05-12-19, 09:16 PM | #3991 | |||||||||||||
مشرفة وكاتبة في قلوب أحلام وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وعضوة في فريق الترجمة
| الفصل الثاني و الاربعون رحلة في الامرئي ديامانتي الأمسية مليئة بالألوان، و فلورانس مشعة مثل أشعة الشمس بعد العاصفة، حازت و 'أوما' على اهتمام كبير جدا من الميديا المحتشدة بكمية كبيرة جدا في مدخل المتحف ، الأمر يذكرها بالسجادة الحمراء لمهرجان سنمائي في هوليود، أو تجمعات المشاهير التي آلفتها منذ صغرها بفضل شهرة فرجينيا، لكن الأضوء اليوم تعمي بصيرتها و تحثها على الابتسام ملئ فمها بفضل عملها هي، لقد نجحت و تفتحت براعم جهوذها منذ سنوات، ترددت هتافات الصحفين ما ان خرجت من الليموزين برفقة صديقها.. {ريتشي من هنا من فضلك...} { استدارة طفيفة للخلف ريتشي... انت فاثنة} { ابتسامة أخيرة أيتها الجميلة...} { ريتشي... من هو مصمم فستانك؟ انه رائع... } ابتسمت ملئ فمها للصحفية السمراء و تكلمت للمرة الأولى، حان موعد الدعاية التي وعدت بها مصممها الغالي: " 'جورج سبانسر'، عبقري الموضا و صاحب الأنامل السحرية... " وضعت يدها على خصرها، و دفعت بشعرها المتموج بأناقة شديدة خلف ظهرها لتمنح صورة شاملة لروعة تفاصيل فستانها المذهل. { ريتشي... لما لا نلمح الأمير معك؟؟} حاولت الا تتزعزع الابتسامة من شفاهها، ليست مجبرة على الرد عن أسئلة خاصة بحياتها، كل تعقيب سيكون ضدها لاحقا، تجاهلت سؤال الصحفي و عادت تتأبط ذراع 'أوما' الذي كان يرد بدوره على صحفية قبل أن يتوجها نحو مدخل المتحف المتألق بأضواء مبهرة، تنهذت الصعداء عندما تمكنا أخيرا من الاختلاط بالمدعوين المنتشرين حول التحف المعروضة. " أتخيل العنوانين الكبيرة لجرائد الغد... ريتشي تمل سريعا من زوجها و تظهر بمفردها..." تمتمت بإستياء لأوما الذي التقط كأسين من الشامبانيا من صينية أحد النوادل و أمدها واحدا: " استرخي 'دارلين'... لقد كنت رائعة... " ارتشفت كأسها دفعة واحدة كي تمنح نفسها بعض الشجاعة، في حين تقدم منها ثلاثي القيل و القال النيويوركي، 'باتي' و 'سوزان' و ' لورا'، الأولى ابنة رجل أعمال اتضح أنه يخون زوجته مع خادمة عملت منذ سنة لديهم و رحل معها كي يترك ورائه زوجة محطمة، الثانية تعشق السهرات الماجنة و لا تتردد بإحيائها بإستمرار و دعوة كل من له حساب مصرفي ضخم، و الثالثة ابنة ديبلوماسي اتضح بأنه ليس شريفا بالمرة، الفضيحة أنزلت السوء بإسم عائلتها لأشهر طويلة، و بالرغم من كل فضائح عائلاتهن، الا أنهن يهتمن كثيرا بحياة الجميع و يطلقن الاشاعات المكثفة و المريعة. " لم أصدق عيناي عزيزتي أنت مبهرة مثل المعتاد" قالت لورا وهي تقبل وجنتها. " هل تعرفين من هنا؟؟" قالت باتي بحماسة" يانيس..." شعرت فلور بأن شعر قفاها ينتصب، لا... لم يجرؤ بالقدوم الى هنا؟ و لما لا؟.. يملك والد يانيس أفخم دور الحلى في أروبا، لسيما بلجيكا. " أحذرك عزيزتي... لم يأتي بمفرده، انه مع أوروبية، وتبدو عارضة أزياء... لا تتكلم الانجليزية بطلاقة، لكنها ستفقد توزانها من وزن الحلى الذي ترتديها..." وضحكت سوزان من كلامها:" و كأنها خزانة عرض متنقلة" الكلام يسلي النساء الثلاث اللواتي انفجرن في الضحك، بين الحشود بحتث عن قامة يانيس الطويلة ووجدته بسهولة، شعرت بالشفقة فورا على المرأة التي تتأبط ذراعه، كانت تبدو كما قالت سوزان، متوثرة وسط أفراد هذا المجتمع الذي لا يرحم، و الذي يتلذذ بإذلال من لاثقة عارمة في نفسه. " اتركنها و شأنها..." زمجرت فلور بجفاف:" المسكينة تبدو ضائعة..." تبادلت النسوة مجددا نظرة متواطئة قبل أن تنفجرن في الضحك... " انت تتحذثين مع أفاعي حقيقية متجردة من الرحمة..." قال أوما. " انت سيء أوما..." زمجرت سوزان و هي تلوي شفتها بإستياء قبل ان تتأبط ذراعه" تعالى معي أرغب بتعريفك على أحدهم..." أطبقت أصابع فلور على حقيبة سهرتها البلورية ووجدت العذر للتملص من ثرثارات المجتمع المخملي و قصدت الخزائن الزجاجية بتصميماتها المختلفة، استوقفها عدة مستثمرين جدد، تواصلت بين الصناع كما هو هذف معرض اليوم، و بالتأكيد ازداد دفتر عناوينها اتساعا، لا تخفي حماستها لهذه اللقاءات، انها تعشق عملها و تشعر بوجودها الذاتي من خلاله، و الابداع فيه أهم شيء حققته في حياتها، لم تعد تعيش في ظل فرجينيا... معبودة الجماهير... الفنانة المعجزة كما لقبتها الميديا في زمنها، و رغم كل المنافسات القاسية في عالم الغناء ماتزال هي تتربع على عرش أفضل المغنيات في العالم... لم يتزعزع صوتها و مازل شابا و رنانا وشجيا، و لا موهبتها، أما فيما يخصها شخصيا، فهي اليوم مشهورة بفضل عملها وهي وليس لانها ابنة الفنانة. " فلورانس.." اعتذرت من رجل الأعمال الأسيوي و استدارت نحو يانيس الذي شعرت به يحوم حولها حتى قبل أن تلمحه، تصلبت، حواسها الخمس في حالة تأهب. " أشعر و كأنك تهربين مني..." ابتسمت له ببطئ: " ولما يجب أن أهرب منك؟؟ كيف حالك يانيس؟؟" المرة الأخيرة التي التقته بها انتهت بشكل سيء جدا، كان يظن بأن حملها منه، عموما الكل ظن بأن حملها من خطيبها الوسيم الذي كان يستغل أسفار عمله لخيانتها بكل بساطة. " بخير... و أنت... أنظري الى نفسك، تبدين مبهرة." " شكرا لك..." تمتمت له بنبرة محايدة. لقد آذاها في الماضي، صحيح انها لم تحبه كما تحب داركو، الا أنها تمنت تأسيس أسرتها مع الوسيم جدا خطيبها، تأملته ببطئ، شعره الأسود الحالك يلامس جبهته العريضة، حواجب ذات تصميم جريء تغلبت على عينيه المنحدرة الزرقاء المحاطة برموش كثيفة تشكل هلالاً فوق عظام وجنتيه البارزة، شفاه مغرية تملك ابتسامة مميزة، طالما عشقت ابتسامته... اليوم تراها بلا أي سحر انه يشع كاريزما ، و سلطة نعم لكنه لم يعد يؤثر بها.... زوجها محي كل رجل مرّ قبله. " أرى بأنك بمفردك، تخلف زوجك عن المهرجان؟" " انه رجل أعمال مشغول جدا..." ردت ببرود. " لم أتخلف يوما عن أي افتتاح..." هذا صحيح، أحسن دوره في خداعها لدرجة أنها ظنته الرجل المثالي، كم كانت غبية. " اعرف بأنه على الاقل لن يقوم بخيانتي ما ان ادير ظهري" اظلمت ملامحه المثالية و ارتخت شفاهه الممتلئة في عبوس مغري: " اعرف بأن هذا ما اخبرك به السافل كيفن... لكنك بعيدة عن الحقيقة و صدقيني لم اخنك يوما فلورانس و لم تتركي لي فرصة الشرح ايضا" " الشيء الذي لم يتغير اليوم" علت الهمهمات بشدة مما ينبؤها بوصول كيفن بلا ادنى شك، القت بنظراتها الخضراء بعيدا عن الملامح المألوفة لخطيبها السابق و لمحت صديقها بين الحشود، منيرا و يشبه الطاووس الفخور بريشه، لكن يد يانيس منعتها من الهرب، تثبتها مكانها لينظر مباشرة في عينيها: " احذري كيفن... ليس الرجل الذي تظنين" حررها و استعادت ذراعها بسعادة، من السهل على خطيبها السابق وضع فشل علاقتهما على كاهل كيفن فقط لأنه يشعر بالغيرة من صديقها، تعترف أن أغلب مشاجراتهما آنذاك كانت بسبب الممثل الذي لا يتحمله في علاقتهما، برأيه يسرقها منه، يسرق هوائه و محيطه الحميمي، برأيه كيفن يتدخل كثيرا في علاقتهما... و الاسخف أنه يتهمه بمحاولة تفريقهما و صنع المشاكل بينهما. كان الممثل الوسيم يبحث عنها أيضا، لوحت له بيدها بحماسة قبل أن يشق طريقه نحوها مثل سمكة القرش بين أمواج المحيط، مثل المعتاد لا يوجد رجل في العالم يلائمه السموكن مثل كيفن غراي، انحنى عليها ليضع قبلة خفيفة على وجنتها: " أنت متألقة baby..." " هل أتيت بمفردك أم مع امرأة؟؟" سألته فلور وهي تنظر حولها بفضول. " في الحقيقة..." بدأ ببعض العصبية." هناك مفاجأة قد لا تروقك..." حتى قبل أن يتمتم بتلك الكلمات رأتها تتأبط ذراع جوردان، ابتسامتها تلاشت بينما شعرت بالدم ينسحب من وجهها، يمكن للثرايا المتدلية من السقف المقعر للمتحف الانطفاء ووضع هذه المرأة بدلا منها، في كل حياتها لم ترى جمالا و لا حسنا مماثلا, لسيما اليوم، وسط فستان نحاسي طويل، مطرز عند الخصر و في اطراف التنورة، مكشوف الكتفين تبدو ديامانتي و كأنها حورية من حوريات عدن، شعرها الاشقر الرائع مصفف في كعكة انيقة جدا خلف رقبتها، بينما عقد ماسي يزين رقبتها الطويلة... أي امرأة بحق السماء. " مالذي تفعله هنا؟؟" سألت كيفن بعد أن وجدت صوتها. " جوردان تحت السحر..." تمتم لها. " هذا ما أرى... انه غارق في الحب حتى أدنيه.... هل يعرف على الأقل بأن الحسناء الايطالية متزوجة من وحش كاسر قد يتسبب بحرقه حيا ان وضع يده عليها؟؟" شعرت برجفة تركض من خلالها و بنار مضطرمة غزت قلبها، هذه الفاتنة كانت زوجة داركو ذات يوم، كيف لها أن تصدق بأنه حقا نسي أمرها بينما هي شخصيا تبدو شفافة أمام كل هذا الجمال المتألق؟ الغيرة سحقت كيانها بينما تلتقي نظراتهما و تقدم لها هذه الاخيرة ابتسامة تجمع بين الطفولة و امرأة تستعد للتألق عاليا في سماء منهاتن... تتصور جنون الصحفين في الخارج، جوردان لا يظهر ابدا مع نسائه و يعرض نفسه بهذا الشكل، فجأة لمحت فكرة في عقلها قبل ان تسأله بإتهام. " هل رافقتها أنت ايضا..؟" " كانت تتأبط ذراع كلينا... الميديا كادت أن تبتلعها حية... يريدون معرفة هوية هذا الجمال، أستغرب أن يتركها داركو..." القت نحوه نظرة غاضبة مما جعله يتلعثم: " أسف baby... لم اقصد التجريح... لكن لا أظن بأنه من السهل نسيان امرأة مماثلة..." " هذه المرأة هي ماضيه و انا حاضره و هو يحبني أنا كيفن... كلما اعتدت على الفكرة كلما كان أفضل، ديامانتي خرجت كليا من حياتنا هل هذا مفهوم..." لف وجهها بين يديه ليضع قبلة اعتذار على شفاهها: " أعرف، أعرف... عندما كلمتني بيانكا عنها لم أحسبها بكل هذا الجمال... " الفضول تمكن منها، أمالت رأسها قليلا الى اليمين تتطلع اليه بإصرار: " كلمتك بيانكا عنها؟؟ مالذي قالته بالضبط؟؟" جعد أنفه: " بأنها حب والدها الأبدي؟؟ حسنا... عموما لا أصدق كل ما أخبرتني به تلك الفتاة... انها غير متزنة عاطفيا..." كان يحاول التبرير لأنه بالتأكيد لمح الشحوب الرمادي الذي كسى وجهها، ديامانتي حب داركو الأبدي؟ لن تتفوه بيانكا بكلمات مماثلة مجانا، انها أكثر من يعرف والدها في هذا العالم، تلقائيا بحتث مجددا على الايطالية الشقراء التي كانت تضحك ملئ فمها لرجل أسمر اعترض طريق جوردان و يبدو أنه يريد بأي ثمن التعرف على الجميلة في ذراعه، اعترفت بينها و بين نفسها ان من ستتصدر الصحف غدا هي هذه المخلوقة الاثيرية، انها بلا منازع ملكة السهرة، حضورها اخفى كليا كل نساء السهرة بلا استثناء، و يبدو ان الرجال قل اهتمامهم بالتصاميم المعروضة أمام الجوهرة المتوهجة التي دخلت المتحف و اخفت بجمالها كميات الماس و الياقوت المعروضة في الخزائن الزجاجية. " الى أين تذهبين؟؟" سألها كيفن بينما تنزلق من يديه و تشق طريقها نحو غريمتها. " أريد معرفة ما تفعله هذه الحسناء في مهرجان بعيد كليا عن اهتماماتها..." * * * اسبانيا مدريد الساعة 09و44 " هل تنوي الغضب مني طويلا اليخاندرو؟" كان اليخاندرو يشق خطواته بين الصفان الامنتهيان من النخيل المرتجف العروش في عنان السماء، طالما سلب لبه منزل خوسيه، انه يجمع بين الحضارة الاندلسية الإسلامية و الغربية، الإقامة الشاسعة غنية بكنوز معمارية لا تضاهى، القصر مكون من عدة مباني ذات شرفات واسعة تلتف حول عدد من الحدائق والنوافير و أسوار مرتفعة مزينة بالحفر والسيراميك، كل هذه التحفة تقع على أراضي شاسعة من أشجار البرتقال و الزيتون و الليمون و اللوز الذي يزهر في فصله فيمنح المكان اطلالة خيالية... هذا المكان الساحر يجعل أرقى فنادق العالم شاحبة من الغيرة. عند نهاية صفوف النخيل التي تبدأ من البوابة الرئيسية لممتلكات مارتينيز الى الدرجات الشاسعة من السيراميك و الحجر التي تؤدي الى القصر توقف في الأعلى سرب لا منتهي من الموظفين بلباس رسمي بالأبيض و الأسود بإنتظار استقبالهم بطريقة ملكية سامية، زمجر اليخاندرو في داخله بينما يتوقف كي يواجه خوسيه الذي كان وجهه متشنج من الامتعاض. " خوسيه مارتينيز دائم المبالغة، متى سينتهي هذا التعذيب؟" " اطرح هذا السؤال على سيسيليا و ليس انا، هي من يعشق هذا النوع من البرتوكولات... انها تفرض الاحترام في هذا البيت" بعد الدرجات المؤدية الى الردهة المكشوفة، قوس ضخم مرتفع حيث تم الاهتمام فيه بالتفاصيل الصغيرة التي تنم عن دقة مهندسين و دوق الفن الرفيع و أصالة العثمانين و عراقتهم، كل حفر في القوس مأخود من الحضارة الاسبانية القديمة، فرجة القوس تسمح بالدخول الى القصر كي تبدأ رحلة جديدة فوق السجاجيد الفخمة نحو القبب الضخمة و العالية... المكان يُخرس زائره تماما و يلجم لسانه. " أنا آسف بشأن أمس..." سمع خوسيه يزمجر في ظهره. " انها المرة الثالثة التي تعتذر فيها خوسيه... عادة لا تعتدر أبدا... أنت سافل جدا كي تعترف بخطئك" " هذا صحيح... " اعترف الاسباني بلكنة جافة:" لقد اسرفت في الشرب... مزاجي يسوء بشدة عندما ابالغ في استهلاكه" " مزاجك دوما سيء و ليس بحاجة لعذر..." صحح له اليخاندرو. انه يعرف جيدا هذا المكان، يعرف ممراته الرائعة و اسراره المذهلة،و يعرف اين تنتظرهما سيسيليا، بعد ان انحرفا يمينا نحو القوس الجنوبي المؤدي الى الحديقة الرئيسية، تراءت له المرأة الرمادية الشعر، كانت تجلس على منضدة فخمة تهتز شراشفها الناصعة البياض على النسيم الهادئ و الدافئ، الأعمدة الرخامية تطل على بركة سباحة زرقاء مغرية المياه، أمام بانوراما خلابة لخضرة متوحشة تقطع الأنفاس. " اليخاندرو..." الابتسامة المشعة على وجه والعجوز تشعره دوما بالطمئنينة، اقترب نحو الذراعين المفتوحتين. " كيف حالك سيسيليا...؟" قبل يدها قبل أن يجلس بالقرب منها حيث ضربت بيدها لدعوته. " كما ترى... عجوز و بدون احفاد... صديقك يرفض الزواج، سأموت من شدة يأسي" انه يحفظ تذمراتها عن ظهر قلب، موضوع الزواج هو هوس العجوز منذ موت المرأة التي لم تستطع تحقيق المعجزة بمنح وريث لعائلة مارتينيز، انحنى خوسيه ليقبل وجنتي والدته قبل ان يجلس مقابل لها دون ان يعلق على كلامها، رآها فجأة تقطب و كأنها تذكرت شيئا. " أين الأمير؟" " لقد تأخر في صقلية أكثر و سيصل بين لحظة و اخرى..." هزت سيسيليا رأسها متفهمة لشروحات اليخاندرو و اهتزت مجوهراتها العتيقة في رقبتها قبل أن تعود لموضوعها المعتاد: " جهزت له عدة نساء من عائلات مرموقة لحفل استقبال الغد... عليه فحسب الاختيار و منحي حفيدا" " .Misericordia dios mio.." تمتم خوسيه بضجر. " لمن ستترك كل هذه الأموال ان لم تحصل على وريث؟؟" نهرته سيسيليا بحزم متجاهلة ملامحه البائسة" اسم مارتينيز سيتلاشى ان لم تقم بمجهوذ... " وقف ابنها فجأة من مكانه واضعا حدا لكلامها: " علينا مراجعة بضع تقارير قبل اجتماعات بعض الظهر أمي فإعذرينا..." لكن لا يبدو ان استراتيجيته تنفع مع امرأة منحت حدة طباعها لرجل مثل خوسيه، جاهلت مقاطعته متابعة بعمق: " تعرف بأنني متحفظة بشأن النساء بدون اسم عريق، لكنني عازمة على تقبل تلك المرأة الصهباء... راقصة الباليه ما اسمها اليخاندرو؟؟" "جوليانا.." رد اليخاندرو بينما منحه صديقه نظرات قاتلة مما دفع الابتسامة الى شفاهه. " آه نعم... جوليانا... صورتكما الميديا مجددا معا، أراها بإستمرار مؤخرا معك، و تبدو بصحة جيدة لتحمل وريثا بسرعة..." " اليخاندرو..." زمجر خوسيه بنفاذ صبر:" فلنمضي الى مكتبي، الكثير من الأعمال بإنتظارنا..." زفرت سيسيليا ببعض الخيبة و تنهذت قائلة بحسرة: " الكثير من الأعمال و المشاريع و الأموال و المكانة المرموقة... يالتعاسة...كل هذا سيؤول لدانيلا ان لم نحصل على طفل من دمنا... وضعنا مريب حقا... " زم خوسيه شفاهه متمتما بإتهام عندما جحت والدته بملامسة نقطة ضعفه و جرحه: " كان عليك التفكير في هذا قبل أن تقرري انجاب طفل واحد بدل دزينة أطفال..." " تظن بأنه كان بإختياري؟؟ لم اتمكن من الحمل رغم كل جهوذي..." هز خوسيه عينيه الى السماء و هذه المرة لم ينتظر اليخاندرو بل اندفع مجددا الى داخل التحفة المعمارية و تركه ورائه. " خوسيه مريض..." في البداية ظن اليخاندرو بأنه لم يسمع جيدا، تلاشت ابتسامته امام الملامح الجادة للعجوز: " عفوا؟؟" " طبيب العائلة اتى لرؤيتي قبل أسابيع ليخبرني بأن خوسيه يرفض تماما خوض الفحوصات العميقة و العلاجات المتوفرة، و يتمنى أن اقنعه قبل أن يفوت الاوان، يظن بأنه لا ينوي العلاج و يتعمد ابقاء الوضع كما هو عليه .. أظنه و جد الطريقة المريحة للالتحاق بحبيبته سريعا... تأنيب ضميره الغريب يدمر حياته و علينا انقاذه... على كل أصدقائه الوقوف بجانبه لتجنيبه هذا الاكتئاب الذي دام سنوات طويلة جدا " رمّش اليخاندرو بعدم فهم: "مالذي تقولينه سيسي؟ لا يمكن ان يكون مريضا، انه بصحة جيدة..." هزت العجوز حاجب مبيض بفعل سنوات عمرها: " كما كان والده قبل ان يتدهور حاله فجأة و يموت؟ انه مصاب بنفس المرض... الفايروس أصابه وأمعائه تعاني بشدة " شحب وجه اليخاندرو، والد خوسيه توفي نتيجة سرطان القولون، انه يرفض قطعا تصديق كلام المرأة، يرفض أن يصدق بأن خوسيه مصاب بنفس مرض والده، و الأسوأ أنه يعرف و يرفض التعالج؟؟ لكن لماذا يفعل شيء مماثل بحق الجحيم؟؟ انه رجل يعشق الحياة و يحافظ على صحته عذائيا و رياضيا، يرفض تصديق هاته التراهات، لا بد أن سيسيليا تهلوس... " يجب... يجب أن الحق به.." قال اليخاندرو وهو يقف من مكانه. " لا تخبره بأنك على دراية بالموضوع، تعرف بأنه فخور جدا و يكره الشفقة, بسبب مرض والده كان حذرا دوما و مهووس بالنظافة و الأكل الصحي، و للاسف... يجد نفسه في نفس الوضع الذي تجنبه طويلا... لكنه اناني جدا كي يفكر فحسب في اليونور و ينسى هذه الامبراطورية التي لم يوفر لها اي حماية معنوية، عليه الزواج و الحصول فورا على أطفال... " تتكلم عن خوسيه و كأن أيامه معدودة، فجأة فقد المكان جماله الآثيري و صار باللون الأسود، هذا الخبر الصاعق قسم قلبه نصفين، جاهذ لإلتقاط أنفاسه وهو يبتعد بنظرات فارغة نحو مدخل القصر. " أعرف بأن لكم كلكم مكانة عميقة جدا في قلبه... حاول مكالمته بشأن وجوب وريث لكل ما نملك، لا شيء لدي ضد دانيلا انها مثل حفيدتي لكن من حق خوسيه الحصول على أطفال من صلبه و منحهم كل هذا النعيم." من هو ليقنعه بالزواج و الحصول على أطفال؟؟ كانت حياة خوسيه كئيبة عكس لمعان المظاهر التي تحيطه لمعان يشبه الماس، ثروة و شخصية و نفوذ لا محدود، و في داخله يختبئ رجل فقد حبيبته بأسوأ الطرق و تحطم قلبه كي لا يعود مجددا طبيعيا، فقد الأسرة التي طالما حلم بها، ما لا يعرفه الجميع-ماعداه و روكو- ان اليونور فقدت حياتها لأنها كانت تحمل طفلا من خوسيه و بأنها رفضت ان تنسبه لزوجها، هذا الأمر اكتشفه صديقه بعد سنوات من موتها، عندما سقطت يده على مذكراتها... المذكرات التي تركتها شقيقتها مع دانيلا، ما حذث لاحقا يفضل تناسيه... لم يكفي خوسيه الانتقام من زوج اليونور... لقد أباده اجتماعيا و سياسيا و اقتصاديا و حوله الى رماد. " أخيرا تركتك بسلام؟...." استقبله خوسيه في مكتبه الشاهق وهو يلقي بالعديد من الملفات على سطح المكتب:" انه التقرير الأخير اليخاندرو، القي عليه نظرة و أعطني وجهة نظرك، اثق جدا بحدسك..." لا يصدق أن من أمامه يعاني حقا من مرض مزمن يهدد حياته و قد يأخده الموت في اي وقت، بغض النظر عن استهلاكه المبالغ احيانا في الكحوليات الا ان صديقه يهتم بشدة بصحته، أقطب خوسيه بعد أن انتبه للطريقة التي يحملق له بها: " ماذا؟؟" " كنت افكر في كلام والدتك... " " أمي تخرف فلا تمنح اهتمام لكلامها..." رد خوسيه وهو يسقي لنفسه مياه معدنية:" أما فيما يخص وجوب حصولي على وريث فلست مضطر للزواج... تجربتي السابقة كانت تعسة لدرجة أنني لا أنوي تكريرها" التقط اليخاندرو الأوراق من سطح المكتب: " لكنها محقة في مخاوفها... دانيلا الوريثة الوحيدة في حالة اختفائك..." هز خوسيه كتفيه: " سأكون قد اعدت القليل من الديون لاليونور بترك كل شيء لإبنة شقيقتها الا تظن؟..." المرارة في صوته مزقت كيانه: " أنت أناني خوسيه..." زمجر به اليخاندرو. " منذ متى لم أكن أنانيا؟؟ ..." سأله بتسلية قبل أن يبتلع المياه المعدنية" أريد الحصول على أطفال صدقني... لكن خططي مؤخرا تسقط عرض البحر... المرأة التي هيئتها لهذا الغرض اختفت و لا أجدها..." هز اليخاندرو حاجبيه مشككا: " تريد القول اختفت و لا تريد ايجادها... أعرفك خوسيه... مع كل النفوذ الذي تتمتع بها أنت أشد دقة من الـ c.i.a" تلاشت ابتسامة الاسباني المتسلية و أظلمت نظراته البندقية فجأة قبل أن يشير بدقنه الى الأوراق بين يديه: " أعطني رئيك قبل وصول 'داركو' ..." * * * كانت تنتظر زيارتها، مثل المعتاد جورجينا تشع شبابا و حيوية، عكس والدتها التي نجح والدها بإخماد هذه الشعلة في عينيها، انزلقت عيناها على الجسم الجميل لحماتها و التي تجلس في الصالون مع والدتها،من المستحيل تصديق انها والدة رجل بعمر سيزار، كانت ترتدي طاقم لؤلؤي، شعرها الأشقر مرفوع الى فوق ليسمح لخطوط فكها و رقبتها بالظهور بكل أناقة، عيناها تشبهان جدا عينا ابنها، لكنهما باردتين جدا عكسه. " روبي...' كارا '... " بذراعين مفتوحتين استقبلتها، تعرف بأنها ترتمي بين أحضان كوبرى الصحاري السامة، لكن يبدو أن جورجينا هنا بسبب التحضيرات للزفاف، ولا يبدو انها ترغب في الحرب. " مرحبا جورجينا..." تعرف بأنها لا تتحملها، تكره تنفس نفس الاوكسجين معها، ويبدو أن سيزار لا يترك لوالدته اي خيار، كما لا يتركه لها، جلبتها من ذراعها لتجلسها بجانبها على الكنبة الوفيرة: " أنا هنا لنضع معا النقط على التجهيزات القائمة... سيزار يريد زفافه خلال شهر، و بما أنني أملك إبنا واحدا فأريد الأفضل له..." حماستها كانت زائفة لدرجة مثيرة للشفقة. " افعلي ما تريدينه جورجينا... أثق بذوقك و ذوق أمي، لست مضطرة للتواصل معي افعلي فحسب ما يروق سيزار" " سيزار يصر أن يكون كل شيء بذوقك أنت..." ابتسمت لها " أنه يشعر بالذنب... لذا يريد ارضائك" كانت تنتظر ان ينطلق هذا اللسان السام بطلق السهام المسمومة، استرخت ملامح جورجينا في تعبير متفهم زائف و أمسكت بيدها: " يمكنك اخباري كل شيء... يمكنك حتى البكاء على كتفي، ففي النهاية انت زوجة ابني... " برطمت بإستياء" حمل لوسيا يربك زواجكما أعرف... ذلك الطفل سيربطهما الى الأبد... لا توجد امرأة في الدنيا تتقبل هذا ... كارا... أنا آسفة جدا لهذا الوضع، لكن صدقيني... سيزار يحبك أنت... لا تهمه تلك الفرنسية، عليك المقاومة في سبيل الحفاظ على مكانتك و لا تسمحي لها بأخده منك... لسيما بورقتها الرابحة... " شعرت بالحاجة إلى التراجع لالتقاط أنفاسها و حث نفسها على الهدوء قبل ان تقوم بإقتلاع عينيها الجميلتين، اتت حماتها و بنيتها فتح جراحها للحد الاقصى و ليس للسلام كما ظنت. " خسارة..." تمتمت روبي اقطبت جورجينا جبينها " خسارة ماذا؟" " خسارة ان طبيب تجميلك الذي ينجح بإخفاء اثار السنين على وجهك و عيوبك لا يمكنه اصلاح لسانك و قلبك حماتي..." الابتسامة على وجه والدتها اشعرتها بالرضى بينما حماتها شحب وجهها من الغيض لكنها منحتها رغم ذلك ابتسامة مهذبة " نحن مضطرين للتفاهم من اجل سيزار... أعترف بأنني لا أريدك له، الفكرة تزعجني بشدة" احترمت روبي صراحتها: " ان احتفظت فحسب بسمك لنفسك عزيزتي فسنبقى دوما على اتفاق... احذري... تقرص احيانا الxxxxب نفسها" ثم هبت واقفة" لا تظني انني سأحارب من اجله، انه لا يستحق أي عناء...هو من يريدني جورجينا... هو من قلب الارض دون ان يقعدها كي احمل اسمه، هو من يستعمل حاليا كل مباح و ممنوع كي ابقى زوجته، لم اتكبد العناء الذي تكبدته انت في شبابك كي يتزوجك والده" انتفخت خياشيم جورجينا بينما بدأت عينيها ترسل نيرانا محتدمة وهي تغادر مقعدها لتواجهها بغضب: " ابني يستحق امرأة أفضل منك..." " اقنعيه بالطلاق اذن... انا الأخرى أستحق حماة أفضل منك.." رأت نفسها تحترق وسط الالسن اللهب المتقددة في المقلتين الرماديتين، لكن المرأة عكس كل توقعاتها استرخت فجأة و ابتسمت ابتسامة شاسعة: " افهم الان جنونه بك..." هزت روبي حاجبها، لا تعرف ان كانت تأخد كلامها كمدح أم ذم، و بما أنها تعرف لسان حماتها تفضل أن تبقى حذرة: " ليس لاني اشبه والدته بالتأكيد..." انها محملة بالمرارة الى اعماقها، الحرب بين عقلها قلبها حامية جدا، الشيء الذي لا يمنع حقيقة انها فعليا زوجة سيزار و انه لن يمكنها الهرب للحرية كعادتها، حبها له مدمر و حارق و مستهلك... مشاعرها تستبقيها بجانبه رغم انفها، في كل حياتها لم تشعر بتوهان مماثل،طالما كانت سيدة المواقف و اليوم تجد نفسها هائمة برجل ينتظر طفل من امرأة اخرى. " فلنرى الى متى سيستمر اهتمامه روبي... الكوستانسو ليسوا اوفياء بطبعهم" تلقت روبي الصفعة برحبة صدر و أخذت نفسا بطيئا للسيطرة على غضبها ثم ابتسمت للأفعى الجميلة: "بالتأكيد حماتي، لا أحد يجهل سمعة نساء الكوستانسو " ثم استدارت نحو والدتها" اترك لك حرية اختيار كل ما ترغبينه للزفاف...عن اذنك حماتي، لدي الكثير لأقوم به" * * * كانت تظن بأنهما طرفى نقيض، و اكتشفت بأنه لا يوجد على سطح الارض من يفهمها مثل العرّاب، وحش صقلية ليس سوى بشر طبيعي و يبدو بأنه جعل منها هي ايضا امرأة طبيعية... لا ليست طبيعية، بل مغرمة حتى اظافر اصابع رجليها، و لدهشتها لم يعد هذا الواقع يثير رعبها ابدا، بل يشعرها بالانتماء و السعادة... و مثلما تعودت، ما ان تفكر به حتى يظهر امامها مثل السحر، أحست بأن روحها تغادر جسدها كلما تطلعت نحوه و ملئ عينيها، لا يوجد أفضل من روكو ايميليانو ليرتدي بدلة رجل العمال و تنطق عليه بكل هذه الهالة و هذه السيطرة و السطوة و النفوذ،كان هذا الإغراء خاصًا بالإيطاليين متبلًا بلمسة من الغطرسة التي لا يمكن تعريفها والتي يمكن أن تقاومها القليل من النساء فقط،مثل المعتاد مساعدتها تختفي ما ان يملأ المكتب بحظوره جالت عليه بنظرات قلقة، لكنه يبدو بصحة جيدة جدا. " هل أنت مسافر؟؟" سألته ببعض الخيبة. " نعم يجب أن أذهب الى 'كابري'..." وقفت من وراء لوحة الرسم بينما دار هو حول مكتبها ليمسكها من ذراعها ويجرها نحوه برشاقة، تجده شديد اللياقة لرجل أتى على فتح بطنه لينقذ ابنته.. روكو العظيم المليئ بالمفاجآت، شعرت بقلبها ينتفخ من الفخر و السعادة بينما يأخدها بين ذراعيه ليضمها اليه بقوة فركت انفها في قميصه الفاخرة قبل أن تهز عينيها نحوه. " ظننت بأنك ستذهب بداية الاسبوع و ليس نهايته... انت مريض هل يجب ان اذكرك؟" " انا بخير بريانا و هذا بفضلك انت" دفعت اصابعه خصلات شعرها بعيدا عن وجهها استنشقت بعمق لملء الرئتين برائحته المألوفة جدا، شعور بالسلام غزاها، هذا الرجل مثل بلسم مهدئ" اسمعي... هناك ما اريد طلبه منك" هزت حاجبيها متسائلة، تحاول عدم الاحتكاك به كثيرا كي لا تؤلمه في مكان الغرز: " ما الامر؟" هل يهيئ لها ام انه متوثر؟ تجمدت فجأة مثل المعتاد عندما تشعر بالغموض يلف عقلها... " اريدك ان تنتقلي للعيش مع اسرتي... معي بريانا في قصر الايميليانو.... فلنقل بأنني اقتنعت بكلامك و أنوي ايقاف الحرب مع سابرينا و العودة برفقتك" فتحت شفاهها من الدهشة و شعرت بقلبها يتوقف من شدة المفاجئة، هل سمعت جيدا؟ روكو يطلب منها رسميا العيش معه؟كانت عاجزة عن الكلام لبضع ثوان، عاد الاحساس بالرعب و الرهبة يسيطران عليها،هل يمكن أن ترفض بعد أن ذاقت حلاوته وحساسيته المذهلة؟ هل ستكون على قدر المسؤولية التي يطلبها منها؟؟ ان تقترب من حياته رسميا و أمام شهادة صقلية برمتها ؟ هل ستتمكن العيش بسلام الى أن يأتي اليوم الذي يسأم رفقتها و يخرجها بلباقة من حياته؟ أو أن ترى خيانته تماما مثلما فعل ديميتريس قبله؟ صحيح أن الرجلين مختلفين، لكن ان كان روكو لليوم عازب فبالـاكيد لأنه صعب الرضى و المراس أيضا . " اسمعي 'كارا ميا' لم يسبق لي ان طلبت هذا من إمرأة... انها المرة الأولى... وافقي" نظراته القاتمة حيث يسبح القلق و العزم جلبا يدها إلى قلبها كما لو كانت تريد تهدئة الضربات المجنونة، لا أحد يقول لا للعراب اليس كذلك؟ بما عليها الاجابة بأنها تعشقه لدرجة أن عرضه يخيفها؟ بللت شفاهها الجافة. " نحن نعيش معا منذ بعض الوقت روكو..." " أريدك في حياتي.." " أنا في حياتك... " أغمضت عينيها و التقطت نفسا عميقا قبل أن تفتحهما لتواجهه بجدية" الاقامة هناك لن يغير شيئ مما بيننا.. املك شقتي روكو... محيطي الحميمي ... " التقط وجهها في يده و حملق لها قائلا بجدية عميقة لامست أعماقها: " أريد تقاسم محيطك و حميميتك... أريد أن أستيقظ كل صباح بجانبك" وهي ايضا تريد الاستيقاظ الى جانبه كما آلفت في الاسابيع الأخيرة، تعلمت مع ديميتريس عدم الثقة و الرد على العدوان من خلال العدوان، روكو يخل توازنها،ثم نظرت إليه وهي مستعدة لإعطائه تعليقًا مقنعا ... لكن الآن ، وهي تكتشف وجهه القريب جدا من وجهها، عانت من اضطراب حقيقي لدرجة أنها نسيت ما كانت ستقوله، و لجأ إلى الطريقة التي استخدمها جميع الرجال منذ فجر الوقت لإخضاع النساء المتمردات، أغمضت عينيها بينما يضغط بشفاهه على شفاهها،شفاهه كانت دافئة وناعمة. لكن في نفس الوقت، جريئة ... متطلبة ، ضغطت اكثر عليها، عاقدة العزم على قهرها ، امتلاكها دون قيد أو شرط، فقدت مثل المعتاد الاحساس بمكان تواجدها و ما حولهما و ركزت على الدوار الرائع الذي كانت ضحيته السعيدة و الرائعة. غير قادرة على مقاومة الإغراء لفترة أطول ، انزلقت أصابعها في شعره الكثيف و الناعم، تبعثر تسريحته الصارمة. كانت طريقته لذيذة لازاحة قلقها و دفعها للقبول،كانت أجسادهما ، شفاههما ، وحتى أرواحهما متحدة في وئام تام. أمسك فجأة يديها ليبعدهما عن شعره و غرق في عينيها. "لدي مشكلة في الحفاظ على خصلاتي منضبطة..." ابتسمت ملئ فمها مما دفع شفاهه المزمومة للابتسام بدورها، انفجر الحب في صدرها مثل الألعاب النارية و انتفخ قفصها الصدري سعادة و امتنان...عموما...لا تكفيها الكلمات للتعبير تماما عما تحسه نحوه، الخوف هو كلمة قليلة جدا امام الرعب الذي يتملكها ازاء امكانية فقدانه ذات يوم، روكو رجل كامل... كامل لدرجة فاضحة... ليس من حقها الحصول على انسان مماثل، تشعر و كأنها تتجول بين اللصوص و بين راحتيها ماسة بحجم التفاحة على مرآى الكل... و لا تملك القوة للمقاومة ان قرر أحدهم سرقتها منها. " لا تجيبي الأن... فكري فحسب في عرضي و سنتمم كلامنا عند عودتي" لامس دقنها بإبهامه و سبباته و رفع وجهها نحوه، أظلمت نظراته، لابد أنه رآى تعابير وجهها المشوشة و القلقة.. " بريانا... أنت مهمة جدا بالنسبة لي..." بلعت ريقها بصعوبة: " أنت أيضا" نظراته القاتمة تعكس حيرته أمام نبرتها: " أنت لا تثقي بي..." سمعته يوشوش. " آه بلى..." حتى في مسامعها بدى تأكيدها ضعيفا" أخاف أن تفقد اهتمامك بي فيتحطم قلبي... أنظر الى نفسك روكو... أنظر الي..." قست ملامح وجهه الجميلة و التقت حاجباه في جدية وهو يقول: " على وجه التحديد... أنا أنظر..." وما الذي يراه فيها؟؟ شبح المرأة التي تركها ديميتريس؟؟ المفتقدة تماما لأي ثقة في النفس؟ روكو في قمة أحلام كل امرأة... ستبقى دوما مرتعبة من هذه الحقيقة، اقتربت شفاهه من جبينها و قبلته بحرارة قبل أن ينحني على أدنها: " اجعلي من اسعد الرجال و اقبلي 'كارا'... " " روكو..." اعترضت بصوت أجش. " في حالة الرفض... سأقيم معك في شقتك الصغيرة كي لا أترك لك أدنى حميمية سواي... و صدقيني... أنا جدّي جدا..." عموما هو على الدوام جدي جدا حتى في السرير، ثم أمسك بيدها وطبع قبلة عميقة عليها قبل أن يحررها أخيرا بعد ان اقتحم خلوتهما رئيس حراسه ووقف على بعد ضئيل منهما. " كنت انوي اعداد طبقك المفضل هذه الليلة ..." " أنت طبقي المفضل 'كارا' و لا شيء أشهى منك بنظري... علي الرحيل... سأتصل بك ما ان اصل الى 'كابري'... سأترك 'ماريو' و ' ليوناردو' لحمايتك.. أرجوك اعتتني بنفسك جيدا، وفكري في عرضي." ثم عاد ليقبل يدها و يتأخر على بشرتها للمرة الأخيرة..." أفتقدك سلفا حبيبتي..." شعرت بإحساس وصولها أخيرًا إلى الميناء بعد معاناة طويلة في البحر ،دفعتها إلى اكتشاف مدى قدرتها على فقدان عقلها. ..ما بينهما شيء مجنون ومتمرد ، هذا الجهل الطبيعي الذي لا يقهر والذي اعتقدت أنها فقدته منذ زمن، لقد تلاشت شكوكها وأوجه عدم اليقين بسبب كلماته وقبلته التي تحمل الوعود وشعرت بالحاجة إلى التشبث بالواقع الرائع للاتصال به و عندما لحق بحارسه المخلص سانتياغو ، تولد لها انطباع بأنه أخد معه النور و ترك مكتبها في ظلمة حالكة. " ارجوك اعتني بنفسك و لا تنسى الأدوية..." صرخت بعد ان اغلق الباب خلف الرجلين، لا تعرف ان كان قد سمع ندائها ام لا، ثم بقيت هناك... تنتظر ان يعود ليقبلها للمرة الأخيرة، و ربما تغير ٍرائيه بالرحيل بعيدا عنها. " ياله من رجل..." سمعت تنهيذة باولينا ورائها " في كل حياتي التي قضتها في هذه الجزيرة لم يمنح العرّاب اهتماما لأي امرأة... انه ينظر اليك و كأنك هبطتي من السماء... أنا حقا سعيدة من اجلكما.." لم تجد بما تجيب مساعدتها، الحزن الذي اثقل صدرها بفراقه أقوى من اي تعقيب، عادت لتجلس وراء لوحة الرسم، تتفحص هيكل اليخث الذي يحتاج للمسات الأخيرة كي ينتهي، اختفت الخطوط ليظهر وجهه... كم هذا مؤلم... انه يرحل ليومين، تشعر و كأنها ستموت... وضعت يدها على صدرها تحاول منح نفسها القدر الكافي من الهواء للتنفس بطبيعية و ايضا ابعاد رغبتها العنيفة في الغثيان الذي يتملكها كلما ضاق الوضع بها و شعرت بالتوثر العنيف، لا تعرف في اي جحيم تورطت، اصبحت الحياة بلا معنى بدونه، ماذا سيحذث ان أخرجها يوما فعليا من حياته بعد أن ينتهي اهتمامه بها؟... أعمت دموع القهر عينيها، مجرد التفكير في امكانية مماثلة تعذبها بقسوة، الامر بقسوة فقدانها طفلها، هزت عينين ممتلئتين بالدموع نحو اباب الذي عاد ينفتح مرة اخرى، تجمد الدم في عروقها من المفاجئة بينما ترى رجل حياتها يظهر مجددا و يقصد مكتبها، وقفت بتباطئ في مكانها يتملكها الامل المجنون، تشعر بأنه سيقترح اخدها معه، وهي تموت رغبة للقبول: " لا أريدك أن تعيشي معي لفترة محددة فقط..." سمعته يقول بلهجة حازمة. " هل أنت متأكد؟؟" سألته بصوت هش، الغصة في حلقها و التي تسببت بها دموعها تمنعها من رفع صوتها أكثر. " كما أريدك أن تغلقي هذا المكتب اللعين و تأتي معي فورا الى 'كابري'... لا يمكنني الامتناع عن رؤيتك ليومين... لا يمكنني تحمل عقوبة مماثلة..." كما لو كان جسدها قد فتح لقسمين وغزت محيط من المشاعر بعد أن غمرتها سعادة طافحة، شعرت فجأة وكأنها خرجت من جسدها وترى نفسها من الخارج، قطعت المسافة الصغيرة لتلقي نفسها بين ذراعيه، ضحكت من خلال دموعها بينما تسمعه يسأل بجديته المعتادة وهو يمسد على شعرها: " هل هذا يعني بأنك موافقة؟" " بأي شأن؟؟ فقد وضعتني أمام الكثير من الاقتراحات؟؟" " 'كابري'..؟" " موافقة... سوف اغلق المحل اللعين و أتبعك أيها العرّاب..." لمعت عيناه بشدة مثل حجر أسود كريم و بانت الراحة على ملامح وجهه: " هل ترغبين بتقاسم نفس السرير معي أيضا في الايام القادمة؟؟" هزت راسها بالايجاب: " ان كنت تتقبل رؤية شعري المشعث كل صباح و عيوني المنتفخة فلا مانع لدي..." أقطب وهو يلامس وجهها ببعض الاجلال: " أحب شعرك و عيونك المنتفخة... لا تأخدي شيئا من ثيابك... سنشتري كل شيء من كابري، هيا بنا فقد تأخرنا..." قبل أن تعترض وجه اهتمامه لباولينا التي كانت تتطلع اليه بفم فاغر من الدهشة، و كأنها أمام رجل جديد لا تعرفه: " هل يمكنك الاهتمام بالمكتب لبقية النهار؟؟ " " بالتأكيد سيدي..." تلعثمت الصقلية الصغيرة و احمر وجهها بشدة. " رائع... ستحصلين مني شخصيا على مكافأة.." و عندما اشبك أصابعهما و جرها خلفه، شعرت و كأنها تطير على سحابة وردية، بأنها أحسنت صنعا بالموافقة، عموما غدا بداية نهاية الاسبوع، و لا تنوي مطلقا البقاء بعيدة عن الرجل الذي صار جزءا لا يتجزأ منها.. كان الأمر مخيفًا تقريبًا أن يكون لديك مثل هذه المشاعر الشديدة و الرغبة القوية نحو رجل مماثل. * * * ابتسمت ديامانتي بطبيعية للجميلة صاحبة العينين الخضراوين الشبيهتين جدا بنظرات الكونت أندريس و الوسيم جدا جوشوا، في هذه اللحظة شراستها منعكسة على ملامح وجهها الكاملة، تعترف بأن أناقتها تدير الرؤوس، شيء من الهبة الطبيعية تملكه هذه المرأة لا يوجد في نساء اخريات، ربما هذا ما جعل الأمير يتزوجها، تعرف داركو جيدا كي تفهم بأنه لم يبع حريته الغالية من اجل نيكولاي. " 'بوناسيرا ' فلورانس..." بادرتها بالايطالية. " مالذي تفعلينه هنا؟" الصوت الجليدي للجميلة لم يربكها، لأنها توقعت هذا الهجوم و اتت مستعدة له. " أتيت لرؤيتك..." بدت الدهشة في النظرات الياقوتية المتلألئة تماما مثل المجوهرات الجميلة المعروضة تحت ضغط حراسة مهيب. " مازلت متهورة كما حسبتك ديامانتي..." هل كان هناك بعض التقدير في الكلمات الباردة؟ جوردان القلق من نبرة فلورانس و الذي من الواضح لايفهم كلمة ايطالية واحدة تدخل: " أنا دعوتها ان كان هذا ما يزعجك..." استدارت الجميلة نحوه و تلألأت غرتها السوداء تحت انوار الثرايا. " هل تعرف بأنها متزوجة من أشد الرجال سلطة و قوة في اليونان؟؟ متى ستكبر جوردان؟ تعشق التعقيدات و الصحافة ستبحث عن كل ما يخصها لنصبح معا سخرية منهاتن و العالم للأشهر القادمة... الزوجة السابقة و الحالية للأمير فالكوني في افتتاح معرض الحلي السنوي..." فقهت ديامانتي لخطورة الوضع، نسيت تماما هذا بينما تندفع وراء فكرة رؤية فلورانس، لا خبرة لها بالميديا. " اهدئي baby" وكان كيفن، رأته يحيط خصرها بذراعه و يحط شفاهه على بشرة كتفها السمراء، اقطبت ديامانتي لهذا التقارب الحميمي، فلورانس تجهل ما يمكن ان يفعه داركو امام مشهد مماثل هذا الوسيم سيجد نفسه مبثور الأطراف و في حفرة منسية من أراضي المكسيس المنسية. " اريد مكالمتك" قالت بهدوء " تعالي معي" زمجرت الجميلة صاحبة العينين الخضراوين وهي تشق طريقها بين الحشوذ. تجاهلت كل العيون المركزة عليها و تبعت الحورية السمراء التي كانت أكثر ثقة منها، فلورانس تنتمي الى هذا العالم الغريب، ولدت ابنة أشد المغنيات شهرة في العالم، تشبه السمكة التي تسبح بطبيعية في مياه المحيط بينما هي تحاول فحسب التظاهر بأنها تتنفس بحرية على سطح المياه التي تهدد ببلعها و انها معتادة على هذا النوع من الاهتمام الذي يمنحها اياه كل رجل في هذه الصالة الفسيحة، و مثل المعتاد، نظرات النساء قاسية و متجردة من الرحمة. " ديامانتي... هل تعرفين على الأقل من هما جوردان و كيفن غراي الذين وصلتي متأبطة ذراعيهما وسط الفكوك المفترسة لأبشع ميديا في العالم؟؟؟ سيسحقونك منذ الغد..." سمعت فلور تقول بعد أن دخلت الى المقصورة و أغلقت الباب خلفهما. " زواجي على المحك..." رأت ملامح وجهها تتشنج بينما الشحوب يتسلل الى وجهها، فجأة انفتح باب في عقلها جعلها تهتف بقوة: " لم يعد يهمني داركو... أحب نيوس، أحبه بشدة أريد أن أنهي هذه الحرب القائمة بين الرجلين و الحفاظ على أسرتي..." صمتت فلور، بقيت فحسب تتفحصها، تقيم كلامها... " كان هذا كلامك ذلك اليوم فلور... تريدين الحفاظ على زواجك أيضا، أعرف بأنه يحبك" هزت فلور حاجبها: " كيف تعرفين بأنه يحبني؟ بأنه لم ينساك حقا؟" " أعرف داركو كفاية لأستخلص بأنه لم يكن مدفوعا فحسب بمصلحة ابنه ليمنحك اسمه..." التعاسة تسللت الى النظرات الخضراء: " لقد جن بك في الماضي..." ضربها هذا الترتيل مثل مطرقة ثقيلة وسط رأسها: " كما جننت أنا به نعم..." اعترفت ديامانتي بهدوء وهي تتقدم منها:" لم أمنح فرصة لزواجنا... لم نستهلك زواجنا يوما، فكري فلورانس... لو أحبني داركو حقا لما خانني معك و مع غيرك خلال زواجنا... لما خنته أنا مع نيوس ووقعت في حبه... أعماه جمالي كما أعمتني وسامته و نفوذه و سلطته و شخصيته، لكننا لم نكن يوما على وفاق حقيقي... نملك شخصيتين مختلفتين جدا... أنت تشبهينه... تناسبينه أكثر، و داركو... سعيد معك... رأيت صوركما في عدة مناسبات... انه يحبك فلور أؤكد لك." " هل أتيتي لتخبريني بأنك لا تنوين العودة لحياتنا ان فشل زواجك؟؟" " بل لأنني أحتاج مساعدتك لأنقاذ زواجي..." الألم مزق كلماتها الأخيرة:" عرفت مؤخرا بأن نيوس دخل بإسمي و اسم ابني في مشروع بالملايير يترأسه المخيف جدا روكو ايميليانو... " " مشروع أغريجينتو نعم... كما سبق و نبهتك و ترددت بوضع حد لنيوس... روكو ايميليانو يبتلع كل ما يقف أمام مصالحه " " لم يمكني الوقوف بوجه رجل مجروح الفؤاد، سبق و أخبرتك في جنازة جدتك ما فعله بي داركو و ما فعله بنيوس... هذا الأخير مهووس بفكرة ادفاعه الثمن و تدميره... حتى أنه فضل وضع مسافة بيننا كي لا أتدخل في شؤونه... زواجي على المحك، لا أريد فقدان زوجي أنا أحبه" رغما عنها أعمت الدموع عينيها، كم تكره نيوس لهذا العذاب الذي ينخرها. " أنا السبب في كل الأدى الذي يحصل... اتخدت قرارات خاطئة و تصرفت بسذاجة منذ البداية... لا ألوم داركو على ما فعل فقد استحققت قصاصه، كان سخرية الميديا الايطالية لاشهر بسببي، كما أنني لا ألوم تصرفات نيوس، فقد هربت منه هو الأخر و اخفيت عنه حملي و تركت للأمير فرصة استغلاله و بيعه ابنه بمناجم سردينيا... " قرأت التعاطف في النظرات الخضراء، دنت منها فجأة فلورانس و عكس كل توقعاتها أخدتها بين ذراعيها: " نيوس غبي جدا كي لا ينتبه كم تحبينه..." " انه يعرف... لكنه عاجز عن مسامحتي..." تنهذت فلور بعمق و ابتعدت عنها لتنظر الى عينيها: " مالذي يجب أن أفعله لمساعدتك؟؟" " لوقف النزيف يجب العودة للمصدر... " أمسكت بيد فلور و تحسست خاتم زواجها الرائع:" أريد لقاء الأمير..." " لا..." " فلورانس...." " لا..." صرخت بها و هي تبعد يدها عنها، صوتها الباريتون بلهجات العسل أصبح حاد كما الصلب:" أستطيع التعاقد شخصيا مع الشيطان لايجاد كل الحلول الممكنة لمساعدتك... أرفض أن تقتربي من زوجي... انه كل ما أملك و ان حصل و فقدته سأموت هل تفهمين؟" " نعم أفهم..." وشوشت ديامانتي برقة:" لم تفهمي شيئا مما أخبرتك به اذن؟؟ داركو لا يهمني..." " افضل الإبتعاد عن المخاطر..." " ثقي بي..." " لا اثق حتى في نفسي عندما يتعلق الأمر به... " مررت يدها على جبينها بعصبية قبل أن تعود لمواجهتها:" ربما هو لا يهمك... لكن أجهل ما ستكون ردة فعل مشاعره ان رآك مجددا... قد يغرم بك و ينسى حتى وجودي... لا يمكنني المغامرة بزواجي و قبله قلبي... " ابتسمت ديامانتي بحزن: " أنا لست غريمتك..." " آه بلى... أنت فاثنة و تديرين الرؤوس اينما مررتي و كنت متزوجة من الرجل الذي انام حاليا في سريره و احمل اسمه، لا يمكنني مصادقتك و نفاقك، أعترف بأنك تثقلين على كاهل زواجي، بأنك ستبقين دوما ضمن المخاطر المحلقة في الأفق..." ضمت ذراعيها اليها، تشعر فجأة بالبرد من الكلمات الصريحة جدا. " انه محظوظ بك..." " كما أن نيوس محظوظ بك..." قالت فلور بصوت ميكانيكي" اسمعي ديامانتي، غدا ستجدين نفسك في كل الصحف، ستصبحين طريدة الصحافة الأكثر شهية على الإطلاق، انها فرصتك لإثارة غير نيوس، فرصتك لتغيير حياتك و الاعتماد على شهرة جوردان و كيفن للوصول الى أهذاف أخرى، ستلمعين ديامانتي، أعدك الا تكون حياتك مجددا كما كانت، وجهك يستحق التلفزيون، يستحق أن يستمتع به المشاهدون، لكن احذري نظرات جوردان... انه مغرم بك، لا تظني بأنه سيتركك تعودين لنيوس بهذه السهولة" " لم أمنحه أي وعود..." " بل منحته عندما تركته يقودك الى هنا و الظهور علنا معه... " هزت رأسها و قررت قول ما يحرق شفاهها: " ان كنت تحبين حقا داركو و تهتمين لزواجك فإخرجي كيفن من حياتك... الأمير غيور جدا، متملك جدا، يفقد كل منطق عندما يتعلق الأمر بما يحب... دعي يدي صديقك بعيدا عنك قبل أن يستغل المشهد أي صحفي يبحث عن الشهرة مقابل نشر الوباء في حياتك..." * * * اوقفت روبي سيارتها المستأجرة امام الفيلا الفرنسية التصميم في ارياف روما، الفيلا انيقة جدا مع مصاريع حمراء ودرابزين من الحديد المطاوع تهاجمها نبات البوغانفيليا ، حيث كانت العوارض الخشبية الداكنة تقف أمام السقف الأبيض مع القرميد الاحمر،وأبواب و شرفات فرنسية تفتح على حديقة غناء و بركة سباحة مسيجة... لاحظت روبي و هي تدفع باب الحديقة الرائعة، المكان يتنفس الثراء، يمكنها رؤية نقود زوجها في كل مكان، ضربت على الباب الداخلي للفيلا وماهي الا لحظات حتى ظهرت صاحبته، بدت الدهشة على وجهها بينما تتعرف على هوية زائرتها. " روبي؟؟" تجاهلت روبي النظر الى البطن المكورة أمامها، تجاهلت العذاب الذي هاجم صدرها و مزق أحشائها في هذه اللحظة صححت لها ببرود. " سيدة كوستانسو...لن تكون زيارتي طويلة ..." دون انتظار اذنها دفعتها للدخول الى الصالون حيث نار مرحبة تتراقص في قلب مدفئة حجرية، سمعت صوت الباب يغلق خلفها، عادت تتأمل المكان بعين ناقضة قبل ان تعود لتركز بهما على لوسيا وبطنها المنتفخة، هذه الأخيرة وضعت يدها على بطنها بحركة متملكة و حامية بينما نظراتها قلقة و بشرتها شاحبة. " مالذي أتى بك؟؟" " هل هذا طفل حقا من سيزار؟؟ " سألتها بصوت هادئ:" ان كانت فحسب خطة لسلبه ثروة فأنا مستعدة لمنحك كل النقود التي تريدينها و أن تختفي مع طفلك للأبد..." استرخت ملامح لوسيا: " تعتقدين بأنني كنت لأغامر لو لم أكن متأكده بأنه ابنه؟؟" " لن يتركني سيزار من أجلك أو حتى من أجله... " " أعرف بأنه يحبك كثيرا... " اعترفت لوسيا مما أشعرها بالرضى و الاكتفاء الأنثوي:" لكنني أنا من سيمنحه وريثا و ليس أنت..." " لن أتأخر بمنحه طفلا لوسيا... طفلك سيبقى فحسب لقيط الكوستانسو... فكري فحسب في عرضي، ان كان هناك أي شك بأن هذا الحمل ليس من سيزار ففكري فيما سيفعله بعد أن تأتي نتيجة التحاليل سلبية، ساضمن لك حياة مريحة شرط أن تختفي ... سيزار زوجي أنا" " ان كنت متأكدة وواثقة من زوجك و منك لما تأتين لترددين هذا الكلام على مسامعي؟؟" " لأنني أخاف عن سمعته... " ردت روبي بسرعة كي لا تترك كلمات غريمتها بالتأثير على العزيمة القوية التي أتت بها الى هنا، أخدت بطاقة من حقيبة يدها و أعطتها اياها:" ان خفت ان يتم اكتشافك قريبا و كنت أكثر ذكاءا يمكنك الاتصال بي كي نتوصل الى حل ... سأعمل على ارضائك... " " هذا الطفل ابن سيزار..." تمتمت لوسيا، مشتعلة من الغضب..." لا تظني بانني سأبقى مكتوفة اليدين بينما يتركني و ابني على الحياد، نعم هو يحبك، اخبرني بهذا الهوس نحوك، كل شيء سينقضي ما ان يضع عيناه على طفلي، سيكون من السهل استذراجه في كل مرة لرؤية ابنه و سيضجر من امرأة أنانية مثلك... و سأبدأ فورا بتسويد صورتك أمامه...." رأتها تتقدم فجأة من الصالون الجميل و تحمل المزهرية من الطاولة الزجاجية لتهشمها فجأة و ينفجر الزجاج الى ألف شضية، الصوت كان عاليا لدرجة اخترق المكان الهادئ بقسوة. " مالذي تفعلينه؟؟" صرخت بها روبي مندهشة. " أنت قمتي بالاعتداء علي بسبب غيرتك..." شرحت لها لوسيا بغضب وهي تتابع الهجوم بشراسة على محتويات منزلها الجميلة:" تركت كل شيء وراء ظهري من اجله، لن تحبي سيزار كما أحبه..." تتعجب لقوة امرأة حامل ببطن مكورة في اظهار كل هذه الشراسة في هجوم ناري على كل ما يسقط تحت يدها، ارتدت للوراء عندما انهت غريمتها قلب صالونها رأسها على عقب. " عيبي أنني لم أرث اسمك العريق... سيزار كان سعيد معي قبل أن تظهري مثل اللعنة في حياته..." "اوقفي هستيريتك، هذا لن يفيدك بشيء و سيضر بحملك" "و من يهتم بمجيئه في النهاية؟" صرخت بها من خلال دموعها" والدي لم يهتم مطلقا لأمري و هجر حبيبته ما ان عرف بأمر حملها، لا اريد لإبني ان يعيش ما عشته، اريده مع والده، بين اسرته" الكلمات لامستها رغما عنها، كان من الأفضل كبح جماحها كما تحاول احتواء رغبتها المتزايدة بالهروب من هنا، كان ترنيم لوسيا مقلقا كما هو الحال لمياه بحيرة هادئة خارجيا غاضبة جوهرا، ماذا تنتظر من سيزار؟ و لما أتت؟؟ كي تبرهن لنفسها بأنها افضل من المسكينة التي رماها هنا و ينتظر فحسب ان تلد ليأخد طفله منها؟ذهب الحب مع المعاناة والغضب والحجج وخيبة الأمل وبكل صدق هي لا تعرف ما إذا كانت سعادتهما لديها أساس متين حتى قبل اكتشاف حمل لوسيا. صوت خطوات أخرجها من هذيانها، لوسيا سلكت السلم الحديدي الحلزوني الشكل لتهجم على التمثال الرخامي في أعلاه، انها عاصفة مدوية و لا تعرف كيف ستوقف هجومها. " أوقفي هذا... لن يصدق سيزار بأنني وراء كل هذه الفوضى.. سوف أرحل و أتركك بسلام..." " ترحلين؟؟لم يبدأ العرض بعد.." ابتعدت روبي وهي ترى برعب التمثال يهوي من فوق الى تحت و يحذث ضجة عنيفة ترددت في أعماقها، من اين تجد هذه المرأة القوة لتحريك هذه الأشياء؟؟ رأتها تقبض بالحديد المشكل للسلم و تنحني الى الأمام لترمقها بنظرات نارية. " ففي النهاية سيكون لزيارتك بعض الفائدة..." ثم تركت مكانها و منحتها ظهرها، لا تعرف روبي بالضبط ما حصل، قدم لوسيا ارتطمت بالطاولة الصغيرة التي عليها مزهرية ورود حمراء وفقدت توازنها، رأتها برعب تتشبث بالشرشف الذي لم يتحمل ثقلها و تركها تنزلق مثل دمية الشيفون على الدرجات الحديدية، أحست روبي و كأنها تعيش كابوس حقيقي، صرخت ملئ رئتيها بإسمها و ركضت نحوها لمساعدتها، وصلت في الوقت نفسه التي تكورت فيه المرأة في أسفل الدرج بدون حراك. " لوسيا..." جلست على ركبتيها بجانبها تهزها من كتفيها..." لوسيا... أرجوك ردّي" كان لديها حساب كبير جدا من الأخطاء بحاجة للتكفير، لا تريد ان يزيدها هذا، ضميرها لن يتحمل وزرها أيضا، وضعت رأس المرأة على ركبتها، للحظة بدت تجاهد لالتقاط انفاسها ثم ببطئ فتحت عينيها لتنظر اليها. " لا تتحركي... سأتصل بالإسعاف..." بيد مرتجفة أخرجت الهاتف من جيب سترتها و ادارت الرقم، كان قلبها يخفق بسرعة لدرجة أنها كانت تجاهذ لسماع صوت محاورها في الطرف الثاني، بعد قليل كانت قد أعطت العنوان للاسعاف. " لا تغلقي عينيك..." صرخت روبي بيأس بينما تراها تنسحب ببطئ الى الاوعي..." لوسيا... ابقي يقظة... أخبريني أين مكان الألم؟؟" لكنها لا ترغب بالتعاون، سبت ولعنت قرارها بالمجيئ، هي فقط المتسببة في هذه المصيبة، بسببها فقدت لوسيا رشدها و معه توزانها ، أدارت رقم شقيقتها في أمريكا، لحسن حظها ردت هذه الأخيرة قبل أن تيأس من ردها.. " روبي؟؟ " " ساعديني ديامانتي... أنت ممرضة، لقد... أنا برفقة امرأة حامل، فقدت توازنها في الدرج و فقدت وعيها، مالذي يجب ان أفعله؟؟" كان صوتها مهتز لدرجة أنها شكت بوضوح كلماتها، صلت من قلبها الا تطرح توأمها الكثير من الأسئلة، تجاهلت صوت الهمهمات حول هذه الأخيرة، الوقت متأخر في لوس انجلس و من الواضح أن توأمها في سهرة خارج البيت. " هل اتصلتي بالاسعاف؟؟" سألتها توأمها التي و من الواضح أنها ابتعدت عن الجموع حولها لتختلي بنفسها في مكان ما. " نعم فعلت... سيأخدون وقتا ليصلوا... أفكر بأخدها بنفسي الى المستشفى..." " اياكي و لمسها..." نبهتها ديامانتي:" من الممكن أنها كسّرت أحد عظامها و من الخطر تعريضها سلفا للأذى... هل تتنفس؟؟ ضعي أصابعك على رقبتها و تحسسي نبضها و قارنيه بالثواني على ساعة يدك..." تجمعت الدموع في عينيها: " لا أعرف كيف يتم الأمر... المرأة ستموت..." " لن تموت..." همست لها برقة:" ضعي أصابعك على وريدها ... هل هناك نبض؟؟" فعلت ما أمرته بها، النبض هنا نعم، ليس بطيئا و لا سريعا. " كيف كان الوقوع روبي؟؟ هل سقطت على بطنها؟" حاولت استعادة مشهد سقوطها المريع، تظن بأن الدرجات الحديدية أصابتها في كل مكان، ساقيها الجميليتين متورمتين بشدة، و جرح عميق في جبينها، وضعت يدها على مكان الجرح لتوقف نزيفه، عادت تلعن نفسها و تلومها... لوسيا ليست سوى ضحية الوضع مثلها تماما، لما أتت اليها؟ بحق الجحيم من أين أتتها الفكرة اللعينة؟؟ لا بد أنها زيارة جورجينا... أرادت أن تتأكد بأنها في أمان أمام عشيقة زوجها السابقة. " روبي..." عادت توأمها في الطرف الأخر:" هل هناك نزيف؟؟ تفقديها عزيزتي..." عادت لوسيا لفتح عينيها، يدها على بطنها و تئن من الألم، تركت رأسها بحذر توشوش لها برقة: " لا تخافي سيكون كل شيء على مايرام.." تفقدت ساقيها قبل أن تدفع ثنورة فستان حملها فوق فخديها لتتفقد ملابسها الداخلية، هزت رأسها وهي تشعر بالهواء ينسحب من رئتيها: " ديامانتي...تسرب السائل الأمينوسي..." " هل هناك نزيف مهبلي؟؟" سألتها بإصرار. " نعم... انها تنزف، و يبدو أنها تعاني من ألم شديد في البطن أيضا... لا تتوقف عن الأنين" " هل الطفل يتحرك..؟؟" " كيف لي أن أعرف..." صرخت روبي بيأس وهي تقفز على قدميها و تبتعد عن المرأة لتبحث عن الحمام" انا لست طبيبة... و الاسعاف تتأخر بالمجيء..." " روبي...الوقوع على البطن في وقت متأخر من الحمل، يؤدي ذلك إلى مضاعفات خطيرة" وضعت يدها على فمها لتمنع شهقة، بسببها نزل حملها و يبدو أن سيزار سيفقد طفله بسببها ايضا، لا يمكنها تحمل مصيبة اخرى، ستموت، وجدت أخيرا الحمام و التقطة كومة من المناشف قبل أن تعود الى الصالون. " من هي تلك المرأة؟؟" " ماضي سيزار... " قالت بينما الدموع تنزلق على وجهها:" ماضيه اللعين..." جلست مجددا على ركبتيها تضع المناشف أمامها وقد نسيت لما أتت بها، ثم تذكرت بأنه عليها حبس نزيف جبينها ووضعها تحت ساقيها و رأسها. " هل أنت جادة؟؟ " " اتمنى فقط لو كان الموضوع برمته مزحة..." انتحبت روبي من قلبها وهي تلوي بضع مناشف لتضعها تحت رأس لوسيا:" أنا آسفة...." لا تعرف لمن تعتذر بالضبط، لها، لسيزار، لنفسها، للمريضة، عندما سمعت ضجة في مدخل الفيلا أدركت بأن الاسعاف هنا. " لقد وصلوا... سأكلمك لاحقا" تم الاهتمام سريعا جدا بلوسيا التي عادت الى غيبوبتها، أخبرت المسعفون تفاصيل ما حذث قبل أن يتم نقلها بأسرع الطرق، المروحية لم تتأخر بالحط على مقربة من الفيلا، بينما تقصد بسيارتها المستشفى التي يُفترض استقبال المريضة ترددت كثيرا قبل الاتصال بزوجها، هذا الأخير بدى متفاجئا لإتصالها، منذ بعض الوقت لا تدق مطلقا هاتفه، هو من يتصل بها. " هناك مصيبة..." تمتمت بغصة قبل أن تركن سيارتها جانبا. " ما الأمر؟؟ هل أنت بخير؟؟ روبي هل أنت بخير أجيبيني..." القلق في صوته أشعرها بالذنب، لا تعرف من أين ستبدأ. " أنا بخير... لكن لوسيا... لوسيا تعرضت لحاذث و هي في المستشفى..." عم الصمت، سمعت سكرتيرته تستعجله، يبدو أنه قطع اجتماعه ليجيبها. " سيزار..." " مالذي تصنعينه في روما بحق الجحيم؟؟ " انفجر فجأة مثل البركان:" مالذي أخدك لبيتها... مالذي فعلته بها؟؟" أحست بالدم يتجمد في عروقها لهذا الإتهام: " لم أفعل لها شيء، أتيت لرؤيتها فحسب، بدأت فجأة بتكسير كل شيء وفقدت توازنها و سقطت من السلالم... ثم... ألو... سيزار... ألو" لم يجبها سوى الفراغ، سيزار أغلق الخط في أنفها، أغمضت عينيها كي تنزلق مجددا الدموع على وجنتيها الشاحبتين، بغباء أقامت قضبان قفصها بنفسها، بشكل أو بآخر هي المسؤولة عما حذث للوسيا، و ان حذث شيء للطفل فلن يسامحها سيزار لبقية حياتها، كما أنها لن تسامح نفسها أبدا. * * * كان الوقت متأخر وهي لم تتمكن من النوم، منذ مغادرتها لشقة اليساندرو و سكنها بمفردها لا تجد حقا السلوى المطلوبة، لم يعد بعد رئيسها للشركة، تعرف بأنه غادر التايلاند و ان عملية صوفي و العرّاب مرت على خير، بأنه حاليا في الصين و سيعود الأحد. انها تعيش على أمل رؤيته سريعا، تعترف بأنها تفتقده بشدة، الشقة التي اشتراها خوسيه رائعة جدا و تليق بشخصيتها، وصيها شديد السخاء معها، كل طلبياتها وصلتها جاهزة، تعترف بأنها محظوظة ماديا، و بأنه يفعل جهذه لإسعادها، الغريب أنها لا تشعر بالسعادة. بينما تُفرغ غرفة الضيوف في شقة اليساندرو، ليس الانتصار ما داعبها بل الفراغ، كانت تريد بأي طريقة الهروب من مغناطسيته و من حبه الذي يتآكلها، و لم تربحها سوى المرارة و الفراغ، خوسي حقق رغبتها الكبيرة، و هذا لا يريحها... انها تفتقد محيطه. في المطبخ العصري حضرت شرا ب الحليب بالشكولا و عادت الى الصالون لتتكور تحت البطانية الصغيرة و تداعب فرو القط الأسود الصغير الذي أتت على تبنيه، لم تقاوم سحره في متجر الحيوانات، و لم تطرح الكثير من الأسئلة على كيفية التعامل مع كائن حي تحت سقف بيتها، لن يمكنها العيش بدون رفيق، قط مناسب جدا لها... تنهدت بينما كومة الفرو تحك انفها بها سعيدة بعودتها. " هل أنت جائعة؟؟" سألتها بنعومة، قبل أن تهز هذه الأخيرة عيناها الزرقاوين نحوها" هل تظنين بأنني صرت في خانة الفتيات اليائسات اللواتي يتبنين الحيوانات بعد فشلهن بالحصول على حبيب؟؟" نفخت على كوب الحليب و التقطت جهاز التحكم عن بعد لتغير قناة التلفزيون، المحطة الثالثة أثارت اهتمامها، تعرفت فورا على الحسناء الرائعة وسط الفستان المبهر، تبتسم ملئ فمها للصحفين. " يالهذا الجمال... " تمتمت دانيلا لقطتها التي فضلت النوم في حجرها" زوجة الأمير أشد شهرة مما ظننت... بعض الناس ينجحون في مهنهم كما في حياتهم الخاصة الا تظنين؟؟ انظري اليها... انها تلمع أكثر من الأضواء المزينة مدخل المتحف..." عادت المديعة لتذكر شأن فلورانس ريتشي فالكوني العالي في عالم الحلي العالمي، ثم اشارت الى قرابتها بالمغنية فرجينيا ديكاتريس، و تحذتث عن ابداعاتها الكثيرة قبل أن تُذكر المشاهدين بقيمة زوجها الصقلي. " غريب الا يظهر معها في مناسبة مماثلة... أم أنه هو الأخر شبيه جدا بروكو ايميليانو و لا يفكر سوى في نفسه؟؟" القطة لا تعير كلامها اهتماما، تنهذت و أتممت شرابها بصمت، بدأت حقا تفقد رشدها بالتحذث الى حيوان و كأنه انسان، مرت العديدي من وجوه أنيقة و مختلفة على التلفزيون، يبدو أن المهرجان دو أهمية كبيرة جدا في المدينة، من بين المدعوين هناك أيضا بعض السياسين و الفنانين مثل 'كيفن غراي' المبهر الذي ظهر مع امرأة تخطف الأنفاس بجمالها، يبدو أنه نسي سريعا بيانكا فالكوني، لو كانت صوفي بصحة جيدة لإستمتعت بهذه التغييرات في حياة النجوم، انها تعشق بشدة أخبار المشاهير. ارتفع صوت المديعة حماسيا { آلفنا رؤية فلورانس ريتشي و لعوب السنما الامريكية 'كيفن غراي' معا طيلة سنوات، و يبدو أن هذا الأخير كسر القاعدة و لم يقاوم سحر هذه المخلوقة الغير معقول التي تتأبط ذراعه و ذراع شقيقه الأكبر جوردان غراي الذي لا يظهر عادة مع نسائه، من هي هذه المرأة؟؟} أقطبت دانيلا، انها تعرفها، لكن لا تعرف أين؟؟ قفزت من مكانها عندما رن جرس الهاتف و انتزعها من أحلامها، ضغطت على جهاز التحكم من بعد لتغلق التلفزيون قبل أن تحمل هاتفها النقال و تسرع ضربات قلبها بإكتشاف اسم رئيسها، عدّت حتى ثلاثة لتهدء من اضطراب أنفاسها و تجيب: " بوناسيرا اليساندرو..." " أين أنت؟؟ لما لست في شقتي؟؟" هاجمها بصوت منزعج و غاضب للغاية. أغمضت عينيها، كان يُفترض أن يعود نهاية الأسبوع و ليس بدايته. " اليساندرو.." " أين أنت؟؟" جاء صوته أكثر تهديدا هذه المرة. فركت جبينها بعصبية. " خوسيه اشترى لي شقة... لا يرى مناسبا عيشي مع رجل عازب..." عم الصمت من الجهة الأخرى، بدى لها و كأنه يحاول السيطرة على هيجانه، لما هو غاضب؟؟ هل ظن بأنها تتسكع في شوارع منهاتن؟ أو أنه يتم الاعتداء عليها مجددا من قبل بعض الوحوش الأدمية. " أعطيني عنوانك..." "لا..." " دانيلا..." عادت رنته للارتفاع مجددا:" لا تجبريني على الإتصال بخوسيه أو حتى ايجادك بطرقي..." الساعة متأخرة، لم يريد رؤيتها بأي ثمن؟ كي يتأكد بأنها لا تكذب؟ بأنها بخير؟؟ تنهذت بإنزعاج، لاتريده ان يترك مجددا أثره في هذا المكان، لكنها تعرف ان قرر الاتصال بوصيها و اخباره عن تصرفها الا مسؤول مؤخرا فسيندم على دفعها للاستقرار بمفردها و قد يجبرها على العودة الى مدريد. " أنا على بعد شارع منك، فيUpper East Side" من دون أن تعطي انطباعًا عن المبالغة في خيارات خوسيه و ذوقه الخارج عن المألوف ، لكن المكان واحد من أكثر المناطق ثراءً في مانهاتن ، حيث نجد المشاهير والأشخاص ذوي النفوذ ، الذين استقروا في منازلهم بعد الحرب ، وفرض القصور والشقق خارجا عن المألوف، لا يهم الثمن وصيّها، يفعل ما يرضيها دوما. " أنا قادم..." ثم أغلق الخط، بقيت تحملق للهاتف للحظات قبل أن تفهم بأن منظرها منظر طفلة الرابعة عشر وسط بيجاما قطنية و خفين صوفين، أبعدت عنها اللحاف و تسببت بإزعاج قطتها التي لا يبدو بأنها سعيدة بإخراجها من نومها، ركضت الى الحمام و اكتشفت بالفعل طفلة صغيرة بخدود محمرة و عينان بندقيتين لامعتين و شعر في تسريحة مريبة يهرب في كل الاتجاهات، تركت الحمام وقصدت غرفتها كي تحتار أمام كل الفساتين الرائعة التي دفع ثمنها خوسيه في زيارته الأخيرة، أقطبت مفكرة، ان هيأت نفسها فسيجشع هذا اليساندرو و قد يتأخر عندها، ان استقبلته بالبيجاما و مظهر مزر لطفلة صغيرة فسيفقد اهتمامه و يتركها و شأنها، زفرت بإنزعاج و خرجت من خزانة ملابسها و أغلقت الأنوار، أحيانا تجد من السهل التأقلم مع طبع خوسيه الناري على تحمل مزاج اليساندرو المتقلب، منحت بعض الاهتمام لكومة شعرها وجمعتها عشوائيا فوق رأسها قبل أن تعود للصالون و تأخد القطة بين ذراعيها. " ما رأيك بالقليل من الكروكيت؟؟" من الأفضل أن تشغل تفكيرها قبل أن يصل الوسيم ليمتحن مجددا مشاعرها. لكن توثرها تخطى حد المعقول بسبب انتظارها، وعندما ترددت النغمة الناعمة لجرس الباب كانت تقضم أضافرها عصبية، أرسلت له المصعد و انتظرت بقلة صبر أن يظهر أمامها، قررت العيش في الظل ، هذا هو خيارها ، الاحتماء من حبها لإليساندرو، حب من طرف واحد...تطلب الأمر لدانيلا بعض الأنفاس العميقة لتهدئة نفسها ووضع بعض المسافة بينها و بين قلبها الابله. " اهدئي دانيلا... ففي النهاية... انه مجرد رجل" وأي رجل بحق السماء، تمتم قلبها في قفصها الصدري بينما تنفتح أبواب المصعد الخاص على شقتها و يظهر شقيق العرّاب الأصغر، بغض النظر عن عينيه الزرقاوين الشفافتين فالرجلين متشابهين بشكل صارخ. تراجعت خطوة الى الوراء بينما قلبها يضرب بسرعة مئة ضربة في الثانية، كان مثيرًا لدرجة أنه من الخطورة الاقتراب منه دون درع واقي،كان وهج عينيه لا يقاوم ، جاهدت لفهم ما وراء نظراته، علاوة على ذلك ، كان جميل لدرجة فاضحة. " مرحبا اليساندرو..." اختارت قطتها هذه اللحظة لتحتك برجليها، انحنت لتأخدها بين ذراعيها:" أقدم لك 'كاث'... مثل ' كاث وامان' في فلم 'باتمان'... بما أنني أملك الرجل الخفاش في حياتي يسرع دوما لإنقادي من المصائب... رأيت من المستحسن تبني قطة..." بالرغم من التعبير المهدد و الخطر على وجهه لم يمنع نفسه من التعليق بتسلية: " هل هي متهورة مثلك؟؟" " لا أحبسها كي تتمرد..." دنى منها ووضع يده عى رأس القطة الناعم يتحسس فروها:" ظننت بأنك ستعود الأحد؟؟..." " تم الغاء الاجتماعات ... هل يمكنني الحصول على بعض القهوة؟؟" هزت رأسها بالايجاب وحررت القطة قبل أن تتوجه الى المطبخ، الوسيم الصقلي على أعقابها، كانت تشعر بنظراته عليها و هذا يقود عصبيتها الى أعلى السلم، أين تضع القهوة؟ هي لا تشربها أبدا، اشترتها في حال أن تتلقى زيارة خوسيه الذي يحبها، فتحت الجوارير قبل أن تتذكر بأنها وضعتها في الخزانة العلوية ، وقفت على أصابع قدميها، لكن اليساندرو الذي لا يحتاج لأي مجهوذ فتح باب الخزانة و أخرج علبة القهوة ليمنحها اياها. " شكرا..." لامست أصابعه و بدون وعي منها تراجعت بحدة الى الخلف و كأنها تعرضت لصعقة كهربائية بألف وات، انفلتث علبة القهوة و انقدها فارسها في اللحظة الأخيرة. " هل أجعلك متوثرة داني؟" كانت نبرته معسولة... معسولة و خطرة، هزت عينيها اليه، و شعرت بالتعاسة أمام كل هذه الوسامة التي أمامها، شعرت بالتعاسة لأنه لن يكون يوما لها. " لا نزور الناس في وقت متأخر اليساندرو..." " انها العاشرة... لم أكن لأزعجك لو لم أكن مدركا لميولك للسهر الى خطوط الأولى من الفجر..." أخدت منه القهوة بحركة جافة متجاهلة سهامه الجاحدة، و وضعت الأقراص في ماكينة القهوة مانحة اياه ضهرها ببيجامتها القطنية المتفقدة لأي نوع من أنواع الاغراء. " اذن خوسيه مرّ عليك في منهاتن؟؟" شعرت بالراحة لتغيره الموضوع: " أتى ليقوم بدور الوصي فحسب..." " بشراء شقة في أرقى المناطق في نيويورك؟؟ هل ستبقين معمية طويلا عن الحب الذي يحمله لك؟؟" استدارت نحوه و عيناها تلمعان بشدة: " انه موهوب في استعمال دفتر شيكاته فحسب... صدقني لا علاقة للحب بالموضوع... يحب قيادة اللعبة، و أن يبرهن لي بأنني ورغم بإبتعادي لا يمكنني الاعتماد على نفسي بقدر ما اعتمد عليه هو... " " اذن فقد حان الوقت لنصحح له ظنونه... أنت من أبرز الموظفين في 'سكاي'...." " هذا لطف منك..." " أنا لا أجاملك..." هزت عينيها الى السماء. " أنت لا تجامل أحد دون ايميليانو..." " أنا صريح جدا ، أجدك موظفة متميزة كما أجد فكرة عيشك بمفردك غبية" فتحت شفاهها لترد، الغضب الذي اندفع الى صدرها منع عنها الكلام، ما تريده هو القفز على وجهه لتمزيق هذه الوسامة التي تفقدها رشدها. " وصيي يجدها فكرة جيدة، و هو بمفرده من يملك حق اتخاد قرار ما يجوز او لا يجوز، و برأيه فكرة العيش معك أغبى ما قمت به" جعد أنفه الجميل قليلا ثم ابتسم ، وكشف عن وميض من الأسنان البيضاء في وجه برونزي ، والتي ألهمتها بمزيد من الأفكار الحسية: تلك الأسنان الذئبية ، تلك الشفاه الثابتة والمتحركة .. هل خمن تأثيره عليها؟ احمرت خجلا عندما نظر إليها: " سيغير رأيه ما أن يعرف بأن طفلته الجميلة كادت أن تكون ضحية اغتصاب..." لما يريد بكل ثمن تضييق الحصار عليها؟ " أفضل أن يتم اغتصابي جماعيا على فكرة العودة للعيش معك تحت سقف واحد..." كان كلامها صادقا لدرجة أن وجهه اكفهر و ضاقت عيناه، ماكينة القهوة توقفت و فاح عطر السائل اللذيذ في المكان، لكنها لم تستدر و تمنحه ظهرها، لا يمكنها الابتعاد عن مراقبته و الهرب ان قرر القفز عن عنقها لخنقها. " اثيرك لهذه الدرجة؟" لم تتوقع هذا السؤال، اليساندرو المؤذب و اللطيف و العاقل لا يستعمل معها مطلقا كلمات مماثلة، تكهنت انه ينوي اذلالها او تحجيمها ، نوع من الابتسامة اللعوبة بانت على وجهه بملامحها الصخرية. " أنت جبانة..." تصريحه انبعث من صوت حلقه مثير للغاية. " بل أنت الجبان اليساندرو..." تمتمت متجاهلة الحرارة التي غزت بطنها و لونت خديها:" تتجاهل ما يحذث بيننا منذ لقائنا الأول في حمام غرفتك بصقلية..." " بأنني منجذب اليك جنسيا؟ هذا صحيح... " صدمة اعترافه كان أقوى من صدمة جرأة كلماته، لم يتبقى شيئا من العاقل جدا اليساندرو ايميليانو، من أمامها -بلاي بوي - متمرس و موهوب، طالما استفزته بكل الطرق كي يخرج من وراء ذرعه الحديدي و يعاملها كإمرأة و ليس محمية خوسيه مارتينيز العتيدة، و بينما تتحقق المعجزة تشعر بأنها مهتزة مشاعريا. " لا أحلم بخاتم الزواج ان كان هذا ما يبعدك..." " ما يبعدني هو احترامي لدون مارتينيز... لا يمكنني استغلال ثقته و النوم مع صغيرته" دنى منها أكثر الى ان شعرت بأنفاسه على وجهها، انزلقت نظراتها على شفاهه الرجولية المغرية، كان قلبها يضرب بسرعة بينما تتلهف ليحط أخيرا فمه عليها و يقبلها الى أن تشبع هذا الجوع الذي يتآكلها منذ مدة، لكنه اكتفى بمد يده الى آلة القهوة و التقاط فنجانه. " لا ينتظر مني خوسيه أن أبقى عذراء الى آخر أيام حياتي..." فقهت لغبائها متأخرة. "vergine; dio mio سبب آخر لأضع المحيط بيننا "رأته يبلع قهوته على عجل ويبتعد عنها و كأنها مصابة بالجدري.." أنا لست الرجل المناسب لك دانيلا..." قال لها و كأن ينوي الاعتذار على تخيبه أملها، هذا زادها فحسب غضبا و احباطا. " استمر بالإختباء وراء أعذارك السخيفة..."صرخت به بينما يخرج من المطبخ و يخترق الصالون مثل الصاروخ، يبدو بأنه توقف حتى على سماع كلامها:" أنت سافل اليساندرو... " توقف و استدار يواجهها بنظرات ممتلئة بالغضب: " سافل لأنني أريد الحفاظ عليك؟؟..." هذا الرجل كامل لدرجة أنه من المستحيل عدم الاعجاب به... من المستحيل عيش أمل تقاسم حميمية حقيقية معه. " اذهب الى الجحيم مع أفكارك الصقلية القديمة... لا أريدك أن تتزوجني... أريد فحسب أن تكون مرتي الأولى مع رجل يثيرني بشدة... علاقة عابرة بدون أي التزامات..." لكنه لا ينوي سماع كلامها، مطلقا لم ترى رجل عنيد مثله. " تجرأ مرة ثانية و اتهمني بالجبن اليساندرو ايميليانو... "لكنه شق طريقه نحو المصعد " أكرهك..." لم يأخد عناء الرد عليها او حتى الاستدارة نحوها، ابتلعه المصعد و تركها بمفردها تتخبط في خيبة و غضب و استياء. * * * رغم كل جهوذه في الوصول سريعا الى روما الا أنه يجد نفسه أمام ساعتين شاقتين منذ اتصال روبي المربك له، خاط عقله الكثير من التكهنات و الاسئلة الواردة، يعرف زوجته جيدا ليتكهن جرأتها بالذهاب للتعرف على المرأة التي يُفترض أنها تحمل طفله، لقد تواصل مع الطاقم الطبي للأسف لم يمكنه الوصول لشيء مادام لا يملك أي قرابة مع المريضة، أخبروه فقط بأنها في العناية الفائقة و بأنه مجبر على المجيئ بنفسه للحصول على معلومات إضافية. وجد زوجته في الرواق المؤدي الى العناية المركزة، متسمرة على كرسي مثل ثمتال رخامي، وجهها شاحب و عينيها متورمتين، الغريب أنه رغم مظهرها البائس تشع جمالا، و يشعر بأنه يذوب في حبها في كل حالاتها، هزت عينيها الحمراوين نحوه ما ان شعرت بوجوده، وقفت ببطئ، تمسح يديها المتعرقتين في بنطالها الجنزي، تدويرة صدرها الجميلة تهتز بسرعة تبرز عصبيتها.. كيف يعقل ان يتبخر دوما غضبه ما ان تسقط نظراته عليها؟ هذا الضعف نحوها سيبقى لغزامُحيرا، كيف يعقل ان نحب شخصا أكثر من الحب نفسه؟ كيف يمكنه أن يكرهها جدا و أن يشعر بأنه يعيش فقط بوجودها؟هذه الرغبة الغريبة و الدائمة المتلألئة فيه وعلى وشك الانفجار لا تناسب ظروف تواجدهما، انه هنا لأن أم طفله في العناية المركزة، و زوجته كانت معها خلال الحاذث و يجهل التفاصيل. " هل تملكين أخبار؟؟" سألها بصوت جليدي. " لا شيء على الإطلاق..." بالكاد وصل اليه صوتها. " مالذي حصل بالضبط؟" رآها تلوي اصابعها بعصبية، تتجاهل النظر الى عينيه: " كان يجب أن أراها، أن أرى بطنها ... لم أرغب بإيذائها صدقني، الفضول دفعني لإتخاذ قرار خاطئ..." أخيرا هزت عينيها اليه، البركة الفيروزية لعينيها غارقتين في الدموع، التعاسة في عمقهما مزقت روحه:" الفضول... و الغيرة" هل يمكن أن يتواجد فوق سطح الأرض انسان بأنانيته؟ هذه الحقيقة ضربته مثل تسونامي عاتية، لقد أجبرها على تحمل الوضع لأنه يرفض قطعا بعدها عن حياته، الأن يرى الأمور بشكل مختلف، يحبها لدرجة أنه بصدد اتعاسها، أي حب مريض هذا؟؟. " لم أكن طيبة معها، استعملت بضع كلمات استفزتها كي تفقد كليا رشدها و تبدأ بتحطيم كل ما يسقط تحت يدها، حاولت تهدئتها، وعدتها بالرحيل، ثم... ثم ..." وضعت يدها على صدرها و كأنها تحاول التقاط أنفاسها:" صعدت السلم و القت التمثال بوحشية، فقدت توازنها و سقطت من الدرج... حاولت مساعدتها لكنني وصلت في اللحظة الاخيرة، عندما تكومت اسفل الدرج " اغمض سيزار عينيه، يحاول عدم تخيل منظر لوسيا ببطنها المكورة فريسة قسوة الدرجات الحديدية . " أنا آسفة..." فتح عينيه ليواجه نظراتها: " لا يهمني اعتذارك... لم يكفيك قتل الطفل الأول تنوين التخلص الثاني؟؟" ليس فخورا بقسوته، لكنه يفضلها على ان يقطع المسافة و يأخدها بين ذراعيه، رآها تشحب شحوب الأموات و تنكمش على نفسها لحد الاختفاء . " مالذي اردت اثباته بالضبط؟؟ التسبب بالمصائب لوضع العواقب أمام زفافنا؟؟ روبي سيفيرانو أنت حرة تماما بالرحيل و الاختفاء من حياتي، ان حذث شيء لذلك الطفل فلن اسامحك..." أشاح بنظراته عليها بينما تمر ممرضة من جانبهما، استوقفها على عجل: " كيف هو وضع لوسيا بيير؟ أنا والد طفلها..." لم تشأ الممرضة بالكلام و نصحته فحسب بتبعها، تجاهل روبي تماما و تبع الممرضة التي قادته الى جناح مستقل حيث مكتب الطبيب المشرف على مايبدو. " أتى الفريق على الانتهاء من العملية... لن يتأخر الجراح بالمجيئ..." مرر أصابعه بعصبية بين خصلات شعره، أخطأ منذ البداية بشد الخناق على روبي، و أخطأ بإستبزازها عند عودتها، فكر فحسب في نفسه و لم يرى بأنها تنفجر بسبب الوضع، ليس من حقه اجبارها على تقبل ابنه، لقد وعدها بالسعادة الأبدية و لم يتسبب كليهما سوى بإتعاس الأخر، بالرغم من كل الحب الذي يحمله لها، عليه تحريرها، ضغط على صدغيه، يشعر بأن رأسه سينفجر لمجرد التفكير في تركها ترحل مجددا، يحمل تدفق الكلمات المريرة التي تهدد بالانفجار ، ثمرة كل الإحباط الذي لم يتمكن أبدًا من التعبير عنه ، تلك الكلمات التي لم يرغب في اسماعها اياها، كيف سيعيش بعيدا عنها بحق الجحيم؟؟ لكنه يجد نفسه أمام حقيقة أنانيته المريبة... لقد أحبها بصدق... يُحبها بصدق، يحبها كما لم يحب إمرأة في كل حياته و كما لن يحب إمرأة، يحب نضارتها ، لطفها ، جانبها المثير ومعتقداتها الباطنيه، ابتسامتها مثل أشعة الشمس بعد العاصفة، و كأنها أرسلت إلى الأرض لوضعه على المحك، الأمور انقلبت للأسوء، خذلا بعضهما، وفقد السيطرة على الوضع... ان كانت لوسيا في المستشفي فليس بسبب روبي بل بسببه هو... فكر في عذابه الخاص و تناسى نوع الجحيم الذي تعيشه هي أمام حقيقة وجود لوسيا في حياتهما. " دون كوستانسو؟" استدار نحو الرجل النحيل الذي دخل المكتب، حاول فك رموز ملامحه المنقبظة بدون جدوى " كيف حال لوسيا؟؟" " كسور في ذراعها اليسرى، و كاحلها، و صدمة في الرأس..." رمش سيزار عينيه لعدة مرات: " و الطفل؟؟" " قمنا بعملية قيصرية فورية ..." قاطعه سيزار ببعض الحد و الاستعجال: " هل هو بخير؟..." " الجنين ناله الضرر أنا آسف..." * * * اقامة المارتينيز تشبه قصور القصص الشرقية، و كلما صادف و نزلت في ضيافة العائلة كلما أحست بيانكا بأنها في عطلة حقيقية، هذا المكان دافئ و رائع بشكل لا يصدق، أمضت يومها بالتنقل و الاستجمام و تركت سيسيليا تدللها ما شائت كما هي عادتها، للاسف أن جدتها ليست بلطف و روعة والدة خوسيه، لم تلتقي أصدقاء والدها، التحق بهما داركو الى مؤسسة خوسيه في قلب مدريد بينما أخدها هي السائق الى بيت مستضيفيهما، كانت الشمس تداعب الأفق عندما طلبت منها سيسيليا احتساء الشاي في الشرفة المزخرفة المطلة على البانوراما البهية. " أخبرتني جدتك بأنك تدرسين في لندن..." حطت بيانكا عينيها القاتمتين على و جه المرأة الذي ترك الزمن أثاره عليه، هذا الموضوع مريب، يذكرها فحسب بحماقتها بخيانة اليخادرو، نعم هي خانته، خانت ثقته و أذلته علنا، بالرغم من أنها مجرد قبلة غبية مع حبيبها السابق، دافيد لا ينوي الاستسلام على ما يبدو، لا يتوقف عن الاتصال و الكتابة اليها، يريد فرصة أخيرة، يقسم لها بأن كل شيء سيكون مختلفا هذه المرة، بأنه تغير، يقسم الا يخيب أملها مجددا، ينهي دوما رسائله ب أحبك. " هذا صحيح... هناك عطلة أسبوع، استغلها مع والدي..." ابتسمت سيسيليا و اشارت للمرأتين الواقفتين مثل الثماثيل على بعد قليل من طاولتهما، دنت منها المرأة باللباس الرسمي للخدم و انحنت عليها بينما همست لها العجوز بشيء، و لراحتها غادرت المرأتين المكان، الوضع مختلف جدا عند المارتينيز، سيسليا تعشق البروتوكولات. " لا تشعرين بالكثير من الغيرة من زوجة والدك؟" ابتسمت بيانكا: " رباه... أبدا... انها رائعة جدا معي، يسعدني رؤية داركو مستقر أخيرا و سعيد..." تنهذت العجوز ببعض الدراما، و تكهنت بيانكا بأنه حان موعد تذمرها المعتاد من عزوبية ابنها التي تثقل كاهلها: " كم أتمنى رؤية خوسيه متزوجا و مستقرا أيضا... " " سيفعل عندما يجد الحب..." يبدو أن كلامها يسلي العجوز التي التقطت فنجان البورسلان الأنيق و قرّبته من شفاهها معلقة بتهكم: " صغيرتي، هذا الكلام يليق برجل في العشرين من عمره، ما يلزم ابني هو امرأة مستعدة للحمل فورا منه و منحنا وريثا.." " سيسي... لن يمكنك اجباره، خوسيه اكثر الرجال تحررا و عنادا التقيتهم في حياتي، كلما ضغطتي عليه كلما ازداد تجبرا.. و ما لاحظته أنه يحب النساء ايضا، و معها حريته الغالية..." " مثل والده..." زمجرت العجوز ببعض الاشمئزاز. " مثل كل رجل وسيم جدا و ثري و يملك مكانة مرموقة في المجتمع، المغريات متوفرة بكثرة حولهم، انهم مدللون جدا نسائيا، لما اذن يمنح نفسه لإمرأة و احدة بينما يستطيع الحصول على كل جديد يظهر في الساحة؟؟" كلامها ذكرها بأليخاندرو، هو ايضا ضمن مجموعة أصدقاء داركو، يتمتع بنفس الامتيازات، لكنه يحبها هي فقط، وهي خذلته بشدة. " والدك تزوج من امرأة يزن اسمها ذهبا، سيزار حذو حذوه، روكو مخطوب من وريثة يونانية، لم يتبقى سوى خوسيه..." " و اليخاندرو..." صححت لها بيانكا. " اليخاندرو مغرم... سيتزوج حبيبه ما ان تسنح له الفرصة... انه شاب رائع جدا، لا أعرف ما يصنعه مع رفيق سوء مثل خوسيه" رغما عنها ضحكت لهذا الحكم القاسي، سيسليا رائعة جدا، انها مختلفة تماما عن جدتها التي لا تتقبل أبدا اليخاندرو في حياة ابنها، بالنسبة اليها لا يمكلك اسما اذن فهو بلا عنوان رغم كل نجاحه و ثرائه. " أحب خوسيه..." " شكرا لك عزيزتي..." أتى صوت خوسيه من ورائها مما جعلها تنتفظ و تتلون خداها، استرخت سيسيليا في مكانها بينما غادرت هي مقعدها لتجد الرجال الثلاث بكل بهائهم، و كأنهم مجموعة فرسان خرجوا رأسا من فلم سينمائي، رغم التوثر الذي اصابها و زعزع ثقتها تمكنت من رفع عينيها نحو اليخاندرو، من خلال ملامح وجهه تتكهن جهله التام بتواجدها في المكان. " هل كان هذا اعترافا بالحب؟؟" سألها خوسيه وهو يقترب ليقبل وجنتيها. " انه كذلك..." ردت بيانكا ضاحكة بتوثر. أحاط كتفيها بذراعه قبل أن يستدير نحو والدها: " هل يمكنني أخدها؟؟" " أنت آخر رجل يمكنني منحه إبنتي... أبعد يديك عنها..." زمجر والدها وهو يحررها منه مما دفع خوسيه للانفجار في الضحك، قبلت وجنة داركو الذي دفعها نحو اليخاندرو و الذي لا يشارك أحد تسليته، يبدو حقا مشمئزا من الوضع برمته، لا يحب فكرة تواجدها في نفس المكان. " مرحبا اليخاندرو..." عادة يقبل وجنتها، يفعل معها تماما ما فعله خوسيه قبل لحظة، الشيء الذي تغير برمته، علاقتهما العفوية اختفت منذ ان اعترف لها بحبه. " بيانكا..." هز رأسه مرحبا قبل ان يبعد اهتمامه عليها و يتقدم من سيسليا ليحيها بحرارة. بلعت خيبتها و حزنها و حاولت التصرف بطبيعية أمام الجدار الجليدي الذي أقيم بينهما بسبب حماقتها، هزت عينيها نحو والدها ووجدته يحملق لها ببعض الاصرار، غريب كيف يكون اتصالهما سريعا، داركو حساس جدا اتجاهها، كما كان اليخاندرو ذات يوم، فأفسدت كل شيء، تمتمت تحاول اخفاء غصتها المؤلمة: " سأذهب الى غرفتي كي أستعد للعشاء..." " سوف أرافقك..." اقترح والدها وهو يحيط خصرها بحركة حمائية منحتها كل الدعم:" عن اذنكم..." لحسن حظها لم يفتح داركو فمه بكلمة بشأن البرود بينها و بين اليخاندرو، لقد آلف رؤيتهما أقرب الأصدقاء، الثنائي الأكثر حرارة و الأكثر تواطئ على الإطلاق. " هل اتصلت بفلورانس؟؟" سألته أمام باب غرفتها. " الوقت متأخر جدا هناك... لابد أنها في سريرها، لكنني رأيت ما نشر في الجرائد الالكترونية... لم يروقني فستانها، انه مكشوف جدا و لا يترك شيئ للخيال" تنهذت بيانكا: " زوجتك جميلة جدا و تدير الرؤوس، و فستانها رائع و لم يكن أقل احتشام مما ترتديه عادة عندما تكون معك، صدقني لو كنت أملك جسد مماثل لما ترددت بإرتداء تحفة مماثلة... ما لا أفهمه، هو وجود ديامانتي في المكان..." بان الامتعاض على وجهه: " أظنها وجدت سريعا بديل نيوس ليونيداس..." " لا تكن ظالما أيها الأمير... انها نجمة حقيقية و تستحق تلك الأضواء التي سُلطت عليها... لا شيء لدي ضد زوجتك السابقة، انها رائعة و طيبة جدا، و أنت كنت سافلا و متدني من الرحمة و ما فعلته بها لا يُغتفر..." " هل أستحق يوما أن تدافعي عني مثلما تفعلين مع اعدائي؟" سألها متهكما. " رغم كل مساؤك أعشقك من قلبي... لحسن حظي أنني ورتث محاسنك فقط و جنبني الله جيناتك الشريرة" ابتسم داركو بتسلية و أخدها بين ذراعيه القويتين، تركت نفسها مثل المعتاد بين الأحضان الأكثر أمانا، يمكنها البقاء هنا الى الأبد. " أحبك أبي..." " عندما تستعملين كلمة أبي ترعبينني... أعرف بأنك حزينة" وشوش لها في أدنها قبل أن يُبعدها عنه ليتطلع في عينيها:" طفلتي يمكنها الثقة بي و إخباري كل ما يحزنها... أعترف بأنني أملك طباعا سيئة للغاية و احيانا أتسرع في غضبي لكنني متفهم في كل ما يتعلق بك..." هزت رأسها و حاولت الابتسام بلا جدوى، الطابق الشاسع يضم غرف نوم الضيوف سمعت وقع خطوات على السلالم الرخامية و ظهر فجأة اليخاندرو، امتلأت عينيها بالدموع بينما تراه يحط عليهما تلك النظرة التي تشبه مرور أحد المارة على غرباء في الشارع و يتوجه نحو غرفته الفاصلة عنها ببابين عملاقين. " مالذي يحذث بينكما؟؟" سألها داركو. " أظنه غاضب من الفيديو..." تمتمت بيانكا :" هو الذي أهدر مخزون نصائحه و أنا خذلته... انه قلق على أن يعيد دافيد فتح جراحي " " غاضب لدرجة تجاهلك؟؟" " انا صديقة سيئة..." قالت بإبتسامة حزينة:" أنا سيئة أبي... " " لا تقولي هذا..." " انها الحقيقة... نلتقي خلال العشاء..." دون أن تترك له الفرصة أغلقت الباب خلفها. * * * " كيف حالها؟؟" سألت روبي ما ان ظهر أخيرا سيزار في الرواق الذي أمضت فيه ساعات طويلة من الجحيم، حط عليها تلك النظرة الباردة التي صارت تعتادها، انه يكرهها، لا يمكنه أن يكرهها أكثر مما تكره هي نفسها في هذه اللحظة، كلماته القسية تتردد مثل الجحيم في رأسها{ الم يكفيكي قتل الطفل الأول تنوين التخلص من الثاني؟؟}. " لقد اجرو عملية قيصرية..." قاطعته مستعجلة: " هل الطفل بخير؟؟" انها تكره مماطلته، تعرف بأنه سيقذفها بقنبلة غير متوقعة، لا تريده ان يفقد طفله بسبب زيارتها الغبية للوسيا. " انه في إنعاش حذيثي الولادة، يملك صعوبة شديدة في التنفس بسبب رئتيه الغير مكتملتي النمو، يقول الطبيب بأن بقائه حيا معجزة ربانية، سقوط لوسيا كان قويا جدا..." خليط من المشاعر اجتاحها مثل الزلزال، سيزار يتكلم عن الطفل على اساس انه دكر، يتكلم بعاطفة أب حذيث العهد، الغيرة ليست وقتها المناسب، لكنها تتمزق من العذاب ...عليها ان تحمد الله لأنه لم يمت. " و لوسيا..؟" " بعض الكسور و صدمة رأس... انها في غيبوبة اصطناعية لتفادي الألام الجسدية.." نظر مباشرة في عينيها و قال :" بما أنك تعرفين الأخبار أخيرا يمكنك إخلاء المكان الأن، عودي الى صقلية أو حتى سافري الى أمريكا بقائك لم يعد مهما..." أخد قراره بإبعادها عن حياته، عندما أخبرها بهذا عند وصوله أعادت كلماته للضرف الصعب، لكنه يبدو حقا عازما على انهاء كل شيء، في أعماقها تعرف بأنه الحل الأمثل، لكنها تشعر بعذاب حيوان تم ربط قوائمه الأربعة بسيارات و يتم جره في كل الاتجاهات الى أن يتمزق. " أرسلي أوراق الطلاق... سأقوم بتوقيعها..." دنت منه، تحاول شرح موقفها قبل أن ترحل كما يطلب منها، لكنه ابتعد كي يحط عليها نظرات ممتلئة بالضغينة: " اختفي من حياتي روبي..." أغمضت عينيها، يالها من كلمات قاسية، صعبة التقبل، عاد الى مخيلتها رش العشب مع الزهور البرية ، ورائحة الهواء الدافئ ، البانوراما الخلابة لجزر العذراء ، والسفن التي تبدو وكأنها تنجرف مثل قوارب الأشباح على سطح البحر الأزرق، سيزار ممدد بجانبها على الرمال الذهبية، اصابعهما متشابكة، ينظر اليها بتلك الابتسامة اللعوبة للبلاي بوي الف سحر النساء، وقعت في حبه هناك، ثم تزوجته في تلك الكنيسة الصغيرة، في حميمية بالغة، وعدته بالاخلاص للأبد، ووعدها بالحب و الحماية، ثم غرقت في هذيان أنانيتها، و ذات قرار دمرت كل شيء جميل بينها و بين الرجل الوحيد الذي أحبها حقا و منحها من السعادة ما سيكفيها طيلة حياتها البائسة من دونه،فتحت ببطء جفونها ورأت اندفاع العواطف في وجهه، تعرف بأنه مثلها في هذه اللحظة، تعرف بأنه مجنون بها كما هي مجنونة به، بأن هذا القرار الصائب يمزقه كما يمزقها، لكن على طريقيهما الافتراق، سيزار محق... لن يمكنها تحمل وجود تلك المرأة بينهما. " أحبك سيزار..." هذه المرة عندما اقتربت منه لم يبتعد، وضعت يديها على كتفيه وجبينها على جبينه، تشعر بملمسه للمرة الأخيرة، رأت وميضًا قصيرًا من الارتياح يمر في ملامحه ، ولم يكن ذلك ثمرة خيالها، انه سعيد بهذا اللقاء الجسدي، ابعد يدها عن كتفه و اشبك اصابعهما،عدد لا يحصى من الأحاسيس حلقت في ذراعها ، مشعة في جميع أنحائها، كانت من القوة بحيث أغلقت عينيها للحظة على أمل وقف الرغبة التي أغرقتها. اعتادت على ممارسة سحرها عليه و سحره عليها، كل ذلك الكشف عن الجانب الاستبدادي في حبهما لبعضهما، كل شيء انتهى لأن الماضي يقف بينهما، أمسك بدقنها ليجبرها على فتح عينيها، انزلقت الدموع على وجنتيها الشاحبتين، التقطها بإبهمه وقبل جبينها المشتعل مهمها و كأنه يرفض الالتقاء بنظراتها: " أنا أيضا أحبك حبيبتي... لكن الظروف لن تسمح بإستمرار هذا الزواج، أرفض رؤيتك تعانين بسبب ابني و لوسيا... ارحلي روبي ولا تعودين حتى و ان طلبت منك العودة" * * * العشاء مرّ في جو ثقيل، مجددا القت سيسليا بمخاوفها من المستقبل بسبب عزوف ابنها عن الزواج مما أثار حفيظة هذا الأخير، كان اليخاندرو يحاول تجاهل النظر الى الأميرة الصغيرة المتوهجة في فستان أنيق، شعر بالرّاحة العارمة بعد انتهاء الوجبة اللذيذة، مطلقا لم يتوقع مرافقة هذه الأخيرة لداركو الى هنا، هو الذي كان مرتاحا لهذا السفر كي يهرب من صقلية و من ضغط وجودها تحت نفس السماء؟ " نشرب القهوة في المكتب؟؟" اقتراح خوسيه مثل الفرج الذي نزل من السماء. هذا الأخير ينوي ايضا الهرب من اصرار والدته على ما يبدو، وقف تماما مثل الجميع، كان ينوي سبق اصدقائه الى المكتب لكنه و كما آلف يتوجب هليه تقبيل يد سيسيليا مثل ابن بار بوالدته و يتمنى لها ليلة سعيدة. " اليخاندرو..." اعترضت بيانكا طريقه و منعته من الابتعاد بإتجاه الرجلين اللذين توقفا بدورهما يتطلعان نحوهما بفضول و ترقب. " هل ترغب بالتنزه قليلا معي؟" هيا اليخاندرو، تعدّر بأي عذر و ابتعد عنها قدر الإمكان. " كان ليسعدني... لكن لدينا بعض العمل لإجتماع الغد..." " لا شيء عاجل أيها الصغير..." تدخل خوسيه..." نحن سنطلع على التقارير... اليس كذلك داركو؟؟" هز الأمير رأسه موافقا: " هذا صحيح، لا شيء عاجل يمكنك التأخر ما شئت... نزهة موفقة" لابد ان الأمير انتبه للنظرة القاتلة التي وجهها الى خوسيه، مطلقا لم تتملكه يوما رغبة عنيفة في لوي عنقه كما اللحظة، فيما يحشر نفسه بحق الجحيم؟. " سأجلب شالي اذن..." تمتمت بيانكا، محبطة بعدم تحمسه لمرافقتها. عندما استدار كان الرجلين قد اختفيا تماما من المكان كالسحر، الكل يتعمد دفعهما نحو بعضهما، داركو يتكبد عناء جلبها معه ايضا، هز عينيه الى السماء قبل أن يغادر الشرفة بإتجاه الردهة الخارجية التي تقود الى الحديقة الغنّاء و الشاسعة للمبنى الشرقي، كان الجو دافئ في الخارج، بيانكا ليست بحاجة لتغطية نفسها من الهواء البارد، أم أنها بحاجة للحماية منه كما هو منها؟؟ الجحيم ما عاشه منذ أن أرسلت له صوفي الفيديو مع عبارة متهكمة، انه لا يلومها، صوفي أخدت أساليب والدها في التجريح، كما انه كان بحاجة لصفعة قوية كي تخرجه من هذيانه المحموم، بيانكا ما تزال مغرمة بدافيد... و ما عليه سوى تركها و شأنها لعيش حبها بسلام. " أنا جاهزة..." استدار نحوها، كانت مشعة مثل المعتاد، الشال الأصفر يعزز لون بشرتها الذهبي و شعرها المتموج الحالك يحيط ظهرها ووجهها، انها رمز الجمال الصقلي، في الماضي، كان ليمنحها ذراعه كي تتأبطها و يقومان بنزهتهما، لكنه اللحظة يهرب بيديه منها كي يضعهما في جيوب بنطاله، بدأ المشي نحو الحديقة الاسبانية العربية التي توفر المكان الأناقة والهدوء مع قنواتها وبركها والنوافيرها و شلالاتها، الأضواء المنخفضة تمنح المكان هالة بعيدة عن الواقع. " هذا المكان رائع..." سمع بيانكا تقول بصوت منخفظ، و كأنها تخشى أن تكسر روعة ما يحيطهما. لم يجبها، أبقى نظراته أمامه، خياشيمه تلتقط الروائح المختلفة للنباتات الكثيرة المنتشرة من حولهما، بعد دقائق من الصمت، قررت فجأة الكلام. " أدين لك بالإعتذار..." " أنا من يدين لك بالإعتدار..." أجابها بسرعة وهو يقف أمامها ليتمكن من النظر مباشرة في عينيها، القمر منحها هالة الحوريات، بيانكا امرأة فائقة الجمال" استغليت هشاشة مشاعرك... منذ البداية كنت أعرف بأن قلبك معه... انسي ما حذث بيننا و أحبيه ما تشائين... ففي النهاية، تهمني سعادتك" رغم العتمة ميز العذاب الذي ارتسم على وجهها وتوهجت نظراتها مثل النار. " أنسى ما حذث بيننا؟؟" لما يشعر مع نبرتها المصدومة و كأنه هو من قام بحرجها و اذلال قلبها و ليس العكس؟؟ لقد رآى الطريقة التي بادلت بها قبلة دافيد، قبلة مليئة بالرغبة و الشغف، مجرد التفكير بها يشعره بالغثيان، النسيم المحمل بالرائحة الحسية لجسدها التي تذكّره بزهور المغنوليا،كان رد فعل الغريزة الجنسية بليغًا لدرجة أنه عبس و ابتعد عنها، لا يمكنه البقاء معها طويلا، لا يمكنه ان يستسلم لهذا الضعف الذي يتآكله كلما وجد في محيطها: " ربما تجديني عتيق الطراز أو مثير للسخرية ، لكنني أعتقد أن الحب يجب أن يلعب دورًا ، بغض النظر عن نتيجة العلاقة... على الرغم من أنني أعلم أنه لا يمكنك الحصول على ضمان ؛ أنا لا أعيش على سحابة صغيرة... نعم أحبك، لكنك تحبين رجل أخر... انسي كل ما يتعلق بمشاعري و سأظل صديقك..." بدأت عيناها تلمعان بشدة تتأهب لموجة من البكاء، دقنها الصغير يهتز ببعض الحدة: " هل فقدتك؟؟" " لم تكوني لي يوما بيانكا... دافيد بيننا منذ البداية، أحببت تغليف الواجهة فحسب و عيش الحلم الذي شغفني... " " لكنني لم أعد أحبه..." صرخت به فجأة بغضب:" و أرفض أن تنهي ما بيننا لأنني غبية جدا و ساذجة..." " لم ترغبي بنشر خبر علاقتنا لأنك تؤمنين داخليا بأن مكاني ليس معك..." قاطعته بيأس: " بل لأنني أخاف ردة فعل داركو..." " كما لم تخشينها بينما تقبلي بشغف دافيد ريتشي؟؟" سألها بصوت جليدي:" اسمعي بيانكا... لقد اتخدت قراري و انتهى الموضوع، لن نعود لبعضنا... يمكنك عيش حبك مع ذلك الرجل بسلام، أنا أتنحى كليا من حياتك..." عم الصمت، لا يقطعه سوى صوت تنفسها السريع، بقيت تحملق اليه بمزيج من اليأس و الحزن، لكنه ظل صامدا، لن يمكنه التراجع، ذلك الفيديو جرحه بشدة. " فلنعد الى الداخل..." " لا تتحمل البقاء معي؟..." تمتمت بصوت منخفظ. " بيانكا..." جاء صوته تعبا. " مالذي يجب أن أفعله لتصحيح الأمر؟ أرفض فقدانك... " " لكنك لا تفقدينني..." أكد لها بهدوء:" سأبقى صديقك... هذا بالضبط هو مكاني الحقيقي... لست مجبرة لتحبيني أكثر من هذا... فلنعد الى الداخل... أنا مرهق و يومي كان طويلا جدا" دون ان يترك لها الخيار سبقها و ارتاح بينما يسمع خطواتها ورائه، لم يعد يطيق عزلتهما... " أنا أحبك اليخاندرو..." " أعرف 'بونيتا'... أنا أيضا أحبك... لكن ليس بنفس الطريقة" توقف مجبرا عندما سدت عليه فجأة الطريق: " ان كنت تحبني حقا فستقاتل من أجلي..." " ان كنت أحبك حقا فسأتركك ترحلين... عندما نحب شخصا، نريد رؤيته سعيدا..." هذه المرة لم تستوقفه،شقا الطريق في صمت ثقيل، لأن الكلمات كانت عديمة الفائدة. الانتظار ، والإثارة يهيمنان عليه، وسلام عظيم... قراره مرعب و متعب و مؤلم، لم يكن لديه شك ولا خوف من فقدانها، فقد فقدها في النهاية روبي . التعديل الأخير تم بواسطة أميرة الحب ; 05-12-19 الساعة 09:40 PM | |||||||||||||
05-12-19, 10:32 PM | #3994 | |||||||||||||
مشرفة وكاتبة في قلوب أحلام وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وعضوة في فريق الترجمة
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 74 ( الأعضاء 61 والزوار 13) أميرة الحب, امل حياتي3, بشـــرى+, رودى رامى, luz del sol, Hyn, hamossa, ربة منزل, الميزان, ça m'ira, غرام النهار, هدير الصمت+, اديان+, littlebee, ام جواد, أم الريان, منالب, مِــزاجـِـيَّة, Saino Yaso, نسيم88, Diego Sando, غـــزلــ, Anna dana, DodeShady, brima, rose no1, عهد الحر, Arthur, Nsöz, ندى الزهره, katoza, karima_82, Lovec1, Nanyotb, dodo284, نانسي33, سمراء الجنوب, عبد جبار, mshmshroma, بيجو, Fatima hfz, jadbalilo, جوجوهانم+, la feuille blanche, alan, sokara.s, سودوكوو, rahasff, loloclavreul, ميار111, الحب الازلي, شون merphy, houpa, HEND 2, الاف مكة, قول يا رب, nale, ~وردجوري~, Masc6 | |||||||||||||
05-12-19, 11:00 PM | #3998 | ||||
نجم روايتي و أميرة حزب روايتى للفكر الحر
| حزينه جدا جدا طالعه من جو مباراه مستفزة وخساره بلدي واللحين سيزار وروبي انفصلوا من داخلس اعرف انه للافضل بس حزينه كيف افترقوا !!!!! الباقي براجع اقرا من جديد لاني ركزت ع روبي وسيزار زعلتيني جد ع الفصل المدمر هذا | ||||
مواقع النشر (المفضلة) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|