|
مشاهدة نتائج الإستطلاع: أي من الشخصيات أحببتم الترابط و التفاهم بينهم؟! و استطعت إيصال مشاعرهما لكم! | |||
يوسف و مرح | 147 | 55.06% | |
مصطفى و جميلة | 130 | 48.69% | |
معاذ و ورد | 22 | 8.24% | |
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 267. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
16-02-18, 11:23 PM | #412 | |||||
كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاءوقلم مشارك بمنتدى قلوب أحلام وحارسة سراديب الحكايات
| اقتباس:
| |||||
17-02-18, 09:54 PM | #416 | ||||
كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاءوقلم مشارك بمنتدى قلوب أحلام وحارسة سراديب الحكايات
| الفصل الواحد و الثلاثون قراءة ممتعة 💋 ****************** بعد عدة أيام لأول مرة يراها غاضبةً فعلا.... كانت تحمل وسادته و غطاءه اللذين يستعملهما للنوم فوق الأريكة في الغرفة.... و ترمي بهما بعنفٍ في البهو قرب الأريكة الكبيرة أمام التلفاز - " مرح ليس هكذا تحل الأمور...." قال بترجٍ - " لا أريد سماع صوتك يوسف.... أنا أكرهه في هذه اللحظة " أجابته بانفعال و هي تعود للغرفة لتغلق الباب بقوة..... ابتسم وهو ينحني ليرفع الغطاء و الوسادة من الأرض.... فقد كانت صريحة في أنها لا تريده النوم في غرفة الضيوف.... التي احتلتها سابقاً جميلة..... استلقى على الأريكة يحاول النوم....بعد فترة من صراعه مع الغطاء، همس بانفعال ....وهو يضرب الأريكة بكلتا ذراعيه بعنف - " أريكة هناك و أريكة هنا.... ما المختلف حتى لا يريد السهاد أن يفارقني" وضع يده خلف رأسه يتذكر ما الذي حدث في عيادة الطبيب اليوم.... عندما بدأ يحكي ذلك الجانب المظلم من حياته.... التي كانت الرغبة المحرمة ما تقوده.... - " هل خُنتَ زوجتك السابقة من قبل؟! " نكس رأسه... وهو يلعن الطبيب الذي طرح السؤال الذي يتهرب منه منذ شهر من بداية العلاج... ليقول بصراحة وهو يرفع نظراته باتجاهها.... فاليوم قرر الطبيب أن يجلسا متقابلان - " نعم.... مرات عدة...." قال بهمس و هو ينكس برأسه...لا يُريد أن ينظر إليها - " و مرح.... هل فكرت يوماً بخيانتها؟" نظر باتجاهه كأنه يريد أن يُسكته بنظراته النارية.... لكن الطبيب أعاد السؤال ببرود... و مرح تتململ بمكانه تنتظر إجابته على نار... رغم أنها واثقة أنه كان مخلصا لها.... - "زواجي السابق كان مختلفاً.... نحن تزوجنا لأنها حامل فقط.... هي لا تعني لي أي شئ..." اتجهت نظراته نحو زوجته الوحيدة " مرح قبل أن أتزوجها.... كنت فكرت أن أتخذها زوجة و أم لابنتي فقط.... إلا أن الأمر تغير بعد أن عرفتها.... و... بعد حديثها عن.... عن الحادثة .... فكرت مرة... كانت مجرد فكرة " قال بتأكيد و نظراته مازالت مثبتة عليها " فكرت أن أعاشر أخرى.... ليس خيانةً لكِ... فقط لأتأكد أنني ما زلت قادراً على ذلك" - " قادراً على ماذا؟!! " قال الطبيب ببرود استفز يوسف... زادت اتساع عيون مرح، و الدموع تتجمع أكثر و أكثر فيهما.... ليقول بعنف - " أنت لا تعرف بماذا أحسست؟!!" سكت ليستطرد بهدوء مفاجئ و بتعب .... و كأنه يحاول أن يختزل إحساسه في كلمات لكن هيهات.. - "أحسست أن رجولتي قد مُرغت في التراب... شعور قاتل...و أنت تغتبر نفسك لا شئ....أردت أن أنتقم لها في أخرى ...." بلع ريقه ليقول " الشيطان ذكرني بإحساسي القديم.... عندما كنت أعيش دون هموم تثقل كاهلي.... دون ضمير يؤرق مضجعي.... و دون وازعٍ ديني يهذبني.... كنت أريد أن أكون يوسف الذي أعرفه..... الذي عشتُ معه لأكثر من ثلاثين سنة..... أردت أن أكون يوسف القديم ليوم واحد.... إشتقت له جدا في تلك اللحظة.... " أغلق عيونه " أنا لم أعد أعرفني.... هناك ما يجثم على صدري يخبرني أنني المذنب.... أنني السبب في كل ما مرت به..... و أنا أكره هذا الإحساس....في المقابل.... هناك صوتٌ يخبرني أن أبحث عنهم و أمزق جثتهم بدم بارد....و هذا سيجعلني أرتاح...." نظر للطبيب برجاء " أريد فقط ما يُطفئ هذا الجحيم المستعر في صدري و لا يهم كيف... على جسد عاهرة او بالقتل.... أريد فقط أن أسكته للأبد" لم يلتفت لبكاءها بجانبه.... كل ما يهمه أن يُخرج كل بنت فكرة في عقله... - " هل تلك الأفكار تلازمك دائماً؟ " - " منذ فترة.....فقط عندما أكون معها " نظر باتجاهها " تختفي" - " أنت اخترت الخيانة او القتل.... و لم تذكر الخيار الثالث" نظر إليه يوسف بتركيز.... ليستطرد الطبيب - " مرح.... أخبرتَني أنها الوحيدة التي تجعل جحيمك يبرد" - " هي فقط مهدئ.... أخاف من نفسي وهي بعيدةٌ عني" حركت رأسها يمينا و شمالا... و كأنها تخبره أنها لن تتركه أبدا... أبعد نظراته عنها نحو الطبيب الذي قال - " مرح قد تخطت الأمر.... لكنك مازلت محبوساً في تلك الليلة.... غضبك لانك لم تكن هناك... أنا لم أفهم لحد الآن كيف تؤنب نفسك على شئ أنت لست المسؤول عنه.... و على حد علمي لم تكن تعرف مرح سابقاً " - " لأنها بينما هي تتعرض للهجوم.... كنتُ على جسد عاهرة... في نفس الليلة و الساعة و الثانية....كانت تُنتهك فيما أن أنتهِكُ حدود الله " قال بتقزز " مرح قدري من البداية.... و أنا لم أستحقها خالية من كل جرح.... مرات أفكر أنني لو كنتُ عفيفا، كنت سألتقيها في مكان ما.... سأصر على التعرف عليها، فلا يمكن أن أدع امرأة بفتنتها تتسرب من أصابعي.... كنا الآن سنعيش حياةً هانئة و ربما محاطين بأطفال.... " همس و عيونه تتلألأ للفكرة. - " كل هذه مجرد أوهام من عقلك.... أنت تضيع عليك عيش حاضرك بأفكار لو كانت في صالحك كان الله قدرها لها.... " صمت قليلا ليقول " يوسف.... مرح قدركما أن تلتقيا في محنة تهز الجبار، الله لا يبتلي شخصاً إلا لكونه قادراً على الصبر..... لا تفقدا الإيمان بالله فتنجرفا في أوهام ستجعلكما تعانيان فقط.... الله قدر لمرح أن تمر بتجربة قاسية لتنضج أكثر.... تعلمت أن الحياة تحتاج للقوة و عدم التخاذل، رغم أنها كانت مؤلمة إلا أنني اؤكد أن مرح الآن مختلفة عن مرح منذ عام مضى..... " كانت تنظر إليه ولمعة تزداد في عيونها " و أنت يوسف.... الله يعلم أنك الوحيد الذي يستطيع أن يسندها فجعلها في طريقك.... لا تفكرا في الإنتقام.... فالله سيتولى كل ظالم.... فكرا بتأسيس عائلة و إنجاب الأطفال... شتتا تركيزكما عما حدث..... و الحياة قصيرة لنهدرها على ما مضى " كانا يستمعان بتركيز.... يقيمان نظرتهما للأمور، ما كسباه و ما فقداه في هذه التجربة .... لم يعرف كيف انتهت الجلسة..... و عادا للبيت لتبدأ موجة الغيرة المتأخرة تحتل مرح... قالت ما إن دخلت للمنزل - " إذن فكرتَ بغيري؟!" همست بقوة انبثقت فجأة من لا مكان.... تبعها نحو الغرفة....ليمنع انغلاق الباب في وجهه - " كانت ثانية فقط...أُقسم لكِ.... لم أكن سأفعلها" وقف أمامها كطفلٍ مذنب، يمرر يده على شعره ليبعثره... - " هل لأنني....أعني.... لم أسمح لك..." ينظر إليها، تحمر خجلاً لتشبح فجأة... - " لا......لا... ليس الأمر كما تظنين.... الموضوع مرتبط بي و ليس بكِ....كنتُ مشوشًا و تلك الممرضة عرضت علي..." سكت و ملامحها تتجمد فجأة.." اللعنة" همس وهو يُدرك أنها نطق بالكثير لم يجدر به قوله.... " مرح...لا تذهبي...أنا آسف...". الأمور مرت بسرعة بينهما....ليجد نفسه على الأريكة.... كمنبوذ....ركل الغطاء بقوة.... ليغمض عيونه يحاول النوم.... ******************* كانت واقفة امام باب منزل يوسف و مرح.... تلفتت تنظر خلفها حيث يقبع منزلها.... للآن لا تصدق أن هذا الأشبه بالقصر في عيونها باسمها.... بعد أن تناولا وجبة الإفطار عند يوسف ذلك اليوم..... أخبرها مصطفى أنهما سيذهبان للمنزل.... توترت و هي تعتقد أنه سيعيدها لمنزل والدته.... لكنها بمجرد نظرها لملامحه المتعبة.... و الخطوط حول عيونه التي ظهرت فجأة لتستجمع المتبقي من صبرها.... ستعود... من أجله ستعود.... كان يمسك بيدها يجرها خلفه.... و هواجسها تأخذها إلى هناك....كيف ستعيش مع حماتها التي تكرهها جداً.... - " وصلنا " نطق مصطفى.... لتنظر إليه بريبة، وهو ينسل المفاتيح ليفتح الباب الحديدي الضخم، وقفت مكانها تنظر إليه بصدمة و هو يتقدم و يدمدم شيئا، يعتقد أنها تتبعه.... ليلتفت وراءه و يلمحها ما زالت واقفةً فاغرة فاهها.... ليضرب جبينه.... لقد نسي تماما أن يخبرها عن هذا المنزل..... منزلها. رجع إليها..... ليلتفت حولها و يعانقها من الخلف.... و يداه تستريحان على بطنها المنتفخة جداً.... - " حبيبتي... أتمنى أن يعجبك....منزلك الجديد" - " ه....هذا منزلنا الجديد؟ " قالت وهي تميل رأسها تنظر إلى جدية ملامحه - " لا ليس منزلنا " خبت نظراتها ليقول وهو يزيد من ضمها " بل هو منزلك.... اشتريته لك....هدية لزواجنا و لحملك... " - " منزلي؟.... تقصد هو منزلي وحدي.... و أستطيع أن أُسكن فيه من أريد و أطرد منه من أريد؟" صاحت بطفولية - " نعم منزلك..... ولك الحق بفعل كل ما تريدين فيه" صرخت بصخب و هي تقفز فرحا - " إهدئي جميلة.... لا تنسي أنك حامل" لكنها لم تهتم و هي تجذبه من عنقه - " لدي منزل.... منزلي.... هو لي.... أنظر إليه كم هو جميل...." كان يتأمل الفرحة في عيونها.... فرحة ليست بالمنزل بقدر ما هو لانتمائه إليها....وكأنها وجدت أخيرا موطنها.... تفاجأ بسيل القبلات التي هاجمت بها على وجهه... ليقول بحزم وهو يبعد يديها من على عنقه....و يتلفت يميناً و شمالاً بحثا عن مشاهدين للعرض المجاني الذي تقدمه زوجته وسط الشارع - " جميلة إهدئي...." ابتسمت برقة لتقول بهمس - " شكراً " و تسرع داخلةً للحديقة الكبيرة.... تتأملها بانبهار.... لتلمح كلب مصطفى الضخم و تجري نحوه - " روكسي.... لقد جئت....إشتقت لك جداً جداً " قالت وهي تعانقه....و الكلب سعيد برؤيتها من جديد.... لكنه ابتعد بمجرد أن لمح صاحبها ليجري باتجاهه - " خائن...." صاحت.... ليضحك مصطفى بشدة وهو يقول - " لا تقلقي.... الكلب و صاحب الكلب ملك لكِ...." نظرت إليه بغواية وهي تغمز له...." أعرف" و تستكمل اكتشافها لمنزل أحلامها.... رغم كل شيء، منزل أحلامها.... و حبيبها بجانبها.... إلا أن هناك شئ ناقص، شغفه بها كل ليلة و كأنه يريد أن ينسى بين أحضانها.... أن ينسى رفض والدته مقابلته او التحدث إليه منذ تلك الليلة.... و اللهفة التي اتجه نحوها اليوم وهو يستيقظ ولم يجدها بجانبه ... ليخرج مسرعاً نحو الأسفل حيث المطبخ، ليلمحها..... ترتدي بلوزته السوداء القطنية.... التي تصل لركبتها.... و مطوية يدها عدة مرات.... ابتسم لمنظرها، ليقترب يحضنها بقوة من الخلف.... - "تبدين شهية و انت ترتدين بلوزتي" همس وهو يوزع قبلاته على عنقها.... - " أعلم.... فالجميل جميل ولو ارتدى كيس الخش" قالت بثقة.... ليضحك بقوة و هو يديرها.... و يرفعها لتجلس على طاولة المطبخ....احمرت و عيونه تمر على ملامحها برقة.... لتنزل نظراتها باتجاهه ندوبه.... و تتلمسها، لتقبل جانب كتفه بخفة.... - " لا أعرف كيف سأكون... إذا استيقظت ولم أجدك بجانبي" أدركت من نظراته الضائعة، أن الكابوس عاوده....دائما ما يعاوده كلما أحس بالضغط و رفض والدته له جعله يحس أن ضغطا مهولا على كتفيه - " أنا دائما معك....و حتى لو غضبت و خاصمتك فبناتي سيشفعن لك عندي" حاولت منعه وهو يرفع البلوزة لتظهر بطنها - " مصطفى.... لا تفعل....أنا..." لكنه أسكتها و هو ينزل يقبل بطنها بكل قوة....لتبدأ تحركات بناتها تصبح أقوى - " لقد أحستا بك... " ضحك برقة و و نظرة حزن و رغب تظهر على ملامحه حاول مداراتها لكن جميلة لمحتها، لترفع بسرعة رأسه و تقبل فوق جفونه..... ليقول بحشرجة - " أخاف ألا أستطيع لمسهما.....أن أكون مصدر خطر لهما...." ابتسمت له.... وهي ترفع أنفها بثقة - " هما بناتي..... و بنفس الطريقة التي جعلت دفاعاتك تسقط.... بنات جميلة سَيَنْسِفنها مرةً واحدة " ضحك.... ليميل يقبلها، قبلة إمتنان..... هذه المرة. - " السلام عليكم جميلة.... تفضلي " قاللت مرح تُخرجها من ذكرياتها وهي تفتح الباب... ترتدي قميصا فضفاضا رمادي اللون يصل لوسط فخذيها مع تنورة سوداء ضعف مقاسها... و كالعادة شعرها مزموم للخلف بعقدة صعبة الفك.... كانت تبدو بصورة باهتة.... رغم أن ملامحها أصبحت أكثر إشراقاً و كسى اللحم عظامها أكثر من السابق.... و أصبح جسدها يميل للإمتلاء أكثر.... - " و عليكم السلام......" قالت جميلة بصوت بعيد.. وملامحها مازالت بها لمحة الحزن على الحال الذي آلت إليه الأمور - "يبدو و كأن أحدهم أزعجك..... أدخلي.... " قالت مرح بهدوء و هي تترك الباب لتتجه نحو المطبخ، تكمل رص المقادير على العجينة.... - " يبدو أن فرحتي لن تكتمل أبداً.... " قالت وهي تنزع عباءتها، لتظهر بصورة جعلت مرح فاغرةً فاهها.... كانت ترتدي قميصاً باللون الأخضر، ما جعل عيونها تظهر و كأنها من نفس اللون.... عاري الكتفين... و يُظهر جزءا من صدرها.... و سروال بالكاد يصل لمنتصف ساقها باللون الأبيض... و شعرها منثور بفوضوية.... قبل أن تجمعه برابط كان ملتفا حول رسغها....فوق رأسها بفوضوية... كانت صورةً مبهرة، نظرت لنفسها ثم أعادت نظراتها لجميلة.... صورتان متناقضتان.... الأولى تنبض بأنوثة و الأخرى.... أوقفت أفكارها لتسألها... - " ماذا حدث؟! " - " مصطفى يتعذب.... والدته ترفض رؤيته مجددا، هو يحاول أن يشعرني أن كل شئ على ما يرام.... إلا أنني أعرف أنه ليس كذلك .... و أنا حائرة، لا أعرف ماذا يجب علي أن أفعل؟" - " هل تستطيعين الذهاب و رؤيتها؟" سألتها مرح بشك - " ليس الآن....إن استمر الوضع على ما عليه....فسأذهب إليها بعد ولادتي.... فلا أستطيع تعريض بناتي للخطر" - " نعم...." همست مرح، وعيونها تنظر إلى أسفل أذنها.... حيث تقبع أثار قبلةٍ عنيفة.... كيف لا يعشقها مصطفى حد الجنون و كل ما فيها ينبض بأنوثة خُلقت من أجلها فقط.... شهدت على انتكاسات صديق زوجها و هي بعيدةٌ عنه.... حتى هي فتنت بها فما بالك من زوجها.... ترى هل نظر إليها يوسف بإعجاب في إحدى المرات؟!!... نهضت بعنف للمطبخ، ملاذها حين تكون في مزاجٍ سوداوي كالآن. بعد فترة كانتا تجلسان أمام التلفاز..... تأكلان بشهية قطع البيتزا التي حضرتها مرح.... إلتفت إليها جميلة التي كانت تجلس بأريحية ..... تنظر إليها بتركيز.... -" مرح......لماذا أنت كئيبة إلى هذه الدرجة؟" همهمت جميلة و هي ترفع طبق الفاكهة وتضعه فوق بطنها المنتفخة -" ماذا تعنين؟" همست مرح و هي تنظر إليها بتوتر -" أقصد..... انظري إلى نفسك؟ شعرك، لباسك... كل شئ بك باهت...." قالت و هي تشير إليها " كيف يستطيع يوسف أن ينظر إليك و تلمع عيونه..... " تلمست مرح شعرها القصير الباهت و المتقصف، لتصاب بالذعر و جميلة تكمل.... " ألا تخافين أن ينظر إلى غيرك...؟" - " أنا....." أجابت مرح بثقة مهزوزة.... لتنخرط في بكاءٍ مرير - " مرح؟!!" همست جميلة بصدمة " لم أكن أقصد... أنا فقط أحب أن أراك أكثر بهجة" نظرات مرح كانت حزينة... و كأن جميلة ضغطت على الجرح لينزف أكثر.... -" ماذا هناك مرح؟! " ترددت مرح بالبوح.... لتعانقها جميلة بقوة - " أنت أختي مرح.... و من واجبي التخفيف عنك كما تفعلين.... " ابتعدت عنها قليلا لتستطرد " مرح.... أنت عائلتي الوحيدة.... وجودك في حياتي يجعلني أحس أن هناك من سيضمني إليه إذا احتجت لذلك.... حتى مصطفى لن يملأ مكانك مرح" - " أنا أحبك جميلة... " قالت لتنخرط في بالبكاء مرةً أخرى " الأمر أن يوسف أصبح متغيراً.... " - " كيف ذلك؟ " ترددت مرح في البوح لتقول باندفاع - " في آخر جلسة أخبر الطبيب أنه يشتاق لحياته القديمة... و قد كاد... " سكتت تمزقها الفكرة.... وضعت جميلة يدها على فمها و قد فهمت جملة مرح المبتورة - " سوف أمزق وجهه....الوضيع " صاحت بغضب - " ليس الأمر كما تظنين.... " همست تدافع عنه "ربما لأنني لم...لم... " انزلت عيونها من الإحراج..... لتتسع عيون جميلة - " ألم ترحميه بعد مرح.....أخبرتني منذ مدة أنك مستعدة" سكتت مرح لا تريد أن تخبرها أنها رفضته....يكفيها خزيها - " مسكين يوسف.....لا بد أنه يتعذب.... " -" ماذا أفعل؟!" قالت مرح بقلة حيلة وهي تمسك بيد جميلة... تستنجد بها - " لا تخافي سأفكر بحل.... " أجابتها جميلة... ساد الصمت، و كلاهما تنظران للتلفاز رغم أن عقلهما بعيد عما يُعرض. - " لنذهب...." صاحت جميلة فجأة... ما جعل مرح تنظر إليها بقلق - " إنهضي...." أمرت جميلة..... لتنهض مرح بسرعة و تمد لها جميلة بيدها تساعدها على الوقوف... و تدور حولها - " هاتفي....أين هاتفي" حملته لتتصل برقم سرعان ما أجاب - " مرحبا.... أنا جميلة.... مممم.... صاحبة الإنتقام.... نعم نعم" أجابت بخجل وهي تنظر لمرح بتوتر.... " أريد موعد لشخصين....أنا و أختي.... نعم نفس الهدف مع تغيير طفيف...حسنا بعد ربع ساعة سنكون هناك" - " جميلة؟!!" تساءلت مرح - " فقط لحظة... " قالت وهي تتصل برقم آخر.... ليجيب بجرأة أصبحت جزء منه - " هل اشتقت لي بهذه السرعة .... أصبحتِ نهمة..... " شهقت وهي تسمع رده.... لتبتعد عن مرح وهي تقاطعه - " ليس وقت ذلك مصطفى...أريدك في خدمة " - " و أنا جاهز...." قال وهو يضحك و عقله يصور نوع الخدمات التي تطلبها عادةً جميلة - " موووصطفى....ليس ما تفكر به" تأففت وهو يبتسم ليهمس بصوتٍ خفيض - " هل تتضمن الخدمة أن..... " شهقت بقوة لتقول - " توقف عن ذلك موووصطفى.... أنا أريدك أن تأخذني و مرح لمكان ما...... " استطردت بسرعة - " إلى أين؟! " قال بتوجس - "حسناً لمركز التجميل.....و الآن من فضلك" همست برجاء - " "ممممم.... أنا قادم " - "شكراً حبيبي....." همست بعد اتصال مرح بيوسف تسأله الإذن للخروج مع جميلة.... ركبت بالمقعد الخلفي.... وهي تسترق النظر للمسات مصطفى لجميلة التي لم تتوقف و همساته لها.... دون أن يدركا أنها تصل لمرح.... لم تستطع منع احساس الغيرة من التسلل إليها.... جميلة تملك كل شئ حلمت يوماً بامتلاكه زوج محب..... و تنتظر طفلتان و الأكثر حياة طبيعية..... التفتت تنظر للخارج تفكر بحياتها مع يوسف.... هل يكفي عشقهما ليوصلهما لبر الأمان. - " هل تعدينني بليلة كتلك الليلة؟ " همس وهو يساعدها على الخروج من السيارة و يسجنها بينه وبين السيارة - " تقصد ليلة خطبتك؟" قال بغيرة حارقة - " بل أقصد أول ليلة لنا معاً..... " حاولت منع ابتسامتها من الظهور و هي تقول بغضب مصطنع " لا تنتظر شيئا مني " و تتسلل من بين ذراعيه إلى حيث تقف مرح باضطراب.... كانت تنظر لامرأة أنيقة بشعرها اللامع القصير المصفف بعناية.... ملابسها رغم أنها رسمية إلا أنها تظهرها جميلة جداً.... عانقت جميلة بقوة... لتشهق وهي تتلمس بطنها المنتفخة من تحت العباية - " هل هذا من تلك الليلة من سبعة أشهر؟! " قالت حسناء بعيون لامعة من الدموع - " أجل...." همست جميلة " طفلتان.... " لتشهق أكثر وهي تلتفت لعاملاتها - " الإنتقام كان قاتلا يا بنات.... جميلة حامل بطفلتين" لتصيح الفتيات بحبور.... و كأنهن عائلة واحدة لم تكن تفهم مالذي يدور حولها....كانت تقف بجانب جميلة، لأول مرة تخرج من البيت مع شخص آخر غير يوسف.....أو ناديا للذهاب للجلسات.... التي قلت لتصبح جلسة كل أسبوعين..... إلتفتت إليها حسناء .... لتصبح دقات قلبها متسارعة أكثر.... - " من هذه الفاتنة يا جميلة؟ " سألت حسناء دون أن تحيد عن مرح التي تحس بوجنتيها تكادات تحترقان من الخجل - " هذه صديقتي مرح.... تريد تغييرا جذرياً لشكلها... تعلمين.... من أجل...."قالت جميلة وهي تتخلص من عبائتها.....لتقاطعها مرح فجأة - " خرجتُ من تجربة سيئة..... و أريد مرح جديدة لحياةٍ جديدة" رفعت حسناء حاجبيها بإعجاب.... لتقول بصوتٍ عالٍ - " سمعتن يا بنات.... لدينا عمل كثير.... و لنجعل ذلك السافل يقطع أصابعه ندما" كانت جميلة ستصحح خطأها لكن مرح أشارت لها لتلتزم الصمت..... التغيير ستقوم به لنفسها.... كما تغيرت داخليا ستتغير خارجيا.... ستصبح أخرى تليق بيوسف.... بالصورة اللامعة له. - " حسنا حبيبتي.... إنزعي حجابك لنرى" - " شعرك صحي جدا.... يحتاج فقط لبعض اللمسات، و اللون الأسود الغامق الطبيعي نادر وجوده هذه الأيام...." - " أريد تغييره... " قالت مرح بهدوء - " هل أنت واثقة.... " همست حسناء لتومئ مرح - " كل الثقة...." -" مممم أعرف ما سيناسبك كثيراً " همست حسناء، وهي تقيم ملامح مرح.... جلست تنظر لمرح... التي اتخدت الكرسي الدوار امام المرآة برهبة و حسناء و عاملاتها يحطن بها.... يظهر من ارتباكها أنها تتلقى مثل هذه العناية لأول مرة بحياتها.... اهتز هاتفها بوصول رسالة من مصطفى (أنا آسف.... لم أعد أذكر من تلك الليلة إلا اقتحامك لحمامي بصورة أقرب للخيال منها للواقع.... تعلمين أنني أحبك؟) ( نعم أعلم) أصابه الإحباط من ردها المختصر.... ليرسل لها رسالة أخرى (لا تقطعي شعرك) (حسناً) ( لا تغيري لونه) ( حسناً) ( جميلة....) ( نعم مصطفى) ( أنا لا أمانع بنقشة الحنة) ( حسنا) ( لم تخبريني أين أريدها) ( حسناً... أين تريدها؟) ( على طول رجلك..... و كتفك و أسفل ظهرك) ( ووجهي ألا تريدها هناك؟) ( لا....هذا يكفي) ( مجنون.... لقد جاء دوري...أراك في المنزل... أحبك) تنفس الصعداء لردها -"و أنا أحبك...." همس لنفسه وضعت هاتفها جانبًا.... لتتجه حيث تجلس مرح و تجاورها.... - " أظن أنني سأكتفي بتجعيد شعري و جلسة شمع لجسدي فقط هذه المرة.... لا أظن أنني سأستطيع القيام بها وحدي....منذ حنلي و بطني تكبر بوتيرة سريعة كل أسبوع...." أومأت حسناء توافقها.... لتشير لمرح المرتبكة.... - " هل تريدين جلسة أنتِ أيضا؟! " نظرت باتجاه جميلة بخوف.... لتستئذن من حسناء أن تتركهما بمفردهما قليلا.... انسحبت و ابتسامة اعتذار تزين ملامحها - " جميلة... ماذا تقصد بجلسة شمع كاملة؟! " سألت من تحت اسنانها وهي تحاول أن تقترب من جميلة - " نزع الشعر لكل جسدك منها المنطقة الحساسة" فغرت مرح فاهها.... لتصيح برفض - " أنا لا أريد.... هل أنا مجنونة لأقبل" - " حسنا... فقط إهدئي....لن أُرغمك عليها.....الآن على الأقل " همست جميلة بهدوء.... عادت مرح لمكانها تنظر برعب لصورتها.... و تحول تذكر النذوب التي ما زالت تزين فخذيها....رغم أنها في طور الإختفاء...لكنها ما زالت ترتسم لمرح محفورة كالأخاديد في بشرتها.... غائرة جداً.... و بشعة جدا. تنفست بهدوء تحاول أن منع عقلها من الغوص في ذكريات سوداء.....و المصففة تغسل شعرها و تمسد فروة رأسها بمهلٍ بعث السكينة لجسدها. ******************** - " أم لؤي عادت من جديد.... و ابنها مصر على الزواج من ابنتنا" قالت وهي تنظر لزوجها الذي يلاعب يوسف في حجره و ينظر خارجا..... منذ عاد من مقابلة ابنته مرح و هو ساكت لا يتكلم إلا قليلاً.... - " أخبرتكِ.... لا بنات لدي للزواج" أجابها بنزق - " لكن.... " حاولت خديجة الإعتراض - بناتي سيكملن تعليمهن أولا.... أريدهن أن ألا يحتجن شخصاً ما يوماً.... أن يكن قادرات على حماية أنفسهن.." كانت تتفحصه بعمق.... لم يعد كما كان..... ما حدث مع ابنته الكبرى قد غيره جداً..... و كأنه أبعد غشاوة القسوة عن قلبه....قبل عيونه جلست.....لتمسك بابنها تضعه في حجرها لترضعه... ثم وضعت كفها على ركبته - " ما الذي حدث؟! هل قابلتك؟ منذ عودتك من هناك و انت صامت.... عدت شخصًا آخر" نظر بعيداً.... ليقول بهمس - " ابنتي وجدت من يستحقها..... وجدت صدر الأب في زوجها، أنا ضيعتها....لم تعد لدي ابنة تسمى مرح.... لقد ماتت و أنا قاتلها" - " يوماً ما ستعرف أنك كنت بلا حولٍ ولا قوة.... ستعرف أنك كنت ضعيفاً على الوقوف بوجههم" إلتفت إليها.... و عيونه الذابلة... التي لم تعد تُبصر إلا القليل تنظر إليها - " لا..... أنا كنت أعرف أن جعفر مدمن و لا يستحقها.... أنتِ أيضاً كنت تعرفين... فسمعته تسبقه في الحي.... كلنا مجرمون وحدها الضحية.... وحدها الضحية" - " هذا قدرها.... أنظر إليها الآن، لو لم يحدث لها ما حدث... لم تكن ستلتقي بأكبر الأطباء و تتزوجه.... لم يكن عمها سيترك لها منزلا كالقصر.... " قالت بشئ من الحقد... - " إذهبي..... و دعيني وحدي"قال ببرود لتنهض حاملة ابنها....تتمتم باللعنات عن الحال الذي آلت إليه الأمور. تنفست الصعداء و عي تسمع قرار والدها فيما يخص زواجها من لؤي.... الشاب الثلاثيني صاحب المطبعة أمام ثانويتها...و كالعادة ينتهي نقاشهما بأختها الكبرى التي رغم حظها السئ إلا أنها استطاعت أن تتزوج بيوسف العالمي...أكبر جراح في البلاد، عائلته ذات الصيت الكبير... ورث المال الكثير من والدته الفرنسية.... و نصيبها في المستشفى العالمي.... من أكبر المستشفيات و الدخول لأروقته يعتبر رفاهية لوحدها.... ما إن سمعت مرة عن زوج أختها حتى بحثت عنه.... في الأخير لم تكن مرح تلك المغلوبة عن أمرها.... وهي ليست أقل منها.... بل أكثر هي لم تتعرض للإغتصاب و أقل من زوج اختها لن تقبل. دفعت والدتها كتفها بقسوة و هي تخرجها من أفكارها.... -"مالذي تفعلينه هنا؟" ابتسمت ببراءة لتلمع عيونها الجميلة.... التي تجعل والدتها تقارنها بقطة مخادعة، لطالما أفزعتها - " لا شئ.....بالمناسبة.... فلتنسي مسألة زواجي.... فلم أجد بعد من يستحقني" - " ومن أنت لكي تختاري..... سأزوجك و سأجعل أنفك المرفوع بدون سبب يمرغ في الأرض.... فتصرفاتك لم تعد تعجبني" - " أمي.... أنا ابنتك بحق الله" - " و لأنك كذلك....أخاف أن أبتلي بك.... ك " قاطعتها لتقول - " كمرح أليس كذلك؟! .... إن كنت سألقى كزوجها يوسف.... فأنا حقاً لا أمانع " كانت تنظر لابنتها الكبرى برهبة.... لم تتخيل أبداً ان ترغب أن تكون بمكان مرح.... ابتسمت بسخرية.... و أي أنثى لن تتمنى ذلك.... باغتتها ابنتها بسؤال - " أمي.... متى نذهب لزيارتها؟" إلتفتت تنظر إليها بتركيز لتقول - " لن نذهب أبداً.... إنسي ما تفكرين به.... فأنتِ لن تكون قادرة على مجابهته أبداً " ************************ - " السلام عليكم ورحمة الله..... السلام عليكم ورحمة الله " سلم الإمام....لتليه همهمات المصلين خلفه.... كان في الصف الأخير يؤدي صلاة العشاء.... في مسجد " بلال بن رباح " الذي بني منذ تولي والده القيادة.... رغم قدمه إلا أنه يحرص على ترميمه كل فترة.... كان شيئا دائما ما يعتبره واجباً عليه تجاه أهل قريته.... في الواقع، والده لم يدخر أي جهدٍ في سبيل أهل قريته إلا و قام به، رغم قسوته إلا أنه يعتبر من أفضل القادة التي حصلت عليه القرية. وقف على عتبة الباب الكبير.... ينتظر خروج والده برفقة عمه كالعادة، الذي لم يستطع ترك أخاه لوحده لمدة طويلة...... و كل دقيقة و أخرى يجيب على تحية رجل من الرجال. - " كيف حالك سيدي الطبيب... سعيد برؤيتك " قال أحد القرويين بتوتر.... يقدم رجلا ليؤخر أخرى - " بخير الحاج الطيب... كيف حالك أنت" أجابه معاذ بابتسامة تشجيع.... بلع العجوز ريقه ليقول بهمس يكاد يسمع - " في الواقع سيدي الطبيب....أنا أعاني من آلام لا تطاق على جانبي ظهري.... و أكاد لا أستطيع الإستقامة كلما انحنيت...." لم يكد العجوز يكمل كلامه حتى قاطعه شكوى آخر ثم آخر.... - " حسنا يا سادة.... غداً بحول الله سأقوم بفحصكم.... يمكنكم الحظور للبيت فجراً.... و أرجو إخبار الجميع" تفرق الجميع و قد منعهم بصعوبة من تقبيل يده.... رفع رأسه لتتقابل نظراته مباشرة مع نظرات والده.... نظرات كل فخر، رمش معاذ عدة مرات و كأنه أخطأ تفسيرها.... اقترب يقبل رأسه و كتفه - " السلام عليكم أبي...كيف حالك؟" و دون أن ينتظر الإجابة عانق عمه.... - " أنا بخير....كيف حالك أنت؟" بعد العشاء إختلى بوالده كما لم يفعل أبداً.... في جو بعيد عن التوتر....كانا يتناقشا عن أحوال العائلة.... القرية و السياسة.... كأنهما لم يمرا أبداً بمطبات جعلت الحياة بينهما مستحيلة.... - " لكن والدي!!..." قال معاذ بشئ من الحدة... لم يستطع بعد أن يرودها - " أنا فقط أعرض عليك الأمر.... عمك رفضه، و كنت آمر أنت تقبل أنت المهمة" أجابه والده بهدوء.... ليستطرد معاذ بدفاعية - " أنا طبيب والدي.... و لا أفهم في منصبك أي شئ....كيف تريدني أن أخذ مكانك...." - " ما أعرضه عليك هو واجب و ليس مهنة.... واجب تجاه قبيلتنا منذ القدم، و مهنتك كطبيب ستزاولها بين أفراد قبيلتك، هم أولى بها...." - " لا أدري... " همهم معاذ....لينظر إليه عبد الجبار و يرى ليونة في ملامحه - " فكر في الأمر.... ألم ترى نظراتهم إليك منذ قليل... هم يحتاجونك بينهم.... أنا لن أجبرك على ما لا تريد.... لكن أتمنى أن تأخذ عرضي بشكل جدي....فبالأخير أنا لم أعد أستطيع الحكم.... فقد صرت عجوزا... و أقصى أمانية أن أنام بهدوء " نظر إليه معاذ.... والده لم يعد كما كان.... و كأن السنوات مرت منذ آخر لقاء.... فقد الكثير من وزنه، جلده متدلي على ملامحه تغزوه أخاديد عميقة من التجاعيد.... رغم لمحة السكينة لرؤيته.. إلا أنه متعب.... متعب جدا، لينظر لمشاكل اهل قريته بعين الصواب كما كان.... قال يريد أن يرى راحة أكثر في ملامحه - " حسنا... والدي.... سأفكر بالأمر، لكن لا تتوقع مني القبول" زفر براحة.... ليغمض عيونه.... و كأن ابنه قد وافق.... - " وفقك الله بني....وجعلك دائما مفخرة لي" كان متكئاً.... يفكر في دعوة والده التي مازالت تتردد في عقله....رغم بعاده إلا أنه كان دائماً مفخرة له.... بعد كل نجاح كان يتصل بوالدته يخبرها، وهو موقن أنها ستخبره.... كان يحس بسعادة و هي تخبره عن سعادته.... كان يعتقد أن ذلك ناتج لانه يشمت به و هو يبرهن له إلى أي درجة هو ناجح بدونه.... لكنه في قرارة نفسه.... يعلم انه سعيد لانه جعلهما فخوران به.... توقف عن التفكير فجأة.... ربما هذا ما يحتاجه في حياته....أن يكون أقرب لعائلته و لقريته، ربما يجب أن يقوم بالنقيض لما فعله سابقاً.... رفع هاتفه ينظر لصورتها.... كانت تنظر إليه بابتسامة جذابة و تضع يدها على بطنها.... كعارضة أزياء فاتنة. يعلم أن الوقت متأخر جدا.... لكنه بحاجة لسماع صوتها... أجابت بصوت أجش من النوم - " معاذ؟!!" - " مرحباً.... حبيبتي، اشتقت إليك " قال بهمس، و خياله يسترجع صورتها بعد الإستيقاظ. -" هل كل شئ بخير؟!... لماذا لم تنم بعد؟ " قالت وهي تستوي جالسة برعب... ظهر جليا في نبرة صوتها - " كل شئ بخير حبيبتي....لم أستطع النوم....أنا جالس في السطح.... " قاطعته لتقول - " يا ليتني معك..." لتستطرد بسرعة وهي تكتشف اللوعة التي همست بها " أشتاق للطمأنينة التي أشعر بها هناك.... للهدوء و لخرير المياه....كان مكاني المفضل.... أغلق عينيك و استرخي... " نفذ طلبها بآلية.... لتهمس " بماذا تشعر؟!" سكت يحلل مشاعره، صوت خرير المياه من الجدول خلف المنزل..... أصوات الحشرات الليلية.... و صوتها - " أحس براحة.... راحة ممتزجة بالإكتفاء و صوتك يتخللها" سكتت لم تعرف كيف تجيب ليباغتها بسؤال - " هل تريدين العودة و العيش هنا؟!" - " أتمنى.... لكنني سأكون بعيدةً عنك" لأول مرة تلمح برغبتها في العودة إليه.... - " أينما تكونين....فهو مكاني... إختاري فقط" | ||||
17-02-18, 09:58 PM | #417 | |||||||||
عضو ذهبي
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الفصلين جمال انا اول مرة اعلق بس الرواية جميله وانا بتابعك ابدعتي في وصفك لمشاعر الابطال ومامروا به من مآسي في حياتهم ..الله يخرب بيتها ام مصطفى والله عيب عليها ليه تعمل فيها كدة في الاول كانت تشجعها عشان كان في مصلحتها ولما ابنها خف مش عاوزاها وبقت مش مناسبة لعيله العالمي جميله عسل ومصطفى اخيرا اخذ الخطوة الصح لازم امه تخاف تخسره عشان تبطل شغل الحماوات معاها .أما يوسف كان مش عاجبني في الاول صايع وبنات نسوان وغرقان في الحرام بس الحمدلله أنه تاب ودلوقتي بيحاول يصلح من نفسه ويحتوي مراته ..شكرا لك ودمتي سالمة | |||||||||
17-02-18, 10:04 PM | #418 | ||||
كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاءوقلم مشارك بمنتدى قلوب أحلام وحارسة سراديب الحكايات
| الفصل الثاني و الثلاثون قراءة ممتعة 💋 *********** - " لا أعرف....لما أهوى تعذيبه هكذا" أجابت ورد عن سؤال أختها.... توقفت والدتها عن تحريك الحريرة، لتلتفت تنظر إليها بحزن، نظرت باتجاهها.... لتدنو برأسها.... و كأنها تبحث بين حبات العدس عن شئ دخيل لتتخلص منه ( ألا تشتاقين لزوجك) و سؤال فدوى ما زال يتردد في عقلها.... كيف لا تشتاق و هو يجري مجرى الدم في عروقها.... الليالي التي يقضيها معهم بحكم غياب والدها في القرية.... أظهرت لها إلا أي درجة هو قد تغير.... حياتهم التي كانت أساسها التوافق الجسدي لم تعد كذلك..... و كأن النكسة التي تعرضت لها حياتهم، لتخلق شرخاً في علاقتهما....برهنت لهما، أن العلاقة الزوجية لا تتمثل فقط في غرفة النوم..... الزواج اتحاد الروح قبل الجسد.... هو إنصهار يشمل الجوارح قبل الأجساد..... تعرف أنها غلطت... يوم عرفت بمخاوفه و لم تواجهها معه.... لم تكن السند الذي احتاجه بجانبه، ليخرج من دوامة.... أُغرقت فيها روحه.......جبنٌ منها يوم اعتقدت أن الفراق هو الحل الوحيد لمداواة ما حملته القلوب من هذه التجربة. تغيره نابع عن إرادة أن يجمع شملهم من جديد..... أن يبدأ بدايةً صحيحة.....محسوبة بعقلٍ سليم، و أول شئ قام به..... هو مواجهة الماضي... جفلت بقوة و والدتها تضع يدها على كتفها.... تخرجها من حيث قادتها أفكارها.... ربتت بحنية على ظهرها وهي تقول - " بسم الله..... " لتستطرد بعدما سكنت ملامح ورد" نحن لن نجبركِ على أي شئ لستِ واثقة منه ابنتي " رفعت نظراتها، نحو والدتها التي لم تلقى منها إلا الدعم الذي تريده.... حتى عندما قررت ترك الدراسة و التفرغ لدورها كأم.... أمها عارضت رغبتها، بل هددتها بالمقاطعة إن فكرت بهدر مستقبلها..... ( مستقبلك سندك.... فالنفوس لا يعلم ما تخفيها إلا خالقها.... مهما تنازلت سابقاً، فلا تعاودي التنازل كيلا تخسري نفسك للأبد هذه المرة) رغم أن نصيحة والدتها كانت متأخرة، إلا أنها احتاجتها جدا، فأن تأتي متأخرة خيرٌ من ألا تأتي أبداً..... - " أمي....أنا أحبه جداً.... ولا أستطيع أن أبقى أكثر بعيدةٌ عنه.... لكن...." سكتت تنظر لوالدتها...التي أبعدت رأسها عن حضنها، لتجلس بجانبها.... و تلتفت تقابلها، و نظراتها، نظرات امرأة قررت أنها لن ترتكب غلطةً أخرى.... و تكتفي بمشاهدة زهراتها يدوين وحيدات... - " المشكلة في تلك اللكن حبيبتي.... يجب أن تعرفي ماذا تريدين ولا تفكري إلا في نفسك فقط....لا في معاذ و لا في إبنك....فقط في ورد و ما تريده ورد " أشفقت عليها وهي ترى نظرات تائهة تحتل مقلتيها.... أشارت لفدوى أن تقدم لها الحليب.... وهي تقول - " إشربي هذا ورد ثم إذهبي لترتاحي حبيبتي.... ولكل حادث حديث...." أطالت السجود و هي تسخير الله أن ينير دربها بنوره..... دعوات اختلطت بشهقاتها الممزوجة بدموع مالحة..... دعوات أحست بسكينة تمتد على طول أطرافها لتنتشر على جسدها....مانحةً راحة احتاجها. لم يتبقى إلا أقل من أسبوع على زواج فدوى.... و انتهاء مهلة التي أعطاها لها معاذ لتفكر في قرارهما....رغم أنه يعلم جيداً.... أن قرارها بالرجوع إليه.... رهين فقط بالأيام لينفد....إلا أنه يريد أن يحسسها أنها من اتخدته عن كامل ارادتها....وهو الآن ينتظره بكل لهفة... معاذ..... غصة في القلب، و ثقة تبنى قطرةً قطرة.... في سد، مشقوق.... - "ورد استيقظي....ورد أختي" كانت فدوى تحاول ايقاظها من الحلم المزعج... أصابها الهلع و جسد ورد يهتز، و دموعها تجري بلا توقف....كانت تحاول قراءة ما تحفظه من القرآن.... و أنين أختها يعلو.... لتشهق ورد فجأة.....و كأن شخصاً ما كان يضغط بقوة على عنقها، فيمنع عنها الهواء.... وفجأة رحمها قبل أن تسلم روحها - " معاذ...." همست بأنين و هي تحاول التنفس بصعوبة.... و شعرها يلتصق بجبينها من العرق - " ورد.... هل أنتِ بخير؟" قالت فدوى برهبة....و هي تحاول تبين ملامح أختها الملتصقة بها بقوة - " أريد معاذ.....الآن....." قالت بضعف.... - " إهدئي ورد.....معاذ في القرية.... ليس هنا " - " معاااااااااااذ...." صرخت بقوة وهي تبعد أختها بقوة " معااااااذ" - " فدوى ماذا حدث؟ " قالت والدتها وهي تدلف إلى الغرفة بتخبط.... " ورد.... ورد... ما بك حبيبتي؟! " أسرعت نحوها لتضمها بقوة و جسدها لم يكف عن الإهتزاز - " أمي أنا أريد معااذ....أخبريه أن يأتي..... أمي لا أستطيع التنفس...." كانت تحاول إخلاج نَفَسها بصعوبة.... ليزداد رعب والدتها..... نظرت إلى الساعة التي تتحرك برتابة باتجاه ساعة الفجر.... -" حسناً حبيبتي.... اشربي الماء.... سأتصل به الآن" لم تفلتها ورد، و فدوى تقدم لها الهاتف - " السلام عليكم.... " أجاب معاذ بصوت ناعس... ليجلس بسرعة وهو يسمع صوت خالته - " معاذ إبني....أرج...." قاطعها بخوف - " خالتي.... هل ورد بخير....." - " معاذ...." همست وهي تخطف السماعة من يد والدتها..... لتستكين، و تستند للوراء وهي تسمع همسته - " حبيبتي.... " همس بلوعة " ما الذي حدث.... هل أنتِ بخير؟" - " أنا آسفة.... " قاطعته.... و جسدها يعود لاطمئنانه بمجرد أن سمعت صوته....اطمأنت أن والدتها و أختها قد غادرتا الغرفة لتقول " آسفة لكل شئ قمتُ به..... آسفة أنني لم أتفهم حاجتك إلى الإحتواء سابقاً.... آسفة أنني لم أحبك كما يجب.....آسفة...." - " شششش ورد..... ما يهمني أنك زوجتي و حبيبتي و أم طفلي...." - " أنا لا أستحقك...." قالت لتنخرط في البكاء - " ورد، ورد.... إن كان هناك من لا يستحق الآخر فهو أنا.... لكن رغم كل شئ، سأتشبث بك.... لأنني أناني لعين.... و سأفعل المستحيل لأكسب حبك و ثقتك من جديد" سكت يستمع لتنفسها المضرب ليهمس " ورد ما الذي حدث حبيبتي... ولماذا جعلت والدتك تتصل بي في هذا الوقت" - " لأنني اشتقت إليك.... " - " ورد.... مالذي حدث؟! " همس برقة... لتزداد ضربات قلبها.....و تنذر دموعها بالنزول - " رأيت حلماً مزعجاً...." همست بخفوت - " ألن تخبرينِ به؟! " همس بنفس الرقة - " أخاف أن يُصبح حقيقة" ************* قبل ساعات... كانت تنظر لنفسها بانبهار... لتعيد إحكام حجابها حول رأسها بقوة.... تخجل من أن تريه... النتيجة المبهرة و الرائعة التي أصبحت عليها... اللون الذهبي الفاتح و التموجات التي أضافتها المصففة لشعرها.. جعلها تبدو أكثر فتنة.... - " مرح... " صاح يوسف وهو يدلف إلى المنزل.... أغلقت عيونها و صوت المفاتيح توضع في مكانها فوق الطاولة بجانب الباب يصل إليها.... أصابها الرعب و الخجل وهي تفكر في ردة فعله حول التغيير الذي قامت به.... خطوة.... خطوتان ليصبح على حافة الباب... فتحت عيونها بارتباك و صورة من الماضي المدفون تمر كالبرق في عقلها...ضحكات استهزاء تصم أذنيها و نظرات تحقير لفستانها الرخيص توشمها.... شحب لونها أكثر و يوسف يقترب منها و يمسك ذراعيها بقوة غير مقصودة نتيجة رعبه - " مرح.... هل أنتِ بخير؟! "قال وهو يقترب منها...بخوف أن يكون شيئا قد حدث لها و هي في الخارج مع جميلة -" هل حدث لكِ شئ؟!... " أعاد السؤال مرةً أخرى برعب....كانت تنظر إليه بخوف.... و أصابعها الموضوعة على صدره ترتجف بقوة " مرح... أرجوكِ... ؟!" عانقها بقوة.... ضارباً بعرض الحائط كونها غاضبةً منه....بسبب الجلسة الأخيرة و اعترافاته التي يخجل منها.... لتستكين و رائحته تتغلل لداخلها، و تنشر دفئا غمرها من أخمصها لأعلاها.... لكن فتات الماضي أبى أن يذهب بعيداً.... وهي تتخيل نظرات الدفئ و الخوف عليها.....تتحول لنظرات استهزاء.... إستجمعت أنفاسها لتقول بصوت مرتجف كسير.... جعله يرفع حاجبه استغراباً.... وهي تحاول التملص من عناقه القوي.ٍ - " أين كنت؟" أبعدها قليلا ينظر في عيونها.... ليقول و كأنه يُخفي أمرا... - " آهه.... هل انتظرتي كثيراً.... مصطفى أخبرني أنكما ستتأخران، فاستغليت الوقت لزيارة المحامي الذي كلفته بالإهتمام بشراء الأسهم من أبي...." قاطعته وهي تبتعد و يدها تتثبت حجابها بقسوة - " و ماهي الأخبار؟!" - " اشتريت أغلبها.... و باقي القليل سيشتريه صديق لي...." سكت قليلا.... ليخرج علبة ذهبية " ومررت على المتجر لأشتري لكِ هذه..." نظرت إليها بفضول.... لتنشق ابتسامة من ثغرها و لمعت عيونها بانبهار... - " هذه لي أنا... " قالت بطفولية و هي تغلق المساحة التي خلقتها سابقاً....ليعود الدفئ يملأ جسده بقربها.... - " هي هدية لأول مرة تخرجين مع صديقتك.... و أيضا لكي تسامحيني على ما حدث سابقاً.... أقصد فى الجلسة....و ما حدث بعدها كنت غبياً... لكنني لم أعد كذلك... أقسم" لم تنظر باتجاهه.... و مازال رأسها منكسا..... تقلب العلبة بين أصابعها - " هل أستطيع فتحها؟!" قالت وهي ترفع رأسها باتجاهه...سكن قليلا ينظر في ملامحها السعيدة.... و منذ فترة فقط كانت غير مقروءة له.... ليجلي حنجرته و يهمس لها....مأخوذا بالطفلة أمامه - " بالطبع تستطيعين... هي لكِ" مزقت الغلاف بلهفة.... لتلمح صورة لهاتف جميل باللون الأبيض.... اتسعت أكثر ابتسامتها - " إنه هاتف" قالت بمفاجأة وهي ترفع نظراتها إليه - " فكرتُ أنك ربما تحتاجينه.... اليوم أردت بشدة أن أكلمك لكنني لم أجد الوسيلة.... ولم أرد أن أزعج صديقتك" - " نعم.... لا تزعجها...." قالت باندفاع وهي تجلس لتُخرج الهاتف الذكي و تنظر إليه باستغراب - " هل سأعرف كيف أستخدمه؟" قالت وهي تتفحصه باهتمام... بهدوء اقترب منها و جلس بجانبها....ليأخذه من بين يديها، و يستخرج رقاقة من جيبه و يركبها داخله.... كانت تنظر إليه بتركيز.... و كأنها تحاول أن تسجل كل خطوة يقوم بها أمامها.... و الطفلة مرح داخلها ترقص فرحاً للهدية.... و تنتظر بفارغ الصبر أن ترى ردة فعل جميلة غداً. - " عندما تريدين الإتصال تضغطين على هذا الزر و تكتبين الرقم.... عندما...." كان يشرح لها بروية وهدوء.... و هي تستمع له بتركيز.... و تحفظ كل كلمة ينطق بها.... بينما هو يطيل الشرح ليستمتع أكثر بخلجات مرح الجديدة.... مرح الطفلة الجديدة كلياً عليه. - " أنظر هنا...." كانت تُخرج لسانها و تضغط عليه بقوة.... وهي تحاول أخد الصورة ربما الألف ليوسف.... بين عدة صور لكل جزء و كل شئ في البيت... تفاجأ يوسف من وجودها بالغرفة.... كان قد خرج من الحمام ولا يرتدي إلا سرواله القطني...ليبتسم وهي تلتقط له صورة.... أخرى - "تبدو رائعة و قطرات الماء منسابة من شعرك...أُنظر" إقترب.... ليميل حتى تلاقت رؤوسهما.... ينظران للصورة.... بالأحرى هو ينظر إليها....و هي تتكلم.... لتتوقف فجأة و سخونة أنفاسه تضرب جانب وجنتها.... رفعت عيونها تنظر إليه....لتتحرك نظراتها باتجاه شفتيه....و عيونها تصبح أغمق، رفعت نفسها على أصابع قدميها، وهو مندهش ينظر إليها.... - " لم أشكرك على الهدية...بعد" و قبلته....ضحك برقة وهو يهمس لها - " أصبحتِ تتقنين الفرنسية جيداً.... ربما يجب أن ننتقل لجنسيةٍ أخرى.... " عبس وهو يلحظ حجابها الملفوف بقوة حولها - " لماذا ترتدين حجابك....." قاطعه صوت الهاتف الأرضي، لتهرب مرح من أمامه وهي تصيح - " ربما هي جميلة.... سأذهب لأخبرها عن هاتفي" و انطلقت تعدو باتجاه الهاتف الأرضي... - " جميلة.... أصبح لدي هاتف رائع" - " حسناً.... ماذا كانت ردة فعله....آسفة..." - " لم يره بعد...." - " قلة احترام مني أن أتصل.... لكن فضولي لم يدعني أنا....ماااااذا؟!!.... كيف... أقصد ألم يُلاحظ التغيير؟!"عبست جميلة و في سرها تلعن يوسف - " مازلت أرتدي نفس الملابس التي خرجتُ بها"همست مرح بخجل - " مرح الوفاق.... أقسم إن لم تذهبي لغرفتك حالاً.... و تغيري ملابسك للتي تورمت رجلاي و أنا أنتقيها معكِ.... سآتي و أجذبك من شعرك الرائع.... و أجعله كمنفظة السقف " ثم أغلقت الهاتف.... وقفت تنظر للهاتف لدقائق.... - " مجنونة " قالت بهمس.... لكن يوسف القريب سمعها ليقول - " من المجنونة؟!!" وعندما لم تجب... أكمل " سأخرج قليلا.... نسيت بعض الأوراق في المكتب.... سأحضرها و أعود سريعاً.... لتخبريني كيف قضيت يومك....و تشكرينني بما يليق الهدية" ************ - "هل أنت بالبيت؟!....أخرج أنا أنتظر بالخارج" وصلته رسالة يوسف.... ليضع الحاسوب بعيداً، و يلتفت لجميلة التي تهز رجلها بعصبية و تنظر للهاتف كل مرة.... كأنها تصارع نفسها ألا تتصل. - " حبيبتي.... سأخرج قليلا لرؤيتة يوسف....لن أتأخر" نظرت إليه بغضب - " ولماذا سيخرج يوسف في هذا الوقت....أليس الأحرى به أن يبقى في منزله؟" قالت بعصبية....لينظر إليها بصدمة - " ماذا تخططان أنت و مرح؟.... " أبعدت وجهها عن مرمى نظراته.... لتقول بهدوء مفتعل - " لا شئ.... إذهب إذهب...." حرك رأسه باستسلام.... ليخرج لرؤية صديقه - " سأخبرك شئ....لكن عدني ألا تغضب" قال يوسف ما إن لمح اقتراب مصطفى.... توجس هذا الأخير من نبرة يوسف.... تراجع قليلا ليكتف يديه على صدره وهو يستند على سيارته....و حدسه يخبره أن ما يسمعه لن يعجبه أبداً... -" أنا وكلت تحرياً خاصاً للتجسس على مغتصبي مرح...." أطلق يوسف بسرعة.... - " أنت ماذا؟! " صرخ مصطفى.... ليستقيم واقفاً... - " اسمعني فقط....الرجل قد عمل على كسب ثقة أحدهم، و مستعد أن يشهد ضد البقية....إسمع هذا " لينطلق صوت أحدهم... و يبدو عليه التأثر الشديد ( منذ تلك الليلة و أنا لا أستطيع النوم.... أنا أريد أن أرتاح، حتى لو كان الثمن سجني فأنا مستعد لذلك... كل.... " قطع يوسف التسجيل الصوتي لينظر لمصطفى بانتصار - " ما رأيك؟ هل هذا دليل كافٍ لتوريطهم؟ " ملامح الإنتصار اختفت فجأة و صراخ مصطفى يكاد يصم آذانه - " أنت مجنون يوسف.... " قالها و هو يدفعه بعنف " لن أسمح لك بتعريض نفسك للخطر....." مرر يده على شعره ليكمل بصوت أقل حدة.... كأنه يخشى أن يسمعه أحد" أيها الغبي.... إن علموا أنك تتجسس عليهم، ستعرض نفسك و مرح للخطر....بالكاد أسقطوكما من حساباتهما.... " توتر يوسف وهو يستمع لكلمات مصطفى ليقول - " أنا أريد النيل منهم مصطفى.... لن أترك حق زوجتي يضيع" نظر إليه ابن عمته بتركيز ليقول بهدوء - " حق زوجتك أم حقك يوسف؟!!" باغته بالسؤال ليشحب وجهه..... لم يرحمه مصطفى وهو يستطرد - " لأن مرح.... أخبرتني و تحت مسامعك أنها لا تريد منهم شيئا.... موت جعفر و سجن جعل القضية عند المحكمة تقفل..... لكن يبدو أنها لم تُقفل بعد لديك!!!" كان تقرير أكثر منه تساؤل - " أنت لا تفهم....ما حدث تلك الليلة لا يجب أن يُطمس بدون أن يحاسب الجناة..." ربت مصطفى على كتفه - " من قال أنهم لن يحاسبوا... سأجعلهم يدفعون الثمن أضعافاً مضاعفة.....فقط ثق بي و لا تتدخل في الأمر...عدني أنك لن تتدخل....أرجوك" لم يسمع لإجابته.... ليضغط بقوة على كتفه - " حسنا... يوسف؟! " قال من بين أسنانه المطبقة بقوة - " لن أعدك مصطفى.... " و تركه فاغراً فاهه من هذا العنيد... الذي سيطيح بكل ما حاول بناءه منذ أشهر للنيل بهم.. رفع هاتفه....ليتصل.... لكنه وجده مقفولا، و بعصبية ترك له رسالة أن يعاود الإتصال به قريباً جداً... ********** - " ألا تجيب؟" سألت برقة و هي تضع كأس الشاي على الطاولة قربه.... ساعدها على الجلوس بقربه.... ليبتعد قليلا و يرفع رجليها و يضعهما على فخذيه..... أنَّت براحة و هو يدلكهما برفق.... - " أصبحتا متورمتان كثيراً.... ربما يجب زيارة الط...." - " مصطفى.... سألتك؟" قالت تقاطعه.... نظر إليها طويلا.... وكأن هناك آلاف الكلمات تتسارع للخروج، ليلجمها فجأة و يقول بإحباط - " لا تهتمي... " قارن قوله وهو يضع رجليها برفق و يحاول النهوض - " لا تنهض...." قالت تثنيه وهي تضغط على صدره بقوة " أنا أعرفك مصطفى.... ربما أكثر مما أعرف نفسي...أنت توأم روحي.... و بدونك حياتي لا تساوي شيئا" إلتقت نظراتهما في حوار.... لم تستطع فك طلاسيمه..... لتستطرد برقة، وهي تمرر يدها على لحيته المشذبة و أخيرا " أتعتقد أنني لا أعلم ما تعانيه..... مهما حاولت دفن آلامك فهو لن يزول.... شارك معي همومك.... حتى إن لم أستطع مساعدتك.... عالأقل سأخفف عنك الحمل " هدوء ملامحه استفزها.... لتشهق فجأة" إلا إن كنتَ تعتقد أنني السبب فيما آلت إليه الأمور بينكما.... " تراجعت برعب مصطنع، لكنه أمسكها بقوة.... و أحكم قبضته عليها و هو يعيدها حيث كانت - " لا تكوني سخيفة.... ما حدث بيننا.... كان قادماً لا محالة.... عاجلا أم آجلا كنا سنتحدث عنه " أجابها وعيونه تصبح أكثر غمقاً.... عقله يأخذه بعيداً.... لم لو تكن تعرف عن كل خلجاته، و تحفظ كل نبضة من نبضات جسده لم تكن ستعرف أن زوجها.... بجانبها جسداً فقط.. أما روحه فقدت ذهبت إلى مكان مظلم...حيث رائحة البراز و الغائط تملؤه.... و حيث بكاء الأطفال وهو منهم يصم الآذان.... وضعت يده على صدره.... لتحس بارتجافته.... - " ما الذي حدث.... حبيبي " و كأن لمستها ثم همستها العذبة.... إنتشلته من الجحيم.... جفل و رمش بقوة يصفي عقله.... - " لا شئ....أخبرتها فقط إلى أي درجة أنا أعشقكِ.... و كيف أختنق و أنت بعيدةٌ عني" ابتسمت بغرور.... و بحة صوته التي تثيرها تتغلغل لروحها.... فتسقي أنوثةً، لن ترتوي أبداً من كلماته التي تعكس جزءا يسيراً مما تحمله لهذا الضخم.... الذي يتحول لطفل صغير بين ذراعيها.... هي فقط من يعلم بنقاط ضعفه.... و هي فقط من ملكته.... و هذا يجعلها أكثر من راضية - " أنت تعرف ما أقصده مصطفى.... ماذا حدث قبل عشرين سنة؟! " نظر إليها.... ثم لبطنها الظاهرة من تحت البلوزة القطنية الخفيفة - " ما زلتِ صغيرة على سماع مشاكلي التي لا تنتهي .... " - " موووصطفى!!" صاحت بغضب - " أنت حامل جميلة.... ولا أريد تعريضك لأي توتر من شأنه أن يكون خطيراً على صحتك.... " - " مصطفى... أنا حامل و لست مريضة.... و الطبيبة أخبرتك أن صحتي و صحة الطفلتين بخير...." رنين هاتفه....أوقفها عن الإسترسال.... لتنهض متأففةً و هي تسمعه يذكر إسم أحد أفراد طاقمه.... اتسعت إبتسامته و هو يلمح أسفل ظهرها.....ضغط على السماعة ضد صدره بقوة ليصيح - " لقد رأيت النقشة.... و بعد قليل سأحاول اكتشافها أكثر" ضحك بعمق و هو يسمعها تصيح بأعلى صوتها - " إحلم....." ****************** منذ نصف ساعة وهي واقفة أمام المرآة الضخمة.... تنظر لصورتها.... غير مصدقة.... أن هذه المرأة الأنيقة هي نفسها... لم تكن تعتقد في يوم من الأيام أنها ستبدو بهذا المنظر.... السروال أزرق يلتصق بقوامها.... قميص أبيض بأكمام قصيرة، و روسومات طفولية باللون الأزرق تنتشر في مقدمته..... و حذاء أبيض مسطح من الأبيض.... بسيطة جدا.... لكن مبهرة أكثر.... و كلها من ذوق جميلة.... تذكرت أن كل المشتريات و التغيير..... جميلة من سدد ثمنه، لن تنسى أبداً الخجل الذي أحست به.... و جميلة تجبرها على ذلك.....رغم قسمها أن تستردهم منها في وقتٍ لاحق.... وكل الإيصالات لازالت مرح تحتفظ بها ، تذكرت المنزل الذي ورثته عن خالها و أيضاً المال الذي تركه لها....يجب أن تعرف أكثر عنهم....فهي تستحق كل قرش مما قدمه لها خالها. إتجهت إلى المطبخ.....وسيلة إلهائها الوحيدة..... قبل أن تهرب باتجاه غرفة التغيير، لتتخلص من ملابسها الجديدة. دخل يوسف للمنزل...... ليسمع صوت مرح في المطبخ... كانت تحاول تهدئة نفسها المضطرب..... إتجه نحوها، وهو ينادي عليها - " مر...." وقف متفاجئا من التي أمامه... كانت تعطيه ظهرها، ترتدي سروال ضيق من الجينز الأزرق.... يلتف على ساقيها برقة و يظهر استدارة وركيها بجرأة... بلع ريقه وهو ينظر للقميص الأبيض بأكمام قصيرة....بالكاد يصل لمقدمة السروال.... و شعرها....آه من شعرها..... التفتت إليه، و الحمرة القانية تزين خذيها... - " مرحبا.... لقد عدتَ" لم يجبها.... كان يمرر نظراته المتسعة على كل جسدها.... توترت، و بدأ يجسدها يتحرك باضطراب.......عندما لاحظت إقترابه منها، بخطى ممثاقلة.... وقف أمامها لتتسمر بخجل.... و تنزل وجهها تنظر لحذائه الأسود اللامع.. تقارن بين حجم رجليها أمام ضخامة رجليه..... شئ سخيف لتفكر به، لكنها كانت تحتاج لأي شئ يبعد عقلها عن التفكير في الواقف أمامها..... بجمودٍ. ما زال لا يصدق نفسه..... رفع يده ليمررها على الجزء العاري من ذراعها....لكنه أخفضها بسرعة..... كأنه يخشى جرح نعومته..... أغلق عيونه.... ليأخذ نفساً عميقاً محملا برائحته.....ليهمس بصوت أجش..... بالكاد يُسمع - " أنتِ تضعين عطراً...." رفعت رأسها بمفاجأة تنظر إليه باستغراب.... لتبتسم برقة و هي ترى نظرة الدفئ ما يسكن مقلتيه - "إنه برائحة الياسمين ممتزج برائحة التفاح و الليمون...." قالت بفخر من العطر الهادئ الذي اختارته....عكس الذي حاولت جميلة أن تشتريه لها، كان برائحة مغوية و نفاثة..... كان لامرأة جريئة، مغوية....تعرف كيف تجذب الرجل إليها.... عندما تغلغلت رائحته في خياشيمه عرفت أنه ليس عطرها....لا يعكس شخصيتها الهادئة و الخجولة....بل كان ينطق أنه خلق لامرأة كجميلة.... التي تعرف ماتريد و كيف تحققه.... تمنت لو تستطيع أن تكون بجرأتها.... كانت تتحدث بفخر عما فعلته ليلة خطبة زوجها لامرأة أخرى.... التغيير الذي أُجبرت أن تقوم به.... لتخرج من صورة الضعيفة إلى أنثى قوية و مقاتلة..... ليس فقط في عيونها....بل في عيون زوجها أيضا.... كيلا يستهين بها مجددا..... أجبرته أن يعترف أنها قادرة على التخلي عن عشقها له مقابل كرامتها.... أخرجها من أفكارها يوسف و هو يقترب منها أكثر.... و يرفع خصلةً متدلية على جانبها و يقربها من أنفه يستنشقها بلهفة.... و بردة فعلٍ غريزية.... إقتربت أكثر تغطي ذلك الفراغ الضئيل بين جسديهما..... لفحتها سخونة جسده.... لم يتحرك.....بقي واقفاً بخشوع و خصلتها ما زالت بين أصابعه...قال وعيونه ما زالت مغمضة.... يستمتع برائحتها التي تلفه....و جسدها المتلامس مع جسده - " بحكم عملي..... و كوني رجُلاً..... رأيت أصنافا مختلفةً من الجمال.... لكن بروعتك أقسم لم أشاهده بحياتي...." فتح عيونه... يحدق في بشرتها التي استحالت للون الأحمر من الخجل - " جمالك.... " سكت و قد خانته العبارات.... ليباغتها بسؤال " هل أنت حقاً موجودة في هذا العالم؟!.... أم أنكِ جنية كنت المحظوظ الوحيد لتظهري له.... و تفتنينه بروعتك و بالهالة الملائكية التي تحيط بكِ؟؟ '" إبتسمت.... ليزداد وجهها ضياءً..... - " آسف.... لم أعد أحتمل....." قال لينزل يرفعها و يحيط رجليها لخصره....و ينهال بعنفٍ من شفتيها.... المطليتين بلون خوخي.... - " آسف أفسدت طلتك...." همس و هو يقطع قبلتهما.... رحمةً بها..... ليمرر يده على شفتيها يصلح ما أفسده.....أجابته و نظراتها تحمل غواية أنثى. - " لا بأس.... لدي منهم الكثير...." ضحك بقوة و هو يضعها أرضاً.... - " لماذا لا تضعين آخرا....سيسعدني أن أفسده جدا....جدا....و خاصةً إن كان بطعم التوت " غمزها....لكن ملامحه تغيرت فجأة....ليرفع وجهها باتجاهه... - " مرح..... بعد أيام نحن سنذهب لعرس ابنة عم معاذ صديقي..... و عندما نعود، سنتحدث عن..... أقصد سنتحدث عن وضعنا نحن.... فلا يعقل أن نبقى منفصلين طول عمرنا....." و ليلطف الجو بعد أن رأى ملامح الخوف بدأت تظهر عليها...." و ظهري بدأ يشتكي من قسوة الأريكة...." ابتسمت له باضطراب.... لتومئ برأسها و تبتعد عنه باتجاه المطبخ....لكنها تراجعت لتعود و تمسك بيده... - " أريد أن أتكلم معك بموضوع مهم...." جلست على الأريكة..... ليجلس بجانبها - " أنا أريد.... أن أتكلم بموضوع المال و المنزل الذي تركه خالي من أجلي.....أقصد فكرت كثيرا.... و أريد أن أستثمره..." نظر إليها بمفاجأة.... ليقول بعملية - " فكرة رائعة.....لكن هل فكرتِ في مشروع ما؟!" أومأت بنعم..... لتستجمع شجاعتها و تقول - " فكرت... أن أشاركك في عملك، أقصد لن أجد أكثر منك ليهتم بمالي....." إزدادت دهشته.... ليستوي أكثر، و علامات الذهول ما زالت تستوطن ملامحه - " هل حقا تريدين ذلك؟.... أم اعتقدت أنني أحتاج للمساعدة و تريدين تقديمها لي...." أصابتها خيبة الأمر.... ليسرع يشرح وجهة نظره أكثر " ما أقصده أنني لا أحتاج لوسيلة إنقاذ حبيبتي.... لدي ضمانات كثيرة أستطيع بها الحصول على قرض من البنك.... و أيضا بعض الxxxxات ورثتها من جدي من جهة والدتي....و تساوي ثروة.... و صديقي أردت أن يشاركني لأنه قرر أن يغادر التطبيب و أردت أن يكون له شيئاً من المستشفى.... ليعرف أن مكانه محفوظ دائماً هناك ..... " - " أنا فقط أردت أن أحس أنني فرد نافع..... ولستُ عالةً عليك....." وضع أصبعه على شفتيها يسكتها - " شششش.....أنت زوجتي و حبيبتي.... و واجبي الإهتمام بك.... و نقودك يجب أن تبدئي بها مشروعك الخاص.... " - " أنا أريد أن أكون بجانبك.... أحس بالأمان و أنا ألمحك بجانبي..... " سكت ينظر إليها ليقول - " حسنا..... لكن بشرط" بفضول رفعت رأسها تنظر إليه - " سنعمل على إعادتك لدراستك.... و ستدرسين تخصصا يخولك أن تعملي بجانبي في المستشفى " نظراتها تحولت لضياع.... ليقول يطمئنها - " سنتحدث في الموضوع عندما تكونين مستعدة لذلك....و الآن...." أخرج بطاقته المصرفية " إحتفظي بهذه.... كنت أحتفظ لك بها..... و الآن أرى أنك مستعدة لها" غمز لها وهو يقول " فلن أرضى بأقل من هذه الملابس منذ الآن فصاعدا". بعد تناول العشاء.... الذي لم يخلو من لمسات و همسات يوسف.... التي أصبحت أكثر جرأة.... تركته يشاهد التلفاز، لتتجه للغرفة بدعوى الإستحمام... بعد أن حاولت أن تتذكر، نصائح جميلة....أي غسول تستعمل، و أي مربط.....و أين تضع العطر....ماذا ترتدي.... أخذت نفساً طويلا.... لتهدئ من دقات قلبها ( إهدئي مرح..... يوسف ليس جعفر.... فقط تذكري كيف يقبلك برقة.... كيف يهمس بعشقه لكِ....كيف تحلمين و أنت بين ذراعيه) كانت تحاول محو الصورة لمرتها الأولى مع زوجها السابق.... بتذكير نفسها أن زوجها الآن يوسف....مررت عيونها على الحمام الأبيض الواسع.... الحوض الضخم يحتل زاويته اليمنى.... و الدوش على الجانب المقابل له... الخزانة البيضاء التي تحوي المناشف المطوية بدقة حرصت دائماً عليها و مستلزمات الإستحمام المرتبة بجانب الحوض، كل شئ كما وضعته بحرص.... حتى بعد أن اكتشفت فوضاوية يوسف....كانت ترتب خلفه دائما إلى أن عرف هوسها بالترتيب و النظافة.... منذ اليوم الذي عرف عنها ذلك تغير و أصبح أكثر حرصاً.... هو يوسف.... و لا يوجد مثيل له....و هذا اليوسف زوجها.... ولها فقط. أوقفت تمشيط شعرها.... في خضم أفكارها، لم تشعر متى ارتدت قميص النوم الأسود المخرم ....الذي حملته معها للحمام، كخطوة متأخرة منها..... القميص جعل بشرتها المتناقضة مع لونه أكثر توهجاً.... شعرها لامع حر على كتفيها.... رفعت يدها التي تحمل أصبع من طلاء الشفاه.... الذي استعملته سابقاً، لكن أنظارها توجهت لآخر.... بلون أحمر قاني....أخذته لتبتلع ريقها و هي تنظر للون الذي رسمت به شفتيها.... و أكملت طلتها برش عطرها الهادئ..... المناقض لطلتها الجريئة على مكامن النبض في جسدها..... لتتجه نحو الباب.... فتحت لتخرج رأسها..... مررت بصرها على الغرفة الفارغة، لتخرج على أطراف أصابعها.... و الشجاعة بدأت تغادرها.... و كأن المسافة بين الحمام و السرير طويلة جدا و أخيرا لامست جانب السرير.....كانت توبخ نفسها على الخطوة الغبية التي قامت بها.... و تمني نفسها بالغرق في السرير و تغطي نفسها قبل أن يد.... - " مرح....." إلتفتت برعب، لصوت يوسف المصدوم..... لتلتقي بعيونه التي للمرة الثانية تقف بصدمة تمشط جسدها، في أقل من ساعتين.... كان خارجاً من غرفة التغيير و يحمل الجانب العلوي لمنامته.... إتجه إليها بخطوات واسعة..... ليقول وهو يقترب منها في لمح البصر... لم تستفق بعد من تفاجئها بوجوده في الغرفة معها.... لتجد نفسها بين ذراعيه وهو يهمس في تجويفة عنقها - " هل تنوين إصابتي بسكتة قلبية اليوم" | ||||
17-02-18, 10:06 PM | #419 | ||||
كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاءوقلم مشارك بمنتدى قلوب أحلام وحارسة سراديب الحكايات
| الفصل الثالث و الثلاثون قراءة ممتعة 💋 *************** - " هل تنوين إصابتي بسكتة قلبية اليوم " همس و هو يقبل أسفل عنقها - " يوسف..." قالت بارتباك، تحاول الفكاك من أسر ذراعيه. أمسك بوجهها بين يديه برقة... و عيونه ترتكز على عيونها.... كانت تبدو خلابة.... وهشة، و كأنها ستنكسر إن سلم الزمام لنفسه أن يفعل بها ما يدور في مخيلته.... - " أنا خائفة..." همست و شفتيها تهتزان بطفولية.... و عيونها تكتسيها ضبابية دموعها.... لتستحيلها لصورةٍ مبهرة -" لا تخافي.... لن أؤذيك...." نظرتها قاطعت استرساله، لتقول بخجل وهي تحاول انزال وجهها المحمر نحو الأسفل، إلا أنه لم يسمح لها - " أخبريني.... " همس يشجعها - " أخاف....ألا أكون كافيةً لك.... لم أكن كذلك في السابق ل...." قاطع كلماتها بقبلة همجية..... جعلتها تبتلع باقي كلامها، كانت محملةً بالغضب..... و الغيرة - " لا تذكريه أمامي مجدداً.... " همس بفحيح، سرعان ما تحول لشوق جارف وهي تهمس برقة - " أنا آسفة.... و أنا أحبك جداً " ابتسم برقة و هو يسمع اعترافها التلقائي.....كانت ابتسامةً معدية....لتبتسم مثلها، و عيونها ترتكز على شفتيه - " بالنسبة لكونك غير كافية لي.....دعينا نكتشف ذلك..." قال وهو يعاود تقبيلها...برقة أدابت عضامها.... جعلتها تنسى ارتباكها وهو يجردها من قميص النوم....لتبقى بملابس داخلية مخرمة....جعلت أنفاسه تزداد اضطراباً.....ابتعد قليلا ينظر إليها.... بنظرات تحمل الإعجاب و لا شئ غير الإعجاب و التقدير للأنثى أمامه.... مرر يده على الحناء الحمراء جدا مقارنةً بلون جسدها الكريمي الناعم.... و التي تزين جانب بطنها، لتمتد إلى أسفل فخدها.... - " هل كل هذا من أجلي؟ " نطق بصوتٍ أجش من التأثر، .....و اصبعه تتبع فروع الوردة بتركيز..... لترفع عيونها تنظر إليه.... و جسدها يهتز ترقباً لما سوف يحدث....كان فضولها يكاد يقتلها و هي تريد تجربة " الإلتحام الروحي" مع هذا الشخص الجميل و الرائع أمامها.....رغم أن الخوف يكاد يشلها، إلا أن شوقها يطغى عليه..... هزت رأسها موافقة.... لتعيد النظر إلى الأسفل، و تبتلع ريقها وهي ترى خطواته تقترب منها أكثر و أكثر .....ليرفع وجهها ينظر إليها بحب و تفهم - " أنتِ لستِ مضطرة لذلك....أنا لا أطالبك بشئ، سوى وجودك بجانبي.... " خبت لمعة عيونها، و فكرة أنها لا تثيره بدأت تغزو عقلها.....فهم نظرات الإحباط في عيونها، لم يعطيها الفرصة لتستدير ذاهبةً.....و انقض على شفتيها يقبلها بطريقة لم يقبلها بها من قبل.....قبلة جعلت أنوثتها ترتفع إلى عنان السماء...... كانت قبلته جريئة، قوية و عنيفة......لكنها كانت قبلته هو....فقط يوسف بمن تذكرها.... رفعها لتوازي ارتفاع عيونه، وهو يحاول التحكم في نفسه كيلا يرعبها، فالمشاعر التي يختبرها كانت هادرة، عنيفة لدرجة الدموع بدأت تشوش نظرته، ليغمض عيونه يستسلم لما تجعله يعيشه - "إلمسيني..." همس وهو يضعها أرضا ، نظرت إليه تسأله بعيونها...وكأنها لم ترى أبدا رجلا عاري الصدر من قبل، أمسك يدها، يقربه لخافقه....كانت تنظر بدهشة لمكان يدها....و كأنها ستلمح قلبه الذي كانت تتزايد نبضاته مع لمستها.... تمرر يدها على عضلات صدره ببطئ و كأن الوقت ملكها، لتقف على مكان طعنة أسفل صدره..... رفعت عيونها تسأله.... كانت تعرف أنها السبب فيها.... وضع يده فوق يدها مكان الجرح الملتئم - " هي الدليل أنك كنت دائما لي.... و ستبقين" أحس بنار تلسعه وهي تدنو لتقبل مكان الجرح..... و تبقى هناك لدقائق..... و كأنها تسعى لمحو كل نبضة ألم أحس بها. أوقفها برقة..... و سيطرته على نفسه تكاد تنفلت زمامها مرر وجنته على وجنتها و أنفاسه الملتهبة المتسارعة، تداعب أذنها ليقول بصوت خافت - " أنا لن أستطيع التراجع مرح.... ما سيحدث بعد ثانية و طول الساعات القادمة لن أستطيع التراجع عنه..." وضع شفتيه بجانب خذها... قريبا من شفتيها ليهمس " شهور و أنا أنتظر هذه اللحظة.... شهور و أنا أحلم بملمسك بين يدي" كان يتكلم و يمرر أصبعه على طول ذراعها " لكن في أقصى أحلامي و أجمحها.... لم أصل لحقيقتك..... أنت أجمل امرأة رأتها عينياي" ليمرر شفتيها يقبلها، ببطئ و برقة.... لتبادله بما تعلمته بين يديه. هل حقا عرفت معنى الإحتواء يوما قبل يوسف؟!ً..... هل جربت أن تكون لرجل آخر غيره..... لأن لمساته، و همساته أنستها أنها كانت زوجةً لرجل آخر قبله.... أنساها همجيته، و استغلاله لجسدها..... و الأكثر أنساها اغتصاب جسدها.... كانت تحاول تذكر إحساسها و هي تهان، و كل ما يأتي لبالها.... الشعور الرائع الذي جعلها يوسف تعيشه، و كأنها عذراء الجسد و اليوم..... يوم لقائها مع حبيبها..... و كأنها وجدت النصف الآخر من روحها... ليلتحما و يصبحا كياناً واحداً... قبلاته ما زالت تنتشر على طول شعرها، وهو يعانقها بقوة... فما عاشاه للساعات السابقة كان هادراً لكليهما.... أرخى عنها ذراعيه وهو يسمع نشيجها و اهتزاز كتفيها يؤكد بكاءها.... أدارها بقوة غير مقصودة ليعلوها....و يرتكز على مرفقيه على جانبي رأسها..... أنفه يكاد يلامس أنفها.... ليقول بعاطفة ما تشاركاه قبل لحظات - " أنا آسف حبيبتي... أعرف أنني لم أكن رقيقا كما وعدتك.....لكن براءتك استفزتني جداً.... و كأنكِ تتعلمين فنون الحب على يدي.... " ازداد نشيجها و هي تغلق عيونها بقوة تعتصرهما من الدموع - " إفتحي عينيك مرح..... و أخبريني أنني كنت الأول في حياتك" قال بحزم.... فتحت عيونها ببطئ، لتلمح عيونه الجميلة....التي آسرتها دائما - " أنت أول رجل في حياتي يوسف.....سابقاً.... " - " ششش...." همس وهو يضع شفيتها على شفتيها دون أن يقبلها..... يريد فقط أن يسكتها بأية وسيلة....لكنها ابعدت وجهها بعنفٍ عنه..... - "أنا أحتاج أن أخبرك....و لأنك حبيبي....فأنت ملزم أن تسمعني...." قالت وهي تنظر إليه بقوة أن ينكر أحقيتها أن تبوح.... - " سابقاً كنت أعتبر نفسي كشئ يستغل لإفراغ حاجات قذرة لشخصٍ ما فقط.... لم أشعر ابدا إلا بالتقزز، النفور من جسدي و منه.... " سكتت تنظر إليه، ملامحه غير مقروءة....لتباغته بسؤال " هل تعلم لما كنتُ أبكي؟! " حرك رأسه نفياً.... غير قادر على النطق - " لأنك جعلت كل الماضي باهتا... محيت كل الآلام، و كل الذكريات..... حاولت أن أتذكر لمحة فقط مما كان يحدث هناك..... لكن كل شئ ضبابي في عقلي.....أنت جعلتني أرتفع لعنان السماء و أبقى هناك..... أنظر للأسفل فلا أرى إلا الضباب..... " ابتسمت من تحت دموعها، التي انطلقت دون اذن هذه المرة " أنت أرجعتني تلك المراهقة الحالمة، بقبلة تجعل بطنها يرفرف بالفراشات.....أرجعتني امرأة كاملة... و جعلت أحلامي تتحقق.... أصبحت مدمنة بك..... و لن أسمح لك أبداً أبداً.... أن تبتعد عني" أكملت وهي تجذب عنقه نحوها... تحاول منحه ولو جزء من الإحساس الذي جعلها تعيشه ***************** دخل إلى الغرفة المظلمة.....حيث ترقد جميلة..... إبتسم وهو يلمح تنام في أبعد نقطة عنه، في العادة كانت تزاحمه في مكانه.... و ترفض أن تنام في الجهة الخاصة بها... تبتعد فقط عندما تكون غاضبة..... و كأنها تعلم بشعور الفقد الذي يعيشه وهي بعيدةٌ عن حضنه، غالباً ذلك الشعور المقيت يجعله يصالحها قبل بزوغ الفجر.... ارتدى منامته، وهو يحاول تناسي حديثه مع الذي كلفه بمراقبة مغتصبي مرح... أحوالهم و كأنها تنذر لاكتشافهم مراقبتهم لهم و الأسوء مراقبة يوسف لهم.... يعرف انه عنيد كالجحش، ولن يقبل بتوكيل حارس له.... لكنه لا يعلم إلى أي درجةٍ هو حريص على حماية من يحب.... و يوسف أكثر من صديق بالنسبة له... إقترب من السرير....لتسرع جميلة بإغلاق عيونها.... بعدما كانت تراقبه... رش على جدعه العاري العطر الذي يعلم جيداً تأثيره عليها..... ولن ينسى مكافأة صغيرتيه على ذلك عند قدومها بعد أشهرٍ قليلة.... نام وسط السرير ليجذب جسدها برقة و يلصقه بجسده - " مصطفى.... ابتعد عني" قالت بغضب - " لا أريد" همس و هو يغرق رأسه في شعرها..... يستنشق رائحته المسكرة - " أنا لا أريدك مصطفى.... " قالت لكن جسدها الخائن....إلتفت يواجهه، الإضاءة الخافتة جعلت ملامحه أكثر خشونةً و غموضاً.... لم يكن ذلك الوسيم الملامح، لكن رجولية تقاسيمه تجعل كل أنثى تلتمس حمايته..... رفعت أصبعها تمررها على جبهته نزولا لعينه اليسرى ثم شفتيه.... كانت تمررها بخفة، جعلته يتنهد دون أن ينبس ببنت شفة إقتربت أكثر تستبدل أصبعها بشفتيها..... تقبل كل إنش من وجهه.....بحاجة أن تمتص كل آلامه و تخزنها في قلبها بعيداً عنه..... تريده أن يرتاح...... الحياة لم تكن أبداً في صفه، و هذا يجعلها مهووسة براحته.... وصلت لشفتيه..... لتقبل قبلة حياة بالنسبة له، جميلة فقط من يجعل معنى آخر لحياته..... هي فقط من تعطيه دفعةً أن يستيقظ اليوم التالي..... هي فقط من تحيل آلامه إلى سراب..... بين كل قبلة و أخرى كانت همسته بحبها و كأنها حاجة..... كانت بعيدةً عن حاجته الجسدية كرجل..... و كأنها حاجة لترقيع جزء من روحه المتألمة..... قبلتها و كأنها تغلف الجرح داخله..... ليشفى...... توقفت عن تقبيله..... وفكرة أن جرحه يشفى فقط للحظات..... ومع بزوغ الفجر سينفجر مجدداً..... وهكذا..... وكأنها تسكب الماء على الرمل..... رحلة شفائه تدور في حلقات مفرغة.....همست..... ليتصلب، و تزداد سخونة أنفاسه التي تضرب صفحة وجهها - " أنت لا تحبني كفاية لتخبرني عن آلامك...." - " الأمر صعب جميلتي...." همس بخشونة وهو ينوي تقبيلها من جديد .... لكنها ابتعدت عنه فجأة - " حسناً.... ابتعد، أنا أريد النوم...." صرخت بهستيرية و هي تلتفت ببطئ و يديها تحيط ببطنها.... لتعود إلى الإستلقاء بعيداً عنه..... قبل كتفها - " جميلتي..... " همس برغبة و هو يتحسس جانب عنقها لكنها لم تهتم لتوسله.... و تغمض عيونها بقوة....تداري رغبتها في البكاء.... كل ليلةٍ يحاول إخفاء إحباطه و خوفه بين ذراعيها.... هوسه بها أصبح مبالغا به، و كأنه يخشى أن تبتعد عنه.... أو يحاول تناسي غضب والدته عليه.....تريده أن يبوح ليرتاح، تتعذب وهي ترى نظرة الغضب و الإحباط في عيونه كلما عاد خائباً من بيت خاله، أو رفضت استقبال مكالمته..... تصاب بالذعر و الكوابيس ترفض مغادرته كلما أغمض له جفن...... هي فخورة به أنه بارٌ بوالدته.....لكن ليس على حساب صحته و استقراره..... و إن تطلب الأمر ستضرب بتخوفاتها عرض الحائط و تذهب إليها بنفسها. تنهدت بقلة حيلة وهي تستمع لخطواته تخرج من غرفة النوم.... باتجاه الحمام..... ثم إلى مكتبه بعد يومين - " ألم تتعبي بعد من لعبة السكوت التي تلعبينها" قال مصطفى بنفاذ صبر.... لجميلة التي تبدو بأفتن حالاتها.... كانت ترتدي إحدى سراويلها القصيرة جدا التي ظهرت فجأة من العدم..... بالكاد تغطي فخذيها..... و قميص قصير يجعل نصف بطنها ظاهرة....( أنا لستُ طفلاً صغيراً.... ستحصلين منه على ما تريدين بمجرد تجاهلك له) كره اليوم و الساعة و الثانية التي نطق بها بهذه الجملة..... و جعل غضبه و إحباطه يتحكم به.... لأنها منذ تلك اللحظة و فتنتها تزيد ثانيةً بعد أخرى..... - " جميلة.... " استطرد بغضب و هي تتمايل بإثارة أمامه.....منهمكة بإعداد الفطور.....كان يتأمل رجليها الصغيرة الحافية..... و عقله يصور له تخيلات..... حرك رأسه بعنف ( يا إلهي مصطفى....مرت يومين فقط....) صوت الصحن القوي وهو يرتطم بسطح الطاولة جعله يعود للواقع.... و الجميلة الحمراء العابسة بوجهه ما زالت تتجاهله.... نظر للصحن الذي وضع أمامه، و القهوة التي بردت من تأمله لها - " القهوة باردة...." تذمر بطفولية.... لتتجه إلى حيث يجلس و تميل بكل إثارة لتلمس كتفه العارية وهي تحمل الفنجان ببطئ.... - " حسناً لم أعد أريد شيئاً " قال وهو يبتلع ريقه و يهرب من أمامها.... خائف أن يستسلم لشياطينه و يرغمها على ما لا تريده..... صفق الباب بقوة و بغضب لو التفت كان سيرى ابتسامتها التي تملأ وجهها - " يوم آخر.... و سيأتي و يخبرني عن كل شئ" رفعت كتفيها و هي تمرر يديها على بطنها....و كأنها تحادثهما " كما يقولون.... كل شئ جائز في الحب و الحرب..... و أنا أحب والدكما..... و سأفعل المستحيل ليكون بخير " . ************* - " ألو " أجاب يوسف بصوت أجش من النوم.... جعل مصطفى يرفع عينيه بسأم - " أنا أنتظرك خارجاً ....أدعوك لتناول الفطور" ليجيبه مصطفى بحدة - " شكراً... أنا لا أريد...." ثم همس وهو ينظر لجسد مرح المغطي بملاءة السرير " ثم فطوري جاهز و ينتظرني على السرير " - " يجب أن أعرف السر الذي جعل زوجتك تحضر لك الفطور إلى السرير..... ربما سينفع مع جميلة " أجابه مصطفى بغيرة......ليقهقه يوسف بصوت عالي - " أنا معجب حقاً بزوجتك..... عندما تصمم على شئ، فهي لا تتوانى على تحقيقه " - " اصرارها يخيفني أحياناً.... " همس مصطفى بجدية - " لماذا لا تخبرها مصطفى.... جميلة قوية، و ما شاء الله رغم صغر سنها و حملها إلا أنها تهتم بنفسها و بالتوأم جيداً ... لا أرى سببا لإصرارك على حمايتها " - " أنت لا تعرف كيف هو احساس الحماية العالي الذي تتمتع به..... و أنا لا أريد المخاطرة و تعريضها لأي من الضغوطات " نظر للهاتف الذي أصدر رنيناً..... " أقفل الآن....لدي مكالمة ثانية".... لم يهتم يوسف لإجابته.... و التفت لمرح النائمة على بطنها.... و الملاءة كشفت عن ظهرها.... أخذ يمرر أصابعه عليه.....لتلتفت إليه - " صباح الخير " همست و وجنتيها تحترقان بالخجل - " صباح الخير.... " ثم دنى منها.... يقبلها بشغف بعد مدة.....كان يستعد للذهاب لعمله.....و هي نائمة على ظهرها فوق السرير...... تمرر يدها على بطنها في شرود - " أنا ذاهب...هل تحتاجين لشئ؟!" إلتفت عندما لم يسمع إجابتها..... " مرح أنا أكلمك...." قال بصوت أعلى - " نعم حبيبي؟! .... أنا آسفة شردت قليلا" همست وهي تستوي جالسة.... دون أن تستطيع مداراة نظرة الشرود من عيونها.....إقترب ليجلس بجانبها.. - " مرح.... ما بك؟!" همس و هو يمسك بيدها يضغط بقوة....رفعت رأسها تنظر إليه.... لتقول وهي تمرر عيونها على تقاسيمه - " أتساءل إن كان جزء منك.... ينمو داخلي الآن" اتسعت عيونه صدمةً..... ليتمالك نفسه وهو يهمس بصوت أرق... يضغط على رأسها ضد صدره.... خائف من أن ترى نظرة الألم في عيونه - " ما زال الوقت باكراً..... " أبعدها، لينظر بشقاوة إليها - " ثم إنني غير مستعد لأتنازل عنك لأي كان....خاصة لكومة لحم حمراء صغيرة....لا تعرف إلا البكاء و التغوط" ضربته على صدره..... لتضغط أكثر على بطنها المسطحة.... وتهمس بحالمية - " إحساسي يخبرني أنني أحمل جزءا منك داخلي.... ذلك سيجعلني أسعد مخلوقة على وجه الأرض" نهض فجأة.... ليتجه نحو الباب.....وقف هناك ليغمغم دون أن يلتفت نحوها.... يخاف أن تفسر ملامحه - " ما رأيك أن تكوني جاهزة الليلة..... سنخرج للعشاء في مكان رائع" رفعت نظراتها بتوتر.... تنظر لظهره المتصلب، دون أن تهتم لسؤاله عن السبب.... فمواجهتها للمجتمع تسيطر على عقلها - " أنا لا أعلم.....أعني.... " سكتت لتقول بحبور زائف " ما رأيك أن أطبخ أنا العشاء.... لا داعي لخروجنا من البيت" - " سأتصل بك أعلمكِ متى تكونين مستعدة....." قاطعها.....و هو يسرع خارجا..... لتتنهد بإحباط، و تعاود الإستلقاء..... خروجها من البيت جعلها تصاب بالإحباط..... جرت الغطاء لتضعه على وجهها..... تريد الهروب. *************** - " ماذا تعني أنه وجد مقتولا...." صاح مصطفى برعب - " نعم سيدي..... قتل البارحة صباحا ...أحد الجيران، اشتكى من الصوت المرتفع لجهاز تلفازه.... وعندما طرق الباب وجده مفتوحاً..... ليجد الضحية مشنوقاً و فمه قد خُيِّطَ.... و التحليل الجنائي أظهر أن الخياطة تمت و الضحية على قيد الحياة" يكاد عقله يخرج من مكانه و فكرة أن يوسف في خطر تكاد تقتله..... أعاد تركيزه مع محدثه - " الجار أخبرنا أن الصوت كان صاخباً منذ الصباح الباكر.....ولم يجد الجثة إلا في منتصف الليل....." أخذ نفساً عميقا..... ليقول بهدوء و هو يتصفح الملف بين يديه - " أية أدلة عن القاتل؟!" - " الجريمة تمت باحترافية..... لا بصمات او مخلفات أخرى..... و كأن الأمر مدبر....." سكت قليلا ليقول بتردد - " سيدي.....لماذا أنت مهتم بهذه القضية رغم أنها ليست من اختصاصنا....." رفع مصطفى رأسه يحدجه بنظرات نارية - " يمكنك الإنصراف.... ولا تنس أن توفيني بأدق التفاصيل" - " حاضر سيدي " ثم انصرف بسرعة..... أسرع لهاتفه الشخصي... يبحث بأصابعٍ مرتبكة عن رقم يوسف..... - " أين أنت؟!" قال بسرعة - " و أين سأكون؟..... أنا في المستشفى " أجابه يوسف بهدوء - " حسناً لا تتحرك....مسافة الطريق و أكون عندك.....أريدك في موضوع مهم" ثم أغلق الخط على يوسف....الذي نظر إليه بحيرة..... ليعيده لجيب معطفه دون اهتمام. نزل من سيارته أمام المستشفى العالمي و الهاتف ما زال في أذنه - " أريدك أن ترسل رجلين للعنوان الذي سأرسله لك..... " أغلق الخط و هو يدلف إلى المستشفى..... فالغبي يوسف قد لفت إليه الأنظار....وجده جالسا في مكتبه منهمكاً في عمله بهدوء...... دخل ليغلق الباب..... بقوة - " إجلس مصطفى.... " همس دون أن يرفع رأسه - " كيف عرفت أنه أنا" قال مصطفى وهو يجلس امامه - " لانك ببساطة الوحيد الذي يدخل لمكتبي و كأنه مكتبك.... ألن تحترم فقط السنوات التي تفصل بيننا" باغته مصطفى.... ووضع صورة لشخص ما أمامه بعنف - " هل هذا الشخص الذي أخبرتني منذ أيام عن رغبته في التعاون معك....." نظر للصورة بهدوء.... ليرفع وجهه نحوه.....ينظر بتركيز لملامحه.....يحاول معرفة الأخبار التي غالباً لن تسره فقد كان مصطفى غاضبا جدا ..... ليرجع بصره لفوق المكتب و مصطفى يضع صورة أخرى.... بالكاد تُرى ملامح الشخص، خيط أسود يغلق فمه..... و جرح غائر في جانب عنقه.... وهو كطبيب عرف أن بجرح كهذا الذي يشق شريانه كان سيكون سبب الوفاة و هو ينزف لحد الموت..... - " هل قُتل لأنه......" لم يستطع أن يكمل كلامه..... أعاد نظراته لصديقه..... يحتاج منه أن يخبره أنه لم يكن السبب في زهق روح بهذه البساطة.....لكن مصطفى لم يرحمه....وهو يحرك رأسه دليل موافقة..... ملامح الشحوب و الصدمة جعلته يشفق عليه قليلا ليقول - " كانوا سيقتلونه..... لأنه قرر الإبلاغ عنهم.....حتى لو لم تكن قد تواصلت معه..... " الأمر لم يجعل الشعور بالذنب يغادر يوسف.... - " الأمر الآن.....أنك و مرح في خطر...." قال مصطفى.... ليشهق يوسف وهو ينهض - " مرح في خطر..... لكن...." وقف مصطفى بدوره - " إهدأ أخي.....لقد أرسلت من يراقب البيت لحين ذهابنا... ما أريده منك الآن أن تأخذ مرح و تسافرا دون لفت الأنظار...." - " لن أسامح نفسي إن وقع لها شئ..." همس يوسف بجمود - " يوسف أنظر إلي..... يجب أن تأخذ زوجتك بعيدا.... خذها لعند معاذ.... ستكون محمية أكثر هناك.... " - " أنا..... " همس يوسف باضطراب - " الآن يوسف....." جذبه باتجاه الباب.... ليخرجا من المستشفى باتجاه منزله. طوال الطريق و يوسف صامت.... و فكرة وحيدة تسيطر عليه..... بعد أن جعل مواجيعها تنتهي..... أحياها من جديد. مرح في خطر لأنه كان يحاول إنقاذ عنفوانه كرجل.... همسة مصطفى أخرجته من أفكاره.... -" يوسف؟!" ولم يعلم أنه منذ مدة وهو واقفٌ أمام المنزل، لا يجرؤ على مغادرة السيارة.... و ببساطة إخبارها أن شبح الماضي قد عاد من جديد..... بعد أن كانت تبكي فرحاً منذ يومين أنه قد اختفى من عقلها و استحال لضباب..... بسببه..... ضرب المقود بقوة وهو يشتم.... ليترجل بعنف.... و يسرع باتجاه الباب.... يحتاج أن يراها بخير، أن يعرف أنه لم يفسد كل شئ. - " يوسف....لا يجب أن تعرف شيئاً..... استعمل زواج ابنة عم معاذ كذريعة..... لأن حالتها ستسوء مجددا " ابتسم في سخرية و كأنه لا يعلم أن حالتها ستنتكس و بأسوء طريقة......... هزه مصطفى بقوة.... - " هل تسمعني يوسف؟!" أبعد يده بعنف و هو يصيح بهستيرية - " أسمعك..... أسمعك...." ثم أكمل طريقه..... كان يفتح الباب، عندما وصله صوت مصطفى المضطرب.... - " حسناً..... سأخبر جميلة لترافقكما.... فلا أريد أن تبقى وحيدة في المنزل".... فتح الباب ليدلف بتثاقل..... كالعادة وجدها تقوم بالأعمال المنزلية..... كانت تبدو مختلفةً جداً.... وهذا الإختلاف سعت إليه بكل جهد و ألم.... ليأتي هو في لحظة غيرة و يهدم كل شئ.... صوت القرآن المنبعث من التلفاز هدأه قليلا..... لم تفطن لوجوده بعد..... كان يتأملها بإعجاب، و الصورة الباهتة لمرح الوفاق استحالت لاخرى أكثر إشراقاً.... السروال الأحمر الذي يصل لمنتصف ساقها..... و القميص الأبيض بخطوط حمراء.... و شعرها على شكل ذيل حصان..... شكلها أظهرها ببراءة طفلة في العاشرة.... و أنوثة امرأة كاملة... أغلق التلفاز.... لتلفت برعبٍ..... رعبٌ لم تستطع السيطرة عليه بعد..... كان الراسب الوحيد الذي لم تستطع أن تُبعده عنها..... هدأت ملامحها ما إن لمحته..... لتتجه صوبه - " لقد عدت....مبكراً " قالت وهي تقترب منه " هل نسيت شيئاً في البيت؟!" بلع ريقه.....وهو ينقي حنجرته، لا يريد أن يفزعها باضطرابه..... ليقول بهدوء - " صديقي..... معاذ أصر أن نذهب إليه الآن في القرية، العرس بعد أيام و يريدنا أن نرتاح و نستمتع بالهدوء..... قبل بداية الإحتفالات" - " هل تقصد الآن.... الآن؟!! " سألت باستغراب " نحن لسنا مستعدين..... " أمسك بيدها يقودها لغرفة النوم.... - " لا تهلعي..... الأمر ليس بذلك التعقيد....فقد كنا سندهب غداً على كل حال" لكنها قاطعته وهوسها بدأ يسيطر عليها - " بلى يوسف..... يجب أن أعرف كيف الجو هناك..... كم من الوقت سنقضي..... يا إلهي.... والهدية؟! أنا لم أحضر هدية للعروس؟!!! " وضعت يدها على فمها تنظر ليوسف بغضب - " كل شئ سيحل الآن.....و الهدية سنكلف مصطفى بإحضارها، فنحن و جميلة سنسبقه لهناك.... أو.... سآتي و آخذها بنفسي " ثم أمسك بهاتفه يتصل بمعاذ..... كانت ترتدي سروالا أسودا واسعاً.... مع قميص أبيض ضيق و ترتدي فوقه سترةً سوداء..... كانت أنيقةً بطريقة مهلكة لرجولته..... خاصةً بعد توغل أكثر في فتنتها.... إقترب منها، لتحمر خجلاً....ضحك و هو يحيط بوجهها يقربه منه - " بعد كل الذي حدث ما زلتِ تخجلين؟!..." همس وهو ينظر لملامحها الفاتنة..... عيونها زادتها الكحل الأسود اتساعاً..... كل شئ بها جديد بالنسبة له..... أنزل نظراته لشفتيها..... ليقول باعتراض - " ألا تعتقدين أنكِ أكثرتِ من هذا؟!...." و أشار نحو شفتيها - " إنه لا يظهر.....مجرد مرطب.... " - ".... لكنه يُظهر شفتيك مغرية..... و أنا لا أريد أن يفكر أي ذكرٍ يصادفك بالطريقة التي أفكر ب....." اضطراب أنفاسها.....جعله يصمت فجأة..... لتتسع عيونه و هو يدكر المسار الذي اتخذته غيرته الغبية....لعن نفسه و هو يضمها بقوة..... ( لا يقصد شيئا..... هو لا يقصد شيئا..... إهدئي.... ) كانت تعيدها في داخلها..... و ضمه لها جعل رائحته تتوغل داخلها، لتدرك أنها في حضنه في أكثر الأماكن أماناً - " إعذري غيرتي الغبية.... " همس بجانب أذنها.... " أنا أحبكِ لدرجة أنني أغار من النسمة التي تمر على بشرتك و تداعبها..... أحبكِ لدرجة أخاف عليكِ مني" أبعد وجهها عن حضنها.... ينظر لعيونها بتركيز..... - " أحبكِ لدرجة أنني نسيت من أكون قبل أن أعرفكِ" إبتسمت بخجل.... ما جعله يتنفس الصعداء. **************** دخل للمنزل، ليجدها مستلقية على الأريكة تشاهد التلفاز.... و طبق الفاكهة أمامها..... رائحته توغلت داخلها..... لتلتفت باتجاه الباب.....أحست بالتوجس و ملامحه مشدودة..... وقف ينظر إليها..... يديه بداخل جيوب سرواله..... يمنعهما من أن تمتدا إليها و تعانقاها بقوة.....كل أفكاره تقوده نحوها..... لكن عوض ذلك قال ببرود يأمرها - " جميلة..... إستعدي..... سترافقين يوسف و زوجته لعند معاذ" - " لن أذهب بدونك..." قالت بهدوء.... لتتفت للتلفاز تتجاهله..... بقدر ما أسعده أنها و أخيرا كلمته.... بقدر ما أغضبه أنها ضرورية الجدال معه..... لما لا تنفد أوامره و لو لمرة وحيدة دون اعتراض؟!..... أجابها بغضب، و هو يتجه نحو التلفاز و يغلقه - " الآن فقط أصبحت بتلك الأهمية لك.....ستذهبين يعني ستذهبين.... ولا نقاش في الموضوع " قال وهو يتجه للأعلى لكنه أوقفه صوتها المرتفع - " لا لن أذهب...." أجابته بإصرار و ببرود..... لم يعد يستطيع تمالك أعصابه..... وكل ما يحدث في الآونة الأخيرة يجعله غاضبا.... لم يعد يتحكم بالأمور.....كل شئ أصبح ينسحب بين أصابعه..... أحس بالعجز.....و أكثر ما يكرهه أن يفقد السيطرة على الأمور. - " جميلة.... لا تجعليني أصب غضبي عليك.... فأنت لن تتحملي غضبي الحقيقي..... أنا بالكاد ألجم نفسي من تصرفاتك في الأيام الماضية..... الآن إذهبي لتجهزي نفسك للسفر...." قال بصراخ غاضب.... جعلها تنسى أن الذي أمامها.... حبيبها مصطفى.... لم يسبق لها أن عرفت هذا الجانب من شخصيته.... انكمشت على نفسها.....لتسرع إلى الغرفة تذعن لقراره.... فمزاجه لا يحتمل إحدى نوبات هستيريتها رغم أنه رأى خوفها منه.....إلا أنه لم يهتم، فما يشغل باله الآن أخطر من غضب الحمراء.... طوال فترة تجهيزها لنفسها.....كان يتكلم على الهاتف، يحاول معرفة الأخبار الأخيرة، و ما يسمعه لا يعجبه أبداً.... أحس ببركان يغلي داخله، هدأ فجأة وهو يلمحها تنزل ببطئ و هدوء.... ترتدي فستاناً طويلا أخضرا.... انعكس لونه في عيونها.... لتظهرا بلونٍ فريدٍ.... و كأنهما انعكاساً لمروج مخضرة.... و سترةً من الجينز الأزرق ..... و تضع حجاباً يماثل السترة لوناً....فغر فاهه لجمالها و هي تنزل ببطئ، و كأنها تُغيظه بفتنتها.... لم تهتم له، و هي بالكاد تحاول ألا تسمح لدموعها بالهطول.... - " الحقائب فوق" همست ببرود وهي تتخطاه للخارج حاول ملاطفة الجو المتكهرب بينهما.....وهو يحمل الحقائب باتجاه سيارة يوسف..... - " ثلاث حقائب..... هل تنوين هجري للأبد؟!" همس بحميمية و هو يقترب من جسدها بجرأة، لكنها كانت صلبة الملامح وهي تتجه نحو السيارة المتوقفة و مرح داخلها. بينما يوسف يكلم أحد رجاله بعيداً ..... وقفت تنتظر منه أن يساعدها على الصعود للسيارة السوداء المرتفعة .... حملها بخفة..... ليقربها إليه.....و يمرر أنفها فوق حجابها....دون أن يهتم بوجود شهود.... ويهمس برقة - " سأشتاق إليكِ حمرائي" إنتظر أن يسمع همسةً منها ليصبح بخير..... لكنها إلتفتت بعيداً.... قبل جانب فمها برقة ثم وضعها على الكرسي الخلفي.... إلتفتت تنظر إليه بتساؤل..... رغم أن لمسته عادية بل أقل من عادية بالنسبة لما تعودت منه..... إلا أن قلبها كان يضرب بصخب..... و كأنه...... و كأنه يودعها للأبد..... أغلق الباب،و يوسف يدلف إلى السبارة.....ليقف حائلا بينهما..... و تتحرك السيارة. أدارت رأسها......تبحث عنه، و السيارة تبتعد شيئا فشيئا.....وهو واقف ينظر إليها..... أحسا بالإختناق..... لأول مرة يفترقان بعد أن تعاهدا على ألا يبتعدا عن بعضهما للأبد. - " مصطفى " همست بلوعة.....و السيارة تلتفت يمينا، لتغيب صورته..... و قبضة تعتصر قلبها أكثر ( يا رب إحفظه لي)...... رفعت هاتفها، تنظر لصورته.....و ضغطت على زر الإتصال..... الهاتف يرن دون أن يجيب..... لتكتب بسرعة ( لا تنسى أننا نحبك.... و أنا أكثر.... آسفة أنني أغضبتك منك...أعشقك) كان ينظر للسيارة التي تحملها، اختناقه يزيد في كل مسافة تقطعها ..... و كأن الهواء يُسحب من رئتيه إليها....وكأنه يودع قطعةً منه..... إلتفت للرجال، الذين ترجلوا من سياراتهم بمجرد أن اختفت السيارة ..... أشار لأربعة منهم أن يتقدموا -" إتبعوهم....دون لفت للإنتباه، يوسف يعرف أنكم ستراقبونهم....لا أريد أية أخطاء " - " حاضر سيدي..... " ****************** اليوم الأول للعرس تلبس قفطانها الأحمر المخملي المزين بخطوط ذهبية.... و شعرها ملتف حول وجهها و تاج ذهبي صغير على مقدمة رأسها.... و نقشة الحنة تمتد من أصبعها الصغير على طول ساقها لتختفي في نهاية فتحة قفطانها..... بطنها المنتفخة.... التي تزينها المضمة الذهبية.... لم تجعلها تجلس بدون أن تقوم بمهامها كوصيفة للعريس.... التي تلبس قفطان أخضر.... و تمد رجليها للمرأة المكلفة بنقش الحناء.... و الفتيات يلتفن حولها.... بأهازيج قديمة تحمل معنى فراق الأحبة الصعب.... للقاء الحبيب. منذ أن خرجت من الغرفة المخصصة لتغيير العروس باتجاه الصالة الكبيرة التي تضم العروس و المحتفلات... وهو واقف ينتظر خروجها.... يريد لمحة عن قرب منها.... أراد أن ينظر لعيونها المكحلة باتقان، و شفتيها المصبوغة بأحمر قانٍ.... يدعو شفتيه لمحيه من عليها.... رائحة عطرها لفحته من مخبئه.... ليحس بإحباط و هي تتوسط النساء المكلفات بتجهيز العروس...... ضحكة من خلفه جعلته يستدير.... ليلمح والدته و زوجة عمه.... تضحكان من تعابير وجهه.... التي تغيرت من الفرحة إلى الإحباط في جزء من الثانية.... - " أمي.... أريد فقط التحدث إليها قليلا.... لم أرها مند مدة طويلة " رفعت والدته كتفيها - " ليس شأني.... ما كان يجب أن تسافر... في ليلة قدومها " تركته و اتجهت حيث العروس.... تهتف بصوتٍ مرتفع - " مرحبا بكن في عرس ابنتي....هيا يا فتيات.... أطلبن من فدوى قرصكن لتصبحن التاليات" ضج المكان بالضحكات ليتبعه الصلاة والسلام على رسول الله.... إلتفت لزوجة عمه.... لينظر إليها باستجداء - " حسناً.... لكن لا تذكرني... إذا اشتكت لوالدك" ابتسم و قبل رأسها - " شكراً خالتي.... لا تخافي سأغلق فمي" و أشار لفمه و كأنه يغلقه بمفتاح....ضحكت لتشير لغرفة فدوى... - " إذهب لتلك الغرفة.... سأرسلها إليك" دخل ليطفئ الضوء..... و الأضواء المتلئلئة خارجاً تنبعث إليها.... لتتمازج مع الألوان الصاخبة و الدافئة لغرفة فدوى..... فتعطيها هالةً سحرية.... أخرجه من تأمل الصورة الرائعة التي رسمتها الإضاءة في الجدران البرتقالية اللون..... عندما أحس بيدها تتحسس الحائط بحثاً عن مفتاح الإضاءة... ليمسكها بقوة.... و يسكت صرختها بقبلة شغوفة منه.... حاولت دفعه بعيداً عنها....لتضربه على صدره......لم يفلتها إلا عندما أحس باختناقها - " أيها....الغبي.... كدت تقتلني" قالت و هي تحاول تمالك نفسها.... إقترب منها أكثر.... لتضربه بعنف أكبر - " ألا تعلم أنني حامل.... و خشونتك لا تنفع معي" تأففت عندما لم يعر إهتماماً لاعتراضها.... و يقترب منها يسجنها بين الحائظ و ذراعيه. - " مما يتكون عطرك؟" همس وهو يستنشق جانب فكها - " هااا..." قالت بعدم استيعاب - " لأول مرة.... أعجز عن مقاومة عطر... لا أعلم ما سر ذلك....ربما لكونه مختلطاً برائحة جسدك أنتِ.... " - " ابتعد معاذ... " قالت بضعف - " هل تعلمين أنني اشتريته بعد أن هجرتني مباشرةً...... لكنه لم يكن بهذه الروعة" همس و قد زاد التصاقه بها أكثر.... كانت مقاومتها تضعف.... و قد اشتاقت إليه بدورها - " أنا تعبت من الإبتعاد وردتي.... كل ثانية بعيدة عنك تمر كألف سنة علي... ذكرياتي معك فقط ما يجعلني أصمد..." همس و هو يحاول فتح عُقد القفطان ( أنا لا أستطيع معاذ...) كتمت اعتراضها.....فهي ليست مستعدة بعد لهذه الخطوة.... لتقول وهي تبعده عنها بحزم.... تستغل ضعفه -" فدوى بحاجتي...." همست وهي تنسل بعيداً عن سجن ذراعيه.... و تشعل الضوء. - " ورد....." همس بإحباط..." لقد اشتقت إليك.... أنتِ زوجتي و من حقي أن أنفرد بك قليلا...." أكمل وهو يتجه حيث السرير الذي تتمازج به الألوان و يغلب عليها اللون البرتقالي..... مررت يدها على شعرها، تحاول استجماع أفكارها.... يجب أن تعطي نفسها و زواجهما فرصة... - " في غرفة فدوى.... حقاًّ؟!.... ثم أين كنت....فقد مر على وجودي هنا خمسة أيام....." -" كنتُ أنهي أوراق خاصة بترك العمل ....فأنتِ الآن زوجة الشيخ الجديد..." - " و مهنتك كطبيب...؟!"قالت بعدم تصديق....من سرعة قيامه بتنفيد الأمور - " أنا الان مشارك بنسبة قليلة في مستشفى العالمي.... و مكاني محفوظ هناك.... نحن سنعيش هنا.... سنبتدئ من جديد...." قال يقترب منها..... يتراجاها بعيونه أن توافق - " ماذا تريدين أن أفعل أكثر... " سألها و دون أن ينتظر إجابة.... كان يغلق الباب خلفها بالمفتاح.... و يستلم شفتيها في قبلة اودع فيها كل عشقه لها.... دقات على الباب جعلته يتوقف و يلعن.... - " معاذ....صديقك هنا" ضحكت وهو يغلق أزرار قميصه و يصب لعناته على يوسف ... - " غيري القفطان.... فلم يعد صالحاً للخروج.... و تعالي نستقبل الضيوف " ***************** عانقه بحميمية.....و ورد تسلم على مرح المضطربة و جميلة التي تحاول درء حزنها..... أدخلتهما للصالة المخصصة للضيوف.... وهي تحاول مبادلتهما الحديث عن مشقة القيادة في الطريق الوعر خصوصاً مع حمل جميلة الظاهر.... كانتا تجيبانها بأجوبة مختصرة أو بابتسامة - " اليوم.... يوم الحنة....خاص فقط بالفتيات..... إن كنتما تريدان أن آخذكما لترتاحا او لرؤية الإحتفال " -" أفضل أن أرتاح.... ظهري يكاد ينقسم من الوجع" أجابت جميلة بابتسامة متكلفة..... لتنهض مرح - " و أنا سأرافق جميلة...." رفعت ورد حاجبها بإستغراب..... لكنها أذعنت لرغبتهما..... و قادتهما للغرفة المخصصة لجميلة. كانتا تجلسان متقابلتين..... تنظران لبعضهما.... و نظرة الخوف تحتل مقلتيهما..... فجأة وجدتا نفسيهما وحيدتان.....بعيداً عن مصدر قوتهما.... أحستا أنهما متشابهتين رغم اختلاف قصتهما..... الأهازيج و الألحان....تصلهما دون أن تكسر تواصل أعينهما..... و كأن كل واحدة تشكي للأخرى بصمت وحدتها... نهضت جميلة بصعوبة..... لتجلس بجانب مرح و تتكآن على بعضهما..... و كأنهما أختان تركتا على قارعة الطريق.... لم تعرفا كم من الوقت مضى وهما على حالهما.... حتى سمعتا طرقا على الباب..... لتدخل ورد و تخبر مرح أن يوسف يطلبها..... نظرت الى جميلة التي ازدادت انطفاءة عيونها بشئ من الأسف..... كادت أن تخرج من الباب عندما استدارت نحو جميلة..... وكأنها تريد مواساتها.... و تعدها أنها ستبقى دائما بجانبها - " سأعود..." همست.... لتبتسم لها جميلة برقة وهي تهمس بدورها - " أعرف...." ..... أسرعت بلهفة تتبع ورد..... دخلت للغرفة البسيطة..... اثتت بطريقة تقليدية مع لمسات عصرية.... سرير أبيض منخفض بأعمدة ... تحيط به ستائر بيضاء.... و زربية تقليدية من اللون السكري و الأزرق... و لوحة كبيرة معلقة بجانب السرير بيضاء برسومات زرقاء لقروية تحمل قلةً طينية فوق رأسها.... مخذات صغيرة منتشرة في الغرفة.... الغرفة كانت من الطين الأحمر....و السقف من القصب.... كانت غرفةً مميزة جداً.... أحست براحة و هي تتأملها.... إستدار إليها يوسف الذي كان واقفاً يتأمل السماء الصافية.... بنجومها المتلئلئة..... من الشرفة الصغيرة...... - " تعالي.... " مد إليها بذراعيه لتسرع لحضنه..... - " إسمعي.... أنت الآن في مكان آمن.... الناس هنا بسطاء و قلبهم صاف جدا...." وضع يده على قلبها....الذي يخفق بجنون من قربه وهمس " يشبه قلبك جدا..... أعرف أنك ستكونين بخير بعيداً عني..." رفعت رأسها بصدمة تنظر إليه - " ماذا تقصد؟!!...." همست بخوف.... أجابها بسرعة - " المستشفى قد اتصل.....وهناك عملية مستعجلة يجب أن أقوم بها..... " - " حسنا.... سأرافقك" همست.... وهي تنظر لملامحه.... تحاول معرفة سبب انقباض قلبها - " و جميلة؟!" همس بهدوء.... " حالتها الصحية لا تسمح بتنقلات متعبة كالتي خضنها منذ قليل..." أحست بالذنب و هي تتذكر وعدها لجميلة.... ليونة ملامحها، جعله يستطرد -".... ستبقين هنا، لحين عودتي...." همست برضوخ و عيونها تتلألأ بدموع - " حاضر...." -" حبيبتي.... هي مجرد ساعات و أعود.... لا تبكي....." و كأن طلبه كان دعوة لتبكي.... أحاطت خصره بقوة....تدفن رأسها بين أضلعه و تبكي بقوة...كانت تهمهم.... دون أن يفهم ما تقوله.... ليبعدها عنه قليلا بحزم.... و يسمعها تقول بتذمر - " أنا لن أستطيع النوم و أنت لست قريباً مني.... " -" ششش ستكونين بخير..... أنتِ قوية " قال و غصةً تستحكم حنجرته..... و يخفي رعبهما في قبلةٍ..... جعلتهما يدركان إلى أي درجة يعشقان بعضهما. ******* إنتهى الفصل 💋 | ||||
17-02-18, 10:07 PM | #420 | ||||
كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاءوقلم مشارك بمنتدى قلوب أحلام وحارسة سراديب الحكايات
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 22 ( الأعضاء 15 والزوار 7) ملك علي, ToOoOmy, E. Ali, زنبقت الجنوب, shimaa he, أسـتـر, shammaf, ريما الشريف, من هم, اسرار٢, Essonew, rere star, dodoalbdol bonne lecture <3 | ||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|