اكملت ٥٠ خطوة متتالية، يالسعادتي!! على الرغم من أنني أعاني أشكال الآلآم بعد كل هذه الشدة. ألقيت عبوة الماء و قررت الذهاب إليها فور إغتسالي. حاولت محادثتها ليلة الأمس لكنني لم أجدها متاحة! و لكنني وجدتها كتبت في صفحتها كم أنها متعبة و أنها شخص آخر! بعد مضي الوقت.. غادرت العيادة و اتجهت لمحل قهوتها المفضلة و ابتعت لنا بعضها.. و شيئًا من تحليتها المفضلة.. لا أعتقد أنها حظيت بهذا المزيج منذ وفاة أخيها.. تخطت السيارة التي طلبتها المسافات و أخيرًا وصلنا. نزلت من السيارة و جسدي يطلب الرحمة من ضغطي على نفسي بممارسة الحياة الطبيعية. هاتفتها أن تقابلني في الخارج و انتظرت بضعة دقائق حتى أتت و بدت لي أنها تتهرب من النظر نحوي. تقدمت نحوها حتى وصلت إليها و مددت القهوة.. أخذتها خاصتها و في طريقنا للجلوس رحت أسئلها عن غرابتها نحوي و في داخلي أعلم جيدًا السبب. وضعت قهوتها جانبًا و أخذت نفسًا عميقًا لتتحدث بعدها عن حرجها بِما أقدمت عليه بالأمس.. عن إنطفائها كليًا و فقدان صلابتها ، عن حماقتها اللعينة.. اقتربت منها و أحطت كتفها قائلًا بنبرة ساخرة أن إيذائها لنفسها كان فعلًا ليس أحمقًا فقط بل أدنى من ذلك. ضحكت بحرج و التقطت قهوتها لإرتشاف البعض. تأملت ملامحها التي استرخت فور شربها للقهوة و وجدت نفسي أسئلها.. أيّ اليدين اختارت جرحها! ناظرتني بطريقة لم تتوقع سؤالي هذا لكنها أجابت بأنها اليد اليسرى . حملت كفها الأيسر تحت نظراتها المرتقبة و حدثت كفها أنه تحت مسؤوليتي بعد الآن و أنني أعتذر له بالنيابة عن صاحبته و ضممت كفها إليّ و التقطت نفسًا مُنعشًا.. وجهت نظري عليها و قلت ب إبتسامة، إن كان لديها مشكلة في ذلك!. ابتسمت هي بودّ و أحسست بها تشدّ أصابعها حول كفي الممسك بِها. قلت و أنا أنظر في عينيها أنني لن أحاكمها.. و أنني أثق بِها حقًا في حفاظها على نفسها و ليس لأنني لم أتأثر بفعلها خلاف ذلك.. و أنني خلفها، بجانبها، أو أمامها.. لا يهم أين لكنني موجود لأجلها.. " و إنحنيت جدًا نحوها" هل فهمتِ؟
رهف تمسح دمعها المتناثر على خدها و تؤمئ إيجابًا لحديثه. إعتدل علي في جلسته و كفه لا تزال محتضنة كفها ليقول.. أن القهوة بردت ربما يجدر به وضعها فرق رأسها لأنها مثيرة جدًا. ضحكت رهف و قدمت له قهوته قائلة أنها مسرورة جدًا من ابتياعه خليطها المُفضّل. لتتبدل ملامح علي للإندهاش قائلًا أنها ليست مسرورة من صحبته! ضحكت رهف و قالت صحبته لا تُوصف من جمالها. ضحك علي من ردها الذكي و استمرا في الحديث تحت نظرات روان و التي ابتعدت عائدة لغرفتها و في قلبها تتمنى أن يعود كل شيء جميلًا.. و تتمنى أن ترى السرور على وجه الجميع حتى تراه على وجه جاسم.
*&*&*&*&*&*&*&*&&*&*&*&*
وصلت للمقهى و رأيتها في زوايتها المعتادة.. جلست أمامها و قلت من فوري أنني بلاء تام على نفسي على الرغم من حملي الرهيف لم أترك تبقى مسافة على الأرض إلا وقطعتها. لتضحك سارة قائلة أنها لا تستطيع نفي كلماتي تلك و أنها ستغادر قريبًا و لكن لأجلي ستغادر بعد ٥د.
شموخ/ سارة بلا ثقالة دم
سارة / من جدي ترا لو أشدها أقفل المحل معهم و أمي ساعتها تضيق مدة خروجي، هي ضيقة من بعد الحادث. ( و جذب نظراتها مغادرة رائد للمكان، و في داخلها تتسائل إن كان لم يتعرف عليها أم لم يلاحظ وجودها من الأصل)
شموخ /إيش أخبارك مع جلساتك النفسية
سارة / أنا طبيبة نفسي، أحضرها لمجرد تبادل الحديث و هو لا يستطيع منع نفسه من قلب الجلسة لتحقيق من الدرجة الأولى.
شموخ / صحيح ذاك المحقق وعدك بشيء مع الخاطفين
سارة بشرود / ربما نسي أمري
شموخ / أفضل لك وش تبغين فيهم
سارة بحقد / أبغاهم يذقون ألوان العذاب.
شموخ / ي بنتي هم معتدين على رجل أمن صدقيني مو شايفين شيء غير العذاب
سارة / طالما كذا أبغى اكحل عيني
شموخ / طالما ترتاحين و أتمنى ما يجيك شر من رغبتك هذه
سارة بقلق / إيش قصدك!!
شموخ / مو قصدي شيء لكنهم عصابة في نهاية الأمر.
سارة تقوم من مكانها بتوتر / أنا بمشي، بيجيك ثامر؟؟
شموخ / برجع معك.
سارة / تعملي فيني خير
&*&*&*&*&*&*&*&*&*&*&*
غادرت المقهى و عيني لم تغادر طيفها الذي كان أمامي، لاحظت إنتباهها لي و لكن حرصت على عدم فهمها لذلك. فكرة أننا أخيرًا إلتقينا في ذات المكان الذي لطالما ارتقبتها فِيه رائعة جدًا. توقفت عند الإشارة و أنا أفكر بطلبها ذلك اليوم بشأن المجرمين.. لو تعلم أنهما عاملين و ليسوا من أمر بإغتيال ياسر.. لا نزال نبحث عنهم و آملُ أن تكون دعوتي لها حينما نقبض عليهم. مجددا نكون في قالب الضحية و البطل و هذا أكثر ما يقضُ متعتي.. لكنني نسفت هذه الهموم بإختيارها شريكة العمر الغير رسمية! لا بد أن ياسرًا سيبارك علاقتنا هذه لو كان بيننا.. بهذه الفكرة استطيع عيش علاقتي معها بِلا ظلال كونها ضحية.. و ماذا أفعل إن كان دخولها في حياتي كان في سياق عملي و لحظة ضعفها! بحق لا أعلم ماذا سأفعل إن كانت تميل لِي لمجرد أنني أديت واجبي تجاهها.. و ليس زوجًا تقضي عمرها معه خارج كونها ضحيتي.
*&*&*&*&*&*&*&*&*&*&*&*&
أرسلت لها أن تخرج من المطعم و أنني بإنتظارها و حينما فعلت توجهت للباب الخلفي و لأنني توقعت ذلك..أقفلته. رأيتها تحاول بإستماتة كي أفتح الباب و أبديت لها أن لا خيار سوى المقعد الأمامي.. و خضعت أخيرًا حيث أنها فتحت الباب و جلست بجانبي. لم تتحدث عن لقائها أو عن الحقيبة التي استبدلتها. آثرت ترك الأمر إلى وصلونا للمقهى.. كنا نتردد عليه كثيرًا في أيامنا الأولى. و حينما وصلنا قالت
جمانة بضيق /ليه هنا!! قلت المقاهي!!
محمد بإستغراب / و ايش فيه هذا!
جمانة / مو حابة أقعد فيه.
محمد و هو يأمرها بالنزول / تأخرتي.
تنهدت جمانة بقلة صبر و نزلت و هي تتأمل المكان الذي احتضن لحظاتهم المميزة و المليئة بالمشاعر التي لا تقدرها بثمن و أنه ستتعكر قيمته هذه بجلسوهما فيه اليوم.. و على ما يبدو أنها فشلت فِي الحفاظ على صفوه.. مشيت نحو الداخل لكن كف محمد أوقفتها ليدخلا معًا، لم تفهم ما وراء تصرفاته هذه و هي ليست سعيدة بذلك إطلاقاً و لأنها أحست أنه يخطط على الكثير، استحملت إحتضانه لكفها. و قبل أن يدخلوا حرص على تنبيهها أن تمشي و كأنها على الزجاج! دخلوا و قاموا بالطلب و قد اختار محمد طاولة خاصة للجلوس.
ألقت جمانة غطائها عن وجهها و تركت حجابها مهمل مما أظهر شعرها و أجزاءًا من عنقها و ذكرياتهما تكاد تخنقها. هل يفعل هذا بِها متعمدًا!!
محمد ب إبتسامة / جمالك زايد
جمانة بدون نفس / عيونك الحلوة
محمد و انتبه لنبرتها / روقي و إلا المعجبة استنفذت طاقتك
جمانة / ممكن
محمد و لم تعجبه إجابتها / قايم أحضر الطلب
بعد عدة دقائق عاد و وضع الطلب الذي كان كأسًا واحد و ماصتين و قالت جمانة من فورها / متأكد طلبنا!!
محمد بحماس / مليون بالمية
جمانة / ليه ضايق عليك تطلب قهوة لشخصين
محمد / خلينا ننعش علاقتنا
جمانة و كلمته استفزتها / قبل فترة علاقتنا قدرها شنطة و الآن كوب قهوة!!
محمد و يمد لها ماصتها / اشربي لا يذوب الثلج و تخرب متعة شربها
جمانة فتحت الَماصة و غمستها في الكأس و بدأت في الشرب مما حفز محمد ليضع ماصته هو الآخر ليشرب معها.. جمانة كانت مركزة على القهوة بينما محمد أخذها فرصة لتأمل ملامحها المنزعجة.. ليتوقف عن الشرب قائلا / ليه منزعجة!!
جمانة تترك الماصة / أنت شايف الكأس الواحد فكرة رهيبة!!
محمد / جدًا.
جمانة / بصراحة أسوأ تجربة قهوة
محمد / طالما جعليتها مقياس لعلاقتنا.. طبعا تكون أسوأ تجربة
جمانة / ليه رميت الشنطة!
محمد / هذا مكانها المناسب، حتى إني تأخرت في رميها
جمانة / الشنطة غالية علي
محمد بقهر / كيف غالية!!
جمانة بإستفزاز / غالية و خلاص
محمد / رائع
جمانة / بالفعل .
َ و عدت لحظات صمت، و كلاهما لا ينظر للآخر. وضعت جمانة يديها على رأسها و قلبها يعتصر ألمًا. إنها لا تتعمد أن تفسد محاولته البائسة في تلطيف الجو لكنها متعبة جدًا بسببه.. لا تستطيع ألا تتصرف هكذا. أحست بِه يجلس بجانبها و إحتضانه لها.. ماذا يفيد حضنه في ظلِ ظلمه لها! جمعت شتات نفسها و حررت نفسها منه قائلة / أهلي مجتمعين الليلة و أحتاج أرجع أجهز بدر.
محمد و شعر بالسوء على نفسه جراء إبعادها له / بحالتك هذه!
جمانة / أكيد بأكون أفضل بين أهلي.
محمد رافعًا كفها الأيسر / و هل هذه الفكرة خلتك تنزعيَن خاتمك!!
جمانة تناظر إصبعها الخالي من الخاتم / مو الفكرة الَوحيدة
محمد يدخل يده الأخرى في جيبه و يخرج الخاتم و حينما هم بوضعه في إصبعها تفاجأ بها تسحب كفها و تعلق الخاتم بين أصابعه.
وقفت هِي و ورتبت حجابها دون أن تعلق على موقفها هذا لأنها وعدت نفسها ألا تبرر و تشرح نفسها له بعد تلك الليلة.
محمد قبض كفه على الخاتم و وقف أمامها و همس بغضب / إحمدي ربك إننا مو في البيت.
جمانة تمر من جانبه لتخرج غير مكترثة بكلماته تلك و صوت كعبها يصدح في الأرجاء و لحظتها شعر محمد بخسارة هائلة لا يعلم حقيقتها لكنه فضّل ألا يتعمق في التفكير بذلك و توجه للخارج و وجدها تقف عند الباب الخلفي و حينما وصل للسيارة دخل و أنتظر قدومها البهي بجانبه و عندما استغرقت وقتًا على حالتها تلك، أنزل النافذة كي يصلها صوته و هو يقول / برأيي وقفي عن كونك غير محترمة..كافي اللي بدر منك من شوي. و أغلق النافذة
شعرت جمانة بالإستفزاز و تقدمت للأمام و فتحت الباب و أغلقته بقوة مما أثار أعصاب محمد أكثر و جعله ينزل من السيارة و يجَول في الأرجاء لبضع دقائق و عودته و القيادة بصمت نحو البيت.. و حينما وصلوا توجهت جمانة لأخذ حمام ساخن يزيل عنها ثقل هذا اليوم.. خلعت حذائها بعجل و تركته في مكانه و ألقت عبائتها بإهمال على الكنبة ثم تقدمت للتسريحة و حلّت رباط شعرها و التقطت مزيل التبرج كي تنظف وجهها و عقلها مشغول بِكم هو محترم جدًا حينما كان و لا زال يظلمها. و قد وجد نفسه مستحقًا برميه لحقيبتي البريئة من رأيه الملوث عنها. توقفت عن تنظيف وجهها و خلعت ثيابها لترتدي رداء الإستحمام و تتوجه أخيرًا للحوض الممتلئ بالماء الساخن و العبق بمنتاجاتها المفضلة.. لتتوقف الحياة الآن.. هكذا شعرت. أغلقت عينيها و تركت نفسها تتمتع بصفو اللحظة لمدة من الوقت.. حتى أنها غفت!
بالخارج دخل محمد بصحبة ابنه و أستقبلته فوضى جمانة.. لم يعر اهتمامِا لتخمين اختفائها و قرفص تجاه بدر الذي اتسخت ملابسه جراء لعبه طوال اليوم / نغتسل مع بعض يا بابا!! (و راح يراقصه بمرح مما أثار حماس بدر هو الآخر قائلا و هو ينزع لباسه ) تحسدنا الماما بإننا نلعب مع بعض تحت الماء، ماما تفوت اللعب معنا.
ولج مع ابنه نحو الدش و حينما اختبر الماء راح يغسل رأس بدر بيده الأخرى و من ثم ظهره و صدره.. ثبته جيدا على كتفه و أدخل هو رأسه في الماء من بين تحركات أصابع بدر حول عنقه. احتضن بدرًا بيده الأخرى و ترك نفسه ليستمتع بهذه اللحظة معه.. و حينما أحسّ بضرورة خروجهما أغلق الماء و ارتدى روبه و داخله بدر. خرج و توجه للدولاب الخاص ببدر و أخرج قطعًا داخلية، جففه و ألبسه ملابسه و حينما انتهى وجد جمانة خارجة من الحمام الآخر و حينما رأت بدر توجهت نحوه بحماس و أخذت في شمه و تدليله / عمرييي الحلو اللي صار نظيفف. و ختمت بقبلة شديدة على خده ثم نهضت من جانبه لتجفف شعرها على عجل لكن بدرًا أخذ في الحوم حولها أثناء ذلك على الرغم من تحذيراتها له. اقتربت نحوهما و التقطت بدرًا و خرجت لغرفة المعيشة ثم للمطبخ لإعداد كاسأ من الشاي المثلج بنكهة الخوخ مع لمسة ورقة النعناع و أعددت شايًا آخر يناسب بدرًا.. وجلسنا معًا لإحتسائهم.
جمانة في الداخل أنهت تجفيف شعرها و بدأت في وضع مساحيق التجميل التي تتسم بطابع الدفء و حينما انتهت، قامت و ارتدت بدلة بيضاء و بنطال أسود فضفاض أعطاها طابع عصري. ارتدت كعبها المفضل و خرجت لهما و حاملة قطع لبدر و جلست لإلباسه قائلة / محمد لا نتأخر
محمد يلتقط كأسيّ الشاي لإعادتهما في المطبخ قائلًا / ما أعتقد إني رضيت تحضرين العشاء
جمانة ذهبت ورائه / تمزح صح!!
محمد و هو واقف مقابلها / مو صح
جمانة التفت لبدر و رجعت لمحمد و بنبرة خافتة / السبب!!
محمد يضع كفه على الرخام و برفعة حاجب / لا تحترميني و متوقعة مني العكس
جمانة تضم يدها لصدرها و بتبرير / كنت أتصرف بطريقة ما تزيد حالتي السيئة سوء
محمد / يعني متقصدة عدم احترامَك!
جمانة / انت متقصد عدم إحترامي!
محمد سكت و ناظرها لوهلة / إيش معنى نزعك للخاتم أو لأكون صريح، رفضتي إرتدائه من يدي!
جمانة / لأن وصلت هذه المرحلة بعد قرارك اللي هدم كل شيء
محمد يضع اصابعه حول جبهته / عدنا!
جمانة اعتدلت مكانها بدون لا تعلق على كلمته / مستكثر علي عشاء مع أهلي بعد كل اللي صار!
محمد / تصرفاتك وصلتنا لهنا
جمانة ابتسمت بسخرية / اللي تكون رد فعل لفعلك
محمد / و ايش هي افعالي اللي تخليك تقللين من احترامي بجلَوسك بالخلف كل مرة!!
جمانة / هو تقليل احترام لَما تعتبره كذلك
محمد / و صوت كعبك بوقت سابق اللي ما بقى رجال ما التفت لك بسببه !!
جمانة بعد ما سحبت نفس / كنت ابغى أخرج و خلاص، أكيد ما خطر بالي صوت كعبي
محمد بهدوء / عدم رغبتك في لبس الخاتم تعكس قدري عندك صح أو غلطان
جمانة بنظرات مبعثرة / ما أبغى أتكلم بهذا الموضوع
جال بنظره عليها ثم انسحب من جانبها، بينما هي راحت تكفكف دمعها، لا تريد أن يفسد تبرجها أو ليلتها.. خذت نفسًا عميقًا و التقطت حذاءًا لبدر و من ثم أخذت في جعله يرتديه.. و الذي فور انتهائها راح يجول في المكان أما هي لم تعلم ما تفعل لا تريد أن تتوسله أو تلغي الأمر برمته..انها بحاجة لَوقت مع أهلها.. محتاجة جدًا. التقطت منديلًا و مسحت أنفها. رأته خرج و قد ارتدى لباسًا عاديًا و توجه نحوها و جلس بجانبها / هاين عليك تهدميننا!
جمانة انصدمت من كلمته، آأصبحت هي من تهدم.. و فضّلت الصمت.
محمد و نظره على كفها الخالي من الخاتم/ أعرف إني ما عدت شخصك و حدّت عن الطريق إليك و إني بالفترة الأخيرة هدمت أكثر من ما بنيت لكن بعز كل شيء ما تجرأت و نزعت الخاتم
جمانة بحدة / كل ما بدر منك، نزع الخاتم بيكون أهون الأشياء لا تخليني أتكلم أكثر
محمد و يلتقط خصل من شعرها / برأيي تكلمي، يمكن أرضى تحضرين العشاء
جمانة تبعد رأسها عن إيده / ما أبغى
محمد / إيش تبغين؟
جمانة تسند نفسها للخلف / أهلي
محمد يناظرها بعدم ارتياح و إعجاب لردها هذا لكن قال / و ترجعين؟
جمانة / عندي خيار ثانِ؟
محمد تنهد و اعتدل في جلوسه و أخرج الخاتم و راح يتأمله
جمانة مدت إيدها بدون أن تنظر إليه / اتركه عندي.
محمد أمسك إيدها و ألبسها الخاتم، بينما هي نهضت و غادرته لكي تخرج للعشاء
*&*&*&*&*&*&*&*&*&
وصلت المنزل و استرخيت بعد هذا اليوم الطويل و رأسي مشغول بالعلاقة التي تورطت بها مع جمانة، لم تزدني إلا همًا! هل أشاركه واقع أنهما على حافة الإنفصال؟ و لكن لا أعلم عن موقفه بحركتي هذه.. تقربي من زوجته!، كم أشعر بالسوء لإنتهائي بهذه الحال.. كوني في منتصف الأمر، بين ضميري و قلبي! ربما كان مُحقًا في إخفاء الأمر عني! لكن.. لا يمكن أن يكون تدخلي لهذه الدرجة عبثيًا! سأترك معرفة سبب وقوعي في المنتصف للأيام و حتى ذلك الحين.. سأعيش حياتي! نهضت من مكاني و رحت لأعد الحلا الذي يحبه، أستطيع الاستفادة من بعض السّكر في خضم كل هذه المرارة.. ربما يجدر بِي إفتتاح متجري الخاص.. يُشغلني عن هذا الواقع المُربك.. و أخرجني من رأسي دخول ثامر.
.
.
.
عدت من العمل و شعوري بين السرور و الإمتعاض، وصلت لغرفتنا و من ثم دخلت للإستحمام.. كان يومًا طويلًا بحق! و حينما انتهيت ارتديت ملابسي و خرجت لأجلس مع أهلي..رحبنّ بِي و لم أجد بُدًا من قول أنني ملك زماني، ضحكنا سويًا و مع مرور الوقت، وجدت نفسي أراجع كل ما حدث اليوم و محاولًا لأن أجيب عن سؤال وحيد، هل سأعترف و أحرق نفسي كما لك أفعل من قبل! نظرت إلى شموخ.. و رأسي مُثقل بأنها لم تذكر الأمر منذ مدة ليست باليسيرة! على ما يبدو أنها تخطت ما جرى! الأمر عائد لِي في نهاية المطاف! عصف ذهني بلحظات إنهيارها، هجرانها لِي و كونها أم طفلي.. ما كنت لأقترب من محمد لولا حِدة ما جرى أو لأكفر عن خطأي كي أعيش بِسلام، إنني بحق غير مهتم بعواقب الشرارة التي أحدثتها يومًا مًا في زواجه.. ف زوجته بحسب علمي إبنة عمه و لغريب مثلي أن يأتي و يطعن بِها.. ليس بالأمر الجلل طالما يعتقد أن إخلاصها غير قابل للطعن. ارتشفت آخر قطرة من الشاي و وضعت الكأس مكانه ثم أسندت ظهري بإرتياح لتوصلي لهذه الفكرة و حينما أدركت شموخ حالتي هذه راحت تحثني على إخبارها ما وراء ردة فعلي هذه.. ضممتها من كتفها قائلًا وجودها حولي.. تبسمت هِي على مضضّ مما دعاني لقول / إيش فيك!
شموخ بحرج / صديقتي اللي تغديت معها، أحس إنها على أبواب الإنفصال.
ثامر / إذا شيء يريحها ليه متعبة قلبك!
شموخ و سكتت للفكرة اللي في بالها معقولة يفكر كذا عن الزوجين اللي فرقهم / أعتقد لسى مبكر تتخذ قرار الإنفصال و هي وصلت مرحلة تكوين أسرة.. نفسي أنا وياك الآن
ثامر أبعد إيده من حولها / يعني لولا حملك ما بتكوني قبالي الآن!
شموخ سرحت لوهلة و بدون لا تبادله النظر / لا أعلم
ثامر وقف و مسك إيدها و توجهوا لغرفتهم و فور وصولهم ترك إيدها و قال / شموخ أظن سبق و تصافينا
شموخ قعدت بأسى/ عارفة.. صديقتي مره حزنتني
ثامر جلس بجانبها / إهتمي بنفسك و أكيد في أشياء صديقتك ما اطلعتك عليها و هي السبب الحقيقي لفكرة الإنفصال
شموخ بتلقائية / كذا تعتقد عن الزوجين؟
ثامر بهت وجهه إثر ذكر الأمر بعد كل هذا الوقت / إيش جاب طاريهم؟
شموخ بعد ما سحبت نفس / تذكرتهم مو أكثر، جاوبني
ثامر رجع لحالته الطبيعية / نعم أعتقد
شموخ وقفت بإندهاش / كيف مرتاح كذا!!
ثامر يطالعها ببرود على العكس منها / شموخ حياتهم مو فقط اللحظة اللي تدخلت فيها!
شموخ كتفت إيدها / ما كان كذا كلامك بالممشى يومها
ثامر / الآن كلامي كذا
شموخ بقهر / معنى كلامك ما راح تكفر عن خطأك!
ثامر نهض بإستنفار / خطأي شموخ مو خطأك، وقفي تدخلّ و خنق لي!
شموخ بألم / حاضر. و غادرت من أمامه إلى الخارج و هو عاد و جلس بِوجه متجهم.
&*&*&*&*&**&*&*&*&*&*&*&*&
اغلقت سجل خالد و الذي يبين أنه تقدم بطلب استقالة بشكل غير مباشر بعدما غاب عن العمل لمدة ليست باليسيرة. إنه شأن خاص بِه مع ذلك إنها ليست ذات دلالة إيجابية.. على الأقل عندما يقدمها بعد أن تواصل معنا.. ف آخر عهدي بِه عندما كان بالمشفى.. أجل لدي رقمه و أدلّ مكانه لكن هذا لا يعني بالضرورة أن النفوس صافية لدرجة تبادل الزيارة.. نعم ظهرت براءاته لكن لا يتصرف على هذا النحو. تنهدت بضجر و ما شأني بإختياراته.. علي التركيز على حياتي.. فهي فوضى عارمة. حملت هاتفي و خرجت من المكتب.. فكرت أن أجلب وردًا لروان. أشعر أني ملزم بتذكريها أنني لستُ معجب ببطولتها.. بعد كل شيء.
لم أتوقع أن تضحي بنفسها بهذه الطريقة، لم أعتقد أنها تحبني لهذه الدرجة! و لم تشتكي! أو تضع المسافات بيننا و بينها! أو تُطلع أهلها على هذا الموقف المربك لأي علاقة! أو ربما هي جيدة في إظهار العكس أو هكذا هو الأمر.. أنها تحبني.
دخلت وباقة الورد قبلي، استقبلني صوت ضحكاتها و دعوت أن يدوم هذا الحسّ، جلسنا و راحت تشتم عبق الورد. ابتمست بودّ لمنظرها الساحّر.. ثم تلوت عليها آيات الغزل لأجد النجوم قدّ لمعت في عينيها.. قبلتّ وجنتيها بِلطف و همست أن تقبيلها بهذه الطريقة واجب لرهافتها، و لأنها كالورد التي تحمله. احاطت عنقي بكفها و همست أنها سعيدة جدًا ثم ابتعدت قائلة أنها ستعد بعض القهوة، الورد و القهوة لا يفترقان.. منعتها من ذلك و على العكس عرضت إعدادها.. بدلت ملابسي و قبل أن أخرج وعدتها بأنها ستتذوق القهوة الألذ في حياتها هذه. و في طريقي للمطبخ.. صادفت رهف و قد بدت متوهجة، اقتربت منها متبسمًا.. و حدثتها عن مدى إرتياحي برؤيتها بهذا الكمِ من السرور!، ابتسمت بإمتنان و دعت أن يكن السرور رفيقنا بعد كل شيء. عرضت عليها قهوتي و لكنها مازحتني بقولها أنني تأخرت و قد شربتها مع علي.. و حرصت أن أعد لها واحدة في وقت آخر.. ثم توجهت لغرفة سعود و التي أمي تتواجد بها لتؤنسها.. تنهدت بأسى و أكملت طريقي للمطبخ. أعددت القهوة على عجل و عدت للغرفة، رحبت بي بحرارة ثم قطبت حاجبيها دلالة على إنزعاجها.. وضعت القهوة و تفحصت كتفها. و لحسن الحظ لم تكن تنزف..زفرت بإرتياح و حرصتها على أن تنتبه لنفسها لترد بِدلال في ظل وجودي، هِي تتوقف عن الإنتباه. ضحكت بإعجاب على ردها.. ثم خيرتها بين القهوة الساخنة أو الباردة لتختار الباردة ،فهي تشعر بحرارة جراء إهتمامي بِها. وضعت يدي حول خصرها و قلت و أنا أنظر في عينيها أنني تأخرت في فعل ذلك و لكن سأحرص على التعويض. بادلتني النظر بعينين آسفتين و قالت أنها تعيش شعوري و كأنما عليها وقع.
جاسم بنبرة حانية / شعورك روان.
روان تجول بعينيه / هُو أنت ناقصك ضيقتي ؟
جاسم عبس من كلماتها / روان!
روان تلتفت و ترتشف قهوتها / برأيي روح نام، لسه جاي من دوامك الطويل
جاسم يناظرها بصمت ثم قال / متأكدة!!
روان / طبعًا
جاسم / الفترة اللي نعيشها ما هي أفضل جزء من حياتنا، أنا سامح لنفسي ألجأ لك، اسمحي لنفسك تلجأي لي!
روان توقفت عن شرب القهوة و التفت عليه / السبب اللي لجئت فيه لي ما كان اختيارك بقدر انه وقع عليك، لكن أنا اخترت أتلقى طعنة أختك.. خلينا نأخذ لحظة لإدراك هذا
جاسم / لا أطالبك بالتحدث عن اختيارك، بل بعواقبه
تأملوا بعضهما لوهلة ثم قالت هِي بهدوء / عواقب؟ أي عواقب تتحدث عنها!
جاسم بمباشرة / هل تؤمنين على نفسك حول رهف!
روان ضحكت بذهول / تناولت معها العشاء في ذات الليلة التي طُعنت فيها، كيف هذا لا يشرح ما في قلبي تجاهها!
جاسم بعدم إعجاب / أتقولين أنك لم تتأثري بهذه الحادثة!
روان بهدوء / تأثرت.. ليس للدرجة التي تجعلك تقلق بهذه الطريقة.
جاسم / إلى أي درجة إذاً؟
روان / لا أعلم لكنني بخير.
جاسم يمسح وجهه بكفه ثم قال / أتمنى إنك فعلًا بخير
روان بزلة لسان / لا أحد بخير
جاسم إنتبه / ماذا تعنين؟
روان زفرت الهواء / حديث غلا عن خالد لا يبشر بخير.. مما فهمت فهو أنه يقترب من حالِ رهف! الأمر بيننا،. ف مما فهمت من حديث غلا أنه كاد يموت غرقًا في حوضهم الخاص
جاسم و الفكرة أذهلته / لم أعتقد أن حالته بهذا السوء بعد برائته
روان / يبدو أنه لم يهضم الأمر بعد
جاسم بعد تفكير و بنصف عين / و أنا لم أهضمك
روان ضحكت / إشرب قهوتك و ستكون بخير
*&*&*&*&*&*&*&*&*&*&
نظرت إلى رسائل العمل و من بينها من أحد الزميلات المناوبة لهذا اليوم.. ريماس!
اسم مميز جدًا.. كانت تطلعني على تحديثات مهمة و رددت بما اقتضت الحاجة. كلانا محترم حدوده و لست من الذين يتعدون الحدود. أجل أميل لرؤية إشعار منها و أهتم بمواعيد مناوباتها و هكذا فقط.. لا أعلم إن كانت منفتحة للإرتباط و لن أسئلها شخصيِا و رفعت نظري لرند و هي تضع اللمسات الأخيرة على المائدة.. لكن أعرف من يستطيع.. في الوقت المناسب. عاد خالد من الخارج برفقة زوجته و انفصلا عن بعضهما. وضعت هاتفي جانبًا لأحارش عمر الذي كان يتوق لقيلولة اضافية متعللًا بأن النوم سيحرمه لذة الليلة. ليرد محمد أنني أكلم نفسي.. و عندما انتبهت بنظرات محمد و خالد الشائكة رحت أحثهما على الإفصاح ليقول محمد أنه تفاجأ في أحد الأيام بفقدانه الوعي من حيث لا يعلم.. و يومها كان خالدًا مرافقًا له و اصطحبه للمشفى و اختتم إن كان بخير لما حدث معه هذا الأمر! أخبرته أنه ربما تعرض لطارئ عرضي طالما أن نتائجه كانت سليمة. أتى عمنا أبو خالد و دعانا للطعام و قضى نصف الوقت في تأمل الجميع!
.
.
.
التقطت هاتفي و إتصلت على أبي لإخباره أنني أريد قضاء بعض الوقت معه و كما توقعت لبى طلبي هذا. ذهبنا إلى غرفتي و فور جلوسنا راح أبي يسألني عن مشكلتي! ضحكت بحرج و أجبت أنني بخير و أنني فقط أردت أن أكون إبنته فقط، لست زوجة أو أمًا. رفع كفه و أخذ بالمسح على رأسي قائلًا لا بد أن مسؤوليات الحياة قد نجحت في إرهاقي و أنه مسرور منها فقد أعطته فرصة أن يكون أبًا لها مجددا َ.. أنه إشتاق أن أكون إبنته. ابتسمت بودّ و التقطت يديه التي كانت تربت على رأسي و قبلتها.. ثم سئلته / كيف تصف بنتك جمانة؟
أبو خالد بسرور مشيرًا لعينيه / نورهم! تنطفي هِي أنا أنطفي.
جمانة بغصة حاولت إخفائها / و ايش بعد ؟
أبو خالد يضمها من كتفها / هي دُرة قلبي و سلوة خاطري، ونسائم نفسي الفسيحة. جنة الدنيا و هي النجوم الناعمة التي تلمع في الليل.. وتنير لي عتمة الليالي الصعبة.
و جرت لحظة صمت كسرتها أدمع جمانة التي أخذت تسيل على خدها و تحولت شيئًا فشيئًا إلى شهقات، مما دعى أبيها إلى إحتضانها و تركها تخرج ما في قلبها.. و عندما هدأت بعض الشيء، مسح وجهها و اكتفى بقول / ما يطولك و أنا حيّ
جمانة بدفاع بعكس إنكسارها / يبه فهمتني غلط
أبو خالد يوقف و بحزم / فهمتك كويس، تأخذين أغراضك و ترجعين الليلة
جمانة بحيرة / بس يبه!
أبو خالد يجلس بجانبها / لَا تشيلين هم راح أدفعه ثمن دموعك هذه.
جمانة تمسح دموعها / ما أعتقد يتركني أرجع
أبو خالد / أنا أخذك بس رني عليّ
جمانة / تأخر الوقت طيب!
أبو خالد بضيق / خلاص أخذك بكرا، أنتِ بس خبريني متى . الآن اغسلي وجهك و الله يصبرني على شوفته.
جمانة هزت رأسها و لبت طلبه و عندما انتهت / أكيد راح يشك بقعدتي معك ما راح أسلم منه
أبو خالد بحدة / لا يكون يمد إيده عليك
جمانة في قلبها أنه أعظم من ذلك لكن قالت / لا يبه لكن يضايقني.. كثير
أبو خالد / لا حول ولا قوة الا بالله
أنا الآن إذا شفته ما حيحصل خير خلاص قولي لهم اني بنام و لا تبيني للباقي شيء،، بيني وبينك فقط..
جمانة هزت رأسها و عادت لهم و لم تغب عنها نظرات محمد المترقبة / أبوي بينام.. حتى أنا تعبت.. شرايك نمشي!
محمد يراجع الوقت / غريبة، لسى خلصنا عشاء
جمانة / بالعكس، ترا حنام هنا اذا عاجبك الجو.
محمد ينهض / أنتظرك بالسيارة و أخذ بدر و خرج. ودعت جمانة أهلها و خرجت خلفهم.. فتحت باب السيارة الأمامي و عندما أغلقته وجدته يقول / لازم نحتفل كذا!
جمانة بنعومة / أتفق.. مرهه قلبي سعيد
محمد و هو يقود / الله يديمه
جمانة برواق / فيك أو بدونك
محمد / سنرى.. لكن مع هذا سنحتفل |