شقة صيب
دلف صيب لشقته وهو يدندن بصوت خافت وسعيد ... كانت الساعة الآن تشير للحادية عشر إلا ربعا .. مترنح الجسد ... وكأنه بحالة سكر ... قدميه على الأرض ورأسه فوق الغيوم ... قبلة زينة الحياة يدور طعمها للان في فمه ... رأئحتها .... حرارة جسدها ... نظراتها ... عينيها البريئة ... وشفتيها التي احمرت من قبلاته التي تلت ... لم يكن قد شبع منها ... أراد أن يبقى لعدة ساعات أخرى لكن الوقت تاخر جدا ... عاد للمنزل مصطحبا معه ايام ورفل اللتان لم تتوقفا طوال الوقت عن مدح والتغزل بجمال زينة وكأنه يحتاج لشخص يذكره بذلك ! اخرج هاتفه وتأكد بأنها رفعت الحظر عن رقمه فعلا كما طلب منها قبل ان يغادر ... بعث لها رسالة سريعة متمنيا لها نوما هانئا واحلاما وردية تدور كلها عنه ... اتسعت ابتسامته عندما اجابت عليه برسالة مقتضبة ... لا بأس ... البنت لا تزال تستحي منه سيصبر عليها وينتظر .. دس الهاتف بجيب بنطاله الخلفي وهو يرفع راسه ويحدق بشقيقته التي كانت تنتظره جالسه في الصالة ... بادرت قائلة مبتسمة ببرود :
- هل انت مرتاح الان يا اخي بعد ان نفذت ما تريد ؟!
رمى المفاتيح فوق الطاولة باهمال ....وجلس فوق الاريكة المقابله لها قائلا :
- جدا جدا مرتاح اكثر مما تتخيلي
اعتدلت بجلستها وقالت بجمود تحاول أن تغير رأيه ... فلربما تستطيع أن تقنعه بفسخ عقد الزواج بعد مرور اسبوعين أو شهر فهذه البنت لا تليق له على الأطلاق ... وتأكدت من ذلك اكثر عندما قابلت شقيقتها الكبرى التي لم تشبهها لا بالشكل ولا بقوة الشخصية والمكانة ... مثل حسناء تمنت ان يختار صيب وليس تلك التافهة الخجولة :
- بالله عليك هل انت مقتنع ؟
رفع حاجبيه قائلا بتساؤل مدعيا البرائة :
- مقتنع بما ؟
ضيقت حوراء عينيها وأجابت بلهجة موحية واستخفاف واضح :
- هل رايت شقيقتها ؟!!!
هز رأسه واجاب ببرود :
- مابها ؟!
سألته مجددا وهي ترفع ذقنها المدبب بعناد :
- أرأيتها ام لا ؟!!!!
لم يعجبنه نبرتها المهينة التي تستنقص بها من زوجته ولا المقارنه بينها وبين اختها التي بدت له منذ الوهلة الاولى بأنها شريرة وحقودة ... سبحان الله سيمائهم في وجوههم .. شتان بين زينة الخجولة المتحفظة وبين شقيقتها الباردة المتعالية .. صحيح انه ظن في البداية ان زينة مغرورة ومتعالية لكن لا .. لم يكن هناك وجه مقارنه بينهما زينة ورغم المرات القليلة التي نظرت له في بداية وجودها كانت عينيها تحمل الطيبة والالفة خاصة تجاه خالته وايام كما ان ابتسامتها صادقة ودافئة عكس تلك المدعوة حسناء التي حدقت به بوقاحة عجيبة وهي تبتسم له ابتسامة واسعة لم تعجبه ابدا ... اجاب قائلا بضجر وسخرية :
- رأيتها ثم ماذا ؟!!!!
قالت حوراء متجاهلة سخريته :
- أوليست فاتنة ؟
أكملت تعدد خصالها باعجاب وكأنها صديقة مقربة لها :
- لا وفوق جمالها الصارخ هي صيدلانية ايضا ... جميلة ومثقفة وخريجة وذات شخصية قوية .... مثل هذه الفتاة كانت ستليق بك .
انتصب جسده وربع كتفيه قائلا بدفاع وصدق غير راضي عما قالته .. زينة اجمل منها بكثير ... أجل جميلة جدا ... جمالها هادئ وناعم يجلب له الصفاء والسلام بينما تلك جمالها كان حادا وجامدا :
- زينة الحياة أجمل منها على فكرة .
ضحكت وقالت بسخرية لاذعة :
- انت تحتاج لنظارة
حدق بها واجاب بسخرية اشد من سخريتها :
- بل أنت التي تحتاجيها اختاه ليس لعينيك فقط بل لعقلك ايضا
قالت بحقد وغل أنعكس على ملامحها العابسة بينما تحول وجهها الأسمر لكتله من الاحمرار :
- سحرتك ؟!!!! منذ الان تدافع عنها ؟! الله يستر من القادم !
اعتدل بجلسته وتمنى ولاول مرة أن يأتي زوجها البغيض الليئم ويأخذها بعيدا عنه ... عن حياته التي بدأت تصبح جميلة للتو .. سألها بجمود وحدة :
- خيرا !!! مابك حوراء ؟!!!
رفعت حاجبيها وقالت ببرائة :
- ماذا ؟!!
سألها مرة أخرى بلهجة جافة ورافضة يريد ان يبين لها بطريقة لائقة .. يحاول ان لا يقلل من أحترام شقيقته الكبرى قدر استطاعته ... بأنه يرفض رفضا قاطعا اي شخص يستخف او يهين زوجته مهما كان غاليا وذو شأن عنده :
- لماذا تتحدثين عن زينة بهذا الشكل ؟
كتفت ذراعيها فوق صدرها وبصقت الكلمات بقرف :
- لانها بصراحة لا تعجبني .. اتمنى ان تفكر مرة اخرى بشائنها
اجابها بثقة وتأكيد وهو يحدق بها بنظرات ثابته وحازمة لهجته حملت بعض التذكير بأختيارها لأطياف وإجباره عليها وهو اكراما لها وافق واقترف غلطته التي الى الان هو نادم عليها اشد الندم :
- لا يهم أن أعجبتك أم لا .... ما يهم فعلا هو أن تعجبني أنا .. وأنا معجب بل واحبها كثيرا .... ومقتنع بها زوجة لي مليون في المئة لذلك وفري عليك الكلام والإسهاب بهذا الموضوع ... لانه ببساطة لن يقدم شيئا ولا يؤخره .
همت بالاعتراض ومواصلة قذف الكلام الجارح لكنها رفع كفه وقاطعها قائلا بحدة وجدية :
- من فضلك حوراء احترام زينة من احترامي ان كنت تحبيني ويهمك سعادتي عامليها بلطف وحاولي أن تحترميها وتتقبليها كزوجة لي .
صمت قليلا يحاول ان يلتقط انفاسه ويهدأ نبضاته الغاضبة قبل ان يردف بعتب :
- لقد انتبهت على برودك معها ..
قالت بسرعة تحاول ان تخترع حجة لتصرفاتها الغير مقبولة :
- لاني احبك انا احاول ان ...
قاطعها بجمود وهو عاقد الحاجبين :
- يكفي اغلقي الموضوع رجاءا ولا تتعبي نفسك بتكراره ... لانك فعلا بدأت تضايقيني وتخنقيني اختاه .
عندما لمح الخيبة والعتب بنظراتها تنهد وهدأ قليلا ثم قال بلطف وهو يحاول الأبتسامة :
- ان كان امري وسعادتي تهمك ادع لي بالسعادة .
زفرت متأفأفه وأجابت وهي تلوي شفتها :
- حسنا الله يسعدك اخي بالنهاية هذه حياتك وانت حر بها انا فقط حاولت ان انصحك .
تجاهل جملتها الاخير واخذ يتحدث معها عن الجهاز الخاص بزينة الذي من المفترض أن يشتروه لها ... لتخبره بثقة وتأكيد بل اصرت قائلة :
- ساتي بعد غد لكي أأخذها للسوق انت لا تفكر ولا تحمل هما ابدا .
اومأ قائلا بحماس :
- أن شاء الله ... سأعطيك المال وبالله عليك اختاه اشتري لها كل ما ترغب به ....كل شيء ومهما بلغ ثمنه .
غمغمت بكلمات غير مفهمومة ليسألها بفضول :
- ماذا قلتي ؟!
رسمت على شفتيها ابتسامة واسعة وسعيدة وهي تقول :
- قلت حاضر من عيوني اخي ... أنت وزوجتك تأمران .
..................
يتبع |