12-12-07, 11:06 AM | #11 | |||||||||||
كاتبة في قصر الكتابة الخاليّة وقاصة بقلوب احلام القصيرة
| وتنهدت توني .. كانت جوليا تطلب المساعدة , ولكن توني عجزت حتى عن تقديم النصيحة لها . "ألم يقل كوستاس لك ابدا إنه يحبك ؟" " قالها كثيرا , ولم اكن لأتمادى معه في علاقتنا لولا ذلك , كنت اتوقع دائما انه سيتزوجني بمجرد الأنتهاء من الجامعة " " وأين يقيم هو ؟" " في جزيرة كوس " وتطلعت توني الى الزورق المقبل من هناك , وقالت : " ومن هنا كانت رغبتك في ان يصطحبك داروس معه " " كلا ... في الواقع ... لأنني عندما أكون مع داروس نقيم دائما في منزل شقيقتي نتناول المرطبات ثم نعود الى هنا ... داوس يحب الرحلات البحرية ولذلك فإنه يحضر مارغريتا وبنايوتيس كلما أرادا زيارته, كلا .... لم أكن قادرة ان ارى كوستاس , كيف اتصل به , وعد بالكتابة لكنه لم يفعل , لم يبعث برسالة واحدة طوال هذه المدة" " ربما يكون مريضا او مشغولا يشئ اخر" "ليس مريضا ... لقد قابلته ابنة عمي , وابلغها انه لا يريد ان نظل اصدقاء بعد الآن" كانت جوليا تلعب بالحصاة وألقت بها في البحر ومسحت دموعها وقالت : "أفكر في نسيانه والزواج من ستيفانوس " " لكنك تقولين إن ستيفانوس قد لا يريد الزواج منك ..." " إن لم أخبره بشئ عن كوستاس سوف يتزوجني ..." "وماذا يحدث بعد ذلك ؟" وبدت جوليا شاحبة وقالت بصوت مختلج : " لا أعرف يا توني , لا أستطيع التفكير ماذا يمكن ان افعل ؟ " وشعرت توني بعجزها عن مساعدتها . " ورده قايين " " واذا كتب لك كوستاس ... واذا اكتشف انه يحبك فعلا .... هل تستطيعين فسخ الخطبة؟" " أترك ستيفانوس ؟ نعم اعتقد ذلك " " وهل يسمح لك داروس ؟" " اذا اعتقد ان كوستاس جاد فإنني متأكدة انه سيسمح لي بفسخ الخطبة " " إنك تدهشينني .... كنت اعتقد ان داروس سيحملك على احترام الإتفاق فالخطوبة هنا ملزمة تقريبا كالزواج ... هكذا قيل لي " " انها كذلك , ولكن داروس تهمه سعادتي , انه عطوف جدا ولكنك لست في حاجة لأن اقول لك ذلك ..." " عظوف ! " كانت نظراتها متجهة الى القارب , لكنها استرجعت ذكريات لقائها الأول مع داروس . كان فظا غليظ القلب . ومازال كما هو . عاملها بشئ من الأدب الآلي أمام الخدم وتجاهلها تماما عندما كانا منفردين معا . وكانت توني تحرص على ألا تنفرد به كثيرا , لكنها لا تعبأ بلا مبالاته . كان ازواج ضرورو ماسة ولم يكن أكثر من وضع مؤقت لا تقوم الصداقة بأي دور فيه . أما بالنسبة الى المعاشرة فكانت توني ترتعد في المناسبات النادرة التي تخطر فيها الفكرة على بالها . كان داروس قد اعلن بصورة قاطعة انه سيتزوج من فتاة يونانية تعرف مكان المرأة . وأشفقت توني على هذه الفتاة المجهولة التي سيقع نظره عليها ذات يوم فلا تثير فيه الا الرغبة فقط .... شكرا للسماء ان عينيه لا تتطلعان اليها بهذه الرغبة . هكذا فكرت توني عندما نظر اليها داروس مرة بدون اكتراث وهي ترتدي لباس البحر وترقد على العشب تستمتع بالشمس . لم تكن المناوشات قد بدأت بينهما بعد لأنه بعد الأسبوع الأول أمضى أسبوعين في اثينا . وعند عودته أحضر معه شقيقته التي تزوره ثلاث مرات كل عام . ولذلك فلم تكن هناك فرصة امام توني لتبدأ المعاملة التي تعتزم ممارستها كعقاب على كل هذه الأهانات التي عانت منها . واتجه الزورق بسرعة الى ن\منطقة الرسو , وفي الحال تم تقديم توني الى مارغريتا وزوجها , ولم يكن أي احد منهما يعرف السبب الحقيقي للزواج . كانت والدته السيدة بتسوس قد قالت بعد الزفاف : "ليست هناك حاجة لأن يعرف الآخرون شيئا عن ظروف زواجكما . فسوف يقلق الفتيات ان يعرفن برغبة جدّهن في الأنتقام " وكان ابنها قد وافق على هذا الرأي . كانت توني تعرف ان الأجداد يحظون باحترام كبير في اليونان . لكنها تساءلت في دهشة , كيف يستطيع أي شخص ان يحب مثل هذا الكهل الشرير ؟ "سعدنا جدا بلقائك " قالتها مارغريتا وزوجها وهما يصافحانها , كانت الحيرة تبدو على وجه الأثنين , وتجنبت مارغريتا النظر الى شقيقها وقالت : "دهشنا جدا عندما علمنا ان داروس تزوج فتاة انكليزية " وردت توني في نبرات رقيقة في ظاهرها فقط : " ولماذا ؟ ألا يحب شقيقكم الأنكليزيات ؟" وكانت نظرة واحدة من داروس كفيلة بأن تعيدها الى اتزانها وتجنبها مثل هذا التهور . وقالت مارغريتا بسرعة : " بالطبع إنه يحب الأنكليزيا . فهو قبل كل شئ نصف انكليزي " ولاحظت توني الصلابة التي بدت في عينيه عندما سمع اخته تصفه بأنه نصف انكليزي . كان يونانيا اكثر.... هكذا قررت توني وهي ترى جانب وجهه الجامد الداكن عندما التفت ليقول شيئا لزوج اخته . وبدأت تتساءل ترى هل ضايقه زواج امه الذي فرض عليه هذا الدم الأنكليزي البغيض ؟ وفي تلك الليلة تلقت توني افضل معاملة ممكنة من زوجها أثناء العشاء ومع ذلك لم تبد منه حركات تنم عن عاطفة ولاحظت ان مثل هذه الحركات غير متوقعة . كان اليونانيين يتزوجون زواج مصلحة ولا يعتبرون إظهار العواطف نحو زوجاتهم امرا ضروريا . | |||||||||||
12-12-07, 11:06 AM | #12 | |||||||||||
كاتبة في قصر الكتابة الخاليّة وقاصة بقلوب احلام القصيرة
| وبعد بضعة ايام سافرت مارغريتا وزوجها الى اثينا واصطحبا معهما جوليا , تاركين توني وداروس وحدهما . وبعد ان اقاما معا نحو اسبوعين كغرباء , أحست توني بالملل لدرجة انها قررت ان تبدأ رحلاتها الى جزيرة او جزيرتين . لكنها تسلمت رسالة من والديها جعلتها تقرر العودة الى بلدها . وأرجأت بذلك رحلاتها. وأبلغت زوجها قائلة : "والدي ييد رؤيتي , ولذلك فقد قررت ان امضي شهرا كعطلة في انكلترا " ولأول مرة شعرت بالأهتمام في تعبيراته , ولم يكن صعبا عليها ان تستشف الأرتياح الذي بدا عليه للتخلص منها لفترة . وكان رده السريع تأكيدا لما استنتجته توني إذ قال : "انها فكرة مناسبة جدا , الحياة تبدو مملة لك" وردت قائلة : "ان ما تقوله أقل من الواقع , الحياة هنا لا يمكن ان تكون اكثر مللا مما هي عليه هنا " ورفع حاجبيه وسألها : "ولكن ما الذي تتوقعين مني ان افعله ؟ لست هنا لأوفر لك التسلية والترفيه " وبدا عليها الغضب . معنى هذا ان هذا الشاب المتغطرس لا يعنيه ان حياتها تضيع هباء في انتظار وفاة ذلك القاتل الحقير . وقالت وهي تكشف عن أفكارها : "وربما أبقى في الخارج لفترة أطول " وقال داروس في هدوء : "إن شهرا واحدا هو أقصى مدة لك " وردت عليه في لهجة أكيدة محاولة إفهامه أنها ستبقى في الخارج طالما رغبت في ذلك . ولكنه أستطرد مسرعا , عندما فرغت من كلامها : "لا أعتقد ذلك .. لأن جدي يعتزم القيام بزيارة لنا في نهاية الشهر المقبل وهو يتوقع ان يجدك هنا " " وإذا لم يجدني ؟" "إنها رغبتي ان يجدك هنا . في اليونان لا يسمح للزوجة بأن تغادر بيتها حسب رغبتها . ويمكن ان يثير غيابك بعض الشكوك بأننا تزوجنا فقط لأحباط خططه " " ما الفرق ؟ إنني ما زلت زوجتك . ولذلك فإنني أرجح ألا يقرر فجأة انني ينبغي ان اقتل " ورأت شرر التحذير في عينيه . وقال داروس في حنق : "لا أريد ان اجازف بشئ . ويتعين عليك ايضا ألا تجازفي بشئ إذا كنت تفكرين بتعقل" واستطاعت توني ان تكبح جماح غضبها وقالت : "سوف افكر في ذلك " " ستفعلين ما اقوله " واندهشت من هذه العبارة , وحدقت في وجهه قائلة : " يجب ان احذرك يا داروس , انني افعل ما أشاء , وإذا أردت البقاء في الخارج فسوف ابقى" وصمتت برهة ضاقت عينا زوجها . وكان منظره يحذرها . واستطردت بسرعة : "أريد بعض المال لتغطية نفقات السفر " ورد في دهشة : "تريدين نقودا مني !" " بالطبع , وإلا فممن أطلب ؟" وشعرت توني بالتوتر حتى قبل ان يتكلم وقال : "انك لن تحصلي على نفقات الرحة الجوية مني . لديك المبلغ الذي تتقاضينه شهريا . وإذا كنت تعتزمين القيام بزيارة لأنكلترا , فالمفروض ان تدخري لهذه الرحلة , لا يا فتاتي , ينبغي ألا تطلبي نقودا مني أبدا " وأحست توني بإهانة بالغة وحدقت في هاتين العينين القاسيتين وقالت: "أبدا ... ولكنني أعتزم السفر " ووضع يده على فمه حتى لا يتثاءب وقال : " سافري بكل ارتياح إذا استطعت ذلك " وأثارت الحركة غضيها وصرخت قائلة : " ولكنني لن استطيع رؤية والديّ إذا لم تعطني المال " لم تضع توني في اعتبارها ابدا انها ستواجه صعوبة في ذلك . وكانت تعتقد ان الحصول على المال منه جزء رئيسي من خطوتها للأنتقام . واستطردت قائلة : " أرسلت ردا على رسالتهما مؤكدة اعتزامي زيارتهما " وأضافت وهي ترتعد غضبا : " ويتعين عليك ان تعطيني مالا " وظل داروس ملتزما الصمت في فتور . ومضت توني تقول في نبرة أكثر هدوءا : " ليس لدي مال على الأقل ليس هناك ما يكفي لتغطية نفقات الرحلة الجوية " كان داروس قد التقط تمثالا صغيرا قيما . وأخذ قطعة نادرة من التحف التي لديه محاولا الظهور بأنه لا يهتم بشئ , وانه لن يقبل مزيدا من النقاش . وضريت توني الأرض بقدمها , لكن سرعان ما ندمت على هذه الحركة الصبيانية عندما رأت عينيه تنتقلان من التمثال في يده وتتطلعان اليها في احتقار شديد . وشعرت توني بالغضب لأن هذا الرجل القاسي يستطيع ان يحتقرها ويشعرها بالمهانة وقالت في حدة : " لديك أموال كثير , مأئة جنيه ليست شيئا بالنسبة اليك " ونظر اليها ودمدم في نبرات متكاسلة ولكن خطيرة : "كوني عاقلة يا توني , لا تتبعي هذا الأسلوب معي , عندما اقول شيئا أعني ما أقول .. انني ارفض إعطاءك المال..... وهذه هي كلمتي الأخيرة " واحست توني ان مشاعر الغضب ستخنقها.لكنها تمالكت نفسها وهي تقول في حنق : "ولكنها ليست كلمتي الأخيرة, وعدت والديّ بأنني سأزورهما . وسوف أفعل ذلك , إنهما يتطلعان إلى رؤيتي , ولن أخيب رجاءهما" "إذن عليك ان تستخدمي بعضا من مال التسوية الذي صممت ان تحصلي عليه" "لا أستطيع ! أقصد انني لن ألمس هذا المال" كانت توني قد أرسلت ذلك المبلغ إلى الخارج وكانت تأمل ان تساعد والديها في التغلب على الإفلاس. وبدا الغضب على داوس . كانت في نظره طماعة بخيلة وهذا ما يتماشى تماما مع رأيه في النساء الأنكليزيات. ورد داروس وقد بدا عليه الملل: "في هذه الحالة ليس هناك خيار لك إلا ان تتنازلي عن عطلتك" واعترفت توني في نهاية الحوار بعد هذه العبارة القاطعة منه أن خططها للأنتقام منه سوف تواجه بعض المصاعب , نظرة واحدة الى ذلك الفم والفك جعلتها متأكدة ان زوجها لن يلين , ولو كان ذلك حتى من اجل ان تبتعد عن وجهه لفترة ما. واحّمرّ وجهها بالغضب وخيبة الأمل . كانت النتيجة الوحيدة انها أضافت لمحة من الرضى إلى ذلك الوجه المتغطرس . وغادرت الغرفة بسرعة , وكانت تفكر " اذا كان داروس قد امتنع عن دفع نفقات الرحلة الجوية الى انكلترا , فكيف ستحصل منه على النفقات الباهضة لرحلاتها الأخرى التي كانت تعتزم القيام بها . لابد من إيجاد طريقة لأرغامه على ذلك" وفي اليوم التالي , حجزت تذكرة لرحلتها الجوية في شركة الطيران في رودوس وبعد ان سلّمها الموظف تذكرتها قالت : "أرسل فاتورة الحساب الى زوجي" وابتسمت ثم اخرجت بطاقة داروس وقدمتها للموظف , ونظر الموظف في احترام بالغ , وقال : "بالتأكيد يا سيدتي " وبعد يومين كانت توني في برمنغهام مع والديها , ومن هناك اتجهت الى دوريست لتلتقي بشقيقتها وأولادها . وقالت شقيقتها : "انه شئ رائع ان اراك , انك تبدين في حالة طيبة , دهشنا جميعا عندما سمعنا بزواجك , لابد انه كان الحب من اول نظرة.حدث ذلك بسرعة , ما رأي والديك في هذا الزواج؟" كانت توني تستمع الى استفسارات شقيقتها وهي ترى مظاهر الفقر التي تحيط بالمكان الذي تقيم فيه . لاشك انها تواجه متاعب كبيرة في تربية صغارها الثلاثة , فامشكلة انها لا تلقى أي مساعدة حتى من والديها . وردت توني : "كانا سعيدين بزواجي" الواقع ان هذا كان صحيحا , فقد كانت توني تتمتع بالحكمة والأتزان ولم يتصورا لحظة واحدة ان زواجها لن ينجح . "انني احسدك" كانت توني تشعر ان كل أفكار بام ما زالت ترتبط الآن بزوجها فرانك الذي توفي وهو في الخامسة والثلاثين ضحية الجلطة الدموية. كان زوجا رائعا . زكان يحبها كثيرا . وسألتها توني : "كيف حالك , كيف تتدبرين امورك؟" كانت توني تتحدث الى شقيقتها وهي تحس بالقلق عندما شاهدت بام تقوم برتق جوارب ابنائها التي بدت في حالة غير قابلة للإصلاح. اعتادت توني ان تقدم لشقيقتها ولصغارها الملابس والهدايا . لكنها كانت تحرص دائما على ألاّ يفهم انها تقدم هذه الأشياء كمعونة لها , وإلا رفضتها بام .كانت لها كبرياء شديدة . والواقع الهدف من زيارتها لأهلها هو تقديم مزيد من الهدايا لهم . ولم تكن توني تعبأ بكشف الحساب الكبير الذي سيتسلمه داروس قريبا من المتجر بالأضافة الى فاتورة حساب التذكرة الجوية , هذه الأموال كلها سوف تسددها الى داروس . اما الآن فإنها تشعر بالمتعة كلما تخيلت الصدمة التي سيصاب بها داروس وهو يتسلم كشف الحساب . لابد انه سيعترف بهزيمته . حان الوقت لينزل هذا المتغطرس من برجه العالي | |||||||||||
12-12-07, 11:07 AM | #13 | |||||||||||
كاتبة في قصر الكتابة الخاليّة وقاصة بقلوب احلام القصيرة
| وقالت بام : "انها مشكلة صعبة يا توني , خلال أسبوع واحد سيكون كل الصغار في عطلاتهم المدرسية , ومعنى ذلك انني لابد ان اتخلى عن عملي لرعايتهم , وسوف يحصل شخص آخر على هذه الوظيفة وعليّ بعد ذلك ان ابحث عن عمل آخر في سبتمبر ايلول." " ورده قايين " وردت توني عابسة الوجه : "ألا يحتفظ صاحب العمل بوظيفتك!" "لا يستطيع , اذ كيف يقدر على ذلك لمدة ستة أسابيع" "أليس من الممكن له الحصول على موظفة مؤقتة حتى عودتك؟" "ليس من العدل ان أطلب من . وبالأضافة الى ذلك من الذي سيقبل العمل لفترة قصيرة كهذه" وهزت رأسها في استسلام وهي تقول : "اعتدت على هذا التغيير, غيرت وظيفتي مرتين في العام الفائت ألا تذكرين؟" "لقد عرفت انك غيّرت وظيفتك ولكني اعتقدت انك اخترت ذلك . لم تذكري ابدا هذه المصاعب في رسائلك الي !" "وما الفائدة ؟ لو وجدت شخصا يتولى رعاية الصغار خلال عطلة الصيف ! ولكنهم أطفال جامحون يصعب السيطرة عليهم في كثير من الأحيان ومع عدم وجود رجل في البيت لا يبالي الأولاد بالأم " وسكتت بام وهزت كتفيها في يأس . لويس لا تقلّ عن أخويها شقاوة وهذا شئ متوقع فهي دائما في صحبة ولدين . وتنهدت بعمق وقالت "لايمكن ان اقنع احدا برعايتهم " ثم مدت يدها لتأخذ فردة الجورب الثانية وطوتها مع الأخرى والتقطت قميصا ... كانت ياقته بالية وكانت تريد ان تقلبها حتى تخفي الجزء البالي تحت . وتراءت فكرة لتوني : "لماذا لا ترسلين الصغار الى والدتي لرعايتهم . لو أخذتهم والدتي سيكون من الممكن ان تأخذي انت نفسك عطلة أسبوع حتى ...." وهزت بام رأسها بالنفي .... "يتعين على والدتي ان تبقى في المتجر.أنقذتها الأموال التي بعثت بها اليها. ولكنهما لا يقدران على مواجهة نفقات إحضار مساعد معهما , ولو حتى لفترة , كلا , إن والدتي لا تستطيع تحمل رعاية الصغار" "نعم اعتقد انك على صواب" وجاءتها فكرة , ولمعت عينا توني , يالها من صدمة ستصيب زوجها المغرور : "سوف آخذهم معي عند عودتي لمدة ستة اسابيع!" وحدقت بام في وجه شقيقتها بدون ان تصدق ما تسمع : "أنت , ولكن زوجك لن يقبل بوجود ثلاثة أطفال بمثل هذه الشقاوة في بيته لمدة ستة أسابيع كاملة" وردت توني : "اليونانيون يحبون الأطفال , أنا متأكدة ان داروس سيسعده جدا وجودهم " أما توني فكانت تتصور الموقف الهزلي الذي سيتعرض له داروس أثناء وجودهم . كانت هذه الفكرة تضيف إلى عينيها بريقا يزيدها جمالا . أما قلبها فكان مشحونا بمشاعر الأنتقام . نعم ان داروس لاتيمر لن يشعر بالضيق كما سيشعر خلال الأسابيع الستة المقبلة ! ووجهت بام حديثها إلى توني : "لكنني قلت لك إن هؤلاء الأطفال لا يمكن السيطرة عليهم أبدا . في بعض الأوقات أشعر بالخوف إذ أشك حتى في انهم معرضون للإنحراف" وضحكت توني : "غير معقول .... صحيح إنهم أطفال أشقياء ... لكنني لم ألحظ أنهم يختلفون أبدا عن غيرهم من الأطفال في مثل أعمارهم" "أنا قلقة يا توني ... لا شك ان زوجك سيغضب منك . انا متأكدة من هذا . لعلني بالغت في تدليلهم بعدما فقدوا أباهم . فأصبحوا جامحين لا يمكن السيطرة عليهم " "ليس هناك ما يقلق ... سوف آخذهم معي وأعيدهم إليك مع إفتتاح المدارس في شهر سبتمبر- أيلول . وتستطيعين انت الأحتفاظ بوظيفتك " "والنفقات يا توني ؟ تصوّري كم ستكلف هذه الزيارة , ومن سيدفع كل هذه الأموال؟" " داروس يسعده جدا ان يدفع كل شئ , أؤكد لك ذلك " " لن تستطيعي السيطرة عليهم " "كلما كانوا أكثر شقاوة كلما أحببتهم أكثر " " لايمكن ان تفرضي أطفالي على زوجك بدون حتى ان تعلميه" ولكن ذلك هو بالضبط ما كانت توني تعتزمه . فسحبت كل مدخراتها من مكتب البريد , وحجزت تذاكر ذهاب فقط . وبعد أيام قليلة اصطحبت الأطفال الثلاثة معها الى بيتها في ليندروس . كان داروس خارج البيت عند وصولهم . ولكنه حضر بعد الغداء . ولم يعرف على الفور بوجود الأطفال الثلاثة لأنهم كانوا على الشاطئ . الا انه عبر الحديقة حيث كانت توني جالسة في مقعدها تقرأ . وكان الغضب يتفجر من عينيه : "هل يمكن ان اعرف لماذا تكتبين كشف الحساب بأسمي . ماذا تقصدين بذلك ؟" ورفعت توني نظرها اليه . كان يحاول قمع غضبه لكن توني استعدت لكل ما يمكن ان يحدث . ونظرت اليه في هدوء وقالت : "تقصد أجرة السفر بالطائرة . أبلغتك أنني مسافرة الى انكلترا . وذهبت بالفعل , تصرفت طبقا للقانون لأنني كنت اريد ان تفهم انني لن اسمح لنفسي بأن اكون خاضعة لسيطرتك بأي شكل . لقد رغبت في رؤية اسرتي . وانت باعتبارك زوجي كان يجب ان تعطيني المال بدون مناقشة . كان يمكن ان تعطيني هذه النقود , فقد أضطررت أخيرا ان تدفعها ...." "هل فكرت في الحرج الذي سببته لي بتصرفاتك ... أعدت قائمة الحساب في بادئ الأمر إلى المتجر قائلا انها لا تخصني ... وأنّبت المدير لعدم كفاءته" وكادت توني ان تنفجر ضاحكة عندما ادركت ما حدث له من حرج وقالت : "لو دفعت نفقات سفري بالطائرة , لما حدث أي شئ من هذا . تصرفك لم يكن حكيما ... وكما قلت لك أضطررت لدفع نفقات سفري في نهاية الأمر" وسادت فترة من الصمت قطعها داروس بقوله : " إنك تبدين متأكدة تماما من انه يتعين عليّ ان ادفع في نهاية الأمر " وقبل ان تفطن توني لنواياه أمسكها وأخذ يهزها بعنف ودفعها بقوة إلى المقعد وشعرت بجسمها كله يرتعد وقال : " الأموال التي تدينين بها لي الآن سوف تسدد من الحصة المخصصة لك . ولن تحصلي على شئ إلى ان تسددي بالكامل كل دراخما إن حصتك سوف تتوقف" "توقف حصتي , لا تستطيع " لماذا لم تفكر في هذا الأحتمال ؟.. ونظر داروس اليها نظرة المنتصر وهو يقول : "أوقفت مخصصاتك فعلا . وسوف يبلغك البنك عندما أعطيه تصريحا باستئناف دفع حصتك من المال" "لن أستطيع ان اتدبر الأمر . انا في حاجة إلى بعض المال . كنت اعتزم تسديد فاتورة المتجر بمجرد ان اتسلم مخصصاتي في الشهر المقبل . وأطلق داروس ضحكة قصيرة وقاال : " انك متسرعة في التفكير , سوف امنحك هذا المال , تسددين فاتورة الحساب ؟ هل تتوقعين ان اصدق انك كنت تعتزمين إعادة تسديدها إلي . كيف أنفقت هذه الأموال ؟ ام انه ليس من حقي ان اسأل ؟" " أشتريت هدايا لأولاد شقيقتي وإذا كنت لا تصدقني فلن يهمني ذلك " "أولاد شقيقتك ؟ لديك شقيقة اذن ؟" " انها أرملة , ولا تستطيع إعاشتهم , إشتريت بعض الملابس والأحذية لهم " ولمح الدموع تملأ عينيها فأدارت وجهها بسرعة . كيف تستطيع ان توفر للأطفال عطلة ممتعة بدون نقود . وأحست توني انه يجب عليها ان تتنازل عن عزة نفسها وان تطلب منه ان يقرضها بعض المال ... وعندما همّت بأن تحثه عن ذلك سمعت أصوات الأطفال تقترب ... وفجأة ظهر الصغار الثلاثة في الحديقة يركضون ويصرخون وهم يمارسون لعبة الهنود الحمر ! وصعق داروس انه يواجه عاصفة هوجاء . وسأل روبي الصبي الأول الذي توقف عن الركض . " ماذا تفعل هنا ؟ أخرج من الحديقة فورا ... أين يقيم هؤلاء الأشرار . وردت لويس الصغيرة : "إننا نقيم هنا .... من أنت ؟ هنا بيت خالتي توني" وكانت لويس لا تقل وقاحة عن أخويها . "هنا!" قال داروس هذا والتفت الى زوجته التي تجنبت النظر اليه : " هل أحضرتهم معك ؟" ولم تستطع توني الكلام في أول الأمر لكنه أدار وجهها بحركة سريعة وظل ممسكا بذقنها حتى قالت : "أحضرتهم معي , حتى تستطيع بام ان تستمر في العمل اثناء العطلة المدرسية ... وسوف يبقون معنا ستة أسابيع " قالت هذا بنبرة تحدي وقد استردت شجاعتها . بقي داروس صامتا . وكان كل انتباهه منصبا على توني التي وجدت نفسها – رغم تصميمها على مواجهة أي شئ منه – تناضل من أجل الأحتفاظ بقدرتها على التصدي له . كان الأطفال الثلاثة يغنون في الحديقة وكان ديفيد ينظر الى داروس كأنه هو الذي تعدى على ممتلكاتهم . اما روبي فقد أخرج له لسانه . وأحست توني بالفزع , ونهضت عن كرسيها وطلبت اليهم ان يدخلوا البيت . ودخل الأطفال الثلاثة الى البيت , وساد الصمت فترة , ثم تحدث داروس في نبرات هادئة خطيرة : " أريد ايضاحا لذلك من فضلك ؟" وبللت توني شفتيها وقالت : " قلت لك إنني احضرتهم معي حتى تستطيع شقيقتي ان تعمل اثناء العطلة المدرسية , ولولا ذلك كان يتعين عليها ان تترك وظيفتها , وهي لا تقدر على ذلك " وسألها بهدوء : " هل تحاولين اقناعي بأن بواعثك على هذا التصرف لا تتسم بالأنانية " " بالتأكيد إنها بواعث غير انانية " " لا تكذبي ! أحضرت هؤلاء الأطفال لمضايقتي ! إنني لا أفهم لماذا تمارسين هذه المتعة التي تتسم بالسادية ولكنني أحذرك . انك تتعاملين مع الرجل غير المناسب . لست واحدا من الأنكليز التافهين ....." " وهل تجرؤ على اهانة الأنكليز ؟ إنهم أفضل من أي ناس تعرفهم , وهم أزواج أحسن بكثير منكم ! إنك بالنسبة الي لست سوى أجنبي مغرور , ولن أسمح لك بإهانة الشعب الذي انتمي اليه .... ويجب ان تكون حريصا فيما تقول في المستقبل" كان وجهها ساخنا ويداها منقبضتين ولم تسترد هدوءها عندما رأت وميض الدعابة في عيني زوجها . وقال لها : "اسمحي لي يا توني ان اقدم لك نصيحة طيبة . لا تحاولي اختبار قدرتي على الصبر اكثر من ذلك . صدقيني ان صبري لا يمتد إلى الأبعاد التي تتصورينها" وابتعدت عنه توني وهي تقول إنه ليس زوجها وليس له سلطة عليها. وتهديداته لا تخيفها .ومضت تقول : "لن أخشاك حتى لو كنت زوجي حقا" وكانت تعني ما تقوله برغم أنها اعترفت لنفسها بعد لحظات من التفكير ان هذا الأجنبي الأسمر يستطيع إثار المتاعب لها . حقا انها لا تخشى يئا . انها لم تحس بالخوف عندما واجهت الموت . ولذلك فمن غير المحتمل ان تفقدها تهديدات هذا الرجل ما تتمتع به من ثبات . وبعد فترة من الصمت قال داروس : "وهكذا فانا لست زوجا حقيقيا لك ؟ أخبريني ما الذي تقصدينه فعلا بذلك ؟ أذكر ان زواجنا كان قانونيا " كان داروس يهزأ بها , وظلت صامتة , لم تكن كلماتها كافية للرد عليه , وتصورت ان توجيه صفعة اليه سيجعلها اكثر ارتياحا ... واستطرد داروس قائلا : "انا زوجك فعلا , من سوء حظي , ولولم يكن شقيقك سائقا فاشلا لما حدث شئ من هذا" وكاد غضبها يحطم كل الحدود , وقالت : "كيف تجرؤ على توجيه اللوم لأخي , إنك لو لم تكن تحب جدك بهذا الولع المجنون لما حدث كل ذلك . هذا الرجل يجب ان يحتجز في مستشفى المجانين " ودهشت توني عندما ضحك داروس قائلا : "وهكذا وصل بنا الحال الى ان نتبادل الشتائم وانت تقولين إننا لسنا متزوجين" وتغيرت نبرة صوته وهو يقول : "لكنك لم توضحي لي ماذا تقصدين عندما تقولين إننا لست زوجا حقيقيا لك؟" " انت تعرف جيدا ما أعنيه " "من السهل جدا تصحيح هذا الوضع , وتذكري ما حذرتك منه ... لا تثيريني أكثرمن ذلك" وجف حلقها وحاولت توني ان تهدئ من نفسها . وتذكرت ان اليونانيين من اكثر الشعوب ميلا الى الغزل والحب , وان زوجها لا يختلف كثيرا عنهم , ولذلك يتعين عليها ألا تجازف بشئ فقد يصبح وجود زوجة معه بمثابة إغراء لا يمكن مقاومته ذات يوم . وقالت بصوت يشوبه الخضوع : " أفضل ان اذهب الى الأطفال , انهم ينتظرون الشاي " ورد داروس في نبرة حاسمة : "شاي في الثانية بعد الظهر ؟ لن يبقوا هنا ... هل تفهمين ذلك ؟" وقفز قلبها ولكن ما لبثت ان هدأت وقالت في تحد : "لكنهم أقربائي وسوف يبقون هنا , آسفة لأحداث تغيير في نمط حياتك الروتيني الهادئ , لكن حاجة شقيقتي أعظم م حاجتك" ورد في إصرار : "سوف تبعدين هؤلاء الأشقياء من هنا وبسرعة" واتجه الى الباب . " ورده قايين " قالت : "هذا مستحيل حتى لو أردت أنا ذلك , فليست هناك أموال لنفقات سفرهم" واستدار داروس بهدوء ونظر اليها وهو لا يصدق : " هل حجزت لهم تذاكر ذهاب فقط ؟" "لم تكن لدي أية اموال لحجز تذاكر العودة , ولم يكن لدى شقيقتي أي مبلغ للمساهمة في ذلك" وارتسمت ملامح الغيظ على وجهه وهو يقول : "لديك خمسة آلاف جنيه مدخرة في مكان ما , استخدمي بعضا منها" وفي هذه اللحظة تركها واتجه الى الحديقة تاركا اياها تفكر فيما دار بينهما , واعترفت توني رغما عنها بأن كلماته أثرت فيها . وأدت الى اشاعة المخاوف في نفسها , والى الأعتقاد بأن جميع خططها للإنتقام منه لا يحتمل ان تنجح . | |||||||||||
12-12-07, 11:07 AM | #14 | |||||||||||
كاتبة في قصر الكتابة الخاليّة وقاصة بقلوب احلام القصيرة
| 4 – ثمار القسوة بعد فترة من التفكير والتروّي , استعادت توني رباطة جأشها . ما الذي يمكن ان يفعله زوجها ؟ لن يستطيع إخراج الأطفال من البيت , ولذلك من الواضح أنهم يستطيعون البقاء . لكن عليها قبل انتهاء الأسابيع الستة ان تفكر في طريقة للحصول على نفقات عودتهم , وثمن تذكرتها هي ايضا لأنه عليها ان ترافقهم . ربما تستطيع الأستدانة من والدها , نعم ستكتب اليه بعد فترة , لكنها لا تعرف كم سيمضي من الوقت قبل ان تستطيع سداد هذه النفقات , يالها من ورطة أوقعت فيها نفسها نتيجة رغبتها المجنونة في الأنتقام من داروس بسبب الأهانات التي وجهها اليها ... كان من الأفضل ان تنسى هذه الإهانات , لكنها لم تأسف لاحضار الأطفال معها . كانت بام متعب وكانت بالتأكيد ستنهار اذا لم تحصل على الراحة . وفجأة بدا لتوني انه من الظلم ان يمتلك داروس كل هذه الثروة في الوقت الذي تشعر فيه بام بالحاجة الشديدة .... لو كانت هناك طريقة لتأخذ بها قدرا صغيرا من أموال زوجها وتنقلها الى بام . ولكن لم يكن من الحكمة التورط أكثر .... تأكدت الآن من صلابة داروس ومن الحماقة ألاّ تستفيد من الدرس الذي تلقته. وعندما اقتربت توني من البيت سمعت أصوات الأطفال يطالبون ماريا بإعداد الطعام لهم . كانوا يوجّهون الى المرأة وقاحات شديدة لم تكن قادرة على تفسيرها او فهمها , لأن توني كانت تسمعها تتحدث اليهم باليونانية . "لا تعاملوني بهذه الوقاحة , وسوف تأكلون في الموعد المناسب وليس قبل ذلك ... أخرجوا من مطبخي الآن كلكم . انكم عصابة من السفاحين . واذا لم تخرجوا في الحال سأستخدم معكم المكنسة ..." ورد روبي في صوت مرتفع يدل على السخرية : "ماذا تقول هذه المرأة ... إنها لا تستطيع ان تتحدث الأنكليزية !" وأسرعت توني وسمعت لويس تقول : " أعتقد انها قالت سوف تطاردني بالمكنسة , لأنها أشارت إليها . ما رأيكم ... هل نجعلها تطاردنا ؟ سيكون هذا متعة كبيرة!" ورد ديفيد : "تطاردنا , انها سمينة جدا ولا يمكن ان تجري ياردة واحدة" وصرخ روبي : " انت على حق , انها كالحيوان البدين" وسارعت توني الى المطبخ , ووصلت في الوقت الذي كان فيه الطفل يثير غضب المرأة , وينظر لى داروس نظرة جريئة , ثم صرخ صرخة مدوية وحدقت توني في داروس – وقد حضرت على عجل – وهي تقول : "ضربته .... كيف تجرؤ على المساس بابن شقيقي ؟" "ما فعلته ليس إلا مقدمة ... وفي المرة المقبلة سوف أضعه على ركبتي واصفعه " ونظر الى الآخرين وهو يقول : " هل ترغبون في تجربة ذلك ؟" وهز الصبي رأسه واحتمى خلف ظهر خالته. ونظرت لويس الى خالتها وهي تقول : "لا .... انني لا أحب هذا الرجل , اطلبي اليه ان يرحل " وردت توني : "يا عزيزتي هذا منزله !" وقاطعها داروس في حنق : " أنتم الذين سترحلون الى منزلكم , والآن عليكم ان تدخلوا الى الغرف التي خصصت لكم , ويجب ألا يحاول أحدكم النزول الى هنا بدون اذني . ماذا تنتظرون؟" واستفسرت لويس : "هل يتعين علينا ان نفعل ما يقول يا خالتي !" وأومأت توني برأسها . "ولكن الشمس ما زالت ساطعة في الخارج ونحن نريد اللعب على الشاطئ ..." وحاولت توني ان تبدو جادة وهي تقول : " أصعدوا جميعا الى الطابق الأعلى ...." وقال داروس في صوت مرتفع : " اطيعوا ما أقوله فورا .... ولا شئ آخر" وصعد الأطفال السلم في صمت . والتفت الى توني وقال : "اما انت فأعتقد انك تستحقين ايضا الحبس في غرفتك !" واندفع الدم الى وجه توني . كان هذا الرجل بالتأكيد أكثر إنسانية من الزوج الصامت اللاهي الذي عرفته . ولكنه في الوقت نفسه كان يثير فزعها . من يدري لعله لا يتردد في تنفيذ تهديده . هذا ليس بعيد الأحتمال وهو في مثل هذه الحالة من الغضب الشديد وخاصة إذا ارتكبت حماقة أثارت غضبه ونسيت وجود خادمته . وأخيرا استدار وانصرف ولكنه أمر توني ان تلحق به في غرفة جلوسه . " أغلقي الباب " وأطاعته توني في هدوء . وجلس داروس على مقعد وتركها واقفة . وهو موقف لابد ان يشعل غضبها الذي استشاط بالفعل بعدما طلب منها بغطرسة إغلاق الباب . وأسند ظهره إلى مقعده وهو يقول : "أرجو ان توضحي لي ما أراه , بقيت أفكر خلال الدقائق القليلة الماضية في هذا الموقف لكني لم أجد سببا معقولا واحدا لكل هذه المحاولات التي تجعل منك عاملا مزعجا " سبب معقول ! وللحظة شعرت برغبة في ان تقول له الصدق . ان تخبره بأنه كان على حق في كل ما قاله , ولكنها قاومت الرغبة . فلم تكن قد تخلت تماما عن فكرة عقابه . وردت قائلة : " كلا ... إنني لست مزعجة , أردت ان اعود الى بلدي . ورفضت انت اعطائي نفقات السفر " "معك خمسة الاف جنيه , ماذا فعلت بها ؟" " تم استثمارها " لم تكن هذه كذبة , حسنا , كانت مجرد كذبة بيضاء . هكذا قالت وهي تحاول ان تهدئ فسها . " ولكنك تستطيعين سحب مبلغ منها " وهزت توني رأسها وقالت : "كلا إنني لا أستطيع سحب شئ منها " " لا أصدقك , إنك تدخرينها , على أمل الحصول على المزيد مني ولكن لا تفكري في ذلك يا فتاتي , لست من الأنكيز التافهين كما قلت لك " ولشدة دهشتها وجدت نفسها تقول : " داروس ... أرجو ألا نعيد ما حدث من قبل .. إنني لا أريد التشاجر معك" وقاطعها : " إنك تدهشينني . كنت حتى الآن تحاولين إثارتي والشجار معي" " غير صحيح , لم نتحدث إلى بعضنا البعض حتى هذا اليوم" وسكتت وقد إحّمرّ وجهها بينما رفع حاجبيه ثم قالت : "شعرت بالغضب فقط ندما امتنعت عن إعطائي مبلغا من المال لتغطية نفقات رحلتي إلى انكلترا . (ثم اعترفت برقة) تشاجرنا وقتها" وعاد داروس الى الحديث مرة اخرى عن موضوع سحبها بعض أموالها . "يجب ان تفعلي ذلك . لأن هؤلاء الأطفال لن يبقوا في منزلي لحظة أكثر مما هو ضروري" " ورده قايين " " سأبقي عليهم هنا طالما أردت انا ذلك . هذا منزلي في الوقت الحاضر . ولذلك فإنني سأطلب من اسرتي ان تزورني . واعتقد انك تشعر بالقلق لأن الأطفال ربما يضايقون جدك عندما يحظر الى هنا . انني بإخلاص ارجو ذلك . لأنه يستحق بعض العقاب على ما فعله بي" " جدي يتوقع ان يمضي اياما هادئة هنا . وفي أي حال , سواء حضر او لم يحضر . لن أرضى بوجود هؤلاء الأطفال الوقحين في منزلي" " سيرحلون بعد ستة اسابيع " ورد بهدوء: "يبدو انك نسيت إنذاري لك يا توني , اسمعي نصيحتي , وابعديهم خلال يوم او يومين" "لن افعل ذلك , وحتى لوقررت ان افعل ما تأمر به فإنني لا امتلك نفقات سفرهم, ابلغتك بذلك من قبل" " وخلال هذه الأسابيع الستة – هل ستكون لديك الأموال ؟" " والدي سيقرضني" " ولماذا لا يستطيع إقراضك الآن؟" وضاق فمها وحدقت فيه في غضب وقالت: "لم أطلب منه بعد" "إذن .... اطلبي ذلك في برقية" "ان الأطفال سيبقون هنا لأن شقيقتي تحتاج الى العمل , ولن تستطيع ذلك اذا تواجد الأطفال في البيت .... وعلاوة على ذلك فسوف تفقد وظيفتها اذا طلبت اجازة" | |||||||||||
12-12-07, 11:08 AM | #15 | |||||||||||
كاتبة في قصر الكتابة الخاليّة وقاصة بقلوب احلام القصيرة
| وتنهد في غضب وقال: "لو كنت تهتمين بشقيقتك هذه فلماذا م تعطها بعض الأموال التي طلبتها مني!" "لم تكن لتقبلها لأنها عزيزة النفس جدا" "ولذلك فإنها تستحق ان تكون في عوز" "انك شخص بغيض" "ألا تستطيعين نسيان نقائصي الآن؟ الأمر الملحّ هو ان تتولي انت رعاية هؤلاء الأطفال" ونظر الى وجهها طويلا ولم تستطع توني رغم قراراتها ان تقمع فزعها الذي كان يزحف في بطء . وعاد يقول : " ولو كنت عرفتني لفترة اطول لأدركت انني اعني ما أقول , اذهبي الان , وعندما نلتقي مرة اخرى ارجو ان تكوني نفذت اوامري" وغادرت توني الغرفة وهي تحترق غضبا . فليذهب الى الجحيم . وكانت عازمة على ألا تخذل شقيقتها . واتجهت الى غرفة الأطفال . وادهشها ما رأت , اذ عبر الأطفال عن استيائهم من سلطة البيت بتصرفات تتسم بالفوضى تماما . كان كل شئ في الغرفة مبعثرا , القوا الماء على الجدران . داسوا على مفرش السرير وحطموا الأباجورة الثمينة وألقوا بها على الأرض , ووقفت توني لحظة لا تستطيع الكلام . ثم انفجرت غاضبة وقالت : " حذرتني والدتكم مما كنت تتوقعه منكم , ولكنني لم اصدقها . وكانت على صواب , انكم ثلاثة من أوقح الأطفال الذين شاهدتهم , وانا فعلا آسفة لأحضاركم معي" وقال روبي : " ونحن ايضا نشاركك الأسف .... لقد ضربني ذلك الرجل!" وصرخت لويس ..." أريد العودة الى بلدي ... اريد العودة الآن ...." " لن ترحلوا الآن , ولن تفعلوا ذلك قبل مضي ستة اسابيع , ومن مصلحتكم ان تسلكوا سلوكا حسنا طوال هذه المدة" وانفجرت لويس باكية , وحاولت توني ان تهدئ من روعهم فقالت : "فلنعمل معا لنعيد النظام الى هذه الغرفة" ولم تشترك لويس , ولاحظت توني إحمرار وجهها , ربما تكون مريضة , وكانت لويس مريضة فعلا فلزمت الفراش. وزارها الطبيب في اليوم التالي , ونصحها بعدم مغادرة السرير بسبب ارتفاع حرارتها وقال : " انها الحصبة , سوف ارسل اليها بعض الأدوية بعد الظهر" وعندما نزلت توني من غرفتها تقابلت و داروس الذي بادرها بقوله : "ماذا حدث لهذه الطفلة ؟ شاهدت الطبيب خارجا لتوه ...." " لويس مصابة بالحصب ويتعين ان تبقى في سريرها ...." ولمحت الشرر يتطاير من عينيه وهو يقول : " حسنا توصلت إلى ما تبغين الآن ....." "أؤكد لك أنني لم أدبر مرض الطفلة" "كلا ... ولكنها فرصة جاءت في وقت مناسب" "انك شخص بغيض .... ألا تحس بأية مشاعر تجاه الطفلة المسكينة المريضة التي تطلب أمها الآن" "الطفلة المسكينة ! من الأنسب ان تقولي الشريرة الملعونة .... ولكن من الذي أخطأ بإحضارها الى هنا ؟" وقالت توني مدافعة : "لويس أفضل بكثير وهي معي هنا .... بام لديها الكثير تفعله بدون ان تزيد متاعبها في العناية بطفلة مريضة" وزالت تعابير الغضب عن وجهه , وقال في دهشة : "انك تثيرين حيرتي .... يبدو ان اهتمامك بشقيقتك امر حقيقي ..... ولو كان الأمر كذلك فلماذا تبقين على الأموال التي اخذتها مني ؟" "بام لا تقبل إعانة ... قلت لك ذلك من قبل " "هناك طرق ووسائل أخرى لأعطاء النقود بدون ان تقدم كإعانة " "هل تريد ان تعرف ماذا فعلت بهذه الأموال ؟" "انني اعرف ما فعلت بها ...." "صحيح .... هل تعرف حقيقة؟" وبدا الأهتمام على توني وهي تنتظر رده : "تختزنينها ولا تعتزمين ‘نفاق بنس واحد منها ... إنك بخيلة جشعة يا توني" "اشكرك ... انك ايضا لا تمنح الكثير بروح السخاء.." وضحك. وحاولت توني التفاهم معه للحصول على جزء من مخصصاتها التي كان قرر وقفها , لكنه رفض ذلك , وقال : "اذا تجرأت مرة أخرى وأرسلت لي كشف حساب سأنهال عليك ضربا" وقالت توني وقد سرت رعشة غريبة في جسمها : "لن تستطيع السيطرة عليّ بأي عنف جسدي" "لماذا ؟ هل تعتبرين نفسك نداً لي ؟" "اود ان اقول انني سألجأ الى الشرطة اذا تجرأت وحاولت حتى لمسي بإصبعك" "اخشى ألا يفيدك ذلك ... الزوج اليوناني من حقه ان يؤدب زوجته المخطئة" كان في استطاعتها ان تخبره انه نصف انكليزي ... ولكن داروس كان يفضل اعتبار نفسه يونانيا . ورمقته توني بنظرة تحد , وقالت : "باستطاعتي ان اخرج عن طاعتك" "هذا صحيح ... ولكن جدي في هذه الحالة سيعتبر الزواج منتهيا " ولمعت عيناه بالسعادة بينما أضاف : "في اليونان تعتبر المعاشرة الزوجية هي التي تقرر اذا كان الزوجان متزوجين حقيقة ام لا .... ولا توجد بيننا معاشرة زوجية كما تعلمين " وهز كتفيه ثم ضحك برقة عندما تسلل الدم الى وجهها . كانت تتمنى ان تناقشه ... وان تتهمه بالكذب ولكنها كانت قد اقامت في اليونان مدة كافية لتعلم أهمية الحياة الزوجية بالنسبة الى الزوج اليوناني . والواقع انها لم تكن تفكر حقيقة في ترك زوجها , كانت تأمل في التوصل الى طريقة ما تجعله يدفع ثمن الأهانات التي وجهها اليها . ومع ذلك كان شاغلها الوحيد الآن هو كيفية الحصول على الأموال . ومت الأيام وشعرت توني ان الأطفال أصبحوا أكثر هدوءا . كانت توني تعتقد هذا الهدوء انما يرجع الى مرض شقيقتهم لويس , الا انها اكتشفت في اليوم الرابع عدم وجود روبي اثناء تناول الشاي . وسألت : "اين روبي ؟" ونظر ديفيد اليها قائلا : "في غرفته" "ماذا يفعل هناك ... اذهب اليه واخبره ان الشاي حاضر" "انه لا يستطيع النزول " وخفق قلب توني سريعا , وتمنت الا يكون روبي مريضا .. يكفيها رعاية لويس اثناء مرضها ..كانت الطفلة لا تثير المتاعب بسبب مرضها فقط ,لكنها كانت شرسة وقحة بطبيعتها ولعل هذا يرجع الى عدم وجود سيطرة ابوية .الواقع ان الولدين كانا عنيدين لا يطيعان احدا وبرغم ان توني كانت تشعر بالسعادة احيانا لأنهما يزعجان زوجها لكنها كانت تشعر بالضيق والحرج حتى تنقض عليهما وتشبعهما ضربا . كان الألم يحز في قلبها بسبب التلف الذي أحدثاه ... كان هذا التلف يبدو اشبه بإجراء انتقامي . وعندما يحطمان قطعة اثرية نادرة وهما يتصارعان في غرفة الجلوس كانت تشعر بالأسف على فقدها اكثر مما تشعر بالغضب وهي تتلقى تأنيب زوجها . " ورده قايين " وسألت بسرعة : "ماذا تعني بذلك؟" "هذا الرجل البغيض – أقصد العم داروس – طلب من روبي الصعود الى الغرفة بعد الغداء , ولم يسمح له بالنزول مرة اخرى اليوم" "العم داروس .... كيف يحدث ذلك.... ما الذي فعله ؟" "كان يتحدث بوقاحة الى البستاني .... وعندما طلب داروس منه ان يعتذر , خاطبه هو الآخر بوقاحة , ولذلك أمره بالصعود الى الغرفة" وأحست توني بمشاعر مختلفة , فبينما شعرت ان خطتها الأخيرة للأنتقام من داروس فشت , كانت تحس على النقيض بالأرتياح لأن الأطفال اخذوا يخضعون لنوع من التربية السليمة –وأدهشها ان تقول فجأة له : "العم داروس كان على صواب عندما عاقبه فنظر اليها ديفيد وهو يقول : "هل تتفقين مع العم داروس؟" "بالتأكيد" " ورده قايين " "اود العودة الى بلدي ... لويس مريضة في الفراش وروبي معاقب في الغرفة , فماذا افعل وحدي ؟" "باستطاعتك ان تمضي وقتك بالقراءة ...كما طلب منك" وفي هذه الأثناء كان داروس يمرّ امام الغرفة , ثم دخلها ونظر الى ديفيد في جفوة . وقالت توني : "ابلغني ديفيد ان روبي في غرفته بناء على أوامرك" ونظر اليها والغطرسة بادية عليه حتى في الطريقة التي وضع بها يده على الباب : "هذا صحيح , هل لديك أية تعقيبات على ما فعلت ؟" ونظرت توني الى ديفيد الذي كان ينتظر منها ان تنتصر لأخيه . "كلا.... ليس لي تعقيبات ... ولكن أيتعيّن عليه ان يبقى في غرفته طوال اليوم؟أليس هذا وقتاً طويلاً؟" | |||||||||||
12-12-07, 11:08 AM | #16 | |||||||||||
كاتبة في قصر الكتابة الخاليّة وقاصة بقلوب احلام القصيرة
| وأدهشه انها لم تكن غاضبة ولكنه لم يفصح عن هذه الدهشة وهو يقول في نبرات هادئة: "في الأحوال العادية تعتبر هذه العقوبة قاسية , ولكن روبي تمّ تحذيره مرتين , وكان يدرك جيداً ما يتوقعه اذا تجاهل التحذير الثاني" "هل سيتناول أي طعام؟" "أرسلنا الشاي اليه في غرفته" ولم تبد أي تعليق فنظر داروس الى ديفيد وقال : "أتذكر القراءة التي نصحتك بها ... تستطيع ان تحضر الى غرفتي بعد تناول الشاي لتحدثني عنها" واندهشت توني من مسلكه , ان السيطرة على الطفل شئ . والأهتمام به الى هذا الحد شئ آخر , لابد ان يكون شخصا آخر غير داروس فما الذي حدث له ؟ وقال ديفيد في تأدب وهو ينظر الى يديه الموضوعتين فوق ركبتيه : "لم أقرأ شيئا...." "أعتقدت ذلك .... ألم احذرك , افرغ من الشاي ثم أصعد الى غرفتك , وسوف تبقى مثل روبي حتى صباح الغد" ونظر ديفيد الى خالته مستعطفا وهو يبكي : "أريد العودة الى بيتي" لم تكن قد استعادت صوابها بعد من الدهشة التي اصابتها . لم تكن تتوقع ابدا ان يكون في أخلاق داروس هذا الجانب من الطباع . كان هادئا ومع ذلك كان حاسما . الغضب الذي بدا عليه بعد وصول الأطفال تحوّل الآن الى اهتمام لا داعي له . ومحاولة داروس السيطرة على الأطفال لمجرد الدفاع عن النفس في حد ذاته امر مفهوم . لكن محاولته التأثير عليهم بهذه الطريقة كانت شيئا من الصعب فهمه. وفي هذه الليلة شعر الأطفال الثلاثة ان الأحوال تغيرت بالنسبة لهم تماما . أصبح هناك شخص – غير والدتهم العطوفة التي تستجيب دائما لكل مطالبهم – يستطيع ان يتصدى لهم , وان يضع قيودا على تحركاتهم . وعندما التقى الأطفال في غرفتهم كانت تجتاحهم مشاعر التمرد على هذه القيود الجديدة التي لم يألفوها من قبل . وكان هناك اصرار بينهم على مواجهة هذا الموقف. وقال روبي : "ما الذي يدفعنا الى البقاء هنا ؟ كل تحركاتنا اصبحت مقيدة تماما" ورد ديفيد : "انني اعيش في سجن كبير واسع . العم داروس يحاول فرض سيطرته الكاملة على كل تحركاتنا" "علينا ان نتخذ قرارنا الليلة لنبلغه الى خالتي بمجرد ان تستيقظ في الصباح" "يبدو ان خالتي توني لا تستطيع هي ايضا أن تجد مخرجا لنا مما نحن فيه " "علينا ان نتدبر الامر حتى نحمل العم داروس أما على تغيير طريقته في معاملتنا او أعادتنا الى بيتنا" " لاحظت شيئا هاما الليلة000خالتي توني وقفت الى جانبه وهو يروي لها الأسباب التي دفعته الى معاقبتك"0 " ربما تكون خائفة مثلنا ,أنه رجل شرير متغطرس"0 وأعتدلت لويس وهي في فراشها : " أنكما تفكران بطريقة كلها أنانية , كل همكما أن تتوافر لكما أسباب الراحة بدون ضابط أو أن تعودا الى بيتنا لتضاعفا من المشقة التي تعاني منها والدتي , فلنتدبر الأمر جيدا , لابد أن يكون في أصرار خالتي توني على وجودنا معها هنا فائدة كبيرة"0 " ربما00لكنها فائدة تحد من حركتنا وكيفية استمتاعنا باللعب000" وقالت لويس في نبرة كلها أستعطاف: " قدمت والدتي لنا كل ما في طاقتها أثناء الدراسة000فلماذا لا نتيح لها الفرصة كي تسترد أنفاسها ؟ أن استمرار وجودنا هنا يسمح لها بالعلاج لاستعادة صحتها , وربما استطاعت بعد ذلك أن توفر لنا امكانيات أكبر للعب واللهو "0 ورد روبي قائلا: " انا مصمم على العودة , جئت الى بيت خالتي توني وكانت تحدوني الآمال في قضاء وقت كله لعب واستمتاع بالطبيعة, اما الآن فأنني أشعر أنني استأنفت دراستي مرة أخرى"0 وأضاف ديفيد الى كلام أخيه: " العم داروس مصمم على ان نقرأ كل يوم الى جانب اللعب"0 وقالت لويس: " خالتي تؤيده , لابد أن يكون هناك وقت للأستمتاع باللعب واللهو وآخر للقرأءة والدرس"0 وفجأة سمع الأطفال طرقا على باب الغرفة ثم انفتح الباب برفق 0 ودخل العم داروس: " هل أشارككم هذا المؤتمر الصغير؟" وصمت الجميع , لم يجروء أحد على الرد عليه , ربما أحتجاجا على مسلكه معهم , وربما خوفا من عقوباته القاسية التي يمكن أن يفرضها بدون رأفة0 وأستطرد قائلا: " أعرف أنكم تنتقدون مسلكي معكم , انكم أيها الصغار لا تدركون بعد أنني لا أقصد أن أفرض عليكم قيودا لمجرد الرغبة في مضايقتكم , كل ما في الأمر أنني أردت غرس نوع من السلوك المنتظم في نفوسكم يوفر لكم متعة حقيقية أثناء وقت فراغكم "0 كان داروس يتحدث اليهم في عطف ومودة 0 لقد خلا حديثه تماما من أي تهديد بعقاب او أية اوامر صارمة0 " لاأشك أبدا في أنكم جميعا تحبون والدتكم 0 أنها في حاجة الآن لأن تتفرغ لنفسها بعض الوقت حتى تستكمل علاجها 0 هل تبخلون عليها بهذه الفرصة؟" ورد الجميع في صوت واحد: " كلا00أننا ندعو لها بالشفاء"0 وأحس داروس بأن هناك استجابة من الأطفال لهذة الطريقة من التفاهم: " أذا فلنتفق على ان نتعايش معا , ولنخصص من يومنا وقتا للأستمتاع باللهو , وآخر للأستفادة بالدراسة 0 وليحترم كل منا رغبات الآخر0" " ورده قايين " وكانت المفاجأة ان يدرك الأطفال الثلاثة حقائق الموقف بأسرع مما ادركته خالتهم توني 0 وتعاهد الجميع على تغيير سلوكهم 0 لابد من معايشة العم داروس حسب التقاليد التي يعتقد انها صائبة 0 اما العم داروس فلن يبخل عليهم مقابل ذلك بشئ 00سوف تتتوافر لهم كل وسائل اللهو ! وأحس الأطفال بعطف حقيقي من العم داروس , انه ليس بهذه الدرجة من الشراسة التي بدت لهم في لقائهم الأول معه0 "طبتم مساء يا أعزائي، أرجوأن يظل هذا الاتفاق سرأ بيننا وأرجو ألا يتر" أحد منكم في اللجوء إلي إذا رغب في شيء". | |||||||||||
12-12-07, 11:09 AM | #17 | |||||||||||
كاتبة في قصر الكتابة الخاليّة وقاصة بقلوب احلام القصيرة
| كان هناك شئ غريب للغاية في الموقف كله ، ومع مضي الأيام وجدت توني نفسها تنظر إلى زوجها في إطار جديد. وأدرك الأطفال أنه قادر على التصدي لمقاوتهم فاحترموه لذلك ، وكان يطلب إليهم كل يوم أن ينجزوا كمية محددة من الدراسة في غرفة خصصها لهم ، وإذا أخل أحدهم بما يطلب فلا بد أن يتوقع نوعأ من العقاب ، والأغرب من ذلك أن كل طفل أصبح يتقاضى يوميأ مصروفأ خاصأ به . وكانت مفاجأة لها أن يجيء إليها روبي ذات يوم حاملأ لعبة في يده. ولما سألته من أين حصلت على المال قال : "أعطاني العم داروس ضعف مصروفي اليوم لأنني أنجزت كل عملي تمامأ". دخل داروس فابتسم له ووبي وسأله : «هل تعجبك ؟" وامسك داروس باللعبة وأخذ يفحصها، إلا أن عينيه كانت ترقبان توني. "ورده قايين " وسألها. " لماذا تنظرين في دهشة هكذا؟ " ´انت .. أنت تدفع مصروفأ يوميأ للأطفال " " انه مصروف بسيط .. " ولكن لماذا ؟" " ربما لأثبت لك أنني لست بخيلأ كما تعتقدين ..." تذكرت توني المأساة التي تعيشها... إنها لا تستطيع أن تشتري لنفسها قطعة صابون . كانت تتابها الحيرة والغيظ في فترات كثيرة : كيف تكون معدمة تمامأ لا تمتلك دراخما واحدة بينما تزوجت واحدأ من أغنى رجال الجزيرة ؟ كان كل شئ مختلفا عما خططت له وتمنت للحظة لو انها بدأت بداية مختلفة . من يدري... لوأنها لم تظهر مثل هذا الجشع في البداية لكان زوجها أكثر تفهمأ... ونظرت إليه في شك وعادت تفكر. كان أمرأ طبيعيأ أن أجعله يدفع < ولا أزال أريد منه أن يدفع إذا وجدت طريقة مناسبة لذلك . كان داروس ما زال ينظر إليها بابتسامة باهتة عندما أعاد إلى روبي سيارته اللعبة . "" العم داروس ... وعدتني أن تأخذني أنا و ديفيد معك على الزورق ..." "نعم وعدتك ". "قلت بعد ظهر اليوم إذا كانت تصرفاتنا مناسبة ". "وهل تصرفتم بصورة طيبة اليوم ؟" "طبعأ... إنك تعرف هذا ولكنك تغيظنا فقط <." ""حسنأ... تعال ، سنقوم برحلتنا البحرية الآن ، أين ديفيد؟" ونظرت توني إلى زوجها وهي تقول < ""إنك تتصرف بكياسة ، ولا شك أنك ستجعلهم يأكلون من يديك قريبأ". ورد داروس بسرعة . "" وهوالأمرالذي يختلف تمامأ مع ما كنت تخططين له ". "ستكسر شقاوتهم ". "ذلك أفضل بكثير من كسر اعناقهم !" وضحك داروس لأنه أحس بالانتصار عليها، ودخل روبي. "أخبرني ديفيد أنه سينزل في دقائق . هل نتجه إلى الزورق؟ سيعرفه مكاننا..." وسأل ديفيد.هل تستطيع خالتي توني أن تحضر معنا؟" «خالتك تهتم بـ لويس ... وليس لديها وقت للنزهة البحرية ". . كانت توني تسمع هذا الحوار وهي تختنق غضبأ، كانت تتمنى لو أنها استطاعت أن تجد وسيلة تحطم بها سطوته و تعاليه . ونزل ديفيد وسألها. "أين روبي يا خالتي؟ العم داروس كان سيأخذنا معه في نزهة بحرية في الزورق ... أعتقد أنهما ذهبا بدوني.. "كلا... اتجها إلى الزورق في انتظارك ". «أشكرك ". وهم بالانصراف ، لكنها سألته بسرعة . "أصبحتما مولعين جدأ بالعم داروس ... ما الذي حدث أثناء اهتمامي بشقيقتك ؟ ورد عليها. "كان العم داروس قاسيأ للغاية في البداية ... لكنني بعد أن بكيت وهو يصرخ في ... وبعد أن قلت له إنني أريد أمي التي تعيش بمفردها بعد وفاة والدي، أجلسني إلى جواره وجعلني أقول له كل شي "،. <كان ديفيد ينظر في قلق إلى البوابة المؤدية إلى المرفأ الصغير وكان يخشى أن يتركاه وحده . "لن يذهبا بدونك ... ولكن 0ماذا تقصد بأنه جعلك تقول له كل شيء؟ "كل شيء عن أمي... سألني عن كل شيء... وقلت له إنها تعمل عملأ شاقأ، وإنا لا نمتلك اموالأ كثيرة . وإنها تبكي في بعض الأحيان عندما تتذكر والدي. ثم سألني العم داروس إذا كنا أشقياء في بيتنا كما نحن هنا فأجبته بالايجاب . وسألني إذا كنت أشعر بالخجل من ذلك ، فقلت إنني لا أعرف ... فرد علي أنه ينبغي أن أشعر بالخجل . وقال إنه من الأفضل أن نبدأ جيعأ صفحة جدية ". "توقف ديفيد عن الحديث وهو يلتقط أنفاسه ، وكانت عيناه ترقبان في قلق البوابة المؤدية الى الزورق " ثم قال إنه سيرعانا جيعأ، وإنا سنعود الى بيتنا أفضل سلوكأ. هل أستطيع الآن الذهاب ؟ "ردت قانلة . «نعم ... اذهب ". . كانت توني ترقبه وهو يجري مسرعأ إلى البوابة . واتجهت فى خطوات بطيئة إلى حمام السباحة حيث كان يمكن أن ترى من هناك الزورق . وسرعان ما استقلوا الزورق وبدأت ضحكاتهم تعلو< واستغرقت توني فى تفكير حزين وهي ترى الزورق يبتعد في البحر. وتذكرت ما قالته جوليا عن شقيقها داروس : "إنه عطوف ". ولكن أليس كل اليونانيين عطوفين على الأطفال ؟ إن ما يفعله ليس شيئأ جديدأ، إن أي رجل آخر كان يمكن أن يفعل ذلك فى الظروف نفسها... وهذه التصرفات البسيطة يجب ألا تعميها عن جفاء زوجها. | |||||||||||
12-12-07, 11:10 AM | #18 | |||||||||||
كاتبة في قصر الكتابة الخاليّة وقاصة بقلوب احلام القصيرة
| -5 - شبح اوليفيا ووصل جد داروس في شهر أغسطس (آب ). اي بعد أسبوع من الموعد المتوقع له ، وأحست توني بالتأكيد أن فتورأ سوف يخيم على علاقتهما أثناء زيارته ، لكنها دهشت عندما حياها الرجل بالروح الودية المعروفة عن اليونانين . وكأن المأساة التي شهدها لم تحدث ابدأ. ومع مضي الوقت انصاع الأطفال تمامأ للطريقة التي يعاملهم بها داروس . ولم تستطع توني أن تخفي إعجابها بأسلوب داروس في معاملة الأطفال . كان صارمأ معهم ، لكنه أثبت ايضأ أنه متفهم وأدرك أن الصغار يتسمون بالظرف اساسأ وليس في أعماقهم أي سوء حقيقي. والواقع أن استفساره من ديفيد أوضح له الصورة تمامأ بالنسبة الى ما حدث منذ موت أبيهم . كانت الأم تعمل والأطفال يجمحون بلا سيطرة . وكان واضحأ أنها أفسدتهم بالتدليل لأنها شعرت أنهم يعانون الحزن بعد موت أبيهم . لم تكن صورة جديدة بأي حال ولكن توني ظلت مندهشة لأن داروس لم يبخل بالجهد أو الوقت لأصلاح سلوكهم . وفي هذه الاثناء كانت لويس قد شفيت تمامأ وتركت فراشها، واصطحبتها توني الى الشاطىء الذي يمتلكه داروس حيث كان الصبيآن يلعبان بالكرة . اما جد داروس فكان يجلس على أريكة يرقبهما. وابتسم عندما شاهد توني ولويس تقتربان منه . وقال: " ابنة أختك أصبحت أفضل الآن .. واومأت توني برأسها. وابتسمت للرجل المسن وأدهشها أنها لم تكن له في نفسها أية ضغينة . إن عزمه على تنفيذ الانتقام كان بالنسبة اليه هو الاجراء المناسب والسليم . ولم تجد توني صعوبة في الصفح عنه . بعدما أصبعت بمنأى عن الخطر، إلا أنها لم تصفح عن داروس ، ومازالت تأمل أن يأتي الوقت الذي تتاح لها الفرصة لتعاتبه على ملاحظاته عن الفتيات الانكليزيات . " ورده قايين " وجاءت الفرصة أسرع عما توقعت ، أو.هكذا تصورت . كان داروس سيستضيف بعض زملانه من رجال الأعمال وزوجاتهم في الأسبوع التالي . وطلبت توني منه بعض المال لتشتري فستانأ وتصفف شعرها. وكان رده عليها " «استخدمي بعضأ من مخصصاتك .<< قال ذلك بحزم وكأنه لا يريد مزيدأ من النقاش . وراحت توني تفكر في الأمر وهي جالسة مع الرجل المسن . وراودتها فكرة إحراج داروس عندما جاء إلى الشاطىء. كان يرتدي سروالا قصيرأ وقد بدت عضلاته صلبة قوية .ونظرالى لويس وهي تلعب الكرة مع شقيقيها ثم التفت الى توني وقال وقد عبر وجهه : "إن ما تفعله لويس يفوق طاقتها...لماذا تتركينها هكذا تنفذ طاقتها الضعيفة بعد مرضها!<< وردت توني في صوت خفيض : "إنها ابنة اختي وأنا أعرف ما يصلح لها.<<" وشعرت توني بالخجل بعدما لاحظت أن الجد ينظر اليها في دهشة . ووجه حديثه إلى حفيده قائلا باليونانية : ""هل تسمح لزوجتك ان تتحدث اليك بهذا الاسلوب ؟»» "لم أخضع روحها الانكليزية بعد. ولكنني سوف أفعل ذلك .<< وكادت توني تنفجرغيظأ وهي تسمع ذلك . لكنها ظلت صامتة حتى تخفي معرفتها باللغة اليونانية . سأله الجد قانلا: ألا تتعلم درسأ من الانكليزية الأخرى يا داروس ؟ هل تعرف زوجتك أنك كنت ترتبط بخطبة مع أوليفيا؟<< وأجاب داروس في اقتضاب : "لم أجد سببا أذكر لها ذلك " " أتعجب في بعض الأحيان لما تزوجت هذه المرأة ؟ والدتك قالت انك احببتها 0 اما انك تزوجتها لانقاذها مني او نكاية باوليفيا 0 ولم يعلق حفيده بكلمة فاستطرد قائلا : " كان زواجا مفاجئأ يا داروس" ونظر ناحية توني. ثم نقل نظره الى لويس محاولا اقناعها بعدم الأستمرار فى اللعب . وأمسك بيدها وسمعتها توني تحتج وتقول . "لكنني أريد أن ألعب معك << ولكن أخاها ديفيد نصحها محذرا. "من الأفضل أن تسمعي ما يقوله العم داروس.» ولم تكن لويس قد خضعت لتأثير عمها الصارم وحاولت التملص من يده لكنه حملها بشئ من العنف واتجه بها إلى المقعد الخالي بجوار خالتها واغتاظت توني وقالت غاضبة "دعها وشأنها.» "إما أن تجلس في هدوء هنا على الكرسي أو أن تعود إلى المنزل .<» "لا لن ابقى على هذا الكرسي، ولن أعود الى المنزل .<< . "ستبقين في مكانك يا فتاتي ولم يكن من حق خالتك أن تسمح لك بالللعب مع ديفيد وروبي.<< كان صوته صارمإ ولكنه كان هادئأ لطيفأ وتطلعت اليه وقد بدا في عينيها لمحة من الاحترام له وسألت خالتها. اينبغي أن ابقى هنا<< ياله من وضع حرج . وقالت توني وهي تتميز غضبأ! " نعم يجب ان تجلس لويس في هدوء على الكرسي.<» ووقف داروس ينظر الى توني وقد بدت السخرية في عينيه 0 ثم استدار واتجه الى الولدين وعندما شاهداه ، هللا فرحأ لأنه سيشاركهما في اللعبة 0 وأخذت توني تراقبهم وقد انتابها شعور بالحنين المتدفق . لم تكن قد حسدت بام على أطفالها. كانت تستمتع بحياتها وحريتها. وكان الزواج في نظرها حالة غامضة ولن تفكر فيه إلا بعد أن يمضي شبابها. لكنها الآن شعرت بإحساس غريب من الفراغ كأنها تهيم على وجهها بدون مرفأ. وبصورة آلية تطلعت إلى البيت الأبيض عند سفح التل ...إنه البيت الذي تعرف بالتأكيد أن داروس يمتلكه. تذكرأن تثاريثوس ليونيتي يقيم هناك مع والدته . توني قد قابلته ذات يوم ، عندما كانت تسير على سفح التل عائدة من ليندروس حيث كانت تتسوق بعض حاجياتها. وعرض عليها أن يصحبها في سيارته إلى منزلها.وقدم نفسه إليها. ودعاها إلى زيارته وأمه في اليوم التالي . لقد حدث ذلك قبل وصول الأطفال الثلاثة . وقبلت توني الدعوة وزارتهما في مناسبات عديدة تثاريثوس وسيم وأعزب . وهو لاشك مفتون بشخصية توني. ولم يمنعه زواجها من أن يبدي إعجابه بها. وتوني تعرف أن كل اليونانيين مغرمون بتملق النساء. لكنها كانت تحس أيضا أن تثاريثوس صادق في إعجابه . تقدم اليها الكثيرون في حياتها للزواج منها. لكنها لم تكن تحس بأي شعور نحوهم . إلى أن قابلت تثاريثوس . أحبته وكانت تفكر فيه كلما قابلته . وطوال فترة وجود الأطفال معها لم تستطع توني أن تزوره هو وأمه . لا بد أنه تساءل ما الذي حدث ؟وقررت أن تتصل به هاتفيأ. | |||||||||||
12-12-07, 11:11 AM | #19 | |||||||||||
كاتبة في قصر الكتابة الخاليّة وقاصة بقلوب احلام القصيرة
| وفجأة سرحت توني بخواطرها وتذكرت تلك المحادثة القصيرة بين داروس وجده منذ لحظات . وأخذت تفكر في أوليفيا: من هي وكم من الوقت استمرت خطبتها قبل أن يقررا الانفصال ؟ لا بد أنها خذلته بطريقة جعلته يحتقر كل الانكليزيات ويتمنى لو أنه تزوج من فتاة يونانية تعرف مكانها تمامأ كامرأة . وعندما وصلت توني بأفكارها إلى تلك النقطة تساءلت . ترى ماذا سيكون رد فعل شقيقتيه عندما تعلمان بنبأ ألغا، الزواج الحالي ؟ الطلاق يزعج توني. وعندما يلغى الزواج لن تشعر إلآ بالارتياح . " ورده قايين " وعاد داروس والطفلان من الشاطىء. وأفسحت توني مكانأ لداروس بجوارها فشكرها وهو يقول > الأفضل أن تدخل لويس بعد دقائق إلى المنزل . حرارة الشمس أصبحت اشد من طاقتها على الأحتمال . وأشاحت توني بوجهها. وفكرت . لو أنه فقط حد من سلوكه المسيطر المتعالي لاستطاعت أن تحتفظ بهدوئها. إن أي شخص يراه يعتقد أنه والد هؤلاء الصغار! وجلس الطفلان على الرمال بينما أجلست توني بنت أختها لويس على . ركبتيها وبدأت بناء على رغبة الطفلين تحكي قصة خيالية عن رودوس وهي تدرك أن الحميع ومن بينهم داروس وجده ينصتون إليها في اهتمام . وبعد أن فرغت توني من روايتها قال داروس إن اسم الجزيرة اليوناني رودوس يرتبط باسم بطل القصة . وأكمل داروس بعض جوانب القصة . وكان حديثه رقيقأ لطيفأ بل كان نفسه يشعر بالبهجة والمرح مثل الاطفال . واجتاح توني شعورغريب . لقد بدا شخصأ مختلفأ تمامأ وهو يحدث الأطفال وفكرت توني. إنه أب رائع رغم أنه زوج متسلط كان حفل الغشاء المزمع إقامته لزملائه من رجال الأعمال وزوجانهم سيتخذ شكل حفل ´رسمي...وقبل أيام من موعده جلست توني تتصور كيف سيكون الموقف أثناء الحفل . زوجها سيكون واقفا هناك يحدق في ذهول إلى مظهر زوجته أمام ضيوفه ´ الأثرياء وزوجاتهم . وهي ترتدي فستانأ قديمأ و تترك شعرها بلا تصفيف . وعندما يبدي داروس أية ملاحظة عن زيها أو شعرها...ستوجه اليه الاتهام و تقول بصوت مسموع للجميع : " بأس يا داروس ...هذا كل ما عندي، لانك لم تعطني مالأ حتى لتصفيف شعري " كان الثوب يخص امها وكانت توني قد أخذته لتفصل منه تنورة ذات يوم . لكنه ظل مطويأ في حقيبتها...ولو أنها أرادت أن تزيل تجاعيده لوجدت هذا مستحيلأ. في أي حال لم تكن تريد أن تزيل التجاعيد. وتطلعت إلى نفسها في المرآة وهي ترتدي الثوب . كان منظرها قبيحا...وخطر لها أن تغيرة بثوب آخر يليق بالمناسبة لكنها صرفت الفكرة . وكانت تريد أن تضع زوجها في وضع حرج لكن داروس استطاع أيضأ هذه المرة أن يحبط محاولتها. فقبل ساعة من موعد الحفل سمعت طرقأ على باب غرفتها. وسألها إن كانت قد ارتدت ملابسها. ووضعت توني عبأءة فوق فستانهأ وفتحت ألبأب " . >>هل هناك شئ؟<< «هناك خطأ في ثنية كم القميص ولا أستطيع تثبيتها.<< تمكنت توني من تثبيت ثنية الكم والأزرار الذهبية المحلاة بالألماس كان داروس يفحص توني بنظراته طوال الوقت ، وفجأة وقع بصره على فستانها الأحمر القديم . "أليس عندك غير هذا ؟<< "هذا هو أفضل ماعندي...»< ووقف يحدق فيها بدون أن ينطق ~. " مأذأ تقصدين ؟ هذأ غير منأسب !<< واتجه بخطى سريعة إلى خزانة ملابسها ليجد مجموعة من الفساتين فاختار واحدأ منها ووضعه على السرير، وقال لها في عنف : "ارتدي هذا الفستان وحاولي أن تصففي شعرك بطريقة مناسبة . إنك تبدين كبائعة السمك ...<< وردت توني في حنق وعيناها الخضراوان مليئتان بالكراهية : " لن أصفف شعري ولن أغير ردائي.<< "سوف تفعلين ما اطلب .<< واتجه اليها ونزع العبا،ة بعنف . "هل تخلعين الرداء فورا أو أفعل أنا ذلك ؟<< "لن احضر الحفل ، ويمكنك أن تعتذر لهم ، قل إنني مريضة أو أي شي، آخر. << "لديك عشرون دقيقة . اجعلي مظهرك مناسبأ خلالها وإلا ستتحملين كل النتائج .» "لا أستطيع أن أفعل شيئا بالنسبة الى شعري .<< "استدعي ماريا كات دائما تصفف شعر جوليا. واتجه داروس الى باب الغرفة ، واستدار قائلأ: "انزلي خلال عشرين دقيقة . واعتني بمظهرك الذي يجب أن يكون مناسبأ لزوجة رجل مثلي .» "كيف افعل ذلك فى عشرين دقيقة فقط << وهددها قانلا: "" إذا امتنعت عن تنفيذ ما أطلب سوف تدفعين الثمن .، < وتركها واقفة هناك وهي تتمنى من كل قلبها لو انها لم تفكر في هذه المحاولة . وبعد مضي عشرين دقيقة كانت توني تقف في القاعة ، وكان داروس يقدمها الى ضيوفه من اليونانيين الأثرياء وزوجاتهم اللواتي حصلن . مثل أم داروس ، على حصة من التحرر من دون الوصول إلى وضع المساواة الذي تتمتع به نساء الغرب . وسمعت توني أحد اليونانيين يقول لداروس . "زوجتك فاتنة !<< "وجميلة جدأ» " ورده قايين " قالها آخر وهو يرمق كل جزء، في جسم توني بهذا النوع من التعالي المتغطرس الذي يتصف به كل الرجال اليونانيين . ورد داروس " أشكرك يا بافلوس ...<< واعقب تعليق داررس الى الرقيق بنظرة متكبرة الى زوجته . واحمر وجهها وهو يحدق فيها. اذ أدركت مدى سعادته لأنه استطاع أن يسيطر عليها. لكنه بدا حائرأ ايضأ. وخطر لها فجأة أنه لا بد أن يكون مرتبكأ بالطبع ولا بد أنه يتساءل عن سبب محاولاتها المستمرة لازعاجه ...فى يوم ما...ربما عندما يستعدان لالغاء، الزواج ستوضح له الأمر. سوف يتلقى صدمة كبيرة عندما يعرف أنها فهمت لغته .لا أن هذا سيحرجه ، ولكن كيف يشعر امثاله بالحرج ؟ إنه شخص يمتلىء ، من هذا الاحساس البغيض بأهميته وتفوقه وسيطرته لا يمكن أن يحرجه شيء0 كان الضيوف يتناولون شرابهم ، وعندما كانت توني تنظر حولها. لاحظت أن احدى السيدات الجميلات تحدق فيها. إنها ايفيانيا لامبيدس زوجة صاحب الفندق الثري الذي كان يقف بالقرب من النافذة يتناقش مع مضيفه . وظلت المرأة ترمق توني بعينيها من رأسها الى قدميها. وقالت توني لنفسها.من تكون هذه السيدة غير المهذبة ، وبعد دقائق وجدت توني نفسها تقف خلف ايفيانيا التي كانت تتحدث إلى داروس باليونانية . "اوليفيا تعتقد تمامأ أنك تزوجت هذه السيدة للضرورة البحته وليس لسبب آخر 0 "حقأ ولكن ما الذي يهم أوليفيا من زواجي؟» >>.اذكر انكما كنتما مخطوبين ...<< "ايفيانيا ، الأفضل أن ننهى هذا الموضوع ، باعتبار أن أوليفيا واحدة من أفضل صديقاتك .<< ""فعلا وهي تأسف لما بدر منها بالنسبة اليك ، هل تزوجت توني للضرورة << فأجاب بحدة : "للضرورة ؟<< سمعت اوليفيا إشاعة غريبة يا داروس . إنها تقول إن جدك كان يعتزم قتل هذه الفتاة للأخذ بالثأر.<< >>انه كلام فارغ ... تزوجت توني لأنني أردتها زوجة لى ...<< ولم يعقب داروس على ذلك ...ولكنها مضت قانلة : "إنك لن تنس اوليفيا ابدأ...فهي تفوق هذه المرأة جمالا وجاذبية << "ايفيانيا. لا أحب أن أكون وقحأ مع ضيوفى . أطلب منك أن تنسي هذا الموضوع .<< واستدار داروس فالتقت عيناه بعيني توني التي اضطرت إلى رسم ابتسامة على شفتيها برغم أنها كانت تحترق فى داخلها. | |||||||||||
12-12-07, 11:11 AM | #20 | |||||||||||
كاتبة في قصر الكتابة الخاليّة وقاصة بقلوب احلام القصيرة
| إذا هذه اوليفيا تفوقني جمالأ وجاذبية ورد زوجها على ابتسامتها فتناول كأسها الفارغة وسألها برقة . هل تريدين كأسا أخرى يا عزيزتي؟ وقالت توني وقد فترت ابتسامتها: كلا، شكرأ« وابتعد عنها. وتحولت المرأة الى توني قائلة . "ألا تتحدثين اليونانية أعرف بعض الكلمات .<< ""أعتقد أن ما تعرفيه هوكيف تقولين "من فضلك << و"أشكرك "نعم أعرف هذين التعبيرين باليونانية .<< "ليس المهم أن تعرفي كيف تتحدثين لغتنا...معظمنا يتحدث الانكليزية هنا هذه الايام .<< " إنها ميزة أن يتعلم المرء لغة أخرى. فى هذه الحالة سيعرف أن ليس هناك من يتحدث عنه بدون أن يعرف ما يقال .<< وبدا الحرج على المرأة وقالت ""آمل ألا تتصورين أنني وداروس كنا نتحدث عنك .الآن ؟<< >> ولماذا أتصور ذلك يا سيدة لامبيدس ...<< ونظرت ايفيانيا نظرة غريبة إلى توني بينا ظهر داروس قربها ونظر فى عينيها. وسألها قائلا: "هل هناك شيء غير عادي؟<< "أعتقد ان زوجتك تصر على أننا كنا نتحدث عنها...<<" كانت كلماتها تحديأ لتوني وشعرت توني بالندم لأنها تهورت وجعلت الحديث يتحول على هذا النحو الخطر ولكنها ردت بسرعة قائلة . "السيدة لامبيدس تتخيل أشياء لم تحدث .<< "أشعر بالاهتمام لما يدور بينكما...أرجو أن تفسر لي إحداكما الموقف ؟ << "كانت زوجتك تقول إنها خسارة كبيرة ألا يفهم المرء لغتنا. والمحت إلي أن كلامأ كثيرأ قد يقال عن شخص بدون أن يعرف ما يقال عنه ...<< ولم يثر هذا الموقف مرة أخرى. لكن 0 توني أحست بشي ، من القلق اثناء الحفل ،فقد لاحظت أكثرمن مرة أن زوجها يرمقها بنظرة عندما يقال شي، باللغة اليونانية . والتزمت توني كل الحرص حتى لا يكتشف احد أنها تعرف اليونانية وعاهدت نفسها بأن تتخذ الحيطة في المستقبل . واخيرا غادر المنزل وأصبحت توني بمفردها مع داروس . «كنت حكيمة عندما استمعت الى التحذير الذي وجهته إليك . أرجو أن تكوني قد استوعبت هذا الدرس . ولمعت عيناها غضبأ. " هل هناك ما يدعو ألى التعقيب على استجابتي لمشاعرك . استجابة إنك تقصدين استسلامك لما أريد.<<" " اذا كان هذا يرضي غرورك ان تسميها هكذا. فلا تجعلني إذن أحطم أوهامك .<< "اذا كان هناك اى شخص يعيش فى وهم فهو انت بلا شك . إنك الآن تعرفين أنه يجب الا تثيريني 0 مازلت تحيدين عن الطريق فتجعلي من نفسك مصدرا للمضايقة ولقد فشلت تمامأ في فهم ذلك ، ولكن لا بد أن يكون لهذا سبب .» وقالت لنفسها< " هناك أسباب فعلأ وسيعرفها يومأ ما<<. "انا ذاهبة لأنام ...<< وخرجت من الغرفة . وبعد دقائق سمعت توني خطوات داروس . وعندما ألقت نظرة تلقائية عابرة ألى باب غرفتها غيرالمغلق تذكرت أوليفيا وتساءلت عن 00مدى جمالها. وما الذي فعلته حتى تتسبب في فك ارتباطها بداروس . ورغم كل ذلك فإن داروس كما قالت ايفيانيا لا يستطيع أن ينساها...اوليفيا آسفة لما فعلته مع داروس .ولذلك فربما تنسى هي وداروس خلافاتهما عندما يسترد داروس حريته . واستلقت توني في نهاية الأمر على سريرها. إلا أن أفكارها عن جمال أوليفيا المجهول لم تنقطع . اوليفيا يسعدها بلا شك وتأمل أن تدخل في منافسة مع توني، إذا كان داروس مستعدأ للصفح عن أي خطأ ارتكبته خطيبته السابقة في حقه ...منافسة .إنها لتدهش كيف تسللت هذه الكلمة إلى أفكارها. لا يمكن أن تكون هناك منافسة بينها وبين اوليفيا. فلتأخذ اوليفيا هذا الأجنبي المتغطرس المتسلط مع أطيب التمنيات بحظ سعيد! شعرت توني بإحساس مثير يتغلغل إلى نفسها. ولكنها لا تستطيع تحديده . إحساس جعلها تظل ساهرة طوال الليل . وكانت آخر أفكارها تدور حول تثاريثوس ليونيتي الذي اتفقت معه في آخر مكالمة على لقاء قريب . كانت توني ترغب في اصطحاب الأطفال معها. ولكنه أقنعها بالعدول عن ذلك . واتفق الاثنان على التوجه إلى رودوس . ثم يتنإولان الغداء، وتشتري هي بعض احتياجاتها إذا شاءت . ثم يصحبها في جولة الى المدينة . وفكرت توني ، كيف تشتري أشياء وهي لا تمتلك دراخا واحدة . >> " لن أضيع الوقت في الشراء يا ليونيتي...أفضل القيام بجولة سياحية <<. وهكذا تم ترتيب هذا اللقاء. وان كانت توني أحست ببعض الذنب لأنها ستترك الأطفال ، لكنها كانت تتطلع إلى تمضية وقت طيب بصحبة تثاريثوس . | |||||||||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
2 - الأمواج تحترق - آن هامبسون ـ ع . ق (كتابة /كاملة )** | أمل بيضون | روايات عبير المكتوبة | 332 | 29-11-24 03:39 PM |
28 - الثأر - آن هامبسون - ع.ق | وردة دمشق | منتدى روايات عبير القديمة | 1429 | 14-11-24 09:41 PM |
89- جرح الغزالة - آن هامبسون - ع.ق ( كتابة / كاملة) | أمل بيضون | روايات عبير المكتوبة | 819 | 01-11-24 10:31 PM |
16- لقاء الغرباء- آن هامبسون- روايات عبير القديمة(كتابه/ كامله) | أمل بيضون | روايات عبير المكتوبة | 165 | 20-10-24 08:41 AM |
82- الحمقاء الصغيرة -آن هامبسون - روايات عبير القديمة(كتابة /كاملة **) | أمل بيضون | روايات عبير المكتوبة | 481 | 16-10-24 10:27 PM |