اغلقت باب الغرفة خلفها وهي تسير بسرعة للداخل تكاد تفقد اتزانها وتسقط ارضا ، لتدور بعدها حول السرير عدة دورات تخفف الحرارة بقلبها وتسارع نبضها ، حتى جلست بالنهاية على طرفه بإنهاك وقد اصيبت بالدوار بعقلها والقليل من الغثيان لترتمي بعدها بظهرها على ملاءة السرير تستريح قليلا من هذا السباق وكأنها تخوض منافسة على لقب عداء السرعة .
تنفست بإرهاق مفرط وهي تترك شفتاها الصغيرتان فاغرتان تسحب اكبر كمية هواء ممكنة ، لتمسح بكفها على صدرها المرتجف وهي تضم بأصابعها جهة قلبها هامسة بإجهاد
"لقد كدت اشعر بخروجه من صدري !"
اسدلت جفنيها الواسعين على حدقتيها وهي تتنفس براحة اكبر غزت محياها لتغرس اسنانها بطرف شفتيها تعيد اللحظات التي عاشتها قبل دقائق كادت تفقدها ذاتها وتنسى من تكون ، لتفتح عينيها بشهقة مرتجفة وهي تجلس بلحظة مستندة بيديها ثم همست بإدراك
"هل اصبحت محبة للحظات العاطفية ؟"
وضعت كفها على بطنها الصغير وهي تهمس بخفوت
"حتى انني لم اصاب برغبة بالتقيؤ كما كان يحدث معي عادة !"
تنفست بحنق وهي ترفع كفها وتغرس اصابعها بخصلات غرتها الناعمة هامسة بوجوم
"لم اعد افهم نفسي !"
نهضت عن السرير باندفاع وهي تتجه لطاولة الزينة وتقف امام انعكاسها بالمرآة ، لتحدق بصورتها بغضب وهي تحادثها قائلة تعنف نفسها
"لما لم تكملي ؟ لما هربتِ ؟"
اخفضت لورين نظرها وهي تهمس بخفوت محبط
"كدت انجح لولا خوفي بآخر لحظة !"
زمت شفتيها بعبوس وهي تهمس بحزن مرير
"لما الخوف ؟ بعد كل شيء هل ما زلتِ تخافين !"
رفعت رأسها تتأمل صورتها وهي تلاحظ اختلاف بنظراتها ورسمة ابتسامتها وحتى تصفيفة شعرها ، عيناها الخضراوان بهما وهج خاطف مثل عيون القطط وملامحها البيضاء تخللها احمرار شديد من الإثارة تكاد تشعر بحرارة خديها المحتقنين...وشعرها مبعثر على كتفيها بفوضى ناعمة وبعض خصلاته متطايرة بالهواء وغرتها تتراقص امام عينيها مثل مولدات الكهرباء !
رفعت إصبعيها الإبهام والسبابة تحتضن بهما خدها وهي تهمس بتفكير مشدوه
"هل هذه انتِ فعلا ؟"
ارتسمت ابتسامة فاتنة على محياها وهي تهمس بانبهار
"يا لجمالها وظرافتها !"
اخفضت كفها بسرعة وهي تستعيد تركيزها وتوقظ نفسها من جنونها ، لتلمح شيء جذب انتباهها بسرعة وهو ترتيب ازرار قميص بيجامتها المبعثرة بشكل مثير للشفقة ، لتعيد فك كل ازرار قميصها ثم تقوم بدس كل زر بمكانه الصحيح وبترتيب وهي تهمس بوجوم
"يا إلهي ! سأفقد عقلي حتما !"
تنهدت لورين بقوة وهي تستدير بعيدا عن المرآة توليها ظهرها وتمحي كل تلك الافكار عن عقلها .
سارت باتجاه المنضدة وهي تحمل ابريق الماء وتميل به كي تسكب بالكأس قبل ان تكتشف بأنها فارغة لتهمس بعدها باستياء
"كيف نسيت بأنه لا يوجد ماء بالغرفة لذلك نزلت للأسفل لشرب الماء ؟"
تنفست بتعب وهي تعيد الكأس مكانها وما ان وضعت الابريق حتى انزلق عن الحافة وسقط ارضا ، تراجعت للخلف بوجل ما ان تحول الابريق لشظايا زجاج متناثرة ، ليدب الرعب بأوصالها ما ان سمعت صوت خطوات قرب باب غرفتها وبلا شعور كانت تجثو على ركبتيها ارضا وهي تجمع قطع الزجاج بكفها بسرعة ، وسرعان ما رفعت رأسها بشحوب ما ان انفتح باب غرفتها فجأة وظهر من كانت بجانبه قبل قليل ومارست العلاقة الزوجية معه كما لم تفعل من قبل !
اخفضت رأسها بسرعة وهي تشعر بالدماء الحارة تتدفق بأوردتها بقوة وتحرق خديها مثل الجمرتين ، ليوقظها الألم الذي اخترق لحم كفها وهي تتأوه بوجع ولم تسمع صوت خطواته وهي تقترب منها بلمح البصر وتنحني امامها ، ليمسك بعدها بكفها وهو يسقط كل الزجاج فوقها قائلا بقوة
"اتركي الزجاج ، لا تلمسيه !"
اتسعت حدقتاه وهو يتأمل خطوط الدماء التي سالت من كفها البيضاء الصغيرة ، ليشتم بعدها بقوة وهو يتمتم بغضب
"The curse"
رفعت حدقتيها الدامعتين من الألم قبل ان يمسك بكفها الاخرى ويوقفها معه وهو يقول بقوة
"سيري معي بسرعة"
سحبها بسرعة باتجاه الحمام الملحق وما ان وقف امام المغسلة حتى ادار الصنبور بقوة ثم مد كفيها تحت الماء البارد وترك مجرى الماء يغسلهما ، حادت بنظراتها نحوه ما ان قال بانفعال حانق
"ألا تستطيعين الانتباه اكثر ! كيف تحملين الزجاج المكسور بيدكِ العارية ؟ ماذا لو كان حدث تمزق او اسوء ؟ غبية !"
قوست شفتيها بعبوس وهي تراه بكل هذا الانفعال والتوتر لأول مرة فلم يكن هكذا قط حتى عندما تأخرت بالعودة للمنزل وغضب منها بشدة ! ويبدو بأنها لا تجيد هذه الايام سوى اغضابه واخراجه عن صوابه !
اخفضت رأسها بحزن وهي تهمس بنبرة رقيقة
"آسفة"
اغلق صنبور الماء بقوة وهو يتناول مناديل ورقية ويقول باضطراب حاد
"نعم هذا كل ما تستطيعين فعله ! الاعتذار فقط والبكاء ! هل سيمسح اعتذارك ما فعلتي ؟"
ابتلعت ريقها بغصة آلمت حنجرتها وهي تراقبه يجفف الماء عن كفيها بالمناديل برفق ، لترتجف بألم شعره بها وكأنه ماسّ كهربائي وهو ينظر لها بسرعة قائلا بجدية
"هل آلمتكِ ؟"
حركت لورين رأسها بالنفي وهي تهمس بحزن
"كلا"
عاد بنظره لكفيها وهو يمسح هذه المرة بلطف لتهمس بعدها بأسى
"آسفة على جرحك"
ابتسم بسخرية وهو يقول بخفوت عميق
"انتِ من جرحتي وليس انا ، انظري جيدا"
كورت شفتيها لحظات قبل ان تهمس برقة
"هل غضبت مني ؟"
ردّ عليها إلياس بجفاء
كلا""
همست من فورها بقنوط
"بلى لقد غضبت"
رفع نظرات قاسية ألجمتها وهو يقول بأمر
"اخرسي يا لورين"
صمتت بوجوم وهو يلقي المناديل الورقية بسلة النفايات ويلتقط المزيد من العلبة قبل ان يمسح على يدها مجددا ، لتقول بعدها بخفوت مفكر
"ألن تنام ! لم يبقى الكثير على وقت الشروق !"
صمت لحظات حتى شعرت باليأس قبل ان يقول بجدية
"كلا لن انام"
رفعت حاجبيها الرقيقين بدهشة وهي تقول بتذمر
"كيف ستذهب للعمل بدون نوم ؟ هكذا سيؤثر عليك ولن تستطيع التركيز بأي شيء ، وسيكون صعب...."
رفع كفه وهو يقول بنفاذ صبر
"هلا صمتِ خمس دقائق يا لورين ! فأنا اكره الثرثرة الزائدة ! ولا استطيع التركيز فوقها"
عبست ملامحها باستياء وهي تهمس بامتعاض
"لست ثرثارة ، انت من يتضايق بسرعة وينكش ذباب وجهه"
رفع إلياس رأسه بصبر وهو يقول بجمود
"يا عفو الله !"
صمتت بخجل وهو يتركها ويرفع يديه يفتح الخزانة المعلقة فوق رأسها ويخرج علبة الاسعافات منها ، ليفتح علبة لاصقات طبية وهو يخرج واحدة ثم عاد يمسك بيدها ويلصق الضمادة فوق جرحها ، وما ان كانت ستتكلم حتى قاطعها قائلا بتهديد
"إذا لم تصمتِ ألصق فمك بهذه الضمادة كي ارتاح من ثرثرتك للأبد"
عقدت حاجبيها بوجوم وهي تشيح بوجهها هامسة بعبوس
"قاسي !"
رفع نظراته نحوها وهو يبتسم بتسلية بدون رؤيته ، ليلقي بالمخلفات بسلة القمامة ويعيد علبة الاسعافات بداخل الخزانة ويغلقها ، ليزفر انفاسه لحظات وهو يلتفت نحوها ويقول بجدية
"بالمناسبة كيف سقط الابريق ارضا ؟"
نظرت له بهدوء وهي تهمس ببساطة
"سقط مني بالخطأ ، لم انتبه بأنني اضعه على الحافة لذلك سقط"
بادلها النظر بقوة وهو يقول بجدية
"لماذا لم تنتبهي ؟ هل كنتِ نائمة ؟"
امتعضت ملامحها وهي تهمس بخفوت شديد
"كنت متوترة قليلا ، لم اكن بوعيي"
رفع حاجبيه ببطء وهو يفكر بالسبب الذي جعلها متوترة ولا يملك سبب غيره ، فهل كل هذا من تأثير ما حدث ؟ ولماذا لا يكون كذلك وهي التي خطت خطوة كبيرة نحوه لم يتوقعها منها ! ولولا ذلك الرنين الذي قاطع انسجامهما بالعاطفة كان حصل عليها اخيرا وفك عقدتها !
تنهد بقوة وهو يسترجع نفسه ويضبطها قبل ان يمسك بذراعها ويسحبها بعدها خارج الحمام ، لتنتهي جالسة على طرف السرير وهو يشير بأصبعه قائلا بأمر
"ابقي جالسة بأدب ولا تتحركي من مكانك"
اومأت برأسها بامتثال وهو يغادر خارج الغرفة وبغضون لحظات كان يعود وهو يمسك مجرود بيده ومكنسة صغيرة بيده الاخرى ، ليسير بعدها امامها ويتجاوزها قبل ان يجثو على ساق واحدة وهو ينصب الاخرى ، رفعت لورين ساقيها وهي تضمهما بذراعيها وتسند رأسها على ركبتها تراقبه وهو يقوم بتنظيف حطام الزجاج والشظايا يكنسها بالمكنسة ويجمعها بالمجرود بعناية .
رفعت رأسها بانتصاب ما ان انتهى من التنظيف وهو يستقيم على طوله ، وما ان سار امامها مجددا حتى همست بسرعة بخفوت رقيق
"شكرا لك"
توقف بقوة وهو يستدير نحوها لتلاحظ حركة بلعومه بصعوبة وكأنه عاجز عن الرد عليها ، وبعدها بلحظات كان يمسك المجرود والمكنسة بنفس اليد وهو يرفع يده الاخرى لوجهها ويمسح على خدها بلطف ، لينحني على جذعه امامها ويقبل جبينها الصغير قبلة طويلة عميقة تختم عواطف هذه الليلة .
شقت ابتسامة رقيقة محياها ما ان ابتعد عنها واستقام على طوله ليقول بعدها وهو يسحب كفه عن وجهها
نامي جيدا ، تصبحين على خير""
غادر بعدها وهو يتجه لباب الغرفة قبل ان يلتفت نحوها للمرة الثانية ويضرب بإصبعيه على جبينه بتحية خاصة به ، غابت ابتسامتها بحزن ما ان توارى عن انظارها خلف الباب ، لتتكئ برأسها على ركبتها وهي ترفع كفها وتتأمل اللاصق الطبي على باطنها بين إصبعيها الإبهام والسبابة ، ثم اخفضتها للأسفل تضعها بحجرها وهي تهمس بخفوت جميل
"احبك يا افعى الكايد"
____________________________
دهنت يديها بكريم مطري وهي تراقب نفسها بالمرآة بعد ان انتهت من تجهيز نفسها للخروج بموعد مع صديقاتها ، وبعد ان سمحت لها والدتها اخيرا واعطتها الضوء الاخضر وهذا بعد محاولات حثيثة اخذت منها ايام كي تقتنع وتسمح لها .
اخترق افكارها صوت رنين رسالة من هاتفها لتمسك به بسرعة وينزلق من اصابعها ويسقط على طاولة الزينة ، لتتأفف بعدها وهي تحرك اصابعها على شاشته وتضغط على الرسالة ، لمعت حدقتاها بوميض ما ان ظهر لها مضمون الرسالة
(كيف حالك يا جميل ؟)
عضت على طرف ابتسامتها وهي تضم كفيها امام فمها قبل ان تكتب بسرعة على لوحة المفاتيح
(من افضل ما يكون ، وكيف انت ؟)
رفعت رأسها ما ان ارسلت الرسالة وهي تنقل نظرها لصورتها بالمرآة تتأمل نفسها بخجل ، لتسمع صوت وصول رسالته مثل سرعة نبضات قلبها التي تقرع بأذنيها ، لتنظر بسرعة لشاشة الهاتف وتتأمل رسالته بإمعان
(كل يوم يكون اجمل لأنكِ موجودة به)
توردت وجنتيها بحياء وهي تهمس بتفكير
"لقد تحسن اسلوبك كثيرا بالغزل"
امسكت بسرعة بفرشاة المَسكّرة وهي تمررها على رموشها الطويلة للأعلى كي تزداد سوادا ولمعانا وتبرز لون عينيها البندقيتين الواسعتين ، لتنظر لشاشة الهاتف بسرعة ما ان وصلت رسالة جديدة
(ما هي مشاريعك اليوم ؟)
ضمت شفتيها بأسنانها وهي تضغط بأصابعها وترسل له ببساطة
(سأخرج اليوم مع صديقاتي لتناول الغداء بالخارج)
ردّ عليها برسالة فورية
(اتمنى لكِ وقتا ممتعا وسلمي لي على صديقاتك)
ارتبكت ملامحها وهي ترفع رأسها هامسة بوجوم
"هل يتكلم بجدية ام يمزح معي ؟"
حركت رأسها وهي تتابع النظر للمرآة وتمرير الفرشاة الناعمة على رموشها هامسة بخفوت
"غير مهم ، عليّ ان اسرع كي لا اتأخر عليهن"
وضعت الفرشاة جانبا وامسكت بقلم التبرج الزهري الشفاف قبل ان تصبغ شفتيها به ، لتتنهد بعدها بقوة وهي تعيده لمكانه وتهمس بعزم
"واخيرا ، لقد اصبحت جاهزة الآن"
ما ان اخذت الهاتف عن الطاولة حتى وصلت رسالة جديدة منه
(هل انتِ متفرغة غدا ؟)
رفعت حاجبيها بدهشة من سؤاله المباشر والذي يدل بأنه يرغب بالالتقاء بها وتحديد موعد معها ، لتمسك خصرها بيدها الحرة وهي تهمس بمكر
"لقد اصبحت جريء جدا يا سيد كرم"
تنفست بقوة وهي تكتب له وابتسامة تعتلي محياها
(لست متأكدة ، سأنظر لجدول مواعيدي اولاً بعدها ارد عليك)
اخفضت الهاتف وهي تلوح بيدها هامسة بزهو من نفسها
"هكذا يجب ان تكوني ، ثقيلة جدا ويصعب النيل منكِ"
نظرت للهاتف بحيرة ما ان توقف عن الرد ، لتتجه للحمام بلحظة وهي تضع الهاتف على الرف الموجود فوق المغسلة وتقوم بغسل يديها بالماء والصابون ، مسحت بعدها يديها بالمنشفة وعدلت شكل شعرها المصفف بلفائف ناعمة على كتفيها مثل تسريحة الدمى .
اخذت الهاتف وخرجت من الحمام وهي تحرك صفحة المراسلة وتقوم بتحديثها كل ثانية ، وما ان اخذت حقيبتها الجلدية السوداء حتى وصلت الرسالة لهاتفها
(لن اتحمل كل هذا الوقت من الانتظار فأنا ارغب برؤيتكِ بشدة ، ألا ترغبين انتِ ؟)
ارتسمت ابتسامة حالمة على محياها وقلبها يكاد يغرد من فرط السعادة والفرح ، لتضع حزام حقيبتها على كتفها وتتجه لباب غرفتها بسرعة وقبل ان تخرج توقفت للحظة تفكر قليلا ، لتمد كفها للعلاقة وتسحب قبعة القش عنها وهي تضعها فوق رأسها وتخرج بها .
ضغطت بأصابعها على الهاتف تكتب رسالة جديدة وهي تنزل درجات السلم تكاد تقفزها
(وانا ارغب بذلك ولكن ظروفي الراهنة لا تساعدني ، ورغم ذلك سأحاول جهدي من اجلك)
وصلت نهاية السلالم وهي تستمر بطريقها ببهو المنزل الواسع ونظرها على هاتفها ، ولم ترى والدتها التي ظهرت امامها فجأة واصطدمت بها بقوة حتى سكبت قدح العصير على قميصها ، وما ان نظرت لها بحدة حتى قالت من فورها بارتباك
"انا...انا آسفة ، لم انتبه امامي"
رفعت ذقنها بتصلب وهي تلوح بكفها نحوها قائلة بغضب
"اكيد لم تنتبهي ! كيف ستنتبهين امامك وانتِ تحملين هذا الهاتف بيدك ولا تبعدين نظركِ عنه ؟ لو عبرتِ الشارع هكذا ستدوس السيارات عليكِ ولن تسأل عنكِ !"
لوت شفتيها جانبا وهي تهمس بتذمر
"امي ما علاقة هذا...."
قاطعتها ما ان اخذت الهاتف بيدها وقلبته نحوها وهي تقول بجمود
"لنرى بماذا كانت منشغلة سيدة الاعمال كاميليا !"
توقفت انفاسها وهي تراقب والدتها تحدق بشاشة هاتفها بملامح باردة جليدية ، قبل ان تعيده لها وتغادر من امامها وهي تتمتم بكلمات حانقة
"جيل بارع فقط بإمساك الهاتف واللعب عليه !"
تنفست كاميليا الصعداء وهي ترفع هاتفها وتحدق بشاشة المراسلة الخاصة بصديقتها والتي حولت عليها بسرعة فور اصطدامها بوالدتها ، وكانت آخر رسالة وصلت لها منها هو موعد ووقت لقاءهما المنتظر .
همست بعدها وهي تسير باتجاه باب المنزل بثقة
"سامحيني يا امي ، ولكنني ارغب بالاحتفاظ بهذا السر لنفسي"
ارتدت حذائيها الرياضيين وهي تحدق بشاشة هاتفها تضغط على رسالته الاخيرة
(اخلاقكِ العالية وكرمكِ هو اكثر ما احبهما بشخصيتك)
كتمت ضحكتها بأسنانها وهي تستقيم على طولها وتفتح باب المنزل ، لتقول بعدها بصوت مرتفع كي تسمعها
"امي انا ذاهبة ، إلى اللقاء"
سمعت صوت والدتها من بعيد وهي تصرخ بصرامة
"لا تتأخري عن الساعة السادسة مساءً"
تنهدت بيأس ثم رفعت صوتها مجددا قائلة بتملق
"حاضر"
خرجت بعدها من المنزل وهي تغلق الباب خلفها وترفع هاتفها ما ان وصلت رسالة اخرى
(سأنتظركِ على احر من الجمر !)
زفرت انفاسها بسعادة وهي تخفض الهاتف وتدسه بجيب بنطالها الرياضي ، لتجري بعدها باتجاه باب المنزل الخارجي وهي تدندن بألحان غربية على لسانها ، وما ان خرجت حتى سمعت صوت هتاف عالي قريب منها
"كوكي ، كوكي"
التفتت بسرعة بابتسامة كبيرة وهي ترفع ذراعيها للشابة التي جاءت امامها واستقبلتها بأحضانها ، لتدور معها دورة كاملة كادت تصيبها بالدوار وهي تهمس بتذمر
"كفى اتركيني يا مجنونة !"
تركتها بقوة حتى اسقطت قبعة القش عن رأسها وهي تحط ارضا ، لتعدل صديقتها مظهرها بعد هجومها وهي تهمس بخفوت متبرم
"ما سبب كل هذه السعادة ؟"
انحنت على جذعها وهي تمسك طرف قبعة القش وترفعها بصمت ، لتهمس بعدها بابتسامة لطيفة وهي تضع القبعة فوق رأسها
"سعيدة برؤيتكِ ، ماذا سيكون هناك سبب آخر ؟"
عقدت حاجبيها وهي ترمقها بنظرات كلها شك وعدم ارتياح وكأنها تقول اكذبي كذبة غيرها ، لتضربها بعدها على كتفها وهي تقول بنبرة مرحة
"هيا لا تكوني شكاكة هكذا ، إذا علقتِ على كل شيء لن تستطيعي عيش البهجة مثلي"
كتفت ذراعيها فوق صدرها وهي تقول بهدوء جاد
"حسنا يا صاحبة البهجة ما هذا الذي فوق رأسكِ ؟ هل قررتِ ان تصبحي اليوم الفتاة الفزاعة ؟"
رفعت نظراتها وهي تضرب القبعة بكفها هامسة بغرور
"كي احمي بشرتي البيضاء من الشمس بالطبع"
رفعت حاجبيها بخفة وهي تهمس بابتسامة ماكرة
"ألا تستخدمين واقي الشمس لبشرتك !"
تأففت بضيق وهي تتقدم منها وتعتقل ذراعها هامسة بجدية
"توقفي عن التحقيق وتحركي ، فقد تأخرنا على جماعتنا"
سحبتها خطوتين قبل ان توقفها صديقتها وهي ترفع كفها هامسة بحزم
"ليس قبل ان تخبريني بكل شيء يحدث معكِ فحالتكِ هذه لا تريحني مطلقا"
اومأت كاميليا برأسها وهي تسحبها معها وتسير بسرعة هامسة بنفاذ صبر
"حسنا يا سيناريت سأخبركِ ، سأخبركِ بالطريق فقط تحركي ، تأخرنا كثيرا !"
_____________________________
حرك اللعبة الدوارة بأصابعه وهو شارد بنظراته بعيدا يراقب ضوء الشمس المخترق زجاج نافذته ومسلط بمسرب شعاع على سطح مكتبه ، بينما يتكأ بمرفقه على ذراع الكرسي وهو مسند ذقنه فوق قبضته وكفه الاخرى تتلاعب باللعبة ذات الأجنحة التي تعمل بامتصاص شحنات مشاعره وتوتره ، ولكن ليس هذه المرة فقد باتت تعمل عمل تنفيس شحنات عقله وتخبطات قلبه والتي تنتابه لأول مرة بحياته ، بالرغم من انه خالط الكثير من الفتيات بحياته وتعامل معهن بكثرة من فئات عمرية وبلدان مختلفة ولكن مثل هذه النوعية لم يسبق له التعامل معها او الانغماس بحياتها ومشاعرها ! لذا باتت تشكل له معضلة غريبة صعبة الحل تواجهه لأول مرة ! ولن ينكر المتعة بالتعرف عليها وكشف كل اسرارها الداخلية وطرقها وطبيعة عواطفها ! ولن يتوقف حتى تفتح له باب قلبها على مصرعيه ويحتل مكان ثابت هناك !
كشرت ملامحه وتجعد خطين بجبينه وهو يذكر ما حدث بفترة بعد الفجر قلبت كيانه رأساً على عقب وطردت الخمول بجسده ، وهو ما يزال يعيش بتأنيب الضمير وتعنيف قلبه على مطاوعته وتركها تتسلل وتخرج من بين ضلوعه بقسوة ، ولن يستطيع اقتناص تلك اللحظة مجددا حتى تفتح له المجال تلك المرأة المتنكرة برداء الطفولة سلبت عقله وكيانه ، حتى شجاعتها بخوض تلك الحرب العاطفية دمرت عقله وجردته من الرحمة واحالته لوضع لم يصل له وكأنه لم يمسّ امرأة بحياته ! ومع ذلك يشعر بمتعة الانتظار والصبر اجمل بأضعاف من متعة الكسب بدون جهد فهكذا يكتشف امور جديدة بحياته لم يتطرق لها يوما ولم يجربها سوى معها....
رفع كفه باللعبة الدوارة وهو يشير بها لصدره حيث قلبه الذي يتعذب هناك على بعدها وقربها وبكل الأحوال هالك ، ليهمس بعدها بابتسامة عميقة بحرارة
"اضحي بكل ما أملك من اجل الاحتراق بنيران حبكِ"
اعاد رأسه للخلف لمسند الكرسي وهو يتمتم بخفوت مرتخي ساحر
"فأريد التذكرة لجنتكِ يا ملاكي واعدكِ ألا ادنسها"
ابتلع ريقه بصعوبة وهو يتخيل شكلها امامه وجسدها الرقيق ينساب بين يديه هامسا بوله
"فقد بت عاجز امام امرأة برقتك لم يأتي مثلها قبلها ولا بعدها !"
اعتدل بجلوسه سريعا ما ان طرق على باب غرفته ودخلت السكرتيرة الجديدة التي باتت تعمل بخدمته ، لتتقدم منه بسرعة وهي تقول باحترام شديد
"لقد طلبتني يا سيدي"
اومأ برأسه وهو يتخلل شعره بأصابعه يسرحه للخلف ثم قال بخفوت عميق
"نعم طلبتكِ من اجل عمل هام جدا اريد منكِ فعله"
نظرت له باستغراب وهي تقول بأدب
"تفضل يا سيدي ، اؤمرني"
رفع اصبعه وهو يشير لها ويقول بنبرة جادة
"اريد منكِ ان تشتري من بائع الورود اجمل وردة حمراء لديه"
رفعت حاجبيها بدهشة من طلبه الغريب وهي تهمس بشك
"هل هذا ما تريده يا سيدي ؟"
اومأ إلياس برأسه وهو يفرد ذراعه قائلا بثقة
"نعم هذا ما اريده ، اجمل وردة حمراء ومميزة موجودة بمحل الورود ، وهو يملك نظرة خاصة يستطيع بها تمييز الوردة الأجمل والأندر"
اخفضت نظرها قليلا وهي تهمس بخفوت حذر
"أليست كل الورود متشابهة !"
تغضنت طرف ابتسامته وهو يدور اللعبة بأصابعه ويقول بخفوت منتشي
"غير صحيح لأنه دائما هناك بكل بستان وردة واحدة مميزة والتي تنشر رحيق مختلف عن الباقين ، وانا اريد الحصول عليها بعينها ليس على احد سواها"
اومأت برأسها بدون ان تناقش اكثر وهي تهمس بطاعة
"امرك يا سيدي"
حرك اللعبة بأصابعه جانبا وهو يقول بهدوء
"يمكنكِ الخروج الآن وتركي لوحدي"
اومأت برأسها وهي تنسحب بسرعة خارج الغرفة ، وما ان دار بنظره بعيدا حتى سقطت على برواز صورة والدته التي توقعه نظرتها دائما بالحزن والبؤس ، ليهمس بعدها بخفوت قاتم
"ستحبني يا امي ، ستحبني واكثر منكِ"
شد انتباهه صوت دخول السكرتيرة مجددا وهي تقول برسمية
"لقد جاء صاحب الصفقة"
اومأ برأسه وهو يخفض اللعبة قائلا بجدية
"ادخليه يا هيام"
خرجت السكرتيرة بثواني قبل ان يدخل رجلين متأنقين ببذلتين رسميتين سوداويتين ، بينما احد منهما متخفي بشكل مثير للريبة وهو يرتدي كمامة على وجهه ويغطي عينيه بعدسات نظارته الشمسية ، كان الثاني يرتدي فقط نظارة شمسية فوق عينيه بدون اي تخفي وابتسامة دبلوماسية تعتلي محياه .
تأهب واقفا عن الكرسي ما ان اصبحا امامه وهو يمد كفه ويسلم على الأول والذي قال برسمية
"اهلا بك يا سيد إلياس الكايد"
ليسلم بعدها على الثاني والذي صافحه بقوة وهو يقول بنبرة هادئة
"سررت برؤيتك يا ريس"
رفع حاجبيه بخفة وكأنه تعمد ذكر اسمه الاجنبي الذي لا يعرفه الكثيرون وهو يسحب كفه عنه قائلا بخفوت
"وانا ايضا يا سيد كنان"
اخفض كفه على جانبه وهو يشعر بقوة غريبة بمصافحته تركت الأثر بنفسه ، ليقول بعدها بهدوء لبق
"تفضلوا بالجلوس"
جلسا كل منهما على اريكة وهو يجلس خلف المكتب ، ليقول بعدها وهو يسلط نظره على صاحب التنكر
"ليس هناك داعي لتتخفى فقد اصبحت بداخل مكتبي"
قال الرجل الثاني وهو يخلع نظارته الشمسية
"انه مصاب بالأنفلونزا ، ولن يستطيع خلع الكمامة عن وجهه من اجل الدواعي الصحية ، ويعاني ايضا من حساسية بعينيه لذلك سيبقي على النظارة كذلك"
نقل نظره له وهو يقول بخفوت عميق
"سلامتك"
ربت بكفه على صدره وهو يقول بخفوت
"سلمك الله"
نظر بعدها للرجل الثاني وهو يقول بجدية
"وكيف سنناقش بنود وشروط الصفقة إذا كان لا يستطيع الكلام او التعبير عن رأيه !"
تقدم بجلوسه وهو يقول بهدوء متزن
"لا تقلق من هذه الناحية فأنا مدير اعماله وموكل بنقل بنود وشروط الصفقة معك ومناقشتك بها ، لذا يمكنك الكلام معي بكل شيء تريد السؤال عنه وسنقوم بتوضيح كل النقاط الموجودة بين الطرفين"
ضم قبضتيه امامه فوق سطح المكتب وهو يحرك كتفيه قائلا ببساطة
"حسنا لا امانع سنناقش بكل ما يخص الصفقة اليوم ، وبيوم آخر نتفق إذا كان الامر يناسبنا او لا يناسبنا وعلى هذا الاساس نستمر ، ما رأيك ؟"
اومأ برأسه وهو يقول بتأكيد
"موافق"
ما ان حول نظره للرجل الآخر حتى لاحظ سكونه وجموده ونظراته شاردة باتجاه محدد ، حاد بنظراته بسرعة وتوقف على صورة والدته الموجهة نحوه وكأنها تنظر له ، ليمسك بطرفها ويدير البرواز باتجاهه الآخر ثم نظر له مجددا وعقد حاجبيه ما ان ابصره ينظر باتجاه النافذة فهل كان يتوهم رؤيته ينظر لصورة والدته !
تنهد إلياس بقوة وهو يسلط نظره على الرجل قائلا بعملية
"هل يمكنني معرفة تفاصيل الصفقة كي نكون على علم بكل شيء ؟"
نظر للرجل المتخفي نظرة فهمها الآخر وهو يومئ له برأسه ، لينقل نظراته له ما ان قال بابتسامة مهنية
"بالتأكيد فهذا من حقك ، ستكون على علم بكل شيء كي لا تقول لاحقا بأننا خدعناك واخفينا عنك"
عقد حاجبيه بقوة حتى ظهرت الندبة بحاجه الأيسر بوضوح وهو يعود بظهره للخلف قائلا بثقة
"لن يحدث هذا إن شاء الله ، فأنا لا اخدع بسهولة ولست شخص سهل المنال"
يتبع...... |