آخر 10 مشاركات
بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          رواية ناسينها ... خلينا نساعدكم [ أستفساراتكم وطلباتكم ] (الكاتـب : × غرور × - )           »          أطياف الغرام *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : rainy dream - )           »          ينتهي.. للكاتبة الرائعة *platinum*78.."مكتملة"..*مميزة* مع الرابط (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          فجر يلوح بمشكاة * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Lamees othman - )           »          وداعاًللماضى(99)لـ:مايا بانكس(الجزء الرابع من سلسة الحمل والشغف)كاملة*تم إضافة الرابط (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          رهينة حمّيته (الكاتـب : فاطمة بنت الوليد - )           »          إيحــــاء الفضــــة (3) *مميزة ومكتملة *.. سلسلة حـ(ر)ـب (الكاتـب : moshtaqa - )           »          اخطأت واحببتك *مميزة*& مكتمله* (الكاتـب : Laila Mustafa - )           »          رَقـصــــة سَـــــمـا (2) .. *مميزة و مكتملة* سلسلة حـــ"ر"ــــب (الكاتـب : moshtaqa - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree2449Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-11-20, 10:51 PM   #3421

Shadwa.Dy

? العضوٌ??? » 418619
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 639
?  نُقآطِيْ » Shadwa.Dy has a reputation beyond reputeShadwa.Dy has a reputation beyond reputeShadwa.Dy has a reputation beyond reputeShadwa.Dy has a reputation beyond reputeShadwa.Dy has a reputation beyond reputeShadwa.Dy has a reputation beyond reputeShadwa.Dy has a reputation beyond reputeShadwa.Dy has a reputation beyond reputeShadwa.Dy has a reputation beyond reputeShadwa.Dy has a reputation beyond reputeShadwa.Dy has a reputation beyond repute
افتراضي


تسجيل حضوووووور

Shadwa.Dy غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-11-20, 10:54 PM   #3422

حبيبيه

? العضوٌ??? » 449709
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 320
?  نُقآطِيْ » حبيبيه is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضوووووووووووووووووور بانتظار الفصل على نار

حبيبيه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-11-20, 10:56 PM   #3423

ريري المصري

? العضوٌ??? » 435805
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 68
?  نُقآطِيْ » ريري المصري is on a distinguished road
افتراضي

وايتينج للسحل
ادعموا كامل يجماعة


ريري المصري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-11-20, 10:57 PM   #3424

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,239
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 405 ( الأعضاء 117 والزوار 288)
‏موضى و راكان, ‏Nana96, ‏اسراءالرسول, ‏Ayaibrahim, ‏Heckenrose, ‏نداء1, ‏ساره ناانا, ‏ALAA, ‏رودى رامى, ‏لبنى عايد, ‏نور الفردوس, ‏ريري المصري, ‏najla1982, ‏ايثو كردم, ‏safiato966, ‏Omsama, ‏شهدsoso, ‏منالب, ‏ام هنا, ‏bataomar, ‏Sea birde, ‏awttare, ‏لولو73, ‏Samaa Helmi, ‏ايميلي انا, ‏mira amani, ‏Aris, ‏طماطم يس, ‏Shadwa.Dy, ‏Rasha.r.h, ‏هيا عزام, ‏بسمه رضا, ‏طارق صلى, ‏خفوق انفاس, ‏نجوم1, ‏ghader, ‏بتو خليفه, ‏مهيف ..., ‏Walaa sham, ‏أسماااااا, ‏ام معتوق, ‏منه صلاح, ‏ريان الريان, ‏Høpë☆, ‏mamanoumanoul, ‏Kemojad, ‏rasha moner, ‏dodo elbadry, ‏amana 98, ‏تقوي محمد السيد, ‏anasdody, ‏غنى محمد, ‏nes2013, ‏samam1, ‏مريم المقدسيه, ‏strom, ‏Dina abd elhalim, ‏Ghada$1459, ‏غرام العيون, ‏kamala, ‏تقوي عمر, ‏نجمة القطب, ‏Shammosah, ‏راديكا, ‏لمعة فكر, ‏سونه هيكل, ‏أم سيف, ‏شيماء عزت احمد, ‏سوووما العسولة, ‏احمدالعلاوي, ‏سماح., ‏ام مريم والاء, ‏طوطه, ‏Hagora Ahmed, ‏kozmo, ‏just life, ‏fathimabrouk, ‏soha, ‏Labanota, ‏Mai Medhat, ‏فديت الشامة, ‏omnia Hisham, ‏souhaima, ‏Amanykassab, ‏HEND 2, ‏رقيةرقية16, ‏Asmaa mossad, ‏هاجرر55, ‏هدير الماء, ‏bochraa, ‏Amola77, ‏رقيه جوده, ‏ميره مير, ‏سليمة بشيني, ‏Naity, ‏Aml Tarek, ‏سهام زيد, ‏Aya a qabeel, ‏ملتقانا, ‏hanaa85, ‏دمـوع الـورد, ‏redrose2014, ‏Gmb, ‏Vlora, ‏افاق, ‏Areej khalid, ‏نغم فارس, ‏ريعان مصطفى, ‏Heba Abdallah, ‏نهال عيد, ‏ريما الشريف, ‏جنغوما, ‏اذكروا الله كثيراً, ‏هدوء الصمت222, ‏soska6, ‏k_meri, ‏laila2019

Elbayaa likes this.

موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-11-20, 10:58 PM   #3425

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 1


الفصل الثاني والأربعون




(1)




عام جديد .. فرصة جديدة .. تحمل الأمل وتعد بالأفضل .. تعدنا ونعد أنفسنا.. وطوبى لمن صدقت نيته .

مع شعاع الفجر الوليد كان عيد يهرول في ممر المستشفى والسائق الذي أرسله غنيم لإحضاره يتحرك بجواره حتى يوصله للغرفة كما أمره غنيم..

ازدادت هرولته المرتبكة حينما لمح غنيم يجلس على أحد المقاعد في استراحة جانبية ممسكا بعصاه شاردا بنظراته في الأرض بينما سوسو وبسمة تجلسان على مقعدين قريبين كل منهما في ملكوتها فاقترب يقول لاهثا " كيف حالها ؟"

رفع غنيم أنظاره وحاول الوقوف بصعوبة لكن عيد منعه وتحرك يجلس إلى جواره بينما أجاب الأول وهو يشير للسائق بأن يغادر "لا زالت بالداخل.. وشامل معها"

كان الخوف يسيطر عليه وشيطانه يرعبه أن تلقى حتفها مثل أمها .. هذا ما سيطر عليه طوال الطريق وهو يستعيد ذكريات لماضٍ مؤلم فاستدار ليسأله "هل قالت الطبيبة أي شيء عن حالتها؟ إنها لا تزال في الشهر السابع"

أجاب غنيم وهو لا يزال زائغا بنظراته " لم تقل شيئا إلا أنها ستلد.. "

تطلعت بسمة في عيد الذي ألقى عليها السلام فردته بهدوء ثم نظرت لسوسو المتكتفة ترتدي مثلها ملابس رياضية بيتية ومعطفا ثقيلا فوقها و( كروكس ) في قدميها .. وجهها المتورم من البكاء الخالي من المساحيق بينما شعرها معقوص للخلف .. هيئة لا تختلف عن هيئتها في شيء .

إنها لحظة من اللحظات الثقيلة التي تحمل من المشاعر والمتناقضات والأمنيات ما قد يجعلها دهرا وليست مجرد لحظة.

تركت بسمة مقعدها وتحركت لتجلس بجوار سوسو ومسدت على ظهرها بمواساة فناظرتها الثانية بابتسامة ضعيفة وربتت على يدها بينما

دمعت عينا عيد فرفعها إلى أعلى يقول في سره "يا رب يسر ولا تعسر.. إنها عبدتك الضعيفة "

في الداخل كانت ونس تصرخ وهي تمسك بملابس شامل الذي أصرت على دخوله معها بعد أن انتابتها نوبة هلع حينما اشتدت آلام المخاض "شامي أمووووت شامي .. لا أييده .. لا أييد أن أنجب .. أنا أموووت"

"شامل أمووووت يا شامل .. لا أريده .. لا أريد أن أنجب .. أنا أموووت"



قالت الطبيبة بلهجة حازمة " ادفعي أكثر يا ونس ..ادفعي ..اقتربنا"

غمغم شامل مشجعا وهو يمسك بيدها والعرق يتصبب من جبينه "جنيتي ..سأعد حتى ثلاث ثم تدفعين فيها بكامل قوتك ..هيا واحد اثنان ..ثلاث ..هيا يا ونس"

احمر وجهها بشدة وانتفخت عروقها حتى أوشكت روحها على الخروج من جسدها .. لكن روحا أخرى هي التي خرجت مطلقة صرخاتها بينما كفت ونس عن الصراخ واجهشت بالبكاء .

بعد نصف ساعة

خرجت الطبيبة لتطمئن الجميع بما فيهم شامل الذي ترك ونس قبل قليل بعد أن نقلت لغرفتها فقالت" ونس بخير حمدا لله .. والمولود سيظل في الحضانة لفترة حتى يكتمل نموه وتعليمات زيارته ستعرفونها من الطبيب القائم على حالته ( وناظرت الوجوه التي تمتمت بالحمد والشكر وقالت ) حمدا لله على سلامتها "

بعد أن غادرت سأل عيد بلهفة " متى سأرى ابنتي؟"

رد شامل مطمئنا "سندخل لها حالا"

لم ينتظر عيد كلمة أخرى بل اندفع نحو الغرفة فتابعته أنظار شامل ثم سأل والديه بإرهاق "علام تنويان؟ .. أنا أرى أنه لا داعي لوجودكما.. ولا حتى بسمة ..سأبقى معها أنا والحاج عيد"

قال غنيم بصوت عال قبل أن يدخل عيد الغرفة "ولماذا لا يأتي الحاج عيد ليستريح عندنا؟"

استدار إليه عيد يقول برفض قاطع" أنا سأطمئن على ابنتي وسأعود لبلدتنا.. اذهب أنت واسترح يا بيك تبدو متعبا "

لم يكن غنيم في حالة تسمح له بالجدال فأطرق برأسه مستسلما بينما قالت بسمة رغم رغبتها في الانزواء " وأنا سأبقى معك فبالتأكيد ستحتاج ونس لامرأة بجوارها "

في الداخل مال عيد يأخذ رأس ابنته إلى صدره قائلا "الحمد لك والشكر يا رب"

غمغمت ونس بضعف" يقويون ضعيف وثيبقى في ايحضانة"

" يقولون ضعيف وسيبقى في الحضانة"

قال مشجعا" أنت الأهم .. والمستقبل أمامك لتأتي بعشرة أولاد غيره "

تكلمت بوهن وهي تنظر لسقف الغرفة "يم أيه جيدا أخذوه بثيعة ويم أحفظ شكيه يأيثمه "

(لم أره جيدا أخذوه بسرعة ولم أحفظ شكله لأرسمه )

كان عيد لا يزال تحت وطأة تلك المشاعر التي كانت تأكله طوال فترة حملها والتي تضاعفت وتضخمت أثناء طريقه إلى المستشفى فسحب رأسها إلى صدره من جديد وقبّلها عدة مرات فاستشعرت ونس قلقه وغمغمت بابتسامة تشاكسه "تحشم يا عيد "

انهمرت دموعه واستمر في ضم رأسها في صدره مغمغما بابتسامة " كدت أن أموت قلقا بسببك يا بنت الكلب "

××××

العاشرة صباحا

"ألم تتذكر شيئا جديدا؟"

سأله الضابط الذي حضر لأخذ أقواله للمرة الثانية فبلع بدير ريقه وقال بهدوء" لا"

تطلع فيه بتدقيق ثم سأله" صف لي سيارة كامل نخلة ليلة الحادث"

رد بهدوء وكلمات متقطعة " سيارته التي يعرفها.. كل أهل ..البلدة"

قال الضابط بإصرار " صفها لي "

"سيارة دفع رباعي كبيرة سوداء"

سأله الضابط وهو يدقق في ملامحه "ولماذا اتهمت كامل نخلة بالذات وليس توأمه؟.. أعني ما فهمته بالبحث عن كامل نخلة أن له توأما متطابقا فكيف استطعت التعرف عليه ؟..هل أخبرك بأنه هو كامل ؟"

صمت بدير قليلا يفكر ثم أجاب ببطء " لأنه هو من كان موجودا في البلدة ومعه زوجته ولم يظهر أخوه أبدا في ذلك الوقت "

أنزل الأخر جفنيه لثوان ثم رفعهما يقول " كم كانت المسافة التي أطلق عليك منها الرصاص .. قل لي بالتقريب"

"عدة أمتار"

صمت قليلا ثم قال" هذه القصة مشابهة لما حدث قبل الحادثة بيوم الفارق فيها هو اطلاق الرصاص ..ألا ترى ذلك؟"

عاد إليه تردده وشعوره بعدم الراحة ..لكنه ذكر نفسه بخطورة ما يفكر فيه وبما قاله عماد من أن أي اتهام عام بدون تحديد هوية الجاني سيفتح عين الشرطة على عائلة العسال ..فأجاب إجابة مراوغة "لا أذكر إلا هذه القصة"

"لا تذكر إلا هذه القصة ( رددها الضابط خلفه ثم هز رأسه يقول) حسنا إن تذكرت شيئا يا بدير أبلغني"

قالها وهو يستقيم واقفا ويشير لمرافقه ليستعدا للمغادرة فقال بدير بصوت ضعيف "هل أستطيع أن أطلب شيئا من سيادتك؟"

ناظره الضابط ليقول بدير "كما ترى حالتي لا تسمح لي بالذهاب إلى قسم الشرطة وكنت أريد أن أتنازل عن بلاغ"

عقد الضابط حاجبيه وسأله" أي بلاغ؟"

قال بدير " بلاغ كنت قد قدمته قبل عدة شهور ولا أعرف ماذا حدث فيه من إجراءات قانونية.. لكني أريد أن أتنازل عنه .. كان ضد رجل يدعى زهير عبد النبي"

××××



عصرا

مشاعر الأمومة لا يمكن وصفها بكلمات مختصرة فما بال إنسانة مثلها تجد صعوبة في التعبير بالكلمات .. لكنها تعتقد أيضا بأن الشعور الذي يسيطر عليها منذ أن رأت طفلها لن تستطيع أن تعبر عنه برسم لوحة واحدة .. تحتاج للوحات كثيرة لتصف مشاعرها تجاهه .. كل هذا ولم يمر على قدومه إلى هذه الدنيا سوى ساعات.

قال شامل وهو يضمها إليه في وقفتهما أمام الحضانة " لمَ البكاء يا ونس؟"

ردت بضعف " إنه ثغيي جدا وضعيف"

(إنه صغير جدا وضعيف)

قالتها وهي تتأمل طفلها في الحضانة فقال شامل" الطبيب طمأننا أن حالته بالنسبة لعمره جيدة .. لذا سندعو الله أن يكون قويا ويحارب من أجل البقاء معنا"

رفعت رأسها إليه قائلة " أنا خائفة شامي ويا اعيف ماذا فعيت حتى أيده قبي موعده"

( أنا خائفة يا شامل ولا أعرف ماذا فعلت حتى ألده قبل موعده)

تماسك وهو يقول غاصبا نفسه على التفاؤل" لم تفعلي شيئا يا جنيتي إن شاء الله سيتحسن لأنه ابن الجنية ومارد المصباح"

سألته وهي تتطلع في وجهه "أيم يتصي بعد؟"

(ألم يتصل بعد؟ )

رد مراوغا " من تقصدين؟ كامل؟ .. لا أتوقع أن يتصل اليوم ولا حتى غدا"

تطلعت في عينيه فهرب بنظراته.. إنه حزين .. يشعر وكأنه قد فقد أحد أطرافه ويجد صعوبة في التعامل بدونه .. لكنه لا يملك رفاهية الانهيار أو الانزواء والغرق في أحزانه كما يرغب .. لديه عائلة كاملة معلقة في رقبته وزوجة نفساء تحتاج لدعم نفسي وتشجيع وطفل خديج ولد قبل موعده يرقد بين الحياة والموت.

اقتربت الممرضة وأخرجت آسر من الحضانة وقالت لونس وهي تعطيه لها لتحمله "سنحاول أن نساعده على الرضاعة من صدرك سيدة ونس .. لكن عليك ألا تشعري بالإحباط إن لم يستجب من أول مرة .. فالرضاعة بالنسبة للطفل مجهدة وهو ضعيف .. كما أننا سندربك كيف تستخدمين جهاز استدرار حليب الصدر وتحتفظين به من أجله فكلما غذيناه بلبن الأم كلما ساعده ذلك على النمو بشكل أسرع"

هزت ونس رأسها فقادتهما الممرضة لغرفة داخلية وساعدتها على وضع آسر على صدرها ..فوقف شامل يتطلع في المشهد كيف أصبحت ونس أما.. وأصبح هو أبا .. (أب ) كلمة لم تتح له الفرصة حتى هذه اللحظة بالشعور بها .. فما تمر به عائلته من محنة وما يشعر به من قلق على كامل منعاه من ذلك خاصة وهو يحس بشعور غير مريح وبأن توأمه يعاني لكنه غير قادر على تحديد شيء بعينه.

على الرغم من أن الصغير لم يستجب للرضاعة واكتفى فقط بوضع ثدي أمه في فمه وعاد للنوم إلا أن مشاعر الأمومة كانت تتدفق من ونس فانهمرت دموعها ورفعت أنظارها لشامل تقول بارتجاف" أنا أحبه يا شامي أحب آثي جدا جدا جدا"

" أنا أحبه يا شامل ..أحب آسر جدا جدا جدا"

ابتسم لها بإنهاك فقالت من بين دموعها " يا أييد أن أتريكه هنا كيف سأتيكه وأيحي ...كيف؟"

" لا أريد أن أتركه هنا .. كيف سأتركه وأرحل ..كيف؟"

قال شامل بلهجة حانية " لابد أن يبقى في الحضانة ليكتمل نموه يا ونس .. أعدك أن نزوره مرتين يوميا"

بكت وعادت تتطلع فيه مغمغمة بإصرار" إنه ثغيي جدا وأنا أحبه جدا ويا أييد أن أتيكه أبدا"

( إنه صغير جدا وأنا أحبه جدا ولا أريد أن أتركه أبدا)

في غرفة ونس كانت بسمة تبكي في حضن مليكة التي حضرت قبل ذهاب ونس لرؤية طفلها فربتت مليكة على ظهر بسمة التي غمغمت "أشعر بأني أموت يا مليكة .. خاصة وأنه لم تأتنا أية أخبار منه حتى الآن"

مسدت الأخيرة على ظهرها وقالت بشفقة "شدة وستزول إن شاء الله.. أسأل رب العرش العظيم أن يحفظه وييسر أمره ويظهر براءته"

بكت بسمة .. ثم ابتعدت بعد قليل تمسح دموعها وتحاول التماسك وهي تقول " تعالي اجلسي لا تقفي بهذا الشكل.. هل يجلس مفرح بالخارج؟"

هزت مليكة رأسها وقالت وهي تجلس على طرف السرير "ينتظر شامل أن يعود من الحضانة (وأضافت بحزن ) إنه هو الأخر ليس على ما يرام منذ أن علم برحيل كامل .."

أطرقت بسمة برأسها تمسح بقايا الدموع فقالت مليكة" بسمة .. أعلم بأن الظرف غير مناسب لكني لن أستطيع الصبر أكثر من ذلك لابد أن أخبرك"

طالعتها بسمة بتساؤل فاحمرت وجنتا مليكة وترقرقت عيناها بالدموع وهي تقول" رغم أني لا أصدق حتى الآن وأجريت التحليل ثلاث مرات لأتأكد .. لكني حامل يا بسمة ..حامل"

أطلقت بسمة صرخة متفاجئة وهي تستقيم واقفة وتقول" ماذا قلت؟؟؟"

انهمرت دمعة من عين مليكة وردت بابتسامة وهي تمسحها "حامل أخيرا.. وبشكل طبيعي دون تدخل"

أسرعت بسمة نحوها ومالت تحضنها بقوة وارتجاف من المفاجأة وهي تقول" يا الهي .. ألف ألف مبروك .. الحمد لله ..هذا خبر رائع ..رائع"

ابتسمت مليكة فابتعدت عنها بسمة تقول بتأثر "سعيدة من أجلك يا مليكة .. كيف تلقى مفرح والأولاد الخبر؟"

أجلستها الأخيرة على طرف السرير بجوارها وهي تقول" مفرح سعد كثيرا لكن ما حدث لكامل يشغله جدا عن أي شيء لكنه سعيد .. أما الولدان فمصدومان من الخبر .. وأشعر ببعض مشاعر الغيرة بداخلهما والخوف من أن أتوقف عن حبهما لكن هذا متوقع لذا أحاول طمأنتهما"

قالت بسمة وهي تمسك بيديها" أنا سعيدة جدا من أجلك ..صدقا هذا الخبر جاء ليخفف عني وعنا جميعا ما نمر به الحمد والشكر لله"

قالت مليكة بلهجة صادقة" العقبى لك قريبا"

هزت بسمة رأسها بكآبة فقالت مليكة "أشعر بأنه قريب جدا أخبريني هل جاءتك عادتك الشهرية منذ آخر مرة أخبرتني فيها ؟"

ردت بسمة بعدم اهتمام" لا أعرف متى أخبرتك ولا أذكر متى جاءت ولا أهتم حاليا بشيء سوى أن أطمئن على كامل .. ادعي له يا مليكة ..ادعوا له كلكم أن نطمئن عليه"

غمغمت مليكة" إن شاء الله لا يرضى ربك بالظلم"

دخلت ونس عائدة من الحضانة وجهها متورم من البكاء فسألتها بسمة باهتمام" ما بك؟"

قالت منفجرة في البكاء" لا أييد أن أتيكه وأيحي أييد أن أبقى بجوايه"

(لا أريد أن أتركه وأرحل أريد أن أبقى بجواره)

أسرعت مليكة إليها وحضنتها تقول "لا ... عليك التماسك .. فالحزن والبكاء سيؤثران على اللبن وهو مهم جدا لاكتمال نموه "

بكت ونس في حضنها فقالت مليكة مشجعة "أنا أفهم شعورك جيدا وجربته .. لقد وضعت نجمة في الحضانة لفترة وكنت أذهب اليها كل يوم"

قالتها وشردت متفاجئة من ذكرها لنجمة بهذه العفوية ..

هل هذا يعني أنها تخطت حقيقة موتها؟ ..

هل هذا مؤشر لتحسن حالتها؟ ..

عليها أن تسأل طبيبتها النفسية حينما تزورها المرة القادمة.



أما في الخارج فسأل مفرح شامل" ألا توجد أية أخبار؟"

رد الأخير مهموما" لا شيء وينتابني شعور غير مريح تجاهه ..إنه يعاني من شيء ما وخائف وحائر"

قال مفرح بحزن " كنت أتمنى أن أراه قبل السفر ..لم تتح لي الفرصة حتى لوداعه أو التفكير معه في القضية وتفاصيلها"

علق شامل بعد تنهيدة مكتئبة" الحقيقة كلنا لم تتح لنا فرصة للاستيعاب .. كنا مصدومين لا يشغلنا سوى حمايته والبحث عن طريقة لإخفائه حتى نجد وقتا للبحث في ثغرات القضية"

وضع مفرح يديه في جيبي بنطاله وشرد بأنظاره أرضا يقول" لم أعد قادر على معرفة تفاصيل التحقيقات .. كل ما حصلت عليه وأخبرتكم به كان بشكل غير رسمي قبل أن يصدر أمرا بالقبض على كامل وفتح التحقيق .. وسأموت لأعرف ماذا قال بدير من تفاصيل"

قال شامل بلهجة مكتئبة" أعتقد أنهم سيستدعونني في أية لحظة وأخبرت المحامي أن يستعد"

فرك مفرح في شعره بغيظ ثم سأله" متى من المفترض أن يتصل بك كامل؟"

أجابه شامل بصوت خافت "كان من المفترض أن يكون قد اتصل بنا .. فحسب المسافة بين الدولتين قد وصل منذ عدة ساعات .. لكنه لم يفعل ولهذا أشعر بالقلق الشديد وأخشى أن يكون قد تم القبض عليه من حرس الحدود"

سأله مفرح مستفهما" ألستم على اتصال بأي شخص ليطمئنكم ؟"

رد شامل موضحا " لا يوجد سوى الوسيط الذي تم الاتفاق معه.. وهو لم يفد أبي بشيء .. أخبره فقط أنه أوصل كامل والمجموعة التي معه للشخص الذي سيعبر بهم الصحراء.. وبأنه لن يستطيع التواصل معه حاليا فالرجل لا يعود من سفرته بسرعة بل يختفي لبعض الوقت"

زفر مفرح وقال" رغم أني لا أرضى له بدخول السجن لكني لا أوافق على هروبه أبدا"

رد شامل بصدق" أنا شخصيا لازلت أرزح تحت انفعالات جمة وغير قادر على استيعاب ما حدث لنا خلال أسبوع واحد .. ولا أفكر سوى في سلامته وفي التعامل بصمود أمام تبعات الفضيحة "

أطرق مفرح برأسه مهموما وشعور بفقدان صديقه يخنقه بينما غمغم شامل وهو يتطلع في عيد الجالس على مقعد رأسه للخلف ويغط في نوم عميق "ماذا أفعل مع هذا الرجل ذا الرأس اليابس؟"

رفع مفرح أنظاره في الاتجاه الذي ينظر إليه شامل ليضيف الأخير "ترجيناه أن يذهب مع أبي وأمي ليستريح لكنه رفض .. ومصر على البقاء بهذا الشكل معنا وبالطبع سيرفض رفضا باتا المبيت .. لهذا أبلغت السائق أن يستعد لإعادته للقرية وقتما يقرر (ثم أضاف وهو يتحرك) سأخبر ونس أن تستعد للمغادرة .. وليعينني الله على اقناعها بالخروج وترك آسر هنا .. رأسها أيبس من والدها ولا تريد التفاهم في هذا الأمر"

××××




يتبع








Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 20-11-20, 10:58 PM   #3426

Maronmoka

? العضوٌ??? » 437509
?  التسِجيلٌ » Dec 2018
? مشَارَ?اتْي » 63
?  نُقآطِيْ » Maronmoka is on a distinguished road
افتراضي

تسجيل حضور❤️❤️❤️

Maronmoka غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-11-20, 10:59 PM   #3427

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 2

(2)



ليت الأرض تنشق وتبتلعه .. ليته مات في تلك الليلة حتى لا يشعر بما يشعر به الآن من ذل وانكسار .. ليته مات وانتهى حتى لا يرونه بهذه الهيئة المخزية ..
شعر بدير بالمهانة وهم يخرجوه من السيارة.. أخوه عماد وابنه علاء ومحمد ابن بسطاويسي يحملونه إلى الداخل ..
تأمل بوابة البيت التي خرج منها قبل ثلاثة أسابيع على قدميه ويعود الآن ليعبرها محمولا والجيران متجمعون أمامها يتابعون ما يحدث يحوقلون ويتمتمون بعبارات مشفقة ..
أيقصدونه هو بدير العسال الذي كان يمشي بينهم مختالا؟ ..
أ يعني الطبيب ما قاله قبل قليل أنه قد يقضي البقية من حياته على كرسي؟
قعيد على كرسي !!
تطلع في وجوه من يحملونه وفي وجه عماد الغامض والذي بدا وكأنه يشعر بالراحة لأنه سيبقى حبيس كرسي .. ثم وجوه الباقين المشفقة.. تطلع في وجوههم جميعا .. وتمنى الموت .
بعد دقائق كانوا قد وضعوه في سريره وعماد يقول "هذا وضع مؤقت حتى نقوم بتعديلات في الدور الأرضي لتنتقل للعيش فيه أنت وأم علاء"
"لا"
قاطعه بدير بوهن وأضاف" لا أريد أي شيء .. ولا أريد أن أرى أحدا مهما كان"
قال عماد بهدوء" على راحتك (ونظر لكاميليا التي تحدق في بدير خائفة من القادم خاصة بعدما علمت بأنه قد لا يسير على قدميه مرة أخرى وقال ) هيا يا كاميليا اتركيه الآن .. طلب أن يكون وحده"
تلكأت تنظر لبدير فوجدته مغمض العينين .. بينما هدر فيها عماد" قلت هيا "
قالها وهو يخرجها من الغرفة ويخرج أولاد بدير المصدومين ثم تحرك نحو الباب لكنه توقف عنده قائلا بلهجة متهكمة استفزت بدير وزادت من سوء حالته النفسية "أعجبتني تلك الحركة التي قمت فيها بالتنازل عن بلاغك في حق زهير عبد النبي .. الناس متعاطفون معك بشدة في الخارج .. نتعلم منك دوما التخطيط العالي يا أبا علاء"
لم يرد بدير .. تقبض إلى جواره ولم يرد فقال عماد ببرود" أرتاح يا بدير ولنا جلسة بعدها لنتحدث في شؤون العمل"
قالها وخرج يغلق الباب خلفه وساد الصمت الكئيب .. ففكر بدير فيما آلت إليه حياته وتساءل .. لماذا عليه أن يعيش؟ .. ماذا سيفعل في حياته القادمة؟
فُتح الباب ففتح عينيه ليجد وجدان قد دخلت وبدأت في خلع عباءتها على عجل وبدلتها بأخرى بيتية ثم اقتربت منه بوجهها المتورم من البكاء تقرب منه دورق الماء وهاتفه على الكومود وهي تقول" حالا سأعد لك الغداء"
أمسك بمعصمها فتطلعت فيه بتساؤل ليقول بخفوت" لست مجبرة على خدمتي ولا البقاء حتى على ذمتي"
أسرعت بوضع يدها على فمه لتسكته ثم قالت بلهجة باكية" لا تقل هذا يا بدير .. أنا معك في الحلو والمُر"
ابتسم يقول بخفوت ساخرا " وأنا كنت لك (المُرّ ) أعرف ذلك .. والآن ستزداد حياتك معي مرارة"
غمغمت بلهجة باكية " لكنك ستظل أبا أولادي"
هز رأسه وقال" أعرف أنك بنت أصول ولكني أقولها لك ..حين تريدين الانفصال ولو حتى في غرفة أخرى فلك هذا"
أعادتها لهجته المراعية عشرين سنة للخلف .. إلى بدير الذي تزوجته قبل أن يصبح سميك الجلد وتغيره الأيام .. فربتت على يده ثم قالت "دعنا من هذا الحديث .. سأنزل لأرى ماذا طبخت هدى وأحضر لك الطعام"
قالتها وخرجت بسرعة تكتم دموعها مصدومة مما علمت به أنه لن يستطيع السير على قدميه مرة أخرى .. في الوقت الذي تطلع بدير في ذلك الذي ينتظره في الركن البعيد من الغرفة .. وتمنى الموت للمرة التي فقد عدها .. تمنى الموت قبل أن يضطر لاستخدام هذا الكرسي المتحرك.
××××
في المساء
"ما شاء الله ..ألف حمدا لله على سلامة ونس ..هل هي مستيقظة لأبارك لها؟"
قالتها أم هاشم في الهاتف وهي تقف في غرفة نومها فردت بسمة بإنهاك مستلقية على سريرها" أعتقد أنها نامت الآن .. لقد كانت تنتحب بشدة لفراق الصغير وتركه بالمستشفى ..كما أرادت أن يبقى والدها ويبيت لكنه صلّب رأسه وتركنا في المساء فأوصله السائق .. اعتقد بأنها تعاني من ضغط انفعالات كثيرة عليها"
قالت أم هاشم بشفقة " سييسر الله أمرها ويحفظ وليدها إن شاء الله
..وأنت كيف حالك؟"
صمتت بسمة قليلا ثم ردت " أنا في حالة سيئة جدا لكني أحاول أن أتماسك من أجل الباقين ..من أجل والديه المسكينين وونس التي تحتاج لرعاية تعلمين ليس لديها أم لتكون بجوارها في فترة كهذه من حياتها فنحاول أنا ومليكة أن نكون بجوارها .. (واستدركت تقول ) الحقيقة مليكة كالعادة تقوم بالدور الأكبر .. ظلت معنا هي ومفرح والولدان حتى المساء .. والولدان ومشاكستهما ولعبهما مع شهبندر أمام عمي غنيم خففا عنه الساعات التي تمر ببطء"
قالت أم هاشم بتعاطف شديد وهي تمسد على بطنها" جزيتم جميعا الجنة وفك الله كربكم.. ألا يوجد أخبار؟"
"لا جديد وأنا أكاد أن أجن"
قالتها بصوت مخنوق بالبكاء فغمغمت أم هاشم" إن شاء الله سيطمئن قلبك يا بسمة ..الابتلاءات لا تأتينا إلا في نقاط ضعفنا .. سأتصل بونس في الصباح لأبارك لها"
اقترب جابر ووقف خلفها ثم طبع قبلة رقيقة على مؤخرة رقبتها السمراء الملساء ..فارتجف جسدها ورمقته بنظرة موبخة بطرف عينيها البنيتين وعادت لتستمع لبسمة التي قالت" أريد أيضا أن أزور أمي ..إنها حزينة جدا بسبب ما حدث ولكن يبدو أنني سأؤجل الزيارة لبضعة أيام حتى تسترد ونس صحتها وتستقر الأمور هنا"
مد جابر ذراعيه من الخلف ليمسد على بطن أم هاشم في حنان جارف ومنظرها وهي تقف بمنامة أرجوانية بنطالها قصير حتى الركبة مغري فعاد لطبع قبلة أخرى رقيقة على مؤخرة عنقها .
تلوت قليلا وظهرت غمازتيها بحرج وهي تقول لبسمة" سأراك قريبا إذن"
قالت بسمة" أجل إن شاء الله"
قالت أم هاشم وقد بدأت تفقد تركيزها مع محدثتها " هذا رائع لأني أشتاق إليك سأتركك الآن ونتحدث في الصباح"
"إن شاء الله"
قبل أن تغلق الخط قالت أم هاشم " تماسكي يا صاحبتي فلولا البلاء لوردنا القيامة مفلسين"
"ونعم بالله تصبحين على خير"
"وأنت من أهل الخير"
أغلقت بسمة الخط وأعادت تشغيل الأغنية التي تربطهما وأخذت تحدق في السقف وتفكر فيه متسائلة أين هو الآن ؟.
أبا أتأسف وأنا ما خطيت ..
لأني بالفعل حبيت
أنا سمعتني الأيام ..
ياليتك تسمعي يا ليت
أما أم هاشم فقالت وقد بدأت حرارة جسدها في الاشتعال" جابر!.. والله خشيت أن تلاحظ بسمة أن عقلي ليس معها"
قال بشقاوة خلف أذنها" مع من إذن؟"
لملمت ابتسامة أكثر شقاوة وردت " أنت تعرف من يسلب عقلي ويتحكم في كل أمري"
أبعد رأسه يتطلع فيها قائلا باستنكار " وهل كنتِ تريدين أن تتحكمي في عقلي وكل أمري ولا أكون معك بالمثل؟!"
ابتسمت ثم وضعت يدها فوق يده التي تمسد برفق على بطنها وقالت "أشعر بأني أشبه من بلعت شيئا فوقف في معدتها بهذه البطن الصغيرة"
ازداد التصاقه بها وهمس وأنفه وشفتيه يداعبون عنقها وكتفها "كل شيء فيك جميل ويزيد إغراءً يوما بعد يوم"
قالت بإحباط" كل شيء يزيد إغراءً إلا هذا الذي هو عقدتي ..لا أجد اختلافا مؤثرا فيه حتى مع الحمل"
قهقه ضاحكا فأدارت وجهها إليه تطالعه بحنق ليقول جابر بلهجة ساخنة" مالك أنت بهذه الأمور ..لا تتدخلي فيما لا يخصك يا عود القرفة"
استدارت بكليتها لتلتصق به ورائحة عطره الرجولي الساخنة تستولي شيئا فشيئا على ذراتها ثم قالت بلهجة مغوية وهي تدلك صدره بكفها "أنت تستحق أن يصنع لك تمثالا لعشقك للباذنجان الأسود يا أبا هاشم"
قهقه ضاحكا وضرب رأسها برأسه بخفة قبل أن يقول مغازلا "باذنجانة سمراء صاحبة أجمل غمازتين رأيتهما في حياتي وشفتين مغويتين إلى حد ارتكاب الجرائم من أجل الوصول إليهما "
قالها ثم أطبق على شفتيها المغموستين كصاحبتهما في القرفة والعسل.
××××
صباح اليوم التالي
القهوة هي الشيء الوحيد المتبقي لها مع الذكريات الحلوة لتمدها بطاقة نفسية للقيام والمواصلة.
كانت تتملكها رغبة قوية للنوم لأيام .. ربما هروب .. ربما تخدير لآلامها النفسية ربما رغبة في اختصار الوقت ..لكن xxxxب الساعة باتت كامرأة عجوز ثقيلة الحركة ..
نزلت بسمة بعد أن اطمأنت على ونس وفي يدها كوبا من القهوة والقلق يأكل قلبها أكلا ووقفت تنظر لغنيم وسوسو اللذان يتابعان شامل بينما الأخير يقول في الهاتف "إن كانت إدارة القناة ترى أن فسخ العقد معي من مصلحتها فلن أستطيع قول شيء … "
صمت قليلا يستمع لمحدثه ثم قال بانفعال" الناس تتحدث بدون بينة .. وأخي مظلوم ونسعى لإثبات براءته هذا ما استطيع قوله لكم أما قرارات إدارة القناة لا أملك أن أتدخل فيها .. عموما حتى تتخذوا القرار في هذا الموضوع فأنا أطلب إجازة من تصوير الحلقة الأسبوعية ..لأن زوجتي ولدت وابني في الحضّانة ومشغول مع عائلتي هذه الأيام…… بارك الله فيك شكرا لك … أبلغني بقرار القناة من فضلك حين يصدر حتى أرتب أموري .. سلام"
أغلق الخط وهو يجز على أسنانه بعصبية فسألته سوسو " هل قرروا فسخ العقد معك؟"
رد شامل بعبوس " ليس بعد .. المخرج كان يتحدث معي بصفة غير رسمية ويخبرني بأن هناك تخوف من انتشار الخبر في الصحف"
قالت سوسو بقلق "الخبر انتشر بالفعل بين معارفنا ولقد أغلقت هاتفي بسبب الاتصالات"
لم يرد غنيم .. كان يقف شاردا يلقي بكل ثقله على عصاه فسألت سوسو ابنها" ألم يتصل بعد؟"
هز شامل رأسه فسألت وهي تتطلع في الوجوه " هل حدث شيء لابني وتخفون عني؟"
أسرع شامل بتكرار كذبته التي أخبرها بها ليلة أمس" قلت لك يا أمي لن يتصل لفترة هذا من أجل أمانه وأماننا لربما هواتفنا مراقبة"
قالت باكية" يتصل على الخط الجديد الذي ابتاعه غنيم ..يتصل اتصالا واحدا لطمأنتنا ..بهذا الشكل سنموت"
أصر شامل على كذبته قائلا "حتى هذا لا نضمن أنه لم يتم مراقبته هو الأخر لهذا لا تتوقعي منه اتصالا قريبا"
أطرقت بسمة برأسها بينما قالت سوسو باستسلام" استرها معه يا رب .. وسلم طريقه واحفظه من كل سوء .. سأصعد لونس هل هي مستيقظة يا بسمة؟"
ردت الأخيرة" أجل تستعد للذهاب لزيارة الصغير"
غمغم شامل" إنها لم تنم ومستعدة منذ الفجر"
صعدت سوسو للدور العلوي بينما غمغم غنيم "اللهم هون هذه الأيام الثقال علينا واجمع شملنا قريبا (ثم قال لابنه بخفوت بعد أن تأكد من صعود زوجته) هل من جديد؟"
هز شامل رأسه نافيا فقال غنيم من بين أسنانه" المشكلة أن هذا الرجل الذي اتفقت معه يرفض أن يحدد لي مكانا لمقابلته وسؤاله وجها لوجه خوفا من تتبع الشرطة لي.. ومصر على القول بأنه ليس لديه معلومات عن المجموعة ولن يستطيع التواصل لفترة مع الشخص الذي أوصلهم"
سحبت بسمة نفسا عميقا تحاول التماسك وقالت بلهجة باكية" يا رب سأموت من القلق عليه"
تنهد غنيم بحزن فأردفت قائلة" إياكما أن تخبئا شيئا عليّ خوفا من أن تحزناني كسوسو ..والله أنا متماسكة حتى أكون قوية أمامكما فلا تخفيا عليّ شيئا يخصه مهما كان"
لم يرد شامل فقالت بسمة بلهجة متوسلة" ألا يخبرك حدسك بشيء يا شامل ألستما تشعران ببعضكما؟"
قال بسخرية مرة "لست منجما ..أنا فقط أشعر بما يشعر به وأتوتر مع توتره"
سألته بلهفة "وبم تشعر حاليا تجاهه ؟"
صمت قليلا ولم يدر هل يخبرهما بأنه يشعر به متوتر بشكل كبير أم لا فقال باقتضاب "حاليا لا أشعر بشيء"
قالها وتحرك مبتعدا وهو يناجي أخاه في سره" اخبرني بشيء يا حلوف طمئني حتى "
رن جرس البوابة فعاد شامل من طريقه إلى باب المطعم الداخلي وتوجه نحو شاشة صغيرة بجوار باب الفيلا الداخلي وفتحها ليرى ضابط شرطة فبلع غنيم ريقه بقلق بينما قال شامل" جاءوا أسرع مما كنت أتوقع .. (ثم استدار لبسمة يقول ) هلا ذهبت مع ونس لزيارة الصغير بدلا مني ؟"
هزت رأسها مطمئنة فقال غنيم "وأنا سأتصل بالمحامي ليقابلك في قسم الشرطة الله المستعان"
××××
بعد عدة ساعات
سأله وكيل النيابة مجددا "هل أنت متأكد سيد شامل أنك لا تعرف مكان أخيك كامل؟"
قال شامل بإنهاك " صدقني أنا أيضا قلق وأريد أن أطمئن عليه"
تدخل المحامي قائلا " كما ترى أن موكلي شامل نخلة لم يكن في البلد في الفترة التي حدثت فيها الجريمة"
تطلع وكيل النيابة مجددا في جواز السفر الذي يحمل اسم شامل نخلة صامتا بينما تبادل شامل النظرات مع محاميه الذي طمأنه .
طُرق الباب ودخل أحدهم يعطي وكيل النيابة نتيجة فحص بصمات شامل فنظر فيها ثم أملى على مساعده" يخلى سبيله بضمان محل إقامته على أن يستدعى كل فترة لفحص بصماته والتأكد من أنه شامل نخلة"
قالها ونظر لشامل قائلا" مضطر لهذا الإجراء نظرا لتطابق شكلك مع توأمك"
هز شامل رأسه بينما أضاف وكيل النيابة" ونصيحة مني إن تواصلت مع توأمك أخبره بألا يعقد موقفه بهروبه"
هز شامل رأسه مجددا وهو يغمغم في سره" المهم أن اتواصل معه واطمئن"
××××
في المساء
رغم الأجواء القاتمة الكئيبة إلا أنها أصرت ألا تغرق نفسها في الحزن . أصرت على ألا تتوحد مع مآسي المحيطين وأن يكون لها حياة خاصة تفصلها حتى عن أعز الناس لها . . إنها مهارة جديدة تعلمتها .. أن حبها ودعمها وتعاطفها مع من تحبهم لا يعني أن تنغمس في الحزن إلى حد يؤثر على حياتها الشخصية.. فلآدميتها ولنفسها عليها حق .. ولزوجها عليها حق .. خاصة وهو مهموم وقلق منذ سفر صاحبه وانقطاع الأخبار عنه.
تطلعت مليكة في قميص النوم باللون المشمشي الذي ارتدته وربتت على بطنها فأصابتها تلك الرجفة .. وخفقة القلب .. التي تشعر بهما كلما فكرت في حملها ثم رتبت خصلات شعرها البني وتركته مسدلا على كتفيها حرا كرغباتها هذه اللحظة .
بعد قليل دخل مفرح غرفة النوم عائدا من الخارج بعد يوم طويل مجهد بدأ بخبر القبض على شامل للاشتباه بأنه كامل نخلة فجاء من البلدة إلى العاصمة ليكون معه في قسم الشرطة وانتهى بالإفراج عنه .. دخل ليجد مليكة في استقباله في هيئة تذهب العقل المشغول بالكثير من الأمور المعقدة .
ألقى السلام وراقب احمرار وجنتيها وهي تسأله" هل شامل بخير؟"
رد بصوت منهك وهو يخلع ملابسه ويراقب تفاصيلها المغرية الظاهرة بوضوح من تحت القميص " بخير الحمد لله .. كان يوما مجهدا لكن انتهى بالإفراج عنه كما قلت لك في الهاتف"
مطت مليكة شفتيها وهي تتحرك لالتقاط الملابس من يده قبل أن يلقي بها في الأرض قائلة بغيظ" ألن تكف عن عادة إلقاء الملابس في الأرض يا مفرح !!"
سحبها من ذراعها لترتطم بصدره العاري وقال بحشرجة " هل تنتظرنا ليلة ساخنة؟"
توردت أكثر وقالت وهي تداعب عنقه بأصابعها" ماذا أفعل اشتقت لك وأنت غائب عني "
عقد مفرح حاجبيه قائلا "ما هذا الكلام؟.. هل تشككين في أداء مفرح الزيني يا بنت السرايات!"
ضحكت والتصقت به أكثر وهي تقول بأنوثة تسللت إلى عالمه القاتم المكتئب فنشرت فيه البهجة " أنا أتحدث عن الشوق .. هل تعرفه؟"
هذا التصريح منها .. من مالكة قلبه .. بهذا الشغف الذي طال انتظاره أشعل حواسه كلها .. وداعب كبرياءه الذكوري .. وخفق له قلبه بقوة ينفض عنه الحزن فطبع قبلة على جانب وجهها وتسللت يده تتحسس مفاتنها قائلا" أعرفه ..فهذا اللعين ظل يتفنن في تعذيبي لسنوات"
قالت بلهجة تمثيلية بائسة "يبدو أنه قد قرر أن يعذبني أنا الآن يا مفرح"
أبعدها قليلا يتطلع في القميص بتروٍ ثم قال" تؤتؤتؤ الأمر يحتاج لسرعة التدخل للقضاء على هذا الشوق اللعين "
ألصقها به مجددا ومال يقبل شفتيها بحرارة وذراعاه تحيطان بها باحتواء كامل وترجٍ للهرب إلى عالمها بعيدا عن الواقع المحبط .. لأن تلون عالمه الباهت بألوان قوس قزح .. لأن تغسل قلبه من الكآبة وتدلــله في عالم ناعم عطر من ريش نعام .
بعد بعض الوقت كان لا يزال لاجئا إلى حضنها لا يرغب في الانفصال عنها .. عن عالمها الجميل بينما هي تبكي كعادتها بعد الوصول إلى خط النهاية وتمشط شعره الأسود بأصابعها فرفع رأسه يقول بهمس أجش" أنا أعرف بأننا لم نحتفل كما يجب بخبر حملك بسبب الأحداث الأخيرة لكني في غاية السعادة يا مليكة حتى لو منعتني الظروف من الإعلان عن فرحتي بل أعتبر أن هذا الخبر في هذا التوقيت بالذات لم يكن فقط للتخفيف عني ولكنه جاء في هذه الظروف رحمة بي حتى لا أفقد عقلي من الفرحة ..صدقيني أنا لازلت مصدوما بالخبر لدرجة عدم التصديق ..ربما لو كبرت بطنك قليلا لصدقت ..( وسرت رجفة في جسده انتقلت لجسدها الملتصق به وهو يقول بتأثر متأخر ) يا إلهي لازلت لا أصدق أنك حامل في طفلي "
مسدت على لحيته وفوديه الذين تسللت إليهما الشعيرات البيضاء وقالت وهي تتطلع في واحتيه الخضراوين" أنا أيضا لازلت لا أصدق حتى أنني استيقظ كل يوم وأجري اختبارا للحمل لأتأكد من أني لا أهلوس"
قبّل نحرها وقال هامسا وهو يبعد خصل شعرها عن جبينها" تحدثت مع الصائغ حتى اشتري لك هدية بهذه المناسبة"
قالت وهي تمسح دموعها "لكني لا أريد هدية من الصائغ"
قال لها " أشيري بخنصرك وأنا أنفذ"
نظرت في عينيه قائلة" أريد طقم بورسلين كالذي كسرته في شقتنا القديمة"
رفع حاجبيه مندهشا فقالت موضحة " هذا الطقم كان عزيزا عليّ يا مفرح ولا أستطيع مسامحتك على تكسيره"
غمغم باندهاش "لهذه الدرجة!"
هزت رأسها بالإيجاب فقال وهو يميل ويقبل شفتيها " حاضر ..ست الحسن أم أولادي تأمر أمر"
××××


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 20-11-20, 11:00 PM   #3428

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 3

(3)


بعد يومين
قبيل العصر
تطلعت أم هاشم في ساعتها بغيظ وهي تنظر للبوابة في وقفتها في ساحة المشروع ثم رفعت الهاتف تطلب رقما وقالت بعد برهة باختناق" ألا يزال التوكتوك معطلا يا ناصر؟"
رد ناصر بلهجة معتذرة " اعتذر يا ست أم هاشم لا أدري ماذا حدث له فجأة ..نحاول إصلاحه"
قالت بعدم صبر" حسنا أنا سأبحث عن توكتوك أخر فلن أعطل نفسي أكثر من ذلك "
أغلقت الخط ثم قالت لمشرفة المشروع وهي تعدل وشاحها" أنا سأذهب يا أمل فقد تأخرت اليوم ..إن جد جديد أبلغيني في الهاتف"
قالت أمل بابتسامة" في أمان الله"
حملت أم هاشم بعض أكياس الخضروات المجهزة التي أخذتها لبيتها وتحركت في عجلة من أمرها وهي تنظر في ساعة الهاتف مغمغمة" لقد تأخرت وسيغضب جابر إن علم بذلك سامحك الله يا ناصر"
خرجت من البوابة وتحركت مغادرة وهي تلتفت بين الحين والأخر خلفها كلما سمعت صوت محرك سيارة لربما وجدت توكتوكا يأخذها للبيت لكنها تعلم أن المنطقة لا تمر منها التكاتك إلا نادرا لأنها محاطة بالأراضي الزراعية لذا عليها أن تصل لأقرب شارع تمر به التكاتك عادة لتستقل واحدا ..
انعطفت يسارا وسارت بمحاذاة حقل برسيم تفكر فيما أخبرتها به مليكة بأنها حامل.. وكم كان وقع الخبر عليها مؤثرا وفرحت من أجلها بشدة.
لقد كانت تشعر بالحرج من مليكة وبسمة حينما حملت .. تعرف أنهما ستفرحان من أجلها لكنها لم ترغب في أن تؤلمهما فغمغمت "الحمد لله أن جبر بخاطرك يا مليكة والعقبى لك يا بسمة يا بنت فاطمة بعد أن يزيح الله الغمة ويثبت براءة الرجل الغامض"
مرت على سيدتين تجلسان أمام أحد البيوت القليلة المتاخمة للحقول فألقت عليهما السلام واستمرت في سيرها بخطوة عسكرية واسعة فردتا عليها السلام وظلتا تتأملانها وهي تبتعد ثم قالت إحداهما للأخرى "أين التوكتوك الذي تتحرك به في الغدوة والروحة.. يبدو أنه لن يوصلها اليوم"
قالت الأخرى وهي تتأملها " اختلفت كثيرا بعد الزواج أم هاشم"
ردت الأولى بلهجة تقريرية " وهل من تتزوج رجل كجابر دبور لن يبدو عليها اختلاف !.. الجميع أصبح يعلم كيف يقدّرها .. يكفي عباءاتها غالية الثمن ومصوغاتها الذهبية وتلك الأنوثة والنضارة التي تشع من وجهها لتعلمي بأنه يدللها .. لقد بت أشعر بأن بشرتها السمراء أضحت فاتحة اللون .. ما شاء الله لا أقصد الحسد "
قالت الأخرى " لا تنكري أن جابر هو الأخر أصبح مختلفا بعد الزواج منها ..وكأنه قد صغر عشر سنوات"
قالت الأولى بلهجة العارف بالأمور " هو صغير في السن.. لا يغرك لحيته الرمادية إنه من عمر أخي كان يذهب معه إلى المدرسة .. لو حلق لحيته سيبدو أصغر من سنه الحقيقي"
تكلمت الأخرى " يبدو أنه لم يكن سعيدا مع بنت العسال"
أشاحت الأولى بيدها تقول بقرف" يكفي أنها مغرورة ..تشعرك بأنها ملكة زمانها .. ماذا تفعل بحياتها الآن؟.. مطلقة ومركونة في بيت أهلها كالبضاعة المستعملة"
جادلتها الأخرى " لا تقولي هذا .. أسمع أن من يرغبون في الزواج منها كثيرون لكنها ترفض "
مصمصت الأولى شفتيها وقالت " غبية ستضيع حياتها وشبابها .. ألا يكفي ما حدث لأخيها بدير .. مسكين لا أصدق أن الرجل الغريب زوج بنت الوديدي قد فعلها"
قطعت استرسالها في الحديث وشهقت بقوة وهي تنظر على مدى بصرها على أم هاشم ثم أطلقت صرخة مفزوعة شاركتها فيها الأخرى بصوت عال .
قبل دقيقة
رن هاتف أم هاشم فنظرت فيه ثم توقفت لثوان وهي تغمغم بالمقولة الشهيرة "(جاءك الموت يا تارك الصلاة!) .. (ثم ردت) نعم جابر"
سألها بلهجة جادة " أين أنت ولماذا تلهثين؟"
ردت معترفة " بصراحة التوكتوك تعطل وتأخرت على العودة فخرجت لأبحث عن توكتوك أخر"
قال جابر بتوبيخ " لماذا لم تخبريني يا أم هاشم كنت أرسلت لك واحدا أخر!"
ردت وهي تسير لاهثة" لم يكن هناك داع اقتربت من الوصول لشارع تمر منه التكاتك"
قال جابر بعصبية " قلت لك لا أحب أن تقطعي الحقول وحدك .. أخبريني أين أنت بالضبط أنا اقتربت من الشارع الموازي لشارع المشروع"
سألته باندهاش " هل تركت المعرض مبكرا اليوم؟"
"أجل فهناك حالة وفاة في بيت عطالله وأريد أن ألحق بالجنازة"
غمغمت " سمعت بالخبر ..عظم الله أجرك (ثم شهقت فجأة بإجفال وصاحت ) ماذا تفعلين؟!!"
صرخ جابر في الهاتف الذي أغلق" أم هاشم ..أم هاشم"
كانت أم هاشم قد تفاجأت بمن دفعتها بكتفها فسقط الهاتف منها أرضا بينما أخرى باغتتها بضربة قوية برأسها ترنحت من أجلها .. ثم أخذت الأولى تبحث في يديها عن أي مصوغات ذهبية ترتديها فلم تجد إلا خاتما حاولت سحبه من يد أم هاشم لكنه كان ضيقا.. في الوقت الذي توازنت فيه الأخيرة بسرعة وهتفت بشراسة وهي تبعدهما" ابتعدا ماذا تريدان؟"
كانتا امرأتين قويتي البنية ملثمتين بشكل مريب ..فعاجلتها إحداهما بلكمة في بطنها ضربت في جنب أم هاشم فتمزق لها ظهرها وأسرعت بغريزة الأمومة بحضن بطنها بذراعيها في الوقت الذي كانت السيدتان الجالستان أمام البيت البعيد قد أسرعتا بالهرولة نحوها تطلقان صراخا عاليا ..
شعرت المعتديتان بضيق الوقت فأسرعت إحداهما بالإمساك بأم هاشم تنوي أن تكتفها كي تضربها الأخرى فقامت أم هاشم بضرب المرأة التي تواجهها بساقها بضربة قوية آلمت ظهرها وبطنها لكنها لم تتوقف بل استدارت تصرخ بشراسة " ماذا تريدان؟.. ابتعدا "
وتبعتها بعضة في يد المرأة فتخلت عنها لثوان كانت الأخرى تباغت أم هاشم بضربة في رأسها في اللحظة التي كانت تقبض على أذن الأخرى من فوق وشاحها فاختل توازن أم هاشم وسقطت أرضا وقد أدركت بأنهما ليستا سارقتين.. وإنما تقصدانها بالذات .. تقصدان جنينها ..
بحمائية الأمومة تخلت عن المقاومة وتكومت بسرعة على جنبها في الأرض تحضن ركبتيها بذراعيها في الوقت الذي أخذت إحداهما تضربها بقدمها بينما الأخرى تقول لصاحبتها "بسرعة ..بسرعة الناس قادمون"
أخذت الثانية تضرب أم هاشم بقدمها بتصرف سريع لتنهي مهمتها بسرعة بينما الأخيرة لا تزال متكومة تحمي بطنها بكامل جسدها من الضربات..
ضربات في وجهها وذراعيها وساقيها .. وألم يمزق بطنها وظهرها .. وأصوات صراخ وجلبة .. كلها حدثت خلال دقائق قليلة .. لم تعطها مجالا للاستيعاب ..فقط خاطرة واحدة هي ما كانت تسيطر عليها .. هل ستفقد هاشم؟ .. هل الآلام المبرحة التي تشعر بها تعني أنها ستفقده؟ .. فغمغمت بفم مملوء بالدماء قبل أن تتلقى ضربة أخرى في وجهها " يا معين يا معين "
وصول السيدتين وانقضاضهما على المعتديتين تحاولان إبعادهما عنها خلص أم هاشم من الضربات التي كانت تتلقاها في وجهها وأكتافها فدفعت المعتديتان السيدتين الأخريين المستمرتين في الصراخ بعيدا وهربتا قبل وصول عددا من الفلاحين الذين أسرعوا مهرولين نحوهن..
انسحبتا بسرعة مهرولتان حينما ظهرت سيارة نصف نقل فدخلتا للمقعد بجوار السابق وانطلقت السيارة بسرعة.
كان مشهدا غريبا على مجتمع صغير يعرف بعضه البعض ..فحاولت السيدتان رفع أم هاشم لكنها كانت متخشبة على وضعها تحضن ركبتيها بقوة وترفض الاستجابة لمحاولتهما لتفحصها .. كانت تشعر بالخوف ليس على حالها وإنما على جنينها فالمرء شجاع مالم يهاجم في نقطة ضعفه .
في نفس اللحظة ركن جابر سيارته في وسط الطريق وترك بابها مفتوحا مهرولا نحو ذلك التجمع من بعض الرجال وسيدتين .. لقد مرت عليه الدقائق التي كان يبحث فيها عنها كدهور من الرعب .. لكن المشهد الذي رآه مزق قلبه وشطره إلى نصفين .
كانت أم قلبه مكومة على الأرض والدم يغطي وجهها ..مشهد قادر على أن يحوله لتنين ينفث الحرائق يقضي به على الأخضر واليابس.. اقترب بسرعة ومال يتفحصها بلوعة قلب فأفسحت له السيدتان الطريق لينزل على ركبته ويرفع رأسها وهو ينادي عليها بالتياع " أم هاشم ..أم هاشم"
رفعت إليه عينين باكيتين ..فأخذ يمسح الدم عن وجهها بكم جلبابه وهو يردد اسمها بذهول وصدمة فهمست" هاشم ..هاشم يا جابر"
حملها بسرعة فوق ذراعيه فتألمت وقبضت بقوة على ملابسه بينما قالت إحدى السيدتين للمتجمعين" إنهما من الغجر .. رأينا وشوم يديهما جيدا"
وغمغمت الأخرى بشفقة" لا حول ولا قوة الا بالله !..لو لم نرها ونصرخ لماتت بين يديهما ..كانتا تضربانها بغل"
الدقائق التالية كانت الأصعب في حياة جابر ولم يكن يعي قبلها أنه لم يلتق بالأصعب بعد حتى مرت عليه هذه الدقائق.. كانت مرتخية الجسد باكية العينين لا يعلم ما حجم الضرر الذي لحق بها بالضبط خاصة حينما صرخت متوجعة وهو يدخلها للمقعد الخلفي لسيارته ..فتطوعت إحدى الواقفات ممن تعرف أم هاشم بالركوب في المقعد الخلفي لتسند رأسها على فخذها بينما زوج السيدة أسرع بالركوب بجوار مقعد السائق وتبعه أخرون بالذهاب خلف سيارة جابر التي أسرعت تنهب الطريق نهبا وهو يحاول أن يسيطر على جسده الذي يرتعش مرددا "لطفك يا رب لطفك يا رب"
××××
بعد ساعتين
المعنى الحرفي لاقتلاع القلب هو ما يعانيه جابر منذ ما حدث .. كان يقف أمام باب غرفة الفحص يقرأ القرآن ويلهج بالدعاء أن يحفظ له زوجته وطفله.. إنه يكاد يصاب بنوبة قلبية لكنه يحاول أن يتماسك خاصة أمام الجمع من البلدة الذين حضروا خلفه وعلى رأسهم يحيى وهلال الذي يقف يتطلع في وجهه بقلق على صاحبه .. بينما نجف تجلس بجوار نصرة وإسراء وصباح على مقعد تستند برأسها على كفها وتبكي.
يقولون الرجال أشداء ويتحملون الصعاب لكن ماذا عن انفطار القلب؟!.
خرج الطبيب أخيرا فتعلقت عينا جابر به بترجٍ صامت ألا يقول ما يفجعه ليتكلم الأول قائلا "تم فحص السيدة أم هاشم وهي بشكل عام في حالة جيدة .. تلقت ضربات في عدة أماكن من جسدها لكنها كدمات بدون كسور الحمد لله والطبيبة النسائية ستطمئنكم عن حالة الجنين "
حمد جابر ربه حمدا كثيرا أنها بخير وغمغم ليحيى وهلال قبل أن يدخل الغرفة "المهم أنها بخير.. المهم أنها بخير "
حين دخل الغرفة هيأ نفسه لخبر قد يحزنه لكنه ظل يردد لنفسه ليهدئها " الحمد لله على كل شيء المهم أنها بخير "
وجد الطبيبة تقول" كفي عن البكاء يا أم هاشم"
تطلع فيها جابر بنظرات متسائلة فقالت الطبيبة لجابر مفسرة" أجرينا لها فحصا والجنين حالته جيدة بشكل عام .. يوجد كدمة كبيرة في جنبها لكنها حمدا لله لم تؤذي الرحم .. وسنراقب وضع الجنين خلال الساعات القادمة لنطمئن أكثر.. ألف سلامة"
قال جابر بامتنان" أشكرك ..جزاك الله خيرا"
راقب الطبيبة تغادر بعد أن ألقت السلام وتطلع في الممرضة التي تضع دواء بالحقنة في المحلول المعلق الواصل ليد أم هاشم عبر أنبوب رفيع.. ثم أخرج لها اكرامية فشكرته بأدب وغادرت .
بمجرد خروجها نزل على ركبتيه أرضا وسجد لله شكرا .. ثم استقام واقفا واقترب من السرير يتطلع في وجهها الذي تورم بشدة كملاكم خرج للتو من مباراة ..
كانت متكومة على جنبها تبكي.. ولأول مرة تشعر بهذا الشعور المؤلم بالهزيمة .. بالاقتراب من الخسارة .. ولم تكن بالنسبة لها خسارة عادية بل خسارة فادحة ..
مال عليها ووضع يده تحت رقبتها ليرفع رأسها قليلا ثم قبل جبينها هامسا بجوار رأسها "فداك نفسي .. فداك نفسي يا أم هاشم .. والله لانتقمن لك ولقلبي وكرامتي أشد انتقام من هؤلاء المجرمين السارقين .. ليتك رميت لهما ما كانتا تريدانه دون مقاومة"
غمغمت باكية بصوت خافت " لا يا جابر ..لم يكن غرضهما السرقة"
أبعد رأسها يحدق في وجهها باندهاش لترفع له وجهها المتورم قائلة" لأول وهلة ظننت ذلك لكنهما كانتا تقصدان قتل ما في بطني"
قال جابر يهدئ من روعها " أنت فقط تتوهمين لماذا سترغبان في ذلك بالتأكيد غرضهما السرقة"
قالت أم هاشم بإصرار من بين شفتيها المتورمتين بشدة" لاااا ..كانتا تقصدان إسقاط حملي أنا متأكدة ... وكل ضرباتهما كانت موجهة لبطني وظهري لهذا شعرت بالخوف وتوقفت عن مقاومتهما.. يا جابر لولا خوفي على هاشم لما أفلتتا من يديّ وكنت أكلتهما بأسناني .. أنا لست موهومة (وانتحبت ) كانتا تقصدان هاشم أقسم لك .. (وغمغمت ) ابنك سيضيع مني حسبي الله ونعم الوكيل "
بكت بحرقة فزاد نحيبها من سوء ما يشعر به .. كان منظرها يمزق نياط قلبه .. وكان هو غاضبا .. غاضب إلى حد الجنون .. ويتألم إلى حد العذاب .. وما قالته للتو غريب وشيطانه الذي يستغل غضبه حاليا أبشع استغلال يهمز له بالكثير ..فقال يلجم نفسه وهو يحضن رأسها بخفة حتى لا يؤلمها "قدر الله وما شاء فعل .. أعدك سنجد الجاني "
غمغمت بخوف "هاشم يا جابر ..هاشم سيتركني"
قال برفق "الطبيبة طمأنتنا مبدئيا على وضعه "
قالت باكية " وماذا لو تضرر ماذا لو.."
قاطعها حينما أبعد رأسها عنه وقال وهو ينظر في عينيها وتلك الكدمة المتورمة بجوار عينها تؤلم قلبه "لو كان مكتوبا له ذلك فليس في يدنا إلا الرضا بقضاء الله .. هذا امتحان لصبرنا هل سنفشل فيه ؟.. أنا احتاجك كي تثبتيني فوالله سأكون أشد منك حزنا لو حدث له شيء ..لقد انتظرت الولد الذي سيحمل اسمي طويلا يا بنت شيخي حتى تجاوزت الأربعين من العمر لكن (وتغضنت ملامحه وتحشرج صوته ) لو أراد لنا الله غير ذلك فلن نقول إلا ما يرضيه"
انفجرت في البكاء ولم تعقب فدفن رأسها في صدره وتفكيره فيما قالت يؤجج رغبته في الانتقام متسائلا : مَن مِن الممكن أن يكون قد فعلها؟.
حينما خرج بعد قليل دخلت أمه ونصرة وإسراء وصباح لتطمئنن عليها بينما استقبل هو مصطفى الزيني الذي حضر قبل قليل ويبدو على وجهه علامات الانزعاج وهو يبادره قائلا" كيف حدث ذلك؟"
طالعه جابر متماسكا لكن صاحبه كان على دراية جيدا بما يعانيه بينما تدخل هلال قائلا" السيدتان اللتان دافعتا عنها تقولان أن المعتديتين من الغجر الذين يسكنون أطراف المحافظة"
رد مصطفى مؤيدا "هما بالتأكيد ليستا من البلدة ..هذا تصرف غريب عنا"
قال جابر " أم هاشم تقول أن الغرض لم يكن السرقة وأنهما كانتا تستهدفان ما في بطنها"
عبس مصطفى ليقول هلال " أنا أيضا اندهشت حينما سمعت من الأهالي التفاصيل ..لأنهم أعطوني هاتف بنت الشيخ المكسور لأعيده لها باعتباري صديق زوجها ..و لو كانتا تنويان السرقة لماذا تركتا الهاتف خلفهما حتى لو أرادتا الهرب بسرعة ..إنهما معتادتان على هذه الأفعال"
قال جابر والغضب بداخله يزداد اشتعالا حتى كاد يطيح بعقله" لابد أن أعرف من هما وماذا كان غرضهما بالضبط والله قسما بالله لأحرقن.."
"جابر!"
قالها مصطفى بحزم وأضاف "تريث ولا تتعجل ..وأعدك بأن أتحقق من الأمر"
قال الأخر بتصميم" بل أنا من سيذهب لهؤلاء أينما وجدوا ..لابد أن أعرف الحقيقة"
هتف مصطفى عابسا " أين ستذهب بالله عليك؟.. هل ستدق بابهم لتخبرهم بما حدث فسيخرجون منهم السيدتين معترفتين !!"
اعترف جابر لنفسه بعدم منطقية ما تفوه به لكن الشياطين تضرم المزيد من النار في صدره بينما أضاف مصطفى بلهجة أكثر حزما " تعقل فمنهم من هو خطر مثلما منهم من هو مسالم كأي عشيرة .. دعني أنا أتقصى الأمر"
أمسك بذراعه يقول بترج" أرجوك يا مصطفى سأموت لو لم أرد اعتباري واعتبار زوجتي"
ربت مصطفى على ذراعه مطمئنا .. بينما رن هاتف جابر فنظر فيه ثم أغلق الخط فعاد يرن مرة ثانية بإلحاح ليقول مصطفى مغادرا" سأذهب أنا ..ألف لا بأس على بنت الشيخ .. سأطلعك على الجديد بإذن الله.. ولكن عدني أن تلزم مكانك بجوار زوجتك فهي الأولى بالرعاية حاليا"
جز جابر على أسنانه بقوة وتقبض على سبحته يقول "الله المستعان"
تحرك مصطفى مغادرا يلقي السلام على الموجودين من أهل البلدة بينما ازداد الحاح الهاتف فرد جابر مبتعدا قليلا عن الواقفين" نعم يا زين"
قال الأخير مفزوعا" جابر ماذا حدث ؟..ما هذا الذي سمعته ؟؟"
قال جابر بصوت مخنوق " امرأتان غريبتان عن البلدة هاجمتا أم هاشم في الطريق"
سأله زين" هل تشاجرت معهما؟"
رد جابر " لا ..ولا تعرف السبب لما حدث .. نخمن أنهما سارقتان لكن أم هاشم تؤكد بأنهما قصدتا إسقاط حملها ويؤكد ذلك الأسلوب الذي ضُربت به"
هتف زين غاضبا " إسقاط حملها !! لماذا؟!!"
قال جابر وهو يحك جبينه بأنامله " لا أريد أن أتهم شخصا بعينه دون دليل ..(وشرست ملامحه ) وإن حصلت على الدليل أقسم بالله لن أمررها أبدا (وضرب على الحائط بقبضته) لن أمررها"
سأله زين وقد غلب على صوته الحزن " وكيف هي الآن وما هو وضع الجنين؟"
رد جابر " الجنين بخير لكنه لا يزال تحت المراقبة .. أما هي (واختنق صوته بما استفز حمائية زين تجاه أخاه مردفا ) هي في حالة نفسية سيئة .. لقد أوسعتاها ضربا يا زين ..استغلتا خوفها على ابنها وضرباها فاستسلمت رغم طبيعتها النارية "
قرصت الدموع عينا جابر فأشاح بوجهه عن الواقفين على بعد خطوات قائلا بحشرجة " اذهب..اذهب الآن أنا غير قادر على الكلام"
قالها وأغلق يعض على قبضته بقوة حتى لا يؤذي أحدا مرددا" اللهم الهمني حسن التصرف "
××××


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 20-11-20, 11:00 PM   #3429

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 4

(4)



سحبت بسمة نفسا عميقا وتحركت مع ونس لتنزلا لمقابلة الضيوف .. لقد فوجئت بالزيارة وترددت في النزول ولوهلة كادت أن تعتذر متعللة بأي شيء خاصة وأنها في حالة نفسية تسوء مع كل ساعة تمر بها وهي لا تعلم شيئا عن كامل .. لكن حس المسئولية الذي يسيطر عليها مؤخرا ورغبتها في رفع رأس سوسو أمام معارفها و عدم الهرب ومواجهة المحنة بكل شجاعة جعلها تضغط على نفسها وتنزل مع ونس خاصة حينما علمت بوجود الحاجة إلهام.
في غرفة الاستقبال قالت سوسو" صدقيني يا حاجة الهام ابني بريء.. صحيح هو عصبي ويغار على زوجته بشدة لكنه ليس مختلا ليطلق النار على أحد"
قالت إلهام بتعاطف "لست في حاجة لقول ذلك يا سوسو هانم لم يشك أحدنا في أن كامل قد فعلها .. والله إبراهيم حزين منذ أن علم بالخبر"
دخلت بسمة تلقي السلام فابتسمت لها بانة واستقامت واقفة تحمل طفلا رضيعا على كتفها وسلمت عليها تقول "كيف حالك يا بسمة؟"
سلمت عليها بسمة بترحيب بينما رحبت إلهام بونس بحنان وقبلت وجنتيها وهي تقول" ألف حمدا لله على سلامتك"
هزت الأخيرة رأسها في صمت واستدارت لتسلم على بانة بينما حضنت إلهام بسمة تغمغم" ما شاء الله من عين كل حاسد"
ابتسمت بسمة فقالت إلهام" جئنا لنبارك للحفيد والعقبى لك عن قريب يرزقك قادر كريم يا بسمة يا بنت (وسألتها ) ما اسم الست الوالدة؟"
غمغمت بسمة "فاطمة "
فأردفت إلهام" يا بسمة يا بنت فاطمة (وقالت لبسمة ) ولا تسأليني مثل أولادي لماذا الدعاء باسم الأم بالذات هكذا تعودنا"
ابتسمت سوسو ابتسامة ضعيفة وأشارت لها لتعود للجلوس بينما جلست بسمة بجوار بانة وونس لتقول سوسو "أنرتمونا يا حاجة والله"
قالت الهام بحرج " الحقيقة كنا مترددين هل نزوركم للمباركة أم نؤجلها من أجل الظرف الذي تمرون به ..لكن بانة حينما اتصلت بك قالت بأنكم ترحبون بالزيارة"
قالت سوسو بلباقة" اسعدتمونا بالزيارة "
نظرت بانة لبسمة تقول" إن شاء الله تظهر براءة كامل قريبا"
ابتسمت الأخيرة وتطلعت في الرضيع الذي تحمله بانة ولوهلة فكرت في أن بانة لو كانت قد وافقت على كامل لكان هذا الصبي ابنه بينما هي تجلس في قريتهم الآن مطلقة وعازفة عن الزواج .. لكنها أسرعت بطرد الخاطرة عن رأسها وقالت "مبارك لك أنت أيضا ما اسمه؟"
ردت بانة بابتسامة " عز .. عزالدين "
هزت بسمة رأسها وقالت" أجل تذكرت ..أخبرتني سوسو حينما عادت من زيارتك في المستشفى "
قالت بانة بلطف "العقبى لك"
هزت بسمة رأسها وسألتها "وأين الصغيرة شمس؟"
ردت بانة" أرادت البقاء للعب مع أولاد أروى وآية"
وأسرعت بالإطباق على شفتيها بحرج بينما قالت بسمة" ما شاء الله لا قوة الا بالله (ثم نظرت حولها تقول ) أين زيلا ألم تضايفكم بشيء؟!"
تركت سوسو الحديث مع إلهام وقالت" تعجليها يا بسمة لا أعرف لماذا تأخرت وتأكدي من أنها أخرجت الضيافة لغنيم والحاج إبراهيم سماحة في الحديقة "
انتهزت الأخيرة الفرصة لتترك الجلسة بينما نظرت بانة لونس تتطلع فيها بتدقيق ..فاقتربت منها الأخيرة وهي تنظر للرضيع فوق ذراعها ثم سألتها بطريقتها العفوية " أخبييني ..هي شعيت بايخوف حين يأيت أوي طفي يك؟.. وكيف تعيفين بأنك أم جيدة"
( أخبريني ..هل شعرت بالخوف حين رأيت أول طفل لك؟.. وكيف تعرفين بأنك أم جيدة)
ارتبكت بانة قليلا تحاول فهم ما قالته فأسرعت ونس تقول" هي فهمت ما أقويه أم أكتب يك؟ "
( هل فهمت ما أقوله أم أكتب لك ؟)
ابتسمت بانة وردت" لا داعي أعتقد بأني فهمت سؤالك"
في المطعم قال رامز بحيرة" الحقيقة يا شامل لا أعرف ماذا أقول ولا أعرف لو كنت في مكان كامل هل كنت سأسلم نفسي أم لا (وأضاف بسخرية مرة ) خاصة وأنت تعلم تجربتي مع السجون"
سأله شامل " بما أن القانون الدولي هو تخصصك ما رأيك في القضية باعتبارنا وافدين ولو فرض وقبض على كامل .. فهذا الصمت مريب جدا .. ماذا تتوقع أن يكون موقفه؟"
سحب رامز نفسا من سيجارته وأطلقه وهو يقول بلهجة ساخرة "القانون!! .. عن أي قانون تسأل يا عزيزي؟.. فكما تعلم أن من يريد الالتفاف حول القانون سيجد ألف ثغرة للإيقاع به .. والأمر كما تصفه يبدو مكيدة واضحة فمن الصعب أن تجتمع صدفة سرقة المسدس وأن يطلق به الرصاص على شخص بينه وبين كامل خصومة في آن واحد لابد أن هناك مستفيدا مما حدث ..شخص من طرف كامل أو من طرف الرجل الأخر ..أو شخص يعرفهما معا"
قال شامل متنهدا " المحامي يتابع القضية نأمل أن يستطيع إيجاد شيء "
سأله رامز بصوت مخنوق "لم يظهر كامل بعد؟"
هز شامل رأسه بحزن فسأله رامز "وأنت بم تفكر .. هل ستسكت وتنتظر أن يظهر ؟"
زفر شامل وقال " يبدو أنني سأستسلم للهاتف الذي يلح على رأسي وأفعله بدون أن أخبر أحدا"
عقد رامز حاجبيه وسأله" فيما تفكر ؟"
أجاب شامل " أن أبحث عنه في أقسام الشرطة وسجون الدولة"
××××
"يا حبيبي لا تجهد نفسك"
قالتها مليكة في الهاتف بلهجة حانية فرد والدها على الطرف الأخر بلهجة واهنة " أريد أن أراك يا مليكة وأبارك لك على الحمل بنفسي"
نظرت لمفرح الواقف بجوارها هو وولديه في المول التجاري ثم قالت "حاضر أنا سآتي إليك قريبا"
قال متذمرا" قلتِ هذا أكثر من مرة ولم يحدث"
قالت معترفة " سامحني يا أبي هناك أمور لم أتخطها بعد"
قال بإصرار " دعيني أزورك أنا إذن"
تكلمت مشفقة عليه " لا لا يا حبيبي ..هذه المرة أنا جادة وسأزورك خلال أيام صدقني"
قال العجوز " حسنا سأعتبر هذا وعدا ..وسأنتظرك حتى نقيم احتفالا بحملك ..والله لأذبح وأطعم الفقراء وأهل البلدة بهذه المناسبة (وأكمل بلهجة مختنقة بالبكاء ) أنت لا تعلمين مدى سعادتي منذ أن سمعت بالخبر.. شعرت بأن الله أراد أن يخفف عني الإحساس بالذنب تجاهك ..وأراد أن يرفع رأسي بين الناس الذين وصفوك بالعقيم ..وأولهم عبد الرحيم الزيني سامحه الله .."
غمغمت بتأثر" دعنا نصبر على هذا الخبر يا أبي حتى يستقر الحمل ..تعلم أنه حدث بعد صبر طويل وأنا شديدة الخوف عليه"
قال مؤيدا " حاضر سأؤجل الاحتفال بحملك أمام أهل البلدة لما بعد .. لكن لابد أن نتجمع كلنا ونحتفل .. (وتحشرج صوته) والله كنت أدعو لك في صلاتي كي يزيح عنك الهم ويرزقك بالذرية الصالحة"
بعد دقائق كانت مليكة تمسح طرف عينيها وتغلق الخط مع والدها ثم نظرت لمفرح تقول" مصر إما يأتي بنفسه أو أذهب أنا إليه .. أعلم بأني أنانية في عدم ذهابي إليه لكني في نفس الوقت أشفق عليه من السفر"
قال مفرح بلهجة مشجعة "قرري وأنا معك في أي شيء"
قال إياد بتململ "تعبت ساقاي يا أمي أين هذا المحل الشهير الذي تبحثين عنه"
أجابت وهي تستأنف السير معهم" أنا متأكدة أنه هنا في الطابق الثالث رأيته ذات مرة"
زفر أدهم فقالت بغيظ " كلكم اشتريتم ما تريدون والآن أصبح السير مملا!!"
لم يرد عليها أحد فمطت شفتيها وأسرعت الخطى أمامهم تبحث في المحلات حولها بينما أعطي مفرح الأكياس التي في يده لولديه لينضما للأكياس التي يحملانها ثم توكأ على كتفيهما قائلا بلهجة ساخرة وهو يعرج" عليكما الترفق بأمكما يا أولاد .. ما المشكلة أن سرتما عدد من الكيلو مترات يوازي لف قريتنا مرتين سيرا على الأقدام.. أين الصحة؟.. أين النشاط؟... أين الإسعاف؟"
ضحكات مكتومة تم بلعها على الفور ومليكة تستدير نصف استدارة وتحدجه بنظرة متعالية فغمغم بابتسامة وسيمة خطفت قلبها رغم احتفاظها بجدية ملامحها" لا تلتفتي لهذيهما يا حبيبتي (وزاد في خطواته العرجاء) هذان الكلبان يفتريان عليك "
اتسعت عيناها فجأة وقالت بسعادة" ها هو المحل"
أسرعت إليه بحماس بينما نطق مفرح وولديه بالشهادة قبل أن يقتربوا لينضموا إليها وهي تقف لامعة العينين فاغرة الفاه أمام واجهة المحل البراقة .. ثم أشارت على أحد الأطقم المرصوصة في الواجهة وقالت بغرام " هذا هو الطقم.. وكأنه يعرف بأني قادمة فوقف في استقبالي في الواجهة الزجاجية"
ابتسم مفرح ثم تجمدت الابتسامة على وجهه وشهق وهو يضرب على صدره بطريقة مسرحية قائلا" كم ثمنه؟!!!"
نظرت إليه ورمشت عدة مرات وببراءة الاطفال على وجهها بينما دقق الولدان في السعر وشهقا كوالدهما ليقول أدهم "ما كل هذا المبلغ من أجل عدد من الأطباق!"
قال مفرح له " لو كنت أعرف الإجابة لكنت أخبرتك بها (ومال يدقق في الرقم قائلا) أخبروني كم خانة يتكون منها الرقم أشعر بأن عيناي تضاعف الأرقام هذه الأيام"
تكتفت مليكة وردت بكبرياء على لهجته المتهكمة " هذا الطقم كان عندي في نيشي يا مفرح وأنت من كسرته"
رد مستهبلا " الثاني كان بلون أخر غير هذا"
ردت عليه وهي تنظر للطقم وابتسامة واسعة ترتسم على شفتيها "هذا لون جديد"
قال مناكفا " لنسأل عن اللون القديم لربما وجدنا عليه خصم بنسبة تسعة وتسعون بالمائة"
عادت تناظره قائلة بشموخ "كان هذا هدية أخي أكرم لي"
سألها مستنكرا "بنفس هذا المبلغ المبالغ فيه؟!!"
ردت بصدق " بمبلغ أقل بقليل فقد زاد مع زيادة الأسعار خلال الثماني سنوات الماضية"
قال باندهاش " ولماذا أشتري عدة أطباق بهذا المبلغ الخرافي بدلا من أشتري لك بنفس المبلغ ذهبا أو الماس؟!"
أجابته ببساطة استفزته " لأنه سينييه"
هتف متهكما " سييييـ... ماذا؟؟؟ .. يا مليكة يا حبيبتي أنا رجل فلاح.. قروي ..بسيط ولا أفهم في مثل هذه الأمور ولا أستوعبها يا بنت الصوالحة"
مدت يدها في جيبه تخرج حافظة نقوده وهي تقول" لا تمثل عدم الفهم يا مفرح .. ولا تحاول الهرب .. قلت ستهديني الهدية التي أريدها"
قال وهو يتابعها تخرج البطاقة البنكية الخاصة به" غيرت رأيي"
ردت بابتسامة شريرة وهي تعيد له الحافظة بعد أن استولت على البطاقة البنكية" إذن عليك بتعويض ما كسرته بنفسك .. وسأنتظر منك الهدية التي تحددها أنت يا ابن الزيني "
وتحركت بأناقة تدخل المحل وهي تقول" لن أغيب سأدفع وأطلب من أحد العمال أن يحمل لنا الكرتونة إلى مرآب المول"
تابعها ثم نظر لولديه المتسمرين يقول " هذا درس لكما لتعرفا كيف أن بعض الأخطاء يكون تصحيحها باهظ الثمن .."
كتم ولداه ضحكهما فأضاف متنهدا قبل أن يلحق بها إلى داخل المحل "ودرس أخر لكما .. ألا تتزوجا من بنت باشوات .. فهن مكلفات جدا ويؤلمن الجيوب"
ضحك ولداه بينما دخل هو ووقف بجوارها يتطلع فيها وهي تراقب العامل الذي يضع أمامها بعض الأطباق ثم همس بحنق يناكفها لآخر لحظة " كان من المفترض أنك تسري عني في الأيام الصعبة لم جعلتها أصعب الآن!"
كانت تحفظ أسلوبه المازح فأدارت له وجهها بابتسامة شقية كان يوما على استعداد لدفع عمره كله من أجل الحصول عليها بهذه السعادة وليس مبلغا من المال مهما كبر لا يوازي سعادتها التي تطل من عينيها اللحظة وقالت له " من كسر شيئا يصلحه يا باشمهندس مفرح (ثم التقطت طبقا تتطلع فيه بعينين تتفجر منهما القلوب الحمراء وقالت له بغرام ) أنظر يا مفرح .. أنظر لجماله !"
تطلع الأخير في الطبق وعلامات الغباء ترتسم على وجهه وهو يبحث عن سبب منطقي يجعل هذه الأطباق بهذا السعر الخرافي.
××××
نزلت كاميليا تداري ارتباكها فسألتها هدى باندهاش" من هذه السيدة التي تريدك في وقت متأخر كهذا يا كاميليا؟"
ردت بمراوغة " وكيف لي أن أعرف ! (ونظرت لابن بدير تسأله) هل أنت متأكد أنها تريدني أنا "
هز الفتى المراهق رأسه فتحركت نحو الخارج بسرعة وهو يقول لهدى" السيدة تبدو غريبة وليست من القرية"
في الخارج هتفت كاميليا هامسة من بين أسنانها بعد أن تلفتت يمينا ناحية باب البيت ويسارا ناحية البوابة المواربة" كيف تجرؤين على القدوم إلى هنا ؟..ماذا تريدين؟!!"
قالت المرأة بخشونة "أريد باقي المبلغ المتفق عليه"
هتفت كاميليا من بين أسنانها باستهجان " أي مبلغ وقد فشلتم في إسقاط حملها !!.. الأخبار جاءتني قبل قليل بأنها لا تزال حُبلى"
ردت المرأة بعبوس مدافعة " نحن فعلنا ما قدرنا عليه لكن السيدتين اللتين تدخلتا وتسببتا في جمع الناس أفسدتا الخطة"
لوت كاميليا شفتيها وضربت يديها فوق بعضهما فرنت أساورها وهي تقول بلهجة متهكمة " وما المطلوب مني الآن؟"
أجابت المرأة بلهجة عدائية " باقي مستحقاتنا"
هتفت كاميليا باستنكار " هل سأدفع لمهمة فاشلة؟!!"
قلبت المرأة مقلتيها وقالت بتهديد " أفضل من أن نذهب لزوجها ونطلب منه الأمان لنخبره بمن طلب منا أن نسقط حملها"
جبنت كاميليا وقالت بارتباك وهي تدفعها لتغادر " سأرسل لك الدفعة الباقية غدا مع الوسيط كما اتفقنا من قبل فلا أملك سيولة من المال في هذه اللحظة .. هيا من هنا "
تصلبت المرأة مكانها وقالت بإصرار " لكننا لن نستطيع الانتظار ..نريد أن نختفي عن العيون ..فزوجها يبحث عنا ويتوعدنا كما عرفنا ..كما أننا نريد تعويضا"
قالت كاميليا بلهجة مستنكرة " تعويض!! ..أي تعويض!!.. ألا يكفي أنكما سمحتما للناس أن يتعرفوا عليكما .. فليس هناك سيرة سوى السيدتين من الغجر اللتين تهجمتا على بنت زكريا "
قالت المرأة بلهجة خشنة " نريد تعويضا على ما فعلته بي تلك المرأة بنت زكريا ..لقد شقت لي أذني"
قالتها وهي تكشف الوشاح عن وجهها وأذنها المجروح المشقوق لنصفين وقالت" لقد شدتني من الحلق وهي تقاومني "
قالت كاميليا بهمس مغتاظ" قلت لكم إنها شرسة ..لو كنتم زدتم العدد لكنا انتهينا من أمرها "
قالت المرأة بإصرار " نريد باقي الدفعة والتعويض أسرعي لأن زوجي ينتظرني بالخارج"
لطمت كاميليا على وجهها وقالت " يا إلهي .. وزوجك معك .. ستلفتان الانتباه بهذا الشكل .. من أين سآتي لكم بنقود الآن.. لقد اتفقنا أن الدفعة الباقية يوم غد"
قالت المرأة موضحة " كما قلت لك علينا أن نختفي بسرعة ونحتاج لنقودنا وإلا..."
قاطعتها كاميليا تقول وهي تشعر بالرعب الشديد " ليس هناك (إلا) خذي.. خلصيني"
قالتها وهي تخلع أسورتين من يدها وتمنحهما لها فتطلعت المرأة فيهما بتدقيق مقتربة من الضوء ثم عضت على إحداهما وأعادت التدقيق فيها لتقول كاميليا بكبرياء " ذهب .. ذهب خالص يا حبيبتي ..فأنا لا ألبس إلا ذهبا خالصا (ودفعتها لتخرج من البوابة وهي تقول ) وصلك حقك والتعويض وزيادة هيا أريني عرض أكتافك "
قالت المرأة بطمع وهي تتطلع في الأسورة الباقية في يد كاميليا" لماذا لا تعطيني الثالثة بالمرة"
قالت كاميليا وهي تدفعها" هيا من هنا ولا أريد أن أرى وجهك ثانية.. هيا بسرعة فأخي عماد على وشك الوصول ولو رآك أنت أو زوجك لا أعرف ماذا سيفعل بكما"
قالتها ثم أغلقت البوابة خلف المرأة ووقفت تراقبها من بين القضبان لتتأكد من أنها قد ابتعدت ..ثم وضعت يدها على قلبها تهدئ من ارتجافها.
لقد أوقعت نفسها في مصيبة ولا تعرف ماذا تفعل.. كان حقدها على أم هاشم يعميها وهي تتصرف بكل حماقة وتلجأ لهذه السيدة وأختها لتنفيذ خطة لإسقاط حمل أم هاشم.. فقد كانت ولا تزال تشعر بالغيظ والقهر أنها ستنجب ولدا لجابر يرث أمواله .. ومنذ أن علمت بالخبر وهي تغلي .. لكنها لم تحسب حساب أن يتم التعرف على السيدتين وإفلات أم هاشم من المكيدة .. والآن لم يخسر إلا هي ..
لطمت على وجهها تغمغم "المهم أن يقف الأمر عند هذا الحد وتختفي المرأة عن العيون .. يا للمصيبة السوداء التي حلت فوق رأسك يا كاميليا "


يتبع




بقية الفصل على هذا الرابط
https://www.rewity.com/forum/t464653-344.html




التعديل الأخير تم بواسطة Shammosah ; 20-11-20 الساعة 11:59 PM
Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 20-11-20, 11:01 PM   #3430

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 5

(5)



"ماذا سنفعل الآن؟"

سؤال سأله خالد الباجوري فهتف والده بانفعال " هل تسألنا؟.. هل تسألنا؟ .. من السبب في كل البلايا التي حلت على رأس الباجورية ؟..من السبب فيما نعانيه منذ أن تزوجت من بنت الصوالحة؟.. من السبب في أن ولداي أصبحا قاتلين ..وواحد منهما مدمنا ؟.. من السبب في خيبة أملي في أولادي الذكور؟"

تدخل عم خالد يقول لأخيه" اهدأ يا عبد الفتاح ..علينا التفكير بهدوء"

التفت إليه عبد الفتاح الباجوري يقول بانفعال " أي هدوء يا عكاشة ؟ أي هدوء ؟.. الزفت عبد المقصود الذي نهب منا مبلغا وقدره كي يغلق فمه يقول بأن الصوالحة لديهم دليل ويريدون التحقيق في الحادثة القديمة .. ( وأضاف بحرقة قلب ) ألا يكفي خسارتي لسامح ..هل هناك المزيد من الخسارة تنتظر عائلتنا وتفضحنا ؟"

قال عكاشة مفكرا " ولماذا لا يكون عبد المقصود هذا يكذب؟"

رد خالد بلهجة عابسة " لا أعتقد ..لأنه بدا متوترا وهو يحدثني وأعتقد أنه خائف على ما وصل إليه .. كما أنه لم يطلب شيئا هو أخبرنا بما حدث مع عمار"

ازدادت ضربات قلب سامح الذي يتلصص على باب مكتب والده في البيت وازدادت سرعة أنفاسه وهو يتحسس رقبته ..فحضن نفسه بقوة وابتعد منتفضا وهو يقول لنفسه بهمس "يا ويلي لقد كُشف المستور.. كشف المستور ..وستعرف مليكة ..وسيعرفون كلهم ..أني قاتل ..قاتل"

قال عكاشة في المكتب "لا اعتقد أنهم على استعداد لإعادة فتح القبر وتشريح الجثة ..لا أتوقع أن مليكة ستتحمل ذلك"

قال عبد الفتاح وهو يضرب كفيه بجنبيه بحيرة " ماذا لو فعلوها؟ .. ماذا لو كان لديهم دليلا قويا؟ .. ماذا لو ضغطوا على عبد المقصود فاعترف ؟.. فهو بالتأكيد لن يترك كل ما وصل إليه يذهب سدى.. ( وتطلع في أخيه يقول بلهجة مترجية) دبرني يا أخي (ونظر لخالد يقول بلهجة قاسية) دبرني يا بيك يا سبب البلايا"

صرخ خالد منفجرا في وجهيهما " سبب البلايا ..سبب البلايا ..ألن ننتهي من هذه السيرة؟.. ماذا أفعل لأكفر عن أخطائي أكثر من هذا ؟.. السفر وألغيته .. زواج مرة أخرى وتزوجت ..أطفال وأنجبت لكم ذكرين .. ماذا تريدون مني؟ ..ماذا؟؟؟"

قالها وترك المكتب هاربا من كل شيء .. من ماضيه ..من أخطائه ..من خيباته .. من حياته الكئيبة ..ومن تلك اللحظة التي تشخص فيها أمام وجهه كل شيء حاول نسيانه.. فأسرع ليركب سيارته والذكريات تلاحقه .. تطارده كمطاردة خلية من النحل .. خلية نحل لم تستسلم إلا بعد أن أوسعته قرصا حتى تورم.



قبل ثماني سنوات

ليلا

"كيف حالك يا عبد المقصود؟ "

قالها خالد لحارس البوابة الذي انتفض واقفا يقول بمفاجأة وهو يخفي السيجارة التي بيده خلف ظهره " خالد بك؟"

نظر خالد للسرايا المطفأة الأنوار وقال بلهجة ذات مغزى " ظننت بأنك ستقضي اليومين اللذين يقضيهم الصوالحة عند الدكتور أكرم في العاصمة في جمع أصدقاءك في غرفتك بالداخل لتدخنوا الحشيش كما فعلت قبل ذلك حين ذهبوا ذات مرة للتصييف "

قال عبد المقصود باختناق" يا خالد بك كانت مرة واحدة رأيتني فيها ولم أكررها"

رد الأخير بابتسامة باردة " ولهذا أنا أحفظ السر ولم أخبر الصوالحة بما رأيته تلك الليلة ( وأضاف بلهجة لئيمة) ولم أخبرهم أيضا أن ابنك يومها كان يجرب إحدى سيارات الصوالحة وكسر فانوسها وأنا ساعدتك في إحضار الميكانيكي بعد منتصف الليل وإصلاحها والتشديد عليه ألا يخبر الصوالحة"

راقب خالد امتقاع وجه الرجل متذكرا كيف كان يمر بالصدفة في وقت متأخر من الليل وهو يعلم بأن الصوالحة في هذا الوقت من العام يكونوا خارج القرية فوقف يتأمل السرايا وقتها ويستعيد الذكريات المؤلمة ولفت انتباهه شيئا مريبا يجري بداخلها ثم قبض على عبد المقصود فيما كان يفعل .

قال عبد المقصود مدافعا عن نفسه " وأنا لم أكررها يا خالد بك وأشكرك أنك لم تخبر الصوالحة عن تلك الليلة"

استمر خالد فيما عزم عليه فقال بنفس اللهجة اللئيمة "ما هذه الرائحة هل هذه سيجارة حشيش؟.. ألا زلت تدخن الحشيش؟"

استمر عبد المقصود في إخفاء السيجارة خلف ظهره وهو يقول" ماذا تريد في هذه الساعة يا خالد بك .. فأنت بالتأكيد تعرف أن ابنتك مع الصوالحة في العاصمة .. ولا أظن أنك قد قطعت المسافة إلى هنا لتهددني بفضح أمري عند الصوالحة والتسبب في قطع عيشي"

هرش خالد في أرنبة أنفه وقال بلهجة هادئة " تؤتؤتؤ ..لا تقل هذا يا عبد المقصود ستجعلني أغضب منك وأنا غضبي مؤذي ... أنا فقط أردت أن أسألك .. هل تريد أن تحصل على مبلغ كبير من المال ؟"

عقد عبد المقصود حاجبيه بتساؤل ليضيف خالد وهو يراقب ردود أفعاله بحرص "سمعت أنك ستزوج ابنك البكري وبالطبع الزواج يحتاج لمصاريف"

سأله بعبوس " ماذا تريد مني يا بك؟"

اقترب منه أكثر وقال محدقا في عينيه" سأعرض عليك صفقة إن ساعدتني في شيء ما ستحصل على مبلغ يجعلك تترك الخدمة عند الصوالحة وتبدأ حياتك في مستوى مختلف تماما .. لأن المبلغ الذي سأعرضه عليك كبير جدا"

بلع عبد المقصود ريقه ..ليقول خالد بلهجة محذرة وهو يرفع سبابته في وجهه " لكن إن أخبرتك بما أريد وعرف شخص ثالث بالموضوع ستخسر كل شيء ..ستخسر خدمتك عند الصوالحة لأني أعرف بأنهم لن يرضوا بأن يكون حارس السرايا حشاش وغير مؤتمن أدخل أصحابه ليتسامر معهم وترك ابنه يجرب سيارتهم وعندي الميكانيكي شاهد على ما حدث تلك الليلة .. وستخسر الكثير لأنني سأستغل نفوذ عائلتي في كل مكان حتى لا تحظى بوظيفة أخرى"



تردد عبد المقصود قليلا ثم سأله يقلب الأمر في رأسه" وماذا لو عرفت المطلوب ولم أستطع تنفيذه؟"

حرك خالد يده أمام فمه كمن يغلق سحابا وقال " ستغلق فمك للأبد لأني سأفعل بك ما قلته قبل قليل "

بلع عبد المقصود ريقه صامتا لبرهة ثم سأله بفضول شديد " ماذا تريد؟"

قال خالد "ابنتي"

عبس الأخر يسأله بعدم فهم " ماذا تعني؟"

رد خالد بهدوء " أريد أن آخذ ابنتي منهم "

عقد عبد المقصود حاجبيه وسأله " كيف؟"

أفصح خالد عما يخطط له منذ مدة فقال "سأرسل لك من سيأخذها في الليل ليستيقظوا في الصباح فلا يجدونها ويظنون بأنها قد خطفت من قبل مجهولين "

هتف عبد المقصود باستنكار " ها ؟... وكيف سيحدث ذلك؟.. هل تظن بأني حتى لو سمحت لك بالدخول من البوابة ليلا ستقدر على اختراق باب السرايا؟!!. إنهم يغلقونه من الداخل مساء كل يوم "

شعر خالد بتجاوب الرجل في الخطة فأجابه "سنأخذها من فوق الشجرة الملاصقة لنافذة غرفتها "

عبس الرجل وقال باستنكار " إنها تنام مع الحاجة كوكب"

قلب خالد مقلتيه ورد عليه " أنا وأنت نعرف بأن الحاجة كبيرة بالعمر وسمعها ثقيل ونومها أثقل ..أما نجمة فاتركها عليّ"

تعرق عبد المقصود وقال وهو يحاول الاستيعاب" أنت سترسل أحدهم ليأخذ الطفلة عبر نافذة غرفتها وبالتأكيد سيحدث ذلك في الليل.. والمطلوب مني أن أفتح لمن سترسله البوابة يأخذها؟"

قال خالد مضيفا "ولك مبلغ كبير إن نجحت في أخذها ..سأدفع لك ( *****)

اتسعت عينا عبد المقصود من المبلغ الكبير الذي سمعه فشعر خالد انه اقترب من تحقيق هدفه ليرفع الآخر السيجارة من خلف ظهره ويسحب منها نفسا مفكرا ثم يقول" وماذا سأقول للصوالحة عن الخاطف وكيف دخل ؟..فبالتأكيد ستقع التهمة عليّ"

قال خالد مبتسما "أعجبني سؤالك ..سأرسل بعد أن آخذ ابنتي من سيضربك على رأسك فيحدث لك جرحا بسيطا ستخبر الجميع بعدها أن هناك مجهولين قد قاموا بضربك واقتحام السرايا وأنك لا تعرف ماذا حدث بعدها فقد سقطت مغشيا عليك.. وبالتالي لن يشك بك أحد"

سحب عبد المقصود نفسا أخر ولمعت عيناه بالطمع ليحفزه خالد قائلا "وبعدها بفترة تستقيل لأي سبب وتودع حياة الفقر للأبد"

سأله عبد المقصود بحرج وهو يهرش في رأسه "لا تؤاخذني يا بك ولكن ما الذي يضمن لي أنك لن تتراجع عن اعطائي المبلغ بعد أن تحصل على ابنتك؟"

كشر خالد عن أنيابه شاعرا بالإهانة من أن يتهمه هذا الصعلوك بالنصب لكنه تماسك من أجل تنفيذ خطته الانتقامية ورد" سأرسل لك نصف المبلغ مع من سأرسله تلك الليلة لأخذ البنت فلا تدخله إلا بعد أن يعطيك إياه والنصف الأخر سأرسله لك مع الرجل الذي سيضربك بعد أن أضمن نجاح الخطة تماما .. (وأضاف غامزا ) ولا تقلق الرجل سيكون غريبا من خارج المحافظة تماما "

صمت عبد المقصود لبعض الوقت يدخن سيجارته ويفكر في المبلغ الكبير الذي سيغير حياته وفي احتمالات كشفه ثم رفع رأسه لخالد قائلا "متى تريد أن تنفذ ؟"



عاد خالد من ذكرياته وأوقف سيارته أمام إحدى المقاهي في مركز المحافظة وأخرج سيجارة أشعلها يسحب منها نفسا طويلا ولا تزال الذكريات تطارده.. لقد قرر هذا القرار حينما علم بنجاح مفرح أخيرا في الحصول على موافقة أهله وأهلها وأنهما سيتزوجان .. فزاد حقده عليه أكثر من ذي قبل ..فإن كان يحقد على مفرح لأنه فشل في أن يجعل مليكة تحبه وظلت تحب مفرح حتى بعد أن تزوجته وانتهى الأمر بطلاقهما ..فقد زاد حقده عليه حينما نجح في الحصول على الموافقة على زواجهما الذي كان يعلم بأنه صعب نظرا للعداء الطويل بين العائلتين ..ذلك العداء الذي كان يعلم منذ صغرهما أنه مانع قوي لزواجهما ..

لهذا لم يقدر على تحمل أنهما سعيدان بينما هو التعيس .. هو من ضحى بصداقته مع مفرح من أجل الحصول عليها .. وكم خسر ولا يزال يشعر بالخسارة لتلك التضحية .. هو من فشل في اقناعها به بعد أن حاول كثيرا وتحمل شعور مؤلم بأنها لا تفكر إلا في مفرح .. رغم أنها لم تفصح بذلك صراحة لكنه كان يعلم ..

هو من ظل متحملا إحساسه بوجود مفرح بينهما حتى في لحظاته الخاصة معها .. وكأنه شبح أسود يطل عليه .. هو من فشل في أن يقنع مليكة بأنه يحبها .. يعشقها إلى حد الجنون .. إلى حد خان صاحبه من أجل الحصول عليها .. هو من أُجبر من أهله وأهلها على طلاقها على غير رغبته فلم يكن قادرا على اطلاق سراحها رغم نظرات الكره التي كانت تنظر إليه بها في أواخر أيامهما معا .. هو من أُجبر على أن تعيش ابنته بعيدة عنه لأن أمها تحب رجلاً أخر .. هو من كان ينتظر أن توافق مليكة على العودة إليه يوما فتفاجأ بوفاة زوجة مفرح وبسعي الأخير للحصول على موافقة العائلتين..

لذا حينما أعلن عن موعد زفافهما وعلم من ابنته أنهما ينويان على ضمها لتعيش معهما ساعتها أوغر صدره بالحقد ..وبدلا من أن يطالب بابنته بعد زواج أمها قرر الانتقام من الجميع وأولهم أهله الذين رفضوا الوقوف معه للمطالبة بالبنت بعد زواج مليكة خوفا على مصالحهم في القرية ورغبة منهم على طي صفحة مليكة التي لم يكونوا يستسيغون زواجه منها من الأساس ولم يعجبهم أنها أنجبت أنثى ..فكانوا يضغطون عليه بشدة حتى يتزوج ويأتي لهم بالحفيد .. فأراد أن ينتقم منهم وأن يحرق قلب مليكة على ابنتها .. ويعاقبها .. لهذا قرر أن يفعل فعلته بعد زواج مليكة مباشرة .. قرر أن يأخذ نجمة ويسافر .. وأن يأخذها بشكل غامض زيادة في الانتقام منها .. فرتب كل شيء بعد أن اتفق مع عبد المقصود .. حصل على تأشيرة سفر له ولابنته وقرر أن يخطفها يوم السفر دون أن يخبر أحدا عن سفره .. وحده سامح أخوه المراهق ذو السابعة عشر عاما وقتها من ائتمنه على سره مستغلا حبه له ولنجمة .. أخبره بخطته لأنه لم يرغب في أن يخبر أي شخص غريب قد يوصل الخبر لأهله فيمنعونه من السفر ويمنعونه من أخذ البنت خوفا من الصوالحة .. حتى الرجل الذي اتفق معه على الاعتداء على عبد المقصود كجزء من الخطة لم يخبره بالسبب كان فقط في انتظار اتصال منه ليلتها ليذهب إلى عبد المقصود ويضربه .. ونوى أن يتصل به حينما يحصل على البنت ويكون في طريقه للمطار.. لكنه لم يكن يعلم بأن الليلة ستتحول لليلة كارثية مفجعة.. تزيد من تعاسته.

×××××

ارتخى جسد سامح وسال خيط من الدموع على جانبي عينيه وهو يرجع رأسه للخلف في جلسته أرضا في شرفة غرفته وسقطت من يده حقنه المخدر وهو يخبر نفسه بأن مفعول الحقنة سيخدر كل آلامه العضوية والنفسية بعد قليل وسينسيه .. سينسيه ما عاد لذاكرته .. وكأنه قد نسيه يوما !..

ناظر السماء الخالية من النجوم وتذكر مليكة .. تلك الشخصية الاستثنائية التي عرفها يوما وأثرت فيه وهو مراهق.. وتذكر نجمة التي رغم ولادتها بعد انفصال أخيه عن أمها تعلق بها وكان دائم الزيارة لها .. وتذكر كيف استمرت علاقته الجيدة بمليكة حتى بعد انفصالها عن خالد.. لقد كان هو الوحيد من عائلته كلها التي لم تقطع علاقتها به حتى أخواته البنات الأكبر منه قطعت مليكة علاقتها بهن بعد مشاجرة تطاول فيها أخواته عليها .. هو الوحيد من كان يحظى بهذه المكانة عندها من بيتهم ربما لأنه الأصغر ولأنها دخلت بيتهم حين كان في العاشرة من عمره .. وحتى بعد أن انفصلت عن خالد وهو مراهق في الثانية عشرة من عمره ظل على اتصال بها وبنجمة بعد ذلك ..

لكنه كان يحب خالد أيضا ويعرف بأنه تعيس لهذا حين أخبره أخوه أنه ينوي السفر دون إخبار أحد ويطلب منه المساعدة في خطف نجمة لم يتردد .. فقد كان يعتقد وقتها أنه الحل الأمثل حتى يشعر خالد بالسعادة بالبعد عن ضغط عائلته عليه ..وتحمس لوعد خالد له بأنه سيرسل له ليسافر إليه بعد أن تستقر أحواله بالخارج فهو كمراهق وقتها كان يشعر بالاختناق من أهله وتحكماتهم في حياته .. وحده خالد من كان يفهمه ويغطي على أغلاطه .. ولا ينكر أن المغامرة كانت حماسية استفزت تمرد المراهق بداخله فقرر التنفيذ .. حتى حبه لمليكة لم يفكر فيه وقتها كان مدفوعا بحس المغامرة راغبا في مساعدة أخيه الأكبر بما شعر بأنه التصرف الصحيح بعد رفض أهلهما الوقوف معه للمطالبة بابنته والضغط عليه للزواج من أخرى ..

كانت مهمته أن يكثف زيارته لنجمة بدلا من يوم واحد في الأسبوع لأكثر من مرة واتفق معها في أخر مرة أنهما سينفذان لعبة سرية بينهما وهي خطة للهروب من السرايا دون أن يعرف أحد ..ثم يخبران الجميع بعدها بمغامرتهما معا .. وكان يعتمد هو وأخوه على نوم الجدة الثقيل ومساعدة الحارس لهما لتنفيذ الخطة بأن يصعد الشجرة دون أن يشعر به أحد وتنزل معه نجمة التي كانت متحمسة لخوض المغامرة بعد أن أوهمها بأنها كالأميرة التي كانت في القصة محبوسة وأنقذها الأمير ..

قبل ثماني سنوات

ليلة الحادث

كانت ضربات قلبه تصم أذنيه وعبد المقصود يفتح له البوابة بهدوء شديد وهو يتلفت حوله بينما انتظر خالد في السيارة على بعد ثلاثة شوارع حتى لا يلفت الانتباه.. فإلى حد ما سامح ليس وجها مألوفا في القرية مثله وإن حدث أي شيء سيدعيا بأنه مراهق مجنون أراد زيارة ابنة أخيه ولعب مغامرة معها ..كما هو الحال لو زل لسان نجمة وأخبرت أحدهم بالخطة .. لذا انتظره خالد على بعد ثلاثة شوارع لينفذ المهمة بينما لاح على الحارس التفاجؤ حينما وجد سامح هو من يدخل من البوابة وقد ظن أن خالد سيرسل رجلا أكبر سنا ..لكن سامح لم يعطه فرصة للاعتراض.. فالأمر كله لابد أن ينتهي في بضع دقائق .. لذا ناوله لفة النقود وأسرع نحو الشجرة ليتسلقها وقد بدأ يتوتر ويشعر بأن الأمر جدي وليس مجرد لعبة ..



حين وصل لنجمة وقبل أن ينقر برفق على زجاج النافذة كانت هي تفتحها و تقول" كنت أتساقط من النوم يا سامح"

"اشششش "قالها بهمس مرتعب وأشار لها يساعدها على الصعود فوق النافذة وجسده كله يختض بشكل عجيب .. ثم تعلقت برقبته فحملها وتحرك لينزل .. فزلت قدمه من فوق غصن الشجرة الذي كان يقف عليه في نفس الوقت الذي تركت نجمة عنقه لتلحق بحقيبتها الصغيرة التي انزلقت من فوق كتفها فانزلق جسدها من ذراعه وأفلتت منه ..



ارتعب سامح وأسرع بالإمساك بملابسها وسمعها تطلق تأوها ..ولم يعرف أين ارتطمت كل ما كان يفكر به لحظتها أن يعدلها ويتمكن من الإمساك بها جيدا .. وكم كان هذا صعبا جدا فثقل جسدها كله كان يحمله بيد واحدة هي التي تمسك بالقماش بينما الأخرى تمسك بجذع الشجرة في الوقت الذي استمر جسده في الانتفاض وقلبه يكاد يخرج من حلقه وهو يعاني بقوة كي لا تفلت منه .. حتى جاءت اللحظة التي فقد فيها قدرته على الامساك بالقماش وأفلتت البنت من يده وشاهدها وهي تسقط فجحظت عيناه وسقط خلفها وكأنه يرغب في اللحاق بها وإمساكها في الهواء.. لكنه ارتطم بالأرض بقوة وأحرق الألم ذراعه وساقه.

اعتدل بسرعة ينظر لاهثا في البنت التي نزلت صامتة ملوية العنق ولم يفهم .. فهزها ثم رفع أنظاره غير المستوعبة للحارس الذي كان يضرب بيديه فوق رأسه مولولا في صمت .. فتملكه الخوف .. بل الرعب .. خاف بشدة .. جبن من المسئولية .. فاستقام واقفا بصعوبة وصدمته شديدة .. صدمة أذهبت عقله وسحقت قلبه .. ماذا حدث ؟.. وماذا فعل .. لم يكن هذا في الخطة .. ولم يتح له الوقت لينفذها من الأساس .. لقد حدث ما حدث في لمح البصر..

تحرك للخلف وعيناه الذاهلتان تحدقان في البنت الراقدة على الأرض .. تحرك متحاملا على نفسه ليهرب ..فأمسك به الحارس يقول بهمس" إلى أين ستتركني مع هذه المصيبة؟؟؟!!! "

دفعه سامح .. دفعه بكل ما أوتي من قوة وبكل ما تفرضه عليه غريزة البقاء .. دفعه يحاول الإفلات والهرب .. لكن الثاني لم يبتعد إلا خطوتين ثم عاد للإمساك به قائلا "ماذا سأفعل في هذه المصيبة؟!!"

دفعه من جديد.. وأسرع يفر هاربا وهو يمسك بذراعه ويعرج على ساقه التي كانت تؤلمه بشدة.. لكنه جرى .. جرى كثيرا .. جرى كمن تطارده الأشباح.. كمن تطارده (نجمة) .. تجري خلفه في الطرقات المظلمة .. وخيل إليه أنه سمعها تهتف خلفه " إلى أين يا سامح؟ .. إلى أين ستتركني؟ .. خذني معك .. أنا أتوجع .. ساعدني"



عاد سامح بذكرياته وقد نجح المخدر في أن يشعره بالتحسن المؤقت .. تحسن يدرك بأنه لوقت قصير سيعود بعده لعذاب الذكريات والكوابيس .. فاستقام واقفا وبدل قميصه الرمادي لأخر كثير الألوان ..ووقف يناظر نفسه في المرآة بابتسامة بلهاء متسعة لا تزور وجهه إلا مع المخدر .. تطلع في شكله وتملكته رغبة في الطيران في التحليق في السماء .. فأسرع بإخراج مبلغ كان قد حصل عليه من أمه بعد أن هددها بقتل نفسه أمامها إن لم تعطه المال فأعطته سلسلتها الذهبية التي باعها على الفور .. وخرج من الغرفة منتشيا وهو يفكر .. هل يذهب للشلة المجتمعة الآن في إحدى الشقق الفاخرة في مركز المحافظة يستمتعون بوقتهم على أكمل وجه؟.. أم يذهب لـ(سماهر )ليقضي معها ليلة حمراء ؟

×××××

وضع النادل كوب الشاي أمام خالد فهز له رأسه وتطلع في زجاج واجهة المقهى المطلة على الشارع ونفث دخان سيجارته ولا تزال الذكريات تطارده … لقد ظل منتظرا أخوه في سيارته حتى يعود بنجمة وهو يتمم على كل شيء .. جوازي سفريهما وملابسه .. وملابس جديدة اشتراها لنجمة .. كما استعد لأن يتصل بالرجل المنتظر للإشارة حتى يذهب لعبد المقصود ويضربه كما اتفقوا..

قبل ثماني سنوات

ليلة الحادث

كان لحظتها يشعر بالحماس ..وبالاقتراب من تحقيق النصر ..فبمجرد أن تأتي ابنته سيقنعها بأنهما ذاهبان للتنزه .. ويطير بها إلى العاصمة ليلحق بالطائرة المغادرة في الثامنة صباحا .. وكم أشعره ذلك بالسعادة .. وهو يتخيل مليكة والصوالحة كلهم معتقدين بأن البنت قد خطفت .. وحتى حين يكتشفون بأنه هو من خطفها ..سيكون خارج البلاد ولا يفكر في أن يعود .. سيبقى في الخارج للأبد ولتنعم مليكة بين ذراعي مفرح ..

خاطرة أنهما كانا لحظتها بين ذراعي بعضهما كعروسين كانت تزيد من حقده عليهما .. لقد نالا السعادة بينما سيعيش هو في تعاسة للأبد.

لمح أخاه آتيا من بعيد يهرول فاصفر وجهه وصدم وهو يجده في الحالة التي كان عليها وبدون نجمة.. بينما ركب سامح بجواره وقال بكلمات لاهثة متقطعة" أسرع ..أسرع … إنهم خلفي ..خلفي ..سيمسكون بي"



حرك خالد السيارة بسرعة وهو يقول بانزعاج " هل أمسكوا بك؟ … هل أمسكوا بك قبل أن تصل اليها؟"

لم يرد سامح .. كان في حالة غاية في السوء ويتلفت خلفه في رعب فحضن نفسه بقوة وهو ينتفض أمام عينيه.

قال له خالد يطمئنه وهو يضغط على البنزين مبتعدا" اهدأ وافهمني من رآك ؟.. هل استيقظ أحدهم؟"

ظل سامح يرتجف بقوة ويتمتم بعبارات متقطعة والعرق يتصبب منه " أسرع ..أسرع أرجوك "

زاد خالد من سرعة السيارة وهو يضرب على المقود ويشتم من بين أسنانه لاعنا حظه العاثر .. لقد فشلت الخطة وكشف أمر أخيه وخسر هو المبلغ الذي أعطاه للحارس.. ماذا سيفعل الآن؟. هل سيؤجل سفره أم ماذا؟.. لن يستطيع أن يترك ابنته ليربيها مفرح؟ .



كانا قد خرجا من القرية ودخلا لقريتهما فأوقف السيارة أخيرا واستدار لأخيه يمسك بكتفيه ويديره نحوه وهو يقول مطمئنا
"قلت اهدأ يا سامح ولا تخف .. سنقول بأنك مراهق مجنون قررت أن تقوم بمغامرة وسينتهي الأمر بتوبيخك لا أكثر.. المهم ألا يفتح عبد المقصود الزفت فمه"




حضن سامح نفسه أكثر واستمر في انتفاضه الشديد كمن أصابه الفواق وقال بتأتأة" لقد ..لقد ..سقطت من يدي رغما عني … لمممم ..أستطع الامساك بها .. فسقطت ..."

اتسعت عينا خالد وسأله "ماذا تعني؟.. من التي سقطت؟!!!!"

رفع إليه سامح عينين ذاهلتين يقول منتفضا" نجججججمة"

سقط قلب خالد بين قدميه متفتتا وهتف ملتاعا وهو يهزه بعدم فهم " نجمة؟!!.. نجمة وقعت منك ؟..وقعت؟ … ابنتي وقعت؟"

انفجر سامح في البكاء بينما عينا خالد كادتا أن تخرجا من محجريهما يحاول الاستيعاب قبل أن يفتح عتلة الباب المجاور لأخيه ويدفعه قائلا "عد للبيت ..انزل"

خرج سامح مدفوعا من السيارة بينما أدارها خالد بسرعة وعاد للقرية وهو يتصل بالإسعاف .. أما سامح فسقط من الصدمة مغشيا عليه وعثر عليه بعض المارين بسيارتهم من أهل القرية وحملوه لبيت الباجوري.



بعد عشر دقائق كان خالد يوقف سيارته وينزل منها مهرولا يفرق المجتمعين أمام بوابة السرايا بسرعة حتى يدخل ثم تباطأت خطواته حتى وقف أمام جسد ابنته الممدد على الأرض يضع يديه فوق رأسه ويحدق فيه متخشبا من هول الصدمة.

صراخ وعويل يحيط بالمكان .. وعلي يهتف في حالة انهيار" لا تلمسوها ربما أذيتموها بتحريكها سننتظر طبيب المركز"

تحرك خالد دون الشعور بقدميه ..وكأنه لا يملك قدمين ..ونزل على ركبتيه أمامها ومن نظرة واحدة أيقن ما أيقنه بِشر قبله ولم يستطع علي استيعابه .. لقد ذهبت نجمة .. ماتت .. ابنته ماتت ..وهو من قتلها .



ورغم يقينه كانت الصدمة تحاول التشكيك في ذلك الشعور .. أو ربما التشبث بالأمل الواهي فمد يديه وحملها وسط صراخ علي" لا تحركها قد تؤذيها .."

حملها خالد ينوي بأن يسرع بها إلى أقرب مستشفى لكن سيارة الاسعاف التي اتصل بها سمع صوتها بالخارج .. ليعلن المسعفين بعد دقائق بأنها قد سقطت ميتة .



عاد خالد بذكرياته وتطلع في انعكاس صورته في زجاج المقهى بجواره .. أي عقاب هذا الذي عوقب به .. لقد لف الحبل حول عنقه وشنق نفسه دون أن يدري .. كفر عن كل سيئاته بما اقترفت يداه .. ويبدو أن هذا لم يكن كافيا فعاش طوال هذه السنوات وهو يرى أخاه يضيع وقد فشلت كل المحاولات في مساعدته .. والآن .. وبعد كل هذا يظهر ما يجعل الماضي يعود .. والجروح تصحو.. والذاكرة تفيق من خدرها! ..

لا .. أبدا .. لن يسمح بذلك .. لقد نال عقابه بما يكفي .. فلن يضيف إليها فضيحة للعائلة .. هذا الموضوع لابد أن يعود للظلام كما كان .. ويبقى ماضٍ مؤلم يعذبه هو وحده .

×××××




يتبع











Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:20 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.