عرض مشاركة واحدة
قديم 07-12-23, 10:54 PM   #49

آمال يسري

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية آمال يسري

? العضوٌ??? » 462711
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 946
?  نُقآطِيْ » آمال يسري is on a distinguished road
افتراضي

لم تنم تلك الليلة كما قبلها وقبلها، تظل على وقفتها دون تعب تحدق في الطريق ترجو عودتهما
_ ألن تفتحي المحل يا نهار؟
التفتت نهار لصوت أمها تستند على النافذة مع قولها المرهق:
_ليس لي مزاج
تقدمت منها والدتها تقول:
_ نهار، أنتِ تغلقين المحل منذ أيام، عليك ممارسة حياتك، ابنتي قلت لك سابقا أفيقي ولكن لم تسمعي كلامي، ها هو رحل
قاطعتها صارخة:
_ لم يفعل، أثق به، سيعود، لن يحرمني منه!
اتسعت عينا والدتها إثر كلماتها الأخيرة الواضحة جدا بلا تأويل آخر لكن نهار أعادت شعرها خلفها أذنها بتوتر تتدارك قولها بنبرة عصبية:
_ أقصد لن يحرمني من بسمة
ثم استدارت عن والدتها، تتهرب من النظر لها، تحدق في الشارع هامسة:
_ ماذا تقولين يا نهار، بت كالمجنونة في غيابه… غيابهما
هنا ضغطت بكل قوتها على حاجز الشباك بينما تسمع والدتها تهمس باسمها
_ عاد، عاد يا أمي، رجعا لي
كان هذا صوت نهار التي التفتت فجأة لوالدتها صارخة بكلماتها تتمسك بذراعيها تعيد كلماتها بنبرة ممطوطة مسموعة حتى أن ضياء الذي يحمل بسمة في حضنه رفع رأسه باحثا عنها فلم يجدها لكن بسمة ارتسمت على شفتيه.
هرولت نهار تجاه باب الشقة تفتحه لتجده أمامها، وقفت لاهثة بأنفاس عالية فتعلقت عينيه بها، كانت تشبه تلك الليلة يوم مرض ابنته مع اختلاف؛ نحولها الواضح، وجهها الشاحب، اهتزاز مقلتيها مما أشعره بالذنب الشديد فأطرق برأسه عنها حين باغتته تسحب الصغيرة التي تمسكت بخصلة من شعرها المشعث تنطق.. ماه فتضمها نهار لصدرها، تتنشق عبقها، تهمس بصوت مسموع ( روح ماه)
ثم تعود لضمها هامسة بذات الصوت المسموع:
_ اشتقت لكما
قالتها بتلك الصيغة الثنائية دون انتباه منها لتتبسم شفتي ضياء الذي أدرك صواب قرار عودته حين تلاقت عينيه بنظرات والدتها العاتبة التي وكأنها تسأله لما عدت فتهرب من النظر لها ثم ما لبث أن عاد بعينيه حيث تقف وقال:
_ كيف حالك يا خالة!؟
ردت عليه بجفاء:
_ بخير
صوت نهار يقاطعهما :
_ هل تسمح بأن تقضي بسمة معي باقي اليوم؟
_ تظل معك دائما لو أردتي
قالها بنبرة ثقيلة يتأملها بشغف لم تنتبه له بينما ترد بلهفة وهي تعانق بسمة
_ بالطبع أريد.. أريد
هنا قال :
" يا خالة، لم أفطر بعد
لم يكمل كلامه لترد بطيبة وكأنه لمس روح أمومتها:
_ ونحن يا ابني لم نفطر بعد؛ تفضل معنا..
حينما دخل المنزل، مالت نحو ابنتها هامسة بصرامة:
_ بدلي ملابسك
شهقت نهار تنتبه لزلتها التي باتت لازمة لها لتتجه لغرفتها وبين يديها بسمة بخطوات سريعة ليبتسم ضياء بخفة يطرق بوجهه شاعرا بأن ما جاء له سيتحقق.
كانت أول مرة يتناول طعاما معهم، أسرة صغيرة الطيبة تحيطها جعلت الفرحة الغائبة عنه تقتحم روحه، والدة نهار رغم معرفته لضيقها من قربه لنهار لكن هذا لم يمنعها من كرمها معه بينما تقرب منه الطعام، تسأله بلهفة لو أعجبه ثم تصب العصير قائلة بطيبة:
_ تفضل يا ابني العصير طازج
فيبتسم لروحها الطيبة يومأ برأسه بينما يتناول كأس العصير.
بعد وقت كانت نهار قد أعدت الشاي بنفسها وهي تحمل بسمة التي خطفتها أختها تناوشها:
_قدمي الشاي وأنا سأخطف السكرة.
فتضحك نهار بينما تصب الشاي قائلة :
_ لا تطمعي في ابنتي
صوتهما كان يصل حيث تجلس والدتهما وضياء في الصالة لتتبدل ملامح كلا منهما؛ ضياء تبتهج ملامحه رغم حفاظه على وقاره وأمهما تتجهم متقبضة الكفين..
احتسى ضياء الشاي ثم قال:
_ خالتي
رفعت السيدة وجهها له فأكمل دون مراوغة:
_ أطلب منك يد نهار على سنة الله ورسوله فهل توافقوا؟!
توقف كوب الشاي في الهواء و الذي كانت تشربه نهار وعم الصمت والصدمة على وجوههم
وضع ضياء كوب الشاي من يده يتفهم صدمتهم ثم تابع:
_ أنا لم أطلب نهار لأجل بسمة فقط كي لا تظني بي السوء والأنانية
أطرق بوجهه لوهلة بينما الأعين حوله مترقبة لينطق صراحة:
_ أطلبها لأجلي، زوجة تملأ حياتي وأرجو من الله أن أستطيع اسعادها
صمت لا يعلم ماذا ينطق بعد ذلك، يحس بالكلمات تهرب منه خاصة مع صمتهم الذي لا يقطعه سوى همهمة بسمة، لقد قرر مصارحتهم ووضع النقاط على الحروف وإن لم يفعلوا ربما رحل أو ربما ظل حتى ترضى
قطعت والدتها الصمت قائلة بترحاب:
_ عن نفسي أوافق فلن أجد لابنتي أفضل منك
تهللت ملامحه بينما تتابع:
_ لكن المهم رأي نهار
هنا التفت ينظر لنهار التي أطرقت برأسها، تغمض عينيها، يلمح احمرار خديها ثم تفتحهما ببطء تلتفت له بوجل ثم ترنو بنظرها نحو بسمة التي تحملها أختها
الآن عندما لمح أين تنظر قال:
_ لديك كل الوقت للتفكير يا نهار وأعدك حتى لو لم توافقي لن أحرمك من بسمة، ربما أضطر للرحيل لكن وعد رجل ستكون بسمة بين ذراعيك كل يوم.
هنا التفتت له، تتأمله كأنها أول مرة تراه فتابع برضا لم يظهره لها خاصة وهو يتفحص تغيرات ملامحها عقب كل كلمة ينطق بها:
_ أعلم بأنك تكملين تعليمك؛ لن أمنعك منه، سأساعدك لو أردتي، أنا معك خطوة بخطوة
هنا قسرا شردت لسنوات مرت حين وعدها رفعت ثم سحب وعده، الذكريات تتوالى أمام عينيها التي زاغت وفور أن أحس ضياء بذلك خاصة لمعرفته بعض مما حدث لها من خلال والده فقال مؤكدا:
_ وعد شرف لا تخافي يا نهار
وعده مس روحها، تصدقه، شيء داخلها ينطق بنعم وآخر يسحبها خائفا، تنظر لأمها فترى البسمة تعلو ثغرها فتلتفت لأختها فترى النظرة المشجعة أما بسمة فتنادي ماه فيبتهج قلبها لتلتفت حائرة لضياء الذي قال لها:
_ لا تضغطي على نفسك، كما قلت لك لديك وقت كافي
استقام واقفا ثم تابع:
_ بسمة ستكون معك اليوم لو أبقيتها تبيت معك سأعلم أنك موافقة وإن طلبت مني أن تبيت عندي فسأعلم ردك
تنهد ثم قال ببسمة متوترة:
_ أقول هذا لأعفيك من صعوبة قول لا..
★★
الساعة دقت العاشرة ولم تحضر نهار بسمة ولم يصله منها أي رسالة، ظل يحدق في الساعة المقابلة له بينما ****بها تمشي ببطء كطالب في انتظار نتيجته المصيرية، التقط هاتفه ينظر لرقمها ثم يتراجع لقد وعد نفسه لن يضغط عليها، تحركت أنامله على شاشة الهاتف ليصل لصفحتها على الفيسبوك والتي بات صديقا لها منذ أن أصبحت بسمة في رعايتها..
ما إن فتح الصفحة حتى اعتلت ملامحه الصدمة…
كانت صورة نهار وهذا على غير عادتها لكن ما زاد صدمته صورة بسمة التي تعانقها دون أن تظهر وجهها للشاشة واضعة صورة لقمر عليه قائلة كتعليق على صورتهما:
_ القمر هبط من سمائه ليبيت معي فانقشعت عتمة الليل
انتفض ضياء واقفا يتحرك في حيرة داخل غرفته لا يدري ماذا يفعل ؟!
وبعد لحظات قرر يكتب لها تعليق يتمنى لو لم ينتبه له أحد إلا هي
( القمر يبيت في المكان الذي يستحقه)
عندما أعجبت بعلامة قلب على تعليقه اتصل بها ليهمس ما إن سمع أنفاسها المتوترة:
_ مرحبا بك يا نهار في قلبي وقلب ابنتي
أجابه الصمت لوهلة حتى نطقت:
_ مرحبا بكما في قلبي يا ضياء
ثم أغمضت عينيها تتذكر نفسها منذ لحظات حين قامت بنشر صورتها تعلن موافقتها لقد ترددت لفعل هذا حيث قد لا يرى ضياء ما نشرت لكن فؤادها أخبرها بيقين؛ سيبحث عن ردك بأي طريقة، إنه حولك بكل مكان
وصدق حدسها
هنا تنهدت بخفوت ليرد قائلا بهمس:
_ كنت في انتظار ردك يا نهار، شكرا لأنك أرحتي قلبي.
_ ضياء
همست بها نهار بخفوت فرد عليها ببطء يحس بأنه تتردد بقول شيء:
_ أسمعك
ظلت صامتة تصله أنفاسها اللاهثة، ودقات أنامل بعصبية كأنها تحرك أصابعها على شيء صلب لذا قاطع توترها بقوله:
_ نهار أنا أنتظر
ابتلعت ريقها ثم همست:
_ ألن تسألني عن سبب طلاقي؟
_ طالما لم تخبريني بنفسك فهو خاص بك
يقولها بتلك النبرة الصادقة التي تمس جروحها فترممها فتتبسم بشجن تهمس:
_ بل حقك طالما سبب طلاقي الإنجاب
ساد صمت بينهما جعلها تتوتر أكثر لكن رده جاء بلسما لألمها:
_ بسمة معنا يا نهار، ألا تكفي
_ بالدنيا وما فيها يا ضياء
قالتها بنبرة أمومية جعلته يرتاح أكثر فيتنهد بخفوت، متفهما توترها وحالتها التي لم تصدمه، لقد كان يعلم بعض من تفاصيل طلاقها، في أول مرة ترك لها بسمة، ذهب لوالده بعدما أنهى عمله، كي يطمئن منه أنه ترك ابنته في أيدي أمينة وبالفعل طمئنه أبيه وفوق ذلك أخبره بأن الجيران يثرثرون بأن زوجها طلقها لأنها لا تنجب
قاطعت نهار لحظة الصمت تتابع بلهفة:
_ لكنني لست عاقر يا ضياء ، كل طبيب زرته كان يخبرني أنها مسألة وقت وبأنني لا أعاني مانع من الحمل
ابتسم حقا من قلبه ثم همس قائلا بصوته الرخيم:
_ إذن ما رأيك لو اخترنا أسماء لإخوة بسمة
احمرت وجنتيها تهمس باسمه بخجل بينما هو أضاف :
_ ما رأيك في اسم باسم أو أمل…
وهنا تجدد الأمل في روحها العطشى لطفل فنست خجلها تشاركه الأسماء التي تتمناها و تعيش ما لم تعشه قبل..
يتبع


آمال يسري غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس