عرض مشاركة واحدة
قديم 15-12-16, 07:02 PM   #107

eman nassar

نجم روايتي وكاتبة بقلوب أحلام و قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية eman nassar

? العضوٌ??? » 289978
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,167
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » eman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
افتراضي

الفصل الثالث

(3)


استيقظت و هي تشعر بإنهاك في كل عظام جسدها...
النوم على الأريكة ليس مريح على الاطلاق...
تأوهت بصوت خافت و هي تنهض ببطء تتأمل الكون حولها... تحاول أن تتذكر لم هي هنا... لحظات ثم الوجوم ارتسم على ملامحها و هي تتذكر الشجار الليلة الفائتة...
كالعادة تفر كجبانة...
تدفن رأسها بين كتفيها و تغادر دون شرف محاولة رد الطعنة الأولى!
انتبهت لصوت ضوضاء بالخارج، إلا أنها لم تبالي... لقد اعتادت على تجسس نهاوند على كل خطواتها...
بتشتيت معتمد لما حل بها، تذكرت كم مرة صرح زوجها برفضه لوجودها في المنزل...
بل كاد أن يجن عندما أعلنت أنها تريدها أن تقييم بشكل دائم في ملحق العاملين بالبيت...
لا تدري لم حقا لا يطيقها!...
بغض النظر عن أخلاقها، و تحررها الواضح، و لبسها الفاضح مما حدا بها أخيرا أن تجبرها على ارتداء زي موحد للعاملين بالبيت، بغض النظر عما فات فإنها فتاة جيدة بعملها، و تتقن رعاية المنزل بشكل ممتاز!
و بكل تأكيد ستكون المنبه الأول لأول مرة ستتحرر بها مشاعر الأخ زوجها!
فتاة بمفاتن متفجرة في بيت لوح لا يشعر هي بكل تأكيد أقوى جهاز انذار!
تنهدت من قلب قبل أن تعتدل بجلستها تدير عينيها في غرفة مكتبها...
ظلت تحدق بالمكتب الأنيق و المصنوع بحرفية مذهلة، و طمأنينة تتسلل إليها...
كان مكتب والدها...
الشيء الوحيد الذي استنفذته من الديون التي تم دفعهم، عبر بيع بيتهم والانتقال للملحق الخاص بعمها... و هو أيضا الشيء الوحيد الذي نقلته معها لبيت زوجها...
تصلبت في جلستها و هي تستسلم بذكرياتها لتعود لتلك الأيام... أحداث صدمتها و هي طرية في الثامنة عشر من عمرها، و أمها في أوج أنوثتها في أواخر الثلاثين من عمرها...
الأيام التي تخلت بها عن كل شيء يخص هدى حبيبة والدها و مدللته،
لتصبح هدى التي تتسول مكان للإقامة و النوم...
المشكلة أن هذا لم يكن فارقا مع الطرف الآخر...
مع امها...
أمها التي انتقلت معها لبيت عمها...
فالتسول لا يهم طالما استمرت بحياتها المترفة، و كأن وجودها في أي مكان هبة ربانية يجب أن نردها بإفسادها دلالا!
بسمة ساخرة مريرة ترتسم على شفتيها، و عيناها تحيد للضوء الممتع لشمس الصباح من النافذة...
ربما ما جذبها إلى علاء أن الأم مع كلاهما لم تكن كذلك...
فأمها كانت، نهمة عطشة جائعة رغباتها عارية دوما،
ليست مثل أمه تجيد تزويق رغباتها، تلبسها ثوبا أنيقا و تغلفها بطريقة راقية و تحاول أن تسبغ عليها لقبا جديدا!
كلا...
فأمها بدائية بطريقة منحطة!
تفتح فاها ككلب جائع، بل تكاد تتلمس بأنفاسها الجشعة كل ما تسقط عيناها عليه...
والدها منحها كل ما يملك و لا يملك، ليتوفى جراح القلب الكبير مثقلا بديونه...
و يهتم أخاه الأكبر بكل شيء...
يسد الديون، و ينظف السيرة، و يمنح ارملة أخيه و ابنته بيتا يسترهم...
لكن الستر هو آخر ما يهمها...
و لم يهمها أنها ستنتهك حرمة البيت الذي آواها...
و لا يهمها أنها ستتدعى على حرماته، و تعيث به فسادا!...
و المهين أن عمها و زوجته نكسا رأسيهما بخزي و لم يتحدثا!
لذلك و لأول مرة تنفجر...
طردتها بكلمات حادة كالسيف...
أرسلتها خارج خارطتها لأهلها...
و ربما لم تذهب إليهم!
لكنها لم تهتم...
المهم هو كيف تبقى بينهم و هي موصومة بعار هذه الأم!
كيف تبقى بينهم، و جريرتها ينظر إليها بنظرات موجوعة كل يوم!
و كان علاء موجود...
أمه مثل أمها ، لا تعرف شيء عن الأمومة!...
لذلك لن يعايرها بها كما فعل خطيبها الأول...
مناسب و من عائلة محترمة، تماثل مقام عائلتها.
بحث بسيط...
و علمت أنه بحاجة للزواج...
و بلحظة جنون خطبته و قد استنفذت بالكامل من تعامل عمها، و عائلته المهذب معها...
يجب أن يكرهوها...
يجب أن يجرموها لجرم أمها و خيبة والدها...
يجب أن يعاقبوها... يجب أن تتألم من بطشهم ، لا رقيهم... لا محبتهم لا احترامهم...
عندما تتألم يجب أن تتألم نتاج فعل سيء،
لكن ليس من كرمهم و احترامهم...
تساميهم و تعاليهم على كل ما فات، وسمها بحرق لا يبرء!
أما ما كسرها حقا و جعل كتفيها يتهدلا للأسفل للأبد، هو كرمهم و عرضهم عليها أن تكون منهم بشكل رسمي...
كيف سيحدث ذلك...
بالله عليكم كيف ستقبل!
لذلك و بجبن فرت من كل شيء...
فرت من عمها... من زوجته... و من ابنهم!
من ذكراهم
و كما يقال دوما...
الفرار من المقلاة للنار!
نهضت لتقف أمام النافذة تفكر بحالها...
بزواجها العجيب...
ليس تماما عجيب، بل لنقل غير اعتيادي... هل ستظل هكذا حياتهم... هل ستظل معلقة به وحده...
يقرر متى يشاركهم نفسه أو يتفضل عليهم بظلال له...
حادت ذاكرتها مرة أخرى، لكن لأول عام من زواجها... ذلك العام الذي تعرفت فيه على زوجها بعد قرارهما المتهور بالزواج السريع المفاجئ!
بسمة غريبة ترتسم على شفتيها و شمس الصباح تزكيها...
أول شهر كان خيالي... فقاعة رائعة تفصلها عن الكون... زوج مهتم لأدق التفاصيل... ذلك الشهر أنساها الألم الذي أخفته بدقة و هي تقرأ سرا في مكتبه اتفاق ما قبل الزواج... ذلك الشهر كان طاقة للعمر الباقي بعده... ماذا حدث بعدها... لا تذكر بالضبط... العودة للواقع... دوامة الحياة... الرتابة و التكرار... البرود و الردود المحسوبة... و الشجار!... ما سبب أول شجار؟؟ في الحقيقة هي لا تذكر... لكنها تتذكر أنه بعد شهر عسلهما بشهرين، كما أنها بكل تأكيد تتذكر ردة فعله وقتها... كلمتين بالضبط قاسيتين تختار المقتل في روحها...
ثم يتركها صائما عن التواصل معها...
بالبدء و بتعنت أنثوي انتظرته أن يعود فيعتذر عن جرحه لها... لكن انتظارها طال... و أخيرا وجدت نفسها بدلا من أن تنتظر اعتذاره، تقدمه هي له...
و ببرودة يصدها...
ببرودة يهجرها تماما...
قبل ولادة يزن كان يهجر فراشها و ينام في غرفة أخرى... و لم يختلف الوضع بعد ولادته، و هو ينام جوارها يفصلهما فاصل من غضبه و برودته...
و كما كل مرة، عندما يجد هو الوقت الملائم يعود فيمنحها الغفران وكأنه رب وثني اغريقي يحن على مستعبديه!
و هي كل مرة تقبل و تسكت،
كل مرة ترضى و تقبل...
و كل مرة تقول لنفسها أنها آخر مرة...
و كل مرة تلوم نفسها و هي تذوب مع لمساته الخبيرة على أوتار رغباتها، و مشاعرها...
و كل مرة تتحاشى الخطأ كي لا يهجرها...
و كل مرة تقف هكذا أمام النافذة و سؤال لم تعرف لأي مدى حدود اتساعه يتردد في عقلها...
حتى متى؟!
***
كالعادة النافذة -التي تحتل حائطا كاملا أمامه، هي اهتمامه...
الكون أسفل قدميه...
العالم كله انصهر و صار جحر نمل الكل يركض فيه هنا و هناك...
لطالما احب الأماكن العالية...
لطالما كره السقوف الواطئة...
لطالما كان يتمنى لو يخترق الجدران و ينطلق لكون بلا حدود و لا تداعيات و لا تفاصيل...
حلم مجنون ساذج... لكنه يبقى حلم...
حلم كان يؤنس وحدته في بيتهم القديم...
خادم خلف خادم...
مربية خلف مربية...
لا يهم...
الأم استمرت طويلا في هذا الزواج...
طويلا جدا...
ستة أعوام تعد شيئا مستحيل بالنسبة لأمه...
في الحقيقة، كانت هي أول زيجة لها...
لذلك ربما بذلت الجهد الأقصى قبل أن تستنفذ و تبدأ في سلسلة البحث دون كلل!
تحاول أن تجد حبيبا أو هوا مفقود... أو شيء هي نفسها لا تعرفه!
عاد ذهنه يحيد لنفسه... لعلاء...
للطفل المتروك...
الموصوم بعار كونه ثمرة زواج فاشل!
و هو اعتاد أن تكون عائلته مكونة من علاء، و فقط علاء...
أيام طويلة بلا لون مرت عليه...
لا يعلم متى استوحش...
متى استيقظت فيه غرائز وحشية لا انسانية...
أصبح فقط يحاول ان يؤذي من حوله...
في المدرسة كاد أن يقتل فتى ما لأنه شتمه بضع شتائم بذيئة معتادة في عالمهم!
و مرة كاد أن يقتل خادمة ما حاولت أن تتحرش به و هو في الخامسة عشر...
ربما لم تتحرش، فالأمر مازال غير واضح، لكنه بكل الأحوال كاد أن يخنقها...
بنيته الجسدية تقوى يوما بعد يوم...
الغضب و القهر و الحرمان ينسجمان ليخلقا فتى رمادي بتمازج سلبي للألوان فوق بعض...
ثم يجد ابن الصانع يدخل في تلك الدوامة الرمادية...
يدخل بقوة...
مازال يذكر ذاك الشجار الدامي بينه و بين شاب في آخر سنة في الثانوية، يشتم والد علاء و يدعوه بلص مصاص دماء، لينقض عليه متجاهلا أنه يعلم ان والده لص مصاص دماء!
و يتكالب الفتية على الفتى حتى كاد أن يزهق!
ليجد زياد يدخل بسيارته في القتال...
تفرق الشباب بقوة، و أغلق علاء عينيه يحاول أن يتذكر الشهادتين، ليجد السيارة تقف على بعد سنتيمترات عن وجهه، المدفون في الرمل...
و دون كلام حمله و أركبه السيارة معه...
و أيضا دون كلام دار به في الشوارع، قبل أن يأخذه لعيادة طبيب صديق لوالد زياد...
قطب انتشرت على جسده و مراهم و حبوب...
و صداقة صامتة، خاف علاء ان يمنحها اسما ما...
لكنها فرضت عليه فرضا و زياد يأتيه مرة أخرى بعد يومين قرر بهما أن علاء قد ارتاح بعد الضرب المؤلم الذي ناله...
و رغم البرود و التجاهل، ابن الصانع لم ييأس...
و يوم بعد يوم، أصبح يجره جرا ليدخل دارهم...
مازال يتذكر الانبهار الذي تغلغل في روحه حينما رأى أسرة حقيقية تتناول العشاء معا، و تتشاجر و تتحدث و تحدث صخبا مذهل...
أم أب أخت و زياد!
أما الجد الصانع، فكان حكاية أخرى...
كان منظره مهيب...
رجل فقط يُرى في مكانه، لمرة واحدة...
فلا السينما و لا المتاحف و الا الروائيون استطاعوا أن يصفوا رجلا مثله!
الرجل الذي يجلس على كرسي ضخم كعرش له!
و كأنه ولد ملكا حتى لو كان بدون رعية!
هذا الرجل نظر للفتى بعمر السبعة عشر عاما نظرة واحدة،
و قرر دون تفسير أنه يصلح لأن يكون صانع!
حتى الآن لا يعرف السبب...
لكنه وجد أن جناح الرجل ضخم كفاية، ليضمه مع أسرته...
حتى عندما ثار على والده...
حتى عندما حصل على شهادته الثانوية متفوقا لأول مرة كي لا يخيب ظن الجد، وجد أن والديه قد نسيا...
وقتها بدأت أولى علامات التمرد و اليأس...
و وقتها احتفل وحده بأن حرق القصر...
و كأنه يدفئ روحه بأنقاضه بعد البرودة التي سكنته في هذا المكان الذي كان فخر والده!
لكن والده لم يرى في الأمر سوى مطة شفة مشمئزة و مكالمة مع شركة التأمين!
و هوما جعله يجن تماماً...
التفتْ...
فقط التفتْ...
فقط انظر...
تأمل...
حاول ألا تدوس في طريقك، أشياء لا تتكاثر و لا تعوض.
لكنه ببساطة غادر بعدما أمن مسكنا آخر للفتى!
و أراد أن ييأس منه... بكل قوته أراد أن ينسى والده... أن ينسى أن له أم... أن ينسى أن له ماضي خلق عبره...
لكن ذلك كان ضربا من المستحيل...
و بيوم مظلم وجد والده يزوره بشكل مفاجئ...
يجلس معه في الظلام...
كانت رائحة أنفاسه مقززة، مما أيقنه أن الرجل ثمل...
و بهدوء جلس الفتى بعمر التاسعة عشر ينتظر...
ينتظر.... و ينتظر بهدوء من اعتاد الوحدة فَبُعْدِ الزمن لم يعد يعني له...
و بتوقع بدأت الانفجارات
الأب يخبره أن أمه تزوجت...
شيء متوقع...
لكن الغير متوقع، أن العام الذي قضته بأمريكا كفترة نقاهة بعد طلاقه معها، حدث فيه زواج عارض...
زواج، و حمل...
و أم تلفظ طفلها كبحر سئم من من يتشبثون به غرقى!
لم يفهم، و حتى الآن لم يفهم ما هو الانفعال الذي انسكب فيه وقت عرف أن له أخ في قارة أخرى ربما يصغره بعدة أعوام!
لم يفهم حتى الآن كيف شعر بحمائية تجاهه و خوف من أن يعيش البرودة التي خلفتها أمه فيه، لكنه يذكر أن والده كان بحال لا يوصف..
لا يعلم لم؟؟... أللطفل أم للزوج الثالث، أم لأمه ، و ربما له!
لا يفهم...
أما الذي فهمه أن الرجل انفجر فيه...
لامه على كل شيء...
لو لم يأت لكانت ظلت معه...
لو لم يأت لكانت زوجته حتى الآن...
هو من قتل الشغف بينهما...
هو من حرق روح الشوق بينهما...
كل هذا و هو مشدوه مما سمعه...
لينفجر هو الآخر بوالده...
ينفجر بكبت طال أعواما...
ينفجر و يتمنى لو ألقياه في أقرب حاوية أو عند أول جامع لربما وجد دفئا ما في ملجأ أو في صحبة ما...
و بكل الأحوال سيكون الظلم حق عليه!
لكنه الآن مضرب الأمثال لكل حاسد و حاقد...
الكل يتمنى ما نال علاء...
الكل يتمنى بيت علاء، والد علاء، جمال أم علاء...
الكل يتمنى مدرسة علاء، سيارة علاء، سفريات علاء...
الكل يحلم بأن يتشرف ليكون علاء!
ذلك اليوم شيء تغير بينهما...
والده لأول مرة ينظر إليه و كأنه انسان حقيقي... ليس سبب للفشل... ليس مصدر للدمار الذي نزع زوجته منه أو آثار جانبيه لعلاقته مع زوجته!... هذا الشاب الذي يكاد يصل لطوله، هو ابنه... ابن زوجته... هذا الشاب هو منه... هو له!...
و بلحظة متهورة، مد يده له...
مد يده للشاب المقيم في حالة تردد... ظل ينظر إليه طويلا و كأنه لا يعرفه...
لا يعرف هذا الرجل الذي يمد يده لينتشل، لا يضغط للعمق
للغرق!
و لأول مرة يجلس الرجل مع ابنه جلسة مصارحة...
يتحدثان...
يتعارفان...
يتكلمان...
بارتباك و سذاجة انفتح له بالكامل...
حدثه عن حياته و حلمه...
و هو امتص المعلومات بنهم عنه...
و بخدعة من الشراب آمن أنه من الممكن أن يصبح أب جيدا...
و بصحوة الغد عرف أن الأبوة موهبة كالنحت و الرسم، هو لم يمتلكها... لذلك لم يكافح لأجلها!
و الصد هذه المرة كان موجع...
حقا موجع...
الصد بعد أن تصرف بقايا عاطفتك في إحياء الأمل مهلك في وجعه...
وجع حارق ينمو داخل الفتى الذي بات يكبت كل شيء بداخله...
مع الصانع و أهله يحاول أن يرتدي نفس الزي...
يحاول أن يتصنع أن الأسرة شيء ليس ببعيد عن عالمه...
و مع نفسه يسبح في بحور من الانتقام...
يخطط كل يوم لطريقة جديدة ليوجعه...
و مع حفل تخرجه من الجامعة وجد نفسه يراهنها، على تفوقه بدرجة الاحتفال!
و ثابر و ثابر و ثابر...
و حصل على قمة التفوق الذي يستحق المكافئة...
بل وصل لأقصى جائزة وعد نفسه بها...
المخازن الرئيسية للسيد رافع ياسين...
المخازن التي وعد نفسه إن تفوق أن يحرقها كمكافئة ذاتية له على جهده...
و؟؟
سذاجة و غباء
و حراسة الكترونية كاملة
و كاميرا ترصده
و والد لا يريده
و بهدوء تحول الخريج السعيد، إلى سجين بجريمة تخريب الممتلكات الخاصة...
و كله ببصمة قوية من الوالد!
الوالد الذي نظر لولده نظرات باردة، ثم سلمه بكل بساطة للعدالة!
وحكم بالسجن لعامين على شاب طري بالثانية و العشرين من عمره... و انخفضت لعام و سبعة أشهر، لحسن سيرته...
ما آلمه حقا أنه كان يأمل لآخر لحظة أن يتدخل والده و يوقف الأمر... هذا الأمل كان كل يوم يغلف روحه بظلامات من مشاعر مخنوقة تموت يوما بعد يوم!
جثث من الآمال تتكوم فوق روحه و تخلق عفن مزعج يجعله يتشرب السواد تشربا!
لكنه ببساطة رفع يده عنه... و تركه لسير العدالة...العدالة التي تعاملت معه بكل قوة مخلفة آثارا جسدية ليس أقلها علامات سجائر في جسده!
و من يومها أصبح كلاهما غريب عن الآخر لا يربطه به إلا رغبة موجعة بإيذائه!
كان أول و أهم درس في حياته... درس حفظه عن غيب و لو امتحن فيه لكان الأول... و في السجن تحول من رجل يشعر،
لرجل يبدو!
تذكر مرة أخرى و بشكل مضاد، عندما خرج من السجن ليجد زياد ينتظره على البوابة. زياد الذي لم ينقطع عن زيارته و الذي حاول ألف مرة أن يقنع صديقه بأن يستغل نفوذ أسرته –أسرة الصانع- لكي يطلق سراح صديقه، لكنه رفض...
يجب أن ينال جرعته كاملة...
يرتويها حتى الغثيان...
ربما بعدها يأت الشفاء!
المهم أنه و بظن ملائم توقع أن أسرة الصانع سترفضه بعد هذه الوصمة،
لذلك صدم عندما حصل على نفس الترحيب الحار من الجد الذي كبر كثيرا في غيابه...
و بهدوء تقبله دون أن يستفسر لم فعل أو اصلا ما الذي فعله ليدخل السجن...
فقط نظر لعينيه بعينيه الداكنة المحنكة...
و أعطاه الشيء الذي تعب كثيرا لحدوثه...
"انتقم لكن بذكاء... لا تكن انتحاري بانتقامك لأنك أبدا لن تستطعم عذوبته... انتقم بنظافة... انتقم بالقانون... انتقم و أنت خارجا... كيف؟؟"
ابتسم ابتسامة منتصرة، قبل أن يكمل...
"اعرف خصمك... اعرفه جيدا... ابحث عن أكثر شيء يؤذيه... ثم اعمل طعنة لا مرئية فيه... لا تدعها قاتلة، لأنه سيرتاح... اطعنه بخفة حتى يستسلم للوجع و يظنه من أسس حياته، بعدها عمق الجرح و عمقه... و كلما استسلم كلما غاص خنجرك اكثر... و آخر المطاف في لحظة فاصلة سيكون قد خسر كل شيء!"
وهو قد فعل... أغيد كان الأداة و والده بطمعه كان المؤشر...


eman nassar غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس