آخر 10 مشاركات
{ كيميـــاء السعـــادة // فعالية رمضانية بأقلام صُنَّاع البهجة } *الموسم الأول* (الكاتـب : Andalus - )           »          💕💕 حكايا القلوب..بين الزحام والناس💕💕فعالية جديدة*قصص قصيرة*(الموسم الأول كامل) (الكاتـب : اسفة - )           »          ليلة مصيرية (59) للكاتبة: ليندسي ارمسترونج... (كاملة) (الكاتـب : monny - )           »          سيف باردليان - ميشال زيفاكو (الكاتـب : فرح - )           »          4 - رغبة إمرأة - باتريسيا ويلسون (الكاتـب : عنووود - )           »          في محراب العشق "مميزة","مكتملة" (الكاتـب : blue me - )           »          أزهار قلبكِ وردية (5)*مميزة و مكتملة* .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          1206- خدعة مصيرية - دار نحاس (الكاتـب : Just Faith - )           »          حين يبتسم الورد (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة سلاطين الهوى (الكاتـب : serendipity green - )           »          فجر يلوح بمشكاة * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Lamees othman - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree480Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-11-20, 03:51 PM   #1241

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,501
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام زياد محمود مشاهدة المشاركة
الف حمدا لله على سلامتك ياجميل

عودة قوية بقفلة دمار شامل

الله يخربيتك ياعمر يانيلة
بالرغم من الموقف الصعب اللى فيه فريدة والتوتر اللى عاشته فى بعد ولادها عنها والرعب اللى وقعت فيه بمعرفتها بمرض بنتها

الا انى اتمنى بكل قوة انها تقهر عمر وترفضه وتعرفه ان جوزاها من تيمور مش مجرد حبر على ورق زى ما هو معتقد

ولو انى شايفه دلوقتى ان خطواط التراجع بدأت من مجرد رسالة من حماه جت تزغلل عينه بالمنصب اللى حلم بيه سنين

الفصلين روعه وفرحانه جدا لفادى وعليه ورضاها عنه اخيرا وقبولها بيه بعد ترددها الطويل

وسامر وفدوى واجمل تجمع فى عيلته والتوؤم القادم ان شاء الله

وحتى امانى اتمنى تستمر فى حياتها بطريقه صح المره دى

فاضل بقى تقهرى عمر وتخلصينا منه بالله عليكى

تسلم ايدك ياجميل وفى شوق للفصل القادم جدا ان شاء الله
ربنا يكرمك يا ام زياد سعيدة جداً بانطباعك وبأذن الله نتقابل الفصل القادم واتمنى أنه ينال اعجابكم 🤗❤️


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-11-20, 12:00 PM   #1242

زهرة الغردينيا

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 377544
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,778
?  نُقآطِيْ » زهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond repute
افتراضي

مؤكد فريدة سوف تحتار تيمور ....
عمر انانى يحمل فريدة نتيجة ما حدث ل ابنتها
فصلين رووعة
تسلم ايدك يا قمر


زهرة الغردينيا متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-11-20, 01:31 PM   #1243

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,240
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

بسم الله ما شاءالله و الله اكبر من عيونى و عيون كل القارئين لك أنا منبهرة بك يا هبة و سعيدة لوجود موهبة مثلك و سعيدة اكثر لعدم انتباهى للرواية بداية تنزيلها لظروف طارئة منعتنى من دخول المنتدى بانتظام و قد انتبهت لها من حوالى اسبوع او عشرة أيام فوجدت كم من الفصول تمتعت بقراءتها كما لو كانت الرواية منتهية ومنشرحة الصدر لكونك أخصائية نفسية فهذا يمكنك من إظهار خبايا النفس البشرية المعقدة دائما و السلسة أحيانا فسبحان الله و الحمدلله على ما وهبنا و انعم علينا بفضله
فى بداية الرواية كان عمر يخشى أن تتعلق فريدة بأحد فى الجامعة و تتركه و لذا كان يضيق عليها الخناق بطلباته تحت بند اهتمامه
بها ولكن سبحان مغير الأحوال فحدث له ماخشى منه على فريدة
اشكرك ياهبة على اهتمامك بتصحيح أية أخطاء إملائية و ممتنة لك على الراحة النفسية التى أجدها و أنا أتابع قراءة الرواية
دمتى بكل خير مع تمنياتى لك بمزيد من الإبداع و التألق والتميز في كل اعمالك 🌹💖


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-11-20, 03:08 PM   #1244

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,501
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة موضى و راكان مشاهدة المشاركة
بسم الله ما شاءالله و الله اكبر من عيونى و عيون كل القارئين لك أنا منبهرة بك يا هبة و سعيدة لوجود موهبة مثلك و سعيدة اكثر لعدم انتباهى للرواية بداية تنزيلها لظروف طارئة منعتنى من دخول المنتدى بانتظام و قد انتبهت لها من حوالى اسبوع او عشرة أيام فوجدت كم من الفصول تمتعت بقراءتها كما لو كانت الرواية منتهية ومنشرحة الصدر لكونك أخصائية نفسية فهذا يمكنك من إظهار خبايا النفس البشرية المعقدة دائما و السلسة أحيانا فسبحان الله و الحمدلله على ما وهبنا و انعم علينا بفضله
فى بداية الرواية كان عمر يخشى أن تتعلق فريدة بأحد فى الجامعة و تتركه و لذا كان يضيق عليها الخناق بطلباته تحت بند اهتمامه
بها ولكن سبحان مغير الأحوال فحدث له ماخشى منه على فريدة
اشكرك ياهبة على اهتمامك بتصحيح أية أخطاء إملائية و ممتنة لك على الراحة النفسية التى أجدها و أنا أتابع قراءة الرواية
دمتى بكل خير مع تمنياتى لك بمزيد من الإبداع و التألق والتميز في كل اعمالك 🌹💖

حبيبتي 💖 سعيدة جدا بانطباعك ويارب يدوم للنهاية 🌺
وسعيدة بانضمامك لقراءة الفصول حتى لو كنا بنقترب من النهاية 🌺
وسعيدة جدا إني قدرت أوصل مشاعري وانفعالاتي ليكي بالشكل ده ❤️❤️❤️
اتشرفت جدا بيكي💖💖


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-11-20, 03:11 PM   #1245

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,501
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة الغردينيا مشاهدة المشاركة
مؤكد فريدة سوف تحتار تيمور ....
عمر انانى يحمل فريدة نتيجة ما حدث ل ابنتها
فصلين رووعة
تسلم ايدك يا قمر
تسلميلي يا زهرة ❤️❤️فعلا عمر في جوانب غير سوية في شخصيته بيعمل اسقاط لاخطاؤه على الآخرين ليدفع عنه أي شعور بالتقصير ويحسس اللي قدامه إنه مخطيء
باذن الله نشوف اختيار فريدة في فصل بكرة 🌺🌺


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-11-20, 01:01 PM   #1246

amana 98
alkap ~
 
الصورة الرمزية amana 98

? العضوٌ??? » 319272
?  التسِجيلٌ » May 2014
? مشَارَ?اتْي » 1,128
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » amana 98 has a reputation beyond reputeamana 98 has a reputation beyond reputeamana 98 has a reputation beyond reputeamana 98 has a reputation beyond reputeamana 98 has a reputation beyond reputeamana 98 has a reputation beyond reputeamana 98 has a reputation beyond reputeamana 98 has a reputation beyond reputeamana 98 has a reputation beyond reputeamana 98 has a reputation beyond reputeamana 98 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

مساء الخير
فيه فصل اليوم؟


amana 98 متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-11-20, 01:15 PM   #1247

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,501
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل السادس والثلاثون


من قال أن الثواني والدقائق لحظات بسيطة غير مؤثرة في حياة البشر ؟هناك ثواني تكون فاصلة وإما نختار فيها الاختيار الصحيح وإما نختار فيها مانندم عليه عمرا كاملا، ثواني قليلة كفيلة أن تستعيد فيها حياتك كاملة وجعك خيباتك هزائمك انتصاراتك فيمر عليك عمرك كاملا في شريط متسلسل وعليك أن تتخذ فيها قرارا مصيريا .
كان عمر يقف بجوارها يغلي الدم في عروقه انفعالا وهو ينظر إليها يرى في عينيها تشتتا وضياعا وخوف وانهزام، يعرف كم هي تحب أبناءها وكيف اهتزت بعد ما حدث لسهر اليوم ويفكر كيف سيقنعها أنه كان صادقاً فيما قاله من ثواني قليلة، نعم كان صادقاً كان سيطلق رؤى لقد كان بينه وبين نطقه لكلمة الطلاق فقط رد فريدة ولكن عبدالمجيد أرسل له في الوقت المناسب ،كيف سيقنعها أن تعود دون أن يطلق رؤى؟


هل يمكن للقلب أن تتوقف دقاته وصاحبه لا زال على قيد الحياة؟ هذا ماشعرت به وهي تقف بينهما شعرت أن قلبها لا ينبض
ماذا يطلب منها ؟
هل يطلب منها ثانية العودة إليه وهو يعلم أنها متزوجة؟ هل يطلب منها الاختيار؟
وبين ماذا وماذا تختار ؟
بين رجل سلبها عمرها،أحلامها ،كرامتها ،أنوثتها ،وبين رجل قدم لها كل ذلك على طبق من ذهب وبجوارهم قلبه وعمره
ماذا يطلب منها هل يطلب منها أن تختاره هو؟
أي مسخ هو؟!.
لا ليس مسخ بل شعرت به كشيطان يوسوس لها بترك زوجها في مقابل أن يترك هو زوجته ،زوجته التي تركها وهدم حياة أسرة كاملة بسببها الان بمنتهى البساطة سيتركها ويوسوس لها أن تيمور لن يستمر معها
حتى وإن لم يستمر معها فهى لن تكون لعمر مرة أخرى يقايضها على حياة أولادها بين أب وأم في بيت مستقر! وأي استقرار في حياة تنظر فيها المرأة لرجلها نظرة دونية ،سقط من نظرها ومن يسقط من النظر لا يرتفع شأنه ثانية ،كانت تنظر إليه بصدمة هل هذا هو الرجل الذي عاشت معه سنوات هل كان هكذا طوال عمره وهي لم تنتبه؟
نظرتها التي ظنها تردد بسوء فهمه ما كانت إلا دهشة وازدراء

أما تيمور الذي كان يراهما من أول الممرالطويل فكان يتسارع نبضه كلما اقترب ورأى عمر يتحدث معها وهي تنظر إليه هو بما يشبه الصدمة أو الخوف ولا يعرف أن صدمتها كانت مما تسمعه ، وما أن وصل إليهما حتى تجاهل عمر تماما ووقف أمامها هى قائلاً بقلق حقيقي:"كيف حال سهر الان حدثتك كثيرا ولم تردي فكلمت فادي"
ما أن وقف أمامها وحدثها حتى شعرت وكأنها طفلة صغيرة تريد أن تحتمي بأبيها من شرور العالم كله فأحاطت ذراعه بكفيها المرتجفين ووقفت خلفه تحتمي به بشكل لا إرادي متمتمة بخفوت:"أصبحت بخير الحمد لله.."
أما عمر فكان ينظر إليها وإلى رد فعلها بمشاعر مختلطة جمعت بين الصدمة والحزن واليأس ولم تكن صدمته أو حزنه أو يأسه منها فقط بل من نفسه قبلها فقطع تيمور الصمت قائلاً لها بصوت فشل أن ينزع منه نبرة الغيرة:"لما تقفي هنا هل هناك شيء؟"
تشبثت في ذراعه أكثر مستمدة طاقتها منه ونظرت إلى عمر الذي كان وجهه مقلوبا ولم تكن تعرف مايعتمل داخله في هذه اللحظة التي قلبت له موازينه وقالت موجهة كلامها إلى تيمور رغم عينيها التي ثبتتهما على عمر و هي تدعي قوة لا تملكها في هذه اللحظة ولكنها استجمعت شجاعتها كلها لمواجهته:"كان يقول لي أنه سيترك الأولاد يعودون معي، وأنني أولى بتربيتهم في هذه المرحلة الحساسة من حياتهم ،ويذهبون إليه في الإجازات كما كنا،اشتدت حدة صوتها رغم اهتزازه وأكملت:كان يقول لي أنه لن يقف في طريق مصلحتهم وسلامهم النفسي الذي يدرك أنه لن يتحقق إلا بوجودهم معي وخاصة بعد ما حدث اليوم حيث أدرك أنه لن يكون متفرغا لهم جيدا كما أتفرغ أنا لهم بشكل كامل."

كان عمر يقبض على هاتفه بيد والأخرى كان يكورها بجواره كأنه يقبض على جمرة من نار ،يناظرها بنظرة قاتمة ليس لما تدعي أنه قاله وهو لم يقوله ولكن لاضطراره للإقرار بصحة ماتقول على الأقل أمام نفسه
بعدما قاله له عبدالرحمن صباحاً
وبعد رد فعل سهر الصادم بالامتناع عن الطعام حتى تعود لأمها،بردود أفعال سمر مع رؤى التي يدركها ويراها ويتعامى عنها،بعد رفض والده القاطع أن يضم الأولاد إلى حضانته رغما عنهم،بعد مواجهته بالأمس مع رؤى ورفضها لوجودهم ،وبعد الرسالة التي انتظرها سنوات ولم تأتي إلا في هذه اللحظة.

كانت كلمات فريدة كالسهام التي ترشق في صدره أثناء معركة دامية ،ورغم أنه كان صادقا في وعده لها بأنه سيطلق رؤى ولكنه لم يكن ليفعلها بعد وصول الرسالة اليه، وماذا لو كانت فريدة اختارته كيف كان سيخذلها وقتها أم تراه كان سيخذل نفسه ويترك مقعد البرلمان الذي يلوح له في الأفق القريب ويبرق أمامه كنصل سيف حاد
ترى من وقتها كان سيخذل هى أم نفسه؟
وترى هل يغضب منها لأنها رفضته للمرة التي لايعرف عددها أم يمتن لها لأنها برفضها لم تكتشف أن وعده لها كان وعدا زائفا لم يكن يستطيع الوفاء به ؟

بعد كلمات فريدة القاطعة وشعوره بالانهزام أمامها وأمام نفسه أطرق بوجهه أرضا وتركهما وسار دون كلام في الممر الذي جاء منه تيمور للتو وهو ينظر إلي هاتفه يعيد قراءة الرسالة مرة تلو الأخرى إلى أن اختفى عن أعينهما وهو يتجه يسارا أما فريدة التى كانت لا تزال تتمسك بذراع تيمور فقد شعرت بالدوار الشديد فقال لها تيمور الذي لم يدخل حديثها كله رأسه ولكنه صمت نظرا للحالة التي تمر بها:"أريد الاطمئنان على سهر هل حالتها مستقرة؟"
رفعت وجهها إليه وهي توميء برأسها علامة على أن البنت بخير ثم قالت له بعينين متوسلتين و بصوت متحشرج خرج من حلق جاف كأنها قطعت طريقا طويلاً مشيا دون نقطة ماء:"تيمور هلا ضممتني "
كان يعرف أنها تعرضت لضغط كبير الفترة الماضية وكان هو الآخر أداة ضغط عليها ولكن رغما عنه ،وإن لم تكن هي قد طلبتها لفعلها هو من تلقاء نفسه فلم يهمه أنهم في منتصف الرواق ليضمها إليه بقوة حانية ويثبت ذراعه حول خصرها بإحكام ليكتشف أن جسدها نحف كثيراً خلال الأيام السابقة فشعر بالشفقة عليها ليضمها إليه أكثر وبذراعه الآخر يمسد على ظهرها أما هي فما أن لامس جانب وجهها صدره وتسللت إلى أنفها رائحته وأحاطت جذعه بذراعيها حتى شعرت أن الدوار يزداد وأن قدميها تحولتا إلى هلام فلم تعد تشعر بهما وشعر هو بارتخاء جسدها ولكنه نظرا لقوة بنيانه دعمها بذراعيه قائلا بجوار أذنها بقلق:"فريدة ماذا بك ؟"
كانت هناك قوتان تتصارعان بداخلها ،قوة عقلها الواعي الذي يدعوها للصلابة والجلد لتكون قوية أمام أبناءها و قوة عقلها اللاواعي الذي يجذبها للهروب من كل الضغوط والاحتماء بتيمور والسقوط على صدره ،ورغم جنوح عقلها اللاواعي لرغبته إلا أن عقلها الواعي كان يذكرها بمهامها كأم وأبناؤها الذين على بعد خطوات منها يحتاجونها ،فوقف عقلها في منطقة بين الوعي واللاوعي جسدها مٌستسلم للدفء الذي يبثه في أوصالها قرب تيمور ولكنها تشعر بما حولها فسمعت صوت فادي الذي أحضر لهم طعام ومشروبات من الخارج يقول لتيمور بقلق :"ماذا بها؟"
فقال له تيمور وهو يحملها ويتقدم بها نحو المقاعد على جانب الرواق:"يبدو أنها تعاني من دوار "
وضعها على المقعد في وضع الجلوس وأخذ يربت برفق على وجنتيها فبدأ وعيها يعود إليها بشكل أفضل فقالت بصوت خافت:"أنا بخير"
فقال لها فادي وهو يخرج زجاجة عصير :"لابد أن تشربي شيء"
فقالت له بصوت واهن :"لا أريد شيء "
فأخذ منه تيمور العصير وفتحه وقال لها بحزم:"لابد أن يدخل جسمك سكريات "
أحاط كتفيها بذراعه قائلاً وهو يقرب من فمها علبة العصير:"اشربي حتى يهدأ الدوار لندخل وأطمأن على سهر " فاستندت برأسها على كتفه وهي تشرب ببطء

*************

خرج إلى حديقة المستشفى وجلس على أحد الأرائك و هو لايزال ينظرإلى الرسالة ليأتيه اتصالا فينظر إلى الشاشة فيجده عبدالمجيد ففتح الخط مباشرة قائلاً بصوت خشن خرج رغما عنه :"أهلا عبد المجيد باشا"
فجاءه الرد من الجهة الأخرى بصوت دائما يحمل القوة والسطوة بين جنباته :"أهلا عمر لما لا ترد؟"
فقال عمر بصوت حاول أن يداري مابه من انفعال :"أنا في المستشفى مع ابنتي "
قال عبد المجيد مجاملاً :"ألف سلامة عليها كيف حالها الان؟"
قال له وهو يضع كفه الحر على عينيه :"بخير الحمد لله"
تنحنح عبد المجيد بخشونة ثم أردف:"الحمد لله ، أريدك ما أن تطمئن عليها حتى تأتي كما قلت لك لمناقشة بعض التفاصيل الخاصة بالمرحلة القادمة ثم أردف بخبث: لما لم تجهز كل الأوراق حتى الان؟"
قال عمر بصوت منخفض كمن فقد قوته كلها فجأة :"حين كنت معكم في أخر إجتماع معاليك لم تشير إلى وجودي في المجلس القادم فظننت أنه لم يأن الأوان لوجودي بعد "
استقام عبد المجيد وسار خطوتين في حجرة مكتبه قائلاً بدهاء رجل له سنوات في عالم المال والأعمال والسياسة:"لم أشير إليك لأن وجودك شيء مفروغ منه لا نقاش فيه ألم تفهم ذلك في وقتها؟"
تحكم عمر في زفرة حارة أراد إخراجها يود لو يحرق بها كل من حوله وأولهم طموحه فأكمل عبد المجيد حديثه قائلاً: هناك شيء آخر أريده منك .. صمت ثانيتين ثم أردف:فافي حجزت لكم عند أشهر طبيب نساء في العاصمة إذهب أنت ورؤى وإذا استدعى الأمر سفر للخارج أنا سأتكفل بكل شيء...."
تنهد عمر قائلا:"صدقني ياباشا ذهبنا كثيرا ولا فائدة..."
انقلب وجه عبد المجيد قائلا:"كل مشكلة ولها حل بإذن الله وإذا لم يفلح علاج طبيب نبحث عن غيره ثم أردف بنبرة أهدأ:أنا أريد أحفاد ياعمر ،أريد أحفاد يرثوني أنا ليس لدي سوى رؤى "
مرر عمر أصابعه في خصلات شعره قائلا وهو يغمض عينيه:"بارك الله لنا في عمرك ياباشا ،حسنا بإذن الله سأفعل ذلك ..."
قال عبدالمجيد :"وهناك أمرا آخر ،أعتقد أن الفترة القادمة لا أنت ولا رؤى ستكونان متفرغان لرعاية الأولاد فالأفضل أن يعودوا لوالدتهم وأنت رأيت بنفسك ماحدث،ثم أردف بهدوء ولكنه قاطع:ثم إنني أعرف ابنتي لن تستطيع الاعتناء بهم..."
قال له عمر بصوت مستسلم:"هم عادوا بالفعل.."

أغلق عمر معه واستند برأسه للخلف على الأريكة الخشبية وهو يشبك أصابع كفيه معا ويضعهم خلف رأسه، يريد أن يفصل ذهنه عن كل شيء حوله،
كلمات فريدة أمامه وتشبثها بذاك الرجل كانت كالسياط تجلده بقسوة ، والأقسى منه تشبثه هو بطموحه الشخصي، هو نفسه لا يعرف سر تشبثه به كل هذه السنوات ،لا يعرف سوى أنه منذ كان صغيراً وطموحه بلا حدود يريد أن يصعد الجبل حتى يصل إلى قمته ،ابتسم وجهه ابتسامة ساخرة متعجبا من حال الدنيا ألم يكن من الممكن أن يصل إلى مايطمح إليه بدون أن يخسر ماخسر ؟ غالبا هذه هي الضريبة لكي تأخذ شيئا لابد أن تدفع الثمن ورغم أنه لم يكن في حسبانه من البداية أن يضحي بأي شيء كان يظن أنه بإمكانه أن يحصل على كل شيء معا إلا أن الحياة علمته درسا قاسيا وهو أن كل شيء مقابله شيء ومضى وقت تصحيح مافات فليستمتع بما هو أت..
أغمض عينيه وهو يشعربغمامة سوداء فوق عينيه تحجب عنه ضوء النهار الساطع ليغفو قليلاً وكل أحداث
اليوم تتداخل في ذهنه فتشكل مزيجا من الأحلام المزعجة

***************

بعد أن استعادت فريدة وعيها كاملا تحركت مع تيمور وفادي إلى حجرة سهر ،دلف تيمور وألقى السلام على الجميع ولاحظ تشنج كريمة واقتضاب وجه إبراهيم وكان يُقدر موقفهما فاتجه ناحية سهر الراقدة في الفراش وقبل رأسها قائلا بحنان:"كيف حالك صغيرتي ؟"
ابتسمت قائلة بصوت خافت :"بخير"
قبل رأس سمر الجالسة بجوار شقيقتها وصافح عبدالرحمن سلاما رجوليا باليد ثم تناول التقرير المثبت على مقدمة السرير وبه حالتها بالتفصيل وقرأه كاملا ثم أعاده مرة أخرى ورأى أن وجوده معهم في نفس الحجرة غير لائق فاستأذن ليخرج فقال له فادي :"أين ستذهب؟"
ربت على كتفه قائلاً :"سأكون بالخارج "
خرج فادي خلف تيمور ووقفا أمام الحجرة
واستأذن عبدالله هو الآخر من إبراهيم قائلا:"سأذهب لأتفقد عمر "
وفي طريقه في الممر الخارجي وجد تيمور يقف مع فادي بالخارج فابتسم لهما ابتسامة صغيرة مع ايماءة برأسه ثم نزل ليبحث عن صاحبه وهو يتوقع حالته كيف ستكون

***************

في منزل عمر كانت رؤى قد انتهت من ارتداء ملابسها وكان وجهها متجهما بسبب أحداث اليوم من أوله ،نزلت من البيت واستقلت سيارتها الحديثة التى أهداها لها والدها في عيد ميلادها الأخير وهي تشعر أن شياطينها بالفعل قد حضرت بسبب ماحدث


منذ ساعة

كانت رؤى تشعر بالقلق بعد أن ذهب عمر بالبنت إلى المستشفى ،نعم هي لا تحب أبناؤه وكانت بالأمس فقط تطلب منه رحيلهم ولكن بالطبع لا تتمنى لهم السوء،كانت تتصل بعمر ولا يرد عليها فأخذت تلح عليه في الاتصال إلى أن رد عليها أخيرا باقتضاب قائلاً:"نعم رؤى.."
قالت له بنبرة يشوبها القلق:"ماذا حدث لما لا ترد علي لتطمئنني؟.."
كانت سهر في هذا الوقت قد انتقلت إلى الحجرة بالطابق الثاني واطمئن عليها فقال لها بنبرة هجومية:"وهل تهمك البنت؟ بل هل يهمك الأولاد؟ ألم تكوني بالأمس فقط تطالبين برحيلهم؟.."
صدمها حديثه بهذا الأسلوب فجلست على الأريكة بغرفة المعيشة وقالت له بعينين متسعتين:"ماعلاقة هذا بذاك؟.."
قال لها بغيظ:"أنتِ لم تهتمي بطعامهم الأيام الماضية والبنت حدث لها هبوط وانخفاض في الضغط وضعفت بسبب قلة الأكل ثم أردف بصوت غليظ:ألم تنتبهي أنها لا تأكل؟ تعيش معكِ في بيت واحد ولا تنتبهي لشيء كهذا؟.."
لأول مرة كان عمر يتحدث إليها بهذه الطريقة فصمتت قليلاً وهي تشعر بالإستفزاز من طريقته ثم أردفت ببرود:"المفترض أن تكون هذه مهمتك أنت لا أنا ،اسمعني ياعمر أنا أقدر خوفك على البنت ولكن هذه مسئوليتك ومسئولية أمها التى تبعدهم أنت عنها.."
مط شفتيه قائلاً بنفس البرود:"عندك حق مسئوليتي أنا وأمهم لكِ زمن طويل لم تقولي شيء صحيح ثم أردف بحزم:أغلقي الآن حتى أطمئن على البنت.."
ولم ينتظر منها ردا وأغلق الخط مباشرة ،اتسعت عينيها ولمعت بخوف من شيء مجهول فرغم أنها تعرف أن فريدة متزوجة ولا تشكل أي خطر عليها إلا أنها شعرت في هذه اللحظة بالخوف ،شعرت أن عمر يتسرب من بين أناملها فاتصلت بأمها وما أن ردت عليها حتى قصت عليها ماحدث كله فظهر على وجه فافي القلق فقال لها عبدالمجيد الذي كان بجوارها ولم يذهب إلى عمله بعد:"ماذا هناك ماذا بها رؤى.."
لتقص عليه ماقالته ابنتها فبدى الإهتمام على وجهه وهو يستمع إليها بإنصات ثم قال لها :"لا تقلقي من جهة عمر لن يفعل شيء ضد رغبتي..."
قالت له فافي بعتاب:"لما تأخرت في إخباره بأمر الترشح ؟."
قال لها بنبرة رجل خبير في فهم خبايا الرجال :"أنا أعرف عمر جيدا وأعرف التوقيت الجيد لإخباره وهذا هو الوقت المناسب..."
هزت رأسها علامة على الفهم ثم طمأنت ابنتها فأغلقت معها رؤى وقد عزمت على الذهاب له ليس اطمئنانا على البنت أكثر من أنها تريد تفقد الوضع بالضبط فعمر وفريدة معا هناك وكل مايتردد في ذهنها كلمات أمها حين قصت عليها قصة زوجة أبيها الأولى (حين يكون لكِ غريما لابد من وقت للآخر من متابعة أخباره ومعرفة تطورات حياته بل ورؤية ذلك بأم عينك حتى لا تتركي مجالا لحدوث أي مفاجأت لا تتوقعيها)


وصلت رؤى إلى المستشفى ودلفت إلى الداخل ولم تلاحظ عمر الذي يجلس في ركن الحديقة وبجواره عبدالله
أما بالأعلى فكان تيمور قد ذهب إلى المنزل ليحضر لفريدة ملابس عوضا عن ملابسها الغير مناسبة التي لم تنتبه لنفسها حين أتت بها وأكد على فادي ألا يتركها وحدها ثانية حتى يعود هو
كانت فريدة تجلس بجوار سهر تطعمها بيدها فقالت سهر بضيق:"كفى أمي شبعت..."
"حتى يهدأ الدوار ياسهر ولتتمكني من أخذ أدويتك " قالتها فريدة بحنان دافق اشتاقت إليه البنت لأيام ثم وضعت ملعقة أخرى في فمها لتقول سهر بتوسل:"أمي كفى لا أستطيع..."
فقالت لها كريمة التي تجلس وتضع يديها فوق بعضهما أعلى بطنها:"دعيها وتكمل بعد قليل"
وضعت فريدة الصينية على المنضدة المجاورة بينما قالت سهر وهي توجه حديثها لأخوتها:"أين نظارتي أنا لا أرى جيدا؟.."
فقال عبدالرحمن الذي يجلس بجوار جده ويأكل من الطعام الذي أحضره فادي حيث شعر بالجوع ما أن اطمأن على أخته:"هل تظنين أنه حين رأيناكِ بحالتك التي كنتِ عليها كنا سنفكر في النظارة!.."
ظهر الإستياء على وجه سهر فهي لديها استجماتيزم ولا تستغنى عن نظارتها فاقتربت منها نصفها الآخر ووضعت يدها في جيب قميصها القطني الذي كانت ترتديه على بنطال جينز وأخرجت نظارة أختها قائلة والدموع لا تزال تلتمع في عينيها :"كانت بجوارك حين تعبتي، لا أعرف وجدت نفسي تلقائيا أضعها في جيبي "
أعطتها النظارة بعد أن مسحت زجاجها بمنديل ورقي فارتدتها سهر لترى المكان والوجوه من حولها أكثر وضوحا أما فريدة فانتبهت للتو أنها في غمرة خوفها على سهر نسيت سمر ونسيت أنها تتأثر بأختها جدا ،ربما هي مشاغبة وشقية ولكن مشاعرها رقيقة فجذبتها فريدة من ذراعها وضمتها إلى صدرها لتنفجر البنت في البكاء في حضن أمها فانسابت دموع نسمة التي كانت تجلس بجوار أمها تلتزم الصمت منذ حضرت فالوضع كله مؤسف أما إبراهيم فأخذ يردد بصوت مختنق "ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين"

طرقتين على باب الغرفة تبعهما فتح الباب وظهور رؤى التي كانت بكامل أناقتها فاتجهت الأعين إليها بينما قالت هي موجهة كلامها لحمويها:"مساء الخير، كيف حال سهر الآن؟.."
قالت لها كريمة بفتور :"أصبحت بخير الحمد لله.."
أشارت فريدة بعينيها لنسمة لتجلس مع سمر بجوار سهر بينما خرجت هي من الغرفة دون كلام لتقف بجوار فادي الذي قال لها وهو يعرف الإجابة:"لماذا خرجتِ؟"
قالت له بملامح متغضنة:"أصبحت أشعر بالإختناق في أي مكان يتواجد به عمر وحين دخلت هي شعرت به هو أمامي.."
ربت على كتفها وقال لها :"فدوى عرفت بما حدث وآتية في الطريق..."
قالت له بعتاب:"لما قلت لها؟.."
قال لها:"اتصلت بكِ كثيرا وحين لم تردي شكت في الأمر وحدثتني فلم أستطع الإخفاء.."
أومأت برأسها ثم تركته لتجلس على المقعد المقابل له وهي تشعر بأن جسدها كله في حالة وهن فاستندت برأسها على الحائط خلفها

دقائق وخرجت رؤى وأغلقت الباب خلفها وخطت باتجاه فريدة لتجلس بجوارها فنظرت إليها فريدة بحيرة أما هي فتفحصتها بنظرة مدققة لتنتبه لأول مرة على حقيقة أن غريمتها حقا جميلة،كانت سابقا تعتمد على جمالها هي وأنها استطاعت أن تجتذب عمر لها فكانت تظن أنها بالتأكيد أجمل من زوجته الأولى وأفضل منها وإلا لما تزوجها هي، أما الآن ،بعد خمس سنوات كاملة هاهي تجلس بجوارها لأول مرة لتكتشف هذه المرأة التي كانت زوجة لزوجها يوم ما والتي لم يخجل أن يقولها لها في وجهها أنه يريد أن يعيدها من أجل الأولاد هذا بالطبع قبل اكتشافهم زواجها
كانت فريدة ترتدي حلة رياضية أنيقة وغطاء السترة ينزاح فيظهر جزأ كبير من شعرها الناعم الذي يتبعثر حول وجهها بشكل عفوي فبدت في عيني رؤى امرأة جذابة بوجه هاديء وملامح جميلة وقوام رشيق ،
كان فادي يرى الوضع ويود لو يأخذ فريدة من يدها بعيدا عن هذه المرأة ولكنه وجد أنه لايصح أن يتدخل مادام لم يحدث تجاوز منها

"غريب شكلنا ونحن نجلس هكذا أنا أعرف"
نطقتها رؤى وهي تمط شفتيها فالتفتت إليها فريدة بوجه في ظاهره هاديء الملامح في باطنه استسلام محارب بعد معركة طاحنة فقالت لها بنبرة هادئة:"هل تريدين مني شيء ؟ عمر ليس هنا "
"أنا لم آتي من أجل عمر بل جئت لأطمئن على سهر منكِ رغم أن هذه الزيارة تأخرت لسنوات وكنت أظن أنكِ أنتِ من ستأتي إلي ولكن العكس هو ماحدث"
كانت تتحدث بنبرة لم تستطيع فريدة تبين مغزاها فأردفت بتساؤل:"ولما كنت سأحضر لكِ أنا؟"
عقدت رؤى ذراعيها أمام صدرها وهي تناظر فريدة عينيها في عينيها تماما دون أن تحيد عنهما ثم ردت عليها قائلة:"الطبيعي حين يتزوج الزوج على زوجته أن تذهب لترى من هي التي تزوجها فتوقعت صراحة أن أراكِ... "
ناظرتها فريدة بتعجب شديد ،تعلم أنها أصغر منها سنا ولكن ليس للدرجة التي تكون فيها ساذجة إلى هذا الحد
"كنت ستنتظرين إذن عمرك كله"
قالتها فريدة بسخرية خرجت منها رغما عنها رغم أن الوقت غير مناسب للسخرية، حقيقة الوقت غير مناسب لا للسخرية ولا لرؤى نفسها
ثم أردفت بجدية تامة عكس سخريتها السابقة :كنتِ ستنتظرين عمرك كله لأنني لست أنا من أذهب لامرأة من أجل رجل، ثم أن زواجك وطلاقي كانا حدثان متزامنان بمجرد أن أعلن المأذون زواجك شهدت نفس القاعة تحرري في نفس التوقيت فلم نجتمع على ذمة رجل واحد كما تعتقدين "
ظهر الضيق على وجه رؤى فقالت لها فريدة بتساؤل جدي :"أنتِ ماذا تريدين مني بالضبط أنتِ وزوجك؟"
اتسعت عيني رؤى قائلة:"ماذا به زوجي ؟ماذا يريد منك!"
قالت لها فريدة بنظرة حادة :"إسأليه"
ظهر التوتر جليا على ملامحها ،كانت تعلم أن كل ما يفعله مع الأولاد من أجلها ،من أجل أن يضايقها ولكن لم يصل لخيالها ماحدث هنا منذ قليل
قالت رؤى في محاولة لمداراة توترها:"أنا فقط تعاطفت معكِ حين منع عمر الأولاد من العودة إليكِ حتى أنني فكرت أن أتصل بكِ وأحاول معكِ حل الأمر ،هذا كل مافي الموضوع ماذا سأريد غير ذلك؟"
قالت لها فريدة بنبرة قاطعة:"لا تتعبي نفسك أبنائي عادوا وكانوا سيعودون في كل الأحوال "
لم تكن رؤى تتوقع ردود أفعال فريدة هذه ظنتها ستكون في موقف ضعف لما حدث لابنتها ،كان لديها حق أمها حين قالت لها أنها لابد أن ترى غريمتها بعينها وحمدا لله أنها تزوجت فإن لم تكن متزوجة لكانت شكلت خطرا عليها بشخصيتها هذه
استقامت واقفة وقالت لها مدعية الثبات:"حمدا لله على سلامة سهر سأطمئن عليها مرة أخرى قبل أن أرحل "
بسطت فريدة كفها أمامها بما يعني (تفضلي)
بينما كانت رؤى تتفتت غيظا من طريقتها الباردة معها
فاستدارت لتدخل الغرفة ولكن فريدة باغتتها قائلة بنبرة هادئة وصوت عميق وقد أدركت أخيراً هدف رؤى :"أنا لم ألومك أبدا ذات يوم ولم تكوني غريمة لي ،التفتت إليها رؤى مرة أخرى ونظرت في عمق عينيها فأكملت فريدة:لم ألومك لأنه مهما كان اغرائك إن لم يكن هو مستعد من البداية لما ذهب إليكِ وبالتالي مهما بلغ تفانيكِ معه لن يمنعه من تركك كما ترك غيرك ..." ضيقت رؤى عينيها وقالت لها بصوت مهزوز :"لما لا تتحدثين بشكل مباشر، مامعنى كلامك هذا؟.."
"أنا كنت أشفق عليكِ في كل وقت كان يتركك فيه ويلهث خلفي أو يتتبع أثري، فما أعنيه أنه من الوارد كما فعلها معي قديما أن يفعلها معكِ الآن..."
قالتها فريدة بنبرة قوية جادة لتخرج مافي صدرها كله وحتى لا تفكر من الإقتراب منها مرة أخرى
فقالت لها رؤى بعينين تطلقان شررا ونبرة عصبية حاولت التحكم فيها ولكن فضحها اهتزاز ساقيها :"هذا كان قديما ومن أجل الأولاد فقط.."
مطت فريدة شفتيها قائلة :"ربما..."

حين أتت رؤى لتفقد الوضع لم يخطر ببالها إطلاقا أن تنقلب الأية وعوضا عن أن تكون هي في موقف قوة أن تصبح في موقف ضعف فلم تحب أن يمتد الحديث أكثر من ذلك لذلك استدارت دون كلام لتدخل الغرفة وسؤال واحد يدور في ذهنها ماذا تعني كلمة ربما؟؟؟

عاد تيمور ومعه ملابس لفريدة وطعام إضافي للطعام الذي أحضره فادي فوجدها تجلس بالخارج وفادي يقف بالقرب منها يتحدث مع علية على الواتساب يقص عليها ماحدث وما أن وقف أمامها حتى وضع مامعه على المقعد وقال لها "لما تجلسين هنا؟"
قالت له وهي تشير للحجرة:"زوجة عمر بالداخل فلم أحب أن أبقى "
جلس بجوارها ومد يده لها فوضعت كفها في كفه فقال لها وهو يضغط على أناملها برفق:"تعالي لنجد مكان تبدلي فيه ملابسك هذه"
قالت له:"سأبدل في الداخل فالجميع سيمشي بعد قليل فالطبيب قال غالبا ستبيت"
أحاط كتفيها بذراعه فوضعت رأسها على كتفه وتنهدت تنهيدة طويلة فقال لها بشفقة:"أنتِ تحتاجين إلى الراحة يافريدة "
"أنا أحتاج إلى الإنهيار لا للراحة ولكني لا أملك رفاهية هذا ولا ذاك ..."
قالتها بصوت واهن عكس نبرتها الواثقة القوية منذ قليل مع رؤى فشعر أنه يريد أن يخبئها داخل أضلعه ربما تجد راحتها فشدد من احتواء كتفيها بذراعه واستند برأسه على رأسها الساكن فوق كتفه لتخرج رؤى وترى هذا المشهد وتتسمر مكانها لدقيقة كاملة تنظر إليهما بحسرة ،يبدو عليه شخص مميز وذو مكانة ،كانت فريدة تغمض عينيها فلم تراها وهي تنظر إليهما مباشرة ولم تعرف أنها في هذه اللحظة كانت تحسدها على زوجها الذي يبدو عليه أنه متفاهم محب، وسألت نفسها هل هي فعلا كسبت بطلاقها من عمر وكسبت بزواجها من هذا الرجل؟ شعرت بغصة في حلقها وهي تسترجع كل توتر الفترة الماضية مع عمر وأيقنت وقتها أنه لولا الحب ما كانت تحملت الكثير من طباعه
طرقت الأرض بكعب حذائها وهي تنصرف فسمعت فريدة صوت خطواتها ولكنها لم تفتح عينيها أما رؤى فتناولت هاتفها بعصبية واتصلت بعمر الذي رد عليها قائلا:"نعم رؤى ..."
أردفت وهي تنظر حولها :"أين أنت أنا في المستشفى ولم أجدك..."
اعتدل في جلسته بجوار عبدالله على نفس الأريكة وقال لها:"لما جئتِ؟.."
رفعت حاجبا واحدا وهي تتوقف على آخر درجة من السلم وقالت له:"جِئت لأطمئن على البنت أليس هذا واجبي؟.."
"وأين كان واجبك وأنتِ تتعاملين معهم ببرود طوال وجودهم معنا؟ وأين كان واجبك وأنتِ لا تراعين طفلة صغيرة لتعرفي هل تأكل أم لا ؟وأين كان واجبك حين كنتِ تطلبين مني بالأمس أن أعيدهم إلى أمهم"
هذا ماتردد في ذهنه وكان يتمنى لو ينفجر به في وجهها ولكنه لجم انفعالاته فللتو والدها حدثه ليقدم له ماتصبو إليه نفسه فهل هذا يكون رد مافعله معه؟

"حسنا رؤى أشكرك أنا فقط مشغول الآن أنهي بعض الأمور مع عبدالله ما رأيك أن تسبقيني إلى بيت والدك وأنا سآتي إليكِ في المساء فلدي موعد معه اليوم..."
بدى الإرتياح على وجهها فقالت له :"حسنا سأنتظرك هناك..ومع ارتياحها من كلماته وارتياحها لأن الأولاد سيعودون لأمهم قالت له بصدق :أحبك..."
لو كان أحد قال له من قبل أن كلمة كهذه سيكون ردها ثقيلاً عليه لما صدق ،قديما كانت تنساب من بين شفتيه لفريدة بيسر وحين تعرف على رؤى وتوطدت علاقتهما وجد نفسه تلقائيا يقولها وهو يرى انعكاس إعجابها به في عينيها يزداد يوما بعد يوم وتوهجها هي يزداد يوما بعد يوم أما الان وبعد كل مامر به خلال السنوات الماضية وجد نطقها صعبا ووجد لسانه ثقيل فقال لها بفتور:"وأنا أيضا.."
ولأن مايخرج من القلب يصل إلى القلب مباشرة فلم تشعر رؤى بصدقه ولكنها أقنعت نفسها أنه متوترا لمرض ابنته فأغلقت معه واستقلت سيارتها متوجهة لبيت والدها ولكن كلمات فريدة أخذت تتردد في ذهنها طوال الطريق


يتبع


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-11-20, 01:19 PM   #1248

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,501
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

بعد قليل

وقفت نسمة في الممر الخارجي وهي تمسك هاتفها لتحدث عبدالله فقالت له بصوت مرهق ما أن رد عليها:"أين أنت اختفيت فجأة أنت وعمر.."
كان يجلس على الأريكة بجوار عمر فاستقام وابتعد عنه قليلا وأردف بصوت منخفض:"أجلس مع عمر فحالته ليست جيدة ويلتزم الصمت ..."
قالت له:"البنت أصبحت بخير دعه لايقلق..."
قال لها بزفرة حارة :"حالته ليست بسبب البنت أنا أعرف عمر جيدا،هو في مرحلة التسليم بالأمر الواقع طوال الفترة الماضية كان في مرحلة الإنكار لكل مايحدث حوله، زواج فريدة له تبعات كثيرة بالنسبة لعمر فهو كان يظن أنه سيعود لبيته وحياته في أي وقت ومافعلته هي نسف كل آماله هذه..."
وضعت يديها على رأسها فكانت تشعر بالإرهاق الشديد وأردفت:"قل له أن ينظر للمستقبل وينسى الماضي خاصة أنه هو من طمس ماضيه بيديه واختار مستقبله .."
"يكفيه جلده لنفسه يانسمة،لن أصبح أنا الآخر جلادا له"
قالها وهو يعود ببصره جهة صاحبه الذي يجلس له فترة كبيرة على هذا الوضع ثم أردف :ماذا تفعلين؟.."
قالت له :"أسير في المستشفي قليلا الأجواء بالداخل تعبت أعصابي..."

أغلقت معه وكانت في الطابق الأرضي الذي به العيادات الخارجية وألقت نظرة للداخل فلم يكن هناك زحاما فالعيادات ينتهي العمل بها بعد العصر فتقدمت من موظفة الإستقبال قائلة:"هل يوجد طبيبة نساء في العيادة الان؟..."
قالت الموظفة :"دكتورة إيمان إدريس متواجدة باقي أمامها حالة واحدة وتنصرف..."
رغم أنها لم تكن تنوي الكشف ولكنها وجدتها فرصة مناسبة خاصة أن آلام بطنها تتزايد في الفترة الأخيرة وخاصة أثناء عادتها الشهرية فقالت للموظفة:"هل يمكن أن أحجز ؟.."
نظرت الموظفة إلى اصفرار وجهها ولا تعرف لما شعرت بالشفقة تجاهها فأردفت :"رغم أن الطبيبة لا تأخذ إلا حالات محددة ولكني سأحجز لكِ فتبدين متعبة وقولي للممرضة أنكِ من طرف عزة...."
ابتسمت لها نسمة وشكرتها ثم أخرجت من حقيبتها ثمن الكشف

بعد قليل

كانت تقف أمام الباب استعدادا للدخول حين وجدت من يقول من خلفها بصوته المألوف:"ماذا تفعلين هنا يانسمة؟.."
التفتت خلفها لتجد عبدالله الذي يناظرها بنظرات متسائلة فقالت له :"وجدت أننا سنطيل في البقاء هنا خاصة بعد أن قال الطبيب أن سهر ستبيت فقلت مادمت هنا أكشف بشان الآلام التي قلت لك عليها..."
قال لها بعينين يبدو فيهما القلق :"قلقت عليكِ حين لم أجدك وهاتفك مغلق.."
قالت له وهي تتأمل قامته الممشوقة بإعجاب لم يهدأ بمرور الأيام بينهما :"فعلا فصل شحنه بعد أن حدثتك، ثم أردفت :أين عمر الآن؟.."
خرجت الحالة فقالت الممرضة لنسمة:"تفضلي مدام نسمة..."
فقالت نسمة لعبدالله:"ستنتظرني هنا؟.."
شعر أن من الأفضل أن يدخل معها ليطمئن عليها فقال لها :"لا سأدخل معكِ..."
دخلا معا إلى الطبيبة التي استقبلتهما ببشاشة وقالت لنسمة بمودة:"هل أنتِ عروس جديدة ؟..."
قالت نسمة بابتسامة جميلة رغم شحوب وجهها:"لنا عدة أشهر.."
فسألت الطبيبة السؤال الروتيني :"هل هناك حمل؟.."
"لا أنا فقط أعاني لي عدة أشهر من آلام شديدة أثناء عادتي الشهرية وبعدها حتى إنني أشعر في بعض الأيام بالإنهاك الشديد من هذه الآلام .."
قالت لها الطبيبة بعد أن سألتها عدة أسئلة روتينية :"هل أجريتِ اختبار حمل هذا الشهر؟.."
قال لها عبدالله باقتضاب حتى تُنحي موضوع الحمل جانبا وتركز في مشكلة نسمة الأساسية:"أنا لدي مشكلة كبيرة ولا نتوقع حدوث حمل من الأساس..."
شعرت نسمة بإحراجه وندمت أن جعلته يدخل معها فأردفت بسرعة:"عادتي انتهت منذ أيام قليلة..."
أشارت الطبيبة لنسمة على سرير الكشف وهي تشعر بتوتر الأجواء من حول هذا الثنائي ثم استقامت لتكشف عليها ،عدة دقائق أخذت تمرر جهاز السونار على بطنها يمينا ويسارا صعودا وهبوطا فبدأت نسمة بالشعور بالتوتر من صمت الطبيبة وطول مدة الكشف فقالت الطبيبة وهي تنظر إلى عبدالله الجالس على مقعده يتابع شيء على هاتفه :"أستاذ...."
رفع وجهه قائلا :"عبدالله ..."
ابتسمت قائلة:"بعد إذنك ثانية استاذ عبد الله..."
استقام واقفا واتجه نحوها فأشارت له على الشاشة أمامها قائلة:"استاذ عبدالله المدام حامل مبارك عليكما..."
انتفضت نسمة في مكانها قائلة بصدمة :"ماذا؟.."
أما عبدالله فشعر أن أذنيه صُمت ودوى بهما طنينا ليقول لها بلا استيعاب:"ماذا قلتِ؟..."
قالت له الطبيبة وهي تشير إلى الشاشة :"المدام حامل في شهرين وهذا هو الجنين ..."
نظر عبدالله إلى الشاشة حيث تشير فأردفت بنبرة عملية":هذا رأس الجنين وهذه أطرافه وهذا قلبه.." كان يتابع حركة يدها أمام الشاشة ويرى فعلا شكل جنين أمامه ولكنه لم يستطيع الاستيعاب بعد فقالت لها نسمة وهي لاتستطيع الاستيعاب مثله ليصبح اصفرار وجهها أشد :"هل أنتِ متأكدة أن هذه الصورة تخصني وليست للسيدة التي كانت تسبقني في الكشف؟.."
نظرت الطبيبة إلى ملامح الصدمة علي وجهيهما وقالت لعبدالله بتساؤل:"ماذا كانت مشكلتك بالضبط استاذ عبدالله والتي جعلتك تظن أن حدوث الحمل مستحيل إلى هذه الدرجة؟؟"

أخذ عبدالله يشرح لها مشكلته الصحية التي استمرت لسنوات طويلة أثناء زواجه الأول ولم يؤثر بها العلاج،كان صوته يخرج من حلقه متحشرجا وكلماته غير مترابطة إلا أن الطبيبة فهمت الحالة لتقول له ببساطة:"نعم هناك حالات مماثلة تكون فيها نسبة التشوهات عالية ويحدث حمل بالصدفة بعد عدة سنوات فالتشوه لم يكن بنسبة مائة بالمائة ،ثم نظرت إلى نسمة التي فقدت النطق تماما قائلة،وهناك نسبة من النساء يحملن وتأتيهن عادتهن الشهرية في الأشهر الأولى من الحمل لذلك لم تنتبهي لاحتمالية أن تكوني حامل...ثم قالت لعبدالله:أنت لم تحاول أن تأخذ أي علاج بعد زواجكما؟"
قال لها بصوت هارب منه:"لا ،لقد حاولت العلاج لعشر سنوات كاملة في زواجي الأول ولم يفلح وكنت تأقلمت مع حالتي وكنت أنا وهي راضين بقدرنا..."
أردفت بابتسامة متأثرة وهي تعطيه صورة صغيرة للجنين خرجت من جهاز السونار ثم تترك الجهاز وتستقيم لتعود إلى مكتبها :"كنتم راضين فأرضاكما الله..."
نظر عبدالله إلى نسمة التي لا زال الذهول يعلو وجهها ونظر إلى الصورة في يده وقلبه يضرب في صدره وعقله عاجز عن التصديق تماما مثلها ،أطرافها أصبحت باردة كالثلج مد لها يده لتستقيم والتقت عينيهما في نظرة غير مصدقة وكلاهما لا يشعر بنبضات قلبه ،اتجها معا نحو الطبيبة بشكل ألي وغالبا لم يدركا شيء من تعليماتها التي قالتها بشأن الحمل....
****************
جلس تيمور في صالة الاستقبال في نهاية الممر الكائن به حجرة سهر وهو يحتسي قهوة ساخنة على مهل فما أن اطمئن أن فريدة بخير وأطعمها بيده وبدلت ملابسها حتى تركها ومعها فادي ،يعرف أن وجوده معها في وجود والد الأولاد وجدهم وجدتهم غير مناسب ورغم مشاعر الغيرة التي تنهش في صدره إلا أنه أجبر نفسه على التصرف بتعقل وتَفَهُم حتى أنه حين رأى منذ قليل والد الأولاد يعود ثانية إلى الغرفة لم يذهب إليها ،أدرك أنه من اليوم عليه التصرف بأسلوب مختلف
بعد ماعاشه الأيام الماضية معها أدرك أشياء كثيرة
أدرك كم هو يحبها وكم هي تحبه
أدرك أنه لابد أن يعتمد على ثقته فيها لأنها ببساطة كانت مُحِقة حين قالت له أن طليقها سيظل في حياة أبناؤه وستضطر للتعامل معه ،ومادام هو كان يعلم من البداية ظروفها ووافق بها فعليه أن يستمر للنهاية ،حالتها التي رأها عليها اليوم جعلته يدرك كم هي هشة وهو أبدا لن يكون سببا في حزنها أو كسرتها ،فريدة لا تستحق ذلك ،رأها كم كانت في الأيام الماضية حزينة وللأسف كان هو سببا في حزنها ،أغمض عينيه واستند برأسه على الحائط خلفه وأفكاره كلها تدور في رأسه
***********
كان عمر يجلس بجوار والديه صامتا بينما فادي يجلس بجوار عبدالرحمن وسمر فقال عمر لوالده :"أنا لدي مشوار هام هل آخذكم في طريقي ؟.."
قال والده :"لا أنا سأظل وسأبيت معهم ،نظر إليه نظرة طويلة قائلا:لن أترك الأولاد..."
فهم عمر نظرة والده فقال له :"أمهم معهم وخالهم لا تقلق عليهم..."
بينما قالت كريمة بحنو:"إذهب أنت إلى مشوارك أباك سيبيت وأنا سأرحل مع نسمة.."
استقام عمر واقترب من فراش ابنته التي كانت نائمة وقبل وجنتها بحنو ثم قبل وجنة سمر التي كانت تجلس بجوار شقيقتها وربت على كتف عبدالرحمن قائلا:خذ بالك من اخوتك ،ثم أردف بخفوت:وأمك...."

خرج عمر من الغرفة ليجد عبدالله ونسمة أمامه وملامحهما غريبة بعض الشيء
"ماذا بكما ؟!."
نطقها عمر وهو ينظر إليهما فقال له عبد الله وهو لازال لم يتخلص من أثر الصدمة بعد :"لاشيء "
فقال له عمر :" سأذهب الان وأعود في الصباح بأذن الله وأنتم كفاكم حتي ذلك أبي سيبيت معهم "
ربت عبدالله على كتفه قائلاً :"اذهب أنت ونحن سنطمئن ثم نرحل"
ذهب عمر ودلف عبدالله ونسمة إلى الحجرة وكل منهما لايزال لايصدق ماسمعه منذ قليل

***********
في منتصف الرواق بجوار نافذة مفتوحة كانت تقف فريدة مع فدوى التي أتت للتو وما أن صعد معها سامر حتى نزل مرة أخرى يتأكد أنه أغلق السيارة جيدا وحين وجدت فريدة عمر بالداخل فضلت الخروج ،كانت فدوى تلاحظ اصفرار وجه فريدة ووهنها وقصت عليها فريدة قصة الإغماء الذي تعرضت له فقالت لها فدوى بقلق :"لا يعجبني حالك صحتك أصبحت ضعيفة في الفترة الأخيرة ،صمتت قليلاً ثم لمعت عينيها قائلة بصوت عالي :فريدة أنتِ بالتأكيد حامل ...."
القدر وحده هو من جعل عمر يمر بجوارهما حين نطقت فدوى بجملتها الاخيرة

"ماذا؟؟."

قالها عمر في نفسه ولم يدري من صدمته أن لسانه نطقها فالتفتت فدوى وفريدة في نفس الوقت خلفهما لتجدا تمثالا مصدوما يقف أمامهما ينظر في عيني فريدة بعينين متقدتين ووجه شاحب ،كانت الدماء تتصاعد إلى رأسه فتحدث فورانا فيه وكلمة حامل تُعاد في أذنه بصوت فدوى كأنها مسجلة على شريط وتعاد تلقائيا ،فجذبت فريدة فدوى من ذراعها للعودة إلى الحجرة أما هو فظل على وضعه هذا عدة دقائق يستوعب ماسمعه وهو يشعر أن روحه غادرت جسده

**************
بعد أن جلس عبدالله ونسمة قليلاً كانت سهر وسمر نائمتان وعبد الرحمن يبدو عليه الإرهاق هو الآخر وفريدة يبدو عليها الإرهاق الشديد فقال لها عبدالله :"هل تريدين أي شيء يا فريدة ؟"
ابتسمت ابتسامة صغيرة قائلة:"أشكرك عبد الله لا تقلق عمي ابراهيم معنا وفادي و تيمور ..."
نظرت إليها كريمة نظرة قاتمة ،رغما عنها لا تتقبل وجود رجل غير ابنها
نظر عبدالله إلى كريمة قائلا:"هيا خالتي لتذهبي معنا فعمر لن يعود إلا في الصباح "

*************

بعد أن عاد إلى منزله ليبدل ملابسه لملابس لائقة أخذ حماما دافئا أولا ثم بدل ملابسه وارتدى حلة أنيقة وحضر أوراقه التي طلبها منه عبدالمجيد ،كان يتحرك بشكل شبه ألي يشعر بالتخبط والتشتت والحزن ،يشعر باقتراب وصوله لحلم عمره فتسري في جسده الحماسة ويتذكر ماذا ضحى في المقابل فيتسرب الإحباط والأسف إليه

حين تضرب حياتنا موجة عاتية وتضيق علينا الأرض بما رحبت نجد أنفسنا نذهب تلقائياً إلى حيث كانت البداية ،لذلك ما أن استقل سيارته وهو بكامل هيئته حتى وجد نفسه يذهب إلى بيته القديم عوضا عن الذهاب إلى بيت حماه الذي لايبعد كثيرا عن بيت والده،صف سيارته أسفل البناية وصعد السُلم ببطء وهو يتلمس جوانبه التي كان في كل زاوية له ذكرى ،هل جاء ليودع هذه الذكريات ويمحو إسم صاحبتها من حياته نهائيا بعد أن ظل سنوات يري أن الباب بينهما نصف مفتوح؟
ربما
فتح باب شقته القديمة التي بدأ فيها حياته من الصفر حيث كانت الإمكانيات المادية محدودة وكان للتو تخرج من كليته وعٌين مُعيداً يتلمس أول خطواته ،أصدر الباب القديم صريرا وهو يفتحه و كان الظلام يسود المكان ففتح ضوء الصالة ليجد المكان الخالي من ساكنيه القدامى وكأنه لم يسكنه أحد يوما ما ،وجد أريكة صغيرة يتيمة في جانب الصالة فجلس عليها وهو ينظر حوله إلى أركان المكان الذي رغم أنه مهجور إلا أنه نظيف تماما حيث تنظفه المرأة التي تنظف لوالدته شقتها بشكل دوري
هنا عبدالرحمن كان يلعب وهناك في زاوية الصالة كانت سهر وسمر تختبأن منه وما أن يجدها حتى تقول له إحداهما من أنا سمر أم سهر؟
وهناك في مكان طاولة الطعام كانت فريدة تعد له أشهى الأطعمة
نظر إلى الرواق المقابل له في جلسته والذي يوجد أخره غرفة نومهما القديمة ،هنا قرر أن يُقسِم نفسه نصفين وواجهها ،هنا حزنت وهنا تشاجرت معه وهنا استسلمت وهنا تركها آخر مرة وهو ذاهب إلى زفافه وهو لا يعرف أنها ستكون آخر مرة
أغمض عينيه بشدة يريد أن يتخلص من تأثير الصدمات الأخيرة المتوالية عليه في الوقت الذي سمع صوت صرير الباب وهو يُفتح لينظر فيجد أمه تدخل إليه قائلة :"أنت هنا ياعمر قلقت حين سمعت صوتا في الشقة ووجدت الباب مفتوحا"
قال لها بصوت يبدو أن صاحبه مُثقل الصدر:"نعم أمي مررت قليلاً قبل الذهاب إلى مشواري..."
دلفت إلى الداخل وجلست بجواره وربتت على كتفه بيدها الضعيفة التي تبرز عروقها بشدة قائلة بشفقة:"لا تحزن بني أنا أعرف أنك كنت تريد العودة إليها ولكن ليس هناك نصيب فانظر أمامك وركز مع أبناءك حتى لا تخسرهم فهم أغلى ماتملك"
زفر زفرة حارة قائلا :"لن أخسر أبنائي بإذن الله فهم رغم كل شيء سيظلون أبنائي أنا خسرتها هي للأبد "

كانا يجلسان على نفس الأريكة التي كانا يجلسان عليها منذ عدة أعوام حين لم تكن فريدة ولا أبناءها في المنزل ودخلت هي عليه فوجدته شاردا وقص عليها يومها قصة رؤى ورغبته في الزواج بها، وقتها دعمته،
رفع وجهه إليها قائلا بعينين غائمتين بغيامة حزينة :"لما لم تقولي لي وقتها لا؟ لما أيدتي قراري ولم تعارضيني ؟ ربما لو كنتِ عارضتيني بقوة لكنت تراجعت ولم أكن لأفعلها "
نظرت إلى عينيه الغائمتين قائلة بصوت مهزوز :"ومنذ متى قلت لك لا؟منذ متى استطعت أن أقولها ؟لم أكن لأقولها بني وأمنع عنك شيء أنت تريده "
فعلا لم ترفض له طلبا يوم ولم تعارض له قرار بل كانت تؤيده في قراراته وتدفعه دفعا لأن يكون صاحب رأي وينفذ ما يريد كانت تريده قوي الشخصية مثلها وقد كان،فهل سيعاتبها اليوم بعدما بلغت من الكبر والضعف مابلغت؟
"ليتكِ قلتِ لي لا يا أمي، ليتكِ قلتيها"
قالها لها بتمني لا بلوم أو عتاب
فأردفت بصوت مختنق وهي تربت على يده:"كنت لي دوما ابني وحبيبي و قرة عيني كنت أريد لك الراحة الدائمة ،كنت أريد أن يفتح الله في وجهك جميع أبواب السعادة "
أغمض عينيه بقوة يريد التخلص من تأثير هذه اللحظات عليه فهو ما أن يدخل في هذه الدوامة حتى يستمر فيها أيام طويلة وهذه الفترة من أصعب الفترات بالنسبة له ويجب أن يكون بكامل تركيزه وهذه الشقة تصيبه بحنينا جارفا يجر خلفه وجع وندم وهو في غنى عن هذه المشاعر في هذه الفترة ،حرك وجهه يمينا ويسارا وكأنه بذلك ينفض المشاعر السلبية من رأسه ثم استقام مودعا أمه قاصدا وجهته

*************

يجلسان متجاوران على أريكة غرفة المعيشة بعد أن تأكدا من كلام الطبيبة، فبعد أن أوصلا كريمة إلى بيتها وكل منهما ملتزم الصمت طلبت منه نسمة أن يذهبا إلى طبيب آخر ليتأكدا فربما كانت الطبيبة مخطئة ،هو أيضا كان يريد أن يسمعها مرة أخرى من شخص أخر وبالفعل ذهبا معا إلى طبيبة في الحي عندهم لتؤكد لهما نفس كلام الطبيبة الاولى

كان يضمها اليه والحقيقة أنه هو الذي كان يحتاج إلى من يضمه
حين يتسرب اليأس إلى قلبك وتفقد الأمل تماما فإنك تقاوم وترفض وتحاول تغيير الأقدار ثم تأتي عليك مرحلة تستسلم للأمر سواء برضا أو بقنوط حتى إذا أراد الله لأمرك أن ينقضى قال له كن فيكون
شعرت هي برجفة تسري في جسده فرفعت وجهها إليه قائلة بصوت دافيء :"مبارك عليك حبيبي .."
قال لها بصوت مرتجف وهو يثبت عينيه في عينيها:"حتى الآن لا أصدق نفسي ..."
تحسست مؤخرة رأسه بأناملها برقة فوضع رأسه على كتفها فضمته إليها بذراعيها كأنه طفل صغير واستسلم هو لدفئها وأغمض عينيه قائلاً بصوت خرج من أعماقه:"لي سنوات طويلة أحلم أن يكون لي ولد وطرقت كل الأبواب وفي النهاية تكونين أنتِ أم ابني أنتِ التي كنتِ لي القريبة البعيدة !..."
كان يبدو كمن يهذي أو يحدث نفسه وكانت تقدر حالته جيدا وتمسد على شعره وذراعيه لتبث فيه الطمأنينة، شعر بدمعة دافئة انسابت من عينيها على جبهته فرفع وجهه إليها ليجدها تبكي في صمت فأردف قائلاً بنبرة بها تأنيبا لضميره:"وأنتِ أيضا كنتِ تتمنين أن تصبحي أما وأسرتيها في نفسك من أجلي .."
ابتسمت من بين دموعها قائلة:"كنت أتمناه منك فإن لم يكن منك فلم أكن أريده..."
اكتست عينيه بنظرة قلقة وهو يقول لها وهو لا يزال تحت تأثير المفاجأة والصدمة وعدم التصديق:"الطبيبة الثانية أكدت كلام الطبيبة الأولى يانسمة أليس كذلك ؟ قالت أنكِ حامل أنا لم أسمع خطأ أليس كذلك؟..."
ضمت رأسه إلى صدرها بقوة وهي تقول بجوار أذنيه :"نعم ، قالت انني حامل في شهرين والجنين وضعه جيد والحمد لله ..."

هي أيضا كانت تشعر بالإمتنان الشديد لرب العالمين الذي وهبها حملا تمنته كحلم مستحيل ،فمن هي الأنثى التي لا تتمنى أن تصبح أما إنها غريزة تولد بها النساء ، كانت تتمنى طفلا من الرجل الذي أحبت ولكن عبدالله كان له الأولوية في حياتها ،سرح خيالها مرارا وصَور لها أنها وهو لديهما طفل صغير أو طفلة يملؤن البيت صخبا ولكنها كانت تعود وتتذكر حالته وتحمد الله أن رزقها حبه فلن تطمع في أكثر من ذلك ولم تكن تعلم أن كرم الله سيشملهما عن قريب

***************
في الحياة هناك من يتعثر ولايستطيع الوقوف مرة أخرى وهناك من يتعثر ويقف ويصبح أشد مما كان
وهو طوال عمره من الأقوياء الذين لا يتأثرون كثيرا بالسقطات أو العثرات، تعود على ذلك تعود ألا يستغرق حزنه إلا القليل حتى لو كان جرحه عميقا ليقوم ويقف ويصنع نجاحات يطغى مذاقها على مذاق أي مر في الحياة ،آلامه تسكن منطقة نائية في قلبه تطفو على السطح في أوقات قليلة لذلك ما أن خرج من شقته وأغلق بابها حتى عزم على النظر أمامه لا خلفه مادام فشل في تغيير مايريد

ذهب إلى منزل حماه الذي كان عبارة عن خلية نحل استعدادا للمرحلة القادمة ومنذ دخوله حجرة المكتب الواسعة التي بها الإجتماعات الهامة لكبار عناصر الحزب والجميع يستقبلونه بالتهاني والمباركات،
بكلمة من عبدالمجيد رفعه للسماء ليجاور كبار القادة والسياسيين

مرت الليلة وكل شخص يدور في فلكه ففي الوقت الذي كان عمر يضع قدميه على أول السُلم الذي ترك من أجل صعوده الغالي والثمين كان عبدالله ونسمة يشكرون الله على عطيته التي لم تكن في الحسبان،وكانت كريمة تبيت في بيتها وحيدة يتردد صدى كلمات عمر في آذانها مرارا وتكرارا ( ليتكِ قلتِ لي لا ) تنظر حولها إلى وحدتها وتتذكر حين كانوا أبناء عمر في الشقة المجاورة وكيف كانوا يملؤن البيت صخبا ،لو كانوا مازالوا معها لم تكن لتشعر بالوحدة هكذا
أما إبراهيم فقرر أن يؤدي دوره في حياة أحفاده لآخر يوم في عمره لذلك لم يتركهم

أما الإخوة الثلاثة فاجتمعوا حول فراش سهر التي تحسنت حالتها كثيرا عن الصباح ولكن الطبيب فضل بقاءها تحت الملاحظة حتى الصباح
نظرت فدوى إلى فريدة التي كانت عينيها تنغلقان تلقائيا من كثرة التعب وقالت لها بصوت منخفض :"لما يجلس تيمور بالخارج؟..."
قالت لها فريدة وهي تشير بعينيها إلى عمها إبراهيم الذي يجلس في ركن من الغرفة يفتح مصحف صغير ويقرأ منه:"يراعي مشاعر عمي إبراهيم يطمئن كل فترة ثم يخرج ثانية ..."
أما بالخارج فكان سامر يجلس مع تيمور فنظر في ساعته قائلاً:"هل تريد أي شيء ياتيمور قبل أن نرحل؟..."
ربت تيمور على كتفه قائلاً:"شكرا لك سامر كفاك أنت وفدوى أنا أعرف أنها متعبة..."
استقام سامر وصافحه ثم طرق على باب الغرفة ودلف للداخل قائلاً:"هيا يافدوى حتى ترتاحي ..."
نظرت الأخيرة إلى فريدة قائلة:"دعي الأولاد يأتون معي ويحضرهم سامر في الغد..."
قبل أن تنطق فريدة رد عبدالرحمن قائلاً بحزم :"لا خالتي لن أترك أمي سأبقى معها حتى إن احتاجت هي أو سهر شيئا..."
فابتسمت فريدة له وقالت لفدوى:"سيبقون معي وبإذن الله نخرج جميعا في الصباح..."
فأومأت لها فدوى برأسها وقبلتها ثم رحلت مع سامر

بعد ساعة

بعد أن رفض إبراهيم الذهاب إلى بيت فريدة للبيات وأصر أن يبيت في المستشفى حتى لوعلى كرسي في الرواق أقنعه فادي أن ينام في سيارته المصفوفة أمام المستشفى بعد أن مدد له المقعد المجاور لمقعده لينام كل منهما على مقعد

أما في حجرة سهر فكانت قد غفت بعد أن أخذت أدويتها وفي السرير المجاور نامت سمر وعبد الرحمن تمدد على الأريكة الصغيرة في زاوية الحجرة بعد أن رفض أن ينام في سيارة فادي هو الآخر، كان يريد أن يكون بجوار أمه وأختيه أما فريدة فكانت تحتضن سهر ولا تستطيع فتح جفنيها من التعب فوضع تيمور غطاءا خفيفا فوقها كما وضعه فوق سمر وعبد الرحمن فمسكت يده وأردفت بصوت يغلبه النعاس :"أين ستذهب؟.."
اقترب منها وضغط علي يدها برفق ثم طبع قبلة دافئة بين عينيها قائلاً:"سأكون بالخارج أمام الغرفة مباشرة لن أبتعد إن احتجتِ أي شيء ستجديني بالخارج.."
ضغطت على يده بوهن وفتحت شفتيها قائلة:"تيمور.."
نبرة صوتها رغم أنها هامسة إلا أنها وصلته وهو يعرف ماذا بعد تيمور بهذه النبرة فهمس بجوار أذنيها :"وأنا أيضا أحبك..."
ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها قبل أن تسقط في هوة عميقة مستسلمة لسلطان النوم بعد أن اطمئن قلبها على ابنتها التي بين ذراعيها أما هو فتركها وجلس علي المقعد المجاور لباب الغرفة بعد أن استأذن من مشرفات الطابق أن يقضي ليلته بالخارج وكان هو الآخر استبد به تعبه فعقد ذراعيه فوق صدره واستلقى للخلف قليلا لينام وهو جالس على المقعد حتى الصباح


يتبع


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-11-20, 01:21 PM   #1249

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,501
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

في الصباح

استيقظت سهر وقد تحسنت كثيرا الحالة عن الأمس وجاء عمر ليطمئن عليها ،جاء ليجلس معهم ساعة واحدة ثم ينصرف ليتابع حملته الإنتخابية التي كانت لتعريف المجتمع به فقط أما المقعد فقد ضمنه بكلمة من عبد المجيد وفي خلال هذه الساعة جلست فريدة مع تيمور في الكافيتيريا
كانا يشربان قهوتهما بصمت فقطع هو الصمت قائلاً وهو يربت على يدها :"هي أصبحت بخير يافريدة حاولي أن تتماسكي أكثر من ذلك..."
كانت تتأمل ملامح وجهه التي يبدو عليها الإرهاق وشعره الذي تبعثرت خصلاته فهو من الأمس معها لم يتركها، فتحت شفتيها قليلاً فنظر إليها ينتظر أن تتكلم ولكنها صمتت فقال لها بصوت هاديء:"ماذا كنتِ تريدين القول؟"
قالت له بخفوت:"لا تغضب مني مرة ثانية .."
ابتسم قائلاً ولا زالت يده فوق يدها :"لم أغضب منكِ مرة أولى حتى أغضب ثانية.."
ابتسمت ابتسامة صغيرة وقالت له:"بعد كل مافعلته ولم تغضب!.."
قال لها بعينين صادقتين بلون العسل لمست التأثر بهما:"أنا فقط أريدك ألا تخفي عني أي شيء، أريد أن أكون موجودا حولك حتى لو كانت عيني ستحرسك من بعيد ثم أشار إلى نفسه مردفاً :وها أنا كنت أجلس قبل أن تأتي وأعرف أنك بالداخل ووالدهم بالداخل ولم أغضب مجرد أنني بجوارك يُشعرني فقط بالارتياح.."
قالت له بلهفة:"حقا لم تغضب ؟ أنا خرجت خصيصا من أجلك..."
ابتسم قائلاً بمزاح عكس مايشعر به رغما عنه:"لا لم أغضب على الإطلاق كنت أغلي من الداخل فقط..." بادلته ابتسامته بابتسامة صغيرة رغم ألمها أن يصيبه حزن من أجلها
************
بعد أن سمح الطبيب بخروج سهر واستعدوا للإنصراف قال فادي لفريدة:"سأذهب لأدفع حساب المستشفى .."
فقام تيمور خلفه مسرعاً قائلاً:"أنا من سأدفعه انتظر أنت يافادي..."
فقال لهما إبراهيم بلهجة قاطعة:"الحساب تم دفعه والدها دفع الحساب كاملاً ...."
لينظر فادي إلى فريدة بصمت ويتراجع تيمور بعد أن كان في طريقه لدفع الحساب
"ستذهب معنا ياعمي إلى المنزل بإذن الله"
قالتها فريدة من باب الذوق له وقد كانت صادقة فرغم كل ماحدث هي لم ترى منه شيء سيء فقال لها :"لا يا ابنتي سأذهب إلى بيتي وسأزورهم باستمرار بإذن الله.."
قالت له بمودة :"سينير البيت بك في كل الأوقات.."

بعد أن أكد تيمور على فادي أنه منذ اليوم وفريدة والأولاد سيكونون معه قال فادي وهو يقف على باب الغرفة :"حسنا عمي أنا أيضا سأذهب إلى البيت هيا لنذهب معا.."
سار إبراهيم مع فادي وخلفهما فريدة وحولها أبناءها وخلفهم تيمور الذي قال لفريدة ما أن وجدها تريد استقلال سيارتها:"فريدة استقلي معي وأنا سأعود في أي وقت وآخذ سيارتك..."
كانت بالفعل مُنهكة فاستجابت له دون نقاش ليجلس الأولاد جميعا في المقعد الخلفي وتجلس هي بجواره ليعودوا جميعا إلى البيت..

*************

منذ أن أتت من المستشفى وهي تجلس هكذا بملابسها على الأريكة في غرفة المعيشة وجميع الأولاد حولها ،تشعر أن طاقتها قد استنزفت تماما ،كان تيمور قد أحضرغداءا جاهزا على هيئة ساندوتشات وتناولوا الطعام وهم في أماكنهم ،حتى القيام والجلوس على طاولة الطعام لم تستطيع فعله
انتهوا من تناول الطعام فقالت لها عايدة بشفقة وهي تلاحظ ارهاقها:"حبيبتي يافريدة لما لا تدخلي لتنامي قليلاً"
ابتسمت لها فريدة نصف ابتسامة وقالت:"لا أريد النوم أريد فقط أن أجلس بينكم..."
كان البنات يحطن سهر ويجلسن بجوارها على الأريكة الكبيرة بعدما شعرن بالخوف الحقيقي عليها ،حتى مع الأطفال معزة الأشخاص تظهر في المواقف الصعبة وبعدهم عن بعضهم الفترة الماضية إلى جانب الجزع الذي شعرن به عند معرفة أن ضرر مسها جعلهن يشعرن بمعزتها لديهن
رن هاتف تيمور فأجاب الاتصال وأنهاه سريعا ثم قال لفريدة :"وليد سيأتي بعد قليل ليطمئن على سهر ومعه زوجته..."
أومأت له برأسها دون كلام وكان يعرف كم هي متعبة

بعد قليل

كانت فريدة تجلس كما هي على نفس الأريكة وبجوارها عايدة وعلى المقعد المجاور لها تجلس زوجة وليد التي تعرفت عليها فريدة في مناسبات عديدة وأصبح هناك مودة بينهما وسهر كما هي تجلس بين البنات وتحمل باقة الورد التي أحضرها لها وليد بسعادة
بينما كان تيمور يجلس مع وليد في حجرة الصالون فقال له وليد وهو يشعر بما داخل صاحبه:"جميعكم يبدو عليكم الارهاق.."
رفع تيمور حاجبيه قائلاً:"كان يوم أمس مليء بالإرهاق والتوتر والقلق كان يوما صعباً..."
"والد الاولاد حضر بالتأكيد"
قالها وليد بتردد فأردف تيمور وهو يشبك أصابع يديه معا :"بالطبع فهو والدهم.."
قال له مُتسائلاً:"إحتك بك ثانية؟.."
قال تيمور بلا مبالاة:"لا هو احتك بي ولا أنا احتككت به ،زفر قائلاً:إن جئنا للحق شئنا أو أبينا سيظل موجودا في حياة أبناؤه فعلي التأقلم على هذا الوضع.."
"هل تشعر بالندم في بعض الأحيان"
سأله وليد فقط ليطمئن عليه
ناظره تيمور بابتسامة صغيرة قائلاً:"أبدا ،لم يتسرب إلي هذا الشعور أبدا ،ربما أغار أو أخاف عليها لكن الندم غير وارد.."
ابتسم وليد ابتسامة حانية بمجرد أن اطمئن على صديقه وربت على كتفه قائلاً :"أنا هكذا اطمأننت عليك.."
ثم استقام واقفا فقال له تيمور:"إلى أين؟.."
قال له :"اطمأننت عليكم والحمد لله أترككم ترتاحون.."
وفي الخارج قال لفريدة وهو يشير لزوجته للرحيل :"ألف سلامة على الصغيرة مرة ثانية يامدام فريدة..."
ابتسمت قائلة وهي تستقيم لتودعهم:"شكرا لتعبكم دكتور وليد..."
بعد أن غادر وليد جلس تيمور بجوارها فقالت له والشمس كانت بالفعل قد مالت للمغيب:"أنا أرى أن أكون معكم هنا طوال اليوم وفي المساء ننام أنا وأبنائي بالأعلى ..."
فتح فمه ليرد عليها فرن هاتفه فرد على شهاب وما أن أغلق معه حتى قال لها :"شهاب وإياد وزوجتيهما سيأتيان للإطمئنان على سهر..."
ورغم أنها حقا كانت تريد الإسترخاء إلا أنها قالت له بابتسامة مرحبة:"أهلا بهم..."

في المساء

بعد أن انصرف شهاب وإياد وزوجاتهم وأبناؤهم دلف تيمور ليأخذ حماما بينما اجتمع الأولاد جميعا أمام فيلما كوميديا وسهر اندمجت ونسيت تعبها وقد عاد إلى وجهها الكثير من تورده فقامت فريدة وأعطتها أدويتها في الوقت الذي خرج فيه تيمور من الحمام وما أن نظرت إلى وجهه حتى تسمرت قليلا فقد كان يرتدي حلة رياضية أنيقة و حلق شعره وجعله قصيرا جدا عما كان وخفف ذقنه كثيرا فبدى شكله أصغر سنا أما جاذبيته في عينيها فهي ثابتة لأنه جذابا في كل الأوقات ،لاحظ تركيز نظرها عليه فغمز لها بعينه فابتسمت ابتسامة صغيرة واهنة فقال هو لعبدالرحمن :"عبدالرحمن أريدك قليلاً..."
استقام عبدالرحمن واتجه نحوه فوضع تيمور يده على كتف الولد وسارا معا إلى الصالون وأخذا يتحدثان أو بمعنى أدق تيمور يتحدث باهتمام وعبدالرحمن يصغي إليه ..

بعد قليل جاء عبدالرحمن وقال لأمه"أمي دعينا نبقى هنا حتى ينهي أنكل تيمور أمر الشقة المجاورة...."
كان يتحدث إليها باقتناع تام بالفكرة فقالت له:"ألن يضايقك أنك لن تنام في حجرتك؟.."
مط شفتيه قليلاً قائلا:"أيام قليلة أمي لن تفرق ..."
ابتسمت له قائلة:"حسنا.."
ومن داخلها رفعت القبعة لتيمور في قدرته على إقناع عبدالرحمن ثم أخذ منها عبدالرحمن مفتاح شقتهم وصعد مع سمر ليحضرا بعض الملابس لثلاثتهم

*************

في الحجرتين المجاورتين لحجرة الدكتور فؤاد نامت عايدة ومعها البنات في حجرة بسريرين متوسطين بينما نام في الحجرة المجاورة عبدالرحمن على سرير وسمر وسهر على سرير ،جلست فريدة بجوار البنات بعد أن خلدن للنوم فقال تيمور بجوار أذنها هامسا :"هيا فريدة دعيهم ينامون فبالأمس لم ينام أحد جيدا في المستشفى ..."
استقامت معه وخرجت من الغرفة فقال لها :"أنا سأتمم على غلق باب الحديقة وباقي الأبواب.."
بينما قالت له وهي تمسد على رقبتها:"وأنا أريد أن آخذ حماما دافئا .."
أومأ لها برأسه وتركها بينما أخذت هي ملابسها ودلفت إلى الحمام لتنزع عنها ملابسها وتدخل تحت المياه وتغلق عينيها وكل أحداث الفترة الماضية تمر أمام عينيها ،كانت تريد أن تبكي ولكن لم تجد في عينيها دموعا فيبدو أن دموعها قد جفت

أنهت حمامها وارتدت قميص أنيق بحمالات رفيعة ووردات صغيرة على فتحة الصدر يصل حتى ركبتيها بلون أسود وفوقه مأزر بنفس الطول واللون وأحكمت إغلاقه جيدا ودلفت إلى الحجرة ولم يكن هو فيها فوقفت أمام المرأة تصفف شعرها بشرود و الشيطان يصور لها نهايات مأساوية كان من الممكن أن تنتهي بها هذه المحنة،دلف تيمور إلى الحجرة وأغلق الباب خلفه بالمفتاح وأغلق الضوء الرئيسي للحجرة لتبقي الأضواء الجانبية الهادئة على جانبي الفراش ونزع سترته ليبقي بتيشيرت خفيف على البنطال ثم وقف خلفها وأحاط خصرها بذراعيه بقوة ووضع وجهه بين رقبتها وكتفها يتشمم رائحتها التي حرم نفسه منها الأيام الماضية ثم أردف بخفوت:"آسف على ماحدث الأيام الماضية...."
أسبلت جفنيها استجابة لقربه الشديد منها
ثم استدارت وهي لا تزال بين ذراعيه والتقت عيونهما في نظرة قصيرة وبفضل الكيمياء التى بينهما انجذب كل منهما للآخر كما ينجذب قطبي المغناطيس في عناق طويل اشتاق إليه كلاهما قطعه هو حين لاحظ ارتجاف جسدها وسمع صوت أنينها فقال لها بقلق :"هل أنتِ بخير؟...."
"فقط ابقى بجواري وسأكون بخير..."
قالتها برجاء
فقال بجوار أذنها :"أنا بجوارك دائما ..."
الدموع التي كبتتها الأيام الماضية انسابت من عينيها على صدره ورغم حرارة دموعها إلا أنها شعرت بالإرتياح فقال لها وهو يضمها إليه أكثر :"لما تبكي الآن حبيبتي؟.."
قالت من بين دموعها:"كلما تذكرت أنني كنت سأخسر سهر أو أخسرك أشعر إنني أتمزق...."
أبعدها عنه قليلاً ،قليلاً جدا فقط ليرى ملامح وجهها وقال لها باستنكار وهو يناظرها:"من هذا الذي يتركك هل ظننتي للحظة أنني سأتركك ؟..."
"نعم "
قالتها بيأس فقال لها بعتاب :"لماذا يافريدة؟..."
ردت قائلة"غزا الشك قلبي لأيام ظننت فيها أنك لن تكون لي للنهاية أو ربما أقررت بأحقيتك في حياة أفضل من ذلك ..."
"وفي غمرة هذه الأفكار ألم يأتي في ذهنك أنني أحبك وأخاف عليكِ وأغار عليكِ ؟"
نطقها بتساؤل يحمل بين طياته عتاب فقالت له بعينين دامعتين:"أتى ولكني لم أكن واثقة..."
كانت تحيط كتفيه بكفيها وكان يحيط خصرها بذراعيه ونظرات كل منهما تخترق الآخر فقال لها بحزم وعينيه الحبيبتين لا تحيدان عنها:"لا يافريدة ثقي ، ثقي أنني أحبك ولا أستطيع الاستغناء عنكِ ثقي أن كل الطرق تؤدي إليكِ وأن مهما حدث فأنتِ لي وأنا لكِ وأن أي خلاف سيحل بيني وبينك وينتهي ..."
كان يشعر بارتجافها بين يديه وكانت تشعر بانها خائرة القوى فقالت له بيأس:"ولكني أشعر هذه الفترة إني مستنزفة أشعر أنه لم يعد لدي ما أعطيه لك أو للبنات أو لأولادي وهذا الشعور يزيد عذابي..."
أدرك مايدور بداخلها من انفعالات بسبب مامرت به فقال لها وهو يمرر أنامله على ظهرها:"أنا لا أريد منكِ أي شيء أريدك أنتِ فقط ولن أضغط عليك بعبأهم ..."
قالت وهي تضغط على شفتها السفلى :"أنا أحبهم وأريد أن أكون لهن أما..."
رفع يده يمسد على شعرها المبلل قائلا:"كوني وقت أن تتعافي مما أنتِ فيه وحتى يأتي هذا الوقت فأنتِ مثلهم وأنا سأراعي كل الأولاد لاتقلقي .."
"ألم يساورك الشك لحظة أنني لست الزوجة المناسبة لك؟ "
كانت تريد أن تتحدث وتخرج كل ما في صدرها وكان يشعر بها من نظرة عينيها وارتجافة جسدها فقال لها:"هل أنتِ ترين نفسك مجرد زوجة؟ أريد جوابا ؟ رفعت كتفيها وهزت رأسها فأردف بصوت دافيء ونبرة حانية وهو يغوص في عمق عينيها البندقيتين: أنتِ حللتي المعادلة الصعبة في حياتي ووجدت فيكِ كل شيء ،أنتِ حبيبتي وزوجتي وابنتي وروحي"

عند هذا الحد انتهى الكلام ،سحر كلماته ،سحر نظراته سحر لمساته ،اشتياقها له جعلها ترفع وجهها إليه فأخفض وجهه نحوها واقتربا من بعضهما في نفس اللحظة فلم يعرفا من الذي بادر بوصال انقطع لعدة أيام مرت عليهما كالأشهر وانفصلا تماما عن العالم من حولهما، معه تمر عليها جميع الفصول في دقائق معدودة ربيع مزهر، خريف عاصف، شتاء بارد ،وصيف حار ، معه تجد نفسها القديمة التي فقدتها ذات يوم

في الصباح

ما أن انقشع ظلام الليل وبزغ أول شعاع لنور الصباح وخرجت العصافير من أعشاشها مشقشقة لتعلن بداية يوم جديد حتى فتح عينيه بعد أن نام عدة ساعات ،كان يبسط ذراعه لتتوسده هي ويضمها إليه بذراعه الأخر، أخذ يتأمل ملامحها الهادئة المستسلمة للنوم بعد ليلة من أهم الليالي لدى كل منهما ،ليلة وُضِعت فيها النقاط على الحروف ليعرف كل منهما كم هو نصفا مكملا للآخر لا يستطيع الحياة بدون صاحبه ،بعد أن تمسك كل منهما بالآخر في مرحلة صعبة كان التشتت والتذبذب والتراجع فيها واردا
وهنا يظهر معنى الحب الحقيقي...
ربما يعشق المرء عشقا حقيقيا وليس مزيفا ولكن مع أول تحدي يتراجع ويتقهقر
أما الحب الذي يستمر ويتمسك كل طرف بالاخر مهما حدث ويروض نفسه هو عشق روح لروح طافت كل روح أعواما حتى وجدت ضالتها وقتها يكون الفراق فقط بفراق الروح عن الجسد حتى وقتها يكون هناك موعدا في عالم آخر ودنيا أخرى تلتقي فيها الأرواح المحبة الباقية على العهد ....

بعد أن كانت ملامحها هادئة بدأ الجزع يبدو عليها فتحسس جانب وجهها قائلا :"فريدة ماذا بكِ؟.."
لم ترد عليه وهي مغمضة العينين ملامحها تزداد انقباضا فهزها قائلا بصوت أعلى:"فريدة قومي...." لتنتفض من نومها فجأة صارخة بجزع وما أن وجدت نفسها بجواره حتى أغمضت عينيها ووضعت يدها على صدرها قائلة:"كابوس كابوس ياتيمور .."
ضمها إليه ومسد على شعرها وقبل رأسها فانتفضت مرة أخرى قائلة بملامح يبدو عليها الخوف جليا:"سهر أين سهر؟..."
ثم استقامت من مكانها فقام خلفها قائلاً:"كلهم بخير يافريدة أين ستذهبي؟.."
قالت وهي تتجاوزه :"سأطمئن عليهم..."
تناول مأزرها من على الأرض قائلاً:"ارتدي مأزرك..." ارتدته وأحكمت اغلاقه في نفس الوقت الذي ارتدى هو الآخر التيشيرت خاصته وخرجت فخرج خلفها وفتحت باب غرفة أبناءها فوجدتهم جميعا نائمون كما تركتهم فوقفت بجوار سهر تتأكد من أنها تتنفس فجذبها تيمور للخارج وأغلق الباب قائلا :"فريدة ... الجميع مرهق من عدة أيام أتركيهم ينامون...."
أومأت له برأسها فأحاط كتفيها بذراعه ليعودان إلى غرفتهما فأغلق الباب قائلا:"مازال الوقت باكر لما لا تعودي إلى النوم لترتاحي؟.."
ابتلعت ريقها وعادت إلى الفراش واستلقت فاستلقى بجوارها وضمها إليه وأخذ يمسد على شعرها وهي ما أن اطمأنت أن مارأته كان كابوسا حتى أخذت تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم والتصقت به حتى شعرت بالاطمئنان وعادت إلى النوم مرة أخرى وهي تشعر أنها تريد أن تنام عدة أيام لا عدة ساعات إضافية وساعدها على النوم وجوده بجوارها حيث لم يذهب إلى العمل
***************
توقف عبدالله بسيارته أمام بناية والد نسمة ثم التفت إليها قائلا:"ما أن أعود حتى أمر عليكِ لآخذك ثم مال عليها وقبل جبهتها مردفا:اعتني بنفسك ولا ترهقيها..."
ابتسمت له قائلة:"حسنا لا تقلق علي..."
ابتسم قائلا:"لا منذ هذه اللحظة قلقي سيكون مُضاعفا..."
ربتت على كتفه ومنحته ابتسامة جميلة وحمدت الله أنه تجاوز صدمة معرفته بحملها وتجاوز مشاعره المضطربة التي أعقبت معرفته بالخبر

أما بالأعلى فما أن فتح والدها لها الباب حتى صافحته وقبلته فربت على كتفها وهو يرى توردها وسعادتها التي لم يعرف بعد سببها فقالت له وهي تغلق الباب:"أين أمي؟..."
قال لها وهو يشير إلى غرفته:"في الغرفة ياابنتي..."
جذبته من يده قائلة :"تعال معي أريد أن أقول لكما معا خبرا هاما...."
دلفا للداخل فقبلت أمها التي كانت في فراشها لا تزال تحت تأثير صدمة ماحدث مع عمر وأبناؤه وتحت ضغط تأنيب الضمير الذي أصبح يجلدها كالسياط وجلست نسمة بجوارها بينما جلس إبراهيم على المقعد المجاور للفراش فنظرت إليهما نسمة قائلة وكل مافيها ينتفض تأثرا :"أنا حامل...."
اتسعت عيني كريمة قائلة:"ماذا تقولين؟ كيف؟..." قالت لها نسمة:"الحمد لله أمي أنا وعبدالله أيضا لم نكن نصدق أنفسنا ولكنها رحمة الله...."
ترغرغت عيني إبراهيم بالدموع قائلا:"اللهم لك الحمد ...ثم أشار لها بيديه فاقتربت منه فضمها إليه بقوة قائلاً بسعادة:اللهم لك الحمد هذه هي المنح التي تأتي بعد المحن.."

في نفس الوقت كان عبدالله يقود سيارته في طريقه للجامعة فاتصل بعمر الذي رد عليه بصوت خشن من أثر النوم قائلاً:"نعم عبدالله ..."
قال له عبدالله بمزاج رائق:"هل ستأتي للجامعة اليوم؟.."
قال عمر:"لا أنا غالبا سآخذ إجازة لأتفرغ للفترة المقبلة..."
مط عبدالله شفتيه باستياء ولكنه لم يرد أن يفسد فرحته فقال لعمر:"عندي لك مفاجأة ..."
اعتدل عمر في الفراش وبجواره رؤى التي قلقت على صوته
"أي مفاجأة عبدالله قل"
"أختك حامل ..."
نطقها عبدالله بشعور بسعادة غائبة منذ سنوات وثقة بالنفس كانت قد اهتزت وكان يحاول مداراتها بقناع من الجمود يحيط نفسه به أما عمر فقد اتسعت عينيه قائلا بغير تصديق:"حقا ؟... كيف حدث ذلك ألم يكن لديك مشكلة في هذا الأمر.."
قهقه عبدالله ضاحكا وقال له بمزاح وقح:"هل أنت متأكد أنك تريد أن تعرف كيف؟.."
صاح فيه عمر بخشونة:"إحترم نفسك يا **** ثم تمالك نفسه قائلاً:هل كنت تتعالج دون أن تقول لي؟.."
قال له عبدالله بابتسامة واسعة بعدما نجح في استفزازه :"لا لم آخذ أي شيء ولكنها بركات أختك..."
عرف عمر أنه يريد أن يشاكسه فأردف قائلاً :"بل بركاتك ياشيخ عبدالله ،تعرف أنا لم أكن أنوي الذهاب إلى الجامعة ولكني سآتي فقط حتى أؤدبك ثم أردف بفرحة حقيقية لصاحبه وأخيه :أقصد أبارك لك ألف مبروك حبيبي ..."

أغلق معه فقالت رؤى وهى لا تصدق:"هل نسمة حامل؟..."
التفت إليها قائلا بابتسامة متأثرة :"نعم..."
تغير وجهها ورغما عنها شعرت بالحزن والحسرة على نفسها ثم استقامت لتدخل الحمام ولم تستطيع المجاملة بكلمة مبارك فهناك أوقاتا لا نستطيع فيها تكبد عناء المجاملة بكلمة

يتبع


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-11-20, 01:23 PM   #1250

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,501
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

في حديقة منزل الدكتور فؤاد والشمس تميل إلى الغروب ونسمات الهواء الرقيقة تهب وتلطف الجو بعد شمس النهار الحارة جلست فريدة ورنا التى جاءت لتطمئن على سهر بعدما عرفت ماحدث ،كانت فريدة تثني قدميها تحتها وتستند بظهرها إلى الخلف وبجوارها على الأريكة تجلس رنا بينما أخذ أبناء تيمور وفريدة صغيرها حمزة يلاعبونه بالداخل فهو في سن يشتاق إليه الأولاد حين يكبرون
بينما قالت فريدة لرنا بابتسامة حلوة:"ألف مبروك يارنا سعيدة جدا بخبر حملك .."
مطت رنا شفتيها قائلة:"ولما أنا لست سعيدة؟.."
قالت فريدة بحيرة:"لماذا حبيبتي أعتقد بحملك هذا فالمشكلة التي كانت عند زوجك قد حُلت..."
عضت رنا على شفتها السفلى قائلة:"المشكلة لم تحل هو كما هو ومشكلتنا كما هي يأخذ العلاج ويتحسن أسبوعا ثم تحدث انتكاسة لمدة شهور،تنحنحت قليلا ولكنها لا تخفي على فريدة شيئا فأردفت: وأنا أصبحت لا أستطيع الحياة بهذا الوضع هذا الحمل حدث بالصدفة اكتشفته في نفس اليوم الذي كنت سأطلب فيه الانفصال .."
بدى الانزعاج على وجه فريدة وقالت لها:"لماذا يارنا وهل الطلاق بهذه السهولة حتى تطالبين به؟.."
قالت رنا بتأثر:"هو لا يشعر بي يافريدة ولا يشعر بحجم المشكلة وأدفعه دفعا للعلاج ويستجيب مرة وعشر مرات لا هل تشعرين بي.."
قالت لها فريدة التي كانت شاهدة على مشكلتها هذه منذ بداية الزواج:"أنا أشعر بكِ يارنا ولكن الطلاق ليس حلا..."
ناظرتها رنا بتعجب قائلة:"أنتِ من تقولين هذا يافريدة بعد أن وقفتِ أمام الجميع وطالبتي بالطلاق ووقفتي أمام الجميع وتمسكتي بتيمور؟..."
قال فريدة بجدية:"نعم رنا ولأنكِ مثل أختي أقول لكِ لا أنا طٌلِقت من عمر لأن مافعله كان فوق طاقة تحملي لو كنت استمريت في الحياة معه كنت سأموت صدقيني ،أما أنتِ فمشكلتك بقليل من الضغط على عصام للعلاج ستُحل بإذن الله أنتِ أم لطفل وهناك طفل آخر في الطريق فلا تشتتي أبناءك مادام الأمر يمكن حله بطريقة ما.."
ناظرتها رنا قائلة بشك:"هل ندمتِ لطلاقك من عمر يافريدة وهل ندمتِ لانكِ تزوجتِ مرة أخرى؟.."
تنهدت فريدة قائلة :"لم أندم لحظة على طلاقي من عمر ولم أندم لحظة على زواجي من تيمور وفي نفس الوقت لم أكن أتمنى لأبنائي أن يمروا بما مروا به تمنيت فقط لو لم أكن عرفت عمر ذات يوم ولا تزوجته تمنيت من البداية أن أكون زوجة تيمور وكان أبنائي منه ..أنا لا أريد لأبناءك الذين هم كأبنائي أن يعانوا يارنا حاولي مع زوجك أن تصلا معا لنقطة التقاء ولا تلجأي للطلاق إلا إذا وجدتي أن نفسك فعلا لا تطيق هذه الحياة وبعد أن تكوني حاولتي التغيير...ثم أردفت بنظرة خاصة:وإذا كان كرم الله لي كبير بأن وهبني رجل مثل تيمور متفهم إلى حد كبير للوضع فلا تنسي أن أمثاله قليلون ولن تفتح الدنيا ذراعيها لكِ بعد الإنفصال..."
تنهدت رنا قائلة بابتسامة مُغتصبة:"هل تعرفين ماذا كان سيحدث لي لو لم تكوني صديقتي؟؟."
ابتسمت فريدة قائلة:"ماذا كان سيحدث؟.."
ضحكت رنا قائلة:"لكنت طُلِقت منذ زمن.."
ضحكت كل منهما ضحكة من القلب رغم أن القلب مثقل بالهموم

*************
اقترب شهر رمضان الكريم ولم يتبقى عليه سوى أيام معدودة فاجتمع الستة أولاد في حديقة الدكتور فؤاد يعلقون أفرع الزينة الملونة المكتوب عليها عبارات رمضان كريم،أهلا رمضان..فمسك عبدالرحمن طرف الفرع الأول وأمامه شمس ليثبتونه بينما كانت شروق وسهر يمسكان الفرع الاخر ويثبتانه عكس الفرع الأول أما سمر وشيري فكانتا تثبتان أفرع الإضاءة الملونة على باب الحديقة المؤدي للشقة وفي منتصف الحديقة تجلس عايدة يسألونها إن كانت الأفرع مضبوطة أم تحتاج إلى تعديل
كانت تشعر بالسعادة فهم براعم صغيرة كل منهم ذاق طعم الفقد والألم في وقت مبكر فكانت سعادتها كبيرة لسعادتهم، كانت ترى في ربيع أعمارهم الأمل الذي بدأ ينسحب من روحها مع خريف أيامها الذي تعيشه مع تقدمها في العمر ، كان مرحهم وحيويتهم وحركتهم المستمرة حولها يرمم لديها شعورها بالضعف والهزال كل فترة قصيرة، كانت تستمد من قوتهم لترمم ضعفها، دمعت عينيها وصففت شعرها الأبيض بأناملها وقالت لهم مشجعة:"أحسنتم صنعا أبنائي ،الحديقة أصبحت رائعة "
تناول عبدالرحمن هاتفه واتصل بجده فؤاد اتصالا مرئيا قائلاً لها:"لقد وعدت جدي ما أن ننتهي حتى يراها وما أن أجاب الدكتور فؤاد الاتصال حتى أدار عبدالرحمن كاميرا هاتفه ليصور له ما أصبحت عليه الحديقة قائلاً:"أرأيت جدو ماذا فعلنا متى ستأتي؟..."
فقال فؤاد وعينيه تلتمعان بالسعادة :"في القريب أحبائي بعد شهر رمضان بإذن الله ...."

أما بالداخل فكان تيمور يقف مع فريدة قائلاً وهو يشير إلى الحائط الفاصل مابين شقتهم والشقة المجاورة التي أنهى إجراءات شرائها بالفعل :"سنفتح فقط هذا الحائط مابين الشقتين يافريدة .."
فقالت له وهي تضع يدها في خصرها وبالأخرى تشير نحو الحائط:"خلف هذا الحائط ممر الغرف على ما أعتقد.."
هز رأسه مؤكدا وقال لها:"فعلا وهذا أفضل شيء فنحن بهذا سنخصص غرف الأولاد وخالتي عايدة وستكون قريبة جدا من غرفة المعيشة هنا ..."
أومأت له برأسها فأردف وهو يشير بيده:"أول غرفة في الممر سيأخذها عبد الرحمن ولكن سنفتح بابها على غرفة المعيشة هنا.."
ضيقت عينيها قائلة:"لماذا؟.."
قال لها شارحا بهدوء:"لنعطي مساحة من الخصوصيىة للبنات فتكون غرفهم وحمامهم في ممر منفصل، أنتِ تعرفين هم يكبرون ويحتاجون لهذه الخصوصية..."
قالت له:"هل وجود عبد الرحمن مع البنات يسبب لك قلقا؟.."
قال نافيا:"أنا أعرف تربيتك جيدا وهذا الأمر لايقلقني خاصة وأنكِ موجودة وخالتي وأبي ولكني فقط كما قلت لكِ أحاول أن يكون هناك قدرا من الخصوصية"
قالت له وهي توميء برأسها:"أفهمك كنت أتأكد فقط..."
جذبها من ذراعها للداخل عند غرفته وهو صغير قائلاً :"وغرفتنا ستكون هنا هي الوحيدة التي سنجري بها تغييرا في هذه الشقة، فتح باب الغرفة قائلاً بحماس:سنأخذ نصف الحمام الكبير المجاور للغرفة ونفتح له بابا على غرفتنا حتى نضمن قدرا من الخصوصية.."
إبتسمت ابتسامة مشاغبة قائلة:"ألا تلاحظ أنك حريص على الخصوصية للجميع.."
غمز لها بعينه قائلاً:"أهم شيء عندي الخصوصية" قهقهت ضاحكة فقال لها:"سنبدأ العمل من الغد بإذن الله حتى ننتهي من كل شيء قبل عودة أبي.."
قالت له:"بإذن الله ثم أردفت :هيا ياتيمور حتى لا نتأخر على موعد فادي..."
قال لها :"حسنا إجهزي حتى أطمئن ماذا فعل الأولاد بالخارج..."

**************
بعد أن حلق ذقنه وشعره وأخذ حماما ارتدى فادي حلة أنيقة بلون كحلي وتأنق تماما في الوقت الذي رن فيه هاتفه ليجدها علية فرد بسرعة قائلاً:"أهلا حبيبي كيف حالك؟"
قالت له :"بخير الحمد لله متى ستأتي ؟.."
قال لها:"بإذن الله خمس دقائق وأتحرك ثم أردف بحماس :أنا أريد أن أطير إليك .."
قهقهت ضاحكة ضحكة حلوة ثم قالت:"أنا في انتظارك.."
قال لها مشاكساً:"ماذا ترتدين؟"
قالت له بدلال:"حين تأتي ستعرف.."
ثم أغلقت معه الخط لتستعد فوالدها قد حدد له هذا الموعد للاتفاق على كل شيء بعد أن سأل عليه جيداً وتأكد أنه من بيت مُحترم وبعد أن تأكد أن علية تريده،
رن هاتف فادي فرد ليجد سامر يقول له:"فادي نحن ننتظرك بالأسفل.."
قال له بصوت يملؤه الحماس مختلطا بالتوتر:"خمس دقائق بالضبط وأكون أمامك..."
أغلق معه ووضع عطره الخاص وصفف شعره ثم نزل ليجد سامر وفدوى ينتظران في السيارة في نفس الوقت الذي أقبل فيه تيمور وفريدة بسيارة تيمور ففتح فادي باب السيارة الخلفي لتيمور قائلاً:"غيرت رأي لن آخذ سيارتي أنا عريس سأستقل معكما..."
ضحكت فريدة بينما قال له تيمور بنزق:"قلنا هذا من البداية ..."
لينطلق تيمور بالسيارة كما يصف له فادي الطريق وخلفهم سيارة سامر وفدوى التي كانت تشعر بإرهاق شديد من الحمل ولكنها بالطبع لابد أن تكون مع شقيقها

************
"أهلا وسهلا أنرتمونا"
قالتها والدة علية بحفاوة وهي تجلس مع فادي وإخوته ابتسمت لها فدوى التي تجلس بجوار شقيقتها على مقعدين متجاورين بجوار الأريكة التي يجلس عليها فادي وعلى يمينه تيمور وعلى يساره سامر وقالت لها :"أعزكِ الله ....."
كانت والدة علية تجلس بجوار زوجها على الأريكة المقابلة لفادي وتيمور وسامر بينما يجلس زوج رقية وهو يحمل ابنته الرضيعة بجوار حماه وتبادل الرجال بعض الأحاديث العامة ..
أما فدوى وفريدة فكانتا تنظران إلى البيت حولهما وشعور واحد يراودهما أن هذا البيت مشابه لبيتهم ،به دفء كدفء بيت والدهما خاصة وأصوات أغاني رمضان تأتي من الخارج عبر النافذة المفتوحة فتعطي روحا حُلوة للمكان ،ووالد علية يبدو عليه رجل طيب ووالدتها بوجهها طيبة وبشاشة تشبه والدتهما كثيرا، لم تتحدثا ولكن نظراتهما لبعضهما كانت مفهومة فهناك بين الشقيقات لغة مشتركة يتواصلان بها دون كلام

بعد قليل

دخلت علية على استحياء تحمل أكواب العصير على صينية كبيرة وخلفها رقية وقالت بصوت خجول :"السلام عليكم .."
ثم وضعت الصينيه على المنضدة لتقدمه والدتها وخجلت من مصافحة الرجال فصافحت فريدة يدا بيد لتقبلها الأخيرة قائلة بسعادة :"بسم الله ماشاء الله"
فصافحت فدوى فقبلتها هي الأخرى قائلة:"ماشاء الله ..."
كانت بالفعل جميلة عن أي يوم رأها فيه فادي فكان لايستطيع رفع عينيه عنها ، كانت ترتدي فستان بلون السماء وحجاب منقوش بمزيج من الأزرق واللبني والأبيض وجهها الأبيض متورد بحمرة هادئة وعينيها مكحلتان بمهارة فقالت لها والدتها:"تعالي علية اجلسي"
فجلست على المقعد بين والدتها وفريدة
مالت فدوى على أذن فريدة هامسة:"هل هذه القصيرة الرقيقة هي من أدبت أخانا؟..."
لكزتها فريدة بمرفقها وابتسمت لعلية ابتسامة جميلة وهي تتأمل وجهها الجميل وخجلها الفطري وفي نفسها تحمد الله أن هداه أخيرا ،قال تيمور لوالد علية :"نحن يشرفنا ياحاج جمال أن نطلب يد الأنسة علية لفادي وتحت أمرك في أي شيء.."
كان حسب اتفاق فادي مع إخوته أن يتحدث تيمور بما أنه الكبير فقال الحاج جمال بصوت متزن :"الشرف لنا بني نحن سمعنا عنكم جميعا كل خير أبناء أصول ومن بيت طيب..."
قال سامر وهو يربت على يد فادي:"الحقيقة ياحاج جمال ودون تحيز فادي شاب خلوق ومحترم وملتزم لم أرى منه إلا كل خير طوال معرفتي به..."
قال الحاج جمال :"واضح يابني..."
قال تيمور :"ماهي طلباتك ياحاج جمال؟.."
لم يأخذ الحديث عن الجهاز وقت طويل فلم يعارض فادي أي طلبات لوالد علية ولم يبالغ الرجل في طلباته بل طلب المعقول وتقريبا حمل مع فادي النصف بالنصف رغم أن فادي لم يتمسك بل الرجل هو من عرض كما فعل مع ابنته الكبرى،قال فادي لوالدها:"متى نستطيع الزواج بإذن الله؟..."
أشار الرجل إلى جهة غرفة مغلقة قائلاً:هل ترى هذه الغرفة؟.."
قال له فادي وهو ينظر إليها:"نعم..."
قال له جمال مبتسما:"بها كل جهاز علية ،أنا أجهز بناتي منذ سنوات وفي الوقت الذي تكون فيه جاهزا ستجدني جاهزا بإذن الله ..."
اتسعت ابتسامة فادي قائلاً :"بإذن الله في أقرب وقت ..."
قال تيمور:"إذن سنقيم حفل خطوبة أولاً ؟.."
قال جمال :"أُفضل أن يكون كل شيء في يوم واحد " فقال فادي:"كما تريد أنا ليس لدي مانع في أي شيء .."
قالت والدة علية ووجهها يشع بالسعادة:"كما فعلنا مع أختها قرأنا الفاتحة هنا في المنزل وقمنا بعمل زفاف كبير في النهاية..."
قالت لها فدوى:"ليس هناك أي مشكلة ..."
فأردف سامر :"إذن نقرأ الفاتحة الان ..."
قال الحاج جمال وهو ينظر بحنان إلى صغيرته التي كبرت فجأة:"نقرأ الفاتحة ..."
قرأوا جميعا الفاتحة وعيني فادي تتعلقان بعيني علية وتقولان الكثير أعقبها زغرودة عالية من والدة علية التي ما أن أطلقت زغرودتها المدوية حتى احتضنت ابنتها مباركة لها تلتها رقية وبعدها فدوى وفريدة التي ما أن باركت لعلية حتى أشارت لفادي أن يخرج الهدية التي أحضرها لعروسه فأخرج علبة مخملية زرقاء من جيب سترته وقال لعمه جمال بأدب مستأذنا:"هل تسمح لي عمي ؟..."
أومأ له جمال بوجهه موافقا فجلس بجوارعلية وفتح العلبة التي كان بها محبس ذهبي وخاتم وأسورة هدية فادي لها بخلاف الشبكة التي ستذهب هي ووالدتها معه لشرائها ،كان هو وعلية بالفعل اتفقا معا على هذه التفاصيل خاصة وهي تعلم أن والدها لا يحبذ فكرة الخطبة ،وضع المحبس في أصبعها تلاها بالخاتم والأسورة لتضع هي الأخرى الدبلة الفضية في إصبعه لتنطلق زغرودة أمها مرة أخرى أما علية فكانت تنظر إلى فادي وقلبها ينتفض بداخلها لا تصدق أن أخيرا هناك خطوة تم اتخاذها في طريق ارتباطهما ،لا تصدق أنها أخيرا أعطته الأمان وتركت لقلبها إدارة الدفة أما هو فمشاعره كانت مختلطة ، كان يشعر أن لديه طاقة هائلة يريد أن يرقص ويغني كان يشعر بمشاعر مختلفة تماما عما شعر به أثناء ارتباطه بأماني ،مع علية هناك فرحة استثنائية قلبه يرقص ومشاعره تجاهها متأججة، مع علية كل شيء مختلف

أحضرت رقية أطباق الحلوى ووزعتها على الجميع وجلسوا جميعا جلسة عائلية تعرف الجميع ببعضهم بصورة أكبر أما فادي وعلية اللذان يجلسان متجاوران كان كلاهما في عالم آخر لايستمعان لنصف الأحاديث من حولهما كان هناك حوار آخر يدور بينهما حوار بلا كلمات حوار بلغة العيون لم يخرجهما منه إلا صوت سامر وهو يقول لهما :"نريد أن نأخذ صورة جماعية.."
ليقول له زوج رقية :"إعطني الهاتف وادخل معهم في الصورة "
فأعطاه له سامر ليحيط بالعروسين فدوى وسامر من جهة وتيمور وفريدة من جهة أخرى ،تلت الصورة صور أخرى عديدة ومعهم أسرة علية كاملة ،فكانت الصور تنطق بسعادة كل من فيها

**************
في المقهى العصري الذي أصبحا يتقابلان فيه مؤخرا بعد أن عادت لقاءاتهما بعد انقطاع أعقب زواجها الذي لم يستمر كثيرا ، جلس بجوارها كصديقة يرتاح في الكلام معها وقص عليها ما حدث في الأيام الماضية ،هي الوحيدة التي لا يشعر بالحرج من أن يُعري مشاعره أمامها لا يعرف هل لثقته بها وأن مايقوله أمامها يعرف أنه لن يخرج خارج هذه الجلسة أم لأحساسه بالراحة في الكلام معها حيث يوجد لديها القدرة على امتصاص غضبه ومشاعره السلبية..
قالت له بهدوء بعد أن استمعت إلى كل ماقاله وهي تعيد خصلات شعرها خلف أذنها بعد أن بعثرها الهواء:"وأنت هل حزنت لأنها لم تختارك أم سعدت لأنها لم تكتشف أنك كنت ستخذلها؟.."
أشار لها بالسبابة والوسطى وهو يحتسي رشفة من كوب النسكافيه في يده فقالت له بزفرة حارة عميقة:"أنت تعقد الأمور ياعمر على نفسك..."
ابتسم ابتسامة مريرة قائلا:"هل ستقولين مثلهما؟.." ضيقت عينيها الجميلتين قائلة وهي تنظر إلى عمق عينيه:"من هما؟.."
"فريدة ورؤى قالها بحنق ثم أردف :فالأولى كانت تريدني لها فقط إما أكون لها فقط وإما أن تهدم المعبد على من فيه والثانية كانت ملاكا ذو جناحين في البداية ووافقت بأن نتزوج مع بقاء فريدة في حياتي وما أن أصبحت لها حتى أصبحت من ضمن ممتلكاتها هي الأخرى وبدأت في التحكم والإعتراض سواء على عودة فريدة أو على وجود أولادي معنا ..."
رفعت شيماء حاجبا واحدا وقالت بتهكم:"لا ليس لهما حق مخطئتان حقا..."
قال لها باستنكار :"تتهكمين علي ! ثم مط شفتيه قائلاً:ماذا أقول ؟ في النهاية أنتِ امرأة مثلهما طبيعي أن تتحيذين لآراءهما ثم أردف بتساؤل وهو يميل نحوها عبر المنضدة:ألا يوجد نوع آخر من النساء تُقدِر وتتفهم وتكون صديقة لا زوجة وسجانة تعرف تقلبات الرجل المزاجية وتحتويه ؟.."
ابتسمت شيماء ابتسامة حلوة وهي تستند بمرفقها على المنضدة وتغرز أناملها بين خصلات شعرها الناعم الغزير كشلال متدفق وتتأمل ملامح وجهه الجذابة التي ما أن تغوص فيها لا تجد طريقا للنجاة وقالت بصوت هاديء:"هناك ياعمر بالتأكيد ،إن نظرت حولك ستجد ولكن سعيك خلف فريدة لسنوات ومحاولاتك لإرضاء رؤى ليرضى والدها جعلا عينيك تعميان عن الإبصار جيدا،أخرجت نفسا طويلا من صدرها قائلة:فقط انظر حولك وأنت ترى"


نهاية الفصل السادس والثلاثون


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:46 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.