اتصلت ميغان بوالدتها بعد العشاء. قالت السيدةرودنر: "حبيبتي يا للاسف كنا نتوق لرؤيتك واوسكار طبعا. هل يريد فعلا المجيء؟ اكيد,ستحصلين على اجازة في عطلة نهاية الاسبوع مهما كان جناحك مشغولا, وهكذا تستطيعان ان تتناولا العشاء او حتى ان تقضيا وقتا هادئا بالشقة."
"اجل ولكنه يبدو متحمسا جدا لهذه العطلة, وهو ليس مضطرا للبقاء لمجرد انني لا استطيع الذهاب. امي اريده ان يذهب فهو يحب ان يكون معكم جميعا."
"عزيزتي سنسعد باستضافته, هل تستطيعين ان تدبري يوم عطلة قريبا وتأتي الى البيت؟ لا داعي لاخبارنا, تعالي حالما تستطيعين."
"يحق لي بعد هذه المناوبة يا امي انا احصل على على يومين وسارى ما يمكنني فعله, ربما في عطلة نهاية الاسبوع المقبلة."
اقفلت ميغان الخط وهي تعيد في ذهنها ترتيب ايام العطل, لو ان جيني اخذت اجازتها قبيل انتهاء المناوبة, لما اضطرت لان تعمل في عطلة نهاية الاسبوع.
في البيت, وضعت والدتها السماعة وقالت للسيد رودنر المنهمك في قراءة الجريدة: "جورج, ان اوسكار يزمع المجيء بمفرده, وميغان لديها دوام اضافي او ما شابه ذلك, ألا تعتقد انه كان عليه البقاء معها؟ تستطيع ان تاخذ اجازة حتى عندما يكونان مشغولين, وعند ذلك يمكنهما الخروج معا, جورج هل تسمعني؟" قالت ثم اردفت: "هل تظن... هل لاحظت انسجام ميلاني واوسكار؟ انا غير مرتاحة لهذا الوضع, اتمنى ان يتزوج ميغان واوسكار قريبا وهما لا يزالان..."
توقفت فقال زوجها بهدوء: "عاشقين يا عزيزتي؟ سيكون ذلك خطا أليس كذلك؟ ا جل لاحظت ميلاني واوسكار, هذه الاشياء تحصل ولا نستطيع ان نفعل شيئا حيالها." نظر الى جريدته واضاف: "الصبر يا عزيزتي, دعي الاشياء تاخذ مجراها الطبيعي."
حدقت به السيدة رودنر وقالت: "يا للرجال! وماذا بشان ابنتنا ميغ؟" ثم استطردت: "ميغ في الثامنة والعشرين..."
"اعرف ذلك, وهي ايضا فتاة جميلة ولطيفة, وستجد يوما ما الرجل الذي يستحقها."
لم تحظ ميغان بوقت حتى للتاسف على عطلة نهاية الاسبوع. كان الجناح حاشدا بحالات الاسبوع الماضي, مما اضطرها لان تضع اسرة في الردهات وارسال المعافين للنوم في اجنحة اخرى. قالت لجيني: "لا بد ان الجميع مصممون على ارتكاب حوادث في عطلة هذا الاسبوع."
ارتطمت ميغان بالاستاذ وهي في طريق عودتها بعد عشاء يوم الاحد. غيرت اتجاهها بخطى سريعة الا انه سد طريقها قائلا: "ايتها الاخت عليك ان تنظري الى اين انت ذاهبة."
"اسفة يا سيدي ولكننا مشغولون."
"ولكنها عطلتك أليس كذلك؟"
قالت متاهبة لمتابعة طريقها: "اضطررت للتغيير."
"خسارة فالسيد فيلدينغ كان سياخذ عطلة أليس كذلك؟"
تعجبت ميغان لاهتمامه: "اجل."
"اجل." الا ان شيئا في صوته الهادئ جعلها تضيف : "في الحقيقة انه هناك, اعني انه لا يحظى بكثير من العطل وعائلتي تحبه..."
"اه اجل, لا تدعيني اؤخرك"
اخيرا انتهى هذا اليوم الطويل, وعادت الى بيتها حيث تناولت عشاء سريعا واستعدت للذهاب الى السرير, وحين اتصل اوسكار, بدا فرحا جدا, فسالته: "ماذا فعلت؟"
"لا شيء مهما. تمشينا قليلا وذهبنا الى وينغ لزيارة احدى الحدائق, لم اعد اذكر اسمها. ثم تغدينا في احدى الحانات وعدنا في الوقت المناسب لتناول الشاي. هل كنت مشغولة؟"
"تقريبا, انا سعيدة لقضائك وقتا ممتعا."
ارادت ان تساله اذا ذهب مع العائلة كلها ام مع ميلاني فقط, هي لا تمانع بالطبع, ولكن من اللياقة ان يخبرها, لكنه لم يخبرها, بل مدح طهي والدتها فقط, واقترح ان يلتقيا حول شراب, ثم تمنى لها ليلة سعيدة. لم يذكر ميلاني قط تمددت على السرير وهي تفكر قلقة بهذا الشان. لقد بديا منسجمين مع بعضهما البعض ولم ينفرا من بعضهما على الاقل. فهل يمكن ان تكون ميلاني مريضة؟ اقلقتها هذه الفكرة جدا لدرجة انها رفعت سماعة الهاتف واتصلت بوالدتها.
بدا صوت والدتها دافئا: "عزيزتي اتصلت بك مرتين ولكنك لم تكوني موجودة. هل كنت مشغولة؟ هل اتصل اوسكار بك؟"
"اتصل بي منذ وقت قصير, لقد امضى وقتا رائعا واحب طهيك. امي هل ميلاني مريضة؟"
"يا الهي لا, ما الذي جعلك تعتقدين ذلك؟"
"في الحقيقة لم يذكرها اوسكار قط, لم يتجادلا أليس كذلك؟ فرحت كثيرا لانه اعجبها, ولكن تعرفين كيف تتقوقع على نفسها عندما تظن انها لا تعجب احدا."
"حبيبتي انها بخير, وانا متاكدة انها استمتعت بعطلة نهاية الاسبوع شاننا جميعا. اظن اوسكار كان لديه الكثير ليخبرك اياه فنسي ان يذكرها."
"اه حسنا اذا.كان غباء مني ان اقلق. يمكنني ان آتي الى المنزل بعد يوم الاربعاء, اذ سيكون لدي اجازة لمدة يوم او يومين."
"ميغ سيكون ذلك رائعا. تصبحين على خير يا عزيزتي."
"تصبحين على خير." اقفلت الخط وعادت الى السرير حيث التجا ميريدث لان الطقس كان قد اصبح باردا.
خف ضغط العمل بعد يوم الاحد. ازالت ميغان الاسرة وسط الجناح بعد تسريح الكثير من المرضى, واعطت جيني واحدى الممرضات المتمرنات عطلة يوم الثلاثاء, فقد كان لديها فريق ممرضات يعمل بدوام كامل, وسيدات متزوجات مستعدات للعمل ساعات اضافية في غياب جيني, كما انها ألغت اوقات فراغها عالمة انها ستاخذ يومي اجازة عندما تعود جيني.
اخذت عطلتها مساء الجمعة. اتصل بها اوسكار هاتفيا في الجناح, واقترح ان يلتقيا لنصف ساعة بعد الدوام: "في الحقيقة لا يمكنني ترك المستشفى ولكن سامر بمقهى بوت اندفيثر حيث يمكننا ان ناخذ مرطبا."
لن يكون حرا الا بعد الساعة السادسة, فعادت الى الشقة حيث استحمت وارتدت تنورة وبلوزة. ثم اطعمت ميريدث وعادت الى المستشفى لتنتظر اوسكار, كانت تكره الذهاب الى الحانات وحدها, ولكن فيما هي تنتظر مجيئه تجولت ميغان في بهو المبنى. كان مكانا كئيبا بسقفه العالي وارضه الرخامية الواسعة, وبعض اللوحات الزيتية الضخمة لرجال مهمين معلقة فوق الجدران. انها صور اطباء موتى, كانت تبدو عليهم الصرامة والحزم والذكااء. حدقت ميغان بصورة احد مدراء المستشفى السابقين, يقف االى جانب طاولة ويضع يده على كتاب, ومقطبا بوجه كل اولئك الذين كانوا امامه.
"ربما كان زوجا وابا صالحا."
"تبدين غير اكيدة من ذلك اخت رودنر؟"
كان الاستاذ قد اقترب منها بهدوء مما جعلها تقفز وتستدير في آن معاحين تكلم: "مساء الخير سيدي, نعم هذا صحيح, اظن انه كان ذو طبع سيء."
"طبعا لا, انني انتظر اوسكار, وليس لديه سوى نصف ساعة."
اجبت ميغان باستغراب: "اجل كيف عرفت؟"
اجاب مبتسما: "من السيد برايت, انا ذاهب الى اوكسفورد غدا. هل الثامنة والنصف يناسبك؟ سآتي الى شقتك."
رددت ميغان وابقت فمها الجميل مفتوحا: "ايناسبني؟ أتاتي الى الشقة؟"
قال الاستاذ بحزم: "ألم اتكلم بوضوح؟ ساوصلك بطريقي."
"انه للطف منك فعلا, ولكنني كنت ساذهب بمفردي..."
تجاهل ذلك وقال: "سالتك اذا كانت الثامنة والنصف تلائمك." لاحظت انه لن يقبل بلا, ثم ان فكرة الذهاب بالرولس رويس بدت مغرية: "سآخذ ميريدث معي."
"شكرا اود ان تقلني, اذا لم يكن ذلك خارج مسارك. ساكون جاهزة."
"حسن ليلة سعيدة اخت رودنر."
ذهب كما اتى بهدوء وبعد بضع دقائق وصل اوسكار.
بعد التحية الموجزة قالت: "اوسكار."
"تردين ان تعرفي عن عطلة نهاية الاسبوع؟ لنذهب الى الحانة لا نستطيع التحدث هنا."
ذهبا الى بوت اندفيثر حيث انضما الى اصدقائهما الجالسين الى المقصف: "ماذا سنطلب؟ تونيك مع كثير من الثلج والليمون. هل تريدين شرابا ايضا؟"
هزت راسها بالنفي وراقبته وهو يذهب الى النادل, بدا مختلفا, في العادة يكون هادئا بعد يوم عمل طويل, ولكنها الان لم تكن متاكدة كيف هو الان, متحمس؟ سعيد؟ ترى هل افتقدها كثيرا؟ وابتسمت للفكرة وعندما عاد قالت: "حسنا اخبرني الان عن عطلة نهاية الاسبوع."
استرسل اوسكار بكثير من التفاصيل المفترض ان ترضيها, ولكنها لسبب ما شعرت ان هناك شيئا ليس على ما يرام, فعلى الرغم من سعادته الواضحة في حديثه, بدا قلقا وكانه يخشى ان يقول شيئا لا تعرفه. كما انه لم يعطها فرصة لطرح الاسئلة, وعندما انتهيا من تناول الشراب قال انه ينبغي عليه ان يعود الى الريجينت.
"قلت نصف ساعة. يجب ان اكون مثالا جيدا للموظفين."
وقفت بجانبه واقترحت: "يجب ان ناخذ عطلة في اقرب وقت ممكن."
"عزيزتي لاا اظن ذلك, فاذا حصلت على يوم عطلة فساذهب الى البيت."
"اجل بالطبع, سانتظر بعض الوقت, ساذهب الى البيت غدا, كنت ذاهبة بمفردي..."
"لم لا يجب ان اذهب بسرعة الطيران." لثمها على خدها واضاف: "بلغي حبي للجميع."
عادت ميغان الى الشقة حيث اعدت لنفسها العشاء ولميريدث, ثم وضبت حقيبتها وسلة القط. وخاطبت ميريدث: "ستذهب برولس رويس, اذن انتبه لتصرفاتك."
هلَّ الصباح الربيعي المنعش. استيقظت ميغلن باكرا لتتناول الافطار وارتدت ثيابا جديدة لم ترتديها من قبل. سترة رمادية مع تنورة طويلة موشحة بالرمادي والازرق والاخضر وكانت قد دفعت ثمنا له اكثر مما كانت تنوي, ولكنها تلائمها تماما, على كل حال كما قالت لميريدث, "انه الربيع واذا لم ارتديها الان فلا حاجة لي بها بعد ذلك."
ثم رددت لنفسها بصمت: "اذا لم ترتديها الان لن يراها الاستاذ, ولم تعرف لمذا تهتم بذلك, الان.
وصل الاستاذ في الثامنة والنصف تماما, لم يضيع وقتا, بل وضع ميريدث في المقعد الخلفي والحقيبة في الصندوق وانطلق وكانه نادم على ما هو بصدده. شعرت بشيء من الحرج والارتباك فقد كان مركزا نظره على الطريق محاولا الخروج من المدينة باسرع وقت ممكن ولم تجد شيئا لتقوله. مرت العشر دقائق الاولى بصمت, اخيرا قالت: "انه صباح لطيف." عندئذ تذكرت انه لا وجود لهذه الكلمة في قاموسه.
ولكنها فوجئت عندما قال بصوت ودود: "انه صباح رائع, كم ستمكثين بالبيت؟ هل يمكن ان اناديك ميغان؟"
"لدي عطلة نهاية الاسبوع, ارجوك نادني ميغان اذا اردت."
"شكرا, ساعود الى الريجينت مساء الاحد, سامر بك بعيد السادسة."
"هذا لطف منك, ولكن عليك ان تكمل طريقك..."
"انه على بعد عدة اميال. عائلتك تتوقعك هذا الصباح, اظن اننا سنصل ابكر بقليل مما لو اتيت بمفردك."
"في الحقيقة الرولز اسرع من سيارتي الصغيرة. انها سريعة جدا وكبيرة جدا ايضا." نظرت بحنان الى وجهه واضافت بجدية: "انت بحاجة لسيارة كبيرة أليس كذلك؟"
ضحك عاليا وقال: "بالطبع."
كانت فرصة لمعرفة المزيد عنه فسالت: "هل تقودها عندما تذهب الى هولندة؟"
لم تكن تنظر اليهلذا لم تر ابتسامته الخفيفة: "اه اجل, انا بحاجة اليها هناك."
"لعائلتي؟" منعها شيء في صوته من طرح اي سؤال اخر. لا حاجة لها في ذلك فيمكنها ان تتخيل حياته. متزوج وله زوجة توازيه جمالا واناقة. بالطبع لهما اولا, ربما ثلاثة او اربعة. خسارة انها لا تعرف اين بيته, ولكن يمكنها ان تتخيل ذلك ايضا.
"انت صامتة." احمرت خجلا وكأن العالم كله سمع افكارها.
قالت بسرعة غير مهتمة بمحتوى حديثها: "لا اجد شيئا ممتعا ومسليا استطيع ان اتحدث عنه, ولا اظنك تريدني ان اثرثر..."
"اني مرتاح لانك تفهمينني جيدا." كان قد ترك الطريق العام وسلك طريقا ريفيا من غير ان ينظر الى علامات الارشاد. لا بد انه درس جيدا احدى الخرائط, اذ انه لم يسالها عن الطريق قط. عندما وصلا الطريق الضيقة المؤدية الى القرية ادار سيارته الضخمة من دون اي تردد.
"هل اتيت الى هنا من قبل؟"
"حسنا يبدو انك تعرف الطريق جيدا, انها معقدة قليلا عندما تترك الطريق العام."
قاد الرولز عبر القرية بسهولة الى بوابة بيتها ثم خرج ليفتح لها الباب. وقبل ان تقول اي شيء فتحت امها الباب وسارت باتجاههما.
"عزيزتي هذا رائع لقد وصلت في وقت مبكر."
نظرت الى الاستاذ مبتسمة وفي عينيها نظرة تساؤل, قالت ميغان: "مي اقدم لك الاستاذ فان بلفيلد. بكل لطف عرض علي ان يقلني وهو في طريقه الى اوكسفورد."
صافحته االسيدة رودنر: "هذا لطف منك, تفضل وخذ فنجان قهوة."
ابتسم لها الاستاذ قائلا: "شكرا سيدة رودنر. ولكن يجب ان اكون في اوكسفورد في وقت قصير. اراك الساعة السادسة يوم الاحد." ذكرها بالموعد فيما كان يناولها الحقيبة وميريدث وعاد الى السيارة.
راقباه يذهب ثم قالت السيدة رودنر: "يا له من رجل رائع انه شخم أليس كذلك؟ وليس ثرثارا."
"رائع, يا الهي امي الممرضات يهربن منه من على بعد ميل..."
"لا لا شيء من هذا القبيل اظن انهن يخشينه, فكما ترين انه لا يتكلم كثيرا, حتى عندما يغضب من شيء, فهو لا يتحمل الاهمال والنسيان."
تجولا في البيت وهي تحمل سلة ميريدث ال1ي كان يلهث بتوتر من خلال نافذته الصغيرة. سالت السيدة رودنر: "انت لا تخافينه؟"
"يا الهي انا لا. في الحقيقة كنت وقحة معه مرة او مرتين, انه على صواب دائما..."
"كم هذا مزعج يا عزيزتي, ولكن الرجال هم كذلك دوما. لنشرب فنجان قهوة. اضطر والدك للذهاب الى التام لكنه سيعود للغداء. عزيزتي انا سعيدة لبقائك حتى مساء الاحد. هل تعتقدين ان الاستاذ سيفضل تناول القهوة ام الشاي عندما ياتي لاصطحابك؟"
"قد يتناول شيئا ولكنني لا اعتقد ذلك. فنحن لا نختلط كثيرا."
"انه دورها في ترتيب الازهار في الكنيسة, ستعود حالا."
جلستا وجها لوجه في المطبخ فقالت ميغان: "اوسكار استمتع بعطلة نهاية الاسبوع كثيرا."
"انه ينسجم مع المكان كثيرا ثم انه شاب من السهل جدا ارضاؤه. خسارة انك لم تأت.ط نظرت الى ابنتها الجميلة واضافت: "تبدين شاحبة يا عزيزتي, اكنت تعملين كثيرا؟"
"اجل ولكن لدي الان يومان كاملان للراحة. افكر بأخذ اجازة لمدة اسبوعين في حزيران, هل ستسافرين مع ابي؟ يمكن ان اذهب معكما؟"
"ألا يمكن لاوسكار ان ياخذ اجازة ايضا, ثم الا تعتقدين ان عليكما زيارة اهله؟"
"قال لي منالمستحيل ان ياخذ اجازة لعدة اشهر, ربما بسبب عطلة نهاية الاسبوع الغريبة تلك." اخذت قطعة من قالب الكعك الذي كانت قد وضعته امها على الطاولة وقضمتها وتابعت: "على كل حال, لا اظن ان السيدة فيلدنغ ستدعوني الا اذا اضطرت لذلك فهي لا تحبني, وانا لا احبها.اظن انه من الافضل ان نبقى بعيدين عن بعضنا البعض ونلتقي عندما تدعو الحاجة الى ذلك فقط."
"عزيزتي لا اظن..." توقفت عن الكلام عندما دخلت ميلاني التي سلمت على ميغان وجلست بقربها: "قالوا في الكنيسة انهمراوك تستقلين سيارة رولز رويس في القرية. هل هذا صحيح؟"
"اجل اوصلني استاذ في المختبر كان ذاهبا الى اوكسفورد, فاقلني في طريقه."
"حسنا لا اظن انه سيعجبك, ليس شابا ولست ادري... اظن انه في الاربعين. اجل انه وسيم ومتحفظ."
قالت والدتها: "عيناه زرقاوان وعنده لكنة خفيفة لانه هولندي, كما انه اضخم رجل رايته في حياتي."
ضحكت الفتاتان وقالت ميغان: "امي لم اعرف انك شديدة الملاحظة هكذا."
"يبدو مثيرا للاهتمام. خسارة ان اوسكار لم يات معك."
"لا امل في ذلك لوقت طويل, سيفعل ما بوسعه من اجل ان ياخذ اجازة حتى ولو ليوم واحد. وذلك يتوقف على حالة الاجنحة. لقد استمتعت بعطلة نهاية الاسبوع, أليس كذلك؟"
"تماما, اصطحبته الى تلك الحدائق قرب وينغ, الدفلى كانت خلابة, وقد تناولنا الغداء في المقهى هناك." اشرق وجه ميلاني الجميل وهي تسرد تفاصيل النزهة.
"انت تنسجمين مع اوسكار فهو يعجبك, أليس كذلك؟"
"اه اجل ميغ انت لا تمانعين؟"
"امانع؟ لا طبعا. كنت سامانع كثيرا لو انكما لم تتفقا منذ اللحظة الاولى, فاوسكار يحظى بالقليل من الوقت ليستمتع بنفسه بعيدا عن العمل."
قالت السيدة رودنر: "بما انه لديك شقة الان فسيجد مكانا للذهاب اليه لمدة ساعة." بدت السيدةرودنر مرتاحة, الا انها لم تكن تشعر بذلك الارتياح قط, فقد نظرت بقلق الى ابنتيها الجاهلتين تماما بما يجري لهما, ولكن لا مجال لاخبارهما, سيكتشفان الامر بنفسيهما, ولكنهما ستتاذيان كثيرا بسبب تعلقهما الشديد ببعضهما البعض."
وقفت السيدة رودنر وقالت: "ساحضر فطيرة الفطر, هلا قطفت لي احداكما بعضا منه. فهناك الكثير في الحديقة. سيستمتع ميريدث بالذهاب معكما ايضا.
جاهلتان بما يجول بخاطرها, خرجت الفتاتان من المطبخ يتبعهما القط ميريدث, قطفتا الفطر وجلستا على عجلة عربة يد قديمة لتاكلا بعضا من الفجل الذي كانتا قطفتاه ايضا.
قالت ميلاني: "لقد اخرجوا الاحصنة من مزرعة كوب ويوجد فطر في الحقل السفلي, وقد قال السيد كوب ان باستطاعتي ان اقطف ما اريد."
"لا يوجد الكثير منه في هذا الوقت من السنة. ولكن يمكننا الذهاب لالقاء نظرة غدا قبل الافطار. هل سنذهب غدا الى الكنيسة في الصباح؟"
"اه اجل, جعلت اوسكار يذهب." ضحكت ميلاني واضافت: "قال انه لم يذهب الى الكنيسة منذ وقت طويل ولكنه ذهب ليرضيني."
"هذا حسن, الافضل ان ناخذ الفطر الى امي والا لن نحظى بفطيرة على الغداء."
لم تضيع ميغان لحظة من عطلتها. كان الطقس ربيعيا ودافئا وقد امضته في التجول في الحديقة, تشذب وتزرع وتاكل وجبات امها اللذيذة. كان لديها وقت للتفكير ايضا فقد كان سهلا عليها التفكير بوضوح اكثر وهي بعيدة عن المستشفى. اصبحت الشكوك المبهمة التي كانت تقلقها غير مهمة, كما ان التغيير الكبير الذي طرا على تصرفات اوسكار تجهها ليس الا اختلاقا من مخيلتها وهكذا حددت مشاعرها مساء الاحد, فاقنعت نفسها انها تخيلت اشياء لا اساس لها من الصحة بسبب الارهاق. اكدت لميريدث بارتياح: "هذا هراء." وهكذا تناست ان اوسكار لم يتصل بها طوال العطلة. صحيح انه ليس هناك سبب يدعوه لذلك ولكنه عودها على الاتصال بها عندما كانت تاتي لبيتها بمفردها.
جهزت ميغان نفسها ووضعت سلة ميريدث في الساعة السادسة, لعلمها ان الاستاذ كان يحب الدقة في المواعيد. كانوا جميعا في غرفة الاستقبال عندما سمعوا بوق السيارة. وقفت السيدة رودنر وقالت: "ساذهب." خرجت من الغرفة لتعود بعد قليل برفقة الاستاذ, من يراه الان يعتقد انه رجل لطيف ومتواضع لا يتفوه الا بألطف الكلمات وارقها, صافح والدها وحياها, ثم سلم على ميلاني بلطف مبتسما برقة, فردت له الابتسامة: "سمعت عنك الكثير من ميغان, لا بد انك فرحة لوجودها في البيت حتى ولو لوقت قصير, خاصة وان الطقس كان رائعا."
اندهشت ميغان لان اختها الخجولة جاوبته بانطلاق: "اتمنى لو تقيم في البت دائما. ذهبنا لقطف الفطر قبل الافطار."
"الصباح اجمل فترات اليوم, نتمنى ان يكون الطقس جميلا عندماا تاتي ميغان ثانية."
بعد خمس دقائق من التحدث مع والدها ووالدتها سالها اذا كانت جاهزة. حمل سلة ميريدث واتجها الى السيارة. فتح لها باب السيارة ممعنا النظر اليها الا انه لم يكلمها. فكرت ميغان التي لم تلحظ نظرته انه لم يكن هناك داع لارتداء ثوبها الجديد ثانية, شعرت بالذنب لاهتمامها بافكار الاستاذ وهي الفتاة المخطوبة, فاحمرت خجلالدرجة ان رفيقها نظر اليها بااعجاب قبل ان يدير السيارة ويلوح لاهلها مودعا. لوحت ميغان ايضا وفي نفسها مشاعر مختلفة. اسفها لترك البيت ثانية, ومستمتعة برفقة الاستاذ وتوق مفاجئ لرؤية اوسكار.
دخلت ميلاني المنزل وبقي السيد والسيدة رودنر في الحديقة, قالت السيدة رودنر برضى شديد: "انه يحبها."
"طبعا لا لن يخبر احدا, خاصة ميغ, قبل ان يصبح جاهزا."
"وكيف تعرفين ذلك عزيزتي؟"
"حتى انه لم ينظر اليها عندما دخل, اوما براسه فقط, ولكن ألم تلاحظ كيف حدق فيها عندما استقلت السيارة؟"
"في الحقيقة يا عزيزتي لا لم الاحظ ذلك. ولنفترض ان ذلك صحيح, فماذا عن اوسكار؟"
"اغرم بميلاني من النظرة الاولى, وهي ايضا. ميغ لا تعرف ذلك بعد, ولكنها تشعر ان هناك شيئا ليس على ما يرام, لقد اخبرتك..."
"اجل عزيزتي, وقد اقترحت ان تصبري."
"حسنا انني صابرة, ولكنني لا اريد ان تتاذى ميغ. لا اظن انها مغرمة باوسكار بعمق, ولكن مهما يكن الامر ستشعر بالمهانة."
قال السيد رودنر فيما كانا يدخلان البيت: "ميلاني ايضا ستشعر بالاسى, لنشرب فنجان قهوة وننسى هذا الامر. على كل حال انه مجرد افتراض."
لم يتكلم الاستاذ كثيرا في طريق العودة الى لندن فبحثت ميغان في فكرها عن موضوع تتحدث فيه, ولكنها التزمت الصمت شاكرة ربها لان الاستاذ بدا مرتاحا ولا يحتاج لحديث, لم يتفوه بكلمة حتى اقتربا من الشقةحين قال: "ألديك كل ما تحتاجين؟ أتسمحين لي بالدخول للتاكد من ان كل شيء على ما يرام؟"
ساعدها على الخروج من السيارة وجلب سلة القطوحقيبتها, ثم اخذ منها مفتاح الشقة وفتح الباب واضاء الغرفة. بدا المكان باردا ومعتما فاشعل المدفاة واقفل الباب خلفها, ثم اخرج ميريدث من السلة وذهب ليتاكد من الباب الخلفي ونافذة المطبخ.
سالت ميغان متوقعة ان يرفض: "أتفضل القهوة ام الشاي؟"
"شاي من فضلك." خلعت ميغان السترة وبحثت عن الكعك الذي اعدته والدتها, ثم اعدت الفناجين والصحون, وسخنت ابريق الشاي. بدا المكان مريحا الان بمصابيحه التي اضفت نورا لطيفا, والمدفاة القديمة الطرازالتي اعطت حرارة مريحة: "ارجوك اجلس, امي تعطيني دائما كعكا عند عودتي, اتريد بعضا منه؟"
بعد ان شربا الشاي واكلا الكعك وقف الاستاذ استعدادا للذهاب, لم يتحدثا عن شيء مهم ولكنه قال الان: "اختك فتاة جميلة جدا ولكنها خجولة, أليس كذلك؟"
"اجل لاحظت ذلك, لا ليست خجولة مع الجمسع, لقد اعجبتها."
ابتسم قائلا: "بخلاف الممرضات في الريجينت هي لا تخافني."
"اه هذه اسطورة سخيفة عنك, انت دائما موجود في الطابق العلوي, ثم انت ضخم جدا, لذلك يرتبكن قليلا عندما تنزل الى الاجنحة."
"جزئيا, ولكن لانك تبدو ايضا هادئا حتى عندما تكون منزعجا من امر ما."
"يجب ان انتبه لتصرفاتي. ارجوك لا تشكريني على التوصيلة فانا الذي يجب ان اشكرك, فرفقتك كانت ممتعة, تصبحين على خير ميغان." وفوجئت عندما قبلها بلطف.
وقفت صامتة ترقب الباب المنغلق خلفه وتصغي لصوت السيارة المبتعدة بهدوء.
"اذن اذن." اخذت ميريدث ووضعته في حضنها. استمتعت بالقبلة فلا داعي لانكار ذلك, ولكن بما انها لم تفعل شيئا لتشجعه, اقنعت نفسها بانه ل داعي لتشعر بالخجل, الا انها شعرت بالخجل فعلا, لذلك رفعت سماعة الهاتف وطلبت رقم اوسكار بالمستشفى.
اجاب في الحال: "لقد عدت, هل استمتعت بعطلتك؟ هل الجميع بخير؟"
"الجميع بخير. هل كنت مشغولا؟ ألا يمكنك ان تاخذ عطلة هذا الاسبوع؟ حتى ولو لنصف يوم؟"
"لقد تدبرت يوم الاربعاء, ساذهب الى بيتي, ولكن ساحاول ان احصل على ساعة اة ساعتين في مساء ما. القسم مشغول جدا الان وهم يطلبونني."
"لن اشغلك, اعلمني عندما تصبح حرا وساحاول ان اعدل دوامي, تصبح على خير يا عزيزي."
اقفلت الخط وهي تفكر في الاحتمالات, اذا تمكنا من الخروج معا, وربما عشاء في الخارج؟ او تطهو العشاء لهما في الشقة؟ حضرت كل شيء للصباح, واستلقت في الظلام منزعجة من شيء ما, الا انها لا تدري ما هو.
قالت لميريدث: "انه ليس بالشيء الكثير, والا كنت عرفت اليس كذلك؟"
كان الجناح هادئا نسبيا عندما ذهبت في الصباح. ثلاث حالات بحاجة الى عملية, ولكن في المقابل سُرّح عدد كبير من المرضى.
راجعت التقارير مع جيني ثم قامت بجولتها الصباحي, وعادت الى مكتبها لتتفحص بعض الاوراق. اعطت نفسها فرصة بعد الظهر, حتى تتمكن جيني من العمل مساء قبل عطلتها. وبما ان حالات الجراحة قد دخلت غرفة العمليات, عادت في الساعة الواحدة الى شقتها بعد تناول الغداء في الكافيتريا.
قالت لصديقتها التي سالتها انها امضت عطلة رائعة, ولكنها لم تخبرها ان الاستاذ اوصلها, اذ يمكنها ان تتخيل كيف سيثرثر الاصدقاء ويتضخم الخبر في المستشفى, فينكسر قلب اوسكار.
نظفت الشقة جيدا وذهبت لتتسوق, تقع المتاجر التي تبيع كل شيء تقريبافي اخر الشارع. تسوقت وعادت الى البيت لتعد كوب شاي وتطعم ميريدث, ثم تعد كل شيء للعشاء عندما تعود في المساء.
كان الجناح لا يال هادئا, كتبت تقريرها وتفحصت حالات العمليات ثم وزعت الدواء واعطت التقرير لاحدى الممرضات المناوبات ليلا, قبل ان تذهب الى الشقة. كان يوما لطيفا. ترى هل كان يوم الاستاذ لطيفا ايضا؟ ولكن لا يوافق هو بالطبع على هذه الكلمة.
لحسن الحظ بدات المناوبة بهدوء. فجيني لن تعود قبل اليوم التالي. عادت ميغان في المساءراضية من ان كل شيء جرى كما كان متوقعا, طهت العشاء ونظفت مريديث ثم جلست تقرا حين رن جرس الهاتف.
قالت ميلاني: "ميغ هذا انا, خمني من اتى اليوم. لا لن تخمني, اوسكار قال انه كان ينوي الذهاب الى بيته لكنه قرر في اللحظة الاخيرة ان يمضي يومه في الريف, فاتي الى هن, امضينا يوما رائعا."
قالت ميغان بصعوبة: "ميلي كم هذا جميل... هل تمشيتما؟"
"اجل اميالا واميالا. رحل منذ ساعة تقريبا, هل اخبرك انه قادم؟"
"لا يا حبيبتي, ولكنني كنت منذ الثامنة صباحا اعمل. لذلك لم يكن هناك من مجال. اعرف انه لم يكن متحمسا للذهاب الى بيته. اكيد سيتصل بي حالما يصل."
"قال انه سيصطحبني يوما لارى شقتك, ميغ هل استطيع زيارتك؟ احب ان اراها عندما تكونين حرة."
"طبعا يمكنك ان تاتي, ساحدد لك اياما لتختاري منها, هل تريدين النوم؟ يمكنني تدبير مكان لك..."
"قال اوسكار انه سيعيدني." عندما لم تجب ميغان قالت: "ميغ ما زلت على الخط؟ لا بد انك متعبة. تصبحين على خير حبيبتي."
وضعت ميغان سماعة الهاتف وقالت لميريدث: "كم هو سخيف حين لا الاحظ ذلك. انهما مناسبان لبعضهما البعض. أليس كذلك؟"
سالت دمعة على خدها فمسحتها بغضب: "ربما احبني قليلا ولكن لا اعتقد انه كان مغرما. كم كنت سخيفة." سالت دمعة ثانية الا انها لم تمسحها بل حملت ميريدث وبكت فوقه.