عرض مشاركة واحدة
قديم 26-09-24, 12:37 AM   #3

. تنآهيد
 
الصورة الرمزية . تنآهيد

? العضوٌ??? » 492155
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 695
?  نُقآطِيْ » . تنآهيد has a reputation beyond repute. تنآهيد has a reputation beyond repute. تنآهيد has a reputation beyond repute. تنآهيد has a reputation beyond repute. تنآهيد has a reputation beyond repute. تنآهيد has a reputation beyond repute. تنآهيد has a reputation beyond repute. تنآهيد has a reputation beyond repute. تنآهيد has a reputation beyond repute. تنآهيد has a reputation beyond repute. تنآهيد has a reputation beyond repute
افتراضي الحديث الأول



ونبدأ بالحديث الأول

قال الإمام أبو زكريا شرف النووي رحمه الله تعالى :

الحديث الأول

عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئٍ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " . رواه إماما المحدثين أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبة البخاري وأبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري في صحيحهما الذين هما أصح الكتب المصنفة


الشرح...

بدأ الإمام النووي رحمه الله بهذا الحديث العظيم المبارك ، وقد جرت عادة جماعة من أهل العلم بالبدء بهذا الحديث لأن أول الأعمال النيات ، وأول ما يبدأ العمل به النية وحسن القصد والتوجه إلى الله سبحانه وتعالى ؛ لأن الأعمال معتبرة بنياتها ؛ فبدأ رحمه الله، وجماعة كبيرة من أهل العلم بدأوا بهذا الحديث مصنفاتهم .

والحديث ينبغي أن يستحضره المسلم في أعماله كلها لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول :

" إنما الأعمال بالنيات " ، والمعنى أن النية إن لم تكن صالحة ولم تكن صحيحة فالله جل وعلا لا

يقبل العمل . كما سيأتي شرح هذا الحديث وبيانه ...
والحديث يرويه الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم . أبو حفص كنية لعمر رضي الله عنه وليس له ولد اسمه حفص ، مثل أبي بكر رضي الله عنه يكنى بأبي بكر وليس له ولد اسمه بكر ، وكذلك خالد بن الوليد يكنى أبا سليمان وليس له ولد اسمه سليمان ، ومصنف الأربعين النووي رحمه الله تعالى . يكنى بأبي زكريا وليس له ولد اسمه زكريا بل لم يتزوج رحمه الله تعالى . بدأ رحمه الله بحديث عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ي نكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " ؛ وذكر أنه اتفق على هذا الحديث البخاري ومسلم

قال شيخنا الوالد حفظه الله الشيخ عبد المحسن :

أولاً : أخرجه البخاري ومسلم وأصحاب السنن وغيرهم ، وقد تفرد بروايته عن عمر علقمة بن وقاص الليثي ، وتفرد به عنه محمد بن إبراهيم التيمي ، وتفرد عنه يحي بن سعيد الأنصاري ، ثم كثر الآخذون عنه ، فهو من غرائب صحيح البخاري ، وهو فاتحته ، ومثله في ذلك خاتمته وهو حديث أبي هريرة رضي الله تعالى - " كلمتان حبيبتان إلى الرحمن " الحديث ؛

وهو أيضاً من غرائب الصحيح ] .


الشرح...

هذا الحديث " إنما الأعمال بالنيات " لم يروه من الصحابة عن الرسول عليه الصلاة والسلام إلا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاء ، وتفرد بروايته عن عمر علقمة بن وقاص الليثي ، وتفرد بروايته عن علقمة محمد بن إبراهيم التيمي ، وتفرد بروايته عنه يحي بن سعيد الأنصاري ثم كثر الآخذون عنه ؛ فهو من غرائب الصحيح لأن الحديث الغريب . يقصد بالغرابة هنا - كونه تفرد بروايته عن الرسول عليه الصلاة والسلام رجل ، وتفرد عن الرجل رجل .. وهكذا ؛ فهو حديث من غرائب الصحيح لأجل ذلك ؛ يعني لكونه تفرد به عن عمر علقمه وعن علقمه محمد وعن محمد

يحيى ثم كثر الأخذون عنه لهذا الحديث وأشار إلى أن الإمام البخاري افتتح كتابه الصحيح بهذا الحديث واختتمه بحديث " كلمتان حبيبتان إلى الرحمن خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان " ؛ فبدأ بحديث إنما الأعمال واختتم بحديث فيه وزن الأعمال يوم القيامة ، وهذا فيه تنبيه وإشارة إلى أن بداية العمل النية ونهاية الأمر وزن العمل يوم القيامة يوم يلقى العبد ربه سبحانه وتعالى .

قال حفظه الله تعالى :

ثانيا : افتتح النووي أحاديث الأربعين بهذا الحديث ، وقد افتتح جماعة من أهل العلم كتبهم به منهم الإمام البخاري افتتح صحيحه به ، وعبد الغني المقدسي افتتح كتابه عمدة الأحكام به ، والبغوي افتتح كتابيه مصابيح السنة وشرح السنة به ، وافتتح السيوطي كتابه الجامع الصغير به ، وعقد النووي في أول كتابه المجموع شرح المهذب فصلاً قال فيه : فصل في الإخلاص والصدق وإحضار النية في جميع الأعمال البارزة والخفية ؛ أورد فيه ثلاث آيات من القرءان ثم حديث إنما الأعمال بالنيات وقال حديث صحيح متفق على صحته ومجمع

على عظم موقعه وجلالته ، وهو إحدى قواعد الإيمان وأول دعائمه و أكد الأركان ] .


الشرح... " وهو " أي حديث " إنما الأعمال بالنيات " إحدى قواعد الإيمان وأول دعائمه و أكد الأركان : وهذا يبين لك مكانة هذا الحديث وأنه للدين بمثابة القاعدة للبنيان ، وأنه للدين دعامة بمعنى أن الدين لا يقوم إلا على النية الصالحة والخالصة بحيث لا يبتغى بالعمل إلا وجه الله

سبحانه وتعالى ، فهذه دعامة للدين لا قيام للدين إلا عليها ؛ ولهذا قال النووي رحمه الله عن هذا

الحديث ؛ قال هو إحدى قواعد الإيمان وأول دعائمه وآكد الأركان

قال حفظه الله تعالى

وقال الشافعي رحمه الله: يدخل هذا الحديث في سبعين باباً من الفقه ] .


الشرح...

يدخل هذا الحديث في سبعين باباً من الفقه " يغلب على الظن والله أعلم أنه أراد بـ" السبعين"

الكثرة لا العدد أو الحصر ؛ فالمعنى أن أبواب الفقه كلها باباً باباً يدخل فيها هذا الحديث ؛

لأن أي عمل من الأعمال التي يتقرب فيها إلى الله سبحانه وتعالى لا بد فيها من النية ،

والأعمال معتبرة بنياتها كما قال عليه الصلاة والسلام " إنما الأعمال بالنيات " ؛ ولهذا هذا الحديث مع المسلم في كل باب من أبواب الفقه ، بل الدخول في الفقه من بدايته لا بد فيه من النية ،



قراءة كتب العلم ودراسة الفقه لا بد فيه من النية ، قال الإمام أحمد رحمه الله : " العلم لا يعدله شيء إذا صلحت النية " ، يعني إذا صلحت النية في طلبه للعلم أما إذا فسدت النية كان علم
الإنسان وبالاً عليه .
[ قال حفظه الله تعالى وقال أيضاً هو ثلث العلم ، وكذا قاله أيضاً غيره ] .


الشرح..

قوله وهو " ثلث العلم " : ربما يأتي ما سيوضح ذلك ، وهي كلمة قالها عدد من أهل العلم أن هذا الحديث ثلث العلم ، بمعنى أنه العلم الموروث عن النبي عليه الصلاة والسلام وهو عليه الصلاة والسلام إنما ورث العلم ؛ العلم الموروث عنه جاء في أحاديث كثيرة جداً ؛ لكنها تدور على أحاديث معدودة ، من أهل العلم من قال أنها تدور على ثلاثة أحاديث ، فإذا كانت تدور على ثلاثة أحاديث من بينها هذا الحديث يصبح هذا الحديث ثلث العلم ، وإذا كانت تدور على أربعة أحاديث من بينها هذا الحديث . كما يقرر بعض أهل العلم . يكون هذا الحديث ربع العلم . فهذا قول الشافعي رحمه الله وغيره من أهل العلم أن هذا الحديث ثلث العلم ، لأن العلم الموروث عن النبي عليه الصلاة والسلام جاء في أحاديث كثيرة لكنه روي عنه عليه الصلاة والسلام أحاديث جوامع يرجع إليها الدين كله ، بعض العلماء قالوا هي ثلاثة وبعضهم قالوا هي أربعة ، فمن قال إنها ثلاثة من بينها هذا الحديث فبهذا الاعتبار يكون هذا الحديث ثلث العلم.

[ وقد اختلف في عدها فقيل ثلاثة وقيل أربعة وقيل اثنان ] .


الشرح...

فإذا قيل ثلاثة أحاديث من بينها هذا الحديث فهذا الحديث ثلث العلم ، وإذا قيل أربعة أحاديث فهذا الحديث ربع العلم ، وإذا قيل إنها اثنان فهذا الحديث نصف العلم .

[ وقيل حديث ، وقد جمعتها كلها في جزء الأربعين .]


الشرح...

" وقد جمعتها كلها في جزء الأربعين " : وهذا يبين لك قيمة هذا الكتاب ، أي أن النووي رحمه الله اعتنى بتتبع كلام أهل العلم في الأحاديث التي قالوا عنها أن عليها مدار الدين ، أو قالوا عنها ربع العلم أو ثلثه أو نصف العلم ، فاعتنى بحفظ هذه الأحاديث وأودعها في هذا أنها

المصنف المبارك .

قال : [ وقد جمعتها كلها في جزء الأربعين فبلغت أربعين حديثاً لا يستغني متدين عن معرفتها ] .

الشرح...

كل صاحب دين ، ويريد لنفسه السعادة في الدنيا والآخرة لا يستغني عن هذه الأحاديث لأنها جمعت له أمهات الأحاديث التي يرجع إليها الدين وعليها يدور .

قال : [ لأنها كلها صحيحة جامعة قواعد الإسلام في الأصول والفروع والزهد والآداب

ومكارم الأخلاق وغير ذلك ] .


الشرح..

أي أنه من الله لم يخص جمع هذه الأحاديث في باب من أبواب العلم . كالاعتقاد مثلاً أو

كالعبادات . ؛ بل اعتنى يجمع الجوامع من أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام التي عليها مدار الدين

في أي باب من أبواب الدين ، ولهذا قال هنا : في الأصول والفروع والزهد والآداب ومكارم

الأخلاق وغير ذلك ؛ فأنت في هذا تجد بغيتك في الدين كله عقيدة وعبادة وسلوكاً .

قال النووي رحمه الله تعالى :

وإنما بدأت بهذا الحديث تأسياً بأئمتنا ومتقدمي أسلافنا من العلماء رضي الله عنهم ، وقد ابتدأ به

إمام أهل الحديث بلا مدافعة أبو عبد الله البخاري صحيحه ، ونقل جماعة أن السلف كانوا

يستحبون افتتاح الكتب بهذا الحديث تنبيهاً للطالب على تصحيح النية وإرادته وجه الله تعالى

بجميع أعماله البارزة والخفية ] .


الشرح..


انتبه لهذا الملحظ وأرعه اهتمامك ينفعك الله سبحانه وتعالى به ؛ جماعة من أهل العلم استحبوا

بدء المصنفات بهذا الحديث ، حديث " إنما الأعمال بالنيات " لماذا ؟ قال رحمه الله: " تنبيها

للطالب على تصحيح النية وإرادته وجه الله تعالى بجميع أعماله البارزة والخفية " ، لأن النية قد

يدخلها ما يدخلها ، حتى وإن جلس الإنسان في مجلس علم معلماً أو متعلماً ؛ فالنية قد

يدخلها رياء ، قد يدخلها حب ثناء ، قد يدخلها إرادة الدنيا ، قد يدخلها أمور عديدة تأتي

على النية بالفساد ؛ ولهذا يحتاج طالب العلم في جلوسه للعلم أن يعالج نيته ، ومما يعينه على

معالجة النية في بدء الطلب تذكيره بهذا الحديث العظيم ؛ ولأجل هذا بدأ جماعة من أهل

العلم مصنفاتهم بهذا الحديث " إنما الأعمال بالنيات " ؛ تنبيهاً للطالب إلى أهمية استحضار النية

في طلب العلم . وطلب العلم عبادة وقربة الله تبارك وتعالى ، ولا يقبل الله من طالب العلم طلبه للعلم إلا إذا أراد بطلبه للعلم وجه الله ، أما إذا طلب العلم للدنيا أو للشهرة أو للرياء أو لمدح الناس أو ليقال عالم أو ليقال مناظر أو ليقال حافظ أو غير ذلك ؛ هذه كلها نيات ليست لوجه الله ، ولكلٍ

ما نوى . فإصلاح النية من أهم ما يكون ، ولأجل هذا بدأ أهل العلم بهذا الحديث تنبيهاً لطالب العلم

إلى إصلاح نيته وإرادته وجه الله تعالى بجميع أعماله البارزة والخفية .

أعماله البارزة مثل : الصلاة والزكاة والحج والصدقات

والخفية ؛ التي في القلب : مثل الخوف والحياء والرجاء والتوكل وغير ذلك .

وكل هذه الأعمال البارزة والخفية لا يقبلها الله سبحانه وتعالى من العامل إلا إذا أراد بها وجه الله جل وعلا كما قال عز وجل : وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين ) ، (وقال أَلا لِلهِ الدِّينُ الخالص) وقال في الحديث القدسي : " أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه " .

قال رحمه الله :

وروينا عن الإمام أبي سعيد عبد الرحمن ابن مهدي رحمه الله قال لو صنفت كتاباً بدأت في

أول كل باب منه بهذا الحديث ] .


الشرح...



" لو صنفت كتاباً لبدأت كل باب منه بهذا الحديث " : وهذا فيه تأكيد وتقرير للمعنى الذي مر معنا عن الإمام الشافعي رحمه الله قال " هذا الحديث يدخل في سبعين باباً من الفقه " ؛ فابن مهدي رحمه الله يقول لو صنفت كتاباً في العلم لصدرت كل باب من أبوابه بهذا الحديث ؛ لماذا .. ؟ لأن النية يحتاج إليها في كل باب من أبواب العلم ، وإذا فقدت النية في أي باب من أبواب

العلم لم يستفد منه طالبه لأن الأعمال معتبرة بنياتها .

قال رحمه الله :

وروينا عنه أيضاً قال من أراد أن يصنف كتاباً فليبدأ بهذا الحديث. وقال الإمام أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب الخطابي الشافعي الإمام في كتابه المعالم من الله تعالى رحمه الله تعالى : كان المتقدمون من شيوخنا يستحبون تقديم حديث الأعمال بالنيات أمام كل شيء ينشأ ويبتدأ من أمور الدين لعموم الحاجة إليه في جميع أنواعها .

وقال ابن رجب في جامع العلوم والحكم : واتفق العلماء على صحته وتلقيه بالقبول وبه صدّر البخاري كتابه الصحيح وأقامه مقام الخطبة له إشارة منه إلى أن كل عمل لا يراد به

وجه الله فهو باطل لا ثمرة له في الدنيا ولا في الآخرة .

وقال ابن رجب : وهذا الحديث أحد الأحاديث التي يدور الدين عليها ، فروي عن الشافعي

أنه قال : هذا الحديث ثلث العلم ، ويدخل في سبعين باباً من الفقه . وعن الإمام أحمد قال : أصول الإسلام على ثلاثة أحاديث حديث عمر رضي الله عنه " الأعمال

بالنيات "، وحديث عائشة رضي الله تعالى عنها أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد " ، "

وحديث النعمان بن بشير رضى الله تعال عنه " الحلال بين والحرام بين " ] .

الشرح...

هذه كلمة عظيمة للإمام أحمد رحمه الله في التنبيه على ثلاثة أحاديث قال عنها " أصول الإسلام

على ثلاثة أحاديث ؛ وحتى تعرف قيمة كلمة الإمام أحمد تذكر من هو الإمام أحمد ، وتذكر

أيضاً كتابه المسند ، وقد طبع محققاً معتنى به في خمسين مجلداً كلها أحاديث جمعت لرسول

الله صلى الله عليه وسلم - جامع المسند للإمام أحمد رحمه الله ؛ يقول : أصول الدين الإسلامي ترجع إلى ثلاثة

أحاديث ، يعني اقرأ المسند كاملاً وغيره من كتب الحديث فجميع الأحاديث وأصول الدين

راجعة إلى ثلاثة أحاديث هي من جوامع كلمه عليه الصلاة والسلام وعليها يدور الدين ؛ ماهي ؟ قال " حديث عمر رضي الله عنه " الأعمال بالنيات " ، وحديث عائشة رضى الله تعالى عنها " من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد " ، وحديث النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنه " الحلال بين والحرام بين " ، وهذه الأحاديث الثلاثة كلها أودعها النووي رحمه الله تعالى كتابه الأربعين ، وتوجيه كلام الإمام أحمد وتقريره وبيانه

جاء عن بن رجب رحمه الله توضيحاً له .

وقال أيضاً في توجيه كلام الإمام أحمد : [ فإن الدين كله يرجع إلى فعل المأمورات وترك المحظورات والتوقف عن الشبهات ، وهذا كله تضمنه حديث النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنه ، وإنما يتم ذلك بأمرين أحدهما أن يكون العمل في ظاهره على موافقة السنة ، وهذا الذي تضمنه حديث عائشة رضى الله تعالى عنها من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " ، والثاني أن

يكون العمل في باطنه يقصد به وجه الله عز وجل كما تضمنه حديث عمر رضي الله تعالى عنه " إنما

الأعمال بالنيات " ] .


الشرح..

هذا توضيح من ابن رجب رحمه الله تعالى لكلام الإمام أحمد عندما قال : أصول الإسلام على ثلاثة أحاديث وهي حديث " الأعمال بالنيات " ، وحديث " من أحدث في أمرنا " وحديث "

الحلال بين والحرام بين " ؛ فيقول ابن رجب رحمه الله : " الدين فعل المأمور وترك المحظور واتقاء المتشابه

" ، وهذا بين على التمام والكمال في حديث النعمان بن بشير.

وإنما يتم ذلك بأمرين

الأول : أن تكون النية خالصة في الأعمال لا يراد بها إلا وجه الله تعالى وهذا مبين في

حديث عمر " إنما الأعمال بالنيات "

والأمر الثاني : أن يكون العمل موافقاً للسنة فإن لم يكن موافقا لم يقبل ؛ وهذا بينه حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " وفي هذا المعنى قال الفضيل رحمه الله في قوله تعالى ﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُم أَحْسَنُ عَمَلًا }
قال أخلصه وأصوبه

، قيل يا أبا علي وما أخلصه وأصوبه ؟ قال إنَّ العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبل وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل حتى يكون خالصاً صواباً ، والخالص ما كان الله

والصواب ما كان على السنة .
قال رحمه الله :
وأورد بن رجب نقولاً عن بعض العلماء في الأحاديث التي يدور عليها الإسلام وأن منهم من قال أنها اثنان ومنهم من قال أربعة ومنهم من قال خمسة ، والأحاديث التي ذكرها عنهم بالإضافة إلى الثلاثة الأولى حديث " إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه " ، وحديث " من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه " ، وحديث " إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً " ، وحديث " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " ، وحديث " لا ضرر ولا ضرار" ، وحديث " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم " ، وحديث " ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما عند الناس يحبك

الناس "، وحديث " الدين النصيحة " ] .

الشرح...

هذه الآن أحاديث جميعها قال عنها بعض أهل العلم عليها مدار الدين ، أو عدوها في جملة الأحاديث التي هي جامعة لأصول الإسلام ، وبعض أهل العلم عدها ثلاثة وبعضهم عدها اثنين ، وبعضهم عدها أربعة ، وبعضهم عدها خمسة . وهنا تلخيص للأحاديث التي قيل عنها ذلك وجميعها أودعها النووي رحمه الله تعالى كتابه الأربعين

قال حفظه الله تعالى :

إنما الأعمال بالنيات : إنما أداة حصر ، الألف واللام في الأعمال : قيل أنها خاصة في القرب ، وقيل أنها للعموم في كل عمل ، فما كان منها قربة أثيب عليها فاعله ، وما كان منها من أمور العادات كالأكل والشرب والنوم فإن صاحبه يثاب عليه إذا نوى به التقوي

على الطاعة

والألف واللام في النيات بدلاً من الضمير هاء ؛ أي الأعمال بنياتها ، ومتعلق الجار والمجرور

محذوف تقديره معتبرة أي أن الأعمال معتبرة بنياتها. والنية في اللغة : القصد ،







قال في شرح الحديث وبيان معنى قوله صلى الله عليه وسلم " إنما الأعمال بالنيات " ؛ قال : " إنما " أداة حصر أي أن الأعمال بنياتها ، وهذا حصر للأعمال في قبولها واعتبارها عند الله سبحانه وتعالى أن ذلك متعلق بالنيات ؛ بمعنى أن أي عمل كان ليس معتبراً ولا مقبولاً ولا

مرضياً عند الله جل وعلا إلا بالنية

قال : " وأل في الأعمال " ما المراد بها ؟
قيل أنها خاصة في القرب ، الأعمال: أي القرب التي يتقرب بها إلى الله عز وجل ؛ مثل

الصلاة والصيام والحج والصدقة وغير ذلك وقيل أن الأعمال أوسع من أن يراد بها القرب فقط ؛ فقيل أنها للعموم في كل عمل ؛ أي

حتى الأكل والشرب والنوم والقيام والقعود والذهاب والرواح ، هذه أعمال . فما كان منها قربة أثيب عليه فاعله . أي إذا صلحت نيته . ، وما كان منها من أمور العادات

كالأكل والشرب والنوم فإن صاحبه يثاب عليه إذا نوى به التقوي على الطاعة ؛ فمثلاً من نام مبكراً بنية قيام الليل ؛ يثاب على هذا النوم ، ويكون نومه عبادة وقربة الله ، من أكل أو شرب ليتقوى بأكله وشربه على أداء الطاعات ؛ فأكله وشربه يُعد عملاً صالحاً يثاب عليه ، وإذا كان من يأكل ويحسن أكله ليرتكب الفواحش والعياذ بالله والمحرمات يؤزر بهذا الأكل

فإن من يأكل ويشرب ليتقوى جسمه على العلم والدراسة والدروس والعبادة وغير ذلك ؛

فيكون أكله وشربه داخل في جملة الأعمال الصالحة التي يثاب عليها . وعليه يكون الحديث مفيداً بعموم دلالته أن العادات إذا صحبتها النيات الصالحة صارت

عبادات وقربات مثل الأكل والشرب والنوم عادة للإنسان لكنها بالنية الصالحة يكون قربة

من القرب التي يتقرب بها العبد إلى الله سبحانه وتعالى فيثاب على ذلك .

قاقال " الألف واللام في النيات بدلاً من الضمير هاء" .. أي أن أصل الجملة هو " إنما الأعمال بنياتها " ؛ حذف الضمير وعوض عنه بالألف واللام ، فالألف واللام في قوله بالنيات عوض

عن الضمير ، وأصل الجملة " إنما الأعمال بنياتها ".

قال " ومتعلق الجار والمجرور محذوف تقديره معتبرة " .. فيكون معنى إنما الأعمال بالنيات أي إنما

الأعمال معتبرة بنياتها : " معتبرة " أي في صلاحها وفي قبولها في رضا الله سبحانه وتعالى عن فاعلها بإثابته عليها بنياتها

وهذا يشمل معنيين أرادهما أهل العلم أو استفادهما أهل العلم من هذا الحديث ،
، والمعنى

الأول: يكثر إطلاقه في كتب الاعتقاد ، والمعنى الثاني : يكثر إطلاقه في كتب الأحكام . أما في كتب الإعتقاد فالنية يطلقها أهل العلم ويراد بها تمييز المقصود بالعمل ؛ قوله إنما الأعمال بالنيات المراد بالنية ما يكون به تمييز المقصود بالعمل ، والمقصود بالعمل والعبادات هو رب العالمين ، فيجب أن يكون وحده جل وعلا المقصود بالعمل ، فمن كان مقصودة بعمله وجه الله اعتبر عمله بذلك وأثيب عليه ورضي الله سبحانه وتعالى عنه لأن عمله إنما قصد به وجه الله سبحانه وتعالى ، لم يرائي فيه ولم يسمع ولم يرد به الدنيا ، وإنما أراد به وجه الله سبحانه وتعالى .

. والمعنى الثاني في النية ما تتميز به العبادات ؛ قال في التعليق " و تأتي للتمييز بين العبادات " وهذا في إطلاق الفقهاء ؛ يعني عندما تطلق النية في كتب الفقه والأحكام هذا هو المراد بها ؛ " ما تتميز به العبادات كتمييز فرض عن فرض ، الآن صلاة الظهر وصلاة العصر من حيث صورة العمل واحدة في السفر والحضر لكن ما الذي يميز هذه عن هذه ؟ النية فقط ؛ النية هي التي تميّز أن هذه الظهر وهذه العصر وإلا صورة العمل واحدة " وتأتي للتمييز بين العبادات كتمييز فرض عن فرض " مثل أن تميز فرض العصر عن الظهر بالنية والنية محلها القلب ؛ عندما تنوي صلاة العصر تميزت الصلاة بالنية أنها صلاة العصر

قال " أو فرض عن نفل" " عندما تصلي نافلة ركعتين ، أو فريضة مثل صلاة الفجر ركعتين ؛ فيميز هذه عن هذه النية .

" وتمييز العادات عن العبادات : كالغسل من الجنابة والغسل للتبرد والتنظف " .. ؛ فهذا غسل

فما الذي يميز غسل الجنابة عن غسل النظافة إلا النية . وهذا غسل

فالنية لها إطلاقان :

إطلاق في كتب العقائد.. ويراد به تمييز المقصود بالعمل وهو الله بمعنى المراد بالنية عندهم الإخلاص ؛ يعني قوله " إنما الأعمال بالنيات " أي بالإخلاص الله جل وعلا في الأعمال . ولها إطلاق آخر عند أهل الفقه في كتب الأحكام .. والمراد بها التمييز بين العبادات والتمييز

بين العبادات والعادات .






قال حفظه الله تعالى : وقوله وإنما لكل ما نوى : قال ابن رجب إخبار أنه لا يحصل له من عمله إلا ما نواه ؛ فإن نوى خيراً حصل له خير ، وإن نوى شراً حصل له شر ، وليس هذا تكريراً محضاً للجملة الأولى ، فإن الجملة الأولى دلت على أن صلاح العمل وفساده بحسب النية المقتضية لإيجاده والجملة الثانية دلت على أن ثواب العامل على عمله بحسب نيته الصالحة وأن عقابه عليه

بحسب نيته الفاسدة ] .


الشرح...

لاحظ الفرق بين الجملتين " إنما الأعمال بالنيات و إنما لكل امرئ ما نوى " ؛ " ليس هذا تكرير محض للجملة الأولى" ، ليس إعادة للجملة الأولى ، وتوضيح ذلك قال : الجملة الأولى دلت على أن صلاح العمل و فساده بحسب النية المقتضية لإيجاده

" إنما الأعمال بالنيات " أي معتبرة صلاحاً وفساداً بنياتها هذا مراد الجملة الأولى ومقصودها . الجملة الثانية قال : " دلت على أن ثواب العامل على عمله بحسب نيته الصالحة ، وأن عقابه عليه بحسب نيته الفاسدة " ، " وإنما لكل امرئ ما نوى " من الثواب والعقاب ما نوى ، فإن نوى خيراً

حصل خيراً وإن نوى شراً وفساداً حصل عقوبة . إذا قوله " وإنما لكل امرئ ما نوى " ليس تكريرا محضا للجملة الأولى وإنما هو بيان لما يترتب على النية من
صلاح أو فساد وما يترتب عليها من ثواب أو عقاب فالجملة الأولى لبيان العمل والجملة الثانية لبيان ثواب العمل أو العقاب عليه
وقد تكون نيته مباحة فيكون العمل مباحاً فلا يحصل له به ثواب و لا عقاب فالعمل في نفسه صلاحه وفساده وإباحته بحسب النية الحاملة عليه المقتضية لوجوده ، وثواب العامل وعقابه وسلامته بحسب نيته التي بها صار العمل صالحاً أو فاسداً أو مباحاً ] .


الشرح...
حتى المباح . كما مر معنا قريباً . أن المباح إذا فعله الإنسان بنية صالحة أثيب عليه ، والعادات تتحول بالنيات الصالحة إلى قربات يثاب العبد عليها عند الله سبحانه وتعالى
قال حفظه الله تعالى : | قوله فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه : الهجرة من الهجر وهو الترك ، وتكون بترك بلد الخوف إلى بلد الأمن كالهجرة من مكة إلى الحبشة ، وتكون من بلد الكفر إلى بلاد

الإسلام كالهجرة من مكة إلى المدينة ، وقد انتهت الهجرة إليه بفتح مكة . والهجرة من بلد الشرك إلى بلد الإسلام باقية إلى قيام الساعة وقوله " فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله اتحد فيه الشرط والجزاء.
.

الشرح... " اتحد فيه الشرط والجزاء " والعادة أن يختلف الجزاء عن الشرط ، لكن هنا اتحد قال : " فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله " اتحد الشرط والجزاء فما معنى ذلك ؟

قال : [ والأصل اختلافهما ، والمعنى : فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله نية وقصداً ، فهجرته إلى الله ورسوله ثواباً وأجراً ، فافترقا ]
الشرح... افترقا في المعنى وان كانا اتحدا في اللفظ " فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله نية وقصداً ، فهجرته إلى الله ورسوله " فاللفظ واحد لكن المعنى يختلف ؛ فالأولى وهي قوله " من كانت هجرته إلى الله ورسوله نية وقصداً " ؛ لم يرد بالهجرة إلا الله ؛ فهذه نيته وهذا قصده ؛ فهجرته إلى الله ورسوله أي ثواباً وأجراً ؛ فاتحدا في اللفظ واختلفا في المعنى . فالأولى المراد بها النية والقصد والثانية المراد بها الثواب والأجر ؛ وهذا فيه تنبيه لعظم الثواب وكبره .

قال ابن رجب رحمه الله: لما ذكر صلى الله عليه وسلم أن الأعمال بحسب النيات ، وأن حظ العامل من عمله نيته من خير أو شر ، وهاتان كلمتان جامعتان وقاعدتان كليتان لا يخرج عنهما شيء ذكر بعد ذلك
مثالاً من الأعمال التي صورتها واحدة ويختلف صلاحها وفسادها باختلاف النيات وكأنه

يقول سائر الأعمال على حذو هذا المثال ] .


الشرح...

هذا الآن مثال فقط " من كانت هجرته " ؛ مثال ليتضح به قوله " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى " ، فمثل لتوضيح هذه القاعدة الكلية بالهجرة ، وإلا جميع أعمال الدين أمرها وشأنها كذلك ؛ إن كانت نيته لله أثابه الله ثواب المخلصين ، ومن كانت نيته لغير الله حبط عمله وكان يوم القيامة من الخاسرين .

وقال أيضاً :

فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه الهجرة تختلف باختلاف النيات والمقاصد بها ؛ فمن هاجر إلى دار الإسلام حباً الله ورسوله ورغبة في تعلم دين الإسلام وإظهار دينه حيث كان يعجز عنه في دار الشرك فهذا هو المهاجر إلى الله ورسوله حقاً ، وكفاه شرفاً وفخراً أنه حصل له ما نواه من هجرته إلى الله ورسوله ، ولهذا المعنى اقتصر في جواب هذا الشرط على إعادته بلفظه لأن حصول ما نواه بهجرته نهاية المطلوب في الدنيا والآخرة ، ومن كانت هجرته من دار الشرك إلى دار الإسلام لطلب الدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها في دار الإسلام فهجرته إلى ما هاجر إليه من ذلك ، فالأول تاجر والثاني خاطب وليس واحد منهما بمهاجر ] .


الشرح...

النبي عليه الصلاة والسلام قال " فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله " هذا فيه بيان حال المخلص بعمله الصالح وفيما يتقرب به إلى الله ، وأنه إنما تقرب بهذا العمل ابتغاء وجه الله ، فإذا كان العمل هجرة . كما في هذا المثال الذي في الحديث . وهاجر ليتعلم دينه وليظهر دينه لأنه عاجز عن إظهاره في بلد الكفر ، وليكون في ذهابه إلى بلاد الإسلام حفظاً لدينه ودين أولاده ؛ فهذه الهجرة الصحيحة التي يثاب عليها ثواب المخلصين

الصادقين في نيتهم مع الله جل وعلا أو الصالحين في نيتهم .

والآخر .. قال " ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها "... " لدنيا يصيبها " .. ليس له غرض إلا التجارة والربح الدنيوي ، أو " امرأة ينكحها أي ليس له نية في هجرته إلا النكاح والزواج ؛

قال " فهجرته إلى ما هاجر إليه ..". فالأول تاجر والثاني خاطب .

الذي هاجر لدنيا هذا تاجر والذي هاجر لامرأة ينكحها هذا خاطب فهجرته إلى ما هاجر

إليه قال : " وليس واحد منهما بمهاجر" .. أي الهجرة التي يثاب عليها عند الله سبحانه وتعالى يوم

القيامة وتكون في عداد أعماله الصالحة المقرب بها إلى الله قال رحمه الله تعالى : وفي قوله " إلى ما هاجر إليه " تحقير لما طلبه من أمر الدنيا واستهانة به ، حيث لم يذكره

بلفظه ، وأيضاً فالهجرة إلى الله ورسوله واحدة ]قوله "هجرته إلى ما هاجر إليه ... هذا فيه تحقير له ليس له هم في هجرته إلا الدنيا أو نحو ذلك " تحقير لما طلبه من أمر الدنيا واستهانة به ، حيث لم يذكره بلفظه

وأيضاً فالهجرة إلى الله ورسوله واحدة فلا تعدد فيها فلذلك أعاد الجواب فيها بلفظ الشرط

، والهجرة لأمور الدنيا لا تنحصر ، فقد يهاجر الإنسان لطلب دنيا مباحة تارة ومحرمة أخرى

وأفراد ما يقصد بالهجرة من أمور الدنيا لا تنحصر فلذلك قال " فهجرته إلى ما هاجر إليه يعني

كائناً من كان ] .


الشرح..

نبه الحافظ بن رجب رحمه الله إلى أن قوله " إلى ما هاجر إليه " فيها ملحظان :

الملحظ الأول : تحقير واستهانة بمن كانت هذه حاله ، والملحظ الثاني أن الهجرة لأمور الدنيا

لا تنحصر ، ولهذا لم يعد وإنما قال " إلى ما هاجر إليه " لأن الهجرة لأمور الدنيا لا حصر لها

ولا عد.

قال بن رجب رحمه الله :

وقد اشتهر أن قصة مهاجر أم قيس كانت سبب قول النبي صلى الله عليه وسلم " من كانت هجرته
إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها " ، وذكر ذلك كثير من المتأخرين في كتبهم ، ولم نر ذلك
أصلاً بإسناد يصح ، والله أعلم ] .


الشرح..

هذا مشتهر ولكنه ليس بثابت أن الحديث له سبب وهو مهاجر أم قيس ، وهو رجل يقال أنه هاجر إلى المدينة لكونه يحب امرأة فيها يقال لها أم قيس، ولأجل ذلك قال النبي عليه السلام

والسلام هذا الحديث ، ولكن هذا ليس له أصل ثابت في السنة الصحيحة .

قال حفظه الله تعالى :

النية محلها القلب والتلفظ بها بدعة ، فلا يجوز التلفظ بالنية في أي قربة من القرب إلا في الحج والعمرة فله أن يسمي في تلبيته ما نواه من قرآن أو إفراد أو تمتع ؛ فيقول : لبيك عمرة وحجاً أو لبيك حجاً أو لبيك عمرة لثبوت السنة في ذلك دون غيره ] .

الشرح..

" النية محلها القلب " .. قوله صلى الله عليه وسلم : " إنما الأعمال بالنيات " النية محلها القلب والتلفظ بها بدعة ، يعني لا يجوز للإنسان أن يتلفظ بالنية بين يدي العبادة مثل الصيام فأول ما يبدأ يصوم يقول نويت أن أصوم هذا اليوم الاثنين من تاريخ كذا نفلاً لله جل وعلا فهذه بدعة ، أو رجل يريد أن يصلي الفريضة فيقول بين يدي الصلاة : نويت أن أصلي صلاة الظهر أربع ركعات جمعاً في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا بدعة محدثة لا أصل لها في دين الله جل وعلا ، ولا يثاب على هذا العمل بل يُوزر لأن البدعة مردودة على صاحبها غير مقبولة منه ؛ و النية محلها القلب لا يجوز للإنسان أن يتلفظ بالنية بين يدي العبادات ، والحج يشرع للمسلم أن يعلن إهلاله ويرفع صوته بإهلاله ؛ لأنها ثلاثة أنساك : الإفراد والتمتع والقرآن ، فيشرع له أن يرفع صوته بالشيء الذي قصده ؛ حجا مفردا أو حجا وعمرة قارنا بينهما أو عمرة متمتعا بها للحج ؛ فيقول : لبيك اللهم حجاً أو يقول لبيك اللهم حجاً وعمرة أو يقول لبيك اللهم عمرة ؛ فيرفع صوته بذلك حتى أيضاً يضبط الشيء الذي نواه أو أراده من هذه الأنساك الثلاثة ، ولا يجوز له أن يقول في الميقات : نويت أن أؤدي هذا العام حجاً
فريضة ... إلى آخره ، هذا من البدع وليس له أصل في سنة الرسول عليه الصلاة والسلام
.


قال حفظه الله تعالى :

مما يستفاد من الحديث : أولاً : أنه لا عمل إلا بنية

ثانياً : أن الأعمال معتبرة بنياتها .

ثالثا : أن ثواب العامل على عمله على حسب نيته.

رابعاً : ضرب العالم الأمثال للتوضيح والبيان .

خامساً : فضل الهجرة لتمثيل النبي صلى الله عليه وسلم بها، وقد جاء في صحيح مسلم عن عمر بن العاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن
الهجرة تهدم ما كان قبلها وأن الحج يهدم ما كان قبله " .

سادساً : أن الإنسان يؤجر أو يؤزر أو يحرم بحسب نيته

سابعاً : أن الأعمال بحسب ما تكون وسيلة له ، فقد يكون الشيء المباح في الأصل يكون طاعة إذا نوى الإنسان به خيراً كالأكل والشرب إذا نوى به التقوي على العبادة

ثامناً : أن العمل الواحد يكون لإنسان أجراً ويكون لإنسان حرماناً ]

هذه فوائد عظيمة مستفادة من هذا الحديث حديث " إنما الأعمال بالنيات "


سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك ، اللهم صل وسلم على عبدك

ورسولك نبينا محمد و آله وصحبه







والحمد لله رب العالمين


. تنآهيد غير متواجد حالياً  
التوقيع
- فانيّه يا الله .. فلأ تجعلها تشقينيّ
رد مع اقتباس