عرض مشاركة واحدة
قديم 03-10-21, 12:12 AM   #20

سعاد (أمواج أرجوانية)

كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية سعاد (أمواج أرجوانية)

? العضوٌ??? » 476570
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 4,132
?  نُقآطِيْ » سعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond reputeسعاد (أمواج أرجوانية) has a reputation beyond repute
افتراضي

إلى كل من تبحث بين أفكارها عن عبق الحُرية؛
إلى كل من تجد في خيالاتها سلوى عن واقع ليس على قدر التمني؛
إلى كل من ترغب بالعثور على مهرب بداخل عالم يخصها وحدها؛
احلمي!
استشعري!
افردي جناحيكِ وحلقي!
وبذهنك حققي كل ما صعُب عليكِ بدنيانا!
تخلصي من أعباء حُزن، أو قيود قهر!
افرغي كل آلامك ثم عودي إلينا ثانية!
مُشرقة، مُتألقة؛
قوية، واثقة؛
وتشبعي بنسائم أفكارِك!


مُقدمة
تعالت الصيحات الرفيعة الحادة في منتصف الليل من داخل الغرفة الصغيرة، فاتجهت السيدة هنية إليها بِسرعة، حملت الجسد الضئيل تُهدهِده وتُربت عليه مُتمتمة ببعض الآيات القرآنية بِصوتها الحاني حتى أخذت الرضيعة تسكُن بالتدريج وهي تُطالِعها بِعينيها الجميلتين اللتين ما لبثت أن أغمضتهما مُستسلِمة لِنومٍ هانئ.
بِرِفق وبِهدوء وضعتها داخل المهد الصغير الذي ابتاعته لها بالأمس من سوق الأغراض المُستعملة بعد أن تأكدت أنها لن تستطيع النوم إلى جوارها خشية تعريضها للأذى أثناء تقلُّبها.
عادت إلى غُرفتها مرة أخرى والتقطت الهاتف الصغير الذي عَلَّمها ابنها كيفية استخدامه بعد إصرار شديد منه كي يستطيع الاطمئنان عليها أثناء وجوده بالعمل، ثم ببطء وبروية طلبت الرقم الوحيد المُدَوَّن عليه وانتظرت، وعندما أتاها الرد هتفت بنبرة آمرة مُقتضبة:
_دع كل ما تفعل وتعال الآن!
فجاءها الصوت الجَزِع بعض الشيء:
_ماذا هناك أمي؟
لكن والدته كانت قد أنهت المكالمة بالفعل، وبعد ساعة وصل إلى البيت قلِقًا مُتوجسًا لِتقابله هي بسؤالها الحازم فور أن ولج:
_هل أخبرت أهل والدتها؟
زَفَر بِضيق وهو يعي سبب غضب والدته، وربما طوال الشهرين الفائتين هذا هو سبب غضبها الوحيد..
أشاح بوجهه بعيدًا ثم أجابها بِوجل:
_نعم أمي، فعلت بالأمس، ولقد أظهرا لامبالاة، وأعلنا عدم رغبتهما في أية صلة بالطفلة لينتهي الأمر عند هذا الحد.
اتسعت عينا والدته بِدهشة وصمتت رغمًا عنها قليلًا، ثم هتفت باستنكار:
_ماذا تعني؟! ألا يهتم جدها أو جدتها برؤية حفيدتهما؟! ألا يأبهان بأنها صارت يتيمة الأم قبل أن تتمتع بحنانها لِمرة واحدة؟!
توبيخ مستمر وتقريع غير منته لا تجد والدته غضاضة في مواجهته بهما طوال الوقت، وهو.. لا يدري ماذا عليه أن يفعل!
هَبَّ واقفًا يواجه والدته بِحنق:
_لا يفعلان أمي، تعلمين أنهما منذ البداية قد حذرا ابنتهما من هذا الزواج، وأخبرتك أنهما كانا غير راضيين تمامًا عن استقرارها مع رجل مختلف عنهم ثقافيًا ومجتمعيًا ومن بلد آخر!
ضربت والدته صدرها بِكف يدها فَمَط شفتيه بأسف..
وتوالت عباراتها اللائمة التي استمرت طوال الشهرين السابقين على ذهنه..
"أنت من فعلت بنفسك ذلك سعيد!"
"أنت من لهثت خلف جمالها واختلافها حتى وقعت كالغر الساذج!"
"أنت من تخيلت أنك ستحصل على جنسية أخرى بزواجك منها فتنفتح أبواب المال أمامك على مصرعيها، لكن القدر كان أن تموت أثناء الوضع وتترك رضيعة لا ذنب لها بغضب أهل والدتها منها!"
"أنت من تركــ.. "
وبالفعل قاطع أفكاره صياحها الغاضب:
_أنت من تركت بنات العائلة من أجل أجنبية غريبة...
تأفف بسأم ثم قال بنبرة حاسمة:
_أمي، لا فائدة مرجوة من اللوم والتأنيب.
ابتلعت المرأة كلماتها بِعدم رضا وهي تحدجه بنظرة مغتاظه فتابع هو بتردد واضح:
_كما أن.. هناك ما أريد التحدث معك بشأنه الآن، والأمر لا يحتمل الإرجاء أكثر.
استرعت حالة توتره الواضحة انتباهها فسألته بِحذر:
_ماذا هناك سعيد؟ لماذا يبدو عليك الارتباك بهذا الشكل؟
تهرَّب من عينيها بوضوح وهو يتخلل شعره، ويحك مقدمة أنفه، ويرفرف بأهدابه سريعًا فهتفت بِصرامة:
_انطق سعيد!
زفر باستسلام وجلس إلى جوارها ثم سألها بتوجس:
_أتذكرين فرصة السفر الأخرى التي أخبرتك عنها منذ عامين؟
أومأت برأسها إيجابًا واكتفت بالصمت فتابع هو:
_لقد..لقد حصلت عليها أخيرًا، ويجب علي تجهيز أوراقي والسفر خلال أيام.
ضيقت عينيها باستغراب ثم عَلَّقت باقتضاب شع التوجس به:
_وطفلتك؟!
توترت ملامحه أكثر ثم قال بسرعة:
_سوف تظل معك أمي، حتى أستطيع تدبير أموري واستدعائكما إلى هناك.
دُهشت والدته لكن التوسل في عينيه جعلها تتردد وهي تقول:
_لكن..لكن يا ولدي الطفلة تحتاج إلى وجود والدها، خاصًة مع حرمانها من والدتها و...
وقاطعها بلهفة وتوسله زاد وطغى على صوته أيضًا:
_إنه وضع مؤقت، حتى تستقر أموري كلها، عندئذٍ سأستطيع ترتيب كل شيء وسأستدعيكما إلى الخارج لنعيش سويًا بلا الحاجة الماسة الدائمة لِكل ما هو ضروري!
وقد كان...
سافر سعيد بعد بضعة أيام تاركًا إياها مع الرضيعة التي تبلغ من العمر شهرين فقط؛
دون وجود أب.. دون وجود أم؛
برعاية الجدة التي تنتظر إيفاء ولدها بوعوده؛
ولقد طال انتظارها حقًا؛
عام، وعام، ثم عام و...
وها قد بدأت الصغيرة بالسؤال عن والديها؛
وبم تُجيبها وهي في مأزق حقيقي لم تتوقعه؟!
فالأم التي أورثت جزءًا من ملامحها الجميلة إلى طفلتها لم تسنح لها الفرصة لتضمها إلى صدرها...
والأب الذي أورثها الجزء الآخر من ملامحه العادية يكتفي بإرسال الأموال بانتظام ظنًا منه أنه سيستطيع تعويضها عن وجوده بهذه الطريقة..
ثم كبرت الصغيرة أكثر وبدأت تعي حقيقة وضعها شيئًا فشيئًا؛
ولكم تساءلت، ولكم بَكَت، ولكم صاحت واعترضت وانهارت؛
تعاني حرمانًا، وتعاني احتياجًا... وتعاني "تنمُّرًا!"
**********


سعاد (أمواج أرجوانية) غير متواجد حالياً  
التوقيع
أعمالي على قسم قصص من وحي الأعضاء
*رواية ((لا تَرُدِّي ناشدًا))
* رواية ((على ضِفَّة قلبكِ ظمآن))
*رواية ((سَكَن روحي))
*رواية ((وأذاب الندى صقيع أوتاري))
*نوڤيلا ((بين نسائم أفكاري))
رد مع اقتباس