عرض مشاركة واحدة
قديم 08-08-20, 10:22 PM   #26

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,660
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


//

" إنه أمر غريب أليسَ كذلك؟
كيف يحترق قلبك..ويحترق..ويتحول فجأة إلى جليد."


(20)




أحبكِ جداً
وأعرف أن الطريق إلى المستحيل طويل
واعرف أنكِ ست النساء وليس لدي بديل
( نزار قباني )
*********************
لا شيء سوا الصمت المطبق على وجه ريم،
نظرت وفمها فاغر ودهشة ممزوجة بالمرارة، ازدردت لعابها لعلها تبتلع صدمتها وتستطيع فهم مجريات الاحداث!
تحدثت ببطء شديد وهي تجلس بجانب جدتها على الاريكة في ذاتِ الطابق " ولكن كيف تحول الأمر من وسام إلى مجد؟"
" هو من طلب ذلك عندما علم بأمرِ الخطوبة.."
أومأت ريم رأسها بينما أردفت الجدة " لم يطاوعه قلبه على تركها.. ربما تسرع في ذلك ولكن.."
قالت ريم " يحبها بشدة يا جدتي.."
ثم زفرت بحرارة " لم أتوقع في يومِ ما أن كل ما كان يفعله لها سوا دفاعاتٍ وردود فعل عكسية.."
" ولكنها رفضته في النهاية.."
أومأت ريم بصمت، في حين تحدثت الجدة بحيرة
" ولكن حقا لا أدري إن كانت ترفضه هو ام وسام بالتحديد؟"
عقدت ريم حاجبيها بضيق وبعدم استيعاب تساءلت " ماذا تقصدين يا جدتي؟"
تنهدت الجدة بعمق وقالت " لا بأس، تأتي الأيام ويذوب الجليد.."
نهضت ريم من مكانها وقالت بتصميم " وأنا لن أنتظر أن يذوب الثلج يا جدتي.."
" ولكن يا ريم.."
قاطعتها ريم " انظري قد غادر مجد المنزل ولا نعلم ماذا سيفعل بجنونه، إن كان هنالك شكٌ ما كما قلتِ أنتِ فأنا سوف أفهم كل شيء من قمر.."
وعندما لمحت القلق على وجه الجدة قرفصت أمامها وأمسكت يدها برفق " لا تقلقي سوف أتحدث معها بهدوء شديد وأعلم إن كانت قد رفضت مجد أو غيره،..."
ثم ابتسمت لها بشحوب " لأننا تحدثنا وقد أخبرتني أنها سوف ترفض وسام.."
أومأت الجدة لها رأسها " وأنا سوف أحاول الوصول إلى مجد.."

نهضت من أمام جدتها وشحوب شديد امتلأها، شدت على قبضتها بقوة كبيرة، ثم أخذت نفساً عميقاً قبل أن تمسكَ مقبض باب الغرفة،
وكأن هذا المنزل محط لعنة على الجميع!
لعنة الحب هنا في كل زاوية وكل شخص فينا لا يصل قلبه إلى مراده!

وبدون أن تطرق الباب دخلت حتى كادت أن تفرغ فاها مرة أخرى من الصدمة، وجدتها تتكور على نفسها على بجانب سريرها وثيابها مبللة، ويبدو عليها الانهيار..
تقدمت بتوجس شديد " قمر.."
ثم هرولت اليها واحتضتها بقوة " ماذا بكِ؟"
تكورت قمر أكثر في أحضان ريم وبشهقات متتالية " لماذا لم تقولي لي؟"
عجزت ريم عن فهم ما تقول ولكن حالتها هذه قد دبت الرعب فيها فكادت أن تنهض مستدعية أي أحد ولكن أنامل قمر انقضت عليها بقوة وبشكل مخيف وأقرب للبهوت مع نبرة بكاء " لماذا لم تخبريني؟"
تنفست ريم بقوة وحاولت قدر استطاعتها تمالك نفسها وعدم الانهيار هي الأخرى، وبدون اهتمام لانتقال الماء على جسدها أخذت تمسحُ على ظهرها وشعرها " لم أكن أعلم.. لم أكن أعلم.."
خرجت شهقة أخرى من قمر وأخذت تبكي بحرقة كبيرة وتتحدث من بين شهقاتها " لماذا لم أدع جدتي تكمل كلامها.."
وريم صامتة تستمتع لصرخات مكتومة على هيئة شهقات من صدر قمر المتعب " لم أكن أدري أنه مجد.. لو علمت ربما أو بالتأكيد لن أرفض"
ثم صمتت.
بنبرة حانية من ريم وهي تمسح على شعرها " كنتُ أعلم.."
ثم أبعدتها عن جسدها عندما لاحظت أن قمر لم يصدر منها أي شيء،..
أمالت رأسها ثم مسحت وجهها برفق " ما رأيكُ أن تبدلي ملابسكِ ونتحدث مطولاً في الأمر!"
بلعت قمر غصتها ثم أومأت رأسها بلا حيلة وبنبرة مختنقة " ولكن نامي معي الليلة.."
" حسنا.."
***************************
خرجت ياسمين مندفعة من ذلك القسم الصغير بغضبٍ شديد، ثم توجهت نحو المصعد وضغطت على رقم الطابق الذي كانت دائماً فيه.. لقد جاء الليل وما زالت في الشركة، وعلى الاغلب أن مراد ولؤي ما زالا في المكتب للعمل المتأخر..

كادت أن تتخطى مكتب السكرتيرة الجديدة لولا صوتها الذي ارتفع باعتراض " لا تستطيعي الدخول اليه.."
رفعت ياسمين حاجبها وقالت بازدراء " حقاً أيتها الجديدة؟"
صعقت السكرتيرة من أسلوبها وقالت بنبرة أقرب للقهر " إن سمحتِ لا.."
قاطعتها ياسمين بقوة " لم تأتي فتاة مثلك من بعدي حتى تمنعني.. و انتهت ساعات الدوام خاصتكِ منذ زمن"
ثم سارت في طريقها تحاول المناص من أيدي تلك الفتاة الجديدة والتي يبدو عليها أنها فعلاً مبتدئة،..
سحبت ذراعها ياسمين بالقرب من الباب ودخلت دون أن تطرقه،..
فيما نظر اليها لؤي باندهاش ولكن مراد كان يعتليه البرود،..
كادت تلك الجديدة أن تعتذر لولا ياسمين التي دفعتها خارجاً وأغلقت الباب بقوة كبيرة،..
وتقدمت على اثر نظرات التعجب من لؤي فيما تحدث مراد " ربما كان يجب على عائلتك تسميتك باللبؤة وليس بياسمين.."
جلست مقابل لؤي الذي يحذرها بعيونه وقالت بقوة وعيونها تتجه بعيدا عنه ونحو مراد " العمل معك علمني كيف أكون لبؤة في مواقف وكيف أكون ياسمين في مواقفٍ أخرى.."
ثم قضمت قطعة البسكويت المشبع بالملح أمامهم بلا مبالاة واضحة،..
أخذ مراد سيجارته واشار بيده وهو يتحدث إلى لؤي " انها شقيقتك فعلاً.."
" جئتُ للاعتذار..." ثم وضعت قدماً فوقَ قدم..
خرجت ضحكة تهكم خفيفة من مراد " ولكن هذا لا يرجعك إلى مكانكِ الأصلي.."
هزت رأسها نفياً، " الاعتذار لك وليس للعودة.."
نفث دخان سيجارته بتعجب " حسنا، وإن لم أقبل اعتذارك.."
نظر اليه لؤي بعدها بحدة كبيرة فيما أهمله مراد ونظر الى ياسمين التي بدت كقطة شرسة أمامه،.. ولكن هنالك نظرة غريبة بها وكأنها تريد قول شيء ما...
رفع حاجبيه بتحدٍ " اذا اخبريني كيفَ كان النوم مع جيداء والبقية!"
ابتلعت أخر قطعة من البسكويت وقالت بلا مبالاة " لا بأس بها، ولكن كيف علمتْ!"
ازدرد لؤي لعابه ففهمت ياسمين أن لؤي من أوصل له المعلومة، فقالت " لا بأس يا لؤي فقد اعتدت ذلك.."
ثم ابعدت نظرها عنه بلا اهتمام " ولكن هل تعلم ما المفيدُ في نومي!"
ابتسم مراد " وما المجدي ! "
نظرت الى لؤي ثم الى مراد وقالت بطريقةِ انتصار غريبة " ربما نومي هناك سوف ينقذكم جميعاً.."
ثم قالت مع امالة شفتيها " أو ينقذنا.."
" ماذا هنالكِ" تساءل لؤي
" تلكَ التي تدعى ريم!" قالت وكأنها تحاول تذكر اسمها
" التي نراقبها،.."
أومأت ياسمين رأسها " صديقة أو كما رأيت حبيبة رائد؟"
سألها مراد بقلة صبر " اخبرينا دفعة واحدة ماذا هنالك؟"
" تحاول اقناع رائد بفتحِ قضية ضدك؟"
توسعت عينا لؤي بدهشة فيما تحدث مراد " ليست فكرة بعيدة عنها، اذا ماذا بعد.."
" ولكن بعدَ أن علم رائد بمرض ابنتك فقد عزف عن ذلك.."
ثم تحدثت وهي تنطق كلمتها الأخيرة وتشد عليها" مبدأياً.."
اتكأ مراد بكامل جسده على كرسيه الجلدي وقال بهدوء " كل شيءٍ تحتَ السيطرة.."
ظهر على وجهها بعضاً من الراحة " اذا هذا جيد.."
ضيق مراد عيناه فيما أكملت هي " لا أدري حقا لم توجهت إلى جيداء، نسيت انهم يقطنون في ذلكَ المنزل.."
قاطعها لؤي " ولكن من الجيد أنكِ توجهتِ.."
بعد تفكير تحدث مراد " ولكنها لن تكون المرة الأولى.."
ثم نظر إلى ياسمين بنظرة ذات مغزى، بينما كان لؤي سوف يعترض
ابتسمت ياسمين وقالت بخوف " أنا فعلاً خشيتُ أن يصيبكم شيء.. اعذرني على تصرفي السابق.."
هز رأسه وبابتسامة " لا عليكِ ياسمين، يمكنكِ العودة إلى.."
قاطعته ياسمين بأن نهضت من مكانها " ربما يلزمني بعض الراحة من هذه الأعمال فالفترة الأخيرة كانت مشحونة.. إن كان مناسباً لك.."
" ولكن لا يوجد أحد غيركِ يفهم بأموري.."
ثم صمت للحظة قصيرة وقال " حسنا، اسبوعانِ على الأكثر.. ولكن سوف تبقين في قسمكِ الجديد حتى حينما أحتاجك أجدكِ قريبة"
أومأت رأسها ثم اعتذرت مغادرة المكتب،..
وبعد أن خرجت مفعمة بابتسامة مشرقة توجهت نحو السكرتيرة الجديدة، التي استقبلتها بجفاء.
شبكت ياسمين أصابعها ببضعها وقالت " أنا حقا أعتذر على تصرفي.. ولكن تعلمين أني كنت هنا سابقا.. وقد غضبتُ عندما نقلت إلى قسم آخر بسبب خطأ صغير.."
ابتسمت لها السكرتيرة جديدة وكأن شيئاً لم يكن وقالت " لا عليكِ فقد مررت بهذا الموقف في عملي السابق.."
" حقاً شعرت بالراحة، بالمناسبة ما اسمكِ؟"
" اسمي صفاء،.."
ابتسمت ياسمين لها " سررت بمعرفتك.. إن كنتِ تحتاجين بعض المساعدة فأنا بقسمِ الأرشيف.. يمكنكِ التواصل معي.."

ثم بعد ذلك التفتت عنها بتجهم حتى جاءها صوت لؤي من خلفها صاخباً ينادي باسمها فزفرت بحرارة وقالت " ماذا هنالك يا أخي؟"
شد على أسنانه " ماذا تظنينَ نفسكِ تفعلين!"
" لا شيء.. أفعل ما يلزم.." تحدثت ياسمين بلا مبالاة مما أغاظه
" ولكن.."
قاطعته بغضب " كما كنتَ كل مرة بها صامت التزم الصمت الآن، فقد وقعنا في الحفرة منذ زمن.. وأنا أفعل ما يحتم عليه فعله.."
ثم اقتربت منه وبهمسٍ أكبر " أنا أعلم السبب وفي وقوعك تحت مصيدة مراد كما الفأر.."
توسعت عيناه بقوة فيما أكملت هي بنبرتها القوية وبذات الهمس " أنت وهو قد خبأتم سبب وفاة زوجتك في ذلكَ الحادث المؤسف ثم تخلصَ من جيداء ووضعها في أمانته أو أقول ألقاها كما القمامة في حضانتك، مقابل صمته.."
" ياسمين اغربي من وجهي..."
قالها بعد أن نفضها بيده بقوة والتفت بعيداً عنها،..
نظرت اليه بحزن " أنتَ السبب في كل هذا..."
*********************************
نظرات متعاقبة من ريم والجدة عليه، يبدو أنه يجلس مرغماً عنه على طاولةِ العشاء تقيداً بجده فقط.. وإلا كان هو يكتم قهره وجميع مشاعره المنهارة.. ضابطاً وجهه بطريقة غريبة،.. نفث أخيراً نفساً قوياً استطاعت ريم أن تفهم مجرى التنفس الحار الذي يمر في صدر مجد، عضت على شفتاها بحزن وقهر كبير، فكل ما يحدث الآن بسبب سوء فهم من قمر!
كادت أن تميل نحوه حتى تتحدث لولا مقاطعتها من قبل والدتها عندما تحدثت بأسلوبها المعتاد
" أيرضيكَ هذا يا والدي؟"
نظر اليها الجميع بحيرة كبيرة باستثناء مجد، فكان الجد هو الوحيد الذي تساءل " ماذا بكِ يا ابنتي؟"
أمالت كل ملامح وجهها نحو الحزن المصطنع " أن مجد ووالدتي تفعل الأمور من خلفنا.."
بينما عقد الجد حاجبيه مستغرباً وقد بانت خيوطِ الزمن على جبهته، رفع مجد رأسه بحدة وكاد أن يوقف والدته عن الحديث لولا جده الذي قال بحزم وهو ينظر إلى الجدة " ماذا حصل؟"
وقف مجد بغضب وقال وهو يصر على أسنانه من القهر " لقد طلبت الزواج من قمر.." ثم التفت الى والدته " وطلبتُ من جدتي هذا الشيء.."
تراجعت ريم على كرسيها بصمت لاذع، بينما اتجهت نظرات الجد نحو الجدة حتى أومأت الاخيرة برأسها تدل على الموافقة، فظهرت شبح ابتسامة على الجد وكأنه متهللاً بهذا الخبر سرعان ما تحدثت والدة مجد مكدرة اياه " ولكنها رفضته.."
كتم مجد كل ما فيه من غضب واكتفى بنظراتٍ نارية نحو والدته التي ولا تستطيع ايقاف جملها بل تتدفقُ كما البركان نحوه،..
ثم أكملت دون سماح لأحد بالاستفسار " هذا كله لأنه لا يريد الزواج بابنة فاروق.."
" كفى.." ضربت الجدة يدها على الطاولة، فيما نظر اليها الجد بحيرة عندما أكملت بحزن ممتزج بغضب " كفاكِ استهتاراً بمشاعر مجد وكل من هنا.."
وضعت والدة مجد الملعقة من يدها وقالت " أنا لا استهتر بمشاعر أحد، أنا أنير له الطريق كي يرى.."
كاد مجد أن يولي ظهره مغادراً لولا صوت جده " مجد توقف.."
أومأ مجد برأسه احتراماً وظل واقفاً ممسكاً بالكرسي بقوة كبيرة،..
ثم نظر الجد نحو الجدة وبعيونه أمر لها بالسكوت، فسكتت بقهر..
بينما نظر إلى والدة مجد وأمرها بأن تكمل حديثها،..
" لا أعلم حقاً لماذا لا يرى الحقيقة بأنها قد رفضته بسبب.." صمتت قليلاً بينما أنذرها مجد بغضب مكتوم " أمي لا تكملي.."
نهره الجد " لا أريد لأحد أن يتحدث.."
أكملت والدته وهي تنظر بعيونه " ربما لا يحق لي أن اتحدث في ذلك ولكن ربما قمر تريد كمال فقد تحدث معي من أجلها.."
ضرب مجد الكرسي بقوة شديدة فيما توسعت عينا ريم وتحدثت " وله الجرأة أيضاً.."
عاد صوتُ الجد الحازم لينهي صراخ حفيديه اتجاه من هم أكبرهم منهم، بينما أكملت والدة مجد بتحدٍ " أنا ما زلت أريدُ ابنة فاروق، ما رأيكَ يا والدي.."
نظرت ريم لوالدتها بدهشة بينما مجد قد وصل البركان في رأسه حتى شكل فجوة كبيرة وخرجت النيران منه وصرخ بحدة وغضب " لا ابنة فاروق ولا غيرها.. ولا حتى جدي يستطيع اقناعي بعكس ما اريد.."
ثم تركهم خلفه ومضى في طريقه رغم نداءات الجد وبكاء الجدة بصمت...

نهضت ريم من مكانها وقالت بخيبة " لن تكوني موضعَ الأم لنا أبداً.."
ثم تركتهم هي أيضاً ولحقت خطواتها مجد.. ولكنه كان كما الريح ماضٍ في طريقه مصطدماً في كتفِ رامي القادم نحو المنزل مع كمال..
حتى عندما وصلَ سأل ريم " ما به مجد!"
نظرت إلى كمال بحنق ثم اقتربت من رامي وهمست له " لقد طلب الزواج من قمر.. ولكن قمر رفضت ذلك.. وفي الداخل موضوع ابنة فاروق.."
ابتعد عنها رامي مسرعاً ثم قال " سأتبعه.."
ومن بعدها نظرت الى كمال بوجل وقالت له بغضب " كيفَ لكَ أن تتحدثَ لوالدتي عن رغبتكَ بقمر؟"
ظلت ملامحه كما هي، ساكنة ولكنه قال بعدَ صمت " وهل هذا خطاً.."
تنهدت وهزت كتفيها بلا حيلة ثم تركته على عتبة الباب ودخلت
توجهت بعد ذلك نحو قمر.. ودونَ أن تطرقَ الباب دخلت وحاولتَ أن تطغى على وجهها علاماتُ الهدوء..
عقدت حاجبيها عندما رأتها تتحدث عبر الهاتف خاتمة مكاملتها،..

" انها ليليان.."
تقدمت ريم نحوها " كيف حالها بعدَ الخطوبة.."
اجابت قمر بهدوء " انها بخير، ولكنها تريدُ أن اذهب الى المعهد بعد الغد.."
" هذا جيد.. اوصلك إن كنت.."
قاطعتها قمر ببهوت " لا أريد.."
" كما تريدين، ولكن إن غيرتِ رأيك أنا دائماً بالخدمة"
ابتسمت قمر بشحوب ثم تحدثت بتردد " أنتِ لم تتحدثي بأي شيء أليسَ كذلك؟"
نظرت اليها ريم بعتاب " هل حقاً تقولينَ هذا الشيء لي يا قمر.."
عقدت قمر اناملها بارتباك " لم أقصد الاساءة ولكن.."
قاطعتها ريم بعدَ أن وضعت يدها على كتفها " أتفهمكِ جيداً ولكن لم أقل لأحد.. بيننا فقط.."
أومأت قمر رأسها
" ولكن حقاً يا قمر لماذا لم تسمعي جدتي إلى آخر ما سوف تقوله؟"
حاولت قمر تحاشي النظر إلى ريم وقالت بنبرة مختنقة " لا اعلم ظننتُ أنه نفس الموضوع الذي تحدثت معك بشأنه.. "
أومأت ريم رأسها بهدوء ثم قالت " بالتأكيد بعدَ كلِ ما واجهتيه بسبب مجدد لا تأتي في خاطرك فكرة أن يتقدم بخطبتكِ.."
ثم بعتاب وقهر " ولماذا لا أعلم بحالِ قلبك أنا؟"
قوست قمر شفتيها وكانت عيونها تنذر بالبكاء بينما مسكت ريم يديها وقالت " لو كنتُ اعلم لكان الأمر أسهل من كل هذا.."
" ربما لاجتمعنا منذ زمن.." تحدثت قمر ببكاء ثم تكورت على نفسها ووضعت رأسها على أقدام ريم، التي بدأت تمسحُ على رأسها..
" كل شيء سوفَ يتحسن ولكن على مجد أن يهدأ.."
نهضت من أحضانها باضطراب " هو غاضب أليسَ كذلك؟"
تحدثت ريم بشرود " إنه يجبكِ بالتأكيد سوف يحزن.."
ثم تداركت نفسها عندما خرجت شهقة من قمر والتي قالت " وكيف لي أن أعلم ما يكنه وهو لم يتحدث.. هل الآن سوفَ يعتقد أني لا أحبه!"
قاطعتها ريم وأمسكت وجهها بحنان " سوف يعلمُ كل الشيء.. ولكن كفي عن البكاء، انه لا يجدي نفعاً لقد جربته ولكنه لا يجدي.."
مسحت قمر دموعها وقالت باعتذار " لقد أشغلتكِ عن مشاكلك ورائد.."
ابتسمت لها ريم بحنان " اطلاقاً، نحن أخوات سوف نحلُ جميعَ المشكلاتِ معاً.."
ثم صدر صوت رسالة من هاتف ريم فالقت نظرة سريعة على الهاتف ثم قالت لها قمر بروحٍ متعبة " يمكنك التحدث اليه براحتك.. أنا متعبة اريد النوم.."
ابتسمت لها ريم وقالت " ولكن غدا يوم جديد.. أمل جديد.."
حاولت قمر ألا تكسر ريم فقالت " حسناً سوفَ أحاول ذلك.."


جلسا بجانبِ بعضهما، أحدهما ينفث سجائره بنهم شديد، يخرج ما بداخله على نيرانٍ تشتعل في فمه فتغرق كلَ شعور به بدخانٍ أسود.. والآخر صامت يحاول الاستماع الى ما بداخله من فجوة وكسرٍ آخر..
تحدث مجد وهو ينظر الى تلألؤ البحر مع القمر " لماذا ما زلتَ هنا؟"
بدون أن ينظر اليه رامي " انتظر تحدثك.."
امال مجد شفتيه بسخرية " وكأنكَ لا تعلم.."
هز رامي رأسه بقلة حيلة " لقد علمتُ على عتبة الباب.."
" وأنتَ قادم مع كمال" تحدث مجد بمرارة
" الموضوع ليس كمالاً أو غيره، الموضوع هنا هو قلبك.."
زفر مجد بحرارة ما يكنه من اختناق وغضب ثم امتد بكامل جسده على الرمال " قلبي ليس هنا.. ولن أملكه"
سأله رامي بشك " وهل ستهرب كما المرات السابقة!"
أغلقَ مجد عيونه ثم قال " ربما، ولكنه ليس هروباً اسمه ابتعاد.."
" ليسَ ابتعاداً يا مجد." تحدث رامي بحدة
ثم اردف بنبرة أكثر حدة " أنت دائماً ما تهرب أو إن كنتَ تقول ابتعاداً فابتعاد ولكنها نفس النتيجة تحاول المناصَ من.."
نهض مجد أمامه وقال بغضب " ماذا تريدُ مني!! قل لي.."
وقف أمامه رامي " كلُ ما أريده أن تفكر جيداً لماذا قد ترفضكَ قمر.."
شد مجد على قبضتيه وأخذ نفساً قوياً بينما أردف رامي وهو يشير بسبابته على صدر مجد " كلَ ما فعلته سابقاً لها ألا يعطيها القرار بأن تهابك ولو قليلاً..."
" لا أعلمُ يا رامي، لا شيء يستقر أمام عيناي سوا.."
قاطعه رامي " موضوع كمال أليس كذلك!"
تنهد مجد أمامه وكأن تنهيدته خيرُ دليلٍ على ذلك،
" لا تدع الشك ينخر قلبك وعقلك يا مجد كما السابق.."
تحدث مجد بنبرة صادقة " لن أفعل أي شيء يؤذيها اقسم لك ولكن إن كان الرفض يعودُ إلى كمال ولو بالشيء القليل فسوف أغادر.. وإن كانَ هروباً في قاموسِك فليكن هروباً.."
ثم لاذ الصمتُ بينهما حتى هز رامي رأسه بلا حيلة.



بنصفِ خطوة نحو المستقبل، إلى الفجر قبلَ طلوعِ الشمس..

فتحت عيناها وحجم الألم في رأسها يزداد رغم محاولتها في تجاهله، التفتت نحو اليسار فرأت ريم تنام بسلام، استقامت في جلستها بتعب وهي تضيق عيناها بين حينٍ وآخر..
تسللت من السرير كما اللص تماماً تضغطُ على أعصابِ وجهها كي تبعدَ الصداع الذي ألم بها طوال الليلة ولكنه منذ ساعة أو أكثر بقليل فقد ازداد تدريجياً ولم تستطع تحمله..
لم تستطع أن تنتظر أكثر خرجت من الغرفة حافية القدمين تتلمس طريقها بسبب الإنارة الخافتة،..
حتى استقامت جميع نظراتها نحوهم وصوتُ رامي المستنكر " قمر ماذا بكِ؟"
ضيقت عيناها بطريقة غريبة وظلت صامتة أمام لوحةِ الجمود من مجد،
وبعد أن تجاوزها محولاً كل جسده نحو الطابق العلوي استقرت نظراتها على الأرضية ومعالم وجها تتجهم من الألم حتى سألها رامي مندفعاً " ماذا بكِ؟"
بنبرة هشة " اشعر بالصداع.."
وعندَ منتصفِ السلم التفتت جميع حواسه وارتعد قلبه ثم نظر اليها وهي تضع يدها ناحية قلبها وقال بتجمده المعتاد رغم صراخ قلبه " سوف أجلب لك مسكن الالم.."
أومأت رأسها بلا وعي ثم اتجهت بتهالك بمساعدة رامي نحو أول عتبة من السلم الذي يتجه إلى الأعلى ووضعت رأسها بين يديها بطريقة تعبر عن التهالك،..
وقف رامي بتأهب بعد دقائق عندما سمعَ خطوات مجد تنزل نحوهم، ثم سار مبتعداً عنهم عندما لاحظ نظرات مجد نحوها فقط،..

رفعت رأسها عندما مد لها بيده حبة المسكن فأخذتها منه وكادت أن ترفع يدها الأخرى نحو الكوب ولكنه سبقها بأن وجهه نحو فمها ودون أن تنظر الى وجهه اذعنت لأمره والذي بدا لها كذلك.
وبعد أن انتهت سمعته يقول ببروده الذي اعتادت عليه " لا أعلم إن كانت رغبتك قائمة بالذهاب إلى معرض الفن غداً.."
في هذا الحين رفعت رأسها بحماس
ولكنه أكمل وهو يشد على قبضته " نذهب بناءً على وعدي السابق فقط.."
مكثت نظراته عليها بضع ثوانٍ وكأنه يحاول أن يرى ما لم يستطع رؤيته ثم تحرك بكامل جسده متجهاً للأعلى، فتقوست شفتاها واعادت رأسها للأمام تنظر للفراغ ثم سمعت آخر كلماته قبل أن يتوارى في الظلام
" إن كنتِ تريدين، أخبريني أو دعي ريم تفعل.."
***************
تحرك قرص الشمس حتى أصبحت الساعة تشير العاشرة صباحاً،..
أقفلت من اتصالها للتو ثم زفرت بحرارة بعد أن وضعته على طاولة المكتب بطريقة مزعجة ثم أمالت رأسها بتعب على كفِ يدها ونظرت بعدها نحو رائد بطريقة تتفحص بها هيئته، اعتلى التعجب ملامح وجهها وهي تراه شارد الذهن يداعب قلمه بطريقة غريبة،.. والملفات من أمامه موضوعة بعشوائية لا تماثل نظام رائد..
ثم ابتسمت بسخرية وتحدثت في نفسها " لو أعلم لتحدثتُ بكل شيء أمامه فهو خارج تغطية هذا العالم.."
ثم نهضت من مكانها بتثاقل شديد، وخرجت من المكتب..
أما هو وبعد دقيقة من ذلك. ارتعد جراء وصول رسالة نصية فسقط القلم من يده..
أغلق عيناه وفتحها بطريقة للتغلب على أفكاره مرتين متتاليتين.. ثم نظر إلى هاتفه واعتلت وجهه ابتسامة براقة..

وفي الطرف الآخر، كانت ريم تنتظر رد رائد على أحر من الجر، واضعة هاتفها بين كفتيها بالقرب من قلبها حتى جاءتها الرسالة فابتسمت بكل حب..
ثم نظرت الى مجد الذي دخل الغرفة ويقول باستهزاء " هل أصبحت غرفتي مقراً للتحدث مع الحبيب؟"
وخزته بنظرة معاتبة ثم قالت " من اجلك فقط لم أقابله.."
عقد حاجبه ثم اتجه نحو ملابسه المعلقة في زاوية الغرفة " حقاً وما شأني أنا.."
وقفت وقالت بعدم تصديق " وكأنكَ لا تعلم.."
انشغل بملابسه بلا مبالاة بها فيما قالت وهي تتجه نحوه باندفاع " لماذا تتصرف بكل هذا البرود وكأن شيئاً لم يحدث "
التفت لها وبجمود " لأنه لم يحدث شيء.."
أخذت نفستً عميقاً وحاولت تمالك نفسها " ولكن حقا يا مجد لا تفعل هذا.."
" أنا لا أفعل شيء.."
صرخت بحدة " كيفَ تقول لها إن كنتِ تريدين الذهاب دعي ريم تخبرني.."
لم يجبها فزادت حدة صوتها " وهذا وأنت لا تفعل شيء.."
شد على قبضته ثم قال وهو كاظم غيظه " ريم لا أريدُ التحدث بشأنها.."
" ولكن لا يمكنك معاقبتها قبل أن تفهم لم..."
قاطعها وهو يشير لها بيده خارجاً " قلتُ لكِ لا أريد التحدث.."
توسعت عيناها وقالت بنبرة عالية " أنتَ تظلمها يا مجد.."
ثم التفتت على أحد أركان الغرفة واشارت نحو حقيبة السفر " إن كنتَ ستفعلها حقاً فأكثر من سيحزن هو قمر.."
ثم غادرت الغرفة، أما هو قد تمدد على السرير قابضة يداه على رأسه بطريقة وحشية وأعصاب عقله تضغط عليه بقوة كبيرة ثم تحدثت بهمس وكأنه يخرج دخانه الرمادي
" انا لن أظلمها.. حبي لها كبير فقط لذلكَ أتألم.."


نزلت ريم عتبات الدرج والضيق بادٍ على وجهها، تكاد أن تتفجر من فعل الغضب من اسلوب مجد، إنه متسرع في الحكم على قمر دائماً رغم ما يملكه من حكمة وعقل كبير.. والحب!
وصلت الطابق الأرضي ثم توجهت نحو المطبخ، أخذت عصير التفاح البارد وتوجهت نحو الحديقة..
نظر إليها رامي عندما وقفت بتردد بالقرب منه، رفع عن عينيه النظارة الشمسية وأبعد الكمبيوتر اللوحي وتحدث " بماذا تفكرين؟!"
تنهدت بتعب ثم جلست على الكرسي المقابل له " لا أعلم ماذا سوف أفعل.."
استقام رامي بجلسته وحك ذقنه النابتة قليلاً " بشأن الجميلة والوحش.."
ابتسمت ريم من بين الضباب " حقا يا رامي لا أعلم ما مدى استهتارك هذا.."
امال شفتيه بسخرية " انه التخفيف من الأمر فقط..."
هزت رأسها " يبدو أن الأمر كبيراً ولا.."
" لا تظهر عليه أي ردود فعل.."
شربت القليل من العصير ثم قالت بيأس " ولكن قمر المسكينة لو أنها كانت تعلم فقط.."
عقد رامي حاجبيه " ماذا تعلم!"
نظرت إليه ريم بتردد، فقد كانت قد وعدت قمر بأن ما تحدثتا حوله يبقى بينهما. ولكن يجب حل هذه المعضلة بطريقة أو بأخرى.
همست ريم بنبرة رجاء " ولكن لا أريد أن تعلم قمر.."
" أجل تحدثي، ماذا حصل؟"
شدت على قبضتيها حتى تتماسكَ قليلاً ثم أطلقت لسانها دفعة واحدة وبصوت كفحيح الأفعى " بناء على فهمته من جدتي أنها ومجد كانا يتحدثان حول الأمر فدخلت بعد حين قمر عليهما، وعندما تحدثت اليها الجدة في اليوم التالي، قمر لم تكن تعلم أن مجد من تقدم لها ظنت أنها تحادثها بشأن ما سمعته في الحفلة عن وسام، لو علمت أنه هو وليس وسام لوافقت عليه.."
ثم زفرت بحرارة.
توسعت عينا رامي بتعجب " ومجد لا يعلم هذا.."
تقوست شفتاها وعبست " إنه لا يريد التحدث عن شيء.." ثم قالت بشك " أعتقد أنه سوف يغادر كما المرة السابقة ولكن هذا الذهاب.."
قاطعها رامي بيقين " الذي يحب لا يستسلم بسرعة يا ريم.."
" عند مجد تتغير كافة الأمور.."
تراقصت حواجب رامي بمعنى لا مع ضحكة خفيفة في حين توسعت عينا ريم بحماس " هنالكَ خطة.."
اومأ رامي رأسه فيما صفقت ريم بحماس..
" أنت رجل العنكبوت خاصتنا.."
قهقه رامي " لم تجدي من الأبطال سوى الحشرات!"
ضحكت ريم " يليق بك، فانت سابقاً ما كنتَ كالحشرة بينهما.."
أرجع رامي النظارة على وجهه ومع ابتسامة تحدث " كانت خطط من جدتي.."
أومأت رأسها وقالت بسخرية " وكأنني لا أعلم ما هو رامي أبداً،،."
تجاهلها رامي وانتشل الكمبيوتر اللوحي من جانبه ثم قالَ بعدَ صمت " أخشى أن تحزن قمر، ولكن الخطة معتمدة عليها أيضاً.."
نظرت اليه ريم بحيرة " كيف ذلك؟"
نظر إليها من خلف نظارته " دعي قمر تستريح، ثم بعد أن تهدأ أفكارها نتحدث.."
" ولكن يا رامي.."
تأفف رامي " وأنتِ فضولك ماذا ينهيه! لا شفاءَ لهذا الداء.."
هزت ريم رأسها بشقاوة " أبداً أبداً،.."
ابتسم رامي " فليكن رائد صبوراً اذاً.."
************
على النافذة تسترق النظر نحو الخارج، حديقة عم بها الذبول قليلاً.. أوراقها جافة بعض الشيء.. لا شيء يدل سوا أنها عانت من الاهمال..!
التفتت بعد أن ركضت ملاك نحوها بحماس مليءٍ بالحزن " ولكن لا تستطيعين النوم هنا؟"
ابتسمت سوزان لها ودنت إلى مستواها " لا أستطيع يا ملاكي،.."
تقوست شفتا الملاك بحزن " ولكن لماذا لا يعود أي شيءٍ كما السابق؟"
مسحت على شعرها سوزان وتحدثت بعد أن كتمت كل حزنها داخلها " كل شيء سوف يصبحُ بخير.."
أومأت الطفلة رأسها وقالت ببعضٍ من الحماس " أجل، لقد قال لي والدي أنني سوف التقي بعائلتي وأخيراً.ً.."
أومأت سوزان رأسها بذبول " أجل، هذا أجملُ شيءٍ سوف يحدث.."
أكملت ملاك ببريق في عينيها " كنتُ أود أن نشتري بعض الهدايا معا،.." ثم تحولت معالم وجهها إلى الحيرة " لكنني لا أعرفهم.."
ابتلعت سوزان لعابها بمرارة، فملاك لا تعلم أبداً ما السر وراء كل ما يحدث.. فوالدها ولا تريد أن تنعته (بالانتهازي) (المجرد من الحب) ( المجرد من الانسانية) هو يستغل مرضها بالحصول على فائدة من قمر!
ثم بعدَ ذلك لا أحد يدري ماذا سيفعل؟
رمشت عدة مرات ثم استقامت في وقفتها وأمسكت يد ملاك " لقد أخذت اذنا في المغادرة وأصبحت الساعة تقترب إلى الخامسة يا عزيزتي.."
" الا تستطيعين البقاء مثلَ السابق؟"
" لا، فهنالك عمل.."
عارضتها ملاك بطفولية " ولكن والدي أعتقد أن عمله سوف يطول في الخارج، والخادمة عجوز لئيمة!"
ضحكت سوزان ثم قبلتها وتحدثت بعتاب وهي تشير بسبابتها " لا يجوز أن تنعتي الكبار هكذا.."
" ولكنها كذلك.."
قرصت سوزان وجنتها بخفة فيما تحدثت ملاك بتصميم " لن أحتاج خادمة أو ما شابه بعد أن اذهب الى أعمامي وأولاد عمي.."
مسحت سوزان على رأسها " يجب أن أذهب الآن.."

وبعد أن ودعتها، سارت قليلاً حتى فاجئها قدوم السيد ماجد بسيارته السوداء، وقفت بتجهم عند سيارته بعد أن فتح نافذتها.. وبعد التحية الجافة
سألها ماجد " شكراً لوجودك بجانب ملاك.."
" انه من أجلها.."
أومأ ماجد رأسه بتفهم " وددت أن اخبرك أني عازم على طرقِ باب الماضي.."
تمسكت سوزان بمشاعرها الغاضبة داخلها ثم قالت " أتمنى أن يلبى طلبك.."
" اعتقد أنه حان الأوان..."
" لا أعلم يا سيد ماجد ولكن ملاك متحمسة جداً.."
عقد ماجد حاجبيه بضيق " أعلم ذلك.."
ثم غير دفة الحديث عن ملاك وما يتبعها من سيلِ تهم من نظرات سوزان، " ربما غدا.. أريدكِ بجانب ملاك في الفترة القادمة.."
أخذت سوزان نفساً عميقاً " ربما خير البر عاجله كما يقولون،.."
صمتت قليلاً قبل أن تكمل سيرها " سوف أحاول أن اكون بجانبها وبجانبِ قمر أيضاً.."
نظر اليها بوجوم واغلق النافذة أما هي فقد سارت في طريقها تشد قبضتيها بقوة،..
وتحدثت من بين أسنانها " وكأن قمر لا تعنيه أبداً.. يتحدث عن ملاك بكل خوف أما قمر ينتهي الحديث عندها"
************************
اغلقت الملف بعد أن انتهيا من تدقيقه سوياً، ثم ابتعد عنها نحو مكتبه وبدأ بأخذ اغراضه الخاصة للرحيل من مكان العمل، حتى داهمه صوتها الرقيق " شكراً لكَ رائد.. أنا أتعلم بشكلٍ أفضل منك.."
ابتسم لها برسمية " لا شكر على واجب،.."
أمالت شفتيها بغيظ وهي تتأكد من مقتنياتها داخل حقيبتها الخاصة ثم تحدثت حتى يلين الحديث بينهما أكثر " ولكن أعتقد أنني كسولة.."
رفع رأسه اليها ثم أنزله " بعضَ الشيء، هذا في البداية فقط.."
ابتسمت هنادي " لا أعلم ربما لأنني لم أعتد على العمل كثيراً.."
تحدث ببرود " ربما.."
وضعت حقيبتها على كتفها وتحدثت بامتنان " ولكن بفضلك أغير روتيني الكسول.."
كان يحاول تجاهلها قدر الامكان فيعبث بالأوراق على مكتبه، ولكنها مصرة لفتح الأحاديث معه على غير العادة.. بل بالأصل هو لا يتحدث إليها كثيراً خارج نطاق العمل وهذا ما يدفعه للاستغراب الآن..!
ثم رفع رأسه باستغراب عندما قالت " هل أنت صامتٌ هكذا دائماً..."
امال رأسه قليلاً " على ما اعتقد.."
هزت رأسها " لا لا، أنت تتحدث ولكن ليس إلى الكثيرين.."
ثم اشارت الى نفسها " وأنا خارج نطاق الكثيرين.."
ولمّا آثر الصمت، قبضت على يدها بحنق وتحدثت وهي ترتب ملامحها بطريقة هادئة " أظنُ أننا انتهينا من العمل.."
أومأ رأسه بهدوء ممسكاً بهاتفه المحمول وبابتسامة " أجل.."
" اذا.." تحدثت ببعض من التردد.. واشارت بيدها نحو الخارج " لنترافق حتى الطريق الخارجي"
"حسنا،.. تفضلي.."
وأمام المصعد سألته بفضول " إنكَ لا تتحدث بالعادة ولكن هل لك زمنٌ تعمل هنا؟"
هز رأسه " ليس كثيراً، فقط في الاجازة الصيفية وبعدها.."
رفعت حاجبيها عندما تحدث " سوف التحق بآخر سنة دراسية لي.."
" حقا؟ لا يبدو عليكَ صغر السن.."
ثم قالت بتدارك " اعذرني على فضولي.."
هز رأسه بهدوء " لا بأس.."
وعندما وصل المصعد وفتح بابه تحدثت بحماس " اذا يمكنني الحديث كما شئت.."
ظل رائد صامتاً، تسير في داخله غرابة الموقف إنها المرة الأولى التي تخوض فيه حديثاً كهذا..
" اذا رائد ما الجوانب الأخرى التي سوف أتعلمها منك؟"
نظر اليها بعدم فهم فأردفت " اقصد انك محارب في هذه الحياة.."
" كلنا في هذه الحياة محاربون.."
" أجل ولكنكَ تحارب كثيراً.. ما الذي يجبرك؟"
أبعدَ نظره عنها بلا إجابة فآثرت الصمت الحانق لأنها فهمت أنها تعمقت في السؤال أكثر مما يجب.
" اعتذر ان كنتُ قد قلت شيئاً أزعجك.."
تحدث بعد أن خرجا من المصعد" لا بأس..."

وعلى البوابة الخارجية.. وضعت كفها على جبينها تحجب شفقَ السماء المتوهج على عيناها ثم لاحظت تقدم فتاة بشعر أحمر حتى مالت شفتيها بسخرية ثم قالت لرائد " أودعك الآن فابن خالي بانتظاري.."
" إلى اللقاء.."

نظرت الفتاتان بتحدٍ إلى بعضهما حتى اختفت هنادي فنظرت اليه جيداء بحدة " حقاً يا رائد لقد قلتُ لكَ خذ حذركَ منها..."
ثم التفتت وسكن كل شيء حتى صوت رائد لم تسمعه حتى تفوهت بعدم تصديق وهي ترى هنادي تتوجه إلى أحدهم
" إنه ذلك (ال) كمال.. أم أنا أرى عكس ذلك؟؟"


" هل أنتِ جادة؟" تحدثت ريم باستغراب وحيرة
حتى اجابتها جيداء من الطرف الآخر عبر الهاتف المحمول بصوت منخفض " أجل.. " ثم نظرت من باب المطبخ الى الخارج وتحدثت بذات النبرة المنخفضة " ربما كمال ليسَ جيداً كما تعتقدين؟"
" ولكن كيف؟ تقول ابن خالها وهو.."
أكملت جيداء عنها " قال انها احدى معجباته؟"
نظرت ريم من الشرفة الى قمر التي تسرح شعرها بالداخل بشرود ثم التفت وصوبت نظرها الى الحديقة فرأت مجد على ذلك المقعد الخشبي فزفرت بحرارة
" لا أعلم يا جيداء، هنالك أمر عليَّ حله هنا.."
تساءلت جيداء بقلق " هل هنالك أمر سيء؟"
" لا أعلم مدى سوءه ولكنه سيء.."
صمتت جيداء فأكملت ريم " دعيني أحل هذا الأمر ربما يومين ثم سأتفرغ لكمال وتلك الغبية.. وحتى رائد لقد فكر كثيراً بشأن عمه"
" حسنا.."
وقالت ريم قبل أن تودعها " ولكن أي مستجدات اخبريني بها.."
أغلقت الهاتف، ثم زفرت بحرارة، تطوف داخلها الأفكار وكل شيءٍ ينهار على ظهرها فيصعب حمله.. إن هذه الفترة صعبة جداً ولقد اهملت قضية رائد!
ولكن رائد لا يتحرك قيد انملة، أخذت نفساً عميقاً فلا بأس ببعض التأخر.. فإن مصير الحق أن يظهر عاجلاً أو عاجلاً.. ورائد سوف يحصل على حقه مهما تأخر الوقت لذلك.
التفتت ثم دخلت الغرفة، ونظر أن قمر جلست على سريرها بتردد عاقدة أصابعها وتبدو أنها غارقة في ظلمة الأفكار..
حتى شعرت بريم فرفعت رأسها بثقل وتساءلت " هل يجدر بي النزول نحو الأسفل؟"
نظرت إليها ريم بتعب " ولكن حقاً يا قمر.. لماذا تختبئين؟"
تقوست شفتا قمر بحيرة فيما أردفت ريم بعقلانية كبيرة " لا معنى للاختباء عاجلاً أو آجلاً سوف تلتقين به غداً من أجل المعرض؟"
هزت رأسها بحيرة وقالت " لا أعلم.."
تنهدت ريم وقالت باستياء " ولكن حقاً سوف أرتكب جريمة قتل الآن.."
ابتسمت قمر بخفوت ومدت كفيها " حسنا حسنا.. سوفَ أصمت.."
" هل سوف تخبرينه أنتِ أم أنا؟"
توسعت عينا قمر بتوجس فيما علقت ريم بقسوة " اخبريه أنتِ حتى يشعر لو قليلاً أنكِ تهتمين لأجله.."
" ولكن.."
قرفصت ريم أمامها وتحدثت " انظري الرجال لا يحب أن يتدخل أحد بينه وبين.."
ضحكت ريم على ارتباك قمر ثم قالت " هذا وأنا لم أقلها وتصبحين كما معجون الطماطم.."
ضربتها قمر بخفة على كتفها في حين أكملت ريم بعد أن كتمت ضحكتها " المعنى إن كان سوف يحصل على إجابة فالإجابة منكِ أنتِ؟"
عقدت قمر حاجبيها " ولكن كيف؟"
" حسنا سوف أساعدكِ لتعلمي فقط كم أنا فتاة جيدة.."
أومأت قمر رأسها بترقب في حين أردفت ريم " ولكن لا اعتراض عما سأفعله بالأسفل؟"
هزت قمر رأسها نفياً بمعنى أن لا اعتراض..
في حين ابتسمت ريم ثم وقفتا سويا حتى سألت قمر بفضول " ألن تخبريني الآن؟"
تحدثت ريم بمكر ظهر على قمر " لو أخبرتكِ سوف تعترضين.."
ثم هربت من أمامها ضاحكة..

وفي الأسفل كتمت ريم ضحكتها بجانب رامي الذي تساءل متعجبا " ماذا بكِ؟"
كادت أن تفلت منها الضحكة ولكنها تماسكت " يجب أن لا تفوت مشهد روميو وجولييت؟"
عقد رامي جبينه ثم نظر ناحية قمر وهي محمرة من الخجل والغضب مرسلة نظرات حانقة نحو ريم التي همست أخيراً " تريد اخباره أنها تود الذهاب إلى المعرض فجلست هنا وبقي الكرسي الفارغ لمجد بجانبها.."
شرب رامي كوب الماء مستمتعاً عندما لمح مجد يكور يديه وهو متجه ناحيتهم ثم همس " بل انظري للبركان انه قادم.."
رفعت رأسها فوجدت مجد قد جلس وعلى وجهه غضب الدنيا بأكمله، ثم دنت رأسها نحو وعائها وشرعت بالأكل،
بينما مجد لاحظ تململ قمر بجانبه والجميع صامت كلٌ مشغول بالأكل امتدت يده اليسرى وأمسكت يدها برفق وهمس بشكل لا يثير الانتباه " تتحركين كما القطة؟"
ازدردت لعابها بصعوبة بالغة ثم حاولت التحكم باضطراب شعورها الداخلي ولم تنبس بأي حرف.. ترك يدها مع تنهيدة عميقة ثم رفع رأسه نحو رامي المتعجب فجدحه ثم شرع بالأكل هو أيضاً.
وبعد صمت..
تحدث الجد " اذا يا مجد.."
رفع مجد رأسه فأكمل الجد " يجب عليكَ ان تكون هنا غدا في تمامِ الساعة الثانية عشر.."
تساءل مجد بلا مبالاة " لماذا؟"
في حين همست قمر كردة فعل واقتربت منه قليلاً " ولكن غداً المعرض.." ثم عضت على شفتيها
ابتسم مجد ولاحظ أنها ارتبكت لردة فعلها فأمسك يدها مجدداً وشعر أن ارتباكها قد ازداد،
وكان أثناء هذا كله يتحدث الجد عن السبب لوجود مجد، ربما لم يسمع هو شيئاً فقد كان منشغلاً بقمره الوحيد تزداد يده امساكاً يدها برفق ثم تفلت حتى ابعدها نهائياً فلم يرد أن يزداد الوضع سوءاً بردود فعل قمر تظهر جلياً على وجهها وأجاب جده بصوت عالٍ " نرى إن لم أكن مشغولاً.."
ثم دنا صوته نحو الهمس " اذا ستذهبين؟"
نظرت إليه قمر وببريق عيونها بدأ يفيض " أجل أريد ذلك وبشدة.."
ابتسم لها بحنان ثم ابتعد عنها وعاد الى جلسته المستقيمة ونظرات الجدة تميل عليهما قليلاً و على وعائها بين الحين والآخر..
أما البقية كل مشغول برأسه وأفكاره.





اليوم التالي..

" اذا ما الخطوة التالية؟" سأل مراد بملل
أجابته السكرتيرة صفاء بقليل من الخوف الظاهر في نبرتها " لم يتبقى سوا هذه الأوراق.."
تأفف بانزعاج ونفث دخان سيجاره نحو وجهها بلؤم وقال " لكن حقاً ياسمين كانت بارعة أكثر منكِ.."
صمتت صفاء في حين أكمل مراد بنظرة جانبية " هل سوفَ اعلمكِ عملك؟"
" ولكن يا سيد.."
قاطعها بأن رفع كفه وأخرج ورقة من أحد الأدراج " والدكِ محكوم عليه بقضية ما أليسَ كذلك؟"
ازدردت صفاء لعابها بصعوبة وتحدثت ببعضِ التوتر " أجل..."
ثم نهرها بقوة " اذا افعلي ما عليكِ فعله ولا داعي لكلِ هذا الوقت.."
ثم أشار الى ساعته بغضب " الساعة سوف تتجاوز الحادية عشر وبعد ساعة هنالكَ الغداء وانتِ ما زلتِ تريدين توقيع الأوراق.."
ثم صرخ بها " اذا نامي بالشركة هذا اليوم.. اخرجي.."
ارتعدت أوصالها فأومأت رأسها وخرجت مسرعة من مكتبه، السيد مراد متفرغ فقط للصراخ فقط وكأنه صافرة انذار تدوي في انحاء الشركة!
وصلت مكتبها أمام أنظار ياسمين المستنكرة ثم تهالكت على المقعد وبدا عليها الاستكانة وسألتها بارهاق " كيف كنتِ تتحملينه؟"
أشارت اليها ياسمين بالصمت " اهبطي صوتكِ.. ما الذي حصل؟"
وقبلَ أن تتحدث صفاء أشارت إليها ياسمين بالصمت ثم وقفت بتأهب أمام مراد الذي قال بسخرية " يبدو أنكِ اشتقتِ إلى مكانك؟"
أنزلت صفاء رأسها بتجهم، في حين أجابت ياسمن " ليس بعد.."
أمال مراد شفتيه بسخرية "اذا ما الذي تفعلينه هنا؟"
ابتسمت ياسمين بمكر " لا شيء، أردت الاطمئنان ولكن على الاغلب الأمور لا تسير كما يجب؟"
صوبت صفاء نظرها نحو ياسمين في حين تحدث مراد " جيد جيد،.."
اقتربت منه ياسمين وهمست " كنت أريد التحدث إليك؟"
اشار اليها بالتقدم أمامه حتى سارا سوية،..
" اذا تحدثني ما الأمر؟"
عقدت ياسمين اناملها بحيرة ثم قالت بتردد " اريد أن أسأل سؤالاً؟"
أومأ مراد رأسه " ولم كل هذه المقدمات منذ متى تسألينني بكل هذا التردد؟"
اخذت ياسمين نفساً عميقاً ثم " تعمدت نسيان بعض الأغراض الشخصية في منزل جيداء.."
ضغطت على المصعد عندما وصلا اليه وأكملت " ولكن ما أثار انتباهي تحدهم بصوت منخفض عن مجريات الأمور؟"
عقد مراد حاجبه فأكملت ياسمين " كان يدور الحديث حول شخص يدعى رامي.."
قاطعها مراد " ابن عم ريم.. ماذا به؟"
" انه محامي أو ما شابه؟" ياسمين بحيرة
" ماذا بشأنه يا ياسمين.." تكلم مراد بقلة صبر وهو يدلف إلى المصعد..
دخلت من وراءه " انه يساعدهم وسوف يصل الى الاثباتات المزيفة من خلالك؟"
اطلق مراد ضحكة استهزاء قصيرة " وكيف ذلك وهو الذي درس المحاماة ولم يعمل في هذا المجال أبداً؟"
ثم تحدث بحقد " مجرد فأر صغير.."
ظهرت علامات الريب على وجه يامين فأكملت " ولكن ليس لأنه محامي؟"
صمتت قليلاً ثم فجرت قنبلتها أمامه " غالباً هم استغلوا غيابي عن هنا،.."
التفت اليها مراد بعدم فهم فقالت وكأنها تصل القطع ببعضها كي تفهم " انه لا يعمل في المهنة ولكن.." هزت رأسها بثقل " كيف وجدت صفاء بتلك السهولة؟"
" تكفل أحد الموظفين بوضع اعلان ولكن،..." صمت قليلاً ثم توسعت عيناه بشكل كبير
" أخبرتني أنها كانت تعمل في احدى المؤسسات "
أكملت ياسمين عنه عندما أخرجت ملفاً من أسفل سترتها " التي لها علاقة بمؤسسات عائلة ريم.. وبالتالي لها علاقة مع رامي.. وبالتالي يصل الأمر إلى رائد.."
شد مراد على قبضته وهمس بحقد كبير " رائد أنت تتحداني وبقوة كبيرة.."
ثم نظر إلى ياسمين وتحدث بابتسامة ماكرة " اذا فلنلسعها للآنسة صفاء قبل أن تلسعنا هي ومن معها.."
رفعت ياسمين حاجبيها بتحدٍ كبير وابتسمت بانتصار..
******************
وفي طريقٍ وسط المدينة، عبر شارعٍ يحمل على جانبيه الابنية العالية وبعض المتاجر الصغيرة..
التفتت ريم نحو قمر وامسكت يدها بحب أخوي " لا تقلقي، لن يحصل شيء سيء.."
أومأت قمر رأسها بتردد فأكملت ريم مع ابتسامة " انها علامة خير أن يصطحبكِ الى المعرض.."
" أتمنى ذلك.." رددتها قمر بحيرة
تنهدت ريم " اهدأي.. وإن كنتِ لا تريدين.."
" لا لا، فقط أشعر أن هنالك شيء ما.."
وضعت ريم يدها على كتفها قمر " لا يجب عليكِ الشعور بذلك،.. خذي نفساً عميقاً فقط.."
" حسنا،"
ثم حل الصمت بينهما إلى أن تفوهت قمر بتردد " ولكن كيف سأواجه غضبه!"
نظرت اليها ريم قليلاً ثم " لا يوجد غضب، ثم ان غضب امسكي كفك وعلى وجهه بسرعة كبيرة.."
توسعت عينا قمر فيما ضحكت ريم وقالت " يمكنني أن أعلمك بعض حركات المصارعين ولكن الوقت لا يسعفنا.."
ابتسمت قمر باسترخاء فأردفت ريم " تماشي مع الامور واجعلي اليوم يمر بلا تفكير مرهق.."
أومأت قمر رأسها بلا أدنى فكرة عما سيحدث هذا اليوم، ترجلت من السيارة أمام بناء معهد تعليم الرسم وعقلها شارد بما حصل! وتحاول التنبؤ بما سوف يحصل !
ولكنها تعلم وكلها يقين أن الأمر لن يمر بسلامٍ أبداً.. أو هذا ما تشعر به!
قابلت كمال على عتبات الدرج فابتسمت له بتكدر ووجهت له التحية
" لم أعد أراكَ كثيراً؟"
حك كمال جبهته وأجابها " الأعمال يا قمر، ثم أنتِ لك مدة طويلة مختفية!"
" بتُ أشعر بالارهاق.."
حتى قاطعتهم ليليان من الخلف " ألا تستحق قسطاً من الراحة؟"
أومأ كمال رأسها وتحدث قبل أن يغادر " قمر أحتاجك في موضوع ما،.. وافيني في قاعة الموسيقى بعد ساعة إن أمكن؟"
أجابته بهدوء " حسناً.."
وبعد أن غادرهم نظرت ليليان بشك نحو قمر وأمسكتها من ساعدتها وسارتا سوية " ماذا بكِ لا تبدين خير أبداً؟"
تنهدت قمر عندما جلستا على إحدى المقاعد الخشبية " أشعر أن هنالك حمل ثقيلٌ على قلبي.."
" أخبريني بما حصل؟" تحدثت ليليان بتوجس
شبكت قمر أصابع يدها بحيرة كبيرة ثم سردت لها ما حصل، بتفاصيل بسيطة توصل كل الشعور إلى ليليان التي تحدثت وأخيراً " لماذا لم تنتظري انهاء جدتك القول؟"
هزت قمر رأسها بقلة حيلة،
قالت ليليان حينها " أنت عديمة الصبر لو أنكِ انتظرت فقط!"
ثم بددت كلامها وتحدثت بثقة " ولكن لم يفت الأوان بعد" ورفعت حاجبها الأيمن تأكيداً لقمر التي بدت كما زهرة ذابلة أمامها حينما قالت " أشعر أنني استنفذت كافة الفرص.."
" إنها فرصة واحدة يا قمر.. فقط واحدة.."
" ولكنه مجد.."
أخذت ليليان نفساً عميقاً " لا شيء يبقى على حاله يا قمر.. فما بالك بشخص!"
عارضتها قمر " ولكن مجد في حالة الغضب.."
قاطعتها ليليان " لن تجعليه يغضب اذا؟ فسري له يا قمر.."
نظرت إليها قمر بحيرة " هذا ما تقوله ريم أيضاً.."
" إن كنتِ حقاً تريدين إصلاح الأمر يا قمر قبل أن يفوت الأوان.."
هزت قمر رأسها ايجاباً وباندفاع تحدثت " اريد ذلك وبشدة.."
" تجردي من خجلك ولا تقولي انتظر الوقت المناسب.."
أخذت ليليان نفساً عميقاً قبل أن تقول " الوقت دائماً مناسب لنقول لمن نحبه أننا كذلك.."
ثم بعد ذلك غمزتها بمكر " كما أيضاً استغلي فرصة ذهابكِ للمعرض برفقته.."

وبعد تمام الدقائق الضائعة، وتحديداً عند ريم التي دخلت عند رائد ومعها بعض الكعك المزين بالشوكولا طرقت الباب بطريقة عفوية فرفع رائد رأسه وابتسم من قلبه..
دلفت إلى الداخل وتحدثت باعتذار " اقدم لكَ الحلوى كاعتذار على اهمالي لكَ.."
" لا بأس.."
تحدثت بشقاوة بعد أن دلفت " اذا لنأكل لأنني جائعة.."
ضحك رائد على طفوليتها ونهض من مكانه " بالكافتيريا هيا.."
" حسنا يا أجمل رجال الكون.."
تعلقت بيده بتملك كبير وسارا سوياً إلى خارج المكتب متجهين نحو الأسفل،..
" اذا ما أخبار ياسمين؟"
نظر اليها رائد بعدم تصديق " كل هذا الكعك مجرد ذريعة أليس كذلك؟"
مسجت ريم فمها بمنديل ورقي " لم أستطع أن اصبر أكثر من هذا.. "
وتقدمت برأسها للأمام " ولكن حقاً ماذا كانت تفعل عندكم؟"
" لا شيء تشاجرت مع والدها واختارت جيداء حتى تنام عندها.."
رفعت ريم حاجبها " أكمل اذا.."
" ماذا أكمل؟"
ضيقت ريم عيونها " هنالكَ أمر ما، أخبرني.."
شرب رائد رشفة من العصير المثلج ثم قال " لا شيء سوا أنها عادت لهم، فورة غضب كما يقولون.."
عقدت ريم ساعديها وتحدثت بتفكير " لم أستلطفها كثيراً.."
توسعت عينا رائد بعدم تصديق " أنتِ لم تريها حتى تقولين هذا.."
" وإن يكن، لم أحبها من حديثك.."
هز رائد رأسه بلا تصديق " حقاً انتِ طفلة يا ريم.."
توسعت وجنتاها بضحكة واسعة وتحدثت بشقاوة " ولكنني أجمل طفلة هل تراهن على ذلك.."
قهقه رامي " لا أريد أن أراهن على شيء.. أنا متأكد من ذلك.."
رفعت ريم رأسها بغرور ثم بعد أن ذهبت شقاوتها تحولت معالم وجهها إلى الجدية " ماذا سوف تفعل بشأن عمك؟"
نظر نحوها ثم تحدث بابتسامة " هل أنتِ مستعدة للبحث معي.."
عقدت ريم حاجبيها بشك " عن ماذا! "
" محامٍ جيد!"
نهضت من مكانها وبنبرة متحمسة " أجل أنا معك بكل شيء.."
حتى فاجئتها ضربة خفيفة على ظهرها فارتعدت عندما التفتت بجسدها ورأت مجد أمامها بجبين مقطب " مجد ماذا تفعل هنا؟"
جحدها ثم حثها على الجلوس " أنتِ حقاً لم تكبري بعد.."
ضحكَ رائد على جملته فيما تحدثت ريم بحزن مصطنع " وكأنكم أنتما الاثنان متفقان.. ثم ماذا تفعل هنا.."
أمال مجد شفتيه " عمل وعمل وعمل.."
سأله رائد " كيف سار الاجتماع.."
حك مجد جبينه " على ما يرام، المشروع القادم يحتاج إلى ميزانية عالية يجب العمل عليه بدقة.."
تنهدت ريم بملل " ألا تملا من الحديث عن العمل والملفات.."
هز رائد حاجبيه بمعنى لا فيما نهض مجد وقال " يجب أن أعود إلى الاجتماع انسة كسولة.."
وقفت ريم بتأهب وسارت معه قليلاً حتى تحدثت " عاملها بلطف.."
أغلق مجد عيناه بضجر فيما أكملت ريم " قمر ليست مذنبة فقط إن كانت سوف تتحدث عن الأمر استمع اليها.."
" لن أدع الأمر يصل واشعرها بذنب الرفض.." تحدث بجمود
ثم أكمل أمام نظراتها المعاتبة " لا تنظري هكذا أنا فقط.."
" تضع ستاراً على قلبك ولكنك تضعه بطريقة تؤذيها.."
جحدها بقوة ثم تحدث " أذهب معها بناءً على وعدي السابق لها فقط وإلا المسافة بيننا طويلة بعد الذي حصل وسوف تبقى كذلك.."
هزت ريم رأسها بلا تصديق " أنت تحاول اخفاء كل شيء يا مجد عني بهذه القسوة ولكنكَ لا تفلح بذلك.."
وعلى بعد بضع خطوات من هذا الجدال كان رائد يجلس بهدوء ونظره على الطاولة أمامه حتى فاجئه صوت هاتفه المحمول فأجاب بسرعة عندما رأى الاسم
وتدفق الكلام بعدها بسرعة كبيرة وبهمس رقيق " إنها أنا، سوف ارسل اليك عنوان الرجل الذي كان يعمل مع والدك وعمك اتوقع أنه يعلم كيف سارت الأمور بعد موت والدك.."
***************************
يكاد الوقت أن يقتله هو!
وxxxxب الساعة تسير في دورتها ببطء شديد، تنهد مع اغلاق عيونه وارتخاءه على المقعد الجلدي.. ولا شيء يدور في ذهنه سوا كيف يصمتُ وجعَ قلبه أمامها؟
ثم فتح عيناه ونظر إلى ساعته لمرة عاشرة، فتأفف بضجر.. لا الوقت يساعده ولا الملفات التي أمامه تساعده في اتمام دورة الساعة حتى تصل نحو الرابعة!
عقد ساعديه بتوتر ملحوظ ونظر إلى تذاكر المعرض مرة أخرى..!
ابتسم بتناقض مع تعقيدة جبينه واخذ نفساً عميقاً، يجب عليه تسوية الأمور بينهما بلا شك.. شد قبضته على يده وأخذ يفكر ملياً بالفجوة الجديدة التي حالت بينَ التقائهما!
ثم نهض من مكانه بتأهب كبير وباندفاع خرجَ من مكتبه حتى وصل باب المبنى أخذ نفساً يملؤه بالسكينة والاسترخاء حتى أحضر إحدى رجالِ الأمن سيارته فركبها ومضى في طريقه نحو قمر!
**********
كانت ضحكاتها تعلن ضجة غريبة مع صوتِ الموسيقى النابعة من نقرات كمال على البيانو، تغني بصوتٍ مزعج وتضحك على صوتها، فيضحك كمال معها..
حتى جلست بتعب على أحد المقاعد البيضاء وتحدثت بتعجب " ولكنكَ حقاً عازفٌ مبدع.."
نظر غليها بغرور " شكراً لكِ آنسة قمر.."
اطلقت تكشيرة بوجهها " ومغرور أيضاً.."
" الغرور صفة لا يمكنها ان تبتعد عن كمال.."
" أجل أجل.. يا سيد كمال.."
نظر اليها وتحدث " أنا مسرور لأني حاولت أن أغير من مزاجكِ ولو قليلاً.."
" وهل هذا واضح؟"
أومأ رأسه " كثيراً.."
ابتسمت له بهدوء فأكمل هو " مهما كانَ الشيء الذي يزعجكِ تخلصي منه يا قمر.."
" أنا أحاول ذلك.."
" اذا ما رأيكِ أن تتخلصي من المزيد من طاقتكِ السلبية.."
ثم أشار الى البيانو عندما نظرت اليه بحيرة كبيرة..
حتى قالت وهي تهز رأسها " لا أبداً، فأنت مرغماً عنكَ تحملت صوتي.."
ضحك كمال " ليس بذلكَ السوء.."
هزت رأسها نفياً " حقا لا أستطيع.. ثم إن الوقتَ تأخر والمعهد قارب على إغلاق أبوابه.."
حك جبينه باعتذار " أنا متأسف اذا أخرتك.. اذا لنخرج.."
نهضت من مكانها " لا بأس.."
وعلى البوابة الخارجية شعرت بيد كمال تحثها على السير أمامه مع ابتسامة..!
وعندما تقدمت عنه بضع خطوات تأوهت ووضعت يدها على رأسها ثم تراجعت لوراء حتى كادت أن تقع لولا يد كمال التي أمسكتها بإحكام شديد وقال " انه الخاتم علقَ في شعرك.."
أومأت رأسها واعتدلت في وقفتها بضيق الملامح، من اقتراب كمال لها فحركت وجهها بعيداً عنه حتى شعرت أنها تختنق فعلاً برماد عيون مجد القادمة!


سارت ودقاتُ قلبها تشتعل.. تشعر بأنه غاضبٌ فعلاً.. ولا شيء يشير أنه بكامل هدوءه..
لطالما اعتادت على التوقيت السيء والحظ السيء أيضاً..
ولكن المرارة تقتلها الآن.. تخنقها بأشدِ أسلحتها قوة! سوف يزداد الوضع سوءاً بالتأكيد..

وصل محاذياً لها وأمسك قبضتها بقوة وتواريا عن أنظار كمال في طريقٍ شبهِ منعزل تحيطهما المنازل الصغيرة!
أفلت يدها بقوة وصرخ بها " اركبي يا قمر.."
ارتعدت فسارت إلى الخلف خطوة، تتمسك بحقيبتها بتوجس شديد، يبدو مخيفاً كما كان في السابق!
هزت رأسها بعنف وتحدثت " اهدأ أولاً.."
تمالكَ أعصابه ومن بين أسنانه " اركبي يا قمر..."
تجمعت الدموع في مقلتيها فتقدم خطوة حتى عادت للخلفِ خطوة أخرى..
مسح على وجهه بغضب ثم قال متمالكاً أعصابه" لن أكرر كلامي مرة أخرى"
ثم صرخ " هيا يا قمر.."
ارتعدت أوصالها فأسرعت نحو السيارة وكادت أن تركب في الجهة الخلفية حتى قال بصوتٍ عالٍ " بجانبي.."
أذعنت لأمره فإنها إن لم تفعل، سوف تلقى حتفها بالتأكيد!
دخلت السيارة في صمت وهمست في سرها " سوف يكون كل شيء بخير.."
أغلقت عيونها مع قوة ضربة الباب الذي أغلق.. وسارت السيارة في طريقها مسرعة هاربة من كل شيء وهاربة من الحقيقة!
تتسمك قمر بحقيبتها بخوف شديد، تلتصق بالمقعد وتغلق عينيها بتوجس وقلق حتى فتحتهما في نهاية المطاف وشهقت بقوة وتوسلت " أرجوك خفف سرعتك.."
ولكن لا حياة لمن تنادي، صامت بقهر يشد قبضته على المقود حتى صرخت قمر " توقف فقط توقف.."
حتى ضغط على الفرامل بقوة وامتدت يداه أمام جسد قمر كي لا تصطدم بما أمامها..
نظرت إليه بعتاب شديد وبصوت مختنق " لماذا لم تتوقف؟"
وضعت يدها على عنقها وكأنها تختنق أمام نظراته الملتجمة،..
ومع شهيق وزفير متتالين، حدقت به بألم..!
ثم بعد دقائق همس " ما الذي بينك وبين كمال؟"
توسعت عيناها وبتعب واضح ضرب على المقود ضربات متتالية، تراه فاقداً لكل سيطرته في هذه اللحظة.. ازدردت لعابها بتوتر ثم كادت أن تمتد يدها حتى تحضن يده ولكنه اندفع بسؤاله مجدداً " أنتما متفقان إذا؟"
هزت رأسها بعنف ثم صرخ بقوة " لماذا تفعلين هذا بي؟"
تحدثت بانهيار " أنا لا أفعل شيء.. أنا فقط.."
أبعد وجهه عنها ثم تحدث بتعب " أنا لا أريد ايذائك ولا يحق لي التدخل.. أنا فقط كنتُ أريد أن أعلم لماذا تم رفضي و قد علمت.."
تجمدت حواسها وادركت ما يقصده ثم نظرت إليه نظرة منكسرة وهمست بحزن شديد " أنت لا تعلم شيئاً، أنتَ دائماً تحكم عليَّ بدون أن تسمع"
حتى شهقت شهقتها الأولى مع دموعها التي بدأت بالانهمار واندفعت خارج السيارة ويدها على صدرها المكبوت، وقف أمامها بعجز واضح حتى قالت " لقد ظننتُ أنه فعلاً يمكنني الذهاب معك وتفسير كل شيء.."
صمتت قليلاً بإمالة رأسها وبنبرة باكية " ولكن لا شيء يقف معي في هذه الحياة.."
" قمر أنا.."
قاطعته بصوتها المختنق " لو كنتُ أعلم فقط أنك سوف ترى الشيء الظاهر وتبني عليه فرضياتك لما..."
بدتت عبارتها حالما رأته يتجه نحوها فزحفت خطواتها نحو الخلف وصرخت بصوت متعب
" لا تقترب.. فأنت كلما اقتربت تفتح جراحا هنا.." وأشارت إلى قلبها..!
شد على قبضته واتجه نحو السيارة بموجة غضب كبيرة بعدها القى أمامها تذكرتي المعرض، ألقت بصرها على الأرض ثم عليه!
مسحت دموعها وأرجعت خصلات شعرها، ثم نظرت إله بخواء وتحدثت بشحوب " لا أريدُ معرضاً أو ما شابه.. ووفر عناء غضبك لمن يستحق أن تغضب عليه.. وهو نفسك!"
رمقته بنظرة قهر ثم التفتت على الطريق العام وكان نداءه مدوياً فشدت على حقيبتها علها تمنح نفسها قوة المواصلة بلا بكاء أو انهيار!
ركبت سيارة الأجرة بلا نظرات عليه، تجاهلته قدر الإمكان حتى ابتعدت ثم حاولت كتم كل شعورها وكبته كي لا يخرج..!
إنه مجد نفسه لن يتغير أبداً، منذ أن وطئت قدماها منزل جدها وترى في عيناه الاتهامات وفي كلماته سموماً كبيرة.. لقد اكتفت منه حتى أزال ضبابه فترة ثم عاد كما كان قاسياً على القلب!
جارحاً في غضبه.. كل شيء تهاوى قبل لحظاتٍ معدودة ومن كانت تسعى لإزالة غبار الرفض عن عقله لم تظن أن الغبار قد وصل قلبه حتى!
وهل له قلب فعلاً؟
تتساءل الآن في سرها هل من يحب يفعل هذا كله !
وأعقب سؤالها بأن ترجلت من السيارة تشكو للهواء فجاعة وجهها وعيونها المحمرة، ثم على بعد خطوات منها كانت ريم تدخل من باب المنزل حتى التفتت باستغراب سرعان ما شهقت بخوف " قمر.."
فهرولت نحوها بقلق " لا تقولي أنه.."
تجمعت الدموع في عيونها وأومأت رأسها ثم احتضنتها ريم بكل قوة " لا يستحق البكاء.."
ابتعدت عنها بألم " لماذا طلب مجد الزواج مني، لماذا يحرق قلبي إن كان قد أراد قربي!"
امسكت ريم يد قمر وسألت في قهر " ماذا حصل؟"
أخذت تشهق أمامها بلوعة العذاب " لا شيء سوا أنه.."
ثم هزت رأسها بعنف وتحدثت بتعب " ليس الا اتهاماته الباطلة مجدداً.."
ثم تركتها ودخلت المنزل منهزمة أمام كل شيء.. ثم استوقفتها ريم " لا تقلقي سوف يعلم.."
قاطعتها قمر " لن يعلم أي شيء.. طالما لا يكلف نفسه بمعرفة أصل الأمر.."
ثم صمتت قمر وقالت بأسف " اعذريني أنا متعبة.."
صعدت قمر عتبات السلم أمام نظرات ريم المستسلمة، لم يكن من الجيد ارسال قمر مع مجد أبداً خاصة أنها سوف تتواجد في ذلكَ المعهد وطيف كمال سيلاحقه بالتأكيد!
ولكن ما الذي أثار مجد حتى يتفوه بما يجرح قمر!
تنهدت وسارت بضع خطوات حتى رأت إحدى الخادمات تتجه نحوها بقلق " كيف اصبحت الانسة زينب؟"
عقدت ريم حاجبها "ماذا بها جدتي!"
التفتت قمر نحوهم بحدة عندما تحدثت الخادمة " إنها بالمشفى"

وفي أحد أروقة المشفى، يجلسون جميعهم بأسى.. وامارات الحزن مع الغضب ترتسم على ملامحهم بتعب واضح.. انضمت إليهم ريم بعد أن غادرت غرفة جدتها..!
بذات السكينة الملئية بالحزن، احتضنت ذراع جدها وربتت على كفه " سوف تكون بخير.."
مسح الجد على يدها بلطف كبير " جدتكِ قوية يا ريم لا تخافي.."
زادت تعلقها بجدها فيما تساءل والدها بقلق " أين قمر!"
تحدثت بلا مبالاة لنبرة القلق في صوته " إنها عند جدتي.."
نهض رامي من مكانه كاظماً غيظه " حذارِ أن يأتي حتى هنا أيضاً.."
أغلق الجد عيونه مع أخذ نفس طويل، فابتعدت ريم قليلاً عنه عندما قال والدها " لن يجرؤ.."
سألت بحيرة " عن ماذا تتحدثون؟"
ضرب رامي الحائط بيده ثم تحدث من بين أسنانه بغضب " عمي ماجد..."
" والد قمر؟" زادت حيرة ريم !
أومأ رامي رأسه " جاء إلى المنزل و..."


وعلى بعد خطوات شهقت قمر وتراجعت إلى الخلف..!
هزت رأسها بعدم تصديق، فلا يمكن أن تتوالى الضربات عليها في هذا اليوم.. إنها لا تستطيع التحمل عند هذه النقطة بالتحديد!
لماذا تستمر الأحزان وتعرقل طريقها نحو السعادة؟
والدها والماضي، ذكريات المأوى.. مرضها ولياليها المظلمة.. تزاحم كل شيء في ذاكرتها ثم أمسكت بعقد والدتها أخيراً، تماسكت وهي تبتعد بصدمتها الكبيرة،
تحاول انتظام انفاسها التي تتلاحق بخوفها من كل الماضي ومن حاضرها ومن مستقبلها!
حتى خرجت تستنشق الهواء خارجاً، بأطراف تكاد تصاب بالشلل ودموع تأبى أن تخرج من كهفها المظلم..!
هنا وفي هذه اللحظة تكاتف الجميع مع القدر لقتلها وقتل بقايا الأمل المزروعة فيها..
سارت بلا وعي.. وتتلاطم أمواجها ذات اليمين وذات الشمال..!
صخب السياراتِ من حولها، واشارات المرور التي عبرتها بلا أدنى انتباه..!
أغلقت عينها وانزلقت بقدمها على مفترق الطرق ولا شيء معها سوا ذكرياتها ووجه والدها التي حاولت أن تنساه بصورته البشعة حينما تركها وحيدة..!

ولا شيء آخر في الطريق سوا حزنها الذي أغلق جميع حواسها ودموع تهطل حجبت كل رؤية من حولها وصوتُ بوقِ السيارة التي تخبرها أنها بعد أقل من نصفِ دقيقة ستكون قد اصطدمت بها....!





انتهى الفصل..
واتمنى تعذروني لتأخري.. بس حاولت قدر الامكان انه البارت بأحداثه وطوله يكون اعتذار لتأخري ويكون على مقدار انتظاركم وحماسكم..
++ يا رب تسامحوني على الافكار الشريرة بالبارت

محبتي الكم كبييرة كتير
تضلوا بخير وبحفظ الرحمن



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس