عرض مشاركة واحدة
قديم 14-08-24, 08:49 PM   #358

Lamees othman

كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Lamees othman

? العضوٌ??? » 453673
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,612
?  مُ?إني » Jordan
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Lamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
وسخر لي الجسد والحواس في سبيلك
افتراضي





***
نفذت من طالب كل محاولة جذب لحفيده، واكتفى بتمرير رسالة لأحمد الذي ينهشه القلق:
«اطمئن»
ترك نفسه للصبح وسلّم سكينته لله، دعا الله أن يجبر قلب حفيده فلا وجع في الدنيا يضاهي وجع ريبال، تجهّز لرؤية منتصر حفيد أقرب العالمين إليه لولا أن حدث ما حدث وانشقَّ حبل الودّ بينهما كأنهما ما كانا روحًا واحدة، تمسك في عينيه ألا تبكيان أحمد العمري لكنه بكاه كما بكى لطيفة وميسم وأحمد وريبال فوقهم. تحرك من جلسته وهبط نحو السلالم، جاءته سراب راكضة تتمايل ضحكاتها كزهرة يضمها الهواء في رقصة صيفية، انفتح وجهه عن ضحكة واستقبلها:
-لقد سبقتني اليوم، ماذا عندك لتهبط إلينا باكرًا؟
استراح في نفس عميق وذراعه تداخلت مع ذراعها التي شبكتها وسارت معه بخطواته الوئيدة:
-لدّي زائر غالٍ، غالٍ يحمل رائحة الطيبين.
ضيقت عينيها وتوقفت تسأله:
-من هو؟ أ أعرفه؟
زارت سبابته وجهها الأسمر ورد يفيض من لسانه الحنين:
-لا، لا تعرفينه ولا يعرفه أحد هنا.
سبقها وتركها في حيرتها فركضت خلفه محتجة:
-كيف يكون غالٍ عليكَ ويحمل رائحة الطيبين والماضي ولا أحد يعرفه هنا؟
تبسم في وجهها ودارت قبضة أنامله على عصاه:
-هي أشياء إن تبدو لكم تسؤكم فلا تسألوا عنها.
ضربها الشحوب وعدم الفهم، اقترب منها وهمس لها:
-أشياء مضت وراحت في حال سبيلها، ابقي هذا بيننا كسرُّنا الصغير.
أومأت له وتعاونت معه على تبسيط وجهها براحة، أخبرها قبل أن يغادر:
-اليوم هو موعدك الأول في عيادة الجلدية، لقد حجز لك سند موعدًا مع أفضل طبيب في المشفى، لا تنسي ذلك وتنشغلي مع حسناء هناك طوال الوقت.
كرر أمام وجهها بسبابته:
-لا تنسي سراب، سأغضب منك إن لم تذهبي.
سكنت حنجرتها غصة متعبة، جدها يرميها دون العبء بحواجزها النفسية، حتى أنه يود منها استكمال علاجها دون مرافقة أحد أو مساعدته، لقد تجاهلت الذهاب للطبيب في المرتين السابقتين حين رافقت مواعيد حسناء، والآن يبدو مصممًا. أخذت نفسًا عميقًا وزفرته ببطء، فتحت فمها للحديث وتوقفت. أخبرته سريعًا:
-جدّي، عمتي حسناء لا أشعر أنها بخير..
ازدردت لعابها حين توقف وأجلى تركيزه لها:
-لقد لاحظ الطبيب ارتفاع مستويات ضغط الدم لديها بصورة مفرطة وأجرى لها عدّة تحاليل وأمر بمجموعة إضافية.
فركت أناملها في حذر بالغ واستطردت:
-تبدو متوترة ومستنفرة طوال الوقت ليست في وضعها الطبيعي، ولا أعرف كيف أساعدها.
ترجمت مشاعرها بوجه مقلوب وفم مزموم:
-كنت أظن أن قلقها بسبب طبيب المزرعة لكن أشعر لاقتراب زواج ريبال الأثر الأكبر.
لقد قصّت حسناء قصة الطبيب على سراب، ظنّته سراب خائنًا كسر قلب عمتها ولم تكن الحكاية إلا ديباجة مخملية لعاشق ظل يسعى خلف امرأة لا تريده، لم تحبه ولم تلتفت له، أحبَّها كرجل وكرر طلبه ورجاءه فيها، ورغم علمه بمرضها ورحمها المفقود لم يتوانى وظل في سعيه خلفها حتى بحث نصيبه هو الآخر حين استيأس منها.
تجمدت قسمات طالب وانكمش وجهه في شحوب وثلجية:
-لا تغفلي عينك عنها وذكريها بمواعيد أدويتها كل وقت، أعرف كيف تهمل نفسها.
****
«قبل هذا الوقت»
"الأسود يا سيدي يختار سادته"
عبارة روائية لأشهر روايات أحلام مستغانمي. ودت لبنى لو نطقتها حين أخرجت لمنتصر ملابس لمقابلة عادية، سألها مستغربًا عن عدم توافر لون عسلي من السترة التي قدمتها له، فردت عليه بغضب مفتعل:
-كل مرة تذهب لشراء ألوان مختلفة من هذا النوع وتأتي بالأسود منتصر!
لم يعلق واكتفى ببسمة، ارتدى ملابسه وأخبرها أن مشواره طويل وبحاجة لدعوات، انقبض قلبها وهدهدت خوفه بالطمأنينة؛ فمنتصر لن يؤذيها.
ودّعته بعينيها فيما يستقل سيارته ويمضي، تحسست جبينها وقبلته التي يواعدها بها في كل استقبالٍ ووداع. أثر عطره ممزوجٌ بأنفاسها فأودعته الله من كل عينٍ تراه ولا تذكره.
ما أن خرج من محيطها حتى توالت رسائل هاتفها فعرفت ميقاتها المعتاد و بأنامل راجفة فتحت الرسالة واستقبلت الطلب الذي يقتلها ويخضعها لسطوة الضمير، كممت كفها بشهقة والذل يعتريها ،حين بات تهديد سليمان غير موارب، صريح لا يلتف فيه. لم تتح لها رفاهية الذنب والوقوف عنده طويلاً فلا خيارات تملكها!
بإذعان دخلت غرفةً بعينها، فتحت كاميرا الهاتف و أغمضت عينيها فيما تجيب باهتزاز:
-أنا جاهزة.. هل نبدأ؟
****
بعد ساعتين كان منتصر يصف سيارته في البيادر أمام بيتٍ ضخم مهيب سرق منه الانبهار، هذا البيت لا سواه سيكون فيه طوق النجاة الذي يأمله. رن هاتفه فوجدها رسالةً ينتظرها من خالد، قذف هاتفه محترقًا، وأفرغ غضبه الأهوج بلكمات تحملها المقود حتى آذته يداه.
بعد لحظاتٍ استجمع نفسه وتفقد هيئته، خرج بأناقة واستقبله ريبال الرابض عند الباب:
- أهلا وسهلًا بك شرفتنا يا حضرة المقدم!
شدد على كف ريبال واحتضنه بين كفيه:
-حُييتَ ريبال، لي الشرف في زيارتكم.
سار منتصر بثبات ٍ للداخل واللهيب الذي أوقدته ناره تلاشى نوراً بحضور الرجل الذي كان بانتظاره وحيّاه:
-حللت أهلاً ووطئت سهلاً يا ابن الأكرمين!
حين وصل المضيف أرضًا وجد ريبال يقف على عتبات البوابة منتظرًا قدوم منتصر، فتركزت قدماه وتأرجحت العصا بين كفيه، بانت السيارة في مطلع حيَّهم، اختبر شعور اللهفة الخطرة، ولذة المجازفة رغم العواقب.
لم يفكر في ماهية الماضي الذي يربطه بضيفه، بل تنزلت عليه رهبات الدنيا حين رأى منتصر يقف منتصبًا، تلاشت الدنيا بين عينيه وصغرت. لم يطبع أحمد العمري نفسه في ابنه فحسب، بل أورث وجهه وألصقه بحفيديه منتصر وريبال. تعامل مع أشد لحظاته ضعفًا، وطوى التوق كله في عناق نسي نفسه فيه حين سحب منتصر لكتفه. أبعده عن وجهه وأضاءت قسماته في حماس:
-يا أهلًا بحفيد أحمد العمري.
أولجوه إلى مضافة القصر دون المضيف الخارجي، فهو ضيف مقرب ولن يعاملوه معاملة الضيوف الأغراب. أجلسه طالب جانبه وأخبره:
-أنت هنا ضيف، والضيف أسير مُعَزِّبه، كل ما جئت به سأوافيك به، لكنك ضيف عندي اليوم، ولستَ بأي ضيفٍ أنت حفيد العمري رفيق عمري.
سكت منتصر هنيهة وشعر بخجله لعدم معرفته به كصديق لجدّه فسأله:
-لقد عرفتك شيخا وقاضٍ فعائلة بيتي قد عاشت هنا واسمك يتردد في كل مكان، لكن اعذرني لم أكن أعلم أنك رفيق لجدي وإلا كنت تمسكتُ بك كرائحة طيبة من أثره.
مدد طالب بسمته ودهس على ظنونه التي ساءها أن يميت العمري اسمه، عذره في قلبه إن لم يذكره يومًا أو يعترف فيه أمام أحد، فلربما ذكره في سرِّه ورافقه في خلوته فهو معذور، فبرّر لمنتصر:
-لقد انقطعت بنا الأيام وأنت ابن السنة أو ما دون، لا ضير إن لم يذكرني فالدنيا تذكرته كثيرًا بالمصائب وكان صابرًا ولم يشتك.
افترش الحنين وجه منتصر وتمطى عند ذكر جدّه فصادق طالب القاضي:
-وأنا أشهد له كان صابرًا ولم يشتك.
كان صبر ريبال نافذًا كأنه لا يطيق صبرًا على حبس منتصر ورمي وجهه مقابلة له ليسأله، ألم يثر وجهي فيكَ أي شك، بل كيف تكتم شكوكك حولي وتخرسها؟ لكنه كبح خيالاته وتمتم:
-رحمه الله منتصر، الخير في القادم كله إن شاء الله.
حبس طالب نفسه، حين لمح ريبال الذي يتفرس في كل طقس من طقوس وجه منتصر. منتصر الذي يذكر من ضربات جده وفاة والده وهرب والدته مع رجل وشتاتهم في كل أرض دون أن يجتمعوا ولم يدرك أن له عمّة شُطِّبت من قاموس الأحياء وهي حيّة وقذفت في صفوف الميتين. نظم نفسه وهو يسأل:
-قل لي كيف هو مأمون عبد العزيز؟ هل هو بخير؟
ربّت منتصر على جانب أريكته والتفت بكامل جسده لطالب الذي يجانبه:
-صحته ليست مستقرة كليًا، ولا علم له بكل ما أفعله خارج السجن. سيعارضني لو اكتشف.
هزَّ طالب رأسه وألقى نظرة لريبال الذي جلب كؤوس الشَّاي لهم، أخبره بحكمة واقتدار:
-هذا الرجل زهد الدنيا حين زهدت به، لكنه يغالي في بيعها.
-صدقت أبا سلطان، مغالاته في بيع الدنيا أنسته أن شابًا له ينتظر خروجه كل حين فلا أحد سواه له.
أغمض طالب عينيه ووقف عن حديث طويل لم ينطق منه إلا:
-اشرب شايك منتصر لن تخرج من بيتي إلا راضٍ
****
تم تنظيم حفلة موسيقية بحجرة يافا وناي وغيم، اختارت ناي بدلة برتقالية للرقص ابتاعتها من أحد متاجر الأثواب الرقمية فيما مددت يافا ميكرفون الصوت بقابس الكهرباء ونظمت قصبة طويلة له لتبدأ في وصلة عراقية عريقة على إيقاع موسيقي خاص بالأغنية واكتفت بثوب مفتوح ابتاعته من أسواق الثياب المستعملة وغيم ظلّت بمنامتها البيتية وتركت عرض الأزياء لأختيها. أنشدت يافا الكلمات التي تجعلها تبكي على حبيبها الذي لا تعرفه فيما تمايلت ناي على السرير أمامها ببطء مع نغمات الموّال ثم انطلقت في حركات رقص شرقية، بدلت يافا الأغنية سريعًا وانخرطت في تشجيع ناي وهتفت:
-عاشوا، عاشوا!
دارت حول ناي وهزّت كتفيها لها وناي تتراجع للخلف بحركات أفعوانية حتى هبطت على ركبتيها ويافا تصفق مبهورة:
-يالبرتقالة يا معلقة وتزهين، عذبتِ حاله.
عدا الجنون غيم فبدت تلتف حيث التفاف ناي وتصفق للمغنية:
-عذبتِ حاله يالبرتقالة..
ثم تبدلت نغمات الإيقاع وانخرطت يافا في نوع جديد لأغنية شعرية أدّاها كاظم ولو استمع لطرف أنين من تقلبات حنجرة يافا لمقطوعته، لاعتزل
-وضربتُ شواطئَ عينيها كالرعدِ الغاضبِ أو كالبرقْ.
ضحكت ناي مع رمي ذراعيها للخلف وفتح زواية حادة لفخذيها بالتتابع فاستطردت يافا بغرور:
-فأنا في الماضي لم أعشقْ بل كنتُ أمثلُ دورَ العشقْ.
هددت يافا ناي التي تضحك:
-إن استمريتِ في الضحك على إبداعي، سأحرمك صوتي.
تجاهلتها ناي وهزت صدرها في مكر وغيم ترفع إبهامها إشارة لإعجابها بها، فتمطى غرور يافا وهزت رأسها تحرك شعرها وطلبت أغنية جديدة، أدارت غيم المسجل وتركت الايقاع لأغنية تضم الاغتراب فعادت الوصلة الشعبية وانفجرت طاقات ناي وغيم ويافا وسطهن. فجأة انفتح الباب على الملهى الليلي المدار من قبل احتسان ونادر الذي خرج من فوره عن منظر شقيقتيه المكشوفتين، زفرت احتسان شهقة بالغة وهي ترفع ذراعيها في شكوى:
-يا ربِّ لا اعتراض على ابتلائك لي ببناتي، لكن ألا أمل لي أن يتم علاجهن سريعًا!
غطت ناي نفسها بملاءة سرير غيم ورمت يافا قصبة الميكرفون حين توجهت احتسان صوب المسجل وأطفأته:
-ما هذا يا بنات؟، ما هذه التصرفات المخجلة التي تفعلنها؟
كشفت يافا وجهها من خلف ستارة النافذة:
-كنا نحتفل بخطوبة مؤيد.
كتمت احتسان حاجتها للضحك وتصنعت الجِدّ:
-وهل سنحتفل بمؤيد بعرض شرقي راقص كهذا؟ ألم تتعلمي أن الكذب عيب يا كبيرة أخواتك؟، يا مصيبتي الأبدية.
قوست يافا فمها واحتجت:
-لا تضخمي الأمر وشاركينا في الفرحة، يكفيكم معاداة للبهجة آل علّام.
تمطى فم ناي بإحباط فشدت من الملاءة حول جسدها وبصقت تعليقها:
-أعداء الفرحة والسرور، يا فرحة لم تتم علينا.
قرصت احتسان ذراع ناي وأنّبتها:
-أعوذ بالله من فألك، الله يتمم لنا فرحتنا على خير بدون جنونكن وفضحكن لنا أمام الجيران.
نفخت يافا معترضة:
-من الذي يستمع الينا؟، أمنيتي أن أعرف من هم الجيران الذي نفضحك على الدوام أمامهم.
دلكت ناي موضع قرصة والدتها وأجابت:
-سكان الأرض السفلية، الذين يمتلكون بنات نظيفات مرتبات يرتبن خزائنهن ويعتنين بأمورهن الشخصية ولسن مثلنا
تسللت يافا إلى الخزانة وأحضرت بلوزة صفراء خفيفة حشرت جسدها فيها فوق الثوب الأسود الحريري ونفخت غضبها:
-لقد قمعتم موهبتي للمرة المليون، لن أغني مرة أخرى .
وصلها صوت نادر من الخارج متهكمًا:
-لا، من فضلك لا تفعليها سيأتينا كاظم السّاهر معتذرًا نيابة عنا كي تغني بصوت الماعز له.
مددت يافا به وقد غاظها ضحك ناي التي باعتها لصالح توأمها:
-والله لن أغني ثانية، مهما دفعتم وفعلتم لي.
خرجت احتسان من الحجرة وقد أنستها الفتيات ما جاءت لأجله:
-يافا الراديو اصمتي، لقد أنسيتني ما جئتُ لأجله.
غسل الفضول جسد يافا ونطت أمام أمها تسأل:
-هل تقدم لي عريس؟
تأففت احتسان بضجر وأبلغتها من فورها:
-جهّزي نفسك غدًا للذهاب معنا لفحص عينات التوافق لراوية ومؤيد.
صفّقت يافا ودارت بحماس:
-أووه، حقًا ستأخذينني أنا؟
تكفل نادر بالإجابة:
-للأسف أنت التي ستذهبين، محسوبة علينا الكبيرة في المنزل.
توعدته بدموية:
-حسنًا نودي، أنا أريك الذي ما أفعله بك نودي بيك.
****
-من الذي تحمله ملاك في يديها؟
أوقفت نوال راوية التي حاولت التملص من قبضة والدتها، نفثت حروفها بثقل:
-هذا ثوب آرام الأزرق كنت سأردتيه ليوم غد.
شهقت نوال وضربت صدرها وأمسكت بالكيس ترميه من فورها:
-اذهبي فأل النحس والشؤم عنا، لن ترتدي شيئًا يخص هذه المشؤومة.
فتحت راوية فمها واستفهمت بحرقة فالثوب رائع وتمنت ارتداءه منذ زمن:
-لماذا، ما المشكلة في الثوب أمي؟
تخصّرت نوال وقذفت الكيس خارج البيت، ركضت صوب المطبخ وجلبت الملح وأذابته في كأس ماء ضخم، خرجت إلى الباحة تتبعها راوية التي ناظرتها ترش المحول على الكيس والأرض أسفله:
-هل تضمنين ما فعلته آرام في الثوب؟، قد تكون شهقت فيه وتمنت لك خطبة بخسة مثلما حدث معها؟
عارضتها راوية وحاولت جذب الكيس منها، اصرّت نوال عليه وصفعتها على كف يدها:
-والله إن عدتِ واجتمعتِ بالمطلقات الاثنتين لكسرت قدميك، لا نريد فأل شؤم علينا.
جرّتها حيث حجرتها واختارت ثوباً قديماً لها ورمته في وجهها موبخة:
-ما بها ملابسك؟ ألا ترضيك الا ملابس ابنتي الآغا والقاضي.
قذفت حجاباً مناسبًا له مستطردة في شر:
-واحدة ارتبطت بعامل طابون والأخرى ارتبطت بعامل عطارة ستحسدانك على مدير المصرف نديم.
قفزت فوق الملابس المرمية وخرجت تفح في ابنتها:
-إياك أن تلتقي بهما واكتمي عنهما موعد خطبتك.
****
صباحًا
بآلية ارتدت راوية ثوبًا قطنيًا تُركوازي بلا ملامح إلا من حزام ضخم يفصل خصرها . الثوب لا يناسب برودة الجو وعوّلت على جمالها ليصرف النظر عن هيئتها الباهتة. رافقتها والدتها بعد ليلة نقعت فيها جسدها بالمحاليل والوصفات وزيوت نجيب الآغا فلن يرى نديم ذراعًا متشققة أو جافة. وصلت سيارة مؤيد إليهم وهناك التقين بشقيقته التي رافقت والدته.
صعدت خلفه برقة ونعومة وحيت الجميع:
-السلام عليكم.
نبرة أجشة ثقيلة عقصتها الخشونة ردت عليها:
-وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
تلاقت عيناها مع عينيه في المرآة فكتمت نفسها وأشاحت بوجهها سريعًا محمرة. التوت أناملها في توتر وهو يقطع عليها تأملها الصامت به:
-كيف حالك خالتي أم فاضل؟
ما كان ليترك سمعه يذهب مع نوال وبصره يتصل مع وجهها وهو يستطرد في لهفة:
-وأنتِ... راوية كيف حالك؟
علق صوتها في حنجرتها وساحت حمرة شفتيها وكحلها. سمحت لصوت خافت أن يرد:
-أنا بخير، ماذا عنكَ نديم؟
ضحكت احتسان وسحبتها فيما تصلي على النبي وتذكر الله عليهم، مالت راوية على والدته تحييها وقد استغرقت وقتًا لتعيد لأنفاسها انتظامها، يبدو أن ما تفعله ليس تمثيلًا كليًا.
برقت عينا يافا التي تحركت في جلستها وغفلت عن تمشيط راوية لها بغيرة:
-أنتِ عروس أخي، يا مرحباً بك في عائلتنا.
بعفوية قضمت يافا حضنها إليها وتفحصت وجهها بشقاوة وأكملتها بهمس وغمزة:
-سيكون إنتاجكما عشرة على عشرة.
غطت راوية فمها بكفها وأطلقت ضحكة طوارئ سريعة، اعترفت صراحة وقد قيمت جمال يافا بالمبهر ولكن لا يصل لربع بياضها:
-أنتِ جميلة، سنتفق بالتأكيد.
ضحكت يافا وقد دخلت راوية قلبها:
-أي شيء يحبه مؤيد سنحبه بالتبعية، لا تقلقي على نفسك يا شابة، سنستمتع.
تخلصت راوية من يافا بصعوبة وركزت على أهدافها المتماثلة خلف المقود، أصابعه خشنة صُلبة تعرف الانغماس في الشقاء والتعب، مفاصله غير ملساء رغم انطباع العُقد عليها لتبصم رجولة خالصة. تخيلت خاتمها الذي سيزين خنصره، أيّ تملك ستمارسه للاستحواذ على كل هذه الرجولة والطاقة الدافئة التي تنبعث منه.
توقفا أمام معمل التحاليل وهناك فصلوهما عن بعضهما، خرجت النتائج بفورية وكانت النتيجة متطابقة، فعانقتها احتسان وفعلت يافا المثل. أخيرًا توقفوا عند شارع ضخم يضم الصَّاغة، أنزلهن برفق وتبعهن. غمزت نوال لرواية من فورها. فهمت راوية وكرهت أن تختار أي شيء غالٍ غالبًا هي ترضى بأي شيء للتشبث به. أخبرتها احتسان:
-هذه خطبتك يا ابنتي، اختاري ما يحلو لك ولا تخجلي من والدتك، ولا تستمعي لها، نود إسعادكما فقط.
تنحت نوال بهدوء ورجعت إلى المقاعد وتركت الصائغ يملي عليهن الموديلات:
-البنت ابنتكم، لا شأن لي بها، ولو أنني وددتُ أن تأخذوها كما هي بلا ذهب ولا نقود.
التفتت لها احتسان وعارضتها:
-كيف تقولين هذا الكلام، هذا حقها وفرحها ويجب أن تأخذه كله كاملًا.
خبأت نوال وجهها في كفها وتمتمت بخجل:
-الله يبارك لكم فيها وهنأكم، ماذا أقول بعد قولك.
وصل مؤيد وجاور راوية في حياء واضح والفراغ الضئيل بينهما يعج بالصواعق والكهرباء، راقبت نوال ابنتها تختار خواتم رديئة وعائلته ترفضها، سخطت في سرها:
-الحمقاء الغبية.
تقافزت عيناها في انتباه وهي تلمح تجربة راوية لخاتم غبي تفحصه مؤيد في انشداه، كتمت غيظها منها فقد نالت منها بغبائها، أخيرًا تدخل مؤيد وأخرج خاتمًا مميزًا وألبسه ابنتها فارتاح صدرها. ضحكت فيما تلتمع عيناها فابنتها أدهى منها، جربت الرخيص ليأتوها بالنفيس. استقامت تتابع عملية الشراء التالية. توقف مؤيد يتفحص أصبع راوية فيما يملي تعليقًا:
-علينا الاهتمام بتغذيتك، إصبعك رفيع جدًا.
نكست وجهها وهو يطابق قياس الخاتم مع خاتم ثانٍ حتى وجد طقمًا كاملًا يناسب الخاتم. شهقت واعترضت:
-لا يا خالتي لن تبتاعوه لي، يكفي الخاتم.
أخذت احتسان كفها وطمأنتها:
-لن نقول لمؤيد، مؤيد هذه عروسه يدللها كيفما يشاء.
غمزت نوال لراوية التي رفعت حاجبها وتلقت الطقم كاملًا، جهزوا الحقيبة وأضافوا لها هدية، فلم يتحرك مؤيد بالخروج، سحب نفسه إلى قسم آخر واختار خاتمًا بنقوش عتيقة مميزة وتناوله، خطى نحو أمه وراقب قياسها. ضحك حين تطابق القياس مع أصبع والدته:
-على المقاس تمامًا يا مؤيد، أرضاك الله ورضي عنك.
عاد مجددًا للصائغ واختار واحداً ثان بأقل جودة وحجم وألبسه نوال التي اعترضت:
-لا والله لن أقبله
ألبسها إياه عنوة يطالبها:
-هذه مباركتك خالتي.
التفوا للخروج من المحل فالتفت لراوية يطلب منها:
-هل يمكنني أخذ رقم هاتفك؟
شهقت ومارست رفضًا عنيفًا لإحدى مسلماتها كأنما يطلبها للرقص بلا حجاب وعبرت بحروف خطرة:
-كيف يصح هذا نديم؟، لن أهاتفك قبل الخطبة.
ضربت يافا كتفه وأخبرته:
-بات رقمها معي يا مؤيد، سهرتك الليلة صباحية.
عضت راوية شفتيها في قلة حيلة مدروسة وتوعدت يافا:
-لقد نلتِ مني ولن تنفذي.
***










Lamees othman غير متواجد حالياً  
التوقيع
ست وعشرون نجمة وبضع من سماء روحي معلقة بين ثنايا الأفق!



(وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)

سبحان الله والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.❤
رد مع اقتباس