كانت تشارلى مستغرقه فى قراءه كتاب فن الطبخ عندما سمعت صوت الباب الخارجى يفتح معلنا عوده بول من زيارته اليوميه لعمته فى المستشفى. وضعت
الكتاب جانبا وتناولت الجريده متظاهره بقراءه الاخبار الرياضيه.
حياها هو ببساطه, وهو ينظر. ساخره الى طريقه جلوسها حيث كانت مسترخيه فى مقعدها رافعه قدميها على الطاوله امامها, وسألها:
" هل كان يومك حافلا بالعمل؟"
لم تهتم هى بسخريته هذه, ويقيت على عبوسها بالجريده دون ان تكلف نفسها عناء الاجابه. وزاد من ضيقها ان بول لم يخدع بوضضعها الكتاب جانبا,
فتناوله واخذ يتصفحه ليجد قطعه ورق علامه على صفحه معينه وهو يقول:
" ارجو ان لا تكونى قد قررت طهو شئ خاص لهذه الليله, اه... فطائر الجبن؟ يا للاسف هل ابتدأت بصنعها؟"
ذلك انها لم تكن تريده ان يعلم انها كانت تريد تحضير فطائر الجبن هذه التى اعتاد امها صنعها للمستأجرين بشكل لذيذ جدا. ولكنها عندما قرأـ طريقه صنعها
وجدتها اصعب مما تصورت وكادت ان تغير رأيها عندما دخل هو.
كانت فى الحقيقه, شديده الارتباك بعد ان ادركت صعوبه التصرف كمؤجره لبول ساريزن. خاصه وان مهارتها فى الطهو. كما كانت تقرب من الصفر, وعليها
ان تجاهد فى سبيل تحضير انواع لذيذه كما اعتاد بول من امها.
" هذا حسن. فلا تكلفى نفسك اذا. فاننى لن اتعشى هنا الليله"
شعرت تشارلى بالراحه لاعفائها من هذه المعاناه لهذه الليله. مما دعاها لالقاء الصحيفه جانبا لتسأله:
" لماذا؟ هل ستسهر خارجا هذه الليله؟"
اومأ برأسه وقد بدا الرضى جليا فى عينيه وهو يقول:
فكرت تشارلى فى انه سيتناول هناك وجبه هى افضل اى طعام تصنعه. ومنذ تحول ذلك القصر الاقطاعى الى مطعم. اكتسب شهره ذائغه لطعامه اللذيذ
الذى يقدم فى جو رائع الجمال والراحه. وفى الواقع, لم تكن هى قد ذهبت قط اليه. لان احوال اسرتها الماديه لم تكن لتسمح لها بشراء " البيتزا" من
اى مكان فى الشارع. فكيف بالذهاب الى مكان مكلف مثل هذا المطعم؟ ولكن بعض صديقاتها ذهبن اليه ولم يستطعن وصف جماله.
" هذا حسن جدا. هل ستذهب اليه بمفردك؟"
تتوقع منه ان يذهب بمثل هذا المكان بمفرده؟ ان رجلا مثل بول ساريزن لا يتعشى فى مطعم وحده. وعمته الانسه اميلى كانت دوما تتحدث عن الفتيات
الجميلات اللاى كان اسمه على الدوام, يقترن بأسمائهن. وكانت تشارلى فى الواقع, تملؤها الدهشه لطول المده التى امضاها بول دون مصاحبه فتيات.
وكانت تتوقع ان يمضى اجازته هذه مع الفتيات. لقد دهشت حقا لمكوثه فى المنزل كل ليله والذهاب الى سريره باكرا كما اعتاد فى اول ايبوع من اقامته
" كلا, فاننى على موعد مع انيت ليندون... انك تعرفينها"
كانت تشارلى تعرفها جيدا. وهى من الطراز الذى يعجبه. وتجاهلت وهى تفكر فى هذه الفتاه, الوخزه التى شعرت بها. كانت انيت ليندون فتاه شقراء
ممشوقه القوام تعمل ممرضه فى قسم العنايه الفائقه حيث كانت الانسه ماكنزى تتماثل الشفاء بشكل ممتاز.
ولم تشأ ان تقارن جمال انيت الاشقر الذى لم تستطع ملابس التمريض ان تخفيه. بمظهرها هى الخشن فى سروال الجينز والقنيص المقفول. ووجهها الخالى
من ايه زينه وشعرها المسترخى على كتفيها دون نظام.
" اننى متأكده من انك ستمضى امسيه رائعه"
ندمت وهى تتلفظ بهذه الكلمات, للطريقه التهكميه المره التى نطقتها بها. وتمنت لو تستعيدها, ولاحظ بول لهجتها هذه فسألها بابتسامه ساخره:
" ماذا جرى يا شارلوت, لا اظنك تشعرين بالغيره. اليس كذلك؟"
وتمنت لو انها لم تنطق بهذه الكلمات بمثل هذا الصوت المرتفع والمؤكد بشكل زائد عن اللزوم, ولكنها لم تستطع اجاب:
" لاننى ادركت انك كنت تريدين قبلتى عندما رقصت معك تلك الليله.. وقبل ذلك, على الشاطئ"
فنظرت الى ذراعيها المعقودتين فوق صدرها ليشكلا الحاجز الوحيد بينهما. وقالت بصوت ضعيف:
" اخبرينى لماذا انت خائفه"
رفعت رأسها لتنظر الى عينيه شبه المغنضتين. وقالت:
" هل ترانى غامضه مبهمه؟ الهذا السبب اتيت؟ حبك للغموض والحقائق المختفيه؟"
وارتفع صوتها بينما كان جسدها يرتجف وهى تستطررد قائله:
" هل تريد ان تنقب فى نفسى عن الحقائق كما تفعل فى حفرياتك حول ماريدا؟"
هزها بعنف ممسكا بذراعها قائلا:
" كفى" وما لبث ان اطلق ذارعها وهو ينظر الى ما وراءها. ثم عاد يقول:
" ها ان اخاك قادم. هل هذا يشعرك بالامان الان؟"
واهتز جسدها... ان هذا ما ينبغى ان يكون. ولكن, مالها لا تشعر بذلك؟
" هل ستهربين منى, بواسطته, مره اخرى؟"
اتاها صوت ميكيل من خلفها يقول بخشونه:
تنفست بعمقوقد تعلقت نظراتها بنظرات ريكاردو. لو انها هربت....
وقال ميكيل وقد بدا التحدى فى نبرات صوته:
ورأت ماريا رأٍ ريكاردو يرتفع عاليا, وكأنما تقبل التحدى. وهو يقول:
" سيد مونسرتا, اننى مسرور لمقابلتك ثانيه"
بدا جوابه هذا, ظاهرا, موافقه بريئه على كلامها. ولكن التأكيد التهكمى الغامض وهو يشد على مقطعى هذه الكلمه, وقد ابرز الغضب السخريه فى عينيه
واضحه, طغى على ادبه المصطنع, من قولها هذا مما جعل الدم بغلى فى عروقها. كانت المشكله فى انها تعلم جيدا بماذا يفكر, دون ان تستطيع انكار
ذلك, وهو ان كل الليالى التى امضاها هو عندما لم تمض هى سوى ليال هادئه فى المنزل, وقالت:
" ان عندى الكثير من العمل"
كانت تحاول مستميته. ان تجد ما تؤكد به ما قالت.شئ مثير يدحض الفكره الفكره التى بدت فى عينيه عنها, بجلاء, وهى صوره فتاه قعيده البيت لا يهتم بها
" عندى غسيل الانسه ماكنزى على ان انهيه"
لم تكن موفقه فى حجتها هذه اذ تقارنها بمثل ذلك العشاء فى ذلك المطعم الراقى.. وجعلها هذا تبدو مثل"سندريلا" التى تركها اخواتها لابيها. كما تذكر
الحكايه, وحدها لتقوم باعمال المنزل, ليذهبن الى الحفله الراقصه فى قصر الامبر القتان.
وذكرتها لهجته هذه تصميمها لى ان تثبت بطلام اعتقاده بانها تستغل عمته فى ابتزاز نقودها مقابل لا شء تقريبا, تثبت له هذا البطلان باجتهادها فى
مضاعفه عملها فى المنزل النهرى الى درجه بالغه وصلت الى حد الغباء وبالنظر الى خلو المكان من السكان, من حيث التنظيف والتلميع وغسل كل ما
ترسله مخدومتها من المستشفى حالما يصل الى يدها.
" وهنالك فيلم اريد ان احضره على شاشه التلفزيون"
وكان هذا الفيلم من النوع الذى كانت تجاهر دوما باحتقاره. ولكنها كانت على استعداد لتلعب حبها لافلام الاشباح ومصاصى الدماء اذا كان فى هذا ما
يجعل بول يتراجع عن عقيدته فى انها موضوعه على الرف, لا يهتم بها رجل.
عندما خطر لها ان تتساءل عن السبب فى اهتمامها الشديد فى تغيير عقيده بول تللك عنها. وجعله يعتقد انها ليست تلك الفتاه الوحيده. دون عمل تقوم به,
انقبض قلبها بنفس الطريقه التى شعرت بها عندها رماها بنعت الغيره التى لم تمر فى ذهنها قط قبل الان. كلا... مل نا فى الامر, انها كانت حمقاء, لان كل ما
فى الامر ان كرامتها جرحت, وهذا هو كل شئ.
" لسنا جميعا فى حاجه الى شخص من الجنس الاخر للمرافقه لكى نثبت جدارتنا الشخصيه" قالت ذلك وقد نسيت ان بول امضى ثلاثه اسابيع قانعا بالبقاء
فى المنزل كل لسله غير مهتم بالنساء, ليقرأ كتبا او يتفرج على عروض التلفزيون. وفى الواقع انه كان يمضى اكثر اوقاته مع عمته فى المستشفى. وما بقى من
وقته كل يمضيه فى المنزل النهرى يجرى الاصلاحات التى يجدها ضروريه مما جعل حضوره فى منزله خفيفه الوطأه على نفسها عكس ما توقعت ان يكون.
" وهل قلت انا شيئا مخالفا لقولك هذا؟ اظن ان انيت ستشعر بالاستياء اذا سمعتك تسبغين على الموعد معها, هذا السبب, وصدقينى اننى لست فى حاجه
الى مثل هذه الطريقه لكى اثبت شخصيتى"
وفكرت تشارلى ان ما يقوله صحيح. وان شعورها هذا لا ضروره له, وان بول ليس فى حاجه الى ان يبحث عما يثبت شخصيته ويدعمها, ذلك ان شخصيته
قويه ثابته الدعائم كما كانت... ولكن الظاهر انها منذ وصوله الى هذه البلده بارفورد فقدت توازنها النفى.
" حسنا, ليس لك ان تلق بشأنى على كل حال" كانت تعرف تمام انه لم يكن ليهتم بها مثقال ذره. وتابعت:
" يمكننى ان اكون سعيده تمام بمفردى" ولسوء الحظ. لم تكن لهجتها من التأكيد واللامبالاه كما تنمت هى ان تكون. وتابعت تقول:
" هل ستتوجه رأسا من المستشفى الى هنالك؟"
" كلا سأعود لكى اغير ثيابى, وسأقابل انيت فى المقهى العام الساعه الثامنه والنصف"
" ولكن ليس فى مقدورك ان تذهب الى هناك دون ان تكون اكلت شيئا منذ وقت الغداء" كانت تعلم ان منطفها الرقيق هذا يبدو سخيفا. ولكن هذا يمنحها
سببا للتدخل لمعرفه ما صمم عليه والا, فسيكون لسؤالها معنى التطفل او ما هو اسوأ ا الغيره. وقالت:
" سأجهز لك شيئا خفيفا تأكلد حوالى الساعه الخامسه قبل ذهابك الى زياره عمتك فى المستشفى"
" هذا سيكن لطفا منك هل انت متؤكده من انه لن يسبب لك اى ازعاج؟"
كان يتحدث بادب مفرط. واحست هى بالغضب فى داخلها. يجب ان يعلم انها لا تصدق اخلاصه فى جوابه المؤدب هذا. وقالت له بحده:
" ليس شمه ازعاجو ثم ان الاتفاق بيننا هو تقديم الطعام والمنامه لك يوميا. وبما انك لن تتعشى هنا لليله. فان لك الحق فى وجبه خفيفه بدلا من ذلك"
وعاد بهما ذلك الى اعلاقه الرسميه العمليه التى بينهما. بهذا حدثت نفسها, راضيه, وهو يترك الغرفه قاصدا غرفته. ذلك ان دور المؤجره والمستأجر كان
افضل لها من تقرب الاطراء المبطن بالسخريه الذى اعتاده مؤخزا ولا بد لها من تجنب ذلك فى المستقبل.
وفى الساعه الثامنه الربع من ذلك المساء. كانت تشارلى قد غسلت وكوت قميص النو والمنشفتين التى احضرها بول معه من المستشفى, ثم جلست لى
الطاوله تكتب رساله الى والديها اللين سبق ووصلها منهما بطاقه تفيض بالغطبه, ذلك الصباح فقط. مما جعلها تستسيغ ايه تضحيه قد تكون قامت بها نحوهما.
وكانت تعلم ان امها, على الاخص. ستدهش اذ تستلم اى شئ منها, ولكنا كانت مصممه على ان يجدها بول, حين رجوعه من زيارته لعمته, مشغوله تمام.
عند الساعه الثامنه والثلث, نزل بول من غرفته بعد ان غير ثيابه ليجدها ننحدث فى الهاتف بمرح, فى القاعه وبالكاد اشارت بيدها بالتحيه ردا على تحيته
وهو يسرع خاجرا الى موعده مع انيت المتألقه. وعجنما سمعت صوت سيارته تتحرك مبتعده, توقفت عن ثرثرتها الزاخره بالحيويه والمرح وهى تلوى
ملامحها غيظا, ورفعت سماعه الهاتف التى كانت هى المتسمعه الوحيده لثرثرتها عما فعلته فى الايام الماضيه, ثم صفقتها بقوه فى مكانها وهى تهز رأسها
يائسه. ما الذى جعلها تهبط الى هذا المستوى, لتقوم بهذه التمثيليه البائسه لا لشئ الا لاجل رجل لم تمنحه اى اهتمام من قبل, فلماذا تهتم به الان؟
وعند الساعه الثامنه والنصف. كانت قد تنقلت بين كل المحطات التلفزيونيه حيث لم تثر اى منها اهتمامها اكثر من نصف دقيقه. وجدت نفسها تجوب انحاء
غرفه الجلوس بضيق. وهى تحاول ان لا تفكر فى ذلك اللقاء الجارى الان فى ذلك المقهى شالمورت هاوس ام انهما سيتناولان سرابا فى المقهى اولا؟ ان
هذا اكثر احتمالا ذلك ان ذلك المقهى يحتوى على مكان للجلسات الشاعريه. وهفت تؤنب نفسها بصوت مرتفع. هذا يكفى, وذلك بعد ان شعرت بطعنه
مؤلمه فى قلبها تشبه الغيره. ما الذى جعلها تتدخل فى شؤون بول؟ ان ما يفعله ليس من شأنها اطلاقا.
كان عليها ان تشغل نفسها بشئ يلهيها عن التفكير فى مواضيع ممنوعه مثل تصور بول وانيت معا و الاثنان ممشوقا القامه طويلان. ولا بد انها, اى انيت,
حين وصلت بتفكيرها الى هذا الحد. خطرت فى بالها فكره. لا يمكن ان تجلس هكذا لتفكر فى هذا وهى لم تفتح خزانه ثيابهاو لتتفحص محتوياتها, منذ
مده طويله وهذه فرصه ممتازه الان لعم مثل هذا. وهكذا, رغبه منها فى تركيز افكارها فى عمل ما, ركضت صصاعده الدرج الى غرفه نومها حيث فتحت
خزانه ثيابها على مصرعيها.
وتغير مزاجها فى الحال وهى ترى كيف تغيرت حياتها فى التسعه اشهر الاخيره. ذلك ان فى امكانها ان تقسم خزانتها الى قمسين, جهه منها تحتوى على
سراويل الجينز والقمصان والتنانير القطنيه وهى التى تناسب حياه الريف والعمل فى المنزل النهرى, بينما الجهه الاخرى تحتوى على ثيابها الانيقه الخاصه
بالمدينه من بزات انيقه مع القمصان الحريريه عندما كانت تعمل سكرتيره فى مدينه ليدز وكذلك ثياب السهره التى كانت ترتديها عند خروجها مع تيرى.
وببطء مدت تشارلى يدها تتناول ثياب السهره تلك ربما لاول مره منذ علقتها هنا. وهى فى امكانها ان تتذكر كل مناسبه ارتدتها فيها. ولكنها لم تعد تشعر باى
الم لهذه الذكرى. ولم تشعر باى شوق لتلك الحياه. وبالتالى لم تعد تشعر بذلك نحو تيرى... ولكن..
ولمست اصابعها ثوبا منها بشكل خاص من الحرير الزاهى اللون, لقد كان ثوبا غاليا حقا, ولكنه لم يلبس مطلقا. لقد كانت ابتاعته لترتديه ف حفله لم تحضرها
قط. وفى الحقيقه. كان لا يزال فى العلبه التى احضرته فيها من السوق بيدها فى نفس الوقت الذى وجدت فيه تيرى ولويزا معا.
انتابت تشارلى نزوه طارئه جعلتها تسحب ذلك الثوب من مكانه. ثم تمسك به اما جسدها. وما لبثت ان خطرت لها فكره. فوضعت الثوب جانبا, ثم تناولت
الحقيبه التى تحتوى زينه وجهها.
كانت الساعه تدق. فى القاعه, التاسعه تمام, عندما اخذت تشارلى تنظر الى صورتها فى المراّه بشئ من الرضى, لقد مضى وقت طويلا على اخر مره تبرجت
فيها. لقد جعل حكل والظلال التى وضعتهما حول عنيها بطريقه بارعه. عينيها تبدوان بالغتى الاتساع. وقد لوت اهدابها بعد طبقات من" المساكارا" كما
وضعت لونا خفيفا على وجهها ابرز وجنتيها لتصبحا بالشكل الذى كانت تحسد دوما عارضات الازياء عليه فى صورهن الفوتو غرافيه. كذلك اجرت تجارب
على شعرها. فعقدت تجاعيده عاليا فوق رأسها فى طراز متكلف. تاركه خصلات منه تتدلى حول وجهها. وابرزت طراز شعرها هذا جمال عنقها وبشرتها
الرقيقه. وفى الحقيقه, وجدت ان هذا الثوب الاحمر قد لاءمها الان اكثر مما كان عندما اشترته. ذلك ان تسعه اشهر من الغذاء اللذيذ الذى تصنعه امها, قد
اكسبها اكتنازا بعد ذلك النحول المفزع الذى كانت عليه فى مدينه ليدز. مضيفه استدارت ساحره لجسدها الغض ابرزها ذلك الثوب الحريرى الرقيق بشكل
جذاب اذهل تشارلى رؤيته فى المراّه . لم تعد تبدو الان بذلك المظهر الصبيانى الذى كانت عليه سابقا. ولمنا كانت الان امراه ناضجه كامله الانوثه.
" كل هذه الزينه والتأنق وليس ثمه مكان اذهب اليه"
وتذكرت, لاول مره, ما دفعها الى هذا العمل, لا بد ان بول وانيت الن جالسات فى ذلك المطعم. انهما....
توقف مجرى افكارها, وتوترت اعصابها وهى تسمع حركه خفيفه فى الحديقه. وتجمد فى مكانها. وقد ارهفت سمعها, كان ثمه صوت مؤكد للباب الامامى
وهو يفتح, وكانت قد غفلت عن اقفاله, لتسمع بعد ذلك وقع خطوات هادئه فى القاعه. اهو لص؟ ودون ان تفكر, امسكت باقرب شئ صلب وجدته ثد
" شارلوت" وصل الصوت الذى يهتف باسمها الى سمعها حالما وصلت الى القاعه الغارقه قى الظلام, لتقف فجأه وهى ترى الشبح القاتم يدير مفتاح النور
لتطرف بعينيها هى فى الضوء الساطع وقد سادهاا الارتباك لمرأى بول واقفا فى الباب, وسألته وقد توقفت انفاسها وغمر ذهنها المشوش الخوف:
" ما الذى تفعله هنا؟ ظننتك تتعشى الان مع تلك الجميله انيت؟"
وكان فى لهجته شئ من السخريه بالنفس وهو يتابع:
" لم اكن اظن ان الامرو ستنتهى بهذا الشكل"
سرت تشارلى فى نفسها اذ ان اندفاعها فى هبوط السلم بهذا الشكل. جعل لها عذرا صعوبه تنفسها وهى تراه فى النور لاول مره متفحصه منظره الذى لم
تكلف نفسها, متعمده. عناء النظر اليه وهى تتصنع الانشغال عنه, عند خروجه, بتلك المكالمه الهاتفيه الزائفه.
لقد اعتادت رؤيته فى سروال الجينز المريح والقميص المقفول, اغلب الاوقات, لا يغير سوى قميصه باخر افضل بقليل عند ذهابه لزيارته عمته فى المستشفى
وهكذا وقفت مصعوقه اما هذا الرجل الانيق الرشيق الذى يكاد يبدو غريبا. والواقف امامها متألقا فى بذله رماديه انيقه وقميص بلون الثلج تدلت فوقه ربطه
عنق متناسبه الالوان. اذن, فقد كانت انيت ستستمتع بمرافقه بول ساريزن اللندنى الانيق. وشعرت بوخزه ضضيق مفاجئ فى اعماقها لهذه الكفهر, بينما
حاولت ان تركز على ما يقول, بدلا من التأمل فى ما ابرزته بذلته الرائعه التفصيل من عرض كتفيه ونحافه جسمه, وتناسب لون بذلته مع لون عينيه. وشعرت
بحلقها يجف فجأه. واخذت تزدرد ريقها بصعوبه.
" انها لم تأت. وعندما اتصلت بها. بعد ان انتظرتها ثلث ساعه, قالت انها مرهقه جدا, وتريد ان تذهب الىفراشها باكرا" ولم يلحظ ضحكه اختنقت فى حلق
تشارلى, وقالت بلهجه مرحه منغمه:
" لقد عدت اذن خاوى الوفاض"
لم تستطع ان تقاوم فضولها فسألته:
" اهو الموعد الاول معها؟"
واوما هو برأسه بالاجياب و قد اتسعت ابتسامته, بطريقه دخلت قلبها.ز وقال هو بلهجه تمثيليه ساخره:
" كل هذا التأنق ولا مكان اذهب اليه"
ما ان كبتت تشارلى صيحه كادت تفل منها وهى تسمع منه نفس لكلمات التى حدثت بها نفسها منذ دقائق , حتى تبدلت ملامحه, وتلاشت ابتسامته وتكدرت
عيناه بشكل ملحوظ وهو يقول متمتا بصوت اجش منخفض ارسل الرعشه فى جسد تشارلى:
" نفس الشئ بالنسبه لك. اننى لم ارك على هذا الشكل كن قبل, ان ثوبك هذا صاعق بجمالهو من هو الرجل المحظوظ الذى سيحظى بكل هذا؟"
تشتم نفسها حالما انتهت من كلامها لعدم تفكيرها فى اختراع شخصيهمرافق لها. ونظر هو اليها فشعرت وكانها منومه مغناطيسيا. وشعرت بجفاف فى حلقا
وبللت شفتيها بلسانها. ورأت عينيه تراقبان كل حركه منها.
ولكن, سرعان ما تلاشت افكارها هذه وهو يقول هازا رأسه ببطء:
" هذا يدعو للاسف الشديد. يجب ان يرى احد اناقتك وجمالك هذين"
" احقا؟ لقد كنت فى الحقيقه اجرب... بعض الملابس القديمه و...."
وتوقف لسانها فى حلقها الجاف وهى ترى الطريقه التى اخذ ينظر بها اليها. والنظره المفاجئه التى تألقت فى عينيه وهو يجيب:
" لا اظن ذلك, بعض الملابس القديمه؟ هذه الصفه لا تنطبق على ثوبك هذا. ان عندى فكره"
نظر فى ساعته. وبان على ملامحه الرضى وهو يقول:
" مازالت مائدتى محجوزه, واذا نحن اسرعنا, سيمكننا الوصول الى مطعم شالمورت هاوس فى حدود التاسعه والنصف. فهل تشرفيننى بتناول العشاء معى
وتملكتها المشاعر المتضاربه. وثارت كرامتها وهى تشعر بانها ستكون بديله للمدوعه الاصليه, لم يدعها الا لان انيت خذلته. ولكن, لا يبدو عيه الاهتمام حقا
يها, وسارع شعورها بان انيت لم تكن لتهمه كثيرا, فى خفقات قلبها.
تلاشت كل هذه الافكار وهذا التردد, لتبقى هناك فكره واحده, تذكرت كل الضيق ووخزات الالم التى شعرت بها قبل غتره, خاصه وهى ترى ثوبها الاحمر
الذى لم تلسبه قط من قبل, وادراكها انها لم تخرج ليله واحده منذ جاءت الى بلدتها هذه بارفورد. كل هذا ادركت معه انها لا تريد ان تقول نعم, هذا مع
ان عقلها كان يقول لها انها لا تود بول ولا تحب الخروج معه او مرافقته اكثر من الازم, ولكنها عادت تفكر فى الاستمتاع بوجبه طيبه, والغزل البرئ مع رجل
وسيد, وهى لا تنكر ان بول وسيم حقا بشكله الاخاذ ورجولته الباديه, نظرت فى عينيه الرماديتين الصافيتين لتدهش وهى ترى اهتماما بها لم تكن تتوقعه
ولم يكن بول. فى الواقع, متأكدا من قبولها دعوته وفى الوقت الذى كانت هى تشعر فيه بالتردد, غير واثقهمما استقر عليه رأيها, رفع هو يده يلغى بها
فى هذه اللحظه ادركت انها تريد حقا ان تخرج معه فقاطعته تقول:
" اظنها فكره جميله, نعم, شكرا, احب جدا ان اتعشى معك, احب ذلك كثيرا"