""الفصـل الـخامس الـعـشرون""
هل لـلوداع مـكان ام انه سفـيـنه بلا شراع يا ليت الـزمان يعود والـلقـاء يبـقى لـلأبـد ولـكن مهما مضـينا مـن سـنين سـيـبقى الـمـوت هو الانيـن وستبقـى الذكريـات قامـوس تتردد عـليه لـمسات الوداع والـفراق والوداع والموت هما البقاء ....
م.ن
،
،
تغيرت معالـم وجهها المغلـفه بكمـيه كبـيـره من الـخذلان حتى تخلـلت الـقـشعـريـره جسمـها وهاجمت جمـيـع حـواسـها غطت وجـهها بيـدينـها تخفـي جمود احساسـها الـمستوطن داخلها وتسابـق انـفاسـها تضـم بقـاياه...وترسل وحـدتها تنـشـر لـها احاسيس مـؤلـمه ومـشـاعر منـهزه...
هاذي هي بـتظل دوم كذا تزيد في خطاها وحيـده ضايـعـه تمشي لـلمـجهول بعـيـده عـن الواقع وتسـتنـزف جمـيع آمـالـها... ارتد صوت صـدا جـسـمـه اللي طاح قـريب مـنها...
ارتعـش جـسـمها نـزلـت يـدينـها بأليـه وعـيـونـها لـقـدام مـاله أثر ابد نـزلـت رأسـها بـبـطئ شـديد خايفه...منهاره...مـرعوبـه... استقـرت عـيونـها علـيـه زادت رجفتها لاهي قدرت تنـحـنـي لـه ولا قـدرت تتصـرف رجـعت لورى كم خطوه وارتفـعت صوت شـهقـاتها مـاتدري تبكي احـساسها العـظيم والا الـخيـانـه والا حبيـبها الـغايب عـن الـوعي والا تبكي نفسـها الضـعيفه والا.... والا ....
هزت رأسـها بإنهيـار تنـثر افكارها الـمـرهقـه..مـعادت تتحمل أكثر رجعـت تقـدمت منـه بـخطوات متردده جـلسـت جنبـه مررت يدها علـى شعره نـزلـتها على كتوفه وهي تهزه:تكفـى سـعـود قـوم اثبت لـي ان الـلـي شـفـته سراب ...
مـاتحـرك ولا رفع رأسـه جن جـنـونها حاولـت تقـلبه لكن سحـبت يـدها بـسـرعـه وانكمشـت عـلى نفـسـها مـن شافت يـد مثبـته عـلـى كتفـه رفـعـت نـظرها بـسـرعه وارتجفـت شـفاتها زود :مـدري ...مـدري وش اللـي صـابه..عمـي...سعود مايتحرك حـتى..حتى انـه
ثبـت يـدينه عـلـى كتوفه وقـلـبه عـلى ظهره استقـر راسه بـين احـظانه انعصـر قـلبـه تاه في افكاره وتزاحمـت الـذكريـات الـمـوجعه عـلـيه تكلـم بنـبره حزيـنه :لا تخافـين ان شاء الـلـه مـافـيه الا العـافـيه
مـرر يـده عـلـى وجهه الشاحـب نزل لرقـبـته و تأكد مـن وجـود نبـض ارتاح نـسـبـيا لكن توثقـت كل شـكوكه وتأكد سـبـب سؤال مشعل لـه تأكد ان الـماضـي رجـع يـرسل لهم ريـاح عاتيه خاصـة بـعـد شـوفته لـولـده بهالـشـكل حرك يده عـلـى وجهه وصـار يـضربه بخفـه :سـعود يـبـه تسمعنـي ..سـعـود ..سـعود
مارد ابـد زفـر ابـو سـعـود بـضـيق وش كثر هالولـد عـانـى وش كثر تالـم.. رجع من جديـد لطريـق مـقـفـول رجع يـراكم علـى قـلبه وقلب جـدته الوهن والهم رجع ومعـه بـترجـع كل الـمآسي رفـع نظره لوعد يـحاول يـطمـنـها : بـخيـر هو بـخيـر واضـح انـه اغمـاء عادي تطمـني..تطمـني يـابـنتي
هزت رأسـها برعب شـلـون تتطمن وهو مـايتحرك... شـلون تتطمـن وهو انـهار قـبالـها من دون مايـنـطق ولا حرف او حتى يـبرر لها موقـفه ...شـلـون تمـادى كذا فـي صنـع البرد لها والـمـنـفى ردت بـصـوت مـرتجف :عـمـي شـكله تعبان انـا مـتاكده انـه تعـبـان لازم نـاخذه للمـستشـفـى تكفـى عجل
حـرك رأسه بـالنفي هو ادرى بـحـالـة ولده مـايـبي لـه مـسـتشفـى يبـي لـه إستقـرار وحـياة هاديه بـعيده عـن أي ضـغوطات رفع جوالـه بلل شـفـاته بعـد مـاوصلـه الصوت :مـحـتاجـك تركي تعال الـحوش جهة الحـريم ودق علـى اي طبـيب تعرفـه يجـينـا البيـت
نـزل الـجوال وغمض عـيـونه رفع رأسه بـسرعه علـى صوت عـصـاة امـه حـرك رأسـه بيأس والحـزن يـمـلاه :رجـع يـا يمه رجع يـجر خيـباته والأدهى ان مـشـعل عرف كل شـي وياخوفـي من هواجيـسـه
انـخطف لـونـها الأصوات وصـلـت لـها وتوالـت عـلـيـها كان قلـبها حـاس كان يـنـذرها بوجـود عواصـف ورعـود بـرى وان الهدوء بدأ ينقـشع ويـحـرك زلازل تزلـزل كيـانها تقـدمت بهدوء لجـهته شوفتها له تزيد وهنها وهمها سـنـدت يدها عـلـى صدرها والـرعب كفـيـل بهز كتوفها الهزيلـه :يـاويل قـلـبـك يـاغزيل ياويـلـه بـيـضـيعون عيالنا ياسلطان بـيـضيعون..
حركت نـظراتها المتوسـعه عـليـهم وش يـقـولون وش يتكلمون فـيـه ..سعـود ضـاع ..عـيال عـمـها بـيروحـون..تحس انـها بـدوامـه تدور فيـها وتأخذها لـقـاع مـظلـم قاتم مجـهول مـثل جـهلـها للي حولها اهتزت نظراتها واعمـامـها يشـيـلونـه وكأنـه مـيت او جثه صارعـت الـمـوت لأخر رمـق وفـاضت روحه واخذت روحها معه ارتفـع جـسمـه بيـن يـدينهم وكأنه عـلى نعش ينتظر مثواه حركت رأسها بـالـنفي وصرخت صـرخه هزت حصـون الـبـيت والـقلـوب الـلي تحـتويـه... قـتل نفـسه.. بـنفسـه وقتلـها مـعـه اقـتلع قـلبه وقلـبها وطبع بـصـمة الخيانه علـى حـيـاتهم وثبـت الختم بـدقه متنـاهيه...اجـتاحـتها فجـئه غربه وثلوج خلـت انفاسـها تنـفـث دخان يـبـخر الـوان العذاب...
"""""""""""""
دخل بهدوء عـكس الأفكار الـمـتضاربـه جواته حرك نـظراته حوله الـطاوله مـقـلوبـه والأوراق مـتناثره واللابتوب مازال في الارض وكأن هالمـكان شـهد حـرب ضـاريـه استقرت عـيونه علـى مـحمد الـلـي سادح علـى الكنبه ومـغطي وجهه بـالشال تقـدم منـه رفـع يـده يناظر سـاعته بـقـلـق :محـمد مو كأن الوقت تأخر الـسـاعـه على وحـده الـليل وسعـود مـابـعـد رجع ...
تسلـل صـوت راكان له ابـعـد الشال عـن عيونه ورفـع رأسـه :اتركه بـحاله أحيـانا يا راكان الإنسـان يحـتاج يختلي بـنفسه
جلـس مـحمـد نزل الشـال بحـظنـه رفـع نـظره لـراكان الـلـي واضحـه عليـه مـلامح الخوف :بـيرجـع صدقـني بـيـرجـع ..
حـاول يـهدي نفـسه حـتى هو مـتاكد انه بـيـرجع لكن حاله الـلي تركه علـيـه مـخوفه حيـل تكلـم بـهدوء:طيب جـوعان تبي اسـوي لـك معي اكل
هز رأسـه بـالـنفي ورجع سـنـد ظهره علـى الـكنبه :لا مـانـي جوعـان سوي لـنفـسـك ..
زفر بـضيق وهز رأسه:اشـك انك انت وسعـود تتغذون علـى الـهواء ..
ابتعد عن مـحمد ودخل الـمـطبـخ يحاول يحوس يسـوي اي شـي اصلا حتى هو مـاهو جـوعان لكن يبي يـسـكت نفـسه بكم لـقمـه يـمكن تتلاشى شـكوكه وتسـتقر افـكاره عـلى بر الامان وترسل الـرياح الـعاتيـه بعيـد عنه تنهد وهو يـحـاول يـكسـر البـيـضتين بـالـصـحن طاحـت مـن يده قـبـل تنكسر وانـكسـرت بالارض تأفف بـمـلل :اوووف هالحيـن وجـهي وجـه بيـض جـبـنه وتخب علي
انحنـى يحـاول يـجمع قـشر البيض انـرسمـت ابـتسـامه هاديـه عـلـى شفـاته من شاف مـحمـد يـنـظف مـعه بقايا الـبيض رفـع حـاجـبه :وش جـابـك لايكون قرصـك الجـوع ..
جـمـع قشر البـيض ووقف رمـاه و غسـل يـده كفـكف كمومه وناظر راكان :قرصـه بسـيطه بس مـا حـبيت اتركك لـحـالـك قـلـت اجـي اشـوف وش تحـوس فيه وطلـعت طباخ فاشـل
ضحـك راكان بـخفـه :ههههه واللـه حـدي جـبـنه يـا اخي مـا دريـت ان البيض صعب كذا
ابتسم بـشـحوب :مـو صعـب بـس واضح انك مـترفهه بالـحيـل
هز كتوفه:مو الوالده الـلـه يحفـظها مـاتخلي أحـد يـمد يـده على الـمـطبـخ كل شي يجـينـا جاهز ..
زاد شـحـوب وجهه حتى هو كانت امه بالمثل لـكن بعـد مرضها أنـهدمت كل حـيـاته ووقـتها قدر يـعتمـد عـلى نفـسه ابـتعد عـن راكان حـظر المقلاه وكسـر كم بـيضه بـالـصـحـن حظرها بسـرعه تحت أنظار راكان همس بنبـره حـزينه:كانت امـي تحـب تسويـه كذا الله يرحمها ..
انـعصر قلـبه مـاهي غريبـه علـيه نـبرة الحزن ولا حـتى غريب انـطوائه.. وقلة كلامه هاذي امـه نظر عيـونـه راحـت بلـمـحة بصر بـسبـب جـشع نفوس وسواد قـلـوب ولـو كان مـكانه كان ولـع في الأخظر والـيـابـس همـس بهدوء وهو يـجـهز الجبن والخبز ويـنـزلها عـلى الطاوله :الـله يـرحـمها
ابـتسـم مـحـمـد حس انـه زاد فـي نـثر حزنـه عـلـى غيـره الأفـضـل يـحتفظ فيـه داخلـه ويـصـنع لـه مغارات ويـقفـلـها بـصخور حـتى ماتفـيض فـيه وتهشم كل مابـقى مـنه جلـس علـى الـكرسـي :حنيـت عليـك يـا ولد وبـأكل معك
سـحـب راكان الكرسـي الـلي جنـبه وجلـس تكلم بـضـحكه:الحـمد لـله تصدق بـديـت اخاف مـنك قلت هالولد شـكله جنـي و مـايـأكل اكلنـا احنـى الـبـشـر
ضحك محمد وكأنه نـسـى شـوي من حزنه :هههههه إكل وانت ساكت قبل لا يطلع الجنـي اللي فيـني عـليـك ووقتها
هز راكان راسه بـطريقـه تضـحك وقفـل علـى فـمه :هههه هاه سـكتنا ...اعوذ بلـلـه من الـشيـطان الـرجـيم الـله يـكفـينـا شرك وشر جـنونك
زفـر بـهدوء وهو يـاكل وتعـلـيـقـات راكان الـلـي واضـح انـه يـرفهه عـنه فـيها فتحـت شـهيته للاكل وعدلت شـوي مـن مزاجـه تأكد انـه مهما ظل يبـنـي جـدران بدقـه واتقـان مسـتحـيـل تتخلل الـسعـاده له حتى ترتخي بنيـانـه وتتسلـل الـسـعاده من الفراغات شـوي شوي وتمـلـي قـلبـه بـالراحه بـعد مايـأخذ حـق كل مـظلوم واولهم امه...
"""""""""""""""
لو ان الـليـالـي تعـطي الـضايـق الـمحروم مـاشـفت الـليـالـي لا بغينا الـهنـا عيت عـلـيـها السلام لـيـا ادبرت والـشقا مقـسـوم تضيـق الصدور ولا يرد الـعزا مـيـت...
اشـر بـيـده وهو يصرخ :وقـف...وقف هنا
رمـش بـعـيـونه كم مره لـف لـجهته :انت من جدك جايبـنا فـي هالـبراري وتبي تنزل
ضـرب على الـبـاب بـعكازه :اقولك وقـف والا ترا بفك الباب وانـزل ولاهمـنـي شي
رفع حـاجبه بإستنكار يمـكن يسـويها مو الـجنون راكبـه هالايام وتصرفاته صايـره غريـبـه جاييه بنـص الليـالـي مشـي والحين الا ويبـي الـبـر وقـف الـسـياره وضرب على الـدركسـون :هذانا في وسط الـبر قـل وش تبـي ووش الـلـي صايـبك مشـعـل معادت اعـرفـك
أطلـق اه مـكتومه وسـط صـدره ويـمـكن لو زفـر الـباقـي فـجـر الـكون بأكمله ارتكى عـلـى عـكازه ...نـزل وصـار يـمشي بـخطوات مكسـوره ..مـخدوعـه مـن كل اللي حولـه رفـع رأسه لـفوق الـظلام حـالـك وغطاه من شدة سـواده الحـيـن بـس استوعب وبـدا يـسترجـع احلامه ظهور امـه كانت لسـبـب ما كانـت مـجرد كوابـيـس الدم الـلي مـغطيـها...
تحـذيراتها...صوتها الـمـرتجـف الـلـي يـوصـلـه من بين فـتره وفتره..مـاكان الا انـين قلبها وحـسـافـة جـوفـها عض علـى شفاته بألـم وبـدت تطيـح دمعاته على خده وحـده ورى الـثانـيـه:ياكبر صـدمـتي يـاكبـرها غطت وحـدتي واسـتنـزفـت طاقتي...
جـاه صوت مـاهر من وراه :وش بـلاك وش هالـصدمات اللي استنزفت طاقتك يامشـعـل
حزن عمـيـييق اجـتاح حـياته غطت الدمـوع عـيـونـه حـتى ان الـرؤيـا انـعـدمـت شد على صـدره وصار يـضـربـه بقـهر وغبنه و إنـكسار : دار الزمـان وشـفـت فـيـه الـعـجايـب شـفـت الـغلا والكره والزيـن والشيـن وشفت الـقـلـوب الـحـاقده والـحـبـايب بـس..بس ماشفت أحـد يـذبح امه ويصـير ملاك من الكل ...
عقـد حـواجبه وقـف جـنـبه وانـتبه لـدموعـه حس ان جرحه عـمـيـق مـلامـحه تبـدلت و احتلـتها ملامح أكبـر بكثيـر وكأنه صـار ناضـج..و واعـي رمـى هبـاله وجـنـونـه وخفـة دمـه خلفه همـس بهدوء :مـشـعـل لاتحاكيـني بالالـغاز..
ابـتسم من بيـن دمعـاته و بغصه :الغاز اي الـغاز ياماهر هذا واقـع مفروض علي.. تخيل..إن اخوي ذبحها..طلـع هو اللـي حـرمـنـي من امـي حرمنـي حنانها دفئ صـدرها حرمنـي شـوفتها وشم ريحـتها حـرمنـي مـن أشياء كثيـره كنت اتمـنـاها وكل هذا بدون قصد ...
هز كتوفه بـخيبات متوالـيه :بإختصـار اللـي اكتشـفته اليوم هدني بـالحيـل
وش يـقـول ويتكلم فـيه سـوى انـه يواسـيه :وتحـاسبـه علـى شي حصـل بـالمـاضي بدون قـصد مـنه
مـشـعـل :مـااحـاسـبـه هو بـس.. لا احاسب الـكل عـلى تهميشـي احاسـبهم علـى اسـتغفالـي واحـاسـب نـفسـي على غبائي وقـلة حـيـلتي...
تنهد مـاهر بـهدوء :اترك هبالك الـحين وهذا البر قـبـالـك طلـع خيـبـاتك وصـفي حـساباتك هنـا وخلـنا نرجع الـبـيت شـوي ويـطلـع الـفـجر...
سـمـع مشعـل صوت باب السيـاره ينقفـل وصوت محركاتها تشتغل ابتعد أكثر عن الـسياره حـتى صـار وحيد تلـفت حولـه كل شـي هادي وسـاكن حتى الـهواء معدوم والـمـكان اشبه بـالـخمـول الا هو يهتز مثل غصن لعـبت فيه الـرياح واختل ثبـوته مسح دمـوعه واحتدت نـظراته الـمـعلـقه بـالفراغ :مـلاك لهم يـا سعود مـو لـي ... |