15-02-21, 11:06 PM | #1564 | ||||
كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء
| مشهد عيد الحب وقفت في حمامها الأنيق أمام المرآة تضع الكريمات الخاصة بروتينها اليومي الذي تحرص عليه قبل النوم ليلاً وعند استيقاظها صباحاً تحسست ببنصرها الخطوط الرفيعة تحت عينيها والتي تضع لها منتج عناية خاص بتجاعيد العينين... ولكنها لم يعد لديها الهلع الذي كان يصيبها قديما ... لاح على وجهها شبح ابتسامة فالأمر لم يعد مثير للاهتمام كالسابق... هي فقط تهتم بنفسها لأن هذه عادتها فهي من نوعية النساء التي حين تراها في أي وقت تشعر أنها للتو خرجت من تحت يد خبير تجميل أتقن عمله بمهارة .... هذه عادتها والعادات لا تتغير حتى لو غيرنا مفاهيمنا وأفكارنا شعرت بجسد صغير يمر من خلفها لتجد الصغيرة تقف فوق الكرسي الصغير خلفها وما أن وقفت حتى بدت أمامها في المرآة بوجهها الصافي الجميل وملامحها الطفولية البريئة ثم قالت بطلاقة لسانها المعهودة:"ماذا تفعلين مامي؟." أردفت أماني قائلة وهي لا تزال ترطب وجهها وتحرك أناملها حركات دائرية متقنة:"أرطب وجهي حبيبتي ككل مساء.." "متى سأستخدم مثلك هذه الأشياء؟..." قهقهت أماني ضاحكة وقالت لها:"بعد عمر طويل ياعمري... ثم أردفت وهي تنظر إلى وجهها البرىء عبر المرآة:أنتِ بشرتك جميلة هكذا ولا تحتاجين لأي شىء.." "سمعت عبر التلفاز منذ قليل أن في الغد هناك احتفالاً بعيد الحب ماهو عيد الحب هذا مامي ماذا يفعل الناس فيه؟..." قالتها الصغيرة ببراءة وهي تنظر إلى أماني نظرات مٌتسائلة فأردفت قائلة وهي تستدير لها لتواجهها وتضع كفيها على كتفي الصغيرة:"عيد الحب حبيبتي لكل الناس هو دعوة لأن نحب بعضنا والناس فيه يتبادلون كلمات جميلة ويتهادون بهدايا رقيقة..." قالت الصغيرة بفطنة ربما أكبر قليلاً من سنها:" ولكنني أحبك وأحب بابي في كل الأيام ... لما الدعوة لأن نحب بعضنا يوما واحدا فقط؟.." رفعت أماني حاجبيها ولم تعرف بماذا ترد فما كان منها إلا أن حملت الصغيرة بين ذراعيها ودلفت إلى الداخل لتبحث عن رائف فوجدته جالساً يشاهد إحدى القنوات الإخبارية فوضعت الصغيرة بجواره وجلست هي بجوارها من الجهة الأخرى قائلة وهي تنظر إليه نظرة مستنجدة:"موني تسألني لما يوجد يوم لعيد الحب ألسنا نحب بعضنا دائما ؟.." ابتسم رائف على هيئة أماني المستنجدة وهي لا تعرف كيف ترد على الصغيرة فأردف وعينيه تبتسمان لمالكة قلبه ابتسامة حلوة ثم يوجه نظره للفتاة :"نحن حبيبتي نحب بعضنا طوال الأيام ولكن حين نكبر وتزداد الأعباء والمسئوليات فوق عاتقنا ربما ننسى في زحمة الحياة أن نقول لمن نحب أننا نحبه لذلك في هذا اليوم كل من نسى أن يقول لحبيب له أنه يحبه أو لم يحضر له هدية في وقت قريب يفعل ذلك تماما ك-يوم عيد الأم المفترض أننا نهادي الأم من غير موعد ولكن في عيد الأم في شهر مارس يكون تذكير لكل من نسى وكل من شغلته الحياة..." كانت الصغيرة تنظر إليه وعينيها متسعتين كبحر واسع هادىء الأمواج وبعد أن أنهى كلماته ظلت تنظر إليه ولكن عينيها كانت تتحرك يمينا ويساراً علامة على التفكير واحترم رائف وأماني صمتها هذا إلى أن قالت بهدوء:"فعلاً في زحمة الحياة ننسى أن نقول لمن نحب أننا نحبه وربما ننسى أيضا زيارته..ثم استدارت إلى أماني قائلة بعينين غامتا بالحزن :أنا من يوم أن تركت الدار وأنا لم أزر اخوتي هناك ...صمتت قليلاً ثم أردفت بشرود :ونسيت أن أقول ل-أختي التي كانت تنام بجواري أنني أحبها هي كانت أكثر أخت قريبة لي..." نظرت أماني إلى رائف بعينين جامدتين فرأت في عينيه نظرة شفقة على الفتاة... هذه الفتاة دائما كلماتها تصيبهما بهذه الحالة كانت متعلقة بالشدة بأطفال الدار ورغم أن حاجتها الأكبر كانت لبيتٍ مستقل وحضن أب وأم حقيقيين إلا أنها لم تنسى اخوتها في الدار ولم تطلب منذ أن استقرت معهما أن تعود لزيارتهم ولم ينتبها هما إلى ذلك فأردف رائف متسائلاً:"هل تريدين زيارتهم؟.." أردفت أمنية بسرعة ولهفة:"نعم... هل من الممكن أن أقضي معهم يوم عيد الحب وأقول لهم أنني أحبهم كثيرا؟.." أردف رائف دون أن ينظر إلى أماني:"طبعا حبيبتي... نذهب غدا بإذن الله وتقضين اليوم معهم.." اتسعت ابتسامتها وهي تتعلق بعنقه وتغمره بحضنٍ صادق فضمها إليه بعاطفة أبوية صادقة لم يشعر يوما أنه بحاجة ماسة إليها ... ولكنها نمت منذ وجود هذا الملاك الصغير في المنزل... ابتسمت أماني بحب وهي تراه يحتضنها هكذا وقد تعلق بها وهو الذي كان يعارض الأمر كله من البداية ... ******************* دلف إلى منزله بعد أن فتح باب الشقة بمفتاحه وهو يشعر بإرهاقٍ شديد فاليوم كان طويلاً ملىء بالعمل لأنه دمج كل كشوفات وعمليات اليوم مع يوم غد حيث سيأخذ يوم غد اجازة وما أن أغلق الباب خلفه حتى شعر بأحد خلفه فالتفت ليجده الصغير يحبو ببطء خارجا من المطبخ ويتجه نحوه فضاع تعب اليوم كله في ثانية واحدة وهو يشعر بقلبه يختلج بين ضلوعه ففتح ذراعيه وهو يجلس على ركبتيه وما أن وصل الصغير إليه حتى احتضنه بين ذراعيه بشوق كبير وعاطفة أبوية نمت من قبل أن يراه نمت حين تمناه ذات يوم ودعى الله أن يرزقه به خرجت فريدة من المطبخ وهي تجفف يديها بالمنشفة قائلة بابتسامة حلوة:"تيمور" واتسعت ابتسامتها حين رأته يجثو على ركبتيه يحتضن الصغير فوضع الصغير وجنته على وجنة والده بحركة لا إرادية لينظر إلى أمه التي سمع صوتها فكانت أمام فريدة الصورة الأروع على الإطلاق .... الرجل الذي تحبه وتعشق ملامحه يلتصق به قطعة غالية منهما معا والجميل أن هذه القطعة بنفس الملامح التي تعشقها فمن ينظر إلى فؤاد الصغير بجوار تيمور لا يساوره شك في أنهما أب وابنه... الملامح متطابقة ولكن على أصغر... لون العسل الذائب في عينيهما متماثل ودرجة لون الشعر البني الداكن استقام تيمور واقفا وهو لايزال يحتضن الصغير وتقدمت منه فريدة فأحاط خصرها بذراعه الحر وقبل جبهتها قبلة رقيقة قائلاً:"حبيبتي.." ابتعدت عنه قليلاً وهي تنظر للصغير قائلة:"لقد هرب من أمامي ما أن سمع صوت المفتاح في الباب..." ابتسم تيمور وهو يقبل وجنة فؤاد قائلاً بحنان:"حبيب أباه هو..." مدت يديها لتأخذ الصغير قائلة:"اعطني اياه حتى تأخذ حماماً لتأكل ثم مسدت على ذراعه قائلة:لم تأكل حبيبي طوال اليوم..." لم يترك فؤاد والده بل تمسك بقميصه في حين قال تيمور وهو يتقدم للداخل وهي بجواره:"متعب جداً فريدة أكلت ساندويتشات في المستشفى أريد فقط أن أنام..." قالت له باستفهام:"لا أعرف لما دمجت اليومين معا هكذا؟.." قال لها بابتسامة مرهقة:"ستعلمين في الغد بإذن الله ...فقط أنام وفي الصباح ستعرفين كل شىء....ثم أردف وهو ينظر حوله في حجرة المعيشة الخالية:أين الجميع لا أظنهم ناموا مبكراً هكذا...." قالت له :"أبي وطنط عايدة بالفعل خلدا للنوم منذ قليل وسهر وسمر وشمس في غرفتهم يجلسن معا قليلا بعد أن انتهوا من مذاكرتهم وشروق وعبدالرحمن في غرفة المعيشة يشاهدان درساً مباشرا للكيمياء يحاولان استيعابه جيدا ثم أردفت ضاحكة:وشيري تجلس معهم تارة ثم تدخل لتجلس مع البنات تارة أخرى " ابتسم تيمور وقال لها :"حسنا سأتفقدهم قبل أن أنام..." أحكمت يديها حول ذراعه قائلة بنبرة مٌغرية:" وأنا من قضيت اليوم أقوم بعمل الأكلات التي تحبها..." أحاط كتفيها بذراعه قائلاً:"رغما عني حبيبتي ثم أردف متسائلاً وهو يضيق عينيه :ماذا طبختي اليوم ؟" أردفت وهي تحيط خصره بذراعيها وترفع وجهها إليه وعينيها تلمعان بالتسلية:"حمام ... ورقاق ... وورق عنب..." ارتفع حاجبيه واتسعت عينيه قائلاً:"مسلسل الإغراءات هذا سيستمر كل يوم؟.." قهقهت ضاحكة وهي تستند على كتفه قائلة:"وماذا فعلت أنا لكل هذا؟.." قال لها بابتسامة مُشاكسة والصغير يلعب بيديه في ذقنه :"كل يوم اغراء من نوع مختلف..." ابتسمت بخجل وهي تلتقط ما يرمي إليه ولم ترد فقال لها وهو يعطيها فؤاد ويغمز لها بعينه :"سآخذ حماما سريعا وأعود لأتذوق الطعام ...ثم تذكر فأردف وهو يتجه جهة الشقة الأخرى :سأطمئن على الأولاد أولاً.." طرق باب حجرة البنات فأردفت شمس قائلة:"تفضل..." فتح الباب ليجدها تجلس على سريرها وبجوارها سمر وسهر فقال بابتسامة حلوة رغم ارهاقها:"بناتي الحبيبات كيف حالهن اليوم ؟.." استقمن جميعا ما أن وصل إليهن متمتمات بالحمد لله فقبل رؤوسهن جميعا ثم أردف:"كيف حال دراستكن ؟ .." قالت سهر وشمس في وقت واحد:"بخير الحمد لله...." بينما قالت سمر بضجر:"صراحة مللت من الدراسة المتواصلة..." ضحك قائلاً:"أنتِ تملين من بداية الدراسة سمر .." غمغمت قائلة بإقرار:"فعلا ..." فقالت سهر:"لا تقلق أنكل تذاكر غصبا واقتدارا ولكننا نرتاح قليلا..." فقال تيمور وهو يربت فوق رأسها:"اطمئن حبيبتي وأثق بكن ...ثم قال لهن: هل تناولتم طعامكن؟.." رد الثلاثي في وقتٍ واحد:"نعم ..." تركهم وخرج إلى غرفة المعيشة فوجد شروق وعبدالرحمن كل منهما يجلس على مقعد بجوار الآخر ويتابعان الحصة المباشرة على الانترنت فرفع كل منهما يده بالسلام في صمت فرفع يده هو الآخر لهما مٌحييا بصمت وابتسامة مُشجعة بينما اتجهت نحوه شيري التي كانت تجلس على الأريكة أمامهما لا تفعل شىء فاحتضنها قائلاً بصوت منخفض:"ماذا تفعلين حبيبتي؟..." قالت له وهي تمط شفتيها:"لاشىء أقسم وقتي بين فؤاد والباقيين أجلس مع كل مجموعة قليلاً... ثم أردفت بضيق :أشعر بالملل والجميع منشغلون عني...." ابتسم لها قائلا بحب وهو يضمها إليه :"سآخذ حماما سريعا وأعود إليكِ نجلس معا قليلاً" قالت له بعد أن قبلت وجنته القريبة منها:"حسنا...." تركها بعد أن اطمئن على الجميع بما فيهم خالته ووالده هو دائما يحب أن يطمئن بنفسه على سير كل شىء ،لا يغفل كون عبدالرحمن والبنات جميعهم في مرحلة مُراهقة وقد تحدث مع بناته على انفراد من قبل أن عبدالرحمن في حكم شقيقهم ولكنه في الحقيقة ليس كذلك ونبههن إلى كيفية التعامل بشكل لائق،ووضح لهن الفرق بين المعاملة التلقائية العفوية والإفراط والتهاون ،وضح لهن أنهن اناث وأي شاب أيا كان درجة قربه يجب التعامل معه بقدر من الحرص ،ورغم أنه يثق في بناته وعبدالرحمن ولكنه لم يحب أن يترك مجالاً لحدوث أي شىء كانت فريدة قد أعدت المائدة في المطبخ بما أنها هي وهو فقط من سيأكلان حين وجدته يدخل عليها وقد بدل ملابسه وأخذ حمامه وارتدى منامة مريحة وهو يشعر أنه سيتساقط تعباً ولكنه ما أن نظر إلى الطعام الشهي حتى استعاد بعض طاقته قائلاً:"الرائحة رائعة..." ابتسمت وهي تجلس بجواره وصغيرها في حجرها قائلة:"انتظرتك لنأكل معا.." ابتسم لها قائلاً وهو يضع اصبع ورق عنب في فمه :"هيا حبيبتي قبل أن أنسف الطعام كله..." نظرت إليه نظرة حانية و شعورا بالسعادة لا زال يلازمها حين يمدح طعامها ويأكله بشهية هكذا دلفت شيري إلى المطبخ وما أن رأها فؤاد حتى أخذ يتحرك فوق ساقي أمه لينزل لها فقالت بسعادة:"تريدني حبيبي تعال ..."ومدت يديها لتأخذه فقالت لها فريدة:"ألا تريدين أن تأكلي قبل النوم ياشيري؟.." قالت لها باستنكار:"ثانية؟ لا أستطيع طبعا....ثم أردفت :سآخذه إلى أن تأكلا ..." وبالفعل أخذته وهو يتشبث بها فرحا وما أن دلفت حجرة شمس حتى وجدتهن يشغلن أغنية شبابية حديثة فانضمت لهن ووضعت فؤاد على السرير بجوارهن وهو يكاد يقفز من مكانه على صوت نغمات الموسيقى بعد فترة كان تيمور متمدداً في فراشه يشعر بإرهاق اليوم كله حين خرجت فريدة من الحمام وهي تحمل الصغير الذي حممته للتو وألبسته منامة قطنية مريحة وكان يبدو النوم في عينيه هو الآخر وما أن وضعته في الفراش حتى حبى حيث والده فأخذه تيمور في حضنه ونامت فريدة بجوار الصغير من الجهة الأخرى بعد أن اطمأنت أن جميع الأولاد ناموا في غرفهم فقالت له بتساؤل:"ماذا سنفعل في الغد بما أنه اجازة؟.." قال لها وهو يرفع حاجبيه :"اطلقي لخيالك العنان حتى الغد.." قالت له بفضول:"يبدو أنك بالفعل تنوي على شىء قل لي الآن..." قال لها وهو يضم الصغير الذي غفى بين يديه ويبسط يده فيضع كفه أسفل وجنتها :"في الصباح ستعرفين..." ثم أسبل جفنيه ليستسلم للنوم مباشرة فأسبلت جفنيها هي الأخرى وهي تطلق لخيالها العنان بالفعل للسبب الذي جعله يرهق نفسه طوال اليوم لياخذ غدا اجازة ونامت بالفعل وعقلها يصور لها أشياء عديدة ******************** صباح اليوم التالي توقفت سيارة رائف أمام دار الأيتام فنزلت منها أماني وفتحت الباب الخلفي للسيارة حيث تجلس الصغيرة وحولها الهدايا التي أحضرتها لاخوتها ... نزلت الصغيرة بحماس وقالت لأماني بسعادة:"أنا سأحمل الهدايا لهم..." فقالت لها أماني:"ثقيلة عليكِ حبيبتي..." فأردف رائف وهو يُقدر مشاعر الصغيرة ودوافعها :"اتركيها أماني تحمل بعض الهدايا..." تركتها بالفعل وحملت هي الباقي بينما حمل رائف قوالب الحلوى في حديقة الدار الواسعة اجتمع جميع الأطفال مع المشرفات للاحتفال بيوم عيد الحب كما أرادت أمنية تماما وبعد أن صافحت الصغيرة الجميع جلست بجوار صديقتها حياة التي تقاربها عمرا تقريبا أو أكبر منها بأشهر قليلة ،صغيرة مثلها ملامحها ملائكية فقالت أمنية لها بمشاعر صادقة بالفطرة:"اشتقت إليكِ جدا..." قالت لها حياة بصوت يبدو فيه الحزن :"ولكنكِ منذ تركتينا لم تأتي ولا مرة ..." قالت لها أمنية :"أنتِ مٌحِقة لا أعرف لماذا لم أطلب من أمي وأبي ذلك... ثم ربتت على كتفها قائلة بابتسامة صغيرة:ولكني أعِدك سأطلب منهما فيما بعد..." "هيا يا موني لتعطي اخوتك هداياهم...." قالتها أماني فاستقامت أمنية ومدت يدها لحياة قائلة:"تعالي لتشاهدي ماذا أحضرنا لكم ..." قامت الصغيرتان معا واجتمع جميع الأطفال حول الهدايا وأماني وأمنية توزعان على الجميع الهدايا أما رائف فكان يقف بعيدا نسبيا يشاهد فرحة أماني وهي بين الأطفال ،يرى فرحة حقيقية وهي تٌدخل السرور على نفوس هؤلاء الأطفال وبعد أن أخذ كل طفل هديته وضعت المشرفات الكعكات التي كانت كلها بشكل واحد على شكل قلب أبيض كبير وفي المنتصف قلب أحمر صغير كانت أمنية تشعر بالانطلاق بين اخوتها وكأنها لم تتركهم يوما وكانت أماني تنظر إليها بسعادة وهي تراها تجري وتلعب بينهم ربما تحتاج الصغيرة إلى اهتمام أب وأم حقيقيين والحياة في جو أسري ولكنها أيضا تحتاج للتواجد من وقت للآخر بين اخوتها التي تربت معهم هكذا قررت أماني وهي تقف بجوار رائف يتابعان الأطفال في صمت وكل منهما على شفتيه ابتسامة وهي تحيط ذراعه بكفيها إلى أن قال لها وهو يميل على أذنها:"ألا يكفي هذا الوقت؟..." قالت له وهي ترفع وجهها نحوه:"حسنا حبيبي..." ولم يمر وقت طويل حتى كانت أمنية انتهت من مصافحة اخوتها ومشرفات الدار وكانت تسير بين رائف وأماني تمسك يد كل منهما بثقة ومن خلفها الكثير من العيون الصغيرة التي تتابعها مودعة ماعدا عينان صغيرتان كانتا تودعانها بغيامة حزن متمنية لو كان بإمكانها الذهاب معهم والحياة في كنف أب وأم مثلهما ،متمنية أن تشارك أمنية الغرفة الجميلة التي حكت لها عنها منذ قليل وما أن غابت أمنية ووالديها عن عينيها حتى فاضتا تلك العينان بالدموع .... دموع حياة ******************* في إحدى قاعات كلية التجارة اجتمعت لجنة المناقشة لرسالة الدكتوراه المقدمة من الباحثة نسمة ابراهيم الدسوقي وبعد مناقشة الباحثة مناقشة مطولة واجتماع اللجنة جاءت لحظة نطق اللجنة بقرارها كانت نسمة تقف في المكان المخصص لوقوف الباحثين وكانت لجنة المناقشة مكونة من كبار الأساتذة والقاعة كانت ممتلئة بزملاءها وفي الصف الأول كان والدها ووالدتها وعمر وعبدالله الذي كان يحمل محمد على ذراعه ويحيط ظهره بذراعه الآخر كأنه يحمل كنزاً ثميناً كانت تشعر في هذه اللحظة بالرهبة من قرار اللجنة وكانت تنظر إلى عبدالله فيمدها بالدعم اللازم بنظرة عينيه اللتين تبثان بداخلها الثقة إلى أن نطق أخيراً مشرف اللجنة باعطاء الباحثة درجة الدكتوراه ،وما أن سمعت نسمة القرار حتى شعرت بنفسها تتنفس وقد توقفت أنفاسها في الثواني القليلة الماضية وضجت القاعة بالتصفيق الحار وهي لا تزال تقف مكانها لا تشعر بقدميها ولا تعرف ماذ تفعل إلى أن أشار لها عبدالله بعينيه أن تذهب لمصافحة أعضاء اللجنة فتقدمت بالفعل منهم وصافحتهم جميعا وهي تهمهم بكلمات الشكر بأنفاس لاهثة وبعدها وجدت عبدالله يتقدم منها وما أن وصل إليها حتى جذبها ليضمها قائلاً في أذنها بفرحة حقيقية:"مبارك لكِ حبيبتي قلت لكِ أنكِ ستفعلينها..." كان يضمها بذراعه وبذراعه الآخر يحمل الصغير الذي ما أن رأى والده يضمها حتى رفع ذراعه الصغير ووضعه على كتفها بحركة عفوية وما أن شعرت بحركته حتى شعرت بفيض من مشاعر جميلة تجتاحها تلك اللحظة التي تشعر فيها أنك ملكت كل شىء تمنيته يوما الحبيب الذي كان وصاله ضربا من ضروب المستحيل الطفل الذي تمنته يوما في نفسها وهي تدرك أنه لن يكون لها الدرجة العلمية التي لم تكن تحلم بها يوما حين كانت تحمل مؤهلا متوسطا انتزعها من أفكارها صوت عُمر الذي اقترب منها واحتضنها بدوره مٌقبلا رأسها قائلاً:"مبارك عليكي حبيبتي لقد فعلتيها..." قالت له بسعادة:"حمدا لله ..." وبعده والدها الذي احتضنها بقوة قائلاً بجوار أذنها بصوت متهدج :"مبارك عليكِ حبيبيتي استحقيتيها عن جدارة..." وما أن ابتعد والدها حتى احتضنتها والدتها مقبلة إياها من وجنتيها متمتمة بكلمات المباركة وهي تشعر بالفخر الحقيقي بها بعد قليل وبعد أن انتهت المباركات من الأهل والأصدقاء حملت نسمة طفلها واستقلت السيارة مع عبدالله بينما استقل إبراهيم وكريمة السيارة مع عمر وبعد أن انطلق عبدالله بالسيارة أخذت محمد في حضنها وكان يحتاج إلى النوم فاستندت برأسها على ظهر المقعد تغمض عينيها مسترخية وهي تشعر كأن حملا قد انزاح عن كاهلها فأردف عبدالله وابتسامة حلوة ترتسم على شفتيه :"مبارك حبيبتي ...بعد قليل ستشاهدين هديتي لكِ بهذه المناسبة ...." ابتسمت وهي تفتح عينيها قائلة:"مافعلته معي وماتحملته طوال الأشهر الماضية هديتي الحقيقية..." أخذهما الحديث إلى أن وصلا إلى البيت وبعد أن صف عبدالله السيارة وصعدا معا السلم توقف هو عند الشقة التي استأجرها من صاحب البناية قبل معرفته بحملها لتقوم بفتح مكتب المحاسبة بها ولكن بعد معرفة خبر الحمل العزيز الذي جاء بعد سنوات وسنوات من الانتظار أصر أن ترتاح ولا تبذل أي مجهود وأعاد الشقة لصاحبها ليؤجرها بالفعل وبعدها انشغلت هي بالصغير وانهاء رسالة الدكتوراه قالت له متسائلة:"لماذا تقف هنا؟..." ابتسم عبدالله قائلاً:"اعترف بأن هذا المشهد مكرر ولكن هذه المرة بشكل مختلف..."ثم أعقب كلماته بأن فتح الشقة بمفتاح في ميداليته وسط نظرات نسمة المتعجبة فإذا بها تجد ما أن فتح الشقة أن صالتها مفروشة بالفعل وبها مكتب أنيق وتبدو كاستقبال ،جذبها من يدها وهي تنظر حولها بدهشة وفتح لها باب غرفة من الغرف المغلقة لتجدها مفروشة وبها مكتب أنيق فنظرت إليه نظرت مستفهمة فأردف شارحا :"منذ عامين كان هذا المكتب هديتي لكِ ولم نستطع أن نكمل لظروف حملك المفاجىء فبعد أن عرفت بخبر انتقال السكان وعودتها خالية مرة أخرى فكرت في أنكِ ستحتاجينها لتستأنفي مشروعك..." نظرت حولها بانبهار قائلة:"لا أصدق ...ثم أردفت بنفس الذهول:مالذي غير رأيك ألم تقل لي أن محمد أولى بوقتي؟.." قال لها بعينين تفيضان دفئا وحنانا وتفهما:"هذا حين كنتِ حاملا به وبعد ولادته حين كان صغيرا أما الان وخاصة بعد حصولك على الدكتوراه وبعد أن يدخل محمد الروضة بعد أشهر قليلة ستحتاجين بالتأكيد لشغل وقت فراغك...." قالت له وهي لا تزال لا تصدق وتنظر حولها :"لا أعرف كيف أشكرك ياعبدالله لم أتوقع أن تقدم أنت على هذه الخطوة خاصة أننا حين تحدثنا آخر مرة منذ أشهر لم يكن هذا رأيك..." اقترب منها واضعا كفه على كتف واحد حيث كان كتفها الحٌر ينام عليه محمد مستريحا:"حبيبتي كما قلت الولد سيكبر وكما قال الطبيب آخر مرة أن حمل محمد كان مصادفة وحالتي كما هي فالحمد لله على نعمته وهو سيدخل الروضة وبعدها المدرسة باذن الله وستحتاجين إلى العمل لتشغلي وقتك...." لم تجد كلمات مناسبة للرد فأحاطت رقبته بذراعها الخالي ليحتضنها هو بذراعيه وبينهما محمد قائلاً بسخرية :"وبهذا أكون ضربت عصفورين بحجر واحد هدية حصولك على الدكتوراه وهدية عيدالحب ...."طبعت قبلة دافئة على رقبته قائلة بامتنان:"هل قلت لك من قبل إنني أحبك؟.." ابتسم قائلاً بتسلية:"كثيرا ....قلتيها كثيرا يانسمة ...."فقهقه كلاهما ضاحكين وهو يشعر بالسعادة لسعادتها وهي تشعر بالامتنان له أنه لم يدع في نفسها شيئا خاصة وقد أصابها اليأس مؤخرا من أن يغير رأيه في هذا الأمر بعد فترة بعد أن وضعت الصغير في فراشه دلفت إلى الحمام لتأخذ حماما دافئا وأطالت في الوقوف تحت الماء وكأنها تزيل عنها كل ضغط وتوتر الفترة الماضية، وبعد انتهائها دثرت نفسها بمنشفة طويلة وخرجت على غرفتها مباشرة فلم تجد عبدالله بينما دخلت غرفة الصغير لتجده ينام في منتصف الفراش ولم تجد عبدالله أيضا فخرجت إلى غرفة المعيشة لتجد على طاولة السفرة غداءا فاخرا قد طلبه عبدالله من الخارج حين كانا لايزالان في السيارة فتفاجأت أنه وضعه على الطاولة في أطباق أنيقة ونثر على الطاولة شموعا صغيرة إلى جانب عدة باقات من الورود في أركان غرفة المعيشة والسفرة،ابتسم ثغرها لحنانه الدافق الذي تنفجر ينابيعه وشعرت بشحنة هائلة من السلام النفسي تجتاحها خاصة وهي ترى اللون الأبيض المريح لعينيها يسود المكان بعد أن غير عبدالله ديكورات وألوان الشقة كلها ليصبح اللون الأبيض هو اللون السائد حتى في المطبخ.... قطع تأملاتها خروجه من المطبخ وهو يحمل الأكواب والعصائر قائلاً لها بابتسامة صافية :"مارأيك؟..." قالت له بامتنان وهي تقترب منه:"رائع ياعبدالله لا أعرف كيف أشكرك..." وضع ما بيديه والتفت لها وهي تقف أمامه بكل هذا القدر من الجمال والفتنة... شعرها يتناثر حول وجهها وعلى ظهرها تتساقط منه قطرات الماء ووجهها الصافي يتألق بحمرته الطبيعية وعينيها تكتسيان بنظرة آسرة تجذبه لمنطقة أخرى غير غداءا رومانسيا فوضع كلتا يديه حول خصرها وضمها إليه قائلاً:" أنا الذي أريد أن أشكرك على هذه السعاة التي لم أتخيل أن أعيشها يوما..." "سلمت يداك..." قالتها وهي تحيط عنقه بذراعيها فأردف قائلاً وهو يشم رائحة العود التي تفوح منها :"ما رأيك نتناول غداءنا أولاً ثم أردف في أذنها:أم ندعه فيما بعد؟..." كانت في الفترة الأخيرة متوترة للغاية بسبب التحضير لمناقشة الرسالة وتعترف أن عبد الله تحمل معها ولم يطالبها بأعباء اضافية فأردفت بنبرة لا تخلو من غنج حديث العهد على شخصيتها :محمد نائم منذ فترة وغالبا سيصحو في أي وقت فيمكننا ترك الغداء قليلا..." ابتسم قائلاً وهو يبعدها قليلاً عنه ويغمز بعينه بوقاحة :"حبيبتي أصبحت تتصرف بعملية وتعرف أولوياتها في الحياة..." قهقهت ضاحكة فارتسمت الضحكة على كل ملامحها قائلة:"أنت استاذي دكتور عبد الله ومنك تعلمت تحديد الأولويات ..." رفع كفه ليتخلل خصلات شعرها المبللة بأنامله قائلاً:"أنا أُفضِل أن آخذ كل حقوقي باكراً قبل أن يستيقظ ابنك وقبل أن يحين موعد ذهابنا إلى بيتكم.." قالت له بتساؤل:"حقا لا أعرف ماذا ستفعلون مساءاً؟..." قال موضحا وهو لا يزال يتلاعب في خصلات شعرها.."عمي ابراهيم يريد أن يحتفل بكِ عنده وسيحضر أيضا عمر وزوجته...." ضيقت عينيها قائلة:"أي زوجة بالضبط؟..." مال عليها وحملها بين ذراعيه قائلاً بتهكم وهو يتجه إلى غرفة نومهما:"حقيقة لا أعرف...." **************** في أحد المطاعم الراقية في المدينة جلس تيمور وفريدة وبينهما فؤاد الصغير يجلس في عربته ،بدأ النادل في وضع الاطباق أمامهما وبعد أن انتهى وغادر حتى نظرت فريدة إلى الطعام قائلة وشعورا بالذنب ينتابها :"لما أصريت أن نتناول الطعام بمفردنا تيمور أشعر بالذنب أننا نتركهم جميعا " أردف قائلاً :"يوم واحد كل عدة أسابيع لا يضر حبيبتي نفصل قليلاً " ابتسمت له من قلبها وهما يبدئان في تناول الطعام وموسيقى هادئة تنساب حولهما هو يفعلها كل فترة ويأخذها بمفردها بدون الأولاد فهو يعرف أن الضغط والمسئولية عليها أغلب الوقت ولا يريد للملل أو الضجر أن يدخلا حياتهما وحين أخذ اليوم إجازة من العمل وأصر أن يذهب معها إلى المتابعة الخاصة بفؤاد عند الطبيب لم تكن تعرف أنه سيستغل الفرصة ليخرجان معا كانت الموسيقى الهادئة تنساب حولهما فتعطي المكان لمسة رومانسية وكان فؤاد يتحرك بضجر في عربته فأخرجه تيمور من العربة قائلا :"أنا أعرفك لن تستطيع الجلوس فيها طويلا" قهقهت فريدة ضاحكة وقالت له :"لو يعلم ثمنها لما فعل هذا كلما جلس فيها ثم أردفت قائلة بسخرية:هل تتذكر يوم صممت أن تشتريها " قال لها مبتسما وهو يضعه على ساقيه ويكمل طعامه:"أريد أن أشتري له الدنيا وما فيها"نظرت إليهما نظرة حانية فالشبه بين فؤاد وتيمور كبير جدا وقالت:"بارك الله في عمرك حتى ترى أبناؤه" أخذ الصغير يتلوى بين يديه فأخذته منه فريدة قائلة :"بالتأكيد يريد أن ينام فهو لم ينم جيدا بالأمس...." قال لها تيمور بصوت منخفض:"جيد جدا ننفذ خطة الهروب الكبير " قالت له بتفكير :"والأولاد ؟ لا أحب أن نتأخر عليهم" قال لها بعينين تفيضان حبا"يوم كل فترة يافريدة لن يحدث شىء" أومأت له برأسها بابتسامة حلوة ووجدت أن المكان حولهما بدأ يمتلىء بالشباب من الجنسين والإناث يحملن الورود الحمراء فقالت له وهي تنظر حولها:"اليوم عيد الحب وجميع الاناث يحملن الورود والقلوب الحمراء" كانا قد انتهيا من الطعام فقال لها :"عام سعيد حبيبتي" بعد قليل كانت فريدة قد انتهت من ارضاع الصغير وأعطته دواؤه حيث كان لديه نزلة برد لم يتعافى كليا منها ووضعته في فراشها في غرفتها في شقتها الصغيرة التي تذهب إليها كل فترة هي وتيمور كنوع من كسر الروتين ثم بدلت ملابسها وارتدت فستان قصير بحمالات رفيعة بلون عسلي وخرجت إلى غرفة المعيشة فوجدت تيمور قد أسدل الستائر الثقيلة وأضاء شموعا صناعية في أركان المكان تنيره بإضاءة هادئة نظرت حولها باندهاش واعجاب ثم تقدمت نحوه حيث كان يضع باقة الورد الحمراء التي اشتراها لها أثناء عودتهما إلى البيت استقام ما أن شعر بها وجذبها برفق من خصرها فأحاطت كتفيه بذراعيها واستكانت بين ذراعيه وظلا صامتان لفترة كل منهما يستمتع بالهدوء المحيط وهو بين ذراعي الآخر بالتأكيد يفتقدان اللحظات الهادئة في حياتهما فصخب الأولاد يحيطهم ورغم أنه صخب بمذاق حلو إلا أن حلاوته لاتمنع من أن ينفردا ببعضهما كل فترة ليستطيعا أن يكملا الحياة التي اختارها كل منهما بجوار الآخر الحياة مع أكثر من عائلة تتطلب دائما تقييم الأمور بميزان حساس حيث يشعر كل منهما أحيانا أنه يمشي على حبل في سيرك لا يجب أن يخطىء حتى لا يقع...لذلك لم يكن يوما كل أسبوع أو عشرة أيام كثير عليهما بالعكس كان هذا اليوم هو الشاحن الذي يجددان به طاقتهما رفعت وجهها إليه قليلاً قائلة بصوت خافت:"أحببت عملية الهروب الكبير هذه المرة خاصة أن فؤاد معنا " وضع جبهته فوق جبهتها قائلا :"المهم أن ينام عدة ساعات محترمة إكراما لأبيه..." قالت له وهي تتحسس رقبته بأناملها فيسري في أوصاله دفئا جميلا :"أخذ الدواء وحين يأخذ الدواء ينام عدة ساعات ...." همس بين شفتيها باشتياق :"اشتقت إليك..." ليقترب أكثر ويروي شوقه منها بعاطفة لم تتأثر ولم تتغير بالقرب والاعتياد بل تزداد يوما بعد يوم ،أما هي فشعرت بقلوب حمراء تنفجر حولها وما أن وجدت نفسها على الأريكة الوثيرة حتى فقدت الشعور بالزمان والمكان كعادتها معه ومع الظلام المحيط بهما شعرت بأن السقف فوقها تحول إلى سماء والشموع الصغيرة المتناثرة حولها تحولت إلى نجوم أما هو فسيظل كما هو حبيبها الذي لن يغيره الزمن بعد فترة وبعد أن أبحرا معا وعادا ثانية إلى شاطئهما كانت تجلس بجواره على الأريكة يضمها إليه بذراعه فتضع رأسها فوق صدره وتحيط جذعه بذراعيها فمد يده على المنضدة المجاورة فأخذ العلبة الصغيرة التي كانت عليها وفتحها قائلا وهو يقربها منها :"ما رأيك؟" اعتدلت قليلا ونظرت داخل العلبة لتجد ساعة ذهبية أنيقة في غاية الرقة ومعها اسورة رقيقة بنفس تصميم الساعة كانت قد رأتها الشهر الماضي في إحدى الصفحات عبر الانترنت وكان يجلس وقتها بجوارها في فراشهما لم تقل وقتها سوى (أن هذه الساعة رائعة ) فألقى نظرة مدققة عليها قائلا (فعلا جميلة ) لتتفاجأ بها الآن فرفعت وجهها نحوه قائلة بامتنان:"تيمور لقد أحضرتها شكرا لك أنا لم أقل سوى أنها جميلة فقط " ابتسم وهو يبعدها قليلا قائلا وهو يمسك يدها :"وهل تحتاجين لقول أكثر من ذلك؟" ثم أخذ الساعة ووضعها حول معصمها فكان مقاسها مضبوطا تماما تلاها بالاسورة أما هي فكانت تنظر إليه هو وما أن انتهى حتى عانقته وقبلت وجنته قائلة وهي تمس لحيته بأناملها :"أدامك الله نعمة في حياتي ..." ثم استقامت لتحضر حقيبتها من فوق المنضدة الرخامية للمطبخ وفتحتها وأخرجت منها علبة هدايا وعادت اليه وجلست بجواره قائلة برقة :"أنا أيضا أحضرت لك هدية صغيرة أتمنى أن تعجبك" ثم أخرجت حافظة نقود جلدية بلون بني داكن منقوش عليها اسم تيمور ابتسم بسعادة حين رأها قائلا وهو يتفحصها :"رائعة يافريدة دائما أفكارك خارج الصندوق " "حقا اعجبتك ؟..." قالتها بتساؤل فأردف وهو يقبل بين عينيها :"رائعة حبيبتي حقا ... " ثم أخرجت من العلبة سبحة زرقاء بخرزات كبيرة يتدلى منها اسم فريدة وأردفت بابتسامة جذابة دائما وابدا :"أما هذه فعليها اسمي أنا لتعلقها في سيارتك حتى كلما استقليت السيارة تراها أمامك وتتذكرني" أخذ منها السبحة وهو ينظر إلى حباتها بإعجاب وأردف وهو يجذبها لتضع رأسها على كتفه:"على أساس أنني أنساكِ فتريديني أن أتذكرك... ثم أردف :ولكن حسنا فعلتي فهو أحب الاسماء عندي" غابت في حضنه لدقائق طويلة ثم أردفت وهي ترفع وجهها إليه :"لقد تأخرنا على الأولاد" قال لها بصوت هادىء وهو يستمتع مثلها بهدوء اللحظة :"أبي وخالتي وسماح معهم ثم أنهم ليسوا صغار يافريدة وكلمناهم منذ قليل وكان الأمن مستتب " كانت الموسيقى الناعمة قد انتهت ليحل محلها صوت فيروز فأردف قائلاً :"سنقضي اليوم لآخره معا ومع صوت فيروز هل لديكِ اعتراض؟" سرحت قليلا في ملامحه الوسيمة بابتسامة رضا ثم أردفت بابتسامة عذبة:"بل ينقصني فقط فنجان قهوة" وضع هديتها بجواره ثم استقام قائلاً وهو يتجه إلى المطبخ بحماس:"سأعد لنا فنجانين من القهوة على طريقتك التي أعشقها" استقامت هي الأخرى واتجهت إلى الشرفة وفتحت الستائر وخرجت لتستنشق الهواء وتنظر الى السماء الواسعة أمامها حيث تعشق تأملها من هذا الارتفاع.... دقائق قليلة وكانت رائحة القهوة تصلها وقد وضع الفنجانين على سور الشرفة العريض فأردفت وهي تحيط جذعه بذراعيها :"اليوم فعلا بأجواؤه برائحة القهوة وصوت فيروز ووجودنا بمفردنا في أحب الأماكن إلى قلبي يوحي بأنه يوم عيد الحب " أردف قائلا بعينين تقطران عسلا ذائبا تشعر به دائما حين يكون حديثه من قلبه وهو دائما من قلبه:"الحب لا يحتاج إلى يوم محدد كل عام فكل يوم لنا معا هو عيدا للحب... عيدا لحبنا نحن دونا عن كل الناس " ******************** ترقد في فراشها تتثائب بكسل وهي مغمضة عينيها لتنساب رائحة النسكافيه القوية إلى أنفها أعقبها سطوع ضوء النهار بعد أن جذب هو الستائر ثم فتح النافذة ليدخل الهواء المنعش يملأ الحجرة وحين فتحت عينيها ببطء أردفت وهي لا تزال تتثائب:"لما تفتح الستائر أريد أن أنام قليلاً..." "تنامين أكثر من ذلك؟....لقد أٌذِن لصلاة الظهر منذ فترة فدوى هانم...." قالها سامر بتهكم وهو يقترب منها ليجلس بجوارها فأردفت بابتسامة صافية كصفاء وجهها بعد أن نامت بالفعل ساعات طويلة متواصلة :"لم أكن أتوقع أن أنام كل هذا أبناءك كان نشاطهم زائدا بالأمس..." قهقه ضاحكا ثم أردف :"أبنائي نشاطهم زائد دائما...." اعتدلت في جلستها وهي تستند بظهرها على ظهر السرير ونظرت على الكومود المجاور لها قائلة بعينين لامعتين:"وأعددت النسكافيه أيضا...." قال لها وهو يستند برأسه بجوار رأسها :"وسأدعوكِ على الغداء بالخارج أيضا.." استقامت جالسة أمامه على ركبتيها كأنها طفلة صغيرة قائلة :"حقا ياسامر؟..ثم أردفت بتساؤل:ألن تأتي ماما بعد قليل من عند دنيا؟.." قال لها مبتسما على شكلها المتأهب هذا :"خالتي وبناتها لا زالوا هناك ويريدونها معاهم ستأتي غدا بإذن الله..." قفزت نحوه متعلقة في رقبته قائلة وهي تحتضنه بقوة:"حسنا هيا بنا..." كانت منذ عدة أسابيع تطلب هذه النزهة ولكن الصغيرين كانا مريضان وكلما تعافى أحدهما تعب الآخر وبالطبع هذا كان يؤثر عليها الحياة بطفلين بالطبع ليست سهلة كانت تبيت ليالي لاتستطيع فيها النوم لأنهما لاينامان في وقت واحد ووالدة سامر رغم مساعدتها لها إلا أن الأولاد لايرضون إلا بأمهما وهذا طبعا أثر عليها كثيرا وهويقدر لها اعتناءها الشديد بوالدته لذلك ما أن تأتي الفرصة حتى يدللها كما تريد بالضبط قال لها وهو يحتضنها :"انتظري حتى يصحيان من نومهما حتى لا يتعبوننا بالخارج...ثم أردف بخبث :ثم أليس اليوم هو يوم عيد الحب أنا لا أرى أي حب.." قالت له بمشاكسة وهي ترفع وجهها تتأمل خضرة عينيه من هذا القرب:"وأنا لا أرى أية هدايا..." أغمض عين واحدة قائلاً:"أريد أن أرى حبا بعد الأيام العجاف السابقة وبعدها ترين الهدايا التي تريدينها حين ننزل تختاري بنفسك ما تريدين ..." قالت له بمراوغة أصبحت تجيدها:"أشرب النسكافيه أولاً قبل أن يبرد..." اشتدت يديه على خصرها قائلاً بنظرة احتياج حقيقي :"دعيه يبرد وسأعد لكِ غيره فيما بعد..." ************** بعد أن أنهت عملها وقفت أمام باب المصرف تتصل به لتسأله هل سيمر عليها هو أم تمر عليه هي فلم يرد عليها فقررت أن تمر عليه هي في الفرع الجديد الذي انتقل إليه عقب زواجهما مباشرة والذي يقع على بعد عدة أمتار من الفرع الذي تعمل به .... سارت بخطواتٍ مُتمهلة وابتسامة صغيرة تزين ثغرها .... ابتسامة رضا عن حياتها الجديدة التي كانت تخشى منها ذات يوم.... كانت تسير نحوه فيما مضى بخطواتٍ مذبذبة تسير خطوة لتتراجع خطوتين ،واليوم بعد أن عاشرته لما يقارب العام ونصف وأنجبت منه صغيرها تجزم أنه أطيب وأحن الرجال ... يزداد حبه في قلبها يوما بعد يوم... كانت قد وصلت إلى بوابة الفرع الذي يعمل به فوجدت فتاة تسير مع شاب وتحمل باقة ورد أنيقة فابتسمت وسألت نفسها تُرى هل سيحضر لها أم سينسى؟؟؟ دلفت للداخل وكان المصرف ليس به عملاء وكان الموظفين على وشك المغادرة وما أن اقتربت من مكتبه حتى وجدته يجمع أغراضه دون أن يراها وزميلته التي تجاوره في المكتب تعطيه لفافة صغيرة وفوقها وردة حمراء وقالب شوكولاتة قائلة بمرح:"نصيبك يافادي من المعجنات بما أنك لم تأكل معنا صباحاً...." ولم يكد يمد يده ليأخذها منها حتى كانت علية تقف أمامهما قائلة بابتسامة سمجة:"مساء الخير..." التفت فادي نحوها وقد تفاجأ بوجودها أمامه ثم نظر إلى اللفافة في يديه وكأنها متفجراتٍ يريد التخلص منها ولا يعرف كيف الخلاص وهو بين المطرقة والسندان..فأردفت زميلته بابتسامة مرحة:"أهلا أستاذة علية كيف حالك؟.." أردفت علية ببرود :"بخير..ثم قالت لنفسها بغيظ (أنا استاذة علية وهو فادي ماشاء الله) " فتنحنح فادي قائلاً:"مساء الخير حبيبتي كنت للتو سأتصل بكِ..." عقدت ذراعيها فوق صدرها قائلة بنفس الابتسامة السمجة:"اتصلت بك كثيراً ولم ترد يبدو أنك كنت مشغولا.." نظر إلى اللفافة وهو لايزال لا يعرف ماذا يفعل بها وأيقن أن علية لن تمرر أمر هذه اللفافة خاصة وقد حذرته أكثر من مرة من زميلته هذه فأردف قائلاً لينقذ الموقف وهو ينظر لزميلته جميلة الوجه التي لا تكف عن مرحها مع الجميع طوال اليوم:"أشكرك يانانسي أشكرك جداً ...." ثم وضع يده في يد علية قائلاً:"هيا حبيبتي حتى لا تتأخري على زيزو....." كانت علية تمشي بقوة جذبه لها وعينيها تكادان تأكلان نانسي التي وقفت في مكانها لا تعرف لما تنظر إليها زوجة فادي هكذا أما علية فما أن خرجت خارج المصرف وسارت معه عدة خطوات حتى توقفت قائلة وعينيها تلمعان بالغضب:"أنا كم مرة حذرتك من هذه البنت؟..." زفر قائلا:"وماذا فعلت أنا؟؟." قالت له وهي تجز على أسنانها:"لما أخذت منها هذه الأشياء ؟..." قال لها بجدية:"هي أحضرتهم من منزلها وأعطت الجميع ولم آخذ أنا لذلك أعطتني نصيبي الآن...." عقدت ذراعيها أمام صدرها قائلة باستنكار:"ونصيبك هذا فوقه وردة وقالب شيكولاتة ! ألا يوجد فوقهم قبلة!..." قال مازحاً:"حتى الآن لا...." صاحت بصوت عالٍ:"ماذااا؟؟؟...." اتسعت عينيه قائلاً وهو يلتفت حوله:"اخفضي صوتك يامجنونة أمزح معكِ...." فجزت على أسنانها قائلة:"أنا قلت من البداية بك شىء يجذب الاناث المائعات لك ثم أردفت بغيظ وهي تمد يدها نحوه:اعطني هذه اللفافة..." قال وهو يضيق عينيه :"لماذا؟..." اكتست نظرات عينيها بالحزم قائلة:"لو مررت علي أنت ووجدت زميلٍ لي يعطيني لفافة مثل هذه ووردة وشوكولا ماذا كنت ستفعل؟.." اكتست عينيه بنظرة خطرة قائلاً بحدة:"كنت قطعت رأسه ورأسك إن أخذتيها..." اتسعت عينيها من جرأته ثم أردفت وهي تعض على شفتها السفلى:"إذن اعطني مامعك عوضا عن دخولي لهذه المائعة وجذبي لها من شعرها أمام الجميع..." يعرفها في أمر الغيرة عليه مجنونة وتفعلها فآثر السلامة وأعطى لها اللفافة ثم سار بجوارها قائلاً ليلطف الأجواء :"لم تقصد شىء صدقيني هي أعطت للجميع..." لم ترد عليه وفي نيتها أن ترمي مافي يدها في أقرب مقلب قمامة ولكنها ما أن رأت امرأة تبيع مناديل بجوار الرصيف حتى اقتربت منها ووضعته في حجرها قائلة بصوت هادىء:"تفضلي ياحاجة...." ابتسمت المرأة بامتنان ودعت لها وسط نظرات الدهشة في عيني فادي الذي عادت إليه علية بنظرات ظافرة ... فأردف قائلاً بحنق:"أنتِ حقا مجنونة..." قالت له ووجهها كله أصبح كحبة طماطم طازجة أثر انفعالها :"ألا يعجبك هذا..." رفع حاجبا واحدا وكانا قد وصلا لسيارته التي يصفها في أخر شارع الفرع :"لا طبعا... يعجبني ... يعجبني جدا ثم أردف وهو يفتح لها باب السيارة :هل تعرفين لو كنت أعلم قبل أن أتزوجك أنكِ من مواليد هذا البرج الناري ماذا كنت فعلت؟.." قالت له بنظرة متسلية:"ماذا كنت فعلت ؟..." قال ضاحكاً:"كنت سأتزوجك أيضا ..." ابتسم ثغرها أخيرا هذه الابتسامة التي يعشقها وما أن أغلق باب السيارة واستقل مقعده حتى انطلق بها وهو بداخله يشعر بالسعادة أنها تحبه لهذه الدرجة وبعد عدة دقائق توقف بالسيارة قائلاً لها:"انتظري هنا قليلاً سأعود بعد قليل ..." وبعد قليل عاد إليها بباقة ورد بمزيج من اللونين الأصفر والأبيض وعلبة شوكولاتة كبيرة قائلاً:"عيد حب سعيد ياعمري...." أخذت منه باقة الورد والشوكولاتة بابتسامة طفولية قائلة:"مالذي هداك للون الأصفر؟..." قال لها ضاحكاً:"اللون الأصفر اشارة إلى غيرتك والأبيض اشارة إلى قلبي الأبيض...." قهقهت ضاحكة قائلة بسخرية:"قلبك الأبيض هذا هو الذي يجذب الاناث لك..." قال بصدق وهو يميل نحوها:"المهم من تسكن قلبي أنا..." لم ترد عليه وهي تتأمل باقة الورد الأنيقة بسعادة وانطلق هو بالسيارة سعيدا لسعادتها البادية على وجهها أخيراً بعد قليل بعد أن وصلا عند والدتها وتناولا غدائهما قالت والدتها وهي تربت على كتفه:"قم حبيبي ارتاح قليلاً أنت وهي يبدو الارهاق عليكما..." قالت علية بعينين ناعستين:"فعلا يا أمي لم أنم جيدا مساءا ثم أشارت لصغيرها الذي تحمله والدتها :هذا الولد لم يدعني أنام جيدا..." قالت صفاء بابتسامة واسعة وهي تضم الصغير إليها:"حبيبي بالفعل بعد أن أحضرتيه صباحا نام كثيرا ولم يصحو إلا منذ قليل..." قالت علية بأسى :"إذن لن أستطيع النوم.." فأردفت أمها :"لذلك أقول لكما أن ترتاحا وهو معي..." استقامت علية بالفعل هي وفادي ودلفا إلى حجرتها تاركين الصغير مع جدته فبعد عودة علية إلى العمل وهي تعمل بنصف أجر ولا تذهب طوال أيام الأسبوع لذلك تحضر الصغير إلى جدته صباحا وتأخذه بعد عودتها .. هذا أفضل بالنسبة لها من أن تأخذ اجازة طويلة من عملها تمددت في فراشها الصغير وقالت له:"نم أنت في الفراش الآخر ...." لم يرد عليها وانما اتجه إلى باب الغرفة المغلق وأغلقه بالمفتاح بحرص حتى لا يصدر صوتا ثم عاد إليها حاشرا نفسه بجوارها في فراشها الصغير فابتسم ثغرها قائلة:"لما تحشر نفسك بجواري هكذا قلت لك نم في الفراش المجاور....." التفت نحوها ليغرق في دفء عينيها الناعستين وأردف بصوت حنون:"اشتقت إلي زوجتي حبيبتي التي لا تجد وقتا لي..." استدارت نحوه ونامت مثله على جانبها وأحاطت وجنته بكفها قائلة:"حبيبي لا تغضب أنت تعرف ابنك شقي ولا يحب أن ينام كثيراً ..." "والان هو مع ماما ألن تدلليني كما تدللين صغيرك؟ ..." تحركت أناملها برقة فوق عنقه قائلة بحنان دافق:"أنت أول أبنائي وغلاوتك عندي كغلاوته تماما بل أن غلاوته أنت جزأ منها لأنه قطعة منك ونسخة مصغرة منك..." وعند هذا الحد انقطع الكلام ليحل محله حبا جارفا يزداد رسوخا في القلب مع الايام *************** في أحد المطاعم الشهيرة جلست فدوى مع سامر وبينهما الصغيرين في عربة الأطفال المزدوجة كانت فدوى تطعمهما ولكنهما لم يكونا منتبهان للطعام بل كان كل انتباههما للعبة التي جاءت مع وجبة الأطفال فقال لها سامر ساخراً:"قلتي نأتي إلى هذا المطعم من أجل الأولاد وفي النهاية هاهما لا يأكلان وينشغلان بالالعاب..." ابتسمت قائلة بسعادة حقيقية :"سعادتي أن أرى سعادتهما حتى لو بألعاب بسيطة كهذه ثم أردفت بنبرة حانية :ألا ترى فرحتهما خاصة وهما يريان الأطفال حولهما.." ابتسم هو الآخر وهو ينظر إلى قرة عينيه بسعادة قائلاً:"نعم أرى وبإذن الله كل أسبوع نحضرهم طالما أحبا المكان...." رن هاتف فدوى فأخذته من حقيبتها لتجده فادي فردت قائلة:"أهلا حبيبي كيف حالك.." وبعد أن اطمئن عليها وتحدثا قليلا أبعدت الهاتف عن أذنها قائلة لسامر:"سيذهب هو وعلية لفريدة ما رأيك أن نذهب معهم؟.." قال لها بلا اعتراض :"كنت سأقول لك نذهب حتى نرى شقتنا ونرى ما انهاه العمال.." فوضعت الهاتف على أذنها قائلة لفادي:"حسنا حبيبي أراك هناك...." دقائق قليلة وبدأت روان تتململ في جلستها فحملها سامر فابتسمت ما أن حملها ليفعل مروان المثل فحملته فدوى قائلة لسامر:"يبدو أنهما ملا من الجلوس انظر كيف ينظران إلى الأطفال الذين يلعبون بشغف...." نظر سامر في عيون صغيرته التي تمتلىء بالشقاوة وهي تنظر حولها قائلاً بحنان :"باذن الله أشهر قليلة ويتعلمان المشي واللعب ونلهث خلفهما..." فأردفت فدوى :"اللهم آمين..." ************ "هل سيمر عيد الحب هذا هكذا بلا أي احتفالات ولا أي هدايا ؟" قالتها شروق بتململ وهي مستلقية في فراشها تشاهد فقرة للأغاني الرومانسية في التلفاز فأردفت سمر التي تجلس في السرير المجاور لها في غرفة الاولى قائلة :"مِن مَن تريدين الهدايا معروفة أن من يتهادوا المحبين فقط...." فأردفت شمس التي كانت تجلس بجوار سمر بابتسامة ساخرة:"إذن لن تنالين هدية في حياتك ياشوشو...." فأردفت سهر التي تجلس مندسة بجوارها بتهكم:"لما تقولين هذا تفائلي حبيبتي فهي أكبرنا ونتمنى لها الخير كله عله يصيبنا بعدها..." قهقهت شمس ضاحكة وأردفت :"وما دخلي أنا إن كانت هي التي تقول أنها لن تحب ولن تتزوج أبدا..." نظرت كل من سهر وسمر إلى شروق باستنكار فاستدركت الأخيرة قائلة وهي تمط شفتيها:"ليس بالضبط يا ظريفة كل مافي الامر إنني أريد رجلا كأبي وأبي لايوجد مثله .... إن وجدت مثله فلن أقول لا..." أطلقت شمس صفيرا من بين شفتيها وأردفت :"لقد تغيرت أفكارك تماما يا بنت لم يكن هذا رأيك منذ عام واحد سابق.." ضيقت شروق عينيها قائلة:"الإنسان تتغير آراؤه وميوله كل يوم ... لا تركزي أنت فقط معي كثيرا..." أردفت شيري التي تنام بجوار شروق بنبرة تفوق سنوات عمرها :"أما أنا فلا أريد شخصاً مثل أبي ابي هذا معزته عندي كبيرة ولن يوجد مثله " قهقهن جميعا عليها وأردفت سهر قائلة :"شيري أنتي تتحدثين عن الارتباط والزواج قومي حبيبتي احفظي جدول الضرب أولا.."... أردفت شيري بهدوء وعدم اكتراث لسخريتهن منها:"غدا أكبر وأصبح مثلكن ولن تتهكمن علي هكذا..." احتضنتها شروق بحنان قائلة من بين ضحكتها:"نمرح معكي ياصغيرتي لا نتهكم.." قالت شمس بجدية:"هل تعلمن أن معظم صديقاتي في المدرسة مرتبطات إلا أنا والقليلات ..." أردفت سمر قائلة بتعقل:"سيندمن قريبا ياشموسة سننا هذا ليس سن ارتباط .... أي ارتباط في هذا السن كما قالت لي أمي لن يكتمل فلما ندخل شىء نحن على يقين بأنه لن يكتمل ؟" قالت شمس:"فعلا لديك حق وقلت لهن هذا ولم يقتنعن...." أردفت سهر :"ولن يقتنعن مادامت هذه قناعتهن.." جاءت الأغنية الرومانسية الخاصة بمطربهم الشاب المفضل فاعتدلن جميعا في الفراش وهن يتابعن الفيديو بتركيز واهتمام وابتسامة حالمة تزين ثغورهن ************ مع غروب أخر شعاع للشمس وبزوغ القمر ساطعا يزين السماء الصافية وحوله النجوم يتجاورن كوصيفات كان تيمور يقود سيارته وبجواره فريدة وفؤاد الصغير بعد أن قضيا يومهما من أوله معا واستجم كلاهما وتحدثا في كل مايريدان الحديث فيه فأردف تيمور وهو يتوقف بجوار متجر الحلوى الشهير :"سأحضر كعكة للأولاد حتى نغطي على عدد ساعات غيابنا..." ابتسمت قائلة بنظرة متسلية:"وماذا ستقول لهم عن تأخيرنا يادكتور وخاصة شيري التي ستفتح تحقيق معنا؟ في الصباح قلنا أننا ذهبنا عند الطبيب بفؤاد وبعدها حدثناهم قلنا لدينا مشوار هام ماهو المشوار ؟" ضيق عينيه مفكرا ثم أردف:"أنت كنتِ مريضة وذهبنا إلى الطبيب.." قهقهت ضاحكة وأردفت:"ونكذب؟..." قال بجدية مصطنعة:"ولما الكذب ألم تكوني معي إذن كنتِ عند الطبيب.." قهقهت ضاحكة وهي تمسد بأناملها على لحيته قائلة بحب:"أروع طبيب رأته عيني ..ابتسم لها ابتسامته الآسرة وأردف:"سأنزل لأحضر الكعكة ..."..." قالت له :"خذني معك لأختارها ففادي وفدوى سيأتيان في المساء نريدها كبيرة لتكفي الجميع..." قال لها :"حسنا هيا بنا..." نزلا من السيارة معا فأخذ منها فؤاد وحمله ودلفا معا لشراء الكعكة ************ كان الدكتور فؤاد جالسا في مقعده يرتدي نظارته الطبية ويرد على أسئلة متابعين صفحته على الفيسبوك وبجواره يجلس عبد الرحمن يقرأ كتاباً في الأحياء بينما تجلس الجدة عايدة على الأريكة المقابلة تتابع برنامجا دينيا على التلفاز حين رن جرس الباب وما أن استقام عبدالرحمن ليفتح الباب حتى وجد شيري تجري أمامه لتسبقه وتفتح وما أن فتحت ووجدت والدها ووالدتها حتى اندفعت نحوهما قائلة بعتاب :"لما تأخرتما؟..." تنحنحت فريدة وهي تحتضنها قائلة:"لا تحزني حبيبتي سرقنا الوقت فقط..." وأردف تيمور في محاولة لالهائها :"وأحضرنا لكم كعكة رائعة..." دلف الجميع للداخل ووضع تيمور الكعكة على طاولة السفرة ملقيا السلام على والده وخالته في الوقت الذي خرجت البنات من الغرفة أما فؤاد الصغير الذي كان نام طوال اليوم بما فيه الكفاية قد استفاق ونظر إلى عبد الرحمن بعينين تلمعان وهو يفتح ذراعيه له فابتسم له عبد الرحمن ابتسامة من قلبه وصلت لعينيه وهو يفتح ذراعيه له قائلا :"حبيبي اشتقت لك..." وما أن اقترب منه عبد الرحمن حتى ارتمى الصغير عليه ليحتضنه عبد الرحمن بعاطفة قوية لا تنبت إلا بين الأخوة فقالت له شيري:"اعطني إياه اشتقت له.." حاول أن يعطيها الصغير ولكنه تشبث به فقالت له بأسف:"لما لا يحبني؟.." أردف عبد الرحمن قائلا وهو يحتضن الصغير ويربت على ظهره:"لا بالطبع يحبك ولكنه هناك أوقاتا يفضل فيها أحدنا على الآخر.." قال هذا حتى لا تغضب ولكنه كان يعرف أن الصغير يحبه بحق كان تيمور قد جلس بجوار خالته وحوله البنات وفريدة جلست بجوار الدكتور فؤاد الذي أردف بحنان دافق:"اعطني ياعبد الرحمن الدكتور فؤاد الصغير اشتقت له" ابتسم عبدالرحمن وأعطاه له فاستجاب الصغير وجلس في حجر جده فقط ليلعب في نظارته وجده يضحك ضحكة من القلب بينما أخرج تيمور علبة هدايا من جيب سترته وفتحها وأخرج منها اسورة رقيقة قائلا لخالته بابتسامة حلوة:"هذه هدية بسيطة حبيبتي..." قالت له بتساؤل :"وما المناسبة ؟" فأردفت شيري بسرعة :"بمناسبة عيد الحب" فقهقه تيمور ضاحكا وقال لها :"وأنتِ أيضا لكِ واحدة جميع البنات لهن أساور.." نظرت جميع البنات نحوه وهو يخرج أساور متشابهة رقيقة قائلا لهن:"هيا كل واحدة تأخذ الاسورة خاصتها.." اقتربن جميعا منه فأردفت شيري بتلقائية:"ألم تَكُن منذ قليل كل واحدة تنعي حظها أنها لن تأتيها هدية في عيد الحب ؟ لقد استجاب الله لكن في الحال" احتقنت وجوه البنات خجلا وهن ينظرن إلى شيري شزرا فأردف تيمور وهو يضيق عينيه :"كيف يعني لا أفهم "همت شيري بالرد فوضعت شروق كفها على فم الصغيرة وهي تجز على أسنانها قائلة لوالدها :"تمزح ياأبي تمزح..." ابتسمت فريدة وحاولت أن تكتم ضحكتها وأعطى تيمور البنات الاساور متغاضيا عما قالته شيري فهو يدرك أنهن في مرحلة مراهقة وإن لم يشبعهن هو من حبه وهداياه في هذه المناسبات سينتظرن رغما عنهن البديل من أي شخص وهذا مايحرص عليه بمناسبة وبدون مناسبة في المساء رغم بداية اليوم الذي كان هادئا بالنسبة للجميع حتى نهايته إلا أنه انقلب الهدوء لصخب مع حضور فدوى وزوجها وابناءها وفادي وزوجته وابنه فتحولت غرفة المعيشة في منزل الدكتور فؤاد إلى ملعب صغير فجميع الصغار كانوا يجلسون أرضا يلعبون بألعاب فؤاد الذي كان يخطف كل لعبة يجدها في يد أحدهم أما الكبار فكانوا يجلسون حول الدكتور فؤاد الذي رغم الصخب كان يشعر بأن بيته به حياة فكان ينظر إلى الجميع بابتسامة راضية وضعت فريدة قالب الحلوى المستطيل المقسم بلونين أبيض وأحمر وبدأت في تقسيمه وبجوارها البنات يوزعن على الجميع إلى أن جلس الجميع وكل منهم معه طبقه يتحدثون في أي شىء وكل شىء والصغار لايكفون عن الصراخ خاصة وأن روان بدأت تقف بمفردها وتسير عدة خطوات غير ثابتة ومروان يقف فقط مستندا ولا يستطيع المشي وكلما وقف أحدهما جذبه فؤاد أو عبد العزيز من قدمه ليقعا أرضا فأردف سامر وهو يحمل أبناؤه قائلا لتيمور وفادي:"أبناؤكما لأنهما لا يستطيعان السير يعرقلان حركة أبنائي..." فقهقه الجميع وفادي يقول له :"سبحان الله حتى الغيرة تكون عند الصغار دون أن يدركوا..." فقالت فريدة لسامر ضاحكة:"دعهم ياسامر يعتادون على اللعب معا لا تتدخل أنت" انزلهما سامر أرضا مرة أخرى وهو يشعر بالخوف عليهما بينما أردفت فدوى:"ألن نذهب لنتفقد الشقة؟" فنظر إلى تيمور وفادي قائلا:"تعالوا معنا لنرى اخر الاخبار فالعمال انتهوا من الكهرباء وأعمال النجارة بالأمس ولم أستطع أن أمر عليهم" ولم يمر وقت طويل حتى كان سامر وفدوى وتيمور وفريدة وفادي وعلية يقفون في الشقة التي تقع في آخر شارع شقة تيمور تاركين جميع الأطفال على اعتبار أن المسافة قليلة وهم لن يتأخروا كانت الشقة أمامها الكثير حتى تنتهي فأردف سامر قائلا:"مازال أمامنا الكثير.." فأردف تيمور:"انت لست متعجل خطوة خطوة وتنتهي كلها باذن الله" خرج فادي إلى الحديقة وخلفه علية وفريدة كان الجو بها جميلا وكانت واسعة كحديقة فريدة تقريبا في الوقت الذي نظر فيه فادي إلى الشقة المجاورة التي وجد عليها لافتة أنها للبيع فقال لعلية:"ما رأيك لو ناخذ الشقة المجاورة لهما.." قالت له وهي تحيط ذراعه بذراعيها :"ياليت ولكن بالتأكيد سعرها عالي" فأردف بعد تفكير :"أستطيع أن آخذ قرضا من المصرف بتسهيلات جيدة" صمتت قليلا مفكره فأردفت فريدة بحماس :"ياليت يافادى ونكون جميعنا متجاورين" جاء بعدها تيمور وسامر وفدوى واستمعوا إلى الحوار فتحمسوا له بدورهم فأردف فادي وهو يأخذ رقم الهاتف من على اللافتة :"سأسأل اولا على السعر وبعدها إن كان لنا نصيبا ييسرها الله" قالت فدوى وهي تنظر في ساعتها :"هيا حتى لا نتأخر على الاولاد" فأردفت فريدة:"لا تقلقي الاولاد الكبار معهم" وقالت علية:"أنا أيضا اريد الاطمئنان على زيزو" فخرجوا جميعا من الشقة وأغلقها سامر جيدا ليسيروا ببطء متجاورين على الرصيف كل زوج مع زوجته وفجأة استمعوا إلى أصوات فرقعة واضاءات عالية في السماء فانظروا إلى الاعلى فوجدوا ألعاب نارية يطلقها الشباب في السماء كانت مبهجة للغاية والوانها رائعة فقالت فدوى :"ما السبب هل هناك افتتاح مول جديد" قالتها فريدة وعينيها تتعلقان بالسماء :"بل من أجل عيد الحب" فأردفت علية بتهكم:"كنتم تعالوا جميعا بعد انتهاء العمل لتشاهدون احتفالية عيد الحب على أصولها "قالتها وهي تنظر إلى فادي نظرة متحفزة فابتسم لها للذكرى فأردفت فدوى بفضول:"ماذا حدث احكي ياعلية" فقصت عليهم علية ماحدث من زميلة فادي وما فعلته هي ليقهقهوا جميعا ضاحكين وقد انتابتهم نوبة ضحك خاصة سامر فأردف فادي بمشاكسة:"تضحك ياسامر؟ لا تدعني اقول لزوجتك على مغامراتك التي قصصتها علي..." توقفت الضحكة على شفتي فدوى وأردفت :"ماذا؟.." فأردف سامر وهو يلكزه في مرفقه :"ألا تعرف أن أختك تصدق ولا مزاح لديها في هذه الأمور" فضحك فادي بخبث قائلا:"حتى لا تسخر مني مرة أخرى" فأردف سامر لفدوى:"حبيبتي لا تصدقي... هذا التافه يريد أن يوقع بيننا" كانت الألعاب النارية لا زالت تنطلق في السماء وفريدة تنظر إليها بإعجاب ولا تنتبه جيدا لحديثهم فأردف فادي مشاكسا لها :"وأنتِ الأخرى أعرف عن زوجك كل شىء إن قلتِ لي قل سأقول" فرفع تيمور حاجبيه قائلا :"أنت تريد أن تثبت لزوجتك أن كل الرجال مثلك؟" فأردفت فريدة بثقة وهي تخفض نظرها عن السماء وتحيط ذراع تيمور بكفيها:"أنا أثق في زوجي تمام الثقة وأعرف عنه كل شىء لا تحاول" أطلق سامر من بين شفتيه صفيرا عاليا فكان يبدو عليهم جميعا كأنهم شباب صغار في مقتبل العمر لا ناضجين ولديهم أولاد خاصة وجميعهم يرتدي بناطيل جينز شبابية، فحك فادي شعره قائلا بمزاح وكأنه طفل في العاشرة فشلت خطته :"حسنا لم أستطيع عمل فتنة بينكم انتم تكسبون..." قهقهوا جميعا ضاحكين وهم يسيروا بخطوات بطيئة وكأنهم يتلكاون حتى لا يصلون لنهاية الشارع التي اقتربت حيث بيت تيمور وفريدة وجميعهم عيونهم متعلقة بالسماء التي تنطلق فيها المفرقعات النارية بألوانها المبهجة وأشكالها الرائعة وما أن وصلوا إلى البيت وفتح تيمور باب الحديقة حتى وجدوا جميع الأولاد الكبار كل منهم يحمل طفل من الصغار وعيونهم كلهم متعلقة بسعادة بالسماء المضيئة فوقهم قراءة ممتعة وإلى اللقاء | ||||
17-02-21, 12:06 AM | #1567 | |||||
كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء
| اقتباس:
الرابط فعلا نزل https://m.facebook.com/groups/kisus....2612593759016/ | |||||
17-02-21, 12:10 AM | #1568 | |||||
كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء
| اقتباس:
انا ماليش اي تعاملات على الواتباد هو فعلا تشابه أسماء 😍 | |||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|