عرض مشاركة واحدة
قديم 14-08-18, 04:17 PM   #14

الأسيرة بأفكارها

مشرفة سابقة بمنتدى قلوب أحلام وافتح قلبك، نجم روايتي، حارسة وأسطورة سراديب الحكايات

alkap ~
 
الصورة الرمزية الأسيرة بأفكارها

? العضوٌ??? » 336028
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 23,577
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » الأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond reputeالأسيرة بأفكارها has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
افتراضي





الفصل الثاني


وصلت أخيراً إلى منطقتي و كم كنت مرهقاً و مستنزفاً !! .. لكني سعيد .. لقد ربحنا المباراة النهائية بفضل الله و قد أحرزت هدفين في مرمى الفريق المنافس .
نزلت من سيارتي لتقابلني كل مظاهر البساطة التي تمثل منطقة سكني فرغم أن مستواي المادي قد تحسن كثيرا ً إلا أن والدتي رفضت و بشده ترك منزلها فلم يكن لدي حل سوى أن ارضخ لما تريد .
لمحت طفلين يتشاكسان فاتسعت ابتسامتي لا اراديا ً و انا اري الماضي يمتثل أمامي من جديد!!
طفله تشاكس طفل..
حوريه تشاكس سليم ..
حوريه .. اغبى قرارتي !!!
حوريه .. اعز صديقه كانت لدي يوماً !!
و هل كانت صديقه حقاً؟!!!
حوريه لم تخضع يوماً لوصف .. لم تتبلور في مكانه
انها فقط كانت ... كانت نسيم ايامي الحارة ..
كانت تقبع في عمق كينونتي دون أن ادري .. اتخبط هنا وهناك و هي ثابته مكانها لا تتحرك انشاً واحداً .. في داخلي .. قطعه من روحي
الى أن صفعتني حتى استفيق و أدرك جيداً انها لم تكن يوماً أمراً مسلماً به!!!
صفعتها كانت قويه لدرجة أنني حتى الآن ما زلت انزف على إثرها...
آه .. كم تبدو ذكراكِ الان حيه... و بعيده! .. كبعدك عني بالضبط!!
ابتلعت مرارتي لأتحرك بعدها إلى البناية اصعد درجاتها بهدوء بارد لتعود ذكريات الماضي تنغز قلبي و انا اتذكر كل مره ركضنا فيها على الدرجات و كم مره سقط فيها أحدنا لننال نصيبنا من التوبيخ سوياً ثم نعيد الكره في اليوم التالي بلا كلل .
وصلت أخيراً إلى باب شقتنا و لكن قبل أن افتحه وصلني صوت امي الضاحك يأتي من شقة الخالة سميره ففتحت الباب و وضعت حقيبتي ثم طرقت باب الشقة المقابلة لتفتح امي الباب لي و هي تحمل طفلاً صغيراً يبدو وسيماً بعيون زرقاء و يرتدي ملابس تدل على ثراء عائلته!!!
اتسعت عينا امي بسعادة حين رأتني أمامها اقف مبتسماً لرؤيتها لتنزل الطفل أرضا ً ثم تعانقني بكل قوتها وهي تضحك لعودتي بينما تبثني اشتياقها و استيائها المتكرر من غيابي عنها
اغمضت عيني استمتع بعناقها ثم فتحتها لأجد من كانت تحتل أفكاري منذ لحظات تقف أمامي تحدق فيّ بصدمه تماثل صدمتي و يمكن أكثر!!
هل هذه حوريه؟!!!
رباااااه !! .. كيف يمكن لخمس سنوات أن تطمس مشاعر الإنسان لتحولها بكل عنفوان لشيء آخر لم يتخيله يوماً !!!
حوريه البحر ذات العيون الحزينة التي تقف أمامي تختلف عن تلك التي تركتني في ليلةٍ ما و اختفت تماما ً من حياتي و كأنها لم تكن يوماً...
احساسي بها الآن يختلف شكلاً و تفصيلاً عما كان من قبل!!
" حوريه !! "
لم اعلم أن همستي الغير مصدقه قد تخطت حدود شفتي الا حين رأيت تشنج جسدها الطفيف و لمحة الألم التي زادت من نحيب عينيها الذي رأيته منذ أن وقعت عيناي عليها
" ماذا بكما؟!! .. لما تسمرتم هكذا و كأنكما تحولتما لتماثيل شمعيه؟!! "
كلمات امي الساخرة و ضحكات الخالة سميره جعلتني ازحزح عيوني عنها " مرغماً "
كم كبرتِ حوريه !!!!
ابتسمت لأمي بهدوء كاذب ثم قلت :
" لقد تفاجأت بوجودها "
ثم نظرت إليها و أكملت بلؤم مقصود:
" فنحن لم نراها منذ أكثر من خمسة أعوام "
إن كنت اطمع برد فعل أتوقعه منها فقد خاب أملي ، فكل ما حصلت عليه ابتسامه بارده تناقض تماماً الحمم التي تقذفها عينيها نحوي ليأتيني صوتها بنبره جديده باهته لم اسمعها منها يوماً حين قالت:
" مرحبا ً .. كيف حالك ؟!! "
ابتسمت لها بهدوء كاذب لأجيبها بتحدٍ لا اعرف لماذا أطلقته بوجهها:
" مرحباً بك ِ .. انا كعادتي بأفضل حال ، كيف حالك انتي؟!! .. ابنك يبدو وسيماً للغاية "
التمع الدفيء بعينيها للحظه لتبتسم وهي تنظر إلى طفلها بينما تقول:
" هو فعلا كذلك "
و كأن الوضع ينقصه توتر إذ ظهر لنا من تحت الارض صوت ميسون و هي تلقي السلام لتُفاجئ هي الأخرى بوجود حوريه فتضع طفلتها أرضا ً ثم تهرول ناحيتها لتعانقها بحراره بينما ما زلت انا على وقفتي الغبيه و رغماً عني اشعر بالحسد و النقمة بينما يصور لي عقلي عناق مشابه!!!
.............
و قد كانت منقذتي كعادتها .. ميسون!!!
أختي العاقلة ، الذكية ، طبيبة العائلة و .... سر سليم الذي كان يظن أن لا أحد يعلمه !!!!
الهيت نفسي بعناق ميسون ثم تعرفت إلى طفلتيها " سوزي " و " ريماس" و قد كانتا جميلتان مثل امهن بالضبط ثم حاولت تقريب عدي منهن ليلعبوا معاً حتى اساعده على التأقلم مع المكان أكثر
" البقاء لله "
قالها سليم بود كاذب قرأته بوضوح فوق صفحة وجهه لأهز له رأسي بفتور دون أن أجيب بشيء و رغماً عني تقتلني جلسة ميسون بيننا ، فأمي و الخالة نعمه اتفقن أن نتناول جميعاً غدائنا معاً كالأيام الخوالي لكن شتان بين ما مر و بين ما اعيشه الان
ابتسمت بسري وانا أذكر كم مره طلبت من أمي بشكل غير مباشر أن تدعوه للغداء معنا ... أما الآن فأكاد اعد اللحظات حتى تنتهي تلك الجلسة المتعبة لأعصابي خاصة ً و هو يجلس هكذا يحدق بوجهي بكل وقاحه و كأنه يستكشفه لتظهر لي همسة " لعنتي " من العدم و كأنه يقرأ حنيني الى الآخر :
" تدورين و تدورين .. لكن مطافك يبدأ و ينتهي هنا بين ذراعي هشام "
تباً .. ألن تنتهي تلك المعاناة ؟!!!
اغمضت عيني احاول طرد شبح هشام من حولي ثم فتحتها من جديد لأجد عيناه و قد اتقد جمرها حين رأى جرح وجهي فيسألني بلحظة تهور:
" ماذا حدث لوجهك حوريه ؟؟! "
انتبهت ميسون لتبعد شعري و تمعن النظر لوجهي فأجبت بصوت أردته ثابتاً و انا اتهرب من عينيه:
"لا شيء .. هذا اثر حادث بسيط ، لقد سقطت من فوق الدرج "
" حقا ً ؟!!! "
قالها بعنف متهكم مما جعلني انهض قائله ببرود:
" انا سأساعد امي "
بعد لحظات سمعته يقول لميسون بصوت ما زال يسيطر عليه العنف:
" اخبري امي اني سأعود بعد قليل "
ثم خرج صافقاً الباب خلفه !!!!
" حوريه "
التفتت الى ميسون التي أشارت لي لنجلس سويا في غرفتنا القديمة ثم بدأت حديثها :
" هل انتي بخير اختي؟!!! "
ابتسمت لها بهدوء لأجيبها برتابة:
" أجل ميسون .. انا بخير "
" هل هشام من فعل بكِ هذا ؟!!! "
رباااااه ألن ينتهي هذا الأمر؟!!!!!
" أجل ميسون .. هشام من اهداني هذه العلامة المميزة قبل موته بساعات"
نظرات ميسون الثابتة تشتتني لتقول بعدها بصوت فاتر:
" أكره قول هذا لكِ ... لكني حذرتك من البداية لكن لا اعلم ماذا حدث لكِ بتلك الفترة جعلك تفقدين عقلك و تقبلين بذلك المختل !! "
ابتسمت بمراره لأجيبها:
" نصيبي "
" هيا يا فتيات لقد انتهينا من اعداد الطعام "
صوت الخالة نعمه أنهى تلك المحادثة العقيمة قبل بدأها فخرجنا لهن لتتساءل الخالة نعمه بحيره:
" اين ذهب سليم ؟!! "
تولت ميسون الإجابة:
" لقد خرج و قال أنه سيعود مجدداً .. لا اعلم الى اين ذهب "
جلسنا جميعاً حول المائدة لتمر بضعة دقائق ثم يدق سليم الباب مجدداً ليدخل و قد غير ثيابه و لف كفه.... بضماد!!!
" ماذا حدث لك بني ؟!!! "
" لا شيء اماه .. لقد أغلق باب الخزانة على كفي لا اكثر "
هل يتحاشى الان النظر لي؟!!!!
عجيب !! .. ألم يكن منذ لحظات لا يترك لمحه في وجهي دون أن ينظر إليها ؟؟!
بدأنا تناول الوجبة في حذر لأتشاغل انا بإطعام عدي هاربةً باستماته من الإجابة على أي تساؤل حول حياتي مع هشام!!!!!
" الحمد لله سلمت يداكِ خاله سميره "
في العادة لا تترك الخالة نعمه تلك الجملة تمر دون أن تمزح بأنها أفضل من أمي في إعداد الطعام لكن نهوض سليم و كأنه في سباق للرحيل من هنا جعلها تصمت ليقف هو مقبلا رأس امي كعادته ثم ألقي تحيةً جوفاء و رحل إلى شقته أمام نظرات الجميع المتعجبة من تغير أحواله!!!!!
................
لم اكن استطيع البقاء أكثر من هذا!!!
لا اتحمل الجلوس دون النظر إليها و في نفس الوقت لا استطيع تحمل رؤية ذاك الجرح البشع الذي يتحدى نظراتي بكل قوه و كأني ارى سببه حياً هنا بيننا !!!
فقط كيف اروض رغبتي بإخراج ميت من قبره ثم قتله من جديد مراراً و مراراً حتى يشفي غليلي مما أرى ؟؟!
نزعت ملابسي و رميتها بعنف يستفحل في عروقي ثم دخلت باحثاً عن راحتي تحت المياه الباردة لتهاجمني و تطرق رأسي بلا رحمه إحدى ذكرياتنا معاً ....
كل شيء بدأ منذ نجاح اول عرض لها دون أن ادري فبعد أن انتهى اصررت على اصطحابها هي و ميسون للاحتفال
" حسناً .. ماذا ستطلبن آنساتي؟!! "
حدقت ميسون بقائمة الطعام تختار ما تريد بينما شاكستني حوريه كعادتها حتى وإن كانت مجهده:
" كم مستوي ميزانيتك حتى اطلب على أساسه؟!! .. فأنا لا اقوى على غسل اطباق المطعم ثمناً لما سآكله "
هزت ميسون رأسها يأساً من اختها بينما اقتربت انا منها قائلاً بخفوت مهدد:
" إن لم تحافظي على نظافة لسانك حتى نهاية السهرة سأغسله انا لكِ بالماء و صابون الأطباق "
ضحكت لي غامزه فالتفت بعدها إلى من كنت اعتقد انها فتاة احلامي فيغلب قلبي لساني و تتحول نبرتي كلياً إلى أخرى حنونه :
" ماذا ستطلبين ميسون؟!! .. أياً كان ما ستطلبينه انا اريد مثله "
ضحكت ميسون برقه ثم قالت بعدها:
" حسنا لقد اخترت السمك "
ابتسمت لها عيناي و لكنها كعادتها كانت بوادي اخر فقالت بعدها حوريه تدعي الحنق :
" لما لم تسألني انا أيضاً عما اريد ؟!!! "
نظرت لتلك المزعجة قائلاً من بين اسناني:
" لأنك ستمسكين بالقائمة تقرئين كل ما فيها من أنواع ثم تتساءلين عن كل نوع و بعدها تسخرين من بعض الأطعمة وفي النهاية ستختارين المعكرونة باللحم "
ابتسمت لي بعينيها لتقول بعدها مازحه:
" عجباً ...!! .. لقد حضرت دكتوراه في سلوكي دون أن ادري "
نظرت لها بطرف عيني دون أن اجيبها بشيء ثم استقرينا بعدها على ما سنتناوله ليمر بعض الوقت بين أكل و مزاح لتظهر لنا بعدها فتاه رشيقة تبدو أكبر من حوريه ببضعة أعوام طويلة القامه جذابة الملامح بعيون يطفو منها الغضب و بذراع مجبر :
" مرحباً حوريه .. ارى انكِ تحتفلين بنجاح العرض "
امتعض وجه حوريه لكنها ابتسمت بسماجه لترد على الفتاه :
" مرحباً نرمين .. ما شاء قوية الملاحظة كعادتك "
و كأنهن يتبادلن حديث ودي إذ قالت نرمين بابتسامه صفراء :
" استمتعي الان كما تشائين لأنه بعد أن يشفي ذراعي سأعود لأكون الراقصة الاولى من جديد و تعودين انتي الى الصفوف الخلفية حيث تنتمين"
حسنا .. هذا يكفي .......
قاطعتهن محاولاً لعب دور العاقل:
" حسناً آنساتي انتن بحاجه لبعض الوقت المستقطع قبل أن تكملن تلك المحادثة الشيقة "
التفتت بعدها لتلك الـ " نرمين " لأقول بكياسه كاذبه:
" تفضلي انستي شاركينا العشاء "
التفتت لي " و ليتها لم تفعل " ثم ابتسمت بلطف وجدته مريباً بعض الشيء بعد أن كانت تتشاجر بخفوت مع حوريه ثم همست:
" شكراً لك .. انا ايضا ً لدي رفقه سأعود لها "
ابتسمت لها بهدوء ليظهر صوت حوريه من جديد حين قالت مغيظه إياها:
" أجل عودي الي رفقتك حتي نعود نحن أيضاً و نكمل ما كنا نفعله قبل هذا الفاصل اللطيف "
التمعت عين نرمين بالبغض لترحل بعدها بينما جذبت ميسون ذراع حوريه تجلسها من جديد بينما تهمس بتأنيب خافت:
" كفى حوريه .. ما الذي تفعلينه؟!! .. بعض النضج لن يضرك في شيء "
و كعادتها الأزلية وقت الغضب رفعت حوريه حاجبها لميسون لترد بخفوت مماثل:
" و ماذا فعلت أنا؟!! .. ألم تلاحظي انها هي من اقتحمت جلستنا بكل صفاقه و بدأت بحرق أعصابي؟!! .. هل كنتِ سأصمت لها ؟!! "
" حاشى "
قلتها ضاحكاً بخفه لتنظر لي حوريه شزراً بينما قالت ميسون بهدوء و هي تعود لتناول وجبتها :
" حوريه يجب أن تتعلمي التحكم في اعصابك اكثر من ذلك كما يجب أن الا تدعي الفرصة لأحد ليستفزك و يجعلك تخطئين معه في الحديث كما كاد أن يحدث منذ دقائق "
زفرت حوريه بملل فهي أكثر ما تكرهه هو أن ينصحها أحدهم بأي شيء لتقول بعدها بوجوم:
" حسنا ان كنتم انتهيتم من تناول طعامكم انا اريد العودة للمنزل .. انا مرهقه "
( اللعنة على حماقتك حوريه ستجعلينني اخسر فرصتي الذهبية بالخروج مع ميسون .. سأقتلك فور أن نعود )
تمتمت بها في سري و انا ارى الحمقاء تعقد العزم على العودة الى المنزل من بداية السهرة ثم أصابني الإحباط بحق حين قالت ميسون بموافقه :
" سيكون أفضل .. من الأساس انا لدي اختبار بعد يومين "
لم استطع الصمت فقلت متهكما ً:
" هل هذا هو مفهوم الاحتفال لديكن ؟!! .. تتناولن الطعام ثم تعودن الى المنزل للنوم أو المذاكرة !! "
اجابتني حوريه برتابة جعلتني أرغب في صفعها حقاً :
" اخبرتك من البداية اني متعبه .. انت و ميسون من اصررتم لذا لا تلقي علّي اللوم "
ظللت صامتاً للحظات ثم قلت بمحاوله اخيره:
" حسناً إن كنتِ متعبه عودي انتي الى المنزل و سأكمل السهرة انا و ميسون "
نظرت لي بتعجب مما اقول لتجيبني ميسون :
" لا .. ليس اليوم ، دعونا نعود إلى المنزل حتى احضر نفسي للاختبار "
كتمت تأففي من طبع ميسون العاشق للعلم ثم نهضنا بعدها و في طريقنا لخارج المطعم مررنا بطاولة نرمين التي هتفت بمكر :
" الى لقاء قريب يا حوريه "
لكن حوريه لم تبالي بها من الأساس فنظرت لي بعدها و أكملت دون حرج:
" الى اللقاء .. اتمنى رؤيتكم من جديد ..... يا وسيم"
رفعت حاجبي مذهولا منها لتضحك ميسون بخفوت على هيئتي ثم خرجنا بعدها فقلت دون أن تفارق الصدمة نبرتي:
" لقد غازلتني علناً "
ضحكت ميسون بصوت مرتفع بينما قالت حوريه وهي تنظر لي من بين اهدابها الطويلة :
" لا تتعجب نرمين تغازل كل من تراه ، لقد سمعت انها كانت من عشاق درس ( جمع المذكر السالم ) ايام الدراسة "
تعالت ضحكة ميسون أكثر و أكثر ثم شاركتها حوريه الضحك بينما أنا تائه بابتسامه بلهاء في ضحكة غامضتي عاشقة الكتب .
" سليــــــــم !! ... بني هل انت بخير؟!! "
صوت امي القلق اعادني لحاضري من جديد فأغلقت المياه قائلاً بصوت لم يفارقه الحنين:
" بخير امي بخير .. سأخرج حالاً غاليتي "
خرجت بعد عدة دقائق لأجدها تنتظرني لتسألني بغتةً :
" ماذا حدث لك ؟!! .. منذ أن رأيت حوريه تبدل حالك !! "
حاولت قدر الإمكان أن أكون ثابتاً ثم اجبتها متقنا ً دور المتفاجئ :
" و ما دخل حوريه يا امي؟!! .. كل ما في الأمر اني مرهق من الرحلة "
واجهت نظراتها المتفحصة بثبات اُحسد عليه لتتنهد هي بقنوط فيما تقول:
" انت مثل ابيك لن استطيع الوصول معك لحق أو باطل إن أردت الصمت، انا لن اتعب نفسي معك "
ابتسمت لها مطمئناً إياها ثم قبلت رأسها قائلاً بمشاكسه:
" امممم مثل ابيك !!!! ... هذا بالتأكيد مدح لأخلاقي "
ضحكت لتجيبني:
" ابيك لا مثيل له .. انت فقط تشبهه من بعيد .. رحمة الله عليه كان سيد الرجال"
قبلت كتفها ثم تركتها و دخلت الى غرفتي محاولاً اخذ قسط من الراحة بعد تلك التطورات التي حدثت اليوم لتضربني الحقيقة من جديد
لقد عادت حوريه .. و عادت روحي معها .
.................................
" سأرتب ملابسك في الخزانة "
قالتها امي بإقرار و هي تنهض الى غرفتي القديمة فحاولت اثنائها :
" اتركيها امي انا سأرتبها قبل النوم .. لا داعي لتعبك "
هزت رأسها فيما تقول بإصرار:
" لا والله لن يرتبها غيري ، انتي لا تعلمين كم تمنيت عودتك حوريه "
ابتسمت لها بدفيء لتذهب هي و تختفي داخل غرفتي القديمة بينما مكثت انا مع عدي الذي كان يغلبه النعاس بعد تلك المسافة الطويلة التي قطعناها
(في الغرفة )
ارتب ملابسها و داخلي يغلي على حالها و ما آل إليه ....
ابنتي .. فرحتي و قرة عيني .. عاصفة منزلي المحببة تختفي عن عيني أعوام ثم تعود بهيئة اخرى لا تمت لما كانت عليه بصله!!!!
عيناها تستنجد بصمت ، اشعر بنزيف قلبها يمزقني رغم ابتسامتها الهادئة التي ترسلها لي كل لحظه وهي تظن بكل حماقه انها تطمئن قلبي عليها
ترى ماذا فعلوا بكِ صغيرتي؟!!!
ما الذي اضطررت ِ الى مواجهته هناك بمفردك؟!!!
لعنة الله على العجز
صوت سقوط شيء بالأرض جعلني استغفر الله ثم نظرت لأجد دفتراً صغيراً اسود اللون رفعته لتسقط منه ورقه مطويه فغلبني فضولي و فتحتها :
" قبل أن تُلقي باللوم علي اسألي نفسك أولاً .. هل احببتني يوماً ام كنت فقط الإنسان المناسب في الوقت المناسب؟!! .. لستِ ملاك فلا ترفعي راية الطهر بوجهي ، كلانا مخطئان لكن خطأك انتي لا يُغتفر، انا لعين و أكره نفسي كل يوم على ما اسببه لكِ من ألم لكن أقسم لكِ أنه في كل مره مسستك فيها بسوء جلدني قلبي الف مره لأجلك ، في كل مره حاولت فيها كرهك غافلني قلبي اللعين و تعلق بكِ أكثر بينما قلبك انتي لم يحن لي ولو بنبضه واحده فمن منا الظالم؟!!!
اجل كنتِ تريدين بدأ حياة جديدة معي لكن رغماً عنكِ وعني كان هناك ما يبعدك .. حاولتِ أجل ، لكنك حاربت ِ دائما ً حقيقة ملكيتك لي
كان يجب أن احظى بهذا القلب حتى وإن ذبحته كل يوم ألف مره .. لا يهم و لن يهم يوماً .. عذابك انتي اهون من جحيمي
أتعلمين .. هناك لحظه لن اغفرها لكِ يوماً مهما حدث ....
حين جعلتني اغضب منك و صفعتك ثم رمقتيني بعدها بتلك النظرة الكارهة ... لن انساها لكِ حوريتي .. في عُرفي اي شيء يهون الا الكره
اتعبتك و أهلكتِ قلبي و برغم كل ما مر ابلغي قلبك مني السلام ... هشام "
تعجبت مما أقرأ .. هل حقاً هذا هشام الفخور حد التباهي ؟!!
اكاد ارى توسله لحبها بين حروفه !!!
ترى ما الذي حدث بينكما لتصلا الى ما وصلتما إليه؟!!!
عدت بنظري لذلك الدفتر الأسود ثم فتحت اول صفحاته
" اشعر انني سخيفة للغاية .. لم أتخيل أن أكتب مذكراتي يوما !!! "
هذا هو .......
منبع اسرارك يكمن بين يدي حوريه .. سأفهم ، ويجب أن أفهم كيف عدتِ معطوبة بهذا الشكل و كيف جعلتي هشام الخشاب بجلالة قدره يتوسل الحب منكِ !!
......................
بعد شهر....
و اخيرا ً ازلت الضمادات اليوم عن جرح وجهي و عاد لطبيعته السابقة نوعاً ما عدا بعض العلامات البيضاء الطفيفة لكن الطبيب اخبرني انه مع الوقت ستزول وقتها اخفيت ضحكتي الساخرة بمعجزه و كدت ان أخبره أن بعض الندوب غير قابله للشفاء و منهم ندب وجهي ، فحتى إن اختفي عن مرأى عيني سيظل قابعاً أراه في كل مره انظر فيها لمرآتي
" اصبحتِ جميله من جديد امي "
ضحكت لعدي ثم بدأت بالركض خلفه في مدخل بنايتنا اقوم بالهاء نفسي حتى لا اعود لجحيم أفكاري من جديد !!
و في نفس الوقت كان سليم يهبط من الدرج متجهاً نحو الخارج ليفاجئني عدي الذي جرى نحوه و قد استطاع سليم اكتساب صداقته في وقت قياسي لينحني سليم ضاحكاً و يحمله فيما يحدثه كرجل ناضج:
" كيف حالك اليوم يا بطل؟!! "
عدي الذي كان منطوياً و حذراً في التعامل في قلب بيته كان يقبع بين ذراعي سليم منطلقاً ضاحكاً فيما يتكلم بنبرته الطفوليه:
" بخير .. أتعلم لقد شاهدت صورتك البارحة على موقع التواصل كما شاهدت هدفك الأخير "
ضحك سليم بينما أنا انظر لهما متعجبة من ارتباط عدي السريع به رغم أنهما لم يلتقيا سوى عن قريب .....جدا
" كيف حالك اليوم؟!! .. ارى وجهك قد عاد لسابق عهده "
السخرية المستترة أصبحت عادته معي في الحديث .. حسناً ....
تجاهلت الشطر الثاني من جملته فيما أقول ببرود مجيبه على سؤاله الاول:
" الحمد لله انا بخير "
أنزل عدي ارضاً فركض صاعداً الى جدته التي بات متعلقاً بها بينما وقفت انا أمامه لا أدري ماذا يجب أن أفعل !!!
فمنذ عودتي و لم اسمح لأي فرصه أن تجعلنا ننفرد لأكثر من دقيقتين ، تحركت بعدها محاولةً تخطيه ليتحرك هو بعفويه كاذبه فيسد طريقي بينما يتحدث بطريقه مفتعله جعلت التوتر يزداد بيننا:
" هل رتبتِ امورك كلها هنا ؟!! .. ان احتجتِ لمساعده لا تترددي في اللجوء إلى ّ "
تنهدت بملل من أسلوبه المستفز دون أن اعلم الى اين يريد أن يصل:
" شكراً لك سليم .. بعد اذنك "
ضحكه خافته منه اوقفتني لأسمعه بعدها يقول هازئاً :
" اول مره تنطقين فيها اسمي منذ عودتك .. الحمد لله لقد ظننت للحظه انكِ قمتِ بمسحه من ذاكرتك كما فعلتِ مع الجميع "
التفتت إليه من جديد فيما أقول بأعصاب على الحافه:
" الى اين تريد أن تصل بأسلوبك هذا ؟!! .. ماذا تريد ؟!! "
لا اعلم كيف لكن في لحظه خاطفه اختفت السخرية ليحل محلها غضب ..
غضب من نار لأجده بعدها يقترب مني خطوتين و في عينيه نظره كفيله بدفني وانا على قيد الحياه فيما يهمس من بين أسنانه:
" اريدك ان تعترفي "
قطبت بعدم فهم و داخلي قلق مما اراه منه و كأن روحاً أخرى قد تلبست جسده :
" أعترف بماذا ؟!! "
لا اعلم إن كنت نطقتها حقاً ام ان السؤال لم يغادر عقلي لكن إجابته القاتلة اكدت لي اني ما زلت املك القدرة على الحديث :
" اعترفي انكِ مثل غيرك حوريه .. غبيه ، تسلّمين نفسك لمن يضحك عليكِ بكلمتين غزل و يا حبذا لو كان غنياً "
اكاد لا أصدق نظراته التي تتجلى فيها الاحتقار فأنظر إليه بلا فهم لما يقول :
" انت تهذي .. ما هذا الهراء؟!! "
ابتسامه بشعه ارتسمت فوق ملامحه بينما يستطرد مفسراً ما يراه صحيح:
" كنتِ لا تطيقين سيرته ، تبغضين التصاقه بكِ كالعلكة كما كنتِ تصفين ، مات أبيه ليرث هو و فجأة تبدل الحال ووافقت حوريه على الزواج ممن كانت تنفر منه .. لا تحاولي الإنكار فأنا قد اعتصرت عقلي عل وعسى اصل الى سبب واحد جعلك تقبلين به لم اجد .. لم اجد غير هذا ، اتخذتِ حديثي معك وقتها حجه حتى تصلين لمبتغاكِ .. أليس كذلك؟!! .. اخبرتك أن تتريثي لكنك كنت كالمغيبة لا ترين ولا تسمعين شيئاً و ذهبتِ إليه بقدميكِ "
هل يموت الانسان حقاً لمره واحده في هذه الحياه ؟!!
اذا كانت الإجابة " نعم " فدنيانا ليست بعادلة أبداً لأن هذه مرتي الخامسة مع الموت لكن الغريب أن موتي دائماً متعلق به !!!!
الاولى .. حين اكتشفت حبه لميسون ..
الثانية .. حين سخر من مشاعري دون حتى أن يتأكد من وجودها !!
الثالثة .. يوم تزوجت هشام يأساً منه ..
الرابعة .. حين ضربني هشام حتى كدت أموت بين يديه..
أما الخامسة فهي الان على يديه هو و بكل تعمد!!!!
كيف تراني هكذا؟!!
" ماذا حوريه ؟!! .. هل أكلت القطه لسانك ؟!! .. فقط اعترفي انكِ لا تختلفين عن البقيه ! "
" من البقيه ؟!!! "
سألته و انا اشعر بسكين يذبح حنجرتي وانا اجاهد لأخمد بركان قلبي فلا ينفجر أمامه فيهز هو كتفيه قائلاً بعنف :
" الكثيرات .. ميسون مثلاً وافقت على زواجها من زميلها المتخرج حديثاً لأنها تعلم جيدا ً مكانة عائلته ، و هناك أيضاً صديقتك القديمة .. نرمين .. ذهبت و لفت حبائلها حول رجل أعمال فأوقعته كأبله و تزوجت به ، واجهي الأمر حوريه جميعكن سوااااااااااء "
لا اعلم من اين ظهرت ضحكتي في موقف كهذا فأجد نفسي دون إرادةً مني اضحك بلا توقف حتي دمعت عيناي فيتعجب هو و يسألني بخشونة واضحه:
" على ماذا تضحكين أنتِ ؟!!!! "
استمريت اضحك على مرار قلبي الذي اتجرعه على يد ذلك الغبي الذي يضعني دون أن يدري في نفس الكفة مع حبيبتيه السابقتين لتهدأ ضحكاتي بعدها بينما اقول وانا أتراجع نحو الدرج لا ارغب في المزيد من الذل و الألم :
" انا سأصعد "
أمسك بمرفقي يحدق في عيني بقوه لا اعلم بما يتهمني فيما يهدر بخفوت:
" تهربين من جديد!!! "
أبعدت يده بحده لينفجر بركان قلبي أخيراً فيحرقني بلهيبه قبل أن يحرقه بينما اخرج ما كبته دائما ً :
" هل تحاسبني سليم على اخطائك انت ؟!! .. هل تبحث عن من تحمله ذنوبك ؟!! "
دون أن ادري وجدت نفسي اقف امامه لا يفصل بيني و بينه الكثير فيما أقول بلؤم مقصود وانا اركز على كل كلمه :
" انت احببت ميسون لكن ميسون و للأسف الشديد لم تحبك و أحبت فؤاد فماذا فعلت انت ؟!! .. تغافلت عن حقيقة ان قلبها مال لغيرك و بحثت عن سبب تعلق عليه فشلك و وقع اختيارك على مكانة عائلته .. ثم ذهبت بعدها نحو فتاه انت تعلم جيداً انها لا تحبك كما تعرف تاريخها الحافل و رغم كل شيء اعطيتها ثقتك .. إذاً لا تأتي الآن و تبكي لي خساراتك بل و تعطيني درس في الأخلاق لأنني لست بحاجه لحمل هم اخر مع همي ، أما بالنسبة لي فسواء إن كنت احببت هشام ام لم احبه أمر يخصني انا و انا فقط و لا يمت لك من قريب أو بعيد "
وكأني ازلت جبلاً من فوق كاهلي ..
الحقيقة موجعه لكن المها لا يطول كألم الوهم
استغليت ذهوله مما أعلمه عنه لأتركه و اذهب خلف ابني ليوقفني صوته المتحشرج وكأنه يوشك على الاختناق حين همس و كأنه يُحدث نفسه بينما يلكم الحائط أمامه مفرغا فيه غضبه:
" لم اُحب أياً منهن ... لم يكن حباً .. لم أحب يا حوريه"

(نهاية الفصل الثاني)




قراءة ممتعة للجميع لاتنسوا هاجر الغالية من تعليفاتكم و أرائكم..
دمتم بحفظ الله ورعايته...








الأسيرة بأفكارها غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس