امسك بمقبض الباب وهو يستغفر ربه قبل ان يفتحه ويسير بدون النظر حوله ، وما ان اخذ الملابس من الخزانة واستدار حتى تعجب للوهلة الأولى بسبب عدم رؤيتها على الفراش وما صدمه هو مشاهدتها جالسة على الارض تتكور حول نفسها فوق بساط الغرفة ! ملامحها باردة بلا تعبير تحدق امامها بجمود وكأنها تخلق عالم جديد لها !
افترس الغضب ملامحه بلحظة وشدت قبضته على ملابسه وهو يقول يبدد الصمت بتسلط
"ماذا تفعلين على الأرض ؟"
بدأت الحياة تتسرب بالتمثال الجالس امامه تفصله خطوات عنها بتغضن طفيف بجبينها ، وما ان طال الصمت اكثر حتى قال بجموح اكبر
"انا اكلمكِ ! ماذا يعني هذا ؟ هل تحاربيني بطريقة جديدة ؟"
هذه المرة رفعت حدقتيها الواسعتين نحوه بدون اي حياة بهما وهي تحدثه بنظراتها فقط ، ليطبق على اسنانه بشدة وهو يقول بنفاذ صبر
"تكلمي ! لا تنظري لي فقط !"
تغضنت اطراف حدقتيها بوضوح وهي تقول لأول مرة بقوة
"لن انام على السرير بعد الآن"
رفع حاجب واحد بمغزى وهو يقول بسخرية
"لماذا ؟ ألم تكوني تنامي عليه سابقا !"
اشاحت بوجهها جانبا وهي تقول ببرود
"ليس بعد الآن"
رفع حاجبه الآخر يتقابل مع حاجبه الأول بتعجب حتى تابعت كلامها بتصميم
"لن انام على شيء يخصك ، ولن اكون قطعة من الممتلكات التي تملكها"
قطب جبينه وقد بدأت الدماء الساخنة تتدفق بأوردته وهو يقول بضيق
"يعني لن تستسلمي ، ما تزالين تعاندين بي !"
تجاهلته بتعنت وهي تتحاشى النظر له وهو ما استفز مشاعره واثار غضبه كي يرمي الملابس ارضا ، ليسير نحوها بسرعة وقبل ان تدرك كان يقيد ذراعيها بقبضتيه ويرفعها عن الارض بلحظة ، ولم تستطع المقاومة بسبب سحبه القوي لها وهي لا توازي نصف قوته العضلية حتى رماها على السرير بقسوة !
وما ان جلست عليه حتى اشار بأصبعه قائلا بجنون احمرت معها عيناه مثل الجمرتان
"ستنامين على السرير يا سراب ، لا تتلاعبي بأعصابي اكثر كي لا افقد ذرة الصبر الوحيدة لدي !"
قالت سراب من فورها وهي تنفض ذراعها بعنف
"لا اريد النوم على سريرك ، هل هو إجبار ؟"
قبض يده على جانبه وهو يحرك رأسه قائلا بجفاء
"هو بات سريرك وليس سريري ، هل هذا كافي كي لا تعارضيني ؟"
ردت عليه بسرعة بانفعال حانق
"كلا لا يكفي ، ولا اريد النوم بأي مكان ينتمي لك"
شدد على اسنانه وهو ينحني نحوها امام وجهها ويشير بكفه قائلا بجمود
"ستنفذين ما اقول يا سراب ، ولا اعتراض على كلامي"
حدقت به بعينين متحديتين وهي تبعد كفه قائلة بقوة
"لن انفذ ما تقول لأنني لست عبدة ، كلامك يسري فقط على خدمك وليس عليّ"
ارتفعت طرف ابتسامته بغرابة وهو يمسك كتفيها بيديه قائلا بنبرة شبه ساخرة
"وماذا انتِ ؟ ماذا تكونين ؟"
ابتلعت سراب ريقها بخوف غريزي وهي تناظره بدون ان ترمش بعينيها ، ليتابع كلامه وهو يقول بقسوة لم تعرفها عنه سابقا
"انتِ مجرد بشرية اشتريتها من مالي الخاص وبموافقة من مالكها ووقعت على عقد ملكيتها امام الشهود ، مثل عمل التجارة تماما التاجر يجلب لك اثمن وافضل البضائع وبالمقابل تعطيه الثمن الذي يستحق ، فأنتِ عائلتك قد ربتك وكبرتك لهذا العمر كي تقوم بالنهاية ببيعك للرجل الذي يريدك ، ولا ذكائك وخبراتك وإنجازاتك تفيدك بهذه الحالة ، على هذا الاساس فقط انتم تعيشون من اجل سعادة وراحة ومنزل الرجل ، ولا قيمة لأي شيء آخر تفعلينه بحياتك وبحياة الآخرين ، فلهذا السبب انتِ وجدتِ وخلقتِ من اجل زوجك والذي سيكون هو كُل دنيتك وآخرتك !"
غزت الدموع عيناها لا شعوريا وهي تهمس بخفوت ثابت حاولت جعله قويا
"هل تظن بأنك تهينني هكذا ؟ هل تظن نفسك آلهة فقط لأنك خلقت رجل ؟"
قست نظراته وهو يدقق النظر بعيناها الجميلتان حتى بغضبهما وحزنهما مشتعلتان لا يطفئهما شيء ، ليبعد كفه ويمسك ذقنها الصغير بإصبعيه وهو يهمس بجمود اقسى
"لا تضغطي على نفسكِ احذركِ كي لا تعرضي نفسكِ لإهانة اكبر ، فأنا للآن ما زلت جيد معكِ لدرجة لم احصل بها على ثمن المهر الذي دفعته بزواجي منكِ ، تركتكِ تعيشين بمنزلي وغرفتي وتؤكلين من طعامي وتملكين كنينة عائلتي بدون طلب شيء مقابلها ! لذا لا تستطيعين الاعتراض فقط على السرير فأنتِ حصلتي على كل شيء تريدين ، وما تفعلينه من تمرد وعناد بلا معنى وفقط ينقص من قيمتك ويجعلك مجرد جاحدة انانية ناكرة للجميل !"
تجمدت الدموع بمحجريهما بصمت وملامحها بهتت مثل الرخام الشاحب ، ليتركها بعدها وهو يستقيم على طوله وعند اول خطوة سمع صوتها وهي تهمس بنبرة غريبة
"انتظر لحظة"
زفر انفاسه بعمق وهو يلتفت بسرعة قبل ان يتجمد الهواء بحلقه وتسمره ما ان بدأت بفك ازرار قميص بيجامتها الزيتية بعنف ! ولم تسمح له بالنطق بعدها وهي تنفض يدها جانبا صارخة بجنون
"هيا خذ ثمن مالك...المال الذي دفعته لوالدي"
دبت الحياة بجسده فجأة وهو يهجم عليها ويسقطها على السرير خلفها ويقيد جسدها بقبضتيه الساحقتين ، لتشعر بحرارة انفاسه على وجهها وكأنه ينفث لهب وهو يقول بشراسة
"هل جننتِ يا سراب ؟"
رفعت حدقتيها السابحتين بالدموع بالرغم من صعوبتها وهي تهمس بخفوت
"أليس هذا ما تريده مني !"
اظلمت ملامحه حتى باتت اقرب للون الليل وهو يقول بجموح
"بالطبع ليس هذا ما اريده يا حمقاء !"
زمت شفتيها بصمت تخنق ارتجافهما ثم قال يحمل نفسه طاقة جبارة كي لا تخونه عواطفه
"لو هذا هو هدفي الاساسي كنت فعلتها منذ اول ليلة ، ما كنت انتظرت كل هذه الفترة الطويلة"
تسارعت انفاسه بقوة وهي تحرك خصلات غرتها مثل الرياح قبل ان يرفع كفه ويمسك ازرار قميصها ، ليرتعش صدرها لا إراديا ما ان شعرت بأصابعه تعيد دس الازرار بقوة قائلا بخفوت عميق
"ما اريده شيء اكبر من جسدك ، فأنا اريد امتلاك هذا القلب وسيكون بعدها من السهل الحصول على الجسد ، ولكن قلبك هو ما اريده ملكي"
بقيت نظراتها صامتة بدون اي انفعال او تعبير واضح على ملامحها فقط الدموع هي سلاحها الوحيد الفتاك الذي يحرك مشاعره ، ليصل بأصابعه لياقة قميصها ثم يتركها وينتقل لذقنها قائلا بخفوت حازم
"هل فهمتي الآن ؟"
ما ان دنى قريب منها حتى ادارت وجهها بقوة تنهي الجدال بصمت تداري كبريائها المجروح ، لتغرس اسنانها بطرف شفتيها ما ان سقطت قبلته على عنقها يختبر نعومة بشرتها لأول مرة وكأنه يحرقها حية ، وما ان ابتعد عنها حتى تنفست بعنف وسمحت للهواء بالوصول لسائر جسدها قبل ان ينهض عن السرير قائلا بصرامة لم يتخلى عن غضبه منها
"لا اريد ما فعلته قبل قليل ان يتكرر مجددا ، وألا اقسم بالله سأعاقبك عقاب لم تجربيه بعمرك ، وحتى سأنقض عهدي بعدم الاقتراب منكِ !"
شخصت عيناها وهي تميل برأسها بسرعة وتراقبه وهو يأخذ ثيابه عن الارض ثم استقام على طوله وغادر خارج الغرفة ، لتوجه نظراتها للسقف وهي ترفع مرفقها وتخفي عيناها خلفها هامسة بنبرة يائسة
"ماذا فعلت بنفسي حتى استحق كل هذا ؟"
___________________________
سارت باتجاه البهو الواسع وهي تلف وشاح حول رأسها بعشوائية وترمي طرفيه على كتفيها ، وما ان وصلت لمدخل المنزل حتر ظهر امامها احدى حراس البوابة وهو يخفض رأسه فور قدومها نحوه ، لتقف بعدها بقوة وهي تمسك خصرها بيدها قائلة بجمود
"ماذا تريد ؟"
قدم ظرف ابيض لها وهو يقول باحترام
"احضر ساعي البريد هذا المغلف باسم سلسبيل صهيب ، وقررت ان اعطيك إياه كي توصليه لها"
عقدت حاجبيها باستغراب وهي تقول بعدم ارتياح
"وصل لسلسبيل ! ماذا قد يصل لها ؟"
حركت رأسها بسرعة وهي تأخذ المغلف منه وتقول بأمر
"هيا عُد لعملك ، وإياك ان تخبر احد عن وصول هذا المغلف"
اومأ برأسه وهو يقول بامتثال
"حاضر يا سيدتي"
رمت كفها بعيدا وهي تقول بحزم
"يمكنك الانصراف"
غادر من امامها بصمت وتركها حائرة وحدها مع المغلف المجهول ، لترفعه بعدها امام نظراتها وهي تفتح طرف المغلف بأصبعها هامسة بوجوم
"ماذا يمكن ان يكون يحمل ؟ ما لذي تخفيه تلك البلوة ؟"
فتحت الورقة التي خرجت من المغلف وهي تقرأها بإمعان شديد لحظات قبل ان تتجعد بين اصابعها ذات الشرايين الزرقاء البارزة ، لتمسك الورقة والمغلف بنفس قبضتها وهي تنزلها على جانبها وتنطلق بسرعة تشق طريقها بالبهو الواسع مثل الرادار الذي التقط إشارته وقد بات هدفها واضحا وهو جالس حول مائدة طعام طويلة لا يوجد امامها سوى طبق تحركه بالشوكة تفصل الارز عن الفول الاخضر بصمت ، وما ان وقفت بجانبها مثل التمثال حتى قالت الجالسة بضيق وهي تستمر بتحريك حبات الفول
"امي كم مرة اخبرتكِ عن كرهي للفول بالأرز ! ألم تستطيعي الطلب من الخدم ألا يطبخوها ويضعوها بطبقي ! يجب عليكِ طرد الخدم وجلب خدم جديدين للمنزل"
كانت تحدق بها بجمود بدون ان تعير كلامها اهتماما وهي تقول بجفاء
"دعي الفول جانبا فهناك ما هو اهم يجب الكلام عنه"
تجاهلتها تماما وهي ترفع الملعقة لفمها قبل ان تتجمد ما ان ضربت والدتها الطاولة امامها بالورقة بيدها ، لتقول بعدها وهي تبعد كفها عن صفحة الورقة
"ماذا يعني هذا ؟"
نقلت نظراتها للورقة بجانبها وكأنها تنظر لخبر على صحيفة وما ان قرأت المكتوب بعنوان الصفحة حتى رمت الملعقة ونهضت عن الكرسي ، لتمسك الورقة وتعيد قراءة اسطرها بإمعان تتأكد من المكتوب وهي تقول بنبرة انتصار
"لقد فعلها حقا ! واخيرا فعلها !"
احتدت ملامحها اكثر وهي تستشيط غضبا قبل ان تسحب الورقة من يدها بعنف قائلة بجموح
"هذه ورقة من المحكمة تحدد موعد طلاقك وليست ورقة تخرجك !"
حركت كتفيها باستخفاف وهي تحرك كفها هامسة بدون ادنى احساس
"انها كذلك يا امي"
عقدت حاجبيها وهي تنفض كفها بالورقة جانبا قائلة بجمود
"كيف تستطيعين ان تكوني عديمة الاحساس والشعور لهذه الدرجة ؟ نحن نتكلم بشيء جاد وليس هناك مزاح به"
دست خصلاتها الطويلة خلف اذنها وهي تقول بغرور
"ادرك ذلك جيدا"
تنهدت بصبر تستجمع اعصابها كي لا تفقد زمام السيطرة على الامور وقد بدأت تخرج من يدها ، وسرعان ما لوحت بكفها جانبا وهي تقول باستنكار
"بذلك اليوم احضرته لكِ كي تتكلمان بين بعضكما وتتفاهمان وتستطيعا الوصول لحل وسط يحل كل المشاكل بينكما ، ولكن ما حدث الآن خالف كل توقعاتي ، كيف وصل الأمر بينكما للطلاق ؟"
ادارت مقلتاها الزرقاوان جانبا وهي تهمس ببرود
"لقد اخطأتِ بتركنا لوحدنا بذلك اليوم !"
سلسبيل !""
صرخت بقوة بعد ان اتلفت اعصابها وهي تنظر لها بتهديد ، لتتأفف سلسبيل بنفاذ صبر وهي تحرك كفها قائلة بغيظ
"اخبرته بأن الامر بيننا لن ينجح مهما حاول ، ولن يفلح كل شيء يفعله بعد ان وصلت العلاقة بيننا لهذا الحد وخسرت ثقته ، لذلك افضل طريق لكلينا هو الطلاق والأنسب لي"
ضربت ذراعها على خصرها وهي تقول باستهجان
"يعني انتِ من حرضه على ذلك ، انتِ من دفعه ليتخذ هذه الخطوة الكبيرة ويرفع دعوى بالمحكمة ، انتِ من يريد الطلاق !"
ردت عليها بقوة بدون ان يرف لها جفن
"بلى انا من اريد ، وهذا الامر كان يجب ان ينتهي إذا ليس اليوم بيوم آخر ، فأنا كل ما اريده هو الانفصال عنه وكسبي حريتي من جديد"
تجمدت تقاسيمها بنحت رخامي وهي تقول بخفوت حاد
"ولكن ثمن هذه الحرية غالي جدا ، هل تعلمين هذا ؟"
مالت ابتسامتها بسخرية وهي ترفع ذقنها قائلة برضا
"سأدفع الثمن مهما كان مقداره يا امي"
تنفست شهيرة بإحباط وهي تحرك رأسها قبل ان تقول بتفكير
"ومن سيأخذ حضانة الولد ؟"
ردت عليها بسرعة وهي تلوح بكفها بالهواء
"بالطبع هو سيأخذها ، فلن اقضي طيلة حياتي مجبرة على الاعتناء وتربية ابنه وانا ما زلت شابة صغيرة على تحمل مثل هذه المسؤوليات وإيقاف حياتي من اجلها ! ليأخذه هو ويتحمله ويفعل به ما يحلو له ، لا اكترث لمصيرهما البتة"
رفعت حاجبيها بدهشة وهي تقول بعدم تصديق
"هل تقولين هذا عن ابنك ؟ الذي من لحمك ودمك !"
اشاحت بوجهها بعيدا وهي تنفض شعرها بكفها هامسة بقسوة
"نعم هذه هي الحقيقة فأنا من الاساس لم اكن اريده ، هو من اجبرني على إنجاب ابن له ، وألا انا لا احلم ابدا بالأولاد وتحمل مسؤولية تربيتهم والاهتمام بهم !"
مسدت جبينها بإصبعيها ما ان اصابها حديثها بالصداع لبرهة ، لتقول بعدها وهي تخفض كفها بقوة
"هو بالتأكيد لن يستطيع تربيته وحده ، كيف سوف يوازن بين تربيته وعمله ؟"
كتفت ذراعيها فوق صدرها وهي تقول بتهكم
"بالحالة الطبيعية يلجئ الرجل للزواج من امرأة تقوم بتربية اولاده ، ولكن بحالته هو فنحن نتكلم عن رجل زير نساء لن يستطيع الثبات على امرأة واحدة ! فما ان يحصل على طلاقه سيقوم بنزواته بحرية اكبر بدون رقابة او سلطة ، وبالنسبة لابنه سيرمي مسؤوليته للمربيات او يقوم بوضعه بمدرسة داخلية ولا يعنيني اساسا ما سيفعل به"
حركت شهيرة رأسها وهي تقول باستياء
"واثقة جدا من نفسك"
لم تعقب على كلامها حتى ظهر خطين متوازيين على جبينها وهي تقول بغموض
"ما لذي تسعين إليه بالضبط ؟ ما هو سبب كل هذه العجلة بالطلاق وكأنك بسباق ؟"
تعمدت عدم النظر لها وهي تزم شفتيها بصمت ، لتقترب منها اكثر وهي تميل برأسها قائلة بمغزى
"اتمنى ألا يكون ما اتوقعه"
غامت عيناها الزرقاوان بلون باهت وهي تقول ببرود
"وماذا لو كان ما تتوقعينه ؟"
رفعت رأسها بسرعة وهي تقول بصدمة
"هل جننتِ ؟"
استمرت بتجاهلها وتجنب النظر لها بينما تابعت شهيرة كلامها بغضب منفعل
"هو الآن اصبح رجل متزوج دخل لقفص الزواج ، ويبدو بأنه بسببك انتِ اختار الزواج منها بطريقة مباشرة بدون اي تعارف او فترة خطوبة !"
ادارت نظرها نحوها وهي تشير بكفها بينهما قائلة بثقة
"كما قلتِ هي مجرد سبب ، وما ان اتخلص من كل الاسباب التي ارغمتنا على الوصول لهذا الوضع سنجتمع مع بعضنا من جديد ، ولن يبقى سبب يمنعنا من ذلك"
اعتلت ابتسامة ساخرة ملامحها وهي تربت على صدرها بكفها هامسة ببؤس
"آه يا ابنتي المسكينة انتِ فقط تبعثرين نفسكِ عبثا ! تزرعين الصبار وتأكلين اشواكه !"
ضيقت حدقتيها الزرقاوين بقسوة وهي تقبض على كفها هامسة بجمود
"لن تستطيعي إحباط عزيمتي ولن يأثر بي كل كلامك فقد اتخذت قراري بالفعل !"
تغير التعبير بملامحها وهي تمسك خصرها بيدها الحرة قائلة بجفاء
"سنرى ذلك"
اومأت سلسبيل برأسها وهي تقول بنفس طريقتها
"سنرى"
غادرت بعدها من امامها وهي ترمي شعرها خلفها بينما رفعت شهيرة كفها بالورقة المجعدة تعيد قراءتها مجددا ، لتشتعل من الغضب للمرة الثانية وهي ترميها على الطاولة بجانب طبقها الذي تركته كما هو بعد ان نجحت بفصل الارز عن الفول الاخضر...
___________________________
كان الجسد الصغير منحني على ركبتيه وهو يراقب حشرة الأم اربعة واربعين وهي تسير فوق الحشائش ببطء ، وبلحظة واحدة سحقت سعادته بسبب قدم كبيرة داست عليها بقوة وكأنها تدوس على قلبه ! وما ان رفع رأسه حتى ظهر امامه المتنمر وهو طفل يفوقه طولا وحجما بسبب فرق السن بينهما ، وقبل ان يفتح شفتيه كان يركله بقدمه جعله يسقط للخلف ويستند بالأرض بمرفقيه ، ليخترق كلامه قلبه وهو يصرخ باحتقار دائما ما يكون موجه نحوه وكأنه حشرة كريهة امامه
"ابتعد عن طريقي يا لقيط ! لا اريد رؤيتك هنا ! ارحل من حديقتي ومنزلي وحياتي"
تجمعت الدموع بمقلتيه الخضراوين بينما تابع هو صراخه وقدمه تركله بالتراب تحته
"ارحل ، ارحل من هنا ، ارحل يا كريه الرائحة"
وضع مرفقه امام وجهه يحمي نفسه من التراب الذي بدأ ينهمر عليه يكاد يدخل بأنفاسه ورئتيه ، ليتحرك جسده ببطء يحاول النهوض بصعوبة وما ان استوى واقفا حتى ركض بسرعة بأنحاء الحديقة ، وبدون ان يرى جيدا كان يتعثر بحصوة ويسقط ارضا بقوة ليغطي بسرعة وجهه بذراعيه تحته وهو يجهش ببكاء عالي لم يعد يستطيع كبحه اكثر !
لقد حاول تقبل حياته الجديدة التي فرضت عليه بعد ان انقلب عالمه رأساً على عقب ولكن بدون فائدة فهو بكل مرة يعود ويستسلم لشعور الوحدة والألم ، وكل ما يتمناه ان يعود للحي الذي كان يسكن به ولمنزله الصغير ورفاقه هناك...واهم شخص بحياته والدته التي ربته واهتمت به منذ ولادته واحبها من كل اعماق قلبه وهو ما يزال يتحرق ويتوق لرؤيتها وشم رائحتها واحتضان عباءتها القديمة...لا يريد العيش بهذا المكان الغريب والنوم بغرفته الكبيرة الموحشة والتعامل مع اناس لا ينظرون له وكأنه كائن غير مرئي شفاف...وهو للآن لم يفهم سبب وجوده هنا ولماذا اخذوه عن والدته ! ولماذا يعيش بمكان هو منبوذ منه ؟ كل ما سمعه عندما تكلمت المرأة التي ابعدته عن والدته وادخلته منزلها وهي تقول بأنه ابن احد صديقاتها المقربات قررت تبني ابنها بسبب عدم وجود احد يتكفل به !
بكى الطفل بحرقة وهذه حالته اليومية منذ مجيئه لهذا المنزل الاشبه بالسجن لا يجد مكان يلتجئ له غيره ، وحتى لو هرب منه لن يجد مكان يؤويه سوى الشارع والأزقة ، ليهمس بعدها من بين بكائه يناجي الشخص الوحيد الذي يعرفه
"اريد امي ، انا اريد امي ، خذوني لأمي ، خذوني...."
خفت صوت بكائه ما ان سمع صوت رجولي يقول بجدية
ما لذي تفعله على الارض يا فتى ؟""
امسك فمه بكفه وهو يرفع رأسه عن ذراعيه ويحدق بالرجل الكبير الذي كان يشع بنور ساطع من ضوء الشمس المسلط عليه ، ليضيق حدقتيه الخضراوين يحاول النظر له بوضوح والتعرف على هويته وكأنه ينظر لارتفاع عالي ، ليساعده هبوطه له حتى بات بمستوى طوله وملامحه اصبحت اكثر وضوحا ، جذبه صوته مجددا وهو يقول بخفوت عميق تسلل لأذنيه بطمأنينة
"ماذا تفعل يا بني ؟ كيف سقطت على الارض هكذا ؟"
كان يتأمل رجل بملامح بيضاء رخامية ينعكس ضوء الشمس عليه يملك لحية سوداء كثيفة تغطي وجهه وتعطيه مظهر مخيف وهو ما جعله يخافه بالبداية ويبقي على مسافة بينهما بأول دخول له للمنزل ، عيناه مزيج بين الاخضر والرمادي بدون ان يحدد ايهما طاغي ولسبب ما شعر بهما دافئتين مثل ضوء الشمس بعز الشتاء ! والأكثر غرابة بأنهما يذكرانه بعيون والدته التي كانت تتميز بالحسن والجمال !
افاق من شروده ما ان قال وهو يجول بنظره على جسده بقلق
"هل انت بخير ؟ هل تأذيت ؟"
نهض عن الارض وهو يجلس على ركبتيه ويضم ذراعيه هامسا بخجل
"انا...انا بخير"
امسكه من تحت ذراعيه وهو يقول بجدية
"هيا انهض ، دعني اراك جيدا"
وقف على قدميه بتلقائية وهو ينزل بيديه على ملابسه ويمسح التراب عنه قائلا برفق
"لماذا انت ممتلئ بالتراب ؟ هل تعلم إذا دخلت للمنزل هكذا ربما تعاقب بشدة ؟ وربما لا تدعك تخطو للمنزل بحياتك !"
كان يراقبه بانبهار صامت وشعور لطيف دغدغ قلبه ما ان ذكرته تصرفاته بتصرفات والدته وهو يعامله مثلها تماما ، ليتنهد بعدها بهدوء وهو يربت على شعره هذه المرة ولم يعرف كم افرحته تلك الحركة قائلا بابتسامة جانبية
"انتبه جيدا لخطواتك كي لا تسقط مجددا فقد تجرح او تخدش نفسك إذا لم تأخذ حذرك"
اومأ كرم برأسه بطاعة وهو يبعد كفه ويقف على طوله بصمت ، وما ان كان سيتحرك حتى تراجع وهو يدس يده بجيب بنطاله قائلا بتذكر
"من حسن الحظ بأنني تذكرتها"
حدق به وهو يخرج من جيبه حبة سكاكر مغلفة ثم رماها نحوه ليلتقطها بكفه بسرعة ، حرك بعدها اصابعه وهو يقول بابتسامة
"انها لك خذها"
اتسعت ابتسامته بسعادة غامرة لأول مرة منذ مجيئه للمنزل وما ان تحرك مجددا حتى قال من فوره بلهفة
"سيدي..."
توقف بهدوء وهو يقول بجدية
"يمكنك مناداتي كما يناديني اولادي فأنا بمقام والدك"
برقت الدموع بعيناه الخضراوان وكأن قلبه يغرد فرحا وهو يقول ببراءة
"شكرا لك"
اومأ صهيب برأسه بصمت قبل ان يغادر من المكان بينما بقيت نظراته تلاحقه وهو يضم قبضته بحبة السكاكر وكأنه حصل على كنز ثمين ، ولم تكن الاخيرة فقد كان كلما سنحت له الفرصة يحضر له السكاكر من جيوبه وكأنه رجل العيد الذي جعله يتمسك بالحياة ويحبها بشكل ما...
رفع رأسه يفيق من ذكرياته القديمة التي حوصر بها بعد ما حدث بالأمس قلب موازين حياته ، فهو لم يقدم على مثل هذه التضحية الكبيرة من قبل بالرغم من انه قدم الكثير بسبيل سعادة هذه العائلة وتحمل الذل والهوان والقسوة والتعنيف منذ طفولته لشبابه ! ولكن لم يتعلق الامر برهن مستقبله وتدمير حياته من اجلهم...
تغضن جبينه بضيق ما ان لامست قطرات الماء شعره وهو يرفع كفه ويتخلل خصلاته بأصابعه ، ثم رفع نظره وراقب السماء الرمادية الشاحبة التي كانت قبل دقائق فقط زرقاء صافية وها هي الآن تحولت للوحة حزينة ماطرة وكأن الطقس يتغير مع مزاجه ، ليتأفف بعدها بضيق وهو ينهض عن كراسي الطريق ويتقدم بخطواته لحافة الرصيف .
وقف بتكاسل وهو ينتظر سيارة الاجرة قبل ان يشتم ما ان ازدادت زخات المطر فوق شعره وهو اكره ما عليه التبلل الذي يذكره بأيام لا يريد تذكرها...الجوع والبرد والخوف وكل ما ينتابه بذلك الوقت...اغمض عينيه لحظات وهو يسمع اصوات تراكض الناس بالشارع بهلع وعجلات العربات هربا من المطر وكل هذا لا يقارن بالهتاف العالي الذي اخترق كل ضجيج عالمه وكأنه من العالم الآخر
"كرم ، كرم ، يا رجل الفزاعة"
فتح عينيه بصدمة وهو يلتفت بسرعة حيث مصدر الصوت لتظهر له فتاة المظلة وهي تركض نحوه مباشرة وشعرها الكستنائي الطويل يطير حولها ، ولم يفق على نفسه ألا عندما وقفت بجانبه تماما ترفع المظلة الصفراء لفوق رأسه تحميه من زخات المطر التي اوقفتها بحضورها ، ليتأمل ملامحها الباسمة الجميلة تكاد تشرق الشمس بعينيها البنيتين المستديرتين برموش طويلة تحدهما ، وشعرها الكستنائي الناعم ما يزال يتحرك حول وجهها مثل ستائر انزلقت قطرات الندى عليها وكأنها لآلئ صغيرة !
توقف بنظره على شفتيها الزهريتين الصغيرتين ما ان خرجت الكلمات منهما بمرح
"الحمد لله ، لقد وصلت بالوقت المناسب ، لولاي كنت تبللت الآن من المطر"
ارتبكت ملامحه وهو يخفض نظره بسرعة هامسا بحرج
"نعم صحيح ، شكرا"
عقدت حاجبيها باستغراب وهي تهمس بحيرة
"ماذا قلت للتو ؟"
رفع رأسه بلحظة وسرعان ما ادار وجهه بعيدا يتحاشى النظر لها قائلا باتزان
"كنت اشكركِ ، فقد انقذتني من التبلل"
اتسعت ابتسامتها بسعادة وهي تقول برقة
"على الرحب والسعة"
صمت كليهما معا لحظات قبل ان تبدده كاميليا هامسة بخفوت
"يبدو بأنك لا تعرف بوضع الطقس ، لذلك لا تحمل مظلة معك"
حرك كتفيه وهو يقول ببساطة
"لم اكن اعرف"
ردت عليه بسرعة بابتسامة لطيفة
"ألم تشاهد نشرة الطقس اليوم !"
امال رأسه جانبا وهو يقول ببرود
"كلا لم افعل ، ولم اهتم بها من قبل"
زمت شفتيها وهي تشاهد رجل بدائي لا يهتم بكل ما يسير من حوله من تطور وكأنه يعيش بعصر مختلف عن عصرنا ، وهو اول اثبات على كلام ذلك المختل الذي انتحل شخصيته وخدعها....
احمرت وجنتاها بحياء ما ان اختلس النظر نحوها حتى اشاحت بوجهها بسرعة وهي تهمس بعفوية
"انا دائما ما اشاهد نشرة الطقس قبل الخروج من المنزل ، كي اعرف ماذا ارتدي وماذا اضع بحقيبتي ، يعني تأمين على حياتي من اجل الظروف الطارئة فأول ما يغدر بك وقت خروجك هو تقلبات الطقس !"
اخفض نظره لملابسها وهي ترتدي بنطال جيشي وبلوزة بيضاء يعلوها سترة خريفية وكأنها جمعت الفصول كلها معها ، ليرفع حاجبيه ببطء وهو يقول باهتمام
"نعم امنتِ على حياتك جيدا"
زمت شفتيها بدون ان تعلق على كلامه ، ليفاجئها قائلا بخفوت مفكر
"سمعتكِ تنادين قبل قليل برجل الفزاعة ، صحيح !"
رفعت رأسها بسرعة وهي تحرك كفها الحرة هامسة بتوتر
"كنت امزح معك ، اتمنى ألا تأخذها على محمل الجد"
حرك رأسه وهو يقول بابتسامة طفيفة بدون ان تراها
"لا بأس بذلك"
رمقته بطرف حدقتيها بارتياب وهي تشك بردة فعله الباردة وما تخفيه خلفها ، لتتنفس بعدها وهي تقول بابتسامة رقيقة
"اعتذر على تركك وحدك بذلك اليوم ، فقد كنت على عجلة من امري ولم اودعك حتى"
ارتسمت الحيرة على محياه وهو ينظر لها قائلا بوجوم
"هل تركتني ؟"
كورت شفتيها بامتعاض وهي تقول من فورها بقنوط
"اليوم الذي كنت تلعب به مع الأولاد بعدها اخذتنا لمطعم المشاوي ، هل تذكرت الآن ؟"
رفع كرم رأسه بقوة وهو يقول بإدراك
"نعم تذكرت ، ذلك اليوم إذاً ، لا تكترثِ فلم يخطر ببالي اساسا"
استاءت ملامحها وهي تدير نظرها امامها قبل ان تنقلب حالتها هامسة بغموض
"هل يمكنني بطرح سؤال عليك ؟"
اومأ كرم برأسه وهو يقول بعدم اهتمام
"تفضلي"
ضمت شفتيها بتردد قبل ان تخرج انفاسها منهما وتهمس بصوت خفيض
"عندما كنت تلعب بالمعلب قلت لي بأنك سبق وسكنت بتلك الحارة وتعرفها ، ومرة رأيتك بحفلة زفاف لعائلة ثرية ومعروفة وكنت تبدو مضيف بها ، وتساءلت انت لأي عالم تنتمي منهما ؟"
غابت الابتسامة عن محياه وتلبدت تقاطيعه حتى اجبرت نفسها على النظر له وهي تهمس بحياء
"يبدو بأن سؤالي شخصي قليلا"
حاد بنظراته نحوها لبرهة قبل ان يحرك رأسه قائلا بسخرية
"كلا بل هو سؤال منطقي ، بالتأكيد سيخطر ببالك الكثير من التخيلات والاسئلة بعد رؤيتك لحياتي المتناقضة ! وهذا الامر يحدث كثيرا لذا لا تزعجي نفسكِ"
صمت لحظات قبل ان يشرد بنظراته بعيدا قائلا بلمحة حزن لامست اعماقها
"انا اكون طائر حر ، لا ينتمي لأي عالم ، وليس له مكان ينتمي له ، لقد نسيت حتى معنى الانتماء"
مالت طرف شفتاها بحزن وهي تهمس بنبرة باهتة
"ومتى سيستقر هذا الطائر ؟"
اخرج من صدره انفاس طويلة وهو يقول بعدم حياة
"من يعلم !"
قبضت بأصابعها على مقبض المظلة التي ما تزال تحميهما من زخات الامطار وقسوة الحياة ، لتهمس بعدها بابتسامة عازمة وكأنها تحضر مكيدة
"اتمنى ان تستقر عندي حينها سأجعلك اسيري"
ادار نظراته لها وهو يقول بتساؤل
"هل قلتِ شيئاً ؟"
حركت كاميليا رأسها بسرعة وهي تهمس بابتسامة بريئة
"كلا لم اقل"
ارتسمت ابتسامة على محياه خرجت هذه المرة من صميم قلبه وكم سعدت بأنه ابتسم لها اخيرا واعطاها انتباهه ، ليوقظها صوت بوق السيارة التي وقفت قريبا منهما ، نقلت نظراتها بسرعة نحوه وهي تمد المظلة له قائلة بقوة
"امسك بها"
امسك بمقبضها ولم يعي بأن يده لامست يدها الصغيرة ألا عندما سحبتها بسرعة وهي تفتح حقيبتها كي تخرج هاتفها منها ، ليراقبها بحيرة وهي تفتح هاتفها ثم مدته نحوه قائلة بأمر
"اكتب لي رقمك ، فقد اضعت رقمك القديم"
رفع حاجبيه بدهشة وهو يقول بغباء
"ماذا ؟"
شدت على الهاتف وهي تقول بإصرار
"هيا بسرعة"
امسك بالهاتف بصمت وهو يديره نحوه ثم ضغط على الازرار وكتب الرقم ، لتسحبه بعدها بلمح البصر قبل ان يتكلم وهي تلوح بكفها الاخرى قائلة ببساطة
"شكرا لك ، رافقتك السلامة"
نظر لها بصدمة وهي تغادر من امامه ركضا وما سرق نظره وانساه الهاتف هو منظرها وهي ترفع حقيبتها لفوق شعرها تحميها من زخات المطر التي بدأت تهاجمها بشراسة حتى وصلت لباب السيارة ، لتلتفت نحوه مجددا وهي تلوح بيدها عاليا وتضحك بمرح وكأنها طفلة تلهو تحت المطر وخاصة مع شعرها الذي تبلل بعضه والتصقت خصلاته حول وجهها !
افاق من شروده ما ان انطلقت السيارة بعيدا عنه تشق طريقها بالأمطار ، ليرفع نظره يحدق بالمظلة وهو يكتشف وجودها معه الآن ثم قال بخفوت بائس
"وماذا عن المظلة ؟"
حدق بمكان رحيل السيارة وهو يقول بعدم تصديق
"اخذت الرقم وتركت المظلة ، هل هذه مقايضة ؟"
رفع كفه لشعره وهو يتخلل خصلاته بأصابعه قائلا ببرود
"هي تملك رقمي ، إذا ارادت استعادتها تخبرني بذلك"
تنهد بخواء وهو يخفض كفه على جانبه ثم عاد ليتأمل المظلة بيده وابتسامتها لا تفارق ذهنه تمحي كل اثر للحزن بقلبه ، ليقول بعدها بخفوت ممتن
"شكرا لكِ يا فتاة المظلة ، لقد انقذتني"
يتبع.... |