آخر 10 مشاركات
عطر القسوة- قلوب احلام الزائرة- للكاتبة المبدعة :داليا الكومي *مكتملة مع الروابط (الكاتـب : دالياالكومى - )           »          لعنتني امرأة- غربية(هندية) للكاتبة المبدعة:منى الليلي( ام حمدة )[زائرة] كاملة+الروابط (الكاتـب : أم حمدة - )           »          أأنساك !! (1) *مميزه و مكتملة*.. سلسلة على عتبات الوجع (الكاتـب : زيتونة خضراء - )           »          لا ترحلي - قلوب أحلام زائرة - للكاتبة::اسراء علي(Moonlight) - كاملة+رابط (الكاتـب : بحر الجراح - )           »          الفوز بقلب الإطفائى (90) للكاتبة Carol Ross .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          وَ بِكَ أَتَهَجَأْ .. أَبْجَدِيَتيِ * مميزة * (الكاتـب : حلمْ يُعآنقْ السمَآء - )           »          بقايا روحي / للكاتبه ملكة الليل ، مكتملة (الكاتـب : taman - )           »          رهينة حمّيته (الكاتـب : فاطمة بنت الوليد - )           »          401 - ستندمين - كارول مورتيمر (تم تجديد الرابط ) (الكاتـب : monaaa - )           »          وغنى الهوى .. ليلى *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : سحابه نقيه 1 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > منتدى الروايات الطويلة المنقولة الخليجية المكتملة

Like Tree122Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-03-21, 12:58 PM   #1

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,544
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile25 لابد ياسود الليالي يضحك حجاجك،للكاتبة/فاطمة صالح مميزة( مكتملة)





بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اعضاء روايتي الغالين نقدم لكم رواية

((لابد ياسود الليالي يضحك حجاجك ))

للكاتبة/فاطمة صالح





قراءة ممتعة للجميع ...




التعديل الأخير تم بواسطة فيتامين سي ; 14-10-21 الساعة 03:10 AM
فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 06-03-21, 01:02 PM   #2

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,544
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيّم ..
اللهم صلِ وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ..
اللهم إجعل هذا العمل شاهداً لي لا علي ..
لا تُلهيكم القراءة عن الصلاة وذكر الله !
--

رواية : لابُد يا سُـود الليـاليّ يضحك حجاجِـك!


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 06-03-21, 01:03 PM   #3

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,544
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

رابط لتحميل الرواية


هنـــــــــــــــــــــــ ــــــــــا




( البارت الأول )

"أتظن أنك عندما أحرقتني
ورقصت كالشيّطان فوق رفاتي
وتركتني للذاريات تذرنّي
كحلاً لعين الشمس في الفلوات
أتظن أنك قد طمسّت هويتي
ومحوت تاريخي ومعتقداتي
عبثاً تحاول .. لا فناء لثائر
أنا كالقيامة .. ذات يوم آتِ !"



على عتبّات مقصف المدرِسة الثانوية .. يتكِئ بكتفه العريض على الشَباك .. ويناظر بحدة للشخص الي بوسط الساحة .. كان يراقِب كُل تصرفاته .. ويحس بنار بصدره .. ماهُو من النوع الي يحب يفزع ويحب التجمهُر .. ولكن ماهو بالشخص اللي بيرضى بإهانة شخص قدام عيونه ويبقى ساكِت !
كان يراقبهم كِيف مُحاوطينهم بشكل دائري .. وتاركِينه في وسط الشمس حافي ويضحكون على تعابير وجهه .. بينما الشخص اللي جنبه يضربه بطرف يده وسط خُضوع وسكوت الطالب
لذلك تخلى عن الوُقوف وتقدم بخطوات جامِحة .. مُشبعة بالغضب اللانهائي .. وأستقام بطُوله الفارع أمام هذا الشاب .. ليسحبه بقوة من طرف ثُوبه ويناظره بحدة : ناوي تفرض هيبتك على صغار القوم يا وقَاص ؟ ما ودك تسترجل ؟
تعالت ضِحكة وقاص .. وتلاها نبّرة ساخرة قال فيها : من الي يحكي عن فرض الهيبة ؟ ولا مزاجك اليوم رايق عشان كذا مخبّي عننا أنيابك ؟ كشّر عنها يا إبن العم .. واحد وحش مثلك ما يقول هالحكي
كبّح غضبه بشدة .. ولايدري كيف كبّحه للحظة .. يمكن لأنه قبل باقي آثار جروح هوشته الأولى معه للآن بوجه وقاص ؟ ويمكن لأن فعلاً اليوم مو رايق للهواش : إقطع الشر يا وقاص .. ماودي أخليك مهزلة مثل كل مرة !
ناظره وقاص بحدة .. والود وده يذبحه هاللحظة مع ذلك تجاهله وهو يسحب الطالِب اللي بأول ثانوي من ياقة ثوبه وكأنه ذبيحة بيذكيّها وأخوياه وراه يضحكون على الدمُوع بعيون الضحيَة الي ماكان له حيل على وقاص أبداً .. وكان لابُد يرضخ لأوامره ويعرض نفسه للسُخرية بس عشان ما ينفصل أو يتعرض لآذى أكبر .. أو حتى يصير عدو لوقاص !
أخذ نفس وبدأ يزفره على دُفعات .. هو مجنون من أساسه .. وهالتصرفات ماكانت إلا زيادة لجنونه
وبعد عهده اللي قطعه لِـ " شُعاع " أخته إنه يبعد عن المشاكل .. كان مضطر يخلفه : قالو إبعد عن الشر وغنِي له ..وأنا أغني له ويجي يرقص لي !
تقدم ناحية وقاص بهيئته الغاضِبة .. واللي ماكان قادر يتحمل أكثر .. وسحب وقاص من ذراعه بقوة وهو يبعده عن الولد ويدفه للخلف بكل طاقته .. وقبل يتدارك وقاص الموضوع سحب الولد من على الأرض ووقفه وهو يقول له بحدة : إسترجل يا رخمة .. وفارق من قدام عيوني .. إذا ما صرت برجال فمُدعين الرجولة بيتسلطون عليك !


قبل ينطلق الولد من الخوف .. من تجمع البارود والنار واللي بيعلن بأي لحظة وجود إنفجار شديد الخطُورة .. وقفه صرخة وقاص : إثبت مكانك وإلا والله لأزعزعك
ناظره وهاج بحدة وهو يأشر له : فارق بسرعة ولا تسمع حكيّ هالنكرة
طاح بين نارين .. يرضخ لوقاص ؟ ولا يسمع كلام وهَاج؟
ولكن كانت نظرات وهّاج حادة وغاضِبة بالشِكل الي خلاه يتخلى عن الوقوف بمكانه .. ويركض بكل طاقته برى المدرسة .. بما إنه كان وقت الإنصراف أصلاً
إشتعلت النار بجسد وقاص .. والي تزعزت هيبته بنظر كل من شهد على الموقف بعد الي حصل معه تقدم وبعيونه يقدح الشرر وقال بعصبية : من متى وأنت تدافع عن الخير ؟ يا بذرة الشر ويا ضيق الأرض ؟ دوم وأنت وحش وحياتك كلها تضيق على الناس .. الحين تبي تصير مدهال للخير على حسابي ؟ والله إن توخر عن طريقي .. وإلا لتبقى آثاري عليك ليّن تموت يا سود الليالي مثل ماقال أبوك
ضحك وهو يحاول بضحكته يخفي عصبيته .. كان كلام ولد عمه يضرب على الوتر الحسّاس .. وقال بسخرية من كلام وقاص : أبد .. مانيّب خير لأحد .. وبالأخص لك والله لأكون شر في شر .. ومستقعد لك على الحرف الواحد وإن كان بك خير .. قرب وحط آثارك والله لتشوف موتك يا وقاص
بدأت أنفاسه تِعلى بعصبية وهو يناظر لنظرات العيال الي في الساحة .. والي كُلها سخرية أرتجفت يدينه وقلبه بدأت نبضاته تزيد بقهر وغبنة من هيبته الي دائماً يساويها بالقاع .. لِذلك رفع يده وقال : لو إنك على رجال .. تعال وإلحقني
مشى وقاص وهو ناظره ومشى وراه وهو يهمس : مانيّب على رجال ولا يدل للرجولة باب .. ميّر إني أكف وأسد والله لأربيك يا رخمة
مشى وراه وهم يطلعون من المدرسة .. وإللي لو تسببو بمشكلة جديدة داخل جُدارنها رح تضيع حياتهم الدراسية وتطير بمهب الريح .. بعد كل الهوشات والضرر الي تسبُبو فيه !
ومن وقف وقاص وهو يدخل يدينه بطرف جيبه ويناظر للي يتقدم له حتى صد عنه وهو يعطيه ظهره
ومن وقف قدامه وهو ينطق بإستفزاز : ودك بي أربيك من جديد ؟ معلوم تربيّة عيال سهيّل "جده"
تربيّة قشرى ولا بك لا أنت ولا أبوك ولا لكل شخص له بالعائلة ذي صلة خير .. الله يفكني منكم ومن نسبكم على أكمل وجه
وقبل ينتهي من كلامه .. عقد حواجبه بوجع وصدمه وهو يرفع كُفوفه الي دنى بها على وجهه وبدأ يمسح السائل الدافِي الأحمر اللي أنفجر بغزارة على وجهه بسبب السكِين

غمض عيونه للحظات .. وفتحها ببطء شديد وهو يناظر بالدم الي يملأ كف يده .. بسبب جُرح السكِين اللي أمتد من نِهاية جبهته حتى قطع الحاجِب .. ورُغم إني الطعنة ماكانت عميقة بنظره إلا إن الدم كان ينهمر بِشدة !




رفع نظره ناحِية وقاص وهو يناظر بنظرات ناريّة .. ووقاص كان منصدم باللي سواه مع ذلك كان يدعيّ الشجاعة .. تقدم وهو متجاهل الوجع اللي فتّك برأسه كامل ورفع كفيّنه وهو يحاوُط عنقه بعصبية ويخنقه بكل قُوته نطق بقهر وهو يحس إن السكين أنغرز بمخه لأنه صادف لحظة شُروده وتمكن منه : دايماً غداريّن يآل سهيّل .. المكر والغدر ينبض بكل عرق بجسّدكم
وقاص كان يضرب يدينه بعصبية وبصدمة وهو يحاول يتنفس .. ولكن كانت قبضته مُحكمة.. كان متجاهل تماماً تحول وجهه للون الأحمر وإنقطاع التنفس عنه .. مقهور لدرجة مو سهلة منهم !
ولا قدر يتحرر وقاص من بين كفينه إلا بسبب الحجر الي أنرمت على ظهر وهاج بكل قوة واللي بسببها فلت يدينه من على رقبة وقاص بوجع ورجع بخطوات مُتثاقله للخلف ويدينه على ظهره يتحسس مكان الضربة .. لحظة بس وألتفت بكل جمُوح وهو يلقي بنظرات صقريّة للمكان يتفقد الشخص الي تجرأ يضربه ويرميّ عليه الحجر ولكن غاب عن عينه .. رجع يلتفت ويناظر لوقاص .. الي أنحنى على ركبه وبدأ يتنفس بصعوبة وهو يكح يحاول يلتقط أنفاسه بفجعة من هُجوم وهاج عليه .. واللي فعلاً شاف الموت بعيونه بسببه !
سحب شماغه من على رأسه .. ولفه على يدينه بعشوائية وهو يثبته بمكان الجُرح الي وكأنه بجسمه كله من شدة الوجع فيه .. ولولا كبريائه كان صرخ بأعلى قوته من شدة الألم الي فتّك فيه .. ناظر لوقاص بجمُود .. ثم رفع رجله بلامبالاة وثبّتها على ركبة وقاص وهو يدفه بكل قوته لدرجة إن وقاص أختل توازنه وأنهار على الأرض بصدمة .. رفع يدينه بتهديد وهو يناظره بحدة ويقول : عفيّت عنك لوجه الله .. ثم لعيون أختي الي تتحرى رجعتي .. ماودي أرجع لها وأنا مكلبّش .. ولكن يشهد الله يا وقاص لأدفعك الثمن غالي .. وأخليك تتجرع المُر لليالي طويلة .. الحين ولا بعدين
بلع ريقه وقاص بصعوبة .. وهو يبادله النظرات الحادة لحتى قفّى فيه وأختفى عن أنظاره .. وقف بصعوبة وهو يستند على الجدار وناظره بقهر وغبَنة والود وده يقتله هاللحظة .. وهذا كان الشعور المُتبادل بين وهاج .. وجميع عائلة آل سهيل
والي من صغره .. يمقُت كل شخص ينتهي إسمه باللقب هذا .. سوا أبوه أو بقيّة أفراد عائلته ! وهالشيء كان معروف بكل مكان بالحي هذا ! كونه من صغره كانت كل مشاكله مع عيّال عمه .. واللي كان ما يعدي يوم إلا وتصير بينهم مذابحة على أتفه الأشياء .. وكأن وهاج يفرغ طاقة الضيق والقهر فيهم .. كون أي شيء سيء يحيط فيه .. ينسب السبب لآل السهيل كافة .. ويحملهم عواقبه !
-
أتكأ بكتفه العرِيض على باب بيتهم .. وهو عاقد حواجبه بعصبية ..للآن مقهور وكان وده يذبحه فعلاً



ألتفت بغضب وضح على كل ملامحه وهو يسمع صوت الي تِسللت وكانت تحاول تفجعه وقال بحدة : ماني برايق لك .. والله لأدفنك حية وسط هالحي يا شعاع !
تنحنت وهي متعودة على قساوة أسلوب وهاج معها .. ومع الكل عامة .. مع ذلك بلعت هالأسلوب وهي تحاول تداريه : أفا .. أخو شعاع ضايقة به الوسيعة ؟
آرتخى حاجبه بسخُرية وقال : أبد طال عمرك .. حنا لقينا بحياتنا حبُور لجل تنصدمين مني ؟
هزت رأسها بالنفي وقالت : مالقِينا .. ولكن ما تظن إن وجودي لحاله كفيِل بالسرور ؟
تأفف وهو يناظرها بجمُود وبجفى .. وألتفت لها للجهة الي الجرح فيها .. واللي من شافته تجمدت بصدمة وتأملت الشماغ الي أختفى لونه بسبب تسرب الدم لكل أجزاءه .. إرتجفت وهي تتقدم بخوف وتسحب يدينه من على الجرح وشهقت بصدمة وهي تشوفه يدفها عنه بعصبية بعدما صرخ بقهر : شعاع ! لا تقدمين على خطوة أنتي تعرفين إني بنهيك بسببها
شعاع الي تجمعت الدموع بعيونها من القهر قالت : وقاص الخسيس مرة ثانية ؟ ماوده يفك بلاءه عنك
تأفف وهو يرجع الشماغ على جبهته وقال : لي ساعة .. بين الرمضاء الي تحترق من شدة الحرارة .. وبين لهيّب الشمس جالس ومتحمل .. بس عشان لا أسمع كلام أمك اللي مارح ينتهي .. لا تجين تمرضيني أنتي بعد ! مانيب ناقصك
تنهّدت وهي ترفع كفوفها وتمسح دمُوعها بكل سرعة .. وكل دعواتها على وقاص .. ولد عمها الي يشبه كثير لأبوها وأبوه ! والي يستمدون قوتهم من خِلال محاولتهم في خضوع وهّاج لهم .. ولكن هيهّات : يعني منتظرتك من الصبّاح .. آخر شيء كذا تستقبلني ؟
رفع بصره ووجهها نحوها وهو يتأملها بضيق للحظات .. شلُون بينطق ويقول لها إنه لولاها هيّ .. كان صار لقبـه قـاتل الليلة ! وأخذ ذنب ولد عمه برقبته ؟ شلون يقول لها إنها غِصن نجاته الوحيد ؟
أبتسمت للحظات وهي تتأمل نظراته .. تفهمه لما يرمِش بشكل مُتتالي .. فشلون لامِنه ينطق كل شعوره من عيونه ؟ وهّاج كانت تقرأه مثل كفها .. ومثل ماهي تعرف .. ماكان شخص ينطق بمشاعره بلسانه .. أو يقول شيء يميّل للحب والرقة .. لأن شخص تربى بقسوة .. وفي ظروف صعبة بسبب أهله .. مستحيل ينطق بشيء يغلب عليه المشاعر .. وهي أصلاً تعودت عليه : أبببد يا وهّاج .. إعتبر الرد وصلني .. والحين يلا توكلنا على الله
قطّب حواجبه بإستنكار .. وناظرها بجمود وهو يقول : جايّه من بيت زوجك وتنتظريني عشان تبين تروحين مكان !
أبتسمت بخفوت وهي تهز رأسها بإيجاب .. وقالت : مكان حيّل مشتاقة له .. وما أبي أروح له إلا معك
ولكن قبل هالحِكي كله .. نروح للمستشفى نشوف وش وضع فعايّل ولد عمك .. لعل الجرح بيطيّب !



ما تركت له مجال للرفض .. مشت متوجهة لسيارة أبوها وصرخت له : وهّاج .. إستعجل قبل يجي أبوي يذبحنا الإثنين !
نزل الشماغ من على جبهته وهو يغمض عيونه بضيق : الجرح بيـطيب يا أخت وهّاج .. ميّر الأثر باقي !
وقف وأتجه للسيارة وناظر له وهو رافع حاجبه : أشوف تعودتي تنجلدين حتى وأنتي متزوجة !
ضحكت وهي تخفي إرتباكها وقالت : كبرنا مع الضرب .. مهيّب صعبة لامنه ضربني وأنا على ذمة رجل .. ميّر الصعوبة لا أنضربت أنت عشاني
ركب وهو يناظرها بهدوء : زِمان أول هالحكي .. الحين اليد الي تنمد عليّ تنعطب يا شعاع
شغل السيّارة .. وناظرلجهة الباب .. وهي بلعت ريقها بخوف لأن يدها كانت بمحاذاة الباب .. ومن أقترب شهقت وسحبت يدها ورجعت ورى بخوف .. وهو عقد حواجبه وناظرها بإستنكار .. وبنفس الوقت فتح الباب وقفله بقوة وهو يقول : بابك مفتوح يا بنت .. وش صابك ؟
ناظرته بتوترت وحاولت ما توضح ربكتها وقالت : أببد .. نظرتك لحالها ترهب قلب يا وهّاج
ثبت يدينه على الدِريكسون وهو يقول : الكل يهاب هالنظرة ويخاف منها يا شعاع إلا أنتي .. أنتي تعرفين وش يخفى وراها
هزت رأسها بإيجاب وصدت وهي تنزل نظرها لطرف يدها .. وبالأحرى لمعصمها اللي كان كله كدمّات .. وجروح لدرجة تحول للون البنفسجي من شدتها ! سحبت عبايتها وهي تغطيه وغمضت عيونها وهي تمنع دموعها تنزل .. وصلها صوت وهاج اللي قال فيه : أشوفك جيتي من بيت زوجك ومشينا .. ما سلمتِ على أمك ؟
ناظرته بضيق من وصفه لها وكأنها مو أمه مع ذلك عدّت الموضوع .. وقالت بلا وعي : إية شفتها .. وودعتها هي وكايد قبل تجي وأودعك
خفّف السرعة بإستنكار .. وقال بنبرة تمِيل للإستغراب : وداع .. ناوية تتركينا ؟
تداركت نفسها .. وللكلمة الي رمتها بوقت خطأ وبموضع خطأ .. وبلعت ريقها وهي تضحك بعشوائية : أي وداع الله يسلمك ؟ ترى مالك عني غنى ولا مفر .. قصدي سلمت
آرخى حاجبه وهو مستنكر تصرفاتها اليوم مع ذلك ما علق .. وبعد إصرار شديد منها .. وقف جنب المستشفى ونزل وكشف على الجُرح .. واللي كان مضمون الدكتور منه " الجرح عميق .. ولكن مو لدرجة الموت يا وهّاج .. مع ذلك ما ظنتِي تعيش باقي أيامك بدونه "
وهالشيء الي قلب وضع وهّاج فوق تحت .. كان مثل البارود أصلاً ما يحتاج نار لأجل يشتعل .. ولكن هالمرة فعلاً النار تواجدت وأنفجر وهو يضرب الدريسكون بقوته وهو يتوعد بوقاص وسط خوف شعاع من سرعته العالية .. وصوته وتهديده الكبير نطقت برجفة : وهاج .. إهدأ تكفى
ولكنه سكتها بصوت حاد وهو يصرخ : إنكتمي ولا أسمع لك حس .. ولا والله لأرميك مثل الكلاب




#تجمدت بمكانها بصدمة ووهي تلم يدينها لبعض .. ومن زادت سرعته غمضت عيونها وبدأت تبكي بصمت .. ولكن فجأءة سحبّ بريك بشكل مفاجىء واللي بسببه كانت بتصدم بالطبلون لولا يد وهّاج الي أستقرت على صدرها والي ثبّتتها بقوة على الكرسي .. ناظرها بحدة وهو للآن معصب : أنتي ما تفهمين ؟ أنا كم مرة بقولك لا ركبتي حطي حزام الأمان . أنتي تبغيني أخذ ذنبك برقبتي يا آدمية ؟
رمشت وهي تحس بدموعها تنهمر بلا وعي منها .. خوف من عصبيّة وهاج يتلوها خوف من الموت سبّب لها صدمة ماقدرت تنطق بسببها
لما ما ردت عليه ما أهتم .. رجع يعدل جلسته ويناظر من المرايّة للضماد الي على وجهه .. غمض عيونه بضيق وبقهر من إن هالأثر بيبقى وحلف لينهيّ وقاص ويرتاح منه .. كملو طريقهم بصمت .. لحتى تعدو حدود المنطقة وبدؤو يمشون بطريق الصحراء .. ومن شارف العصر على الإقتراب وقف السيارة على قمّة الجبل .. ونزل وهو يناظرها : ما ضربت مسافة خذت مني ثلاث ساعات في حر هالقايلة لأجل تبقين مكانك .. أخلصي علينا وإنزلي !
رتبت نفسها .. والأهم ناظرت لعيونها لآخر مرة في المراية ومسحت دموعها بعجلة وهي تنزل .. وتِتبع خطوات وهّاج وبيدينها دلة القهوة .. والشايّ وكيكة الفانيلا الي يحبها وهّاج كثير من يدين شعاع
فرش وهاج الفرشة وجلس وهو يناظرها ترتب الأغراض .. وقال بهدوء : أبطيّنا عن هالتلة يا شعاع .. ولا كنا نجيّها إلا لامنا تضايقنا .. نناظر من فوقها لصغر الكون تحت .. ونداري نفسنا إن همومنا بصغرها
أبتسما بضحكة وقالت : تلة ؟ خاف ربك يا وهّاج .. لامن أحد طاح منها يعتبر نفسه شهّيد
ناظرها بطرف عين وهو يأخذ الفنجان من يدها وقال : أشوفك قمتي تحرفين الموضوع ؟ ماودك تنطقين وش فيك ؟
تنهدت وهي تقطع الكيّكة وقالت : عالأقل خلك رقيق وأنت تحاول تداريني
قطّب حواجبه بوجع وآرخاها وهو يصد : ما تعودتي عليّ يا شعاع ؟
أبتسمت بخُفوت وهي تقول : أبد .. بس عاد لازم نعاتب يا بن سلطان
نزل الفنجان ووجهه متجهم من الإسم الي أتبع إسمه وقال : ماقلت لك لا تنطقين إسمه ورى إسمي
ضحكت وهي ترجع تصب له القهوة : يعني قضاء ربي تكون ولده .. والمعروف يتبع إسم الولد إسم أبوه وش بيدي ؟
غمض عيونه بضيق وقال : لامن الأب كان كفو يتبعه .. ولكن أبوي ماهو بكفو ياشعاع
تضايقت من نبرة الضيق .. وقالت وهي تحاول تداريه : طنّش الضيق يا وهاج تكفى .. خلك قوي ترانا نستمد قوتنا منك


ناظرها بهدوء .. وهو يقول : أنا قوي .. ميّر ال سهيل كلهم يكسرون حمايّ .. وآخر أثارهم بوجهي .. الله مير يكسر يدينهم ويلحقها برجولهم .. ويفكوني منهم كلهم .. شايّب مايخاف الله وخلف له ذياب يتبعونه لين كلونا معهم !
ضحكت غصب من دعوته .. ورغم إن الموقف ما يضحك أبداً .. ولكن رغم الضيق كانو يضحكون .. لأن بعد سنين طويلة من تجرُع المر .. ومن شدة البأس ومن الليالي الي ماتعدي من قوة الوجع بسببّ العقال الي آثاره للآن باقيّة لو بقو يبكون عليها .. كان ماتو من شدة القهر : مصير الحال يتعدل ويبتسم الحظ لك يا وهاج
ناظرها بضيق : لا ترهقين قليل الحظ بالأماني .. أنا مثل ما قال أبوك سود الليالي .. ومن متى سود اللياليّ تزور ظلمة لياليَه الفرحة ؟
تنهدت وهي تتأمل تفاصِيل وجهه .. من شعره الأسود لعيونه الكحلاء .. للجرح الي الضمِاد ملفوف عليه .. للرقبته الي عليها آثار ضرب .. ليدينه اللي متورمة من شدة ضربه لوقّاص .. لأكمامه الي مشمرها ولياقة ثوبه المفتوحة بلامبالاة .. كانت دائماً حالته مُبعثرة .. مُشثتتة .. ومثل ما أنقال إن الأب .. الشخص الي كان مفترض يجمع شتاتهم .. كان العكس تماماً .. الشخص الي يحاول بكل الطرق يشتتهم .. أبتسمت وهي ترجع حجابها الي طار بسبب الهواء لخلف رأسها وثبّتته بيدينها وهي تناظره بحنيّة وقالت بنبرة تمِيل للأمل .. للرجاء بأن هالوهّاج يصدق فعلاً بإنه بيوم من الأيام رح يكون بخِير : لابد يا سود اللياليّ يضحك حجاجك !



" أنتم يهالأطفال ما يمشي واحد بالدرب زين .. إلا لما يتورم وجهه من شدة الضرب "
ناظرته وكل خلية بجسدها ترتجف .. وحتى دموعها ما وقفت من الخوف .. ناظرها بحدة وهو يأشر على وهّاج إبن الخمس سنين واللي كان جالس بالزاوية ولام أطرافه لبعض من خوفه ويبكي بنحيّب وهو يتمتم بطفولية وبصوت باكِي مُرتجف " أنا آسف يبة .. والله ما أعيدها .. آخر مرة "
شعاع كانت تبكي من بكُاه وتبكي خوفها .. ولا وعت إلا على كف أبوها واللي من قوته غمضت عيونها بشدة وبدأ بكاءها يحتد
ناظرها بحدة وهو يمسك شعرها بين كفينه : أقولك عاقبيه .. خليه يعيّف يعيد هالحركة من جديد .. سوي فيه نفس ما سويت فيك .. إضربيه خليه يتأدب
هزت رأسها بالنفي وهو رجع يضربها بكل قوته : إضربيه يا شعاع قبل تموتين هالليلة على يدي
صارت تشهق ويدينها على صدرها ودموعها ملئت وجهها .. وألتفت لوهاج وهي تمشي له .. أنحنت وجلست على ركبها قدامه وناظرته وهو يبكي بقوة .. ورجعت تناظر لأبوها الي متكتف ويراقب تصرفاتها .. رفعت كفها الي يرتجف وضربت خد وهّاج بخفة وفزت من صوت أبوها العالي واللي قال : أققققوى !



غمضت عيونها وبكت بصمت ورجعت تفتحها على نظرات وهّاج الي كلها خوف .. رفعت كفها وضربت خده بقوة أكبر ولما بكى وهاج من الوجع ما تحملت وأنحنت وهي تضمه بكل قوتها وتبكي معه بصوت واحد .. إمتلأ جوف سلطان بالغضب والقهر .. وسحبها بقوة من الخلف وهو يرميها على الأرض ويناظرها بعصبية : نعنبو حيّك أنا أبيه يترجل ويصير رجال .. وأنتي تعلمينه على البكاء وقلة البأس .. والله إن أربيك أنتي وهو وتمشون على الصراط المستقيم .. ولا لأذبحكم وأرتاح من هالخلفة الي كلها ضيم .. من وجدت على وجهه الأرض وكل اللليالي قهر .. والله إنك سود الليالي يا هالولد
أنحنى وهو يمسك وهاج من ثوبه ويقربه له وبدأ يضربه بعصبية وهو يسبه ويسب تربيته .. وكيف بيكون طفل مايع ورقيق ولا يعرف يكون رجال .. وشعاع تحاول تفك مخالب أبوها عن الطفل الصغير الي يبكي بفجعة من محاولات أبوهم بتشويه حياتهم ! وكل ماحاولت تبعده يكون لها نصيب من الضرب الشديد .. لحتى ما تعب وأستوعب وش قاعد يسوي .. بعده عن يده ووقف وهو يتنفس بسرعة ويناظر لشعاع الي تكورت على أخوها وغطته بجسدها وهي تحاول تكون الحصن الآمن له .. وناظرهم بحدة وهو يقول : ما خلفت عيال لأجل ينزلون رأسي بين الرجال .. ولا يبكّون كأنهم حريم .. والله ورب السبّع لو ما تترجل .. وتترك عنك مجالس الحريم والجلسة عندهم .. وتبقى مع عيال عمك لأذبحك .. وولد عمك اللي فجرت رأسه بالحجر والله لو تعيدها لأذبحك وأنهيك عن الوجود تفهم ولا لا ؟ بتقطع علاقتي مع أخوي عشان جمُوحك الي ما تطلعه إلا على الرخوم .. ترجل يا وهَاج وإلا بتموت على يديني "
رمى كلماته على الطفليّن الي يبكون على أرضية الغرفة بهلع .. وطلع من الغرفة وهو يتجهه لمجلس الرجال اللي قايّم وقاعد بسبب الجرح الي برأس وقّاص
جلس بربكة جنب أبوه وهو يناظر لأخوه اللي معصب ويسكت وقاص : ماعليه إمسحوها بوجهي .. أطفال تصير بينهم هالمشاكل
ناظره أخوه بحدة وقال : والله لا نعوف بيتك ياسلطان .. أنت وولدك ناوين على القطاعة بيننّا !
سهيّل الي أحكم الشد على قبضة عصاه .. ناظر لسلطان وقال : ولده طول اليوم بمجلس الحريم وكأنه مرة .. ويومنه خرج وقلنا تعدل كسر رأس ولدنا .. ماكذبت يقوم قلت إنه رخمة هالسلطان .. وولده بيطلع مثله .. لا قدر يكون رجال .. ولا عنده المقدرة يخلي ولده يترجل .. دايم الدوم ناكبينا برخومتهم
أشتعل صدر سلطان ضيق وغضب من كلام أبوه .. ونظرات أخوه اللي دائماً تنكسر مجاديفه بسببها : إلا بربيَه أحسن تربية يبة .. مثل ما ربيتنا لا تخاف



رفعت يدينها وهي تُزيح كم العباءة عن معصمها .. وتأملت الجروح اللي تكسو جلِدها الرقيق .. كدمات كثيفة .. آثار أظافر بشكِل وحشِي ! غمضت عيونها وهي ترتجف من شدة الدمع الي داهمها .. ومن قوة الوجع اللي فتّك بكل أجزاءها وهي تِتذكر الـ الإثنين والعشرين سنة بحياتها .. معقولة بيوم من الأيام ذاقت طعم السعادة ومن كثر المُر ماقدرت تستلذ فيه ؟ أو فعلاً حياتها كلها كانت ضيم ووجع لدرجة لو خفت درجة الوجع للقليل ظنت إنها سعادة ؟
أنزلت يدينها وهي تلفها حُول بطنها .. وتعتصره بيدينها بكُل شدة .. وكل عظامها تِرتجف من وجعها .. بدأت دموعها تنزل بإنهمار شديد لدرجة إنها حجبت الرؤية عن عينيها الذابِلة .. بدأت ترتجف من الضيق ومن شدة البكاء وهي تبكِي بحرقة نطقت بحرقة : معقولة ؟ رح تجي طفلة صغيرة تعاني وتبكي كل ليلة مثلي ؟ معقولة رح تكون أمنيتها كل ليلة قبل تنام ( يارب أموت اليوم ) معقولة من شدة وجعها ومعاناتها رح تنهار بأبسط الأمور .. رح تجي طفلة صغيرة بريئة على هالدنيا البشعة .. واللي كلها جروح .. رح تجي طفلة طاهرة بمجتمع كله إثم وخطايا ؟
بلعت ريقها بصعوبة .. وهي تستقِيم بجسدها النحِيل .. وتمسح دموعها بعشوائية بطرف كمها وهي تناظر من على قمة هذي التلة العالية : ماعاد بي حيل لجروح جديدة .. أنا كلي جروح .. ماعاد فيه مكان لوجع ثاني .. وهالشيء كله بسبب أمي !
رجعت تناظر لبطنها ثم غمضت عيونها : ماودي تجين على الأرض هذي وتبكين لأني أمك .. ولأنك بتعيشين حياة نفس حياتي .. رح أحررك مثلما تمنيت أتحرر .. رح تكونين طيّر بالجنة بدل ما تكونين طير مكسور الجناح بالدنيا هذي ! رح نموت أنا وأنتي .. قبل تعيشين الذنب وأنتي بريئة
تقدمت بخطوات عشوائية وخطيرة وهي تدعس بخطواتها على الحجر بدون إنتباه أو دقة .. تقترب من حافة هذي التلة ضمت ذراعِيها على جسدها المُرتجف وهي تغمض عيونها وتِتذكر لمحة بسيطة عن الأشياء الأخيرة الي ودعتها ( إبتسامة أمها ، ضحكة وهاج البسيطة ، غمازة كايّد الصغير ) وهذي كانت آخر شيء تتمنى تشوفها بنهاية حياتها البائسة .. وفعلاً لبّت متطلبات قلبها لآخر مرة


تقدمت بخطوات عشوائية وخطيرة وهي تدعس بخطواتها على الحجر بدون إنتباه أو دقة .. تقترب من حافة هذي التلة ضمت ذراعِيها على جسدها المُرتجف وهي تغمض عيونها وتِتذكر لمحة بسيطة عن الأشياء الأخيرة الي ودعتها ( إبتسامة أمها ، ضحكة وهاج البسيطة ، غمازة كايّد الصغير ) وهذي كانت آخر شيء تتمنى تشوفها بنهاية حياتها البائسة .. وفعلاً لبّت متطلبات قلبها لآخر مرة .. وهي تتمنى فعلاً تكون حياتهم من بعدها (حياة) فعلاً ! لأنهم يقدرون يقاومون أكثر .. بينما هي تظن إن العشرين سنة والسنتين الأخيرة كانت بمثابة إنجاز يضاف لشخصها ..
كانت تحاول شرح إنها تعيسة جداً .. ماكانت تدري وين تروح وأي وجهة تقصدها .. صارت تتمنى تهرب وتفر لجزيرة مهجورة وسط محيط خالي من البشر .. صارت حياتها لا تُطاق .. وكل اللي ينوصف بحالتها إن عندها هموم كثيرة بالرغم من صغر سنها .. إلا إن روحها صارت بحجم ثقب الإبرة .. يئست وماتت جميع مشاعرها .. لدرجة أن فكرة التخلي عن الحياة الفكرة الوحيدة الي تبادرت لذهنها لليالي طويلة لا تعد ولا تحصى .. وأيقنت أن إزهاق روحها الحل الوحيد لينتهي هذا العذاب بالنسبة لها .. لذلك رفعت ذراعِيها وهي تساويها لعلو كتفها .. وأقتربت كل القرب أكثر من الحافة وهي تُتحرر جسدها من ثقلها الشدِيد .. وتترك نفسها للهواء وللـموت .. للشيء اللي تِظنه بينهي عذابها !
-
إنتهى !.




التعديل الأخير تم بواسطة فيتامين سي ; 18-10-21 الساعة 12:27 AM
فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 06-03-21, 01:05 PM   #4

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,544
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



لا تلهيكم الرواية عن الصلاة وذكر الله
اللهم إجعلها شاهدة لي لا علي ..
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

-
( البارت الثاني )
--

أقتربت كل القرب أكثر من الحافة وهي تُتحرر جسدها من ثقلها الشدِيد .. وتترك نفسها للهواء وللـموت .. للشيء اللي تِظنه بينهي عذابها !
حررت جسّدها من ثقلها وتركت روحها للهواء .. لأنها أنتهت رغبتها في الحياة .. للحظة بس
وقبل تكون فرِيسة لشراسة تفكيرها .. إلتفت ذراعيّ وهاج على خصرها بكل قوة وسحبها بإتِجاهه وهو يبتعد عن الحافة ومن شدة سحبه لها سقط على الأرض وهي بجنبه وذراعيه تعصر خصرها بعصبية قامِتة ! يكاد أن يلتهم حنجرته من صلابة الخيّبة
أما شعاع كانت بموقف لا تُحسد عليه .. ثبّت بمكانها بجمود إبتلعت جميع كلمِاتها وكتمت أنينها وصوتها مرت عِدة دقائق وهي بذات المكان .. عاجزة عن الحركة .. عاجزة حتى عن الرِمش أو الكف عن التحديق بالفراغ .. تُداري خيبتها بنفسها .. تتعالى أصوات العتاب والصدمة داخلها " أحترقت دنيّاك .. سقف آمالك وطموحاتك تساوى بالحضيض .. مالك حتى مُتسع تتنفسين فيه .. وكانت نيتك بعد تحرقين آخرتك ؟ كنت ناويه تقتلين نُطفة منك يا شُعاع ؟ كنت ناويه تنتحرين لأجل تخسرين آخرتك مثلما أنتي خاسرة دنّياك ؟
بُترت كلمات العتاب بحلقها وهي تحس بوهّاج يرمِيها من جنبه بعصبية .. وهو يوقف وينفض التراب من على ثوبه .. بدأ يمشي بالمكان بتوتر شديد .. مكتف يدينه وشماغه على كتفه .. وحشرجات شديدة تجُول بقلبه ..يكاد يحترق ويُصبح شعلة ثم يتحول لرماد بسبب الأفكار الي تغزو باله .. وقف بمكانه وهو يناظرها تستعيد توازنها وتقف على قدميّها بشتات وهي تُوزع نظرات الخيبة على أرجاء المكان .. وعاجزة تماماً عن النظر في عينيه .. يكاد يجُن .. وكلما حاول أن ينطق بكلمة واحدة تعود سيل هذه الكلمات بخوف إلى حنجرته ! كيف ينطق بها أصلاً ؟ كيف يقول " وش كانت نيتك يا شُعاع ؟" كان خائف من الإجابة
لما رآها تُحدق بضياع لأسفل التلة العالية وكيف رفعت ذراعِيها وخطت آخر خطوة ركض بأقصى سرعته وهو يحاول إنقاذها .. ولكنه يجهل تماماً من ماذا أنقذها .. من محاولتها للإنتحار ؟ أو من سقوطها المفاجىء ؟
كان يناظرها برجاء .. بأمل .. بعشم
يود أن تنطق بكلام يجعل النار الي تحرق جوفه تبرد وترتاح .. فبرغم ما عانوه في حياتهم لم يتطرقو أبداً لهذه الفكرة أبداً
أغمض عينيه بضياع وهو يتنهد بضيق واجِم بسبب عناقها الكبير له .. نطقت وهي تبلع ريقها وهي تبكي بخوف : وهّاج كنت بموت .. ما أدري شلون زلت رجلي وكنت بطيح من على هالتلة
آرتخى حاجبه من كلامها وهي أردفت ببكاء : كنت بموت بسبب غبائي .. أحسب نفسي طير بجناحين وبطير !
هدأ نفسه .. وإضطراب دقات قلبه الكثيفة بدأت ترجع لمسارها الصحيّح .. الفكرة التي كاد أن يسقط قلبه بسببها كانت خُزعبلات وتراهات من عقله .. وأخته المؤمنة التقيّة لن تئول لهذا الطريق أبداً !
لف ذراعيه حول كتفيّها وهو يتنهد .. ماكانت له نية يفتش بنيتها أو يختبر صدقها من كذبها .. على طول قال : لاتخافين .. صرتي بأمان الحين
أزاحها عنه وهو يمشي وهي بمحاذاته وبعدما ركبت السيّارة إتجه لمقعده وركب وهو ينطلق راجع للبيت !
أماهي كانت تكتم شهقاتها بكل ما أؤتيت من قوة .. نظرات الخيّبة بعيون وهاج كانت قادرة على قتلها بمكانها ! إدعت الخوف من السقوط .. إدعت عكس فعلتها لعل البراكين الي تفجرت بوجهه تُخمد ! كيف تنطق وتقول " كنت بنتحر لأجل ما تعيش بنتي نفس صراعي ؟ كنت بنتحر لأن أبوها شبيه أبونا يا وهاج .. كنت بنتحر لأننا نهان بطريقة مؤذية قادرة على إذلالنا وكسر شخصياتنا .. كنت بنتحر لأن اللي حولي أستغلو ضعف شخصيتي وتسلط أبوي وإحكام قبضته على عنقي وبدؤو يتخذون نفس أسلوبه معي .. كنت بنتحر لأجل مايكون لبنتي أب نفس أبوي يا وهاج"
كانت موقنة إن هالجمل قادرة على جعل وهاج يرتكب جريمة شنيعة في حق " فواز " زوجها !
دقيقة تتُلوها دقيقة أخرى .. طويلة جداً على قلبها .. فطوال ساعتين كانت تكِتم شهقاتها قدر ما تستطيع .. فمن سابع المستحيلات تبُوح بمكنونها .. وهل عندها جراءة ؟
أما وهّاج فمن طبعه الصمت والسُكون .. يعرف بطبيعته الساكِنة وقلة كلامه وحديثه لذلك ماكان مستنكر الوضع تماماً .. إلا لما لاحظ إنها طولت بالجلوس والنظر بسرحان .. لذلك قال بتأفف : شعاع ، لك نية تباتين بالسيارة ؟ ماودك تتوكلين ؟
وعت من سرحانها وأنقطعت دوامة بكاءها الصامتة .. لذلك ناظرته وهو عقد حواجبه بعدم إعجاب : ساعتين تبكين ؟ كل هذا خوف !
رمشت بعدم إتزان وناظرته بهدوء .. ثم هزت رأسها بإيجاب وأنحنت برأسها وهي تفتح الشنطة الصغِيرة .. سحبّت المسبحة السُوداء واللي بطرفّها خرزة مُميزة باللون الذهبّي .. منحوت عليها إسمه «وهّاج» وحاوطت بكفينها عليها وهي ترفعها وتخليها مُوازنة لنظراته .. لحظات معدودة وفتحت كفينها وأبتسمت وهي تمّدها لوهاج وهي تقول : كنت بنساها معي .. هذي هديّة تخرج !
أبتسم للحظة .. ولكن سرعان ما تلاشت إبتسامته وهو يقول : أي تخرج .. باقي شهرين يا شعاع .. والله أعلم أتخرج بعدها ولا تصير هوايّل !
تضايقت وقالت : للمرء نصف ما نطق .. وتفائل خير وبتلقاه !
أخذها من يدينها وهو يهز رأسه بهدوء وبدون ما يتكلم .. وأبتسمت وهي تتأمل نظراته الي تحِكي الإمتنان اللي ماقدر لسانه ينطقه .. أكتفت بنظراته وأستأذنت وهي تنزل من السيارة .. وقفت بمُحاذاة الباب وهي تِلمح شبّاك الدريشة يتقفل .. تنهدت بضيق وهي تمشي بخطوات مُتخاذلة دخلت البيت وأخذت نفس وبدأت تزفره بهدوء .. رفعت أنظارها للشخص الي يتقدم بإتجاهها شدت بأطراف يدينها على شنطتها الوردِية وهي تنزل عُيونها بسرعة " طول عمري كنت أخاف إني بتزوج شخص يشبه أبوي .. خفت دائماً أصير مثل أمي وتنهان وتنضرب وتلتزم الصمت وتتحمل .. ولكن باللحظة ذي فهمت إني من الأساس أخاف إني أشبّه أمي .. وصارت مخاوفي حِقيقة "
وقف قدامها وهو قابض على كفوفه بعصبية : وين كنتي للوقت ذا ؟
نزلت نقابها وهي تناظره وقالت بهدوء : فواز .. قبل لحظات شفتني وأنا أنزل من سيّارة وهاج .. ليه تسأل عن شيء مفروغ منه ؟
رفع حاجبه بعدم إعجاب وقال : تراددين يا شعاع ؟ ماودك تقضبيّن أرضك
تنهدت ورسمت على وجهها إبتسامة هادية وقالت : لا ياعيوني أفا عليك .. بس رأسي يوجعني خلني أدخل وأرتاح
فواز : أول إنطقي وين كنتي ؟ مو قلتي بتروح بيت هلّك ؟ كنت فيه قبل ساعة مع عمي ومالقيتك .. تكذبين علي يا حيوانة ؟
ناظرته بصدمة وكانت بترد بعصبية .. ولكن تمالكت أعصابها .. بالنهاية مارح ينهار من الضرب غيرها .. لذلك قالت : وهّاج كان متضايق ورحت مشوار ساعة معه وجيت .. رضيت ؟
سحب الشنطة من يدها بقوك ورماها عالأرض وقال بعصبية : لا ما رضيت .. ثاني مرة تركبين سيارة سود الليالي من دون علمي أكسر رجولك فهمتي ولا لا ؟
قطّبت حواجبها بإستنكار وقالت : لا تحكي هالحكي عن وهَاج يا فواز .. ومتى ماقال تعالي رحت له .. مهب أنت الي تمنعني من أخوي !
ضحك بسخرية وكتف يدينه وهو يقرب ويناظرها بهدوء : قدّ الحكي الي تقولينه يا شعاع ؟
بلعت ريقها بصعوبة .. هالهدوء كان يتبعه عاصفة ما تبقى ضلع صاحي بجسدها .. لذلك هزت رأسها بالنفي بسرعة .. وهو ناظرها بسخرية ثم مشى عنها .. بلعت غصتها وهي تِحس بدموعها تنزل بعدم وجههة .. تمُرد فواز عليها ماكان بسبب ضعفها .. كثر ماكان بسبب تسلط أبوها عليها ! ما تنسى أبداً لما ضربها أبوها قدام فواز بأول أيام زواجهم وبسبب إنها نست تكتب على كرت الدعوة عائلة أحد أصدقاءه ! ومن بعدها بدأ فواز يفرض نفسه عليها بكل قوة .. بدأ يسيطر على حياتها .. بدأ يهينها بطريقة وحشِية .. وهي وش بيدينها ؟ تحكي وتبُوح وتنقطع رِقاب لاحكت ! ولا تلتزم الصمت وتتحمل وتحذُو حذو أمها ومحد يضيق الكون عليه غيرها .. ! والخيار الثاني كان المُصاحب لحياتها لمدة سنة كاملة من زواجها .. والحين رح تشاركها هالعذاب النُطقة الي بين أحشائها !



رفع رأسه من على الدرِيسكون وهو يفتح عيونه بهدُوء .. لازال يصارع نفسه لازال يبكّي خوفه من داخله .. لازال إختناق الشعور يحاصره !
إنقطع سيّل أفكاره بسبب صوت الصراخ الي إنسمع من نص الحوش .. فتح باب السّيارة بعجلة وهو يركض بكل طاقته لداخل البيت .. فتح الباب بتشتت وهو يناظر لأبوه ماسك العقال بوحشّية .. ويطبعه على ظهر كايد الي يئن ويبكي بكل طاقته .. وقف بمكانه وقلبه يرتجف .. قبل سنين كان بمكانه .. وباللحظة هذي يحس لسعة العقال بظهره .. غمض عيونه وهو يرتجِي الصبر : يارب .. تكفى نسنِي لأجل أكون بار .. صبِرني لأجل ما أنكتب مع العاقيَن
قرب ومن شافه كايّد .. وقف بسرعة وهو يركض بإتجاهه ويحتمِي بظهره وهو يبكي بنحِيب : وهاج .. إلحقني تكفى
عض على شفايفه بضيق وألتفت وهو يناظره بهدوء : ليه يضربك ؟
كايّد نطق برجفة : لأني جبت مقبول في الرياضيات
أردف بنفس الهدوء : تقرير الفترة الثانية ؟
هز رأسه بإيجاب ووهاج ألتفت لأبوه وناظره وهو يتقدم نحوه بكل همجيّة وبهجوم : وينك يالضايع .. يا أسود الوجه .. هالبزر ما شابه إلا أنت .. الله لايبارك فيكم من ذرية

" سميناك وهاج لأجل تكون أبيض وجه .. وماصرت إلا سود الليالي .. وسمينا كايَد لأجل يأخذ من إسمه نصيب بس طلع رخمة .. سفيه ماعليه شرهه "
قال وهاج : يبه إهدا .. ترى هالإشعار للفترة بس .. بيعدلها بنهاية السنة
شد غترته بعصبية وهو ينزلها من عبى رأسه بوحشِية : كيف اهدأ وسطَام يضحك عليه ؟ كيف أهدأ وأبوي يعايرني بقلة درجاته .. أنتم ماودكم تفرحوني بيوم ؟ ماودكم ترفعون رأسي ؟
تنهد بضحكة ساخرة : إذا عُرف السبب بطّل العجب .. مو سطّام أخوك اللي كان يتشرهه علينا يوم كنت أجيب درجات أعلى من درجات وقاص ؟ وكان العقال يلعب على ظهري لأني من الأوائل ؟
والحين يتكرر العهد مع هالمسكين والمشكلة لأنه ضعيف .. يا إبن الحلال أنصفنا ترى ما بقى بنا شيء صاحي بسببكم !
سلطان واللي للآن ما هدأت أعصابه .. مشى وهو يسحب كايّد بعصبية من خلف ظهر وهاج ورفع عقاله وكان بيطبع على وجه كايد لولا ظهر وهاج الي تصدى له .. ناظر لكايد وهو عاقد حواجبه وبنفس الوقت صاد أبوه عنه : كايد .. رح لدكان أبو الدكتورة
كايد ناظره برجاء وخوف وهو صرخ بعصبية : توكل بسرعة
سحب نفسه من يدين أبوه بقوة .. وركض بأقصى طاقته وهو يهرب من البيت
بينما وهاج وقف بمكانه وهو يتلقى ضربات العقال على ظهره بإنصِياع .. يسخط ؟ يزلزل الأرض بغضبه ؟ يرد الضربة ؟ ولا يتطاول على أبوه ؟ وفي من يشفي غليله بعد القهر الي يعيشه باللحظة ذي ؟ مئات الأسئلة تغزُو فكره وهو يحس بحريق العقال على ظهره .. ولكن ماتوجع .. يمكن لأنه إعتاد على هالضرب في صغره؟ ويمكن لأن له فترة طويلة ما سمح لأبوه يمد يدينه عليه .. ولكن هالمرة كان كبّش الفداء لأجل ما يتدمر وجه أخوه الصغير مثل ما تمرد وجهه
وبعدما هدأ سلطان .. ناظره وهو يتنفس بصعوبة وقال بحدة : والله لأربيّكم .. والله لأنحركم من الوريد لو بقيتو كذا .. عشرين سنة مرت وأنا رأسي للأرض بسببكم .. عشرين سنة وأنت ياسود الليالي مسود وجهي .. اللـ...
قاطعه بعدم مبالاة وهو يعدل ثوبه بعدما إشتد بسبب الضرب : إكفنا شر لسانك .. ما يكفي يدك ؟ ولا يكفي لسان هلك ؟ ودك تضيق علينا أكثر
ناظره بعصبية وهو يقول : صدقني يا وهاج .. موتك على يدي
ضحك بسخرية وقال : ماباقي إلا تقلتني يبه .. وظنك بستغرب لو أقدمت على هالخطوة ؟ إلا بكون ممنون لك طول العمر .. فكني من هالدنيا .. وفك أمي من شرك .. عصفورين بحجر واحد
رفع العقال وضربه بقوة مكان الجرح اللي بوجهه واللي مغطى بالشاش
رفع العقال وضربه بقوة مكان الجرح اللي بوجهه واللي مغطى بالشاش .. ووهاج نزل رأسه ومسكه بيدينه بوجع وهو يغمض عيونه بقوة وينحني على ركبه من الصداع الكثيف اللي داهم رأسه .. أنحنى له أبوه وهو يناظره بعصبية : لا ترفع صوتك علي مرة ثانية يا وهاج .. لا تعتلي قمة ماهي قمتك .. لا تظن إنك صرت بالعشرين يعني صارت لك قوة .. مازلت تحت سلطتي .. ولا لك قدرة تطلع من شوري لو على موتك
مشى عنه ووهاج شد على قبضة يده بعصبية وهو يحاول يكبّح غضبه .. فعلاً عشرين سنة في قاع جهنم ولا له زوال عنها !
رفع عيونه وهو يناظر لأمه اللي واقفة بباب الصالة وبيدينها كيسَ اللحم اللي أعطاها سلطان وطلب منها تسوي العشاء له .. ولكن دموعها على خدها مِثل السيَل ! ما جفت ولا قلت أبد .. تبكي بنحيب وهذا وضعها من سنين طويلة !
من ناظرت لنظرات السخرية من وهاج صدت وألتفت وهي تمشي للمطبخ
ضحك وهو يوقف ويسحب الشاش من على وجهه بعصبية ورماه عالأرض .. حتى ما فكرت تسأل عن الجرح اللي شوه وجهه ! لذلك زاد غضبه للضعف منهم


وصل لدُكان أبو الدكتورة وهو يوقف ويناظر بضيق لـ"عمر" الشايّب الخمسيني الي جالس على الكُرسي الحدِيد الأسود جنب الباب .. ومِتكي برأسه على عصاته الخشِبية ويناظر لكايد اللي جالس على الأرض ويلعب بالتراب بعشوائِية !
من سمع صوت خطوات وهّاج الصاخِبة رفع رأسه ووقف .. كادت الكلمِات أن تتخذ مُنحناها الطبيعي وتخرج من حلق هذا الشايب ولكنها بتُرت بصدمة وعيناه تتعلق على الكارثة اللي حصلت بوجهه هذا الصامِد ليقترب منه بخطوات مُتعثرة ويقف أمامه بعد إستيعاب وهو يأشر على وجهه وبلكنّة سُورية : شو هاد اللي على وجهك؟ مابدك تهدي بالك يا زلمِة ؟
تنهد وهاج وهو يرجع شعره لورى بعدما نزل الشماغ على رأسه وقال : والله ما بيدي شيء يا عم عمر .. سنين طويلة والدنيا ضدي .. وأنت تدري إن اللي بوجهي ماهو إلا نقطة من بحر !
تنهد بيأس وعجز عمر وهو يشد على قبضة يده بضيق : وهالمرة ميّن ضربك ؟ أبوك ولا إبن عمك الأزعر ؟
أبتسم بسخرية وقال : لا تقول ضربك .. تراك تقلل من قيمتي ! تراني كديّت بظهره خير وكان بيموت على يدي بسبب سواته !
ناظره بعصبية وقال : شو ما بيكفي اللي عم يحصل معك بسببه ؟ بدو يكمل على حياتك يعني ؟ مابدو يكف شره عنك ؟ ما بيكفي سنتين من عمرك راحت هيك وأنت يدينك مربطة مشان يكون معك بنفس الصف ؟ مابيكفي إنو اللقمة كانت تنشال من تمك وتنحط بتمه ؟ بدو كمان يشوه وجهك ؟
تنهد بضيق من كلام عمر اللي زاد الطيّن بله وزاد ضيقه للضعف .. هو من غير كان ضايق بسبب يومه اللي مليان وجع من كل جهة
قال بضيق : ماعليك مني الحين .. أنت أعذرني ياعم .. كل مرة تبتلي فيني والحين أخوي معي
ضرب على كتفه بخفة وحنيّة وهو يقول : إمتا ما بدك أنا هون .. ما بيهون علي إترك أبضاي متلك بدون صاحب
ماقدر ما يبتسم من كلمته .. ونطق بإبتسامة : الله يبهج خاطرك ياعم عمر .. والله محد مصبرني على هالعيّشة غيرك وغير شعاع .. ولا الباقي الله يعين !
تنهد عمر وقال : ما تئول هيك يا وهاج .. عندك إمك المسكينة .. وهالشب الصغير اللي حيأكل الضرب من بعدك !
ناظر لكايد اللي كان جالس بنفس الجلسّة .. اللي كان وهاج يجلسها من سنين طويلة قدام دُكان العم عمر .. تنهد وهو يوقف جنبه ويوقفه وهو يقول : كايّد رجال .. ولا عليه خوف .. وأمي جنت على نفسها بنفسها !
كان بيردف ويتكلم .. ولكنه ألتفت وهو عاقِد حواجبه بصدمة من الأشخاص الي يصارخون بلقبه .. ويتقدمون له بكل وحشيّة .. وبعيونهم يبّان الشرر " سود الللييييالييي !!"
الوقت كان بعد المغرِب .. والدكاكين فتحت قبل يأذن العشِاء .. لذلك أصحابها والمُشترين وقفو كلهم يناظرون لعائلة آل سهيَل ..اللي يتقدمون بوحشية لأحد أفرادها .. أولهم سطّام !
اللي وقف قدام وهّاج وهو ينطق بعصبية : كنت بتقتل إبني الله يكسر يدينك ! كنت بتطلع بروحه يا سود الليالي
رفع حاجبه ثم ضحك بسخرية وقال : جاءكم يشتِكيني الرخمة ؟ ماودكم تعلمو ولدكم المرجلة !
سهّيل قال بحِنكة : رجال غصب عن خشمك يا أسود الوجه .. كيف طوعت لك نفسك قتل ولد عمك .. تبي سيرتنا تصير بكل لسان ؟ تبينا ننهان عشانك ويقولون قتّال ولد عمه !
تنهد وهو يناظرهم بلامبالاة : سيرتكم على كل لسان من دوني .. أنتم بلاء على هالأرض .. ما يحتاج أحد يشيّع خبركم
سهيَل رفع سبابته بتهديد : والله لأنهيك عن الوجود لو ما تسمع الحكي يا وهاج
وهاج نطق بضحكة وهو يقول : أقول توكل يالشايب قبل أدق عصاتك بيديني وتنهار بقبرك .. ماباقي بك عرق صاحي وللحين تتطاول ؟
طارت عيون سهيَل بصدمة من كلامه وقال : نعنبو وجهك يالردي .. هذا حكي ينحكى لجدك !
ماتحمل وضحك وهو يقول : أبد إعذرنا - نطق بضحكة أكثر - ياجدي
سطّام ما تحمل وقرب وهو يمسك ياقة ثوبه بعصبية وقال : والله يا وهّاج لو ما تمشي بعين الصواب لأخلي سلطان يقتلك ويفكنا منك
فك يدينه بوحشية وهو يناظره بحدة : والله لو تمد يدينك مرة ثانية لأكسرها لك
سطّام اللي كان متعود على وقاحة وهاج ناظره بعصبية .. ولكن هالمرة الناس اللي حولهم هيجوه ما يسُكت .. لذلك كان بيتكلم لولا وقاص اللي نادى على أبوه : يبببة أتركه عنك
ألتفتو كلهم لوقاص اللي يمشي بهدوء .. ووراه سلطان

ألتفتو كلهم لوقاص اللي يمشي بهدوء .. ووراه سلطان أبو وهاج اللي يمشي وكأن الأرض تحترق من تحته وعيونه بالأرض بصدمة من الناس اللي متجمعين حوالين أبوه وأخوه وولده .. وصوت ولده يعلى بالمكان ! ضاق به الكون وهو يسمع صوت وهاج وردوده على أبوه .. والأهم إنه جاي أصلاً وهو مشحون من كلام وقاص اللي توجه له .. وقال له عن سواة وهاج وعن محاولته يقتله .. وماكان الموقف بالسهولة هذي .. إلا زاده وقاص بكل كذبة خطرت على باله .. لذلك سلطان كان يحتَاج دفعة بسيطة لأجل ينهي وهّاج ولده بيدينه .. وهالدفعة كانت من ولد أخوه .. وهالموقف الحين ماكان زيادة إلا الطيّن بلة !
ناظر لوهاج اللي واقف وكايّد وراه وماسك طرف ثوب وهاج بخوف .. إنجن جنونه وهو يسمع همس أصحاب الدكاكِين اللي وصل لإذنه " ماخاب اللي سماه سود الليالي " " وش هالتربية الي تنزل الرأس بالأرض ؟" " كان ناوي يقتل ولد عمه .. عرفنا إنه راعي سجون من صغره " مامنه رجاء .. ليه للحين سلطان ما تبرأ منه؟"
تصرفات وهّاج الهمجِية .. أسلوب الساخط مع الكل .. حِدة كلماته .. أفعاله اللي كانت كلها عبارة عن سُخوط وعدم رضا على كل أهل هالحارة .. ماكان ينّلام لأنهم بنظره نُسخ مكررة من آل سهيّل .. ولأن ضغط أبوه الكبير عليه خلاه يفسخ ثوب وهّاج .. ويلبس ثوب سود الليالي !
توجه بخطوات مُستنفرة .. وهو يسّب ويشتم بكل عصبية لهذا الشخص اللي مُستقيم قدام أبوه ويضحك بسخرية عليه !
كان للحظة بيكبّح غضبه .. وبيسحب ولده ويتفاهم معه لوحده .. لأن حسنته الوحيدة بعلاقته مع وهَاج إنه كان يضربه بدون ما يشهد أحد على ذلك .. ولكن من سمع رده على أبوه اللي قال فيه " ولدكم خسيس وردي وطايش .. وإن ماربّته بيض اللياليّ .. سود اللياالي يربيّه "
ليرد سهيّل بحدة "والله لا أخلي الأرض تشرب من دمك يا ولد سلطان "
وهّاج بعصبية وبعد وعييّ وهو يناظره بغضب " كف بلاك عني أنت وهلك .. ولا تِتبع إسمي بإسم ولدك أبد .. ربّ حالك .. ولا تتكلم عن تربيتي اللي كانت بعصا من نار وباقيكم ملتفين بورد وريحان .. فلا يحق لك لا أنت ولا غيرك تتكلم معي بالطريقة ذي وإلا بتذوق طعم المرارة بسببي يا سهّيل !"
ماتحمل يسمع أكثر .. ولو إنه يقلل من مقدار إبنه بس كان بينهم بدون أغراب ! والحين وهّاج يقلل من قدر إسمه قدام الكل .. مايكفي خيباته السابقة .. ناوي يزيدها ؟
أقترب وقبل ما يرفع سهيّل عصاته ويضربه رفع سلطان كفه وبوسط تأهب وهّاج لجهة سهيّل .. أنصدم بالكف اللي أنضرب بكل قوة على وجهه !
كانت نيته ينقّض بكل وحشِية على الشخص اللي تجرأ ومد يده على وجهه على حيّن غفلة منه
لما ألتفت وهو قابض على كفه ليسدد لكمة على فك هذا الرجل .. توقف بمكانه ورمش بذهول وعدم إستيعاب وهو يبلع رِيقه بصعوبة .. معقولة ؟ صرنا نهيّن الكرامة قدام الكل يايبة ؟ صرنا نلعب بماء الوجه بسهُولة .. وبمن ؟ بولدك ! بشخص تأذى منك أكثر مما تأذى من هالدنيا !
وقف بمكانه وبقى يناظر لأبوه بنظرات هاديّة .. بينما الكل من حوله شامِت .. مُستهزيء .. وضاحك على هذه العائلة اللي أصبحت هذه الليلة مسرحية هزلِية للكل !
ماكان عنده الجراءة الكافية عشان يزيح نظره عن أبوه ويناظر لعيون المحيطين فيه .. كان متأكد إنها بتكسره
ولكن مو كثر كسر أبوه لما أنحنى برأسه لجنب إذن وهَاج وحكى بصرامة " دامك ما تتشرف يتبع إسمي إسمك ..فأنا مالي ولد مثلك .. سواد هالليلة يشهد إنك تبريّت منك "
فتح عيونه بذهول .. مصعوق ؟ كلمة قليلة عليه
ماكان مستوعب كبر الذنب العظيم اللي سواه لأجل يكون محكوم عليه بالعيش بالطريقة ذي
قاتل ؟ حاشى مافكر يأذي نفس بريئة من قبل .. سارق ؟ يتمنى تنقص يده قبل يفكر يسرق .. شارب خمر مُدخن عاق عاصي مصلطحات مرت على بالها بلحظة وكأنه يحاول يلاقي الذنب العظيم الي برقبته لأجل يُهان ويُعذب بالطريقة هذي !
تحرر من تفكيره بسبب عمر الشايب السوري الي قال : بلاش تحكو هون قدام الكل يا أبو وهاج .. خذ إبنك وإدخلو بالدكان تصافو
سهيَل اللي روحه هدأت بعد الكف اللي زلزل كل الحضور وأخرس وهاج عن الكلام قال : هالعاق ما ينحكى معه .. معليّك منه يا سلطان وخل يخيس هنا وإمش نرجع البيت
ناظره سلطان بهدوء .. وسطّام أأيد أبوه وقال : إيي بالله أبوي صادق يا سلطان .. ولدك هذا نزل رأسك قدام هالناس كلهم .. لا ترضخ وترضا عليه هالمرة
خله يتأدب
سلطان كان مقتنع تماماً بكلامه .. فبعد اللي شافه وسمعه من لسان وهّاج ضاقت به الدنيا .. شلون يرضى يهين إسمه بالطريقة ذي ؟ كلام وقاص الحقد اللي متجمع بقلبه بسبب كلام أبوه وأخوه
ماكان إلا زيّادة للقهر واللي بسببه أردف وهو يناظر لوهّاج اللي للآن صافِن وساكت .. متشرب الوجع
منحرج والفشيلة كاسِيه كل ضلع من ضلوعه
من متى وشخص مثله ينضرب بالطريقة ذي قدام أهل الحي كلهم .. والأهم قدام آل سهيل !
رفع عيونه بمقدار ذرة وهو يسمع صوت أبوه الي قال فيه "بيّتي يتعذرك .. لو أنت كفو ألمحك بالحي ولا بشارع تخطي رجلي فيه .. خلك بعيد عني يا سود الليالي .. خلك بعيد عني لأني والله مالقيت منك إلا الضيّم "
رمى كلماته الجارحة على قلب هالوهّاج اللي أحترق من ضيقته
رمى كلماته الجارحة على قلب هالوهّاج اللي أحترق من ضيقته .. غمض عيونه للحظات ثم أبتسم وهو يفتّحها ببُطء وقال بصوت هادِي : أما أنا والله ماذقت مني ضيم أبد والليالي الطويلة تشهد .. أما أنت فنهايّتك وكل ضيمك بيكون بيدين اللي تشد على كتوفهم اليوم .. خسرتني ياولد سهيّل هالليلة .. والله لتبكي أنت وغيرك نِدم على هالسُواة
سمع ضحكة وقاص الساخرة وما أهتم ألتفت وهو يناظر لكايد وأنحنى وهو يقول له : أمي أمانة عندك يا كايد .. خلك كفو
ناظره كايد بعيون دامعة وهو عصب ومسح دموعه بوحشية : لا تبكيّ ..لاتوريهم دموعك أبد يا أخو وهاج
هز رأسه بإيجاب وهو سَلم على عمر اللي متضايق : ياأبضاي ما تخليهم يشمتو فيك
أبتسم بضيق ومارد عليه .. وكمل طريقة بخطوات مُتخاذلة مُشبعة بالهم .. أي وجهة يقصد ؟ وأي الدروب يخوض ؟ ولأي معركة متجهة ؟ أسئلة دارت ببال هذا المكسُور اللي كان عاجز تماماً عن الإجابة
" إلتفت يا وهاج .. يمكن تلاقي بعيون أبوك نظرة ندم وإنكسار على هالليلة .. إلتفت يمكن بعيونه نظرة حنيَة تجبر اللي صار .. إلتفت تكفى ياوهاج يمكن ضيقته توجعه ويبّان الوجع بملامحه عشانك ! لعلك تلقى يدينه ترجي حضنك .. لعلك تلقاه ينتظرك تلتفت .. لأجل ماتندم ويضيع عمرك وينكسر قلبك وأنت تقول ياليتني ماقفيّت "
وقف بمكانه وألتفت بعيونه ولكن خاب .. وإنكسرت مجاديفه وهو يشوف أبوه مقِقفي به وتاركه خلفه بدون ذرة ندم .. ربعه غربلوه ووقفو له بآخر مشاوريه وهله باعوه برخص التراب .. لأجل غِيرة وحقد مدفُونة من سنين طويلة
كمل طريقه .. وهو شاد على قبّضة يده .. أكبر ذنب له بالحياة .. إنه كان ولــد ســلطان ..


رجع سلطان البيّت .. يجر بين يدينه كايّد اللي كان يبكي بكل حِرقة .. يمكن لأنه لمس الوداع بنبرة وهَاج !
ألتفت له سلطان بكل غضب وهو يمسك ياقة ثوبه ويهدده بحزم : سمعت أبوي يوم قال عنك بزر وبكايّ ؟ ماودك تترجل ولا أدفنك بأرضك
كايّد اللي بلغ ريقه بخوف من أبوه قال : وين وهّاج راح
ناظره بحدة وهو يفك ثوبه ويدخل البيّت : ماعاد أبي أسمع إسمه بالبيّت هذا .. يومنه ما يتشرف بي ليه ينذكر ببيتي ؟ خل الغربة عني تربيّه لأجل يحس بقيمتي
إنقال هالكلام تحت مسامع " حلِيمة " أم وهاج اللي كتمت دموعها وهي تنزل صحن العشاء على السفرة
جلست قدام سلطان وهي تصب له كأس الماء .. ومن لمحت دموع كايَد ما تحملت وبكت .. تحمل ولدها كثير .. معقول نهاية معاناته النفِي ؟
أخذ الكوب من بيدها ومن لمحها تبكي نثر الماء على وجهها بعصبية وقال : أخلاقي بخشمي والله مانيب ناقصك .. قومي فارقي
وقفت بسرعة وهي تسحب كايد معه وجلسو بالمطبخ يرثون حالهم السيء
بينّما بمجلس بيّت سطام .. واللي حواليّن السُفرة
سطام وأبوه وعياله الأربعة .. تشاركهم زُوجته اللي قالت بفرحة بانت بكل وجهها ولاقدرت تخفيها : الله يبشركم .. يعني أفتكينا من هالنحس
وقاص ضحك وربت على كتفها : أبشرك إيوة .. والله إن عمي أعطاه كف وأهانه قدام الكل إهانة كبيرة بيهج من الديرة كلها عقبها
هزت رأسها بإيجاب وهي تقول : زيّن ما سويتو .. الحمد لله ماسكتو له وخليتوه عبرة .. أجل يتعدى على وقاص هذا اللي يسمونه سود الليالي وولد حليمة ونسكت له ؟
سهّيل اللي أخذ فنجان الشاهي منها قال : إية وأنا أبوك .. كلامك كان عيّن العقل .. لو إنك ما تكلمتي وعلمتينا بسواياه كان فضحنا بين الرجال
أبتسمت بسخرية وهي تناظر لِضرار " ولد سطّام الكبير " والي يناظرها بحدة وبجمود .. وحولت نظراتها لشمّاتة وهي تكمل أكلها .. مُستمتعة بإنتصارها على هالوهّاج اللي كان من أفضع الكوابيس بالنسبة لها !
بينما ضِرار قابض على كفه بعصبية وساكت .. ويناظر لصحن العشاء بضيق .. ماله كلمة عليهم
ولا يأخذون له شور .. زوجة أبوه متملكتهم .. وبكل بجاحة تتحكم حتى بجده .. واللي مستحيل يطلع عن شورها .. الحياة السقيمة اللي يعيشها سلطّان وعياله كانت بسببها .. بسبب غيرتها منهم بدأت تنقص وتقلل من مقدارهم بعيون زوجها وأبوه .. واللي يسمعون لها .. يأيدونها .. يثنون على تفكيرها
ويمشون على شورها بحذافيره ! لدرجة فقدو الحنيّة والشفقة عليهم .. وصارو يكسُرون بقلوبهم متى ما سنحت لهم الفرصة ! من اللي كان يظن إن خراب علاقات بين أخوان وعائلة كاملة كان بيكون من تحت لِسان إمراءة تكُن بين ثنايا قلبها حِقد مدفون من سنين طويلة !
أستأذن ضِرار وهو يقول : سفرة دائمة.. عندي مناوبة على أحد المساجين
وقاص بضحكة ساخرة قال : ليتك تأخذ ولد عمك وتسجنه معك
ناظره بنص عين وبدون نفس مشى وهو يتنهد بضيق على اللي يصير معهم !!


واقِف قدام باب المجلّس .. وذراعِينه حول كتوفه متجمد بسبب البّرد .. كان ناسي جكيته بالبيّت وأستعجله أبوه ومشى عنه .. يناظر للمجلس الي مُكتض بالضُيوف من جميع الأعمار .. وألتفت وهو يناظر برى المجلس .. للعيّال الي بنفس عُمره متدفيّن ويلعبون بمرح .. بينما هو كل ضلع بجوفه يرتجف
" وههااااج يا بوك " سمع النِداء .. فز كل ضلع بقلبه ألتفت بسرعة وأبتسم خاطِره وهو يشوف أبوه ساحِب فروته .. وفاتح ذراعه على وُسعها وهو ماسك طرف الفروة .. وكأنه يناديه يجي صوبه
ما تردد .. مشى بسرعة وبخُطوات تسابق بعض ماكانت من البرد كثر ماكانت من الفرح .. جلس بسرعة جنب أبوه .. أو بالأحرى مُلاصِق له وهو يحس بأبوه يشد على كتفه بطرف الفروة ..
أول ما دفأ داخله .. تسربّت الدموع بلا وجهة من عمق هذا الدفء .. نزل رأسه وهو يغطي بطرف الفروة وذراعه اليمين تركها على عُيونه وهو يبكي بصمت .. رفع ذراعه وناظر لأبوه اللي يسولف ومبتسم .. ورجع يناظر ليد أبوه اللي على كتفه .. بكى وهو يبتسم بنفس الوقت .. تضارب مشاعر وهيّجان غريب كان بسبب الدفء الي أحتل قلبه بسبب تصرف أبوه .. لأول مرة يحمي ضلوعه من برد الأيام .. لأول مرة يحن عليه قدام هالجُموع
ماقدر يكبَح دموعه .. وهّاج أبو الست السنين كان شخص حساس .. حيَل حساس من ناحية أبوه
رفع ذراعه ومسَح دموعه بسرعة وهو يبلع ريقه .. عدّل جلسته ووقف بعزم وهو يبتسم .. جلس نفس جلسة أبوه وضحك بفرحة وهو يأخذ الفنجان الشاهي من يدين أبوه .. ورجع يبتسم ببهجة وهو يسمع صوته: أشرب الشاهي ياوهّاج .. خل داخِلك يدفأ


صحى من لوعة الفقد .. من لوعة الشُعور من ضيق الكون على هالقلب اللي مازال رهِينة تفاصِيل طفولته .. بينما كان السبّب إتصال جواله واللي كان يُضيء بإسم " شُعاع " تنهد وهو يدري إنه بتبدأ بالإسطوانة المُعتادة فوقف تارِك الجوال خلفه وهو يتِجه للمغسلة .. ولكنه عاد أدراجه بتأفف لما ما قدر يتركها تنتظره .. رد : وش عندك من صبّاح الله خير
عقد حواجبه وهو يسمع صُوت بكاء الطفلة الصغيرة واللي تنهد بسببها وقال : يازيّد كنك ماغزيت .. كل يوم بتصبحيني على صوت صياح بنتك
ضحكت وهي تحط السّماعة على إذنها ربعدين قالت : لين ترضى .. لين يحن قلبك عليّنا ياخال بنتي .. مرت سنة دون وجهك .. يرضيك يعتب قلبك شعاع عليَك ؟
تنهد وهو يبعد الجوال عن إذنه .. وغمض عيونه وهو يمسح على وجهه .. وهذا حاله من سنة
يصحى على بكاء شعاع .. ولكن من ولدت صار يصحى على بكاء بنتها .. ولكن له حيّلة يرجع لحي أنهان ماء وجهه فيه .. ولو زيارة بس ؟


رجع الجوال لإذنه وهو يسمع شعاع تكمل كلامها : أشتقنا حيَل يا وهّاج .. يرضيك يا أخو شعاع .. تخيل كم شمس وكم ليل مر دون ما أشوفك ؟ دفتر العتاب صار كبِير .. كبير حيل يا وهّاج .. لازم ترضي خاطري لأنه مكسور حيل منك
قضّم شفايفه بقهر من نبرة صوتها .. كان دائماً من تتغير نبرتها للعتب يصرفها ويقفل .. ولكن هالمرة ضل يسمع كل كلامها .. لأن ماكان قلِيل
سكت للحظات وهي أردفت : جار الوقت عليّ يا أخوي .. يرضيك ؟
وأردفت وهي تقول : أنا بإنتظارك بكرة .. ماعاد رح أسمح لك تتحاشى من شعورك .. بكرة لقانا يا وهّاج .. لا توجعني أكثر
قفلت وهو تأفف ورمى الجوال بإهمال على الأرض .. وقف وهو يناظر لوجهه في مرايّة المغسلة مرر يدينه على دقنه وتنهد بهدوء وهو يغسل وجهه
ألتفت وهو يبدل ملابسه وعدل شعره وهو يلبس الشماغ ويثبَته على رأسه .. طلع من الغرفة الصغيرة اللي بنهاية البقالة اللي يشتغل فيها.. وألتفت وهو عاقد حواجبه : يهالعامِل اللي يظن نفسه مدير الشغل !

ناظره ببرود .. وهو يسحب طرف شماغه وينقُله للجهة الثانِية .. ومشى من جنبه وهو يتعداه
أستقر بطُوله الفارِع أمام طاولة المُحاسبة وهو يرتب الطاولة ببرود وبدون نفس .. الشيء الوحِيد اللي أكتسبه بهذه السنة " البرود " كان كل شيء يعديّه .. حتى الإساءة يعديّها .. ماهو برغبة منه
ولكنه تعب .. ولاعاد وده يصارع سراب !
ألتفت للافِي اللي وقف قدامه وهو يناظره بطرف عينه : أشوفك كاف شرك اليوم
وهّاج اللي ما يدانيّ هالشخص أبداً .. خصوصاً إنه يراه " دلوع أبوه " هالعيّنات يشمئزها : فارق من قدامي يا لافِي .. قبل أخليّك ورقة بباب المحل
ألتفت لافي بسرعة لباب المحل .. واللي كان معروض فيه أوراق مطبوع عليها البِضاعة اللي تُباع بالمحل وقال بضحكة ساخرة : وإذا علقتني عليه .. وش بتكتب ؟ عسل للبيع ؟
جلس على الكرسي وهو يقول : لو إنك برخص التراب ما شريتك ولا أحد شراك .. لذلك إكبّح جُموحك عني وإبعد عن ناظري .. لأن اليوم أخلاقي بخشمي
ضحك وهو يناظره بإستهزاء : على الأقل تعترف بمصطلح الأخلاق .. نقلة كبيرة في سيرتك الذاتِية !
ألتفت لِـ " فهّد " أبو لافي اللي دخل المحل وناظر لوجه وهَاج اللي واضح من ملامحه الغضب .. ولضحكة ولده الساخرة .. وعرف إنه كالعادة يحارشه لذلك تنهد وقال : لافي .. على أساس نزلت تشتري موية .. ليه تأخرت ؟
لافِي اللي سحب الموية من الثلاجة بعجلة ومشى لأبوه وقال : نقيّس مستوى أخلاق العامل اللي يحسب نفسه صاحب الحلال
فهّد ناظره بطرف عينه وقال : توكل للسيارة
هز رأسه بطيب وهو يحب رأسه : أبشر يا مدير

مشى عنه وفهّد دخل ووقف قدام طاولة الُمحاسبة وهو يقول : لا تأخذ على خاطرك منه .. تعرفه مراهق ! وخلك سموح معه
وهاج رفع عينه لفهد وقال : دفتركم صار كبير وثقيل على ظهري يا فهد .. والخاطر ماهو بوسيع
أبتسم فهد وربت على كتفه : نخبَر إن صدر الشمالي وسيع يا وهّاج !
صد عنه وهو يعدل جلسته ويناظر لدفتر الحسابات بعشوائية وكأنه
يتهّرب من نظرات فهد .. ولكنه سُرعان ما رفع رأسه وناظر لفهد اللي قال : ‏حر قيض وحر جوف وحر فرقا .. ماودك تحن على نفسك ياوهّاج ؟
ميّل شفايفه بهدوء .. وهو يترك الدفتر على جنب ويناظر لفهد : تحسب ماودي ؟ أضيع في دفء حضن أمي ؟ وأسمع حس أبوي ؟ وأضحك مع أخواني .. تظن إني راضي بحياتي في هالغرفة الخرابّة ؟
فهد عقد حواجبه بصدمة .. من وهاج اللي لأول مرة يبُوح بمكنونه له .. طوال فترة تواجده بالمكان هذا .. وهو متلزم الصمت .. ساكت عن وضعه .. عن أهله .. عن سبب تغربُه عن عائلته .. كل اللي صرح به إسمه " وهّاج " وكل اللي نطقه لفهد بأول حوار لهم " لو يكفيك تعرف إسمي دون ما تنبّش ببقايا بكمل الطريق معك .. لو فضولك بيقتلك عني فكف آذى هالفضول من الحين وإعتق حضوري معك ! "
ولكن سرعان ما أجابه فهد إن إسمه يكفيه .. وماله حاجة بباقيّه !
ليُردف بحِرقة وهو يحاول يكتم الأنين بصوته : خاطري ماهو بوده أرجع .. ونفسي ودّها .. ولكني طول هالسنة أتصبّر .. يمكن الصبر في تالِيه فود
أنا لي سنة وأنا ظامي .. تعطشت اللقاء لهم .. ميّر الجرح ماطاب .. والله ماطاب

سكت فهد وهو يجهل تماماً عن مكنون وهّاج .. وعن الي يقصده .. ولكن بما إنه فهم رأس المسألة فهذا يكفيه .. واللي لمسه في وهّاج الحنين لأهله .. ولكن يحف هالحنين الخوف .. اللي مغربّله وكاتم على نفسه !
لذلك قرر إنه يتكلم بشكل عام .. كونه يقدر يوصل لأساس جُرح وهاج بدون ما يستفسر ويخل الوعد : إسمعني يا وهّاج .. كل شيء قابل للتعويض بالحياة ذي إلا العائلة !
يقسى الأب لأنه يحبك .. تسكت الأم لأنها ما تبي تخسرك .. تضحك الأخت لأجل ما تضيق .. يسندك الأخ لأجل ما تطيح
سكت للحظات ثم تنهد وقال : صحيح إن العائلة تضيع وتضعف في بيت مافيه كلمة حب ولا فعل حب .. الحي له صدى وأثر في النّفس على كل فرد فيها .. الإنسان يقوى بالحب يا وهّاج .. وإن كان هالشيء غايب عنكم أنت بنفسك لازم تخليه يحضر .. إن شحّت مسرات الحيَاة وأخذت منك كل الحب .. وجود العائلة معك كرم .. ولو إنك موجوع يا وهّاج حضورهم يجبر .. وإن كانت أفعالهم تكسر .. وجودك حولهم هو اللي بيحسسّهم بمقدار ضيقك .. أما هروبك فماله منفعة !
إلا فيه كل الضر
ناظره وهاج بتشتت .. وهو متلزم الصمت بيّنما فهد مشى عنه بعدما رمى آخر كلماته وطلع من البقالة وهو يتجه لِبيته
-
إنتهى




فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 06-03-21, 01:06 PM   #5

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,544
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



لا تلهكم الرواية عن الصلاة وذكر الله
سّبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ..
اللهم إجعل ما تخطه يداييّ شاهداً لي لا علي ..
--


( البارت الثالث )

شُعاع اللي قفلت الجوال وتركته على جنب واللي تركها زوجها قبل ولادة بنتها بثلاثة أشهر وسافر .. وللحين ما رجع .. حتى إتصالاته كانت تنعد على الأصابع .. ماكانت مهتمة له أبداً .. بالأحرى كانت مرتاحة لأن " غصن " كانت مالِية عليها حياتها أبتسمت وهي تناظر لبنتها بإبتسامة وهي تمسح على شعرها بحنيّة : ياغصني اللي متجذر بقلبي .. والله إنك الغصن الوحيد اللي رابِطني بهالحياة .. كيف كُنت بفرط فيك ؟
أبتسمت بهدوء وهي تلتفت لأبوها .. اللي جالس بمكانه المُعتاد .. تحت شجرة الليمُون اللي بنص الحوش .. وجالس على كرسيه الخشِبي وقدامه إبريق الشاهي .. ويناظر للكُرسي المُتحرك الفارِغ .. اللي ضم جسّد جدها المُتهالك لِـ سبعة أشهر كاملة قبل يفارق الحياة !
غمضت عيونها بِضيق وهي تتذكر الحادث الشِديد .. اللي صار لجدها وأفقده القُدرة على التحرك .. واللي سبب له شّلل كامل بجميع أطرافه ماعدى رأسه !
واللي من بعد هالحادث تخلى عنه سطًّام بعذر إنه مشغول .. ولاعنده القدرة يتحمل طلباته .. وأستقبله سلطان بصدر رحب ! كان قايّم على كل أموره بنفسه .. يأكله بيدينه .. يبدل ملابّسه بيدينه .. يروشه ويغسله بنفسه .. ماكان يرضى إن أحد يقرب منه !
وقفت وغصن بيدينها وإتجهت لأبوها اللي مسّح دموعه بعشوائية لما وقفت قدامه
ناظرها بهدوء وهي أبتسمت له بخوف وبلعت ريقها وهي تقول : يبة .. ماودك نتبرع بهالكرسّي ؟ لأجل يكون أجر لجدي ؟
سكت للحظات وهو يناظر للكُرسي بضيق لما لاح له طيّف أبوه وهو يبكيّ وصدى كلماته يتردد برأسه " ظلمتك كثير يابُوك .. ذوقت عيالك اللي أطهر من هالذنوب الضيّم لأجل أرضى صدرر خايبة .. حللني من هالوجع .. سامحني يا سلطان "
ماكان مستوعب النُقطة اللي ظلمه أبوه فيها .. ولكن مع ذلك سامحه .. لأجل ما يضيق
رجع للواقع وهو يهز رأسه بطيب .. ووقف وهو يمشي عنها ويدخل للصالة .. اليوم مر شهر كامل على وفاة سهيّل .. ومرت يومين كاملة على إعلان وصيّة سهيّل .. واللي كتب فيها 80٪ من أملاكه بإسم سلطان واللي ظن إن هالشيء بيكفر عن خطاياه .. وباقي حلاله لسطّام
اللي تخلى عنه بأسوء لياليّه !
واللي من بعد من أعلنو عن هالوصيّة ما هدأ بال سطّام ولا زوجته .. ولا حتى وقّاص اللي جنون الأرض برأسه !


قفل البِقالة وهو يترك المفتاح بيدّين لافِي الي يناظره بهدوء : ماشاء الله توك تتذكر إن عندك أهل ؟
ألتفت له وهّاج وقال : أبد تراني حاشّمك لأجل فهد .. وإلا ترى عند القدرة المطلقة أخليك تبكي دم
ألتفت له وهّاج وقال : أبد تراني حاشّمك لأجل فهد .. وإلا ترى عند القدرة المطلقة أخليك تبكي دم
ضحك لافي بسخرية من تهديّده وقال : أنعِم وأكرم بإحترامك.. فهد ؟ وهو بكبر أبوك
أشاح بنظره عنه وهو يطلب الصبر .. اليوم آخر أيامه بالمكان هذا .. بعدما عقد النيّة وشد العزم بأنه يرجع لأهله .. يمكن هو مانِسى ذيك الليلة .. بس أكيد الكل نساها !
لذلك ما تحمل شعور الغُربة عن شُعاع أكثر .. الشخص اللي ذبل روحه بسبب البعد عنها .. ولو إنه مشتاق للكل .. بس هي ضعف الضعف
وبعد مكالمتها أمس وكلام فهد .. بت قراره المصيري وقرر يرجع فتح باب سيارة التاكِسي وقال : سلّم على فهد .. وقل له يقول وهّاج " تسلم .. رايتك بيضاء وقلبك ياسع بلد .. خذيت من طبع الشمالي كِثير يا فهد "
ما أنتظر رد لافي وركب السيارة وهي تمشي
بينما لافي تكتف وهو يناظر بعدم إعجاب : بجِيح .. أخذ كل الحب من أبوي وتركه بجملتين كلها غرور وتعاليّ !


الساعة الثاِمنة مساءً .. في مجلس سطّام العتِيق .. أزاح جفونه عن ناظره وهو يمسح وجه مُتنهداً ويناظر لوقاص الي مشتعل من العصبيّة : مرت ثلاثة أيام يبة .. ماهو بمعقول اللي قاعد يصير
أردفت أمه : أحنا نتكلم عن آراضي .. عن xxxxات وكثير من الفلوس يا سطّام .. فتح عقلك وعيونك .. مستحيل الوصيّة أنقالت بالشكل الصحيح
مستحيل أبوك ترك كل حلاله بيدين الظالم سلطان .. لازم تتحرك يا سطّام
ناظرهم بجديّة وهو يقول : تظنونه تلاعب بالوصيّة ؟
وقاص بتأأيد : نظن ؟ إلا أكيد ولا من متى جدي يحب عمي سلطان ؟ مايكرهه بالدنيا إلا هو وولده .. يبة إسمع مني .. رح خذ حقنا من رقبة أخوك .. علمه إن الله حق وإن التلاعب ذا ما يمشي علينا
أكملت أمه بغيّض وكأنها ترش البنزين على حفنة من الجمر : اللي يقوله وقاص صحيح .. هالثلاث الأيام اللي سكت فيها عيب وتقليل من قدرك .. أملاك على كبرها راحت لسلطان وولد حليمة .. تخبر إن قلبك بيطاوعك تتركها لهم ؟ خذها من رقابهم مثلما قال وقاص
وقف بعدما فاض الحِقد من قلبه .. لدرجة ماعاد للمِسامح مكان .. ثلاثة أيام شرب بها من حقد وقاص وزوجته لدرجة لو هو قدامه كان أنهّى حياته !

وقف بعدما فاض الحِقد من قلبه .. لدرجة ماعاد للمِسامح مكان .. ثلاثة أيام شرب بها من حقد وقاص وزوجته لدرجة لو هو قدامه كان أنهّى حياته !
مشى عنهم وهو يطلع من البيت بعصبية ويتجهه لسيارته وقبلما يركب وقف وقاص وهو يتنفس بسرعة ومدّ لها المسدس ولما لاحظ أبوه يعقد حواجبه قال بعجلة : خذه للتخويف يبه .. لأجل يعرف إنك ما تمزح
سحبه من يدينه بسرعة وركب السيارة وهو يمشي لبيت أخوه !


إِنزاح عقرب الساعة الصِغير بإتجاه الرقم تِسعة .. ليِعلن إن الساعة أصبحت التاِسعة مساءً .. تأمل رسالة شعاع اللي كتبت بِها " جعل يومي الأول يا أخو شعاع .. يالضيّ والضِياء عرفت إنك مارح تكسّر بخاطري .. دريت إنك بتحن علينا وبتجي .. أنتظرك بذكريات الطفولة .. بين ثنايّا بيتنا ! "
تنهد وهو ينزل من السيّارة ويوقف بتعب قدام البيت .. فبعدما سلم على عمر .. اللي أستقبله بحفاوة وبحب وبعتاب كبير " ما بيكفيك السنتين اللي راحو من عمرك هيك ؟ شو ان شاء الله ارتاح قلبك بعدما ضيعت سنة زيادة ؟ياعيب الشوم على هالقساوة الي مليانة حياتك فيها "
كان هذا ضمن عتابات عمر ل وهاج واللي بعدها إختصر وهاج اللقاء وأستأذن لأن الضيقة بقلبه مو قليلة .. ماكان محتاج نار لأجل تزيد ! .. إتجه لبيت أبوه
أخذ نفس بهُدوء .. وبدأ يزفره على دفعات وهو يحاول يفرغ الشعور السيء اللي بقلبه .. لحظات معدُودة كانت كفِيلة بأنها تزلزل كل ضلع بجسده .. هالصوت يعرفه .. يفقهه حيييل .. هذا صوت بكاء كايد .. " معقولة مازال أبوي يأكل من جلد هالضعيف ؟" مشى بسرعة وبخطوات غاضِبة وهو يدف الباب المفتوح وهو يدخل حوش البيت .. ذابت عظامه بوسط جسده .. وكل خليّة عايشة بيين أوردته أعلنت فقدها للسيطّرة .. بدأ تنفسه يخرج عن الوضع الطبيعي .. دقات قلبه صارت تميل للإضطراب .. عيونه توقفت عن الرمِش .. وجميع أطرافه بدأت ترتعش بشكل مُفجع للكارثة اللي تقبّع أمام عينه !!
بدأ يمشي بخطوات ثقيلة .. ثقيلة حييل على قلب وهّاج وجميع الأصوات حوله تعرضت للكتم .. صوت دقات قلبه الشيء الوحيد اللي يسمعه .. كان يتقدم وهو يتنفس بسرعة .. وصوت شهقاته تظهر بلا وعي منه .. المنظر اللي أمام عينيه كان كفيل بجعل كل ليياليها سوداء

كان تايّه .. يناظر لجهة مُحددة ولكنه يجهل وجهته .. يظن نفسه بحلُم .. أو بشيء أشبه بالكابُوس .. تخطّى صوت صراخ كايد واللي يئن بوجع تمكن من كل جسده .. تخطّى جلُوس أمه على ركبها ويدينها على رأسها وتبكي بسخط وصُوت عالي إخترق سكُون المكان .. تخطى أبوه اللي مرمِي على الأرض وغارِق بدماءه
وأنحنى أمامها .. جلس على رُكبته وهو يزُيح خصلة شعرها عن وجهها .. بلع رِيقه بصعوبة شديدة وهو يحس بأن قفصه الصدرِي بدأ يضغط عليه بشكل كارِثي كان يحس أنه بأي لحظة بيخطفه المُوت من شدة الوجع .. رفع كفوفه المُرتجفة وهو يضعها على العرِق بمعصمها .. ثانية .. ثانتين .. والثالثة أطلق صرخة سبّبت رعشة لكل شخص وصلت لمسامعه " لااااا ييييارب" قرب أكثر وهو يسحبّ جسدها من على الأرض ويوسطُه حضنه وهو يرتب شعرها وبقى يناظِر للدم اللي شوه فُستانها الرصاصِي من جهة يسار صدرها .. شد عليها بحُضنه وهو يهز نفسها وصوت أنينه ما هدأ .. كان يهز رأسه وهو مغمض عُيونه .. ويدينه تشد أكثر على كتوفها .. يستحيل إن الي يصير حقيقة .. وإن هالجسد الأنثُوي الخالي من الحياة .. هي نفسها " شُعاع أخت وهّاج " كان ينفي بتشديد .. كان يصارع أفكاره .. يستحيل اللي يشوفه حقيقي .. هذا كذب .. وهو باقي ما جاء .. هو للآن نايم وهذا كابوس أكيد .. بدأ صوت أمه يُعيده للواقع المر
والي من أستقر بصره الذابل المصدوم على وجهها الخالي من الحياة .. حتى أطلق آه أحرقت قلبه " يارب وأنت ربي اللطيَف .. هو اللي يحصل مع هالمكسُور يرضيك ؟ "
نُزع عنه ثوب البهجة والفرح بشكل مُفجع .. إنسّلخ جلده وهو يرتدي ثوب الحزن والأنين والوجع
بدأ يهزها أكثر وهو يحس إن قلبه بدأ ينقبض بشكل كارثي وهو يحس إن الحياة إنسحبّت من كل جسده .. مرر كفه المُترعشة على ملامح وجهها " يحكُون إني سود اللياليّ ويعلم الله ماكنت مهتم .. كنت أقول شُعاع تضوي لي هالعتمة .. وتخلينيّ وهاج .. ميَر يا أخت وهاج من الي بيضوي عتمتي الحين .. يرضيك تأكلني سود الليالي باقي عمري .. يرضيك أبقى دون ضيّك ؟ حسبي على مفرقنا "
كان يائس .. وبكل ما تعنيّه الكلمة تايه .. مافكر يأخذها ويركض بها على أقرب مستشفى لعله يلقى أمل .. مافكر بأنها بتبقى معه باقي سنِينه .. كان متأكد إن الحياة مُستحيل تخلي له شخص مثل شُعاع لباقي حياته .. وكأنها تقول واحد وعشرين كافيّة عليك يا وهّاج !
تمنى لو له قُدرة على البكاء .. لو عالأقل رحمته عُيونه وسربّت الوجع على شكل دمُوع لأجل يرتاح ولو شوي ..

بدأ الوجع يتجمع بعيونه لدرجة إنه شكّل حصن كبير يمنع دموعه عن النزول لتغسل روحه ولكن كانت هالليَلة حالفة لتكون على شكل جاثُوم ينهي حياته .. وتبقى كابُوس لبقيه أيامه
ألتفت بسرعة لصُوت بكاء الطفلة اللي تصحيه شهور طويلة .. بدأ يدور لها بعُيونه ومن أستقرت على السرِير الصغير بوسط الحوش وهي تبكي بشراسة وكأنها تنعى أمها .. قضّم شفايفه بكل وحشية لحتى بدأت تنزف بشكل كارثي .. تمنى لو تبُث الطاقة ولو بمقدار ذرة لجسده .. لحتى يوقف ويأخذ روح من أخذ روحه منه .. ولكنه قابع أمام جثة أخته جسد بلا حياة .. وكأنه يشاركها آخر لحظاتها بالحياة ... سحبُو منه آخر سبب كان يتنفس عشانه .. سحبو منه النفس وتركُوه جسد خاوِي من الحياة .. جسّد بيبقى طول حياته قابع في الظلام !
بدأ صوت كايّد يتعالى بشكل كبير .. والرصاصة تنهش بساقه وكأنها تضغط على كل أعصابه .. لدرجة إنه صار يبكي من شدة وجعه .. ولكنه زاد أنينه وهو يشوف وهَاج يحتضن جسّد شُعاع بقلة حِيلة .. وكأنه يُرسل رسالة بملامحه المكسُورة بأن هذه الطاهِرة البريئة قد فاضت رُوحها
بدأ يبكي بطفولية وهو يحط يدينه على رأسه وعيونه على أمه : يييمة .. خذو مننا الحياة .. ييمة ما بقى مكان ينكسر فينا .. يمة حتى الحسنة الوحيدة بحياتنا فارقتنا .. ييمة إبكيّنا كلنا .. إبكيّنا لأننا فقدنا روحنا
بدأت تبكي أكثر وأكثر وهي مفجوعة .. وكأنها تغرق في بحر من الكذب .. واحد من أطفالها مُخترق ساقه رصّاصة لاذعة .. زوجها مرمي أمامها غارق بدماءه لا تدري بأي وضع هو .. بكرها بين يدين أخوها .. اللي ذاب الحزن بوجهه وصار يشبّه للقلبه من شدة كتمّه لوجعه .. أنهارت دنياها على رأسها .. بدأ تستشعر إن قلبها بأي لحظة بينفلت من صدرها .. رفعت يدينها وهي تضرب صدرها بسخط وتبكي بشكل فاجِع .. تعالي يالمصائب متفارقة .. تعالي يالمواجع بالهون .. بدأت تهز رأسها وهي تطلق آهات النفي ويدينها على صدرها وكأنها خايفة فعلاً يخترق قلبها قفصها الصدري ويفارقها من شدة ضربها لصدرها .. بدأ صوت الإسعاف والشرطة يدُوي بأنحاء المكان .. ماكان يكفي صوت بكاء من في هذا البيت .. ماكان يبكي صوت بُكاء قلب هذا المكسور .. شاركهم هالوجع كُل من تِسلل ودخل مع الإسعاف وأنهار من المنظر الكارثي في حُوش بيت سلطان بن سهيّل !

وقّاص اللي كان جالِس مع أمه بوسط الصالة وهو يشرب كأس الشاهي بتأني .. نطق بإستخفاف : تظنيّنهم الحين تنازلو ؟ ولا سلطان بيكابّر ؟
ضحكت بخُفوت وهي ترتب صحون المُكسرات على الطاولة : سلطان مِثل الخاتم بيدين أبوك يا وقّاص .. ما تعرف إننا المُتحكمين بحياته وحياة عيّاله وهله ؟ ماهيّب صعبة علينا نأخذ حقنا منه
وقاص ميّل شفايفه وهو يدري إن كلام أمه فعلاً حقيقي .. هي الي تأمر وتنهي على مدار سِنين طويلة .. ولكن تأمر من بين الحُروف .. ترمي نيتها الخبيثة بصدر سطّام الخفيف وبصدر أبوه الي كان ينتظر أحد يوجهه .. ومن تستقر نيّتها بصدورهم يتحركون على إثّرها .. ماكانو يدرُون إن كلامها الي يتنقذ بالحرف الواحد .. لأنها دائماً تخلي نفسها العُنصر المظلوم والبريء بالحكايّة .. بهّتت الحياة بعيون كثيرين الحنيّة بسبب نوايا خبيثّة وصُدور فارغة كانت تحتاج وجهة عشان تُعذِب
ألتفت وقاص لدخول أبوه المُفاجىء .. ولكنه سُرعان ما وقف بصدمة وإستنكار من وجهة الي وكأنه أحترق من شِدة الحرارة وكان بيتكلم لولا إن سطّام تخطاه .. ومشى بسرعة وهو يطلع من الدرج ويتجه لِغرفته .. دخل وقفل الباب بالمُفتاح .. وأتجه للكرسي وهو يجلس عليّه .. رمى المسدس من يدينه اللي للآن ترتجف وأستقر وجهه على كفوفه وهو يغمض عيونه من الصاعقِة اللي زلزلت أركانه قبل لحظات .. ماكان يدري هو فعلاً سطّام اللي كان ببيّت أخوه قبل لحظات ؟ أو شيطّان مُتلبس ؟
بدأ يهز رأسه بنفي وهو يضرب بكفينه على وجهه وكأنه يحاول يستعيد وعيّه .. وللحظة غمض عيونه وبدأ يستذكر ما جنته يداه ! وما حصده حِقد سنين مغمُور بداخل قلب هذا الرجل !

إستقبّله سلطان بنفس طيّبة وهو مبتسم .. وقال : أرحب يا سطّام .. أشتاقت لك أركان البيت يا خُوك !
سّطام هز رأسه بنفي وهو يناظره بحدة : ما جيّتك مرحب .. جيتّك أبغى حقي وحق عيالك .. ولو بيكلفني هالشيء رقبتك
ناظره بصدمة وهو يوقف من على كُرسيه ويمشي بإتجاهه : سطَام .. وش هالحكي ؟ من اللي داس السُم في حلقك
ضحك وهو يكتف يدينه : تظن حولي أفاعِي لأجل ينسكب السُم في كأسي ؟ كُود إنك مخطي وتناظر لنفسك لأجل تحكي هالحكِي



سلطان اللي دائماً يعطي الحق لسطّام ولكن هالمرة كان ضِده تماماً .. فبعد وصيّة سهيّل الي قال فيها " حقك من مالِي لا يطول أحد غيرك وغير عيّالك يا سلطان .. أمانة برقبتك حلال عيالك" أيقن إن الحق الكُلي له ولعياله .. ولا لسطّام فيه بمقدار ذرة : إسمعني زين يا سطّام .. المال ما يفرق بين أخوان
إن كأنك تبي سلفة .. ولا محتاج علمني .. تأخذ لك كم ألف من جيبي
قطّب حواجبه بعصبية تمكنت من كل خلاياه بسبب إستخفافه فيه وتقليله من قدره : ما جيّتك لأجل أشحذ وتعطف علي .. جيتك أبي حقي يا أبو سود اللياليّ .. بتعطيني إياه ولا يكون لي كلام ثاني
شد على قبضة يده من عُلو نبرة سطّام .. ومن تصرفاته اللي كلها غطرسة وفرض سيطرة : والله ما تشم من حقي ريال .. يالله أقضب الباب قبل أحملك رقبتك بين يدينك .. فارق يا سطّام عسى الله لايردك دام نيتك شينة على أخوك يالردي
ناظره بصدمة من كلامه اللي لأول مرة يرميه عليه .. وأيقن إن الفلوس تغير فعلاً .. فبعدما صارت السلطة بين يدينه صار يرفع صوته اللي ما أرتفع من قبل ! تجمع الوسواس برأسه .. وعيونه ماصارت تشوف إلا كل شر .. وأنفه ماتبيّ تشم إلا دم أخوه !
تراجع بخطوات سريعة لورى .. أتجه للسيارة وهو يفتح الباب بكل وحشية .. سحب السلاح اللي كان على المقعد .. وركض بكل سرعته وهو يدخل الحُوش مرة ثانية !
بينما شُعاع تركت غصن تحت شجرة الليمُون بوسط الحوش ويحتضِن جسدها سريرها الصغير .. ومشت بخطوات مُشبعة إستغراب وهي توقف بهدوء جنب أبوها .. نطقت بنبّرة تميل للإندهاش وهي تقول : يُبة .. عسى ماشر ؟ وش فيه عمي معصب !
رفع عيونه وناظرها بعدم إعجاب وقال : لا تتدخلين في شيء ما يخصك مرة ثانية يا شُعاع .. عشان ما أعلقك مع الليمون وأخلي هالعصا تلعب على ظهرك !
عضت على شفايَفها بضيق ولكنها سُرعان ما ألتفت وهي تسمع صوت خطوات عمها اللي تضرب بالأرض بكل غضب ووحشيّة .. وصوته اللي يرّن بمسامعها وهو ينادي على سُلطان
وقف أبوها وهو يمشي بإتجاه أخوه وقال : ماودك تفارق ؟ فلوس ومالك عندي ولا ريال .. ووصية أبوي أنقالت على مسامعك .. واللحين أقضّب أرضك وفارق يالله
برز السلاح من خلف ظهره .. وهو يرفعه بيدين مرتجفة ناحيّة صدر أخوه : ماودك تعطيني حقي بالطيّب .. فبأخذه من فوق خشمك
أرتجف أكثر وهو يسمع صُوت صراخ شُعاع اللي ملأ أذنه وبدأت يده ترتعش أكثر .. والوسواس لازال يضرب بوسط عقله .. كان يسمع صوت سّلطان وهو يحكي ويستهزأ فيه : وش بيدك ؟ بتسوي نفسك كفـو وبترميني ؟ منت بقدها
ألتفت بغضب لصوت صراخ شُعاع وقال بعصبية : قصري حسّك قبـ
كانِت تناظر لأبوها اللي يصرخ عليها بعصبيّة .. وكأنها ينبهها إن هالوقت مو وقت يسمع صوت بكاءه فيها .. ولكن للحظة توقفت الأرض عن الحركة
وبدأت الأصوات تُخفت وكل اللي بدأ يتردد صداه بمسامعها " الرصاصة " اللي تمكنت من ضُلوع أبوها .. وتركت الجبّل المتين يهويّ بكل زعزعة على الأرض .. بدأ صدرها يعلو ويهبّط بشكل كارثي .. بدأت شهقاتها تعلى وعيونها تذرف الدمع لدرجة حجبت عنها الرؤية .. تخال نفسها في مسرحيَة .. ووالدها البطل وعمّها الشخصية الشريرة في هذا السيناريو .. كانت تناظر لجسد والدها المُلقى على الأرض .. على أمل أن تنتهي هذي المسرحية اللي ماراقت لها أبداً .. ويرتفع جسد والدها بكل ثبّات على الأرض وهو يرمي صرخاته عليها واللي بتتلقاها بكل حُب هالمرة .. ولكن مرت دقائق معدودة أثبّتت لها إن اللي حصل أمام عينيها ماكان إلا مشهد حقِيقي .. وبأن البطل اللي يستقيظ بنهايّة التصوير .. هذه المرة لن يقف !
بدأت تبكي بصوت عالي وهي تحط يدينها على إذنها وعيُونها موجهة على سطّام اللي ما زال يقف بنفس النُقطة .. ولكنه يترجف من شدة الخوف .. على أي خطوة أقدم ؟ وماذا صنعت يداه !
دبّ الخوف أكثر وأكثر لصدره .. وبدأ جسده يرسل إشارات خاطئة لِدماغه .. كان عاجز عن التفكير .. أو عن التوجه للمنطق السلِيم .. زر الأمان بالسلاح مازال متوقف .. والرصاص على أهبّة الإستعداد .. وصوت شُعاع كأنه ينادي له ! بدأ يصرخ عليها تسكت ولكن شعاع كانت تزيد وتعلي صوتها برهبة وهي تبكي بنحيَب .. وسطّام نفذ مخزون صبره وصوب السِلاح عليها وهو ناوي يخوفها ولكنها من علّت صوتها أكثر ماكان قادر إلا على ضغط الزِناد واللي بعدها خرجت من فُوهة السِلاح الرصاص القاتلة .. اللي تشبثت بوسط قلب هذه المُضيئة .. وتركتها تهوي بكل ذوبان على الأرض .. لحظات قلِيلة ومعدودة .. كانت قادرة فِيها على نُطق الشهادة والسؤال يتردد بصدمة في بالها قبل أن تُفارق عينيها هذه الحياة " بأي ذنب قُتلت ؟"
مذ أغلقت عيّنيها وطبقّت جفُونها معلنة عدم فتحها مرة أخرى حتى بدأ سطّام يتنفس بصعوبة .. وهو يغمض عيونه ويفتحها بعدم إستيعاب .. ماذا سولت له نفسه ؟ الموقف كان كبير عليه وكثيّر حيل
والي قاعد يصير يظن إنه خارج سيطرته .. قتل أخوه وألحقه بنته ! والآن هو يرتجف مُتسائل عن نهايته بدأت يده تخرج عن سيطرته من شدة إرتجافه بدأت أصابعه تختل من شدة الرعشة وعينيه ترمش وكأنه بدأ يفقد السيطرة علم جميع أجزاءه .. ألتفت وهو ناوي يهرب بكل قوته من مسرح جرِيمته .. ولكنه ألتفت على دُخول كايّد اللي كان يركض بخوف بعدما سِمع صوت الرصاص ببيتهم ..
أول ما ناظر للمشهد .. إختلت كل موازينه وكل اللي كان بيسِويه بيجمع أهل الحارة .. لذلك بدأ يصرخ بخوف بكلمات تحمل كم هائل من الخوف" إلحقونا .. أبوي مات .. عمي قتل أهلي"
وقبل أن تخرج رجله من عتبّة الباب .. رصاصة سِلاح عمه كانت سبّاقة .. كان يحاول يهرب من المكان قبل حُضور أي أحد .. لذلك طريقته الوحيدة عثرة أمام أقدام هذا الطفل .. وهذا اللي سواه !
ركض بعدها وهو يتخطى كايَد اللي بدأ يبكي بخوف وبصدمة وركب سيارته وهو يختفي تماماً من قداك بيت أخوه .. في نفس الوقت اللي حضرت فيه أمهم واالي من حضرت الموقف .. تبّددت الحياة بداخلها وبدأت تبكي بفاجعة واللي حضر بعدها وهّاج !


"
إستعاد نفسه من إطار ذكرياته المُفجعة وهو يهز نفسه بعدم إستيعّاب .. كان يظن نفسه يحلم .. أو يلعب لعبة نهايتها بيوقف أخوه جنبه ويربت على كتفه .. ولكِن من لاحظ السلاح بين كفوفه أيقن إن الي حصل معه حقيقة ! وبأنه أنهى حياة ثلاثة أشخاص دُون يرف له جفن !
-
-

ضِرار اللي كان جالس على كُرسي الإنتظار .. وبيدينه فطيّرة .. يتعشى بعد يوم كثيّف ومتعب حِيل .. مُتابعة أحوال السُجناء صعبة جداً .. خصوصاً لو كانت مُهمته تتطّلب الحرص الشديد .. رفع رأسه لزمِيله اللي قال : سلاحي يالطيّب ؟
أبتسم ضِرار وهو يسحبه من خصره ويمده له : تسلم وأرد لك هالخدمة متى ما أحتجتني
أشر له بهدوء وقال : لا تكررها يا ضِرار .. سلاحك ما يبتعد عنك .. ولا بتهلّك !
هز رأسه بإستجابة وهو يترك الكيس جنبه ويوقف وهو ينفض نفسه من بقايا الأكل اللي تجمعت على بدلِته .. ألتفت بإستنكار شدِيد بدأ على كل ملامحه .. للإستنفار اللي حصل بين أفراد الشُرطة بعد إتصال أدى إلى زعزعة أركان المركز .. كان يناظر للرائد يرمي أوامره بكُل صرامة على فريقه
كانت تمر على مسامعه أسماء يفقها حيّل .. ويعرف أصحابها ولكنه يُنكر ذلك .. كيّف يمر إسم " سطّام آل سهيّل " بمركز شرطة ومرور إسمه ترك الكل يستنفر؟
ولكنه من مر قدامه الفريق وهو يتجهز حتى بدأ قلبه يرتجف .. لسبب يجهله
ناظره المُلازم بِضيق ومن ربت على كتفه قال : الله يهون عليك هالمصيبة
تركه خلفه وهو يرتعش من خوفه .. ولحظات معدودة تخلى عن الوقوف بمكانه وركض بكل سرعته وهو يتجهه لسيارته .. ركبها وهو ينطلق بكل طاقته لبيتهم .. إسم أبوه مازال يمُر على مسامعه مما سببّ له الرعب بكل أطرافه .. أبوه بخير ؟ كان يدعي يكون طيَب وماحوله خلاف .. كان يرتجف وهو يحس الدموع بعيونه " يارب يكون بخير .. يارب يكون بخير " وكأن الطريق ينافس ضِرار على طُوله .. فيكاد ينتهي ضِرار والطريق لم ينتهي بعد
وصل للبيت وأخيراً بعد الكثير من المشقة .. أزاح جسده بكل سرعته عن المقعد وهو يرفس الباب برجله ويركض بكل طاقته للبيت .. دخل للصالة وهو يلهث بكل صعوبة ومن ناظر لوقاص اللي يشرب الشاهي مع أمه قال بكل سرعة : أبوي وينه !
وقاص وقف بإستنكار وهو يكتف يدينه : وش صاير ؟ وأنت تركض من الحين تبي ورثك ؟
ألتفت لأمه اللي قالت بهمس : ماله شيء يا وقّاص .. لا تعطيه خبر
رجع يلتفت لضِرار اللي مازال يتنفس بسرعة : وقاص إنطق .. أبوي وينه ؟
وقاص ناظره بطرف عينه وقال : جاء قبل دقائق وطلع لجناحه يرتاح .. لا تخرب عليه راحته
ألتفت ضِرار مُتجاهل كلام وقاص .. وقبل تِعتب خطوته أول درجة .. بدأ صوت دوريات الشُرطة يرن بأرجاء المكان .. وهم يحاوطون البيّت بكل سرعة
وقاص ألتفت بخوف لأمه وقال : وش صاير ؟
وضِرار مسح على وجهه وهو يرتجف مُستنكر اللي قاعد يصير .. ولاعنده فكرة عن اللي حصل !

بينما سطّام أنقطع حبل أفكاره من سمع دوي أصوات سيارات الشُرطة ترِن بالمكان .. وقف بصعوبة وهو يفتح الدرِيشة .. ويناظر للسيارات اللي بدأت تحاوط بيته بشكل كثِيف .. وهم يعاملونه مُعاملة قاتِل سفّاح .. وفعلاً ! هذا اللقلب الوحيد اللي يلِيق فيه !
بدأ يتسلل لقلبه الخوف .. الرهبّة .. الرغبَة بالهرب من هالموقف
بدأت أصوات غريبة تستقر بمخه .. نفس الأصوات اللي أجبرته يسفك دم أخوه .. بدأ يحس إن خلايا مُخه تجبّره يتخلى عن نفسه بدأت أفكاره تتشكل على هيئة الرحيّل " ما بقى لك مكان بالحياة ذي "
" أول ما تتكلبّش يدينك بتودع الحياة " " لا تتركهم يقبضون عليك " بتصير مهزلة بتصير مسخرة لكل اللي حولك " رح ينسفك ماء وجهك " إنهي وجعك بيدك " مئات الأفكار أستقرت بمخه من بينها الهروب .. الهروب من هذا المكان بلا عودة .. خوفه اللي أحاط فيه بعدما فقد أخوه .. أجبّره على فقد السيطرة على نفسه ! ماكان قادر يتحمل ذنب ثلاثة أشخاص برقبته .. ماكان قادر يعاني هالمعاناة لباقي حياته !

ضِرار اللي بدأ يركض بسرعته على عتبات الدرج .. يتبعه وقاص اللي تسرب الخوف لقلبه بعدما سمع صوت الشرطة .. وقفو بمكانهم بكل رهبّة .. بعدما تسلل لمسامعهم صوت رِصاصة .. إخترقت مسامع من بالمكان !

ضِرار واقف ويدينه على رأسه ويبكّي بصدمة لوهلة كان خايّف إن أبوه أخذ مسدسه وأنهى حياة أحد بسببه .. ولكن الصدمة ماكانت صعبة بالشكل هذا كانت أصعب وشيء أشبّة بالمستحيل.. ووقاص منحني بجسده على أبوه ويبكي بإنهيار وهو يصرخ بوجع .. بينما أفراد الشرطة بالمكان صادين عنهم بضيق
و أم وقاص إلتفت بالسواد وهي عاقدة حواجبها بعدم إستيعاب .. ويدينها على قلبها .. خوف ورهبة من نهاية سطّام المفجعة .. إنتحر !
ألتفتو برعب لدخُول " برِيق ووديع " آخر عيال سطّام واللي كانوا برى البيت .. والخوف متلبسهم من الشرطة اللي تحوف البيت حوف ؟
من لمحو جسد أبوهم المُلقى على الأرض .. والدم يسيّل بأطراف المكان .. حتى صرخت برِيق بوجع قطّع كل قلبها من شدته " ييييييبة " الكلمة اللي بتفقدها لباقي أيام حياتها .. الكلمة اللي بغيب طعمها بغياب صاحبها عنها .. الغياب اللي بيترك فراغ مهما حاولو يعبونه ! بينما ودِيع آخر حبّة بسبحة سطَام أنهار بشكل كارثي جنب رجول أبوه وهو يبكي بنحيّب ترك بصمة بقلب كل شخص تواجد بأطراف هذه الغرفة !

ياكبر الوجع .. ياقوى قلبك يا وهّاج .. تركتني بلا ضيّ .. تركت غِصن بدون ذراع تتمسك فيه .. خيبت ظني .. وخيّبة الظن بأخوي تكسر الروح يا وهاج تكسّرها "
بدأ الصوت يعلى بشكل أقوى .. بدأ الصراخ يشتد وكأنه نابع من جوف مُظلم ومن كهف مُخيف " وهههااااج ..ويييينك عننييي ... وهااج أنا خاايفة .. أخاف من الظلللااام لا تتركنننيي "

رفع رأسه من على المخدة وهو يتنفس بصوت عالي وبسرعة خطيرة وعيُونه تدور بالمكان بشكل مُخيف كان يتصبب عرق من كل جهة بجسده .. بدأ يلهث وهو مو مستوعب الحدث اللي كان فيه .. ومن بدأ يركز تنهد بضيق وهو يمسح على وجهه .. بدأت الكوابيس تسيطر عليه بسنواته الأخيرة .. والأهم " شُعاع" بدأت تبكي بسخط بكل أحلامه

مسح على وجهه بضيق وهو يوقف .. تقدم للمغسلة وناظر لنفسه بآسى .. مرر يدينه على الجُرح اللي بجهته العمِيق واللي مازال آثره باقي وكأنه يثبّت وجوده بكل مرة يناظر نفسه للمراية ! وبدأ يمرر يدينه على لحيته المُهملة واللي طالت بشكل مُخِيف .. ناظر لعيونه بشكل مُطول وهو يتأمل حاله .. كبّر بالسنين حيييل .. غياب شُعاع عنه ترك الشيّب يتسلل بعمق لقلبه .. لدرجة شاب قبل آوانه وذِبل لين نسى طعم الحياة وبقى يتجرع المُر طول الخمَس سنين الماضيِة !
تنهد وهو يبتعد عن المغسّلة ويرتب ثوُبه الأسود .. واللي كساه السواد من لحظة غيابها عنه .. طلع من الغرفة الصِغيرة وهو يخرج من البِقالة كُلياً .. جلس على بابها كعادته وهو يتكي برأسه على الجدار ويناظر بسرحان للجاي والرايّح بلا وجهة ..
إقترب منه طفل ولما ميّز إنه وهّاج ركض بخوف من جنبه بدون توقف .. وقبل يبتعد ناظره صاحِب المحل اللي قدام البقالة بإزدراء وهو يقول : إذلف إدخل داخل .. مابقى زبُون ولا بقى طفل ما هجّ بسببك .. من رجعت وأنت سبب خسارتنا ؟
رفع رأسه ووقف وهو يعتدل بوقوفه .. وناظره بعصبية .. بنظرته المُعتادة وتِقدم بخطواته المكهربة وهو يوقف قدامه ويدق كتفه بيده بقوة : محتاج سبب بسيط عشان أقتلك بأرضك .. والله لو ما تمسك لسانك عني لأنهيّك
سكت بخُوف وناظره بتوتر وهو يبلع ريقه بصعوبة ورجع يدخل لمحله وهو يناظر بغضب لوهّاج .. قبضته دائماً اللي تتكلم قبل لسانه .. لدرجة إنهم يخافون من حضُوره .. مُستغربين تماماً رِضا صاحب البقالة الجديد ببقاءه رغم إنه سبّب خسارة كبيرة للبقاله بحضوره !
خرج من عنده وهو يقفل باب البقالة بلا مبالاة ترك هالحيّ .. وبدأ يمشِي وهو يجر خطواته بحنِين شديد .. لضحكة غابت عنه سنين طويلة
وقف على أقرب حجرة للبحّر .. وبدأ الماء البارد يتسلل لجسده .. أرتعش من البرودة مع ذلك بقى على نفس حاله .. يحب الجلُوس بالمكان هذا
يقصده بكل مرة تزور شُعاع أحلامه .. لعله ينسيّه همه .. ولكن هالشيء " مُستحيل "
ماكان يظن إنها دلِيله بالحياة هذي .. لدرجة تااه وضاعت حياته قدام عُيونه ومرت سنينه وهو ما بيده إلا يتحسّر عليها !
سنين عتّى على علاقته مع أهله الزمن فيها ! كل اللي بينهم خمسة إتصالات يتطمن فيها على أمه ويقفل أول ما يسمع صوتها وهي تقول " كُلنا بخير "
وهذا أقصى شيء سواه بعلاقته مع أهله !
وصلته رِسالة على جواله عقد حواجبه بإستنكار .. رقمه جدِيد ! ماصار له شهرين مغيّره .. من اللي يعرفه لأجل يرسل عليه ؟
فتح المحادثة ومازال مقطّب حواجبه .. أستنكر وجود التسجيل الصوتي كأول رِسالة .. ما أهتم ورجعه بجيبه بعدم إعجاب .. بعدما مرت ساعتين وهو بمكانه وقف وهو يدخل يدينه ويمشي راِجع لغرفته اللي بمستودع البِقالة .. وقف وهو يناظر للرجل الللي ينتظره عند باب البقالة .. تأفف وهو يقول : وش جابّك ؟
مد له الظرف وهو يقول : هذا راتِبك هالشهر !
ناظر للظرف ورجع يناظر للشخص هذا بعدم إعجاب
كونه يكره حُضوره .. لأنه حلقة وصل بينه وبين صاحب هالبقالة المجهول .. يبي يعرف من هو ولكنه يحول بينهم قال وهو يتخطاه : الشهر ما أنتهى .. دخل ظرفك بجيبك وقل لراعي هالبقالة
هالأسبوع كل اللي حصلناه ميتين ريال .. وباقي يبي يعطيني راتبه ؟ خذه وفارق من قدامي .. مليّت من وجهك كل شهر
ناظره هالرجل ووده يقتله ويرتاح من أسلوبه معه .. ولكنه مجبُور يجاريه لذلك ترك الظرف على الطاولة : هذا راتبك .. إحرقه ولا تصرف فيه .. أنا عبد مأمور وعليّ ألبي الأوامر .. الله بلاه بقلب طيب عشان يترك رجال ردي بحلاله ويأكله من ماله.. ويكرمه وهو يرد الإكرام والإحسان بالإساءة .. خسّارة بشخاذ مثلك ريال واحد !
رفع حاجبه وناظره ببُرود للحظة خرج يدينه من جيبه وهو يمسح لحيته للحظات يتأمل وجهه هالرجل .. مرت ثواني قليلة قبل ينقض فيها على عُنقه ويضغط عليه بكل وحشّية وهو يناظره بعصبية : من اللي مكبّر رأسك علي وقال لك إنك تقدر تنطق بالحكي ذا قدامي ؟ ماكنت مثل الحمار تنهق وراء ظهري .. من اللي يشجعك لأجل تحسب نفسك ذيّب وتجي تتكلم قدامي ؟ ما تدري إني شخص بايع حياته ووجب عليك تكف آذاك عني عشان ما أدعس عليك ؟ شكلك تبي الفكة من الحياة وجيت أفكك منها
رفع يده وهو يضرب ذراع وهّاج برجاء وهو يناظره ودموعه تنزل بخوف من نظرات وهّاج اللي يملأها الغضب واللي أعماه لدرجة نسى نفسه .. وهذا حاله مع الكُل دون إستثناء
من ناظر لدموع كانه بيتركه لولا صاحب المحل اللي كان يركض لهم وهو مفجوع أقترب وهو يضرب وهّاج على رأسه وتلحقه ضربات قوية على جسمه وهو يحاول يفكه منه ولكن هيهات .. يد وهّاج كانت قابضه بشدة على عنقه رغم إنه خفف منها بحيّث ما ينقطع النفس عنه .. لف لصاحب المحل وهو معصب وصرخ وهو يناظره بحدة : ببببرى قبل أذبحه بسببك
طلع جواله وهو يرتجف وقال بنبرة مليانة خوف : أنت مارح يفكنا من بلاك إلا الزنزانة
وقبل ما يتكلم فلت وهاج يدينه من على عنق هالرجل اللي ركض بسرعة وسحب الجوال من يده وهو يتنفس بصعوبة .. ورمى الجوال على الأرض وهو ينحني ويثبّت يدينه على ركبه وهو يتنفس بصعوبة
صاحب المحل عصب وضربه على كتفه وهو يتحسب عليه : الشرهه على اللي فزع لك وقال بيسوي فيك خير .. لكن عساه يقتلك ويشرب من دمك يالردي
ابتعد وهو يأخذ جواله من على الأرض بعدما تفل عليه وناظر لوهّاج اللي يدينه على رأسه ويدقه بالجدار .. هز رأسه بآسى وسخرية وطلع
بينما وهَاج ماتركه من بين يدينه إلا بسبب الصداع اللي فتَك بكل رأسه .. والصدى اللي يتردد في مسامعه بشكل أهلكه لدرجة ماخف الوجع إلا لما بدأ يضرب رأسه بالجدار لأجل يتخدر
طلع الرجل من البقالة بسرعة وهو يهرب من المكان .. ووهّاج مازال واقف عند الجدار ويدينه على رأسه .. بعدما مرت دقائق معدودة وهو مغمض عيونه بوجع .. ألتفت للمكان الي خلى من هالشخصين ومسح على وجهه بِضيق .. قفل البقالة من داخِل ولمح الظرف تأفف بعصبية وتركه وهو يمشي لغرفته الصغيرة
دخل وأنسدح بتعب وهو يغطي وجهه بغترته البنيّة.. بقى على حاله ساعات طويلة .. ساعة تِتبعها ساعة وهو يستغفر لعل هالصداع يخف ويرتاح من هالضيقة اللي أعتلت قلبه حتى فاض
بعدما سمع صوت أذان الفجر .. غمض عيونه بتعب ووقف وهو يتوضأ ويصلِي ..
ألتفت للجهة اليُمنى وهو يسّلم .. وألحقها للجهة الثانية .. رفع كفوفه وبدأ يقرأ آية الكرسي والإخلاص كعادته بعد كل صلاة .. وبدأ يدعي برهبّة .. ولكن كل مرة .. يحاول ينطق إسم " شُعاع" بدعوته
يتخدر لسانه .. ويداهمه صُداع فضِيع .. ويضيق الكون عليه لدرجة يحس إن قلبه بينفجر بأي لحظة .. ولا عرف يتخطى هالشعور أببببداً !
وقف وهو يرجع ينسدح بلا وجهة .. ولكنه سِمع رسالة جديدة بجواله .. أخذه وهو يفتحه بهدوء .. ونفس الرقم أرسل مرة ثانية " لا تتجاهلِني تكفى "


قطَب حواجبَه بإستنكار وهالمرة داهمه الفُضول يفتح التسجيل الصوتي .. ومن بدأ الصوت يتسلل لمسامعه .. حتى فز من مكانه وبدأت تتكور بحنجرته الشيء الموجع اللي يسمُونه " غصّة "
صوت طُفولي .. تكسوه البراءة .. تفيّض كسرات الحُروف منه .. نبّرة باكية تتوشح بالتلعثُم
" خال وهّاج .. وينك ؟ خال كايَد يقول إنك مرة قوي .. وبتضرب كل اللي ضربوني .. تعال شف سوسو ضربتني بقوة على رأسي "
تلاه بكاءها وهي تقول " تعال وينك "

رمى الجوال من بين كفينه المُرتجفة .. كيف لصوت طفلة ما تعدت الخمس سنين أن تُزلزل كيان شخص مثل وهّاج ؟ ما بقى به عرق صاحي .. وكل خلاياه تِرتعش .. صحى على صوت بكاءها أيام طويلة قبل سنين .. وما أهتزت أركانه مثلما أهتزت الآن
وقف وهو يحاوط رأسه بكفينه بتفكير .. ويمشي بالمكان وهو يحاول يرتب فكرتين على بعضها .. ولكنه عاجز تماماً ! ماكان قادر يفكر بطريقة سليمة
صوتها وهي تقول " تعال " كان تماماً مثل صوت " شعاع " وهي تبكي بحلمه !
أختلطت عليه الأصوات .. تشابكت الأفكار .. بدأ يغُوص بالعميق .. بدأ يفلت الخيط منه .. بدأ يفقد السيطرة على نفسه ..!
بدأ يرجع بتفكيره خمس سنين .. لصوت شُعاع وهي تقول "مرت سنة دون وجهك .. يرضيك يعتب قلبك شعاع عليَك ؟ "
صوتها بدأ يعيد نفسه .. وكأنها شرِيط تعقدت خُيوطه وبدأ يعيد التسجيل بدون توقف .. يتردد لدرجة إن دقائق معدودة .. كانت كفيلة بأن وهّاج يأخذ كل أغراضه ويترك هالمكان وراه وهو يركض .. بكُل جوارحه .. يسّابق الخطوة .. وكل اللي يتردد بمسامعه " يرضيك يعتب قلب شُعاع عليك ؟"
وهو ينطق من كل قلبه " عساني للهم .. للضيق ولوجع يعتّل كل صدري .. لو كنت برضى يمسك ضر "


إنتهى




فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 06-03-21, 01:08 PM   #6

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,544
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



--

لا تلهكم الرواية عن الصلاة وذكر الله
أستغفر الله العظيم وأتوب إليه ..
اللهم إجعل هذه الرواية شاهدة لي لا علي ..
--



( البارت الرابع )

كايّد اللي كان جالس جنب بحوش بيتهم .. وجواله بيده .. فز وهو يبتسم بفرحة أول ما لمح " تم الإستماع إليّها "
ضحك وهو يقبض أصابعه لكفه وهو يرفعها كعلامة إنتصار : وآخيييراً صار الفضُول يطوف حولك
تنهد بضيق وهو يتذكر بأن وهّاج كلما عرف كايد رقمه .. غيّره أو سوى له حظر .. وكل مرة يحاول يتواصل معه يصده بكل قوته .. يجهل السبب
ولكنه يدري إنه بعتمة .. عتمة حيييل موجعة
لذلك كلما كانت محاولاته تبوء بالفشل .. يعاود الكرّة مرة ثانية بنفس الطاقة .. ما كلّ ولا ملّ
وآخر شهرين كان يسعى بكل طاقته عشان يعرف رقمه .. ومن وصلته رسالة من رقم مجهول فيها رقم وهّاج و جملتين مُختصرة " رقم أخوك .. رجعُوه للحياة " بقى يحاول يفكر بفكرة ترجعه لهم بدون سعي شديد منهم ! وأول ما لمح غصن تبكي وهي بالحوش.. أيقن إن بنت شعاع هي نقطة الضعف اللي بتجبره ينحني للشوق غصب عنه !

هز رأسه وهو يشوفها تطلع من الغرفة .. ومشى وهو يميّل بمشيته بسبب رجله الي صارت " عرجاء " لأن الرصاصة تمكنت من ساقه .. وقف قدامها وهو يوزع قُبلاته الضاحكة على وجهها وهي تصده بيدينها وهي تصيح
ضحك وهو يبتعد عنها وقال بعدما تنهد : لو أدري إنك الحل .. كان قصدتك من ززمان !
غصن ما فهمت كلامه .. لذلك مشت بدون إهتمام وهي تتعداه وتدخل المطبخ وهو أبتسم بضحكة .. وبرااااحة ملئت أركان صدره .. راااحة فقدها لخمس سنين طويلة !
سمع صوت أمه وهي تقول : كاايد .. جهز السفرة
الفطور جاهِز
ورد عليها بهدوء : أبشِري
بدأ يرتب الفرشة .. وهو يحط السفُرة ويناظر للمكان بتنهيدة .. سنين مرت عليهم .. كيف مرت ؟ وبأي وضع كانو ؟ مايدري
مثل البرق تخطُتهم .. ماذاقو فيها أي شُعور
كانو ذابِلين لدرجة إنهم ما حسو فيها ولا حسو إن الحياة خذت هالسِنين منهم !
ولكن الأهم إنها عدّت .. ولو إنها شيّبت بضلوعهم
بالفراق والموادع .. ولكن كانوا يحاولون يقاومُون بكل طاقتُهم .. عشان " غصن " وعشان ما يمُوتون بآساهم


في بيّت سطَام .. وقفت برِيق وهي تناظر بضيق لأمها : تكفين يمة خلاص .. خلينا نبدأ يومنا بشكب طبيعي مثل الناس العادييّن .. مو بكل مرة نبدأه وأنتي تتحسبين على ضِرار .. ودي أعرف وش سوى هالشخص المسكين لك !
سنين وأنتي تكسريّن مجاديفه .. وهو وش يرد عليك ؟ آمري وسمي ومن عيوني .. حرام يايمة حرام
ناظرتها بحدة وهي تأشر لها : برى يا برِيق .. قبل أعصب عليك وأعلمك كيف تدافعين عنه
تنهدت وهي تقرب وتبُوس رأسها وقالت : يمة دخِيلك .. ملينا من المشاكل .. يكفي الناس حولنا
لا تصيرين أنتي وياهم ضدنا .. تعبّنا سنين وأكلنا الهم يكفي يايمة يكفي
أشرت لها على الباب وهي مشت ووقفت وهي تنادي : ودِييييع ! يالله وينك
خرج من غرفته وهو يمسح وجهه بنُعاس شديد ومر على أمه وهو يأشر عليّها : صباح الخير
ناظرته بطرف عينها وقالت : غسل وجهك قبل تروح
هز رأسه بإيجاب وهو يقول : غسلته بس يتهيأ لك إنه وسخ .. تعرفين يعني ما تشوفين أحد نظيف بالدنيا إلا وقاص

بدأت موالها المُعتاد وهي تفتح صفحات المدح بوقاص وبريق ناظرت لوديع بحدة اللي أعطاها فرصة .. بينما هو ضحك وهو يأخذ كوب الحليب ويشربه دُفعة وحدة ! بعدها طلع على طول ولحقته برِيق اللي ركبت السيارة وهي تتنهد : ما يكفي كلام الناس .. مايكفي نظراتهم لنا .. تبي تزيّدها علينا ؟خمس سنين ميتين قهر بسببهم وعيوننا للأرض .. وأمي تشاركهم بعد
ضحك بضيق وهو يطبطب على كفها : إذن من طين والثانية من عجين يا برِيق .. لأنك لو بقيتي تهتمين لكلام الناس .. رح تدخلين بدوامة الكئابة .. مصيرك بعدها للهلاك !
تنهدت وهي تتذكر الهمسات .. النظرات .. الكلمات الجارحة اللي تعرضُو لها لسنين طويلة وقالت بتأييد : وهذا اللي بيصير !


وصل على أعتاب المنطقة اللي ضمّت ذكرياته مع الشخص اللِي من غاب طيّفه .. إنتهت رغبته بالحياة !
غمض عيونه بضيق وهو يمسح على وجهه .. وهو يثّبت رأسه على الدرِيكسون مرت لحظات معدُودة
وهو يحاول يلملم شتّات نفسه .. رفع رأسه وهو يشد شعره بقوة لورى.. وفتح عيونه بحدتها وهو يلقِ نظرات سريعة للمكان
تقدم لِـ المكان اللي كان فيه مع شُعاع لآخر مواقِفهم سوى .. نزل من السيارة وهو يمشي بخطوات مُتعثرة .. يحس بفراغ كبييير بقلبه .. مايحس بشيء .. مشاعره متجمدة وهو يخطي خطواته نحو التلة .. اللي جمعت هُموم كبيرة لهم
تنهد وهو يتمنى إن هالتنهيدة بمقدُورها تزيح الجبل اللي متكون بحنجرته ولكن لا مفر منها أبداً
بدأت خطواته تقترب من التلّة .. بدأ يقف على أعتابها .. ولكن القلب الفارغ قبل لحظات .. صار في هذه اللحظة مُشبع بالخوف .. الرعب .. الرهبة .. بالهلع
وهو يلمح الجسد الأُنثوي .. المُتوشِح بالسواد
يقف تماماً على أعتاب هذِه التلة ! فارِدة ذراعِيها مثل الطيّر .. وكأنها تحاول أن تطير .. أو بالأحرى أن تترك نفسها للسقوط !
ما ترك لعقله فرصة للتفكير.. إن اللي قدامه مُجرد أوهام .. وتلفِيق من خلايا عقله .. أو فعلاً هو حقيقة وصواب وواقع يعيشه قدام عيونه !
ركض بأقصى طاقته وهو يوقف وراها ويطوق يدينه حُول خصرها وهو يشدها بكل طاقته لِلخلف .. حتى أُختل التوازن وتهاوت أجسّادهم بكُل قوة على الأرض !!

طوق يدينه على خصّرها وهو يشدها لورى بكل طاقته .. حتى أرتمو بكل قوة على الأرض
وهو مازال يتنفس بسرعة .. ومازال على وضعه
للحظة ظن نفسه يتخيل الموقف .. أو عقله أعاد الحدث من شدة حزنه .. أو هذا وهم وخُزعبلات أو شيء من هذا القبيل ، الأهم إن الخوف مازال يحوف كل نبضات قلبه .. كان باقي يحتضن ضلوعها بين يدينه .. يُخيل له بأنها فعلاً شُعاع .. لذلك كان يعتصر جلدها بشدة .. وكأنه فعلاً أيقن هالمرة إنها تبي النفاذ من هالدنيا


كانت متجمدة بمكانها من الخوف .. كيانها أنقلب وتزلزل قلبها من الرهبّة .. وش الشيء اللي يعتصر خصرها ؟ وكيف نُفيت من رأس التلة لنصفها ؟ خيّم الرعب على قلبها وهي تقرأ الأذكار وتستغفر بكل طاقتها .. ولما جمعت طاقتها وجراءتها ألتفت وناظرت للشيء اللي أنقض عليها تشبعت كل خلاياها بالخُوف !
صرخت بكل طاقتها .. وهي تضربه بقوتها بكل مكان توصل له يدها .. ركضته بكل قوتها بقبضتها وهي توقف بسرعة من على الأرض .. وتناظره بعصبية وهي تتنفس بكل قوتها .. وكأنها إستعادت وعيها .. وفهمت اللي يصير بالمكان هذا .. لذلك لجئت لأسلوب الهجوم بكل عدائية وبدأت تُلقي عليه الشتائم وتدعي عليه بكل طاقتها : الله ياخذك عمرك ياسافل .. ماتخاف ربك يامتشرد ؟
عقد حواجبه بصدمة وهو يوقف .. نفض ثوبه بلامبالاة وهو يحاول يتدارك نفسه .. وكأن خلايا دماغه بدأت ترتب الموقف بالشكل الصحيح .. وبدأت تنحط النُقاط على الحروف .. وهذا الشخص فعلاً مو شعاع .. ولا هو من وحي الخيال !
لذلك كان مقطّب حواجبه بعدم إعجاب وهو يوقف و يدخل يدينه بجيبه بعشوائية .. وناظرها بطرف عينه وهو يقول بصوت مشحُون بالغضب الكثيِف .. وكأنها يحاول يلبسّها الندم على فِعلتها .. لأنه يدري .. إن إقدامها على هالخُطوة له نيّة غير نية شُعاع بنظره ! أو هذا كان إحساسه : تعرفين الله ؟ وتعرفين شلون تدعين .. ليه ما لجئتي له بدال ما ترمين آخرتك بشكل غبي يا تافهة .. بما إن عندك كل هالإيمان !
خيّم السكون للحظات معدودة .. هي مصدومة ومقهورة من كلامه وأسلوبه وكأنها صغيرة قدامه ! وهو ينتظر جوابها
صد عنها وهو يناظر بعشوائية للتلة .. وتقدم للحافة وهو يلقي نظرات سريعة للأسفل .. كان يتمنى يلاحظ إن همه صغير .. وإنه أكبر منه وأقوى عليه
ككُل مرة يقف مع شعاع على حافة هالتلة .. ولكن قلبه أنقبّض وهو يدرك إن همه هالمرة يفوقه .. لأنه واقف بدون شعاع ! كان يدري إن يشوف الدنيا صغيرة بعينه لأنها جنبه وتطبطب على جرحه بكل مرة .. بينما الآن صارت صغائر همومه كبائر عنده !
وسّع حدقات عيونه بصدمة وهو يحس بكُفوف تطبع بكل قوة على ظهره .. وتدفعه بجنون للحافة !
وكأنها تحاول التخلص منه بكل قوة .. حتى لم تترك له مجال للهرب .. كانت تدفعه وسط ذهول وهّاج وإستنكاره الشديد للموقف .. واللي تركه حائر مكتوف اليدين .. !

بينّما هي كانت متشبعة بالغضب .. ترتجف أطرافها من شدة الإحتدام والإضطراب اللي سيّطر عليها !
إمتلأت غيظ لدرجة بأنها من لمحته يتقدم لحافة التلة .. حتى تقدمت بكل جسارتها وهي تُقدم كفيها وتدفعه بكل طاقتها وكأنها تحاول التخلص منه ..كانت تظنه بيخلّص نفسه من دفعها .. وبينقّض عليها .. أو أبسط الأمور يبتعد عن مرأ عينها ويتفادى السقوط .. ولكنه كان واقف بمكانه .. وكأنها اللحظة اللي ينتظرها من زمن طويل ! كأنه يريد الموت ولكنه لا يستطيع التقدم له بنفسه .. كان بحاجة من يدفعه نحوه !
بين لحظة والآخرى .. ألتفت وهو مدهوش من أصوات الخطوات الهارِبة من المكان .. ناظرها وهو عاقد حواجبها بإستنكار لموقفها الغرِيب ! وكل اللي كان يفكر فيه " من وين لها الجسّارة عشان تقدم على فعل كبير مثل هذا"
ألتفت بسرعة لما خلت التلة منها .. ومشى بخطوات أشبه بالهارِبة وكأنه لا يستطيع البقاء في المكان هذا دُون ثالث له ولذكرياته مع أخته !
لذلك ركب السيّارة بعجلة .. ولكنه سرُعان ما أستوعب خطأه الفادح والذنب العظيم اللي وقع فيه قبل لحظات معدودة .. بدأ يستغفر بضيق وهو يمسح وجهه بعتب " ياارب .. أنت تعرف نيّتي .. ولا لي حول الردى درب .. فلا تحملني هم هالموقف "
هذا مادار بباله وهو يشغل سيارته .. ويحاول يكمل طريقه ويتناسى الموقف اللي حصل على التلة .. بما إنه كان عابِر !


" دُجى .. يااا دُجى "
كان الصوت يعلى بإسمها .. والنداء يتكاثر بعصبية
بينما هي مازالت تركض .. وتوقف تتنفس براحة بين لحظة والثانية .. وقفت قدام عمتها وهي تنحني بتعب وإنهّاك على ركبتها وكأنها تحاول تستعيد طاقتها
بينما بدأ ثغر عمتها ينقل الحكي بشكل كارثي وبدون إنقطاع : غبية أنتي ؟ لي ساعة تحت أنتظر حضرة جنابك وأنتي بكل قواة عين تاركتني ومستهينة فيني .. وبعدين ما عندك عقل أنتي ؟ ليه تركضين كأنك مجنونة من فوق الجبل ؟ فرضاً طحتي أو صار فيك شيء ؟ من بيتحمل العواقب
أخذت نفس بكل طاقتها وزفرته بهدوء وهي تقول : حاولي تسوين مثلي .. قلديني وخذي نفس يابنت الحلال .. تعبتي فكك بكثرة الهرج اللي ماله سنع !
ناظرتها بطرف عينها وهي تقول : وين الهياط أختفى ؟ مو على أساس بـتسوين نفسك بات ومن ؟
ضحكت وهي تصد بعصبية وقالت : كنت بسوي نفسي هدهد .. عصفور .. حمامة ! وش اللي بات ومن أنتي الثانية
خيّال ردت بسخرية ضاحكة : آخر شيء لا صرتي لاهذا ولا هذا .. والله ماصرتي إلا خفاش !
ناظرتها بعصبية وخيّال ضحكت على نظراتها وقالت : لا صدق .. لي ساعة أنتظرك تحت .. وضحتي بالبداية بس بعدها أختفيتي .. وخفت وألتهيت بجوالك اللي كنت بصورك فيه ! والله للحظة كنت بتصل على أبوك .. ولا برسل لك كاندي تشوف وش وضعك
أنحنت للأرض وهي تأخذها بإبتسامة وتناظرها : آسفة كاندي .. ولكن ماكنت بفرط فيك وأخليك تتسلقين جبل ما ينعرف تاليه .. خلي حس المغامرة لي لحالي .. وأنتي كوني بخير طيب !

هزت رأسها بآسى وهي تتنهد : وهذي تحسب نفسها تكلم بنتها .. بالنهاية قطة .. إرحمي حالنا أحياناً نظنك مسكونة !
ضحكت وهي تمسح على وبر كاندي .. قطّتها شديدة البيّاض وهي تتعداها وتمشي : معليك .. أعتبر سالفة معها أبرك من مية سالفة معكم
خيّال ناظرتها بصدمة وهي تلحقها : الشرهة مو عليك .. الشرهة علينا حنا اللي معطينك وجه !
لما رجعو لمكان جلوسهم .. لاحظت إن أخوها
بدأ يرتب أغراضهم عشان يكملون مسيرة سفرهم
وركضت بسرعة وهي تقول : إستعجلي .. أبوك بيمشي
مشت وراها دُجى ووصلت وركبت السيارة بدون ما تتكلم .. بينما بقيّة الموجودين بالسيارة يغلب على جوهم النُكات .. والضحكات الشديدة .. والهواش الخفيف .. وهذي عادة أي عائلة على خط سفر !
بينما هي إلتزمت الصمت مثلما كانت تسوي من بداية السفر .. وهم تاركينها على راحتها


وصل حُدود حيّهم .. بدأت كفرات سيارته تمشي بسرعة بطيئة حيل .. يُلقي نظراته الباردة للمكان .. وكأنه مافارقه أبببد .. على حطّة يده !
ولكن نظرات الناس تغيرت .. كان ملاحظ إنهم يناظرونه بإستنكار .. بإستغراب من وجود شخص مثله بالحي ! البعض ميّز وجهه رغم تغيره الشديد
والبعض مستنكر وجود غريب بحيّهم
بينما هو مو مهتم نهائياً لهم .. كان يحس بالطبول تقرع جرس النهاية بقلبه .. كلما تقدم متر واحد يحس بإنقباض شديد بقلبه .. وكأن توه يستوعب " من وين جاءتك الجراءة يا وهّاج لأجل تخطي هالخطوة اللي بتأخذ بعثرات روحك المتبقية بصدرك "
كان يحاول الهرب ، النفوذ بباقي حياته ، كان يناجي قلبه يعتِقه من هالوجع .. ولكن لا حياة لمن تنادي
عقله يقول " كمل الي بديته .. أنت بالطريق الصح " وقلبه مُنافياً تماماً لمنطق عقله " إهرب يا وهّاج .. إهرب ولا تلتفت أبداً "
سحب بريك وهو يغمض عيونه وكأنه يحاول يفهم تخبطاته .. ويحاول يرتب هالفوضوية اللي بتفقده نفسه .. لأجل يتخذ القرار الصحيح بالنسبة له



لما قرر يكمل الإدعاء بأنه غير مهتم .. ويهرب من هالوجع .. بدأ يتردد رنين بكاءها الطفولي برأسه .. بدأ الصدى يكرر صوتها بمسامعه .. ثبَت يدينه على الدريسكون وهو يمشي بسرعة بإتجاهه بيتهم .. قبل ما يغير رأيه .. ويسيطر خوفه وظلامه على قراره
وصل لأعتاب بيتهم المعهُود .. نزل وهو يجر خطواته جر .. ويسحب رجوله بكل طاقته .. قفل باب السيارة بعشوائية .. وهو ينقل نظراته المُتلهفة لأركان البيت .. كان عاجز عن الرمش أو عن تجنب تأمل كل جزء منه .. البيت اللي كان يتمنى يهرب منه بكل طاقته .. هالمرة يناظره نظرة المتلهف المشتاق .. المتولع بكل أركانه ! ماكان يظن إنه بيعيش هالشعور بعد سنين طويلة من غربة الروح !
تقدم بخطوات مرتجفة .. وهو يناظر للباب المفتُوح
واللي أسترق النظر منه وهو يلقي نظرة تفحصية للحوش .. كان خالِي من كل حس .. والسكون يخيّم على أطرافه .. فتح الباب بحذر
ودخل وهو يلتفت لكل الأرجاء .. مع كل خطوة يخطِيها .. ومن أنتصف الحوش ووقف تحت شجرة الليمُون بالضبط ..
سحب نفس بكل طاقته .. ولكنه عجز تماماً عن زفره
وهو يحس بأن أركان البيت تضغط عليه بكل مُهلك
كان يناظر لكل زاوية بخوف .. برهبة .. بشوق فتّك بكل خلية بقلبه .. هذا المكان اللي جمّع كل ذكرياته معها
بلع ريقه بصعوبة وهو يحس بأن حلقه تجرح من شدة الوجع .. وهو يلقي نظرة على المكان اللي أحتضن بكاءهم الشديد لليالي طويلة سوى .. يدور بنظرة للمرة الثانية للجلسَة الشعبية الصغيرة
اللي لعصريات مو قليلة ضحكو فيها .. شربو الشايّ بطفولية .. أكلو سوى أول كيكة فانيلا من يدين شُعاع .. أبتسمو فيها لما تعلّم وهاج كيف يمسك دلة القهوة بيدينه وكيف يكرم الضيُوف .. ألتفت أكثر لجهة الباب .. اللي شهد كثيير على نزاعاته الطفولية سوى .. على خصامهم وهو يقول " إفتحي يا شعاع ولا ترى بخليك تبكين " وهي ترد بضحكة " أتحداك يا وهاج .. ماتقدر عشاني أكبر منك "
للمرجيحة اللي مازال خيّطها قوي .. وكأنه قوّى نفسه هالخيط بالذكريات والضحكات واللحظات السعيدة .. لضحكهم المُفجع لما وهّاج على وجهه وشعاع اللي كانت تدفه .. ولإبتسامة وهاج الساخرة لما بكت شعاع عشانها طاحت لنفس السبب
وأستقر نظره وأخيراً على شجرة الليمون اللي واقف تحتها .. الشجرة اللي كبّرت معهم .. أحتضنت كل ذكرياته .. كل جلساته الحنونة معها .. أحتضنت دموعها على كتفه .. طبطبة يدينها على قلبه .. همسها له بكل مرة يتلقون الوجع من أبوهم " بنكون بخير .. بتكبر وتصير تدافع عننا يا وهّاج .. بتكبر لأجل تحمينا وتحمي نفسك من قبّضاته .. لا تبكي وأنا أختك .. لا تبكي يا أخو شعاع "


وجعهم اللي ضمدوه مع بعض تحت أوراقها .. صوت صدى بكاءهم اللي شاركهم فيه حفِيف أوراق الشجر
تعالت أنفاس وهاج بشكل مُهلك وجسده بدأ يتعرق بإنهاك شديد .. بدأ قلبه ينبض بتعب يكاد أن يمزق أوردته من صوت صدى صرخات روحه .. اللي أستنزف كل طاقته المتبقية .. وأقتحم كل الحياة الباقية فيها بشكل مؤلم !
رفع يده المترجفة وهو يتحسس صدره العريض .. يحاول أن يقبض على الوجع الثقيل اللي يكبّس بكل قوته على قلبه .. ولكنه غمض عيونه بكل قوة .. وهو يحس بأن الرنين القوي اللي يسيطر على مسامعه حضر ! بدأ الصرير يتردد بشكل مُهلك حتى ظن بأن قُنبلة مؤقوتة وضعت برأسه من شدة الصداع اللي داهمه .. رفع كفينه وهو يلفها حوالين رأسه ويضغط عليه بكل طاقته .. حس بأنه بأي لحظة بيفلق رأسه فلقتين من شدة قبضته .. ولكن الصداع ما خف ولا للحظة .. بدأ يهز رأسه وهو يئن بوجع من شدة الضغط .. ومن خوفه اللي يداهمه بكل مرة تصيبه هالحالة .. أنحنى وهو يجلس على ركبه وبدأ يضرب رأسه على جذع شجرة الليمون وهو يرتجي إن هالضربات تخدر رأسه ويتخلص من حرارة هالوجع ! بدأ صوت تنفسه يتصاعد ، وكأنه يحس إن صدره يحترق وهالنفس ماهو إلا الدخان بعد الرماد .. عيونه مازالت مُقفلة ورأسه يضربه بشكل جنوني على هالجذع لعله يرأف بحاله ويسكت الوجع ولكن لا فائدة .. غمض عيونه بشدة أكبر وهو يحس بيدين تلتفت حول رأسه وتقترب منه بكل هدوء وهي تمسح على رأسه بكل حنية ! وسط خوفه .. وسط رعبه ورهبته

كفُوف نحِيلة تِتشرب البراءة .. أصابع بيضِاء صغيرة
يكسو باطنها اللون الأحمر الداكِن يزيّن يدها بشكل لِطيف .. إلتفت حول رأس وهّاج وهي تقترب بكل طُهر وتمسح على رأسه ببراءة .. بينما تحتضن رأسه على صدرها الصغير وهي تطبطب عليه .. وكأنها معجزة سقطت على نحو مفاجىء .. لِتنتشل هذا القابع بالعتمة .. للنور !
لتكون غصن يتسلل ويسحبه من خوفه .. وكأنها طوق الأمان
كان يرتعِد .. كل أطرافه ترتجف بخوف وهو يحس بأن تنفسه بدأ يهدأ على نحو مُريب .. وصدره اللي كان يعلو ويهبط بشكل كارثي بدأ يرجع لوضعه الطبيعي .. بينما الصُداع اللي كان يفِتك برأسه بدأ يخف وكأنه تِخدر بسبب طبطبة يدين غصن الهادية
الرنين المتعب اللّي يغزو مسامعه أعلن إستسلامه خلال هذه اللحظة .. وكأن السّلام حلّ وأخيراً برأس هذا المكسور !
بلع ريقه بصعوبة ومازال مغمض العيّنين ويتنفس بطريقة هاديّة وهو يسمع صوتها الطفولي وهي تغنِي تهويدة إعتادت لسنين طويلة تسمعها
تجمّد بمكانه .. إنهارت دواخله وهو يحس بأن الفراغ اللي كان بقلبه بدأ يتلاشى ويمتلي حنيّة من عذوبة صوت هالطفلة !


كأنها تنطق سحر لدرجة إنزاح جزء من همه .. ما قدر يتحرك خطوة وحدة
كان ثابت ، ساكن ، جامد مكانه ! ولا له حيييل يتحرك أو يبتعد عنها
أما هي تضحك بطفولية .. ومن أبتعدت عنه حتى ناظرت له وهي تبتسم وتمرر يدينها على لحيته المهملة وقالت بنبرتها الرنّانة : خال وهّاج صح ؟
رمش بعدم إستيعاب وبذهول من معرفتها له .. رغم بعدها عنه .. ورغم تغير شكله الملحوظ ! ورغم عدم رؤيتها له أساساً
سمع صوت كايّد وأمه .. ووقف بسرعة وهو يبتعد عن غصن .. وكان يحاول يخرج من البيت لولا
أصابع غصن اللي تشبثّت بيدينه بكل قوة وهي تسحبه لها .. ألتفت وناظرها بإستنكار وهي صرخت : خال كاايد .. تعالللل
ناظرها بصدمة من حركتها .. وكايّد مشى بإستغراب لصراخها .. ومن لمح الشخص اللي واقف قدام الباب .. حتى تجمد بمكانه وهو يناظره بذهول .. ألتفت بسرعة على صدمة أمه اللي ركضت بكل طاقتها وهي تحتضنه بين ذراعينها .. وتبكي على كتفه بإنهيار .. مُتناسية تماماً كل شيء حولهم .. بينما كايّد حسّ بأن دموعه فاضت من عيونه غصب عنه ! بدأ يبكي ويمسح دمعه بطرف كمه بكل مرة ينزل .. وأقترب وهو يناظر لوهّاج اللي تغير به الحال .. صار نحيييل بشكل كارثِي .. ولحيته مغطيّة نصف وجهه .. بينما يكسسُوه السواد .. سواء من ثوبه أو غترته .. حتى إن الليّل تجمع تحت عيُونه
وقف قدامه وهو ملاحظ قبضته المشدُودة بكل قوة .. وكأنه يحاول يثبت بمكانه !
أقترب وهو يحضنه بشوق وقال بضيق وعتب : أخيراً حن القلب يا وهاج !
ما تحرك وهاج وكان باقي على حاله .. حتى ذراعينه ما ألتفت حول ظهر أحد !
مازال يناظرهم وهو يحس بالضِيقة تنخر قلبه .. وكأن خوف الكون باللحظة ذي أجتمع بصدره .. ما يبي المشهد يتكرر من جديد .. ما يبي تكون رجعته سبب لفقد شخص جديد وعيش مأساة جديدة كان يناظرهم ويتأمل عيونهم اللي تِلمع بسبب الدموع اللي تراكمت داخلها " لا تبقى لأجل تكون سُود الليالي عليهم يا وهّاج .. يكفي إن جيّتك الأولية خذت أرواح"
كان يظن إن وجُوده بالمكان هذا .. رح يلتهم سعادتهم وراحتهم بكل شراسّة

كان يتهرب بنظراته .. ويحاول يلقى فرصة يسحب نفسه من هالموقف اللي بيستنزف باقي طاقته
بدأ يلقي اللُوم على نفسه .. بدأ يعاتب إستماعه لعقله بجيّته .. بدأت مناقشات صعبة تجول بداخل صدره .. ولا خيّم السكوت بداخله إلا بعدما
سمع صوت أمه وهي تبكي بضيق .. وكأنها قرأت اللي يجول بداخله : بكيّنا كثير يا وهاج .. بكيناهم أموات .. مير أنت بكيناك حي ! إرحم حالنا وإرجع .. إرجع ياوهاج
زادت ضيقته للضعف ..

كيف يفهمها إنه فال سيء عليهم ؟ ووجوده عندهم مارح يجيب لهم إلا كل هم ؟ كيف يقول لها إنه متّلبس الندم لأجل جيته بأسوّد الليالي بحياته ؟
كان بيلتفت ، وهو يحاول يقويّ قلبه وما يرضخ لبكاء أمه .. ولكن وقوف كايد قدامه ردّعه
قال بعتب : على الأقل .. إشرب قهوتنا يا وهّاج
ما خبرتك قاسي للدرجة ذي ! حتى نحِيب أمي تجاهلته !
قطّب حواجبه للحظة ، ورفع كفه العريضة وهو يمسح الدمعة اللي على خد كايّد بكل شراسة ، لدرجة كايد غمض عيونه بوجع من حِدة إستقرار كفه على جلد وجهه .. لمح العصبية بنظراته لذلك مشى بسرعة وهو يمسك يد غِصن .. وسحبها وهو يمشي .. وهي بالتالي مازالت متشبثة بكفوف وهّاج
واللي أنجبر يمشي معهم .. لأن ماكان له قوة يترك كفوف هالصغيرة من بين يدينه !
بينما حليمة .. تعالت فرحتها وركضت بكل طاقتها للمطبخ .. تجهز القهوة اللي يحبّها قلب وهّاج !
بينما هو جلس بطرف الحوش .. وهو يناظر لوجهة معينة .. وملتزم الصمت
بينما كايد يتأمله بلهفة .. ويقيّس التغير اللي صار له على مدار السنين اللي فارقهم فيها .. لقى إن الحزن أستقر بكل تفاصيله .. وشيّد مبانيه على ظهر وهّاج !لاحظ سرحانه ونظراته الفارغة لمكان خالي من كل شيء .. وتضاايق أكثر !
صحيح ماكان بالشخص اللي يغمر المجلس بسواليفه .. ولكنه كان ييحيّي أي مكان يدخل عليه !
بدأ يسأله عن حاله .. عن أحواله خلال السنين الفائتة .. وين هو عايش ؟ بأي بقعة من الظلام ؟ مع من يشارك همومه ؟ وكيف يصرف على حاله
كان كايد يتسائل على كل نقطة من نقاط حياة وهاج .. وكل الخمس دقائق مرت وهو يسأل سؤال يتبعه سؤال ثاني ! ولكنه ما يسمع ولا إجابة على أسئلته .. ولما قال بضيق : ما حنيّت ؟
رفع وهاج عيونه وهو يناظره ببرود وقال بعدم إعجاب من كايّد اللي غلبه بأسئلته الكثيفة : ماودك تمسك لسانك عني ؟ تراك كثير هرج على قل سنع
أبتسم وهو يهز رأسه بطيب .. وأشر على خشمه : على خشمي .. دام خوفي عليك يزعجك .. الله يرحم حالك ويرحم قلة حيلتي !
مارد عليه وهّاج وكايد وقف وهو يمشي يستعجل أمه .. بينما غصن وقفت قدام وهّاج وهي تبتسم وقالت : أول ما دخلت البيت أنا شفتك
ماكان قادر يناظر لوجهها .. لذلك كل اللي كان نصب عيونه كفُوف يدينها الصغيرة اللي تتزيّن بالحناء
بينما هي تسرد له كيف شافته .. وكيف كانت ملاحظة إنه ضايع بالبيت .. وكيف إنها عرفت إن رأسه يوجعه .. وهو صامت وثابّت "خارجياً" بينما من داخله تحدث إنهيارات مو قليلة !
قالت بعدها بحسها المرح وهي تسحب يدينه : خال وهاج .. تعال دفني بالمرجيحة !

سحبته غصب عنه وهو ما بيدينه إلا ينصاع لها .. وينقاد لكل شيء تطلبه .. لأن قلبه مو بيدينه هاللحظة
مو قادر يكون على بعضه بحضورها .. يحس كل شيء ينقلب لاتكلمت بنبرتها الطفولية
ركبت على المرجيحة وهي تثبت يدينه على الخيط وتقول : يالله ياخال
ناظر لظهرها الصغير اللي أستقر على المرجيحة .. ويدينها اللي متمسكة بيدينه وصد وهو يدفها بدون ما يناظر لها .. شدّت على يدينه وهو حاول يسحب كفه من تحت يدها وبنفس الوقت كان يدفها .. ولما سحب يده بقوة .. أختل توازن جسدها الصغير وحاولت تتمسك أو تطلب المساعدة .. ولكن خانها لسانها .. وطاحت بشكل موجع على وجهها .. لدرجة إن صوت إرتطام جسدها على الأرض وصل لمسامع وهاج اللي ألتفت لها بسرعة .. وناظر لها بذُهول وصدمة وهو يسمع صوت بكاءها العالي واللي كان بسبب خوفها وفجعتها .. وهنا تزايّد الضيق عليه !

خرج كايد بخوف وأمه تبعتها وهم يركضون لمصدر صوت بكاء غصن المفجوعة .. وأول ما أنتبه كايّد لغصن المرمية على الأرض .. على حالها
ووهاج اللي واقف جنب المرجيحة ويناظر لها والذهول واضح بعيونه .. ومو قادر يتحرك شبر واحد من مكانه !
ركض بكل طاقته وهو ينحني لها ويرفعها لحضنه وهو يسميّ عليها .. وهّاج أول ما لمح الدم اللي بنهاية جبهتها غمض عيونه بعصبية أعتلت كل جسده وألتفت وهو يمسح على وجهه بضيق ، قد يكون موقف عابر ، وموقف يمر ويصير لكل شخص
ولكنه لما صار لوهاج .. أثبببّت له بشكل كبير
إنه " ماسماه أبوه سود الليالي عبّث " ماكان إلا مصدر هم لهم .. ولكل شخص يحبّه قلب وهاج !
سحب كايد غترته بسرعة وهو يمسح الدم من على جبهة غصن ويبتسم كعادته وهو يطمنها بصوته الحنون : تبكين من جرح صغير ، شوفي - اشر على غترته - مسحت كل الدم وصارت جبهتك بخير ، لو بكيتي زيادة رح توجعك أكثر
ناظرته وهي تحاول تكتم بكاءها ، وهو أبتسم وبعّد شعرها عن جبهتها وهو يقول : ماعليّك ، الأرض اللي أوجعتك ؟ تبيني أضربها ؟
ناظرته بطرف عينها وهي تقول : أنا مو بزر
ضحك من كلمتها وقال : أجل أنتي وش ؟
وقبل ما تتكلم .. نقل نظره لوهاج اللي من سمع صوتها بدأ يخطي خطواته التايه .. ويحاول يهرب بأقصى سرعته من المكان .. ولكن غصن اللي وقفت بسرعة .. ومشت له وهي توقف قدامه .. وهو بلع ريقه بخوف وحاوب يصد عنها بس ما قِدر ! ثبت نظراته على المكان اللي توجعت منه .. وهي أشرت عليه وأبتسمت بطفولية وهي تقول : صار عندي مثلك !
عقد حواجبه لما ما فهمها وهي رفعت يدها وهي تطلبه ينحني لها .. وهو ما عارض .. هو له قلب يعارض أصلاً ؟

أنحنى بسرعة وهو يجلس قدامها
وهي رفعت كفوفها ومررتها على الجرح اللي بجهته والي متمكن من طرف الحاجب وأبتسمت وهي تقول : صار عندي مثلك
ألتفتو لكايد اللي قال : صار عندكم ثقب ، نشوف النور اللي بداخلكم منه
عقد حواجبه وهّاج من كلام كايد .. بينما غصن ضحكت بعدم فهم .. ولكن سرعان ما وقف وهّاج بعصبية شُحن بها كل جسّده .. وهو يلقي نظرات حرارية للشخص اللي أستقر بوقوفه قدامه .. وكأنه ليّث يتأمل بكل شراسة فريسته .. وبأي لحظة بينقض بكل وحشِية عليها ! وجهه تجهّم من شدة الحِنك وعروقه أشتدت فنطق بتشديد
وبنبرة مُشبعة بالعصبية والغضب يرن بكل صوته ينطق به وهو ينقل نظراته حادة على وجهه هالشخص : واحد خسيس مثل هذا وش يسوي بأركان هالبيت ؟ - صرخ بعصبية - إنطططق وش تسوي هنا !!


على أعتاب بيّت تحفه رائحة الأصحاب الجُدد .. يقف وهو يسحب المفتاح من جيبه ويبتسم بهدُوء : حييياكم في بيّت بيأخذ من وهجكم نور !
أبتسمت أخته " معانيّ " وهي تبوس رأسه وقالت : عساك ذخر ياخوي
بادلها الإبتسامة وهي دخلته .. وأتبعتها خيّال اللي باركت لهم ببيتهم الجديد ودخلت .. بينما ناظر لدُجى اللي مركّزة بعيونها على كانِدي وتمسح على وبرها وهي تتخطى أبوها وهو تنهد وألحقت التنهيدة .. تنهيدة أعمق وهو يتأمل لافِي اللي دخل بسكوت وصمت شديد .. مسح فهّد على وجهه وهو يرفع عيونه للسِماء : يااارب .. ييسر كل خير تكفى

الشخصيات :
عائلة آل سهيَل
~ الجد سهيَل عياله :
• سلطان
- زوجته حليمة وعيالهم :
- شعاع كان عمرها 22 سنة
زوجها فواز - وبنتها غصن 5 سنين
* وهّاج 25 سنة
- كايّد 18 سنة

• سطَام
- زوجته الحالية فايزة
- ولده من زوجته السابقة ضرار 29
- وقاص 24 سنّة
- بريق 23سنة
- وديع 18 سنّة

~ عائلة فهد العمّار
- زوجته مُتوفية إسمها أمواج
* بنته دُجى 26 سنة
- ولده لافِي 18 سنة
- أخته معانيّ 28 سنة
- أخته خيّال 26 سنة





إنتهى


ميرا حوا likes this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 15-03-21, 06:43 PM   #7

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,544
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



بسم الله الرحمن الرحيم
لا تلهكم الرواية عن الصلاة وذكر الله
اللهم إجعل كل حرف شاهد لي لا علي
أستغفر الله العظيم وأتوب إليه ..



( البارت الخامس )


ضِرار أرتبك من حِدة صوته العالي .. ولازاد إرتباكه إلا نظراته الحرارية اللي ضاق به الكون بسببها
تنحنح بإحراج وهو يرجع خطوة لورى وناظره بهدوء : يامرحباً يا وهّاج .. أشتقنا لك ياخوي !
تتابع الغضب بنبرته وهو يبتعد عن غصن ويتقدم لضرار وهو يقول : أنا ماني بأخ لشخص مثلك !
إبن القاتل وش يسوي في بيت للآن ما نشف دم أختي من أعتابه ؟ إنطق تكلم ولا والله لأفرش بجلدك الأرض
توتر من كلامه وناظر لكايد اللي صاد بضيق من كلام وهّاج ولكنه سحب غصن اللي كانت على وشك البكاء من صوت وهَاج !
ضرار أبتسم وهو يحاول يسحب الغضب منه وقال : ريّح قلبك من هالحكي يا وهاج .. خلك وسيع خاطر
قاطعه وهو يلف يدينه حول عنقه ، وكأنه ينثر غضب السنين المكبوت على ياقة ضِرار وقال بسخرية : وسيع خاطر ؟ هذا مصطلح ما يشملني أنت ماعندك قلب ؟ تخطي برجولك لبيّت أبوك قتّال أصحابه ! والله لو ماني أخاف الله لأسفك بدمك باللحظة هذي ، وأزيّح الهم عن قلبي
ما حاول ضرار يفك يدين وهّاج اللي تضيّق الخناق على عنقه وكان يناظره بهدوء ، ولا تركه إلا بسبب يد أمه .. اللي ضربت ذراع وهّاج بكل قوتها
وهي تناظره بحدة .. نفض عنق ضرار من بين كفينه وهو يناظر بذهول لأمه .. ولكنه قال بعجلة : إبن القاتل في بيت الضحيّة يايمة .. هذا العشم فيك ؟
تلى كلامه ضحكة ساخرة من ثغر أمه ولكنها ماردت عليه وألتفت لضرار وهي تتحس رقبته .. نطقت بحنيّة : أنت بخير يايمة ؟
هز رأسه بإيجاب وهو يبتسم لها بهدوء : بخير لا يلحقك هم !
تصاعد الجنون برأس وهاج من معاملة أمه لضرار .. وقال بصدمة : لا تجننيني بهاليوم وإبعدي عن السفّاح قبل أزهق دمه
ورجع يناظر لضرار وهو يتنفس بشكل عالي .. ويحس إن حالته العصبية بدأت تحضره بشكل سيء جداً : وأنت أخرج من هالبيت .. إبتعد عن ريحة الموادع الي مازالت تفيض من هالبيت .. فارق لأبعد نقطة عننا قبل أنهيك يا ضرار .. ووالله إن عندي إستطاعة !
ضرار ناظره بهدوء وهو يعطيه كامل الحق على تصرفه ثم هز رأسه بطيب وتقدم وهو يبُوس رأس حليمة .. وألتفت وهو يخطي أول خطوة لورى وكأنه بيخرج بس وقف مكانه بضيق .. ومن كان بيخطي خطوته الثانية سمع صوت حليمة اللي قالت به : ضرار يا ولِدي .. أنت محلك جنبنا
لا يضيق لك خاطر .. وتعال أشرب القهوة معنا
ألتفت بسرعة لها ووهّاج وسّع حدقات عيونه بصدمة منها .. وكأنه ينطق للهواء .. وكأنه يقول كل هالحكي عبّث .. كان بيتكلم بس قاطع عليه تقدم أمه له .. ووقوفها الشامخ قدام عيونه وهي تناظره بهدوء .. بينما عواصف كثيفة نشرتها من ثغرها : تدري يا وهّاج .. من جيت وأنت تناظر للباب وكأنك منت برجال هالبيت .. من جيّت وأنت تبي تهرب من عندنا .. خطواتك تعودت على الرحيل
وعقلك وقلبك يبغون الوحدة .. ماعادهم بحاجة أهل
بينما إحنا نحتاج رجال يبقى معنا .. يدارينا
نحتاج شخص مثل ضرار ، لامّن الظروف حدته يتركنا تزعزع خطواته بقهر من فكرة موادعنا
آرتخت حواجبه وسكنت جوارحه بعدم إستيعاب لكلام أمه ، بينما مازال غاضب من حضور ضِرار فنطق بتشديّد وهو يدعي اللامبالاة من كلام أمه : إبّن القاتل مارح يبقى لحظة وحدة داخل أسوار هالبيت ، يخرج بسلامته قبل أحمله رقبته بين كفينه
لما لاحظ هدوء أمه وعدم إهتمامها لجأ لكلامه الثاني وقال : يا وهّاج.. يا إبن سطّام يمة !
ولكنه رمش بصدمة .. وذهول وهو يرجع خطوة لورى لرد أمه اللي مافكرت فيه وهي تأشر على الباب : إرجع للمكان اللي جيّت منه .. أنا مو بحاجة لك .. ولا تحط نفسك مع ضرار بنفس الكفة !
ضاق تنفسه وهو يحس بغشاوة صلبة على عيونه
رفع كفه يتحسس .. لو كانت عيونه وأخيراً سربّت دموعه من شدة قسوة رد أمه .. ولكن ماكان إلا ضيق وإرتفاع بمعدل الهم بقلبه .. بلع ريقه بصعوبة وهو يحاول ما يناظر بعيون ضِرار لأجل ما يلاقي الشماتة بعيونه .. ما يدري ليه حكت هالحكي اللي زلزل كيانه .. ولا يدري ليه هو بنظرها مجرد دخِيل .. للحظة حس بأنه مو ولدها ولا من صلبها
وهالإحساس لازمه دائماً من كان جنبها .. ولكن هالمرة بشكل كثيْف .. بشكل مُجحف وموجع .. كلماتها ماكانت إلا السكين اللي تصوب على الجرح وزاده مرارة ووجع .. حاول يلملم شتاته .. وينطق بإستفسار لأجل هالمرة عالأقل يروي فضول وجعه : إبن القاتل الغريب يرجح عليّ يايمة ؟ كنت أحسب إني ما أهون
ردود حليمة كانت جاهزة .. وكإنها تترقب حضوره من سنين طويلة .. وكأنها كل ليلة تقرأ هالسيناريو لدرجة إنها حفظته عن ظهر قلب .. جرحها مازال طري من غيابه وتركه لهم وحيدين في عتمة الليالي .. من غيابّه الي خلف عقبه فقر شديد .. بينما لو حضر كان تغيّر الحال فيهم ... أنانيته مازالت تنهش ضلوعهم وتأكل من أفراحهم : أحنا هنّا عليك .. ليه أنت ما تهون؟ أنت أخترت تبعد وتتركنا دونك .. أنت تركت أم مكسورة وأخ يعاني من أوجاعه .. تركت أب وأخت مكسييّن بالدم بدال اللبّس ! أنت أناني وغدّار والدنيا خانتني بولد مثلك ، وولد القاتل خذى محلك يا وهاج ، دارانا تحمل همومنا
نزلت دموعها بحرقة وهي تقترب أكثر منه : من تحسب صرف علينا ؟ من تولى بواجبنا ؟
من تردد للمستشفيات ليل ونهار عشاننا وصحى من عز نومه لأجلنا وترك شغله وإلتزاماته عشان يكون معنا ؟ كيف أكلنا ؟ كيف نمنا من شدة البكاء ؟
كيف وصلنا للمواصيل هذي دونك ؟
رفعت كفوفها وهي تقربها من عيون وهّاج .. وأشرت عليها بعيونها وهي تشهق بصعوبة : كيف عشنا بالوجع هذا بدونك ؟ وكيف تحملناه وأنت بعيد ؟
نزل عيونه وناظر لأصابع أمه اللي موجوعة بقوة .. وآثار الإبرة تخترق كل أصابعها بكثرة
أردفت بصعوبة وهي تقول : أكلنا الهم .. وشربنا الضيق قبل يكون من كأس الدنيا .. شربناه من كأس ولد سلطان .. بكيَنا الأموات يا وهاج .. وخليتنا نبكيك وأنتي حيي .. والحين علمني وش أبي واحد راح ونسانا عايفنا ويدور له مهرب مننا ؟ وش نبي واحد تاركنا للوعات الزمان ؟ واحد بلانا بالقطاعة وابتلانا ؟ ما يحق لك تفرض حكيك علينا .. أنت من صلبي وخنتني .. واللي تسميه غريب صانّي من جور الأيام
نورك ماعاد يشملنا يا وهاج .. أنت منت إلا سود الليالي مثل ما أنقال ..
كان يحاول يتدارك نفسه وما يخر على الأرض من شدة الوجع اللي أشتد عليه .. عشرات السنين مرت ولا سمع هالكلمة من ثغر أمه .. ولكن من نطقتها ضاق الكون على ضيقه ! كان يحاول يلمس التكذيب بكلامها .. وبأن هالكلام ماكان إلا بسبب بعده عنهم وتعاتبه لأنها موجوعة من بعده .. ولكنه لمح الجديّة بعيونها .. وكأنه فعلاً ماعاد تبيه .. بعده عنهم بأشد الليالي عتمة وأكثر الليالي اللي كان يحتاجون فيها نوره .. كانت ضريبته هالجروح
زادت حدة تنفسه وهو يشوفها تمشي متجاهلته وهي تمسح دمُوعها بعشوائية شديدة وتناظر لضِرار بحنية : ضرار يا ولدي .. تعال للقهوة وأنا أمك
تردد ضرار للحظة .. ولكنه عزم ومشى وهو يلحقها بينما وهَاج مازال واقف بمكانه .. أبتلأ بناس يتفننون بوجعه .. بناس يجهلونه ، يجهلون إنه كان يموت باليوم عشرات المرات !
كان يحاول يبلع ريقه ولكن من شدة غصته ماقدر .. دائماً تخونه وتجتمع بشكل مهلك بحنجرته .. كان بيدعي على عيونه .. لو لها القدرة على تسريب الوجع منها لأجل تكون له الطاقة الكافية لتحريك رجله والهروب من هالمكان قبل ينهار قدامهم .. ولكنها كالعادة تخونه !
مرت لحظات معدودة وهو قابض على كفوفه بكل شدة .. وبدأ يخطو خطواته المكسورة من هالبيت
آخر خطاويه كانت هروب من الوجع .. والحين خطاويه هروب من الكسّر
أبتعد أمتار قليلة عن البيت وهو يستند على أقرب جدار قدر يوقف جنبه .. وأنحنى على ركبته وهو يتنفس بصعوبة شديدة .. غمض عيونه بتعب وهو يحاول يترجم مواجعه هاللحظة ولكنه ماقدر .. صعبة عليه ، كلام أمه كان مثل الخنجر اللي مستحيل ينزاح من قلبه ، كانت دائماً تلتزم الصمت معه ، ماكانت حنونة ولكنها ماكانت على هالقدر من القسى !
جلس وهو يستند برأسه على ركبه ويهز نفسه بضيق ، يحاول يهرب من وجع قلبه لأجل ما يتصاعد هالوجع وينخر بمخه ويتركه يصارع الموت من جديد .. مازال يتنفس بصوت عالي ، مازال يسمع صوت أنين قلبه ، كثيرة حيل هالهموم ، كان يهدّ حيل جبال ولا ينهد له حيل حتى بإنكساراته
بينما الحين ماعاد له القدرة حتى يرفع رأسه لأجل يتأمل وجعه ضحك بسخرية وهو يرفع رأسه وناظر للسماء بإستهزاء على حاله " الوضع يبكيّ ولكن وهاج يضحك .. الكسر بظهري والوجع بقلبي والضحكة على وجهي .. يييااااارب "
ماعاد له حيل يختار ردة الفعل الصحيحة لوجعه .. فكانت ضحكاته تتعالى بسخرية على حاله " تغربلت حيل ، الكل يأخذ من إسمه نصيب .. ولكني والله ما شفت النور بحياتي أبد .. أنا بالعتمة أنا أنتمي للقلب اللي لبسّني إياه سلطان .. أنا ظلمة ووبقى ظلمة "
توشح بوشاح ماهو من شيمه ، تلحف بالشتات وأختار الإنهيار على المنازعة .. كان يتمنى لو يقدر ينفض صدره مثل ما ينفض لحافه ، أو يكون له القدرة على يخلع عالشعور مثل ما يخلع ثوبه .. ولكنه عاجز .. عاجز تماماً عن الشعور والإلتقاء بنقطة قوته .. كان دائماً يلمس نقاط الضعف ودائماً يلقى الوجع بتفاصيله
عقد حواجبه وألتفت بإستنكار لصوت الصراخ العالي .. ولكنه صوته يفقهه حيل .. ومازال يعرفه حتى رغم بعده كان يركز بنظره على الشخص الي أستقر قدام كايّد وهو يرمي على وجهه الأوراق بعصبية لدرجة إن حدة الورقة خدشت وجهه كابد وصد بضيق لما بدأ يطلق صراخه العالي عليه : دائماً مفشلنا الله ياخذك يا غبي .. أنت متى بيكون عندك عقل عشان تفكر فيه ؟ متى بتستخدمه بالطريقة الصحيحة ؟ متى بتحس على عمرك وتفكر زين ، مامليت من نفسك وأنت غبي وما تفهم ؟ ماعندك كرامة لأجل تحس وترفع من نفسك ؟ ما يكفيك التهزيء دائماً قدام الطلاب ؟ ماباقي مكان فيك ما كسرته ماودك تتوب
قرب وهو يناظره بقرف وهو يقول : تحب الإهانة يا كايد ؟
كايد رفع عيونه الذابلة واللي يحاول بشدة يكتم دموعه فيها وتنحنح وهو وده يقول " ليلة الإختبار سهرت لأن غصن مريضة" ولكن وقاص بتر عذره قبل يبداه وقال : أعذارك ما تهمني.. وإسمك يومنّه ينتهي بآل سهيل وجب عليك تكون كفو مهب رخمة
لاحظ كايد اللي تسلل من بين الظلام وكان يتقدم صوبهم بنظرات حارة ..ووجهه مظلم من شدة العصبية ولكنه رفع كفه بدون ما ينتبه وقاص ، وأشر له بمعنى " لا تتدخل ، خلك بعيد"
ناظره وهاج بصدمة من ردة فعله ووقف بمكانه وهو يسمع إرداف وقاص : تدري إنك الوحيد اللي أصحح ورقة إختباره بتدقيق لأجل ألقى لك خطأ وأستمتع بكسرك .. والوحيد اللي أجي لين عتبة بيته لأجل أهمشه وأهينه .. لأنكم داائمااا ياعيال عمي تحبون الإهانة لنفسكم وتدورون لشخص يستصغركم .. وأنا لكم .. أنا اللي بهينكم بكل فرصة .. مارح أترك هالفرصة للغريب أنا أولى بوجعكم
كايد ناظره بهدوء وقال : ان شاء الله الإختبار الجاي أجيب الدرجة اللي ترضيك إستاذ وقاص .. والحين إسمح لي عندنا ضيوف ببيتنا ماودي أتركهم لحالهم
مشى عنه ووقاص ضحك بعدم إهتمام .. وقال بإستصغار : مارح يكون لهم نصيب من الحياة أبداً
ألتفت وكان بيمشي لولا الضربة اللي أخترقت أمله بكل شراسة لدرجة إنه غمض عيونه بصدمة ووجع وهو ينحني ويثبت يدينه على وجهه .. بعد لحظات فتحها تدريجياً وناظر للشخص الي واقف قدامه وهو عاقد حواجبه بصدمة : سود الليالي !
وهّاج كان ثابت بمكانه .. ولكن ثباته زعزع الأمان بقلب وقاص اللي تنحنح ووقف وهو يحاول يدعيّ القوة .. كانت نظرات وهاج مُربكة بشكل فضيع
عشان كذا ماكان عنده القدرة يناظر بعيونه .. بل ركز نظراته على الجُرح العميق اللي بجبهته .. أبتسم بسخرية وتلى الإبتسامة ضحكة ساخِرة نابعة من جوفه قال بعدها : تغيّر بك الحال ، وصرت من القاع لأسفل السافلِين ، وجهك معاده بوجهك ، وإسمك منسِي ولقبك حاضر .. ولكن بصمتي عليك مازالت واضحة وضوح الشمس للملأ .. رافقتك علامتي سنين من دوني يا سود الليالي !
ناظره ببرود .. وهو يرجع يضربه ببطنه بكل قوته ويناظره بنفس النظرة : من أنت لأجل تحكي عن كايد بالطريقة ذي ؟
أستقام بوجع وهو يضحك ويقول : أنا وقاص .. أنا شخص أتكلم بلساني وأفهم مية عقل غبي مثلك ومثل أخوك .. بينما أنت رجعيّ فارغ عقل وغبي يستخدم يده عشان يدافع عن نفسه
وهاج كان يناظره وهو مستغرب من نفسه .. كيف قادر باللحظة ذي يكظم غيظه بالشكل الكبير هذا ؟ كيف للآن ما قتله ؟ هذا أول لقاء لهم بعدما قتل أبوهم أخته .. كيف ما تعلق برقبته للحين وخنّقه ؟ وليه مازال يناظره بكل هالهدوء .. نطق ببرود وهو يدخل يدينه بجيبه : إبـن القاتل .. له وجه يحكي ؟
كتف وقاص يدينه بضحكة .. وهو يقول : خبرك قديم يا سود الليالي .. أنا إبن قاتل ولكني أعلى شأن منك ..

أردف بسُخرية : أنا صرت فوق لمكان ما يطوله شخص مثلك ، أنا وأنا إبن قاتل حظيت بحياة أنت تشوفها بأحلامك بس ، بينما أنت يالضحيّة كنت سود الليالي ولك بعض من الشأن من قبل واللي كنت تطوله بيدينك .. بينما الحين أنت نكرة وشخص ردي وتافة وغدّار تارك دم أهله وهارب .. أنت شخص محذوف من قاموس الحياة ، شخص بيبقى ناقص طول عُمره ! صدقني لو بتحرث الأرض بيدينك ورجلينك بتبقى على حالك .. ردي وناقص ونكرة .. وبذكرك !
قال كلامه وسارع بخطواته وهو يترك المكان .. بسبب نظرات وهاج اللي أربكته
بينما وهّاج كان واقف بمكانه .. ويناظر للمكان بهدوء !!


دُجى كانت تِمسّح بهدوء على وبر كاندي .. وتفكر بسرحان بينما مرت من جنبها خيَال وهي تضرب رقبتها بدفاشة : وش تسوين ؟
ناظرتها بعصبية وقالت : كسر الله يكسر يدك يا غبية
شهقت خيال وناظرت لأختها معاني بصدمة : معاني .. تسمعين بنت أخوك وش تقول لعمتها ؟ بالله عليك هالبنت متى بتتعلم الإحترام ؟
ناظرتها بطرف عينها وقالت : عمة بعينك .. وبعدين لا يكثر هرجك ترى ما بيني وبينك إلا شهرين بس ! يعني لا بيننا إحترام ولا هم يحزنون
خيال : أكبر منك بيوم .. أعلم منك بسنة .. وأنتي عاد إحسبي كم يوم أنا أكبر منك فيه .. وبعدين ترى لسانك صار طويل تبغـ...
أشرت لها بلامبالاة وهي تقول : قومي قومي بس اقري رواياتك وحرِريّنا من كثر هرجك
ناظرتها بطرف عينها ووقفت وهي تناظر معاني : وأنتي بتبقين ساكتة عن قلة أدبها ؟
معاني ماردت .. وعيونها على شنطتها .. تفرغ ملابسها منها بهدوء
تأفتت خيال بعصبية ومشت وهي تقول : أروح لعالمي الخيالي .. بدال عالمكم الخايس هذا واللي كله ضيق وهم
مشت عنهم ودُجى ناظرتها بلامبالاة وهي توقف وتطلع من الغرفة .. وعلى طول خرجت لحوشهم
ألقت نظرة سريعة للمكان وهي تتفحصه وهزت رأسها بعشوائية وعدم إعجاب للمكان ولكنها سرعان ما ألتفت بسرعة وهي تسمع حركة غريبة بالجهة الخلفية للبيّت .. تركت كاندي بالأرض وهي تأشر لها تسكت ومشت بخطوات هادية وهي تترقب الشيء اللي بتشوفه .. شهقت بصدمة وتقدمت بخطوات مهزوزة وهي تقترب من لافِي وتسحب الدخان من يده بكل شراسة
رمتها على الأرض بقوة ودعست عليها وهي تحس إن يدها تِرتجف قالت بعصبية : لجئت للسم يا لافِي وأنت باقي بالصغر هذا ؟
لافِي وقف بهدوء .. وناظرها ببرود وكان بيمشي
بس أستوقفته يدينها اللي ألتفت حول ذراعه وتقترب منه والدمُوع تفيّض بعيونها : لمتى بتبقى كذا ؟ ماودك ترجع للحياة ؟ أشتقت للافي اللي يضحك ويمزح .. لافي اللي يهاوش حتى الذبانة اللي تطير على رأسه ..
أردفت بنبّرة مُلتهبة من شِدة الوجع :
لمتى بتبقى أسير للحزن هذا ؟ ماكفاك سنين كثيرة ؟ جسدك معنا وعقلك بعييد حيل عننا ؟ كلنا موجوعين .. كلنا نعاني بس لازم نستمر بالحياة ولارح نموت من الحزن يالافي .. والله بنموت
مسك كفها بهدوء وأبعدها عن ذراعه وناظرها : أنا ما أحتاج أسمع هالحكي .. هالحكي ينقال لك
أنتي الي تعانين .. أنتي اللي تتوجعين ووجعك يظهر بكل تصرف تتصرفينه .. أنا بخير يا دُجى ولكن أنتي لا
مشى بخطواته الباردة وهو يتخطى معاني اللي واقفة وتناظرهم ورجع يدخل البيت وهي بقت ثابتة بمكانها .. بلعت ريقها بصعوبة من كلامه اللي وعاها بكل شراسة من عالمها الوهمي اللي تدعيّ فيه القوة .. كانت تظن نفسها ثابببتة والفقد مو شيء بتقدر تتخلى عن حياتها عشانه .. لأنها بتضطر تستمر بحياتها بشكل من الأشكال .. بينما هي كانت تعاني .. تعااااني بششدة ولكن ما أنتبهت لنفسها
جلست بمكان لافي وهي تغطي وجهها بضيق .. وتنهدت وهي تحاول تتناسى كلامه
بينما معاني زفرت بصعوبة وهي تتأملها بوجع ، حالهم تغيّر وتبدل بشكل مُفجع وخطيير ، شخصياتهم أنقلبت بشكل مريب بعد الفقد اللي عاشُوه .. دُجى الشخص الهادي البسيط واللي تسمع الكلام من أول كلمة .. وأقصى حكيها سمي وأبشري صارت سليطة لسان وعصبية ومستحيل تعديّ كلمة أو تمرر موقف مرور كِرام !
بينما لافي اللي كان يشب النار مع أي أحد يناقشه ويسمع صوت صراخه بكل مرة ما يعجبه شيء .. صار إنطوائي وهادي وما ينسمع له حس ، عازل نفسه كلياً عن الناس .. تغيرهم كان من شدة الوجع لأن كل شخص منهم كان يعبر عن حزنه بالشكل اللي يناسبه ، سمعت صوت خطوات فهد وألتفت بسرعة وهي تناظره .. وقف جنبها وناظر لدُجى اللي باقي على حالها وتنهد بضيق
بينما معاني قالت : مازالو عيالك ينعصفون بوجع من كل كلمة يا فهد .. مرت سنين وهم على نفس العهد .. ويزيدون بقوة بشراستهم وهدوءهم .. الحلول مافادت .. وش بتسوي معهم ؟ وش خطتك يوم أقبلت للمكان هذا وغيرت نظامهم للمرة الثانية وأنت تعرف وجهة نظرهم الحادة بالموضوع هذا
لف بنظره لمعاني بعدما تنحنح وحاول يخفي إرتباكه من نيتهم بجيتهم لِهنا .. وقال بهدوء : هالمكان بيطبطب على جروحهم اللي ما قدرنا نلمسها .. هالمكان بيغيرّهم غصب عنهم ! دامهم رافضين نساعدهم خليهم يخرجون من قوقعة الحزن هذي بنفسهم
معاني قالت بعدما لمست الإرتباك بنظراته : وليه هالحي بالذات ؟ ليه هالمنطقة من بد كل المناطق !
صد بنظراته عنها بتوتر .. ومشى وهو يقول : مافيه شيء مميز يا معاني .. لا تقرين كتاب مافي سطوره حكي !
تنهدت بضيق وهي تكتف يدينها .. ومشت وراه وهي تمنى عالأقل تعرف وش مكنون نية فهد !


" أنت نكرة وبأسفل السافلين "
" الدنيا خانتني بولد مثلك " " ماعاد نورك يشملنا"
" خلك بعيد " " خسارة بشحاذ مثلك ريال واحد "
بدأ الكلام يتردد برأسه بشكل مهلك ، وصدى كلماتهم تقرع طبولها بحنكة بوسط عقله ، هالتقليل اللي يصير بحقه كبير على شخصية مثل شخصيته ، كان يتأمل كلماتهم ويفردها بعقله حرف حرف والأهم جملة غصن اللي مازالت باقية بين حنايا عقله " صرت أشبهك " خيّم السكون على كل خلاياه وهو يتأمل حاله وبعد دقائق طويييلة صارع فيها نفسه ، أقام حرب كارثية بين عقله وقلبه قال بكل صرامة : مستحيل تخليّها تشبه شخص مُعتم مثلك .. لازم تِتشرب النور لأجل تلِيق بشخص مثلها .. لازم تتغير يا وهّاج عشانك وعشانها !
ماكان موقف .. ولا كلمة .. ولاجملة وحدة
كانت تراكمات كبيرة كثيفة على قلب عانى كثير .. على قلب تجرع المُر لسنين طوِيلة
كلام أمه كان يكفي ويوفيّ يصحيه من غيبوبة إستمرت لسنين طويلة .. مازال صدى صوتها يرِن بمخه بشكل مُفجع .. فكيف بمن يستهزأ به ؟ فكيف بيكون بعد موقف وقاص مع أخوه ؟ أشتعلت النيّران بصدره لدرجة إنه رفع يده وفتح أزارير ثوبه وهو يحاول يتنفس بشكل كبير لأجل تخمد النار اللي بجوفه
تغرب من نفسه سِت سنين .. مرت حياته بلا جدوى قدام عيونه بدون ما يقدم فيها خطوة وحدة للأفضل .. كان كلام وقاص فعلاً صحيح ، مازال نكِرة
مازال بنقطة صفر من بداية حياته .. وش قدم لأجل يجادِل عشانه ؟
مسح على وجهه وهو يحس إن صدره بدأ ينقبض بوجع لما بدأ يستوعب خطه الفادِح في حق نفسه قبل ما يكون بحق أهله .. خمس سنين ذاقو العذاب بدونه ؟
شدّ على رأسه بعصبية وهو يغمض عيونه بقوة " ويييينك عنهم يا وهاج .. وينك عنهم يالأناني !
ماكانت أختك لحالك .. ماكان الهم يزورك لوحدك .. كانوا يعانُون ضعف معاناتك .. وتركتهم للهم
تِستاهل الغربة اللي تتغربها حتى وأنت بينهم .. تِستاهل الوجع يومنّك رضيت بعذابهم وتركهم للغريب "
بدأ يلتفت وهو يناظر لِسيارته .. مشى وجلس فيها وهو يحاول يلملم فُتات أفكاره الضايعة
يحاول يلملم شتات روحه .. لأجل يكون وهّاج
لأجل يكون الفيّ لأهل عاشو بالظلال كثير !



يوم جِديد ..
رفع رأسه من على الدريسكون وهو يطبطب على عيونه بخفة لعله يخف وجعها .. طول الليل ما زار جفونه النوم .. يحاول يبحث عن طريقة يرمِم بها حُطام أمتد لسنين طويييلة
فتح باب السيّارة ونزل وهو يناظر لسوق الحيّ المعروف .. للِدكاكين اللي تقابل بعض .. بدأ يتلفت وهو يتذكر كل ذِكرياته هنا .. أبتسم بسخرية وهو يقول : كل ذِكرياتي بالمكان هذا مليانة هم .. الله يبيحك يا يبة كأنك خذيت مني هالوهج اللي سميتني به !
دخل يدينه بجيبه وهو يمشي بخطوات هادِية وعلى طول خطر بباله " العم عُمر " سارع خطواته وهو مليان وله للرجل اللي شاطره أغلب همومه .. وأنقضت طُفولته تحت جناحه .. ما يعرف كيف مرت هالسنين بدون يسأل عليه .. فوق الندم زاد الضعف .. كونه أبتلأ بالقطاعة مع ناس ما يستاهلون هالإبتلاء
وقف قدام الدُكان وهو عاقِد حواجبه بإستنكار .. مرت لحظة وهو يحاول يستوعب اللي يشوفه
أقترب بعصبية وهو يمسَك أطراف السِلم ويهزه
بكل قوته لدرجة إن اللي يعلو درجاته ألتفت بذهول
للشخص اللي ناوي يرميه بدون ما يكون عنده سبب .. ما تكلم وبقى يناظره بإستنكار وهو يحاول يلاقي له سبب على فعلته ولكن !
وهاج اللي كانت عيونه تنطق ضيق لأن هالشخص كان يتعدى على ذكريات طفولته .. ماكان باقي إلا هالدُكان .. ليه ناوي يأخذه منه ؟ ليه ناوي ينزل واجهة تحمل إسم الدكان اللي أستقر تحتها لسنين طويلة !
نطق بعصبية وهو يقول : من أنت ؟ ليه تنزل واجهة دكان عمر ؟
تنحنح للحظات وهو يعدل عُصبة رأسه وقال : رجل الكهف يطل علينا ؟ كم لبثّت لأجل توصل عندنا؟
قطبّ حواجبه بعدم إعجاب من إجابته وقال بعدم إهتمام : لا تسلك درب ما سألتك عنه .. ولا لك باب فيه لأجل تدق عليه .. علمني ليه تنزل هالواجهة !
نزل بهدوء وهو ينفض ثوبه الأبيض ويوقف قدامه : هالمحل صار بإسمي ولي !
آرتخى حاجبه وتنحنح وهو يبعد يدينه عن السِلم
ويحاول يستوعب الوضع .. هالمحل صار له أكثر من ثلاثِين سنة بالمكان هذا .. ليه الحين بينهجر حس العم عمر عنه ؟
وقبل ما يستوعب ويرتب أفكاره أردف وهو يقول : ولو تسأل عن صاحبه القديم .. فللأسف توفى قبل عاميّن .. وولده اللي باعني هالمحل قبل شهرين !
رفع كفه وهو يمسح رقبته من ورى وكأنه يحس بأن عروقه تنبض من خلفه بشكل كارِثي .. مـتى ! كيف ! مية سؤال يحاول يستوعبها ولكن ماقدر .. كان بيروح لبيته .. يعزي فيها ولو بعد سنين
هذي أبسط حقوق العشرة بينهم .. هو أخلفها وخانها ببعده
ولكن قبل يتحرك رد عليه بهدوء : أهله تركو هالبلد بعدما نقلو الملكية لي
رجع يلتفت له وهو عاقِد حواجبه وهو رفع كتوفه بعدم معرفة .. ورجع يدخل المحل
بينما وهّاج مسح على وجههه وهو يتنهد تنهيدة عمييييقة ولكن كالعادة تبقى هالتنهيدة مع بقيّة خواتها لتكبر الغصة .. أكبر وأكبر !
جلس قدام محل أبو الدكتورة وهو يحاول يتذكر أيامه مع عمر قدام هالعتبة .. وأبتسم بضيق وهو يتمتم بالدعاء الكثِيف للشخص اللي تحمله أيام وليالي طويلة : سامحني يا عم عمر .. عيوني ما بِكتك .. ولا فاض الدمع بخبر وفاتك اللي قِلتني .. ولكن يشهد الله قلبي الي ينتحب ويبكي !
غمض عيونه للحظات وهو عازِم النيَة .. إن ورى هالرماد اللي أحاط فيه بينبني بشكل يذهلهم كلهم
من ليلة أمس يفكر شلون يشيّد نفسه بنفسه .. ويحاول يحسب حساب الخطوة الصح لحركته .. ورغم الجرح اللي يطغى على الجرح وقف بحزم وهو يقول : أنا ماني بمنطفِي .. أنا جمر كنت أحتاج عاصفة لأجل أحرق ظنونكم
وقف وهو عاقد النيَة إنه يتغير تماماً .. وكل الي يردده ببالي " يكفي السنين اللي مرت .. يكفي اللي فات يا وهَاج "
مشى بهدوء وهو يحاول يتِذكر مكان " الحلاق " اللي كان يزوره من قبِل .. لأن أول تغيير مفروض يقدم عليه .. هو حلق كل هالشعر اللي يفيض من كل جهة بوجهه فيه .. لأنه موقن إن كل شعرة عبارة عن " دمعة ، عبّرة ، شهقة ، غصة " تحملها لسنين طويلة .. ووجَب عليه يتخلص منها لأجل يقوى !
وقف قدام محل الحلاق وهو يدخل ، وجلس بمكان الإنتظار لما لمح الرجل اللي بكرسي الحلاقة
كتف يديّنه وهو يناظر بعدم إعجاب لما طول .. يكره الإنتظار ويسبّب له توتر .. فوقف وهو يناظر بعصبية : ماودك تخلص علينا ؟ ترى ماعنده إلا كم شعرة لو حلقها له بزر بمقص خلصها.. وأنت لك يوم عليها
ماوصله رد وعصب أكثر وكان بيهاوش ولكنه ألتفت بسرعة للصوت المعروف اللي داهمّه : وهااج !
عقد حواجبه بإستنكار .. وإستغراب شديد
لوجود هالشخص بعد مرور هالفترة كلها .. بوسط ديرته .. والأهم بوسط حيّه : فهد !!
أبتسم له بشوق وقرب وهو يحضنه بينما وهاج كان ثابِت بمكانه ويحاول يفهم الوضع .. أبتعد فهد وهو يضحك بخفوت : ماعليك تراني ما ألاحقك تطمن .. الموضوع كله صدفة بصدفة
وهاج اللي أستنكر معرفة فهد له رغم تغيره الشديد كان بيتكلم بس أردف فهد : وعرفتك من صوتك .. للحين تهاوش ذبان وجهك ؟
مازال مقطَب حواجبه وفهد أبتسم وقال : حق الجيّرة عليك تبتسم لضيفك يا وهاج .. إفردها يا ولدي
تنحنح وهو يعتدل بوقفته وقال : حيَاك وأعذرني .. ولكن علمني كيف جيت هنا ؟؟ ووينك أختفيت
رجعت بعد ثلاثة أشهر ومالقيتك بمحلك
أبتسم بهدوء وهز رأسه وقال : توفت زوجتي ب الفترة الي جيت فيها .. وأضطريت أنقل لمنطقة ثانية لأجل عيالي يا وهّاج لا يلحقهم الهم بسبب ذكرياتهم معها
تنهد بضيق وهز رأسه وناظر للي وقف وهو ينفض الشعر من على ثوبه .. وقف قدام فهد للحظات وناظر لوهاج ببرود وأشر لأبوه إنه بينتظره برى وهو يمشي بخطوات هادية
بينما وهاج ناظره بصدمة وذهول .. معقولة ؟ هذا لافي اللي كان يدور له زلة لأجل يتلاسن معه .. ويحسب عليه كل حرف عشان يتهاوش معه؟؟؟
زفر فهد بضيق وقال : تشوف ؟ معاده بلافي اللي تعرفه !
وهاج هز رأسه بضيق .. هو بنفسه يعرف الفقد وش يسوي .. يعني بيلوم لافي ؟ : والحين وش بتسوي ؟
فهد رفع كتوفه بعدم معرفة وقال : للحين أحاول أخطي خطوة صح بتساعِدهم .. اليوم بروح أشوف مدرسة هالحي .. وأول خطاوييّ أعودهم عليه
ناظره وهاج بهُدوء وهز رأسه بطيّب بينما فهد أستأذن
ووهاج مشى وهو يجلس على الكرسي .. ويدينه تحت ذقنه ويناظر لوجهه بهدوء !


دُجى اللي كان تهز رِجلينها بتوتر .. وتناظر للحوش بعدم إعجاب .. وصوت تنفسُها كان يكفي أصلاً ليوضح كمية ضيقتها
ألتفت لخيّال اللي جلست جنبها وبيدها كتابها
ناظرتها بعدم إهتمام وهي تسمع خيال تقول : دجى .. تراك صرتي تقهرين بشكل ؟ ليه تعصبين على أخوي ؟ ليه تكسّينه هم فوق همه ؟ ما يكفي إنه تارك حياته ويركض ورى همومك .. يركض لأجل تكونون بخير !
دجى قالت بحدة : أحد وكلك محامي له ؟ بعدين من ضربه على يده وقال يركض وراناا ؟ خيال لا تطلعيني من طوري .. ترى من ألمحك تجلسين جنبي يزورني ميّة جني !
بعدين أخوك هو اللي جنى على حاله .. ليه يتعبنا وليه يحملنا هم ركضه ورانا ؟ ليه يعودنا على شيء وينتزعه مننا ؟؟ إحنا مو أتباعه لأجل يعودنا على مكان ومتى ما زانت له قال مشينا .. وحنا لنا حيرة
لنا خيارات نعيشها !!
خيَال كشرت وقالت : بسم الله .. على طول جوابك الهمجي جاهز
ناظرتها بعصبية وقالت : إلتفتي لعمرك تراك تغثين الواحد .. بعدين ما بقى إلا أبوي يركض ورانا
خليه يركض مضايق عليك بشيء ؟ عندنا لك شيء ؟
خيال عصبت من كلامها ووقفت وهي تتكتف : إيوة .. لأنه مو لك أب وبس .. تراه أخوي
ضحكت وهي تقول : ندري .. لو هو أبوك كان حكم عليك بأشياء وفرض عليك رغباته غصب عنك .. مثلاً على وزنك اللي تعدى حجم الباب .. وعلى وظيفتك المهمشة مثلك والي فرضتوها علي بعد ! تارك لك حرية الإختيار لأنك مو بنته .. ولكن صدقيني كل شيء بيصير نفس ما أبي من هاللحظة .. لا أنتي ولا هو ولا شخص ثالث معكم برضى يتدخل ولو بوزن حرف واحد بحياتي !!!

نطقت بآخر كلامها وهي تدخل للبيت ، تارِكة خلفها شخص يحمل بقلبه قلب أشبّه بورقة بالرِقة .. لدرجة جُملها اللي تظنها عابرة عبرت بكل وحشية على هالقلب وحمّلته ضيق مو قليل
جلست بمكانها وهي تجمع كفوفها حول الكتاب وتقربه لصدرها وهي تضغط عليه بهدوء .. وتحاول تكتم دموعها الللي تجمعت بمحاجِر عيونها !


وبينما حسّب حساب الخطوة الأولى وتِداركها
وقف على أعتاب مبنى بعيد عدة أمتار عن دكاكِين الحي .. ولكنه بمكان ممتاز !
كتّف يدينه وهو يدعِي بأن كل الأمر يمضي بتسيير .. وإن كل الخطة اللي فكر فيها تمشي بسلاسة ولا يتعب كِثير !
صار يتلفت بأنظاره وهو يحاول يلاقي الشخص اللي يبحث عنه .. واللي دلوه عليَه
من لقاه يطلع من المبنى .. تقدم بخطوات مستعجلة وهو يوقف قدامه وبنفس اللحظة وقفت قريب منهم .. بنت متحلفة بالسواد من كل جهاتها وتناظره بإستنكار
عقد حواجبه وهو يكتف يدينه وصاحب المبنى ناظرهم بنفس النظرة وهو يحك جبهته بإستغراب
وقبل ما يتكلم وهّاج نطقت قبله وهي تقول : السلام عليكم .. صاحب المبنى ؟
هز رأسه بإيجاب : تفضلي أختي .. كيف أقدر أخدمك ؟
كملت دُجى بفرحة بأنها لقته على طول وقالت : مكتوب عليه للإيجار .. قبل لحظات كنت بدق على صاحبه .. بس الحمد لله لقيتك .. كيف نكمل إجراءات العقد؟
وهاج اللي يناظرها بسخرية ومازال مكتف يدينه قال : أظن إن مكانك خطأ .. وتمشين على درب خطأ .. وأظنك بنفس الوقت عمياء ما تشوفيني قدامك ؟
ناظرته بطرف عِينها وقالت : ظنونك تمشي عليك بس .. تقدر تنصرف لأن هالمبنى بيصير لي
أبتسم بإستهزاء ومارد عليَها ورجع يكلم صاحب المبنى : علمني وش المطلوب لأجل يصير هالمبنى لي ؟
وقبل ما يتكلم صاحب المبنى دُجى عصبِت وقالت : جيته قبلك .. وقصدته قبل يطرأ على بالك .. هالمبنى نقطة بدايتي لا تسرقها من بين كفيني !
وهاج ناظرها بهُدوء .. ووده يقولها إنه يخطي خطوته الأولى نفسها .. وإن هالمبنى بيكون نقطة تحول له هو بعد !
مع ذلك قال بضحكة ساخرة : ما ظنتي اللي باع دنيته وكانت نيته ينتحر له نيّة يخطي خطوة للحياة !
سكتت دُجى بخوف وبلعت ريقها بصدمة من كلامه .. ناظرت فيه لعلها تلاقي توضيح لسبب معرفته للشيء هذا ! ولكن كانت ملامحه متغيرة عليها .. ولكن الجرح باقي نفسه .. وكان الشيء اللي ممّيزه ومخليه ملفت .. وأول ما عرفته عقدت حواجبها بضيق وهي تِتذكر موقفها معه على حافة الجبّل .. قشعريرة جسدها لما كانت بتلقيه من على الحافة وهو ما أهتزت له شعرة .. وكان مستسلم للموت .. لو تحلف إنه باقي بعقلها هالموقف من حصل ما كذبت
كانت خايفة وماتركت ملامسة يدينها لظهره في ذاك اللقاء إلا من ذهولها وخوفها من هالشخص .. خايفة حيييل من فكرة إن شخص ما يهاب الموت واقِف قدامها
مع ذلك .. وكعععااادتها تدّعي القوة وهي تخفي خوفها تحت هالحِصن قالت : وشخص أمنيته كل الليلة إن الموت يزوره وش يسوي قدام مبنى للإيجار !
قطّب حواجبه بإستنكار من كلامها وهي أردفت وقالت : مستحيل أسمح لك تخطي خطوة فوق حلمي .. مكانك مو هِنا
وقبل يتكلم صاحب المبنى قال : رقم جوالي على اللوحة .. اللي يعطي سعر أفضل يأخذ المبنى
تركهم وراح ووهاج عصب ولكنه كتّم غيظه بكل ما أستطاع من قوة .. وقال ببرود : الله بلاني بنقاش مع شخص عقيم تفكير مثلك .. فارقي من قدامي
ناظرته بطرف عينها .. ولاردت عليه إحتراماً لنفسها
وتركت المكان وهي تِرفع جوالها وتتصل بصاحب المبنى متجاهلة وهاج .. وبنفس الوقت قدرت تعطيه السعر اللي يرضيه !

أما وهاج ترك المكان وهو معصب إنه ماقدر يستغل هالنقطة.. وناظر للساعة وكانت 9 الصبّاح .. وهالوقت كان بصالحه يخلص باقي خطوته قبل ينتهي هاليوم .. على طول توجه للمجمع اللي ضمه بحناياه 13 سنة .. كأول شخص بالعائلة يعيّد أول متوسط مرتِين بسبب الضغط اللي تعرض له من أبوه !
دخل المدرسة ويدينه بجيبه .. ويناظر للمكان بهدوء ولكن .. بداخله معركة .. كبيييرة !
لذلك توجه على طول لمكتب المدير .. لقى عمال النظافة يرتبونه فعلى طول غير وجهته لمكتب الوكيل
دخل وهو يسلم وأول ما أستقام قدام الوكيل اللي مازااال هو نفسه من سنين قاحلة عقد حواجبه وهو يوقف ويناظره بنظرة تفحُصية وبلا وعي .. وكما تعودت مسامعهم على هالإسم : سود الليالي ؟
تراكم الضيّق بقلب هالمسكين .. وين ما توجه لوجهه لقاها تضرب وجهه بكل قوة .. وين ما مشى خطوه لقى هاللقلب يتبعه .. وش مناسبة حضوره بوسط مكتب الوكيل ! يبي الغضب اللي يتبع سماع هالإسم يدمر كل شيء بناه !!
تفجَرت العصبِية بكل أنحاء جسده .. لدرجة إنه ملامحه إشتدت ووضح عليها الحِنكة .. نظرة عيونه كانت تكفي وتوفي للتعبير عن شدة خيبته باللحظة هذي .. سِنين قاحلة مرت ، ليه للآن يذكرونه بهاللقلب ؟ وليه بالذات حضر هِنا ! باللحظة اللي قرر يتغير فيها ؟ وبوسط مكتب الوكيل !
الموضوع مُتعب بالنسبة لشخص يدور مكان يستريح فيه .. وبكل مرة يظن نفسه لقى راحته
تضيق عليه كل الجدران لدرجة تخنقه للممات .. لطالما حس إنه إحساس التعب ودمعة الضيق على مخدة .. ولكن وش الخطوة الجايّة بعد هالهم اللي تملكه ؟
يكسر المكتب ؟ ولا يرفع الصوت ؟ ولا يفجر هالعصبية بشكل يهلك اللي قدامه مثل ما تعود ؟
يرجع للنقطة الصفر ويصارع اليأس بعدما لمح بصيص أمل ولو إنه خافت وباهت ؟
يترك كل الأصوات اللي تبكي وراه ويتخطاها دون إهتمام ؟
سحب نفس وهو يحاول يخرجه من صدره .. ولكن كالعادة يبقى عالق بنص صدره .. ولكنه تدارك نفسه قبل ما تثّير قريحته ويوصل لمكان يدمره أكثر من هالدمار ونطق بهدوء .. يخفي تحته براكين غضب وبتشديد كبير : وهاج !
أستقام وهو يرجع يدينه خلف ظهره ويناظره : إسمي وهاج
تنحنح الوكيل ووقف وهو متشائم من حضوره .. لأنه ماكان شخص يذكرونه بالخير بوقت دراسته .. كان شخص مكانه دائماً بالقائمة السوداء لذلك قال : إية إية وهاج آل سهيل .. فيه أحد ينساك ؟
ولكن علمني وش تسوي هنا ؟
سكت للحظات وهو يتأمل نظرات الوكيل .. مع ذلك كمل بعدم إهتمام له : جاييّ أكمل السنة اللي أنحرمت منها !
ضحك الوكيل بسخرية وجلس على طرف الطاولة وقال : الله يصلحك يا وهاج .. هذي نكتة تنقال على الصبّح ؟
لمح الجدية بعيون وهاج وعقد حواجبه وهو يحاول يستوعب كلامه " يرجع يدرس ؟ " هم ماصدقو على الله تنتهي السنة الي ضمت إسمه بأحد ملفاتها
الحين يبي يرجع إسمه ينزرع فيها وببداية سنة !
يعني شهور طويلة تضم في حناياها وجود وهاج بالمدرسة هذي ؟ الفكرة لوحدها كانت مربكة
لدرجة إنه وقف ووضّح عليه التوتر .. وهو يناظره بضيق : للأسف يا وهاج .. كان ودي أفيّدك أو أخليك تكمل هالسنة .. ولكنك جاي متأخر .. هذا وأنت لك ست سنين هاج عن المدرسة .. مستحيل يرضى النظام يرجعك .. لأنه ما يمشي على هواك
قطّب حواجبه بإمتغاض شديد وقال : هذا حق من حقوقي .. من تكون لأجل تسلبه مني ؟
أبتسم وهو يحاول يخفف توتره : محد له حق غيرك .. وأنت اللي سلبته منك ودمرت نفسك بيدينك .. لا تلقي اللوم على أحد غيرك .. للأسف مقدر أفيدك بشيء .. لو لك نية تكمل تعال السنة الجاية .. هالسنة مالك محل
كتم غيظه الشديد وهو يناظره بسخط وهو يحاول يكبح رغبته في تهشيَم وجهه .. هو ناوي يخطي خطوة في الإتجاه الصحيح .. ليه رياحهم تجبره على الرجوع للخطأ ؟
عرف إنه هاللحظة مارح يلقى الحل ، لذلك قرر يترك المكتب ويرجع له مرة ثانية ولكن قبل يروح ألتفت وناظر للوكيل وأبتسم بسخرية وقال : لنا لقاء ثاني .. قريب حيل لأجل نتعرف على الحقوق اللي تنسلب .. واللي تبقى لك لين تموت
خرج من المكتب وأتجه للساحة الخارجية وهو يلقي نظرات سريعة للمكان بلا إهتمام .. ولكنه سرحان ما ألتفت بقوة وهو عاقد حواجبه لإنقبّاضة قلبه المُفاجئة .. وللقلب اللي تردد بعقله وكأنه ظن إنه يعرف صاحبه
ومن أستقرت عيونه على الشخص اللي واقف بالشمس ويناظر للأرض بإنصياع ويدينه خلف ظهره وهو يهز رأسه لكل أمر ينقال له .. وقدامه شخص يضربه على جبهته
حتى حس برجفة تسرِي بكل أنحاء جسده ! !



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 15-03-21, 06:44 PM   #8

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,544
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



-
بسّم الله الرحمن الرحيم
لا تلهكم الرواية عن الصلاة وذكر الله
اللهم إجعل كل حرف شاهداً لي لاعلي
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
-




( البارت السادس )

دجى اللي أنتهت من مكالمة صاحب المبنى وبعدما عقدت النيّة تصب كامل إهتمامها في تحقيق حلمها اللي تظنه أنسلبّ منها وبشدة بسبب رغبات أهلها .. بدأت تمشي بشوارع الحي بلا وجهة
مرت على الدكاكين وأسترقت النظر بفضول عل الي تحتويه .. مرت على أماكن كِثيرة وهي تحاول تضيع وقت لأجل ما ترجع البيت باللحظة هذي .. وتبدأ دوامة النزاعات مع عمتها
ولكنها توقفت بمكان ما .. وهي عاقدة حواجبها بإستنكار للشخص الي ينزل من يخرج من بيته .. ويتجه نحو سيارته بخطوات مُستعجلة .. توقفت عن التفكير الكثيف للحظة .. وهي تحاول تستوعب الموقف اللي تمر فيه .. ومن بدأت تستوعب حتى أستشاطت كل خلاياها غضب عاارِم ترك عنها القدرة على التفكير .. وركضت بكل طاقتها وهي تصرخ بإسمه بعنجهية كبيرة : ضِرااار !
وهو ألتفت بصدمة لصاحبة الصوت اللي أستقامت قدامه وصارت تضربه كل مكان توصله يدها وهو متجمد مكانه .. يحاول يستوعب اللي يصير .. يحاول يفهم الهُجوم الكاسِح عليه اللي لو كاان بيدها الموت كان قِتلته !

واقِف على الجدار ويدينه خلف ظهره .. ويناظر للأرض بربكة .. رفع رأسه لما سمع صوت الضحكة الساخرة : هاه إن شاء الله إنشويّت من الشمس .. تبي ترجع الفصل خلاص ؟
ناظره كايّد بتوتر وهو يتفحص نظراته ونظرات أخوياه اللي وراه وبلع ريقه وهو يهز رأسه بلا
تقدم هالولد وهو يضرب جبهته بأصابعه وهو يضحك : لايكون خايف ؟ إسمع ترى عندنا حرية رأيي .. قل لي إنك تعبت وأنا أفكك
تأمله للحظات وهمس بضيق : تعبت أبغى أرجع الفصـ...
سكت بوجع وهو يمسك بطنه من الضربة اللي داهمته قبل ما ينتهي من جملته .. غمض عيونه وهو يحاول يلتقط أنفاسه ولكنه سُرعان ما أعتدل بوقفته وهو يسمعه يقول : إعتتتدل قبل أعصب
ناظره وهو يحاول يجمع شجاعته ولكنه ما قِدر .. أبتسم خالد وقال : الرخمة يبقى رخمة ..المهم الفطور على حسابك مثل العادة .. كم معك فلوس ؟
كايد ما تكلم وخالد قرب منه وهو يدخل يده بجيبه
عقد حواجبه وهو يشوف الخمّسة ريال بمحفظته بس .. وضحك وهو يهز رأسه بسخرية : رجال طول وعرض .. بالنهاية بمحفظتك خمسة ريال بس ؟ وش فايدة لقب رجال لك ؟ خله للي أكبر منك
كايد ما تِكلم والقهر ممتلي بصدره.. وباقي يناظره بتوتر رماها خالد بوجهه وطاحت على الأرض قبل يلتقطها كايّد .. مشى عنه مع أخوياه وهو يقول : إجمع ريالاتك وهات لنا بها موية .. ولا ياعيال تبغون شيء زيادة؟
اكتفو بهز رأسهم بلا وخالد رجع يناظر لكايد اللي باقي مكانه وصرخ بعصبية : ييالأعررررج !
ألتفت له كايد بخوف وهو يرن بمسامعه اللقلب اللي صارو يسخرون فيه منه .. من إخترق جلده رصاصة عمه
وخالد أردف بعصبية : جمّع ريالاتك يالكلب وإلحقني .. قبل أجيك أتوطى ببطنك !
هز رأسه بإيجاب وأنحنى وهو يجمعها بسرعة .. ولكن سرعان ما رفع رأسه بصدمة وهو يسمع صوت السبّ اللي وصل لمسامعه من الشخص اللي بدأ يتقدم نحوهم بخطوات غاضِبببة .. وقف كايد بخوف وهو يشوف وهّاج يتقدم بغضب يكاد يقتلع الأرض .. وأيقن إنها نهاية خالد هاليوم !
بينما خالد رجع خطوة لورى بخوف من هجوم وهاج .. ولكنه سرعان ما عقد حواجبه بإستنكار .. لما أنقضّ وهاج على ياقة كايد !
-
-
ضِرار كان يحاول يفهم كلامها .. أو يتفادى ضرباتها ولكن لافرار منها
كانت تضربه بكل وحشية تملكها بقلبها .. بكل مُقت وغضب
ورغم الدموع اللي حجبت عليها الرؤية .. إلا إنها كانت مستمرة تنثر شراستها على جسد ضرار المهلك .. كانت تمتم بكلمات مُبهمة .. من شدة بكاءها وشهقاتها ماكان قادر ضرار على فهمها
خفت حدة بكاءها .. ولكنها باقي تتكلم
وصل لمسامعه مغزى كلامها : ماايييكفي أمي خذيتها مننا بأنانيتك؟ ما يكفي إنك دمرت حياتنا بدخولك لها ؟ وش ناوي عليه من جديد ؟ ليه هالدرب أنتهى بشوفتك فهمني !!
أنقض بكل عصبِية على ياقة كايد .. وهو يناظره بحدة وكأن نظراته ناويه تقتله !
أما كايد كان يرمش بعدم إستيعاب .. لدرجة كان عاجز عن التنفس .. مو بسبب يد وهّاج اللي تضغط على رقبة .. كثر ماهو بسبب صدمته للموقف اللي يتعرض له بالوقت هذا !
خالد ضحك بعدم تصديق : من هالأعور اللي ناوي يقتل الأعرج ؟ والله نكتة الموسم !
ألتفت له وهاج وهو يناظره بحدة وخالد أرتبك وتلاشت الإبتسامة بسرعة وهو يبتعد عن المكان
أما وهاج رجع يلتفت لكايد وهو يرمقه بكل عصبية .. يكاد صدره ينفجر من شِدة غضبه للموقف اللي حصل قدام عيونه : أنت رجال ؟
فهمني ، علمني شخص مثلك له صلة بمصطلح الرجولة ؟
ناظره كايد بصدمة بسبب كلامه ووهاج أردف وهو متجاهل نظرات كايد : الله يأخذها هالرجولة لامن لك عرق واحد فيها .. أنت رخمة ولا هو بس كذا
أنت الرخامة كاسّيتك من رأسك لأصغر أصابعك
شد أكثر على ياقة ثوبه وكأنه يحاول يفرغ غضبه على القماش الأبيض وهو يصر على أسنانه : يهينك وأنت ساكت له ؟ يكسّر بك وأنت معطيه هواه؟
تأمله وهاج بعصبية وهو يحاول يوازن تنفسه اللي بدأ يفقد سيطرته عليه .. كعادته كلما يفقد أعصابه
نفض ياقة كايد من يدينه وهو يرجع خطوة لورى .. ورفع سبابته وهو يأشر عليه : الموقف مارح يعدي كذا .. صدقني ياكايد مارح يعدي .. ولارح يمر مرور الكرام
ألتفت ومشى عنه .. تارِك كايد وراه محتار ، متضايق ، مدهوش ، ومنذِهل من الموقف اللي حصل له .. !
كان يظن إن وهاج فرّغ عصبيته بالشخص الخطأ كعادة وهاج القاتِلة .. بينما كايّد مُخطئ تماماً .. وهاج كان معصب عليه هو .. وكان متضايق عليه أكثر !
مسح على وجهه بضيق وتنهد وهو يعدل ياقة ثوبه : ماهيّب بأول مرة لأجل ينتفض قلبك يا وهاج .. عدت سنين وأنا شخص محط التنمر .. عدّى كل شيء من قبل .. وبيعدي الحين ياوهاج
صدى ومشى وهو متضايق ووهاج للآن يحس العصبية تنفض قلبه .. كيف قدر يكبّح غيظه وما ينهال على خالد ويقتله ؟ خطُواته كانت مستعجلة ومليانة غضب بنفس الوقت .. ولكنه ألتفت لصوت فهد اللي أستوقفه بذهول ووقف قدامه : الوضع مهب طبيعي .. وش تسوي هنا بعد ؟
تأفف وهاج وهو يناظر لفهد بملل : أنت اللي وش تسوي هنا ؟
-
فهد عقد حواجبه وقال : جاايي أسجل لافي ، تعرف آخر سنة ثانوي ولا أبيها تضيع عليه .. وأنت؟
وهاج قال بلا مبالاة : وأنا جااي أسجل عمري ، لأن ماعندي أب يركض ورى دراستي ، عاد من سوء حظي وكيل الفلس للآن موجود ورفض أكمل
آرتخى حاجبه بإستنكار وهو يسأل بذهول : للآن ما كملت دراستك ؟
هز رأسه بإيجاب : السنة اللي ألتقيتك فيها .. كانت السنة الأخيرة لي .. حصلت لي ظروف وأضطريت أترك الدراسة ، ولا حصلت لي فرصة إلا الآن .. ولكن مثل ما وهاج متعود دائماً يسحبون الفرص من يدينه .. ويتركونه بدون أحلام
منه لله هالشايب ، والله لأسود عيشته
فهد ناظره للحظات ، وكان بيتكلم لولا جواله اللي رن ناظر للرقم الغريب بإستنكار وقبل ما يرد ناظر لوهاج وقال : تعال بكرة مع بقية الطلاب ، محد له حق يأخذ حلمك من بين كفينك
عقد حواجبه بإستغراب : وشلون أجي ؟
أبتسم له فهد بهدوء وقال : تعال والحل عندي ، أهم شيء يكون هدفك الدراسة يا وهاج
قبل ما يرد عليه وهاج قفى ومشى عنه وهو يرد على الرقم اللي دق للمرة الثانية : فهد العمّار ؟
أستغرب معرفة هوية المتصل له ورد بإستغراب : تفضل ، من معي !
-
-

" عشت عمرك كله بدون أم .. عشت حياتك وحيد وبدونها ، ليه رجعت لها ؟ ليه رجعت وسلبتها من حياتنا ، ليه سحبت الجنة من قدام عيوننا يا ضرار ليه؟؟"
كانت كلماتها مثل الملح لما ينرش على الجُرح.. وهو فعلاً عاش بدون أمه سنين طويلة .. ولما قرر يروح لها ويلقاها راحت من بين يدينه .. كثر الوجع يزيد الحزن ، لكنه طغى الحزن بقلبه لدرجة ماعاد عنده القدرة يتوجع
ناظرها بضيق وهو يبتعد خطوة لورى .. ثم أبتسم لها لعلها تهدأ ولكن إبتسامته فجرت العصبية بداخلها أكثر ، بكت بصوت أعلى وهي تناظره بعصبية : الله حسبك ووكيلك يا ضرار ، الله ينتقم منك أشد الإنتقام .. سنين عايشين بدونك وكنا بخير
وبليالي رجوعك لنا خذيت مننا الحياة .. وين بتروح من عذاب ربي ؟ علمني وين
تنهد وهو يحاول يمسكها ويهديها : دجى خلاص ، روحي للبيت الحين لاحد يسمعك
فلت يدينها بعصبية منه وهي تضحك بهستيرية : ليه ؟ خايف من من ؟ علمني عشان أفضحك
تنهد بضيق وناظرها وهو ملتزم الصمت وهي رفعت يدينها وغلفت عيوننها وهي تنتحب بتعب شديد
وكأنها تصارع الليلة اللي فقدت فيها أمها .. للحظة طيفها مر قدام عيون دُجى .. طيف أمها وهي تبكي على ضِرار
تقدم بخطوات مُرتجفة وهو يناظر لجسدها اللي يعلو ويهبُط بشكل كارثي بسبب قوة بكاءها المُخيفة ، وقلبه يتقطع عليها بكدر
إقترب منها وهو يجمع كتوفها بين ذراعِيه ويعانِقها بحنية أستوطنت قلبه على ظُلمة الليل
بينما هي كانت تحاول تفك يدينه بعصبية لما حسّت فيه ، تجاهل المكان وتجاهل وقوفه الخاطىء بقرب البيت ، تجاهل كل اللي حوله
وكل اللي بمسامعه يرن .. نبرة صوتها الباكِية ورنين شهقاتها اللي قطّعت قلبه .. يرتجف داخله كلما قالت له إنه السببّ .. يضيق الكون على وُوسعه
وهو موقن إن اللي صار قضاء وقدر .. ولكن كلام دجى دائماً يحاصره ، دائماً يضغط عليه ، لذلك بعد موت أمهم بفترة طويلة ، ترك زيارتهم
لأنه كان يظن نفسه مصدر ضيق لهم .. مصدر تعب وعتب !
تركها بعدما تفاقمت محاولاتها بإبعاده عنها
وناظرته بحدة وهي تتنفس بصعوبة .. رفعت رأسها وهي تلتفت للمكان كانت خايفة يكون أحد موجود
بلعت رِيقها وهي تتحسس نقابها اللي تغرق بدموعها الساخِطة : أدري إنك اللي وسوست برأس أبوي لأجل نكون بالمكان هذا معك .. أدري بخطتتك بتشتيتنا ، أدري إنك تبي تخلينا تحت ظلك لأجل تتفنن بضيقنا .. لكن والله ما تأخذ اللي ينوله قلبك .. والله لأوقف بحلقك مثل شوكة
مارح أرضى تزيد وجعي وجع يا ضِرار .. يكفينا ماجانا منك !
رمت عليه كلماتها المُوجعة .. ورجعت خطوة لورى وهي تزفر بكل عصبِية .. وبعدها إلتفت ومشت بخطوات سرِيعة وهي تبتعد عنه !
بينما ضرار مسح على وجهه بضيق وكدر وهو يحاول يمرر كلماتها من على قلبه وينساها .. ولكن ماقدر !
رفع رأسه بسرعة وهو يناظر للي وقف جنبه ومكتف يدينه .. ويقول بنبرة ساخرة : من هذي ؟ اللي تضمها بوسط الشارع ؟ وين وصلت بالتفتح يا ضرار؟
تأفف وهو يناظره : وش تسوي هنا هالوقت ؟ ماعندك دوام ؟
وقاص ناظره بترقب وهو ملاحظ .. رده على سؤاله بسؤال ثاني مع ذلك ما مرر الموضوع : إنتهت حصصي .. وطلعت
هز رأسه بعدم إهتمام ومشى بسرعة وهو يركب سيارته ويتجهه للمركز
بينما وقاص كان باقي يناظر للي باقي ما أبتعدت عن نظره .. ومالقى نفسها إلا فضوله يدفعه بكل شدة لها
فسارع بخطواته بشكل كبير وهو يحاول يراقبها بدون ما تحس ، دجى كانت بالبداية تايهة !
ولكن من وقفت قدام المبنى حتى تذكرت الطريق ومشت راجعة للبيت
ووقاص كان يراقبها بحرص شديد .. مايدري ليه ولكن موقفها مع ضرار للآن بعيونه .. يبي يعرف من هي ! وليه كانت بذاك الموقف مع أخوه !
-
-

دخلت البيّت وحيلها منهد .. وقلبها حيل موجوع
وكأنها أستذكرت تفاصيل أشد لياليها ظلمة
واللي ماكانت بأقل من إسمها أببببببداً !
كملت طريقها لغرفتها بدون ما تلتفت للصالة
ولكن صوت نداء أبوها أجبَرها تلتفت
عقدت حواجبها وهي تشوفه واقِف بنص الصالة
وخواته معاني وخيّال واقفين جنبه مستغربين عصبيته
بينما هي وقفت على عتبَة الباب وناظرته ببرود
وكأنها فهمت وش سبب عصبيته .. وقبل تتكلم
نطق بغضب : لمتى بتستمرين بحركات المراهقين هذي ؟ ماودك تعقلين ؟ ماكفاك خمس سنين
كتفت يدينّه بعشوائية وهي تبتسم بسخرية : خمس سنين وش سوينا فيها ؟ حصدنا اللي أنت تزرعه يبة
قطّب حواجبه بعصبية وهو يقترب منها : أشتريتي مبنى بدون علمي ؟
هزت كتوفها بلامبالاة وهي تقول : حجزته .. وعطيته رقمك عشان تحول له الفلوس !
فهد ماكان فيه قادر يجاريها بعصبيتها وألتفت لخواته وهو يقول : هذي ناوية تجنني هاليوم .. علموني من اللي متلبّسها لأجل تصير شخص ثاني ، هذي ماهيب بنتي ، هذي شخص ثاني
عمّ السكون للحظات .. وبعدها ألتفت وناظر لدجى : دامك تحبين التمرد وعصيان كلام أبوك
وتحبين تخرجين عن المألوف فأنا شبيهك .. ولعلمك الرجل اللي أتصل ويبيني أكمل إجراءات نقل الملكية عطيته خبر إني ما رح أوقع على شيء
ولا رح أدفع ريال واحد في خرابيطك اللي أنتي ناويه عليها
وسّع حدقات عيُونه بصدمة وهو يسمع ضحكاتها العالية والهستيرية .. ووزع نظراته الخايفة على خواته وهو يستنجد فيهم بسبب خوفه من تصرفها
بينما معاني كانت بتتقدم لها رفعت يدينها توقفها وهي مازالت تضحك
إلتقطت أنفاسها للحظة وهي تبتسم وقالت : تدري يبة .. إن كل جوارحي تقول إبكي حالك مع هالأفعال ومع هالتعب .. ولكن بدال ما أبكي أضحك .. خليتني حتى بمشاعري متناقضة يبة
أحب التمرد ..؟ هالكلمة تنقال لشخص أنصاع لكل أوامرك طول حياته ؟
رفعت يدها وهي تعدد : حياتي ، صحباتي ، جامعتي ، تخصصي ، وظيفتي كلها لك علاقة فيها .. كلها إختيارك
مسارات حياتي اللي كان من المفترض تكون من إختياري كنت أنت اللي تختارها .. الوالدين العرف الدين والوطن ، التخصص ، الوظيفة ، والأحلام والواقع كلها كانت من إختيارك أنت وأمي
أنا كنت على الرف وأنتم تتحكمون بكل إختِيارتي .. هذا التخصص ينفع لك أكثر .. هذي البنت مو كويسة لا تمشين معها ، هذي الوظيفة والله ما تِناسبك
ضحكت بضيق وهي تناظره : حتى إسمي يايبة ، ماكان يكفي الحياة الي حكمتو علي بها ، زدتوها ظلام .. فيه أحد يسمي بنته دجى يبه؟ لهالدرجة ضاق الكون فيكم بجيتي ؟ أنا خطأ ولا سبب لوجعكم ؟
كان بيتكلم وينفي كلامها .. يبرر اللي قاعد يسمعه
ولكنها ما تركت له مجال للكلام ، أردفت بضيق خاطر : ماكان يكفي هذا يبة ، شتتِنا ..ماكان يكفي موت أمي .. غربتنا من ذكرياتها حرمتنا من ريحتها اللي كانت عالقة بزوايا البيت
-
أكملت بعتب ؛ جريتنا وراك وكأننا أتباعك ، لارأينا كان يهم ، ولا قرارنا كان بعين الإعتبار ، خليتنا نتبعك لمستقبل مجهول ، لحياة جديدة تاركين ورانا
ذكريات مو هينة !
أردفت بعدما ألتقطت أنفاسها : قلنا تمام ، أكيد له حكمة .. ولكن يايبة من شمينا ريحة الإستقرار تشتتا من جديد ؟؟
رمشت بهدوء وهي تناظره بنظرات غريبة : ولأجل ضرار ؟ لأجل نكون حوله ؟ ظنك لاكان حوالينا بنعتبره أخونا ؟
إقتربت منه وناظرته بببرود : بنحضن لصدرنا السبب في حرماننا من ريحة الجنة ؟ هذا اللي كنت تفكر فيه لما جريتنا لحياة ما نعرف تاليها ولا عواقبها ؟
أبتسمت للحظات : والله ورأسي يشم الهواء ما أرضى به ولا أرضيّك بالخطة اللي جايبنا عشانها
لا أنت ولا هو لكم القدرة على التحكم ف حياتنا أكثر
ودامك شِلت يدينك عن أحلامي ورفضت تحققها لي .. وأجبّرتني أرضى بواقع فرضته عليّ
فإتركني يايبة .. إتركني أصارع ظلمة الليل وحدي
خلني أتخبّط ورى حصاد أفعالك لحالي .. لأني مابرضى أكمل هالدرب .. تعبت يايبة
تعبّت من حياتي اللي جالس تعيشها بدالي .. أبي أكون أنا .. أبي أكون دجى
ناظرها بعصبية من آخر كلامها وتقدم لها بس مسكت يدينه معاني وهي تسمح لها تمر وتتجه لغرفتها
فهد الي ناظرها بحدة ووهو يفلت يدينها : ما تسمعينها وش تقول يا معاني ؟ نكرت معروفي ناكرة الجميل والله لأربيها هالليلة ، أنا تقول إني دمرت حياتها؟ وأنا طول عمري أراكض وراها ، أنتي أكثر وحدة تعرفين وش كثر عانيت عشانهم يا معاني
علميني .. قصرت ؟ أستاهل هالحكي ؟
خيّال أقتربت وهي تحضن كتفه وقالت بضيق : إتركها عنك يا فهد ، ناكرة جميل مثل ما حكيت ، ولا أنت الملة كلها تتمنى تكون لهم أب
أصدر تنهيدة عميقة ومعاني ناظرته بضيق وهي تربت على كتفه : إصبر وأنا أختك .. حياتها مقلوبة فوق تحت بسبب النقل
هز رأسه بضيق وهو يلف يدينه حوالينهم : أنا والله أدري تعبتكم حيل .. ولكن ماهو بيدي .. أنا مالي غيركم
أبتسمت معاني وهي تمتم : حنا هلك يا فهد .. ومصير بنتك تعرف إن كل سواياك لمصلحتها
إصبر وصابر يا بن سلمان وبتلقى خير .. فاجعتها مهيب سهلة .. وأنا وأنت ندري وش يعني فقد الأم
تراكمت التنهيِدات بصدره وزفرها بعمق
وبينما إبتعدو عنه .. إلتفت وهو يناظر لخيّال وقال برجاء : روحي لها ياخيال .. تفقدي حالها وطمنيني عساها هدت روحها؟
إلتفت وهو يناظر لخيّال وقال برجاء : روحي لها ياخيال .. تفقدي حالها وطمنيني عساها هدت روحها؟
ناظرته بتردد ، ماودها أبببببداً تقترب من دجى وهي تشتعل نار تعرف أشد المعرفة عاقبة هالإقتراب وش بيكون !
ولكن نظرات الترجي اللي بعيون أخوها نسفِت هالتردُد ومشت وهي تتمايل بضيق .. وقفت قدام
باب الغرفة وأخذت نفس وزفرته وهي تستجمع طاقتها شدت بقِبضتها على عُروة الباب وجذبتها للخلف وهي تنقل نظراتها التفحصُية للغرفة ، ولكنها سُرعان ما شهقت بصدمة وهي ترجع خطوة مُرتجفة للخلف وعيُونها مثبتة على دُجى الللي ...
-
-
أستقام بطُوله الفارِع أمام المبنى وهو ينفث نفسه الحار بعصبية والمشهد الوحيد اللي كان بين عيونه هو وقت تنمر عيال المدرسة على أخوه .. يضيق تنفسه بسببه ، ويحس إن الأرض فوق صدره
كيف ينهان أخو وهاج ؟ أيقن إن خطوة بناءه لنفسه خطوة صحيحة ، لأنه لو كان قوي رح يستندون عليه رح يستمدون القوة منه ولارح يقدر أي شخص يزعزعهم
ألتفت بسرعة لصاحب المبنى اللي نزل من شفته وتوجه له بسرعة وهو يقول : الحين تخل أي عقد وتربط هالمبنى بإسمي
ناظره للحظات وقال بلامبالاة : الزبون الأول كنسل الشراء ، هات المبلغ وإعتبره لك
سكت للحظات وناظره بترقب وهو يقول : بكم بتبيعيه ؟
صاحب المبنى ناظر لحالة وهاج وقال : مية وعشرين ألف ولارح ينقص ريال .. لا تحاول تكاسر يعني
ناظره وعض على شفايفه بضِيق .. وهو يستذكر إن كل اللي بين يدينه أقل من خمسين ألف وهو راتبه الي جمعه لمدة خمس سنين والي بقى له .. كيف يتصرف ؟ وكيف بيحل الموضوع .. وهو خالِي من الأخوياء ولاعنده أصدقاء .. ويتمنى الموت ولا يقترب خطوة فيها رجاء من عيال ال سهيل .. كيف بيحل الموضوع ؟
غمض عيونه بعصبية وهو يمسح على وجهه ، كل ماقال زانت .. خابت كل ظنونه
كان بيتكلم .. بس تأمل بصيص النور اللي أنار عقله بسبب الفكرة اللي أحتوته وهو يلتفت لِـلخلف .. غمض عيونه بضيق
للحظات وتلاشت هالفكرة على طول .. مستحيل يلجأ لهم .. ولا حتى لريال من فلوسهم !
*هالفلوس لرجل لعب بحياتهم وأنهاها .. هالفلوس خذت أرواح .. شلون يأخذها ؟*
رجع يلتفت لصاحب المبنى وقال له : إصبر علي !
رفع يدينه وهو يتأمل كفه اللي تِحتضنها ساعة سوداء .. سكت للحظات ثم أردف وقال : الليلة الساعة تسعة المساء .. آخر موعد لك
عقد حواجبه وهاج وكان بيرد لولا إنسحاب صاحب المبنى
مسح على وجهه .. وهو يحاول يفكر بطريقة تساعده ! بدأ يخطي خطواته بالحيّ .. وكل رِجاه يلقى الشيء اللي بيساعده
للحظة وقف قدام محل .. وعيونه تتأمل كل تفاصيله .. تقدم بخطوات مُتثاقلة .. وهو مستبعد الرضا ..بديهياً بيلقى الرفض .. بس ليه ما يجرب ؟
فالنهايّة يلقى الخيبة من غريب .. ولا يتشمت به قريب
وده يطلب العون من شخص ما يعرفه .. ولا ينذل من صاحب
دخل للمحل .. وبدأ ينقل نظراته لأطرافه وهو يحاول يلِقى صاحبه .. أستوقفه جلُوسه على الكُرسي الخشبِي .. وقدامه كأس الشاي وقطعة حلى .. وبجنبه راديِو صغير يستمع بكل تأني للمُذيع الي يخترق سكون محله !
ثبّت جسده بمكانه .. وأستقرت كل جوارحه لما أخترق مسامعه صوت المُذيع .. وكلامه
اللي كأنه رِسالة مخفية .. وكأنه عرف إن هالوهاج بيكون مُستمع له " بيوم من الأيام .. وبوسط قرأتي لآيات بينات .. أستوقفتني آية .. بقيت أتآملها وقت طويل .. طويلل حيل : " إني جزيتهم اليوم بما صبروا "
لما قريتها هزتني .. لأنه ماقال بما صلوا أو بما صاموا أو بما تصدقوا ، بل بما صبروا .. لأن الصبر عبادة نؤديها ونحن ننزف وجعاً !
فالشخص اللي وهبهُ اللهُ الصبرَ .. قفقد وهِب نعمةً عظيمة .. يقدر يواجهُ بها الابتلاءات .. فتكونُ على قلبهِ بردًا وسلامًا لأنهُ يثقُ بالله سبحانه وتعالىٰ موقنًا بفرجهِ وكرمهِ .. لذلك نصيحتي الأخيرة لإذاعتنا الليلة .. إصبرو ! ماوراء الصبر إلا العوض الجمِيل
كان معكم أخُوكم برهان الصعّب .. في برنامج برهان الإذاعي "
إنتهى الكلام .. وعمَ السكون أرجاء المكان ليُلاحظ إبتسامة خفيفة على طرف ثغر الرجل اللي مُستقر على الكرسي .. وبعدها عدل جلسته وهو يتنهد بعُمق .. لاحظ صوت خُطوات تقترب منه
وألتفت بإستنكار وهو يقول : عادنا ما فتحنا !
عقد حواجبه وهو يشوف وهاج يجلس قدامه على الكُرسي وهو مقطّب حواجبه .. ومشبّك يدينه ببعض وتاركها بعشوائية على الطاولة .. ويناظره بهدوء
-
بنيّان سكت للحظات وبعدها قال : وش عندك تحندرفيني كذيه ؟ ( لماذا تنظر إلي بهذه الطريقة ؟) هزيتني الصبح مع سلمي تبي ترقع بي للقاع ( ترميني على الأرض) والحين تبي تقتلني بنظراتك ؟
ناظره وهاج بإستنكار من كلمته ومن لهجته الي ترن بمسامعه .. مع ذلك تنحنح وعدل جلسته وهو يقول : الصدق .. قبل ما أخطي خطوة لمحلك رادوتني كثير أفكار .. أولها " تظن إن اللي تسويه صح يا وهاج ؟"
ولكن الفكرة الثانية خلتني أتقدم بالخُطوات هذي إتجاهك " غريب يساعدني ولارديت له الدين نسى .. ولا قريب يتمنن لي "
بنيّان كان ملتزم الصمت .. ويناظره بهدوء من لما بدأ يتكلم .. مستنكر تماماً كلامه .. ومستغرب جداً كيف يلجأ للغريب والقريب عنده ؟
وهّاج أردف بهدوء : هذي رقبتي بين يدينك .. مقابلها أبي ميّة ألف .. لو عندك وبتعطيني إياه أوعدك لأبقى رهينة بين يدينك لين أرد دينها
أجتاحت ضحكة ساخرة أطراف بنيّان وهو يحاول يكتمها قد ما يقدر " من وين له هالثقة هالبجيح ؟ "
مع ذلك قابله بنفس هدوءه ونطق وهو يكتف يدينه : ولو قلت لك رقبتك ما أبيها .. وخلها على رأسك .. وفلوسي بتبقى بجيبي .. وش بترد !
ناظره وهّاج بحدة .. وهو يشد على قبضة يده
هالشخص ما يعرف عن إيش تنازل وهاج لأجل ينطق هالكلمات ويطلب هالطلب ! ليه يقابله بالطريقة اللي تضر بكبريائه أكثر !

وهاج كان بيطلع من إطار الإحترام اللي أجبر نفسه عليه .. ولكن للحظة مسّك أعصابه ورسم على وجهه ملامح الهدوء .. لأنه هو الشخص الغريب بالموضوع .. هو اللي أقدم على خطوة جريئة وتثير الدهشة لأي شخص توصل لمسامعه !
يطلب مبلغ ما يخطر على البال من شخص ما يعرفه
والأهم من شخص كان ناوي يرميه من على السلم قبل ساعات معدودة .. وينتظر القبول ؟ صعبة عليه
مع ذلك كان بنيّان حله الوحيد .. لأن وهاج خالي من الأصحاب .. والأقراب بعيدين حيل منه
من له لأجل ينتخِي فيه ؟ ومن له لأجل يشد حزامه به ؟ جُل أفكاره أنسكب في إن هذا الطريق الوحيد الي بنهايته نُور .. لذلك قرر يحاول بشتى الطرق يليّن قلب بنيان .. لذلك نطق بصوته الحاد بعدما صلته الكلمات الغريبة على مسامعه أيقن من لهجة هذا الرجل إنه " جنوبي " : خبرت إن الجنوبين تكسوهم الحميّة والفزعة !
آرتخى حاجب بنيّان من سمع كلمة وهاج .. وسكت للحظات ثم أبتسم وهو يقول : وأنا خبرت إن الشمالييّن صدورهم وسِيعة !
تأفف وهاج من هالكلمة اللي صارت تلاحقه مثل الجاثوم بكل مكان يتجه له ..

نطق بملل : ترى لفاني الهم من كل صوب .. ولا بقى لي درب أرتجيه .. الشماليين صدورهم وسيعة وأنت أخبر فيهم .. ولكن قلبي ضيق .. ما يتسع حتى لنملة
لذلك خبرك بالشمالييّن صحيح بس ما يشملني.. وألحين علمني يالجنوبي
بتفزع لشخص أنتخى فيك !
ألتزم بنيان الصمت .. والحميّة تداهمه من كل جهة .. ماهو غبي لدرجة يعطي هالمبلغ لشخص غريب عنه .. ولكنه ماهو بوضيع لدرجة يتخطى شخص أنتخى فيه !
بقى يصارع نفسه .. ويحاول يطلع من هالموضوع ورايته بيضاء .. بدون ما تنهار حميّته .. وبدون ما يحط نفسه بموضع الغبي !
لذلك قال وهو يستفسر من وهاج : وليه جريت نفسك صوب الغريب ؟
سكت وهاج للحظات .. ثم أبتسم بسخرية ورفع رأسه : لأني بلا أخوياء
حزت بخاطر بنيّان هالكلمة .. وعرف إنه لجأ له لأن ماله أحد
ولكن وهاج عمره ما بيّن ضعفه لأحد .. ولأن أصلاً الموضوع ماكان يهمه بالشيء الكثِير
قال بعشوائِية : إسمعني يالطيَب .. أنا أبي هالمبلغ الليلة لأجل أخطي أول خطوة صحيحة في حياتي .. إن كان لك نيّة تعطيني هالمبلغ دين فأعتبر رقبتي العهد اللي بيننا .. وإن كأنك مشكك في نخوتي فالله عليك ومن حقك .. ولكني وهّاج ما أخون والي خلقك .. خذ مني اللي تبي .. معلومات ، توقيع ، عقد ، تسجيل
اللي يخلي خاطرك مرتاح .. ولكن عطني أول خطوة في حلمي يالجنوبي !
شبَك يدينه ببعض وتنهد وهو يتأمل وجه وهاج .. الليلة أول لياليه بديارهم .. وش هالإستقبال الجنوني اللي أستقبلوه به ؟ والحين أي خيّار هو صحيح بالنسبة له ؟ يسلك درب الفزعة وبتكون نظرة الكل له نظرة " سخرية .. وإستهزاء بمًستوى تفكيره ؟"
ولا يسلك درب التخلِي والتخطي وتكون نظرته لنفسه " بالرخامة والجفاء ؟"
-
-

بسبب صُوت شهقة خيّال العالِية .. والمربكة في ذات الوقت تسارعت خُطوات فهد تلِيها خطوات معاني اللي أستقر الخوف بأقصى قلُوبهم .. الكل يشهد على تهُور دجى الكبير .. فكيف بعد مُشادة مو هيّنة مع فهد ؟
وقف ورى خيّال وأنظاره مُتوجهه نحوها وتأملها وُقوفها قدام المِراية .. وشعرها المقُصوص منتثرة أطرافه حوالينها بكثرة ! كانت تناظرهم بهُدوء والمقص مِستقر بين أصابعها .. وعلى مُحياها تعابِير ساخرة بسبب تصرف خيّال اللي تعتبره أهوج وطُفولي
تكلمت خيّال بحِنكة .. وعصبية بسبب تصرفات هذه الدجى اللي تخرجها عن طُورها .. فطالما كانت ترى تضحيات أخوها فهد بنظرة مُغايرة تماماً لنظرة دُجى .. لذلك تِتفهمه وبقوة .. وتشره على كل تصرف تتصرفه دُجى ضد أبوها : كسّر يكسر يدينك يا دُجى .. هذا تصرف تتصرفينه ؟ تقصين شعرك ؟ ما تعرفين إن فهد حلفّك ما تقصينه ؟
-
معاني ثبتت كُفوفها على كفوف خيّال .. والمقصد إنها تلتزم الصمت .. ولا تثير الموضوع أكثر !
ولكن خيال سحبت كفوفها وناظرت بعصبية : خلاص يا معاني .. والله العظيم ملينا من هالتصرفات
متى تعقل ؟ متى يظهر لها شوي رحمة وشفقة على فهد هالمسكين ؟ تعبّته وتعبّتنا حيل معه ، دائماً تكسّر فيه وتجرحه ، ودائماً تحب تسوي اللي يقهره .. بالله عليك هذي مو خُبث وقسوة ؟
فهد ناظر خيّال بضيق بسبب كلامها ودُجى كانت ملتزمة الصمت .. ولكنها بعد لحظات ناظرتها وقالت : يا فيلة الأحلام الوردِية .. أرجوك الدرب اللي يحوي أب وبنته لا تحشرين وزنك الثقيل فيه .. تراه ما ياسعك !
ناظرتها خيال بصدمة .. ومعاني قالت بحدة : دُجى .. زاد الكلام عن حده
ناظرت بلا مبالاة .. وفوضوية كبيرة تحتوي داخِلها .. كل الي كان بتفكيرها تنِفس عن غضبها بأي شيء تطيح عليه كفينها.. لأن روحها كانت تِشتعل ولو ما خمدت هالنار .. رح تموت من ضِيقها
وكل اللي كان بين يدينها .. شعرها
ولو إنها تعرف محبة أبوها العظيمة له .. وتغنيّه دائماً بسواد شعرها وطوله .. هذا غير حُبها له
إلا إنها كانت وسيلتها الوحيدة للإتساع .. وللحياة من جديد
لذلك تخلّت عنه .. في سبِيل راحتها ! ودعت عُنقها يتنفس الصعداء !
ولكنها أستغلت هالموضوع بنقطة في صالح فعايلها لذلك ألتفت لأبوها وقالت بعشوائِية : تشوف ؟ حتى أختك تقول إن لك أمر بخصل شعري .. لا تنزاح عن وجهي .. لأي درجة ناوي تسلبّنا حُريتنا يبة ؟
فهد كتف يدينه بعصبية .. ودُجى أردفت : الليلة حررت عُنقي .. بكرة حلمي بيشوف النُور يبة
لا كلام الناس يهمني .. ولا رأي أحد رح يصعد على رأيي .. أنتظرت كثيييير .. وماعاد لي قُدرة على الإنتظار !
أبتسمت بُبرود وهي تتأمل ملامحهم .. اللي دائماً من تنتهي من كلامها يرسمون على وُجوههم نفس التعابير .. لذلك ماكانت مُتفاجئة
رمت المقص بلا مبالاة على أطراف التسرِيحة .. وأنحنت وهي تأخذ كاندي الصغيرة من على الأرض .. نطقت بضحكة : طفشتي لوحدك ؟ تعالي نلعب بالهواء الطلق !
غلفت يدينها على جسد القطة كاندي وتِسلل جسَدها من بينهم وهي تِتجه للحوش
بينما خيّال زفرت بعصبية وهي تزِيح خصل شعرها عن وجهها وتناظر بحدة لها : هالبنت مصدر ضيق بالنسبَة لنا.. حسبي الله
ألتفت لها فهد بضيق وقال : لا تحِكين عنها كذا يا خيال .. تضل بنتي
هزت رأسها بهدوء ومعاني تنهدت وهي تحاول تِلِقى حل لشخصية دُجى اللي سيّطر عليها الحزن
لدرجة تغيرت جميع جذُورها
-

-
بأحد بيُوت آل سهيّل .. يتعالى صوت صُراخها بشكل كارثِي .. تكاد تهز الأرض من غضبها الجامِح .. إشتدت نبرتها الحادة بتعالي كبير وهي تنطق بِـ : سود الليالي حضر ؟ عسّى كل لياليه سود مثله
تنهد ودِيع الي كان جالس بالصالة .. وجواله بيده وهو يتصدد عنهم .. ووقاص ناظرها بسخرية وهو يهز رأسه : أبد يمة .. إدعي عسى دعواتك كلها تنقبل
إلتفت لهم بعصبية وهي تقول : آصصص ولا كلمة أنا وهو .. الرديي حضر للحي وأعرف من نسوان الحارة ؟ ليه ما نطقتو إن هالأغبر جااء ؟؟ ما يكفي الخمس سنين الي ضاعت فيها فلوسنا بسببه
وقاص ضحك وهو يقول : إييية الموضوع عشان الورث .. مهب شوق له
عصبت أكثر : أي شوق ؟ إلا يذلف ويروح عساه ما يرد ، ولكن قبل يروح يوقع على عقد توزيع الورث
حسبي الله على سهيل الشايب الي ورانا الويل وهو صاحي على هالأرض وهو نايّم بقبره .. ماكفى كتب الأملاك كلها لهم ومابقى لنا إلا الأطراف اليابسّة .. إلا زاد الطين بله لما كتب بوصيته ما يتوزع الورث إلا بحضور الأغبر سود الليالي
وديع تأفف من الموضوع وكان بيتكلم بس أكملت فايزة بحنق عظيم : خمس سنين وحقنا ضايع بسببكم يا قليلين الرجولة .. تاركين ولد حليمة هايت وحقنا برقبته .. وفلوسنا بين يدينه.. تاركينه يمشي هواه علينا .. تاركينه يلعب بنا بأصابعه ويدفعنا ثمن ماهو بثمنا
برِيق الي سمعت الكلام وهي نازلة من الدرج .. فما تحملت السكوت وقالت : يايمة لو هذي نيته .. ماكان ترك أهله بعد بدون مالهم
مستحيل كان يدري عن وصيّة جدي .. مستحيل كان تركهم يعيشون هالضيم وهو بيده نجاتهم
ضحكت بسخرية وهي تقول :أنتي ما تعرفينه .. هذا خبز يدي .. حقود كان يتمنى يلاقي فرصة عشان يذلنا ويذل أهله
متأكدة إنه يدري بسالفة الورث وساكت عنه
سكتت للحظات ثم وقفت وهي تقول لوقاص : من اليوم تبدون تطالبون فيه .. والله يالخمس السنين الي هربتو فيها من مواجهته ورفضتو تدورون عليه فيها ما تعدي كذا .. هالضرار الكلب الي حلف ما يدور عليه ولا يطالبهم بريال واحد .. وأنتو الإثنين كل واحد منشغل بنفسه وناسين الفلوس الي ببطن هالسارق ولد حليمة
وديع قال بقهر : عندنا الي يكفينا يمة .. الي ورثناه من أبوي يكفينا لنهاية عمرنا .. ماحن بحاجة مال جدي لأجل نراكض ونهين نفسنا على كم ريّال
إستشاطت غضب أكثر وقالت بحقد : هالكم ريال الي تقول عنها توصل لمئات آلاف يا الأغبر ، أنا مدري هالولد من وين جاء.. تفكيره في عيال حليمة دائماً حسبي الله عليك كانك تبي تعق بي
تتنهد وديع بضيق ووقاص أبتسم ووقف وهو يبوس رأسهاويقول : مايصير خاطرك إلا طيب يا أم وقاص .. وإن سكتنا الحين لأجل سالفة الورث ماسكتنا بعدين
بنطلعه من عيونهم .. بس أنتي إصبري علي ، أنا رجل أختار الوقت المناسب
أبتسمت له وهي تمسح دموعها الي نزلت بطرف شيِلتها وقالت بحنية : ياحبي لك يا وقاص .. محد بار فيني كثرك عساك للجنة يا ولدي
حضن كتفها بهدوء .. وبريق الي ناظرت لوديع بصدمة وهو هز رأسه بيأس وقال بهمس " عديّها قبل نعدي إحنا "
-
-

يوم جدِيد .. صبّاح الخطوة الأولى من العزم على التغيير
بدأ جرس الحصة الأولى يرِن بأرجاء المدرسة
وخطى أول خطاويه من الباب وهو يِتجه لمكتب المُدير .. ما يدري وش ينتظره
ولا المفاجآت اللي يخبيّها له القدر .. ولكنه متأهب لأي طارىء بيصير معه
قبض عُروة الباب بين كفينه الباردة .. وجذبه نحوه بهدوء وهو يركز بنظراته على الشخص اللي مستولي جسده على كُرسي المدير .. عقد حواجبه لوهلة من الزمن .. وهو مُوقن إن اللي قدامه " فهد " مو سراب ولا خِداع !
رفع رأسه فهد بإستنكار لصوت الباب اللي أنفتح بدون إذن .. ولكن من توسط جسّد وهاج المكتب أبتسم بضحكة .. هو أول شخص يدري إن وهاج مهب من النوع اللي يدق الباب وينتظر إذن .. ولكِن العكس تماماً : حيّا الله أكبر طلابنا .. ويارب إنك أعقلهم
جلس وهاج وهو مازال مستغرب : أنت المدير ؟
ضحك وهز رأسه بإبتسامة وقال : وصلت خير أنا مدير المدرسة الجديد وأبّشرك أوراقك تمت
ومثل ما قلت العلم من حقك ولا لأحد قدرة يسلب منك هالحق
سكت للحظات والحيرة تملأ داخله ليه هالحفاوة ؟ وليه هالرُقي مع شخص مثلي دائماً ينقال له سود الليالي ؟ كان مستغرب وبنفس الوقت مو مرتاح لأنه ما تعود على العطاء هذا كله ولأنه يدري لا منّه نال هالعطاء كُله يعني إن الأخذ منه بيكون غالي وكبير !
هز رأسه بإيجاب وفهد أشر له : إنتْسـ....
قاطعه وهاج بعجلة .. وهو يناظره بسرعة : لاا .. إنتظام
عقد حواجبه فهد بعدم إعجاب وقال : بس بتتعب .. خصوصاً بسبب الفارق العمـ...
قاطعه وهاج بضجر : كمّل جميلك يا فهد تكفى
ناظره بطرف عينه بسبب تجرِيده من لقب " أستاذ " وهو بوسط مدرسته .. مع ذلك عدّى الموضوع لمعرفته السابقة فيه !
لذلك ألتفت للكومبيوتر المكتبي اللي على يمينه .. وبدأ يتصفح النظام وهو يعدل ببيانات وهّاج : عطيتك اللي تبِيه .. ولكن لي منك اللي أبيه بعد !
هز رأسه قبل يكمل فهد : وش بخاطرك !
فهد شبّك يدينه ببعض وقال : إلتزم بالقوانين يا وهاج .. ما أبي هالمخاطرة وقبولك بالمدرسة تنضاف بسجلي الأسود !
وهاج أبتسم لها بسخرية : بس ؟ إعتبر طلبك تم
-
رد له إبتسامة هاديّة وهو يأشر له يتوجه لفصله .. واللي أختاره وهّاج بالإسم
وأول ما لاحً له الللوحة اللي يحتضن بياضها الخُطوط السوداء .. واللي تجمع حُروفها يعبر عن " ثالث ثانوي علمي - ب " وقف وعلى مُحياه إبتسامة .. ولكن هالمرة بعيدة تماماً عن السُخرية
وقف قدام باب الفصل .. وأتكأ بكتفه العريض على الحافة وهو يناظر لِـلطلاب اللي ينتظرون حضُور المعلم .. ومن لمحوه ألتفتو كلهم له .. وأولهم ودِيع ولد عمه .. يتلوه أنظار كايد اللي كلها حِيرة
ودهشة .. وإستنكار كبير لحضُور وهاج هاللحظة هنا !
تجاهلهم تماماً .. وتقدم بخطوات رايقة وهو يوقف قِدام خالد .. رفع سبابّته وأشر له يوقف
خالد ناظره بطرف عينه وقال : مضيّع وجهتك !
هز رأسه بالنفي .. وقال بهدوء : تحرك من هالمكان
عقد حواجبه بإستنكار وقال : أظنك أعمى .. ولا تدعيّ العمى وتبيني أحقق لك هالدعوة .. فارق من قدامي
أبتسم له وهاج .. وقرب وهو يدعسّ بكل قوته على رجل خالد اللي صرخ بصدمة وعصبية أنتشرت بكل جسده : ما خبرتك رخمة .. وش هالصراخ اللي كأنه من بزر ؟
ناظره خالد بحدة ووهاج مسك كتفه بهدوء وهمس له : قم .. قبل أخلي القاصي والداني يتشمت فيك
وقف خالدِ .. وهو مازال في حيرة من طلب وهاج .. ولكنه لبّاه بسبب نظراته اللي أربكته .. جلس وهاج بمكانه وقبل يتكلم دخل وقاص اللي تأخر عن حصته رُبع ساعة كاملة .. وبيدينه بسكويت وكوب قهوة .. تركها على الطاولة بدون ما يلتفت للفصل
وجلس على الكُرسي وهو يلمح شبّح طيف واقف قدامه .. ما تعب نفسه ورفع عُيونه يتأكد من هوية الشخص اللي واقف .. ونطق بتشديد : اللي واقف ينثبر على كرسيه .. ولا ودك أقوم لك وأجلسك
خالد رد عليه بهدوء : يا إستاذ .. خله يقوم من كرسييّ لأجل أجلس
عقد حواجبه وقاص بعصبية ووقف وهو يقول : فصل أول إبتدائي أنتـ....
آرتخى حاجبه .. بإستنكار .. بذهول .. بصدمة من وجود وهّاج بنفس الفصل معه .. وجلوسه بهذا المقعد بالذات "بمقعد طالب" وأستولت مُعادلة صعبة جداً على عقل وقاص .. لدرجة عجز عن حلّها !!
-


شهرزاد 2000 likes this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 15-03-21, 06:46 PM   #9

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,544
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



-
بسّم الله الرحمن الرحيم
لا تلهكم الرواية عن الصلاة وذكر الله
اللهم إجعل كل حرف شاهداً لي لاعلي
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
-

( البارت السابع )



تِنحنح للحظات .. وهو يترك كوب القهوة على الطاولة بإنزعاج وقال بهُدوء مُصطنع يخفي وراه إرتبّاك كثيف : يمنع حضور ولي الأمر للفصل .. أرجو إنك تترك هالمكان حالاً !
أبتسم بسخرية على طريقة كلامه .. مع ذلك ما أعاره الكثير من الإهتمام .. بل ألتفت بطريقة باردة
لخالد وناظره بإبتسامة وقال : هالمكان صار لييّ .. رح دور لك مكام ثاني يضفك ! وخل عنك هالحركات الطفوليّة .. إعقل ترى الي كبرك صار عندهم عيّال وأنت باقي بزر
عقد خالد حواجبه بعصبية وإستنكار .. ووهاج رجع يلتفت لوقاص بعدما عدل جلسّته وكتف يدينه بإهتمام : أنا وهّاج .. الطالب الجديد بالفصل ذا
شهق ودِيع .. وكايّد ألتفت له بصدمة .. أما وقاص حدث ولا حرج تضارب مشاعر كبير بعقله .. يضحك بسخرية ؟ ولا يعصب ويطلعه برى الفصل بالقوة ؟ يعني هالرجل جااي يمتحن صبره ولا كيف الوضع ؟
مع ذلك أبتّسم بهدوء وبوقار .. وهو يتذكر إن بالمكان هذا له السلطة الأكبر على الكل .. أولهُم وهاج !
هز رأسه بإيجاب .. وأشر لخالد يجلس بآخر طاولة بالفصل .. ناظر بحدة لوهاج اللي رفع له حاجبّه بمعنى " فارِق "
ورجع يمشي للطاولة الأخيرة بعصبية .. وقاص رجع يفتح جواله .. ويدخل على رقم المُدير الجديد .. يتأكد من الحكي اللي أنقال .. وبهالأثناء سمع صوت وهاج " جوالك تجلس عليه في بيتكم وعند أمك .. مهب في الوقت اللي وجبّ عليك تدرسّ فيه .. إذا ماكنت قد الأمانة فأتركها "
الجميع مستغرب من وقاحة وهاج ومو إستغراب قد ماهي صدمة ورعب من الي يقوله .. والأهم من صراحته اللي ألجمتهم .. خصُوصاً كايد اللي حط يدينه على رأسه وغمّض عيونه بعصبية من تصرفاته
بينما وقاص صر على أسنانه بغضب واجِم وهو يشد على قبّضة يده بحنكة .. وقبل ماا يتكلم وصلته رسالة من المدير الجديد " إيوة .. وهّاج صار طالب من طلابنا .. ولا أوصيك فيه .. خله بعيونك"
زفر بعصبية وهى يترك الجوال على جنب .. ووقف وهو يناظر وهاج بحدة وهو يقول بتشديّد : حسّك لاعاد ينسمع بالفصل بدون إذن .. تفهم ولا لا؟
ناظره بعدم إهتمام وألتفت للشخص اللي جالس جنبه .. ويناظره بإهتمام عقد حواجبه وناظره بإستغراب : لافِي ؟
لافي رمشَ بهدوء وبقى يناظره للحظات .. ثم رجع ينزل رأسه على الطاولة بلامبالاة .. ويلف يدينه حوله وهو يغمض عيونه .. مِندهش من حضور وهاج ولكن ماعنده قدرة يعطي ردة فعل كبيرة مثلهم .. نظراته كانت تكفِيه !


بعدما إنتهت الحِصص الثلاث الأولى .. والي ماكان لهم مُتسع يتنفسون فيه .. فالأستاذ الأول يدخل
والثاني يخرج بنفس اللحظة ..
لايخفى على أحد إستنكار المُدرسين من وجود شخص تعدى الخمسة والعشرِين داخل حدود الفصل .. لأن الأغلبية العُظمى يفضلون الإنتساب على أن يختلطو باللي أصغر منهم !
وهَاج رفع يدينه وهو يهمز ظهره بِتعب وألتفت لورى لما أنسمع حسّ شخص يقصده : يالكهّل ! دامك في آخر مراحل الشيخوخة .. وش تسوي مع عيال بكبر عيالك ؟ ليه ما تكون بالمكان اللي يناسبك ؟
أبّتسم له وهاج ومارد عليه .. بينما خالِد عصب
وشد على قبضة يده ..فوقف وهو يأشر لأخوياه .. ثُم ألتفت بحركة سريعة بإتجاه الطاولة اللي تحتضن جسد كايّد .. قال بلهجة شديدة التسلُط وبصوت جهوري أحرج كايّد : يالأعرج .. ما قلت لك أول ما تسمع جرس الفسحة تجمع سيقانك المعطوبة وتذلف للمقصف تشتري فطورنا .. ماتفهم أنت ؟
كايَد عض على شفايفه بضيق .. وألقى نظرات سرِيعة على نظرات الطلاب المُوجهة نحوه .. ألتفت وناظر لوديع اللي شاد على قبضة يده .. ونظراته الحادة ترمُق خالد وبشدة .. كايّد أشر له بمعنى " لا تِتدخل "
ووقف وهو يمشي خطُوتين لخالد .. لحتى وصله ضحكهم على طريقة مشيّته .. واللي مازال رنين ضحكاتهم وتنمرهم السابقة بإذنه .. لاشيء جديد
ما أهتم وكمل طريقه وهو متضايق .. وخالد يُلقي النكات الساخرة على كايّد .. ويعصب عليه وهو يستعجله .. بينما بقية الطلاب أكتفو بالمشاهدة
ف خالد بالنسبة لهم خط أحمر .. إبن شخص له سمعته ووزنه الكبير .. خطُوة بإتجاهه بتدمرهم
والكل يعرف هالشيء .. لذلك كان له القدرة على السيطرة على بقية الطلاب !
-
ولكن هالخطوط تنمحى عند وهّاج .. ويتعداها وكأنه ما يشوفها .. كاتم غيظه لدقائق معدودة .. كان يتمنى يشوف ردة فعل للطلاب تنافِي اللي يفكر فيه .. ولكن هيهات .. الرضُوخ من الكل يتوسط الساحة وهذا اللي دمر أعصابه
الضحكات اللي تُلقى على أخوه كانت كافية بإخراجه عن سبيل الرشاد .. فكيف بصمته وتقبله لنكاتهم؟
وهّاج ماحسّ بنفسه إلا يلتفت بكل عصبية .. ويوقف من مكانه بكل سرعة وبوقوفه طاح الكُرسي على الأرض وأحدث دوي بسيط وبسببه ألتفت كل من بالفصل له .. من بينهم خالد وكايد الي وقف بمكانه ويناظره برجاء .. بمعنى لا تتدخل فيني
ولكن وهاج ما ألتفت لرجاءه أبداً .. صوت تنفسه العالي ينسمع من على بعد أمتار .. إقترب من خالد ووقف قدامه وهو يناظر بحدة للحظة وقبل ما يتكلم خالد أنقض على ياقته ودفه بكل شراسة للجدار وهو يناظره كمن يناظر لفريسته .. نطق بحدة باغتت مسامع الكل .. قبل مسامع خالد : لا تلعب بالنار يا النكرة .. ترى النار تحرق دون علمك
خالد حاول يتكلم وهو يناظر لأخوياه يفزعون له ولكنهم رجعو لورى بسبب وحشية وهاج
كايد كاد أنفجر قيلونه من عصبيته بسبب تصرف وهاج
وأقترب وهو يحاول يفلت خالد منه : إتركه يا وههااج
كمل وهاج وهو يضغط أكثر على خالد : والله لو تنعاد الكرة لأحرقك .. والله لأكون لك نار وأخليك رماد لفحة هواء تهزك
تركه بسبب يد كايد اللي ضغطت بشدة على كفوفه واللي ألتفت له وهو يأشر له يلحقه
وهاج رجع يلتفت لخالد اللي يسعُل بوجع وهو باقي على نفس موقفه الحاد : أنا هنا .. ويديني على رقبتك
والله لو تتمادى أكثر لتشوفني قدامك
خالد كان بيتكلم بس خروج وهاج من الفصل ما تركه له مجال
لذلك فرغ عصبيته بأخوياه اللي سحبُو عليه وبدأ يضربه بعصبية وهم ملتزمين الصمت ويتلقون ضرباته بهدوء
بينما لافي تأفف بعدم إعجاب من الإزعاج .. ووقف وهو يمشي من جنبهم متجاهلهم كلهُم .. وحتى تجاهل الموقف الحاد اللي جمع ما بيّن الأخوان بعدم مبالاة !
كايد كان واقف بالسيّب اللي ما بين الفصُول
ويدور بمكانه من التوتر .. بينما وهاج يمشي بخطُوات يسكنها الغضب الشديد .. لم يُفرغ ما في قلبه .. مازالت نبضاته مُضطربة من خضوع كايد لهم
وقف جنبه وقبل ما يتكلم كايد اللي كان منحرج .. أقترب منه وهاج وهو ينقض على ذراعه ويلفها بكل قوة لورى .. وسط صدمة كايد وإرتجافه
وصله رنين صوت وهاج الحاد : والله لو تنحني مرة ثانية لأحد .. لأكسر أنا مجاديفك
كايد أطلق آهاته بوجع من شدة قبض وهاج على ذراعه ووهاج زاد الشد للِضعف وهو يصر على أسنانه : علم يوصلك .. ولو تخليه يتعداك لتشوف القهر بعيونك ، أي أحد يحاول يمشي عليك وتترك لك المجال والله لأحرقه وقبل أحرقه هو لأنهيك قبله .. واحد رخمة مثلك ما يستاهل يبقى هنا
نفض ذراع كايد من يدينه ونفسه يتصاعد من ضيقته
وكايد لف كفوفه على ذراعه وبدأ يتحسس عظامه خوفاً من إنها إنكسرت
ألتزم الصمت للحظات .. ثم رفع رأسه وناظر لوهاج بهُدوء ونطق بضيق : وش تفرق عنهم فيه ؟
عقد حواجبه وهاج وكايّد أردف : هم يحاولون بكل مرة يكسروني .. وأنت وش سويت ؟ جمّعت شتاتي ؟ لا والله كسرتني مثلهم
عض على شفايفه بقهر وأبتسم بإستهزاء وهو يناظره بنظرة تملأها السُخرية : وش تِفرق عن سلطان يا وهاج ؟ ياحسرة الموقف .. خذيت من طبعه الكِثير وصرت مثله
آرتخى حاجب وهاج وبدأ يرمش بعدم إستيعاب وبُبطء شديد وهو يتأمل كلمات كايد اللي بدأت تردد على شكل صدى شديد بمسامعه لدرجة إن قلبه أرتجف " صرت مثله " شبّهه بأكثر مخلوق يكره طبّعه بالحياة .. وبأكثر مخلوق كرهه الحياة بسببه .. معقولة فعلاً كلامه صحيح ؟ وأنا خليفة سلطان ؟
-
أكمل كايّد بعدم مبالاة شديد لنظرات وهاج اللي سكّنها الضيق من كلامه وقال : تجرعنا المُر دونك .. وظني ماكان بمحله لما ظنيت إنك بتكون الملجأ لنا .. أنت المُر بحد ذاته يا وهاج .. الخطأ الي أرتبكتته وخليتك ترجع بسببه ياليته أنكسرت يديني قبل أقدم عليه .. أنت بتكون سلطان لنا .. وإحنا ما ودنا بسود الليالي يحوم حولنا .. إتركنا وإترك فزعاتك قليلة السنع .. لأنك ماكنت موجُود أول ما تسلطو علينا .. والحين عقب هالسنين كلها ما نحتاجك معنا
أنهى كايد كلامه .. وناظر نظرة سريعة لوهاج اللي بدأ يتُوه من شدة ضيقته .. وبدأ يكمل طريقه وهو يجُر رجله بهم شِديد .. ماكان يكفي إنكساره وإنحراجه الشديد اللي مارح ينساه طُول عمره من فكرة إن أخوه الكبير شهد على موقفه مع خالد !
يزداد الموقف ضيق وهم لما يقدم أخوه على خطوة ما يدري وش بتكلف كايد فيها !
أما وهاج مسّح على وجهه بضيق .. أنهد حيله من محاولة جمع شتات الموقف بكل مرة يظن فيه إنه يجمعها .. بينما هو يكسر جمِيع الأجزاء المُتبقية
تعب وضاق فيه الكُون .. وهو يحاول يبيّن نيته لأهله .. يبين إن وده يكون لهم السند اللي أفتقدوه سنين طويلة .. ولكن اللي يجهله إن طريقته خاطئة
واللي يجهلونه إن هذا طبّع وهاج فالحب والمُساندة !

ماكان قادِر يبقى بين أسوار هالمدرسة أكثر
لذلك قرر إنه يبتعد هاللحظة .. الكلام ماكان يأثر فيه أبداً .. ولكن كلام كايد هالمرة زعزع الثقة بجميع أركانه
وقف وهو يأخذ نفس شديد .. ولكنه بقِي عالق بحنجرُته اللي بدأت تتراكم التنهيدات بها
لوهلة ومن بين ضِيقه .. تمنى لو تكون الصُورة اللي تِتشكل بين عُيونه صورة " غصن " ولوهلة ما ترك لنفسه مجال للتفكِير في لخبطة مشاعره ولوعات قلبه حررّ المكان من ثُقل جسده وركب سيارته وهو يتحرك بسرعة شديدة قبل يتسَلط عليه عقله وينهاه عن فعلته
نزل من السيارة وهو يتُركها بالقرب من بيتهم .. تلثّم بشماغه الأسود وهو يقترب بخطوات مُضطربة ناحِية البيت .. توقف بمكانه وهو يِلمحها بجسدها الطفُولي الصغير تترنح بالأرجاء مع مجموعة من الفتيات اللي يشاركونها نفس السن .. كان يظن إن إبتسامته للموقف هذا ماهي من حقه .. لذلك بقي على نفس السكُون .. يتتبّعها بعيونه وهي تحُوم بالأرجاء بكل حيوية ..-ضطربت نبضات قلبه .. وهو يعقد حواجبه بِشدة
لما بدأت مُشادات كلامية بينها وبين الطفلة التي تقف بجانبها .. وصوت صراخهم على بعض وصل لِمسامعه .. هذي تُشير على اللعبة بأنها لها .. والأخرى مُتشبثة بها بِشدة ! إلى إن مسكت إحدى أطرافها وهي تسحبها بكل صرامة حتى نزعت هذا الطرف بكلتا يديها .. إخترق صوت بكاءها الحاد كل مكان .. ولا أكتفت بنزع يد الدمية .. بل دفعت غصن بكل عصبية للأرض وهي تناظرها بحدة والدموع تسكن عيونها الصغيرة : والله لأعلم أمي إنك خربتي لعبتي
تركت غُصن تبكي على الأرض وركضت للبيت.. ووهاج نفث نفسه بعصبية وهو يمشي بخطوات غاضِبة بإتجاهه " ليه الناس تسلطُو على أحبابه ؟"
وقبل يوصل لغصن الي يحتضن جسدها الأرض وتبكي بكل طفولية وعيونها تتأمل دُميتها
رفعت رأسها بكل سُرعة وهي تسمع إسمها يتغنى به ثُغر ضِرار : غصصصن !
فزت بطفولية وركضت بخطوات مُتعثرة وهي تدفن رأسها بصدره وتبكي بنحِيب وهي تشكي له وتأشر على بيت سارة .. وهو مبتسم على تصرفاتها ويربت على كتفها برقة
أرتفعت ركبته عن الأرض وهو يوقف ويعتدل بوقفته ومازالت تتوسط حضنه
رفع كفوفه ومسّح دموعها بحنية وهو يقول : وش الي يرضى غصن ؟ حلاوى ؟
ناظرته بتردد للحظات .. ثم أبتسمت وهزت رأسها بطيب وهو أبتسم لها وأشر على خشمه : مشينا يالله .. نجيب لأحلى بنت حلاوى
ضحكت بفرحة ونزلها على الأرض .. شبّكت يدينها بيدينه وهي تمشي معه
وهالمنظر كان وسط نظرات وهاج .. اللي رفع كفه يتحسس صدره العرِيض .. والي رغم عُرضه من الخارج إلا إنه هاللحظة من الداخل ما يِتسع لنسمة هواء .. كان يحتاج يزرع شُعور .. ماكان يحتاج تكسير أغصان
غمض عيونه وهو يحاول يهدأ إضطرابات قلبه اللي صارت مُصاحبة له سِنين طويلة .. مشى بخطوات هادِية لمرأ العِين .. بينما كل خُطوة يخطيها تندثر بداخله أوجاع مالله بها عليم .. توقف بمكانه وهو ينحني ويلتقط دُميتها من عالأرض .. وليدينها اللي جنبها واللي نزعتها صاحبّتها
أخذها بين كفينه .. ورجع بنفس خُطواته لسيارته
ركب وتنهد ولعل تنهيداته هالمرة ترحمه .. مكانه مُلأ وفاااض .. ووجوده على قولة كايد مجرد زيادة وجع
شغل سيارته وهو يتّجه لأقرب مكان يحتويه


كانت تِتأمل الشمس اللي تحتضنها الغيُوم .. ساعات قليلة وتغيب عن العين .. كانت تِتمنى يغيب هالهم مثل هالغروب .. وتشرق من جديد خالية من كل وجع.. ولكن ما كل ما تمناه المرء يدركه
إبتعدت عن الشبّاك وهي تنحني بركبها على الأرض .. وتناظر لكاندي اللي أقتربت منها وبدأت تُلاصق وبرها الدافِي بجسد دُجى ..

أبتسمت لها بهدوء وهي تناظرها نزلت كفوفها وبدأت تمسح بطمأنينة عليها وهي تمتم بِـ : تعرفين كانِدي ؟
ليه إخترتك أنتي بالذات تشاركيني حياتي ؟ ليه وقع الإختيار على قطة تحمل هالكم الهائل من النور ؟
يمكن لأن شدة ظلمتي وعتمتي بدأت تنهشني .. ويمكن لأني أحتاج أخذ من وهجك لأيامي ..
ضحكت بخفة وهي تسمع صوت كاندي وكأنها تأيدها .. أزاحِت ركبها عن الأرض وهي توقف وتحضُن كاندي بين ثنايا ذراعها .. تركتها بمكانها وهي تناظرها : ظنيت بعد تخلييّ عن أحب الأشياء لقلبي وتحريري من هالحب بيتخلى عني هالحمل اللي بقلبي .. ولكن ماله غنى عني .. جفاني النوم ليلتين بسبب هالضيق .. لعلي لو مشيت خطوة صحيحة بطريقي رح يحن علي ويزورني
تنهدت وهي تقول : الله ييسر بس .. مليّت
معانيّ كانت تلقي نظرات سرِيعة للغرفة اللي أتخذتها غُرفة خياطة لها .. وبدأت ترتب الدروج بعقلها بحيث ما يبقى فقط إلا إزاحتها
بينما خيّال يحتضن كُفوفها كِتاب غلافه يُشير إلى إن محتواه عبارة عن " رواية " كعادتها تتخذ قراءة الروايات ملجأ لها عن هذا العالم .. إنما الروايات عالمها الثاني اللي ما تسمح لأحد بأنه يتواجد فيه
لذلك من تبدأ تقرأ أول سطر بروايتها تتخلى تماماً عن الواقع الي تعيشه .. وتسخر كل مشاعرها لهذه الرواية .. بينما من تنتهي من قراءة رواية ما وتفقد شخصياتها يتلبّسها هم ثقيل وحزن عميق " لماذا رحلو وأكملو حياتهم وتركوني خلفهم وحيدة ؟" لذلك على عجل تلجأ لرواية جديدة تُنسيها مافات
وهكذا يمضي أغلب وقتها .. مابين رواية وأخرى
لدرجة إن طموحاتها صارت مُنافية للواقع .. أصبحت تريد أشياء تقرأها فقط فالروايات !
تنهدت تنهيدة عميييقة وهي تبتسم بهدوء ثم ضحكت بشكل مُفرط وهي تغطي وجهها بكتابها
وصوت ضحكتها أجبر معاني على الإلتفات لها .. هزت رأسها بآسى وهي تقول : وش صار هالمرة .. البطل أعترف للبطلة بحبه ؟
أزاحت الكتاب عن وجهها وهي تناظرها بخوف : يمة .. كيف عرفتي ؟
ناظرتها بطرف عينها وقالت : ما تصير لك هالإنهيارات إلا بهالمواقف
ضحكت خيال وهي تتقدم لها وتأشر لها وهي تقول : بالله عليك شوفي اللي قرأته عيوني .. هالإعتراف خذاني من أقصاي .. فيه أحد يعترف بهالكم الهائل من المشاعر يا معاني
هزت رأسها بالنفي وهي تقول : خلي خطاويك تلامس الأرض .. ولا تطيرين للسماء ترى الواقع غير تماماً عن اللي تقرأيه
رفعت كتوفها بعدم مبالاة وهي تقول : وش علي من واقعكم أنا ؟ أنا ما أبغى إلا شخص يشبه هالبطل ولا لحد يقرب مني ....
ألتفت وهي تسمع صوت دُجى الساخر : صيري نفس البطلة .. عشان تلاقين شخص نفس البطل
كشرت بعدم إعجاب لكلامها ودُجى ما أهتمت وهي تشد على شنطتها وتلبس عبايتها قدامهم .. وبعدها طلعت بدون ما تتكلم.. وكأنها بحركتها تنبههم إنها بتطلع
خيال صرت على أسنانها وقالت : معاني وبعدين معك ؟ متى بتوقفين ضد هالقليلة الأدب ؟ أقطع يدي من مكانها إذا ماكان عند فهد علم
الله أعلم وين بتروح تهيّت على هالغروب
معاني سكتت وهي متضايقة من تصرفات دجى .. واللي كل مالها تزيد عن حدها .. ولا يكفي ذلك
كان كلام خيال يزيد الطين بله !
أردفت وهي تقول : أنا خلاص .. بنفجر منها وكأن محد فقد أمه غيرها .. شوفينا عايشين بدون أم وأب وللآن ناس عاقلين وما طلعنا عن العقل
معاني تأفتت وهي تأشر على رأس الإبرة : خيال تشوفين رأس الإبرة ؟
أستغربت وهزت رأسها بإيجاب ومعاني قالت : ترى خلقي ضيق أكثر منه لذلك إحرمينا من صوتك
ميَلت شفايفها بعدم إعجاب وسكتت وهي ترجع تجلس مكانها : أرجع لأبطالي أبرك لي من حياتكم المسيئة لشخص رائع مثلي
-
-

إقتربت دُجى من المبنى وعلى مُحياها إبتسامة هادية كأنها توصلت لحل ورح تعقد هالحل مع صاحب المبنى .. ومتأكدة إنه رح يوافق لو عرضته عليه
لذلك توقفت أمام الباب وهي تعقد حواجبها بإستنكار لأنه مفتوح على وُسعه .. زارها فضولها للحظة بغتة .. لدرجة إنه تقدمت بدون تفكير وهي تدخل للمبنى
بدأت تنقل عيُونها حوله وهي تبتسم بحماس وفرحة بأنه من داخل نفس المكان اللي تتمناه
وكأنها تصفصف أمنياتها الصغيرة بمكانها الصحيح
شهقت بخوف وهي تلتفت للشخص اللي جالس على الكرسي بوسط الغرفة الفارغة .. وكأنها توها تنتبه له من شدة حماسها
تراجعت خطواتها للخلف وهي تناظره !
-
كُرسي بمنتصف الغرفة .. الخاليية من كل شيء
حتى الدفء .. يحتضنه جسده البارد واللي منحني به للأمام وبين يدينه دُمية غصن المعهودة
كان يحاول ينام .. ساعات طويلة أقام فيها حرب هائلة وصعبة مع نفسه .. وتعب جداً من هالحرب اللي دائماً يتأذى في نهايتها
كان يسمع صوت همسات وتمتمات .. ولكنه عذر هالصوت بسبب الشباك المفتوح .. والي كان ظنه الكبير إن هالصوت من خارج المبنى
ولكن صوت الشهقة العالية وعتّه من خزعبلاته وتركته يرفع رأسه بإستنكار للشخص اللي يتراجع بخُطواته للخلف
عقد حواجبه وأستقام جسده وهو يوقف ويترك الدُمية على الكرسي الخشبي .. ورجع يلتفت لها وهو عاقد حواجبه بإستغراب
بينما هي وقفت بمكانها بخوف وهي تناظره
دخل يدينه بجيبه بحركة إعتاد عليها وهو يناظرها بهدوء .. بينما هي إلتزمت الصمت للحظات
ثم تخلت عن صمتها وهي تقول بضيق خالطه صدمة : إشتريت هالمبنى ؟
هز رأسه بإيجاب وهو يميّل شفايفه لما عرفها وميَزها من صُوتها
بينما هي بلغ بها الضيق ما بلّغ .. يمكن يكون موقف عابِر وتقدر تتعداه ولكن مو باللحظة هذي
لأنه كان باقي الشيء اللي تتمسّك فيه
نفثت نفس عميييق وهي تناظره بضيق وماكانت تدري كيف مسكت دموعها بشدة
وبدأ هلوساتها تلعب بها .. وأعصابها تشتدت
لذلك تغيرت نظراتها الضايقة لنظرات عصبية وحادة وهي تقُول : وإن قلت لك لو تشتريه بمال قارون كله .. محد له قدرة يخليني أخطي خطوة وحدة برى هالمبنى
ناظرها بعدما رفع حاجبه وعلى ثُغره إبتسامة ساخِرة بينما هي كتفت يدينها وهي تقول : ومن بكرة بشيّد أحلامِي فيه .. لو لك قوة غربِلها !
هز رأسه بآسى وهو يأشر بكفينه لبرى وهو يقول : إطلعي برى هالمحيط لأنه بيغرقك .. هنا ماهو بمكانك
عيب .. وقلة شيّم وأخلاق تواجدك هنا
عقدت حواجبها بعصبية وهي ترفع سبابتها وتهدده : إطلع برى أنت .. هذا مكاني
أنا اللي خطييت أول الخطاوي فيه .. وأنت اللي سلبت مني هالخطوة
رمش بعدم إستيعاب لإصرارها الشدِيد على هالمبنى بالذات لذلك قال: بدال هالمبنى عشرين مبنى غيره .. ولكن هالمبنى هذا مهب لك وأحلامك بمهب الريح راحت
عصبت أكثر وزاد غيظها : حلمك مهم .. وأحلام غيرك للتهميش ؟
تأفف بعدم إعجاب .. لوجودها .. لكلامها .. ولجراءتها اللي ما عجبته .. لذلك جلس على الكرسي وتجاهلها لعلها تستوعب على نفسها وتخرج قبل يخرج هو عن طوره
ولكنه رجع يناظرها ولقاها واقفة بنفس مكانها وملتزمة الصمت وتناظره بفراغ
بينما هو إشتدت أعصابه بقهر من تجاهلها لكلامه ووقوفها الصامت بنفس المكان وكأنها تتحداه لذلك وقف وهو يصّر على أسنانه ويناظرها بتهكم : بتفارقين من قبالي .. ولا يكون لي تصرف ثاني ؟
ماردت عليه وهو زفر بعصبية ومسح على وجهه
وهو موقن إن وجودها إمتحان لصبره .. لذلك مشى بتجاهل و بخطوات سريعة وهو يترك المبنى .. ووقف عند الباب وهو يبتعد عن المبنى أخذ ربع ساعة وهو يدور بنفس الدائرة .. وبعدها رجع وهو يتمنى تكون غادرت وتركت المكان
دخل للمبنى وهو ينقل نظراته للمكان وأقترب من الغرفة وهو مرِخى حواجبه بإرتياح لما ما لمح زُولها
وأول ما خطى خطوته الأولى للغرفة عقد حواجبه بصدمة وهو يشوف جسدها تحتضنه الأرض بإرتياح شديد .. وكأن الأرض طوقت ذراعيها الضيقة على رحابة هالبِنت .. لدرجة إن ظن إن الأرض جثّت على صدرها وأنهت إختبارها بهالحياة .. ونهايّة رحلتها كان موقف تحارب فيه عشان حِلمها ! كانت مرميّة على الأرض ساكِنة دون حركة !

هز رأسه بإيجاب وهو يميّل شفايفه لما عرفها وميَزها من صُوتها
بينما هي بلغ بها الضيق ما بلّغ .. يمكن يكون موقف عابِر وتقدر تتعداه ولكن مو باللحظة هذي
لأنه كان باقي الشيء اللي تتمسّك فيه
نفثت نفس عميييق وهي تناظره بضيق وماكانت تدري كيف مسكت دموعها بشدة
وبدأ هلوساتها تلعب بها .. وأعصابها تشتدت
لذلك تغيرت نظراتها الضايقة لنظرات عصبية وحادة وهي تقُول : وإن قلت لك لو تشتريه بمال قارون كله .. محد له قدرة يخليني أخطي خطوة وحدة برى هالمبنى
ناظرها بعدما رفع حاجبه وعلى ثُغره إبتسامة ساخِرة بينما هي كتفت يدينها وهي تقول : ومن بكرة بشيّد أحلامِي فيه .. لو لك قوة غربِلها !
هز رأسه بآسى وهو يأشر بكفينه لبرى وهو يقول : إطلعي برى هالمحيط لأنه بيغرقك .. هنا ماهو بمكانك
عيب .. وقلة شيّم وأخلاق تواجدك هنا
عقدت حواجبها بعصبية وهي ترفع سبابتها وتهدده : إطلع برى أنت .. هذا مكاني
أنا اللي خطييت أول الخطاوي فيه .. وأنت اللي سلبت مني هالخطوة
رمش بعدم إستيعاب لإصرارها الشدِيد على هالمبنى بالذات لذلك قال: بدال هالمبنى عشرين مبنى غيره .. ولكن هالمبنى هذا مهب لك وأحلامك بمهب الريح راحت
عصبت أكثر وزاد غيظها : حلمك مهم .. وأحلام غيرك للتهميش ؟
تأفف بعدم إعجاب .. لوجودها .. لكلامها .. ولجراءتها اللي ما عجبته .. لذلك جلس على الكرسي وتجاهلها لعلها تستوعب على نفسها وتخرج قبل يخرج هو عن طوره
ولكنه رجع يناظرها ولقاها واقفة بنفس مكانها وملتزمة الصمت وتناظره بفراغ
بينما هو إشتدت أعصابه بقهر من تجاهلها لكلامه ووقوفها الصامت بنفس المكان وكأنها تتحداه لذلك وقف وهو يصّر على أسنانه ويناظرها بتهكم : بتفارقين من قبالي .. ولا يكون لي تصرف ثاني ؟
ماردت عليه وهو زفر بعصبية ومسح على وجهه
وهو موقن إن وجودها إمتحان لصبره .. لذلك مشى بتجاهل و بخطوات سريعة وهو يترك المبنى .. ووقف عند الباب وهو يبتعد عن المبنى أخذ ربع ساعة وهو يدور بنفس الدائرة .. وبعدها رجع وهو يتمنى تكون غادرت وتركت المكان
دخل للمبنى وهو ينقل نظراته للمكان وأقترب من الغرفة وهو مرِخى حواجبه بإرتياح لما ما لمح زُولها
وأول ما خطى خطوته الأولى للغرفة عقد حواجبه بصدمة وهو يشوف جسدها تحتضنه الأرض بإرتياح شديد .. وكأن الأرض طوقت ذراعيها الضيقة على رحابة هالبِنت .. لدرجة إن ظن إن الأرض جثّت على صدرها وأنهت إختبارها بهالحياة .. ونهايّة رحلتها كان موقف تحارب فيه عشان حِلمها ! كانت مرميّة على الأرض ساكِنة دون حركة !
توقف بمكانه أو بالأحرى تجمدت أعصابه وهو يشوف الكتلة الي يكسُوها السواد تحتضن الأرض
نفث نفسه الحار من شدة العصبية وهو يمسح على وجهه : لاحول ولا قوة إلا بالله أنا والله حالي حال عمري ليه المشاكل تنحني لي ؟
رجع يناظر لدُجى وهو يهاوشها بعصبية حادة بعدما كان تجاهلها مسيطر على الوضع
حك طرف حاجبه وهو يناظرها بإستنكار للحظة بعدما مرت دقائق وهي على حالها وكأنه بدأ يستوعب إن الوضع فعلاً جدي
أبتعد عنها وهو يمسك طرف الكرسي ويهزها بطرفه وهو مو قادر يلقى الحل ولا قادر يعرف كيف يتصرف بدأ يهزها أكثر : يااهييه .. قومي من على أرضي .. لا تموتين هنا يا بنت الحلال توها أول خطوة لا تنتهي بالسجن
ما تحركت ولا أصدرت صوت ووهاج أرتبك أكثر .. بدأ يمشي بأطراف المكان وهو مشتعل نار مهو خايف قد ماهو معصبّ والغضب يعتريه .. ليه من بِد الأماكن أنهارت هنا ؟
أنحنى على الأرض قريب منها وهو يلاحظ معصمها .. تأفف وهو يحاول يلاحظ نبضها ومن أدرك إنه منتظم عقد حواجبه وقرب منها وهو يسمع تنفسها منتظم وهادي .. سحب جواله من جيبه بحركة سرِيعة وعلى طول ضغط على رقم الإسعاف .. إلا إن فكرة سيئة حالت بينه وبين إكماله للإتصّال .. رح يدخل بمتاهات عصيبة ومُهلكة جداً بسببها .. تراكم الهم بقلبه وهو يرجع الجوال لجيبه .. وبباله دام تنفسها منتظم هذا يكفي
فز من مكانه بسرعة وهو يتأفف بقى للحظات يحاول يجمع فكرتين على بعض .. أو طريقة يحل موضوع المصيبة اللي أنهالت عليه ولكن كل اللي كان بين كفينه .. إنه ترك الغرفة وقفل الباب
وبعدها قفل المبنى وكان بيترك المكان .. ولكنه توقف بمكانه وهو يلتفت للمكان بقهر : ليه أترك مكاني لأجل محتلة ؟
رجع للمبنى وهو يجلس على الدرج اللي قُرب الباب .. أنحنى برأسه على الجدار وهو يغمض عيونه
ويكتف يدينه بهدوء .. بينما هدُوءه ظاهري
وكل خلاياه ترتجف ضيقة وغبّنة .. قبل تظهر دجى بالمكان كان يفكر بطريقة يشغل فيها هالمبنى وقطعت عليه حبل أفكاره لذلك كان مقهور منها


لافِي صحى وهو يناظر بحدة للمكان .. كعادته إذا غلبه النوم بالعصر يصحى والكون كله يضرب على وتره الحسّاس .. لذلك كان غضبه سهل وخصوصاً هالوقت بالذات
طلع من غرفته وهو يتِجهه للمطبخ لقى فيه معاني .. وللحظة ماكان وده يبدأ معها بأي نقاش .. لذلك توجه لغرفة دُجى فتح الباب بهدوء وعقد حواجبه وهو يشوف الغُرفة خالِية منها والأحرى تاركة كاندي لوحدها وهالشيء اللي أستنكره لافي
لذلك ترك الغرفة وتوجه على طول للمطبخ وهو يسأل معاني بدون سابق إنذار : دجى وينها ؟
-
قبل ما تنطق معاني ألتفت لافي لخيّال اللي وقفت وراه واللي نطقت بسخرية : من العصر مختفية عن البيت .. ولاترد على جوالها .. الله أعلم وينها بأنصاص الليالي
آرتخى حاجبه بذُهول .. ورجع يلتفت لمعاني وهو يأمل يلاقي بعيونها نظرة التكذيب ولكن معاني هزت رأسها بضيق : قلت بنتظرها للساعة 8 المساء .. لو ما رجعت بضطر أكلم فهد
لافي كان يناظرهم بصدمة .. وعقله مهو مستوعب الحكي اللي أنقال : البنت غايبة عن البيت لها ثلاث ساعات لا لها حس ولا خبر .. ما فكرتو تتفقدونها ؟
خيال ميّلت شفايفها بعدم إعجاب لعصبية لافي وقالت : مهب ذنبنا إذا هي اللي تبي تهرب .. تعرفها اللي برأسها تسويه .. وتهورها يسبق تفكيرها
وبعدين هي اللي ما ترد على إتصالاتنا .. الذنب ذنبّها والله أعلم وين أراضيها !
أشتعل صدر لافي عصبية وضيق وهو يقترب من خيّال اللي خافت وأرتبكت من شدة حدة نظراته ،

رجعت لورى بخطوات خائفة وهو وقف قدامها وناظرها بحدة بينما نطق بتشديد : أنا بطلع أجيبها
والله لو يصل العلم لأبوي عن غيابها قبل نجي سوى ليصير شيء ما يسّر .. أكيد تاهت بشوارع الشمّال
خيّال كظمت غيظها وهي تشبّك يدينها ببعض بقهر من إسلوب عيال أخوها معها واللي دائماً الإحترام مفقود بينهم .. مع ذلك غضب لافي هاللحظة مستحيل تجادله فيه لذلك أكتفت بهز رأسها بإيجاب
وهو أبّتعد عنها وطلع على طول من البيت .. وقف بوسط الشارع وهو يناظر لرجُوله الحافِية وللبجامة اللي ما لحق يبدلها مع ذلك ما أهتم .. كانت كل خلاياه ترتعش .. خوف .. وقلق .. ورعب ورهبة
وينها ؟ وبأي أرض ؟ ومع من؟
ماكان عنده وجهة لأجل يقصدها ويريّح قلبه .. لذلك كان يدور بكل مكان تطيّح عليه عيونه ينبّش بكل شارع تخطي خطواته الحافِية فيه .. الخوف تركه يهلوس وترك عقله يخترع أفكار مرعبة تركته يدور بكل الشوارع مثل المجنُون !
--
الساعة 9:00ص
كايّد اللي جالس بمكانه بالفصل ويدينه مُترابطة ببعض .. ويناظر لمكان وهاج بكل خوف .. معقولة كلامه البارحة خلاه يترك الدراسة ويكمل باقي حياته بشهادة المتوسط بس ؟ بدأ سيل اللوم والندم ينهال عليّه كونه بيكون سبب في فقد أخوه للمرة الثانية
بينما وقاص مبتسم وقلبه مرتاح .. لما خطر بباله إن خطوة وهاج كان أساسها غير ثابت وكله زعزعة
لذلك من ثاني يوم ماقدر يقاوم !
لذلك ما أهتم لا لمكانه الخالي منه ولا لمكان لافي !
--
بينما كانت الشمس على وشك المغِيب في يوم يغلب عليه الهدوء بأطراف هذا المبنى
فتحت عُيونها بإنهاك شديد وهي تحس بأن عظامها كلها أُصيب بهشاشة مُميتة
رفعت يدينها وهي تِتحس جسدها بتعب ولكنها سرعان ما بدأت تنقل نظرات سريعة .. للمكان اللي يحتضنها
رمشت بعدم إستيعاب للحظة وفزت بكل القوة اللي بقت فيها بعدما شهقت بوجع بسبب عظامها اللي أصدرت صوت بسبب إحتكاكها ببعض
بدأت تلقي نظرات سريعة للمكان .. وهي تحاول تتذكر آخر تفاصيل عاشتها .. مشت بخطوات مُرتبكة ومحملة بكم هائل من الرعب والرهبة الشديدة وهي تناظر من الشبّاك .. كان حضورها قبل غرُوب الشمس بدقائق معدودة .. والآن مابقي إلا خُطوط نور ضئيلة جداً .. رفعت معصمها وهي تناظر لساعتها وتنهدت لأنها مامرت إلا دقائق طويلة على وجودها هنا
ولكن للحظة شهقّت شهقة عميقة وهي تستوعب بأنها بقت بهذه المنطقة مع رجل تجهله وتجهل نيته وخبايا صدره .. بدأت الرهبة تتسلل لقلبّها
دائماً كان تهورها تكون نهايته البؤس الشديد .. بدأت تلوم نفسها وهي تحاوط نفسها بذراعيّها وكلها أمل إن هالدقائق عدت بكل سلام
لاحظت المراية اللي تِتوسط الغرفة ومشت لها بسرعة وهي تناظر لنفسها .. النقاب ما زال مكانه ورغم البعثرة اللي حصلت لها بسبب طريقة جلُوسها إلا إنها كانت طول الوقت مغلفة بالسواد الساتِر
تجرأت وتقدمت بخطواتها ناحِية باب الغرفة .. وبدأت تفتحه بهُدوء شدِيد وهي تسترق النظر لِـ اللي خلف هذي الغرفة .. المكان خالي !
تنفسّت الصُعداء براحة إخترقت صدرها وأكملت طريقها بصمت شدِيد وبنيتها الخروج السريع من هذا المكان .. ولكن أول ما أحتوت كفيّها قبضة الباب ومُشرعة جسدها للهروب .. تراكم الرعب بجميع نبّضاتها وهي تلقي نظرة لِـ ...
-
كان مِتكي بظهره على الباب .. وسانده رأسه على الباب وهو مكتف يدينه .. مايدري كم ساعة مرت وهو على هالحالة .. كل اللي كان يفرق عليه ساعات هاليوم هو وقت الصلاة .. اللي يصليها ويرجع يجلس نفس جلسته .. غايب عن وعيّه لأيام طويلة مازار جفنه نوم .. وهالليلة بالذات طار النوم من عيونه .. حتى مرور الساعات ماكان قادر ينتبه له من شدة تعبه وإرهاقه .. مع ذلك كان يقاوم بكل قُوته
بداخله خوف ضئيل من وجودها داخل مبناه بهالشكل ..
مع ذلك كان يصارع نفسه بأنها بخير .. ومستحيل يخطو خطوة لها بدون ما تخرج هي .. لذلك أكتفى بالجلوس عند الباب بالطريقة هذي
لوهلة كان يناظر للفراغ .. تايّه حيل باللحظة هذي
ولا صحاه من التيّه إلا الباب اللي أنفتح بكل قوة
لدرجة إن وهاج أختل توازنه وإنزلق جسده على الأرض بالقرب من محل وقوف دُجى اللي شهقت برعب ورجعت خطوة سريعة لورى بينما هو غمض عييُونه يحاول يجمع طاقته المتبقية لأجل يكمل هاليوم على خير .. رفع جسده عن الأرض ووقف وهو ينفض التراب عن ثوُبه .. أستقام قدامها وأشر لها تطلع من هالمكان ولكنها قابلته بالرفض : وش صار بالمكان هذا قبل لحظات ؟
عقد حواجبه بإستنكار شديد مع ذلك حاول يجمعه شتات غضبه لأنه مو بصالحه : قبل لحظات الهدوء سيد الموقف .. أنتي مستولية على أراضييّ وأنا كنت أنتظرك تحررينها !
تنحنحت وهي تصد عنه وتقبض قبضتها بكل عصبية وهي تحاول تفرغ ضيقتها .. لعلها تتسلل من بين أصابعها .. دائماً مرضها يخونها بلحظة خطأ جداً .. تراكم الضيق والحزن بقلبها خلى قواها تخر بوقت غير مناسب تماماً .. كانت مستغربة إنها أستغرقت دقائق فقط .. عادتها تغيب عن وعيها ساعات طويلة .. مع ذلك ألتزمت الصمت للحظات وهي ملاحظة إن وهاج كان بعيد عنها تماماً وخارج عن المكان وعيونه صاد عنها
بدأت أفكار جريئة .. أو بالأحرى هوجاء تسيطر على مجرى تفكيرها .. ماكانت مستعدة تخسر أي معركة هي أحد أطرافها .. لذلك لو هالمنطقة كلها مباني للبيع بأبخس الأسعار مارح تخطي خطوة لها
بينما رح تستملك هالمبنى لو بيكلفها عمرها .. ليه ؟ وش سر هالإصرار اللي بيكلفها الكثير ! ماكانت تدري عن إجابة لهالأسئلة كلها .. ولاكانت تحتاجها أصلاً لأنها بكل تهُور خرجت عن إطار صمتها وهي تقول : هاللحظة بتعطيني هالمبنى .. ولا بيكون إسمك ما بين أكثر الرجال دناءة .. بتكون أرخص قومك !
عقد حواجبه بصدمة من كلمتها وجملتها اللي أستهلكت جنونه .. وهي أردفت وقالت : رح أصرخ باللحظة ذي .. وأقول إنك ردييّ تحاول تتعدى على ممتلكات غيرك !
ماكان فهم الكلمة صعب عليه .. لذلك سكت للحظات ثم أبتسم بسخرية : وظنّك من بيصدقون ؟ اللي بوسط بيتي نايمة ؟ ولا أنا ؟
رمشت بهُدوء .. ماكان عندها وقت للتفكير بأن خطوتها هذي كانت مليئة بالغبّاء الشديد .. والمخاطرة اللي بتهلكها .. كانت تحاول تثبت نفسها بأي طريقة ممكنة لو بتكلفها هالطريقة أثمن أشياءها وأغلاها : ما يهمني ولا حرف من اللي بينطقونه .. الأهم يضيع ما بقى لك من سمعة
لأنك تعديت الخط ودست على حلم من أحلامي .. وأنا والله ما أرضى بالسكوت
حك حاجبه وهو ييناظر لبرى المبنى يحاول يفهمها .. ويفهم غرابتها اللي خلت يدينه ترتبط بإستنكار .. ماكان قادر يوصل لنتيجة مرضية عن هيئة هالشخص اللي ناوي يجبره يتخلى عن أصابع كفوفه ويهديه إياها ؟
مارد عليها وإبتسامته الساخِرة مازالت على ثغره بينما هي أردفت بغضب شدِيد : مارح يبقى لك رصيد لأيامك الباقية ..لاذخر ولا سند .. كلهم بيشكوون برجولتك .. محد بيرضى بك ولا بنسبك
أردفت بهدوء : بتدمر حياتك لأجل مبنى بكم باب ؟
ماكان يدري وش سبب إصرارها الشديد .. مع ذلك ماكان مهتم بمقدار ذرة بكلامها .. وش يقول ؟ العذارِيب تكسيني دون ححكيك ؟ ولا لي ذخر وأنا دون رفيق أصلاً !
وبما إن الموضوع صار بحسبة تحدي بالنسبة له
ألتفت وناظرها بهُدوء وقال : بعد ما تقدمين على هالخطوة .. يمكن رجال المنطقة كلهم يرفضوني
ولكن الرجل الوحيد اللي بيقبل فيني .. هو أبـوك !
نظراتها الحادة والحارة كانت كفِيلة تبين كمية الغضب اللي أستحل قلبها .. إستخفافه فيها ونبرة صوته اللي يملأها الإستهزاء أزهقت كل معاني العصبية بقاموسها .. كانت بترد لولا وهاج اللي أردف وقال : خذي باقي كلامك وتهديدك .. وإمسكي قبضة الباب وإتركي هالمكان .. مانيب رايق لشخص مايكن لذاته أي إحترام .. يجادل بحلال غيره .. وين وصل العالم بغيابي ؟
وظنك لو على صوتك بشيء ماحصل .. مارح يتوجع غيرك .. لاتنسين إنك بمجتمع يحمل المراءة الذنب .. وحتى لو مالها ذنب .. لذلك ماودي أخطي خطوة فيها ضر لك .. توكلي على الله والله يبيحك على خفة عقلك !
نفثت نفسها بعصبية لما أدركت إن خطتها باءت بالفشل .. سلكت طريق نهايته مظلمة ولابها نور
ولكنها بتحاول بكلتا يدينها .. توصل للمكان اللي يملأه الوهج .. بعد إلتزامها الصمت للحظات
قررت تليّن الموضوع وقالت : مرت أيام طويلة على إستحواذك على هالحلم .. ظنّك لو عندك خطة لتسخِيره بتنتظر لحظة وحدة ؟ أنا متأكدة إن كفينك بدون أصابع .. وهالمبنى بيبقى كذا
دُون يكون فيه أساس لحلمك .. وأنا شخص أساسه جاهز .. ومستعدة أكون أصابع الكفُوف
كان صاد عنها ويسمع كلامها وهو متضايق وبشدة من هالموقف ولا وده يطول الكلام معها أكثر ، كون الموقف تعدى الحدود بنظره .. ولما كان بينسحب من المكان بعدما أيقن إن هالبنت مارح تبتعد عنه أبداً برضاها
وقف بمكانه من جملتها اللي أجبرته يوقف !" بصير أصابع الكفوف ؟" وش مغزى حكيها !
ومن وقف أردفت بعجل .. قبل يفهم محتوى حكيها بشكل خطأ .. وقبل يغادر المكان ويتركها تداري خيباتها : مستعدة أكون مستأجرة للمبنى هذا !
ولك مني العدد الي تبغاه كل شهر .. بشرط لا تبالغ بالشيء الكثير .. أنت تربح ويكون حلمك جاهز على طبق من ذهب .. وأنا أكون وصلت لغايتي !
وهذا يوصلنا لرضا كل الطرفين !
سكت للحظات وألتفت لها وقال : وش سبب إصرارك على هالمكان بالذات ؟ مالك مبرر
رمشت بهُدوء وهي تشد أطراف عبايتها أكثر .. والي كانت مثبّبتها على أطراف أصابعها .. تقوله إن الموضوع صراع ؟ وإنها تأبى الخضوع والخسارة ؟ وتخسر فرصتها بموافقته ؟



-

شهرزاد 2000 likes this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 15-03-21, 06:47 PM   #10

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,544
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



بسّم الله الرحمن الرحيم
لا تلهكم الرواية عن الصلاة وذكر الله
اللهم إجعل كل حرف شاهداً لي لاعلي
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
-


( البارت الثامن )

هزت رأسها بنفي وهي تطرُد كل هالأفكار من رأسها .. ورجعت تناظره وهي تقول : صفقة مربحة .. لو ضيعتها من كفينك
مارح تلقى أصابع ثانية تشدها!
خطى خطوات سريعة لبرى المبنى .. وهو يفكر بكلامها .. فعلاً الموضوع مُربح بالنسبة له !
لأنه كفوف بدون أصابع .. ولأن حلمه ماله أساس
بينما بوجود فكرتها صار له أصابع .. وحلمه بدأ يشيد أول طوبة فيه !
هذا حله الوحيد .. بما إنه أستولى على أول خطوة
وتعثر بالخطوة الجاية .. هالفكرة هي اللي بتوقفه
و بما إنه خالي أفكار أصلاً عن فكرة هالمبنى
لذلك من سمع صوت خطواتها قال بهدوء بدون ما يلتفت لها : إعتبري إني وقعت على عقد فكرتك .. وبيبدأ الحساب من بكرة .. ألفين بالشهر ولا رح أرضى بأقل فلا تكاسرين بالسعر
إلتزمت الصمت بفرحة .. ماكان يهمها السعر مبدئياً الأهم صار هالمبنى لها : بكرة بنوقع العقد
جملة من ثلاث حروف أنهت نقاش كان بينتهي بفضيحة على مستوى المنطقة لولا هدوء وإستخفاف وهاج .. ولولا وقوفه عند الحدود المرسومة له .. والأهم لولا الإتصال الي ما أنهاه !
نطقت بآخر كلامها وأنسحبت من المكان على عجل ، لأنها طول الوقت كان هدفها تسيطر على المكان والحين صار بين كفينها وجودها بنفس المساحة معه بدأ يرهقها .. وخصوصاً بعد غيابها عن وعيها .. ماكان عندها القوة تسأله عن اللي صار
لأن واضح إنه أنسحب من المكان بخوف من طاحت مغشيَة على الأرض .. لذلك تركت التنبيش .. لأنها تدري إنها لو نبّشت بالموضوع رح تتلاشى روحها من الرعب والخوف
أكملت طريقها وهي تلقي نظرات سريعة للشوارع وهي تحاول تستذكر الطريق اللي وصلها للمكان هذا
وبينما هي تمشي بهدوء ويدينها حول شنطتها وهي مستأمنة توقفت بمكانها بعدما ناظّرت بدهشة تِسللت لجميع أجزاءها وهي تِحتضن طرف شنطتها بإستغراب شديد لِـ لافي اللي كان جالس على طرف الشارع .. يدينه تحتضن رأسه
وجالس والخِذلان يعتريه .. إمتلأ داخلها خُوف
وهي تراقب تصرفاته اللي تدل على الذبُول ..وجسده اللي يميل للإنهيار .. ناظرت لِلبسه اللي تبهذل .. ولرجُوله اللي متجرحة بسبب مشيّه الحافي طول اليوم
بحركة غريبة رفعت يدينها وهي تِتحسس قلبها اللي لوهلة ظنته بيغادر قفصها الصدِري بسبب الخوف من إنها فقدت شخص جدِيد
أو إنه صار شيء قلب موازين لافي .. الشخص اللي قبل ساعات عندها كان ما يهتم للي حوله بمقدار ذرة !
إقتربت بخطوة يعتريها الرُعب .. ولكن سرعان ما رجعت خطوتين للخلف .. برهبة من إن اللي ببالها تِتحقق
بدأت يدينها ترتجف وقلبها ينتفض من سطوة الموقف
طاقتها بدأت تتبخر بشكل مُخيف لذلك جمعتها بكل ما أوتيت من قوة وهي تِنطق بصوت أشبة للهمس : لاِفي ؟
عيُونه كانت تدور بالفراغ .. ويدينه مازالت تشد بكل قوته على رأسه .. تسلل صوت مرتجف لمسامعه
وبرغم الموقف اللي يصارعه والخوف اللي مِمتلي بصدره ظن لوهلة إنه يهلوس من شدة التعب
لذلك ما كلف نفسه ورفع رأسه يتأكد من إحساسه
زادت طاقته في الشد على مخه وصوت تنفسه بدأ يعلى أكثر وأكثر وهي بدأت تخاف بشكل مريب
رفعت صوتها وهي تقتررب منه : تكفى يالافي .. لا ترهب قلبي بالطريقة ذي !
عقد حواجبه لوهلة .. وبعدها ففززز بكل طاقته من مكانه وتنفسه بدأ يعلأ بشكل مرعب وهو يلقي نظراته المفجوعة على دُجى اللي مستقيمة أمامه
واللي دبّ الرعب بكل جسدها .. وخوفها من دقائق
كان ولا شيء عند خوفها باللحظة هذي !
لما أقترب منها بخطوات يملأها الخوف .. مُشبعة بالقلق وبنظرات غريبة .. غريبة جداً على لافِي
إقترب منها بوسط ذُهولها وإندهاشها وهو يحاوط ذراعيها بكل قوته ويحضنها بمقدار كل الخوف اللي إمتلأ بصدره لساعات طويلة .. بينما هي بقت متجمدة بمكانها .. يعتِيرها الرعب وهي تسمع صوت شهقاته تخترق سكون الليل .. " يارب
أي المصائب حلّت على رأس هذا الرجل ليبدأ بالنحيب بالطريقة المُهلكة هذي ؟"
بقت بمكانها .. صامتة .. مذهولة أو بالأحرى مصعوقة
بينما هو أبتعد عنها وهو يصد بوجهه ويمسح دموعه بشكل سريع .. ما يعرف كيف خانته هالدموع
ولكن اللي يعرفه إن الشعور اللي سكن بصدره قبل ساعات كفيل بأنه يهد حصُون بُنيت على مدار سنين طويلة
ناظرت لوجهه وهي تقول بخوف : علمِني .. وجهك اللي كله نور كيف أنطفأ ؟
تنهد تنهيدة عميييقة وهو يقترب منها ويقول : بأي مكان باغتك الوجع ؟
عقدت حواجبها للحظات وهو أردف : أنا ما قلت لك هالمرض بيتعبنا حيييل يا دُجى؟ أنا كم مرة قلت لك إذا كنتي راضية فيه .. فأنا مانيب راضِي
عندك قدرة على إستيعاب إني شخص كنت أصارع الموت لمدة يوم كامل ؟ عندك علم إني كنت مثل المجنون أدور بالشوارع على المكان اللي أنهار جسدك فيه؟
دُجى اللي رمشت بعدم إستيعاب وهي تناظره .. كل اللي بين يدينها دقائق معدودة غابت فيها عن وعيها .. بينما محتوى كلام أخوها ُمنافي تماماً لمعتقداتها نطقت بقلق: كم من الوقت غبت عنك ؟
مسح على وجهه بإرهاق شديد وهو يقول : أربعة وعشرين ساعة
شهقت شهقة عالية وهي تناظره بذهول .. معقولة اللي أنقال ؟؟؟؟
بلعت ريقها بصعوبة ويدينها على قلبها .. يوم كامل وهي على أرض شخص هددته بشرفه ؟ يارب أنا بين يدينك لا تمتحني بالهم
أقترب وهو يهز كتوفها بقهر : وين كنتي هالوقت كله ؟؟ بأي مكان كانت أراضيك ؟؟ ليه قلبك هالكثر مرتاح ؟؟ ماوعيتي على كبر خطاك؟
إرتجفت كل خلاياها .. خوف ورعب ورهبة من الموقف اللي كانت تجهله
وناظرته وعُيونها مكسيّة بالهم .. عانق كفوفها اللي ترتجف وهو يقول بحنية : علميني يا دجى علميني وأنا أخوك
لمسّت الخوف والحنية بصوته وبدأت ترتجف أكثر .. بدأت تنهار من وقع الخبر عليها .. كانت تظن دقائق مرت
ولكن تمر ساعات وتشرق شمس وتغيب وهي بمكان تجهل صاحبه !
تجمعت الدموع بعيونها وهي تناظره برجاء وبكل حرف تتكلمه تتبعه رجفة لاحصر لها : لافِي .. أنا كنت أظن إني غبت عن وعييّ دقائق معدودة .. ماكنت أظن إنه عدى هالوقت كله وأنا بنفس المكان .. لافي أنا خايفة .. خايفة حيل
بُترت كلمتها ماقدرت تنطق بحرف واحد زيادة وهي تفلت يدينها من يدينه وتِلمها لنفسها وهي مغمضة عيونها برعب شديد
أما هو تنهد تنهيييدة عميييقة وهو يلتفت للخلف ويمسح على وجهه براحة سكنت كل أجزاءه .. المهم إنها بخير.. المهم إنه المكان الي كانت فيه آمن وما لقت فيه ضر أو آذى
المهم إن كل شيء عدّى وإن الرعب فات وإن الدُجى بين عيونه بكل صحتها
وهذا اللي ما يبي يفقده .. الموقف اللي أنحط فيه لساعات معدودة وهو يجوب شوارع هالمنطقة بكل جنون .. كان موقف قادر ينزع كل الظلام اللي بداخله
الخوف الي أعتراه وهو يدخل كل شارع ويدينه على قلبه ظناً منه إنه بيلقى جسّدها مرمي بأحد الأماكن المهجورة أو المظلمة
الفكرة اللي كانت تدور بباله بأنها كانت بين كفين ناس ما يخافون الله
أشياء تركت بصمتها بداخله .. وخلته يعيش لُوعة الفقد من جديد
وهو ماكان يقوى .. يكفي أمه ! فكرة إنه يفقد الشخص اللي بقى له من رِيحة أمه فكرة سببّت له الجنون لدرجة
نسى نفسه .. نسى كيف يعيش
ولوهلة من عانق كفوفها بكفوفه .. تسربّت الطمأنينة لروحه ورجع يتنفس الراحة !
رجع يلتفت لها بعدما تنهد وهو يمسك وجهها بين كفيّنه ويبتسم بهدوء : تطمني .. أنتي بخير وبتكونين بخير
والمكان الي كنتي فيه بإذن الله ماصابك منه ضرر بما إنك بكامل صحتك .. إنسي اللي صار وخلي يدينك بيديني وبإذن الله هالمرض بيعدي
هزت رأسها بالنفي وهي تبكي بضيق : مارح يعدي
زفر بقهر وهو يناظرها .. بقى شهور بليالها يترجاها تحن وتتعالج ولكنها كانت رافضة تماماً
ليه الحين بدأت تحس بخطورته ؟ رغم إنه من البداية هي تدري كيف بتعيش بمرارة مع مرض تجهل مصيره معها ؟
ولكنه سرعان ما أبتسم .. إبتسامته المعهودة معها واللي فقدتها .. حيييل فقدتها وهو ينطق بهدوء : ريحيّ بالك وأنا أخوك .. والحين دامك بخير يعني مامن خلاف .. ولاتنسين الدكتور قال هالحالة ما تجيك إلا لاصابك حزن .. علميني وش اللي صار يومنّك رجعتي لها ؟
تنهدت وهي تمسّح عيونها من خلف النِقاب .. وناظرته بهدوء لللحظة بقت تتأمل نظراته وإبتسامته وطريقة حكيه ولاشعورياً نست كل هم مر على قلبها قبل لحظات وأبتسمت ولكنها سرعان ما ناظرت نظرة سريعة لشكله : أنت اللي صابك الحزن
ضحك وهو يرجع يدينه خلف رأسه وقال بقهر : إي والله .. فكرة فقدك ما خلت بي عرق صاحي
نزلت عيونها لرجوله الحافِية .. وأنحنت بسرعة وهي تفسخ حذاءها ( أُكرم القارىء ) ووتركتها جنب رجوله وهي تقول : إلبسّها .. عسى كل شوكة غزِتك لي نصيب من وجعها وأنا أختك
عقد حواجبه وقال : خذيَها .. أنا أتوجع لأجلك ولكن أنتي ما يمسك ضر لأجلي
أبتسمت وهي تقول : لا تستخف فيني يا لافي .. مستعدة أشرب سم عشانك
ضحك بخفوت وهو يهز رأسه بإيجاب .. وأنحنى وهو يلبسها ولكنه قطّب حواجبه وهو يقول : نملة أنتي ؟ شوفي كيف حجمها على رجولي
أبتسمت بضحكة وهي تقول : أنت مكانك بمدائن صالح يا لافي مهب عندنا
هز رأسه بأسى ثم ضحك وهو ينحني وقال : يلا إركبي
ناظرت لظهره اللي أستقر أمامها وقالت بإحراج : ولكن النـ..
قاطعها وهو يقول : وقت صلاة يا دُجى .. محد برايق يتأمل بات ومن على ظهري
أبتسمت بضحكة وهي تنحني وتستقر بجسدها النحيل على ظهره العريض
وقالت بخفوت لما ثبتت يدينها على رقبته : هاه عسى ماني بثقيلة ؟
لافي اللي شد بيدينه على ظهرها : أبد والله لو إني حاملٍ ريشة على ظهري
سكت للحظات ثم قال بهدوء : هذا رد الديّن يا دُجى حملتيني على ظهرك ليالي طويلة وأنتي تنفضين حزني على ظهرك وعسى حزنك يكفيه ظهري وأنا أخوك
تجمعت الدموع بعيونها غصب عنها وتنهدت وهي تسند رأسها على ظهره وهوأبتسم بهدوء
-

وصلو لمشارِف بيتهم .. ولما إقتربو أكثر
ووضحت لهم الرؤية .. وقف لافي مكانه وهو
يتأمل جلوس أبوه على عتبة الباب ويدينه على فخذه وينقل نظراته للمكان وكأنه ينتظر قدوم أحد
وكأنه متلهف والخوف يلعب بقلبه لعب
شدت دُجى بيدينها على ملابس لافي وهو تنهد وأقترب ووقف قدام جُلوس أبوه
فز فهد من مكانه وهو يناظرهم بضيق وقهر
وقال بعصبية : وينكم ؟ ما تخافون الله أنتو ؟
لا إتصال لا رد لا خبر ؟ ماوراكم قلوب تخاف عليكم ؟؟؟
تنحنح لافي وقال : رحنا مكان ماكان فيه إتصال
ناظره بطرف عينه وقال : كنتو مع أهل الكهف ؟؟؟ وبعدين وش هالشكل .. تدحرجتو من جبل ؟ أحد ترصد لكم وأتعبكم ؟ وش هالحال وأنا أبوك
ضحك لافي بصدمة من نكتة أبوه الساخرة وناظره بهدوء وقال : تقريباً كنا عند أهل الكهف .. ولكن ما شربُونا قهوة ماودكم تعطونا نرتشف من قهوتكم ؟ وبعدين يايبة طحت طيحة على وجهي الله لايوريك تبهذّلت ملابسي وتكسرت بس عدت معليّك
كان يناظرهم بحدة وقلبه مشتحن بالقهر والغضب ولكنه من سمع ضحكة لافي أستقرت نبضاته المُضطربة وبدأ يناظره بهدوء .. وبإستنكار شديد !
تنحنح وكانت العصبية تأكل من ضلوعه .. كان يتوعدهم ويهدد لو يجون ليرويهم عقاب ماحضرهم أبداً .. كان متضايق إنهم يتخطونه ويتجاهلونه
وحلف مايمر هالضيق مرور الكرام عليهم !
ولكن من بدأ يتأملهم .. ضحكة لافي ، دُجى الي متمسكة بيدينها على عُنق أخوها .. شكلهم سوى
محى كل اللي كسّى قلبه كان متهلف ، يحترق شوق لأجل يرجعون على عهدهم اللي ينعرفون فيه
ما علق .. ما عصب .. ما نطق بحرف واحد
ولكنه دخل البيت وهو ينادي بأعلى صوته : معانني وأنا أخوك .. جهزي القهوة فيه ناس خاطرهم فيها
أبتسم لافي وقال : شفتي ؟ خليته ينسى إنه معصب في لحظات .. والله إني داهية
ضربت كتفه وهي تنط على الأرض سكتت للحظات وهي تقول : تكفى .. لاحد يدري باللي حصل ماود...
سُرعان ما قطّب حواجبه وقال : محد بيدري .. وعدت سنتين وأنا ملتزم الصمت ولكن ماني مستعد يتكرر الموقف من جديد .. هالخوف خذى مني عمر يا دجى .. ولا لك حق يتكرر
تنهدت وهو دخل البيت وتبعته


بينما وهاج التايّه كان يمشي بأرجاء المكان .. على أي وجهة قدم ؟ وعلى الخطوات خطى ماكان يدري
ولكنه مرتاح بعض الشيء وهالشيء اللي مخليه يعدي الموضوع .. توقفت خُطواته قدام محل "مقهى بنيّان " تنهد بضيق وهو يشد يدينه على أطراف شعره شِبيه غيَم الليل .. ماكان له مكان يتوجه له لذلك هالمكان كان وجهته .. كان خايف وكله قلق ورُعب .. الموقف الي حصل معه ماكان بسيطّ لأجل يعدي بسهولة !
-
تقدم بخطوات مُتتالية وهو يدخل للمقهى
وكالعادة بنيّان بعدما أنهى شغله فتح الراديُو على محطة الإذاعة اللي تضم بين ثناياها مُذيعة المفضل " بُرهان " والي كان بنظره شخص حيل مؤثر لدرجة ماكان يفوت عليه أي حلقة
رفع كأس الشاهي وهو يرتشف منه بخفة بينما دخل وهاج وهو ينقل نظراته للمكان
وقبل ما يكمل خطواته قال بنيّان : حيّا الله خوي الليل .. عسّى هالسواد بيستحلك ليالي طويلة ؟
عقد حواجبه بحدة وهاج من هالطاري .. والمنطوق اللي لعب بأوتار الضيق في قلبه وناظر لبنيّان الي رجع كوب الشاهي بهدوء !

ناظره وهاج بحِدة ونطق بصرامة وكأنه ينفي كلام بنيّان : إنتهى السواد يا بنيّان !
هز رأسه بنيّان بالنفي : ما أنتهى يا وهاج .. وأنت بنفس النقطة .. هذاك بنيت أساسك وصار لك مبنى بإسمك .. وبعدها ؟
ناظره بهدوء .. عكس الكتمة اللي أستحلته
وكأنه يرش الملح على الجرح .. وكأنه يدري إنه قبل لحظات يتصارع مع أفكاره .. لذلك ألتزم الصمت
بينما بنيّان ناظره بضيق .. كم دقائق مرت وهم سوى ؟ عشر .. عشرين دقيقة بالكثير !
كم من الوقت مر لأجل تتشكل هالرحمة الكبيرة بقلب بنيّان له ؟ الموضوع كان يحتاج للنقاش العميق معه
لذلك نظرات بنيَان كانت كفيلة بجعل وهاج ينسحب تدريجياً من المكان .. لأنه دائماً يكره نظرات الشفقة والرحمة ! فكيف بشخص قرأ وجعه من خلف نظراته!
ولكن قبل ينسحب تبادر لعُيونه كتاب .. بغلاف أزرق مُلفت جداً .. إقترب دون وعي منه وهو ينقل نظراته على إسم هذا الكتاب " لأنك الله " توقف للحظة وهو يتسائل عن محتوى هذا الكتاب .. ليس من مُحبي قراءة الكتب كثيراً .. ولكن هذا الكتاب كان يحمل طاقة شد عجيبة تركت وهاج ينشد له دون وعي منه .. أخذ الكتاب بين كفينه ورفعه لبنيّان : مو بوزن المية ألف ولكن شدني كثير .. ممكن أستعيره !
أبتسم بنيّان بطرف ثغره وقال : وأنت صادق .. مهب بوزنها يا الشمالي .. هذا يزن بالدنيا .. لا تستعيره خذه .. وخله صديق الليلة معك !
أستغرب كمية إعجاب بنيان بالكتاب لذلك أنشد له أكثر
فترك المكان بكل سرعة وركب سيارته .. وعلى طول أنسابت يدينه على ورقة .. تحمّل بين بياض صفحتها كلمات لم تُكتب فقط بحبر أسود .. بل بمشاعر من بين ثنايا قلب .. بدأ يقرأها وهو عاِقد حاجبيه .. ولكنه سُرعان ما آرتخت بشكل تدريجي وهو ينقل نظراته على الجُمل الي صُفت ورى بعضها والأهم أثار فضوله العُنوان " الدموع المبتسمة "
" لو قال لك أحد ملوك الدنيا : وكّلني في أن أنتزع حقك من فلان الظالم ، فقط وكّلني ، هل سُيراودك شك في أن حقك لن يصل إليك ؟ أنت تحتاج إلى توقيع من أحد معاوني الملك فقط حتى يجعل ذلك الظالم يُعيد إليك حقك وهو يرتجف ، فكيف إن كان التوقيع من الملك ؟ فكيف إن لم يكن توقيعاً بل قياماً بالمهمة من جهته ؟
الآن دع ذلك الملك ومعاونه ، وتأمّل :
( وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ )
لقد طاشت الآن كل صور الحاجات في نفسك ، أليس كذلك ؟
لم يعد للخوف وجود ، ولا لتردد مكان ولا للإحتمالات سبب !
الله سيحول جميع مشاكلك إلى حلول وكل آلامك إلى عافية وكل أحلامك إلى واقع وكل دموعك إلى إبتسامات "
داهمته كمية مشاعر عميقة جعلتها يغوص بشكل عميق في هذا الكتاب .. ماكان يقرأ الصفحات بشفتيه وعينيه فقط .. لااا كان يقرأ بروحه .. بقلبه يختزن كل كلمة يقرأها بصدره وكأنه يأخذها ذخيرة لأيامه القادمة وبعدما أنتهى من القراءة رفع عينيه لبنيّان اللي دق زُجاج السيارة بخفة قال بهُدوء : عسَاك ما تقول هالجُنوبي خذيت منه كم ريال من هالدنيا وبدأ يحشر نفسه بمسائل غير مير (ولكن) يا وسيع الصدر مانيّب شخص يشوف نار تحترق ولا يكون ماءها لأجل يطفيها !
إسمعني وأنا أخوك دامك جيتني بشدتك من بين ألف شخص يسكن هالحي وجبّ علي أقولك كلمتين تحطها بإذنك .. أنا شخص ما أدري بشخصك ولا بقصتك ولا بمعاناتك الي وصلتك للتعب ذا الي يبّان دون حكي ..ميّر إني ما أجهل هالأمور .. لذلك أقولك تعدّاها .. تعداها وكمل حيَاتك ولا بتمُوت بمكانك .. أنت شخص مازلت بالمكان الي كنت فيه .. حتى مع عزيمتك إنك بتتغير باقي بنفس مكانك .. ما تحركت شبر واحد
تحرك .. إدعس البنزين لأقصى سرعة .. مو قلت لك إسمك وهاج ! خل لك من إسمك نصيب
إترك هالسواد اللي يعتليك .. إسلك طريق الرشاد
وإخط الخطوة اللي أنت خايف منها ! لا تترك أحد غيرك يعبي فراغ غيابك .. كن بالمكان الي تستاهل تكون فيه !
رمش وهاج بإستغراب لكلامه .. لحضُوره وبنيّان أبتسم وربت على كتفه : وإسمع تراني أطبّخ ألذ بقلاوة بالجنوب كلها .. لاضاقت عليك الوسيعة تعال ولك مني شاهي يوسع صدرك وبقلاوة تحلي الضر الي مرك
أكمل آخر كلامه وحرر المكان من وقوفه ورجع للمحل .. من لما خرج وهاج من المقهى وحتى ركب سيارته وبقى يقرأ الكتاب بشغف كان يراقبه
ويراقب تصرفاته وهو مكتف يدينه .. هو فعلاً ماكان يدري بمعاناته .. بس ماكان قادر يخليه يبقى بنفس هالظلام .. لِذلك دله !
بوسط صالة بيّت " فهد " فرشة حمراء تتوسطه
وبوسطها دلة قهوة وحلى يحفها أصحاب هالبيّت
هالمرة كانت جلسة بعيدة تماماً عن الكلافة
كثر ماكانت جلسة كلها صدور رحبة .. رفع لافي رأسه ناحيه التلفزيون وهو يقول : من الي تارك التلفزيون على قناة أطفال .. بزران حنا عندكم؟
معاني الي كانت ليلة كاملة واقفة على شُوك من شدة خوفها على دُجى .. ولكن كل الي مصبّرها إن لافي معها وحولها لذلك إلتزمت الصمت لحتى حضُورو وقدرت تستعيد راحتها .. ضحكت بخفوت وقالت : توك كبرت الليلة يالافي
ناظرها بصدمة وقال : أفا يا عمة ... كذا الوضع ؟
هزت رأسها وهي تبتسم : أبد أمزح معك ياعيوني .. ولكن ما علمتنا وين رحت مع هالدجى؟
هز كتوفه بهدوء وقال : مكان ما
ناظرته بطرف عينها وهو أبتسم لها وقاطعهم فهد الي قال : خيّال وينها ؟
كشرت دجى : أكيد بأحد الروايات عايشة جوها !
وقفت خيال جنب الباب وناظرت لدُجى بطرف عينها وهي تقول : جيّت يا فهد
وعلى دخُولها وتقدمها بخطواتها .. إشتغلت إنشودة " جاء الفيل " بقناة الأطفال
عمَ الصمت للحظات بالغرفة .. ولكن سرعان ما تعالت ضحكات من كل إتجاه على شكل خيّال المفجوع من الصدفة الي دمّرتها وعلى الإنشودة الي أشتغلت بالوقت هذا بالذات
لافي الي أنحنى وهو يمسك بطنه بقوة من كثر الضحك اللي تبادر لثغره رفع رأسها وناظرها : عمة فيّلة .. والله ربي إن شاء الله بيدخلك الجنة عقب هالضحك اللي ضحكناه بسببك
أبتسمت مجاملة وهي تجلس جنب معاني وقالت : عاد لقيتو زلة تضحكون عليها !
ضحك لافي أكثر وقال : أي زلة ياعمة ؟ خافي ربك هذولا قاصدينك ومشخصّنين الموضوع معك
واضح رسالة من بين السطور .. خفي كرشك
ناظرته بطرف عينها وقالت : وزني وعاجبني وكرشي ببطني أنا مثقلين عليك بشيء ؟
عدل جلسته بضحكة وقال : لاوالله مثقلة على الأرض الي تدُوسينها .. والله تهتز وترتعش بخوف لامنك خطيت خطوة عليها
قبل ما تتكلم خيّال قال فهد : أقول ماودك تبلع لسانك
لافي أشر على عيونه وقال : أبشر طال عمرك .. نبلعه وإذا ودك نشويه شويّناه ، بس كأنك صفيت بصف البنات ضدي ؟ ما يكفي إن وحيدك
أبتسم فهد وأشر عليهم : إية نوقف معهم ونحطهم بعيوننا بعد .. ولا بسمح لشخص واحد يأذيهم
دُجى ناظرت له بهدوء وقالت : ولو كان هالشخص أنت ؟
إلتف السُكون حول المكان .. وتوالت نظرات قهر وضيق لدُجى اللي محت البسمة عن ثُغر أبوها
لافي الي تدارك الموضوع وكسّر هالسُكون بكلامه الي قال فيه : الله يالدِنيا .. شكلي أول شخص بنسحب من هالبيت !
-
أبتسمت معاني وقالت وهي تناظر لخيّال بضحكة : تذكرين أبوي .. يوم قالت له جدتي لما جاب نبّتة الصبار لأمي .. إن هالنبتة تأخر الزواج
ضحكت خيال وهزت رأسها بإية : راح يجيب نبّتتين لي ولك
معاني أشرت على فهد وهي تضحك : وفهد راح يجيب لبنته وحدة بعد
معاني ناظرت لفهد ثم نقلت أنظارها لُدجى الي أشغلت نفسها بفنجان القهوة : ورغم صغر سنها .. كان يقول " يارب ما ودي أقطع نصيّبها ولا أبي أدعي بشيء يضرها .. ولكن يارب هذي روحي ولاودي بشخص غير أبوها تكون حوله"
رفع أنظاره فهد بإمتنان لمعاني الي مازالت تتذكر مقولته في ذاك اليوم ولافي قال بسخط : عيييب .. والله العظيم عيب ! أنا في عائلة تقدس النساء وأنا راميني برى الخطوط مثل الغريب
ضحك فهد وربّت على كتفه وقال : قم بس
ناظره بإستغراب : لوين ؟ برى البيت ؟ أمزح معك يبه الله يصلحك تعال بس إجلس والله لأقدس النساء معك وأخليهم بعيوني
ضحكو كلهم على ردة فعله وفهد أردف بحماس : تعال نلعب كورة قدم .. خابِرك من زمان عنها !
فز لافي من مكانه وقال : والله إنك أجودييّ يا إستاذ فهد .. تعرف وش محتوى هالصدور مشيّنا نلعب
ولما بدؤو يلعبون وقفت دُجى للحظة من شدة حماسها وقبل تتكلم قال لافي بسرعة : ماشاء الله ناوية تتمردغين هالليلة ؟ ماكفاك الأرض الي عضيتيها بالليالي الي راحت
ناظرته بطرف عينها وقالت وهي تمشي له : لا تهايط .. تعرف إني أجيبها
ضحك لافي ودُجى قالت : يبة خلك حارس مرماي.. خلني أخليه يعض الأرض هالليلة !
أبتسم فهد على عجل وتوجه للمكان الي تركو فيه علامات للمرمى وقال : على خشمي يا دُجى .. والله وأنا أبوك ما تدخل كورة لهم وأنا حارسك
إلتفت لافي على خيّال وقال : أفا ياعمة خيَال تخليني لوحدي وهم يحتزمون ببعض
وقفت وهي تتجه لمرماه وفردت رجلينها وهي تطق الصدر : أفا عليك .. آخر رواياتي الي قريتها البطل كان حارس مرمى .. وتعلمت كم حركة منه
ضرب جبهته وقال : الله يستر أجل !

مرت دقائق طويلة على لعُبهم إنحنت دُجى على ركبها بتعب وهي تتنفس بصوت عالي
بينما لافي كان معصب ويناظر لخيّال بعصبية
وسط ضحكة فهد الي أستقام بطُوله جنب دُجى ومد لها كأس الموية وقال : لا ترمِي الخطأ على ظهر أختي .. لاتنسى إن مرماي ما خطت فيه خطوة لك
ناظره بقهر وقال : كله من أختك الفيلة .. لو محركة رجلينها كان هالي تضحك جنبك ما دخلت ولا قول فينا !
ضحكت دُجى أكثر بعدما أستقامت وقالت : لا تتحدى وأنت منت بقد التحدي .. بعض الهيّاط يودي بسواهي !
ناظرها بطرف عينه وهي أخذت الكأس من يد فهد الي أبتسّم وقال : وش رأيك بأبوك بس ؟ كفففو ولا
-
ردت له إبتسامة هادية وقالت : كفو ونص
طار قلب فهد من فرحته لما شاف إبتسامتها لها .. وأستغل الفرصة وبدأ يسولف معها ويحاول يليّن قلبها أكثر عليه بيّنما لافي كان مستقعد لخيّال ومعصب عليها : قول واحد ومشّيناها .. ثلاثة ونبلعها .. خمسة ياعمة ما تخافين الله
مشت وتركته وراها وهي تقول بضيق : تستاهل عساك ما فزت لا الحين ولا بعدين
ناظرها بقهر وقال : كله من شحومك الي على عظمك ياعمة .. أنا في رجاك تخففينها
رجعت تناظر له وهي تضحك وقالت : والله يا لافي بجيك وأجلس عليك .. وأخليك تنسم صدق
رجع على ورى بخوف وقال : لا دخيلك كنت أمزح معك
ضحكت أكثر ومشت وهي تجلس جنب معاني الي كانت جالسة تنقل نظراتها بينهم
ومن بين إنتهاء السوالف وإنسحاب الكل لِغرفته
دقت دُجى الباب على باب غرفة معاني .. وبعدما أُذن لها تسّللت بالدخول بكل خفة إستقرت جنب معاني الي كانت جالسة قدام ماكينة الخياطة
ومدت لها دمُية ممزُوع أحد أطرافها وقالت : لي رجاء عندك .. تقدرين تعدليّنها دُون ما تبان آثار هالتعديل فيها ؟
ناظرت معاني للي بين يدين دُجى وأستغربت : من اللي ضيّع الطفولة من هاللعبة ؟
دُجى تذكرت إنها لقتها بالمكان الي كان وهَاج جالس فيه .. وأخذتها بشنطتها لما لقتها مقطوعة
مافكرت بالسبب ولا تركت فرصها لعقلها يترجم سببّ إقدامها على هالشيء .. أخذتها ودخلتها بشنطتها على عجل : أكيد أحد الأطفال ياعمة .. ما قلتي لي يمديك ؟
أخذتها من يدينها وهي تهز رأسها بإيجاب وقالت : لا تنِسين إني أمر بدون أثر يبّين أي وجع
أبتسمت وقربت وهي تبُوس خدها وقالت : عسّى ما يمرك وجع أبداً !
هزت رأسها بإمتنان ودُجى تركت المكان ورجعت لغرفتها

وعلى أعتاب غُرفة ما تبعد أمتار طويلة .. كانت مُتعمقة بالبكاء وبشدة !
قابِعة خلف باب غرفتها .. ويدينها على فمها تبكي بنحيب شديد .. كانت تعد الثواني الطويلة حتى تختلي بنفسها وتنتشل روحها من بينهم حتى تبقى وحيَدة وتفرغ كلماتهم الجارحة لها اليوم عبر سيل من الدموع اللي مارح ينقطع حتى بُزوغ الفجر !
كانت تُرمى لها الجمل الي مملوءة بالكم الهائل من السخرية والإستهزاء وكأنها نكتة .. تقابلها بضحكة
ترسم على ثغرها إبتسامة باردة وكأن لديّها حصُون منيعة تصد هالكلمات عنها .. وتمنع أن تنغرس بكل حدة بين ثنايا قلبها
بيّنما هذه الحصون كانت عبارة عن كذبة تختلقها وترسم بها ضحكة كي لا تنثر وجعها أمامهم
ليسّت ليلة واحد فحسب التي مرت وهي ترتشف من الوجع الشيء الكثير ..

ليالي طويلة تبكي بشدة بسبب كلمات قد يعتبرها البعض عابرة أو بسيطة
أو إبداي رأي لابد منه .. بينما هي عبارة عن سكِين حاد تنغرِس بشدة في الصُدور وعندما يصبّح الشخص وحيد تسحب هذه السكين وبشدة وينتشر وجع سحبّها الشديد على جميع أنحاء الجسَد
لتُترجم على شكل " دُموع" و " شهقات " لا تنتهي حتى ينتهي هذا اليوم
أخذت نفس شدِيد وهي تسمع صوت آذان الفجر يرن بأرجاء المكان .. ووقفت وهي تناظر لنفسها بالمراية لتقاسيم وجهها لعينيها الي ذبُلت من شدة البكاء .. رسمت إبتسامة بسيطة على ثغرها وقالت : لابأس يا خيال.. عدّت هالليلة لا تبكين أكثر
تنهدت بعمُق وهي تتوضأ وتستقبل القبلة .. وبعدما أنتهت من صلاتها غطّت بنوم عميق على السجادة دون وعي منها..
-
-
وفي وسّط مسجد الحي .. كانت الأنظار مُتوجهة تماماً نحو " وهّاج "
ماكانت لِشخصه كثر ماكانت لعائلته .. وكأنهم يرثُون أهله بعيونهم
أغلب الحاضرين كانت شرهتهم كِبيرة عليه
ومازالو يلقبُونه بلقبه الشنِيع لأنهم بعيونه شخص ترك عائلته بأسود لياليّهم وهرب !
بينما هو ماكان مهتم لها أبداً .. كان جالس ينتظر إقامة الصلاة
رفع رأسه لما سمِع صوت الإمام يُقيم وإعتدل بوقفته وهو يستقيم لأداء هذه الصلاة .. وهو عازِم تماماً أن أداءها هالمرة بيكون بقلبه قبل جوارحه
لأنه تأمل النص الي حرك فيه مشاعر مو قليلة أبداً " كُن ساجداً بقلبك وإن رفعت رأسك قل بنبضاتك : سبَحان ربي الأعلى وإن كنت ضاحك الثغر إهمس بشرايينك : ياجابر المُنكسرين إجبّر كسري ثم تأمل في المعجزة وهي تِشكل روحك من جديد "
قد يكون هذا النص بمثابة نص عادي للبعض بينما وهاج كان يعتبر هذا النص نقطة التحول .. لأن بنظره إلتفاتته للكتاب ماكانت حدث عابر
كثر ماكانت حدث بيغير مجرى حياته
إنتهى من صلاته ! وكل جوارحه تنتثر منها السكينة
وخرج بخطوات ثابتة من المسجد .. وأول فعل أقبّل عليه كان إنحاءه لدرجة السيارة الأمامي
توقف أمامه للحظة .. ما تجرأ يفتحه أبداً وقت طوييل
فبعدما ترك فيه العلبة الي تِحتوي " السِبحة " كان يتحاشى حتى النظر له
بينما في هذه اللحظة تناسى تماماً جميع ما قد يخطر لباله
وفتحه بثُبات تام .. تناول العلبة بين كفيّنه
وفتحها بحرص شديد
نقل نظراته على العُلبة الي تحتوي على آثار شُعاع على حياته .. وهالمرة تنهييدته العميقة إنتهت بنفس شديد الراحة
لم تتلاشى الغصّات .. ولكن هالتنهيدة لقت منفذ للخلاص من بين هالكم الهائل من الغصّات
أخذها بين كفينه ثم مرر أصابعه على حبّاتها ولما وصل لإسمه أبتسم بخفوت
وأيقن إن كلام بنيّان كان الشيء الصح ..

ماكان محتاج شخص يكلمه بأسلوب مُوجع وهو يُلقي عليه سيئات أفعاله ولا شخص يخرج أسوء مافي شخصيته .. ولاحتى شخص يتحداه بمجرى حياته
كان محتاج شخص يدله على الطريق الصحيح بالشكل اللي بينهي كل مُعتقدات خاطئة بقلب وهاج
إستقر بسيارته قدام باب بيتهم .. ونزل بخطوات ممُرتجفة ولكن يكسوها الإصرار
وقف قدام الباب بتردد للحظة .. ولكنه سرعان ما رفع يده ودق الباب وكأنه يتجاهل كل مشاعر الخوف الي بقلبه
وأول ما أنفتح الباب نزل عيونه للأرض وهو يناظر لشخص الي فتح له
غصن شهقت وهي تحط يدينها على فمها : خال وهاج
وبعدما تداركت شهقتها ضربت فخذه بطُفولية وقالت : وييينك
سكت للحظات وهو شاد على قبّضة يده بكل قوته وكأنه يحاول يدفع كل مشاعره السيئة بعيد عنه وكل خلية بقلبه تردد " لو ترددت بتعيش بالسّواد طول حياتك الباقية "
لذلك أنحنى وجلس قدامها وهو يبتسم : ليه صاحية من الشروق ؟
أبتسمت غصن وقالت : عشان أودّع خال كايد .. دايم إذا راح المدرسة الصباح أسلم عليه
أبتسم وهز رأسه وهي قربت وقالت : تعال ودعّه معي
هز رأسه بإيجاب وهو يأخذها بين ذراعينه .. إرتجفت أجزاء جسده وهي تلف يدينها على عنقه وتتشبّث فيه .. بلع ريقه بصعوبة ولكنه أكمل طريقه .. بيكمله لو نهايته بيمُوت من قوة مشاعره الحزينة
وقف بنص الحُوش .. وهو يشوف كايّد جالس يفطر وأمه جنبه
واالي سرعان ما ألتفتو له بإستنكار شديد .. أو بالأحرى بصدمة وهم يناظرون لهم بذهول
جلس قدامهم وأستقرت غُصن بحضنه وهي مبتسمة بفرحة من وجوده
بينما كايد كان يرمش بعدم إستيعاب .. بعد آخر موقف له مع وهاج كان يظنه بيترك المكان كعادته .. ولكن وقوفه باللحظة ذي قدامه دمر إعتقاداته
نطَق وهاج بهُدوء وقال : من المكان اللي أنتشر به حزني على الأرض .. قررت ألم الفرح فيه
أنا هنا .. اليوم وبكرة والأيام الجاية كلها
أنا هنا وببقى هنا وبكمل حياتي هنا
صحيح ماني بحاجة سند .. ولكني أسندكم وأسندّ نفسي ولا أهتز .. ولا حتى مشاعر عتاب ودمعة قهر بتقدر تخليني أبتعد عنكم من جدِيد .. أنا حلمي ماكان له أساس لأني بعيد من هنا
ولكني ببنيّه بالمكان الي أنهد فيه
ببنيه بأرضي أنا .. ويا أنا يا الذكريات الموجعة
واحد مننا بس بينتصر
-

إنتهى


شهرزاد 2000 likes this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:37 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.