اليوم الثاني وقت المغرب
اليوم الثاني
السعاده .. هي أن تصل لمبتغاك الذي كنت تجهله بعد تعب
دون إدراك ... مع الوقت ترى سعادتك وتشعر بها مع شخص
لم تتوقعه يوما ..
وهو تعثر كثيرا في حياته ... جرَّب الفراق الجبري
جرب الظلم واﻷلم على نفسه وعلى غيره
وهي ذاقت الألم والحرمان حتى استشعرته المذاق الطبيعي للحياه
هنا تكون السعاده بهوية مختلفه ...
سُكرها يقطر في كل لحظه حتى لو كانت عادية
وهي بدأت تتذوق السكر بحق ..
فتحت نوران الباب لتغمض عينيها بتعب .. فاليوم كان متعب للغايه
فقد انتهزت انشغال فاروق اليوم لتذهب لوالدتها تطمئن عليها
وتجهز لها اﻷشياء الناقصه ... تجهز الطعام حتى يتم تسخينه
فقط فلا تتعب والدتها في شئ وتخفف من أعباء محمد
بعدها ذهبت لشقيقها في متجره لتتابع معه الحسابات التي أصبحت
مسؤوله عن مراجعتها
زفرت بإرهاق وهي تتحرك لتشعل الضوء ولكن استدارة واحدة
جعلتها تشهق بمفاجأه ...وقد نسيت إشعالها فضوء خافت قادم من الشموع
أنار المكان نوعا ما
الشقه تحولت لعدد هائل من البلالين ... تلك الزينه المتدليه في كل
مكان ...
ومن مكانها رأت تغيير في وضع اﻷثاث في الصالة الفسيحة
لتحتل طاولة دائرية المكان عليها شموع وحولها بلالين كثيرة مبهجه
بكل اﻷلوان
ظهر هو بهيأته الرجوليه المهيبه ... عباءته على كتفيه باعتياد ..
ملامحه ليست ظاهره تماما ولكن صوته الدافئ تسرب لقلبها
بدون تعب أو مجهود
" كل عام وأنت بألف خير يا نوارتي ... "
لقد جهز لها عيد ميلاد
ﻷول مرة في حياتها تقام لها حفله ... ﻷول مرة يكون لها عيد ميلاد
نظرت حولها من جديد بأنفاس متلاحقه ... كل شئ جديد
كل شئ .. ﻷول مرة ... !!
لم تستطع إجابته بشئ وقد عقد لسانها ... الدموع تخنق صدرها
دموع السعادة .... سعادة لم تجربها يوما .. لم تختبرها ولم تعرفها
ففي وسط معمعة حياتهم لم يتذكر أي منهم عيد مولد الآخر .. حتى
وإن تذكر أحدهم فتكفي جملة تهنئة بسيطه
شعرت به يقترب أكثر منها لتظهر ملامحه بوضوح ... ابتسامته الدافئه
العميقه وصوته اﻷجش
" عيد مولد سعيد يا حبيبتي .. "
أومأت له بعينين لامعتين دون صوت لتنساب دمعه حارة من عينيها
فيرفع يده يمسحها بإصبعه ويهمس بتساؤل
" لماذا تبكين .. "
وسط ضباب الرؤية وسعادة القلب وفرحته ارتمت بين ذراعيه
تحتضنه بقوة ... تخفي وجهها بين طيات قميصه لتبلله بدموعها
وهمسه حارة مختنقه بالدموع وصلته بوضوح
" أنا أحبك ... "
" يا الله .."
كل شئ بات باهت في تلك اللحظه سوى صوتها الذي يعترف بحبه ....
اعتراف طال شوقه له .... طال انتظاره له .... حتى أنه فقد الأمل في أن تنطقها
هي تذوب بين ذراعيه ولكنها لا تهمس بها .... جسدها يخبره بقوة حبها
ولكن لسانها يأبى .... لسانها يرفض وقد كان مكبل دوما بعقلها الذي لا يهدأ
هي بكل دفئها وعذوبتها .... بكل كبرياءها وقوتها ... تحبه ... تعترف بحبه
قبل شعرها قبله طالت ليشعر ببكاءها فيوقفها على الأرض .. يُبعد وجهها قليلا
كي يراه بوضوح دون تركها ليسألها بقلق أكبر من جديد
" لماذا تبكين يا نوارتي ..؟؟..."
رفعت عينيها المبللتين بالدموع له لتهمس باختناق
" لم أحتفل يوما بعيد مولدي ...." لتتابع بإشارة من يدها للشقه المبهرجه بالاحتفال
" لم يفعل لي أحد هذا من قبل ..."
انتفض قلبه في صدره .. لأجلها ... ليجذبها بقوة لصدره من جديد ... يضمها هناك بحنان
وهمسته تأتي قوية .. حمائيه
" أنا سأفعله لك يا حبيبتي ... أخبريني بكل شئ حلمت به وسأفعله لك ...."
ابتعدت عنه هي هذه المره ... تنظر لعينيه بصمت لحظات ...
عيناها الناعستان تتحدثان بدلا منها لينطق لسانها بهمس خافت
" لقد حصلت على ما حلمت به ... "
قطب جبينه بحيرة لتهمس هي من جديد ونظراتها تحوم حول وجهه الرجولي
عيناه السوداوان العميقتان يعلوهما حاجبان كثيفان ... الشيب الذي غزا ذقنه وشعره
الناعم .... لقد أحبت كل شئ فيه
عشقت تفاصيله بلا إراده منها ليقفز قلبها في كل لحظه في قربه
" إن كنت ستحبني دوما .. فقد حصلت على ما أتمناه ...."
احتضن وجهها ليميل بلا كلمة يقبل شفتيها ... قبله طالت وحملت معها كل حبه
كل مشاعره لها ..... السنوات السابقه التي كان يتخبط فيها ... كل يوم مر بدونها
الذنب الذي كبّله طويلا .. جعله يفقد طعم الحياه ... فكانت الأيام تمر بتخبط فقط
تمر بألم له وللآخرين ... ولكن معها كل شئ اختلف ... كل شئ أصبح له مذاق آخر
معها هي .. الحب راسخ لا يهتز ... معها هي .. نبضة القلب تعني الكثير
وتحولت القُبله لقبلات حاره على وجهها ... ليغرقا سويا في مشاعرهما الخاصه
مشاعر لم تعرفها سوى معه لتفتح قلبها أخيرا له ..
ليجتاحها هو بطريقه جديده ...
فما أجمل الوضوح في الحب ..
كان يقبل وجنتها لترفع يدها تلمس ذقنه الحبيبه لتهمس بصوت مبحوح
" فاروق ... الكعكه ...."
همستها برغبه في تجربة الأمر معه .... وكأنه عيد مولدها الأول
حبها الأول وسعادتها الأولى ..
مشاعرها التي تكبر في قلبها يوما عن يوم لتجرب الحياه بحق
تعيشها بكل ما فيها ..
وها هي تجرب عيد مولدها معه لأول مرة
ابتعد عنها قليلا ليميل عليها يقبل جبينها قبله طويله ويهمس بصوت خشن خافت
" كل عام وأنت بخير نوارتي ..."
تحركت معه لكعكتها واسمها المكتوب عليها والشموع من حولها
ليضمها من ظهرها يريح رأسه على كتفها ليغني معها قبل إطفاء الشموع
ليهمس في أذنها
" تمني أمنيه حبيبتي ..."
ابتسمت بنعومه لتغمض عينيها لحظه ... تضع يدها على بطنها وتحرك شفتيها
بأمنيتها وبعدها أطفأت شموع عيد مولدها الأول |