حي يُرزق. دلف طلال وأغلق الباب بهدوء مدّ لها ورقة المرافق لتفزع بوقوفها قلقه : هاه وش قالوا لك. رفع كتفيه غير عالم ما بها : العلم عند غادي ما شفته ، توني وقعت على اوراق الترقيد وجيتك ما ادري وينه. “ســيّــار” التفوا إلى همهمات تصدر منها بصوتِ مُرهق لتهمس والدتها بحُزن : من جلست وهي ماغير تطري ( تذكر) اسمه وكل ما قلت خلاص عاشت حياتها تنقلب زيادة أنا ما ادري وش مسوي لها هالكِنان عشان حياتها من بعده تتدمر طول هالسنين ما اعرف هي نفسه فيه قبل يموت ولا مسوي لها بلا ! اقترب طلال بكرسي بجانب السرير .. أمسكها من عضدها يسحبها ليُجلسها: ارتاحي انتِ لحد ما يجي غادي ونشوف حالها. جلست بقربها واناملها النحيله تمسُد شعرها وشفتيها الرقيقة تتحرك بقراءة بعض الآيات لتنفث عليها بسكون ساعة ورُبما أكثر منها مضت عاد غادي واخبرها بحالتها وإلزامها على التنويم حتى الغد ، لتخبره والدته بالذهاب لإحضار بعض الحاجيات التي أخبرت بها العامله بأتصالها عليها وتجهيزها لها .. لأجل من تغرق بعالمٍ أخر على السرير ولنفسها ايضاً لمبيت المستشفى وايضاً ذهب طلال يبحث عن مطعم بالقرب من المستشفى لإحضار شيء لشقيقتهِ تتناولهُ رغم رفضها المتكرر حتى رضخت الى عناده ، لأجل أن لا تأكل أدويتها على معدة فارغة. مر الوقتُ طويلاً اتسعت محاجرها تحاول استيعاب ذلك السقف الغريب وهي تعقد حاجبيها بشدة التفت تنظر حولها قاطبة حاجبيها من نور الغرفه ناصع البياض المزعج حاولت الجلوس لكن تشعر أن جسدها مفتت لأجزاء صغيرة تحاول إدراك ماذا فعلت في يومها لتستيقظ متعبه لهذا الحد ! تذكرت حديث ذاك عن ابنها تنهدت بأنفاس مرتعشة حاولت النزول من السرير لكن شيء ما يمنعها من كفها نظرت الى ابرة المغذي المستقرة على ظهر كفها اليُمنى تجولت حدقتها حولها لتستوعب لتوها أنها ليست في حجرتها وأنها في مكان ينفرُ منه الجميع نظرت لوالدتها تتكئ بقبضتها على ذراع الكُرسي قدّ غفت بسبب طول وقتها الفارغ. عادت متربعه .. تنهدت بضيق نبست إليها بهدوء إليها كي لا تُفزعها : يمه .. يمه. فزعت والدتها لتنظر إليها تحاول استيعاب استيقاظها وقفت مُنحنيه إليها ورقة أناملها تمسح على وجنتها : بسم الله عليك يمّه تحسين بشي ، يعورك شي ؟ هزت رأسها بالنفي وصوتها المُتعب ينطق بإجهاد: لا بس وش جابني هنا وش اللي صاير لي! أشارت والدتها على نفسها ساخرة واستقامت و راحة كفها تضرب بظهرها : وش اللي جابك ! وش اللي صاير لك انتِ من امس وانتِ مو طبيعيه طحتي على اخوك وغطاك بجلال صلاة وجابك هنا. قطبت جبينها بضيق ورائحه المشفى البشعة تُرهقها اكثر : ابغى اطلع المكان والريحه يكتمون احس اني برجع اللي بمعدتي. عادت شيخه للجلوس وهي تلف طرحتها جيداً حول رأسها : هذا اخوك راح يجيب اغراضك بتنامين هنا اليوم و غادي يقول فيك انهيار عصبي وأخذوا لك تحاليل يتأكدون ضغطك مرتفع وما راح يطلعونك الا وهو مستقر .. مدري على وشي مرتفع وانتِ طول عمرك اعصابك مشدودة ! لا يزال عقلها يحوم في طريق واحد .. بحثت حولها تُريد التأكد من ذلك الذي يدعي بعيش ابنها : جوالي وينه جوالي أبيه ؟ تغضن جبين والدتها ، أخبرتها بانزعاج : قلت لك جايبينك بجلال الصلاة ! وأنا لحقتهم. تجعدت ملامحها بضيق وعقلها يكادُ ينشطر من تلك الأسهم القوية المصوبة فيه: يمه تكفين أبي اطلع ما اتحمل اجلس دقيقه زياده يذكرني بأيام شينه. والدتها بضيق اخرجت هاتفها من حقيبتها واسترخت في جلستها بتمديد ظهرها على الكرسي : تحسبين أنا بعد عاجبني الجلوس هنا ؟ نفسك منغثه لكن كله عشان صحتك انتظري نشوف وضعك كل شي لاحقه عليه ماراح يطير شي. تأففت بضيق وعادت تستلقي على سريرها الابيض وعقلها يحوم في فكرة الأمومة و أن ابنها لا يزالُ على قيد الحياة ، لكن كيفَ لهُ ان يخبرها انه من احشائها وما هو دليلُ ذلك الخبر! رفعت حدقتها لصوت هاتف والدتها سمعتها تُجري اتصلاً مع اوس لم يمض كثيراً حتى اغلقتهُ واخبرتها بسلامه عليها ، اومأت برأسها وابتسامه رسمتها مُجبرها: لله يسلمه. حاولت ان تنام مرة أخرى لكن لا نوم يُجافي اجفانها ، ظلت صامته مستكينه داخلها صراع وأفكار تنهشُ عقلها. سمعت صوت طرق الباب اتسعت اهدابها ونظرت لغادي يدخل وخلفهُ طلال قد وصلا في وقتٍ واحد ، نظرت لهم مبتسمه وعلى ملامحها يتضح التعب كلاً منهم يحملُ ما اتى بهِ نظرت الى والدتها التي تُصلي صلاة العشاء قدّ أخرتها عن موعدها ولم تُلاحظ حركتها بسبب اعصار عقلها ، اقترب غادي إليها ليقبل رأسها بعد أن استعدلت وجلست : الحمدالله على السلامه طاح قلبي ببطني فجعتيني بطيحتك. ابتسمت لهُ بوجه مُرهق ربتت على كتفه بحنانها الدائم : الله يسلمك من كل شر و اسفة أني روعتك. طلال وضع الكيس على اقربِ طاولة لديه ونظر اليها : خوفّتينا عليك يا قلب خالك فجعتينا ، الحمدالله على سلامتك. رفعت ساقيها تحتضنها إلى صدرها : اسفه ولله اسفه أني فجعتكم مافيني الا العافيه الحمدلله. لتُردف حديثها بكذبه مُتقنه : حتى أنا ما ادري وش اللي صاير فيني فجأه حسيت اني مكتومه وشي ثقيل على صدري ما حسيت الا بغادي يمسكني وبعدها ماحسيت بشي. اقتربت تلك التي كانت تتخفى عن انّظار والدتها قدّ جاءت برفقة غادي لتجلس بقربها وتُحتضنها بخوف بنبرة باكية : سلامتك ما تشوفين شر .. أنشغل بالي عليك. ابتسمت لها احتضنتها مطمئنه : الشر ما يجيك يا روحها. عادت ارين النظر الى غادي برجاء : تكفى قولهم ابغى اطلع مافيني شي وجودي هنا زيادة شغل عليهم! غادي رفع كفيه لتُحاذي كتفيه متجرداً من المسؤولية : هذي ماهي مسؤوليتي .. بعدين بكرا الظهر او الضحى ان شاءالله وانتِ بالبيت بس التحاليل تطلع و يشوفون العّله اللي فيك وخلصنا. انتهت شيخه من صلاتها ووقفت حامله السجادة بين اناملها لتضعها على الكُرسي ونظرت الى تلك الجالسة ، وشعرت الأُخرى بحِمل هذه النظرات : انتِ وش مطلعك من البيت ؟ خلخلت اناملها وارتدت ثوب الشجاعة لتنظُر إليها بثقة : جيت اتطمن على ارين ولا بعد محظور من المحظورات اللي حطيتها علي اني اتطمن عليها ؟ طلال نظر إليها ممازحاً .. لا عِلم لهُ بحظر التجول الذي تعيش بهِ منذ أيام قليلة: ليش وش له ممنوعه كل هذا عشان امتحاناتها هانت مابقى لها شي وتفتك من الدراسة بكرها. جلست شيخه على كرسيها القريب من السرير وارمقتها بنظرة حادة وذات مغزى عميق : تعرف وش له ممنوعه و أنها تكسر كلمة امها يمكن يجيها اللي اشد. ارين تمدُ ساقيها .. نظرت لوالدتها راجيه : يمه روحي انتِ وخلّي فيض تجلس الجلسه هنا بتتعبك. شيخه بأمر مُصوبه حدقتها إلى فيض ثم عادت إليها : لا محد يجلس عندك الا أنا وكلها ليلة ونطلع ماراح نطول أن شاءالله. أرين بإصرار بالغ : طيب وجد ! شيخة بذات الإصرار رفعت حاجبيها : ولا أحد محد نايم الا انا .. فهمتي ! حاولت بوالدتها ان لا تبيت برفقتها لكنّها رفضت ذلك قطعياً حتى ذهبوا ثلاثتهم ، نظرت لها تتمدد على الأريكة التي حولتها الى سرير تنهدت بضيق والتفت تمثل النوم كانت تُريد الجلوس مع نفسها وحيدة تفكر بحالها جلست تنظر لوالدتها التي لم تنام. تجرعت رُكام يحبسُ حجنرتها من الحديث : يمه التفت والدتها تنظر إليها بمحاجر مُحمره راجيه لتُردف : يمه لو اقول لك الميت يرجع حي تصدقين ؟ قوست شفتيها و هزت رأسها نافيه .. لا علم لها إلى متى يمكن لها التمسك بالماضي ومتى يمكن لها العبور في المستقبل : هذا الشي نصدقه بالأفلام مو بواقعنا. تهدج صوتها الذي كان يمتلئ بالأمل ، بودّها أن يكون الأمل حقيقة تُذهب سنوات الضياع بنفسها : وانا اقول لك أني مؤمنه بقضاء ربي بس انا واثقه بعد أن سيّار حي ما مات تعرفين ليش ؟ لأنه يزورني بأحلامي دايما مو دايماً الا كل يوم يبغاني احس فيه .. عارفه انه ضايع بهذي الدنيا ومافيه شي بيحميه الا حضن أمه. اسبلت والدتها أهدابها بمللٍ من تمسكها بماضيها وكأنها تعيش داخل مكعبٍ مغلق لا مخرجَ له نظرت إليها هي الأخرى راجيه : تتذكرين لما قلتي لي كيف ينّسى الماضي وانا متعلقه فيه أكثر من الحاضر و المستقبل وش قلت لك ؟ .. بالحرف الواحد قلت اللي يتعلق بالشيء وعنده الإراده أنه يتركه راح يتركه بسهولة لكنك انتِ الى الأن مو مستوعبه هالشيء. ظهرت شبه ضحكه ساخره من تلاطم الأفكار الشاقة سقطت دمعة يتيمه مشتعله وكلماتها تخرج مُتجرحه: يعني لو طلع موته كذبه ماراح تصدقين ؟ هزت والدتها رأسها بالنفي ، تُنهي ذلك الحديث المُمل والمكدود إلى الأبد : لا ماراح اصدق شلته بنفسي وغسلته بنفسي عطرته وكفنته بنفسي مع خالتك عهود وابوك الله يرحمه بنفسه دفنه بيدينه مع جده ابو زوجك الله يرحمهم ، مالك الا تدعين له وإن هو حي فهو حي بداخلك ويزورك بأحلامك .. وغيره ماهو موجود تعوذي من أبليسك يا أرين لا يتغلب عليك. تجرعت رُكم الهم الذي يُنزرعُ في حنجرتها حدسها يخبرها انهُ لا زال حي لمستهُ ورائحتهُ وحتى ملامحهُ التي لم تُطيل نظرها اليه كُلها كانت تخبرها انهُ ملكاً لها .. ولا يُمكن لأحدٍ أخر إمتلاكهْ عادت الى الأستلقاء و التقطت هاتفها الذي وضعه غادي على الطاوله بقربها ، تجعدت ملامحها من الشاشة المكسوره لتتذكر أنذاك عندما رمت الهاتف بقسوة على الأرض ، بحثت عن رقمهِ عن طريق تطبيق ”الواتس اب” لتُرسل لهُ دون أي تطفل سابق وضعته مُسبقاً : (( ممكن تعلمني كيف سيّار حي ؟ و وش الدليل اللي يخليني أصدق كذبتك هذي ؟ )) أرسلتها تُمثل القوة لكنها ترتجف ضعفاً من داخلها وحتى وهي تكتب تلكَ الحروف القليلة أناملها ترتعشُ بشدّه تركت الهاتف بقربها وجسدها يتقلب بفرط على السرير ولا نوم يلامس اجفانها المسكينة وكل مرهٍ تنظر الى هاتفها لا ردَ يصدر وعلامة الصح واحدة لاتتغير. شددت على قبضه كفها وقدمها تهزُ بغضب و صوتُ صريرُ ضروسها يرتفع من قلة صبرِها عليه .. تعوذت من شيطانها بعد تذكرها انها لم تصلي العشاء بعد .. استقامت من إضطجاعها لتُصلي العشاء تتبعها بوترها بعد أن طلبت من الممرضه ابعاد انبوب المغذي عن كفها النحيلة. ' ' | في إتجاه آخر قُرابه الساعة الرابعة فجراً | اتسعت اهدابهُ من نومه الذي نامها مُتعباً شعر بصُداعٍ يغمرُ رأسهُ ويقسمه إلى نصفين .. نظر أسفله وذراعهُ تحمل ثقل رأسها عليه تدفنُ ملامحها في صدره العاري وساعدها يلتفُ حول خصرهِ زفر انفاسهُ حملَ هاتفه من جانبهِ ينظر إلى الساعة ثمَ إلى رسائلِ هاتفه المهولة من شتى أعمالهِ المتفرقه وأصحابهِ وعائلته وأيضاً ولم يفوت رسالتها لتظهر ابتسامة خُبثٍ على مُحياه من ضمن الاحتمالات التي جائتهُ أنها ستتخلف عن موعدها الذي اخبرتهُ بالأمس وهذا ما حصل فعلاً ، ابعدها عنهُ بهدوء لا يُريد إيقاضها ذهب الى الأستحمام لم يستغرق طويلا حتى خرج ليصلي صلاة الفجر بعد أن ارتدى ملابسهُ بهدوء وخطواتهِ ساكنه لكي لا يوقظها لكنها استيقظت بسبب نومها الخفيف نظر الى ظلالها من طرف عينه تجلس تُرتب شعرها المبعثر على جهه واحده وتنظر إليه يخرج خارج حجرة النوم و يحمل حذائه بكفيه. نزلت من السرير وخرجت الى الصالة المُرفقه لها اتكأت بكتفها على الباب ونظرت اليه يجمعُ حاجياتهِ المتفرقة في حقيبته الصغيرة وصوتها ثقيلٌ بفعل النوم : طلع ! على فين؟ نظر لهُ تحتضنُ الروب الطويل الى جسدها الأنثوي عاقده جبينها من انوار الصالة الساطعة وعاد يكمل ما يفعله : بروح لبيتي ! ظهرت سُخريه من حديثهِ واقتربت إليه رفعت الى كتفهِ : وما حتى بتاخذني معك ؟ يغلق أزرار قميصهُ العلويه و دون أن ينظرُ إليها : ليش اخذك معي؟ صفتك أيش ! باسله وصوتها الثخين ممتلئ بالنُعاس والعتب ايضاً .. بقبضتها ضربت على كتفه : بصفتي زوجتك ! واللي صار بيننا من كم ساعة ! مو خلاص تراضينا ؟ تنهد ونظر اليها نظرة تمتلئ برود : يعني اللي صار بيننا تسميها رضاوة ؟ .. لأنك انتِ تبغين ما هو أنا وأنا ما أحب أكسر خاطر أحد وقلت لك أي حاجه تطلبينها بتحصلينها قدامك بعد ساعه الا المشاعر لأنها مو بالغصب نعطيها أي احد! ضربت بقبضتها عضدهِ لكمات عديدة وحديثها الغاضب يخرجُ من بين اسنانها وبحدة : علاقة زوج بزوجته وحقوقهم الطبيعية لبعض و امورهم الخاصه بينهم صارت كسرة خاطر ! ليش مو راضي تحسن العلاقة اللي بيننا أستوعب يا آمان تعبت دايماً أقدم نفسي وأسوي كُل حاجه وأنت ما يحرك فيك شعره ! جلس على الأريكة وانحنى ظهره ليرتدي حذائه الرياضي يربطُ حبالها : باسله !! انا مالي مشاعر تجاهك زواجي منك قبل كان اختيار من أمي ليش مو راضيه تستوعبي ولو شويه أنا وانتِ ما نناسب بعض وفي كُل نقاش نفس الحكي هذا نعيد ونزيد فيه !. اقتربت إليه لتجلس بجانبه مُتشبثه بعضده ونبرتها الناعمة تتهدج بشجى : انتّ مين بقلبك ؟ قول لي مين !! مو طبيعي طول سنين زواجنا كذا ما صار قلبك لي أنا؟ طول السنين هذي ما حسيت قلبك ينبض لي ؟ ما ابغى اكون معلقه ولا ينحط جنب اسمي مطلقه الناس يا آمان ما ترحم و أولهم أبوي .. ليش منت قادر تتقبلني قول لي ؟ أبعد كفيها ليقف وانحنى مُقبلاً جبينها : قُلتها لك لانك مو إختياري و راحتي .. تبغين نكون مثل قبل ماعندي مشكله وهنا نخلص نقاشنا ، المهم حجزت لك رحله الساعه عشره الصباح لا تفوتيها وسلمّي لي على الأهل ولمّا توصلين خبريني. تدفقت دموعها على وجنتها ما إن سمعت صوت إغلاق الباب دفنت ملامحها بينَ كفيها وبُكاء حاد ينتشر في ارجاء الجناح الواسع الذي يمتلئ بوحدتها .. خرج تاركاً أيها بجرحٍ ندي تُركت لها بقهرها الذي يتجددُ زرعهُ بها ، تُحبه ولم يقدم لها سوى الواجبات تمنت منهُ طفلاً يحتويهما لكنهُ يرفض تلك الفكرة مطلقاً حاولت برفقتهِ مراراً أن يعيشان بشكلٍ طبيعي لكن هو من يكسر كُل تلك القواعد ، تُحاول بجهدها ان تكون زوجه كأي زوجه تُرافق زوجها في كافهِ أموره لكنّه لا يعطيها أي مجالاً ان تكون مثلَ ما تتمنى. ' ' عاد من صلاة الفجر وبعد بزوغ شمس اليوم الجديد وكعادتهِ لا يخرج من المسجد إلا بعد صلاة الشروق قرر عدم الذهاب لعملهِ الا بوقت الضُحى ارسلَ عذرهُ بالتأخير ، سيأخذ كامل راحتهُ في النوم رُبما يشحن جسدهُ المنهك من كل شيء ، مرّ من جانب حُجرتها و نظر الى الباب كان شبه مفتوح ، حاول أن يسرق النظر ويبحث عنها وجدها لا تزال على سجادتها وثوب الصلاة يحتضن ملامحها. ذقنُها يتكئ على ركبتها التي تُلصقها بصدرها سارحه بعالمٍ بعيد عن كُل شي. دلف واغلق الباب بصوتٍ واضح لأجل ان تنتبه اليه ، رفعت رأسها ونظرت اليه ابتسمت بهدوء ووقفت تُقبل رأسه : يازين وحلاوة صُبحي دام أنت أول من أشوفه. ابتسمَ وترحيبها الودود يزيدهُ حنّيه قبلَ بداية منابت شعرها : الله يصبحك بكل خير يا بنتي ، ما نمتي ؟ ليش دوامك اليوم بدري. هزت رأسها نافية .. جلست على طرف السرير بقربه وتُبعد لفة الحجاب عن رأسها : لا دوامي اليوم مسائي ، صح !! ما قلت لك كنت بقولك قبل أنام أمس بس نسيت. اتضحت معالم التعجُب على مُحياه لتُكمل بذات النبرة : أرين أغمي عليها أمس بالليل ، أوس قالي أنه انهيار عصبي وضغطها كان مرتفع إذا استقر إلى الضحى بيطلعونها .. مسكينه ما أعرف من وين ممكن يكون أو أيش صاير لها .. بمر عليها قبل أروح الدوام أتطمن عليها ، تروح معي ؟ خلخلَ أناملهُ ببعضها وارتكز بنظرته على كفيه ، يتفتت قلبهُ من ابنة شقيقه تلك .. لـما دائماً يشعر أنها أشدُ ضعفاً مما هي عليه ، بتنهيدة حزينه يومئ برأسه : ان شاءالله اليوم أقدر امر عليها الليل ولا اتصل عليها. ثانيتان ليردف بحديثه الحنون لها : المهم خلينا من أرين تعرفين ليش جايك صح ؟ نظر الى توتر يتضح على ملامحها و إبعادها عن النظر اليه ، أكمل حديثه : ليش ماتبين عرس ؟ وليش ما تبغين امك تفرح فيك ؟ تجرعت ريقها بصعوبه شعرت بثُقل ما ستقولهُ وهي تكتم الحديث الداخلي لنفسها: عمي أنا أشك في شي وخايفه انه يزيد اللي فيه يوم بعد يوم. نظرت لتجعد ملامحهِ واكملت حديثها : بيني وبينك وهذا الشي اللي انا تعلمته بنسبة قليلة بدراستي ، يتخيل أن عمي خالد قدامه ، خوفي اللي فيه يقلب هلوسة وممكن تتعاظم فيه ، أنا أسفة بس ما أقدر أتركه يتعذب وانا اشوفه من بعيد ولا اقدر اسوي شي هذا ممكن أقل شي اسويه اني أكون حوله دام أن لي خبرة بهذا الشيء مايهمني زواج وفستان وغيره هذي آخر اهتماماتي. نزفت دموعها الناعمة لتُكمل بخوفٍ وحب عليه مع تهدجِ صوتها: غير انه صاير ما يروح لجلساته العلاجية وهذا يقلب حالته أكثر بدال ما يغير منه ، عنيد أرسل له واكلمه يروح يكمل وبكل مرة يرفض ويغير الموضوع. مسح دمعها اليتيم من وجنتها وأبتسم من خوفها الذي ينظر بأنه مبالغ بهِ : وانتِ الحين تبكين على مرضه ولا على حبه ؟ ضحكت برقتها و بأسى بين دمعاتها لتُخبره برفع سبابتها والوسطى : كلهم. مسح على شعرها واخبرها بنبرة أبٍ حكيم: ما عليه إن شاءالله أنه قوي وعارف مصلحه نفسه ل مو عارفها كان ما جاء من نيويورك من الأساس وأنا اللي من توفى ابوه الله يرحمه أحاول فيه يجي ولا قرر يجي الا من قريب. ابتسمتّ لهُ ليكمل حديثه بنصيحه أبويه : ولا تخافين عليه ماهو صغير عشان يعاند إذا اذا مشيتي معه باللين وبأسلوب وهداوة بيستجيب معك. قالت كلمتها التي جلجلتهُ ودون أن تشعر بنفسها أنها أخرجتها من ثغرها وذلك بسبب اعتيادها على والدتها التي دائما ما تخبرها بقولها “أبوك” ولم تخبرها ابداً طوال حياتها بلفظ “عمك” : يبه أنا عارفه أن أمي ماراح ترضى بس تكفى قول لها حاول فيها أنت تقدر آنك تقنعها بكلامك ، وهي اساساً ما تقتنع الا منك. نظر لها يحاول استيعاب ما نطقت قبلَ قليل لتُردف بنبرة ممازحه و تضرب على عضده بخفه شديدة: وغرقها بالكلام الحلو يا عمي أعرف أن الجوهرة ما ترفض لك طلب. ابتسم لها وربت على كفيها التي تحتضنها وإحباط ينتشرُ في داخلهِ: ابشري هي معصبة عليك من أمس المغرب وسالفتها أنتِ ، بس ماعليه على قولتهم “لجل عين تكرم مدينة” نحاول بها لعيونك ، انتِ روح هالبيت وما نرفض لك طلب ، ياويله اللي يرفض. قبلت كتفهُ وابتسامته تمتلئ بالبرّ والحُب تملاً ثغرها : دايماً اقول الله عوضني فيكم لو امي وابوي عايشين ما ذقت الحنان والحب اللي اذوقه منكم الحين. ابتسم لها بحنّو وصراعُ تأنيب ضمير من كذبتهِ عليها ، يخشى على ذاك الخائن أن يصل إليها قبلَ أن يُخبرها بالحقيقة ، ذهب عنّها والدها ولم يكلف نفسهُ طوال تلك السنوات أن يسأل عنّها ولو لمرةٍ واحده ، لذلك دائماً يتأكد بأن الحق بأكمله لهُ لن ولنّ يكون راضياً أن يأخذها منهُ بتلك السهوله ، إن كان ينوي رؤيتها سيمنعهُ عن ذلك حتى لو على قصاص عُنقهِ. ' ' | الساعة الثانية عشرَ والنصف ظهراً | امامهُ الساعه الرمليه يُقلبها في كل مرة تصل إلى أقل من المنتصف بملل يسري عليه وعقلهُ كادَ ان ينفجر من وضع خطة ما لكنهُ لا ينجح عقلهُ في ذلك .. كيف لهُ ان يصبح صديقاً لهُ بعد أن خدعهُ دامت لسنتين بهويته المزورة كيف لمؤيد أن يصبح جُنيد !! لا يُريد أن يخرج امامهُ بصورة الرجل الكذاب سيُنقص منه كثيراً ولا يريد منهُ معرفة شخصيه لهُ ، هوَ غيورٌ منهُ بشده بسبب أخذه مكانه المفضل لدى شقيقه في العشر سنوات الماضية وهو لم يصبح المفضل عند شقيقه مساعد بسببه ، يريد أن يكون كاملاً امامهُ والكمالُ لله. سمع طرق الباب واذن بالدخول نظر الى سعود يأتي إليه بعد أن القى تحية الأسلام ويجلس أمامه رمى بعض الأوراق التي كانت داخل الظرف بني على الطاولة ، التقطها جُنيد واخرجها مُتغضن جبينهُ بِما تحتوي يسمعه يخبره : هذه آخر مستجدات القضية تقدر تسوي تحرياتك لها. قلب الأوراق يُلقي نظرتهُ عليها بتمعن كُل ما بها مكرر لا شيء يجذب الأهتمام ، عادَ ينظر إليه بإحباط شديد : على أساس تغير شي ! سعود يرفع مرفقة ليتكئ على طرف الطاوله ، يزفر أنفاسه : وش بيتغير وكل شي واقف ! أنا ما أدري وش مسوين عشان الله بلانا بقضية ما فيها أدلة! وضع الأوراق على جانب الطاولة واستقام في جلستهِ ينظر إليه بجدية : خلها على جنب شوي ، احتاجك بشغله ضروريه صدق يا أبو المُثنى ضروريه مرره ما ينصبر عليها ، ابي اتعرف على أوس بجُنيد ما هو بمؤيد احتاج اعرف اطباع أوس وسلوكه اشياء كثيرة ممكن أن معرفتي له تدلنا على حاجات جاهلينها. سعود قوسَ شفتيه رافعاً حاجبيه بتأيد : تعرف عليه وانا ماسكه عنّك!! يمكن لأنكم قراب بالعمر يقدر ياخذ ويعطي معك بالحكي ، جرب مو ناقصك شي. تغضن جبينُ جُنيد باستياء من بروده : يا شيخ هو ما يطيق عيشتي من أيام نيويورك تبيني أجي وأقوله سبرايز أنا صرت جُنيد ما صرت مُؤيد ! أكمل حديثهُ و ضحكة ساخرة خرجت معها: ولا بعد والطامة بعد أني أخو مساعد اللي شكله يعزه اكثر من ابوه. تناثرت ضحكات سعود ليقترح عليه ما جاء في ذهنهِ : وش رايك تجي لمزرعتنا ؟ المُثنى يقول انه بيروح هو وأوس واخوه الصغير يجلسون فيها يومين فرصه لك تعال بقول لهم انك معي بالدوام هي يا بكرا ، واعتبرها عزيمه منّي لك. جُنيد يحّك ذقنهُ يقلب الفكرة في رأسه ثم أجابهُ بخجل من كرمه: لا ماعليه صعبه كذا أتطفل عليكم خلنّي ادور لي خطه معه ولا خلني أتقابل معه بوقت ثاني. سعود بأمر وجديه لا نقاش بها : أقول بس أنت ضيفي أنا منتّ بضيفهم ما عليك منهم انا اللي عازمك وانت غصب عليهم تجي. صمت لمُدة و احتضن شفتيهِ اليه خجلاً من ضيافتهِ لهُ دلف سطام مسرعاً دون ان يطلق الباب واغلق الباب خلفهُ مقفلاً اياه بالمفتاح ليلتف إليهم : عندي لكم شي حصري هو حصري عندي انا وبس. جُنيد تنهد تنهيدة بالغة الملل وجمع حاجياتهُ في حقيبتهِ الصغيره لقُرب انتهاء وقت عمله: خلصنا وش عندك دايم اخبارك وراها مشاكل. تناقلت حدقتيه بين الاثنان وابتسامه اشبه بالانتصار تنظر إليهم : وقيان متصل على مطلق الراوي وعازمة على العشاء. ضحك جُنيد ساخراً مما أتى بهِ من خبر : طيب وش فيها وش دخلنا فيهم مـ… بترَ حديثهُ واخترق الحديقُ عقله لوهلة تذكر نظرَ لهُ ثم نقل نظراتهُ الى سعود و اتسعت محاجرهُ ليستوعب حديثهُ وكيف لهما أن يجتمعا سوياً وما علاقتهم ببعضهما من الأصل!! نظر سعود إلى سطام بنبرة صارمه تمتلئ حقداً عليه يخبرهُ باهتمام : وش عرفك انه مطلق و وش اللي يجمعهم ببعض؟ ظهرت ابتسامه سطام الخبيثه .. سردَ لهم التفتصيل : ماهو بشكل سري انطلب منّا أن نسمع كل مكالمات يتم الاتصال فيها برقم وقيان و واحد من الاتصالات كان يصر عليه ويسميه برفيق الزمان وقال يا مطلق مو هذا المهم. اخرج الأوراق التي خبأها في جيب ثوبه و وضعها أمامهم : سويت بحث وتحريات عن رقم اللي اتصل عليه ، واطلعت و شفت نع مروان جوازه وصورته وبحثت عن أقرب سفرة له و عن فيديو ليوم وصوله تخيلوا مين طلع ! طلع يشبه اللي كان بالفيديو مع مساعد الله يرحمه وأوس نفسه اللي ماعرفنا مين يكون!! سحب جُنيد الاوراق اليها ينظر إلى صورة الجواز التي تُشبه الى حدٍ كبير بالصورة المُلتقطه من الفيديو المستقرة بجانبها. سعود يدقق النظر اليه من بعيد يشعر بالتقزز بالاقتراب ورؤيته عمّا قريب تغير كثيراً عمّا كان يعرفهُ سابقاً حتى أن ملامح وجهه تختلف كثيراً غيرت الدنيا وسنينها ملامحه بما كان يعرفهُ في عزِ شبابه. دائماً يخشى من لحظة اقترابه اليها و هذا ما حدث قد اقتربت حقيقة والدها الخائن بنسبة اليه على أبواب الخروج من بئر الاسرار وكتمان انهُ على قيد الحياة هو بنظره خائن لانهُ تركها دون سببٍ مقنع يجعلهُ يُخبر ابنتهُ انهُ لا يزال على قيد الحياة. نظر جُنيد اليه و اسوداد ملامحه يزدادُ شيء فشيء ، اتكأ بمرفقيه و أنامله تسحب شحمة أذنه ، لاحظ تعكُر مزاجه : هذا ماهو أبو بنتك ولا ؟ أومأ رأسه دون أن ينطق حرف واحد واطنان من الأمور تحتشدُ في عقلهِ. سطام الجاهل بِما بينهما وبحماس عمله : وش رايكم نحجز بنفس المطعم اللي حجزوا فيه لان نظامهم بالحجز نسمع منهم؟ نطقَ سعود بحدة وصوتٍ أشبه بمرتفع : لااا. انتفض سطام من نبرتهِ وتغضنَ جبينهُ : ليش ما صدقنا نحصل خيط من الشخص الغريب هذا ! وقف سعود والقى حديثهُ دون ان ينتظر رداً منهم : دام أنكم عرفتوا انه هو نفسه شددوا الرقابة عليه وين ساكن و وش شغلته هنا لكن لا يوضح لا له ولا لوقيان انكم مهتمين فيه انتم كذا تفضحون انفسكم. خرج مُغلقاً الباب خلفهُ بقوة ولا رغبة لأكمال الحديث لهُ يشنُ عليه حقدًا وضغينة وكُرة انهُ يلهو ويمرح في حياته تاركًا فتاة مسكينة حرمتهُ حتى من كلمة "يبه" بسببه و أن تنطقها كأي ابن بشكلٍ يومي متكرر. تنهد بتذكرهِ اول صباح اليوم بنطقها اللاإرادي لتلك الكلمه ، عازماً داخلهُ انه لن يسمح لهُ بأن يراها لا حقاً ابداً بعد ان تركها كلقيطة. ' ' | الـثـانية ظهراً | تجلس بالكرسي خلف السائق والدتها برفقة خالها وبينهما نقاشاتٌ عامة ، تحمل بين أناملها العشرة هاتفها تنظر إلى حسابهِ على تطبيق “الأنستقرام" واسمُ ( ســيّار بن غــيث ) يحتلُ الشهرة يتابعه أكثر من نصف مليون شخص ، تتأمل صوراً لهُ وقلبها ينبضُ مثلَ حممّ البُركان كيف لطفل لم يبلغ العشر سنوات يُستغل بتلك الطريقة القبيحة لكسب المال من خلفه وهي والدتهُ لا تعلم بهِ لا زالت لا تعرف كيف سُحب منها وكيف أصبح بعيداً عنها طوال تلك السنوات الثمانية ولتوها تلاحظ هذا الشيء ، نظرت لأحدى الصور يجلسُ بجانب رجلاً ليس بغريب الملامح عليها يرتديان الثوب الرسمي والشماغ الأحمر الدموي بصورة تمتلئ فرحه غامره لتنظر الى ما كُتب أسفل تلك الصورة ( عيدكم مبارك ، صورة مع أبوي بمناسبة عيد الأضحى ) دققت بملامحه التي ليست بتلكَ الغرابه عليها غيث هو شقيقُ كِنان الذي يصغرهُ بسنة تزوجَ قبلهُ وأنجب ابنه هل انجب فتى واسماهُ بسيّار ؟ أم أنها صدقت كذبة ذلك من يدعي انهُ صديقاً لهُ ! منذُ أن وجدت حسابه وأحاديثُ نفسٍ لا حصر لها تُراودها. رفعت رأسها ما إن سمعت طلال ملتفاً بجسدهِ إليها و بحنانٍ يخبرها فور وصولهم : الحمدلله على السلامه يا ارين اخر الشر يارب. اجابتهُ بأبتسامه تمتلئ بُهتان وكفها تفتح قفل الباب: الله يسلمك ياخالي من كل شر. دلفت خلف والدتها وخالها ونظرت الى اشقائها الأربعه باستثناء غادي بإنتظارها وسُعاد التي خرجت من الجامعة باكراً ما إن علمت بخبر دخولها المستشفى. وقفوا لسلام على والدتها اولاً ثم عليها احتضنت كُل واحداً منهم بولّه الساعات الماضيه دون رؤيتهم. جلسوا في صالة المعيشه قبل موعد الغداء تمتلئ بالأرياحيه والضحكات المُريحه. أوس نظرَ إلى ارين المشغوله بهاتفها تُقلب صور الحساب اإلى أخر صورة ثم تعود لصعود ليسألها باهتمام : وش صار على تحاليلك ؟ لتُجيبه والدته عنها ببعض العتب : كل شي اسمه فيتامين ومعادن بجسمها ممسوح كله تحت العشرين ، رحمة ربي واسعه عليها ولا كان تشوفها فطست قدامك ، و ضغطها ضروري تقيسه كل فتره. تغضن جبينها من شماتة والدتها رفعت رأسها تنظُر اليها : يمه بلاها الشماته قبل أقل من شهرين محللة وكل اللي فيني نقص عادي هذولا الدكاتره يحبون المبالغة بالوصف. وقفت مستأذنه مُتعبه ومرهقه لم تأخذ كفايتها بالراحة .. حُجرتها هي الراحة لها وبعيداً عن كُل شي ، صعدت عبر المصعد لا جُهد لها يمكن أن تبذله أكثر ، دلفت الى حُجرتها و اقفلت الباب استحمت استحماماً سريعاً وارتدت بجامتها الكحلية ذات قماش حريري بارد استلقت أسفل مفرشها الناعم الذي افتقدتهُ في ساعاتها الماضية. اسلبت أهدابها راجيه لنوم ان يُلامس رموشها ويُبعد التفكير المزعج الذي يحاصر جسدها بأكمله لكن لا جدوى ، جوفها يشتعلُ غضباً بأنها ارسلت نفس الرساله ثلاث مرات ولا رد يأتي من ذلك الرجل بالرغم من انه قد قرأها. وقفت و سارت بإتجاه هاتفها قد وضعتهُ سابقاً على الشاحن تنظر الى رسالتهِ بغضب قرأها منذُ وقت طويل ولم يُجيبها برد أو شي يطمئن قلبها الخائر. بقلة صبر منها إتصلت عليه إتصال وثاني وثالث ورُبما عاشر حتى أجابها بنبرة باردة : نعم ! اقشعرّ جسدها من صوته الثخين والجم لسانها من الحديث لثواني حتى أعاد ردهُ : اخت ارين محتاجه حاجه ؟ سحبت نفساً عميق و همست بصوت يتهدج ودمعها المُتعب ينساب على وجنتها المُرهقه : احلف واقسم بالله أن سيّار هو ولدي انا وكِنان وأنه حي ويتنفس نفس الهواء اللي امه تتنفسه ، وعساك تشوفها بأمك وابوك واهلك ان كنت تكذب علي وتبغى تتعاطف فيني. صمت ليس لهُ عِلم كيف يداوي خيبات سنواتها الثمانية ويضع سكين ذو رأس حاد على صدرها ، يعيشُ تحت اسم عمهِ وليس بأسم أبيه الحقيقي تنهد بُحزن ولا علم لهُ كيف يخبرها تلك التفاصيل المعقدة : ما اقدر احكي لك اي حاجة على الجوال تعالي للمطعم أحكي لك كل شي. اومأت برأسها وكأنهُ يخبرها وهو امامها أغلقت هاتفها وارتدت عباءتها و لم تأخذ سوى مفتاح سيارتها لتنزل عتبات السلالم بخطوات مترنحة وشعور الدوران يعود لها مجدداً لكن إصرارها على رُؤيته هو المُنتصر. كان الجميع قد ذهب ليأخذ غفوتهِ بعد تناول الغداء لم يبقى سوى شيخه وسُعاد و ميلاد الذين يتجاذبون الحديث سوياً سُعاد التي ضربت عضدَ ميلاد القابع بقُربها ما أن رأتها تنزل العتبات التي تتوسط المنزل وتخرج مُسرعه مغلقة الباب بقوه ولمّ تبالي بأي أحد من حولها: ميلاد بسرعه شف اختك وين بتروح فيه ! وين بتطلع بعز الشمس ! اركض لها. وقف يخطو خطواته الواسعة خارجاً إليها نظر لها تربط عقدة نقابها و تصعد الى السيارة ، صرخ ميلاد بصوتٍ مرتفع : هيييه يا بنت ! اريـن وين رايحه ؟ لم تُسمع لتلك النداءات لها ولا شيء يحوم في عقلها سوى شيء واحد " سيار "حتى شعرتّ بهِ يمسك الباب قبل ان تُغلقه بحاجبي معقوده يأمرها بحدة : وين بتروحين بعز الظهر! ظهرت تجاعيدُ ملامحها من عينها و هتفت اليهِ برجاء : ميلاد تكفى أتركني اروح للي أبغى محد له حق يتدخل. ميلاد بإصرار على عدم ذهابها لشيء في حالها هذا : لا غلطانه ، لي دخل الحين ، صح أنك أختي الكبيرة بس مو من حقك تطلعين وهذا حالك و مالك اقل من ساعتين طلعتي من المستشفى وحالتك مكسوفه ، وين بتروحين بعز الظهريه ؟ هزت رأسها نافية من تشتت عقلها ودوامة افكار تُحاصرها : تكفى طلبتك يا ميلاد خلني اروح ابي اشوفه. جحظت محاجرهُ من اصرارها سحبَ مفاتيح السيارة من اناملها : ارتاحي مو الحين يا أرين مو الحين أنزلي أنا اوديك اللي تبين لو أوصلك للمريخ بس مو اليوم تكفين ارتاحي طلبتك. دفعتهُ عنها بصرخه وقد فقدت كامل عقلها فعلياً : قلت لك لا مـا راح انزل ميلاد طلع حـي والله العظيم حي سيّار ولدي حي. سمعت والدتها من خلف ميلاد بلهجه امر حادة ترتفع عليها وهي ترفع سبابتها بتهديد : ارين اكسري شرك واركدي وبلاها التخيلات اللي من امس تاكل عقلك خلاص يا يمـه خلاص ! ابعدت نقابها عن ملامحها المُحتقنة و شددت اناملها على شعرها من فوق طرحتها التي ارتخت بتعب و شهقاتها تعتلي وحديثها يخرج بينَ شهقاتها : يمه افهميني طلع حي لا تحسبيني مجنونة والله العظيم حي بعيوني شفته ولمسته إذا ما صدقتني اسألي وجد اسألي جُمانه. والدتها بقهر يمتزج بالغضب من هلوستها ، ضربت صدرها بقهر : ارحمي نفسك و ارحميني انا معك !! أنا أمك اللي تعبت منك يا ارين اللي تسوينه بنفسك ما يجوز ولله ما يجوز !! كل ما قلت البنت نست وعاشت حياتها تجين وتعيدين الاسطوانه من اولها ليش تسوين بنفسك كذا ليش. هبطت دمعة قهر منها على حالها الميؤوس والذي تأكدت الآن أن لا داء لهُ .. قلبها يتقطع لهذه الصغيرة المنفية عن عيشها لحياة راكدة هادئة لا هم ولا وجع بها. رفعت سبابتها بتهديد مُردفه رُغم عتبها ولومها لنفسها داخلها : ولله وهذا انا حلفت يا ارين ما تطلعين من البيت بكامل صحتك يكفي جنان يا ارين ! ارحميني أنا قبل ترحمين نفسك انا اللي تعبت منك خلاص وأن عصيتي شوري لك معي حساب ثاني. اسبلت أهدابها و سحبت انفاسها تحاول السيطرة على نفسها من نكرانهم لِما نطقت ، نزلت بغضب وأغلقت باب السيارة بقوة كاد أن يُكسر بسببها. حدجها ميلاد بوجع من ضربها للباب .. أقترب يتحسس الباب وهو يصرخ : ترا أنا اللي شاري لك السياره بفلوسي شوي شوي عليها! ليست بمزاج يسمحُ لها بمجادلته .. عادت إلى الداخل بعتب ، كُل ما كانتُ تظن أنهم سيكونون لها سنداً ويسعون برفقتها لكن كُل ذلك ذهب سُدى مع خيالاتها وما حدث خيب كل ما كانت تتأملهُ ورسمتهُ في مخيلتها. ميلاد مُشيراً عليها بسُخريه ، يحاول لوهلة استدراك أفعالها لتوها : يمه هي مجنونه كذا من زمان ولابس اليوم؟. سُعاد التي تشاهد تلك الدراما من خلفهم عاقدة ذراعيها إلى صدرها .. زفرت انفاسها المحبوسه : لا من زمان أخيتك مجنونه بس من قل ما تجلس بالبيت ما شفت جنونها .. وشكلها تركت عقلها هالمرة بالمستشفى. عادت بالنظر إلى شقيقتها مُردفة بشفقة عليها : إلا وش جاب طاري سيّار وإنه حي وجد قالت لي طلعوا من المطعم بعد ما صورت مع واحد اسمه نفس اسم ولدها وعقبها عيت تكمل شغلها عشان كذا طلعوا بدري اسم وهو اسم تحسست منّه وطاحت عليكم اجل لو صدق حي وش بيصير لها؟ شيخه بتفكير تُخبرها و اقدامهم تعود الى الداخل .. تحاول تثبيت صوتها الذي قد غرق مسبقاً من غصة تراكمت في أعلى حلقها : عشان كذا ما لها نفس الدنيا عشان واحد اسمه نفس اسم ولدها ، بتهبل فيني هالبنت وهي عجوز ماهي بصغيره على سواياها هذي ! الله يهديها ويثبت العقل اللي الله رزقها فيه. صعدت متجه الى حجرتها و قبل أن تُغلق الباب شيء ما منع إغلاقهِ فتحتهُ قليلاً و نظرت الى أوس الذي أوقف إغلاقه بكفه ينظر إليها بمحاجر قلقة ومنشفتهُ تستقر على رأسه بعد أن اخذ حمام يرمم أعاصير عمله الشاق : شفيك تبكين ؟ وين رحتي ؟ دخلت وخلعت عبائتها لترميها ارضاً وقدميها لا تكف عن رجفتها .. جلست على طرف السرير واضطراباتُ عقلها ترهقها .. نظرت إليه يغلق الباب قليلاً ويقترب إليها متغضن الجبين : أوس لو اقولك الميت يرجع حي بتصدقني ؟ اوس بخفوت رفع كتفيه و حدقتيه تتجول في الارجاء .. أنزل المنشفة الى كتفيه وهتف بهدوء : يا أختي لو الاموات يرجعون احياء كان كل اللي نحبهم رجعناهم لنا !! ارين بين حرب دموعها وصوتها المبحوح تنظر اليه برجاء أخير : امي تحسبني مجنونه لما أقولها أنه حي وتكذبني سيّار حي يا اوس حي يتنفس. نظرت الى علامات الشفقة ترتسم على ملامحه .. أو بمعنى أخر يحاول رسم علامات الشفقه لعلمه بالموضوع : وانتِ كيف عرفتي انه حي ؟ هل تخبره ام لا؟ هل تخبره بأنها تتواصل مع الشخص الذي يدعي بحيائهِ ويُعاطفها بهِ ، أم تكتم ذلك السر خلف ضلوعها لها وحدها. اشاحت انظارها عنهُ لتنظر الى اناملها تضغط بالإبهام والسبابة بسبابه كفها الأخرى .. تخبرهُ ما حدثَ لها بكامل القصة المختصرة : ولما بحثت طلع غيث اخو كِنان الله يرحمه. لم يفضل التعمق بالحديث .. جاء إليه حديث من غامضٍ ما بأن سيّار ، و لا يزال يعيش تحت كَنف عمه غيث .. لكن فضل الصمت والبحث بسبب تراكم عمله وزواجه القريب أجلها لأجل غير مسمى ، هتف بجمود و وقلبهُ يتألم عليها : طيب يمكن اخوه سماه ، الاسم خاص لك انتِ بس مسويه له احتكار يعني ؟ نظرت اليه بمحاجرها المتلالئة و الراجيه رجاء أخير منه: بس الولد يشبه كِنان لما كان صغير ؟ رفع كتفيه بلامبالاة مقوساً شفتيه يُنهي الحديث: طبيعي يصير فيه شبه ! عمه اخو ابوه نفس الدم بيصير فيه تشابه. احبطها ! و أفسدَ حلمها ثم جعلها قريبة للاستسلام صمتت ولا أحد يشعر بأنكسار ذاتها داخلها بامت خطوط وتعرجات جبينها لتجعل تلك المهمة مكتومه في صدرِها مُصره على ما تُريده ، حتى وإن كان ذلك كذب ما عليها سوى السعي والتحري بنفسها. سمعتهُ يخبرها وهو يتجه الى الباب : المهم جاي أقولك دانية جايه تشوفك قلت لها وأصرت أنها تجي لك أول العصر قبل تروح دوامها. اومأت برأسها بسكينه تعكس حروب قلبها : الله يحيها ، هذا بيتها تجي بأي وقت تبغى. خرجَ أوس مُغلقاً الباب خلفهُ عادت الى سريرها لتندسَ أسفل مفرشها وعاصفة إحباطٍ تُحيطها ، دموعها تنساب بفرّط شديد وبُكاء تكتمه بمفرشها رغم تردد صدى أنينها في زواياه .. يشطرُ جوفها ويُرهق صدرها. طفلي أم صغيري ولكن هل لي بقولها لك؟ بُني .. رُغم الغرابة بنُطقها على هذا الثغر الهزيل إلا أنني أشعرُ بلذتها مذاقُها حلوٌ جداً لكنّي سأخبرك .. في يوم ما أنني كنتُ أهذي كثيراً كان الهذيان رفيقاً حنونٌ لي يربت على كاهلي برقه وبرحمة و يأخذني بأحلامٍ بعيدة حياة هنّيه لتملأ حياتي لذة لأجلك يا بُني ' ' سمعتهُ خلفها يخبرها بصوت مبتسم : عجبك ؟ تسيرُ وابتسامة تملأ ثغرها تتأمل التأثيث البسيط الغير مكتمل بعد التفت بكامل جسدها لتنظر لهُ يتكئ على الجدار اقتربت وشددت من احتضان حقيبتها : يعني بنعيش حياتنا هنا؟ نفس الرسايل اللي كنا نكتبها أول ؟ يسيرُ مقترب إليها بهيام الُحب الذي يحبهُ في لوزيتيها القريبة منهُ و الغارقة بين وجنتيها رفع اناملهُ عن خصلاتها التي سقطت و تتراقصُ على جبينها هامساً لها : بنعيش فيه عمرنا كله ان شاءالله وبنبني فيه ذكريات كثيرة ما احد يشاركنا فيها. نظرت لتعابيره التي تغيرت فجأة ابتسامتهُ أختفت وملامحه تتصلب رويداً رويدا وهو ينظر خلفها التفتت تنظر ما خلفها لكن لا شيء موجود ، عادت تنظر إليه تغضن جبينها ولا تزال ابتسامتها مستقره من صلابة ملامحه و تقرمزها سمعتهُ يهتف بهمس اوقفَ الدم من جريانهِ في شراينها : بسببك انتِ. تلاشت ابتسامتها المُحبه ما إن نظرت لتغيير ملامحهِ وتجعدها و وتغير نظرة محاجره الى شيء مُرعب شيء تنظُر اليه للمره الأولى ! اقترب من جانبها وهو ليس بذلك الذي كان رقيقاً معها منذُ اقل من دقيقه دفعها بشدة وارتطمت على طرف الأريكة بقسوة وسقطت أرضاً من شدة دفعه عنّها .. تُقسم بأنه ليس أوس بشخصه إنما شخص أخر وحتى صوته ليس بصوت أوس هذا ! صوتٍ ليست مثل ما كانت تسمعهُ سابقاً بين صرير اسنانهِ يخرج : كل اللي صار بسبتك كل اللي جالس يصير فيني الحين بعد بسبتك أنت كله منك. أقتربت تُمسك عضده تسحبه الى الخلف وبخوف على نفسه : أوس خيال !! تتخيل مافي أحد قدامك والله. امسك كفها يبعدها عنه وغرس أظافرهُ الطويله قليلاً في منتصف رسغها .. رفعت أناملها تُحاول إبعاد كفهِ عن رسغها المُقيد بكفه عاجزة عن التقاط انفاسها تلونت ملامحها من ألم ضغطه عليها. نطقت بصوتٍ مختنق يتهمش : أوس نظرت إلى الدم الذي يسيل بين أناملهِ .. حتى أصبحت عاجزة عن نُطق شيء ! .. ضربت جانب صدرهُ بالشدة الضعيفة التي تمتلكها وصوتها أصبح يختنق أصبحت غير قادرة على إخراجه من شدة قبضتهِ عليها وعقلها يحاول استيعاب ما يجري أمامها وهو يتشاجر مع الفراغ .. وسراب لا أكثر من ذلك. ‘ ‘ أنتهى القاكم الفصل القادم على خير ???? | ||||||
22-05-23, 02:41 AM | #470 | |||||
| اقتباس:
سبحان الله قادتني الصدفة لرؤية تعليقك الجميل, و كشخص يحب الإطراء فأنا جدا ممتنة. لي دهر منقطعة عن الرواية و كنت أنتظر ختامها لأكمل من حيث وقفت. صراحة كنت جدا مرتبطة بالرواية و الأبطال و كنت أنتظر الفصل بشوق لكن مع الانقطاع الذي فرضته ظروفك أنذاك, صرت كالمدمن الذي يبحث عن جرعته و لا يجدها و الأمر أخد مني اسابيع للتأقلم. و بعد العودة أصدقك القول هذه المرة الأولى التي ادخل لصفحة الرواية و السبب تغيير اسمك و يا محاسن الصدف وجدت تعليقك أمامي مباشرة. و الظاهر ان لا مهرب لي من هنا و أني باقية حتى الختام. لي عودة بعد استئناف القراءة إن شاء الله | |||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|