13-07-19, 12:04 PM | #2243 | |||||
| مساء ألور تسلم الايادي وشكراً لهذا الفصل المميز ...... لازلت اتعجب من انجذاب الصبايا لسيد أليخاندرو يجذبهن مثل الفراشات القنديل ولكن من حازت على قلبه أميره بسخائها وعطائها أميره برغم تحطيم الحاقدات عليهاويذكرانها بمرضها فكم من حالات حقيقيه رزقنا بأطفال من صلبهن لا شي يجعله عنه الطب وان تبنت طفل فلا ضرر لماذاكل هذا الحسد لألطف وارق فتاه بيانها مميزه تربعت على عرش القلوب عائلتها وقلب مرشدها بعد ابيها ..تعاطف مع آيه ولكن إجرامها الأناني فآق التوقع مثلها مثل صوفي يموتن ليفرقن بينها وبين أليخاندرو وآيه لا تختلف عن صوفيا خبث العجيب...أتمنى ان لا يأثر على قلب الأميرة في فهو دليلها لحبيبها. ..شكراً لأروع سلسلة روايه قراتُا حالياً اعتبروا من روووائع القصص العالمين 😍🤩 تحياتي للكاتبة والمشاركات في إظهارهن لروائع بهذا الجمال 🌹💕 | |||||
13-07-19, 10:14 PM | #2245 | |||||||||||||
مشرفة وكاتبة في قلوب أحلام وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وعضوة في فريق الترجمة
| الفصل الخامس و العشرين عندما يبتسم القمر تلألأ وجه سبيروس ما ان اقتحمت ديامانتي غرفته، بين ذراعيها آريوس، سارعت الممرضة لوضعه في وضعية مريحة و تعديل الوسائد خلف ظهره. " مرحبا أيها العجوز... أرى بأنك بصحة جيدة.." " لقد افتقدتك عزيزتي... تعالي الى هنا" دنت منه وقبلت رأسه بحنان قبل أن تجلس بجانبه و تضع آريوس بين ذراعيه. " متى عدتم؟" " بالأمس... في وقت متأخر جدا.." المرارة في صوتها دفعته للتقطيب، لامس بيده المجعدة شعرها الأشقر برقة: " هل رأيت توأمك؟؟ هل كل شيء مر على مايرام؟؟ " هزت رأسها نحوه توهجت نظراتها الفيروزية: " انها أجمل و أرق مما توقعته، شخصيتها قوية جدا و تتمتع بحس فكاهة لا معقول، انها نبيلة لدرجة أنني مندهشة أنها لا تزرع الياقوت أينما مرّت، أخبرتني بأنها تكبرني بدقيقتين، أمضينا ليلة معا بتبادل كل أنواع أطراف الحذيث " " لكن؟" استعجل سبيروس بذكائه المعهود:" هناك لكن في الموضوع..." نعم هناك لكن، هناك الكثير من لكن أيضا... تنهذت بعمق و حطت نظرات ممتلئة بالحنان على ابنها الهادئ بين ذراعي سبيروس، انه كل شيء في حياتها، تحاول مسيارة التيار من أجله هو، تريد أن تضمن له حياة مستقرة بين والدين محبين، لكن نيوس لا يساعدها البتة. " على ما يبدو أنني متوفرة لإستعمال نيوس الحصري... أشعر أحيانا و كأنني بضاعته لا زوجته" " ما ان رأيت روبي للمرة الأولى أدركت بأن تمة منع سيكون بينها و بين نيوس... الإثنين يحبانك جدا و نيوس يشعر بأن حقوقه أقوى من حقوق روبي عليك لأنه السباق لحياتك... لا تقارني نفسك بالبضاعة ديامانتي لأن حفيذي يعشقك بشدة" لابد أنهما لا يتفقان عن المعنى الحقيقي للعشق، نيوس يمتلكها، انها والدة ابنه، يريد مثلها ابقاء هذه العائلة ملتحمة، لكنه بصدد طمس شخصيتها رويدا، هي متفقة معه بشأن بقائها في صقلية، رفضه منطقي نعم، صقلية هي الفخ الذي سينغلق عليها ان بقيت فيه، لكن ما عقب ذلك ما لم يعجبها، أخبرها بأن روبي مرحب بها في الجزيرة و أنها ممنوعة من السفر اليها حتى ان لم يكن مكان اللقاء صقلية... يرفض قطعا ابتعادها عن محيطه... انها رهينته. ( كان هذا اتفاقنا الأول ديامانتي... وقعت على تلك البنود قبل زواجنا لذا احترميها... لا أريدك بعيدة عني انتهى الأمر) كلامه رن في رأسها مجلجلا مما دفعها للتكشير، تمتمت بلا رضى: " يريد اعادتي لشرعيتي القديمة، و كأن حياتي لم تنقلب رأسا على عقب باكتشاف ان لي توأم و ايضا عائلة" " سأكلم نيوس" شحب وجهها، ان عرف بأنها تفضفض لجده سيقوم بسحقها و لن يرحمها أبدا، سبيروس مقدس جدا بالنسبة اليه. " لا... امورنا استقرت نسبيا مؤخرا لا اريده ان ينقلب ضدي" دفعت بعصبية خصلة شقراء خلف أدنها ، ارتجاف يدها لم يفت سبيروس الشديد الملاحظة حتى في عمره المتقدم" أنا فقط حزينة لأن اللقاء كان قصيرا، بعدها سترحل روبي الى امريكا لتحقق حلم طفولتها، شقيقتي متوفرة جدا لنفسها و و و..." " لا تترك رجل يسير حياتها؟" اتمم سبيروس مكانها " الا تلاحظين ان هذا بالضبط ما يرعب نيوس؟" " أحب نيوس كثير، لا أعرف لما أحبه فهو لا يتعمد كسب مودتي الا ان قلبي ملكه، انه رجل حياتي ووالد ابني الذي لن أغيره... لكن عليه ان يتعود بأن لي حياتي أيضا" " تعالي الى هنا" في نصف ثانية كانت مع أريوس بين ذراعيه، المكان الاكثر آمانا في العالم. " تعرفين؟ انت تشبهين كثيرا جدتك في شكلها الخارجي، روبي ورتث شخصيتها، قدرة التغلب عليها لم يكن عيبا فيها بل في العصر الذي لم يمنح المرأة الحقوق التي منحها ايها اليوم، روبي استغلت فحسب حقوقها و امكانياتها المادية، انها ذكية جدا و طموحة، لكنك أقوى منها بنظري، من تتحمل نيوس و مزاجاته النارية لا بد أن تكون امرأة قوية بلا أدنى شك... الكثير من الأمور حذتث بينكما، بدأت علاقتكما بشكل سيئ و بنيت على أرض مهتزة، عندما رأيتك في الجزيرة للمرة الأولى عرفت بأن حفيدي لن يقاومك، و بأنه لن يتزوج غيرك، لكنني لم أكن أعرف بشأن زواجك من الأمير، خذلتما بعضكما بشدة، بعدها كان هناك تستر على الحمل، وهروب لا منتهي... رميت له ابنه و اخترت البقاء مع الأمير..." " لم أختر أي شيء، ذلك السافل أجبرني على التنازل عن حقوقي..." قالت بغصة " نعم... لكن من كان ليقنع نيوس بذلك؟؟ لسيما و قد احترفت الكذب معه كل الوقت..." كلام سليم نعم، لكن الى متى ستدفع ثمن أخطائها السابقة؟ تريد ثقته اللعينة فلم تعد تتحمل هذا السجن. " برأئي الوقت دواء للضرر الذي الحقته الأيام و الظروف... تمهلي... تريثي... ما ان يطمئن اليك حتى يمنحك كل الحرية التي تحتاجين اليها" وضعت رأسها على صدره و دمدمت بتعاسة: " أريده أن يحبني سبيروس" " انه يحبك ايتها المجنونة... ربما لن ينطقها أبدا لكنك حياته... انه بائس من دونك" * * * كان من المستحيل تجاهل اصواتهما، لكنهما يتكلمان الصقلية بسرعة بالغة و لم تكن تفهم مما يصل الى مسامعها سوى القليل جدا، منذ فترة يختلي روكو بوالدته في غرفتها، سمعت في النهاية انتحابات عالية من سابرينا واضعة حد لأي كلام جديد، رأت القامة العملاقة لروكو تخرج من الغرفة، لا بد أنه لم ينتبه اليها أو تعمد عدم الانتباه، توجه رأسا الى باب الشقة و خرج مغلقا الباب خلفه بهدوء. كانت سابرينا غارقة في دموعها، وجهها شاحب شحوب الاموات عندما دخلت الى غرفتها هزت نحوها عينين حمراوين يطل منهما عذاب مرير. " مالذي يحذث سابرينا؟" عادة لا تتدخل مطلقا في أمور الاخرين، انها تملك من المشاكل الشخصية ما انساها من حولها، لكن منذ ان قبلت بحمل خاتم اسلاف ايميليانو صارت رغما عنها جزءا من حياتهم، لم ترى روكو سوى نادرا مؤخرا ، يبدو مشغولا او ربما منغلق عن نفسه مثل المحارة و يرفض الكلام مع احد، لكن اقامتها طالت في 'باليرمو' و عليها العودة لأشغالها في 'تاورمينا'. " انتهى كل شيء... انتهى كل شيء... فقدت ابنتي و ابني و كل شيء" المرأة الصلبة و المتألقة اختفت، من امامها امرأة بانت سنوات عمرها على وجهها و خذلتها، رأتها تخفي وجهها في يديها و تنتحب بطريقة مزقت كيانها، دنت من السرير، روكو يقدّر جدا سابرينا و يحبها، ترى ذلك في كلامه عنها و تصرفاته، ليس الابن العاق الذي سيبكي والدته و يهجرها لسبب ما الا اذا كانت مصيبة كبيرة، جلست بالقرب منها و بكل حذر وضعت يدها على كتفها. " انه يقطع علاقته بي... سيرحل من القصر " شرحت لها بصوت مختنق من البكاء" كل ما حققته في حياتي تبخر... اليساندرو هاجر منذ زمن الى أمريكا، تدمرت حياة صوفي التي احببتها مثل ابنتي و روكو الذي اعتمدت عليه مثل زوج و أخ يتركني" أقطبت بريانا، هل سمعت جيدا أم أنها قالت صوفي التي أحببتها مثل ابنتي؟ " لن يقدر على قطع صلته بك، روكو متشبث بعائلته" " آه كلا... ان قالها فسيفعلها، أنت لا تعرفين من يكون حقا..." تطلعت اليها بعينيها الحزينتين:" له الكثير من التقدير نحوك بريانا... أتوسل اليك كلميه... أخبريه بأنني لم أملك اي خيار بينما والده يتخد القرارات و يأمرني بغلق فمي" " سيكون اسهل ان أخبرتني ما الموضوع عزيزتي " نصحتها بريانا برقة و هي تلتقط مناديل ورقية و تعطيها اياها. راقبتها تمسح دموعها، تحاول التقاط انفاسها، كأنها تواجه تراكمات الماضي التي وقفت دفعة واحدة أمامها، لا تعرف نوع الاعترافات التي ستتفوه بها حماتها المزيفة، لكن ما تعرفه أن روكو لا يفقد مطلقا السيطرة، لكنها و للمرة الأولى تراه هائجا مثل التسوانامي... " لطيش الشباب أحيانا عواقب أبدية..." بدأت المرأة " ذلك السن الذي يغري بالفتوحات الوهمية، روكو ارتكب ما لم يغفره له أبدا والده الذي بني عليه آمالا ضخمة..." تعرف الى اين تريد الوصول، تلك القصة التي أخبرها بها روكو في يوم زفاف الأميرين فالكوني. " فقد طفله بعد ايام قليلة من ولادته..." قالت بريانا " لم يفقده... لم يفقده" رددت سابرينا مما دفع دموعها للانهمار مجددا " يانيس كانت له مكانة و سطوة غير معقولة، يدين بالكثير لأناس مهيمنون و خارقون للعادة، لقد أخدنا طفلة روكو و تبنيناها، أوهمناه بأنها ماتت لأن أبوته في تلك السن كانت ضرب من الجنون، صوفي ليست ابنتي بل حفيدتي" لا بد أنها تحلم... لا ... لابد انه كابوس مرعب، شعرت و كأن أحدهم وجّه لها لكمة عنيفة لمعدتها، بقيت جامدة في مكانها لوقت لا تعرف عدده، انتبهت بعد ان شعرت بالإختناق بأنها تحبس أنفاسها. " اكتشف روكو الموضوع بفضل أوراقها الأصلية التي كان من المستحيل تغييرها، التلاعب بالسلطات الفرنسية ليس بالسهولة نفسها هنا، لذا حصل على ما اراد من هناك و أدرك بأن الفتاة التي طالما نادها شقيقتي هي ابنته" ابتعدت عنها تلقائيا، النفور منها أقوى مما يمكنها تحمله، هذه المرأة اسوأ من والدتها، كيف استطاعت الاشتراك في جريمة مماثلة؟ " أفهم ردة فعلك..." " لا أنت لا تفهمين شيئا" قالت بريانا بقسوة " لقد فقدت ابني و أعرف تماما نوع العذاب الذي عاشه و يعيشه روكو... متى قررتما التعامل معه كآلة بدون احساس ولا مشاعر؟؟ ما فعلتماه معه لا يستحق الغفران يوما" "من السهل قول هذا بينما لم تتزوجي من طاغية حقيقية يقرر مكانك... حتى أنفاسك يحسبها" " لكنه مات منذ سنوات... لما احتفظت بالصمت؟؟" ارتفع صوت بريانا مقاطعا" تريدين ان ادافع عن جرمك؟؟ آسفة لكنني تماما مع موقف روكو...". لم تجب سابرينا، أحنت فحسب رأسها و عادت للبكاء في صمت، لم تعد تطيق البقاء لحظة واحدة معها و استنشاق هوائها الملوث، شعرت بعاطفة قوية تستعمرها بينما تفكر في الحالة التي يتواجد بها روكو اللحظة، هي التي طالما انتقضت بروده و طباعه الجليدية، اي مصيبة اكبر من هذه كي تحطم الرخام الذي يغلف نفسه به. أخرجت هاتفها و اتصلت به، سقطت رأسا في علبته الصوتية، زمت شفتيها بقهر و أعادت الهاتف الى جيبها، شعرت و كأنها أسد في قفص حديدي لا تعرف ما عليها فعله في حالة مماثلة. " هل سترحلين انت الاخرى؟" جاء صوت سابرينا وراء ظهرها. " كان مقرر أن أعود الى تاورمينا لأستئناف عملي... " شرحت لها و هي تواجهها " اشعر كالجالس على كرسي من المسامير، من المستحيل التركيز على شيء آخر بينما أعرف بأن روكو في محنة حقيقية" " انه محظوظ بك..." سمعت صوت سابرينا خافثا " روكو ليس والده، يستطيع ادعاء القسوة ما يشاء الا أنه انساني جدا في ذاخله، لديه مبادء قيمة و حدود لا يسمح لنفسه بتجاوزها عكس والده الذي استباح كل ما كان له علاقة بمصالحه" كلمات على شفير الهاوية، كلمات فارغة لا تعنيها، لقد حشوه بالأوهام و استعملوه تماما مثل حيوان خالي من اي شعور، ان كان حقا انسانيا في السابق فاكتشاف خيانة اقرب الناس اليه ستحوله الى وحش حقيقي. ما نوع الثقة التي سيمنحها للناس بعد ان خذله والداه؟ التقطت سترتها و حقيبة يدها: " الى اين تذهبين؟؟" " سأبحث عن خطيبي" رت بريانا مكانيكيا دون أن تقصد الكلمات التي خرجت عفويا من فمها. * * * " مابها؟" سأل 'داركو' ما ان فتحت 'ماليا' باب المنزل، بعد أن رافق زوجته الى لندن وزار حماته الجميلة طار رأسا الى صقلية، لكن الأمور لم تسر كما خطط لها، تعدر عليه ايجاد روكو فكلف سيزار بالموضوع هاتفيا، هذا الاخير لم يخفي انزعاجه من افساد شهر عسله، و اخبره بأن روكو لن يكون سعيدا بهذه المقاطعة ايضا، لكن اتصال 'ماليا' والدة بيانكا ما اثار قلقه أكثر، ناذرا ما تتصل به، اخبرته ان احوال بيانكا لا تعجبها. " منذ يومين و هي تغلق على نفسها باب غرفتها..." " و ما دورك انت ان لم تعرفي بالضبط ما يحل بها؟" تراجعت أمام هجومه و شحب وجهها " ما دورك في حياتها بحق الجحيم؟؟ أدفع لك كي تضعيها قبل أي شيء آخر في حياتك" بلعت ريقها بصعوبة قبل أن تتلعثم. " آسفة أيها الأمير... حاولت ما استطعت لكنها تقول بأن كل شيء بخير" انه محاط بمجموعة أغبياء و الغير كفؤيين، توجه رأسا الى غرفة بيانكا وطرق عليها، هذه الشقة التي تتنفس الرقي من أمواله الخاصة، 'ماليا 'تعيش كملكة بفضل وجود بيانكا فحسب،انه مستعد لكل شيء كي يسعد ابنته،سمع صوتها اللطيف من وراء الباب: " الباب مفتوح أمي..." دفع الباب، اول ما لاحظه انتزاع كل صور النجوم من الجذران، رحلت غرفة المراهقة الصغيرة و حلت محلها اخرى لامرأة تتحمل أنوثتها الجديدة، ابتسم بينما يراها مسطحة على بطنها فوق السرير، ترتدي شورت قصير أبيض و كنزة حمراء، شعرها الطويل مستقر على كتفها بينما نظراتها على الاب توب أمامها، تبدو بصحة جيدة، ارتاح نسبيا لهذا الانطباع الأولي. " مرحبا حبيبتي" استدارت نحوه قبل ان تملأ الدهشة وجهها: " أبي؟؟ لكن... مالذي تفعله هنا؟؟" تركت سريرها مثل المجنونة و قفزت على عنقه تضمه اليها، اختفى التوثر الذي غلّف علاقتهما قبل رحيله، هزها بذراع قوية نحوه ليقبل جبينها مطولا: " اشتقت لك أيتها الدمية... ظننت بأنني سأجدك في الكاستيلو... لم أتوقعك هنا" ابتعدت عنه لتحملق في وجهه و كشرت قليلا: " القصر موحش من دونكما أنت و فلورانس..." التقطت يده لتتفحصها " مازلت تحتفظ بخاتم زواجك حمدا لله... اذن مالذي اعادكما بهذه السرعة؟؟" " نعم مازلت احتفظ بخاتمي بينما أنت لا... " أجابها متجاهلا سؤالها" هل فسخت خطوبتك السخيفة مع زير النساء؟" دفعت شعرها الى الوراء، و ابتسمت له بلطفها المعهود: " كنت على حق داركو... خطبة سخيفة، لم أكن قادرة على رفض طلبه أمام مئات المدعوين... كيفن لا يناسبني كما أنني لا اناسبه، لقد رحل لسبيل حاله و استعدت أنا روتين حياتي... أخبرني الأن مالذي أعادكما بهذه السرعة؟؟ هل قتلتها و أخفيت جثتها في الجزيرة؟هل تشاجرتما؟؟ هل اسأت معاملتها؟ " دفع شعرها خلف أدنها قبل أن يحط شفاهه على جبيبنها و يتمتم تحت بشرتها الدافئة: " توقفي عن التصرف معي و كأنني طفلك" " انت طفلي الكبير و الغريب الأطوار..." وقفت على اصابع رجليها و قبلت وجنته بحب" لقد افتقدتك حبيبي... كنت تعسة لأنك لم تودعني و رحلت و أنت غاضب مني" " تعرفين أنك نقطة ضعفي الوحيدة، من المستحيل أن أغضب منك كثيرا..." لامس خدها قبل أن يشير الى الحاسوب "هل هذا ما يجعلك سجينة غرفتك منذ يومين؟؟" هزت عينيها الى السماء: " ارى أن والدتي سارعت بإخبارك..." " انها قلقة جدا من أجلك... و أنا ايضا... فسخ خطوبتك بالسافل صاحب الوجه الجميل ما يحزنك؟؟" " لست حزينة داركو... " أجزمت بصوت ناعم " مؤخرا أدركت بأنني لا أفعل شيء جدّي في حياتي، لذا... قررت اتمام دراستي و تحقيق حلمي بان اصبح طبيبة بيطارية..." حكت رأسها ببعض التوثر قبل أن تتحاشى النظر اليه و تتابع" ايه... اريد الرحيل الى انجلترا " أقطب داركو، هل سمع جيدا؟ انجلترا؟ طفلته بعيدة عنه؟؟: " نجد الكثير من المدارس هنا ايضا..." قاطعته بصلابة وهي تعود لمواجهته بنظراتها القاتمة: " أريد بناء حياتي بعيدا عنك داركو... " اللعنة... آه اللعنة، ليس هذا.. انه متأكد من أن هناك جرح غائر و راء رغبتها من الهروب فجأة من صقلية خاصة و ايطاليا عامة، لكن كيف سيدفعها للفضفضة بينما يعرف تماما أنها ورتث منه تحفظه؟ قرر جس نبضها بحذر فغامر بالقول: " ما رأي اليخاندرو؟" رآها تقطب و يخطف لون وجهها فجأة، بقيت تحملق اليه وكأنها تعيد تقييم السؤال في رأسها، سألته بنفس الحذر:. " لما يجب أن ... أن آخد رأئيه في شيء؟" هز كتفيه وهو يعقد ذراعيه فوق صدره: " لأنه طالما كان مقربا جدا منك و لا تفعلين شيء دون ان تستشريه أولا... أم أن علاقتكما لم تعد بنفس التواطئ كما كانت عليه من قبل؟؟" أسدلت رموشها الكثيفة مخفية عنه التعبير القاتم الذي غلّف نظراتها، تهرب منه مجددا، أمسك بدقنها و هز وجهها نحوه: " بيانكا... اسمعي، لا تلتحفي بالسواد و تبتعدي عن الفتوحات التي يمكنك تحقيقها بفرقعة أصبع... ان كانت رغبتك في الذهاب الى انجلترا لتحقيق حلم الطفولة فأنا سأدعمك، طالما أردت فحسب سعادتك، لكن ان كان هذا القرار عائد لعقبة جديدة فأنا أطلب منك فتح عينيك جيدا و اعادة تقييم الوضع... اسمعي... فاتحي اليخاندرو بالموضوع، هو مصغي جيد و ناصح رائع، و هو يحبك جدا..." " اليخاندرو يملك إمرأة في حياته أبي... لم يعد يملك الوقت لي و لن أزعجه بسخافاتي" المفاجأة الجمت لسانه، من أين خرجت هذه المرأة بحق الجحيم؟ لايمكن أن يكون اليخاندرو على علاقة بأحداهن دون أن يأتي على ذكرها أمامهم. " لم أعد اطيق شفقته نحوي... و أظن بأن قراراتي تخصني وحدي لذا... أبي لا تصر... سألتحق بالمدرسة في الموسم القادم..." " لما تتكلمين عن الشفقة؟؟" سألها بهدوء. " لأنها الحقيقة... كلكم تتعاملون معي و كأنني مصنوعة من زجاج... ضقت ذرعا بالجميع، لست الأولى ولا الأخيرة التي تعاني من القصور الكلوي لذا أكون ممنونة ان تركني الكل أعيش حياتي كما يحلو لي" تكسر صوتها في كلماتها الأخيرة و امتلأت عيناها بالدموع، كل المعانات التي حاولت اخفائها عنه بنجاح تدفقت على وجهها، بيانكا ممثلة فاشلة، انها تتعذب مثل كلب متشرد . " شيء آخر... انتزع هذا الأسود أتسول اليك فهو يذكرني بمرضي " مد ذراعه نحوها و أمسكها من كتفها ليقربها الى صدره و يضمها بين ذراعيه، اخفت رأسها في صدره و كأنها تتمنى الاختفاء، تبعثرت تماما في منعرجات معاناتها و اختفت الثقة التي واجهته بها عند دخوله، ادلف أنفه بين خصلات شعرها ليشم رائحتها المألوفة. " تريدين تركي بيانكا؟ تعرفين بأنني غير قادر على العيش من دونك" " اصبح لديك عائلتك الخاصة فلا تكن أنانيا... فلورانس تعشقك و أعرف بأنها ستهتم بك، عش حياتك مع زوجتك و ابنك و اتركني أخوض حياتي بالطريقة الصحيحة..." هزت نحوه وجهها الجميل" مازال امامي بضع أسابيع قبل أن أرحل... سأستغلها معكم، لكن أرجوك... لا تكن عذبا و لا محتالا كي تغير رأئي..." " لم أكن يوما محتالا معك.." " آه بلى... تستعمل كل سحرك في كل مرة كي تقنعني بالعدول على قراراتي و لأنني ضعيفة أمام سحرك أوافق..." هزّ عينيه الى السماء: " آه بلى داركو... حالي حال كل النساء اللواتي يفعلن دوما كل ماتريده، املك أيضا ضعفا اتجاهك و تستغله في كل مرّة و تجيد استعماله، لكن هذه المرة مختلفة، أحتاج للتحليق بجناحي لذا ابتعد عن طريقي، و شيء آخر... لا تكلف اليخاندرو بهذه المهمة دعه و شأنه فقد استغليت طيبته لسنوات طويلة..." * * * " مرحبا جدّي" هز نحوها عينيه، شعرت روبي بعاطفتها تتفجر في داخلها، مد نحوها يده فأسرعت اليها و جلست بجانبه.الماضي هو الماضي، لقد عادت تتحكم في زمام أمورها و لاأحد يفرض رغبته عليها،كما أنها تشعر بالسلام العام في صدرها، تسبح على غيمة وردية منذ بعض الوقت مع سيزار، العلاقة بينهما توطدت بشكل لم تتوقعه يوما، عرّى على العاشق الرائع الذي لا يفوت فرصة واحده ليبرهن لها عن حبه، تواصلت معها توأمها و تفهمت ظروفها بالتأكيد، البقاء في صقلية معاناة حقيقة بالنسبة اليها.. أما فيما يخص اليوناني فتتمنى أن يحترق في الجحيم. " ديامانتي..." سمعت جدها ينطق بصعوبة. " لقد رحلت جدّي..." هز رأسه، وبلل شفاهه الجافة قبل ان تنحني نحوه لتسمع كلماته: " أريد رؤيتها..." كيف تستطيع اخباره بأن توأمها لا تريد ادنى علاقة به؟ هو الذي هدر الفرص الكثيرة للتقرب منها و تركها ضحية الأمير فالكوني و الشعب الايطالي، هي التي هاجرت بلا كرامة و لا سمعة، ستكون الوسيط بينهما نعم، لكنها لا تضمن مجيئها، و صدقا لن تلومها، هذا اذا لم يتدخل نيوس ليعزز كراهيتها نحوهم. السافل. " امنحها بعض الوقت" "لا... لا أملك الوقت..." جاء صوته بائسا لدرجة مزقت قلبها، وضعت رأسها على صدره، مالذي تبقى من صلابتك دوق سيفيرانو؟؟ كيف يعقل أن تكون الحياة خادعة بهذا الشكل و تجعل من الأقوياء أشباح انفسهم. " لا تقل هذا جدّي... سوف تُشفى و تصبح أقوى من قبل..." كانت دقات قلبه تماما تحت خدها، هذا الرجل اقتص من جدتّها و دفعها للموت بسبب حرمانها ابنتها التي هي والدتها الحقيقية، يطالب بالغفران كي يريح ضميره المعذب، لقد تآمروا على امرأة بلا حولة و لا قوة، لا تملك سوى الجمال الذي وهبه الله و كان السبب في تعاستها، لكنها لا تستطيع كرهه أبدا، لقد وقفت في وجهه طويلا وتحدت سيطرته، لكنه طالما كان بجانبها و ساندها و أحبها، رغم قسوته الا انه الشيء الحقيقي في حياتها، الماضي ينتمي للماضي، و ترغب بوضع كل شيء خلف ظهرها، جوشوا كان محق تماما في نصيحته، عودتها فتحت عيناها على الكثير من الأمور، أصبح لديها حبيب... حبيب تحلم به النساء و هو ملكها هي، كما أنها عقدت هدنة سلام مع والديها و مع روحها، ستركز أكثر على أهذافها بعقل مستريح. " أخبريها أنني أريد رؤيتها" هزت وجهها نحوه و وشوشت برقة: " سأتصل بها جدّي... لا يخيب أملك ان هي رفضت" " اقنعيها روبي... افعلي هذا من أجلي..." و ماذا بيدها أن تفعل؟ أن تذهب الى الجزيرة لتجرها من يدها اليه بالقوة؟ حتى أن مجرد رؤية نيوس ليونيداس مجددا تثير قرفها، علاقتها بديامانتي ماتزال في بدايتها، هشة للغاية. " سأحاول جدّي... لا تفكر حاليا في هذا الأمر و حاول التركيز على شفائك..." انفتح الباب و دخل والدها، ارتاحت لرؤيته، التغيير الجذري في تصرفاته مازال يدهشها، اصبح الرجل الذي طالما حلمته أن يكون، ادمانه على الكحول صار من الماضي، و كل الفضل يعود لسيزار بالتأكيد. " هل جلبت الأوراق؟" سمعت جدها يسأله. " انت لست جادا؟؟ لا تنوي العمل هيه؟" تدخلت بعدم تصديق. " يجب أن أطلع على ما آلت اليه الأمور روبي... دعيه يجلس بجانبي و اتركينا بمفردنا" رد بصوت ضعيف لكن صلب وجاد. تنهذت بإنزعاج، حتى و هو خائر القوى يفضل العمل، قبلت رأسه بحنان قبل أن تسلم على والدها: " لا تتعبه أرجوك... رأسه اقسى من الحجر و لا يسمع نصائح أحد" " لا تقلقي... يريد الاطلاع فقط على الأرقام... " تنهذت مستسلمة بينما يتجاهلها الرجلين و يغوصان فورا في الأوراق، و ما نفع الاعتراض؟ تعرف عناد جدها، لقد ورتث هذا منه، بهدوء انسحبت من الغرفة، ما ان أصبحت في الرواق حتى اتصلت بسيزار الذي رد في الرنة الثانية: " أين أنت؟؟" " لدي اجتماع بعد خمس دقائق... هل غادرت المستشفى؟ تريدين ان أرسل لك السائق؟؟" فركت جبينها بتفكير قبل أن ترفض: " لا... أرغب بالتمشي قليلا.." صمتت، بينما تدخل سيزار فورا بصوت قلق: " ما ألامر حبيبتي؟ هل أنت بخير؟ هل حذث مكروه لجدك؟" من اين تبدأ؟ " انه بخير... حتى أنه يعمل في هذه اللحظة، نعم هذا جنون أعرف، لكنه عنيد جدا ليسمع نصائح أحد" " ان كان هو قادر على العمل فأتركيه يفعل... أين ستذهبين ؟ الفندق؟" " أظنني سأعود الى 'كاستيلو سيفيرانو'... " " الن أراك الليلة؟" " هل تريد رؤيتي؟؟" " أنا متلهف لرؤيتك..." عضت على شفتها، هي أيضا متلهفة لرؤيته، مند ان عادا الى كاتانيا لم تره كثيرا، العمل يسرقه منها لكنها تتفهم الوضع لسيما بسفر الأمير و تغيب قيصر تاورمينا، انهم شركاء في شتى أعمال، انهم متمسكون ببعضهم مثل سلسلة حديد، هذا الولاء مطلقا لم ترى له مثيلا من قبل، سمعت أحدهم يناديه، فاستعجل بالقول: " سأتصل بك ما ان انتهي 'كارا' لدي مفاجأة لك... أحبك" قبل ان تجيبه كان قد اغلق الخط، أعادت الهاتف الى جيبها بينما رجليها تقودانها الى مكان واحد... قبر جوزيف، تحتاج للفضفضة اليه ببعض الأمور. * * * تعاقبت الاجتماعات منذ بعد الظهر، اليخاندرو لم يعلق بشيء على عودة داركو المبكرة، عموما فقد أحسن صنعا بالعودة، حتى خوسيه الغى اسفاره ليهتم بأموره المحلية، سيزار ظهر فقط في الاجتماع الأخير الذي يهم أعماله، أخيرا اجتمع أربعتهم ليترأس داركو الإجتماع، مثل المعتاد... لا يترك شيئا للصدفة، سيزار الغير بعيد عنه متألق اليوم على غير عادته، انحنى نحوه هامسا: " ماهذه العاطفة الغامضة و المتطرفة دون كوستانسو؟" أدلف له سيزار: " لا تكن غيورا 'دون ميندوزا'، الا يستطيع فضولك الانتظار الى ما بعد الاجتماع؟" " روبي سيفيرانو؟" خمن اليخاندرو مما دفع الابتسامة لشفاهه. " نحن نتواعد..." " ووضعتها في سريرك..." أجزم اليخاندرو متهكما. لم يجبه، استوى في جلسته بينما داركو يركز بإهتمامه عليهما فجأة، عاد اليخاندرو بإنشغاله بما يدور حوله، بعد أربعين دقيقة لم يعد يملك طاقة أخرى لأي شيء آخر سوى قيادة سيارته الى بيته و الارتماء على سريره، بدأت قاعة الاجتماع بالافتراغ رويدا، فك ربطة عنقه و الأزرار الأولى لقميصه، ستعود الأمور الى رتابتها الطبيعية الأن، ان عدّ ساعات عمله فلم يغمض جفونه الا القليل، لكن العمل منقذه من الأفكار السوداء التي تلاحقه مثل الجحيم،يفتقد بيانكا، هجرانها له مؤلم و مؤد للغاية، يشعر بأن حياته بلامعنى من دونها، جلس سيزار على حافة طاولة الاجتماع أمامه: " أين اختفى روكو؟" هز يديه قبل يسقطهما على الطاولة: " لا فكرة لدي، هاتفه مغلق و يهيئ لي أن كل الجزيرة بصدد البحث عنه... لقد كنت في فرنسا ووصلت هذا الصباح فقط" داركو الذي رافق رجال الأعمال الى الخارج و عاد الى قاعة الاجتماع أغلق الباب خلفه بينما السكرتيرة تضع القهوة و بعض البسكوت على الطاولة و تنسحب بهدوء: " اين روكو بحق الجحيم؟؟" " أخبرتك بأن الجميع يبحث عنه..." أكد اليخاندرو لسيزار. " مختفي منذ الصباح" تدخل خوسيه الذي عاد بدوره من الرواق و تقدم من ابريق القهوة ليصب لنفسه فنجانا " سابرينا و بريانا اتصلتا لعدد لم أعد أذكره... برأيهن أنا الوحيد القادر على ايجاده" " غريب أن يتصرف بهذه الطريقة..." قال داركو" عادة يواجه شياطينه لا يهرب منها..." ارتشف خوسيه من قهوته: " ربما لأن شياطين هذه المرة اقوى مما سبق وواجهه من قبل..." أعين الرجال الثلاثة ركزت عليه، بينما تراجع مدافعا: " لا تنظرو لي هكذا بحق الجحيم ..." " أنت تخفي أمرا خوسيه... يستحسن أن تنطق به فورا" نصحه داركو ببرود. عاد خوسيه يرتشف من قهوته متجاهلا استفزاز النظرات اليه، استرخى اليخاندرو في مكانه، على الأقل هو متفق في هذا مع الأمير، روكو لا يهرب مطلقا من مشاكله، كما أن وضع صوفي مستقر و سيتم قريبا نقلها الى الخارج على حسب رغبة عائلتها، لقد القى الملامة كفاية على نفسه بسبب مصابها، و يعرف بأنه مهدد أمام حقيقة ألا تكون يوما طبيعية كما كانت عليه من قبل، مهدد من قبل عذاب ضمير سيرافقه كل حياته، لكنه لم يقصد مطلقا ايذائها، لم يتكهن و لو للحظة ذلك المساء بأنها راحلة لتواجه مصيرها، أغرق نفسه في العمل ليتفادى التفكير في الموضوع... ثم ما تلبث صورتها تعود مهددة الى رأسه. " صوفي... ابنة روكو" شعر اليخاندرو و كأن السقف قد سقط عليه، لم يتمكن حتى غلق فمه الذي انفتح تلقائيا من فرط الصدمة، لكن من وجوه بقية أصدقائه يتكهن أنه شعورهم كلهم في هذه اللحظة، أقطب بغير تصديق بينما استرسل خوسيه. " اكتشف الأمر صدفة عندما طالب بملفها الطبي كي ينقلها الى الخارج، ظن ان هناك تمة أخطاء بالمعلومات ليكتشف بعدها بأن الطفل الذي ظنه ميت ليس الا صوفي... أترككم تتكهنون البقية... أنا حقا مستغرب من بقاء سابرينا على قيد الحياة لليوم" " بوركا مزيريا...( اللعنة)" هذا كل ما نطق به الأمير بينما يأخد مكانه على المقعد ببطئ و كأن ركبتيه لم تعد تتحمل ثقله. " لا بد أن هناك خطأ في مكان ما... لا يستطعيان فعل هذا به... هذا تصرف غير انساني" ما ان نطق بهذه الكلمات حتى منحه داركو نظرة قاتلة: " الطبقة النبيلة و الانسانية شيئان منفصلان تماما... هذا الشيء مألوف بين أناس يضعون المظاهر فوق اي اعتبار... هذا بالضبط ما فعله والداي ازاء بيانكا... لو لم تقرر هي يوما البحث عني لما عرفت بشأنها أبدا..." نعم هو لا ينتمي اليهم، هو ليس نبيلا و يشكر الله لذلك، الكثير من التعقيدات و الامور المبهمة و الغير مفهومة، انهم محترفوا التمثيل في سبيل مظاهر خادعة، هو الذي جاء من المستنقع لن يفهم مطلقا مبادئهم الشاذة، يشكر المستقع الذي جعل منه انسانيا بلا عقد و لا قيود، انسان يفهم قيمة الأمور. " من كان ليصدق..." تمتم سيزار أخيرا " لابد انه وصل بمرارته و خيبته لحد الدمار كي يختفي بهذه الطريقة.." " أظن أنني أعرف أين هو" قال داركو فجأة وهو يغادر مقعده و قد تهلل وجهه و كأنه اتى على اكتشاف كنز ثمين " لكن من الافضل أن يصل اليه واحد منا فقط... تعرفون طبيعته" " عموما أنا مرتبط الليلة" قال سيزار وهو يلقي نظرة على ساعة يده. " و أنا سأنام عند اليخاندرو.." قال خوسيه مما دفع اليخاندرو للتقطيب. " لم أدعوك أيها اٌسباني...كما أنك تشخر في الليل و أنا مرهق لتحملك... تملك فيلا هنا لما دوما تختار الاقامة في بيتي؟" " لأني أحب بيتك..." أكد خوسيه:" بعه لي" هزّ اليخاندرو عينيه الى السماء: " تستطيع الحلم دوما..." " دع الصغير و شأنه فقد صارت لديه امرأة " السهم الذي ارسله داركو التقطه فورا..." ما لأمر ميندوزا؟ لم تعد تتقاسم معنا أسرارك؟" " اذا كنت تقصد بالمرأة التي تأتي لتنظيف بيتي من فينة لأخرى فلا أسرار أملك كي اتقاسمها معكم..." هز داركو حاجبه: " هذا كل شيء؟؟" " نعم داركو هذا كل شيء... ثم... من اخبرك عنها؟ أنت وصلت اليوم فقط؟ من أين تأتي بهذه المعلومات بحق الجحيم؟" " وصلت اليوم لأجد المفاجآت السيئة تنتظرني" التقط سترته الجلدية " روكو مختفي، صوفي ابنته، بيانكا فسخت خطبتها من غراي (الشيء الايجابي الوحيد) و قرارها المفاجئ بترك صقلية للدراسة في انجلترا... عندما حاولت ردعها أخبرتني بأنها ضاقت ذرعا بشفقة الجميع... لسيما شفقتك أنت" ما هذا الهراء!!؟ " كيف تستطيع بيانكا التفوه بحماقات مماثله انا لا اشفق مطلقا عليها، ما احسه اتجاهها حقيقي" توقف فورا عندما انتبه أنه بصدد رمي كل شيء في نار ستشتعل فيه هو الأول، تمتم بعدم تصديق: " ابنتك غير منصفة بحقي، أحيانا تملك افكار طفولية" ازدادت تقطيبة داركو عمقا وهو يرتدي سترته، لا يبدو حقا سعيد بقرار ابنته: " لم تعد طفلة، بل امرأة و تريد اتخاد قراراتها بمفردها، ويبدو أنها تنوي الالتحاق بالموسم الدراسي القادم... اظنها فقدت صديقها و آمن أسرارها بسبب عاملة تنظيف..." هذا الاتهام أجفله، مطلقا لم يتخلى عنها هي التي تخلت عنه ما ان عرّى لها عن مشاعره، يعرف بأن داركو يثق جدا به بالنسية لبيانكا، يعرف ولائه لها ولا يحب مطلقا طريقته في تلخيص الوضع الذي لا يعرف عنه شيء: " ما زلت الصديق الذي يمكنها دوما الاعتماد عليه، 'كيفن غراي' فرّقنا على ما يبدو..." " لما تريد الرحيل؟... هناك الكثير من المدارس في ايطاليا" تسائل سيزار بإمتعاض. " هذا بالضبط ما أخبرتها به..." قال داركو و هو يتوجه نحو الباب " لكنها تختبئ عند والدتها و لسبب ما تريد الهروب من صقلية... وصدقاني ليس بسبب 'كيفن غراي' فقد اعادت له خاتمه اللعين". فجأة توقف و صب اهتمامه الى خوسيه: " تعال معي انت.." " هل تتناقض عادة في كلامك؟ أنا مرهق و أريد الذهاب لمنزل اليخاندرو..." " خوسيه..." قاطعه اليخاندرو بجدية" أنت تستعمل مناشفي، و عدة حلاقتي، و حتى سريري، لم أعد أتحمل وجودك في الجوار لذا اتركني بسلام، لو كنت امرأة لظننت بأنك مغرم بي" تدخل داركو للمرة الثانية بينما الاسباني غير مهتم أبدا بإتهامات اليخاندرو: " خوسيه.. قلت لك تعال معي... احتاجك قبل ان تعاود السفر " عندما اغلق الباب خلفهما بقي اليخاندرو ساهما في أفكاره، اذن خطبة بيانكا انتهت؟ لما لم تخبره بالأمر بينما يكتب لها دون ان ترد على رسائله؟ شعر فجأة بالغضب يسحقه، يجهل تماما لما تتصرف معه بهذا التنازل بينما واضح جدا ما يحذث بينهما. " هل ستتركها ترحل؟" سأله سيزار. " لها الحق في تحقيق ذاتها و ملئ حياتها فلن أقف مطلقا أمام طموحاتها، ربما هي حقا بحاجة لتغيير مماثلة كي تنضج أكثر في اختياراتها" رد اليخاندرو بجفاف. أطلق سيزار تصفيرة طويلة: " كل هذه المرارة في صوتك دون ميندوزا...مالذي يحذث للرجل الشغوف الذي يترك اهم اجتماعاته و يلغي اسفاره ما ان تُصاب الصغيرة بوعكة؟ هل اختتمت كل شيء بالانسحاب أخيرا؟" و قف من مكانه ليلملم أورارقه بينما يشعر بكل جسده يهتز بالغضب، لقد ضاق ذرعا بهذه المعاناة التي طال أمدها،هو الذي أولع بها و حولها الى مكانه المقدس و الطاهر الذي يضعه فوق كل شيء حتى نفسه، حطمت قلبه مرارا، ارتمت بين احضان دافيد ريتشي، بعده كيفن غراي، و عندما ظن بأنه سيثير اهتمامها اخيرا بالكشف عن مشاعره تقرر أخد الطريق السهل... الرحيل. " بيانكا عند والدتها..." " لن أذهب اليها" قال اليخاندرو. " أعرف... أنا فقط أحببت تذكيرك بالموضوع..." ثم حمل حقيبته الجلدية و توجه الى الباب " سلم عليها ان مررت، اخبرها بأنها أحسنت بهجر الوسيم جدا غراي... أنت الأنسب لها صدقني، لن يحبها أحد كما تحبها " * * * منذ ان غادر اليساندرو صقلية و بنى بنفسه امبراطوريته الخاصة نسي تماما العالم الذي انتمى اليه ذات يوم، مازال يتذكر طباع والده النارية، ازماته القاسية، نزواته المرعبة كان يشعر بأنهم في المعسكر في تواجده، لكن كل الثقل آنذاك انصب على روكو الذي حاول عدم تخييب امله الى ان صار نسخة مطابقة له ،روكو الذي تقيد بمبادئه و حمل على كتفيه مصير عائلته في سن صغيرة و تربى تربية صارمة جدا جعلته ما هو عليه اليوم، كل الازدراء الذي شعره نحوه تحول الى شفقة اليوم بينما تفجر والدته في وجهه الحقيقة التي لم يحسب لها حساب... الحقيقة التي لن تغير فحسب حياة شقيقه الأكبر لكن حياته هو شخصيا. " كيف استطعتما فعل أمر مريع أمي؟؟" سأل بعد أن طال الصمت المحمل بالكثير من الغضب و عدم الفهم. " لم أملك أي خيار" همست بصوت مبحوح. " نملك دوما الخيار" تمتم اليساندرو بينما يشعر بالاشمئزاز من الوضع و بالتعاطف مع روكو... قد يكون لهذا الأخير الأطنان من الأخطاء التي لا يتجرد منها بشر، لكنه لا يستحق خيانة مماثلة، لقد فعل الكثير من اجل والديهما لا يستحق ما فعلاه به" هل فكرتي في صوفي؟؟ هي التي نادتك بأمي طيلة حياتها" لم تجبه سابرينا، بقيت فحسب غارقة في دمعها و يأسها، منذ وصلهما هو دانيلا يشعر و كأنه اليس في بلاد العجائب، وضع صوفي مزر لكن مستقر، عرف بأن شقيقه سينقلها الى الخارج لتتمم علاجها، و الى الأن لم تتم بعد الموافقة على النقل بسبب وضعها الدقيق لذا عليهم الانتظار الى ان تعطي المريضة مؤشر جيد، و الأسوء أن الطبيب أكد بأنه من المستحيل الا تكون هناك عاهة ما مستقبلا لأن دماغها تضرر كثيرا. " وضعني والدك في مأزق و رحل تاركا ورائه اطنان من المشاكل " هزت نحوه عينان متورمتان " هل تعتقد بأنني ملكت يوما الجرأة للنظر مباشرة في عينا روكو و البوح بالحقيقة؟؟" " طالما رغبت بالحصولة على طفلة... سرقتها منه بملئ ارادتك" " لا تقل هذا اليساندرو... أنا لست وحشا" " استمريتي بإخفاء الحقيقة حتى بعد موت الطاغية" " هذا يكفي" صرخت به وهي تقف من مكانها " لا تعد ما سبق و رماه في وجهي شقيقك..هذه طقوس متوارثة منذ اجيال في طبقتنا،كان من الممكن جدا أن تعيش صوفي في كنف عائلة أخرى بعيدا جدا عن هنا، لكنني فعلت ما استطعت كي احتفظ بها الى جانبه و تكبر معه، لا استحمل اي نوع من انواع الملامة فقد عشت العذاب و الرعب طيلة العشرين سنة... الشيء الوحيد الذي يمكنك فعله هو العثور على شقيقك لأنه مختفي، كن الشقيق و الصديق الذي لم تكنهما يوما في حياتك" الملاحظة المته رغما عنه، ان تدهورت علاقتهما فبسبب روكو، هو الذي حاول السيطرة عليه و اعتبر مزاجه الهادء ضعفا و بعدها تركه لمصيره،كل نجاحه بفضل الغضب الذي ايقظه فيه، أقسم ان يبرهن له بأنه رجل يعتمد عليه و ليس فاشلا كما يخبره في كل فرصة تسنح اليه، لكن اليوم الماضي يقف متوسلا امامه لينساه، روكو الذي لا يفلث ادق التفاصيل و يسيطر عليها و جد نفسه ضحية مخططات شبه ارهابية، لقد حرم من طفله الذي تألم لفراقه طيلة العشرين سنة دون ان يحق له يوما بافشاء جراحه الداخلية، لقد وهب لسابرينا الامان التام منذ موت والدهما، الكثير من الوجاهة و الولاء و الرفاهية، كانت الاقرب الى قلبه، هو الاقرب اليها، دوما متواطئان و متفاهمان، و اليوم يكتشف بأن تلك المرأة التي اعتبرها أرضه الامنة خذلته. " انت محقة..." تمتم اليساندرو وهو يقف من مكانه " علي ايجاد أخي... بالرغم من انني اعرف بأنه سيلبس رثائه الى الابد" * * * كانت الرياح اقوى مما توقع لكن لا شيء سيمنعه من الابحار، عدّل روكو قبعة كنزته السوداء على رأسه كي يحتمي من رذاذ الامواج بينما يثبت حبال مركبه الشراعي، منذ زمن لم يقم بالابحار على هذا المركب، الهواية التي شغفته منذ الصغر و كان ممنوع تماما من مزاولتها لكنه فعل رغم انف والده، شغف القائد يانيس هي الارقام التي تزداد صعودا في حسابات الايميليانو بالبنوك، عدا الاعمال لم يكن مسموح له سوى بالتسلية النسائية، لأول مرة منذ ان حمل مسؤولية كل شيء ينتزع بدلة رجل الاعمال ليختلط ببقية الناس و يختفي من شخصية روكو ايميايانو الذي لبسه و كان ثقله بثقل صخرة صلبة على كتفيه، انه بحاجة لايجاد نفسه... بحاجة ان يكون هو اخيرا و ليس ما صنعوه منه. قفز الى السطح ليتفقد الصارية التي تحمل الشراع الاساسي، هذه الرياح ستساعده على الابحار بالشكل المطلوب لا يوجد ادنى خطر السكون المؤقت، ثم بعدها الصارية الخلفية المزودة بشراع بالطول من الامام الى الخلف، عموما عملية الابحار لن تتطلب بالضروره بعد ذلك بوجوده على المنصة، المحرك اللالي سيقوم بالمهمة، انه قبطان جيد جدا، رغم كل اعتراض والده الا انه الشيء الوحيد الذي أراده بشدة و حصل عليه، أسس موهبته على ايادي اساتذة عاشوا كل حياتهم في السفن، يعرف المراكب الشراعية كما يعرف كف يده،الابحار اسهل من الحياة التي عاشها الى الان، هذه الفكرة خطفت انفاسه، انه يرفض كليا التفكير فيما حصل مؤخرا، يحتاج الانقطاع كليا عن البشر كي يعيد التفكير في مسار حياته البائس، ليس من عادته الهرب من مشاكله و كم عرف منها بفضل مكانته المرموقة و الحساسة، لكن القدر قرر وضع اصبعه على مكان الجرح الغائر الذي اغلق بابا حديديا عليه من سنوات... نقطة ضعفه الوحيدة و المؤلمة، الصغير الذي اخده لوقت قصير بعد ولادته و دفن معه كل انواع الاحاسيس التي يتمتع بها البشر، تعلم على الا يبكي فراقه، الخسارة للضعفاء على رأي والده، وهو ولد كي لا يخسر مطلقا، ولد كي ينجح و يسطع في السماء تماما مثل النجوم، ولد كي يكون العرّاب... قيصر تاورمينا، الرجل الذي يذب الرعب في النفوس و تتفاداه اشد العصابات نفوذا، هو الذي وضع ثقته الوحيدة في والدته التي سرقت منه بكل بساطه احلامه، آخر امرأة توقع منها اي نوع من انواع الخيانة، الاحساس بالوجع مجددا غريب جدا، غريب الشعور بعضلات الصدر تتشنج ... غريب الشعور بضربات القلب تسرع، هذا على الاقل يبرهن له بأنه ما زال يملكه، ذلك القلب الذي فعل يانيس كل جهذه كي يمحيه كليا و يتركه فقط للقيام بالعملية الوحيدة وهي ابقائه على قيد الحياه...الوجع اثبت له بأنه مايزال آدميا و على الاقل لم يسرقوا منه هذا ايضا...عاد يقفز على المرفأ في الوقت نفسه الذي التقطت فيه عيناه قامة أنثوية مألوفة... بحق الشيطان مالذي تفعله هنا؟ " مركبك رائع... انت بحاجة للمساعد رغم امتلاكه للمحرك الالي، الرياح قوية و قد تفقد وجهتك" " اريد ان افقد وجهتي" رد عليها مباشرة، لا يريد العودة مطلقا، بحق الجحيم لمن يعود؟ طالما كانت علاقته بصوفي متوثرة، وقد تسبب بحاذثها اللعين، كيف ستتقبل أمر أن الشقيق التي تتمنى الموت للتخلص منه هو... والدها؟ " سأفقدها معك..." سمعها تقول بهدوء و تتقدم منه لكنه تراجع و هز نحوها عينان جليديتان. " ارحلي بريانا... تستطيعين القول بأن كل ما بيننا انتهى لأن الرجل الذي وضع خاتم اسلافه في اصبعك لا يشرفه مطلقا الانتماء لذلك الاسم اللعين..." " توقف..." سمعها تقول لكنه تجاهل مقتطعتها له: " سبق و طلبتي انهاء خطوبتنا المزيفة و أنا موافق... انت حرة تماما بمتابعة حياتك كما يحلو لك، أما فيما يخصني... فأحتاج للمسافة." لكنها لم تتأثر قيد انملة، رآها تنتزع الخاتم من اصبعها و تضعه في جيبها: " لم نعد مخطوبين... لكنك لن تذهب الى أي مكان من دوني، اذا كنت تظن بأن لا أحد سيفتقدك ان ضعت في المحيط مع هذه الرياح العاتية فنحن اثنين... لا أملك من يبكي فراقي... لا فرق بين لعنة الحياة و رحمتها، سأمنح الخلود لشيء مميز داخلي ان ضعت معك في المحيط... سيرتبط اسمي بك للابد..." " لا أريد شفقتك" قاطعته بهدوء: " اذهب الى الجحيم ان ظننت بأنني أشفق عليك... أنا اشفق على نفسي، فبرأئي الرجل أمامي محظوظ جدا..." " نعم كثيرا" علق بسخرية قبل أن يستأنف تفقد الصواري. " لا تلعب دور الضحية روكو" سمعها تقول وراء ظهره" كنت من الحظ بأن تربت ابنتك بجانبك و عشت معها كل حياتها، الشيء الذي لن أحصل عليه يوما... لن يأتي أحدهم ليخبرني بأن ابني لم يمت و بأنه حي يرزق... أقسم لك لو وضعت مكانك لجننت من الفرح بدل أخد مركبي في هذا الطقس الرذيء لمواجهة موت محتم" من حقه الموت مرتين نعم، سبق و حصل على هذا الامتياز قبل عشرين سنة، العذاب قوي لدرجة انه وضع تلقائيا يده على صدره في محاولة تخفيف الالم. " فكر في صوفي اتوسل اليك" وشوشت ورائه بصوت مختنق "اغضب ما تشاء من الجميع لكنها معلقة بين بعدين و لا نعرف بعد اي منهما ستتبع... اغرق حزنك في الشرب، اضرب احدا او كسر كل تماثيل صقلية المتوفرة، اصرخ ملء رئتيك كي تفرغ شحنات غضبك، لكن روكو... لا تتركها" هو لا يتركها هو فحسب فقد السيطرة تماما على الوضع و لا يعرف ما يجب عليه فعله للتحكم مجددا في زمام الأمور، يريد ان يجد نفسه قبل أن يتقبل فكرة ان من ناداها طول عمره بشقيقيتي هي ابنته، يفهم ردة فعل داركو عندما حمل السلاح على والده بعد ان اكتشف حقيقة بيانكا، حينها وجد تصرفه مبالغا فيه، برأئيه لو كان يانيس مازال حيا لقام فعلا بقتله. شعر بشيء دافئ يلامس يده، نظر الى الاصابع الرقيقة التي لفت راحته و ضغطت عليها، انها تمنحه دعمها... في حياته لم يمنح هذا التقارب الشديد لإمرأة، انه يحيي شجاعتها،لا احد يقترب منه عندما يكون بهذه النفسية الشيطانية حتى اصدقائه. " كيف عثرتي علي؟" سألها دون ان يستدير نحوها. " لم يكن الامر سهلا..." اعترفت " لكنني كنت من الحظ بأن صادفت احد الصيادين الذي رآك في هذا المرفأ الخاص... لا تستطيع تخيل الرعب الذي اعتراني بينما ابحث عنك في ارجاء الجزيرة تخيلت الاسوأ" اقطب و استدار اخيرا نحوها: " لا أملك افكار انتحارية بريانا، انا اقوى من ذلك، احتجت فقط لبعض العزلة... لبعض الوحدة" ابتسمت له بحزن و شدت على يده الثانية قبل ان تعصرهما بحنان: " بالتأكيد انت بحاجتها الحالة المعاكسة هي من لن يكون طبيعيا...لكن بحوزتك العديد من الاملاك، اختار اشدها عزلة و انفرد بنفسك، الابحار في جو مماثل هو الانتحار بعينه، لا تفعل روكو... لا تجعل صوفي تفقد اباها للمرة الثانية" الطقس ليس رديئا لهذه الدرجة و هي تبالغ لتثنيه عن عزمه فقط، هو قبطان جيد جدا، لن تتأخر الرياح بالهدوء و القمر بالعودة الى كبد السماء لينيرها كما يفعل في كل ليلة، ببطــئ قطعت المسافة بينهما، و تركت يديه لتحيط خصره بذراعيها و تضمه الى جسمها الذي بدى صغيرا مقارنة به، حطت رأسها على صدره و كأنها الحياة التي خذلته طويلا و عادت لتصالحة اخيرا، ذراعيه بقيتا الى جانبيه، شعر بشيء غريب يوخز مقلتيه، شيء يحرقه ببطئ و يضبب فجأة الرؤية عليه،ارتفعت اصابعه لعينيه كي يبعد هذا الاحساس الجديد و تبللت قمة اصابعه في زاوية عينه... دموع؟ متى بكى اخر مرة؟ أبدا... روكو ايميليانو الصلب جدا لم يبكي يوما في حياته، حتى و هو يقرأ شهادة وفاه ابنه. في المرآب الخاص اوقف داركو السيارة و اغلق فورا المحرك و معها الاضواء كي لايثير انتباه الثنائي على المرفأ، بقيا هو ورفيقه للحظات صامتين يراقبان الثنائي الغير بعيد عليهما، كان رذاذ المطر قد بدأ بالسقوط، و أمواج البحر تهز المركب الشراعي ببعض الحدة. " لم يرمي بها في البحر و يستأنف ابحاره..." قال خوسيه. " لا لم يفعل " علق داركو بهدوء" يبدو أن بريانا وجدت مكانها بجانب العرّاب" " ماذا سنفعل؟" " سننتظر قليلا.. ان رحلت فسنأخد مكانها، و ان قرر ابقائها فسنرحل... مادام لم يطردها في ظروفه الحالية فلابد ان مشاعره نحوها جدية" " روكو لا يحب أحدا... لسيما امرأة" رنّ جرس الهاتف، المكالمة التي كان يتوقعها، بقي صامتا بينما مخاطبته تكلمه بسرعة تمتم ما ان انهت كلامها: " جيد جدا... اخلي المكان فورا"ثم اعاد هاتفه لجيبه قهقه خوسيه بينما يخرج سيجاره الكلومبي من جيب سترته و يستنشقه بنهم: " مالذي يحصل للجميع؟ هل اصبتم كلكم بسهم كيوبيد ؟؟" " و نسيك أنت" تهكم داركو. " أحب النساء، لا اظنني قادر بالاكتفاء بواحدة..." " عندما تجدها ستغير رأيك" نظر نحوه خوسيه معلقا بسخرية: " تتكلم و كأن زواجك بإبنة الكونت لم يكن فقط تخطيط بينكما" " ابنة الكونت تعجبني" رد داركو بإبتسامة" و ان أشعلت سيكارك في سيارتي فسأقوم بقتلك" تنهذ خوسيه و تأمل سيكاره بخيبة و قلبه قليلا بين اصابعه قبل أن يعيده الى جيب سترته الداخلية، هز نظراته للثنائي الوحيد على المرفأ، أخد روكو فجأة بيد بريانا و قادها نحو المركب، تمتم خوسيه : " فلنمضي... يبدو أن العرّاب اختار رفيقة ليلته" * * * ( أنتظرك في الأسفل... ان لم تنزلي خلال الخمس دقائق فسأصعد) قرأت بيانكا رسالة اليخاندرو أكثر من مرة قبل أن يبدأ القلق في الزحوف اليها، غرست اصابعها في شعرها بعصبية تنظر الى غرفة نومها و كأنها تبحث عن مفر فوري، مالذي يريده منها؟ لقد كانت واضحة بعدم الرد على رسائله لما اذن يأتي لبيت والدتها؟... " آه داركو... داركو سأقوم بقتلك" تمتمت بهياج و هي تبحث عن طريقة ما للتخلص من الوضع، لما حياتها معقدة بهذا الشكل بحق الجحيم؟ سبق و أجزمت بأنها لم تخلق لقصص الحب، كل رجل يرى فيها فقط ما يلائمه، اليخاندرو ربما يكون مختلف، لكن مرضها فحسب ما يبقيه بجانبها، لا تريد أدنى مواجهة معه لأنها مرتعبة مما سيعقب بكل بساطة، انها ضعيفة جدا أمامه، مقاومتها تتبخر تماما و يسيطر على احاسيسها بكل سهولة، أمسكت بهاتفها و كتبت على الفور: ( لا أتلقى الأوامر من أحد) الرد جاء فورا: (أنا آتي...) القت بهاتفها بينما عاصفة هوجاء من الغيض خطفت انفاسها، كان يجب ان تشك بأن يقوم والدها بكل شيء كي يثنيها عن عزمها، حتى بإرسال اليخاندرو للقيام بهذه المهمة،مؤخرا أمضت الكثير من الوقت مع نفسها، خيبتها الأخيرة لم تكن حقا بقسوة خيبتها الأولى، انهاء خطوبتها في الواقع بمثابة راحة كبيرة، وجدت بأنها تعطي أهمية للأخرين و بمشاعرهم أكثر مما تفعل لنفسها، سوف تتعلم أن تحب نفسها أولا قبل أن تفكر في الحب ثانيا، الدراسة في انجلترا حلم قديم يعود جذوره الى كندا، و قد حان الوقت لتمنح نفسها بعض الوقت و تحقق أحلامها، ترددت ضربات على باب غرفتها، قبل أن ترد فتح الباب و ظهر اليخاندرو، شدت أنفاسها في صدرها بينما بقيت مسمرة مكانها، من خلال هندامه يبدو بأنه أتى اليها رأسا من العمل ،تولد لديها انطباع بأنها تعرضت للضرب على رأسها. كان يرتدي بدلة من الصوف الإيطالي بحري اللون وقميصًا كشف طوقه المفتوح عن مثلث الجلد الاسمر كان رجولي حتى النخاع. شعرت بالوجع يعود ببطئ الى كيانها، لا يبدو بأنها دربت نفسها كفاية كي تتحمل عواقب مواجهة جديدة معه، من ليلة زفاف والدها و هي تتحاشاه، و اليوم ها هو أمامها، نظراته مثل الجمر. " مالذي تفعله هنا اليخاندرو؟" لعنت نفسها لأن صوتها أتى مرتجفا، هي تعرف ان دنى منها و أخدها بين ذراعيه فستجهش في البكاء، لقد افتقدت حنانه بشدة مؤخرا. " يجب أن نتكلم... لا يمكننا الاستمرار هكذا " ابتلعت ريقها، مع شعور غريب بابتلاع شفرات الحلاقة: " اظنني كنت واضحة عندما أظهرت لك بأنني لا أريدك في حياتي" رأته يتصلب في مكانه، لم يتبقى لها سوى القسوة كي يختفي كليا من حياتها، لا تريد شفقته فقد تورطت فيه بسببها كفاية، تورطت في كل خلية منه الى ان نسيت من تكون، تملك كل الوقت لتجد رجلا طيبا تتزوجه ذات يوم، لكن كل املها اللحظة ان تدير هذه الصفحة اللعينة من حياتها و تستأنفها حيث تركتها ذات يوم. " لكنني انا اريدك في حياتي" تمتم وهو يتقدم نحوها، ابتعدت لتتوقف بسبب المكتب الصغير في زاوية غرفتها الذي منعها من الابتعاد أكثر." لا تدفعيني ثمن أخطاء الأخرين بيانكا... أنا مغرم بك" " كلا" تمتمت بينما غرقت عيناها بالدموع و تكسر صوتها " انت بصدد انزال عقاب بي... لما لا تتركني و شأني فحسب؟ اشعر بأنني مدمرة، لما لا تحاول فهمي؟" " بالتأكيد أفهمك" رد عليها برقة زادت تعاستها" انا الوحيد الذي طالما فهمك، طالما مسح دموعك..." و مد ابهامه ليمسح دمعة فارة من زاوية عينها " أحبك كما لم أحب يوما في حياتي..." سقطت مرة أخرى في شكوكها وغرقت فيها مثل الرمال المتحركة. " انت تشفق علي" قالت وهي تبتعد عن يده. " لا تكرري هذا" " انها الحقيقة" اجزمت بضيق" انظر الي بحق السماء مالذي تراه؟ انا مريضة اليخاندرو، لا أملك شيئا من مواصفات المرأة التي قد تسعد رجلا مثلك، لن اكون قادرة حتى على منحك أطفالا ذات يوم، أخبرني كيف لرجل ناجح جدا في عمله، موهوب حسابات و يعرف بحدسه نوع الصفقات الرابحة و الخاسرة ان يراهن على امرأة مثلـ..." اليخاندرو قطع المسافة الضئيلة بينهما و سحق فمه بفمها منهيا تماما سلسلة كلماتها الفارغة مثل الفقاعات، كيف تسمح لنفسها بقول ما لا علاقة له به؟ نعم يعرف الأخطار التي يركبها بالوقوع في حب ابنة صديقه، لكن كل شيء أتى رغما عن أنفه، مع بيانكا يشعر بإنتمائه أخيرا للعائلة التي افتقد طمأنينتها منذ الطفولة، انها تمثل له الحياة بكل اشراقها و وعودها، صلابتها أمام ظروف مرضها ما اثار انتباهه لها و ليس العكس، مطلقا لم يشعر يوما بالشفقة نحوها، انين طفيف صدر منها جعله يقطع قبلتهما و يضع جبينه على جبينها قبل أن يحيط وجهها بيديه: " انا ضائع بيانكا... ضائع من دونك" غزاها حب كبير ، لكنها دفعته بعيدا على الفور. الحب عاطفة لم تعد قادرة على تحملها، سمعته يتابع بصوت شبه مسموع: " سأراهن عليك حتى آخر نفس بيانكا... لا تلوميني ما لا سيطرة لي عليه" قبل أنفها برقة" لا حياة لي خارج فضائك حبيبتي، انت ارهقتني و اتعبتني" لم ترد، بقيت جامدة بين ييديه، مغمضة العينين، ابعد يده عن وجهها وبحث عن يدها المرتاحة بجانبها ليضعها على صدره، في جهة قلبه... المكان الذي حفر فيه اسمها منذ سنتين. " اكتشفت بفضلك أنني أسعد بحياتي... الحياة التي لم يكن لها ادنى معنى قبل العثور عليك" فتحت عينيها أخيرا، كانتا قاتمتين، رموشها الطويلة مبللة، بدت مثل طفلة ضائعة فقدت أهلها. " لم أتعمد اغوائك.." " أعرف" قال لها بإبتسامة " هذا بالضبط ما فعلت... لم تتصنعي و كنت دوما انت...لطيفة و رقيقة و مقاتلة، تتذكرين ذلك اليوم، عندما تخلف داركو عن المجيئ لأخدك الى المستشفى للقيام بالغسيل الكلوي الروتينني؟" رآها تقطب و كأنها تبحث في ذاكرتها " أنا من رافقك، كنت قد قرأت على الألام المبرحة التابعة لعملية مماثلة، لكن الابتسامة لم تفارق شفاهك أبدا، حتى انك سخرتي من قلقي... في ذلك اليوم، ادركت بأن مشاعري لا علاقة لها بالتعاطف مع ابنة اقرب اصدقائي..." ضاق صدرها لدرجة تمنعها من التقاط نفسها بحرية. " تقصد انك... كنت مغرم بي منذ عمر الثامنة عشر؟" "بدأت بالوقوع في حبك في ذلك العمر نعم" اجزم وهو يعصر يدها على صدره. " لما لم تخبرني بشيء اذن؟؟" " انتظرت ان تكبري و تنضجي... أن تنظري لي بنفس الطريقة التي أنظر لك بها" شحب وجهها قليلا بينما بان الاحراج على قسمات وجهها الجميلة: " انتظرتني و أنا سقطت بين ذراعي دافيد ما ان سنحت لي الفرصة... " لم يستطع منع نفسه بالشعور بالغيرة التي سحقت قلبه، جابته رجفة سخط ما ان استعاد ذكريات السنة الماضية، بينما رأى قلبه يسقط قطعا تحت قدميه، لقد مزقته علاقتها العابرة و آلمته، لكنه ليس في وضع ليحكم على مغامراتها، هز كتفيه متظاهرا بلا مبالاة: " لم أكن راهبا بالمقابل... " نعم... لم يكن راهبا، وفي كل امرأة يضعها في سريره يراها هي، يتخيلها هي بكل برائتها و جمالها و انوثتها البالغة، منذ سنوات لم يكن هناك غير هذا الشغف الذي يملأه نحوها، حتى انه رفض المجيئ باي من نسائه الى بيته لأنه يعتبره بيتها هي . بللت شفتيها بطرف لسانها و ركزت بعينيها على يدها تحت يده الملتصقة بصدره، تستطيع الشعور بضربات قلبه. " كيف استطعت تحمل كل ما أرويه لك من تفاصيل حياتي دون ان تخون نفسك؟ كيف استطعت التحمل طيلة هذه السنوات..." " سؤال وجيه... أنا نفسي اجهل الجواب، لكنني كنت الصديق الذي تسرعين له بالفضفضة، و فضلت هذا على فقدانك للابد" تشكل وجهها الجميل، و بان الامتعاض في نظراتها بينما تتمتم بصوت منخفض: " أنا آسفة اليخاندرو... آسفة لأنني أسأت لك دون وعي مني.." " ليس ذنبك " و أمسك دقنها ليغوص في نظراتها " أحب ما احسه نحوك، حبك تجربة فريدة من نوعها" شعرت بيانكا بكل مقاومتها تتبخر، أي رد تملكه بينما تتحول لكثلة مشاعر ملتهبة؟ لم يكلمها مطلقا رجل بهذه الطريقة، و لم يشعرها أحد بكل هذا الأمان و هذه الثقة التي يمنحهما لها هذا الرجل... و اي رجل بحق الله... انه الملاذ الوحيد الذي تتوه فيه بدون حدود و لا مناوع، رجل فتح لها ذراعيه منذ الخامسة عشر و لم يتركها أبدا رغم كل حماقاتها، رجل ينظر لها و كأنها أسمى شيء خلقه الله، هل تستحق كل هذا الولاء و هل ستكون في المستوى المطلوب ؟ الن تخيب ظنه و يتبخر كل شيء ؟ لامس خدها بظهر يده بطريقة دفعت الدموع الى عينيها: " انت تفكرين كثيرا.." " أنا خائفة..." اعترفت له " مني؟؟" هزت رأسها بالنفي: " مما سيعقب... من داركو" " سأكلمه" " لا" قاطعته بقوة وهي تهز رأسها برفض قاطع " سيتحول الى حيوان ما ان يعرف بما يحذث... " انتزعت يدها من يده و مررت بأصابعها بين خصلات شعرها بطريقة عصبية، بأي وضع تجد نفسها في النهاية؟ دارت حول نفسها و كأنها تبحث عن شيء وهمي فقدته ثم عادت تواجهه و قد ضمت ذراعيها الى صدرها. " هل فكرت بعلاقتك مع الأمير؟ صداقة سنوات طويلة ستختفي في لمحة بصر ان عرف بما بيننا" ملامح اليخاندرو شعت مثل شمس في سماء صافية و تفجرت وسامته لدرجة خطفت انفاسها: " هل هذا يعني بأنك تريدني؟" " ان رفضتك فسأكون مجنونة" اعترفت بخجل " أي رجل سيترك أعماله و يطير الى التايلاند للإطمئنان على عمليتي.؟ " في التايلاند بصم اسمها على صدره، كان يرغب بتخليد نجاح عمليتها فيه الى الأبد، عاطفة بلا اسم جرفته وهو يتمعن في كلامها، هل يُعقل أن أشد أحلامه جنونا تتحقق اليوم؟من المستحيل ان تكون سعادة اكبر مما يغمره اللحظة، تأملها بتقديس بينما شفاهها الجميلة تبتسم له ببعض الخجل، وضع يده على خدها، يرغب بشدة بهذا التواصل ليؤكد لنفسه بأنه لا يعيش حلما سيستيقظ منه قريبا،نعم... من حق بيانكا القلق ازاء ردة فعل داركو و هو أيضا،لكنه لا ينوي مطلقا التستر طويلا عما يحسه لهذه المخلوقة الرائعة التي قلبت كيانه رأسا على عقب، داركو يثق به... وهو سيكون أهلا لثقته، سيقنع بيانكا رويدا بمواجهة الأمر معه. " صغيرتي... انت تجهلين ما أنا قادر على فعله من أجلك... " لكن هناك ما يزعجها، انه حساس جدا نحوها، يعرف عندما يكون مزاجها معكرا... " ما هو الشيء الأخر؟" " أنا... لا بد أن أبي أخبرك... أعرف بأنه وراء مجيئك الى هنا..." هزت نحوه نظرات قلقة" لن أغير رأئي بشأن الدراسة... " " لم أطلب منك تغيير خططك، بالعكس انا أدعمك..." " لن يزعجك ابتعادي عنك؟؟" بالطبع يزعجه، يزعجه كثيرا، لكن بيانكا تتخد قرارات صحيحة و عليه دعمها لا الوقوف امام وجهها، الدراسة ستنضجها أكثر، ستفيدها و تبعدها عن روتين مرضها. " انها حياتك 'كارا'، تستطيعين فعل ما تشائين بها، اريد رؤيتك ناجحة و سأحاول المجيء لرؤيتك كلما سنحت لي اعمالي بذلك، انجلترا ليست بعيدة... ساعتين و أكون معك" الراحة التي غمرت بيانكا كانت قوية لدرجة انها لم تمنع نفسها من الوقوف على أصابع رجليها الحافيتين و وضع شفاهه عليه في قبلة ممتنة، لم يتبع مطلقا طريقة داركو في استفزازها عاطفيا، ان ارسله الى هنا كي يؤثر عليها بالبقاء فقد اخفقت خططه، اليخاندر يدعمها. " شكرا اليخاندرو" " صرنا حبيبين اذن؟" ابتسمت امام شفاهه: " نحن كذلك..." * * * هزت روبي وجهها نحو السماء لتستقبل النسيم الدافئ المحمل بروائح البندقية، و الماء، و الزهور المعلقة و المنتشرة حولها، غاصت بنظراتها الى النجوم المتلألأئة في كبد السماء المخملية و شعرت بأنها واحدة منها،سيزار يملك القدرة على جعلها تلمس النجوم، مطلقا لم تحلم بسعادة مماثلة، الفيلا رائعة جدا، تطل على بندقية حالمة، كانت تملك من النباثات و الورود ما يجعلها شبيهة بمعرض نباثي، الحديقة تحت سماء مفتوحة ، تتسلق البوغانفيليا على أعمدة العريشة القديمة وتشكل سقفًا أخضر حقيقيًا،الزهور الأرجوانية مثل بقع الطلاء ،أكثر وضوحا مع أفق البحر وزرقه السماء،المسبح المربع لم يكن كبيرا جدا، لكن المهندس عمل على ان يضعه في اجمل المواقع المطلة على البانوراما الشاملة لبندقية مسترخية في الليل .. بكل بساطة المنظر يخطف الأنفاس، عندما أتى سيزار ليأخدها من قصر سيفيرانو لم يخبرها مطلقا عن وجهتهما، أخدا فحسب طائرته و تركته يفاجئها، منذ بعض الوقت تستمع بالاستراخاء في المياه العذبة، المكان غارق في نور القمر الفضي، معزز بهالته الحالمة... المكان حقا مصنوع للحب، هل سبق و أتى بسيزار بنساء قبلها؟ الغيرة عصرت قلبها، كلما تورطت اكثر في علاقتها معه كلما ازدادت تملكا و حساسية نحوه، هذا بالفعل ما تخافه، ان يسيطر على حواسها و يدفعها للجنون، اجفلت فجأة عندما ظهر على سطح المياه مثل السمكة و امسك بخصرها ليلصقها بجسده الذكوري الرائع، قبلها الى ان قطع انفاسها و انساها غيرتها، احاطت عنقه بذراعيها بينما يدفع شعرها المبلل الى الوراء. " سيزار هذا المكان رائع جدا يملك من الدفئ ما يجعله استثنائي" " كل ممتلكات اليخاندرو هكذا" شرح لها و هو يطبع قبلة حارة على كتفها "الكثير من الورود و من الرومانسية... يقول بأن أمه أحبت كثيرا غرس الورود و الاهتمام بها" قلبت شفتها السفلى بإستياء طفلة صغيرة: " ظننت هذه الجنة ملكك" " لا املك بيتا في البندقية... اذا اعجبك المكان فسنحصل على مثله في أقرب فرصة" " يبدو أن المكسيكي هو الأكثر رومانسية في مجموعتكم..." قالت وهي تقبل دقنه المربعة و تشم رائحته الرجولية لحد الثمالة. " هل تنتقظينني سنيورينا سيفيرانو؟؟" " لورد كوستانسو، أنت رجل عملي، كل بيوتك تتوفر فحسب على الأهم، أسرة مريحة بأعمدة ضخمة و ستائر من حرير" هز حاجبه متهكما: " و ماذا تتوقعين من رجل يثير اهتمام النساء دون أن يتعمد حقا ذلك، و لم يعرف الحب الا معك...؟؟ أنا تغيرت... أنت غيرتني" كم تحلم بتصديقه و الانزلاق في أعقاب هذا الحلم الوردي، تنهذت بين ذراعيه بينما يضمها و كأنها أغلى شيء في العالم. " و ماذا ان لاحقنا ذات يوم هذا الماضي الحافل بالغزوات ؟" هل تخيلت ام ان سيزار تشنج تحت يديها، ابعدت خصلاته الغزيرة على جبينه و تطلعت الى عينيه التي صارت بلون القمر الشاحب... الابتسامة الشاسعة و الفاثنة على شفاهه انستها فورا هويتها. " أحبك 'كاريسما'..." ضوء القمر يجعل من وسامته الطافحة اكثر غموضا، هذا الرجل المهتم جدا بسمعته نسي تماما اذلالها العلني له و صار يظهر بجانبها بكل طبيعية، الصحافة تتهاتف لتعرف ما يحذث حقا بينهما، لكنه سرهما الصغير و تنوي الاحتفاظ به، صرخت بينما يلتقطها من خصرها و يرميها في المياه العذبة كما كان يفعل في فيرجن، بلعتها المياه، و دفعت بصدرها الى السطح مثل الحورية قبل أن تسبح الى الجهة المعاكسة و تضع بدقنها على ذراعيها مستمتعة مرة ثانية بالمنظر الرائع للأضواء المتراقصة. " شامبانيا؟" ابتسمت له بينما يمدها بكأس من السائل الذهبي: " كم دامت علاقتكما انت و لوسيا؟" عادت ملامحه للانكماش مجددا، كان قد خرج من المسبح و أتى بسطل النحاسي حيث تنام قنينة الشامبانيا بين قطع الثلج و معه الكأسين الذين ملأهما. " لن أسميها بعلاقة..." رد عليها ببعض الجفاف " كانت جيدة جدا في الفراش و أدفع لها مقابل خدماتها... لما تسألين؟" " لأنها الأجمل بين كل النساء اللواتي خرجت معهن" تمتمت دون أن تفارقه بنظراتها" لما تركتها؟" " لأنني سقطت في حبك من النظرة الأولى في باريس، و اكتشفت أنك نفس المرأة التي يفترض أن تكون خطيبتي لذا قفزت على الفرصة " هذا الكلام لم يخفي مرارة الغيرة التي تسحق قلبها...نعم كان لسيزار ماضيه الحافل لما تحب ازعاج نفسها بشيء فعله قبلها؟؟ الخوف من أن يفعله بعد أن تبدأ غشاوة الحب بالاختفاء يزعجها. " روبي" أمسك بدقنها، كانت المياه ماتزال تنزلق من كثفيه و شعره ووجه تلألأ على ضوء القمر مثل حبات الماس، وهو جالس القرفصاء أمامها تشعر و كأنه خيالي... لا يمث للواقع بصلة. " لا تحاسبيني بما فعلته قبلك... لوسيا تنتمي للماضي" فكرت روبي قليلا قبل أن تقول: " هل هي أفضل مني ؟" بقيت نظرات سيزار عليها و كأنه لا يفهم السؤال قبل أن تنشرح ملامحه و ينفجر في الضحك. " اذن؟" " الن تغضبي؟؟" " لا" "انها امراة بتجربة واسعة " قال بنعومة و هو يعود الى المياه و يتسلل خلفها كي يحيط خصرها بذراعيه و يهمس في ادنها " الفرق أن ما اشعره معك يختلف تماما عما شعرته معها، معك كل شيء لذيذ، بإحساس عميق و مشاعر جياشة" " هذا يعني بأنها أفضل..." هز عينيه الى السماء: " لما تفهمين فحسب ما يرغبه عقلك العنيد؟؟" امسك بوجهها بين يديه ليديرها اليه " أنت افضل منها... بينكما سنوات ضوئية عديدة، و لن ابدلك مقابل كل نساء الأرض... توقفي عن الغيرة روبي سيفيرانو أنت المرأة الوحيدة التي حلمت بها" التقط شفاهها في قبلة محمومة و استسلمت هي من كل روحها. شامبانيا... ضوء القمر، هدوء تام و زهور منتشرة في كل مكان تتغلغل فيها كالسحر، تركت نفسها تتثمل بما حولها و برفقة سيزار الذي اسرع ليبدد شكوكها و يقودها الى المكان الذي يعرف عنوانه جيدا، اختلط كل شيء في رأسها عدا لمسات رفيقها التي أوصلتها الى عنان السماء. * * * حضّرت بريانا القهوة وصعدت بها الى سطح المركب الذي كان يتمايل برفق شديد على نسمات البحر التي بدأت بالهدوء تماما مثل روكو، يبدو اكثر سلاما بينما تراه جلسا على الأرض الخشبية، يديه على كبتيه، يتطلع الى الأفق المظلم الذي لا ينيره سوى الانوار الخفيفة للقمر المختبئ خلف الغيوم، كان الجو باردا قليلا، لذا و ضعت على كتفيها بطانية صغيرة و جدتها في غرفة القبطان، تأملته قليلا بينما تدنو ببطئ منه، انها المرّة الاولى التي تراه متخليا على اناقته المعهودة، شعره الحالك السواد المصفف دوما الى الوراء مشعث في هذه اللحظة على جبينه العريضة، لحية يومين رسمت فكه العريض، حل محل البدلات الرسمية الباهظة الثمن كنزة بقبعة بسيطة و بنطال جنزي، لا يبدو مطلقا شبيه روكو العظيم صاحب امبراطورية ايميليانو، و اعترفت بأنها مطلقا لم تجده اكثر سحرا مما هو عليه في هذه اللحظة.. انها تفضله هكذا... آدميا. " قهوة..." " شكرا لك" منحته القدح الفورا قبل ان تجلس بجانبه و تضع على كتفيه البطانية، حركة لم تفت على روكو الذي اهمل منظر السماء ليحول نظراته اليها. " اليست الأرض قاسية عليك؟؟" ضحكت بخفة: " أبدا... سأخبرك شيئا... أمضيت فترة طويلة جدا في الابحار، لذا أنا أصلب مما تتوقع" رغم العتمة رأت حاجبيه الكثين يقتربان من بعضهما في تساؤل مبهم. " برأيك مما جاء عشقي لتصميم المراكب و اليخوث؟؟" ضمت ركبتيها لصدرها " انتميت لفريق أولمبي من عمر السابعة عشر الى الواحد و العشرون، لم نكن الأوئل في المسابقات الاولمبية لكننا فزنا ببعض الجوائز و كان لنا اسما..." استرخت ملامح روكو: " انت مليئة بالمفاجآت ايتها اليونانية..." لم ترد عليه، غطست شفاهها في القهوة الحارة و تلذذت بذوقها بينما تشعر بنظرات روكو عليها مثل بصمة الحديد. " ماهي اهتماماتك الأخرى؟" هزت كتفيها: " أنا غطاسة ماهرة... أعشق السباحة، أبي كان يسميني بحورتي الصغيرة" هذه الذكرى البعيدة جدا آلمتها، انها الابنة الوحيدة لوالديها، لم يرزقا بإبن بعدها، الوحيد الذي أخد مكان الشقيق الأكبر كان أليكسس، و كم امضت طفولة سعيدة فضله و فضل أخوانه و أخواته، عائلة اريستوفولوس الكبيرة جدا كانت مصدر حسد أحيانا بالنسبة لها، و كم تمنت الحصول على عائلتها الخاصة، مع الرجل الذي و ضعت فيه كل أحلامها و آمالها. " لم يبقى شيئ من تواطئكما؟" سألها مباشرة... لم تكن ترغب مطلقا بالتكلم عن والدها، لكن رؤية روكو مبتعدا عن أحزانه الخاصة شجعتها كانت حريصه على عدم تعكير صفو هذا التوازن الدقيق بينهما. " لقد... راهن بي عندما أدرك بانني سأجلب له أرباحا أكثر مما تمنى" لم يجبها، أعاد وجهه نحو السماء و غرق في أفكاره مبتعدا كليا عنها، هي أيضا احتفظت بالصمت، لا تعرف مالذي دفعها لقلب الجزيرة رأسا على عقب لإيجاده، لقد تورطت كثيرا في علاقتها به، اصبحت ضحية تعطشها و فضولها لمعرفة ما يختبئ ذاخل رجل الثلج ، في ظل أخلاقه التي لا تشوبها شائبة ، تحت وحشيته المعروضة وصرامته، يختفي رجلاً مجروح الفؤاد منذ سنوات مضت. " كلميني عن نفسك... أحتاج لسماعك" بلعت ريقها بصعوبة، لا تحب مطلقا التكلم عن نفسها، حياتها مليئة بالمرارة لدرجة ترفض تكرار احذاثها في عقلها، لكن كانت هناك فترة سعيدة، فترة تبدو لها بعيدة جدا اليوم، كانت فتاة ممتلئة بالطموح و الأمل، حلمت برجل طبيعي تحقق معه كل آمالها، ضمت أكثر ذراعيها الى صدرها قبل أن تقول: " حياتي ليست بالإثارة التي تظنها" " ولا حياتي" تمتم بصوت بعيد" نحن اثنين" نجم فار اثار انتباهها، تابعت رحلته الى ان اختفى في العدم، في فترة من كل سنة تكون هذه الظاهرة كثيرة جدا في صقلية، صنعو لها يوما مميزا حيث يخرج الجميع لمراقبتها و تعقبها بكامراته، بالنسبة للجميع يوم الاماني التي ستتحقق في كل نجم طائر، اما في الحقيقة ليست سوى ظاهرة تحذث ولا تحقق احلام احد... الاحلام تبقى احلاما، بيدنا فقط تحقيقها، و كأن أفكارها أبعدت فجأة كل الغشاوة من عينيها، هذا صحيح، ليس بيد أحد سعادتها و لاحزنها، ما فعله ديميتريس لها شيء مخز و مؤلم لكنها الى متى ستعيش على تعاسته؟ بيدها هي فقط قلب تلك الصفحة المريرة من حياتها كما حال روكو... " أمضيت طفولة سعيدة جدا، مراهقة اسعد، لم أكن مطلقا الفتاة المتمردة التي تتعب والديها، تركا لي حرية اختيار ميولاتي، مزاولة هواياتي و دعماني قبل أن أتبع هوس حلم مراهقة روادني... أردت ديميتريس رغم معرفتي الأكيدة بأنه لا يرغب مطلقا بذلك الزواج، لا ألوم سوى نفسي في النهاية... كل ما حصل لم يكن خطئه... فلم يعدني بشيء منذ البداية" هذا الكلام اراحها لدرجة شعرت بالثقل الرهيب في قلبها يختفي فجأة. ادار روكو نحوها وجهه الجميل، ابتسامة صغيرة في زاوية فمه، من النادر جدا ان يبتسم هذا الرجل لكنه عندما يفعل تكون النتيجة مبهرة. " و تقولين ان حياتك لم تكن مثيرة؟ ذلك الرجل مجنون حقا كي لا يعرف بقيمتك و يتركك ترحلين" كلامه اسعدها، شعرت بالنجوم تتفجر في صدرها، مندفعة بشجاعة جديدة، ربما تأثير القمر و البحر و الاهتزازات الخفيفة للقارب على امواج صارت ناعمة ذكرتها بمراهقتها استرسلت في الكلام على نفسها، التفاصيل الكبيرة اتت بالصغيرة، روكو منصت مميز و سعدت لأنها شغلت تفكيره، عبوسه بدأ بالاختفاء رويدا و منحها من الابتسامات أكثر مما آملت، لا تعرف كم من الوقت ترثرت ولا كم من الاحذاث افصحت، و ربما ايضا بعض الاسرار الصغيرة، لكن قهوتها الباردة انذرتها بأنهما امضيا الكثير من الوقت على سطح المركب، نزلت اكثر درجة الحرارة فعدل روكو البطانية عليهما قبل ان يحيط كتفيها بذراعه و تحط رأسها على صدره، لا تريد مطلقا ان تنتهي هذه الليلة، فقط لو تستمر الى الأبد كي لا تعود الى الواقع أبدا. * * * كانا متلائمين، عاشقين و محبين حتى النخاع، تشعر بالغربة و الوجع امام هذا الوضع الجديد الذي يجب ان تعتاده، بينما الفريق الطبي يضع فرجينيا في غرفتها بستارهاووس لم يبتعد عنها الكونت قيد انملة، كان الاهتمام في كل حركاته، في كل كلمة من كلماته، ترى والدتها فيه... وهو فيها، انهما مهوسن ببعضهما، يعشقان بعضهما لحد الجنون. حب العمر الذي التقى فحسب مؤخرا، وهي ثمرثه، لكنها لم تعد وحدها ما يجمعهما، هناك مخلوق جديد لن يتأخر بالظهور بعد اشهر حمل جديدة، المفاجأة غزتها مثل العاصفة، لكنها لم تعلق ابدا بالرغم من ان حماسة الكونت اغرقت فرجينيا في احراج لا مثيل له، كان يأمل ان تشاركهما سعادتهما، لكن اول ما تبادر الى ذهنها كان والدها روبيرتو... سيموت ان تسلل له خبر مماثل، هذا يضع حد نهائي لكل آماله بعودتها اليه يوما... المسكين. تشعر بنفسها تخونه في كل مرة... كلما ازدادت تقربا من الكونت كلما ازداد هو بعدا عنها. " سوف نتركك ترتاحين أمي" " انتما لا تزعجاني عزيزاي" ومسدت على رأس نيكولاي بين ذراعيها " اشعر بالقوة بوجودكما" هزت عينيها نحو الكونت الذي يجلس بجانب زوجته المتألقة، غريب .. ان تطلعت لهما فلا يبدوان والدين لإمرأة بعمرها، مازالا شابين و رائعين و يستحقان فرصة جديدة لهذا الحب الذي يجمعهما. " لن يتأخر داركو بالاتصال لرؤية ابنه عبر الكاميرا... من الافضل ان التحق بغرفتي" " فقط لو أعرف من سرب مكان تواجدكما لقاضيته" تدخل الكونت وهو ينحني فجأة نحوها ليلتقط بيدها و يتطلع نحوها بقلق" هل انت بخير عزيزتي..؟؟افسد شهر عسلك" " تتكلم و كأن زواجي حقيقي" لم تعرف لما ترددت الكلمات مريرة... هل تشعر بالغيرة من والديها؟ الحب بينهما لن يجمعها به داركو يوما... كادت ان تنفجر في الضحك، من السخف حقا الشعور بالغيرة منهما. " هيئ لي بأنك سعيدة" أقطب الكونت. " انسى الامر أبي" تنهذت ووقفت من مكانها ساحبة يدها من يده " سوف اذهب الى غرفتي... تصبحان على خير..." لم تترك لهما فرصة الأعتراض، ترغب حقا بالاختلاء بنفسها، أدلف نيكولاي يديه في شعرها و شده بقسوة مثل المعتاد، لاشيء لطيف في هذا الطفل سوى وجهه الذي مايزال طفوليا، انه قطعة ثانية من داركو فالكوني، كل تصرفاته متفقدة لليونة و الرقة، كما انه مزاجي بشدة و عصبي اغلب الاوقات. " اهدأ نيكي"وشوشت له بينما تضعه على السرير الكبير و تداعب خصلات شعره الحالكة السواد" انت متعب حقا... هل تفتقد والدك؟ لهذا انت عصبي؟" لكن الدموع التي تحرق مقلتيها لم تعد تقاومها اكثر. " ثبا" تمتمت بغضب وهي تعصر يديها على عينيها لتمنع الدموع. ما يحذث بين الثلاثة البالغين لا يهمها، لما تشعر بنفسها تعسة للغاية بخبر الحمل؟ مجرد التفكير في الحزن الذي سينهش والدها المجروح الفؤاد يجعل دمائها تفور بشدة، انها تحبه من قلبها، و ترفض رؤيته تعسا، خبر حمل فرجينيا سيدمره لا محالة. رن هاتفها الذي كان بين يدي نيكولاي و الذي يقتص به بأسنانه مثل المعتاد، استعادة الهاتف لم تمر بسلام، انفجر غضب ابنها و دخل في سلسلة بكاء عنيفة، يظن هذا الصغير ان كل شيء ملكه و يرفض الخسارة. " لما يبكي؟" سأل داركو ما ان ظهرت صورته على شاشة هاتفها. " و متى كان هذا الصغير في حالته الطبيعية؟ انه يبكي و يتذمر كل الوقت... يحسب لكل رهن اشارته" " انه أمير بفطرته " علق زوجها بتهكم. " فلترحمنا السماء اذن" رأته يقطب، العتمة من حوله زادت من ملامحه القاتمة حدة، دفعت كثلة شعرها الى الوراء لتبعدها عن القبضتين الصغيرتين الشرستين عليها و حاولت السيطرة على ابنها في حضنها كي يتمكن زوجها من رؤيته. " أظنه يفتقدك" تمتمت " و انت لا تفتقدينني؟" " بالطبع افتقدك داركو" اعترفت بصوت منهك " أعطي اي شيء كي تكون معي اللحظة" صدرها يؤلمها بشدة، ورغبة عارمة بالبكاء تهدد جرفها، حاولت اخد نفس عميق دون جدوى، الهواء يرفض دخول رئتيها.. اللعنة. " فلورانس... ركزي الكاميرا على وجهك اريد رؤيتك" انتظرت عدة ثوان قبل ان تفعل ما يطلبه، من خلال ما يحيط به ادركت بأنه في المكتب بالشركة، سمو الأمير مهووس العمل استغل الفرصة ما ان عاد مملكته، سيأخده العمل منها و لن تحضى بالايام الرائعة التي عاشاها مؤخرا ابدا، هذه الحقيقة تزيد من معاناتها الداخلية، زمجر نيكولاي الذي فشل في الحصول على الهاتف مجددا، ما ان سقطت عيناها على نظرات داركو المشتعلة حتى شعرت بالخواء في كل جسدها، حتى من هذه المسافة اللعينة يؤثر بروحها. " ما الأمر 'كارا'؟ هل الكونتيسة بخير؟" " تم نقلها هذا المساء الى ستارهاووس، انها اسعد بتواجدها في كنف عائلتها" العائلة التي فقدتها هي منذ الطلاق، الكونت والدها الفعلي، لكنها تشعر بمسؤولية معاناة والدها في صقلية، لقد دفن نفسه منذ انفصاله عن فرجينيا، لا تريد مطلقا تخيل وجعه بعد ان يتسرب خبر الحمل. " خبر جيد..." سمعته يوشوش في الطرف الاخر" لما لا تبتسمين اذن؟ " حاولت الابتسام دون جدوى، الدموع اللعينة ما زحفت الى عينيها، ابعدت الهاتف لتركز على وجه نيكولاي، في محاولة يائسة لتهدئة صخب أفكارها ، وضعت رأسها بين يديها لتستعيد رباطة جأشها...لن تسمح له مطلقا برؤية دموعها. " لأن هذا الوحش الصغير لا يترك احد مرتاح... يصبح صعب المراس في كل يوم" لعنت صوتها الذي اتى مرتعدا" أظن اننا سنعاني مع طفولة سيئة و مراهقة أسوأ" " فلورانس اعيدي هذه الكاميرا اللعينة اليك..." صوته الفاقد الصبر دفعها لقضم شفتها بعصبية، لا رغبة لها مطلقا بالفضفضة اليه" عيناك لامعتين... هل تبكين؟" كيف تكذب تكهناته، مع داركو في كل مرة يتكون لديها انطباع بأنها تقوم بعمل الموازنه على حبل في الفراغ، رجل فخور وقوي بدم أسلافه البدو الشرسة والمتغطرس تتدفق في عروقه. يمكن أن يكون فظيعا عندما يغضب غاضبا كما يكون رقيقا و مهتما كما اللحظة. " بدأت استنتاجات رجل المهمات الصعبة" سخرت منه لتغطي على شجنها " انا مرهقة فقد قمنا برحلة طويلة و لم انم جيدا" لا تختبئي وراء هذه الاعذراء السخيفة، سخرت من نفسها، هي من اراد استغلال وقت رحلتهما في تقاسم الغرام، هي من رفض مطلقا فكرة الابتعاد عنه ولو ليوم او يومين، الفطام صعب للغاية، اصبح داركو بمثابة الهواء لرئتيها، الغصة في حلقها اصبحت اكثر اصرارا، لم تعد قادرة على اتمام هذه المحاذثة فلن تتأخر بالانفجار في البكاء..وضع روبيرتو يؤلمها بشدة و يحطم قلبها. " حان موعد نوم نيكولاي" تمتمت له بصوت محاييد. الامان الذي شعرته مؤخرا بدأ بالتلاشي، اضطرت شكوكها إلى العودة للسطح ، للظهور مرة أخرى في الوقت الحاضر ، مسرح للمعاناة وعدم اليقين، ما ان تعود الى صقلية حتى تكلم والدها... الرجل الذي منحها طفولة رائعة و اسم افتخرت مطولا به، تشعر بأن الجميع هجروه بمن فيهم هي. " لا بأس 'كارا'... سوف اتركك و شأنك، و الان... مرري لي الوحش الصغير اريد رؤيته" كانت تأمل في الحصول على فائدة أخرى غير ملموسه، اذعنت و اثارت انتباه الصغير الذي ابتسم ملء فمه ما ان تعرف على والده. " هيا أيها الأمير الصغير، سأراك قريبا فكن طفلا طيبا و لا تتعب والدتك اتفقنا؟ أحبك" شعور الاسترضاء غزاها على هذه الكلمة و كأنه قصدها هي شخصيا بها، نادرا ما ينطق داركو بكلمات مماثلة، في ظروف اخرى كانت لتظن انه لا يعرفه معناها اطلاقا، لكنه أب رائع و يحب اطفاله كثيرا، رغم رأيه التعس بنفسه الا انه بعيد على ان يكون اب اناني او مستهتر، بيانكا و نيكولاي محظوظان به. عندما نام نيكولاي رفض هي الزائر طرق جفونها، أخدت معها جهاز 'التالكي ولكي' في حالة استيقاظ طفلها و غادرت الغرفة على اصابع رجليها، الأروقة هادئة، ستار هاووس متاهة حقيقية، يملك الكثير من الممرات السرية التي تربط الغرف بعضها ببعض، هذا المكان شهد سلالات عديدة من الديكاتريس، الاسم الذي تشعر بأنها غير قادرة على الارتباط به، ضمت كنزتها اليها بينما تجد نفسها أخيرا في الباحة الخلفية، جو لندن وفي لرطوبته، لكنها لا تهتم ... ما يهمها هو تواجدها بمفردها، و محاولة افراغ الثقل الرهيب في صدرها، عبرت الممر الحجري المحفوف بعشب أخضر في غاية النعومة قبل أن تخرج من جيب كنزتها علبة سجائر و تشعل واحدة، الأنوار تشتعل اتوماتيكيا في طريقها، المكان يتنفس حقا الرقي و الذوق العالي، مختلف تماما عن الاقامة العصرية التي امضت فيها طفولة سعيدة مع والدين محبين في لوس انجلس، مرارة الخسران غزتها ، لم يكونا مطلقا محبين، هي من كانت تراهما كذلك، لم تحب فرجينيا روبيرتو كما أحبت أندريس، كانت هائمة بشخصية والدها لدرجة جعلتها تغفل على كل ما يدور، لم تراه يوما غاضبا من والدتها،لم تسمع منه انتقاضا واحدا بسبب اسفارها الفنية العديدة و لا الضغط الناجم على شهرتها، الصحافة، الباباراتزي، المعجبين... روبيرتو تحمل كل شيء من أجلها، كانت امرأة حياته، يجد لها دوما الأعذار و يعشقها من قلبه، تراه كان الأبوة المزوة أم الحب المزور؟ لكنه كان وطنهما هي و دافيد، لم يشعرا أبدا بالفراغ الذي يخلفه غياب فرجينيا، هو كان يدعمهما، متواجد دوما عندما ينهار عالمهم، لذا تشعر بضغط الفقدان، الطلاق دمرها بشدة و دمر كل حلم الطفولة و معه المراهقة، طالما تسائلت لما تملك عينان خضراوين بينما كل أفراد الريتشي يملكون زرقة مميزة؟ أخدت نفسا عميقا من سجارتها وتوقفت أمام النافورة الحجرية التي يعود تصميمها لقرون مضت. " تدخنين فلورانس؟" استدارت حول نفسها لتسقط انف بأنف مع جوشوا، رؤية نظراته الخضراء التي تلمع في الظلام و الشبيه جدا بعينيها أثارت مشاعرها. " يبدو بأنك تدخن ايضا..." قالت له و هي تشير بدقنها الى الولاعة الذهبية التي يلعب بها بين اصابعه. " أحيانا عندما اكون مضطربا... آنجلا ستقوم بقتلي ان عرفت بالموضوع لذا احتفظي بالسر الصغير بيننا" " هذا اذا احتفظت به أيضا" قالت بإبتسامة صغيرة" داركو يكره السجائر". " هل استطيع الحصول على واحدة؟" منحته العلبة ليخرج منها سجارة و يشعلها. " مالذي يجعلك مضطرب أخي الكبير؟ لا تصدق أنت أيضا امكانية حصولك على شقيق في هذا العمر؟" هز حاجبيه و تأملها بتسلية: " انها معجزة الا تظنين؟؟ أنا سعيد جدا من أجلهما... الكونت يكاد يجن من السعادة، فرجينيا هي نصفه الثاني و علينا الفرح من اجلهما" هزت كتفيها: " جوشوا فرنانديز كيف استطعت التحول من رجل مرير يكره والده الى انسان متفهم و رومانسي" تلألأت اسنانه البيضاء تحت الانوار الخافثة للمكان بينما يضحك بنعومة: " مند زمن هجرت اسم فرنانديز, الكونت يستحق ولائنا جميعنا... أظن أنه تألم كفاية بحرمانه من كلينا، لم ندخل حياته الا في عمر متقدم..." عندما تفهمت نطاق رد فعلها ، شعرت بالفزع و الخجل. كيف يمكن أن تفكر فقط في رد فعل روبيرتو بينما الكونت أكثر من تم خداعه في كل القصة؟ جوشوا عاش نفس الوضع، تم تدمير آمال الكونت و ابعاد أطفاله عنه، روبيرتو تآمر عليه و شارك فرجينيا في خداعه، في خداعها هي أيضا، شيء من التوازن في الموضوع قد يجلب لها بعض الطمأنينة، هزت عينيها الى البوابة الحديدية في الزاوية و سألته: " ماهذا؟" " مقبرة العائلة..." شرح شقيقها وهو يلقي بعقب السجارة و سحقها بحدائه " كل اسلاف الديكاتريس يرقدون هناك بسلام" " هل نستطيع القاء نظرة؟" سالته دون أن تبتعد بنظراتها على البوابة. "الا تخافين من الاشباح؟" " هل يوجد أشباح أسوأ من أبناء الكونت أندريس؟" سألته متهكمة و هي تتأبط ذراعه ليتوجهان معا نحو المقبرة " نحن نختبئ لندخن السجائر مثل المراهقين، على الكونت أن يكون فخورا بنا" كانت عيناه تتألق وبدا جلده يتوهج من الداخل، لابد انه سعيد برفقتها و بتواطئهما، تقبله اخيرا كشقيق لها يسعده كما يسعدها، لقد كان بجانبها في أسوأ الظروف و مطلقا لن تنسى كل ما فعله، فجاة تذكرت: " هل استطعت اختراق باقي أجهزة داركو؟" شعرت به يتشنج تحت ذراعها لكنه لم يجب، منذ ذلك الوقت التهت بالأحذاث و لم تعرف نهاية تحريات شقيقها بالموضوع، هي فحسب فضولية: " ظننت انك فقدت اهتمامك بالموضوع لذا... لم اتمم تحرياتي" انه محق تماما، انتهى ذلك الموضوع وفقدت اهتمامها به، احوالها انقلبت تماما في الوقت نفسه الذي انقلبت فيه عواطفها و اصبحت مهوسة داركو فالكوني و صريعة هواه، الرجل افقدها عقلها و حتى هويتها. " أم انني مخطئ؟" سألها بنبره قلقة" هل مازلت بحاجة لمعلومات عليه" هزت كتفيها بينما يتجاوزان البوابة و تشتعل الانوار في المكان لتسمح لهما بالرؤية الواضحة: "لا" تمتمت بينما يتوقفان قرب اول قبر في طريقهما " لا اريد ان اكتشف شيء قد يدمر الهناء الذي بدأ يغزو حياتنا... ارفض ان اكرهه مجددا" الاسماء الذهبية للقبر اثارت اهتمامها بينما شعرت بقلبها يسحق فجأة في صدرها: " اليسيا ديكاتريس... " تمتمت فلورانس بصوت هامس" كيف للموت أن يكون منعدم الرحمة ليختطف طفلة بهذا العمر؟" الورود البيضاء الموضوعة على القبر ما تزال ندية، لامست بأصابعها البتلات المبللة. " انها ورود اليكس المألوفة... يبدو أنه مرّ هذا اليوم ايضا" " لابد أنها كانت متميزة و استثنائية كي لا يتمكن اليكس من نسيانها كل هذه السنوات... أنا حقا حزينة لأنني لم أتعرف عليها" لم يجب جوشوا، اكتفى فحسب بالاقتراب منها و احاطة كتفيها بذراعه " أنت محق..." " فيما أنا محق؟" استدارت نحوه لتواجهه: " الكونت يستحق تماما ان يتركه الجميع بسلام فقد كانت حياته عبارة عن سلسلة معاناة متتالية، أنت عشت مع والدتك و انا مع رجل آخر ناديته بأبي كل حياتي، و اليسيا رحلت في عمر الزهور، ووليام لم يكن الابن الذي اعتقده الكونت وخاب أمله بالجميع، كل هذا عبارة عن مسدس محشو بالرصاص، كاثم الصوت، يصيب كي لايخطئ..." التقطت انفاسها " اشعر بالذنب لعذاب أبي اقصد أبي الذي قام بتربيتي... و في نفس الوقت... اشفق بشدة على الكونت الذي هو والدي الفعلي و لست قادرة بعد على التأقلم مع الوضع" " لا دخل لك بما يحذث فلورانس... اذا كان روبيرتو يتعذب بسبب فرجينيا فهذا من شأنه فقط... لست مضطرة للشعور بالذنب بسبب شيء أنت لست مسؤولة عليه... لا تنسي انك ضحية تماما مثل الكونت" نعم وهذا ما فكرت به تماما قبل قليل، لكنها لم تعد ترغب بكراهية أحد ولا الحقد على أحد، تريد فحسب السلام الداخلي و عيش الحياة التي يعدها بها زوجها... الرجل الذي انتزع قلبها و جلس مكانه، وضعت راسها على كتفه، تتطلع الى الأحرف الذهبية التي تلمع تحت الانوار الخافثة. " متى حولت ميولك للعلم النفسي؟" " منذ أن أدركت بأن من تغزلت في مؤخرتي هي شقيقتي الصغرى" " أظن ان مؤخرة زوجي تروقني أكثر" ابعدت رأسها عن كتفه و ما ان التقت نظراتهما حتى انفجرا في الضحك، في هذه المقبرة الحميمية التي تضم اسلافهما يناقضان مجددا كل القواعد، عندما هدأت عاصفة الضحك التي ابعدت كل الضغط الذي شعرت به منذ أن وطئت قدميها أرض هذا المكان دنى منها شقيقها و ضمها بين ذراعيه: " احبك فلورانس" " أحبك ايضا... آسفة لكل ندالتي معك فأنت لم يكن لك اي دخل بالموضوع..." ابتعدت عنه للتطلع في وجهه الوسيم " آسفة لأنني كرهتك في البداية" " أه أنا أيضا كرهتك فلورانس... كنت أكره رؤية آنجلا معك فبالنسبة لي انت مصدر ازعاج مستمر... قنبلة مشاكل متنقلة" هزت عينيها للسماء: " لكنها الحقيقة... مع كل الفضائح التي خلقتها كان يجب غلقي الى الأبد خلف جذران مستشفى المجانين... لكنني تغيرت..." ابتسمت برقة" نيكولاي غيّرني..." هز جوشوا حاجبيه متهكما: " و الأمير؟" اتسعت ابتسامتها الى ان شعرت بعضلات وجهها تؤلمها: " رغم كل مساوئه و شذوذه الا انه يمثل لي الحلم الذي طالم راودني... أظن أنه لا يوجد رجل على الأرض قادر على تحمل طباعي مثله" واقفا في ظل العريشة الغير بعيدة أدلف الكونت اندريس يديه في جيوب بنطاله بينما يراقب برضى أبنائه الثلاثة بجانب بعضهم في حميمية، الشيء الذي حلم به مطولا قبل ان يتحقق أخيرا ،ابتسم بينما يرى جوشوا يلامس خد شقيقته و تعود هذه الأخيرة الى أحضانه، اليسيا لم تعد من هذا العالم لكنه يشعر بوجودها في هذه اللحظة، كان لوجودهم معا وقعا مدويا، تعاسة بعد أخرى و معاناة بعد معاناة ينتهي المطاف بترك جراحه جانبا لعيش قصة جديدة أفضل، رغم كل نجاح أعماله، ثروته الضخمة أجمل انجاز هو ما امام عينيه في هذه اللحظة... ابنائه و المرأة التي تنام في سريره الان و تحمل في أحشائها وعود جديدة بالسعادة التامة. | |||||||||||||
13-07-19, 11:22 PM | #2247 | ||||||||||
مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب
| أنا جيييييييييييييييييت ومعايا احلى كلام نغم وسحر بالكلمات ابداع من انامل برقة الزهر والبتلات أميرة الحب بلا منازع الفصل تحفة .. تحفة شكرا لك أميرة على المجهود الخرافي ننتظرك دائماً امووووووووووووووووووووووو وووووووووووووووه | ||||||||||
13-07-19, 11:23 PM | #2248 | ||||||||||
مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب
| | ||||||||||
13-07-19, 11:23 PM | #2249 | ||||||||||
مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب
| | ||||||||||
13-07-19, 11:23 PM | #2250 | ||||||||||
مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب
| | ||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|