عرض مشاركة واحدة
قديم 12-02-18, 11:19 PM   #157

hanin ahmad

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية hanin ahmad

? العضوٌ??? » 357545
?  التسِجيلٌ » Nov 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,348
?  نُقآطِيْ » hanin ahmad has a reputation beyond reputehanin ahmad has a reputation beyond reputehanin ahmad has a reputation beyond reputehanin ahmad has a reputation beyond reputehanin ahmad has a reputation beyond reputehanin ahmad has a reputation beyond reputehanin ahmad has a reputation beyond reputehanin ahmad has a reputation beyond reputehanin ahmad has a reputation beyond reputehanin ahmad has a reputation beyond reputehanin ahmad has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

ووصلنا لنهاية الرحلة اشكر كل اللي تابعونا وعلقوا لينا وافادونا بملحوظاتهم الجميلة وعلى راسهم روح قسم وحي الاعضاء (ام سوسو) .. شكرا ليكم كلكم واسيبكم مع الخاتمة وإلى اللقاء في عمل جديد ان شاء الله 💜

اوراق الياسمين خاتمة

الخاتمة

زهور بكل مكان منها النضر ومنها من تساقطت أوراقها،
منها من دهستها الأقدام في غمرة السباق للفوز برحيقها
فلم يكتب لها النجاة.. وأخرى تحاول النهوض من كبوتها
لتحارب بعالم نُزِعَت من قلبه الرحمة!
عالم يرى المرأة خطئية تستحق الوأد.. والرجل (سي
السيد) يستحق العبادة بظلمه وطغيانه وتجبّره ..
زهرات صمدن واستعدن قوتهن، وأخريات لم يكتب لهن
النجاة من غدر البشر!
أيام دوّارة مليئة بالظلم والقهر وأخرى مشرقة مليئة
بالأمل وكما نصحونا قديما انظروا لنصف الكوب
الممتلئ ولا يعلمون أن الكوب قد كُسِرَ وتحطّم لشظايا
صغيرة آذت كل من اقترب منه فمنهم من نجا وانتزع
الشظايا واستعاد عافيته.. ومنهم من لم يُكتَب له النجاة
وتسببت الشظية بموته!
زهرات خلقن من رحم الظلم منهم من قاوم الطغيان ومنهم
من لم تستطع فدُهِسَت تحت الأرجل.. وهكذا هي الحياة
تتأرجح بين القوة والضعف، التحدي والاستكانة، الظلم
والعدل.. الرجال وأشباههم ولا خلاص للزهرات سوى
بفارس نبيل زُرِعَت الرجولة بداخله فاختار ان يحمي
ويصون ويحب بدلا من ان ينتهك ويظلم ويتجبر.

بعد مرور عدة سنوات
"رءوف.."
نادته بأعلى صوتها قبل أن يخرج من المنزل، وبسرعة
وضعت علبة الطعام في حقيبة وخرجت من المطبخ.
"خُد أكلك معاك"
ابتسم وهو يتناول الحقيبة منها كعادة لازمَت عليها منذ
بداية زواجهما: "تسلم إيدك يا دلال"
ابتسمت بحلاوة وهي تجيبه بما يحمل في طيّاته الوعيد:
"عارف لو ما أكلتش يا حبيبي هعمل فيك إيه؟"
اقترب منها يتساءل بشقاوة وهو يتأمل مظهرها المُهلك هذا
الصباح بشعرها المنسدل حتى وصل لأعلى فخذها وذاك
البنطال القصير جدا ليظهر بشرتها بسخاء أمام عينيه:
"لأ معرفش، اديني فكرة كده!"
أخفضت بصرها وضحكت عندما أدركت أنها لن تعرف مجاراة قلة أدبه التي اعتادتها منه .
أمسكت بياقة قميصه تعدّلها له: "لما تيجي هقولك"
أمسك أعلى ذراعها بقبضة يده وهو يقترب منها: "طب ما
تيجي انا اقولك دلوقتي ولما اجي نبأى نكمل كلامنا"
أبعدت وجهها جانبًا وهي تهتف ضاحكة:
"رءوف.. هتتأخر ع الشغل"
أدار وجهه لها يستعطفها: "بوسة واحدة بس وهمشي"
ضيّقت عينيها وهي تسأله بعدم اقتناع: "واحدة بس؟"
أومأ برأسه ببراءة، فاقتربت وطبعت قبلة رقيقة على
شفتيه، ولم تكد تبتعد حتى أحكم إمساكه برأسها
وبادلها أمام قبلتها العديد من القبلات.. كأنه يشحن
طاقة يومه من خلالها، ينهل من روحها ما يقوّيه وينعشه،
وهي أبدًا لا تبخل عليه، بل لا تريد أن تفعل وهي بالمثل
تستجدي الأمان والحب منه صباحًا ومساءً وبكل وقت..
وأمام عطائها يقدّم أضعافه لها على طبق من ذهب .
***
تسمع ضحكاتهما الخافتة من خلفها فيتمزق قلبها ألمًا،
تكتوي بنارها دون أن تقدر على ردعه.. هو زوجها، ووالد
أطفالها، وكل ما لها ولهم، وإذا تركته يومًا فستجلس في
الطرقات لا تملك حتى ما يكفيهم قوت يومهم.
أمسكت بإحدى البلوزات واستدارت له لتجد أنه كان
يسجل رقم البائعة، وعندما انتبه لها أخفى هاتفه في
جيبه وحاول كتم ابتسامته.
ابتسمت هي تداري ما بداخلها وتعمي عينيها عما رأت:
"إيه رأيك ف دي؟"
غالبًا هو لم يكلّف نفسه عناء النظر إليها، لكنه قال
بهدوء: "حلوة يا حبيبتي، ادخلي جربيها"
أومأت برأسها واتّجهت إلى غرفة القياس، أحكمت إغلاق
الباب ودون أن ترهف السمع لما يدور خارجا سمعته
يحادثها، وربما كان يتفق معها على يوم يتقابلان فيه سرا
كمان يفعل كل ليلة مع إحداهن.. لتجلس هي في المنزل
بين جدرانه تتلظى كاتمة صرخة قهر وعجز، تضع
خرقة بعد خرقة بالية في فمها كي لا تخرب حياتها،
لتكون النتيجة بكاء صامت كل ليلة كما تفعل الآن
تماما.. وكما ستظل تفعل إلى أن يأذن الله بغير هذا
الحال .
***
دقّت ثلاث مرات على الباب فعلم من تكون، ودون أن يأذن
لها اقتحمت غرفة مكتبه كما اقتحمت كيانه وقلبه
وعقله منذ سنوات.
ابتسم وهو يراها تتحرك بصعوبة وبطنها أمامها عشرة
أمتار!
"ما قولنا اقعدي ف بيتك معززة مكرمة"
ضيّقت عينيها وهي تقترب منه، حتى وقفت بجانبه واضعة
يدها خلفها ظهرها، تأخذ أنفاسها بتسارع وهي تقول
بتعب: "كفاية رغي وقوم وقعّدني، مش قادرة، ضهري
هيتقطم يا جلال"
وقف من مكانه لتجلس هي على كرسيّه، وما أن لامس
جسدها حتى تأوّهت براحة مغمضة عينيها.
جلس هو على ذراع الكرسي قائلًا بغيظ: "يا رب تكون
القَعْدة مريحة للمدام"
ابتسمت واضعة يدها على بطنها: "جــدًااا.."
تسلّلت يداه لكتفيها يدلّكهما بلطف جعلها تتأوه ممتنة
لما يفعل، ليقول بهدوء وحزم: "مش عارف بتيجي ليه
والله! قولتلك ارتاحي ف البيت لحد الولادة وبعدها
بكام شهر ابقي ارجعي تاني يا ستي"
رفعت رأسها قليلا لتهمس مبتسمة بينما تقبّل وجنته:
"عشان بتوحشني"
ابتسم في المقابل أمام مزاجها الرومانسي: "والله.!"
أومأت برأسها، ليذكّرها: "اللي يشوفك دلوقتي
ميشوفكيش من كام شهر وانتي في الرايحة والجاية
تقوليلي ابعد يا جلال مش طايقاك!"
مال يقبّل وجهها بنعومة: "وكل ما جلال يقرب، تبعدي..
تبعدي... تبعدي... لحد ما جالي جفاف عاطفي"
ضحكت من قلبها: "وانا اعمل ايه طيب؟، بنتك هي اللي
مكانتش طايقاك"
"ودلوقتي؟"
اقتربت من شفتيه تطبع قبلة عليهما، وهي تهمس له:
"دلوقتي بتموت فيك، بتحلم بيك كل يوم، بتقولك
خليك جمبي دايما"
"كاميليا.."
همهمت بنعم، فقال وهو يتأمل عينيها ونظراته عشقه
مفضوحة: "انا بقول تروّحي وكفاية عليكي كده.. وانا
هوصّلك عشان ماتتعبيش"
ابتسمت بتهكّم: "مضَحّي أوي حضرتك!"
"جدًاااا، لأقصى حد"
"طب والعملا اللي جايين؟"
اقترب منها وطبع قبلته بحرارة على وجنتها: "نلغيهم"
"والقضايا اللي عندك؟"
قبلةُ شفتين، ثم همسٌ: "تتأجل"
"وال.."
قاطعها مزمجرًا: "كاميليا... اخرسي وقومي قدامي"
ابتسمت بتسلية مجيبة: "حاضر" .
***

كانا يمشيان في أحد الأزقّة عندما سحبها من يدها في
لحظة خاطفة وأسند ظهرها إلى الحائط في مكان لا
يصله أي نور.
ابتسم بعبث وهو يتحسس رقبتها بيده ووجهه لا يفصله
عن وجهها شيء: "أخيرًا لوحدنا من غير ناس ووجع قلب"
أخذت تتلفت حولها مذعورة محاولة إبعاده قليلا عنها:
"يا حسن ميصحش كده، إفرض حد شافنا"
اقترب أكثر مستندًا بيده إلى الجدار من خلفها، يهمس
بحرارة اتّقدت بجسده ولا سبيل لإخمادها سوى بطريقة
بدائية لن يتنازل عنها: "يا بت كام مرة قُلتلك انتي
مراااتي... مراتي... يعني ماتخافيش من حاجة وانتي
معايا"
حاولت التملّص من حصاره وهي تهتف غاضبة: "لأ مش
مراتك لسّه يا حسن، دبلتك ف ايدي اليمين مش
الشمال، وشقتنا لسه مخلصتش وانت مش ناوي تخلصها
شكلك كده.. لما اكون ف بيتك ابأى اعمل اللي
انتي عاوزه، انما دلوقتي لأ"
انفعل، وكبّل يديها خلف ظهرها بينما يقبل وجهها قائلًا:
"يعني سايبك بمزاجك الفترة اللي فاتت عشان يوم ما
اعوزك تبرطميلي بالكلمتين السود دول؟! ولا الجن
الازرق هيعرف يبعدني عنك النهاردة يا بت، يا قاتل
يا مقتول، وهتبقي مراتي بالكلام وبالفعل.. ووريني بأى
لسانك الطويل ده هينفعك ف ايه!"
حاولت الصراخ والإفلات منه فـضغط بجسده بقوة أكبر
على جسدها حتى كادت تلتحم بالحائط من خلفها من
شدة ضغطه، وعندما حاولت الصراخ أسكتها بشفتيه
وهما تعاقبانها على شيء لا تعلمه.. فانهمرت دمعاتها بينما
تحاول وتحاول أن تبتعد عنه، وأمام إصراره وطاقته التي
تفجّرت، لا سبيل للرجوع، ولا حياة لمن تنادي!
***
من الطارق في منتصف الليل!
فتح باب المنزل متثائبًا بنعاس ليجد زوجة حماه أمامه
حاملة طفلها بين يديها.
أدخلها ولازال لا يستوعب ما يحدث، ليسألها بقلق:
"انتي كويسة؟"
تكلمت بحرج: "أنا آسفة إني جيت في وقت زي ده، بس
ملقيتش غيركو أتحامى فيهم"
خرجت زهرة من غرفتها وهي تضم جانبي مأزرها هاتفة
بقلق: "هدير! ايه اللي حصل؟"
بدأت تبكي وشاركها صغيرها البكاء: "أبوكي يا زهرة..
كان يوم اسود يوم ما اتجوّزت، الله يسامح اللي كان
السبب"
نظرت لهشام وهي لا تفهم أي شيء، ليشير لها أن تدخلها
غرفة الجلوس وسيتركهما على راحتهما؛ ففعلت.
سردت هدير عليها ما يحدث معها منذ تزوجت، ضرب
وإهانة وذل كل يوم بشتى الطرق، حتى أن آثار ضربه
لازالت ظاهرة على جسدها بعلامات حمراء وزرقاء.
لتسألها زهرة بأسى: "انتي ايه اللي خلّاكي تتجوزيه
يا هدير؟"
هتفت بقهر: "أبويا وأمي.. بعد ما جوزي الأولاني مات
ماصدّقوا أول واحد قال يا جواز شيّلوه الشيلة، واتحرق انا
مش مهم، المهم ان الناس ماتاكلش وشهم والأرملة اللي
في بيتهم تتستّت في بيت العدل"
ثم عادت للبكاء بصوت مرتفع: "حسبي الله ونعم
الوكيل"

أخذت زهرة تهدئها إلى أن غفت تماما، لتذهب بعدها حيث
يقبع هشام.
تمددت بجانبه مستندة برأسها على ذراعه، وبذراعها
تحاوط جذعه مغمضة العينين.. فقط تريد أن تشعر به
بجانبها دون كلام.
وهو شعر بها فأحاط خصرها بذراعه مقبلًا قمة رأسها:
"نامت؟"
أومأت برأسها، فمسح على شعرها وربت على ظهرها:
"نامي انتي كمان"
دقائق مرت، لينطلق صوتها قاطعًا الهدوء: "هشام.."
همهم بـنعم، ثم وجدها رفعت رأسها عن صدره ونظرت إليه
قائلًا بصدق وقوة: "أنا بحبك أوي.. والله العظيم بحبك"
لمعت عيناه وابتسمت شفتاه، ودق قلبه بعنف أمام اعترافها
الصريح بحبه.. لتضع رأسها مرة أخرى على صدره، تضمه
بقوة إليها هاتفة بحرارة: "ربنا مايحرمني منك أبدًا"
تشمّم خصلات شعرها مقبلًا رأسها عديد من القُبل:
"ولا يحرمني منك يا حبيبتي.. ربنا يباركلي فيكي"
وغفت، وغفا هو الآخر، وفي قلب كل منهما حب لنصفه
الثاني يضاهي الدنيا وما فيها.
***
"نزااار! بسس وقف اللي عم تعمله! رح يشوفنا محمد وأنت
بتعرف منيح أنه ابنك رح يفرفر لسانه ويفضحنا بكل
محل، هديكي المرة استحيت وحسيت حالي رح اختنق
قدام أخوي"
ضحك بعبث وهو يواصل تقبيلها قائلا:"وشو يعني؟! رجال
ومرته ولا أخوكي الغالي ما بيبوس مرته!"
همّت بالحديث ليقاطعها قائلا بحنق:"حاش تحشري
أخوكي بكل شي بيناتنا بكل مرة بقرب منك! أنا
جوزك وبعمل اللي بيحلالي بالوقت اللي بدي اياه،
فهمتي؟!"
زمّت شفتيها بحنق وهي تقول:"وأنا! مفيش حساب للي بدي
ياتو؟!"
رمقها بنظرة حزينة ثم ابتعد عنها ناهضا وهو يقول:
"أنتِ إلك كل الاولوية نادو، معك حق.. رح أبطل
حركاتي وأرجع للشغل"
أمسكت بيديه تشعر بالندم فهي لم تقصد أن تغضبه أبدا
ولا تحتمل أن ترى هذه النظرة الحزينة بعينيه..
"نزار اسفة، مش قصدي أزعلك بس انا مستحية منك
ومحمد عم يقول للكل اللي عم يشوفه مع أن حاولت
كتير أمنعه"
لم يرد عليها بل لم يلتفت لها حتى فوقفت أمامه تجذبه
لأسفل حتى تتصل لوجنته فقبّلته برقة ليشيح بوجهه
عنها لتمسك بوجهه هذه المرة وتطبع قبلة على شفتيه
وهي تهمس:"بعتذر"
وما إن لامست شفتيها شفتيه حتى أحاطها بذراعيه يبادلها
قبلتها بشغف وهو بهمس لها بين قبلاته:"بحبك نادو"
ليفتح بالباب بقوة ويظهر محمد متخصرا رافعا حاجبه
ليظهر أكبر من عمره بسنوات وهو يقول:
"رح أقول لخالي شو عم تعملو"
ابتعد نزار عن نادين وهو يصطنع الارتباك قائلا:"لحظة
يا محمد.. أمك السبب هي اللي خلتني أنحرف"
ثم رمقها بعبث وهو يتابع غامزا إياها :
"وأنا بحب الانحراف كتيير" .
***
ترجّلت من سيارة الأجرة التي أقلّتها من أمام منزل زوجها..
ابتسمت بسخرية وهي تفكر.. أي زوج هذا؟! هل هو الزوج
الذي حلمت بالزواج منه طوال سنوات .. زميلها بالجامعة
والذي فتنت به ما إن رأته بإحدى الندوات التي كانت
تقيمها الجامعة..
فتنت بثقافته وإقدامه ووسامته ولباقته .. كان فارس
أحلام البنات بالجامعة وهي لم تكن استثناءا!
لم تصدق عندما خصّها بنظراته واهتمامه ليطلبها للزواج
بعدها ومن هي لترفض فارس الأحلام؟!
وافقت على الفور وقد فرح به والدها فها هو سيتخلص منها
كما تمنى دوما.. فهو الأب لخمسة من البنات رغم
محاولاته المستميتة لإنجاب الولد ولكن امر الله فوق
كل رغبة .
وربما هذا ما جعله يزداد ظلما لهن يوما بعد الآخر..
زفرت بقوة وهي تطرق الباب الذي خرجت منه سعيدة
لتفاجا أنها تنتقل من جحيم والد ظالم لجحيم أشد قسوة
لزوج أكثر طغيانا وتجبرا!
ضرب وإهانة على توافه الأمور وهي تحتمل وتحتمل حتى
فاض بها الكيل لتترك المنزل له بعد آخر مشاجرة
بينهما بسبب لا تعرفه من الأساس فحماتها العزيزة لا
يغمض لها جفن دون أن تفتري عليها ظلما وعدوانا وابنها
زوجها العزيز لا يستيطع أن يرفض لها طلبا .
فتح باب شقة والدتها لتجد والدتها أمامها هتفت بها وهي
تضرب صدرها هلعة:"ايه اللي عمل فيكي يابت
يا وردة؟" "
"جوز الندامة اللي رميتوني له ولا سالتوا عليا"
"اكيد طولتي لسانك عليه، مانا عارفاكي ما
بتسكتيش ابدا"
هل تعرفيني حقا أماه؟! هل تعرفي من حملتها برحمك
تسعة أشهر؟!

وإذا كنت تعرفيني كما تدّعين هل تعلمين ما يحدث
لي؟!
هل تلاحظين الكدمات على جسدي؟! هل تلاحظين
جسدي الذي ازداد نحولا على نحوله من كثرة الطغيان
الذي تعرّض له؟!
قبل أن تقول شيئا ظهر والدها ليرتجف جسدها تلقائيا
وتنكمش على حالها وهو يهدر بها:"بقى انتي تقصّري
رقبتي قدّام الخلق ويقولولي معرفتش تربي؟! سايبة بيت
جوزك ليه يابت وجاية في انصاص الليالي؟! وازاي تعلّي
صوتك على جوزك وحماتك؟! هي دي التربية اللي
ربتهالك؟! جوزك زمانه جاي ياخدك وعلى الله اعرف
انك عملتي حاجة تانية زي دي معاه انا اللي هكسر
عضمك ساعتها بلا قلة حيا ودلع بنات ماسخ"

رمقت أمها بحزن علّها ترى منها لمحة حنان، لمحة أمل أنها
ستقف بجانبها وتدعمها ولو مرة واحدة ولكن لا حياة
لمن تنادي!
لقد كتب عليها أن يكون لها والدين بقلوب قّدت من
حجر بل ربما الحجر ينبض قلبه بحنو يوما عكس
والديها!
وصل زوجها ( نافشا ريشة) كديك البرابر يرمقها
بانتصار وهو يعدها أن يذيقها أضعاف ما ذاقت حتى الآن
لتفهم نظراته جيدا وتنكس رأسها بكسرة وهي تسير
معه عائدة من حيث أتت بلا أمل بتغيّر قريب لحياتها إذا
كانت ما تعيشه بالوقت الحالي من الممكن أن يطلق عليه
حياة!
***

الغربة ليست غربة الوطن بل غربة القلب والروح!
وهي أشد أنواع الغربة .
"حلا تعالي هنا، هقول لبابا يضربك"
وأكملت بخفوت:"ولو انه لا بيضرب ولا بتاع هو يدلّع وانا
اللي يطلع عيني"
أحاطها بذراعيه وهو يقول:"سمعتك على فكرة"
انتفضت بفزع ثم ابتسمت وهي تلتفت إليه قائلة:"ماتسمع
على فكرة، مش دي الحقيقة وال بتجنّى عليك؟"
"بدك ياني أضرب طفلة يدوب عمرها ما صار سنتين
لبنى؟!"
قالها باستنكار مصطنع لترفع حاجبها بشر ليضحك وهو
يقبّل شفتيها بخفة قائلا:"شو رأيك ننسى حلا وننسى
المصيبة اللي عملتها هلء أكيد ونغفى سوا شوي!"

"فعلا؟! طيب والناس اللي جاية كمان شوية دول نقولهم
ايه؟!؛ مغلق حتى إشعار آخر! كاسب ماتجننيش مش عارفة
هلاقيها منك ولا من بنتك وال من محمد ابن نادين اللي
حاطط نئره من نئر بنتي"
"نئره!! شو يعني كلمة نئره يا لبنى؟! مع أن صرلي سنين
شغال مع مصريين بس لسا في بلاوي كلمات بعرفاش"
وضعت يدها بين كفيها للحظات قبل أن ترفع رأسها
قائلة:"عارف احسن عقاب ليك اني اسيبلك بنتك
تحميها وتلبسها انت وانا هدخل اجهز نفسي"
وأقرنت قولها بالفعل وهي تلقي بملابس الصغيرة بين يديه
ليلتقطها تلقائيا وهو ينظر لها بريبة قائلا:"شو هاد
يا لبنى؟! يا الله! كيف رح نحل هالبلوة هلء؟!"
تبعها وهو يحاول التقرّب منها قائلا:"لبنى حبيبتي تعمليش
هيكا، أنت بتعرفي أنني بعرفش ازبط الوضع مع بنتك
الأُرُم(المشاكسة) "
رفعت حاجبها وهي تلتفت له قائلا:"دلوقتي بقت بنتي
وشرسة!! مش كانت حلوة وانا اللي ظالمة من شوية؟"
علقت أنفاسه بحلقه وهو ينظر لهيئتها المهلكة بقميصها
الأسود الداخلي وشعرها المرفوع لأعلى تنسدل منه
خصلتين تحطيان بوجهها بعفوية محببة إليه ليقترب منها
مسقطا ملابس الصغيرة على مقعد بطريقه..
"أحلى ظالمة شوفتها بحياتي"
قالها وهو يغمرها بعاطفته التي لا تستطيع الصمود أمامها
ولم تحاول قط!
وما إن ابتعد حتى قالت:"بتتكلم مصري حلو اهو"
ابتسم مشاكسا:"يعني مجوز مصرية وبعرف من قبلك
عاصم صاحبي وبرأيك بعرفش أحكي مصري! هاد عيب
بحقي اساساً"
ضحكت بدلال ثم قالت بجدية:"ممكن اسالك سؤال؟!"
"إي طبعا"
"حسيت بغربة في يوم؟! حسيت انك نفسك ترجع
بلدك وتعيش بوسط اهلك هناك! راقبتك كتير وانت
بتتفرج على الأخبار أو وانت بتتفرج على الصور القديمة
لفلسطين وكل مرة كنت بفكر ياترى في يوم ممكن
تفكر ترجع هناك؟!"
شرد للحظات ثم قال:"بتعرفي أنه هاد كان قراري قبل ما
أعرفك؟! كنت ناوي أرجع فلسطين مع أن مش خلقان
فيها ومعشتش فيها بحياتي.. بس أبوي ورثني حبها لأن
عاش فيها وكان يحكيلي عن ذكرياته هناك، وقررت
أرجع لفلسطين بعد ما تجوز نزار.. بس بوقتها شفتك!"

ابتسم متابعا وهو ينظر لها:"بتعرفي أن كل ما بقرب منك
بشم ريحة بلادي! بلادي وأرضي وأمي بجمالها وحلاوة
روحها وريحة ترابها المقدس قبل ما يدمروها الانجاس
وتمتلي بالقتلى والأموات.. بلادي اللي بشتاق لها ومتمني
أرجع لأرضها مع أولادي لأشوفهم عم يكبروا فيها
بالظبط مثل أبوي"
صمت للحظات وهي لم تقاطعه فقط تنظر له بحب وعيناها
تلتمعان بالدموع ليكمل:"بتعرفي أني ولا يوم حسيت
بالغربة معكِ؟! لقيت فيكي وطني وسكني وعمري
كله، مثل كأن القدر جمعنا سوا لكل واحد يعوض
التاني عن غربته البشعة.. سألتيني اذا حسيت بالغربة..
جوابي هو لاء.. مش حاسس بالغربة طالما أنا بحضنك
لبنى.. أنتِ حاسة بالغربة إشي؟! حابة ترجعي لأهليتك
وتطلبي السماح؟!"
سالت دموعها دون شعور وهي تضمه إليها قائلة:"انت اهلي
وحبيبي ودنيتي كلها.. انت ادتني اللي عمري ما كنت
احلم بيه، مادتنيش الفرصة حتى احلم بحاجة لان
الواقع معاك اجمل بكتير من كل الاحلام.. حبيبي
وزوجي وابني وكل حاجة بحياتي.. عمري ما احس
بالغربة وانا معاك انت وطني ودنيتي وماتمناش من الدنيا
غيرك انت"
جلبة بالخارج جعلتهما يفيقان ليركضا مسرعين لمصدر
الصوت لتكاد أعينها تخرج من محاجرها وهما ينظران
إلى طفلتهما والتي اسقطت ما داخل الثلاجة واخذت تعبث
به بسعادة بعدما قلبت المطبخ رأسها على عقب .
***
"آه يا ربي هو انا هلاقيها منك وال من بنتك الشعنونة..
تضرب الواد وتيجي تعيّط (تبكي) وتقولي الحقيني يا
طنط نرجس مروان ضربني!! على رأي المثل ضربني وبكا
سبقني واشتكى"
ضحكت بعبث وهي تقول:"الله ماهو ابنك اللي مش مدّي
لبنتي ريق حلو ابدا! كل ما تقرب منه يبعد عنها ويقولها
روحي لمصطفى ينفع كده يعني؟! فهّميه انها خطيبته
وملزومة منه"
"يعني ابني حبيبي ذنبه ايه انه ياخد بنتك الشعنونة
دي؟! لا ياختي انا اخاف على ابني.. خلي بنتك نشوفلها
واحد شعنون زيها"
قالتها نرجس وهي تحرّك حاجبيها مغيظة إياها
لتضحك نسرين قائلة:"ماتحاوليش، ميادة لمروان ولو
زوّدتي كلمة زيادة هقولك اللي في بطني لمصطفى"

تدخّل عاصم قائلا:"لااا هو احنا ناقصين مش كفاية
علينا ميادة هناخد اللي جاية كمان؟! كفاية مروان
ياعيني عليك يابني"
هتف إسلام مصطنعا الغضب:"انتي بتدللي على البنت
يا نسرين؟! انا لا يمكن أوافق ابدا على جواز مروان من
ميادة"
هتف عاصم:"الحمد لله الواد كان هيروح في شربة مايه"
ليتابع إسلام مغيظا إياه:"هناخد مصطفى لميادة واللي
جاية ف الطريق هنخليها لمروان..
مصطفى طيب كده وهيستحملها لكن مروان عصبي زي
ابوه كده هيولّعوا في بعض وفينا"
ضحك عبد التواب والجدة عليهم وكل منهما يشاكس
الآخر ليقول لهم بحكمة:"كل واحد له نصيبه ومهما
قولتوا وعدتوا محدش هياخد غير نصيبه فريّحوا
نفسكم وبطلوا مناقرة"
نظروا له باحترام والتفوا حولهما بحب ومازالوا على
مشاكساتهم التي لا تنتهي لينظر لهم بسعادة وهو يحمد
الله بداخله أنه طمأن قلبه عليهم جميعا .
***
رمقته ببغض وهي تلاحظ نظراته المقززة التي تلتهمها دون
حياء لتتظاهر بعدم الرؤية وهي تتابع عملها.. فماذا
ستفعل وهي تحتاج للعمل ولم تجد ما هو أفضل منه.. فهي
لم تكمل تعليمها فما الوظيفة التي ستجدها سوى عاملة
نظافة أو بائعة باحد المحلات على اكثر تقدير؟!
استغرقت بالتفكير وهي تتابع التنظيف بآلية اعتادت
عليها حتى شعرت بيدين تتلمسان جسدها فانتفضت
مبتعد وهي تتلفت حولها لتجد المكان فارغ تقريبا!

اقترب منها لتبتعد للخلف .. يقترب وتبتعد حتى حشرها
بينه وبين الجدار خلفها ليبتسم قائلة بأنفاسه الكريهة:
"ايه يا حلوة تقلانة عليا ليه؟! مانا بدفع كويس وال
عايزة تزودي الفلوس؟! معنديش مانع بس نزوّد المدة
كمان"
شعرت بالغثيان يجتاحها وهي تحاول التملص منه.. لم تعد
تحتمل ما يحدث، حاولت كثيرا كما نصحتها زميلتها فهو
لن يضرها فقط بضع لمسات يفرغ بها شهوته ويتركها
(صاج سليم) كما يقولون ولكن هل حقا تكون سليمة
بعد هذه الانتهاكات لجسدها؟!
تكفي آلام قلبها وكرامتها الممتهنة مما يحدث، لم
تشعر بنفسها سوى وهي تدفعه بقوة وتفر هاربة لا تلوي
على شيء سوى إنقاذ شرقها الذي كاد يُمَرّغ بالوحل .
*****

ترى هل سيأتي اليوم الذي تسير به الزهرات بالشارع
وبداخلهم تسكن الطمأنينة ؟!
هل سيأتي اليوم الذي تعمل به المرأة فتعامل بالاحترام
وليس كشيء لإفراغ لشهوة أشباه الرجال؟!
هل سيأتي اليوم الذي لا تكون به الفتاة عارا والمرأة
خطيئة؟!
ربما يحدث وربما لا و ...

تستمر الحكاية .

تمت بحمد الله


hanin ahmad غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس